دعوني أتساءل وأكتب خواطري حول تنظيم القاعدة.
القاعدة تكفر حكام المسلمين، ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك، ودليلهم في ذلك أنهم يدعون أن حكام المسلمين موالون لليهود والنصارى، والله سبحانه وتعالى يقول
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
[المائدة:51]، أي أن الحكام من وجهة نظر القاعدة كاليهود والنصارى.
حسناً، الآن أنا أتولى حكام المسلمين، وحكام المسلمين عند القوم كفار، وهذا يعني أني صرت أيضاً عند القوم كافراً، وعليه فكيف لا يكون تنظيم القاعدة تنظيماً خارجياً؟
الرد على كلام تنظيم القاعدة في أن حكام المسلمين يوالون اليهود والنصارى:
كثيراً ما يخطئ الناس بين الموالاة والإحسان، وتنظيم القاعدة وكل من شغف به يخلط بين الأمرين، فالإحسان عنده موالاة، والحق أن الإحسان عمل ملموس، يقع على أرض الواقع ويرى بالعين، فمساعدة فقراء أهل الكتاب، وإعطاءهم حقوقهم في العيش الكريم، والمتاجرة معهم في شتى أنواع التجارة الحلال، كل هذا يدخل تحت مسمى الإحسان، والله سبحانه وتعالى يقول
لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
[الممتحنة:8]، وهنا قد يعترض معترض ويقول أن النصارى يحاربوننا في أفغانستان والعراق، وهنا أقول أن قتال الجيش الأمريكي للشعوب المسلمة خاص بالجيش الأمريكي ولا ينسحب على كل النصارى، فلا آتي لنصارى الفلبين (مثلاً) وأقتلهم بحجة أن نصارى أمريكا تقتل المسلمين، ودليل ذلك أن رسول الله
طرد اليهود من المدينة قبيلة تلو الأخرى، فلم يطرد اليهود جميعاً في نفس الوقت، ولم يأخذ أحد بخطأ الآخر.
نعود إلى الفرق بين الإحسان والموالاة: فكما بينا سابقاً أن الإحسان عمل يظهر للعين، أما الموالاة فهو من أعمال القلوب، وأعمال القلوب هذه لا يعلمها إلا الله وحده، فالرجل يحسن للنصراني مع أنه لا يحبه، ولنا في القاضي شريك خير دليل، فالقاضي شريك رحمه الله قضى ليهودي ضد أمير المؤمنين علي
، فقضاؤه لليهودي إحسان له، على الرغم من أنه لا يواليه، بل ويوالي أمير المؤمنين علي
.