عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2007-07-29, 09:23 AM
سيف الكلمة سيف الكلمة غير متواجد حالياً
عضو نشيط بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-23
المشاركات: 194
افتراضي

و قد جاء التشريع الإسلامي بحلول جذرية لكثير من الجرائم التي كانت منتشرة و أوجد لها الحدود التي تكفل القضاء عليها منها :


جريمة قتل النفس



قال تعالى: " و ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ، و من يقتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة و دية مسلمة إلى أهله ".

" و من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ، و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً " .

و قال صلى الله عليه و سلم : " كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه " .

تعتبر الشريعة الإسلامية التعدي النفس من أخطر الجرائم، لأن الإسلام أعلى من شأن الإنسان بقوله تعالى: " و لقد كرمنا بني آدم " و على قدر ما أعلى الإسلام من قدر الإنسان فإنه قد أشتد في العقوبة على من يعتدي على حياة غيره بغير حق، بل إن لإسلام اعتبر قتل النفس الواحدة بمثابة قتل الناس جميعا، وأن إحياء النفس الواحدة بمثابة إحياء النفس الواحدة بمثابة إحياء الناس جميعاً، و قد جعل الله عقاب القاتل كعقاب الكافر.

و بهذا الحكم العادل جعل الشرع القصاص علاجاً يمنع العدوان، إذ لم يجعل الإسلام لدم أحد من الناس فضلاً على دم آخر، بل إن الإسلام ليقتص من الحاكم نفسه إذا اعتدى على أحد من رعيته بالقتل العمد، لأن الإسلام نظر إلى القاتل على اعتبار أنه بفعلته الشنعاء ق سلب القتيل حياته و ترتب على ذلك أنه يتم أطفاله و أيم زوجته و حرم المجتمع من يد عاملة في خدمته كما أنه تحدى بذلك شعور مجتمعه و خرج على نظامه و قوانينه.

و يقص علينا القرآن قصة أول جريمة قتل في تاريخ البشرية تلك هي الجريمة التي قتل فيها قابيل ابن آدم عليه السلام هابيل ظلماً و عدواناً. و ذلك لأن آدم قد أمر والديه أن يتزوج كل منهما توأم أخيه و ألا يتزوج الأخت التي ولدت معه ، و كانت توأم قابيل أجمل من توأم هابيل فأباها على أخيه و أصر على أن يمسكها لنفسه ، على حين أطاع هابيل أمر أبيه الذي هو وحي سماوي ، ثم أنهما اتفقا على أن يحتكما إلى الله بأن يقدم كل منهما قرباناً لله فتقبل الله من هابيل و لم يتقبل من قابيل الذي ثار و لم يرض حكم الله و أصر على موقفه من العناد و سولت له نفسه قتل أخيه فقتله .

و كل ما جرى من هذا النزاع بين الأخوة ما هو إلا شرارة من شرارات الحسد اندلعت في صدر قابيل وشب ضرامها فكانت فتنة عارمة و جريمة قتل شنعاء ، و قد أحزن هذا الاعتداء قلب آدم فقضى أيامه الأخيرة في أيامه الأخيرة في ألم و صبر إلى أن عوضه الله عن هابيل بابنه شيث الذي كان قرة عين له و أعده ليكون خليقة له في النبوة ، فما كبر و اشتد عوده أمره أبوه أن يأخذ الثأر لهابيل بقتل قابيل الذي فر هارباً و عاش طريداً شريداً يتعقبه أخوه شيث إلى أن لقي مصرعه و حق عليه قول الله :" و من قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً ".

و من عدالة الإسلام في تشريعه أن جعل عقوبة القاتل أن يقتل لأن ذلك من الجزاء العادل الذي يستحقه بغير إبطال و لا هوادة و لا بحث في بواعث القتل ، و حتى هؤلاء الذين يقتلون أنفسهم انتحاراً لهم عذاب شديد يوم القيامة لأنهم قنطوا من رحمة الله و لا يقنط من رحمة الله إلا الكافرون .

و لا شك أن رحمة الله عظيمة بفرضه القصاص الذي جعل فيه حياة الناس و أمنهم و منع العدوان بينهم ، لأن من يهم بالقتل و الفتك بغيره و هو يعلم أن في ذلك هلاكه سيتردد و لا يقدم على تنفيذ جريمته فيبقى ذلك الخوف على حياة من يهم بقتله و هلاك نفسه ، و إن من يتدبر قوله تعالى : " و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " ليجد فيها كل الإعجاز البياني و التشريعي من حيث روعة الأسلوب و روعة المعنى و هما يؤكدان معجزة القرآن الكريم.

جريمة الحرابة

قال تعالى: " إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديه و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك له خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم ".

و قال صلى الله عليه و سلم: " كل المسلم حرام دمه و ماله و عرضه ".

و الحرابة جريمة يعاقب عليها الشرع في إحدى الحالتين الآيتين :

(أ) ـ الاستيلاء على مال الغير مغالبة و في خفاء عن المجتمع .

(ب) ـ قطع الطريق على الناس و منع المرور فيه بقصد السلب و النهب الإخافة و الإرهاب .

