الأخ الحبيب التل لو عدت لنقاشاتنا مع العضو نايف الشمري أبو طلال لوجدت الأدلة على أنهم خوارج أنقل لك ردي في أحد النقاشات معه:
الخوارج يكفرون بالآيات المتشابهة التي تحتمل أكثر من معنى دون الرجوع لكتب التفسير بل يخالفون كتب التفسير لأهل السنة مخالفة صريحة في تفسير الآيات المتشابهة، فمثلاً داعش وأخواتها يكفرون كل من لم يحكم بما أنزل الله ، ويدعون للخروج عليه بالسيف ، كما دعى لهذا البغدادي في مقطعه المشهور هذه عقيدتنا وأستدل بالآية المتشابهة على كفر من لم يحكم بما أنزل الله "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون" وهذا من فعل أهل الزيغ والضلال فكما تعلم الفرق المخالفة للسنة بنوا أغلب أحكام دينهم على المتشابه وأنت أظن لك تجارب في نقاش الروافض فهم أكثر ما يستشهدون بالمتشابهة ويأخذون الحكم بظاهره دون المحكم؟
فكذلك الخوارج وفرقاً أخرى كالنصيرية مثلاً:
أضع بين يديك تفسير وأقوال أئمة السلف في هذه الآية :
ومنهم من أكد أن اﻷخذ بظاهر هذه اﻵية هو قول الخوارج وهي من المتشابهة :
قال اﻵجري: ومما يتبع الخوارج الحرورية من المتشابه قول الله عز وجل ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( ويقرءون معها ) ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ( فإذا رأوا اﻹمام الحاكم يحكم بغير الحق قالوا: قد كفر ، ومن كفر عدل بربه فقد أشرك، فهؤﻻء اﻷئمة مشركون ، فيخرجون فيفعلون ما رأيت ؛ ﻷنهم يتأولون هذه اﻵية ا.هـ .
وقال الجصاص :" وقد تأولت الخوارج هذه اﻵية على تكفير من ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود . ا هـ
قال ابن عبد البر - رحمه الله - ( التمهيد 17/16 ) :« وقد ضلّتْ جماعة من أهل البدع من :الخوارج , والمعتزلة ,في هذا الباب فاحتجوا بآياتٍ من كتاب الله ليست على ظاهرها مثل قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) » انتهى
وقال العﻼمة أبوحيان اﻷندلسي - رحمه الله - ( البحر المحيط 3/493 ) :« واحتجّت الخوارج بهذه اﻵية على أن كل من عصى الله تعالى فهو كافر , وقالوا : هي نصٌّ في كل من حكم بغير ما أنزل الله ؛ فهو كافر » انتهى .
وقال الخطيب البغدادي - رحمه الله - ( تأريخه 10/183 , ترجمة الخليفة المأمون , ترجمة رقم : 5330 ) :« أخبرنا أبو محمد يحيى بن الحسن بن الحسن بن المنذر المحتسب ,أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل ,أخبرنا أبو بكر بن دريد ,أخبرنا الحسن بن خضر قال :سمعت ابن أبي دؤاد يقول :أُدخل رجلٌ من الخوارج على المأمون ,فقال : ما حملك على خﻼفنا ؟
قال : آيةٌ في كتاب الله تعالى .قال : وما هي ؟
قال : قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) .
فقال له المأمون : ألكَ عِلْمٌ بأنها مُنزَلة ؟
قال : نعم ,قال : وما دليلك ؟
قال : إجماع اﻷمة .
قال : فكما رضيتَ بإجماعهم في التنزيل فارضَ بإجماعهم في التأويل ,قال : صدقتَ , السﻼم عليك يا أمير المؤمنين » انتهى .
