عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2024-05-01, 11:57 AM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,738
افتراضي الإخلاص في العمل يكشف الإنسان على حقيقتهِ

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و بركاتهُ:ــ
(الإخلاص في العمل يكشف الإنسان على حقيقتهِ)
الحمدُ للهِ وحدهُ، والصّلاةُ والسّلام على من لا نبيَّ بعدهُ، سيّدنا و نبيِّنا و شفِيعنا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ ومن إهتدى بهديهِ وإقتدى بأثرهِ إلى يومِ الدين، وبعد:
وبعد:
فأن أعظم الأصول المهمة في دين الإسلام هو تحقيق الإخلاص لله تعالى في كل العبادات، والابتعاد والحذر عن كل ما يضاد الإخلاص وينافيه، كالرياء والسمعة والعجب و المصالح الشخصية و التجارة بإسم الدين ونحو ذلك.



ورحم الله أحد العلماء إذ يقول: "وددتُ أنه لو كان من الفقهاءِ من ليس له شغل إلا أن يُعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلّا، فانه ما أُتىَ على كثير من الناس إلا من تضيع ذلك". أ.هـ
أهمية أعمال القلوب:
إنّ تعريف الإيمان عند أهل السنة هو:
(إقرار باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان).
ويُعَدُّ الإخلاص أهم أعمال القلوب المندرجة في تعريف الإيمان، وأعظمها قدراً وشأناً، بل إن أعمال القلوب عموماً آكد وأهم من أعمال الجوارح، ويكفي أنّ العمل القلبي هو الفرقُ بينَ الإِيمان والكفر، فالساجد لله والساجد للصنم كلاهما قام بالعملِ نفسهِ، لكن القصدُ يختلف، وبناءً عليه آمن هذا وكفر هذا.
يقول شيخ الإسلام رحمهُ الله في بيان أهمية أعمال القلوب:
"وهي من أصول الإيمانِ وقواعدِ الدين، مثل محبتهُ لله ورسوله، والتوكل على الله، وإخلاص الدين لله، والشكر له والصبر على حُكمه، والخوف منه، والرجاء له، وما يتبع ذلك". أ.هـ
فأقول: "هذه الأعمال جميعها واجبة على جميع الخلق باتفاق أئمةِ الدين و أئمةِ المساجد المزعومين بذلك للحصول على مقاصدهم و الذين أوهموا و لا يزالون يوهمون الناس بذلك، و هم فيها على ثلاثِ درجاتٍ: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات.
فالظالم لنفسه: العاصي بترك مأمور أو فعل محظور أو للحصول
على وظيفة و الإستغناء في هذهِ الحياة الدنيا.
والمقتصد: المؤدي للواجبات، والتارك للمحرمات.
والسابق بالخيرات: المتقرّب بما يقدر عليهِ من فعلٍ واجبٍ ومستحب، والتارك للمحرم والمكروه.
وإن كان كل من المقتصد والسابق قد يكون له ذنوب تُمحى عنه؛ إما بتوبة والله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإما بحسنات ماحيه، وإما بمصائب مكفرة، وإما بغير ذلك". أ.هـ .
ويقول إبن القيَّم رحمهُ الله:
"أعمالُ القلوبِ هي الأصل، وأعمالُ الجوارح تبعٌ ومكمَلة، وإنّ النيّة بمنزلةِ الروح، والعمل بمنزلة الجسد للأعضاء، الذي إذا فارق الروح ماتت، فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح". أ.هـ
وقال شيخ الإسلام:
"والأعمال الظاهرة لا تكون صالحة مقبولة إلا بتوسّط عمل القلب، فإن القلب ملكٌ، والأعضاء جنوده، فإذا خبث خبثت جنوده، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّ في الجسد مضغة... الحديث". أ.هـ

تعريف الإخلاص:
قال العز بن عبد السلام :
"الإخلاص أن يفعل المكلف الطاعة خالصة للهِ وحدهُ، لا يريدُ بها تعظيماً من الناس ولا توقيراً، ولا جلب نفع ديني، ولا دفع ضرر دنيوي". أ.هـ.
قال سهل بن عبد الله:
"الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة". أ.هـ
وقيل: "هو تفريغ القلب لله" أي: صرف الانشغال عمّا سواه، وهذا كمال الإخلاص لله تعالى .

