جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
من توحيد الاسماء والصفات الاستفصال في الالفاظ المجملة
من توحيد الاسماء والصفات الاستفصال في معاني الالفاظ المجملة والتوقف فيها
مسائل أحدثها المتكلمون " الكلمات المُجْمَلة " يَرِدُ في كتب العقائد مصطلح ( الكلمات المجملة ) . فما المقصود بها ؟ وما معنى كونها مجملة ؟ وما المراد من إطلاقها ؟ وما الذي دعى إلى إطلاقها ؟ وهل وردت في الكتاب والسنة ؟ وما طريقة أهل السنة في التعامل مع هذه الألفاظ ؟ والإجابة عن هذه الأسئلة تكون على النحو التالي : أ - المقصود بالكلمات المجملة : أنها ألفاظ يطلقها أهل التعطيل . أو : هي مصطلحات أحدها أهل الكلام . ب - ومعنى كونها مجملة : لأنها تحتمل حقاً وباطلاً . أو يقال : لأنها ألفاظ مُشتركة بين معانٍ صحيحة ، ومعانٍ باطلة . أو يقال لخفاء المراد منها ؛ بحيث لا يدرك بنفس اللفظ إلا بعد الاستفصال والاستفسار . ج - ومراد أهل التعطيل من إطلاقها : التوصل إلى نفي الصفات عن الله ـ تعالى ـ بحجة تنزيهه عن النقائص . د - والذي دعاهم إلى ذلك : عجزهم عن مقارعة أهل السنة بالحجة ؛ فلجؤوا إلى هذه الطريقة ؛ ليخفوا عوارهم ، وزيفهم . هـ - وهذه الألفاظ لم ترد لا في الكتاب ، ولا في السنة ؛ بل هي من إطلاقات أهل الكلام . و - وطريقة أهل السنة في التعامل مع هذه الكلمات : أنهم يتوقفون في هذه الألفاظ ؛ لأنه لم يرد نفيها ولا إثباتها في الكتاب والسنة ؛ فلا يثبتونها ، ولا ينفونها . أما المعنى الذي تحت هذه الألفاظ فإنهم يستفصلون عنه ، فإن كان معنى باطلاً يُنَزَّه الله عنه رَدُّوه ، وإن كان معنى حقاً لا يمتنع على الله قبلوه ، واستعملوا اللفظ الشرعي المناسب للمقام . وإليك فيما يلي نماذج وأمثلة لبعض الألفاظ المجملة : 1- الجهة . 2- الحدَّ . 3- الأعراض . 4- الأبعاض أو الأعضاء والأركان والجوارح . 5- حلول الحوادث بالله ـ تعالى ـ . 6- حلول الحوادث بالله ـ تعالى ـ . 7- التسلسل . وإليك فيما يلي تفصيلاً لهذه الألفاظ ، وما يراد بها ، وجواب أهل السنة المفصل على ذلك . دراسة موجزة لبعض الكلمات المُجْملة أولاً ـ الجهة : هذه اللفظة من الكلمات المجملة التي يطلقها أهل التعطيل ، فما معناها في اللغة ؟ وما مرادهم من إطلاقها ؟ وما التحقيق في تلك اللفظة ؟ وهي هي ثابتة لله ، أو منفية عنه ؟ أ - معنى الجهة في اللغة : تطلق على الوضع الذي تتوجه إليه ، وتقصده ، وتطلق على الطريق ، وعلى كل شيء استقبلته ، وأخذت فيه . ب - ومراد أهل التعطيل من إطلاق لفظ الجهة : نفي صفة العلو عن الله ـ عز وجل ـ . ج - والتحقيق في هذه اللفظة : أن يقال : إن إطلاق لفظ الجهة في حق الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمر مبتدع لم يرد في الكتاب ولا السنة ، ولا عن أحد من سلف هذه الأمة . وبناء على هذا لا يصح إطلاق الجهة على الله ـ عز وجل ـ لا نفياً ولا إثباتاً ، بل لابد من التفصيل ؛ لأن هذا المعنى ـ يحتمل حقاً ويحتمل باطلاً . فإن أريد بها جهة سفل فإنها منتفية عن الله ، وممتنعة عليه ـ أيضا ؛ فإن الله أعظم وأجل من أن يحيط به شيء من مخلوقاته ، كيف وقد وسع كرسيه السموات والأرض ؟ وإن أريد بالجهة أنه في جميع الجها ، وأنه حالٌّ في خلقه ، وأنه بذاته في كل مكان ـ فإن ذلك بالحل ممتنع على الله ، منتفٍ في حقه . وإن أريد نفي الجهة عن الله ـ كما يقول أهل التعطيل ـ حيث يقولون : إن الله ليس في جهة ، أي ليس في مكان ، فهو لا داخل العالم ، ولا خارجة ، ولا متصل ، ولا منفصل ، ولا فوق ، ولا تحت ـ فإن ذلك ـ أيضاً ـ ممتنع على الله منتفٍ في حقه ؛ إذ إن ذلك وصف له بالعدم المحض . وإن أريد بالجهة أنه في جهة علوٍّ تليق بجلاله ، وعظمته من غير إحاطة به ، ومن غير أن يكون محتاجاً لأحد من خلقه ـ فإن ذلك حق ثابت له ، ومعنى صحيح دلت عليه النصوص ، والعقول ، والفطر السليمة . ومعنى كونه في السماء ، أي في العلو ، أو أن " في " بمعنى على ، أي على السماء ، كما قال ـ تعالى ـ : ( وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) [طه : 71] أي على جذوع النخل . وبهذا التفصيل يتبين الحق من الباطل في هذا الإطلاق . أما بالنسبة للفظ فكما سبق لا يثبت ولا ينفي ، بل يجب أن يستعمل بدلاً عنه اللفظ الشرعي ، وهو العلو ، والفوقية . ثانياً ـ الحد : وهذا ـ أيضاً ـ من الألفاظ المجملة التي يطلقها أهل التعطيل . فما معنى الحد في اللغة ؟ وماذا يريد أهل التعطيل من إطلاقه ؟ وما شبهتهم في ذلك ؟ وما جواب أهل السنة ؟ أ - معنى الحد في اللغة : يطلق على الفَصْل ، والمنع ، والحاجز بين الشيئين الذي يمنع اختلاط أحدهما بالآخر . يقال : حددت كذا ، جعلت له حداً يميزه . وجد الدار ما تتميز به عن غيرها ، وحد الشيء : الوصف المحيط بمعناه ، المميز له عن غيره . ب - وأهل التعطيل يريدون من إطلاق لفظ ( الحد ) نفي استواء الله على عرشه . ج - وشبهتهم في ذلك : أنهم يقولون : لو أثبتنا استواء الله على عرشه للزم أن يكون محدوداً ؛ لأن المستوى على الشيء يكون محدوداً ؛ فالإنسان ـ مثلاً ـ إذا استوى على البعير صار محدوداً بمنطقة معينة ، محصوراً بها ، وعلى محدود ـ أيضاً ـ . وبناء على ذلك فهم ينفون استواء الله على عرشه ويرون أنهم ينزهون الله ـ عز وجل ـ عن الحد ، أو الحدود . د ـ جواب أهل السنة : أهل السنة يقولون : إن لفظ ( الحد ) لم يرد في الكتاب ، ولا في السنة ، ولا في كلام سلف الأمة ؛ فهو ـ إذاً ـ لفظ مبتدع حادث . وليس لنا أن نصف الله بما لم يصف به نفسه ، ولا وصفه به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا نفياً ، ولا إثباتاً ، وإنما نحن متبعون لا مبتدعون . هذا بالنسبة للفظ . أما بالنسبة للمعنى فإننا نستفصل ـ كعادتنا ـ ونقول ماذا تريدون بالحد ؟ إن أردتم بالحد أن الله ـ عز وجل متميز عن خلقه ، منفصل عنهم ، مباين لهم ـ فهذا حق ليس فيه شيء من النقص ، وهو ثابت لله بهذا المعنى . وإن أردتم بكونه محدوداً أن العرش محيط به وأنتم تريدون نفي ذلك عنه بنفي استوائه عليه ـ فهذا باطل وليس بلازم صحيح ؛ فإن الله ـ تعالى ـ مستوٍ على عرشه ، وإن كان ـ عز وجل ـ أكبر من العرش ومن غير العرش . ولا يلزم من كونه مستوياً على العرش أن يكون العرش محيطاً به ؛ لأن الله ـ عز وجل ـ أعظم من كل شيء ، وأكبر من كل شيء ، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة ، والسموات مطويات بيمينه . ثالثاً ـ الأعراض : هذا اللفظ من الألفاظ المجملة التي يطلقها أهل الكلام ومن أقوالهم في ذلك : " نحن نُنَزِّه الله ـ تعالى ـ من الأعراض والأغراض ، والأبعاض ، والحدود ، والجهات " . ويقولون : " سبحان من تنزه عن الأعراض والأغراض والأبعاض " . والحديث في الأسطر التالية سيكون حول لفظ ( الأعراض ) . أما بقية الألفاظ فسيأتي ذكرها فيما بعد . أ - تعريف الأعراض في اللغة : الأعراض جمع عَرَض ، والعَرض هو ما لا ثبات له . أو هو : ما ليس بلازم للشيء . أو هو : ما لا يمتنع انفكاكه عن الشيء . ومن الأمثلة على ذلك : الفرح بالنسبة للإنسان فهو عَرَض ؛ لأنه لا ثبات بل هو عارض يعرض ويزول . وكذلك الغضب ، والرضا . ب - العَرَض في اصطلاح المتكلمين : قال الفيومي : " العَرَض عند المتكلمين ما لا يقوم بنفسه ، ولا يوجد إلا في محل يقوم به " . وقال الراغب الأصفهاني : " والعرض ما لا يكون له ثبات ، ومنه استعار المتكلمون العَرَض لما لا ثبات له إلا بالجوهر كاللون والمطعم . ج - ما مراد المتكلمين من قولهم : " إن الله منزه عن الأعراض ؟ " : مرادهم من ذلك نفي الصفات عن الله ـ تعالى ـ لأن الأعراض عندهم هي الصفات . د - ما شبهتهم ؟ : يقولون : لأن الأعراض لا تقوم إلا بالأجسام ، والأجسام متماثلة ؛ فإثبات الصفات يعني أن الله جسم ، والله منزه عن ذلك وبناء عليه نقول : بنفي الصفات ؛ لأنه يترتب على إثباتها التجسيم ، وهو وصف الله بأنه جسم ، والتجسيم تمثيل ، وهذا كفر وضلال ، هذه هي شبهة المتكلمين . هـ - الرد على أهل الكلام في هذه المسألة : الرد عليهم من وجوه : 1 / أن لفظة " الأعراض " لم ترد في الكتاب ولا في السنة لا نفياً ولا إثباتاً ، ولم ترد ـ كذلك ـ عن سلف الأمة . وطريقة أهل السنة المعهودة في مثل هذه الألفاظ التوقف في اللفظ ، فلا نثبت الأعراض ، ولا ننفيها . أما معناها فيُستَفْصَل عن مرادهم في ذلك ويقال لهم : إن أردتم بالأعراض ما يقتضي نقصاً في حق الله ـ تعالى ـ كالحزن ، والندم ، والمرض ، والخوف ، فإن المعنى صحيح ، والله منزه عن ذلك ؛ لأنه نقص ، لا لأنها أعراض . وإن أردتم نفي ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الصفات كالغضب ، والفرح ، والرضا ، ونحوها بحجة أنها أعراض ـ فإن ذلك باطل مردود ، ولا يلزم من إثباتها أي لازم . 3 / أن قولكم : " إن الأعراض لا تقوم إلا بجسم " قول باطل ؛ فالأعراض قد تقوم بغير الجسم كما يقال : ليل طويل ، فقولنا : طويل ، وصف لـ : ليل ، والليل ليس بجسم ، ومثل ذلك : حر شديد ، ومرض مؤلم ، وبرد قارس . 4 / أن القول بتماثل الأجسام قول باطل ؛ فالأجسام غير متماثلة لا بالذوات ولا بالصفات ، ولا بالحدوث ؛ ففي الحجم تختلف الذرَّة عن الجمل ، وفي الوزن يختلف جسم القيراط عن جسم القنطار ، وفي الملمس يختلف الخشن عن الناعم ، واللين عن القاسي ، وهكذا . 