رؤية شرعية تحذير الأنام من فتنة الإعلام الهدام بقلم المستشار / أحمد السيد على إبراهيم

[علاء الدين الكردى]

بسم الله الرحمن الرحيم
تحذير الأنام من فتنة الإعلام الهدام
المستشار / أحمد السيد على إبراهيم
هيئة قضايا الدولة بالاسكندرية
والكاتب بمجلة التوحيد

الحمد لله حمدا لاينفد أفضل ما ينبغى أن يحمد وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تعبد ، أما بعد ......


فقد تسارعت وتيرة الأحداث السياسية بمصرنا الحبيبة بطريقة تنذر بوقوع ما لايحمد عقباه ، وقد اشترك فى صنع هذه الأحداث وسائل عدة لعل من أبرزها أغلب وسائل الإعلام الموجودة على الساحة ( المرئية والمسموعة والمقرؤة ) والتى أضحت معاول هدم وتقويض لاركان الشرعية ، ولإسقاط المشروع الإسلامى الوليد فى مهده . وللتحذير من فتنة هذا الإعلام نعرض الوقفات الآتية :-


الوقفة الأولى : تعريف الإعلام :-

عرفه بعضهم بأنه : ( تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التى تساعدهم على تكوين رأى صائب فى واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات بحيث يعبر هذا الرأى تعبيرا موضوعيا عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم )
وهذا التعريف هو لما ينبغي ان يكون عليه الاعلام لكن واقع الاعلام صار اليوم وبعد التطورات الكبيرة في وسائله ودوره وتأثيره في حياة الناس والمجتمعات شيء مختلف فقد تحولت أغلب وسائل الاعلام إلى معاول هدم للمجتمعات الإسلامية .

الوقفة الثانية : نبذة تاريخية عن الإعلام :-

بدء ظهور الإعلام بوسائلة البدائية منذ بداية الصراع بين الحق والباطل ، وتطورت وسائله وأساليبه بمضى الزمن ، فقد بين القرآن بداية الظهور وامتداده عبر العصور المختلفة ، قال تعالى " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا ( 61 ) قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا (62) قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا (63) واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا (64) " [ الإسراء 61/64 ] قال القرطبى فى تفسيره : " ... واستفزز أي استزل واستخف . وأصله القطع ، ومنه تفزز الثوب إذا انقطع . والمعنى استزله بقطعك إياه عن الحق ... الثانية : بصوتك وصوته كل داع يدعو إلى معصية الله - تعالى – " أهـ

.
فقد توعد أبليس آدم وذريته بالإحتناك وهو يدور على معنيين : قال أبو جعفر النحاس (ت:338هـ) : (أكثر أهل اللغة على أن المعنى لأستولين عليهم ولأستأصلنهم من قولهم احتنك الجراد الزرع إذا ذهب به كله. وقيل: هو من قولهم حنك الدابة يحنكها به إذا ربط حبلا في حنكها الأسفل وساقها ، حكى ذلك ابن السكيت، وحكى أيضا احتنك دابته مثل حنك فيكون المعنى: لأسوقنهم كيف شئت). ثم قال تعالى له " اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك " وهو كل داع إلى معصية الله ، ومنذ ذلك الحين مافتئ الشيطان يدعو أولياءه لإحتناك بنى أدم بشتى السبل ، فبذلوا فى سبيل ذلك الغالى والنفيس ، ولم يسلم منهم أحد حتى الأنبياء وليس ادل على ذلك مما فعله الشعراء ( وقد كانوا يقومون بنفس وظيفة الإعلاميين الآن ) مع نبينا محمد صل الله عليه وسلم وصحابته من سعى حثيث للصد عن دين الله ،


وصرف الناس عنه ، قال تعالى (والشعراء يتبعهم الغاوون )224 (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ( 225) )وأنهم يقولون ما لا يفعلون (226 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ( 227) ) [ الشعراء 224/227 ] ولمواجهة هذه الهجمة الشرسة بنفس وسيلتها ، فقد قيض الله لنبيه صل الله عليه وسلم فطاحل الشعراء كعب بن مالك وحسان بن ثابت و عبد الله بن رواحة وكعب بن زهير ، وهم وغيرهم المستثنون من الآيات السابقة . ثم مع ظهور الثورة الصناعية فى أوروبا وانتقالها إلى بقية دول العالم ظهرت الصحافة المكتوبة ، والتلفاز والقنوات الفضائية ، والنت ( الشبكة العنكبوتية ) فاستخدمها البعض فى طاعة الله ، والبعض فى الصد عن سبيله .


الوقفة الثالثة : الإستعمار الإعلامى :-


بعدما فشلت الدول الإستعمارية فى السيطرة على ديار الإسلام عسكريا ، وخرجت منها تجر أذيال الخيبة فقد سعت إلى السيطرة عليها إعلاميا لنقل الأحداث من خلال رؤيتها لها ، فأنشات إذاعات وقنوات فضائية تخاطب المنطقة العربية فأنشات الولايات المتحدة الأمريكية قناتى الحرة والحرة العراقية ، وأنشأت روسيا قناة روسيا اليوم ، وأنشأت بريطانيا إذاعة وقناة البى بى سى ،


وأنشأت فرنسا قناة فرنسا 24 ساعة ، وعملت هذه القنوات على تضييع المفاهيم الشرعية لدى المسلمين بتسمية الأمور بغير مسمياتها فأطلقت على المجاهدين المقاومين للإحتلال اللإسرائيلى لفلسطين والأمريكى للعراق وأفغانستان والروسى للشيشان والفرنسى لمالى ، متطرفين ، إرهابيين ، وأسبغت على قوات إحتلال تلك الدول وما تفعله من إنتهاكات يندى لها الجبين ، المشروعية ، فسمت حروبها بحروب التحرير ، مما حدا ببعض جهلاء المسلمين إلى تأييد تلك الدول فيما ذهبت إليه ، وقيام بعض الدول الإسلامية بمساعدتها عسكريا وإقتصاديا وتوفير الغطاء السياسى لعملياتها العسكرية !!!


الوقفة الرابعة : محاولة قلب الحقائق :-


حيث يسعى الإعلام الهدام إلى قلب الحقائق وإلباس الباطل ثوب الحق والحق ثوب الباطل ، وهذه عادة أهل الباطل فى صراعهم مع أهل الحق ، قال الله تعالى مبيناً لنا ما فعله أهل الجاهلية لما جاءهم نوح عليه السلام يدعوهم ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً، ووصفوه بأنه في ضلال مبين قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الأعراف:60] وهذا هود عليه السلام كما وصف الله جل في علاه دعا قومه إلى الطريق المستقيم، وإلى طريق النجاة، إلى الله جل في علاه، فقالوا: إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ
[الأعراف:66]،


فاتهموه بالكذب والسفاهة، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام . وهكذا فعلوا بصالح، فقد اتهموه بالكذب لما دعاهم إلى الله وأتاهم بالناقة آية من آيات الله جل في علاه: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [الأعراف:75-76]، فقلبوا الحقائق والموازين، وجعلوا الصادق كاذباً، والهادي مضلاً، والأمين خائناً. وهكذا فعلوا مع موسى عليه السلام لما بلغ مبلغه مع فرعون أعتى أهل الأرض دعيّ الربوبية، فجاءه موسى بأدب الداعي يدعوه بكلام هين لين عله يسمع ويطيع، فقال فرعون لما جاءه الحق: ((إن هذا لسحر مبين))، فدُهش موسى مما قاله فرعون، وقال: أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ [يونس:77]، فقال قوم فرعون: أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ [الأعراف:127]،


