عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 2010-10-25, 12:40 PM
مناضل مناضل غير متواجد حالياً
عضو إباضى
 
تاريخ التسجيل: 2010-10-03
المشاركات: 103
افتراضي

الحمد لله ..
شكر الله لك وأحسن إليك ووفقنا وإياك لكل خير..
قولك:
( لا أرى فرقا..ولا مشاحة في الاصطلاح)
ناشيء عن سوء تعبيري عن قصدي – وأرجو المعذرة لأنني كما قلت لا زلت طويلب علم مبتديء - ،فقولك( لا مشاحة في الاصطلاح) يعني أن الخلاف بيننا في هذه المسألة لا يعدو كونه لفظيا فقط،وليس الأمر كذلك إلا إن خانك التعبير فقصدت ما سطرته أنا بعبارتك الناقصة (( الاستحالة))،ودعني أفصل لك القول في قرينة المجاز..
إعلم أن شرط المجاز قرينة تصرف اللفظ عن معناه الحقيقي إلى المعنى المجازي كما مر،وليست هي جزءا من مفهوم المجاز كما ذهب إليه البيانيون،لكنها شرط لصحة المجاز كما عليه أئمة الأصول،وهي:
1) إما عقلية،كما في قوله تعالى{ واستفزز من استطعت منهم بصوتك}[الإسراء:64]فإن العقل يمنع من حمل هذا الأمر على حقيقته ويصرفه إلى بيان الإقدار له والتهديد فإن الحكيم تعالى لا يأمر بالفساد،ولتمام الفائدة أنظر تلويح التفتازاني والكشاف للزمخشري.
2)وإما حسية،نسبة إلى الحس،وهي:
أ‌) إما لفظية نحو(رأيت أسدا يرمي)فإن يرمي قرينة صارفة للفظ الأسد عن معناه الحقيقي لأن الرمي لا يصدر من الحيوان المخصوص الذي وضع له الأسد.
ب‌) وإما غير لفظية نحو لا آكل من هذه النخلة،فإن الحس الذي هو اللمس – مثلا- يمنع من أكل أصل النخلة ويصرف هذا اللفظ إلى ثمرها.
3)وإما عادية،ومثل له بعضهم بيمين الفور،وهي ما إذا حلف رجل على امرأته وقد أرادت الخروج فقال : إن خرجت فأنت طالق،قال ذلك البعض إن هذا اليمين يحمل على الفور لا قتضاء العادة ذلك فلا تطلق إن خرجت بعد ذلك الوقت عنده.
ومثل علماء البيان على هذا المقام بقولهم: هزم الأمير الجند إذ العادة قاضية بأن الأمير لا يباشر القتال بنفسه لكن مع أنصاره وأعوانه.
4) وإما حالية،وهي أن يكون حال المتكلم مقتضيا لصرف اللفظ عن حقيقته إلى مجازه،كما في قول المسلم: أشابني الدهر،وغيرهم صروف الأيام ونحو ذلك،فإن حال المسلم يقضي بصرف هذا اللفظ عن حقيقته إذ اعتقاده يوجب أن فاعل ذلك هو الله تعالى.

وأما عن طلبك للدليل القطعي الصارف للنص عن ظاهره فكقوله تعالى{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223]،فقد استظهر الشافعي في أحد قوليه وبعض أصحابه وغيرهم جواز إتيان المرأة في عجزها.
ومن ظاهر النص أيضا يستفاد جواز إتيان المرأة في حيضها،وكل ذلك منع منه الدليل القطعي كما هو معلوم.
ومن ذلك قوله تعالى{ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون/5، 6]،حيث استظهر بعض علماء أهل السنة جواز التلوط بماملكت اليمين من الرجال،وهو غلط وقول مهجور.


وأما قولك:
أخي الكريم أحسنت..إلخ.. فأشكرك على طيب كلامك وحسن مقالك،وأما قولك لا مشاحة في الاصطلاح فقد تقدم الكلام عليه..


وأما قولك ( وإنما قلت الاستحالة لأنني أتكلم عن الكلام بصفة عامة ..إلخ ) فجوابه: أن الكلام له ثلاث حقائق نص عليها الأصوليون والبيانيون وهي الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية والحقيقة العرفية،فكلامي عن الكلام بأنواعه هذه وهو ما لا يحتمل الاختزال ولا الإقتضاب...

وأما عن طلب المثال على الدليل النصي والعقلي الصارفين للنص عن ظاهره فمع ما تقدم إليك قوله تعالى{ جدار يريد أن ينقض} وكقوله{ واسأل القرية }فالعقل يمنع إثبات الإرادة للجدار والسؤال لغير العاقل جنون،والنصي فكقوله{نسوا الله فنسيهم} فإن ظاهره منفي بقوله تعالى{ وما كان ربك نسيا}.

وقولك:
العبرة بصحة القرينة لا بتعارض المتعارضين والحاجة إلى إرجاع أحدهما إلى الآخر

جوابه / ما عنيته هو أن النص على ظاهره مالم تصرفه عن الظاهر قرينة سواء كانت عقلية أو حسية أو نصية أو حالية أو عادية،أو لم يثبت دليل منفصل مانع من إجراء النص على الظاهر،عند ذلك وجب الأخذ بالظاهر حتما.

ومن أمثلة التأويل المصادم للنص القطعي زعم من زعم فناء عذاب كل من في النار متأولا قوله تعالى {ولا يظلم ربك أحد} وهو مذهب مشهور عن ابن القيم كما نص عليه في حادي الأرواح.
والله الهادي لكل خير