جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
كتاب الترابط بين السور وتوافق الفكر والعبر
بسم الله الرحمن الرحيم
الترابطُ بين السورِ وتوافُقُ الفِكَرِ ، وتَماثُلُ العِبَرِ الحمد لله فاطر السموات والأرض ، وباعث الأجسام بعد الموت وخالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل والحمد لله على نعمه ومنها الإسلام الدين القويم ، والصلاة والسلام على رسوله الكريم مفتاح الخيرات ومغلق الشرور والمبعوث رحمة للعالمين وهداية للمسلمين من الجنسين الذكر والأنثى ويعلمُ مافي السموات والأرض ويعلمُ ما في الأرحام. ومتى يُبعثُ الأنام. أما بعد... قال تعالى . (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) سورة ص آية 29 هذا الكتاب العظيم الذي لا تنقضي عجائبه ولا تنتهي كلماته وأوامِرُهُ ونواهيه وفيه من الزجر والموعظة والهدى الشيء الكثير والخير الوفير. والقرآن الكريم ليس كِتابًا عاديًّا تقرؤه ثم تتركه ، بل هو الحبل الشديد والصراط المستقيم من أخذ به اهتدى وتركه غوى ، وعمل به نجى وتكلَّم به علا ومن تحدَّاه هوى ، وهو كلام الله المعجِزُ الرزين تقشعِرُّ منه الجلود والقلوب ، وتهوي إليه النفوس وتشتاق له الآذان وتُحِبُّ الناس قراءتَهُ ووجب على الأمَّةِ دراسته وفهمه فهمًا عميقًا واستنباط المعاني والأحكام وفسَّرَهُ الكثير من المفسرون الأعلام والأئمة ولا أقول إنّي جئت بشيء جديدٍ ولا بديعٍ ، فربَّما سبقني الكثيرون وربَّما الفكرة موجودة لكن نحن نجتهد ونسعى ونطلب من الله الأجر العظيم والثواب الجزيل. وفيه ترابطٌ عجيبٌ فأول سورةٍ فيه تُرابِطُ في المعنى والمغزى والهدف والغاية جميع السور بل جميع الآيات ، ألا ترى أنَّ الفاتِحة جامعة مانعة شافيه كافية لكل شيء ، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم بسم الله الرحمن الرحيم (1) الحمد لله رب العالمين (2) الرحمن الرحيم (3) مالك يوم الدين (4) إياك نعبد وإياك نستعين (5) اهدنا الصراط المستقيم (6) صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين (7) قُلت : الفاتحة جمعت القرآن كلَّهُ روى قال أبو عبيد « ص 119 » حدثنا هشام بن إسماعيل الدمشقي عن محمد بن شعيب عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعطيت السبع الطول مكان التوراة وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل هذا حديث غريب. وآيات الكتاب فيه مواضيع شتى : 1- توحيد الله عز وجل ونبذ الأنداد والشرك 2- الهدى وأعمال الخيرات والصلاح وترك المنكرات 3- أخبار الأنبياء والصالحين والأمم السالفة وعاقبة المتقين ومصير الكافرين والمُكذبين للرسل 4- أحكام الشريعة البليغة وتعامل الناس مع بعضهم ومع أهل الكتاب 5- الجنة والنار ومشاهد يوم القيامة 6- الإكثار من الأعمال الصالحة وهداية السبيل إلى سواء الصراط والبُعد عن دواعي الشرك والذنوب والأذى 7- حُبُّ الله واتباع رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم 8- معانٍ خفية يفهمها العلماء وينتبه لها الاولياء 9- معانٍ أخرى لا يسع الكتاب لذكرها. 1- الفاتحة اشتملت على حمد لله وتعظيم اسمه في كل الأمور كل أمر لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر .. وآية إيَّاكَ نعبدُ وإيَّاكَ نستعين فيها شملٌ لجميع القرآن الكريم ، وآخر آية يطلب فيها العباد الهداية إلى الإيمان والجنة غير طريق اليهود (المغضوب عليهم) الذين علموا العلوم ثم لم يعملوا بها ، ولا النصارى (الضالين) الذين عبدوا الله على غير هدى بما ابتدعوا من رهبانية لم يأمر بها الله. 2- في سورة البقرة تفاصيل شتى وأحكام كثيرة وذُكر فيها صفات المنافقين لأنها أول سورة نزلت في المدينة ، وتشعبت في الرد على اليهود فيما غير موضع ، يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) سورة البقرة آية 40 (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) آية 47 وذمَّ الله اليهود لكتمانِهم العلم (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) آية في سورة البقرة ( وأعاده في سورة آل عمران ((إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(77) سورة آل عمران وبدأت السورة بنُصرة آيات الكتاب العظيم ، وسورة آل عمران بتنزيل الكُتُب السماوية الثلاثة التوراة والإنجيل والقرآن ، ثُمَّ فصَّل ذكر نزول التوراة على موسى وتصديق عيسى عليه السلام بالإنجيل. وجاء ردًا على اليهود في زعمهم أنَّ يعقوب (إسرائيل) عليه السلام أمر أولاده باليهودية (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) آية 133 فأثبت الله عز وجل أنَّهُ مسلم كما كان إبراهيم وإسماعيل وإسحاق عليهم السلام ولم تأتِ اليهودية إلَّا بعد بعثة موسى عليه السلام. وتطرقت السورة إلى نعم الله الكثيرة جدًا على بني إسرائيل من إنجائهم من فرعون والتعذيب الشديد ، ودخولهم بيت المقدس مع يوشع بن نون عليه السلام ، ثمَّ انتصارهم على جالوت مع نبي الله داوود عليه السلام. ولمَّا قال الله في الفاتحة (إياك نعبد وإياك نستعين ) ذكر في سورة البقرة جميع الفرائض الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة والحج ، فأواخر السورة أسهبت في الصدقات وأوسطها عن الصوم والحج ، والأمر بإقامة الصلاة في جميع سور القرآن ، كما في آية التقوى رقم 177 التي ذكرت صفات المتقين. (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) كما ذكرت وصف أحكام الحج ولم يُذكر مشاعر الحج إلَّا فيها ومنها الصفا والمرة والوقوف بعرفة والإفاضة من مِنىً ، كما ذكرت كافة أحكام الدين التوحيد والصلاة والصيام وذكرت شهر رمضان على وجه التحديد ، والزكاة وأحلَّت القتال للمشركين والاعتداء عليهم مثلًا بمثل. وتطرَّقت إلى مقام إبراهيم عليه السلام وبنائه للكعبة ، وأنَّ اتباع مِلَّتِهِ هو الطريق الصواب وخُتِمَتْ بكنزٍ من تحت العرش وهي خواتيم البقرة قال البخاري « 5008 » حدثنا محمد بن كثير أخبرنا شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن عبد الرحمن عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ الآيتين « 5009 » وحدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن أبي مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه. ذكره ابن كثير في تفسيره. وفيها آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله. فيها خواتيم البقرة وهي من تحت كنزٍ من العرشِ ، فيهما خيرٌ كثيرٌ وأجرٌ عظيمٌ وحِفظٌ من الشيطان بإذن السميع العليم. 3- سورة آل عمران بعد ذكر اليهود ذُكِرَ النصارى بالتفصيل ونزلت الآيات في وفد نجران الذين حاجَّوا النبي صلى الله عليه وسلم في أنَّ عيسى إله وردَّ الله عليهم (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) آية 59 ودعا فيها النصارى إلى المباهلة لو استمروا وأصرُّوا على الكفر والعناد والجحود في عيسى عليه السلام. ومن قبلهم ذكر الله أناسًا اصطفاهم لفضلهم على العالمين (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) آية 33 ومرَّ فيها بذكر زكريا عليه السلام وطلبه للولد وإكرامه بيحيى على الكِبرَ وكوْنَهُ سيدًا وحصورًا ومُصدٍّقًا بعيسى قبل مجيئه وهُما ابني الخالة كما في الحديث الخاص بالإسراء (ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل له من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا بي ودعوا لي بخير) والمروي في الصحيحين. وذكر الله نعمته على المسلمين بنصرهم في بدر نصرًا مُزَّرًا ، وتنبيههم لعدم مخالفة النبي كيلا يُلاقوا مثلما لاقوا في أحُدٍ! كما بينت هذه الآية فرض الحج (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آية 97 فرضًا على المستطيع. وترابطت مع سورة البقرة بالأمر بالحج بعد ذكر بناء الكعبة في سورة البقرة ، وإبطال مُحاجاة النصارى واليهود في أنَّ إبراهيم عليه السلام يهوديٌ أو نصرانِيٌّ ، بل كان مسلمًا ولم يك من المشركين ولله الحمد والمنة. وترابطت مع البقرة في ذكر الحج والتنبيه على النصارى بعد اليهود. - ذكرت السورة الكريمة أنَّ الطعام جميعًا كانَ حلالًا ليعقوب عليه السلام (إسرائيل) سوى ما حرَّمَهُ على نفسه كاللبن ولحم الإبل ، لذلك ذكرت سورة النساء (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً..) سورة النساء آية 160 دعت السورة إلى التفكر في خلق السموات والأرض مثل الآية 164 في سورة البقرة. (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) نهت السورة عن الربا كما نهت سورة البقرة ، وبيَّنَتْ أجورَ الذين ينفقون أموالهم في سبيل بإجمال (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) بعدما فصلت سورة البقرة النفقات في الصدقات وذي القربي والمساكين والمُحتاجين. وبعد ذكر اليهود الذين من بعد موسى وجُبنِهم عن القتال إلَّا قليًا منهم مع طالوت ، ذكر الله المسلمين في غزوتي بدر وأحُد. وذكر الله أنَّهُ جلَّ جلالُهُ رفع بعض الأنبياء والمرسلين فوق بعضهم ، فلَّما فضَّل عيسى عليه السلام بنفخه من روحه وكلمةٍ ألقاها إلى مريم ذكره بتفصيل أكبر من سورة آل عمران وتأييده بروح القُدُسُ جبريل عليه السلام - وبالمعجزات إحياء الموتى بإذن الله وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله وغيرها. والمناسبة بينه وبين آدم عليهما السلام من حيث الخلق فهُما خُلقا من كلمة كُن فيكونُ وتشابهت مع سورة البقرة في ذكر أنَّ الله الذين يكفرون بآيات الله ويتشرون بها ثمنًا قليلًا لا يكُلَّمِهُم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم 4- سورة النساء فيها تشريعات وأحكام المواريث بعد ان أشار إلى الوصية في سورة البقرة ، ومرَّ مرورًا برفع المسيح عليه السلام بعد ذكره في سورة آل عمران من ولادته الشريفة إلى بعثه. - ذكرت فيها آية التيمم كما في سورة المائدة لكن هذه السورة نزلت قبل تحريم الخمر ، والمائدة بعد تحريمه كما وصفت المائدة طريقة الوضوء أو واجباته على تفاصيل يعرفها الفقهـاء ليس مجال سردها هُنا. وتفنيد مزاعم اليهود في صلبه بعد محاولة قتله ، كما أنكرت السورة أن يكون لله ولدٌ يتحكم بالكون إذ لو كان ذلك لكان له شِركٌ في الملك أو في السموات والأرض. وتقبيح أفعال اليهود وشناعتهم وذكر القتال بعد أن ذكر غزوتي بدر وأحد في آل عمران.. توافقت السورة مع سورة المائدة في تحريم القتل ، هُنا حُرِّمَ قتل المؤمنِ عمدًا وخطئًا ، وهُناك تحريم القتل بدون سببٍ أو ذنبٍ وتعظيمه وتقبيحه. (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) سورة النساء آية 93 اتخذ الله إبراهيم خليلًا بعد ما عرفنا ذكره الطيب في سورتي آل عمران والبقرة. كما اتخذ الله موسى كليمًا وبيَّن من أمرِهِ في سورة المائدة. ذِكرُها لأحكام المحرمات من الزواج والرضاع والنسب ، وحال المرئ مع زوجه إذا كبرُت وأحبَّ طلاقها تناسب مع سورة المائدة في تحليل الزواج بالكتابية (من أهل الكتاب) فيها أيضًا ذمُّ اليهود لأكلهم الربا والسحت وأموال الناس بالباطل ، ثم في سورة المائدة ذمُّهُم أيضًا مع علمائهم الذين لم ينهوهم عن الحرام. وذكرت كثيرًا من أحكام القتل والديَّة له ولعُصبتِه ، وإغواء الشيطان للناس بتضليلهم وتغيير خلقة الله كما خُذِلَ الشيطانُ في بدرٍ وكما ضَلَّلَ الناس في حقيقة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام – في رفعه أو قتله أو صلبه. 5- سورة المائدة فيها إبطال عقيدة التثليت عند النصارى ، وتقبيح أفعال اليهود مع نبيِّهم موسى عليه السلام ورفضهم دخول بيت المقدس لخوفهم من العماليق. (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ) سورة المائدة آية 22 وفيها أنَّ من حكم بغير ما أنزل الله من كتابٍ وحُكمٍ فهو من الكافرين الظالمين الفاسقين بحسب جُرْمِه. تطرقت إلى ذكر موسى عليه السلام ورفض اليهود لدخول بيت المقدس ، وتحريم البلاد عليهم وأن تاهوا أربعين سنة ، وذكرت كثيرًا من أحكام أهل الكتاب من تحليل أطعمتهم ونِكاحهم ، وأسهبت في أحكام الذبائح وما يَحِلُّ أكْلُهُ وما لا يَحِلُّ ، وخُتِمت بتبرِأة عيسى عليه السلام من الألوهية وإدعاءات النصارى. وقصة المائدة لتنتهي حكاية عيسى عليه السلام. ذكرت أنَّ وِلاية اليهود والنصارى لا تصِحُّ من المسلمين كما ناسبت في سورة الأنعام تركَ أكل الذبائح التي لغير الله من المشركين. - في سورة النساء توعَّد الشيطانُ بإغواء الناس وتزيين المعاصي وتغيير خلق الله وفي سورة المائدة حذَّر الله من اتباع سبيل الشيطان في تزيين الحرام كشرب الخمر والاستقسام بالازلام ، ولعب الميسر. - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية 90 كان من شريعة بني إسرائيل القِصاصُ في التوراة ، هذا المعنى في سورة النساء أنَّ الأنبياء المذكورين شريعتُهُم واحِدةٌ. 