فقلبوا الحقائق والموازين، فموسى النبي الكريم الذي يرشدهم إلى جنات الله أصبح من المفسدين في الأرض، وهكذا يصنع أهل الجاهلية مع أهل الصلاح والرشاد . وبنفس الطريقة قوبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أصدق من في الكون وأعبدهم وأكرمهم على الله سبحانه، فاتهموه بالجنون وبالسحر وبالكذب: وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ [الدخان:14] وقالوا: سَاحِرٌ كَذَّابٌ [ص:4] وقالوا: يفرق بين المرء وزوجه، ورموه بالأباطيل مع أنه الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم. وهكذا قلبوا الحقائق، وجعلوا الباطل حقاً والحق باطلاً ليصدوا عن سبيل الله، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الموازين ستقلب بين يدي الساعة فقال: (إن بين يدي الساعة سنوات خداعة، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين، وينطق الرويبضة) . [ رواه أحمد وصححه الألبانى ]


وهذا الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم قد ذمه الله وبين أن هذا الباطل إنما هو لطمس الحقائق، والعملة الزائفة لا تروج على الله جل في علاه، فإن الغيب عند الله شهادة كما أن الشهادة يعلمها الله جل في علاه. ومن الأمثلة على ما فعله الإعلام الهدام من قلب للحقائق لصد الناس عن الحق ، حملات منع ختان الإناث ووصفه بالعادة الفرعونية ، وحملة منع التعدد حتى قبل الناس الحرام المتمثل فى مصاحبة الرجل لمرأة أجنبية ولم يقبلوا شرع الله المتمثل فى التعدد . ومن الأمثلة السياسية وصف البلطجية وجماعات البلاك بلوك والأناركيين والإشتراكيين الثوريين بالمتظاهرين بالرغم مما تعانيه البلاد من مفاسدهم ، والمعتصمين السلميين من الإسلاميين بالبلطجية !! فجعلوا البلطجية أفضل حالا من المتظاهريين السلميين !!


الوقفة الخامسة : سياسة الكيل بمكيالين :-


وهى سياسة يهودية فعلها اليهود مع مخالفيهم ، فعن أنس: أن عبد الله بن سلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه إلى المدينة، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمها إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول ما يأكل أهل الجنة؟ ومن أين يشبه الولد أباه وأمه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أخبرني بهنَّ جبريل آنفًا". قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة. قال: "أمّا أول أشراط الساعة فنار تخرج من المشرق، فتحشر الناس إلى المغرب. وأما أول ما يأكله أهل الجنة، فزيادة كبد حوت. وأما الشَّبَهُ، فإذا سَبَقَ ماء الرجل نَزَعَ إليه الولد، وإذا سبق ماء المرأة نزع إليها". قال: أشهد أنك رسول الله،وقال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بهت; وإنهم إنْ يعلموا بإسلامي بهتوني، فأرسلْ إليهم، فسَلْهُمْ عنِّي. فأرسل إليهم، فقال: "أي رجل ابن سلام فيكم؟" قالوا: حَبْرُنا وابن حبرنا، وعالمنا وابن عالمنا. قال: "أرأيتم إن أسلم، تسلمون؟" قالوا: أعاذه الله من ذلك ! قال: فخرج عبد الله، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. فقالوا: شرُّنا وابن شرِّنا، وجاهلنا وابن جاهلنا. قال: ويلكم ! اتقوا الله، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله حقًّا. قالوا: كذبت. فقال: يا رسول الله، ألم أخبرك أنهم قوم بُهْتٌ؟! فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " [ رواه البخارى ]



ومن أمثلة ما فعله الإعلام الهدام من سياسة الكيل بمكيالين ، قولهم إن الأحزاب الإسلامية قد خدعت الشعب المصرى بالزيت والسكر لتحصد اصواتها فى الإنتخابات البرلمانية ، وأن الشعب المصرى جاهل واستطاعت تلك الأحزاب خداعة باسم الدين ، ولم يرتضوا بديموقراطيتهم التى صدعوا الرؤوس بضرورة إحترامها ، ثم مدحهم لهذا الشعب ووصفه بالوعى والتحضر إذا أتت الصناديق بهم ، بالرغم من أن هذا الإدعاء مردود عليه بأن الإسلاميين اكتسحوا الإنتخابات فى تونس والمغرب والكويت وتركيا ، والنقابات المهنية بمصر وبها صفوة المجتمع ، فهل حصد الإسلاميون مقاعدهم فى برلمانات تلك الدول بالزيت والسكر واستغلال الدين ؟! وكذلك وصمهم القضاء بالأخونة إذا جاءت الأحكام على غير ما يشتهون ، ووصفهم له بالشامخ إذا قضى ضد الإسلاميين !!


