الأخ الفاضل / محمد
أولا : تحياتي لك
أنت تسأل عن آليات عمل القلب،،، وكنت أظن إن هذه الآليات يعرفها كل من يقرأ القرآن الكريم،، لكن يبدوا إن هناك من لا يعرفها
آليات عمل القلب هي :
1/ السمع
2/ البصر
3/ الفؤاد
يقول الله تعالى :
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78)المؤمنون
وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)النحل
وهذه الآليات إستخدامها في فعل الأمر خير أو شر،، هي مسئولية الإنسان
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)الإسراء
ثم أنت تقول :
فالآخيرة أصبحت مرجعا للعبادات في الاسلام...
ولكن الاخ يوسف لم يوضح لنا....
هل هذه المنظومة منذ عهد ابراهيم كاملة ومستمرة كما هي أم ان خاتم النبيين (صححها)...(واخرج ما فيها من بدع)؟؟؟!!!!
يا صاحبى العزيز ، أنا إتكلمت كثيرا جدا عن هذه المنظومة في منتدانا الحبيب، و التي لا يمكن فهم القرآن الكريم، بمعزل عن هذه المنظومة.
يقول الدكتور مشتهري عن هذه المنظومة:
" منظومة التواصل المعرفي" هي تلك المعارف، التي تواصلت حلقاتها حاملة معها الأسماء، والأفعال، والأفكار، والخبرات، والمشاعر...، من لدن آدم،عليه السلام، والتي لولاها ما نشأت العلاقات الإنسانية، وما تطورت العلوم، وما فهم الناس كيفيات الأداء العملي للمهن، والحرف..، وما أجملته الرسالات الإلهية من أحكام .
وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)البقرة
لقد حملت " منظومة التواصل المعرفي " النور الذي اهتدت به البشرية جمعاء عبر مسيرتها الحضارية، فالإنسان لم يتعلم العلوم إلا من خلال هذا التواصل المعرفي ، ولم يسم الأشياء إلا بعد أن شاهدها وتعرف عليها .
فمثلا :
لقد تعلم الإنسان كيف يدفن الموتى بمواراة الجسد في باطن الأرض، ثم تواصلت هذه الكيفية عبر هذه المنظومة المعرفية، تدبر قول الله تعالى في سورة المائدة :
فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ( لِيُرِيَهُ) كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)البقرة
وتعلم نوح، عليه السلام، صناعة الفلك، بوحي من الله تعالى، ثم تواصلت هذه الصناعة بين الناس عبر هذه المنظومة المعرفية .
(فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ) أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27)المؤمنون
وتنقسم المعارف، التي حملتها منظومة "التواصل المعرفي" إلي :
معارف عالمية : وهى المعارف التي تتواصل حلقاتها، ومدلولات كلماتها بين شعوب العالم أجمع، والتي تعبر عن صفات ثابتة مهما اختلفت لغاتها ولهجاتها.
ومن هذه المعارف "الكلمات" : أبيض- ساخن- حزين- تفاحة- كرسى- سحاب- شجرة- بحر- كلب- شمس ...، إلى آخره
.
معارف أممية : وهى المعارف التي تتواصل حلقاتها، ومدلولات كلماتها بين أفراد الأمة الواحدة، مثل : اللسان- كيفية أداء العبادات- العادات والتقاليد- المهارات الفنية، والصناعات، التي تتميز بها أمة عن أخري .
إن الأرض تنبت زرعا قبل أن يعرف الإنسان الزراعة، بل هي التي علمته كيف يزرع، وأصبحت علوم الزراعة تشكل منظومة معرفية عالمية، وإذا وجدنا شيئا لا نعرف له اسما فإن ذلك بسبب عدم تواصل حلقات معرفته بعصرنا، لذلك نلجأ إلى من عنده هذه المعرفة فنأخذها منه، أو نسميه نحن فيكون معرفة جديدة .
ووسط هذه المنظومة المعرفية تخرج الرسالات الإلهية لتضبط توازن هذه المعارف، وتمدها بحيويتها، وبخلاصة التجارب الإنسانية على مر العصور .
فمثلا ،
لقد أمر الله تعالى المسلمين بالمحافظة على أداء صلاة من يوم الجمعة :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)الجمعة
ولا شك أن المسلمين فى عصر الرسالة أدوا هذه الصلاة، مع رسول الله ،عليه السلام، بصورة، وعلى حالة يستحيل أن يتخلوا عنها بعد وفاته .
فعلى آي أساس منطقي، قبل أن يكون شرعي، لا نؤمن بأن وقت هذه الصلاة وكيفيتها هو وقت صلاة الظهر الذي حملته لنا هذه " المنظومة المعرفية "؟!
المنظومة كبيرة يا أخي وأنا أردت فقط أن أوضح لك ما المقصود منها ،،، ويمكننى أن أنزل المنظومة كاملة كما كتبها الأستاذ الدكتور محمد مشتهري حتى يمكنكم فهم معناها
أما سؤالك :
ولماذا على سبيل المثال...لا يعتبر رجم الزاني المحصن من ضمن منظومة التواصل المعرفي حيث يوجد اشارات قرآنية بأن الرجم موجود في الامم السابقة!!!
هذه المنظومة تخضع لشرطين أساسيين
الأول : أن يكون ما نبحث عنه له أصل في القرآن الكريم
الثاني : أن يكون متفق عليه كل المسلمين بإختلاف مذاهبهم وفرقهم .
والرجم لا أصل له في القرآن الكريم
ولا تتتفق عليه الفرق والمذاهب الإسلامية
أرجوا أن أكون قد أجبت على تساؤلاتك ،، ومعذرة لطول الرد
|