جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#21
|
|||
|
|||
أبناء العهد ( بناي برث)
التعريف: بناي برث جمعية (*) من أقدم الجمعيات والمحافل الماسونية المعاصرة وذراع من أذرعتها الهدَّامة، ولا تختلف عنها كثيراً من حيث المبادئ والغايات إلا أن عضويتها مقصورة على أبناء اليهود، وخدمتها موجهة أساساً لدعم الصهيونية في العالم، والتقاط الأخبار واحتلال مراكز حساسة في الدول، ولهذه الجمعية فروع منتشرة في جميع أنحاء العالم، وهي مكلفة بدراسة نفسية كل قائد أو سياسي أو زعيم أو أي شخصية عامة للاستفادة من جوانب الضعف فيها. التأسيس وأبرز الشخصيات: • تأسست هذه الجمعية في الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة نيويورك في 13/10/1843م بصفة رسمية بعد أن حصل اثنا عشر يهوديًّا هاجروا من ألمانيا برئاسة هنري جونيس (جونز) على رخصة رسمية بذلك. وقد اتخذت الجمعية من مدينة نيويورك مقراً لها ومنها انتشرت وتأسست فروع لها في جميع أنحاء الكرة الأرضية. وشعارها الشمعدان وهو شعار يهودي ديني قديم. • منذ سنة 1865م والجمعية تسعى لأن تكون لها وجود في فلسطين، وفي سنة 1888م تأسس أول محفل لها، ولغة العمل الرسمية فيه هي اللغة العبرية، ومن أبرز شخصياته: ناحوم سوكولوف، دزنكوف، حاييم نخمان، دافيد يلين، مائير برلين، حاييم وايزمن وجادفرامكين. • لقد عملوا على تأسيس مستعمرات يهودية صغيرة في فلسطين، وكانت موتسا أول قرية يؤسسونها عام 1894م بالقرب من القدس مشكلين بذلك نواة الكيان الإسرائيلي الحالي. • اليهودي سيجموند فرويد عالم النفس الشهير (1856-1939م): انضم عام 1895م إلى هذه الجمعية وكان مواظباً على حضور اجتماعاتها. • في عام 1913م أسسوا جمعية لمكافحة التشهير والإهانة وتشويه السمعة التي يتعرض لها اليهود في العالم. • فيليب كلوزنيك Philip Kluznick كان رئيساً لهذه الجمعية عندما عُيِّن في عهد الرئيس أيزنهاور رئيساً للوفد الأمريكي لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة (*). • جون فوستر دالاس: وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية عام 1958م وهو نصراني بروتستانتي شارك في الحفل الذي أقامته الجمعية في 8/5/1956م حيث قال في هذه المناسبة : "إن مدنية الغرب قامت في أساسها على العقيدة اليهودية في الطبيعة الروحية للإنسانية، ولذلك يجب أن تدرك الدول الغربية أنه يتحتم عليها أن تعمل بعزم أكيد من أجل الدفاع عن هذه المدنية التي معقلها إسرائيل". • إن رؤساء الولايات المتحدة يثنون دائماً على الأعمال التي تقوم بها هذه الجمعية. • قامت المنظمة بعد إعلان قيام إسرائيل بتقديم إمدادات طبية وملابس ومعدات وساهمت في إنشاء المكتبات وتشجير الغابات وتقوم بتصريف سندات إسرائيل وتجنيد العمال الفنيين في الولايات المتحدة وكندا لإسرائيل. • يتقلد زمام المنظمة رئيس ينتخب كل 3 سنوات من قبل المحفل الأعلى الذي يتألف من ممثلي المحافل المحلية. وهناك لجنة إدارية ومدراء يشاركون في إدارة المنظمة أيضاً. الأفكار والمعتقدات: • الشعارات الظاهرية المعلنة: ـ حب الخير للإنسانية والعمل على تحقيق الرفاهية لها. ـ مساعدة الضعفاء والعجزة وذوي العاهات وتقديم الدعم للمستشفيات الخيرية. ـ افتتاح بيوت الشباب في جميع أنحاء العالم. ـ الدفاع عن حقوق الإنسان. ـ منع إهانة الجنس اليهودي. ـ العطف على المضطهدين من اليهود. ـ تطوير التبادل الثقافي بالاحتياجات الثقافية والدينية للطلاب اليهود وذلك عن طريق مؤسسة The Hillel Foundation. ـ التوجيه في مجال التدريب المهني. ـ مساعدة ضحايا الكوارث الطبيعية. ـ فتح حوار مع مسؤولي الحكومات حول موضوعات الحقوق المدنية والهجرة والاضطهاد. • الأهداف الحقيقية: ـ ضم شباب الإسرائيليين بعضهم إلى بعض للنظر في مصالحهم العمومية والمحافظة عليها وإعدادها لأخذ فلسطين وطناً لهم وبث الحماسة في نفوسهم لتحقيق ذلك. ـ التصدي لمن يتعرض لليهود أو يحاول عرقلة جهودهم الرامية إلى تحقيق أطماعهم واتخاذ كافة السبيل لمواجهته. ـ تمويل عمليات الهجرة إلى إسرائيل وبيع سنداتها وتجميع الأموال اللازمة والمساعدات التي تساعد على إدخال المهاجرين وزيادة طاقة إسرائيل العدوانية، وإنشاء الشركات ـ لا سيما الأمريكية ـ في إسرائيل في شتى المجالات وتسويق منتجاتها في مختلف بلدان العالم. ـ الدعم العسكري لإسرائيل بصفة مستمرة وبصورة تدعو للدهشة والاستغراب في معرفة ما يلزم اليهود من المعدات العسكرية كماً وكيفاً ولتلك الجمعية دور بارز في إنشاء المستوطنات العسكرية قبل قيام إسرائيل. ـ تبرئة اليهود من دم المسيح (*) حتى يتيسر لليهود تحقيق أهدافهم بعيداً عن مناوأة المسيحية لهم. ـ التغلل في الأجهزة الحكومية والتحكم في سياسات الحكومات وخصوصاً في أمريكا وبريطانيا حيث تغلغلت في صميم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية..الخ. ـ أن يكون الولاء أولاً وأخيراً لإسرائيل بحيث يتجاوز الوطن الذي يعيش فيه اليهودي. • أفكار ومعتقدات أخرى: ـ إنهم يهود ولا يهمهم إلا إعلاء هذا العنصر ليسود العالم. ـ دعم الماسونية العالمية في خططها وبرامجها الهدامة. ـ دعم الوجود الإسرائيلي في فلسطين وتشجيع اليهود ليهاجروا إليها. ـ العمل على تدمير الأخلاق (*) والحكومات الوطنية والأديان (*) عدا اليهودية. ـ التعاون مع الماسونية والصهيونية لإشعال الحروب والفتن وقد كان لهم دور بارز في الحرب العالمية الأولى. ـ قاموا بشن هجوم على هتلر وحكمه حينما جاء إلى الحكم سنة 1933م. ـ كان لهم دور خطير في التمهيد للحرب العالمية الثانية. ـ التقاط الأخبار واحتلال المراكز الحساسة في الدول المختلفة، كما أن لهم أنظمة داخلية سرية وشبكة من العملاء السريين. ـ تغلغلت هذه الجمعية (*) في صميم الحياة الأمريكية والإنجليزية وتحكمت في شؤون الاجتماع والسياسة والاقتصاد لهذين البلدين بخاصة. ـ إنهم يستخدمون المال والجنس والدعاية المركزة من أجل تحقيق الأهداف اليهودية المدمرة. ـ لقد عملوا على خطف أدولف إيخمان النازي الشهير في عام 1960م من الأرجنتين إلى إسرائيل حيث أعدم هناك في 31/5/1962م. ـ التصدي لكل من يحاول النَّيل من اليهود واغتيال الأقلام التي تتعرض لهم حتى يخضع الجميع لهيبتهم. ـ إنها جمعية لا تقدم خدماتها إلا لأبناء الجالية اليهودية ولا تعمل إلا من أجل دعم تفوقهم وسيطرتهم. ـ في الاجتماع الذي عقد في مدينة بال بسويسرا 1897م قال رئيس الوفد الأمريكي لجمعية بناي برث: "ولسوف يأتي الوقت الذي يسارع فيه المسيحيون أنفسهم طالبين من اليهود أن يتسلموا زمام السلطة". ـ حظيت (بناي برث) بتمثيل في الأمم المتحدة (*) وذلك من خلال عضويتها في المجلس التنسيقي للمنظمات اليهودية. الجذور الفكرية والعقائدية: ـ أنها منظّمة يهودية وبالتالي فإن التلمود هو محور عقيدتها وتفكيرها. ـ بروتوكولات حكماء صهيون (*) ركن أساسي في خططها وأهدافها. ـ طموحات الماسونية الهدّامة أمر مهم تعمل على تحقيقه وإنجازه. الانتشار ومواقع النفوذ: • تأسست بناي برث في نيويورك وانتشرت محافلها في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، وصارت لها في هذه الدول مواقع نفوذ قوية. • امتدت فروعها إلى استراليا وأفريقيا وبعض دول آسيا، كما أن لها نوادي في بعض البلدان الإسلامية: الأردن، سوريا، لبنان، البحرين، المغرب، تونس، العراق، مصر، السودان. ـ في مصر تأسس لها محفلان أحدهما محفل ماغين دافيد رقم 436 وقانونه مطبوع باللغة العربية، والآخر محفل ميمونت رقم 365 وقانونه مطبوع بالألمانية، وقد تم حظر نشاطهما في الستينات، ولكن حدث أن التقى الرئيس المصري أنور السادات بوفد من المنظمة يضم 24 عضواً باستراحة الرئيس بالمعمورة كما استقبل الوفد د. مصطفى خليل رئيس وزراء مصر آنذاك (مايو عام 1979م) وهكذا تلقى وفودها ترحيباً في بعض الدول الإسلامية. ويتضح مما سبق: أنه بعد انكشاف أهداف الصهيونية ونشر بروتوكولاتهم (*) وإغلاق الكثير من محافل الماسونية، لجأ اليهود إلى تغيير الأسماء ووضعوا لافتات جديدة لنشاطاتهم مثل الروتاري والليونز وبناي برث، وهي جميعها حرب على الأديان (*) وتخريب للمبادئ الإنسانية السامية. مراجع للتوسع: ـ الماسونية ما هي حقيقتها، أسرارها، أهدافها، رابطة العالم الإسلامي ـ الأمانة العامة للمجلس الأعلى للمساجد ـ الدورة الثالثة 1398هـ/1978م. ـ خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية: عبد الله التل ـ المكتب الإسلامي ـ بيروت ودمشق ـ ط 3 ـ 1399هـ/1979م. ـ حقيقة نوادي الروتاري، من رسائل جمعية الإصلاح الاجتماعي ـ الكويت ـ ط 2 ـ 1394هـ/1974م. ـ الإسلام والحركات الهدامة، معالي عبد الحميد حمودة ـ سلسلة دعوة الحق ـ العدد 25 ـ صادر عن رابطة العالم الإسلامي 1404هـ/1984م. ـ جذور البلاء، عبد الله التل ـ المكتب الإسلامي ـ بيروت ودمشق ـ ط 2 ـ 1398هـ/1978م. ـ الصهيونية ودورها في السياسة العالمية، هايمان لوفر ـ دار الثقافة الجديدة ـ القاهرة. ـ شهادات ماسونية، حسين عمر حمادة ـ دار قتيبة ـ دمشق ـ ط 1 ـ 1400هـ/1980م. ـ التراث اليهودي الصهيوني في الفكر الفرويدي، د. صبري جرجس ـ عالم الكتب ـ طبعة 1970م. ـ الموسوعة البريطانية Encyclopedia Britannica, Vol II(1976) (Bnai Brith) الروتاري التعريف: الروتاري جمعية (*) ماسونية يهودية تضم رجال الأعمال والمهن الحرة تتظاهر بالعمل الإنساني من أجل تحسين العلاقات بين البشر، وتشجيع المستويات الأخلاقية السامية في الحياة المهنية، وتعزيز النية الصادقة والسلام في العالم. وكلمة روتاري كلمة إنجليزية معناها دوران أو مناوبة. وقد جاء هذا الاسم لأن الاجتماعات كانت تعقد في منازل أو مكاتب الأعضاء بالتناوب، ولا زالت تدور الرئاسة بين الأعضاء بالتناوب. وقد اختارت النوادي شارة مميزة لها هي "العجلة المسننة" على شكل ترس ذات أربعة وعشرين سناً باللونين الذهبي والأزرق وداخل محيط العجلة المسننة تتحدد ست نقاط ذهبية، كل نقطتين متقابلتين تشكلان قطراً داخل دائرة الترس بما يساوي ثلاثة أقطار متقاطعة في المركز وبتوصيل نقطة البدء لكل قطر من الأقطار الثلاثة بنهاية القطرين الآخرين تتشكل النجمة السداسية تحتضنها كلمتي "روتاري" و "عالمي" باللغة الإنجليزية. أما اللونان الذهبي والأزرق فهما من ألوان اليهود المقدسة التي يزينون بها أسقف أديرتهم وهياكلهم ومحافلهم الماسونية وهما اليوم لونا علم "دول السوق الأوروبية المشتركة". التأسيس وأبرز الشخصيات: • في 23 من فبراير عام 1905م أسس المحامي بول هاريس أول ناد للروتاري في مدينة شيكاغو بولاية ألينوي وذلك بعد ثلاث سنوات من نشر بول هاريس لفكرته التي اقتنع بها البعض، ويعتبر سليفر شيلر (تاجر الفحم) وغوستاف ايه لوهر (مهندس المعادن) وسيرام إي شورى (التاجر الخياط) بالإضافة إلى بول هاريس (المحامي) مؤسسي الحركة الروتارية وواضعي أسسها الفكرية بعد اجتماعات متكررة دورية. وقد عقد اجتماعهم الأول في نفس المكان الذي بني عليه فيما بعد مقر النادي الروتاري الذي يحمل اسم شيكاغو 177 اليوم. لم يقبل بول هاريس أن يرأس النادي في أول عهده بل ترك رئاسته لأحد زملائه وهو سليفر ولم يقبل بول رئاسة النادي إلا في عام 1908م. ـ بعد ثلاث سنوات انضم إليه رجل يدعى شيرلي د. بري الذي وسع الحركة بسرعة هائلة، وظل سكرتيراً للمنظمة إلى أن استقال منها في سنة 1942م. ـ توفي بول هاريس (المؤسس) سنة 1947م بعد أن امتدت الحركة إلى 80 دولة، وأصبح لها 6800 ناد تضم 327000 عضو. • انتقلت الحركة (*) إلى دبلن بأيرلندا سنة 1911م ثم انتشرت في بريطانيا بفضل نشاط شخص اسمه مستر مورو الذي كان يتقاضى عمولة عن كل عضو جديد. • تأسس نادي الروتاري في مدريد سنة 1921م ثم أغلق ولم يسمح له بمعاودة النشاط في كل أسبانيا والسويد. • لا يدون الروتاي الدولي اسم فلسطين في سجلاته بل يذكر صراحة اسم إسرائيل ومن المعلوم أنمصر وفلسطين الدولتان الأوليان في العالم العربي والإسلامي اللتان تأسس فيهما أول نادي للروتاي وذلك في عام 1929م (نادي روتاري القاهرة 2/1/1929م) نادي أورشليم (القدس) 1929م أيضاً، كما أنهما أكثر عدداً (مصر أكثر من عشرين نادياً، فلسطين أكثر من أربعين نادياً). وقد ارتبط تاريخ الروتاري في الوطن العربي بثلاث ظواهر: ـ بالاستعمار الغربي في نشأته وغالبية أعضائه. ـ بالطبقات الارستقراطية وذوي النفوذ والمال. ـ بنشاط شامل عام لجميع العالم العربي بصورة مباشرة أو غير مباشرة. • في الثلاثينات تم تأسيس فروع للروتاري في الجزائر ومراكش برعاية الاستعمار الفرنسي. • يوجد في طرابلس الغرب فرع للروتاري ومن أعضاء مجلس الإدارة فيه المستر جون روبنسون والمستر فونت كريج. • يعقوب بارزيف رئيس نادي الروتاي في إسرائيل عام 1974م غادر إسرائيل في 14/3/1974م إلى مدينة تاور مينا بصقلية لحضور المؤتمر الذي ينظمه النادي الروتاري الإيطالي، وادعى أنه سيكون مؤتمراً عربيًا إسرائيلياً لاشتراك وفود عدد من الدول العربية مع وفد إسرائيلي. ـ كان أول المتحدثين مختار عزيز ممثل النادي الروتاري التونسي ثم تكلم بعده يعقوب بارزيف اليهودي. الأفكار والمعتقدات: • عدم اعتبار "الدين (*) مسألة ذات قيمة لا في اختيار العضو، ولا في العلاقة بين الأعضاء، ولا يوجد أي اعتبار لمسألة الوطن: يزعم الروتاري أنه لا يشتغل بالمسائل الدينية أو السياسية وليس له أن يبدي رأياًًً في أي مسألة عامة قائمة يدور حولها جدال (*). • تلقَّن نوادي الروتاري أفرادها قائمة بالأديان المعترف بها لديها على قدم المساواة مرتبة حسب الترتيب الأبجدي: البوذية، النصرانية (*)، الكونفشيوسية، الهندوكية، اليهودية، المحمَّدية... وفي أخر القائمة التأويزم "الطاوية". • إسقاط اعتبار الدين يوفر الحماية لليهود ويسهل تغلغلهم في الأنشطة الحياتية كافة، وهذا يتضح من ضرورة وجود يهودي واحد أو اثنين على الأقل في كل ناد. • عمل الخير لديهم يجب أن يتم دون انتظار أي جزاء مادي أو معنوي، وهذا مصادم للتصور الديني الذي يربط العمل التطوعي بالجزاء المضاعف عند الله. • لهم اجتماع أسبوعي، وعلى العضو أن يحرر 60% من نسبة الحضور سنويًّا على الأقل. • باب العضوية غير مفتوح لكل الناس، ولكن على الشخص أن ينتظر دعوة النادي للانضمام إليه على حسب مبدأ الاختيار. • التصنيف يقوم على أساس المهنة الرئيسية، وتصنيفهم يضم 77 مهنة. • العمال محرومون من عضوية النادي، ولا يختار إلا من يكون ذا مكانة عالية. • يحافظون على مستوى أعمار الأعضاء ويعملون على تغذية المنظمة بدم جديد وذلك باجتلاب رجال في مقتبل العمر. • يشترط أن يكون هناك ممثل واحد عن كل مهنة وقد تخرق هذه القاعدة بغية ضمّ عضو مرغوب فيه، أو إقصاء عضو غير مرغوب فيه، وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من القانون الأساسي للروتاري الدولي على ما يلي: ـ لا يجوز قبول أكثر من عضو عامل واحد في تصنيف من تصنيفات الأعمال والمهن باستثناء تصنيفات الأديان ووسائل الإعلام والسلك الدبلوماسي ومع مراعاة أحكام اللائحة الداخلية الخاصة بالأعضاء العاملين الإضافيين. • يشترط أن يكون في المجلس الإداري لكل ناد شخص أو شخصان من رؤساء النادي السابقين أي من ورثة السر الروتاري المنحدر من (بول هاريس). • تشارلز ماردن الذي كان عضوًا لمدة ثلاث سنوات في أحد نوادي الروتاري قام بدراسة عن الروتاري وخرج بعدد من الحقائق. • بين كل 421 عضواً في نوادي الروتاري ينتمي 159 عضواً منهم للماسونية مع الاستنتاجات جعل الولاء للماسونية قبل النادي. • في بعض الحالات اقتصرت عضوية الروتاري على الماسون فقط كما حدث في أدنبرة ـ بريطانيا سنة 1921م. • ورد في محافل نانس بفرنسا سنة 1881م ما يلي: "إذا كون الماسونية جمعية بالاشتراك مع غيرهم فعليهم ألا يدعوا أمرها بيد غيرهم، ويجب أن يكون رجال الإدارة في مراكزها بأيد ماسونية وأن تسير بوحي من مبادئها". • نوادي الروتاري تحصل على شعبية كبيرة ويقوى نشاطها حينما تضعف الحركة الماسونية أو تخمد، ذلك لأن الماسون ينقلون نشاطهم إلهيا حتى تزول تلك الضغوط فتعود إلى حالتها الأولى. • تأسست الروتاري عام 1905م وذلك إبان فترة نشاط الماسونية في أمريكا. • هناك عدد من الأندية تماثل الروتاري فكراً وطريقة وهي: الليونز، الكيواني، الاكستشانج، المائدة المستديرة، القلم، بناي برث (أبناء العهد) فهي تعمل بنفس الصورة ولنفس الغرض مع تعديل بسيط وذلك لإكثار الأساليب التي يتم بواسطتها بثُّ الأفكار واجتلاب المؤيدين والأنصار. بين هذه النوادي زيارات متبادلة، وفي بعض المدن يوجد مجلس لرؤساء النوادي من أجل التنسيق فيما بينها. الجذور الفكرية والعقائدية: • يوجد توافق كامل كبير بين الماسونية والروتاري في مسألة (الدين (*) والوطن والسياسة)، وفي اعتمادهم على مبدأ (الاختيار) فالعضو لا يمكنه أن يتقدم بنفسه للانتساب ولكن ينتظر حتى ترسل إليه بطاقة دعوة للعضوية. • القيم والروح التي يُصْبغُ بها الفرد