الوقفة السادسة : إسقاط الرموز و المقدسات :-


لما علم هؤلاء أن الشعوب الإسلامية تطوق إلى تطبيق شريعة ربها ، وقامت باختيار الأحزاب الإسلامية التى تضمنت برامجها تطبيق شرع الله فقد عمد هؤلاء إلى تشويه الرموز الإسلامية لفض الناس من حولهم ، ومنع التأثير عليهم فى الإختيار ، فقاموا بالإجراءات الآتية :


أولا إلصاق الأباطيل بهم ، وليس أدل على ذلك مما نسبوه لحزب النور السلفى بالبرلمان من تقديم مشروع قانون يبيح مضاجعة الزوج لزوجته المتوفاه قبل دفنها بما عرف ( بقانون مضاجعة الوداع ) ، وهو ما نفاه الحزب ومجلس الشعب والمجلس القومى للمرأة ، وبالرغم من ذلك استمر الإعلام فى نشر هذه الفرية والتأكيد عليها لتشويه الإسلاميين . وهو ما لم يفعله كفار قريش مع النبى وصحبه ، فلم يستغل كفار قريش زنا ماعز والغامدية ، وتقبيل صحابى لإمرأة فى بستان وضمها ، وذهابه للنبى صل الله عليه وسلم لإقامة الحد عليه وشرب بعض الصحابة الخمر وسب بعض الصحابة زوجة النبى صل الله عليه وسلم ، فى تشويه الصحابة وتنفير الناس منهم ، فكانت أخلاق كفار قريش مع مخالفيهم أرقى من أخلاق بعض الإعلاميين الآن !!


ثانيا : استدراج بعض الإسلاميين ممن عرفوا بالشدة ، وسرعة الغضب ، لبرامج حوارية مع إستفزازهم حتى تنفلت أعصابهم ، وتخرج منهم أقوال وأفعال تتنافى مع الشرع ، وهو ما حدث من أحدهم حينما خلع نعله ملوحا به لمن استفزه !! وتطايرت تلك القنوات تلك الواقعة لتشويه الطيار الإسلامى بأسره .
ثالثا : الإستهزاء والسخرية من المؤمنين : قال تعالى : " زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب" (البقرة 212 ) وقال " يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رســـول إلا كــانوا بـــه يستهزؤون "[ ( يس 30 ) وقال " إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ـ وإذا مروا بهم يتغامزون ـ وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين ـ وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ـ وما أرسلوا عليهم حافظين " ( المطففين 29/33 ) وقال " وكم أرسلنا من نبي في الأولين ـ وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزؤون " ( الزخرف 6/7 ) قال " ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين ـ وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون ) " الحجر10/11 ) ففي هذه الآيات


وغيرها ، يبين الله تعالى أن السخرية بالمؤمنين صفة من صفات الكافرين، يقاومون بها دعوة الرسل، وأتباعهم، ويصدون بها الناس عن الإذعان والقبول لدين الله تعالى. وهذا ما حرص عليه اليهود حيث جاء في " البروتوكول " السابع عشر، من " بروتوكولات " صهيون ؛ ما نصه : " وقد عنينا عناية عظيمة بالحط من كرامة رجال الدين، من الأميين " غير اليهود " في أعين الناس، وبذلك نجحنا في الإضرار برسالتهم التي كان يمكن أن تكون عقبة كؤودا في طريقنا ...اهـ.