6- سورة الأنعام لمَّا خُتِمَت المائدة بـ ( والله على كل شيء قدير) بدأت الأنعام بحمد الله العظيم ذي القدرة والجبروت والملكوت. (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) العدل يأتي هُنا بمعنى يُساوون بالله أحدًا غيره يعني يجعلون له شريكًا . خواتيم المائدة أنكرت أن يكون عيسى شريكًا لله وهُنا حمد الله بنفسه بنفي الشريك . فيها من صور يوم القيامة والوقوف على النار والحشر ، وإنكار الجنَّ والإنس لبعضهم وإدعاءاتِهم بالشركاء الباطلة. لمَّا ذُكِر تبرُّؤ الجنِّ من الإنس ولقاؤهم يوم القيامة بين بعضهم في ساعة الموقف ناسبت ذكرهم في سورة الأعراف وبيان حالِهم وأنَّهُم مختفون عن البشر بحيث لا يرونهم ، وأنَّ الجنَّ كالإنس لهم جنة ونار. كما ذُكِرَ في المائدة من الذبائح والموقوذة والمتردية وغيرهما وما أحلَّهُ الله للناس هُنا زاد في التفصيل ببهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم والضأن ، وما حرَّمَهُ بنو إسرائيل في شريعة التوراة ، والوصايا للعشر في آخر السورة. - في سورة المائدة يا أهل الكتاب لستم على شيء ....... وفي أواخر الأنعام ذكر الوصايا العشر وهي مذكورة في التوراة ويعرفها أهل الكتاب ولا يعملون بها لكفرهم. - (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ذكر الله أنَّهُ أرى إبراهيم عليه السلام ملكوت السموات والأرض ليكون من الموقنين ، وذكر الملكوت مرة أخرى في سورة الأعراف دعوةً مِنَ الله للتَّفَكُّرِ في خلق اللهِ. (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) وفي سورة الأعراف (أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) 7- سورة الأعراف فيها مُلَخَّصٌ للأكْلِ والشرب في آية وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ، وفيها قصى موسى عليه السلام ونجاة قومه من فرعون وعبادة العجل مرة أخرى ، وفيها مُناجاة موسى عليه اللسلام وكلامه مع الله عز وجل. بعد ذكر إنزال الكتاب على موسى وتفصيله ناسبت ذكر الألواح التي أخذ بها موسى عليه السلام – التوراة ومُناجاته لربه. بعدما عرفنا من ذرية إبراهيم عليه السلام إسماعيل وإسحاق ويعقوب وأيوب ويونس وموسى وهارون وسليمان وداوود وزكرياء ويحيي وإلياس واليسع وأخاهُم لوطًا (قيل هو ابن اخته أو ابن أخيه) ولم يُذكر هود وصالح وشعيب فذكرهم في سورة الأعراف فسبحان الله العظيم كيف يُصدِّقُ القرآن بعضه. - (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) ناسبت مافي سورة الأنفال (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ) لقد جاء آل فرعون موسى عليه بالسلام فلَّما كفروا أغرقهم الله ، وكذلك القُرى لمَّا يأتيها رسولها وتكفر فإنَّ الله يُعَذِّبُها عذابًا شديدًا. مرورًا بقصة آدم عليه السلام وهبوطه من الجنة وطرد إبليس من الرحمة ، ومحاجَّاة أهل النار للجنة حيث أجمَل ذكر اللقاء والحشر في الأنعام وفصَّلَه في هذه السورة من لقاء أهل الجنة والنار وبينهم الأعراف ، وأنَّ الله يهدي المؤمنين بفضله ويأخذُ الكافرين بعدلِه. وفيها أخذ المواثيق على بني آدم ومن أطاع الله دخل الجنة وأنَّ جهنم لابُدَّ ستمتَلِئ من الناس والجِنَّةِ جميعًا. 8- سورة الأنفال فيها ذكر الغنائم وتفاصيل القتال ، وأنَّ التوكل على الله هو مفتاح النصر وذكره كثيرًا والأخذ بالأسباب من أخذ السلاح ، والاستعداد للقتال بالمكان الجيد واغتنام الفرص للعدو ، وأنَّ السَّلَم عند القوة مرفوض ، ولا بأس به في حالة الضعف. وترابطت مع الأعراف في ذكر صفات الكافرين حيث وصفهم بالأعراف بأنَّ لهم قلوب لا يفقهون بها وأعينًا لا يبصرون بها وآذانًا لا يسمعون بها وهُنا بأنَّ شر الدواب هم الصم البكم الذين لا يعقلون. 9- سورة براءة أو التوبة فيها صفات المنافقين الذين يشتمون الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويُؤذون المؤمنين المجاهدين ، ويسخرون من المتصدقين ، وفيها العذر للضعفاء ، وفيها فضائح لكل منافقٍ مُخَذِّلٍ للناس عن القتال ومُثبِّطٍ لهم. وهي تشترك مع الأنفال في الدعوة إلى القتال وقتال المشركين ، وأنْ لا نُشارِك المنافقين في صلاتهم وإنْ كانوا يدعون في الظاهر إلى الحق. كما في مسجد ضرار. وخُتِمت بالتوبة على الثلاثة ، وأنَّ الله لا يقبل استغفار المسلمين للمشركين. ولو كانوا أولي قُربى. وشاركت سورة يونس في (الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) كما قال في سورة التوبة عن المنافقين (فهم في ريبهم يترددون) فنفى الشكَّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن حال المنافقين والحالان لا يجتمعان! 10- سورة يونس فيها توحيد الله عز وجل والتنبيه لآياته من خلق الشمس والقمر وتسخيرها للناس وأنَّها نورٌ للعباد ، وأنَّ المشركين إذا احتاجوا الله دعوه مخلصين له الدعاء وإذا أفاض عليهم بنِعَمِه رجعوا إلى شِركهم. وأنَّ الخالق الرازِق هو الله وحده ولا يملِكُ الذين يزعمون من أصنامٍ شيئًا لا رزقًا ولا قُدرةً ولا بعثًا ولا حياةً ولاموتًا. فيها النهي عن اتباع أهل الضلال حيث قال الله لموسى وهارون (قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعآن سبيل الذين لا يعلمون) ناسبت ما في سورة التوبة من النهي عن الصلاة والاسنغفار للمنافقين والخوض معهم. وفيها أجمل ذكر نوحٍ وفصَّل ذكر موسى. وخُتِمت بمدح قوم يونس الذين آمنوا وهلَّا آمنت الأقوامُ مِثلهُم فأمِنوا العذاب ؟ وشاركت سورة هود في ذكر موسى ونوح ، ونفي قُدرة الكافرين عن الإتيان بسورة من القرآن. 11- سورة هود فيها فصََل ذكر الرسلُ الذين أجملهم في يونس كنوحٍ ، وأجمل ذكر موسى لأنَّه ذكرَهُ مُفصَّلًا في يونس. وفيها تفاصيل كثيرة لهودٍ ولصالحٍ ولوطٍ وحوارُ شعيبٍ مع قومه وأنَّ العاقبة للمرسلين. وأتباعهم المؤمنين. وفيها التحدي بمجئ عشر سورٍ أو مثلها كما تحدَّاهم في يونس أن يأتوا بسورة. وشارَكت سورة يونس في تشريف الكتاب العزيز ( كتابٌ أحكِمت آياته ) وفي سورة يونس ( بل كذَّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ) والمعنى هذا الكتاب العزيز من الحكيم الحميد لم يُحيطوا بعمله ولم يفقهوا تأويله لذلك اختلفوا فيه وكذَّبوه ولم يتَّبِعوهُ جهلًا وكِبْرًا وعُتُوًّا. ولمَّا خُتمت سورة يونس بمدح قوم يونس المؤمنين ذكرت القٌرى التي دمَّرها الله لكفرِهُم وتكذيب الرسل ، وأنَّ الله لم يظلمهم لكنَّهُم ظلموا أنفسهم بإتخاذ أندادٍ من دون الله. 12- سورة يوسف بعد ذِكر ما حَلَّ بالأقوام السابقين المُكذِّبين للرسلِ جاء دورُ نبيٍّ كريم وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن خليل الله كما في الحديث الشريف ( خير الناس يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ) وناسَب ذكر السورة وارتباطها بسورةِ هودٍ أنَّ سورة هود بشَّرت بولادة إسحاق ويعقوب لإبراهيم عليه السلام وزوجه سارة عليها السلام - ، فهُنا جاءت قصة يعقوب وذريَّتِهِ وأولاده الإثنى عشر . قُلت: ناسب ذكر عفةِ يوسف عليه السلام ما في السورة السابقة من ذكر قوم لوط فكانوا يأتون الفواحش المنكرة والقبائح ، ولوط ويوسف عليهما السلام أبعَدُ الناس عن الفواحش والهمِّ بها. في آخر السورة (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) مثل ما قال في سورة هود (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) فالله بيَّن لنا أنَّ أكثر الناس كافرون وما هم بمؤمنين ولو كنت حريصًا عليهم ، فانظر إلى عدد سكانِ العالم تجدهم حوالي سبع مليارات وانظر كم المسلمون ؟. مليار و ثلاثمائة مليون فقط. هذا غير الأقوام السابقين واللاحقين. وفي خواتيم السورة ( وما أكثر الناس ولو حرصت بؤمنين ) ناسبت ذكر تدمير القرى في سورة هود. 13- سورة الرعد خُتِمت سورة يوسف بـ ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وهدى ورحمةً لقومٍ يؤمنون ) وافتُتِحَت الرعد ( المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) ، فوصف عباده بالإيمان الذي يسمعون القرآن فيُصدَّقونه ولم يصف المكذِّبين بالإيمان. ويوسف كان في الجنَّاتِ والأنهار في مصر ، فناسب ذكر بداية الرعد الرزع والنخيل وتسخير الليل والنهار للعباد. وكان الله مع نبيِّه يوسف في كُلِّ صعوباتِهِ ومِحَنِه فناسبت ذكر آيات ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه ... ). أي الله معنا بعلمه مُحيطٌ بنا وعلينا حفظةٌ مِنهُ يُسجِّلونَ كُلَّ شيءٍ حتى إذا جاء العبد يوم القيامة رأى كِتابه فلم يُظلَم شيئاً. (ولا يزال الذين كفروا تصبيهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد..) ناسبت مافي سورة إبراهيم (ألم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال) 14- سورة إبراهيم ناسبت ما في الرعد من طلب إبراهيم عليه السلام أن يجعل مكة بلدًا آمنا ، فذكر الله الأنهار والنخيل في سورة الرعد وصارت مكة بفضل الله حرمًا آمنا تُجبى إليه ثمراتُ كل شيء. ولمَّا أجمل الله ذكر الكافرين وأنَّ لهم النار بيَّن في سورة إبراهيم بعضًا مِن مشاهِدهم تلك وما يلبسون من لباس أهل النار. قلت : وشجرة التوحيد المذكورة كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن كالنخلة ، حيث ذكر الله النخيل في سورة الرعد وأنَّ المؤمنين لهم شجرة طوبى في الجنة ، فمن تمسك بشجرة الحق لا إله إلا الله محمد رسول الله نال الدرجات العلى. (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) وقال في سورة الحجر (نبئ عبادي أني أن الغفور الرحيم ) ومن قبلها في سورة الرعد (وإن ربك لمغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ) وذُكر فيها إسحاق وإسماعيل بعدما دعا إبراهيم عليه السلام ، فذكر في سورة الحجر البُشرى بإسحاق عليه السلام (غلام عليم) 15- سورة الحجر طلبت الأقوام السابقة من رُسُلِهم سلطانًا مُبينًا على صدقهم وآياتٍ في سورة إبراهيم فردَّ الله عليهم في سورة الحجر (ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون) يعني لو جِئناهم بآية كفتح السماء لقالوا أنَّهُم مسحورون فهم لا يؤمنون حتى إذا رأوا الآيات بسبب أنَّ قلوبَهُم مطبوعٌ عليها بالكفر. ذكر الله آدم عليه السلام وحوار إبليس مع الله لأنَّ السورة السابقة ذكرت تبرُّؤ الشيطان من اتباعه فكان لِزماً أن يعرف المسلمون سبب طرد إبليس من الجنة وهو مُخالفة أمر الله بالسجود لآدم عليه السلام. وهُنا ذكر بشارة الملائكة لإبراهيم وسارة عليهما السلام بإسحاق عليه السلام الغُلام العليم بعدما بلغوا الكبر. وذكر تدمير القُرى الكافرة كثمود (أصحاب الحجر) ومِنْ قبلهم قوط لوطٍ مرورًا بأصحاب الآيكة. وشاركت سورة النحل في (الذين جعلوا القرآن عضين) فردَّ عليهم في سورة النحل (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) 16- سورة النحل بعد تعديد نعم الله من الثمار والأعناب والنخيل ، وتسخير الدواب للركوب كالخيل والحمير والبغال ذكر في الإسراء أفضل ما يُرْكَبُ للأنبياء وهو البُراقُ كما في الحديث المختص بليلة الإسراء ، شاركت الحجر في (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ) كما قال عن قوم لوط (فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) - (وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ) وقال في سورة الإسراء (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) أي ان الفضل بين الله لا بأيديكم فلا تملكون إمساك الرزق عن أحدٍ فكيف تمنعون الناس عنه ؟ - (ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) وذكر الشفاء الآخر في الإسراء (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً) وقال الإمام أحمد « 4/146 » حدثنا علي بن إسحاق أنبأنا عبد الله أنبأنا سعيد بن أبي أيوب حدثنا عبد الله بن الوليد عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث إن كان في شيء شفاء فشرطة محجم أو شربة عسل أو كية تصيب ألما وأنا أكره الكي ولا أحبه. محمد بن يزيد بن ماجة القزويني في سننه « 3452 » حدثنا علي بن سلمة هو اللبقي حدثنا زيد بن الحباب حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله هو ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالشفاءين العسل والقرآن وهذا إسناد جيد تفرد بإخراجه ابن ماجة - ولا يوجد سورتين متتاليتين فيهما سجدة في القرآن غير النحل والإسراء وفي خواتيم السورة (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(118) فبدأ سورة الإسراء بذكر بني إسرائيل في البداية والنهاية. ولمَّا تعدَّدت صُوَر الكُفر والتكذيب للنبي صلى الله عليه وسلم ومواقف الكافرين يوم القيامة وإنكار الشركاء لهم تناسب ذكر حشر الكافرين على وجههم في النار صمًّا وبُكمًا وعُميًا في جهنم . 17- سورة بني إسرائيل الإسراء عُطِف على ذكر موسى عليه السلام وخراب بيت المقدس بسبب ذنوب اليهود وقتلهم الأنبياء وإفسادهم في الأرض كما حُرِّمت عليهم أطعمة كانت حلالًا عليهم في سورة النحل. - قال هُنا (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً) وقبلها في سورة النحل (وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ) وذُكِر في السورة وصايا كثيرة من ( ولا تقتلوا أولادكم ... ) ( ولا تقربوا الزنى ) ( ولا تقتلوا النفس ) ( ولا تقربوا مال اليتيم ) ( ولا تمش في الأرض مرحًا ) ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) ناسبت ذكر دين إبراهيم الحنيف وأنَّهُ كان أمَّةً وحده فكان إمامًا في العبادة وكُلُّ الطاعاتِ تَبَعُ للتوحيد ، وكُلُّ المعاصي تبعٌ للشرك. هُنا ذِكر رفض إبليس للسجود لآدم عليه السلام وإنظارِهِ من الله ، وتوعُّدِ إبليس بإغواء بني آدم كما قال في سورة النحل (تالله لقد أرسلنا إلى أمَمٍ من قبلط فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليُّهُم اليوم ولهم عذاب أليم) ، فهم اتباع إبليس الذين وعد أنَّهُ سُيغويهم كما قال الله في سورة سبأ ( ولقد صدَّق عليهم إبليس ظنَّهٌ فاتبعوه..) ذُكِرَ أنَّ كل إنسان يأخذ طائره أو كتابه في عنقه ويقرؤه يوم القيامة ، ثم بيَّن هذا الكتاب في سورة الكهف. وحذَّرت السورة من الشرك تحذيرًا كبيرًا لأنَّ السورة قبلها أهانت المشركين ومواقفهم التي كُلُّها حسرة يوم القيامة. وطلبات المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم التعجيزية من الطيران وإنزال الملائكة والله ، وتفجير الأرض ينابيع ناسبت عجائب سورة الكهف من رقود الفتية ثلاثة مائة عام ، وقصى موسى والخضر عليهما السلام – وذا القرنين . فلو كان طلبُ أهلَ مكَّةَ عجبًا فهؤلاء أعجَبُ وأغرَبُ وأشدُّ انتباهًا في التأثير على الناس. أيضًا طلبات أهل مكة من الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكُن بأعجب من حال أصحاب الجنة اللذان اختصما ، فهذا مُشرِكٌ وقال أنَّ الساعة لن تقوم وإذا رجع إلى ربه فسيجد خيرًا منها فهذا مثل حالِهِم فهم كافرون ويرجون خيرًا من الله. خُتِمت بالحمد والتسبيح والتكبير فناسبت بداية الكهف بالحمد. وفيها آية مشتركة فيها تقديم وتأخير (ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن للناس من كل مثل..) 18- سورة الكهف بعد مرورنا بقصة موسى مع فرعون والنصر على القبط ، ذكر الله طرفًا من قصة عجيبة لموسى عليه السلام مع الخضر فيها مواعظ كثيرة وحكم عجيبة وأخبار مثيرة ومُشوِّقةٌ. سدُّ ذو القرنين المبني إلى قيام الساعة فيه إشاراتٌ مِنها أنَّ الله يُمَكِّنُ لعباده الصالحين رِدءًا حتى يأتيَ الله بأمره. وأنَّ المعاصي سبب في خراب الأرض (إنَّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض) ، وأنَّ العباد الصالحين لا يطلبون الأجر إلَّا من الله (قال ما مكنِّي ربِّي فيه خيرٌ...) كما قال في سورة الإسراء (من كان يريد العاجلة عجَّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد...) بعدما حمد الله في أوَّلِها وكان من قبل في سورة الإسراء سبَّح وكبَّر ووحَّد ناسِب ذكر الباقيات الصالحات وأنَّهُن خيرٌ عند الله ثوابًا. - هُنا أعاد ذكر رفض الشيطان للسجود لآدم عليه السلام وأنَّهُ كان من الكافرين (في علم الله) رغم أنَّهُ كان عابِدًا ، وبيَّنَ الله أنَّ الشيطان لم يشهدوا خلقَ أنفسِهم فكيف يُعبدون أو يُتَّبعون ؟ هذا مثل قوله في سورة مريم (فوربِّكَ لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا) 19- سورة مريم هُنا أعاد فيها ذكر الباقيات الصالحات وهي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر على قولٍ ، والصلوات الخمس على قولٍ. ولمَّا توعَّد اللهُ الكافرين بجهنَّم هُنا في سورة مريم بيَّن أنواعًا من الحشر والجِثِيَّ حولها ، وحشر المسلمين للرحمن وفدًا مُكَرَّمًا وسوق الكافرين إلى جهنم عِطاشًا. - قلت فيها نص متشابه (أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) وهُناك في سورة الكهف قال (أبصر به وأسمع..) قدَّم السمع على البصر في مريم لأنَّهُم سمعوا بالعذاب ولم يظنَّوا أنه يرونه ، وفي سورة الكهف أبصر به أي أرِهِم قدرته وعظمته وآياته. ، وروي عن قتادة في قوله « أبصر به واسمع » فلا أبصر من الله ولا أسمع وقال ابن زيد « أبصر به واسمع » يرى أعمالهم ويسمع ذلك منهم سميعا بصيرا. - (مالهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا...) مثل ما قال النصارى واختلفوا في طبيعة المسيح عليه السلام هل هو إله أو نبيٌّ او ثالث ثلاثة ، ذكر الله قصة الصديقة مريم وابنها المسيح عليهما السلام بعد أن وهب الله لزكريا يحيى عليهما السلام على كبر ، تناسُسبًا مع قصة الغلام في سورة الكهف حيث وهب الله لوالديه خيرًا منه ، وهُنا الله وهبهما الله خير غلامٍ وسلَّمه في المواضع الثلاثة يوم وُلِد ويوم يموت ويوم بعثه. وذكر الله مجموعة من الأنبياء الكرام إبراهيم وموسى وهارون ويعقوب وإسحاق ، وإدريس ونوحًا وإسماعيل. ووصفهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأمرِهم لأهليهم بفعل الخيرات . وذكر الله نجيَّ الطورِ موسى عليه السلام ومناجاته ففصَّل ذكره في سورة طه مرورًا بالطور وعبادة العجل من قومه ، وولادته ورميه في اليمِّ. 20- سورة طه ذكر الله من مناظر القيامة الشيء المهول ، نسف الجبال وحشر المجرمين ، وأعاد ذكر قصة آدم في السور الأربعة متتالية (الإسراء والكهف ومريم وطه ) ولمَّا ذكر مُناجاة موسى عليه السلام في الطور ، وأخاه هارون وأنَّهُ جعله نبيًّا معه. ولاحِظ هُنا قال (وواعدناكم جانِبَ الطورِ الأيمنَ ) وفي سورة مريم (وناديناه من جانِبِ الطورِ الأيمنِ ) ثُم هنا فصَّل قصة موسى من أوَّلِها حتى قصة السامريِّ وعبادة العجل. وما عِتادُ وعِنادُ فرعونَ إلَّا كمن سبقوه من أهل الجحيم. وشاركت هذه السورة سورة الأنبياء في ذكر محشر الكافرين في جهنَّم. (إنَّما إلهكم الله الذي لا إله إلَّا هو وسع كل شيء علما ) كما قال في سورة الأنبياء (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) 21 - سورة الانبياء بعد ذكر موسى مفصَّلًا أجمل ذكره هنا ، وذكر عدة أنبياء بقصصهم مثل إبراهيم عليه والنجاة من النار ، ونجاة نوحٍ بالسفينة كما نجى موسى بإغراق فرعون . شاركت سورة طه في (ولولا كلمة من ربك لكان لزاما وأجل مسمى ) بِهذا خٌتِمت طه وافتتح الأنبياء بذكر قُرب هذا المجئ (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون) وشاركت سورة الحج في (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ) وهذا الشيء العظيم ذُكِرَ طرفٌ مِنه في سورة الأنبياء (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلقٍ نعيده وعدًا علينا إنَّا كُنَّا فاعلين) وذكره لوطًا وداوود وسليمان ، حيث ألان لداوود الحديد والرياح أجراها لسليمان وهذا الملكُ العظيم رأينا صورًا منه مُدمَّرة في سورة الحج كالقصر المشيد والبئر المعطَّلة. |
#2
|
|||
|
|||
22- سورة الحج
فيها ذكر الخلق من تراب ثم مضغة ثم علقة ثم حال الإنسان في التكوين ، وإثبات البعث بعد الموت وقال في سورة المؤمنون (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ(15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ(16) _ هذه الآية ( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ ) ورد معناها في سورة الحج (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40) ) أي لو اتبع الحق أهواء المشركين لفسدت السموات والأرض لأنَّ أهواءهم على غير تنظيم. وأهواؤُهُم على غير بيِّنةٍ لكن الحق عز وجل جعل الشرائع والديانات تعيش مع بعضها في توافُقٍ حِفظًا للناس من القتال والهلاك. 23- سورة المؤمنون بدأت بما بدأت به سورة الحج من خلق الإنسان ومراحل تكوينه تراب ومضغة وعلقة وعظام ولحم. - (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وعطف في سورة النور على ذكر حِلِّ الأكل في البيوت . بعدما ذكرت صفات المؤمنين المفلحين أهل الفردوس الخاشعين في صلاتهم والمؤتون الزكاة والمعرضين عن اللغو ، والمحافظين على الأمانات. - (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) هذه للتحذير من الشرك وفي سورة النور التحذير من مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) 24- سورة النور فيها ذكر أحول وأحكام الزنى وعقوبته لذلك جاء في سورة الفرقان صفات عباد الله المؤمنين الذين لا يزنون. - انظر إلى هذه الآية (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ثم انظر في سورة الفرقان إلى حسرة من لم يتَّبِعِ الرسول صلى الله عليه وسلم (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً(27) (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) ناسبت في ذكر صفات أهل الفردوس في سورة المؤمنين ، وأنَّ الفائزين هم الناجون يوم القيامة من النار ، وهي نفس صفات عباد الله المتقين في سورة الفرقان. 25- سورة الفرقان بدأت بذكر أنَّ الكتاب منزلٌ من الله وهو الفرقان بين الحق والباطل والمسلمين والكافرين ، وفرَّق الأشياء وبيَّنها كما بدأت سورة النور بكلمة سورة فالقرآن الكريم وحدة مترابطة حروف تكوَّنُ كلماتٍ والكلمات منها الجُمَلُ والجملُ مِنها الآيات والآيات منها السور والسور كوَّنت مجموعةً القرآن العظيم كلام الله اللذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. - قال هُنا (وَكُلّاً ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلّاً تَبَّرْنَا تَتْبِيراً) آية 39 ثم ذكر في سورة الشعراء هؤلاء الأقوام الذين دمَّرهم الله . مرورًا بذكر الأقوام البائدة كقوح نوح ولوط وعادٍ وثمود ناسبت ذكرهم بالتفصيل في سورة الشعراء وحوار الرسل مع أقوامهم. 26- سورة الشعراء (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) آية 4 مِثلُها في سورة الفرقان (وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) آية 51 قُلت : قد يقول القائل هُنا قال نذيرًا ولم يُلزِمهُم بحجَّةٍ ؟ فيكون الرد أنَّ إرسال الرسول هو حجَّةٌ واضحة وآيةٌ بيَّنةٌ ، قال تعالى (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) سورة النساء آية 165 . وقد ثبت في الصحيح « خ 5220 م 2760 » عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل من أجل ذلك مدح نفسه ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين وفي لفظ آخر من أجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه. فُتِحت بذكر قصة موسى عليه السلام بعد ذكره مجمَلًا في الفرقان وبيَّنت السورة كثيرًا من الحوارت والنقاشات والدعوة إلى الله تعالى من رسلِهِ الكرام إلى الأقوام السابقة ، قوم موسى وإبراهيم ولوط ونوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام جميعًا. وذكر الله فيها من أحوال موسى عليه مع فرعون وإظهار آياته من اليد والعصا ما يُحيِّرُ الألباب ، ويهدي الناسِ إلى صراطٍ مستقيم. وخُتِمَت بمدح القرآن الكريم كما بدأت الفرقان بمدح الكتاب العزيز ومُنَزِّلِه على العباد. - (وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ(198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ(199) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ(200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ(201) - وقال في سورة النمل عن آل فرعون (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) آية 14 والسورة فيها الكثير من العِبر لمن شاء أم يتدبَّر 27- سورة النمل بدأت بذكر قصى موسى عليه السلام ومناجاته لله في الطور بعدما أسهب في ذكره في الشعراء ثم ذكر ما ليم يذكرهُ هُناك. وذكر سليمان وداوود إذ لم يذكرهم في الشعراء وكانوا من عظماء أنبياء بني إسرائيل ولهم العبادة الصالحة والمُلك العظيم من الله والمزايا العجيبة كمخاطبة الطيور وتسخير الجن والإنس والطيور لسليمان ، وإلانةِ (تشكيل) الحديد لداوود عليه السلام وتسبيح الجبال والطيور معه حين يقرؤ الزبور. وأعادت ذكر قوم صالح وما حاولوا من مكرهم به ولكن الله لهم بالمرصاد ، وذكر لوطًا واستهزاء قومه بهم ومن طهارته عن رجسهم وفِسقِهم. ذكر ذكر آيات الله العظيمة التي تدعوا إلى التأمل في الخلق العظيم لأنَّهُ افتتح الشعراء بذكر (أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوجٍ كريم) 28- سورة القصص كما النمل بدأت بذكر قصى موسى عليه ومنذُ ولادته حتى غرق فرعون وذكر إنزال الكتاب على موسى عليه السلام – هُنا ذكر قصى قتل موسى للقبطي حيث في سورة الشعراء قال إنَّهُ خائفٌ مِنْ أن يقتلوه كما قتل القبطي فهنا بيَّنَهُ ، وذكر نداء الطور مثل سورة النمل وطلبه لأخيه هارون نصيرًا ورِدءًا معه ، كما ربط الله ذكر الحرم الآمِن في آخر السورة كما ذكره في سورة النمل ( إنَّما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرَّمها وله كل شيء) وختم بذكر قارون الذي تكبَّر فخسف الله به الأرض مِثلما ذكر في سورة النمل مرور الجبال كالسحاب ، فلو كان الله قادِرًا على تدمير الجبال الراسية فإهلاك قارون وأمثاله أهون عند الله وما كانوا منتصرين. (من جاء بالحسنة فله خير منها ...) وقال في النمل (من جاء بالحسنة فله خير منها..) مع اختلاف أنَّ النمل ذكرت مصير السيئة وهو النار والمقصود بها الشرك ، أمَّا في سورة القصص فذكرت المصير مُجملًا وهو ما كانوا يعملون. وأيضًا ملك قارون لم يغنِه عن عذاب الله كما أنَّ مُلك بلقيس (ملكة سبأ) لم يكن ليغنيها من الله من شيء لولَّا أنَّها أسلمت مع سليمان لله رب العالمين ولله الحمد والمِنَّةُ. 29- سورة العنكبوت شبَّهَ الله الإلِهة من دونه ببيت العنكبوت وهو مثل صرح فرعون الذي طلبه ليصل إلى الله فلا هو وصل ولا اهتدى ، وذكر الله أحوال إهلاك فرعون وهامان وذكر قارون مرة أخرى تأكيدًا لحاله وخُسرانِهِ ، وشابهت هذه السورة ما تليها سورة الروم بآية (ليكفروا بما آتيناهم) مع اختلاف الألفاظ والحروف ، وأعاد ذكر الحرم الآمن لعلَّ أهل مكة يفقهون النعمة التي هُم فيها. وتكفَّل الله برزق الدواب والناس معهم. - إستعجال الكافرين بالعذاب ناسَب ما في سورة القصص من خُذلان الذين يريدون الحياة لمَّا رأوا ما حلَّ بقارون في الأرض ، وناسب ما في سورة الروم موقف الكافرين المجرمين يوم تقوم الساعة فيقسمون لم يلبوا غير ساعة. 30- سورة الروم لمَّا ذكر الله ابتلاء الناس كما ابتلى من قبلهم في الأمم السابقة في صدر سورة العنكبوت ذكر نصر الروم على فارس ، تيَّمُنًا بنصر المؤمنين والتمكين لهم في الأرض ، كما ذكر في سورة العنكبوت الدعوة إلى التفكر في خلق الله ، شرح خلق البشر من ترابٍ وتسخير الأزواج للبشر ، والرعد والمطر واختلاف الناس . قبل في سورة العنكبوت قال (اتل ما أوحِيَ إليك من الكتاب وأقم الصلاة إنَّ الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكثر والله ما تصنعون ) فما هي مواقيت الصلاة ؟ قال في سورة الروم (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيًا وحين تظهرون ) ثم أمر لقمان ابنه فقال (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إنَّ ذلك من عزم الأمور) - (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل..) وقال في سورة العنكبوب (وتلك الأمثال تضربها للناس...) فهُنا ضرب الأمثال وبيَّن فائدة ضرب الأمثال وهي للناس كيف يعقلوا ويفهموا ويتدبَّروا القرآن العظيم ويستنبطوا العِبَرَ. 31- سورة لقمان ذكر الله أنَّهُ قادِرٌ على إخراج حبة من خردلٍ لو كانت في السماوات أو في الأرض أو في صخرة وهذا مثل ما ذكره في سورة الروم أنَّ الإنسانَ خُلِقَ ضعيفًا فهو قادِرٌ على إعادته وهو على كل شيء قدير. ولمَّا ذكر مراحل الإنسان من ضعف إلى قوة ومن قوة إلى ضعف ثم شيبة كان لزاماً ذكر رضاعة الولد من أمِّهِ وهي تمام الضعف في الصغر . - ذكر الله تسخير الشمس والقمر والسموات والأرض للإنسان وإسباغه بالنِعَمِ عليه ومن هذه النعم ما ذكره في سورة الروم من الزوج والمعاش ، واختلاف الأجناس والألوان والبرق والمطر . وأنَّ الأولاد واللآباء لا يجزون عن بعضهم شيئًا ولا يملكون شفاعةً لبعضهم إلا بإذن الله ، ومفاتح الغيب الخمسة التي ذكرها ومِنها الموت فصَّله في السورة التي تليها وكيفية قبض الروح من ملك الموت. والله المستعان 32- سورة الم تنزيل السجدة فيها بداية خلق الإنسان من سلالة من ماء مهين ، وهذا تذكير بحال الإنسان فهو من سلالة أي شيء مترابط أب وأم وهو وإخوته وإخوانه وأولاده وأقارِبه لذلك وصَّى الله بوالدين فهما أصله وبأولاده فهو أصلٌ لهم. وأشار إلى ذكر موسى عليه السلام ولقاء النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكره في سورة الأحزاب في موضع الميثاق الذي أخذه على الأنبياء ثم ذكره في آخر سورة الأأحزاب وتبرِئة الله له من تُهمُ اليهود الماكرين . 33- سورة الأحزاب أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعدم إطاعة الكافرين والمنافقين حيث أشار في سورة الم تنزيل السجدة (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا) وهم لا يستوون فكذلك لا يبتع المؤمن الكافر. (فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرة أعين...) بيَّنتها في سورة الأحزاب (إنَّ المؤمنين والمؤمنات..) فهؤلاء لهم الدرجات اعلى بصفاتِهم العظيمة الإيمان والإسلام والقنوت والخشوع والصدقة والصدق والصوم وحفظ الفروج وذكر الله كثيرا. - كان بعد اليهود يُعيبون على النبيِّ صلى الله عليه وسلم اتخاذه عدة أزواج وقالوا لو كان نبيًِّا ما اهتم بالنساء فذكر الله في سورة سبأ داوود وسليمان عليهما السلام – ففي نص الحديث كان عند سليمان عليه السلام ألف امرأة ، وفي الأثر أنَّ داوود عليه السلام كان لديه مائة امرأة فهما نبيَّانِ ملِكانِ عابدان زاهِدان قُدوتان في العبادة رغم ذلك. والأنبياء عليهم السلام لا تُشغِلُهم مُتَعُ الدنيا عن ذكر الله والاجتهاد في العبادة فكان داوود عليه السلام يصوم يومًا ويفطر يومًا ويقوم نصف الليل ، وكان سليمان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر كثير البكاء والخشية ، وكان نبيُّنا محمد صلى الله عليه يقوم حتى تتفطر قدماه ، ويصوم حتى يقول القائل لا يفطر ويفطر حتى يقول القائل لا يصوم ، دائم الذكر كثير البُكاء والورع والخشية لله. وكان يوسف عليه السلام يصوم وهو عزيز مصر ، وصام نوحٌ الدهر كُلُّهُ سوى يومي الفطر والأضحى في بعض الأثر. الأمر للنساء بالستر والعفاف ، وذكر صفات المؤمنين (إنَّ المؤمنين والمؤمنات .. ) الآية ناسبت ما وعد الله به المسلمين في الجناتِ من قرة أعينٍ في سورة الم التنزيل السجدة ، وآية (ورد الله الذين كفروا بغظيهم) كما قال في التي قبلها ( 34- سورة سبأ - (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الهدق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد) كما امتنَّ على المسلمين بهدايته لنا بإرسال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلينا ، (إنَّا أرسلنا شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا.) ذكر الله تدمير قوم سبأ بالسيل العرم كما دمَّر الله الأحزاب بالريح ، وكُلُّها جنودُ الله يُسلِّطُها على من يشاء. - بعد ما ذكر الله تبرُّؤ الأتباع من المتبَّعين ، وتحجُّجِ الضعفاء باتباع السادات والكبراء في سورة الأحزاب فصَّل في سبأ الحوار بينهم ، وكيف تبرَّؤو من بعضهم حيث لا ينفع الظالمين معذرتهم ولا هم يُستعتبون. (قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله...) كما قال في سورة فاطر (يا أيها الناس اتقوا ربكم من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض...) قالوا (وقالوا نحن أكثر اموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ) فردَّ على زعمهم (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) وبدأت السورة بحمد الله كما بدأت فاطر بحمد الله 35- سورة فاطر بدأت بحمد الله ثم ذكرت من صفات الملائكة وخَلْقِهِم ، لأنَّ الله ختم بهم سورة الأحزاب حيث سألهم عن الكافرين أكان يعبدونهم ؟ ذكرت سورة سبأ (ذكر الله في سورة سبأ ) من وصف تسبيح الجبال مع داوود عليه وبيَّنت سورة فاطر بعضًا من ألوان الجبال الرواسي. - (...إنَّما يخشى الله من عباده العلماء..) ومن هم العلماء غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واتباعهم الذي أخذوا العلم بحظٍ وافِرٍ كما قال الإمام أحمد رحمه الله « 5/196 » حدثنا محمد بن يزيد حدثنا عاصم بن رجاء بن حيوة عن قيس بن كثير قال: - - قدم رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء رضي الله عنه وهو بدمشق فقال ما أقدمك أي أخي قال حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما قدمت لتجارة قال لا قال أما قدمت لحاجة قال لا قال أما قدمت إلا في طلب هذا الحديث قال نعم قال رضي الله عنه فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: - - من سلك طريقا يطلب فيها علما سلك الله تعالى به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإنه ليستغفر للعالم من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء هم ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر وأخرجه أبو داود « 2641 » والترمذي « 2682 » وابن ماجة « 223 » 36- سورة يس - قال في سورة فاطر (والله خلقكم من تراب ثم نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه..) فقال في سورة يس (سبحان الذي خلق الأزواج كلَّها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون.) - شاركت سورة الصافات (..ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون..) وهُناك قال (وما تجزون إلا ما كنتم تعملون.) و"ما" هذه نافية بمعنى لا . قال في السورة أيضًا عن وصف الكافرين عند الصراط (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون..) وفي سورة الصافات علمنا أنَّ الملائكة تُرشِدُهم أو تحشرهم إلى جهنم ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم) في آخر السورة ضرب مثلًا لمن أنكر إعادة البعث ، فكانت بداية الصافات بأن ذكرت إنكار الكافرين للبعث أن يكونوا تراباً وعِظاما وهذا كان ديدَنَهُم إنكار البعث بعد الموت. 37- سورة الصافات فيها ذكر الذبيح إسماعيل عليه السلام بعدما فصَّلت قصة الخليل إبراهيم عليه السلام مع أصنام قومه ، وفيها ذُكِرَ نوحٌ وموسى وهارون عليهم السلام - على وجه الإجمال وفُصِّلَ ذِكْرُ إلياس ولوطٍ ويُونُسَ وقِصَصِهم مع أقوامِهِم والعاقبة المتقين. - صوَّر الله فيها ألوانًا من العذاب ومنها شجرة الزقوم ثم ذكر بقية الأصناف في سورة ص. - لمَّا افتتح يس (إنَّك لمن المرسلين..) أي مثل إخوتِكَ من الرسُلِ الكرام والصالحين ختم الصافات بـ (وسلامٌ على المرسلين.) 38- سورة ص - تشابهت مع سورة الصافات في كثير من الألفاظ (رب السموات والأرض وما بينهما..) ، و(من عبادِنا المُخلصين..) فالقرآن مثاني ومُتشابهات ومُحكمات. - بعدما ذُكِرَ الرسل سابقين أضاف عليهم من لم يذكرهم كداوود عليه السلام ومُلْكِهِ العظيم الذي أنعم الله عليه به من تسبيح الجبال والطير وإيتائه كتاب الله الزبور وصوته الجميل بترتيله. ثمَّ عطف على ذكر ولده سليمان وتسخير الرياح والجن والإنس والطير له. ، وذُكِرَ في مقام الصابرين (أيوب عليه السلام) على بلائه الطويل ، كما بيَّنَ الله صبر إسماعيل عليه السلام في سورة الصافات فهُنا صبر أيوب في سورة ص ، وفيها ذكر أطعمة أهل الجنَّة والأبواب والغرف لهم ، وتخاصم أهل النار وقصة آدم عليه السلام ورفض إبليس للسجود له. وإعادة ذكر إبراهيم وإسحاق وإسماعيل مع جملة الأنبياء لأنَّهُ ذكرهم في الصافات وأثنى عليهم وعلى ذريَّتِهم (منهم المؤمنون ومنهم الكافرون). 39- سورة الزمر - لمَّا نزلت (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم....