عرض مشاركة واحدة
  #98  
قديم 2013-08-31, 04:38 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 918
افتراضي

أقوال أهل العلم في الفرق بين النبي والرسول:
1- قال البيضاوي: "الرسول: مَن بعثه الله بشريعة مجددة يدعو الناس إليها، والنبي يعمُّه ومن بعثه لتقرير شرع سابق؛ كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى - عليهم السلام؛ ولذلك شبَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - علماءَ أمته بهم؛ فالنبي أعمُّ من الرسول... وقيل: الرسول مَن جمع إلى المعجزة كتابًا منزلاً عليه، والنبي غير الرسول، مَن لا كتاب له، وقيل: الرسول من يأتيه الملَكُ بالوحي، والنبي: يقال له ولِمَن يوحَى إليه في المنام"[13].

2- قال القرطبي: "الرسول والنبي اسمان لمعنيَيْن؛ فإن الرسول أخصُّ من النبي، وقدِّم الرسول اهتمامًا بمعنى الرسالة، وإلا فمعنى النبوة هو المتقدم؛ ولذلك ردَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على البراء حين قال: "وبرسولك الذي أرسلت" فقال له: ((قل: آمنتُ بنبيك الذي أرسلت))؛ خرجه في الصحيح[14]، وأيضًا فإن في قوله: "برسولك الذي أرسلت" تكريرَ الرسالة، وهو معنى واحد، فيكون كالحشو الذي لا فائدة فيه، بخلاف قوله: ((ونبيك الذي أرسلت))، فإنهما لا تكرار فيهما، وعلى هذا فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً؛ لأن الرسولَ والنبي قد اشتركا في أمر عام هو النبأ، وافترقا في أمر خاص وهي الرسالة، فإذا قلت: محمد رسول من عند الله؛ تضمن ذلك أنه نبي ورسول الله، وكذلك غيره من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم"[15].

3- قال النسفي: "والفرق بينهما أن الرسولَ مَن جمع إلى المعجزة الكتابَ المنزل عليه، والنبي من لم يُنزل عليه كتابٌ، وإنما أُمر أن يدعو إلى شريعة مَن قبله، وقيل: الرسول: واضع شرع، والنبي: حافظُ شرع غيره"[16].

4- قال الشوكاني: "قيل: الرسول الذي أُرسل إلى الخَلق، بإرسال جبريل إليه عِيانًا، ومحاورته شفاهًا، والنبي الذي يكون إلهامًا أو منامًا.

وقيل: الرسول مَن بعث بشرع، وأُمر بتبليغه، والنبي من أُمر أن يدعو إلى شريعة من قبله، ولم يُنزل عليه كتابٌ، ولا بد لهما جميعًا من المعجزة الظاهرة"[17].

ولكن هذا التفريق كذلك مدفوعٌ بقوله - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ﴾ [غافر: 34]، فيوسف - عليه السلام - نبيٌّ من أنبياء بني إسرائيل، لم يأتِ بشرع جديد، ومع ذلك فهو رسول بنص هذه الآية.

وعليه فإن التفريق المختار: أن الرسول هو من بُعث إلى قوم مخالفين فدعاهم إلى دين الله، سواءٌ دعاهم بشرع جديد أو بشرع مَن قبله، والنبي: هو من بُعث إلى قوم موافقين فأقام فيهم دين الله.

5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "النبي: هو الذي يُنبئه الله، وهو ينبئ بما أنبأ الله به، فإن أُرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه؛ فهو رسول، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله، ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالته؛ فهو نبي وليس برسول، قال - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ﴾ [الحج: 52]... فذكر إرسالاً يعم النوعين، وقد خص أحدهما بأنه رسول، فإن هذا هو الرسول المطلق، الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف اللهَ؛ كنوح، وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بُعث إلى أهل الأرض، وقد كان قبله أنبياء كشيث وإدريس، وقبلهما آدم كان نبيًّا مكلَّمًا"[18].

فيوسف أُرسل إلى أقوام مخالفين مشركين، فبلَّغهم دين الله بشريعة من قبله.

إذا تبين لك ذلك، وأن الصحيح هو قول الجمهور، وهو أن ثمة فرقًا بين النبي والرسول، فما تعريف النبي وما تعريف الرسول في الاصطلاح؟

قلنا: إن النبي يقع عليه الإرسال؛ ولكن لا يسمى رسولاً عند الإطلاق.

والله - عز وجل - جعل ملائكة مرسلين، وإذا قلنا: الرسول فلا ينصرف بالإطلاق على المبلِّغ للوحي جبريل - عليه السلام.

والله - عز وجل - أرسل الريح، وأرسل المطر، وأرسل أشياء من العذاب، ولا يقع عند الإطلاق أن يقال: هذه مرسَلة، أو هذه رسالةُ الله، أو هذه الأشياء رسولٌ؛ من إطلاق المفرد وإرادة الجمع به.

ولهذا نقول: قد يقال عن هذه الأشياء كما جاء في القرآن، قد يقال عنها: إنها مرسلة، ﴿ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ [المرسلات: 1]، ولكن إذا أُطلق لفظ الرسول فلا ينصرف إلى من أُرسل من الملائكة، وإنما ينصرف إلى من أُرسل من البشر.

وهذا يدل على أن الفرق قائمٌ بين النبي بين الرسول، وأن النبي إرسالُه خاص، وأن الرسول إرساله مطلَق.

فلهذا نقول دلت آية سورة الحج: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ ﴾ [الحج: 52] على أن كلاًّ من النبي والرسول يقعُ عليه إرسال.



فما الفرق بينهما من جهة التعريف؟
رد مع اقتباس