5 / أن لفظ الجسم من إحداث المتكلمين ، وهذا اللفظ كقاعدة الألفاظ المجملة ؛ فإن كان إثبات الصفات بلزم منه أن يكون جسماً في مفهومك فليس ذلك يضيرنا . لكن إن أردت بالجسم الشيء القائم بنفسه المتصف بما يليق به فهذا حق لأننا نؤمن بأن لله ذاتاً موصوفة بالصفات اللائقة بها . ف هذا المعنى فيصح . وإن أردت بالجسم الشيء المكوَّن من أعضاء ، ولحم ودم المفتقر بعضه إلى بعض وما أشبه ذلك ـ فباطل غير صحيح ؛ لأنه يلزم أن يكون الله حادثاً أو مُحْدَثاً . وهذا أمر مستحيل ، على أننا لا نوافق على إثبات الجسم ، ولا نفيه رابعاً : الأبعاض : أو الأعضاء ، أو الأركان ، أو الجوارح : وهذه أيضاً من الكلمات المجملة التي تطلق وتحتمل حقاً وباطلاً ؛ فإليك نبذة في معانيها ، ومقصود أهل التعطيل من إطلاقها وجواب أهل السنة على تلك الدعوى . أ - معاني هذه الكلمات : معاني هذه الكلمات متقاربة من بعض . • فالأبعاض : جمع لكلمة بعض ، يقال : بعض الشيء أي جزؤه ، وبعّضْتُ كذا أي جعلته أبعاضاً . • والأركان : جمع ركن ، وركن الشيء قوامه ، وجانبه القوي الذي يتم به ، ويسكن إليه . • والأجزاء : جمع جزء ، والجزء ما يتركب الشيء عنه وعن غيره ، وجزء الشيء ما يتقوم به جملتُه كأجزاء السفينة ، وأجزاء البيت . • والجوارح : مفردها الجارحة ، وتسمى الصائدة من الكلاب والفهود والطيور جارحة ؛ إما لأنها تجرح ، وإما لأنها تكسب . وسميت الأعضاء الكاسبة جوارح تشبيهاً بها لأحد هذين . • ويشبه هذه الألفاظ لفظ : الأعضاء ، والأدوات ، ونحوها . ب - مقصود أهل التعطيل من إطلاقها : مقصودهم نفي بعض الصفات الذاتية الثابتة بالأدلة القطعية ، كاليد ، والوجه ، والساق ، والقدم والعين . ج - ما الذي دعاهم إلى نفيها ؟ : الذي دعاهم إلى نفي تلك الصفات هو اعتقادهم أنها بالنسبة للمخلوق أبعاض ، وأعضاء ، وأركان ، وأجزاء ، وجوارح وأدوات ونحو ذلك ، فيرون ـ بزعمهم ـ أن إثبات تلك الصفات لله يقتضي التمثيل ، والتجسيم ؛ فوجب عندهم نفيها قراراً من ذلك . وقد لجؤوا إلى تلك الألفاظ المجملة لأجل أن يروج كلامهم ويلقى القبول . د - جواب أهل السنة : أهل السنة يقولون : إن هذه الصفات وإن كانت تعد في حق المخلوق أبعاضاً ، أو أعضاءً ، وجوارح ونحو ذلك لكنها تعدُّ في حق الله صفات أثبتها لنفسـه ، أو أثبتها لـه رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا نخوض فيها بآرائنا وأهوائنا ، بل نؤمن بها ونُمرُّها كما جـاءت ونفوض كنهها وحقيقتها إلى الله ـ عز وجل ـ لعدم معرفتنا لحقيقة الذات ؛ لأن حقيقة معرفة الصفة متوقفة على معرفة حقيقة الذات كما لا يخفى وهذه الصفات ـ أعني اليد ، والساق ونحوها وكثير من صفات الله ـ قد تشترك مع صفات خلقه في اللفظ وبمجرد إضافتها تختص صفات الخالق ، وصفات المخلوق بالمخلوق ؛ فصفات الخالق تليق بجلاله وعظمته وربوبيته ، وقيومته . وصفات المخلوق تليق بحدوثه ، وضعفه ، ومخلوقيته . وبناء على ذلك يقال لمن يطلق تلك الألفاظ المجملة السالفة : إن أردت أن تنفي عن الله ـ عز وجل ـ أن يكون جسماً ، وجثة وأعضاء ، ونحو ذلك ـ فكلامك صحيح ، ونفيك في محله . وإن أردت بذلك نفي الصفات الثابتة له والتي ظننت أن إثباتها يقتضي التجسيم ، ونحو ذلك من اللوازم الباطلة ـ فإن قولك باطل ، ونفيك في غير محله . هذا بالنسبة للمعنى . أما بالنسبة للفظ فيجب ألا تعْدِل عن الألفاظ الشرعية في النفي أو الإثبات ؛ لسلامتها من الاحتمالات الفاسدة . يقول شارح