عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2014-08-18, 04:18 PM
نور الدين قوطيط نور الدين قوطيط غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2014-08-17
المشاركات: 2
جديد شبهة المتشابهات في القرآن

[align=center][/align][align=center][/align]

[align=justify]يقول الملحد : لو كان الله موجوداً كما تدعون أيها المؤمنون ، فلماذا إذن وضع متشابهات في القرآن فأدخل المؤمن في مآزق فكري ؟
قلنا : فتصبر أيها المُلَيْحد على القراءة _ و الملاحدة ليس لهم نَفَسٌ طويل في القراءة _ : هذا السؤال بهذه الصياغة يهدم الإلحاد من الأساس . فالملحد ينطلق في شبهته هذه من حقيقة إدراكيّة لاشعوريّة حول الإله ، و هي أنّ الإله الحق يجب أن يكون رحيماً بالإنسان ، يكشف له الحقائق التي تهدي عقله و وجدانه في مسيرة الحياة . فلما نظر الملحد فوجد أشياء اشتبهت على عقله الصغير ، أنكر وجود الله ، و هو في الحقيقة إنما ينكر وجود صورة الإله التي لا توافق إدراكه اللاشعوري لحقيقة الإله .. ثم بعد هذا نقول باختصار شديد : هناك أصل كبير في القرآن هو أنّ هذا الكتاب أنزله الله ليكون هداية للعقل و الوجدان الإنساني في شتّى نشاطات حياته ، يقول الحق تبارك شأنه : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) [يونس:57] .. ترتب على هذا الأصل الكلي للقرآن ، أصل آخر هو أنّ هذا الكتاب مُبيّنٌ بياناً شافيّاً لكيلا يكون للإنسان عذرٌ في اطراح تعاليمه ، يقول الحق تعالى : ( وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) [النحل:64] .. فهذان أصلان عظيمان في القرآن و الغفلة عنها تردي صاحبها في مهاوي الضلال . و من هنا فالمتشابهات في القرآن الكريم إنما جاءت في سياق اعتبارات مختلفة ، و هي و لا شك اعتبارات موضوعية بل في قمة العقلانيّة . كيف ؟؟
** هناك ثلاث مجالات تنسحب عليها صفة المتشابهات ، قليلا أو كثيرا ، و هي :
1. مجال الأحكام الشرعية .
2. مجال الغيب المستقبلي .
3. مجال الذات الإلهيّة و علاقتها بالوجود .
** دخول هذه المجالات الثلاثة في إطار المتشابهات ناتج عن ثلاث حقائق أخرى :
1. سعة اللغة العربية و عمق تراكيبها البنائيّة .
2. محدوديّة الإدراك البشري و عجزه عن اختراق حاجز الزمان و المكان .
3. تسامي الوجود الإلهي عن القيود و الحدود .
** وجود هذه المتشابهات في القرآن الكريم إنّما يرمي لتحقيق أربعة أهداف :
1. ابتلاء الإنسان و تقييم مدى دخوله في التعبد المطلق لله تعالى .
2. حثُّ المؤمن على البحث و التنافس في إحسان التعامل مع الكلمة القرآنيّة .
3. تكريم العلماء و التنويه بجهودهم في خدمة كلام ربّ العالمين .
4. كشف زيوف أرباب النفاق و فضح مقاصد أهل الضلال الذين في قلوبهم زيغ .
على أنّ ما ينبغي التنبّه إليه هو أنّ مواقف المتعاملين مع كلمات القرآن تختلف فيما بينها تبعاً للشخص نفسه : مستواه اللغوي ، فهمه لأصول و مقاصد الشريعة ، إدراكه لمعاني الحكمة الإلهية في الكون و الحياة و الإنسان و المصير ، صفاؤه الروحاني ، دوافعه النفسيّة .. فهذه الإعتبارات كلها لها دخل في طبيعة تلقي الإنسان للمتشابهات ، و لهذا فما يكون متشابهاً لدى إنسان ليس بالضرورة أن يكون كذلك لدى إنسان آخر .. و لأجل هذه الحقيقة قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) [آل عمران:7] . فكما ترى فالله تعالى يقرر أنّ أساس القرآن هو المُحْكَم و هو النسبة الغالبة في آياته ، و هناك آيات تشتبه معانيها على بعض العقول بسبب اعتبارات مختلفة كما قلنا آنفاً . كما نبّهت الآية على غرض الملاحدة و المنافقين في الترويج لوجود تضارب في القرآن و مآزق فكرية ، و هو : فتنة المؤمن و تشكيكه في دينه ... و هذا هو ديدن الملاحدة و الذين في قلوبهم زيغ و فساد ، يتركون الواضحات و هي كثيرة للغاية و يركزون انتباههم على الغوامض التي لا تبلغها عقولهم الصغيرة ... فلا جرم أن صدق الله العظيم حين ضرب على عقولهم و قلوبهم بحُجُب كثيفة ، لا يزالون يعمون فيها حتى تقذف بهم في نار جهنهم الأبدية . و ساضرب مثلا صغيراً من الأمثلة التي يلهج بها الملاحدة و المستشرقون في الغرب و يتلقفها أقزام و فراخ الملاحدة في بلداننا .. يقولون : في آية يقول القرآن : ( وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) و قد وردت 14 مرة ، و في آية أخرى يقول : ( وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) و قد وردت 7 مرات . علماً أنّ لهما المعنى نفسه !!!! لكن فضيحتهم الكبرى تتجلّى حين نعرف أنّهم غارقون _ أعني الأقزام و الفراخ الصغيرة أما آلهتهم فهم يعرفون الحقيقة _ في الجهل باللغة العربية و تراكيب البلاغة فيها . فالآيتان ظاهريّاً لهما المعنى نفسه ، لكن الحقيقة غير ذلك ، إذ من الناحية البلاغية _ و البلاغة لها دور هام في القرآن للكشف عن معان مختلفة : نفسيّة أو علميّة أو تشريعيّة أو تربويّة _ يُعتبر تقديم كلمة معيّنة في سياق معيّن اهتماماً بها و تنبيهاً عليها و تنويهاً بشأنها ، فالآيات التي تقدمت فيها كلمة خبير الغرض منها تنبيه المتلقي على شموليّة و عمق العلم الإلهي بكل شيء صغير أو كبير ، و الآيات التي تقدمت فيها كلمة تعلمون فالغرض منها الإشارة إلى ضرورة إحسان العمل و تنقيّته من الشوائب النفسيّة ليكون خالصاً لله تعالى . إذن استعمل القرآن في هاتين الكلمتين منحيين اثنين : أفقيّاً و عموديّاً ، ليظل الإنسان موصولا بالله و متعرّفاً عليه من خلال أسمائه الحسنى ، و ليحرص على إحسان و إجادة أعماله و مختلف نشاطات حياته ... و الله أعلم .[/align][align=center][/align][align=center][/align][align=center][/align]
رد مع اقتباس