عرض مشاركة واحدة
  #66  
قديم 2011-08-20, 08:28 AM
السيف البارق السيف البارق غير متواجد حالياً
عضو إباضى
 
تاريخ التسجيل: 2011-02-02
المشاركات: 17
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
نعم هي من أخلاق أسلافي، بل هي من أخلاق خير السلف محمد صلى الله عليه وسلم، إذ قال (الخوارج كلاب النار)، وهي من أوامر الله عز وجل إذ قال ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه .
عندي سؤال الآن:
لماذا تدافع عمن انتهك حرمات الله؟ هل أنت مثله؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
عذرا أستاذ ..

المبحث الأول:
تخريج الحديث
جاء الحديث من طريق اثنين من الصحابة، هما أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وعبدالله بن أبي أوفى.
أولاً: حديث أبي أمامة الباهلي:
روي عنه من طريق أبي غالب حَزَوّر قال: رأيت أبا أمامة الباهلي أبصر رؤوس خوارج على درج دمشق فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلاب أهل النار، كلاب أهل النار، كلاب أهل النار" ثم بكى، ثم قال: شر قتلى تحت أديم السماء، وخير قتلى من قتلوه، قال أبو غالب: أأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، إني إذن لجريء، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث.
رواه الحميدي - واللفظ له - وعبدالرزاق، وأبو داود الطيالسي، وأحمد من وجهين عن أبي غالب، وابنه عبدالله من ثلاثة أوجه، ومحمد بن نصر المروزي، والطبراني من ثلاثة عشر وجهاً عن أبي غالب في "الكبير" و"الأوسط" و"الصغير" و"مسند الشاميين"، والحارث بن أبي أسامة والآجري.
- ورواه أحمد وعنه ابنه عبدالله في "السنة" من رواية صفوان بن سليم المدني عن أبي أمامة باللفظ نفسه.
- كما رواه سيّار الشامي الأموي عن أبي أمامة باللفظ نفسه عند أحمد.
- ورواه شداد بن عبدالله أبو عمار عن أبي أمامة باللفظ نفسه عند عبدالله بن أحمد في "السنة" والحاكم في "المستدرك" بإسنادين.
ثانياً:حديث عبدالله بن أبي أوفى:
أ- ورد الحديث عنه من رواية الأعمش بلفظ "الخوارج كلاب النار"، رواه أحمد، وعنه ابنه عبدالله في السنة، ورواه ابن ماجه، وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"، وأبو نعيم الأصفهاني في "الحلية"، ويحيى بن محمد بن صاعد في "الجزء فيه مسند ابن أبي أوفى" واللالكائي، والخطيب في "تاريخ بغداد" وابن الجوزي في "العلل المتناهية".
ب- كما ورد من رواية سعيد بن جهمان عن عبدالله بن أبي أوفى بلفظ: أتيت عبدالله بن أبي أوفى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: من أنت ؟ وكان يومئذ محجوب البصر، فقلت: أنا سعيد بن جمهان، فقال: ما فعل أبوك؟ قلت: قتلته الأزارقة، فقال: رحمه الله، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنهم كلاب النار".
رواه أبو داود الطيالسي - واللفظ له - وأحمد، وعنه ابنه بزيادة عندهما وهي: قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوراج كلها؟ قال: بلى الخوارج كلها، ورواه الحاكم وابن أبي عاصم بالزيادة التي عند أحمد .