وقال الأستاذ عبد الرحمن الميداني فى كتابة " أجنحة المكر الثلاث " معددا الأهداف التي يلتقي فيها المستعمرون والمبشرون والمستشرقون في محاربة المسلمين : الهدف الثالث" ... تشويه صورة الإسلام في نفوس المسلمين، وذلك بعدة خطط من خطط الهجوم الظالمة الآثمة، منها الخطط التالية:


1- مقابلة بعض أحكام الإسلام، وأركانه، وتشريعاته؛ بالاستهزاء، والسخرية، والازدراء، ووصف المستمسكين بها بالرجعية، والـتأخر، والتعصب، والجمود، ونحو ذلك من العبارات التي تضعف حماسة المتدينين للتمسك بدينهم، وتفت في أعضادهم، في ركب المتحللين من الدين.


2- احتقار علماء الدين الإسلامي، وازدراؤهم، وإلجاؤهم إلى أضيق مسالك اكتساب الرزق، لتنفير المسلمين منهم، ومن طريقتهم، ثم تقديم جهلة منحرفين إلى مراكز الصدارة، ليعطوا صورة مشوهة سيئة عن التطبيق الإسلامي، توسلا إلى تشويه الإسلام نفسه عن طريقه " أهـ


وقال الأستاذ حسني عثمان فى كتابه " المشايخ والإستعمار " واصفا الخطة التي حاكها المستعمرون للفصل بين علماء الأمة الإسلامية والعامة : " خلصوا إلى الخطة النكراء التي تبنى على أن قطع الصلة بين عامة المسلمين، وبين علماء الأمة؛ يقطع الصلة ـ عمليا ـ بين القرآن؛ وأمة القرآن ... وبدأوا حملة مسعورة، مستترة، استعملت كل أفانين الدعاية والإشاعة، وأساليب علم النفس والاجتماع: لتشويه سمعة علماء الأمة؛ حتى تكرههم الأمة، وترفض ـ من ثم ـ الائتمار بأمرهم، أو التأثر بعلمهم . " أهـ


وقد اقتفى الإعلام العلمانى آثار أسياده ، فأنشأ برامج مخصصة للإستهزاء والسخرية بالمؤمنين ، وليس أدل على ذلك من برنامج " البرنامج " الذى يقوم بالسخرية من علماء الأمة ومن شعائر الإسلام ، ويروج بين الجهلاء أن هؤلاء العلماء سبب فى إزدياد الكفر والإلحاد فى مصر ، وللأسف الشديد وجد من بين المسلمين من يستمع إليه وينخدع به ويدافع عنه !!!


كما قاموا بتشويه المقدسات الإسلامية وتحريض الغوغاء على إقتحامها ، فقامت إحدى السفيهات بتحريض البلطجية على حصار المساجد وإنزال الخطباء من على منابرها إن تحدثوا فى السياسة ، وهو ما وجد صدى عند بعض المجرمين فقاموا بإحراق مسجد القائد إبراهيم وحبس العالم الجليل الشيخ المسن أحمد المحلاوى وبعض المصلين بالمسجد ، حتى تم تحريرهم فى ساعة متأخرة من الليل !!! ثم توالت الإعتداءات على المساجد فى بلد الأزهر دون نكير من قنوات الفتنة والتى تنتفض إذا مست كنيسة بسوء ، متعامية ومتغافلة عن قوله تعالى " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها آولائك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم فى الدنيا خزى ولهم فى الآخرة عذاب عظيم " [ البقرة 114]


الوقفة السابعة : إشاعة الفرقة فى المجتمع :-


وهى سياسة يهودية حذر القرآن منها قال تعالى " ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءهم البينات وآولائك لهم عذاب عظيم " [ آل عمران 105 ] وروى الطبري بسنده وغيره عن زيد بن أسلم قال: مر شاس بن قيس - وكان شيخا قد عسا في الجاهلية عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم - على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية،


فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة - يعني الأنصار الأوس والخزرج - بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتى شابا من يهود وكان معه فقال له : اعمد إليهم فاجلس معهم فذكرهم يوم بعاث وما كان قبله ، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، ففعل، فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا، وقال بعضهم لبعض : إن شئتم رددناها الآن جذعة، وغضب الفريقان وقالوا: قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الحرة فخرجوا إليها وتحاوز الناس على دعواهم التي كانت في الجاهلية ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه حتى جاءهم فقال: يا معشر المسلمين الله الله .. أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به وقطع عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا ، فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس. "