الطحاوية ـ رحمه الله ـ : " ولكن لا يقال لهذه الصفات إنها أعضاء ، أو جوارح ، أو أدوات ، أو أركان ؛ لأن الركن جزء الماهية ، والله ـ تعالى ـ هو الأحد ، الصمد ، لا يتجزأ ـ سبحانه وتعالى ـ والأعضاء فيها معنى التفريق والتعضية ، تعالى الله عن ذلك ، ومن هذا المعنى قوله ـ تعالى ـ : ( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) [الحجر : 91] . والجوارح فيها معنى الاكتساب والانتفاع ؛ وكذلك الأدوات هي الآلات التي ينتفع بها في جلب المنفعة ودفع المضرة . وكل هذه المعاني منتفية عن الله ـ تعالى ـ ؛ ولهذا لم يرد ذكرها في صفات الله ـ تعالى ـ فالألفاظ الشرعية صحيحة المعاني ، سالمة من الاحتمالات الفاسدة ، فكذلك يجب أن لا يُعدل عن الألفاظ الشرعية نفياً ولا إثباتاً لئلا يثبت معنى فاسد ، وأن ينفى معنى صحيح . وكل هذه الألفاظ المجملة عرضة للمحق والمبطل " . خامساً : الأغراض : وهذا ـ أيضاً ـ من إطلاقات المتكلمين ، وإليك بعض التفصيل في هذا اللفظ . أ - الأغراض في اللغة : جمع غرض ، والغرض هو الهدف الذي يرمي فيه ، أو هو الهدف الذي ينصب فيرى فيه . والغرض يطلق في اللغة ـ أيضاً ـ على الحاجة ، والبغية ، والقصد . ب - الغرض في اصطلاح علماء الكلام : قيل هو ما لأجله يصدر الفعل من الفاعل . وقال الجلا الدوائي : " الغرض هو الأمر الباعث للفاعل على الفعل ، وهو المحرك الأول ، وبه يصير الفاعل فاعلاً " . وبذلك نرى توافق المعنى اللغوي والاصطلاحي للغرض ، وأنه غاية الفاعل من فعله ، وهو الباعث له على فعله . ج - ماذا يريد أهل الكلام بهذه اللفظة ؟ : يريدون إبطال الحكمة في أفعال الله ـ عز وجل ـ وشرعه . د - حجتهم في ذلك : يقول المتكلمون ـ وعلى وجه الخصوص الأشاعرة ـ إننا ننزه الله عن الأغراض فلا يكون له غرض فيما شرعه أو خلقه ؛ فأبطلوا الحكمة من ذلك ، وقرروا أن الله لم يشرع إلا لمجرد مشيئته فحسب ؛ فإذا شاء تحريم شيء حرَّمه ، أو شاء إيجابه أوجبه . وقالوا : لو قررنا أن له حكمة فيما شرعه لوقعنا في محذورين : الأول : أنه إذا كان لله غرض فإنه محتاج إلى ذلك الغرض ؛ ليعود عليه من ذلك منفعة ، والله منزه عن ذلك . والثاني : أننا إذا عللنا الأحكام ـ أي أثبتنا الحكمة والعلة ـ لزم أن نوجب على الله ما تقتضيه الحكمة ؛ لأن الحكم يدور مع علته ، فنفع فيما وقع فيه المعتزلة من إيجاب الصلاح والأصلح على الله ؛ لأن الغرض عند المعتزلة بمعنى الغاية التي فعل لها وهم يوجبون أن يكون فعله معللاً بالأغراض . هـ - الرد عليهم : 1 / أن هذا اللفظ ـ الأغراض أو الغرض ـ لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة ، ولا أطلقه أحد من علماء الإسلام ؛ لأن هذه الكلمة قد توهم النقض ، ونفيها قد يفهم منه نفي الحكمة ؛ فلابد ـ إذاً ـ من التفصيل والأولى أن يعبر بلفظ : الحكمة ، والرحمة ، والإرادة ، ونحو ذلك مما ورد به النص . 2 / أن الغرض الذي ينزه الله عنه ما كان لدفع ضرر ، أو جلب مصلحة له ، فالله ـ سبحانه ـ لم يخلق ، ولم يشرع لأن مصلحة الخلق والأمر تعود إليه ، وإنما ذلك لمصلحة الخلق . ولا ريب أن ذلك كمال محض ، قال ـ تعالى ـ : ( إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً ) [آل عمران : 176] ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ) [الزمر : 7] ، وفي الحديث القدسي : " يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني " . وهذا أمر مستقر في الفطر . 