واحدةٌ في الماسونية والروتاري مثل فكرة المساواة والإخاء والروح الإنسانية والتعاون العالمي. وهذه روح خطيرة تهدف إلى إذابة الفوارق بين الأمم، وتفتيت جميع أنواع الولاءات، حتى يصبح الناس أفرادًا ضائعين تائهين، ولا تبقى قوة متماسكة إلا اليهود الذين يريدون السيطرة على العالم. • الروتاري وما يماثله من النوادي تعمل في نطاق المخططات اليهودية من خلال سيطرة الماسون عليها الذين هم بدورهم مرتبطون باليهودية العالمية نظريًّا وعمليًّا، ورصيد هذه المنظمات ونشاطاتها يعود على اليهود أولاً وأخرًا. • تختلف الماسونية عن الروتاري في أن قيادة الماسونية ورأسها مجهولان على عكس الروتاري الذي يمكن معرفة أصوله ومؤسسيه، ولكن لا يجوز تأسيس أي فروع للروتاري إلا بتوثيق من رئاسة المنظمة الدولية وتحت إشراف مكتب سابق. • تتظاهر بالعمل الإنساني من أجل تحسين الصلات بين مختلف الطوائف، وتتظاهر بأنها تحصر نشاطها في المسائل الاجتماعية والثقافية، وتحقق أهدافها عن طريق الحفلات الدورية والمحاضرات والندوات التي تدعو إلى التقارب بين الأديان وإلغاء الخلافات الدينية. • أما الغرض الحقيقي فهو أن يمتزج اليهود بالشعوب الأخرى باسم الود والإخاء وعن طريق ذلك يصلون إلى جمع معلومات تساعدهم في تحقيق أغراضهم الاقتصادية والسياسية وتساعدهم على نشر عادات معينة تعين على التفسخ الاجتماعي، ويتأكد هذا إذا علمنا بأن العضوية لا تمنح إلا للشخصيات البارزة والمهمة في المجتمع. الانتشار ومواقع النفوذ: • بدأت أندية الروتاري في أمريكا سنة 1905م وانتقلت بعدها إلى بريطانيا وإلى عدد من الدول الأوروبية، وفروعها الرئيسية في لندن وزيورخ وباريس وترتبط رئاسة كل منطقة روتارية على مستوى العالم ارتباطًا مباشرًا بالمركز العام في إيفانستون عن طريق ممثلها العالمي في الأفرع الرئيسية وقد غطت أندية الروتاري 157 دولة في العالم. • المنطقة 245 تضم مصر، السودان، لبنان، الأردن، البحرين، قبرص، كما أن لهذه المنظمة أكثر من أربعين فرعاً في إسرائيل، ولها نواد في عدد من الدول العربية كمصر أكثر من 23 نادياً والأردن ناديان وتونس والجزائر وليبيا والمغرب 13 نادي ولبنان 5 أندية، وتعدّ بيروت مركز جمعيات الشرق الأوسط. ويتضح مما سبق: أن الروتاريين يستهدفون القضاء على المعالم الثقافية والدينية المتميزة لإيجاد بيئة واحدة تعمها الأفكار والمبادئ الروتارية التي تستمد مفاهيمها من الحركة (*) الماسوينة العالمية، وتتخذ الناقوس والمطرقة شعارًا لها وتتخذ هذه المنظمة أسماء أخرى تعمل في ظلها مثل: لجنة الإنرهويل التي تختص بالسيدات وتضم مصر والأردن منطقة إنرهويل واحدة تحمل رقم 95، ولجنة الروتاراكت ولجنة الانتراكت. وتعتبر هذه النوادي خطرًا داهمًا على الإسلام والمسلمين لتظاهرها بالعمل الإنساني في حين أنها معاول هدم للروح الإسلامية وتعمل في نطاق المخططات اليهودية العالمية. وقد أصدر المؤتمر الإسلامي العالمي للمنظمات الإسلامية الذي انعقد بمكة المكرمة عام 1394هـ/1974م قراره الحادي عشر والخاص بالماسونية وأندية الروتاري وأندية الليونز وحركات التسلح الخلقي وإخوان الحرية بأن: ـ على كل مسلم أن يخرج منها فورًا وعلى الدول الإسلامية أن تمنع نشاطها داخل بلادها وأن تغلق محافلها وأوكارها. ـ عدم توظيف أي شخص ينتسب إليها ومقاطعته كلية. ـ يحرم انتخاب أي مسلم ينتسب إليها لأي عمل إسلامي. ـ فضحها بكتيبات ونشرات تباع بسعر التكلفة. ـ كما أعلن بالمجمع الفقهي في دورته الأولى أن الماسونية وما يتفرع عنها من منظمات أخرى كالليونز والروتاري تتنافى كلية مع قواعد الإسلام وتناقضه مناقضة كلية. ------------------------------ مراجع للتوسع: ـ الماسونية في العراء، الدكتور الشيخ محمد علي الزعبي. ـ أسرار الماسونية، جواد رفعت أتلخان. ـ الماسونية، دراسة نقدية باللغة الإنجليزية، مصباح الإسلام فاروقي. ـ خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية، عبد الله التل. ـ جذور البلاء، عبد الله التل. ـ مقال في مجلة أنوار الأحد، عدد 4627 في 23 أيلول / سبتمبر 1973م. ـ مقال في مجلة الفكر الإسلامي، (بيروت) العدد الأول ذي الحجة 1393هـ/كانون الثاني 1974م. ـ جريدة القيس الكويتية، في 14/3/1974م. ـ ملحق جريدة العلم الليبية، أغسطس 1969م. ـ مجلة فلسطين، أكتوبر 1969م. ـ حقيقة أندية الروتاري، من رسائل جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت. ـ دراسة عن أندية الروتاري الماسونية، بقلم أبي إسلام أحمد عبد الله. ـ الطابور الخامس، بقلم أبي إسلام أحمد عبد الله. ـ الماسونية في المنطقة (245)، بقلم أبي إسلام أحمد عبد الله. ـ شرخ في جدار الروتاري ـ أبو إسلام أحمد عبد الله. ـ لا يا شيخ الأزهر ـ الفتاوى الشرعية في أندية روتاري وليونز الماسونية ـ أبو إسلام أحمد عبد الله. ـ الماسونية العالمية في ميزان الإسلام، د. عبد الله سمك. ـ مجلات الروتاري (المنطقة 245) ونشرات الأندية في مصر والسودان وغيرهما. ـ اليهود. د. أحمد شلبي. ـ صحيفة الأهرام 6/2/1980م، 27/4/1980م. ـ مجلة الجيل 10/6/1963م. ـ قوانين الروتاري الدولية ولوائحه الداخلية والإقليمية والمحلية. ـ القانون الأساسي للماسونية. ـ الدستور الماسوني. ـ الروتاري في قفص الاتهام، أبو إسلام أحمد عبد الله. ـ الموسوعة البريطانية المجلد 19. ـ قاموس الأندية الروتارية. ـ موسوعة المورد، منير البعلبكي. ـ حقيقة الروتاري في مصر، أبو إسلام أحمد عبد الله. ـ شهادات روتارية، حسين عمر حماده. ـ روزاليوسف عدد 1921م. Rotary and Its Brothers, Charles F. Marden (Princeton University press – 1963). Towards my Neighbour. G.R.H. Nitt. My Road To rotoary, Ranl. P. Harris. Rotary Service. Service in life and work. الليونز التعريف: الليونز مجموعة نواد ذات طابع خيري اجتماعي في الظاهر، لكنها لا تعدو أن تكون واحدة من المنظمات العالمية التابعة للماسونية التي تديرها أصابع يهودية بغية إفساد العالم وإحكام السيطرة عليه. التأسيس وأبرز الشخصيات: • في صيف 1915م دعا مؤسس هذه النوادي ملفن جونس إلى فكرة إنشاء نواد تضم رجال الأعمال من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وكان أول نادٍ تأسس من هذا النوع في مدينة سانت أنطونيو ـ تكساس. • في مايو 1917م ظهرت المنظمة العالمية لنوادي الليونز إلى الوجود وقد عقدت اجتماعها الأول في شيكاغو حيث أقدم نوادي الروتاري هناك. • يعتقد بعض الدارسين أن هذا النادي تابع لنوادي بناي برث أي (أبناء العهد) الذي تأسس في 13/10/1834م في مدينة نيويورك. • بصورة عامة فإن هذه النوادي جميعًا تتبع بشكل أو بآخر منظمة البنائين الأحرار (الماسون). • لقد أنشئ نادي الليونز ليكون بديلاً عن النوادي السابقة في حالات انكشافها أو اضطهادها لما يتمتع به من مظهر اجتماعي إصلاحي خيري. الأفكار والمعتقدات: • إن اسمهم (الليونز) أي (الأسود) إنما يرمز إلى القوة والجرأة وحروف الكلمة بالإنجليزية (Lions) كل منها يرمز لمعنى عندهم. • تنهى كسائر النوادي الماسونية عن المجادلة في الأمور السياسية والعقائدية الدينية. • تتظاهر بالعمل في الميادين التالية: ـ الدعوة إلى الإخاء والحرية (*) والمساواة. ـ الخدمات العلمية والثقافية. ـ تشجيع تبادل الزيارات والرحلات واللقاءات. ـ نشر معاني الخير والتعاون بين الشعوب. ـ تنمية روح الصداقة بين الأفراد بعيدًا عن الروابط العقدية. ـ الاهتمام بالرفاهية الاجتماعية. ـ العمل على نشر المعرفة بكل الوسائل الممكنة. ـ مساعدة المكفوفين والخدمات الاجتماعية الأخرى. ـ تخفيف متاعب الحياة اليومية عن المواطنين. ـ تقديم الخدمات إلى البيئة المحلية. ـ إقامة المسابقات الترفيهية وتشجيع اللقاءات وتبادل الزيارات والرحلات. ـ دعم المشروعات الخيرية. ـ دعم مشروعات الأمم المتحدة (*). • العضوية: ـ شروط العضوية في هذه النوادي لا تختلف كثيرًا عن شروط العضوية في نوادي الماسونية والروتاري. ـ لكنها تمتاز عن النوادي الماسونية بأنه يجوز لديهم بأن يمثل المهنة الواحدة أكثر من عضوين. ـ لا يستطيع أي شخص أن يقدم طلب انتساب إليها، إنما هم الذين يرشحونه ويعرضون عليه ذلك إذا رأوا مصلحة لهم فيه. ـ يشترط أن يكون العضو من رجال الأعمال الناجحين. ـ يشترط أن يكون مكان عمل العضو في ذات المنطقة التي فيها النادي. ـ يفرض على كل عضو أن يحقق نسبة حضور في الاجتماعات الأسبوعية لا تقل عن 60% سنوياً. ـ يمنعون منعاً باتاً دخول العقائديين وذوي الغيرة الوطنية الشديدة. ـ يجتذبون الشباب والشابات بغية المحافظة على أدنى مستوى ممكن من الأعمار الشابة للمحافظة على حيوية النادي الدائمة فضلاً عن سهولة التأثير. ـ يجتذبون السيدات من زوجات كبار المسؤولين كما يسند إليهن مهمة الاتصال بالشخصيات الكبيرة، ولهن نوادٍ بهنَّ تسمى نوادي سيدات الليونز. الهيكل التنظيمي: • تتشابه أندية الليونز مع أندية الروتاري في وضع نظام شبه جغرافي يقسم العالم إلى عدد من التكتلات حسب كثافة انتشار الأندية ولكل تكتل رقم خاص ويتكون التكتل الواحد من دولة أو عدد من الدول ويسمى بالمنطقة أو المحافظة رقم ـ وترتبط رئاسة كل منطقة من المناطق على مستوى العالم مباشرة بالمركز العام وتقع مجموعة الدول العربية في المنطقة 352. • يتكون كل نادٍ من: ـ رئيس. ـ نائب رئيس أو أكثر. ـ سكرتير ـ وأمين صندوق. ـ مجلس إدارة مؤلف من (12) عضواً على أن يكون بينهم شخص أو اثنان من رؤساء النادي السابقين بهدف إحكام القبضة على المجلس كي لا ينحرف في أي مسار لا يريدونه لناديهم. ـ لجان متنوعة تشكل من قبل المجلس لتشمل الأنظمة المختلفة. خطورة هذه النوادي: • نشاطاتها الخيرية الظاهرية مصيدة تخفي وراءها أهدافها الحقيقية. • يتسمون بالتخطيط الدقيق، ويعملون على أساس من السرية في جمع المعلومات. • يتعرفون على أسرار المهن من خلال لقاءاتهم مما يعطيهم قدرة على التحكم في السوق المحلية كما يعينهم على التدخل في الشؤون الاقتصادية للبلد. • يجمعون المعلومات المتعلقة بالشؤون السياسية والدينية للبلد الذي يعملون فوق أرضه ويرسلونها إلى مركز المنظمة العالمي التي تقوم بتحليلها ووضع الخطط اللازمة والمناسبة حيالها. • إنهم يُقَسِّمون المنطقة التي يعملون فيها، ومن ثم يجب أن يغطى كل قسم بنشاطه القطاع المتعلق به. • هناك غموض شديد يكتنف أسرارهم ومواردهم ووسائلهم. • تضرب مجالس إدارات مناطق الليونز إجراءات أمن مشددة حولها. • يرددون دائماً شعار (الدين (*) لله والوطن للجميع). • الإسلام لديهم يقف على قدم المساواة مع الديانات الأخرى سماوية كانت أم بشرية هذا من حيث الظاهر، أما الحقيقة فإنهم يكيدون له أكثر مما يكيدون لسواه. • يركزون في دعواتهم ومحاضراتهم على إبراز مكانة معينة لإسرائيل وشعبها، كما يقومون بزراعة أفكار صهيونية في عقول أعضائها. • لقد عقدوا دورة في نوادي ليونز مصر الجديدة بالقاهرة للحديث عن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. • إنهم يقيمون حفلات مختلطة ماجنة راقصة تحت شعار (الحفلات الخيرية). • لقد أصدر المجمع الفقهي في دورته الأولى المنعقدة في مكة المكرمة بتاريخ 10 رمضان 1398هـ قراراً بَيَّنَ فيه أن مبادئ حركات (*) الماسونية والليونز والروتاري تتناقض كليًّا مع مبادئ وقواعد الإسلام. الجذور الفكرية والعقائدية: إن نوادي الليونز لا تخرج عن الدائرة الماسونية التي تتبع لها، فالجذور إذن واحدة. • إنها تدعو إلى فكرة الرابطة الإنسانية وإزالة العوائق بين البشر. • إنها تستمد جوهرها الحقيقي من الفكر الصهيوني. الانتشار ومواقع النفوذ: • لهذه المنظمة نوادٍ في أمريكا وأوروبا وفي كثير من بلدان العالم. • ادعت نوادي الليونز في أوائل عام 1970م بأن عدد أعضائها يزيد عن (934.000) عضو موزعين في (146) بلداً. • مركزها الرئيسي الحالي هو في أوك بروك بولاية الينوي في الولايات المتحدة الأمريكية. • نوادي الليونز والروتاري نشطت في مصر بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل. • إنها تتخذ من الفنادق الضخمة مراكز لها كفندق السلام بمصر الجديدة وفندق هيلتون وشبرد وشيراتون. • إنها ترصد مبالغ ضخمة كجوائز تقدم خلال حفلات تنمية الصداقة وحفلات الاهتمام ببعض المشروعات مما يضع إشارة استفهام حول طبيعة الموارد المالية. ويتضح مما سبق: أن الليونز لافتة جديدة للماسونية لجأ اليهود إليها عندما أغلقت المحافل الماسونية. والحقيقة أن ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ومع الأسف فإنها تباشر نشاطها في كثير من البلاد الإسلامية مثل: مصر والأردن وسوريا ولبنان والبحرين والمغرب وتونس والعراق، وهم يعرضون أحياناً بعض ما يسمونه نشاطاً اجتماعيًّا ويدَّعون أنهم يريدون به للمجتمع أن ينمو وفق نظام هندسي دقيق تذوب فيه النعرات القومية والعصبيات الجنسية والاختلافات الدينية، والحقيقة التي يجب ألا تخفى على مسلم هي أنهم جماعة مشبوهة، ويكتنفها الريب والشكوك، ويكفي أنها مدعومة من جهات خارجية غير معلومة. ---------------------------- مراجع للتوسع: ـ شهادات ماسونية، حسين عمر حماده ـ دار قتيبة بدمشق ـ ط 1 ـ 1400هـ/1980م. ـ حقيقة نوادي الروتاري، جمعية الإصلاح الاجتماعي ـ ط 2 ـ 1394هـ/1974م. ـ الماسونية في العراء، الشيخ محمد علي الزغبي. ـ أسرار الماسونية، جواد رفعت أتلخان. ـ خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية، عبد الله التل. ـ جذور البلاء، عبد الله التل. الماسونية، محمد صفوت السقا وسعدي أوجيب ـ إصدار رابطة العالم الإسلامي ـ مكة المكرمة ـ طـ 2 ـ 1402هـ. ـ الماسونية والصهيونية والشيوعية، د. صابر عبد الرحمن طعيمه ـ دار الفكر العربي بالقاهرة ـ طـ 1 ـ 1978م. ـ المثلث 352 ـ أندية ليونز الماسونية في مصر ـ أبو إسلام أحمد عبد الله ـ بيت الحكمة ـ القاهرة. ـ مجلة الجندي المسلم، السنة الحادية عشر ـ العدد 34 ـ ذو الحجة 1404هـ/1984م. ـ جريدة الأخبار القاهرية، بتاريخ 27/1/1984م. ـ لائحة النظام الأساسي للجمعية العالمية لأندية الليونز. ـ انظر الموسوعة البريطانية، طبعة 1974م، مجلد 4 ـ صفحة 302 ـ في الحديث عن الماسونية (البناؤون الأحرار). المراجع الأجنبية: Encyclopaedia Britannica, Nol, V.p. 385, 1974. حيروت (الحرية) التعريف: حيروت حزب (*) سياسي صهيوني أسسه مناحم بيجين في فلسطين المحتلة بعد قيام الدولة اليهودية المسماة إسرائيل عام 1948م، ويعد حزب حيروت وريث منظمة الأراجوان الإرهابية قبل عام 1948م. التأسيس وأبرز الشخصيات: • بعد عام 1948م: انصهرت منظمة الأراجون زفائي لؤمي في جيش الدفاع الإسرائيلي (تسهال)، وأما من رفضوا الارتباط بالجيش الإسرائيلي فقد شكلوا حزبا سياسياً سموه حزب حيروت أو الحرية الذي يحمل لواء الإرهاب، وكان على رأس الحزب مناحم بيجين.. • وفي سنة 1965م تحالف حزب حيروت مع حزب الأحرار وكونوا معاً تشكيلاً حزبيًّا تحت اسم جحل وهو الاختصار العبري لأسماء أحزاب (جوش حيروت ليبراليم) أو (كتلة حيروت والأحرار). واتبعت خطاً فكريًّا وعقديًّا لا يخرج في قليل أو كثير عن خط حيروت العقدي. • وفي نهاية سنة 1973م كووت جحل وعدة أحزاب يمينية هي: المركز الحر (ورئيسه شامير رئيس الوزراء السابق) والقائمة الرسمية وحركة أرض إسرائيل الكاملة، تكتلاً عرف باسم الليكود لمواجهة حزب العمل الحاكم، وظهرت في هذه التكتلات شخصيات إرهابية منها أرييل شارون وعزرا وايزمان والدكتور بنيامين هيلفي. ـ أعلنت (الليكود) برنامجها أمام الكنيست، وهو يبرز نفس السياسة الإرهابية، ويغضُّ بمفاهيم العنف والتأكيد على حقوق الاستيطان حتى في الأراضي المحتلة. وأهم الشخصيات في هذا التكتل: • مناحم بيجين: ولد سنة 1913م في بولندة، والتقى بالزعيم الصهيوني جابوتنسكي سنة 1938م الذي عينه ممثلاً للحركة (*) الصهيونية ودخل بيجين فلسطين سنة 1942م والتحق بالمنظمة الإرهابية الأراجون حيث تولى قيادتها في نفس العام. وأسس حزب (*) حيروت سنة 1948م بعد حل منظمة الأراجون. وفي سنة 1973م قاد تكتل الليكود، وتولى رئاسة الحكومة اليهودية في فلسطين المحتلة سنة 1977م. وفي سنة 1977م، وقع اتفاقية كامب ديفيد مع الرئيس المصري أنور السادات. ـ يعد مناحم بيجين من أشد الإرهابيين المتبعين سياسة جابوتنسكي ويلخص سياسته بقوله: "أنا أحارب فأنا موجود". "القوة هي لغة التفاهم مع العرب". • عزرا وايزمان ولد في تل أبيب سنة 1924م، عمل في صلاح الجو البريطاني.. واشترك في حرب فلسطين سنة 1948م، وعين قائداً لسلاح الطيران الإسرائيلي من سنة 1958م إلى 1966م واشترك في حرب سنة 1967م ثم عين وزيراً للمواصلات، ثم وزيراً للدفاع سنة 1975م. • يوحنا بيدر: من منظمة الأرجوان الإرهابية وهو محرك الحزب وواضع نظرياته الفلسفية الإرهابية، ورئيس تحرير جريدة حيروت. • يعقوب ميريدور مدير عمليات الأرجوان السابق. • يوحنا بارو ـ ناحوم يثعن.. والجميع تجمعهم صفة الإرهاب