المبحث الثاني:
دراسة أسانيد الحديث
ورد الحديث عن اثنين من الصحابة:
أولاً: حديث أبي أمامة الباهلي:
وله أربع روايات:
1- رواية أبي غالب حزور عن أبي أمامة، وقد تقدم في حديث أبي أمامة الباهلي في حديث المروق من رواية أبي غالب أنه ضعيف.
2- رواية صفوان بن سليم المدني عن أبي أمامة، قال عنه الحافظ: "ثقة مفتٍ عابد رمي بالقدر، من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين وله اثنتان وسبعون سنة".
وقد صحح محققا "الجزء فيه مسند بن أبي أوفى" و "السنة" لعبدالله بن أحمد سند الحديث بهذه الرواية، ولعلهما نظرا إلى ما قيل في صفوان بن سليم من أنه لم ير من الصحابة إلا أبا أمامة وعبدالله بن بسر، إلا أن أبا أمامة الذي رآه صفوان بن سليم هو أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف وليس صدي بن عجلان، وأبو أمامة أسعد متأخر، قال الحافظ عنه: "معدود في الصحابة، له رؤية ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة مائة وله اثنتان وتسعون".
ولم يصرح صفوان ها هنا بالسماع بل قال: دخل أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه مسجد دمشق،...الخ" ولذا قال ابن حجر عن هذا السند: "أظنه منقطعاً"، وهو كذلك كما هو ظاهر.
3- رواية سيار الشامي الأموي: مولى معاوية وقيل مولى خالد بن يزيد بن معاوية، لم أجد من وثقه سوى إيراد البخاري إياه في "التاريخ الكبير" وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" وابن حبان في "الثقات". لكن قال الذهبي "وثق"، وقال ابن حجر: "صدوق، من الثالثة".
ولست أدري علام بنى هذان الإمامان حكمهما على سيار بأنه ثقة وصدوق، رغم أني لم أجد أحداً نص على توثيقه. ويبدو أن في حكاية الذهبي توثيق سيار بصيغة التضعيف وعدم جزمه بذلك ما يشير إلى عدم اطمئنانه إلى ذلك.
وفيها: أبو سعيد عبدالرحمن بن عبدالله بن عبيد البصري مولى بني هاشم شيخ الإمام أحمد، قال ابن حجر في التقريب: "صدوق ربما أخطأ، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين".
وقد وثقه الإمام أحمد، لكن نقل العقيلي عن الإمام أحمد أنه قال: كان كثير الخطأ، ونقل القباني أنه جاء عن أحمد أنه كان لا يرضاه.

4- رواية أبي عمار شداد بن عبدالله:
قال الحافظ: "ثقة يرسل، من الرابعة".
وفيها: عكرمة بن عمار العجلي، قال ابن حجر: "صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب ولم يكن له كتاب، من الخامسة، مات قبيل الستين".
ثانياً: حديث عبدالله بن أبي أوفى:
ورد من روايتين:
1- رواية الأعمش سليمان بن مهران:
تقدم ذكره، وقد اتفقوا على أنه لم يسمع من عبدالله بن أبي أوفى.
2- رواية سعيد بن جمهان:
قال عنه الذهبي: "صدوق وسط"، وقال ابن حجر: "صدوق له أفراد"، وفيها:
- عند غير اللالكائي: حشرج بن نباتة الرواي عن سعيد بن جمهان، فيه كلام كثير لخصه ابن حجر بقوله: "صدوق يهم، من الثامنة".
- عند اللالكائي: قطن بن نسير، قال ابن حجر: "صدوق يخطئ، من العاشرة"، ويبدو أنه دون ذلك، فقد قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عنه فرأيته يحمل عليه، ثم ذكر أنه روى أحاديث عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس مما أنكر عليه، وقال ابن عدي: يسرق الحديث ويوصله.