وهذه السياسة يقومون ببثها فى المجتمعات التى يريدون السيطرة عليها ولذلك نشأ مصطلح ( فرق تسد ) ولنعلم أن القوم على دين آبائهم ، فأسسوا حزبا دينيا فى إسرائيل باسم ( شاس ) يسعى للتحريش بين الفصائل الفلسطينية ، وعلى درب شاس يسعى الإعلام الهدام جاهدا إلى بلوغ هذه الغاية فتارة يحرش بين الجماعات والأحزاب الإسلامية – سيما حزبى الأغلبية – حتى تحدث الفرقة بينهم ، فقد غاظهم إجتماع الإسلاميين على قلب رجل واحد إبان أحداث الإتحادية ومحاولة إسقاط الرئيس المنتخب وهبتهم كالليوث يدافعون عنه ، فما كان منهم إلا بث الفرقة بينهم فطفت على الساحة خلافات عدة بين الأحزاب الإسلامية . وتارة أخرى يعمدون إلى ضرب الإسلاميين بباقى أطياف المجتمع ،


فقام أحدهم ببث مقاطع فيديو للإيقاع بين السلفيين والأزهر الشريف ، وقاموا بالوقيعة بين الإسلاميين ، والنصارى ، وأشاعوا روح الجدل العقيم بين المصريين حتى لا يكاد المرء يرى اثنين متفقين على مسالة واحدة !! وصدق الله حيث يقول
( كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ (المائدة: من الآية 64).
الوقفة الثامنة : تمييع عقيدة المسلمين :-


وهم يتبعون فى ذلك سنة أهل الكتاب ، قال تعالى " وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ قدير " [ البقرة 109 ] وقال " يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين " [ آل عمران 100 ] فقاموا بمحاولة طمس الهوية الإسلامية والعقيدة الصحيحة عند المسلمين ، فخرج أحد الروائيين ليكتب رواية فى إحدى الصحف ليتحدث عن البابا بعد وفاته ، وأنه يرفل فى نعيم الجنة ، مصادما قوله تعالى " وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) [ البقرة 111] وقوله ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابنى إسرائيل اعبدوا الله ربى وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار " [ المائدة 72 ]


وأقامت وسائل الإعلام الدنيا ولم تقعدها حينما صرح السلفيون بكفر اليهود والنصارى مصداقا لقوله تعالى " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح إبن مريم " [ المائدة 72 ] وقوله " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة " [ المائدة 73 ] وقوله " وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون " [ التوبة 30 ]


وأوهموا الناس أن تكفير النصارى فتوى بقتلهم ، بالرغم من أنه لم يقل بذلك أحد من علماء الأمة ، بل ونفوه مرارا وتكرارا ، وبينوا أن الحكم بالكفر لا يبيح القتل ، وأن اليهود يكفرون النصارى ، والنصارى يكفرون اليهود قال تعالى " وقال اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء وهم يتلون الكتاب " [ البقرة 113 ] ويكفر الأثنان المسلمين ، ولم ينقل ذلك الإعلام الهدام ولم ينقلوا عن التيارات الإسلامية حمايتة النصارى أثناء الثورة والذب عن دمائهم وأعراضهم وأموالهم تأسيا برسولنا الكريم .
الوقفة التاسعة : سبل مواجهة تلك الفتنة :-


تكمن تلك الأسباب فى الآتى :


أولا : الإنصراف عن متابعة تلك الوسائل الهدامة ، قال تعالى : وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين " [ القصص 55] مع قيام القنوات المحترمة بفضح ممارساتهم حتى يتبين للكافة فسادهم .


ثانيا : التثبت من صحة الأخبار التى تنقل لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " [ الحجرات 6 ] وعدم المسارعة فى نقلها فكفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع " و " كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع " ( رواه مسلم فى مقدمته وصححه الألبانى )


ثالثا: المسارعة فى إنشاء المجلس القومى للإعلام المنصوص عليه بالدستور الجديد ، وتفعيل ميثاق الشرف الإعلامى .