والتطرف. • أرييل شارون: ولد في فلسطين سنة 1928م وانضم إلى المنظمة الإرهابية الهاجاناه في سنة 1944م واشترك في حرب 1948م واشترك في حرب 1956م بين إنكلترا وفرنسا وإسرائيل من جهة، ومصر من جهة أخرى.. واشترك في حرب 1967م وأحيل إلى التقاعد بعد الحرب مباشرة واستعد للحرب في سنة 1973م وقام بعملية الثغرة (الدفرسوار) في الضفة الغربية لقناة السويس. والتحق بتكتل الليكود الذي يعد حزب حيروت أكبر حزب فيه.. وأصبح من أبرز الزعماء اليهود.. فضلاً عن أنه قائد القوات اليهودية التي اجتاحت لبنان، وهو المخطط لمذبحة صبرا وشاتيلا في لبنان. الأفكار والمعتقدات: • أهم المبادئ الرئيسية ـ في التعريف بالحزب (*) ـ منذ تأسيسه كحزب مستقل، وحتى انضمامه إلى تكتل (الليكود) الذي ضم عدة أحزاب، كلها ذات مبادئ واحدة، أبرزها: ـ المطالبة بحدود إسرائيل الكبرى، وعدم التخلي عن أي أرض احتلت عام 1967م وأن للشعب اليهودي حق تاريخي وغير قابل للتنازل عنه في أرض إسرائيل.. أرض الأجداد. ـ مباركة الأعمال العدوانية ضد الدول العربية.. والحرب هي الوسيلة الوحيدة التي يفهمها العرب. ـ العمل على تشجيع الاستيطان الديني والريفي في فلسطين، واعتبار أن تشجيع الهجرة يقع على رأس مهام الدولة، بما يستلزمه ذلك من ضرورة تخصيص الأموال اللازمة للاستيطان. ـ إدراك وحدة المصير والنضال المشترك من أجل وجود الشعب اليهودي في أرض فلسطين والدياسبورا (أرض الشتات). ـ التجنيد الإجباري واجب على كل مواطن، ولذا يلزم إعداد الجنود إعداداً فنيًّا حديثاً مع الاهتمام بالقوات الاحتياطية. ـ التعاون مع المعسكر الغربي والدخول في أحلاف عسكرية معه وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. ـ يعد الحزب فرعاً لاتحاد الصهيونيين وأفرعها المنتشرة في أوروبا وأمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا. ـ التضييق على الأقلية العربية في الدولة والعمل على تصفية معسكرات اللاجئين. الجذور الفكرية والعقائدية: • إن ادعاء الصهيونية بالحق التاريخي لليهود في فلسطين، وأنها أرض الميعاد وأن اليهودي فوق الجميع، وأن اليهود شعب الله المختار. وكذلك أسلوب الإرهاب والعنف والقتل الجماعي الذي اتبعه اليهود في فلسطين المحتلة قبل عام 1948م وبعده.. إن ذلك كله يرجع أولاً وقبل كل شيء إلى التعاليم التلمودية اليهودية التي يعدونها مقدمة على التوراة (*) نفسها. ـ فالعنصرية اليهودية الغالبة نجدها في قول التلمود: "إن اليهود أحب إلى الله من الملائكة" و "إن اليهود وحدهم هم البشر أما الشعوب الأخرى فليست سوى أنواع مختلفة من الحيوانات". ـ وسياسة العنف والقتل لدى الصهاينة الجدد.. نجد سندها في قول التلمود: "ليس من العدل استعمال الرحمة مع الأعداء" و" ممنوع العطف على الإنسان الأبله" و "من الواجب على اليهودي أن يبذل كنانة جهده في استئصال شأفة النصارى والمسلمين عن وجه الأرض..". ـ وقد وعى مفكرو اليهود دروس التلمود، ونظَّروه في مبادئ وأفكار، حتى أصبحت هذه المبادئ فلسفة خاصة بهم، ومن هذا المنطلق نجد أن جذور الفكر الإرهابي لحزب حيروت ولأحزاب إسرائيل الأخرى تمتد إلى المفكر اليهودي زئيف جابوتنسكي 1880 ـ 1940م الذي ولد في روسيا وزار فلسطين سنة 1908م وأسس منظمة الهاجاناه الإرهابية ووضع للمنظمات اليهودية المبادئ التي يجب السير عليها لتحقيق حلمهم في أرض فلسطين ومن هذه المبادئ: 1 ـ العنف هو الطريق الوحيد لإقامة دولة إسرائيل واستمرارها. 2 ـ إن عصر الحريات والإنسانيات الذي يعترف بحقوق الآخرين قد ولَّى وحل مكانه عالم جديد يرفض النزعة الإنسانية ولا يلتفت إطلاقاً لحقوق الآخرين، ويستند على الأنانية القومية لتأكيد وجوده الذي لا ينتعش في ظل العقل (*) والأخلاق (*) بل في ظل الحيوية الجسدية. 3 ـ عدم التقرُّب إلى العرب أو الثقافة العربية (عارض جابوتنسكي أي محاولة من قبل اليهود للتقرب إلى الثقافة العربية سنة 1924م، وعندما قالوا له إن العرب أبناء عم لنا فهم من نسل إسماعيل، رد قائلاً: إن إسماعيل ليس بعمنا، فنحن ـ وهذا بفضل الله!! ـ ننتمي إلى أوروبا، وعلى مدى ألفي عام ساعدنا في خلق ثقافة الغرب). 4 ـ الشعب اليهودي هو شعب الله المختار، وثقافته فوق كل الثقافات. هذه هي المبادئ التي وضعها الإرهابي الأول جابوتنسكي. وأخذت هذه المبادئ سبيلها إلى التطبيق العملي على مستوى منظمات الدفاع اليهودية الرسمية قبل وبعد إنشاء إسرائيل، ويعدُّ مناحم بيجين التلميذ الأول الذي استوعب أفكار وآراء أستاذه جابوتنسكي وترسخت في مفهومه ومفهوم كل المنظمات الإرهابية، الأراجون والهاجاناه وغيرها. ـ إن الاتجاهات الصهيونية بمختلف انتماءاتها تسير على نهج جابوتنسكي وتشعر بشعوره المفعم بالكراهية للعرب والمسلمين، مهما حاولت الصهيونية الحالية أن تصفه بأنه لا يمثل إلا نفسه ولكن الواقع يثبت غير ذلك. ـ وهناك من مفكري الحركة (*) الصهيونية من تأثر بفلسفة نيتشه الفيلسوف الألماني عن الإنسان الأعلى (السوبر مان)، وأن القوة هي الأساس في الكون، ومنهم جوزيف بيرويشفكي (1865 ـ 1921م) الذي يرى أن التوتر، والثورة (*) العنيفة هي الطريق الوحيد لقيام إسرائيل. ـ ومن هذا الفكر أصَّل بن جوريون ـ أول رئيس لدويلة اليهود ـ السياسة اليهودية تجاه المسلمين والعرب في كتابه إسرائيل: سنوات التحدي إذ يقول: "إن هذه الدولة المسماة بإسرائيل لا يمكنها أن تعيش إلا بالقوة والسلاح" "القوة هي لغة التفاهم مع العرب". ـ وكذلك مناحيم بيجين في كتابه التمرد فقد أعطى الأبعاد الكاملة لفلسفة التمرد والإرهاب قائلاً: "أنا أحارب فأنا موجود". "إذا لم نحارب فإننا سوف نفنى، والحرب هي الطريق الوحيد للخلاص". ويتضح مما سبق: أن حيروت حزب (*) سياسي صهيوني أسسه مناحم بيجين في فلسطين المحتلة بعد قيام إسرائيل عام 1948م، وهو يطالب بحدود إسرائيل الكبرى، مع عدم التخلي عن أي أرض احتلت عام 1967م، ويبارك الأعمال العدوانية ضد الدولة العربية ويعتبر الحرب هو الوسيلة الوحيدة التي يفهمها العرب ويشجع الاستيطان الديني والريفي في فلسطين، والتضييق على الأقلية العربية، وجعل إسرائيل تدور دائمًا في فلك المعسكر الغربي، حتى تتحقق الأهداف الإسرائيلية من حيث تكريس العنف ووأد حقوق الإنسان العربي والحيلولة دون شيوع الثقافة العربية في إسرائيل. مراجع للتوسع: ـ الصهيونية وسياسة العنف، محمود سعيد عبد الظاهر، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة 1979م. ـ العنف والسلام، دراسة في الاستراتيجية الصهيونية ـ إبراهيم العابد ـ منظمة التحرير ـ مركز الأبحاث ـ بيروت 1967م. ـ نظرة في أحزاب إسرائيل، أسعد رزوق منظمة التحرير ـ مركز الأبحاث ـ بيروت 1966م. ـ إسرائيل الكبرى، دراسة في الفكر الصهيوني التوسعي. ـ الجذور الإرهابية لحزب حيروت الإسرائيلي، بسام أبو غزالة منظمة التحرير ـ مركز الأبحاث ـ بيروت 1966م. ـ المطامع الصهيونية التوسعية، عبد الوهاب كيالي ـ منظمة التحرير (*) مركز الأبحاث ـ بيروت 1966م. ـ التمرد، قصة الأراجوان، مناحم بيجين ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب 1978م القاهرة. ـ إني أتهم، روجيه ديلورم ـ دار الجرمق للطباعة والنشر ـ بيروت 1980م. ـ همجية التعاليم الصهيونية، بولس حنا مسعد، المكتب الإسلامي ـ بيروت. ـ حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، د. محمد شتا أبو سعد، بحث مقدم لمؤتمر حقوق الشعوب العالمي، الذي نظمته جامعة الزقازيق 1984م بالقاهرة ص 1 ـ 6. Lenczowski, G: The middle East in the World Affairs. New York 1956. Glubb, J.B.: Soldier with the Arabs, London 1948. Herzle, Theodor: the Jewish State. New York 1972. Menuhin Mashe: the Decadance of Judaism in our Time. Begin, Menachem: the Revolt. Story of the Irgunn, New York 1951. Herzle, Theodor: the Complete Diaries Vol.4. 