المبحث الثالث:
دراسة متن الحديث
هذا الحديث واضح الصلة بالخوارج للتصريح باللفظ نفسه، وقد تبين أن بعض الأسانيد خفيفة الضعف، لكن هنالك ملاحظات على متونها سيأتي بيانها.
ويؤخذ من رؤية أبي أمامة الباهلي رؤوس أولئك الناس في دمشق أن ذلك كان في فترة الصراع الأموي الخارجي، أي بعد ظهور الخوارج في الفترة التي توصلت إليها هذه الدراسة. وهذا صريح في بعض الأوجه عن أبي غالب قال:
"لمَّا أُتي برؤوس الأزارقة..." عند الطبراني في الكبير.
"كنت بالشام فبعث المهلب سبعين رأساً من الخوارج...".
"كنت بدمشق زمن عبد الملك فأتي برؤوس الخوارج...".
وقد تقدم عن أبي غالب أنه ضعيف، لكن في رواية سَيَّار الأموي عند أحمد: "جيء برؤوس من قبل العراق فنصبت عند باب المسجد وجاء أبو أمامة... الخ".
وكذلك حديث عبدالله بن أبي أوفى صريح في هذه النتيجة، إذ فيه ذكر الأزارقة الذين ظهروا بعد حادثة الافتراق عام أربعة وستين من الهجرة.
والملاحظات على روايات الحديث ما يلي:
1- تكرار العبارات كاملة في الحديث ليس من الأسلوب العربي البليغ، ففي لفظ سَيَّار عند أحمد: "شر قتلى تحت ظل السماء ثلاثاً"، "كلاب النار ثلاثاً"، "لو سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين حتى ذكر سبعاً لخلت أن لا أذكره"، وهذا معناه أنه لابد لأبي أمامة أن يسمع الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العدد لكي يحدث به، وهو محال. وفي لفظ أبي عمار شداد بن عبدالله عند عبدالله بن أحمد والحاكم نفس ما في لفظ سيار عند أحمد.
2- أن لفظ "الخوارج"لم يكن موجوداً في ذلك العصر، بل ظهر كما سبق بيانه بعد ظهور الأزارقة عام أربعة وستين، ولو كان جرى على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتوانَ الصحابة في اختياره ولوُجد في نصوص كلامهم في الفترة السابقة لفترة ظهوره، لا سيما أن في حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم كرره مرات، فكيف يكون مقصوراً على أبي أمامة وعبدالله بن أبي أوفى. إضافة إلى ذلك أنكر العيني أن يكون لفظ الخوارج قد ظهر في الفترة التي كان فيها حرقوص بن زهير، فإنكاره ظهوره قبل ذلك من باب أولى، وهذا كمثل أسماء الفرق الأخرى التي ظهرت فيما بعد.
لأجـل هذا عد د. صلاح الدين الأدلبي حديث "الخــوارج كلاب النـار" موضوعـاً على رسـول الله صلى الله عليه وسلم.
3- أن حديث أبي أمامة الباهلي جاء من وجه آخر بلفظ حديث المروق، فقد مضى في حديث المروق من رواية شهر بن حوشب عنه ذكر هذه الحادثة مختلفة، ونص حديثه قال: كنت بدمشق فجاؤوا برؤوس فوضعوها على درج مسجد دمشق، فرأيت أبا أمامة يبكي فقلت له: ما يبكيك يا أبا أمامة ؟ قال: إني سمعت رسول الله  يقول: "إنه سيكون في أمتي ناس يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم ينثرونه كما ينتثر الدقل، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم على فوقه، شر قتلى تحت السماء، طوبى لمن قتلهم وقتلوه".
4- أحسن الروايات حالاً عن أبي أمامة رواية سيار الشامي ورواية أبي عمار شداد، وفي كل منهما كلام من جهة ضبط الرواة، ففي رواية سيار: أبو سعيد عبدالرحمن ابن عبدالله، تكلم الإمام أحمد في ضبطه كما تقدم. على أن في حكم الحافظ ابن حجر على أن سياراً صدوق ريبة من حيث عدم التنصيص على ذلك من أحد الأئمة الذين ساق أقوالهم في "التهذيب" في سيار، فمن أين حكم عليه بذلك؟ وأما الذهبي فقد مضى القول في حكايته التوثيق.
