عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2007-10-19, 10:43 PM
مجاهد مجاهد غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-23
المشاركات: 141
افتراضي

شبهات الاستشراق حول السنة النبوية<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
<o:p></o:p>
إن المتتبع للشبهات التي تثار حول السنة النبوية من قبل المستشرقين والمعادين لدين الله، فإنه سيجد أن هؤلاء يحاولون التشكيك في كل شيء في هذا الدين، وليست هناك شبهات محددة وإنما الدين كله مثار للشك والشبهة عندهم، ويظهر ذلك واضحًا في كتاباتهم ومحاضراتهم وندواتهم، وحتى في صحفهم ومجلاتهم، وهذا يعني أن التصدي الحقيقي للاستشراق يكمن في دراسة أصوله وحقيقة أهدافه، وبيان ذلك لأبناء الأمة، في كل مناسبة وكل مكان، لأن كثيرًا من هذه الشبهات هي قديمة في حقيقتها ومضمونها تبنتها المعتزلة والخوارج في فترات معينة، وخمدت نارها بعد أن تصدى لها علماء الأمة المخلصون، حتى جاء هؤلاء المستشرقون وأعادوا إثارتها وصياغتها من جديد.<o:p></o:p>

لذلك لا نستطيع أن نبحث هذه الشبهات جميعها ونناقشها بالأدلة العقلية والمنطقية، وبالأحداث التاريخية، والدراسات الموضوعية، لأن ذلك يحتاج إلى مجلدات ومصنفات، ولكننا سنذكر بعض الشبهات التي اتفقت عليها كلمة معظم المستشرقين حول السنة النبوية، والنيل من شخصية الرسول r، ابتداء من تشكيكهم في مفهوم السنة نفسها.<o:p></o:p>

أولاً: السنة في مفهوم المستشرقين<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
يقول جولد تسيهر عن مفهوم السنة: "هي جوهر العادات وتفكير الأمة الإسلامية قديمًا وتعد شرحًا لألفاظ القرآن الغامضة التي جعلتها أمرًا عملياً حياً"<SUP>(<SUP>[1]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>

كما يقول أيضًا هذا المستشرق: "ما من أمر أو فعل يوصف عندهم بالفضل أو العدالة إلا إذا كان له أصل في عاداتهم الموروثة أو كان متفقًا معها، وهذه العادات التي تتألف منها السنة تقوم عندهم مقام القانون أو الديانة، كما أنهم كانوا يرونها المصدر الأوحد للشريعة والدين، ويعدون اطراحها خطأ جسيما، ومخالفة خطيرة للقواعد المعروفة والتقاليد المرعية التي لا يصح الخروج عليها، وما يصدق على الأفعال يصدق أيضًا على الأفكار الموروثة، والجماعة يتحتم عليها أن لا تقبل في هذا المجال شيئًا جديدًا لا يتفق مع آراء أسلافها الأقدمين" ثم يقول: "فكرة السنة يمكن إدراجها بين الظواهر التي سماها سبنسر بـ العواطف القائمة مقام غيرها وهي النتائج العضوية التي جمعتها بيئة من البيئات خلال الأجيال والأحقاب، والتي تركزت وتجمعت في غريزة وراثية تتألف منها الصفة أو الصفات التي يتوارثها أفراد هذه البيئة"<SUP>(<SUP>[2]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>

ثم يتطرق هذا المستشرق إلى تحديد مفهوم الحديث الذي يفصله عن مفهوم السنة بقوله إن الحديث: "الشكل الذي وصلت به السنة إلينا، فهما ليسا بمعنى واحد، وإنما السنة دليل الحديث، فهو عبارة عن سلسلة من المحدِّثين الذين يوصلون إلينا هذه الأخبار والأعمال المشار إليها طبقة بعد طبقة، مما ثبت عند الصحابة أنه حاز موافقة الرسول r في أمور الدين أو الدنيا، وما ثبت أيضًا حسب هذا المعنى من المُثُل التي تحتذى كل يوم"<SUP>(<SUP>[3]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>

وأما شاخت فيقول: "إن الأحاديث ليست هي السنة بل هي تدوين السنة بالوثائق"<SUP>(<SUP>[4]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>
ويمكن استخلاص مفهوم السنة عند المستشرقين في النقاط التالية:<o:p></o:p>
1 – أن السنة هي جوهر العادات والتقاليد الموروثة.<o:p></o:p>
2 – أن السنة شرح لألفاظ القرآن الغامضة.<o:p></o:p>
3 – أن السنة وحدها هي القانون أو الديانة وهي المصدر الوحيد للشريعة.<o:p></o:p>
4 – أن السنة غير الحديث، وأنهما ليسا بمعنى واحد.<o:p></o:p>
وهنا لا بد من بيان حقيقة مفهوم السنة والحديث لدحض هذا الخلط الذي انتهجه المستشرقون بقصد التشويش والتضليل على أبناء الأمة، والتشكيك في المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
فالسنة في اللغة:كما في القاموس المحيط هي الطريقة والعادة حسنة كانت أم سيئة، وقد جاءت بهذا المعنى في قوله تعالى: ( سنة من أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلاً ) [الإسراء،: 77].<o:p></o:p>

