معجزات النبى صلى الله عليه و سلم :
تقدمـــــــة هامة
قبل أن نشرع فى سرد المعجزات الباهرات التى أجراها الله على يد نبيه و جعلها فى لسانه و ضمنها قرآنه الذى تكلم به حقاً و أنزله على نبيه وحياً
يجب أن نتنبه لحقيقة أن كل الأنبياء السابقين كانت لهم معجزات و نحن نقر بذلك، و لكن لا دليل على ذلك من التاريخ أبداً، ولا حجة بكتب أهل الكتاب إذ هى كتب ركيكة الأسلوب منقطعة الإسناد متضاربة الأخبار مختلف فيها فيما بينهم مردودة من أهل البحث العلمى!!
فيتبين ان الدليل الوحيد على وجود الأنبياء فضلاً عن إثبات معجزاتهم إنما هو القرآن الذى أنزله الله على قلب نبيه محمد صلى الله عليه و سلم ، و بهذا صدقنا بأنبياء الله و علمناهم ((نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ))
زد على ذلك أن رسول الله صلوات ربى و سلامه عليه هو النبى الوحيد الذى نملك سنداً متصلاً صحيحاً سوياً لكل معجزة باهرة فعلها ولا يتوفر ذلك لغيره.
إعتراض النصارى:
و يحضرنى هنا إعتراض يتبجح به الصليبيون و غيرهم ممن لا خلاق بهم فيقولون " لقد أنكر القرأن أن يكون لمحمد (صلى الله عليه و سلم) أى معجزات و هذا فى أيات عديدة كقوله تعالى
((َمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ))
و قوله تعالى ((َأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ))
و جواب ذلك:
أن هذه الأيات التى نفاها القرآن إنما هى الآيات التى اقترحها المشركون و طلبوها عناداً و تمطعاً و استهزاءً،
و القرآن بين أمثلة ذلك فى مواضع عديدة كقوله عز و جل
((َقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً))
و قوله سبحانه ((وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً*أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً*أو يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً))
فأنظر كيف تمطعوا فطلبوا أن يفجر لهم رسول الله ينبوعاً من الأرض
ثم انتقلوا استهزاءً لطلب أخر و هو أن يسقط عليهم كسف العذاب
ثم بلغو غاية الكفر بطلبهم أن يأتيهم رسول الله برب العزة جل فى علاه و الملائكة أيضاً
ثم انتقلو إلى طلب أن يكون لرسول الله بيتاً من الزخرف
ثم انتقلوا الى طلب ان يرقى فى السماء
ثم انتقلوا الى ان الرقى لا يكفيهم بل يجب معه أن يأتيهم بكتاب من السماء يقرئوه!!
فتأمل كفرهم و عنادهم و استهزاءهم، فهذه الأيات المقترحة تمطعاً منهم هى التى نفاها القرأن
و إلا فكتاب الله نفسه يشهد على أيات لرسول الله كمعجزة شق القمر و الاختفاء عن أعين المشركين فى الغار و هم أمام رسول الله و معجزة الإسراء و معجزة رمى الحصى فى أعين الكافرين فأعمتهم جميعاً و إخبارات غيبية و معجزة القرأن نفسه إلى غير ذلك مما سنفصله بإذن الله تعالى
و قد نص القرأن على إثبات الأيات كما فى قوله سبحانه ((وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ)) و قوله تعالى ((وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ))
- و الحقيقة ان الامتناع عن إعطاء الأيات التى يطلبها الكافرون تمطعاً و عناداً موجود حتى فى الإنجيل
ففى انجيل متى 8: 11
((11 فخرج الفريسيون وابتدأوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكي يجربوه. 12 فتنهد بروحه وقال لماذا يطلب هذا الجيل آية.الحق اقول لكم لن يعطى هذا الجيل آية))
فانظر كيف طلب الفريسيون من يسوع أية مجرد أية واحدة
فما أظهرها لهم ولا أحال فى هذا الموقف إلى أية أو معجزة فيمابعد...!!!
و إنما قالها صريحة ((لن يعطى هذا الجيل أية) فكلمة أية نكرة فى سياق النفى تفيد العموم أى نفى اعطاء كل أية و اى أية لكل الجيل كما نص صراحة!!
- و ليس فى هذا الموقف فقط، و لنقرأ سوياً انجيل لوقا 23: 8
((8 واما هيرودس فلما رأى يسوع فرح جدا لانه كان يريد من زمان طويل ان يراه لسماعه عنه اشياء كثيرة وترجى ان يرى آية تصنع منه. 10 ووقف رؤساء الكهنة والكتبة يشتكون عليه باشتداد. 11 فاحتقره هيرودس مع عسكره واستهزأ به والبسه لباسا لامعا ورده الى بيلاطس.))