آية 52.) بدأت سورة غافر بـ (غافر الذنب....) تأكيدًا للغُفران والرحمة الواسعة من الله سبحانه وتعالى ، ذكرت التوحيد وإبطال زعم الآلهة من الأصنام ، وذكرت خلق الإنسان في ثلاث ظلمات فناسبت مع سورة غافر مراحل تكوين الخلق من نطفة ثم علقة ثم كِبر الإنسان. نزلت (الله نزَّل) فتابعتها جميع السور التي تليها بالحواميم (التي تبدأ بــــ حم) ثم بيان تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ، وفي بعضها والكتاب المبين وفي بعضها تنزيل من الرحمن الرحيم فهذا كلُّه انتصارٌ لكتاب الله العزيز في البيان والإعجاز والبلاغة والفصاحة والقوة والتأثير على بني آدم وتميَّزت السور بتعداد الآيات وقُصرِها (ما بين 37 آية إلى 85 آية) (وأنيبوا إلى ربكم.....) ثم في سورة غافر ذكر حال قارون وفارعون وهامان وتكذبيهم لنبي الله موسى عليه والسلام ، وكان هناك من الفئة المنصورة مؤمن آل فرعون. - تشابهت بعض الألفاظ بين الزُّمَرِ وغافر (وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون..) وذكرت الملائكة الذين يحفُّون حول العرش وتيسبحون بحمد الله ، وبسورة غافر ذكرت المائكة وحملة العرش يستغفرون للمؤمنين ولله الحمد والمنة ، كما ذكرت يوم التلاق . ويوم حشر المسلمين والكافرين أفواجًا إلى مضاجعهم والمستقر الأبدي إمَّا إلى جنةٍ وإمَّا إلى الجحيم. 40- سورة غافر (حم المؤمن) أعاد ذكر العرش لما فيه من تمجيدٍ لله العظيم ، وأنَّ الملائكة تستغفر للمؤمنين كما دعنا للاستغفار في الزُّمَر وخاف المؤمن مصير قومه أن يُشابه قوم نوحٍ وعادٍ وثمودَ فذكر الله من حالهم في سورة فصَّلت ومآل تكذيب عادٍ وثمود للمرسلين. ذكر الله مُجادلة الرؤوساء والضعفاء مع بعضهم في النار وذكر في سورة فصِّلت أنَّهُم طلبوا من الله طلبًا غريبًا فماذا طلبوا ؟ (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) 41- سورة حم السجدة (فصَّلت) (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة..) كما قال مؤمن آل فرعون (من سيئة فلا يجزي...... تشابهت مع غافر (حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ) حيث قال فيها (مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ) فالله شديد العقاب وغفور رحيم ، نسأل الله من فضله العظيم ورحمته الواسعة ورزقه الكريم . وقال في سورة الشورى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) تشابهت مع ألفاظ الشورى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ....) وقال في فصلت (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ) 42- سورة حم عسق (الشورى) ذكر الله بداية خلق السموات والأرض وتسبيح الملائكة وتعظيمها لله ، فذكر في سورة الزخرف ما فعله المشركون من افتراءات على الله بغير علمٍ ونسبِهم الملائكة على أنَّهُم بنات الله – تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا ذكر الله فيها (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فلا الملائكة بناته ولا الأصنام شُفعاؤه ولا الناس أولاده كما زعمت اليهود والنصارى. ولا نسجُد للشمس والقمر من دونه .. ، ولا فرعون يسمو ليكون إلهًا من دونه ! (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) أي الرزق لو كان عند الجميع كثيرًا فكيق يُكون هناك طبقاتٌ ؟ هذا ما وضَّحَهُ في سورة الزخرف (وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ(33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ(34) وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ(35)) ) - (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) جاء هذا النص الحكيم نصرًا لنصِّ سورة فصلت - (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) _ وإنكَّ لتهدي الى صراط مستقيم وقال في الزخرف عن عيسى عليه السلام : (وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) 43- سورة الزخرف قال في سورة الشورى (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ.) فبيَّن هُنا هذا اليوم (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ(74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ(75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ(76)...) و (الذين آمنوا بآيتنا) قيل لهم (يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ) وأسهب في ذكر موسى عليه وذكر مرةً أخرى في سورة الدخان مقرونًا بنبيَّنا محمد صلى الله عليه وسلم لتشابه الأحداث وعِظَمِ المواقف وعناد الأقباط ككفار مكة. ومرَّ على ذكر عيسى ابن مريم عليه السلام والشريعة التي جاء بها والحكمة التي بيَّنها لأنَّهُ أشار إليه مع أولي العزم من الرسل في سورة الشورى (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ)...... (الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) أجمل هُنا وفصَّل في سورة الدخان...(إنَّ المتقين في مقام أمين) 44- سورة الدخان شابهت الزخرف في الافتتاحية (حم والكتاب المبين ) نجاة موسى عليه من فرعون كما أغرقه في البحر أعاد ذكرها بيانًا لحال المكذبين المستعليِّين في الأرض بغير الحق. (إنا إنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ) كما جعله قرآنا عربيًا فهو مُبارك ونزل في ليلة مباركة من ربٍّ كريمٍ تبارك اسمه وتعالى جده ولا إله غيره. (كم تركوا من جناتٍ وعيون) هذا مصيره إلى زوالٍ في الدنيا لكن في الآخرة (يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) في سورة الزخرف وفي سورة الجاثية (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) 45- سورة الجاثية تجثو الأمَمُ على رُكَبِها من ماوقف يوم القيامة التي علمنا مِن صورها العذاب والحميم المصبوب ! سخَّر الله السموات والأرض للعباد ، ألم تَرَ أنَّهُ في سورة الدخان أغرق فرعون في البحر فهذا من تسخير الأرض ببِحارِها ، وأنزل الدخان على أهل مكة ، كما سينزل في العلامات الكُبرى فهذا من تسخير السموات مع الشمس والقمر ! قال الإمام أحمد « 4/6 » حدثنا سفيان عن فرات عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة ونحن نتذاكر الساعة فقال لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة وخروج يأجوج ومأجوج ونزول عيسى ابن مريم والدجال وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق أو تحشر الناس تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا وهكذا رواه مسلم « 2901 » - ذكر نجاة بني إسرائيل من فرعون وهُنا ذكر ابتلاءهُم وتكريمهم بالنبوة والكتاب والحكمة والعلم ، والشقاق الذي جرى بينهم وتنازُعِهِم. 46- سورة الأحقاف ختم الجاثية (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فافتتح الأحقاف (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) قال في سورة الجاثية (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) وهُنا ضرب له مثلًُا (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ...) ذكر عاقبة أهل الأحقاف كما بيَّن عاقبة الكافرين في الجاثية ختم السورة بقدرة الخالق عزَّ وجل على الخلق والإعادة والإحياء وأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم نذير ومُبشِّرٌ وما عليه إلَّا البلاغ ، فلَّما ختم به افتتح سورةً باسمه وبيَّن فيها من أحوال قتال الكافرين. 47- سورة محمد (القتال) أمر النبيِّ الكريم صلى الله عليه وسلم بالصبر كما صبر أولي العزم في أواخر الأحقاف ، وهو خير الرسل فبدأ به السورة التي تليها ، وأمرَهُ بقتال الكافرين بآيات القتال بعد الصفح والتجاوز عنهم بعد ما وصل المدينة حتى ينتشر دين الإسلام في الأرض ويُطَّهِر مكة من الرجس والأوثان ، هذا كُلُّه ناسب سورة الفتح (إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا ) فتح الحديبية بشارةً بفتح مكة شرَّفها الله في شهر رمضان في الثامن من السنة الهجرية ، ووصف من أنهار الجناتِ التي وعد بها المؤمنين في سورة الفتح. (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً) 48- سورة الفتح لمَّا ذكر استغفار النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين والمؤمنات استفتح السورة بغفران الذنوب له جميعًا بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام ، وذكر المغفرة للؤمنين والرضوان والجنات التي تجري من تحتها الأنهار جعلنا الله وإياكم من ساكنيها. 49- سورة الحجرات (الآداب) ذكر الله من صفات الأعراب وهي سرعة الحكم على الأمور ، فهم قالوا آمنوا ولم يدخل الإيمان في قلوبهم من الإسلام بعد ، بعدما ذكر تخلُّفهم عن الغزو مع رسوله صلى الله عليه وسلم في السورة السابقة. - التأدُّبُ مع رسول الله في مناداته ومُناجاته فقد كرَّمَهُ الله بغفران الذنوب وفتح مكة والنصر على الأعداء والتمكين في الأرض. - تحريم الغيبة والنميمة والتجسُّسِ والسُّخرية من بعضٍ ناسبت اختلاف الناس في سورة الفتح فهُنالك المسلمون الحضر والبدو والأعراب ، وهُنالك المشركون من عربٍ وعجمٍ وفُرسٍ ويهودٍ. 50- سورة ق ناسبت ذكر الميعاد والقيامة وحشر النفوس مع القرين بما يليها في سورة الذاريات من صفات المؤمنين المصلِّين بالليل فلهم جناتٌ وعيونٌ وأجرٌ غير ممنون . - كذَّبَ المنافقون والمشركون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم كما كذَّبت الأقوام السابقة رُسُلَها كقومِ نوحٍ وعادٍ وثمودَ وفرعون وقومِ لوطٍ وأصحاب الأيكة وقومِ تُبَّعٍ . 51- سورة الذاريات أقسم الله بالرياح والسحاب والملائكة (ولله القسم بما يشاءُ وليس لنا أنْ نحلِفَ بغير الله ) ، كما بدأ ق بالقسم وبدأ الطور بالقسم. - وصف المتقين (إنَّ المتقين ) كما وصفهم بسورة الطور .. - ذكر حال موسى عليه السلام والأقوام البائدة عادٍ وثمودٍ وقومِ نوحٍ . - ذكر قصة إبراهيم عليه السلام والبشارة بإسحاق على كَبَرٍ فالله الذي أحيا الأرض الميتة والعبادِ قادِرٌ على إيجاد الولدِ على كبرٍ فهو عليه هيِّنٌ. 52- سورة الطور - (وإنَّ لذين لظلموا..) تشابهت الألفاظ ونهايات الكُفَّار. - ذكر مجموعة من الأدلة العقلية الجدلية على خلق الله وإنكار أفكار المشركين وديانَتِهم الباطلة فلا هم يملكون الخلق ولا البعث ولا الموت فضلًا على أن ينسبوا لله البنات وهم لا يملكون إيجاد ولدٍ ولا بنتٍ. - ختمت السورة بذكر النجوم فافتتح التي تليها بالنجم . 53- سورة النجم لمَّا فنَّد الله إدعاءات المشركين (أم يقولون شاعر...) وأباطيلهم ذكر نبوَّةَ محمد صلى الله عليه وسلم وصعوده إلى الملأ أعلى (أفتمارونه على ما يرى ؟) ذكر هلاك الأقوام السابقة كما ذكرهم في الذاريات ثم أعاد ذكرهم في سورة القمر مفصَّلًا بناء السفينة ثم غرق قومِ نوحٍ ، والريح الصرصر لعادٍ ، والصيحة لثمود ، والطمس والانقلابِ والصيحة لقومِ لوطٍ ، وغرق فرعون. وأنَّ كل الأمور مقدَّرةٌ تقديرًا من الحكيم الخبير اللطيف العليم العزيز القدير. 54- سورة القمر - بعد ما أشار الله إلى عِناد الكافرين عن السجود والخضوع للدين أنذرهم بقُرب قيام الساعة عليهم. - وذكر لهم حال المكذِّبين قبلهم وكانوا أشدَّ قوةً وأموالاً وأولادًا فما أغنى عنهم ذلك من شيء لما جاء أمر الله. - ذكر سحب المشركين على وجوههم في سقر ، فذكر أخذهم بالنواصي والأقدام في سورة الرحمن. 55- سورة الرحمن - لمَّا خُتِمت القمر (عند مليك مقتدر) اسهبت السورة في ذكر ما في الجنةِ من حورٍ عينٍ وخُضرةٍ ونعيمٍ وماءٍ فوَّار. - (يا معشر الجن والإنس.....) فهم لا يستطيعون ذلك ولا يقدرون ، وكيف هم لا يملكون ما هو أدنى في سورة الواقعة (أفرأيتم ما تمنون...) - ذكرت من تنوُّعِ الثمرات والفواكه بما ناسبت الفواكه الكثيرة والماء المسكوب في سورة الواقعة - (هل جزاء الإحسان إلَّا الإحسان....) كما قال في سورة القمر (إنَّ المتقين في جناتٍ ونَهَرٍ(54) في مقعدِ صدقٍ عند مليكٍ مقتدرٍ(55) وكما قال في سورة الواقعة (فأمَّا إنْ كان من المقرَّبين........) 56- سورة الواقعة ذكرت سورة الرحمن من صُوَرِ حشر الكافرين فأكدَّت الواقعة (قل إنَّ الأولين والآخرين......) - ذكر السابقين المقربين والفرق بين أصحاب اليمين وهم المؤمنون وأصحاب الشمال وهم الكافرون ، كما فرَّقَ في سورة الرحمن بين الأجناس. - ذكرت عجز الناس عن شيءٍ من الخلق لا الطعام ولا الشراب ، فكذلك هُم في سورة الحديد ذكر الله خلق السموات والأرض أكثر من مرة فهو الخالق الرازق يعلم ما يلجُ في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها مثلما ذكر سورة الواقعة عجزهم عن إتيان الماء الزُلالِ أو الحرث والزرع. 57- سورة الحديد - ختمت الواقعة بالتسبيح فبدأت الحديد بالتسبيح لله السبوح القدوس. - لمَّا وصف في سورة الواقعة من صفات الجنَّةِ والنار بيَّن أنَّ العرض الجنَّةِ كعرض السماء والأرض ، ثُمَّ أمالَ على ذكر المنافقين وهم من أصناف الفرَقِ يوم القيامة بين المسلمين والكافرين ، فهم يكونون مع المسلمين ثم يمتازون عنهم ويسقطون في النار. 58- سورة المجادلة من السور التي ذُكِرَ الله فيها في جميع الآيات لذلك في سورة الحشر ذكر أسماء الله الحُسنى بما لم يُذكر في غيرها. ختمها بذكر حزب الله والفرق بينهم وبين حزب الشيطان ، وهُما ذكرٌ لما في سورة الحديد من الحزبين المسلمين والمنافقين ، كما في سورة الحشر وذِكر المسلمين وأعدائِهم من يهودٍ ومُنافقين. ذكر الله إحاطته بالعلم لمن يتناجى من دون المؤمنين مهما كان عددُهم ثلاثة أو أربعة أو أكثر أو أقول ، كما ذكر في سورة الحديد إحاطته بعلم السموات والأرض وما يجري فيهما وما يخرج منهما . ذكر آداب الكلام مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولمَّا تبيَّن مصير المنافقين في سورة الحديد ذكر صفاتهم في سورة المجادلة مثل النجوى ، واللمز بالكلام ، وأمرَ بالنفقة والصدقة وقد بيَّن جزاء الإنفاق في سبيل الله في سورة الحديد. |