بيان أنه ليس كل من وقع في الكفر يكون كافراً
قال شيخ اﻹسﻼم ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 16/434 ) :« فليس كل مخطيء كافراً ؛ ﻻ سيما في المسائل الدقيقة التي كثر فيها نزاع اﻷمة » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/466 ) :« وليس ﻷحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط ؛ حتى : تقام عليه الحجة , وتبين له المحجة ,ومن ثبت إسﻼمه بيقين لم يزُل ذلك عنه بالشكّ ؛ بل ﻻ يزول إﻻ : بعد إقامة الحجة , وإزالة الشبهة » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/487 ) :« ... كلّما رأوهم قالوا : ( من قال كذا فهو كافر ) , اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكلّ من قاله , ولم يتدبروا أن التكفير لـه شروط وموانع قد تنتفي في حق المُعَيّن , وأن تكفير المطلق ﻻ يستلزم تكفير المُعَيّن إﻻ إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع .
يُبيِّن هذا :أن اﻹمام أحمد وعامة اﻷئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكﻼم بعينه » انتهى .
-اﻹمام القرطبي(المتوفى سنة :671وقال في "المفهم" (5/117): "وقوله﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون ﴾
يحتج بظاهره من يكفر بالذنوب، وهم الخوارج ، وﻻ حجة لهم فيه؛ ﻷن هذه اﻵيات نزلت في اليهود المحرفين كﻼم الله تعالى، كما جاء في الحديث، وهم كفار، فيشاركهم في حكمها من يشاركهم في سبب النزول ، وبيان هذا:
أن المسلم إذا علم حكم الله تعلى في قضية قطعاً ثم لم يحكم به، فإن كان عن جحد كان كافراً، ﻻ يختلف في هذا، وإن كان ﻻ عن جحد كان عاصياً مرتكب كبيرة، ﻷنه مصدق بأصل ذلك الحكم، وعالم بوجوب تنفيذه عليه، لكنه عصى بترك العمل به، وهذا في كل ما يُعلم من ضرورة الشرع حكمه؛ كالصﻼة وغيرها من القواعد المعلومة، وهذا مذهب أهل السنة".-
اﻹمام السمعاني(المتوفى سنة :510قال في تفسيره لﻶية (2/42): "واعلم أن ---الخوارج--- يستدلون بهذه اﻵية، ويقولون: من لم يحكم بما أنزل الله؛ فهو كافر، وأهل السنة قالوا: ﻻ يكفر بترك الحكم.
تفسير الأية بالتفصيل من أقوال السلف.
قال تعالى " وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ"تفسير العلماء لﻼيه.
مسألة:
قوله تعالى :"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، اختلف العلماء في هذه اﻵية الكريمة : هل هي في المسلمين ، أو في الكفار ؟
فروي عن"الشعبي"أنها في المسلمين ، وروي عنه أنها في اليهود.
وروي عن طاوس أيضا أنها في المسلمين ، وأن المراد بالكفر فيها كفر دون كفر ، وأنه ليس الكفر المخرج من الملة ، وروي عن "ابن عباس" في هذه اﻵية أنه قال : ليس الكفر الذي تذهبون إليه ، رواه عنه ابن أبي حاتم ، والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، قاله ابن كثير .
قال بعض العلماء : والقرآن العظيم يدل على أنها في اليهود;ﻷنه تعالى ذكر فيما قبلها أنهم"يحرفون الكلم من بعد مواضعه، وأنهم يقولون إن أوتيتم هذا"، يعني الحكم المحرف الذي هو غير حكم الله فخذوه ، وإن لم تؤتوه أي المحرف ، بل أوتيتم حكم الله الحق فاحذروا ، فهم يأمرون بالحذر من حكم الله الذي يعلمون أنه حق .[ص:406 ]
وقد قال تعالى بعدها"وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس" اﻵية [ 5 \ 45 ] ، فدل على أن الكﻼم فيهم ، وممن قال بأن اﻵية في أهل الكتاب ، كما دل عليه ما ذكر البراء بن عازب، وحذيفة بن اليمان، وابن عباس، وأبو مجلز، وأبو رجاء العطاردي ، وعكرمة، وعبيد الله بن عبد الله، والحسن البصري وغيرهم ، وزاد الحسن ، وهي علينا واجبة ، نقله عنهم ابن كثير ، ونقل نحو قول الحسن عن إبراهيم النخعي.