1616. Ben Gurion, David: Rebith and Destiny of Israel. New York 1964. الأنتراكت التعريف: هي نوادي اجتماعية وثقافية مرتبطة بمنظمة الروتاري الدولية، التي تسيطر عليها اليهودية العالمية والمنظمات الماسونية، وتضم هذه النوادي طلبة المدارس الإعدادية والثانوية. التأسيس وأبرز الشخصيات: • بتوجيه من مؤتمر الروتاري الدولي عام 1961م/ 1962م، أنشئت أندية الأنتراكت من طلبة المدارس الإعدادية والثانوية، وتسمى: بأندية الطلائع.. وتتراوح أعمار الأطفال بين 14 و 18 سنة. وقد دلت إحصائية خاصة عن أندية الأنتراكت عن العام 1983م/ 1984م بأنه تم إنشاء 121 ناديًّا للأنتراكت بلغ عدد أعضائها من تلاميذ المدارس 95150 عضواً. ويشرف على هذا العدد من أندية الأنتراكت: 3459 ناديًّا للروتاري في 79 دولة من مجموع الدول الروتارية. • وفي سنة 1986م صدرت عن المركز الرئيسي للروتاري بالولايات المتحدة الأمريكية نشرة خاصة بعنوان: هذا الروتاري جاء فيها عن الأنتراكت والروتراكت أنه أصبح لها أكثر من عشرة آلاف ناديًّا في مائة دولة. • وقد أنشئت نوادي الأنتراكت في بعض البلاد العربية منها: مصر.. ولقد نشرت مجلة: أكتوبر.. في تاريخ 16/11/1980م الحفل السنوي لنادي الأنتراكت، الذي أقيم في نادي سبورتنج بالإسكندرية، وأحيت الحفلة فرقة البتي شاه الغنائية الراقصة. ولا توجد تحت أيدينا إحصائيات عن نوادي الأنتراكت في البلاد العربية والإسلامية الأخرى. الأفكار والمعتقدات: • إن تخصيص هذه النوادي لرعاية الأطفال من 14 ـ 18 سنة يكشف المخطط الخطير الذي تسعى إليه منظمة الروتاري العالمية، للتأثير على الأطفال وصياغة تفكيرهم وسلوكهم وفق أهدافها الخبيثة، بعد أن تمت السيطرة على الكبار من الرجال والنساء. • ترفع هذه النوادي شعارات خادعة تلبس ثوباً براقاً مثل التربية الحديثة، والرياضة، والثقافة. وقضاء أوقات الفراغ.. وإعداد الطفل للمجتمع.. الخ. وتخفي الهدف الحقيقي وهو إخضاع وتلقين الصغار مفاهيم روتارية لاستخدامهم في المستقبل في تنفيذ المآرب الصهيونية الخبثة. • تنشأ هذه النوادي في حدود منطقة الروتاري، حيث توجد نوادي الكبار، كي يسهل السيطرة عليها ضمن خطط الروتاري للرجال، والأنرهويل للنساء. • تنشأ هذه النوادي ـ على الأرجح ـ في المعاهد الخاصة التي تديرها الأقليات النصرانية واليهودية في البلاد العربية والإسلامية. • تقيم هذه النوادي حفلات غنائية ومسرحية خاصة بالصغار لما لهذه الوسائل من تأثير قوي فعال في الصغار. • من أنشطة هذه النوادي إقامة الرحلات والمخيمات الخلوية. الجذور الفكرية والعقائدية: • باعتبار أن الأنتراكت تأسست من قبل نادي الروتاري، فإن غرضها هو غرض نادي الروتاري العالمي. ذي الخلفية اليهودية الماسونية. وإن جميع الأنشطة التي تقوم بها هذه الأندية تخدم في النهاية اليهودية العالمية، باسم الإنسانية، والثقافة، والإخاء بين الشعوب. الانتشار ومواقع النفوذ: • تأسست هذه النوادي في الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه من مؤتمر الروتاري الدولي سنة 1961م وانتشرت في أوروبا، وصار لها فروع في معظم أنحاء العالم، ولها فرع في إسرائيل وفي بعض الدول العربية مثل مصر والأردن ولبنان ودول المغرب العربي. ويتضح مما سبق: أن الأنتراكت كأندية مشبوهة مرتبطة بمنظمة الروتاري الدولية التي تسيطر عليها اليهودية العالمية والمنظمات الماسونية، لها غايات وأهداف خفية وتعمد إلى تثبيت انتماءات الشباب الغض للأفكار الماسونية عن طريق منح السلام الدراسية وتبادل الشبيبة، وقد أفتى المجمع الفقهي في دورته الأولى بمكة المكرمة في 10 شعبان سنة 1398هـ بتحريم الانتساب إلى هذه الأندية. ---------------------------- مراجع للتوسع: ـ الروتاري في قفص الاتهام، أبو إسلام أحمد عبد الله ـ دار الاعتصام ـ القاهرة ط 1987م. ـ شرخ في جدار الروتاري، أبو إسلام أحمد عبد الله ـ دار الاعتصام ـ القاهرة 1408هـ/1988م. ـ شهادات روتارية، حسين عمر حمادة ـ دار قتيبة 1402هـ/1982م. ـ مجلة أكتوبر، القاهرة ـ 16/12/1980م. ـ مجلة الجندي المسلم، الرياض ـ العدد 55 ربيع الأول 1410هـ / أكتوبر 1989م. ـ حقيقة أندية الروتاري، من رسائل جمعية الإصلاح الاجتماعي ـ الكويت. - Rotary and its Brothers, Charles. F. Marden. 1963 1. - My Road Rotary, RarI.p. Harris. - Rotary Service. الروتراكت (شباب الروتاري) التعريف: هي أندية اجتماعية ثقافية ترويحية، مرتبطة بمنظمة الروتاري الدولية التي تسيطر عليه اليهودية العالمية والمنظمات الماسونية. وتضم هذه النوادي طلبة الجامعات وخريجيها ممن لا يقل عمرهم عن 18 سنة، ولا يزيد عن 28 سنة من الذكور أو الإناث أو من الجنسين حسب ما يقرره النادي الراعي. ونادي شباب الروتاري منظمة يرعاها نادي الروتاري وتهدف ـ كما يزعمون ـ إلى تشجيع التمسك بالمستويات الخلقية العليا في جميع الأعمال وتنمية القيادة والشعور بالمسؤولية عن طريق خدمة المجتمع وتعزيز التفاهم الدولي والسلام. التأسيس: • في عام 1917م بدأ الروتاري يعني بشؤون الشباب فأنشأ صندوقاً خاصاً لذلك الغرض، وأصبح هذا الصندوققا فيما بعد نواة لهذه المؤسسة. • أوصى مؤتمر الروتاري الدولي عام 1967م/ 1968م بإنشاء أندية للشباب من طلبة الجامعات وخريجيها، ويسمح لأندية الروتاري بإنشاء أندية الروتراكت في حدود منطقتها لإتاحة الفرصة أمام الشباب للدراسة في بلد غير بلده. • وقد دلت إحصائية خاصة عن أندية الروتراكت عن العام الروتاري 1983م/ 1984م على أنه تم إنشاء 134 نادياً في شتى أنحاء العالم هذا العام وحده، وقد وصل عدد الأندية في العالم 4305 نادياً تتبع 4011 نادياً من أندية الروتاري المنتشرة في 90 دولة من دول الروتاري، ووصل عدد أعضاء الروتراكت إلى 86000 ستة وثمانين ألف عضوٍ. • أنشئت نوادي الروتراكت في بعض البلاد العربية والإسلامية. الأفكار والمعتقدات: • من الأهداف المعلنة لنوادي الروتراكت إتاحة الفرصة للشباب للدراسة في بلد غير بلده، أي إعطاء منح دراسية على هيئة بعثات من المنطقة الروتارية 245 التي تضم جمهورية مصر العربية والسودان ولبنان ودولة البحرين والأردن وقبرص. وهذه المنح خاصة بأبناء أعضاء الروتاري، وتخضع لتنظيم الروتاري العالمي.. وللخداع.. يشترط في الشباب المتقدم للحصول على المنحة أن يكون متمسكاً بدينه الإسلامي! وأن يكون متسامحاً! • ومن نشاط هذه النوادي مشروع تبادل الشباب المريب، الذي يتم فيه اختلاط الشباب من الجنسين.. ومن شروط المشروع: ـ تفضيل من كان عضواً في أحد أندية شباب الروتاريين أو أن يكون والده روتارياً. ـ السفر في الإجازة الصيفية، ومدة الإقامة ثلاثة أسابيع ويتكفل الطالب بمصاريف سفره في الذهاب والعودة، ومصاريف الإقامة يتحملها النادي المضيف. ـ أن يتراوح سن الطالب أو الطالبة بين 18 سنة و22 سنة. ـ أن يكون حاصلاً على الشهادة الثانوية على الأقل وأن يكون ملماً بلغة البلد المسافر إليه. ـ يشترط أن يكون ولي الأمر مستعداً لاستضافة طالب أو طالبة في منزله لمدة مماثلة للمدة التي يقضيها ابنه أو ابنته في الخارج. • ومن تطبيقات هذا المشروع: سفر وفد صهيوني من الكيان اليهودي في فلسطين المحتلة يوم 24/1/1981م برئاسة دافيد روزلين مدير العلاقات التربوية والعلمية في وزارة خارجية الكيان الصهيوني إلى مصر العربية المسلمة لبلورة تفاصيل تبادل الشباب، وتألفت المجموعة الأولى من 50 طالباً إسرائيلياً لقضاء العطلة الصيفية بين الأسر العربية المسلمة في مصر، واستضاف الكيان الصهيوني مجموعة مماثلة من الشباب المسلم لقضاء الإجازة الصيفية بين الأسر اليهودية وقد تم الاتفاق على ذلك سابقاً أثناء محادثات إسحاق نافون في أواخر عام 1980م بهدف تطبيع العلاقات! • ومن الأهداف المعلنة أيضاً: خلق روح القيادة الاجتماعية في الشباب والشعور بالمسؤولية لدى المواطنين وغرس المثل العليا للأخلاقيات، وبحث مشاكل المجتمع الصحية والتعليمية.. ويظهر أن هذه الأهداف المخادعة تعلن للسذَّج من أفراد المجتمع.. أو للحصول على الترخيص من الدولة. • أما الهدف الحقيقي لهذه النوادي فهو إفساد الجيل المسلم أخلاقياً، وإبعاده عن قيم دينه وتعاليمه.. وتستخدم في ذلك الحفلات الموسيقية الراقصة (التي تسميها الخيرية) والسهر إلى ما بعد منتصف الليل مع الاختلاط بكل أشكاله، وشرب الخمر المسموح به في هذه الحفلات وقضاء الإجازات مع عائلات لا تتقيد بالأخلاق (*) الإسلامية.. والاتصالات الفاجرة بين الجنسين أثناء الرحلات والأسفار الترويحية أو الدراسية. ومن هذه الحفلات الفاسدة، ما أقامه شباب نادي روتراكت بالإسكندرية في نادي سبورتنج وحضره مجموعة من الضيوف البريطانيين من أصدقاء وشباب الروتراكت وعدد كبير من سيدات ورجال المجتمع المسلم! وأحيا الحفل الفنان عمر خورشيد وفرقة الجاز، ورقص على أنغامها الشباب والزهرات واستمر الحفل إلى ما بعد منتصف الليل.. وقد نشرت إحدى المجلات صوراً خليعة لعضوات النادي بأوضاع غير أخلاقية وشبه عارية..! ـ إلهاء الشباب في أنشطة سياحية وترفيهية منحرفة