و المحاربون هم الذين يجتمعون بقوة و شركة و يحمي بعضهم بعضاً و يقصدون إيذاء الناس في أرواحهم و أموالهم، و يخيفونهم و يثيرون الفزع و القلق في نفوسهم لإخضاعهم لأهوائهم الشريرة.

و قد نص القرآن على عقوبتها بقطع اليد اليمنى و ترك بقية الأطراف سليمة لكي يعمل بها لكسب رزقه من وجه حلال إذا ارتدع، و تجمع هذه العقوبة بين القسوة و الرحمة في آن واحد، و هذا ضرب من الإعجاز في العقوبة و الردع معاً، و قد أحل الشرع بعد ذلك قتله إذ ا تمادى في الجريمة و لم يرتدع، و يعاقب المحارب بالقتل إذا قتل سواء استولى على المال أم لم يستول عليه.

و قد نصت الآية على أنواع أخرى من العقوبات التي توقع على المحاربين الآثمين غير قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف، لشل نصف الجسم المجرم عن الحركة و هي قتلهم و صلبهم تشهيراً بسوء عملهم و إذلال لهم.

و من هذه الأحكام تدل دلالة واضحة على أن الشريعة الإسلامية تنظر إلى آثار الجريمة التي فيها اعتداء شنيع على الأبرياء من الرجال و النساء و الأطفال ، و إزهاق أرواحهم و سلب أموالهم و شددت العقوبة بما يناسب ما أحدثته الحرابة من عدوان و ترويع للآمنين ثم إن لهم في الدار الآخرة عذاباً عظيماً هو عذاب الجحيم .

و المقرر في الشريعة الإسلامية أن جريمة الحدود لا يثبت ارتكابها إلا بوسائل إثبات مشددة و محدودة ، و هي في جملتها لا تخرج عن الاعتراف الصريح و الإقرار و البينة ، و يزيد بالبينة شهادة رجلين عدلين و يكون الإقرار في مجلس القضاء أمام القاضي .

و قد أثبت الأيام أن المجتمع الإسلامي عندما طبق أحكام الحدود عاش آمناً مطمئناً على أموله و أعراضه و نظامه ، بل إن المجرم نفسه كان يسعى لإقامة الحد عليه رغبة منه في تطهير نفسه بالتكفير عن ذنبه ، و عندما تهاون المجتمع الإسلامي في تطبيق الحدود و أنساق مع تشريعات الغرب الوضعية و بهره زخرفها الزائف تسرب إليه الفساد و أشاع فيه الإجرام ، و كاد يلحق بدول الغرب في التفنن في أساليب الجريمة .

و يرى التاريخ أن هشام بن عبد الملك من خلفاء بني أمية عطل حدا السرقة والحرابة سنة ، فتضاعفت حوادثها و صار الناس غير آمنين على أنفسهم و لا على أموالهم من النهب و السلب، و استشرى خطر اللصوص في البوادي و الحواضر ، فما تفاقم الأمر و اضطربت الأحوال أعاد هشام بن عبد الملك العقوبة كما شرعها الله تعالى ، فكان الإعلام بالإعادة و حده كافياً لردع المجرمين و صيانة الحقوق و حفظ الأموال و النفوس .

و كان من أبشع جرائم الحرابة في عصورنا الحديثة ما كان يحدث في الحجاز قبل الحكم السعودي لحجاج بيت الله من الاعتداء عليهم و اغتصاب أموالهم و إزهاق أرواحهم ، حتى أن الفقهاء المتأخرين أوجبوا على كل من يخرج للحج أن يكتب وصيته قبل أن يغادر بلده ، و كانت الحكومة في مصر و سوريا ترسل مع بعثاتها للحج الجنود المسلحين لحمايتها ، فلما حكم الجزيرة العربية الملك عبد العزيز آل سعود و نفذ الأحكام الشرعية كما أمر الله و رسوله ، هاب اللصوص و قطاع الطرق عقوبتها الشرعية التي تنفذ فوراً ، حتى أنه ليذكر بالحمد لهذا الملك الراحل أن عدد الأيدي التي قطعت في مملكته لا تزيد على ستة عشر يداً خلال أربعة وعشرين عاماً هي مدة حكمه .

و من الناس من يلهجون باستغلاظ عقوبة الحرابة و يحسبون أنها غير إنسانية ، و أولئك ينظرون إلى العقوبة و لا ينظرون إلى الجناية ، و يرحمون الجاني و لا يرحمون المجني عليه ، و المجني عليه هنا هو الجماعة التي تنهب أموالها وتسفك دماؤها ، و إنه كلما عظمت الجريمة كان لابد من أن تكون العقوبة قاسية و رادعة . والنبي صلوات الله عليه و سلامه يقول : " من لا يرحم لا يرحم " و لو أن عقوبة الحرابة طبقت في أمريكا و أوربا حيث العصابات الدولية لأمن الناس على أنفسهم ، و لما اضطربت الحكومة إلى تجنيد آلاف الجنود و صرف الأموال الطائلة في مطاردة هذه العصابات الآثمة .
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
رد مع اقتباس