3 / أن إيجاب حصول الأشياء على الله متى وجدت الحكمة ـ حق صحيح . لكنه مخالف لما يراه المعتزلة من جهة أن الله ـ عز وجل ـ هو الذي أوجب هذا على نفسه ولم يوجبـه عليه أحد ، كما قال ـ عز وجل ـ : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) [الأنعام : 54] وكما قال : ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) [الروم : 47] . وكما في حديث معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ لما كان رديف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حمار فقال : " أتدري ما حق الله على العباد ، وما حق العباد على الله ؟ " قال معاذ : الله ورسوله أعلم . قال : " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به " الحديث . فهذا حق أوجبه الله على نفسه ، ولله أن يوجب على نفسه ما يشاء . ثم إن مقياس الصلاح والأصلح ليس راجعاً إلى عقول البشر ، ومقاييسهم بل إن ذلك راجع إلى ما تقتضيه حكمة الله ـ تعالى ـ فقد تكون على خلاف ما يراه الخلق بادئ الرأي في عقولهم القاصرة ؛ فانقطاع المطر قد يبدو لكثير من الناس أنه ليس الأصلح بينما قد يكون هو الأصلح لكنه مراد لغيره لقوله ـ تعالى ـ : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) [الروم : 41] . وكذلك استدراج الكفار بالنعم ، وابتلاء المسلمين بالمصائب كل ذلك يحمل في طياته ضروباً من الحكم التي لا تحيط عقول البشر إلا بأقل القليل منها . بل إن خلق إبليس ، وتقدير المعاصي ، وتقدير الآلام يتضمن حكماً تبهر العقول وتُبين عن عظيم حكمة أحكم الحاكمين . سادساً ـ حلول الحوادث بالله ـ تعالى ـ : هذا اللفظ من إطلاقات أهل الكلام ، وإليك بعض التفصيل في معناه ، ومقصود أهل الكلام منه ، والرد على ذلك . أ - معنى كلمة ( حلول ) : الحلول هو عبارة عن كون أحد الجسمين ظرفاً للآخر ، كحلول الماء في الكوز . ب - معنى كلمة ( الحوادث ) : الحوادث جمع حادث ، وهو الشيء المخلوق المسبوق بالعدم ، ويسمى حدوثاً زمانياً . وقد يعبر عن الحدوث بالحاجة إلى الغير ، ويسمى حدوثاً ذاتياً . والحدوث الذاتي : هو كون الشيء مفتقراً في وجوده إلى الغير . والحدوث الزماني : هو كون الشيء مسبوقاً بالعدم مسبقاً زمانياً . ج - معنى ( حلول الحوادث بالله ـ تعالى ـ ) : أي قيامها بالله ، ووجودها فيه ـ تعالى ـ . د - ما مقصود أهل التعطيل من هذا الإطلاق ؟ : مقصودهم نفي اتصاف الله بالصفات الاختيارية الفعلية ، وهي التي يفعلها متى شاء ، كيف شاء ، مثل الإتيان لفصل القضاء ، والضحك ، والعجب ، والفرح ؛ فينفون جميع الصفات الاختيارية . هـ - ما حجتهم في ذلك : وحجتهم في ذلك أن قيام تلك الصفات بالله يعني قيام الحوادث ـ أي الأشياء المخلوقة الموجودة ـ بالله . وإذا قامت به أصبح هو حادثاً بعد أن لم يكن ، كما أن تكون المخلوقات حالَّة فيه ، وهذا ممتنع . و - جواب أهل السنة : أهل السنة يقولون : إن