جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
وأصلحنا له زوجه
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- (( وأصلحنا له زوجه )) قال الله تعالى: {وَزَكَرِيَّا إذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ 89 فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونُ فِي الْـخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء: 89، 90]. للمفسرين في قوله تعالى: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} قولان: الأول: أنها كانت رضي الله عنها عقيماً، فأصلحها الله بأنْ جعلها ولوداً. والقول الآخر: أنها كانت سيئة الخُلق، فأصلحها الله بأنْ رزقها حسن الخلق، قال ابن عباس وعطاء: «كانت سيئة الخلق، طويلة اللسان، فأصلحها الله فجعلها حسنة الخلق»[1]. قال ابن جرير رحمه الله: «والصواب من القول في ذلك أنْ يقال: إنَّ الله أصلح لزكريا زوجه، بأنْ جعلها ولوداً حسنة الخُلُق»[2]. والقرطبي والشوكاني رحمهما الله يحتملان هذا الترجيح[3]. إن القرآن الكريم حين يعرض هذا المشهد يريد منا - فيما يريد – تأمله وتدبره، ليخرج كل قارئ بما أمكنه من الدروس والعبر والفوائد والأحكام. لم يعرض القرآن الكريم هذا المشهد لمجرد العرض، ولم يستوقف أمة محمد صلى الله عليه وسلم هنا لمجرد التوثيق القصصي، وإلا لما كان هذا الكتاب معجزاً في نزوله على هذه الأمة. وإن من أكبر الدروس المستوحاة من هذه الجملة {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} العناية الإلهية والحياطة الربانية بأوليائه وأنبيائه، الذين يبلغون رسالاته ويدعون الناس إليه، ويقودونهم إلى جناته، وعلى كل كيانٍ مسلمٍ أن يهتدي بهذا الهدي الرباني فتكون له عناية وحياطة بأفراده الدعاة والعاملين. علِم الله حاجة نبيه زكريا إلى إصلاح زوجه، وسمع دعاءه فاستجاب له، وأصلح الله له زوجه في جسدها وأخلاقها، لتتحول إلى زوجة ولود حسنة الأخلاق؛ ولتكون له سنداً وردءاً في مسيرته الدعوية. العناية الإلهية بالأنبياء: لقد كانت سورة الأنبياء عليهم السلام مليئة بالقرب الإلهي من أنبيائه وأوليائه يحوطهم برحمته ويملؤهم بحبه. تأملوا هذه السورة، قفوا عند هتافات الرحمة والعناية فيها، وحدثوني عما يجيش به وجدانكم.. عما خامركم من مشاعر.. إنها سورة الأنبياء التي يصف الله تبارك وتعالى فيها لحظات العناية والتودد، فإبراهيم عليه السلام يخبر الله عن عنايته به، وأنه أكرمه بذرية مباركة، فيقول سبحانه: {وَوَهَبْنَا لَهُ إسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِـحِينَ 72 وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إلَيْهِمْ فِعْلَ الْـخَيْرَاتِ وَإقَامَ الصَّلاةِ وَإيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 72،73]. ويخبر الله تعالى عن عنايته بنوح، وأنه سبحانه استجاب له دعاءه ونجاه وأهله، فيقول: {وَنُوحًا إذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ}[الأنبياء: 76]. أما أيوب عليه السلام فلا تعليق على ما ذكره الله سبحانه، فهو أبلغ من كل قول: {وَأَيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ 83 فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}[الأنبياء: 83،84]. وغير ذلك مما تكرر في هذه السورة. في سورة الأنبياء تجد عناية إلهية خاصة بكل نبي ذُكر فيها.. في أهله، أو ماله، أو نفسه، أو ذريته. لم تُغفل العناية الإلهية هذه الأمور المتعلقة بحياتهم الخاصة، برغم كونها لا تتصل مباشرة بالدعوة إلى الله وما أُمروا به من البلاغ، وبرغم كونها أشياء تتعلق بحظوظ النفس! التربية القرآنية تسلط الضوء على نقطة قد تبدو ثانوية في إطار التشييد الدعوي والتربوي للأفراد، وهي ملاحظة الاحتياجات النفسية والاجتماعية لمن هم يقعون في هذا الإطار، مما لا يرتبط ارتباطاً مباشراً به. وما حاجة الأنبياء والرسل الكرام عليهم السلام لمراعاة هذه الجوانب (الثانوية!) وقد حباهم الله تعالى أعظم شيء وأجلَّه وأحسنه: الإيمان، والعلم، والمعجزات، والتأييد! وهل قلوبهم تتوق إلى شيء من حظوظ الدنيا ومتاعها الزائل؟ كلا وحاشا! لكن القرآن يلفت أنظارنا - ونحن نعمل في التشييد الدعوي والتربوي - إلى أنَّ تكميل متطلبات الشخصية واحتياجاتها، والمساندة في صنع الاستقرار النفسي والأسري.. أن ذلكم جزء مهم من عوامل التشييد وركائز البناء. والله جلَّ في علاه اعتنى بأنبيائه ورسله على أساس بشريتهم، فأعانهم على الاستقرار الأسري والنفسي، تكريماً لهم وامتناناً، ولعلمه سبحانه - وهو القادر على كل شيء - أنَّ لذلك الاستقرار الأسري والنفسي كبير الأثر في تبليغ رسالته. استقرار الحياة الزوجية في حياة المبلغين: يمتن الله سبحانه على نبيه زكريا بأنَّه أصلح له زوجه تكريماً له وامتناناً، ولما لصلاح الزوجة لزوجها من كبير الأثر على استقرار نفسه واتزان تفكيره واستقامة وجدانه وسكون وحشته. لاحِظ التعبير القرآني الذي عدَّى إصلاح الزوجة إلى ذات زكريا {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} أي أن الله تعالى أصلح لزكريا ما كانت زوجه تحتاجه من إصلاح؛ لمصلحة زكريا ذاته، ومن نافلة القول أنَّها ستنتفع أيضاً هي بذلك، قال السعدي رحمه الله: «وهذا من فوائد الجليس والقرين الصالح؛ أنه مبارك على قرينه»[4]. والسؤال: هل استقرار الحياة الزوجية بهذه الأهمية؟ نعم، فإنَّ استقرار الحياة الزوجية يفضي بشكل مباشر إلى السكن، وهو أحد أهم مقاصد الزواج. قال الله تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إلَيْهَا} [الأعراف: 189]، وقال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم: 21]، والسكن ضد الاضطراب، وهو الراحة والهدوء النفسي، لكنه لا يتم إلا مع زوجة صالحة لزوجها، ولذلك عدَّى الله تعالى الفعل «يسكن» إلى الزوجة، قال تعالى: {لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا} فالسكون والاستقرار لا يتم إلا مقترناً بها. وفي حال استقرت النفس وسكنت الروح واعتدل المزاج فإن العطاء الدعوي والتربوي لهذا الرجل سيتأثر إيجابياً، وسيكون ذلك رافداً مهماً من روافد العمل. إن الاستقرار في الحياة الزوجية أيضاً يدل بوضوح على تلبية الحاجة الغريزية في المعاشرة والوصول إلى حدِّ الاكتفاء أو مقاربته، والحاجات الغريزية يجب تلبيتها، وإلا ستبقى حاجة ظاهرة يسعى الإنسان إلى تلبيتها، ولو بشكل غير مشروع، وتلتقي الرؤية الشرعية مع الرؤية الغربية في كونها حاجة أساسية، مع الاختلاف بينهما في طرائق تلبيتها. والمقصود أن الاستقرار في الحياة الزوجية مؤثر جداً في تلبية هذه الحاجة، وحين تلبى الحاجات فإن الإنسان ينتقل من مرحلة تكميل ذاته والانشغال بتلبية احتياجاته إلى مرحلة العطاء والنفع وعمارة الأرض. لقد كان القرآن الكريم واضحاً في الاهتمام باستقرار بيت النبي صلى الله عليه وسلم لأن المهمة الملقاة على عاتقه صلى الله عليه وسلم تتطلب ذلك. تأمل ما ورد بهذا الشأن في سورة التحريم، فحين تظاهرت بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم عليه غيرةً، وحصل له الأذى بسبب ذلك؛ نزلت الآية صريحة واضحة في تهديدهما، وأنَّ الله تعالى سيتولاه وكذلك الملائكة من بعده وخيار المؤمنين: {إن تَتُوبَا إلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِـحُ الْـمُؤْمِنِينَ وَالْـمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ 4 عَسَى رَبُّهُ إن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: ٤،٥]. الحفاظ على استقرار بيوت المبلغين ليست مهمة المبلغين وحدهم؛ فيُتركون يصارعون الأمواج العاتية بمفردهم؛ كلُّ فرد له معركته الخاصة به في بيته! إنه كذلك من مهام الكيان الحاضن لهم، والمجتمع الذي يرتبطون به، وهكذا يعلمنا القرآن، ولذلك لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه رضي الله عنهن دخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. يقول عمر: «وأنا أرى الغضب في وجهه، فقلت: يا رسول الله! ما شق عليك من شأن النساء، فلئن طلقتهن فإن الله معك، وملائكته وجبرائيل وميكائيل وأنا وأبو بكر معك، فنزلت هذه الآية»[5]. وفي الرواية الأخرى عن أنس عن عمر قال: «بلغني عن بعض أمهاتنا أمهات المؤمنين شدة على رسول الله وأذاهن