قالت :
اقتباس:
كان المسلمون حائرين , فبين أيديهم آيات قرآنية كثيرة تنزه الله عن المادة والتجسد والحلولية ، مثل آية : ( ليس كمثله شئ ) تتناقض مع آيات العرش التى جعلت من الله كائناً مجسماً محدوداً بحدود ذلك العرش المادى الذى يحمله ثمانية ملائكة. وكان من شدة حيرتهم , أنهم اختلفوا فى تفسير ذلك ومنهم من امتنع عن تفسيرة بل ومنهم من حرم تفسيره ,
|
قلت :
الأمر ليس فيه أية حيرة بل فيه حيطة وصيانة ورحمة بالعقل حتى لا يزج المرء بعقله فى أمور لا يطيق العقل تحملها ، ولا يستطيع تصورها ، إننا نعجز أن ندرك ونتصور حدود هذا الكون ، فما بالنا بخالقه!
بل إن كل حاسة خلقها الله لنا نجد أن لها حدوداً يجب أن تقف عندها وإلا تعطلت هذه الحاسة بل فسدت ، فمثلاً حاسة الإبصار لها حدود يجب ألا نتخطاها ونحن لا نستطيع أن نرى الأشياء فى الظلمة رغم أنها موجودة ، كذلك لا نستطيع أن نحملق فى ضوء الشمس المبهر ، ولو اقتربنا من الشمس أكثر ونظرنا إليها لضاع بصرنا ، إذن البصر كحاسة محدود وإذا تجاوز حدوده ضاع وتعطل وفسد.
كذلك فإن الله خلق لنا حاسة السمع ، ونحن نسمع فى حدود موجات صوتية (ذبذبات) معينة من كذا إلى كذا ، ولن نستطيع أن نسمع ما هو أقل ، وإذا تعرضنا إلى ما هو أعلى فسدت عندنا حاسة السمع تماماً وتعطلت.
حاسة اللمس ، حاسة الشم ، وهكذا جميع الحواس ، كذلك الحال فى العقل فإنه حاسة الإدراك عند الإنسان ، وله حدود يعمل فيها (من : إلى) فإن تخطاها ضل وفسد ، ويتحول الإنسان إلى الجنون ، ولا أشك أنه قد مرت عليك بعض هذه اللحظات وكدت تبلغى مرحلة الجنون هذه – لولا لطف الله بك – عندما تتفكرين فى مثل تلك الأمور الغيبية التى حجبها الله عنا ، ولكنه أخبرنا بها بكيفية - لو سلمنا بها – سيكون فيها الصلاح للعقل والدين معاً.
فعليك أن تقفى بعقلك عند حدوده ، ولا تنسى أن اسمه (عقل) والعقل مأخوذ من العقال ، وهو قطعة الحبل التى يربط بها رجل الدواب والحيوانات حتى تمنعها من الحركة بعيداً ، وتقيد حركتها بمجال معين لا تزيد عليه ، ليتك تتفهمين هذه القضية جيداً (معنى العقل) ذلك أن من زاد عن هذا فلا يكون عاقلاً بل طائشاً ، يطلق لعقله العنان فى كل شئ ، وهذا نقيض العقل والتعقل الذى يفيد التقييد والتمهل.
كما أن من أسماء العقل ، الحِلم أى التأنى والتمهل والتروى ، ومن أسمائه أيضاً (الناه) وجمعه (النهى) أى الذى ينهى صاحبه عن الشطوط والشطح إلى ما هو أبعد من قدراته.
قالت :
اقتباس:
سجلت كتب التاريخ الإسلامى أن شخصا قام الخليفة عمر بن الخطاب بجلده لا لشئ إلا لأنه سأل عن كيف استوى الله على العرش ! !
|
قلت :
فعل أمير المؤمنين هذا رحمة بالأمة حتى لا تنزلق فى غياهب الجب كما يحدث الآن ، وحتى لا نفترق فرقاً وجماعات ، بل نبق على الحق ، ونبتعد عن التخرصات ، فمذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم فى مثل هذه القضايا ، ونلاحظ أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يختلفوا مطلقاً فى أمثال تلك النصوص ، ولم يُؤثر عن أحد فيهم أنه فسرها بتفسير مخالف لتفسير آخر ، بل هم لم يفسروها أصلاً ، لعلمهم أنها خارجة عن نطاق تفكيرهم ، وهم بهذا كانوا أكمل الناس عقلاً ، وأفضلهم رأياً ، وأسلمهم مذهباً.
ولم تفترق الأمة إلا من بعدهم ، عندما عمد فئات من المبتدعة فى تأويل النصوص الواردة فى الغيبيات كلٌ على هواه فهذا يجسم وهذا يشبه وهذا يمثل وهذا يعطل وهذا ينفى فحصلت الفرقة فى الأمة من هنا بسبب شئ واحد ألا وهو : (سوء استخدام العقل).
قالت :
اقتباس:
غنى عن البيان قول معظم الفقهاء والائمة مقولتهم الشهيرة :
الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة !!
|
قلت :
هنا يتضح لنا حكمتهم من هذه المقولة وأنها أسلم وأعلم وأحكم ، وتضع الإنسان فى موضعه اللائق به من حيث كونه مخلوق من مخلوقات الله ، جاء ليكون لله عبداً ولم يأت ليكون له نداً.
فما علّمه لنا الله علِمناه ، وما حجب علمه عنا سلمنا به. ومذهبنا فى هذا ما قاله الإمام الشافعى رحمه الله : آمنت بالله ، وما جاء عن الله ، على مراد الله.
وهذه قضية فى غاية الخطورة ، وإن لم يحكمها الإنسان جيداً فسوف يضل فى الدنيا ويشقى فى الآخرة.
قالت :
اقتباس:
وكأن على المسلم أن يؤمن باستواء الله على العرش دون أن يسأل عن الكيفية !!!!
|
قلت :
نعم وهذا هو معنى الإيمان ، وهو التصديق واليقين بكل ما أخبرنا به الله ، سواء أعلمنا كيفيته أم لم نعلمها. فمعرفة الكيفية ليست مسألة مهمة بالنسبة لنا ، ولكن المهم هو التصديق والتسليم والإيمان. وأن ننزل العقل منزلته ولا نتخطاه فوق حده. ولا نعطيه أكثر من حجمه.
وليس هذا إغفالاً للعقل ولا انتقاصاً من مكانته ، فلم توجد أمة احترمت العقل وأنزلته أعظم المنازل كأمة الإسلام ، والتى كانت حلقة مهمة فى تاريخ البشرية فى شتى العلوم ، ولا أظنك فى حاجة لأن أسوق أدلة على هذا القول.
(واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه / من يرجو رحمة الله له ولوالديه ولذريته ولمحاوره ....
أبو جهاد الأنصاري
__________________
قـلــت : [LIST][*] من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*] ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*] ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*] ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|