وقال القرطبي في تفسيره :"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" و "الظالمون" و "الفاسقون" [ 5 \ 44 ، 45 ، 47 ] ، نزلت كلها في الكفار ، ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث البراء وقد تقدم ، وعلى هذا المعظم ، فأما المسلم فﻼ يكفر وإن ارتكب كبيرة ، وقيل فيه إضمار ، أي ومن لم يحكم بما أنزل الله، ردا للقرآن وجحدا لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر ، قاله ابن عباس ومجاهد.فاﻵية عامة على هذا ، قال ابن مسعود، والحسن : هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلم روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى:
﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون ﴾[المائدة:44]قال: "من جحد ما أنزل الله، فقد كفر، ومن أقرّبه، و لم يحكم به فهو ظالم فاسق".
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (6/166) بإسناد حسن. «سلسلة اﻷحاديث الصحيحة» لﻺلباني(6/114)وقال طاووس عن ابن عباس – أيضاً – في قوله:
﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون ﴾؛ قال:ليس بالكفر الذي يذهبون إليه".أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصﻼة» (2/522/574) بإسناد صحيح.
«سلسلة اﻷحاديث الصحيحة» لﻺلباني (6/114) وفي لفظ: "كفر ﻻ ينقل عن الملة".أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصﻼة» (2/522/575) «سلسلة اﻷحاديث الصحيحة» لﻺلباني (6/114)
ولفظ ثالث: "هو به كفره، وليس كمن كفر بالله، ومﻼئكته، وكتبه ورسله".اخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصﻼة» (2/521/570) وإسناده صحيح.
في المستدرك (2/393)، ووافقه ، ابن كثير في تفسيره (2/64) قال: صحيح على شرط الشيخين، اﻹمام القدوة محمد بن نصر المروزيفي تعظيم قدر الصﻼة (2/520)، اﻹمام أبو المظفر في تفسيره (2/42)، اﻹمام في معالم التنزيل (3/61)، اﻹمام أبو بكر في أحكام القرآن (2/624)، اﻹمام في الجامع ﻷحكام القرآن (6/190)، اﻹمام في نظم الدرر (2/460)، اﻹمام في الوسيط (2/191)، العﻼمةفي نيل المرام (2/472)، العﻼمة في أضواء البيان (2/101)، العﻼمة في اﻹيمان (ص 45)، العﻼمة في البحر لمحيط (3/492)، اﻹمام في اﻹبانة (2/723)، اﻹمام في التمهيد (4/237)، العﻼمة في تفسيره (1/310)، العﻼمة في تفسيره (2/296)، في مجموع الفتاوى (7/312)، العﻼمة في مدارج السالكين (1/335)، محدث العصر العﻼمة في "الصحيحة" (6/109).
وآخيراً في هذه النقطة مسألة الحكم بغير ما أنزل الله ﻻ تختصّ بالحاكم أو القاضي فقط ؛ بل يدخل فيها كل من تولَّى الحكم بين اثنين ؛ لذلك قال شيخ اﻹسﻼم ابن تيمية - رحمه الله -( الفتاوى 18/170 ) : « وكل من حكم بين اثنين فهو قاضٍ , سواءً كان : صاحب حربٍ , أو متولِّي دِيوان , أو منتصِباً لﻼحتساب باﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر , حتى الذي يحكم بين الصبيان في الخطوط ؛ فإن الصحابة كانوا يعدُّونه من الحكام » انتهى .
فها أنا أتيتك بأقوال العلماء تثبت أن داعش خوارج حرورية كمن سبقوهم في عهد هؤلاء الأئمة رحمهم الله.
|