هذا الإطلاق لم يَردْ في كتاب ولا سنة ، لا نفياً ولا إثباتاً ، كما أنه ليس معروفاً عند سلف الأمة . أما المعنى فيستفصل عنه ؛ فإن أريد بنفي حلول الحوادث بالله أن لا يَحُلَّ بذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة ، أو لا يحدث له وصف متجـدد لم يكن له من قبل ـ فهذا النفي صحيح ؛ فالله ـ عز وجل ـ ليس مَحَلاً لمخلوقاته وليست موجودة فيه ، ولا يحدث له وصف متجدد لم يكن له من قبل . وإن أريد بالحوادث : أفعاله الاختيارية التي يفعلها متى شاء كيف شاء كالنزول ، والاستواء ، والرضا ، والغضب ، والمجيء لفصل القضاء ونحو ذلك ـ فهذا النفي باطل مردود . بل يقال له : إنه مثبتٌ ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . سابعاً ـ التسلسل : وهو أحد الألفاظ المجملة التي يطلقها المتكلمون . ولأجل أن يتضح مفهوم هذه اللفظة ، ومدلولها ، ووجه الصواب والخطأ في إطلاقها إليك هذا العرض الموجز . أ - تعريف التسلسل : قال الجرجاني : " التسلسل هو ترتيب أمور غير متناهية " . ب - سبب تسميته بذلك : سمي بذلك أخذاً من السلسلة ؛ فهي قابلة لزيادة الحِلَق إلى ما لا نهاية ؛ فالمناسبة بينهما عدم التناهي بين طرفيهما ؛ ففي السلسلة مبدؤها ومنتهاها ، وأما التسلسل فطرفاه الزمن الماضي والمستقبل . ج - مراد أهل الكلام من إطلاق هذه اللفظة : مرادهم يختلف باختلاف سياق الكلام ، وباختلاف المتكلمين ؛ فقد يكون مرادهم نفي قدم اتصاف الله ببعض صفاته ، وقد يكون مرادهم نفي دوام أفعال الله ومفعولاته وقد يكون مرادهم نفي أبدية الجنة والنار ، وقد يكون غير ذلك . د - هل وردت هذه اللفظة في الكتاب أو السنة ، أو أطلقها أحد من أئمة السلف ؟ الجواب : لا . هـ - ما طريقة أهل السنة في التعامل مع هذا اللفظ ؟ : طريقتهم كطريقتهم في سائر الألفاظ المجملة ، حيث إنهم يتوقفون في لفظ " التسلسل " فلا يثبتونه ، ولا ينفونه ، لأنه لفظ مبتدع ، مجمل يحتمل حقاً وباطلاً ، وصواباً وخطأ . هذا بالنسبة للفظ . أما بالنسبة للمعنى فإنهم يستفصلون ، فإن أريد به حق قبلوه ، وإن أريد به باطل ردوه . و - وبناء على ذلك فإنه ينظر في هذا اللفظ ، وتطبق عليه هذه القاعدة : فيقال لمن أطلقوا هذه اللفظ : 1 / إذا أردتم بالتسلسل : دوام أفعال الرب ـ أزلاً وأبداً فذلك معنى صحيح دل عليه العقل والشرع ؛ فإثباته واجب ، ونفيه ممتنع ، قال الله ـ تعالى ـ : ( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) [هود : 107] . والفعال هو من يفعل على الدوام ، ولو خلا من الفعل في أحد الزمانين لم يكن فعالاً ، فوجب دوام الفعل أزلاً وأبداً . ثم إن المتصف بالفعل أكل ممن لا يتصف به ، ولو خلا الرب ـ منه لخلا من كمال يجب له وهذا ممتنع . ولأن الفعل لازم من لوازم الحـياة ، وكل حي فهو فعـال ، والله ـ تعالى ـ حي ، فهو فعال وحياته لا تنفك عنه أبداً وأزلاً . ولأن الفرق بين الحي والميت الفعل ، والله حي فلابد أن يكون فاعلاً وخوله من الفعل في أحد الزمانين : الماضي والمستقبل ممتنع ، فوجب دوام فعله أزلاً وأبداً . فخلاصة هذه المسألة أنه إذا أريد بالتسلسل دوام أفعال الرب فذلك معنى صحيح واجب في حق الله ، ونفيه ممتنع . 