#3
|
|||
|
|||
59- سورة الحشر
بدأت بالتسبيح ، وخُتِمت به لترابط السورة ، وذكرت من أحوال المنافقين في القتال وجُبْنِهِم وهلعهم وأنَّ قلوبَ اليهود شتَّى رغْمَ أنَّهُم يُظْهِرون الاتحاد بينهم. 60 - سورة الممتحنة (امتحان النساء) ذكر الله المنافقين في سورة الحشر وإجلاءَهُم عن المدينة وطرد اليهود ، فكذلك منع مُهادنه الكفَّارِ وأمرَ بردِّ أموالِهِم ونساءِهم فلا جمع بين الإسلامِ والكفرِ. نهي الله عن مُعاهدة الكافرين سِوى الذين لم يُقاتلوا في الدين ، وفي السورة التالية (الصف) حثَّ على الجهادِ ووعد المجاهدين بالجنانِ والرضوانِ. 61- سورة الصف بدأت بالتسبيح ، ووعدِ اللهِ بإظهارِ دينه ، ففي سورة الممتحنة أمر بترك مُهادنة الكفار ومودَّتِهم ثم وعد هُنا بإظهار دينه ولو كره الكافرون ولو كره المشركون. وأمر المسلمين بالتشبُّهِ بحواريِّ عيسى عليه السلام في نُصرَتِهِ ، كما أمرهُم بإقامة الصلاة في سورة الجمعة. 62- سورة الجمعة بدأت بتسبيح الله كما بدأت الصف ، وبعد ذكر حواريِّ عيسى عليه السلام وهُمُ اليهودُ الأفاضِلُ (من بني إسرائيل) ذكر في سورة الجمعة اليهود الكافرين الكاذبين الذين يدَّعون محبَّةَ الله ومُوالاتَهُ ثمَّ لا يتمنَّون مُلاقاتَهُ. وأمر في آخرها بإقامة الصلاة ، لأنَّ السورة التي تليها ذكرت المنافقين الذين ألهتهم أولادهم وأموالهم عن الصلاة والزكاة. 63- سورة المنافقون بدأت بالشهادة للرسول صلى الله عليه والنبوة والرسالة ، وتسفيه أقوال المنافقين ، وختمت بذكر السُّرعة في الإنابة قبل الموت ، كما كان اليهود يخشون الموت. وتشرابطت مع التغابن في التحذير من الالتهاءِ بالأولاد والأموال عن ذكر الله والإنفاق في سبيله. 64- سورة التغابن حذَّرت السورة الكريمة من إمساك المالِ خشية الإنفاق ، كما أشارت سورة المنافقون عن اللهو بالأولاد عن الإنفاق في سبيل الله والصلوات. كما بدأت السورة الكريمة بالتسبيح وتمجيد المليك المقتدر وأنَّ المُلك كلُّهُ له ، فهو مطَّلِعٌ على أحوال الناس كما كشف ضمائر المنافقين في شهاداتهم وكذبِهِم ، وهو علَّامُ الغيوبُ يُجازي المحسنين بالجنَّةِ والكافرين والمنافقين بالنارِ. ولمَّا ذكر الله أهل النار وخلودَهُم فيها بيَّنت سورة الطلاق بعضًا من المُعَذَّبين وهُمُ أهل القُرى الذين ظلموا أنفسهم بالمعاصي وكُفرِهم بالله عزَّ وجل. 65- سورة الطلاق شاركت سورة التحريم بمواضيع الطلاق فسورة اطلاق بيَّنت أحكام المطلقَّقات من ذوات الحمل واللواتي لم يحضن ، والمتوفي عنها زوجها ذكرتها سورة البقرة ، وكذلك في سورة التحريم نهت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من التظاهِر عليه فإنَّ الله قادرٌ على تزويجه خيرًا منهُنَّ (في حال صدرت مِنْهُنَّ معصيةٌ تغضب الله ورسوله) وقال في سورة التغابن (ومن يعمل صالحا ) وهُنا قال (ومن يعمل صالحا) 66- سورة التحريم (لم تحرَّم) بعد ذكر أحكام الطلاقِ حذَّرت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من عصيانه ، ولمَّا علَّمَ اللهُ الناسَ أنَّهُ تعالى شأنه وجلَّ جلالهُ أحاط بكلِّ شيءٍ علمًا ، قال في سورة التحريم في أواخر الآيات (عليم حكيم ) و عليم خبير فهو محيطٌ بكل شيء عليم بجميع الأأمور السرائر والبواطن - في وسط السورة أمر المسلمين بتقواه والخوف من النار وأمرنا بالاستعاذة منها وترك المعاصي وأن نسأله الجنانَ ، فذكر في سورة المُلك حال هؤلاء الكافرين (وقالوا ) ، وأنَّ النار التي وصفها بأنَّ وقودها النار والحجارة تغتاظ شهيقا وزفيرا لمَّا يُلقى فيها أهلها. 67- سورة الملك (تبارك....) الله لهُ المُلك كما له الخلقُ والأمرُ ، وإدخال المسلمين الجنانِ وتعذيب الكافرين بالنيرانِ فهذا من ملكه وهو يفعل ما يشاء ، لا يُسئلُ عمَّا يفعل وهُم يُسألون. تلك النار التي يجبُّ أن نتقيها ، لمَّا يُرمى فيها الكافرون يتحاجَّون بينهم وتُخاطبهم الملائكة توبيخًا ألم يأتكم نذير ؟ (رسول من الله يُنذِرُكم بأسه الشديد) ؟ وربط آخر السورة بأنَّ الله عز وجل رازِقُنا يُعطينا الماء فلو حرمنا إياه كما حرم أصحاب الجنة جنَّتَهُم من يأتي به ؟؟ لا أحد . 68- سورة ن والقلم بعدما ذكر في سورة الملك جزاء الناس يوم الدين ذكر أنَّ جزاء الرسول صلى الله عليه وسلم وأجره غير ممنون. (أفنجعل المسلمين كالمجرمين... ) لا يستوون ، كذلك لا يستوي أهل النار الذين كذَّبوا الرسول بمن صدَّق وآمن. - ذكر في آخرها يونس عليه السلام وركوبه السفينة والتقام الحوت له ، واصطفاء الله له ورضوانه عليه وتوبته مثل ما ذكر في سورة الحاقة (إنَّا حملناكم في الجارية) 69- سورة الحاقة - بعدما ذكر المكذبين في سورة نون (....... ) ذكر بعضًا من عذابِ عادٍ وثمودَ بالريح الصرصر والصيحة الطاغية. وفرَّق بين المسلمين وجزائِهم ، ومن يؤتي كتابه بيمينه ذكر صفاتهم في سورة المعارج (الذين هم على صلاتهم دائمون والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) ومن يؤتي كتابه بشماله ذكرهم في نون ( مناعٍ للخيرِ معتدٍ أثيمٍ) وفي المعارج ) فما الذين كفروا قبلك مهطعين.... 70- سورة المعارج (سأل سائل ) .......... لم يقنع المشركون بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وصدق القرآن في العذاب الموعود لهم ، فطلبوا العذاب واستعجلوه ، كما فعل قوم نوحٍ في سورة التالية ! تشابهت قلوبهم... - تعرج الملائكة ,,, وقال في سورة الحاقة (ويحمل عرش ربك) فهذا بيانٌ لطبيعة الملائكة وأنَّهُم خلقٌ عظيمٌ كثيرٌ عددهم ويفعلون ما يأمرون. - يوم يخرجون من الأجداث سراعا مثل قال في سورة نوحٍ (والله أخرجكم من الأرض نباتا) فناسبت طريقة البعث طريقة التشبيه البليغ الذي شبَّهِ به نبيُّ الله نوحٌ عليه السلام خلق البشر . أو هو على حقيقه فخلق الناس من التراب هو كالنبات من الأرض. 71- سورة نوح عليه السلام - في سورة المعارج (إنَّا خلقهم مما يعلمون ) وقال في سورة نوح (والله أنبتكم من الأرض - وقال نوحٌ رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديَّارًا ، هؤلاء قومٌ كفروا بنوحٍ عليه السلام وباللهِ فأدخِلوا نارًا ، كذلك الجنِّ منقسمون طرائق وأحزابًا وقبائل ولهم إحدى المصيرين ، الجنانُ أو السعيرُ. 72- سورة الجن هذه السورة بيَّنت تشريفًا كبيرًا وأمرًا عظيمًا لنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد سمع الجنُّ كلامه وقراءته للقرآن الكريم فأصبحوا منذرين لقومِهِم ، كما قال تعالى (وما أرسلناك إلًَّا رحمًة للعالمين..) من الجنِّ والإنسِ. 73- سورة المزمِّل - (إلَّا من ارتضى من رسول..) وقد رضي الله عن نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن بعثه لنا رسولا بشيرا ونذيرا (إنا أرسلنا ........) - (وأن المسجد لله ) وهنا (علم أن سيكون..... 74- سورة المدثِّر بدأت بالنداء كما بدأت المزملُ ، وذكر في سورة المزمل من قيام الليل التخفيف وبداية الفرض ، لذلك كان من صفات المجرمين أنَّهُم لا يُصلَّون (قالوا لم....) وذكر الملائكة خزنة جهنم جزاءً للكافرين في سورة المزمل (إنَّ لدينا أنكالًا وجحيمًا) 75- سورة القيامة يوم القيامة يُفصَلُ بين الخلق فريقٌ في الجنة وهم أصحاب اليمين ، والآخرون في السعير وهم المجرمون كما ذكرهم في سورة المدثِّرِ ، ثمَّ شرعَ في مُنكري البعث وردَّ عليهم . وترابطت مع سورة الإنسان في (وجوه.... 76- سورة الإنسان (الدهر) - ذكر صفات العباد المؤمنين منها ( بعد ذكر القيامة وإعادة البعث ، ذكر بداية الخلق (هل أتى.,) فالإنسان لم يكن شيئًا فترةً طويلة فقد كان قبلنا الجنُّ في الأرض ، وما لا يعلمهُ إلَّا الله ثم شاء ربُّنا استخلافنا فيها فيا ويْحَ الإنسانِ كيف يتكبَّرُ على اللهُ ولم يكنْ شيئًا مذكورًا! 77- سورة المرسلات قسم الله الإنسان إمَّا شاكِرًا وإمَّا كفورًا ، فأمَّا الشاكر فيُقال له (كلوا واشربوا..... ) وأمَّا الكافر (انطلقوا..) كيف ذمَّ الله الذين لا يركعون وكيف أمر نبيَّهُ الكريم صلى الله عليه وسلم وأمَّتَهُ بالسجود.. 78- سورة عمَّ يتساءلون (النبأ العظيم) ما مرَّ سالِفًا من اللآيات والذكر الحكيم ، تساءل المشركون ما هذا النبأ العظيم الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر الله (والجبال أوتادا ) كما قال في المرسلات (وجعلنا فيها رواسي شامخات..) وفي الخِتام ذكر الصنفين أهل النار وأهل الجنة فأجملها في خواتم النازعات. (فأما من أعطى.......) 79- سورة النازعات ذكر موسى عليه السلام وقصَّته مع فرعون لترابطها الكبير مع حكاية نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم ومُعاناته مع أهل مكة ، فقد عانا موسى عليه السلام مع بني إسرائيل وهُمْ قومُهُ كما عانا نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة وهم أهله وعشيرته ، وختم بموعظة (فأما من .... ) كان قدْ فصَّلها في سورة عمَّ يتساءلون. وذكر في سورة عبس مآل الكافرين ومآل المسلمين. 80- سورة عبس أما من استغنى ..... فهُمُ نفسهُم الذين طغوْا وضلوا عن سواء السبيل فهم كفرعون من حيث الطُغيان ، ومِثله في المصير المُريع في السعير. - كلَّا إنَّها تذكرة .. فهذه التذكرة فيها من يوم القيامة مشاهدٌ في (سورة التكوير) وفيها عبرة في سورة النازعات (إنَّ في ذلك لعبرةً لمن يخشى) - ذكر الله فيها بداية خلق الإنسان ثم مصيره في القبر (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ) أليس هو نفسه قال في النازعات (يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ) فالله عز وجل حكى قولهم الذي أنكروه فأثبته في سورة عبس فتأمَّلْ !! 81- سورة التكوير (إذا الشمس كوِّرت) ما الذي أذهل الناس عن بعضها والأب عن أولاده والرجل عن زوجه ؟؟ هو ما شرحته هذه السورة العظيمة من حال الكون في خرابه ودمارِهِ ، ونشر الصحف وهذه السورة تشترك مع ما تليها في ما رواه الإمام أحمد « 2/27 » حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الله بن بحير القاص أن عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني أخبره أنه سمع ابن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ « إذا الشمس كورت » و « إذا السماء انفطرت » و « إذا السماء انشقت » وهكذا رواه الترمذي « 3333 » 82- سورة الانفطار (إذا السماء انفطرت) كما بدأت التكوير بمشاهد من يوم القيامة كذلك انفطار السماء ، وتبعثر القبور ، ثمَّ ذكر الملكيْنِ الموكَّليْنِ بكتابة الحسنات والسيئات فهما من الكرامِ ، كذلك ذكر الروح الأمين في السورة السابقة. ومن هداهُ اللهُ في التكوير (لمن شاء منكم أن يستقيم ) يهديه إلى الجنة (إنَّ الأبرار لفي نعيم ) 83- سورة المطففين - (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) هذا كتاب المشركين والكافرين الذي سبق أن قال عنهم وإنَّ الفجار لفي جحيم ، ثم قال في سورة الانشقاق (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ(10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً(11)ويصلى سعيرًا(12) - هذه الآية (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) كرَّرها في السورتين مع تشابه الموضعين وتبايُنِ الألفاظ فسبحان الله العليِّ الحكيم. 