وأما قولك من بعد يا رجل اتق الله أبهذا الحديث تثبت اختلاف أصحاب النبى فى القدر؟؟؟
والله ما اختلف أصحاب النبى فى القدر ، وما أقرأ إلا افتراءً عيهم!!! فحسبك ما قدمت وأذكرك بقول النبى - إذا كنت تؤمن به - : ( إذا ذكر القدر فامسكوا وإذا كر أصحابى فأمسكوا ) أو كما قال .
فإن هذا الأثر الذى أوردت لا يستدل به بأى حال منالأحوال على أن أصحاب النى اختلفوا فى القدر ، فالإيمان بالقدر هو اصل من أصول هذا الدين الحنيف ، وأمثال الصحابة لا يختلفون فيه أبداً بعد وفاة النبى وحديث عبد الله بن عمر عن أبيه والمشهور بحديث جبريل مشهور فى هذا وغنى عن إيراده ، ولكن شتان بين اختلاف الصحابة فى أمر القدرفى حياة النبى الذى كان يعلمهم وبين اختلافهم من بعده !!!
فهم على حياة النبى تدارسوا الأمر بين مجتهد مخطئ ومجتهد مصيب ، وفصل النبى بينهم ومن وقتها أجتمع الفريقان على ما قاله النبى ولم يختلفا أبداً حتى ماتوا جميعاً ، فى شأن القدر !!!
وإلا فإن الدليل يلزمك!
وهنا أقول لك اتق الله عندما تذكر أصحاب النبى
جوابه: إن خلاف الصحابة رضوان الله عليهم لم يقع في نفس الإيمان بالقدر وإنما في فهمه،وليس هذا في عهده عليه الصلاة والسلام فحسب – كما زعمت – وإنما بعد عهده كذلك فقد اعترض أبو عبيدة عامر بن الجراح على رجوع عمر بالناس عن دخول الشام عندما انتشر بها الطاعون وقال لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله. أرأيت إن كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان: إحداهما خصيبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصية رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله " رواه البخاري في صحيحه فترى كيف تباينت نظرتهما للقدر،وهذا مثال على خلاف فهمهم له.
وأما حديث إذا ذكر القدر فأمسكوا فهذا حديث ضعيف وهو مروي بأسانيد ضعيفة عن ثلاثة من الصحابة وهم ثوبان وابن مسعود وابن عمر وروي مرسلا بإسناد صحيح عن طاووس بن كيسان.
أما حديث ثوبان فقد رواه الطبراني في الكبير ففي إسناد يزيد بن ربيعة الراوي عن الأشعث وهو متروك وقد أنكروا أحاديثه عن أبي الأشعث خاصة وهذه منها ثم هو رحبي دمشقي.
وأما حديث ابن مسعود فقد روي بإسنادين الأول رواه أبونعيم في الحلية والطبراني في الكبير كلاهما من طريق الحسن بن علي عن سعيد بن سليمان عن عن مسهر بن عبد الملك عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود،والإسناد الثاني رواه ابن عدي في الكامل واللالكائي في السنة كلاهما من طريق النضر أبي قحذم عن أبي قلابة عن ابن مسعود.
وكلا الطريقين ضعيفان فالأول في إسناده مسهر بن عبد الملك الهمداني مختلف فيه فقد قال البخاري فيه بعض النظر وقال أبو داود أصحابنا لا يحمدونه وقال النسائي ليس بالقوي،وقد ضعف أبو نعيم هذا الطريق بقوله:" غريب من حديث الأعمش تفرد به عنه مسهر"إ.هـ وكان يمكن قبول روايته في الشواهد وعند المتابعات أما كونه تفرد بهذا الحديث عن الأعمش ولم نجد له (للحديث)شاهدا متماسكا فيبقى في مرتبة الضعيف.
وأما الإسناد الثاني فضعيف جدا لأن في إسناده النضر بن معبدة أبو قحذم وهذا متروك الحديث أضف إلى ذلك أن أبا قلابة لم يسمع من ابن مسعود.
وأما حديث ابن عمر فقد روي عنه من طريقين الأول ابن عدي وعنه السهمي في تاريخ جرجان عن الحسن بن الحسين البزار عن يحيى بن إسماعيل عن جده عن محمد بن الفضل عن كرز بن وبرة عن عطاء عن ابن عمر وهذا إسناد ضعيف جدا،فمحمد بن فضل لا يتابع على عامة أحاديثه وكذبه بعضهم وكرز بن وبرة ليس مذكورا بجرح ولا تعديل.
وأما الإسناد الثاني إلى ابن عمر فقد رواه السهمي في تاريح جرجان عن ابن عدي عن عبد الرحمن بن عبد المؤمن عن عيسى بن محمد عن محمد بن عمر الرومي عن الفرات بن السائب وهو متروك عن ميمون بن مهران عن ابن عمر،إضافة إلى أن محمد بن عمر الرومي مختلف فيه فقد قال عنه الحافظ لين الحديث.
ولعل أفضل ما قيل في هذا الحديث قول الحافظ ابن رجب:" روي من وجوه في أسانيدها كلها مقال".
هذا عن طرق الحديث وأما عن معناه لو صح فإنه لا يعني الكف عن ذكر المحق من المبطل منهم بدليل أن أرباب التراجم والطبقات التاريخ والسير ذكروا وقائع الصحابة بكل جلاء وشفافية ودون أدنى مواربة وهذا دليل منهم على أن الإمساك لا يعني السكوت عن بيان المحق من المبطل .
وبقية الكلام هنا لا يعنيني لأنه كلام فيه خروج عن مسار البحث فإن الأدلة التي سقتها دالة كما قلت على اختلاف أفهام الصحابة وهو سالب عن فهمهم صفة الحجية التي يحاول السلفية إضفاءه عليهم.
|