وجاءت في الأحاديث النبوية الشريفة، كما في قوله r: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء"<SUP>(</SUP>[5]<SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>

أما السنة اصطلاحًا: فقد تباينت تعريفات العلماء لها حسب نوع العلم الشرعي الذي تستعمل فيه السنة:<o:p></o:p>

1 – السنة عند المحدثين: ما أثر عن النبي r من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلُقية أو خَلقية.<o:p></o:p>


فالقول: وهو الكلام الذي نطقه النبي r وتناقله الناس بعد ذلك، مثل حديث: "إنما الأعمال بالنيات"<SUP>(<SUP>[6]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>

الفعل: وهو ما كان يقوم به النبي عليه الصلاة والسلام من سلوك وتصرف وفعل، مثل كيفية صلاته، وصيامه، وحجه، مثل قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وقوله "خذوا عني مناسككم".<o:p></o:p>

التقرير: وهو ما أقره النبي r من أفعال الصحابة بسكوته أو بإظهار رضاه له، كإقراره عليه الصلاة والسلام لمن تيمم لعدم وجود الماء ثم وجده بعد الانتهاء من الصلاة ولم يعد صلاته.<o:p></o:p>

الصفات: وهي إما خَلقية كطوله ومشيه ولونه وشعره..إلخ، أو خُلقية كالشجاعة والكرم والحلم والصفح وغيرها.<o:p></o:p>

2 – السنة عند علماء أصول الفقه،هي: ما نقل عن النبي r من قول أو فعل أو تقرير، وبعضهم يضيف ما يصلح أن يكون دليلاً شرعيًا<SUP>(</SUP>[7]<SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>

3 – السنة عند الفقهاء: تعددت تعريفات السنة عند الفقهاء ولكن مدلول هذه التعريفات واحد، فمنها: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، ومنها: كل ما ثبت عن النبي r ولم يكن من باب الفرض والواجب<SUP>(<SUP>[8]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>

4 – السنة عند علماء العقيدة: هي كل ما دل الدليل الشرعي عليه سواء كان هذا الدليل من الكتاب أو الحديث أو من قواعد الشريعة. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعةضلالة".<o:p></o:p>

أما تعريف الحديث: فإنه علم يعرف به أقوال رسول الله r وأفعاله وأحواله. أو هو: كل ما أضيف إلى النبي r.<o:p></o:p>

وهذا التفصيل والتوضيح كاف لأن يزيل الغمة عن أفهام بعض من قد يجد التشويش الاستشراقي إلى فكره سبيلاً، هذا التشويش الذي يقصد به إلحاق اللغط وعدم الضبط في أهم علم من علوم هذا الدين وهو علم السنة والحديث، فيسقط ادعاء هؤلاء المغرضين من أن السنة خليط من المأثور القديم، وليعلموا بعد ذلك هؤلاء القوم جهود العلماء الأفذاذ الكبيرة وأسفارهم الطويلة والمديدة في سبيل تحصين هذا المصدر من سموم الحاقدين وإفك المفترين.<o:p></o:p>

ثم إنهم لم يقفوا عند هذا الحد في خلطهم بين السنة والحديث، وإنما عمدوا إلى الطعن في أركان السنة التي ترتكز عليها.<o:p></o:p>

<HR align=right width="33%" SIZE=1>([1]) العقيدة والشريعة لجولد تسيهر، ص41.<o:p></o:p>

([2]) المستشرقون ومصادر التشريع الإسلامي، عجيل جاسم النشمي، ص81-82.<o:p></o:p>

([3]) المرجع السابق، ص83.<o:p></o:p>

([4]) المرجع السابق، ص84.<o:p></o:p>

([5]) صحيح مسلم برقم 2351، ص410.<o:p></o:p>

([6]) أخرجه البخاري برقم 6689.<o:p></o:p>

([7]) شرح الكوكب المنير 2/159-166، إرشاد الفحول للشوكاني 1/131، 132.<o:p></o:p>

([8]) الإحكام للآمدي 1/169، شرح الكوكب المنير 1/160.<o:p></o:p>
رد مع اقتباس