تشغلهم عن القضايا المصيرية التي تهم أمتهم، وأهمها قضية فلسطين واحتلال اليهود لها.. ـ إنشاء جيل روتاري يصل إلى درجة المسؤولية في بلده، لتنفيذ المخططات الروتارية الصهيونية الصليبية الخطيرة. الجذور الفكرية والعقائدية: ـ نوادي الروتراكت تتبع نادي الروتاري الدولي.. ذي الخلفية الماسونية اليهودية. ـ وبالتالي فإن جميع أنشطة النادي مخططة من قبل الماسونية العالمية وتخدم اليهودية العالمية. الانتشار وأماكن النفوذ: تأسست نوادي الروتراكت في الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه من الروتاري الدولي سنة 1961م. وانتشرت بعد ذلك في أوروبا وصار لها فروع في نواح كثيرة من العالم، ولها فرع في فلسطين المحتلة وبعض البلاد العربية. ويتضح مما سبق: أن أندية الروتراكت ترتبط بمنظمة الروتاري الدولية التي تسيطر عليها اليهودية العالمية، كما أن هذه الأندية تعتبر وكراً للماسونية ويسيطر عليها اليهود وهدفهم من ذلك السيطرة على العالم عن طريق القضاء على الأديان (*) وإشاعة الفوضى الأخلاقية وتسخير أبناء البلاد للتجسس على أوطانهم باسم الإنسانية. ولذلك يحرم على المسلمين أن ينتسبوا لأندية هذا شأنها كما نصت عليه الفتوى التي أصدرها الأزهر في 25 شعبان 1405هـ. وتعتبر أندية الانتراكت والروتراكت وجهان لعملة واحدة فعلى الشباب المسلم الحذر من ألاعيب التضليل الصهيوني والانخداع بالشعارات البراقة التي تضع السم في الدسم وتنشر الفساد وخراب الذمم. ------------------------------- مراجع للتوسع: ـ الروتاري في قفص الاتهام، أحمد عبد الله ـ دار الاعتصام ـ القاهرة ط 1987م. ـ شرخ في جدار الروتاري، أحمد عبد الله ـ دار الاعتصام ـ القاهرة 1408هـ/ 1988م. ـ شهادات روتارية، حسين عمر حمادة ـ دمشق ـ دار قتيبة 1402هـ/1982م. ـ مجلة أكتوبر، القاهرة ـ في 16/12/1980م. ـ مجلة الجندي المسلم، الرياض ـ العدد 55 ربيع الأول 1410هـ أكتوبر 1989م. ـ حقيقة أندية الروتاري، من رسائل جمعية الإصلاح الاجتماعي ـ الكويت. مراجع أجنبية: - Rotary and its Brothers, Charles. F. Marden. 1963 1. - My Road to Rotary, Ranl. P. Harris. - Rotary Service. النصرانية وما تفرع عنها من مذاهب 1- النصرانية 2- الأرثوذكس 3-الكاثوليك 4-البروتستانت - فروع أخرى : 1-المارونية 2- الجزويت 3- المورمون 4- شهود يهوه 5-الأبوس دي 6-المونية "حركة صن مون التوحيدية" النصرانية التعريف: هي الرسالة التي أُنزلت على عيسى عليه الصلاة والسلام، مكمِّلة لرسالة موسى عليه الصلاة والسلام، ومتممة لما جاء في التوراة(*) من تعاليم، موجهة إلى بني إسرائيل، داعية إلى التوحيد والفضيلة والتسامح، ولكنها جابهت مقاومة واضطهاداً شديداً، فسرعان ما فقدت أصولها، مما ساعد على امتداد يد التحريف إليها، فابتعدت كثيراً عن أصولها الأولى لامتزاجها بمعتقدات وفلسفات(*) وثنية(*). التأسيس وأبرز الشخصيات: مرت النصرانية بعدة مراحل وأطوار تاريخية مختلفة، انتقلت فيها من رسالة منزلة من عند الله تعالى إلى ديانة(*) مُحرَّفة ومبدلة، تضافر على صنعها بعض الكهان(*) ورجال السياسة، ويمكن تقسيم هذه المراحل كالتالي: • المرحلة الأولى : النصرانية المُنزَّلة من عند الله التي جاء بها عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام: - هي رسالة أنزلها الله تعالى على عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام إلى بني إسرائيل بعد أن انحرفوا وزاغوا عن شريعة موسى عليه السلام، وغلبت عليهم النزعات المادية(*). وافترقوا بسبب ذلك إلى فرق شتى، فمنهم من يؤمن بأن غاية الإنسان هي الحياة الدنيا، حيث لا يوم آخر، ولا جنة ولا نار، ومنهم من يعتقد أن الثواب والعقاب إنما يكونان في الدنيا فقط، وأن الصالحين منهم يوم القيامة سيشتركون في ملك المسيح(*) الذي يأتي لينقذ الناس، ليصبحوا ملوك العالم وقضاته. كما شاع فيهم تقديم القرابين والنذور للهيكل رجاء الحصول على المغفرة، وفشا الاعتقاد بأن رضا الرهبان(*) ودعاءهم يضمن لهم الغفران. لذا فسدت عقيدتهم وأخلاقهم، فكانت رسالته ودعوته عليه الصلاة والسلام داعية إلى توحيد الله تعالى حيث لا رب غيره ولا معبود سواه، وأنه لا واسطة بين المخلوق والخالق سوى عمل الإنسان نفسه، وهي رسالة قائمة على الدعوة للزهد في الدنيا، والإيمان باليوم الآخر وأحواله، ولذا فإن عيسى عليه الصلاة والسلام كان موحِّداً على دين(*) الإسلام ملة(*) إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين. - المبلِّغ: عيسى ابن مريم عليه السلام، أمُّه البتول مريم ابنة عمران أحد عظماء بني إسرائيل، نذرتها أمها قبل أن تحمل بها لخدمة المسجد، وكفلها زكريا أحد أنبياء(*) بني إسرائيل وزوج خالتها، فكانت عابدة قانتة لله تعالى، حملت به من غير زوج بقدرة الله تعالى، وولدته عليه السلام في مدينة بيت لحم بفلسطين، وأنطقه الله تعالى في المهد دليلاً على براءة أمه من بهتان بني إسرائيل لها بالزنا، فجاء ميلاده حدثاً عجيباً على هذا النحو ليلقي بذلك درساً على بني إسرائيل الذين غرقوا في الماديات، وفي ربط الأسباب بالمسببات، ليعلموا بأن الله تعالى على كل شيء قدير. - بُعث عيسى عليه السلام نبيًّا إلى بني إسرائيل، مؤيَّداً من الله تعالى بعدد من المعجزات(*) الدالة على نبوته، فكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله. ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله. كما كان يخبر الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم بإذن الله. وقد أيده الله هو وحواريِّيه(*) بمائدة من السماء أنزلها عليهم لتكون عيداً لأولهم وأخرهم. - تآمر اليهود على قتله برئاسة الحبر الأكبر (كايافاس) وأثاروا عليه الحاكم الروماني لفلسطين (بيلاطس) لكنه تجاهلهم أولاً، ثم لما كذبوا عليه وتقوَّلوا على عيسى عليه السلام بأنه يدعو نفسه مسيحاً(*) ملكاً، ويرفض دفع الجزية للقيصر، دفع ذلك الحاكم إلى إصدار أمراً بالقبض عليه، وإصدار حكم الإعدام ضده عليه السلام. - اختفى عيسى وأصحابه عن أعين الجند، إلا أن أحد أصحابه دلَّ جند الرومان على مكانه، فألقى الله تعالى شبه عيسى عليه الصلاة والسلام وصورته عليه، ويقال إنه يهوذا الإسخريوطي وقيل غيره، فنُفِّذ حكم الصلب فيه بدلاً من عيسى عليه الصلاة والسلام حيث رفعه الله إليه، على أنه سينزل قبل قيام الساعة ليحكم بالإسلام، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ثم يموت كما دلت على ذلك النصوص من الكتاب والسنة الصحيحة. - آمن بدعوة المسيح عليه السلام الكثير ولكنه اصطفى منهم اثني عشر حواريًّا(*) كما هم مذكورون في إنجيل (*) متى. - وهناك الرسل السبعون الذين يقال بأن المسيح(*) عليه السلام اختارهم ليعلِّموا النصرانية في القرى المجاورة. • المرحلة الثانية : ويسميها مؤرِّخو الكنيسة(*) بالعصر الرسولي، وينقسم هذا العصر إلى قسمين: التبشير وبداية الانحراف، والاضطهاد الذي يستمر حتى بداية العهد الذهبي للنصارى. • التبشير وبداية الانحراف: بعدما رُفع المسيح عليه الصلاة والسلام، واشتد الإيذاء والتنكيل بأتباعه وحوارييه بوجه خاص؛ حيث قُتل يعقوب بن زبدي أخو يوحنا الصياد فكان أول من قتل من الحواريين، وسجن بطرس، وعذب سائر الرسل، وحدثت فتنة عظيمة لأتباع المسيح عليه الصلاة والسلام حتى كادت النصرانية أن تفنى. وفي ظل هذه الأجواء المضطربة أعلن شاول الطرسوسي اليهودي الفريسي، صاحب الثقافات الواسعة بالمدارس الفلسفية والحضارات في عصره، وتلميذ أشهر علماء اليهود في زمانه عمالائيل، أعلن شاول الذي كان يُذيق أتباع المسيح سوءَ العذاب، إيمانه بالمسيح بعد زعمه رؤيته عند عودته من دمشق، مؤنباً له على اضطهاده لأتباعه، آمراً له بنشر تعاليمه بين الأمم، فاستخف الطرب النصارى، في الوقت الذي لم يصدقه بعضهم، إلا أن برنابا الحواري دافع عنه وقدمه إلى الحواريين(*) فقبلوه، وبما يمتلكه من حدة ذكاء وقوة حيلة ووفرة نشاط استطاع أن يأخذ مكاناً مرموقاً بين الحواريين وتسمى بـ بولس. - انطلق الحواريون للتبشير بين الأمم اليهودية في البلدان المجاورة، التي سبق أن تعرفت على دعوة المسيح عليه السلام أثناء زيارتها لبيت المقدس في عيد العنصرة، وتذكر كتب التاريخ النصراني بأن متَّى ذهب إلى الحبشة، وقُتل هناك بعد أن أسس فيها كنيسة ورسَّم – عيَّن- لهم أسقفها(*). وكذلك فعل مرقس في الإسكندرية بعد أن أسس أول مدرسة لاهوتية وكنيسة فيها بتوجيه