2 / وإذا أريد بالتسلسل : أنه ـ تعالى ـ كان معطلاً عن الفعل ثم فعل ، أو أنه اتصف بصفة من الصفات بعد أن لم يكن متصفاً بها ، أو أنه حصل له الكمال بعد أن لم يكن ـ فذلك معنى باطل لا يجوز . فالله ـ عز وجل ـ لم يزل متصفاً بصفات الكمال ـ صفات الذات ، وصفات الفعل ولا يجوز أن يُعتقد أن الله اتصف بصفة بعد أن لم يكن متصفاً بها ؛ لأن صفاته ـ سبحانه ـ صفات كمال ، وفقدها صفة نقص ؛ فلا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفاً بضده . قال الإمام الطحاوي ـ رحمه الله ـ : " ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه لم يزدد بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته . وكما كان بصفاته أزلياً كذلك لا يزال عليها أبدياً . مثال ذلك صفة الكلام ؛ فالله ـ عز وجل ـ لم يزل متكلماً إذا شاء . ولم تحدث له صفة الكلام في وقت ، ولم يكن معطلاً عنها في وقت ، بل هو متصف بها أزلاً وأبداً . وكذلك صفة الخلق ، فلم تحدث له هذه الصفة بعد أن كان معطلاً عنها " . 3 / وإذا كان المقصود بالتسلسل : التسلسل في مفعولات الله ـ عز وجل ـ وأنه ما زال ولا يزال يخلق خلْقاً بعد خلق إلى ما لا نهاية ـ فذلك معنى صحيح ، وتسلسل ممكن ، وهو جائز في الشرع والعقل . قال الله ـ تعالى ـ : ( أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) [ق : 15] . ثم إنه ـ عز وجل ـ ما زال يخلق خلقاً ويرتب الثاني على الأول وهكذا ؛ فما زال الإنسان والحيوان منذ خلَقَهُ الله يترتب خلقه على خلق أبيه وأمه . 4 / وإن أريد بالتسلسل : التسلسل بالمؤثِّرين ، أي بأن يؤثِّر الشيء بالشيء إلى ما لا نهاية ، وأن يكون مؤثرون كلُّ واحد منهم استفاد تأثيره مما قبله لا إلى غاية ـ فذلك تسلسل ممتنع شرعاً وعقلاً ؛ لاستحاله وقوعه ؛ فالله ـ عز وجل ـ خالق كل شيء ، وإليه المنتهى ؛ فهو الأول فليس قبله شيء ، وهو الآخر فليس بعده شيء ، وهو الظاهر فليس فوقه شيء ، وهو الباطن فليس دونه شيء ، والقول بالتسلسل في المؤثرين يؤدي إلى خلو المُحدَث والمخلوق من مُحْدِث ، وخالق وينتهي بإنكار الخالق ـ جل وعلا ـ . " خلاصة القول في مسألة التسلسل عموماً " : * أن التسلسل هو ترتيب أمور غير متناهية ، وأنه سمي بذلك أخذاً من السلسلة . * وأن التسلسل من الألفاظ المجملـة التي لابد فيها من الاستفصال ـ كما مر ـ . * وأنه إن أريد بالتسلسل : دوام أفعال الرب ومفعولاته ، وأنه متصف بصفات الكمال أزلاً وأبداً فذلك حق صحيح ، يدل عليه الشرع والعقل . * وأنه إن أريد بالتسلسل : أنه ـ عز وجل ـ كان معطلاً عن أفعاله وصفاته ، ثم فعل ، واتصف فحصل له الكمال بعد أن لم يكن متصفاً به ، أو أريد بالتسلسل : " التسلسل في المؤثرين ـ فذلك معنى باطل مردود بالشرع والعقل " . منقول من كتاب توحيد الاسماء والصفات لمحمد ابرهيم الحمد بتصرف |
#2
|
|||
|
|||
رد: من توحيد الاسماء والصفات الاستفصال في الالفاظ المجملة
مشكور والله يعطيك الف عافيه .
|
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
الاسلام واخلاق الرافضة | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 0 | 2020-03-19 08:17 PM |