فامتنع يسوع هنا عن اعطاء أية لرجل كان يتمنى أن يرى منه و لو أية واحدة ، فلم يفعل و أضله و تسبب فى ان ازداد كفراً به!!
- و هذا له أمثلة اخرى كما فى انجيل متى 27: 39
((39 وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم 40 قائلين يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة ايام خلّص نفسك.ان كنت ابن الله فانزل عن الصليب. 41 وكذلك رؤساء الكهنة ايضا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا42 خلّص آخرين واما نفسه فما يقدر ان يخلّصها.ان كان هو ملك اسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به. ))
فصرحو أنهم ان رأو منه الأية رأى العين فسيؤمنون و مع ذلك لم يقدم يسوع شيئاً!!
- و فى انجيل متى 4: 30
((3 فتقدم اليه المجرب وقال له ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا. 4 فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله. 5 ثم اخذه ابليس الى المدينة المقدسة واوقفه على جناح الهيكل. 6 وقال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك الى اسفل.لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك.فعلى اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. 7 قال له يسوع مكتوب ايضا لا تجرب الرب الهك.))
فطلب من المسيح هنا أيتين و لم يعط أى منهما بحجة أنه لا يجب أن يختبر أحد الرب!!
- و فى انجيل متى 12: 38
((38. حينئذ اجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين يا معلّم نريد ان نرى منك آية. 39 فاجاب وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية الا آية يونان النبي. 40 لانه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة ايام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الانسان في قلب الارض ثلاثة ايام وثلاث ليال))
فنفى المسيح مرة أخرى اعطاء أى أية لهذا الجيل مع ملاحظة نقاط حاسمة فى أية يونان المزعومة:-
أ- أن أية يونان النبى لا شبه بينها و بين أية قيامة المسيح المزعومة، فأية يونان كان البقاء حياً فى موقف الممات و أية يسوع بزعمهم كانت القيامة بعد الممات، فتأمل!
ب- أنه و بعد ان تبين أن لا مشابهة بين الايتين فان حتى المدة الزمنية صارت محل لغط فيسوع لم يستمر فى القبر ثلاثة ايام و ثلاثة ليال، إذ كان على الصليب فى الساعة التاسعة و طلب يوسف جسده و كفنه و غسله و دفنه كما فى انجيل مرقص فيكون الدفع ليلة السبت يقيناً، و كان القبر خالياً قبل طلوع شمس يوم الاحد كما فى يوحناً، فالمدة على اقصى تقدير يوماً و ليلتين!!
و نحن لسنا بصدد مناقشة النصارى فى هذه الحسبة التى لا يضل عنها تلميذ الابتدائى، و انما سؤالنا كم امضى يسوع فى القبر و كم امضى يونس و هل يونس ايضاً امضى ثلاثة ايام مجازية!!
جـ- و أخيراً فإن الطامة الكبرى هى أن المسيح وعد ( الجيل الشرير الفاسق) أن يعطو الأية، و الكارثة أن أحداً من الاشرار الفاسقين الذين كفروا المسيح لم ير قيامته!!
نعم فهو لم يظهر الا لاتباعه أصلاً
فأين الأية؟ أين رؤية المسيح حياً بعد القيامة ؟
الا يمكن ان تكون الجثة قد سرقت؟ الا يمكن ان يكون اتفاقاً أبرم بين حرس القبر و التلاميذ او غيرهم؟ ألا يمكن أنلا يكون يسوع قد دفن أصلاً لأن الاخبار تفيد ان الذى استلمه و تولاه و دفنه فى ارضه هو يوسف اليهودى وحده و لم يضع حرساً على القبر الا فى اليوم التالى بطلب من اليهود ،
الاحتمالات كثيرة و الخبر مضطرب و الظن عقيدة عند القوم
فتركوا كل الاحتمالات المنطقية و تمسكو بأوهامهم بل و يريدون الزام البشر بها!
و هكذا نكون قد أجبنا الشبهة الواهية التى إرتكز عليها النصارى و لله الحمد و المنة
__________________
قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس :إنّ فيك خَصلتين يُحبهما الله:الحلمُ ، والأناةُ )رواه مسلم :1/48
وعن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من أحبّ لِقاء الله أحبّ الله لقاءهُ ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءهُ ) رواه مسلم : 4/2065
|