منزلة الإخلاص:
الإخلاص هو حقيقة الدين، وهو مضمون دعوة الرسل قال تعالى:
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء).
وقوله:
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).
قال الفضيل بن عياض في هذه الآية:
"أخلصه وأصوبه". قيل: "يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟" قال: أن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم تقبل وإذا صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً؛ والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة". أ.هـ.
قال تعالى:
(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) يقول شيخ الإسلام: "الناس لهم في هذه الآية ثلاثة أقوال: طرفان ووسط.
فالخوارج والمعتزلة يقولون: لا يتقبل الله إلاَّ من اتقى الكبائر، وعندهم صاحب الكبيرة لا يقبل منه حسنة بحال.
والمرجئة يقولون: من اتقى الشرك.
والسلف والأئمة يقولون: لا يتقبل إلاَّ ممن اتقاه في ذلك العمل، ففعله كما أمر به خالصاً لوجه الله تعالى".

الإخلاص سبب لعظم الجزاء مع قله العمل:
وقد دلّ على ذلك نصوص النبوية ومنها:
١) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلّ الله عليهِ وسلَم:
"إن الله يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعةٌ وتسعينَ سجلاً، كل سجلٍ مثلَ هذا، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟! أظلمك كتبتي الحافظون؟! فيقول: لا يا رب. فيقول: أفلك عذر؟! فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم. فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟! فقال: إنك لا تظلم. قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء".

٢) وحديث المرأة التي سقت الكلب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلّ الله عليهِ وسلَم:: "
بينما كلب يطيف بركيةٍ كاد يقتلهُ العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به".

٣) وحديث الرجل الذي أماط الأذى عن الطريق، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلّ الله عليهِ وسلَم: قال:
"بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخّره فشكر الله له فغفر له".

يقول شيخ الإسلام معلقاً على حديث البطاقة: "فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق كما قالها هذا الشخص، وإلّا فأهل الكبائر الذين دخلوا النار كلهم كانوا يقولون لا اله إلا الله، ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كما ترجح قول صاحب البطاقة". أ.هـ

وحديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلّ الله عليهِ وسلَم: يقول:
"إن أوَّل الناس يقضى يوم القيامة عليه رجلٌ استشهد فأتى به فعرفه نعمته فعرفها، قال: فما عملت فيها؟! قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت؛ ولكنك قاتلت ليُقال: جرئ، فقد قيل. ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار.
ورجل تعلّم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتى به فعرفه نعمته فعرفها فقال: فما عملت؟ قال: تعلمت العلم وعلمتهُ، وقرأت القرآن. قال: كذبت، ولكن تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال قاري، فقد قيل. ثم أمر به فسُُحِبَ على وجههِ حتى أُلقي في النار.
ورجل وسّع اللهُ عليهِ وأعطاهُ من صنوف المال، فأتى به فعرفه نعمته فعرفها. قال: فما عملت بها؟ قال: ما تركت من سيبلٍ يُحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: جواد، فقد قيل. ثم أمر به على وجهه حتى أُلقي في النار".
[رواه مسلم].
قال أبو سليمان الداراني:
"طوبى لمن صحت له خطوة واحدة، لا يريد بها إلا الله تعالى".


فيا من تاجرتم و لا تزالون تتاجرون بإِسم الدِّين أوصيكم بالتوبةِ إلى الله بارئِكم قبلَ فوات الأَوان و قفوآآآا عندَ حُدودِكم فقد بلغتم من الشُهرةِ مايكفيكم و أمنَّتُم مستقبل أيامكم الدنيوية ولا تستمرون بهذهِ التجارة البخيسة الدنيئة على حسابِ جوع و عطش و دماء المستضعفين و أقولُ لكم أنَّهُ يكفيهم ما هُم فيهِ من مصائب، نسأل الله أن يكُونَ لهم عوناً و معيناً ناصراً و نصيراً اللّهمَّ أمين.
إنتبهوا لهذهِ المُلاحظة: ( المسلم يجب أن يكون كيساً فطناً).
بقلم: أخيكم في الله: معاوية فهمي.
§§§§§§§§§§§§§§

رد مع اقتباس