رابعا : المسارعة فى إنشاء مجلس أعلى للتيارات الإسلامية ، ليضم بين جنباته كافة التيارات الإسلامية للتنسيق فيما بينها فى المواقف والأحداث التى تمر بها البلاد ، حتى لايظهر الإسلاميون متشرذمين متفرقين . على أن تكون قراراته ملزمة للجميع . مصداقا لقوله تعالى " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " [ الأنفال 46 ]

الوقفة العاشرة : بشريات ولدت من رحم الفتنة :-


أظهرت الأحداث المتلاحقة ، اشتداد الحملة المسعورة على التيارات الإسلامية ، حيث بلغ حجم الإنفاق الإعلامى عليها ، حسبما ذكرته المصادر الرسمية ، ستة مليارات جنية ، بالرغم من أن دخل هذه القنوات مجتمعة ، مليار جنية ، مما يعنى أنهم " ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون " [ الأنفال 36 ] ومع تزايد الإنفاق يتزايد التأييد للتيارات الإسلامية ، ويتزايد التعاطف معها ، وقد راينا كيف انقلب السحر على الساحر ، فقد قيضت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية طبيبا لتقديم برنامج " البرنامج " للسخرية من الإسلاميين ، وحتى لا يظهر البرنامج متحيزا ضدهم ، فقد قام بالسخرية من بعض الرموز الإعلامية والسياسية العلمانية ، حتى قاده حظه العاثر إلى السخرية من أحد السياسين المشاغبين ، فما كان منه إلا أن قام بفضحه على رؤوس الأشهاد ، وسبه وقذفه بأبشع الألفاظ ، وقد أظهرت تلك الواقعة العبر الآتية



أولا : دفاع الله عن المؤمنين : فما حدث يدل على حقيقة ثابته لاتتبدل ولا تتغير وهى " إن الله يدافع عن الذين آمنوا " [ الحج 38 ] " وقوله صل الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه " من عاد لى وليا فقد آذنته بالحرب " [ رواه البخارى ] ، فقد قيض الله من يدافع عن أوليائه من الساخر وبنفس أسلوبه .


ثانيا : تأييد الله لدينه : فالله عز وجل يؤيد دينه بجنود عده " وما يعلم جنود ربك إلا هو " [ المدثر 31 ] وربما ايده بالرجل الفاجر فقد جاء فى الصحيحين أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : " إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر "


ثالثا : الجزاء من جنس العمل : قال تعالى " وجزاء سيئة سيئة مثلها " [ الشورى 40 ] فرد الله كيد الساخر إلى نحره وبنفس بضاعته المزجاة .


رابعا : استحقاقه للعنه : فقد اخرج ابن حبان بسند صححه الألبانى أن النبى صل الله عليه وسلم قال : " لعن الله الرجل يسب أبويه . قيل : يا رسول الله ; وكيف يسب أبويه ؟ قال : يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه " وما فعله الساخر مع مخالفيه ، قد عاد على أمه بالسب والإنتقاص ، فاستحق اللعن .
خامسا : الظالمون بعضهم أولياء بعض : قال تعالى " ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين " ( الجاثية 18/19 )



وقد اخرج مسلم فى صحيحه أن النبى صل الله عليه وسلم قال ( الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) فالعلة من وراء إستضافة السياسى المشاغب ، هى رد الإعتبار له على الملأ ، كما أهين على الملأ ، والتنفيس عما بداخله من غضب ، شريطة عدم التعرض للساخر وترك برنامجه لاستكمال المخطط المعد له سلفا .

وفى النهاية أسال الله أن يبرم لهذه الأمة امر رشد يعز فيه أهل طاعته ، ويهدى فيه أهل معصيته

[العبيني]

[align=center]بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك [/align]

[محب علي بن ابي طالب]

الاعلام من اهم الامور في حياة الناس ولا سيما ان الناس يتأثكرون به كثيرا لاذا وجب علينا الحذر من الاعلام الفاسد ومحاربته