إياه، فاستقريتهن امرأة امرأة، أعظها وأنهاها عن أذى رسول الله، وأقول: إنْ أبيتُنَّ أبدله الله خيراً منكن. حتى أتيت، حسبت أنه قال: على زينب، فقالت: يا ابن الخطاب! أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟ فأمسكتُ، فأنزل الله الآية»[6]. لقد كان واضحاً في تصور عمر بن الخطاب أنه يجب عليه أن يعمل شيئاً ما تجاه أيِّ اضطراب يكتنف بيت النبوة! وأن عليه مسؤولية ما تجاه استقرار هذا البيت النبوي! نعم، حريٌ ببيت النبي صلى الله عليه وسلم أن تحتفي به الآيات الكريمات لمكانة نبينا صلى الله عليه وسلم عند الله؛ لكن القرآن يربينا على الاحتفاء ببيوت المبلغين عن الله رسالته، من ورثة النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاة والمربين والعلماء. «لستنكأحدٍمنالنساءإناتقيتنَّ» جاء هذا الخطاب لأمهاتنا زوجات النبي صلى الله عليه وسلم تنويهاً بشأنهنَّ الكريم: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْروفًا}[الأحزاب: ٢٣]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: «يريد ليس قدركن عندي مثل قدر غيركن من النساء الصالحات، أنتن أكرم عليَّ وأنا بكن أرحم، وثوابكن أعظم»[7]. إنَّ هذا الخطاب يشير إشارة جليَّة إلى ما ينبغي أن تكون عليه حال نساء المبلغين عن الله والداعين إليه، وما ينبغي أن تكون عليه حال نساء القدوات في المجتمع؛ من تفرُّدِهن وسموِّهن عن سائر النساء في المجتمع، ولهذا أعقب الله تعالى هذا الخطاب بجملة من التوجيهات الكريمة الدالة على الشرف والرفعة، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «هذه آداب أمر الله بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة تبعٌ لهن في ذلك»[8]. ولقد كانت نساء النبي صلى الله عليه وسلم على قدر عالٍ من المسؤولية، ولقد ارتقت بهنَّ التوجيهات الربانية الكريمة، فأصبحن خير القدوات من النساء. والمطالع لسيرهن قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وبعده يدرك ذلك جيداً. وهذا من جملة العناية الربانية ببيوت الأنبياء الكرام عليهم السلام، وهكذا ينبغي على من يعنيهم الأمر أنْ يعتنوا ببيوت المبلغين عن الله تعالى، لتكون بيوتاً قدوة في المجتمع، ولتكون بيوتاً مستقرة يعود نفعها على حركة البلاغ والعطاء، ولئلا تبقى ثغرة تعوق أو تثبط المصلحين والمبلغين عن أدوارهم الريادية في المجتمع. وكيف يستقيم - في تصورات الناس - أن يطالَبوا بإصلاح أنفسهم وبيوتهم، بينما هم يرون هاتيك البيوت عاجزة عن إصلاح نفسها! أو يرونها ممزقة الحبال! إنها رسالة لنساء هذه الثلة المباركة من المبلغين والمصلحين والدعاة والمربين تقول لهم: لستن كأحد من النساء! فأنتن أولى بالتقوى، وأنتن أولى بإصلاح حالكن، وأنتن أولى من يعين أزواجكن على رسالتهم بحفظهم في أنفسهم وأموالهم ورعاية أولادهم وحسن التبعل لهم، لكي ينطلقوا دون تردد ولا تلكؤ ولا تراجع في نشر الدعوة وإصلاح المجتمعات. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أتى جبريلٌ النبيَ فقال: يا رسول الله! هذه خديجة قد أتتك، معها إناءٌ فيه إدام أو طعام أو شراب. فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها، ومني، وبشِّرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب» [9]، كافأ الله تعالى هذه الزوجة (الصالحة لزوجها) مكافأة غارت منها عائشة! إنها التي وقفت معه وأيدته وشدت من أزره وأراحته وكانت له سكناً حين تلتهب الظروف وتدلهم الأمور. قال السهيلي: «مناسبة نفي هاتين الصفتين - أعني المنازعة والتعب - أنه صلى الله عليه وسلم لما دعا إلى الإسلام أجابت خديجة طوعاً، فلم تحوجه إلى رفع صوت ولا منازعة ولا تعب في ذلك، بل أزالت عنه كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهوَّنت عليه كل عسير، فناسب أن يكون منزلها الذي بشرها به ربها بالصفة المقابلة لفعلها»[10]. أفلا ترجو زوجة الداعية أن يؤتيها الله كأجر خديجة، بطواعيتها وتتبعها لمراضي زوجها وإعانتها له في منعطفات حياته. §§§§§§§§§§§§§§§§§§ |
الكلمات الدلالية (Tags) |
زوجه, وأصلحنا |
أدوات الموضوع | |
|
|