84- سورة الانشقاق (إذا السماء انشقت) - فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(20) وقال في سورة البروج (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) يعني مالهُم لا يؤمنون كما آمن المؤمنون المصدَّقون بيوم الدين ، أليس هؤلاء أهدى سبيلًا ؟ - وعلى الوجه الآخر أنَّ كُفَّارَ الأخدود كأهل مكَّة بل كانوا أشدَّ بطشًا ، وأنَّ الله أهلك أولئك فكذلك هو قادِرٌ على أن يفعل ذلك بِكُم يا أهل مكة أفلا تعتبرون ولا تتذكرون ؟ 85- سورة البروج (والسماء ذات البروج ) و (وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ) قال الإمام أحمد « 2/326 » حدثنا عبد الصمد حدثنا رزيق بن أبي سلمة حدثنا أبو المهزم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العشاء الآخرة بالسماء ذات البروج والسماء والطارق. - قُتِلَ أصحاب الأخدود .. إلى أن قال وما نقموا مِنهم ألا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ، أصحاب الأخدود عذَّبوا المؤمنين وكُفَّارُ مكة عذبوا المسلمين لسبب واحِدٌ هو أنَّهُم آمنوا بالله العزيز الحميد ! لم يرضوا بالكفر وآمنوا فعَّبوهم فقُتِل أصحاب الأاخدود كما قُتِل أهل مكة ببدرٍ وعُذِّبوا عذابًا شديدًا بالدخانِ والنقص من السنين والثمرات. - بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ثم عطف على ذكر السماء والطارق ، فاللوحُ المحفوظُ عند الله في السماء ، والسماء في لغة العرب كُلُّ ما فوقك فالله عز وجل في السماء وكذلك العرش والملائكة والقلم واللوح وغيرها ، على اختلاف الترتيب. - - وقد روى البغوي من طريق إسحاق بن بشر أخبرني مقاتل وابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس قال إن في صدر اللوح لا إله إلا الله وحده دينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله فمن آمن بالله وصدق بوعده واتبع رسوله أدخله الجنة قال واللوح لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب وحافتاه من الدر والياقوت ودفتاه ياقوتة حمراء وقلمه نور وكلامه معقود بالعرش وأصله في حجر ملك وقال مقاتل اللوح المحفوظ عن يمين العرش (من تفسير ابن كثير) 86- سورة الطارق بعدما ختم باللوح المحفوظ عطف على ذكر خلق العباد لانَّ خلق البشر وتقدير حياتهم ومآلِهم كُلُّهُ مكتوبٌ في اللوحِ المحفوظ وآجالَهُم ومسيرتهم في الحياة وأرزاقهم. قال « يخرج من بين الصلب والترائب » صلب الرجل وترائب المرأة وهو صدرها (من تفسير ابن كثير) وقال في سورة سبح اسم ربك الأعلى (والذي قدَّر فهدى ) الله عز وجل القادر القدير المقتدر خالق السموات والأرض والإنسان ، ومُنَزِّلُ القرآنُ ومُعلِّمُ التبيانِ لخير الأنامِ وهادي العبادِ إلى طريقِ الجِنانِ . فتقديره أحسن تقديرٍ وخلقهُ أحسنُ الخلقِ . ومِنهُ خلق الإنسانِ العظيم ، مُتراكِبُ الأعضاءِ سليم الحواسِ ، سميعٌ بصيرٌ يفقه القول ويسمع الصوت ويرى بالبصيرة ويُحَرِّكُ الأشياءَ ويقضي الأعمال ويحفظ الحدود ويُطبِّقُ القواعد. 87- سورة سبح اسم ربك الأعلى (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى(14)) قال في سورة الطارق « يوم تبلى السرائر » إذا نفعت الأعمال صحَّ الإنسانُ وذهب إلى الجنانِ وإن خاب وخسر ذهب إلى النيرانِ والخُسران ، وقال في سورة الغاشية تفصيلًا (هل أتاك الغاشية) فذكر أهل النار وصفاتِهِم. 88- سورة الغاشية (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ) وقد قال في سورة سبح (قد أفلح من تزكى) ثم قال في سورة الفجر (يا أيتها النفس المطمئنة).. إلى آخر السورة. - (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ(17) وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ(18) ثم قال في سورة الفجر (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ) يعني هل رأيت هذه الخلق البديع من الإبل ورفع السماء ونصب الجبال وسطح الأرض ، ثمَّ ما مكَّنَّا لهم فيها من الأرض كعادٍ وإرم وثمود وفرعون هل فهموا وتدبَّروا وعقلوا الآيات ؟ بعدما جاءتهم النُّذُرُ .؟ - - (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ(21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ(22) كما قال في سورة الأعلى (سيذَّكرُ من يخشى(10)ويتجنَّبُها الأشقى(11) وقال في سورة الفجر (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ(15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ(16) وقال أيضًا في سورة الفجر ( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى(23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي(24) هذا من الذكرى التي يجب أن يتذكرها الإنسان وقد كرَّرها الله في كتابه في هذه السور الثلاث متتالية (سبح – الغاشية – الفجر ) باختلاف الألفاظ وتنوُّعِ العبر والمعاني فتدبَّر رحمك الله . 89- سورة الفجر (وَالْفَجْرِ(1)وليالٍ عشرٍ(2)والشفع والوتر(3)والليل إذا يسر(4)هل في ذلك قسمٌ لذي حِجرٍ(5) هل يعقل الإنسان ؟ ما هذا القسم وما الفوائد والبلاغة والفصاحة والامور التي تجري فيه من خلال الأيام العشر ، وازدواج الأشياء وَوِترِها ؟ فقال في سورة البلد (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ(4) أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ(5) - قال في سورة الفجر (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً(19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً(20) فحُبُّ المال هذا أورد الناس المهالك ، وقال في سورة البلد يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً(6) أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ(7) 90- سورة البلد بدأها بالقسم كما بدأ الفجر بالقسم وما بعدها من سورٍ بالقسم ، لأنَّ أهل مكة كثيروا الحِلفانِ ولهم فنونٌ في ذلك كثيرةٌ. - ( فك رقبة ) قال الإمام أحمد « 4/386 » حدثنا حيوة بن شريح حدثنا بقية حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن عمرو بن عبسة أنه حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بنى مسجدا ليذكر الله فيه بنى الله له بيتا في الجنة ومن أعتق نفسا مسلمة كانت فديته من جهنم ومن شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة. 91- سورة الشمس (ونفسٍ وما سوَّها فألهما فجورها وتقواها) إجمالًا ومن قبل ذكرها في سورة البلد (وهديناه النجدين) أي الطريقين طريق الخير والنجاة أو طريق الشر والهلاك. وفصَّل في سورة الليل وما يغشى فقال (فأمَّا من أعطى واتقى وصدق بالحسني فسنيسُرُه لليسرى وأمَّا من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى) . - (قد أفلح من زكَّاها وقد خاب من دسَّاها ) قال في سورة البلد (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ(17) أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ(18) هذا لمن زكَّى نفسه ، وقال (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ(19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ(20) هذا لمن دسَّاها وأذل نفسه بالمعصية والشرك. - (ولا يَخافُ عُقباها ) لأنَّ من أسلم واختار طريق الإسلام مصيره إلى الجنَّة فلا يخافُ عُقبى الأمور . 92- سورة الليل (وما خلق الذكر والأنثى إنَّ سعيتكم لشتى ) مثل ما ذكر في سورة الشمس من سعيٍ لهم فهم في الشمس ونهارِها يسعون وفي الليل ينامون ، وعلى الأرض يحرثون ومن السماء يصطادون الطيور ويطيرون في الجوِّ (اليوم بفضل الطائرات) 93- سورة الضحى ذكر الله في سورة الليل العاقبة للمتقين وعاقبة الفاجرين الأشقياء ، ففي هذه السورة ذكر جزاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنَّهُ خير المتقين وأفضل المُرسلين فعاقبته (وللآخرة خيرٌ لك من الأولى) - فيها التوصيات بعدم نهي اليتيم وقَهْرِهِ ، ونهر السائل لأنَّ هذه أحوال النبي صلى الله عليه وسلم قبل الرسالة فكان عليه الصلاة والسلام يتيمًا فآواه الله عز وجلَّ بدايةً إلى جده ثم عمَّهِ ثمَّ أكرمَهُ بالرسالة فكان خير مأوى وأفضله. ( وأمَّا بنعمة ربِّكَ فحدِّثْ ) انشر الإسلام فهو أعظم نِعم الله ناسبت مافي سورة الشرح (ألم نشرح لك صدرك) مِن الأمر بالاجتهاد في العبادة (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) فبعد نشر الدين يكون القيام به وبأمرِهِ على أتمِّ وجهٍ وعملٍ. 94- سورة ألم نشرح لك صدرك في السورة السابقة (ولسوف يُعطيك ربُّكَ فترضى) وهُنا (ووضعنا عنك وِزرك) أي غفرنا ذنبك ، وتعب النبوة والشقاء ، وضمنَّا لك الفوز في الدنيا والآخرة ، فالرضى عن الحال والمقال والفوز في العاجِل والآجل. (ورفعنا لك ذكرك) أيضًا زيادةً في الرضى من رب العالمين. (وإلى ربك فارغب) في الطاعة والعبادة كما قال في سورة التين (...إلَّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجرٌ غير ممنونٍ) 95- سورة التين قال في سورة (ألم نشرح لك صدرك) ورفعنا لك ذكرك : أي رفعنا لك ذكرك أولًا في مكَّةَ ثم في باقي بلاد العالم فاليوم يُذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في كل مجلسٍ وعلى الأذانِ وفي التشريع وفي الأحاديث. فبعد أن يُجهر بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم يُذكر البلد الذي فيه نزل الدين والقرآن والتشريع (وهذا البلد الأمين) (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) فبيَّنه في سورة العلق ، التقويم العظيم وخلق الإنسان من علقٍ في الأرحام ، سبحان الله بعد أن كان الإنسان ترابًا ثم طينًا ثم صلصالًا ثم هذا التكوين (ثم رددناه أسفل سافلين) أي أرذل العمر ، او المكذِّب بآيات الله 96- سورة العلق - بعد ذكر الديانات الثلاثة في جبل الطور وجبل التين والزيتون والبلد الأمين (مكة) بيَّن الله طبيعة الإنسان الذي يتكبَّر أو يتواضع فيكونُ من أهل الجنة أو من أهل النار ، نعوذ بالله من النار يا عزيزُ يا غفَّارُ. - بعد بيان خِلقة الإنسان من علقة ، وأنَّ أسفل السافلين هم الكاذبون على الرسول صلى الله عليه وسلم ناسب ذكر أشرف الرُّتَبِ للأعمال وهي ليلة القدر 97- سورة القدر ما الذي يربُط خلق الإنسان والزبانية بسورة القدر ؟ قلت : الزبانية ملائكة العذاب وفي ليلة القدر تنزل ملائكة الرحمة ومِنها جبريل عليه السلام (الروح الأمين) ، فبعد ذكر الترهيب للكافرين خفَّفَ على المؤمنينَ بذكر الرحمة وذكر الاجر والثواب الجزيل ولله الحمدُ والمِنَّةُ. (ليلة القدرِ خيرٌ من ألف شهرٍ) تناسبت مع (إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هُم خير البرية..) في سورة البيَّنة. 98- سورة البيَّنة (لم يكن الذين كفروا) (رسولٌ من الله يتلو صحفًا مطهرة فيها كتبٌ قيَّمةٌ) قُلت : الصحف المطهرة القرآن والسنة والأحاديث الشريفة ، وإثبات ليلة القدر في الصُّحِفِ المطهَّرة ، في القرآن فيها سورة كاملة وفي الأحاديث الشريفة ثبت في الصحيحين « خ35 م760 » عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وقوله تعالى « تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر » من تفسير ابن كثير. - (جزاؤُهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنه ورضوا عنه ..) مِثلُها في سورة الزلزلة (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره) 99- سورة الزلزلة (إذا زُلْزِلت) ذكر في سورة البيِّنة جزاء المؤمنين وخير البرية وهُنُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات فذكر في سورة إذا زُلزلت (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ) ، وذكر الأشرار في سورة البينة (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم......الآية) فذكر في سورة إذا زلزلت (ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره).. - قُلت : إذا زلزت الأرض زلزالها لابُد تُرابط ما في سورة العاديات (أفلا يعلمُ إذا بُعثِرَ مافي القبور) زِلزالُ الأرض خروجُ أهل الأجداث (القبور) مِنها إلى المحشر والمنشر 100- سورة العاديات - أفلا يعلمُ إذا بعثر ما في القبور ، هذا الإنسانُ تُبعثر الأرض به وتجمعه جمعًا ، وهو مع ذلك كنودٌ شديدُ الجحودُ لنعم اللهِ ، كفورٌ بربِّهِ ، شديدُ البخلِ ، ويُحبُّ المال كثيرًا فلا ينفعه شيئًا إذا لم يقدمه ليوم غدٍ (فأَّما من ثقلت موازينه..) في سورة القارعة 101- سورة القارعة الإنسان بخيلٌ بماله شحيح به فهُنا سيرى جميع أعماله وما أنفق من ماله كثيرًا أو قليلًا ، لا يخفى مثقال ذرَّة. - تكون الجبال كالعهن المنفوش لمَّا (كلا سوف تعلمون) ومِنْ قبلُ (إنَّ ربهم بهم يومئذ لخبير) 102- سورة التكاثر (ألهاكُم التكاثر حتى زُرتُم المقابر) لقد كان الناسُ قبلها في وهمٍ كبيرٍ (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث) منتشرين لا نصيرَ ولا دليلَ وتعويلَ . (كلا لو تعلمون علم اليقين ) لو علِمَ الناسُ ما في الحياة الدنيا لما التهوْا عن الآخرة بها ، فقال الله في سورة العصر (والعصر إنَّ الإنسان لفي خُسرٍ) 103- سورة العصر بعد ذكر القبور وأنَّ النار حقٌّ ، أرشدنا الله إلى سبيل النجاة (إلَّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوْا بالحق وتواصوا بالصبر ......) وذكر الخاسرين في سورة العصر (إنَّ الإنسان لفي خسرٍ) وبيَّنَ جزاءَهُم في سورة الهُمزَةِ (كلا لينبذن في الحطمة) 104- سورة الهمزة (ويلٌ لكلِّ هُمزةٍ لمزةٍ) (ويلٌ لكلِّ همزةٍ لمزةٍ) هؤلاء بعض الخاسرين (إنَّ الإنسان لفي خسر) ، ولمَّا ذُكِر مصير البُخْلِ بالمال (الذي جمع ماله وعدَّدَهُ) عطف على أهْل مكة وذكَّرَهُم بنعمته عليهم وإنقاذِهِم من الجيش الجرَّارِ الذي أراد هدم الكعبة. وكانت قُريش مشهورة بالكرم وإطعام الحاج والسُقيا لذلك عصمهم من الله من الفيل بالصدقات (والله أعلم) 105- سورة الفيل قال ابن كثير ((هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحوا أثرها من الوجود فأبادهم الله وأرغم آنافهم وخيب سعهم وأضل عملهم وردهم بشر خيبة وكانوا قوما نصارىوكان دينهم إذ ذاك أقرب حالا مما كان عليه قريش من عبادة الأوثان ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه في ذلك العام ولد على أشهر الأقوال ولسان حال القدرة يقول لم ينصركم يامعشر قريش على الحبشة لخيريتكم عليهم ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء)) (طيرًا أبابيل) كثيرٌ مُتتابعونَ (وإذا كانت بمعنى عظيمة الحجم لها خراطيم ) مِثلُ قبيلة قريشٍ فهي كثيرةٌ بُطونها عزيزةٌ في العربِ ، لها السيادة على باقي القبائل. (فجعلهُم كعصفٍ مأكولٍ) وفي رواية عن سعيد بن جبير ورق الحنطة وعنه أيضا العصف التبن والمأكول القصيل يجز للدواب وكذلك قال الحسن البصري وعن ابن عباس العصف القشرة التي على الحبة كالغلاف على الحنطة وقال ابن زيد العصف ورق الزرع وورق البقل إذا أكلته البهائم فهذا ماثلَ مافي السورة التي بعدها من امتنانٍ : (الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف) الله عز وجل أطعم قريش من تجارة الشام واليمن (رحلتي الشتاء والصيف) الطعام الكثير والخير الوفير والفاكهة الذيذة ، ورزقهم حرمًا آمِناً والناس من حولهم في الخوف والهلع والفزع. وقد قيل إنَّ هذه السورة وقريش سورة واحدة لكنَّ أغلب الفُقهاء فصَّلوا السورتين لأدلةٍ عِندهم . 106- سورة قريش هذه السورة مفصولة من التي قبلها في المصحف الإمام كتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم وإن كانت متعلقة بما قبلها كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم لأن المعنى عندهما حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله لإيلاف قريش أي لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين وقيل المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرحلة في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير ذلك ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم لعظمتهم عند الناس لكونهم سكان حرم الله فمن عرفهم احترمهم بل من صوفي إليهم وسار معهم أمن بهم وهذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم وأما في حال إقامتهم في البلد فكما قال الله تعالى « أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم » ولهذا قال تعالى « لإيلاف قريش إيلافهم » بدل من الأول ومفسر له ولهذا قال تعالى « إيلافهم رحلة الشتاء والصيف » وقال ابن جرير الصواب أن اللام لام التعجب كأنه يقول اعجبوا لإيلاف قريش ونعمتي عليهم في ذلك قال وذلك لإجماع المسلمين على أنهما سورتان منفصلتان مستقلتان ثم أرشدهم إلى شكر هذه النعمة العظيمة فقال « فليعبدوا رب هذا البيت » أي فليوحدوه بالعبادة كما جعل لهم حرما آمنا وبيتا محرما كما قال تعالى « قل إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين » منقول من تفسير ابن كثير ولم أجد خيرًا من كلامه في هذا الموضوع ! قُلت : وشاركت السورة التي تليها بمعنى الآية (أرأيت الذي يُكَذِّبُ بالدين) هؤلاء أهل مكَّة أول من كذَّبَ وقدم كان الأنصار آمنوا أسرع مِنهم ، أي أنَّ أغلب أهل مكة بقوا على الكفر ولم يُسلم سوى القليل على عكس الأنصار الذين آمن أغلبُهُم ولم يكفر سوى المنافقون ويهود بني قريظة وبنو قنينُقاع والنضير سوى من آمن. (فذلك الذي يدعُّ اليتيم) كان فيهم الكثيرُ مِمَّنْ يأوي اليتيم ثُمَّ لا يُحسِنُ إليه ، وكانوا يأكلون أموالَ اليتامى ظُلمًا وهذا من صفات قريشٍ فالسورتانِ مُتتاليِتانِ في الروابِطِ. 107- سورة الماعون (فويلٌ للمصلِّين الذين هم عن صلاتهم ساهون) لقد رزق الله أهل مكَّة القريشين ومن حولهم الكعبة وهي الحرم الآمِنُ ومع ذلك فهُم آخر من صلِّى ونهاهُم اللهُ عن المُراءاةِ في الصلاةِ . وتوَعَّدَهُم بالويلِ وقيل هُو وادٍ في جهنَّمَ. - قال في سورة قريشٍ (فيلعبدوا رب هذا البيت ) وقال في سورة الماعون (الذين هُم يراؤون) فأمرَهُم بعبادَتِهِ لا شريكَ له ونهاهم عن الرياءِ وهو الشرك الأصغر ، وقال الإمام أحمد « 2/212 » حدثنا أبو نعيم حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة قال كنا جلوسا عند أبي عبيدة فذكروا الرياء فقال رجل يكنى بأبي زيد سمعت عبد الله بن عمرو يقول - قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه وحقره وصغره ورواه أيضا « 2/162 و 195 » عن غندر ويحيى القطان عن شعبة بن عمرو بن مرة عن رجل عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ومما يتعلق بقوله تعالى « الذين هم يراءون » أن من عمل عملا لله فاطلع عليه الناس فأعجبه ذلك أن هذا لا يعد رياء والدليل على ذلك ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا هارون بن معروف حدثنا مخلد بن يزيد حدثنا سعيد بن بشير حدثنا الأعمشعن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنت أصلي فدخل علي رجل فأعجبني ذلك فذكرته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال كتب لك أجران أجر السر وأجر العلانية قال أبو علي هارون بن معروف بلغني أن ابن المبارك قال نعم الحديث للمرائين وهذا حديث غريب من هذا الوجه وسعيد بن بشير متوسط وروايته عن الأعمش عزيزة وقد رواه غيره عنه قال أبو يعلى أيضا حدثنا محمد بن المثنى بن موسى حدثنا أبو داود حدثنا أبو سنان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله الرجل يعمل العمل يسره فإذا اطلع عليه أعجبه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم له أجران أجر السر وأجر العلانية - « ويمنعون الماعون » فإنَّ هُم منعوه فـــ ( إنَّا أعطنياك الكوثر ) الله عز وجل وعدكَ نهرًا أو حوضًا فيه خيرٌ كثيرٌ ورزقًا واسِعًا وجنَّةً عرضها السموات والأرضُ فلا يغرُّنَّكَ بُخْلُهُم ومنعهم الطعام وحِصارُهُم الظالِمُ. 108- سورة الكوثر روى هذا الحديث مسلم « 400 » وأبو داود « 4747 » والنسائي « 11702 » من طريق علي بن مسهر ومحمد بن فضيل كلاهما عن المختار بن فلفل عن أنس ولفظ مسلم قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما قلنا ما أضحكك يا رسول الله قال لقد أنزلت علي آنفا سورة فقرأ « بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شأنئك هو الأبتر » ثم قال أتدرون ما الكوثر قلنا الله ورسوله أعلم قال فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم في السماء فيختلج العبد منهم فأقول رب إنه من امتي فيقول إنه لا تدري ما أحدث بعدك 109 - سورة الكافرون بعدما ذكر نعمة الله بالكوثر ، وذكر (إنَّ شانِئك هو الأبْتر) مُبغِضُك من الكافرين هو الأبتر المقطوع نسلهُ وذِكره وأنت ذكرك باقٍ إلى يوم الدين. وسورة الكافرون رابطت ما بعدها إذ أنَّهُم لا يتركون دينهم حتى يجئ النصر من الله ! فلَّما جاء النصر من الله اسلموا جميعًا (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) 110- سورة النصر (إذا جاء نصر الله والفتح) (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) رابطت ما بعدها في أنَّ أبا لهبٍ أشدُّ الناس عداوةً للرسول صلى الله عليه وسلم فأمر الله رسوله بالاستغفار والتصبُّرِ فسوف يؤتيه الله نصرًا عظيمًا وفتحًا مُبينًا ، فلا يحزن على خِذلانِ الأقارب. 111- سورة المسد (تبَّتْ يدا أبي لهب) دخل الناس في دين الله أفواجًا ولم يدخل بينهم أبو لهب ! ، ولمَّا نزلت السورة تكلَّم المشركون قالوا كيف يهجوك محمد (صلى الله عليه وسلم) فأنزل الله قل هو الله أحد بعدها (في الترتيب) ليعلموا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول شيئًا من عنده بل هو كلام الله عز وجل. 112- سورة الصمد (قل هو الله أحد) لمَّا ذكر غاية الهُجـاء لأبي لهبٍ ، ذكر غاية المدح لله العزيز الحكيم القدير ، وذكر صفات الله الواحد الأحد ، فأمرنا بالاستعاذة به في كل شيءٍ من كل شرٍّ ومن كلِّ أذى. قُلت : وذكر أبا لهبٍ بكنيتِهِ (أبا لهب) فأكَّدَ أنَّ اللهَ ليس لهُ ولدٌ. (ولم يكن له كفوًا أحدٌ) فلا مثيل ولا شريك ولا يصِّحُ تصريفُ أمرٍ من الأمورِ لغيرهِ عز وجل ، فله العباداتُ ولهُ الصلواتُ ولهُ القُرُباتُ وبِهِ الاستعاذاتُ لذلك قال بعدها (قُلْ أعوذ بربِّ الفلقِ وقُل أعوذ برب الناس) 113- سورة الفلق لمَّا ذكر وصف الله العزيز الحكيم الواحد الأحد الصمد ، طلب من الناس الاستعاذة به وحده من شر ما خَلَقَ من الخلقِ ، وأكَّدَ ذلك في سورة الناس بالاستعاذة من الجـانِّ. 114- سورة الناس مثل سابِقتِها في الاستعاذة بالله من الشياطين ، والجانِّ ، ولو قُلنا القرآن قطعة واحدة فهي مثل الفاتحة (ملِك الناس) و الفاتحة (ملك يوم الدين) طبعًا هذا الترابط وإنْ كان يسيرًا فقد يغفل القارئ أنًَّ القرآن كُلًُّه مترابط ولو لم يشعر الناس بذلك ، فالله قال (كتابٌ أحكمت آيته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) فالله أحكم الآيات أحسن تنزيلها ومعانيها ، وفصَّلها في مواضع آخر ، وقد أجمل حينًا وفصَّل حينًا ، واختصر حينًا وطوَّل حينًا ، وفي التقديم والتأخير والزيادة والنقص ما لا يخفى على أحد. كما أنَّ السور مُترابطة وإن كانت غير متتالية فالله ذكر حفظ الفروج في المؤمنون ثم الزنى والوقاية منه في النور ثم ذكر ثواب التائبين من الزنى في الفرقان فهي متتالية وراء بعضها لمن كان له نظر. أقول إنَّ كتاب الله لا تنقضي عجائبه ولا تنتهي عند ترابط الآيات والسور ولا التفسير والتأويل ، والإخبار عمَّا مضى وما سيأتي وكما قال الله تعالى (وتلك الأمثال نضربها للناس ويعقلها إلا العالِمون) نسأل الله أن يُعلِّمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علَّمنا إنَّهُ وليُّ ذلك والقادر عليه. وخِتامًا فهذه الطبعة الاولى ولابُد من تعليقاتكم عليها حتى نضيف ما نقُص ونُصحِّحَ ما أخطأنا به. فراسلونا Leer74@hotmail.com Mohammad aboshaqra على الــ facebook هذا والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
تاريخ الفكر الصهيوني للمسيري كتاب الكتروني رائع | عادل محمد عبده | كتب إلكترونية | 0 | 2020-02-17 07:10 AM |
النوم بين الظل والشمس | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | السنة ومصطلح الحديث | 0 | 2020-02-06 04:08 PM |
الكلب الاسود | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 0 | 2020-01-24 03:18 AM |
العصمة والمهدوية | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 0 | 2020-01-11 07:31 AM |
أبرز علماء الإسلام | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | السير والتاريخ وتراجم الأعلام | 0 | 2019-11-13 01:54 PM |