وفي رواية أبي عمار شداد: عكرمة بن عمار وهو صدوق يغلط.
وأما عبدالله بن أبي أوفى فقد اجتمع في سنده اثنان ممن فيه بعض الكلام: إما سعيد ابن جمهان و "له أفراد"، وحشرج بن نباتة وهو "صدوق يهم"، وإما سعيد بن جهمان وقطن بن نسير وهو "صدوق يخطئ" كما سبق ذكره.
والذي يظهر أن رفع هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصعب قبوله للملاحظات التي تقدم ذكرها، ولا يبعد أن يكون ذلك من كلام أحد الصحابة وهو أبو أمامة الباهلي، فظن الرواة رفعه إلى النبي ، لا سيما مع وجود بعض الأوهام في الذين كانت رواياتهم أفضل حالاً من غيرها.
إضافة إلى ذلك فإن كلاب النار أشبه بلفظ ذم منه بحكم شرعي، وإلا فلا معنى لكلاب النار. ولعل أبا أمامة رضي الله عنه لما أخبره سعيد بن جمهان بما فعله الخوارج الأزارقة بأبيه دعا عليهم بنحو قوله: كلاب النار، ثم رواه من رواه من بعد مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا غرابة في مثل هذا الموقف الذي يقفه هذا الصحابي، فإن غيره من الصحابة قد وقف مثله ضد الخوارج الذين ظهروا بعد عام الافتراق، وقد مضى شيء من ذلك في آخر المبحث الثالث من حديث المروق، لكن المهم في الأمر أن الكلام ليس في أهل النهروان ومن حمل فكرهم، بل في الخوارج وأتباعهم الذين يمكن أن يوجه إليهم حديث المروق وما ورد عن الصحابة الكرام من الذم في الخوارج، وبون شاسع بين أهل النهروان ومن نحا نحوهم وبين الخوارج الذين ظهروا من بعد، والذين يتلخص فكرهم في تكفير مخالفيهم واستباحة دمائهم.
هذا، ولو سُلِّم بصحة رفع حديث "الخوارج كلاب النار" إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكان له وجهة أخرى، فقد روى الحاكم بسند صحيح إلى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال له ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا منه حديثه في شأن الخوارج، فانطلقا، فإذا هو في حائط له يصلح، فلما رآنا أخذ رداءه ثم احتبى، ثم أنشأ يحدثنا حتى علا صوته في المسجد، فقال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار يحمل لبنتين لبنتين، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب على رأسه ويقول:"يا ويح عمار،ألا تحمل لبنة لبنة كما يحمل أصحابك ؟" قال: إني أريد الأجر عند الله، قال: فجعل ينفض ويقول:"ويح عمار، تقتله الفئة الباغية"، قال: ويقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.
فهذا الحديث ظاهر في أن المراد بالخوارج الفئة الباغية، وهم طائفة معاوية وأصحابه الذين حاربهم الإمام علي في صفين، وحمل حديث "الخوارج كلاب النار" عليهم يعد وجيهاً، وذلك لتصريح أبي سعيد بأنهم هم الخوارج، كحمل أبي أمامة الباهلي إياه على الأزارقة، إذ لا نص على أن الأزارقة – مثلاً – هم الخوارج، ولا على أنهم هم المقصودون بكلاب النار، مما يفيد أن الأمر إنما هو رأي لأبي أمامة. وهذا كله على فرض التسليم بصحة رفع هذا الحديث.



سبحان الله
__________________
نــــــــــوح الـــحـــمــــام عـــــلـــــى الـــغــــصــــون شـــجـــــانــــي
ورأى الـــــــــعــــــــــذول صــــبـــــابـــــتـــــي فـــــبـــــكـــــانـــــــي

إن الــــحــــمــــام يــــــنــــــوح مــــــــــــن ألــــــــــــم الــــــنــــــوى
وأنــــــــــــــــا أنـــــــــــــــــوح مـــــخــــــافــــــة الـــــرحــــــمــــــن
رد مع اقتباس