من بطرس الذي أسس كنيسة روما وقتل في عهد نيرون عام 62م. - أما بولس فذهب إلى روما وأفسس وأثينا وأنطاكية، وأسس فيها كنائس نصرانية نظير كنيسة(*) أورشليم ورسَّم لهم أساقفة(*). وفي أحد جولاته في أنطاكية صحبه برنابا فوجدا خلافاً حادًّا بين أتباع الكنيسة حول إكراه الأمميين(*) على إتباع شريعة التوراة(*) فعادا إلى بيت المقدس لعرض الأمر على الحواريين(*) لحسم الخلاف بينهم. • بداية الانحراف : - فيما بين عام 51 – 55م عقد أول مجمع يجمع بين الحواريين – مجمع أورشليم – تحت رئاسة يعقوب بن يوسف النجار المقتول رجماً سنة 62م ليناقش دعوى استثناء الأمميين، وفيه تقرر – إعمالاً لأعظم المصلحتين – استثناء غير اليهود من الالتزام بشريعة التوراة إن كان ذلك هو الدافع لانخلاعهم من ربقة الوثنية(*)، على أنها خطوة أولى يُلزم بعدها بشريعة التوراة. كما تقرر فيه تحريم الزنا، وأكل المنخنقة، والدم، وما ذُبح للأوثان، بينما أبيحت فيه الخمر ولحم الخنزير والربا، مع أنها محرمة في التوراة. - عاد بولس بصحبة برنابا إلى أنطاكية مرة أخرى، وبعد صحبة غير قصيرة انفصلا وحدث بينهما مشادة عظيمة نتيجة لإعلان بولس نسخ أحكام التوراة وقوله أنها: "كانت لعنة تخلَّصنا منها إلى الأبد" و"أن المسيح(*) جاء ليبدل عهداً قديماً(*) بعهد جديد(*)" ولاستعارته من فلاسفة اليونان فكرة اتصال الإله(*) بالأرض عن طريق الكلمة، أو ابن الإله(*)، أو الروح القدس(*)، وترتيبه على ذلك القول بعقيدة الصلب والفداء، وقيامة المسيح وصعوده إلى السماء؛ ليجلس على يمين الرب ليحاسب الناس في يوم الحشر. وهكذا كرر بولس نفس الأمر مع بطرس الذي هاجمه وانفصل عنه مما أثار الناس ضده، لذا كتب بولس رسالة إلى أهل غلاطية ضمنها عقيدته ومبادئه، ومن ثم واصل جولاته بصحبة تلاميذه إلى أوروبا وآسيا الصغرى ليلقى حتفه أخيراً في روما في عهد نيرون سنة 65م. - قد استمرت المقاومة الشديدة لأفكار بولس عبر القرون الثلاثة الأولى: ففي القرن الثاني الميلادي تصدى هيولتس، وإيبيي فايتس، وأوريجين لها، وأنكروا أن بولس كان رسولاً(*)، وظهر بولس الشمشاطي في القرن الثالث، وتبعه فرقته البوليسية إلا أنها كانت محدودة التأثير. وهكذا بدأ الانفصال عن شريعة التوراة، وبذرت بذور التثليث والوثنية في النصرانية، أما باقي الحواريين والرسل(*) فإنهم قُتلوا على يد الوثنيين(*) في البلدان التي ذهبوا إليها للتبشير فيها. • الاضطهاد : - عانت الدعوة النصرانية أشدَّ المعاناة من سلسلة الاضطهادات والتنكيل على أيدي اليهود الذين كانت لهم السيطرة الدينية، ومن الرومان الذين كانت لهم السيطرة والحكم، ولذلك فإن نصيب النصارى في فلسطين ومصر كان أشد من غيرهم، حيث اتخذ التعذيب والقتل أشكالاً عديدة؛ مابين الحمل على الخُشْبِ، والنشر بالمناشير، إلى التمشيط مابين اللحم والعظم، والإحراق بالنار. - من أعنف الاضطهادات وأشدها: 1- اضطهاد نيرون سنة 64م الذي قُتل فيه بطرس وبولس. 2- واضطهاد دمتيانوس سنة 90م وفيه كتب يوحنا إنجيله(*) في أفسس باللغة اليونانية. 3- واضطهاد تراجان سنة 106م وفيه أمر الإمبراطور بإبادة النصارى وحرق كتبهم، فحدثت مذابح مُروِّعة قُتل فيها يعقوب البار أسقف(*) أورشليم. 4- ومن أشدها قسوة وأعنفها اضطهادُ الإمبراطور دقلديانوس 284م الذي صمم على أن لا يكف عن قتل النصارى حتى تصل الدماء إلى ركبة فرسه، وقد نفذ تصميمه؛ وهدم الكنائس(*) وأحرق الكتب، وأذاقهم من العذاب صنوفاً وألواناً، مما دفع النصارى من أقباط مصر إلى اتخاذ يوم 29 أغسطس 284م بداية لتقويمهم تخليداً لذكرى ضحاياهم. - هكذا استمر الاضطهاد يتصاعد إلى أن استسلم الإمبراطور جالير لفكرة التسامح مع النصارى لكنه مات بعدها، ليعتلي قسطنطين عرش الإمبراطورية. - سعى قسطنطين بما لأبيه من علاقات حسنة مع النصارى إلى استمالة تأييدهم له لفتح الجزء الشرقي من الإمبراطورية حيث يكثر عددهم، فأعلن مرسوم ميلان الذي يقضي بمنحهم الحرية(*) في الدعوة والترخيص لديانتهم ومساواتها بغيرها من ديانات(*) الإمبراطورية الرومانية، وشيَّد لهم الكنائس، وبذلك انتهت أسوأ مراحل التاريخ النصراني قسوة، التي ضاع فيها إنجيل عيسى عليه الصلاة والسلام، وقُتل الحواريون(*) والرسل، وبدأ الانحراف والانسلاخ عن شريعة التوراة(*)، ليبدأ النصارى عهداً جديداً من تأليه المسيح(*) عليه الصلاة والسلام وظهور اسم المسيحية(*). • نشأة الرهبانية والديرية وتأثير الفلسفة على النصرانية: - في خلال هذه المرحلة ظهرت الرهبنة(*) في النصرانية في مصر أولاً على يد القديس بولس الطبي 241 – 356م والقديس أنطوان المعاصر له، إلا أن الديرية – حركة(*) بناء الأديرة – نشأت أيضاً في صعيد مصر عام 315 – 320م أنشأها القديس باخوم، ومنها انتشرت في الشام وآسيا الصغرى. وفي نفس الوقت دخلت غرب أوروبا على يد القديس كاسليان 370 – 425م ومارتن التوري 316 – 387م، كما ظهرت مجموعة من الآباء(*) المتأثرين بمدرسة الإسكندرية الفلسفية (الأفلاطونية الحديثة) وبالفلسفة(*) الغنوصية(*)، مثل كليمنت الإسكندري 150 – 215م أوريجانوس 185-245م وغيرهما. •العهد الذهبي للنصارى: - يطلق مؤرخو الكنيسة(*) اسم العهد الذهبي للنصارى ابتداء من تربُّع الإمبراطور قسطنطين على عرش الإمبراطورية الرومانية عام 312م لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل تاريخ النصرانية. ويمكن تقسيم ذلك العهد إلى مرحلتين رئيسيتين: * مرحلة جمع النصارى على عقيدة واحدة (عصر المجامع أو عهد الخلافات والمناقشات): - ما إن أعلن قسطنطين إعلان ميلان حتى قرَّب النصارى وأسند إليهم الوظائف الكبيرة في بلاط قصره، وأظهر لهم التسامح، وبنى لهم الكنائس، وزعمت أمه هيلينا اكتشاف الصليب المقدس، الذي اتخذه شعاراً لدولته بجانب شعارها الوثني، فنشطت الدعوة إلى النصرانية، ودخل الكثير من الوثنيين(*) أصحاب الفلسفات في النصرانية، مما كان له أثره البالغ في ظهور الكثير من العقائد والآراء المتضاربة، والأناجيل(*) المتناقضة، حيث ظهر أكثر من خمسين إنجيلاً، وكل فرقة تدعي أن إنجيلها هو الصحيح وترفض الأناجيل الأخرى. - وفي وسط هذه العقائد المختلفة والفرق المتضاربة مابين من يُؤَلِّه المسيح(*) وأمه (الريمتين) أو من يؤله المسيح فقط، أو يدعي وجود ثلاثة آلهة: إله(*) صالح، وإله(*) طالح، وآخر عدل بينهما (مقالة مرقيون). أعلن آريوس أحد قساوسة(*) كنيسة(*) الإسكندرية صرخته المدوية بأن المسيح(*) عليه الصلاة والسلام ليس أزليَّا، وإنما هو مخلوق من الأب(*)، وأن الابن(*) ليس مساوياً للأب في الجوهر، فالتف حوله الأنصار وكثر أتباعه في شرق الإمبراطورية حتى ساد مذهبه(*) التوحيدي كنائس مصر والإسكندرية وأسيوط وفلسطين ومقدونيا والقسطنطينية وأنطاكية وبابل، مما أثار بطريرك(*) الإسكندرية بطرس ضده ولعنه وطرده من الكنيسة، وكذلك فعل خلفه البطريرك إسكندر، ثم الشماس(*) إثناسيوس، وضماناً لاستقرار الدولة أمر الإمبراطور قسطنطين عام 325م بعقد اجتماع عام يجمع كل أصحاب هذه الآراء للاتفاق على عقيدة واحدة يجمع الناس حولها، فاجتمع في نيقية 2048 أسقفاً (*) منهم 338 يقولون بألوهية المسيح، وانتهى ذلك المجمع بانحياز الإمبراطور إلى القول بألوهية المسيح ولينفضّ على القرارات التالية: 1- لعن آريوس الذي يقول بالتوحيد ونفيه وحرق كتبه، ووضع قانون الإيمان النيقاوي (الأثناسيوسي) الذي ينص على ألوهية المسيح. 2- وضع عشرين قانوناً لتنظيم أمور الكنيسة والأحكام الخاصة بالأكليريوس(*). 3- الاعتراف بأربعة أناجيل(*) فقط: (متى، لوقا، مرقس، يوحنا) وبعض رسائل العهد الجديد(*) والقديم(*)، وحرق باقي الأناجيل لخلافها عقيدة المجمع. - للتغلب على عوامل انهيار وتفكك الإمبراطورية أنشأ قسطنطين مدينة روما الجديدة عام 324م في بيزنطة القديمة باليونان على نفس تصميم روما القديمة، وأنشأ بها كنيسة كبيرة (أجياصوفيا) ورسم لهم بطريركاً مساوياً لبطاركة الإسكندرية وأنطاكية في المرتبة على أن الإمبراطور هو الرئيس الأعلى للكنيسة. وعُرفت فيما بعد بالقسطنطينية، ولذلك أطلق عليها بلاد الروم، وعلى كنيستها كنيسة الروم الشرقية أو كنيسة الروم الأرثوذكس. - تمهيداً لانتقال العاصمة إلى روما الجديدة (القسطنطينية) اجتمع قسطنطين بآريوس حيث يدين أهل القسطنطينية والجزء الشرقي من الإمبراطورية بعقيدته، وإحساساً منه بالحاجة إلى استرضاء سكان هذا القسم أعلن الإمبراطور موافقته لآريوس على عقيدته، وعقد مجمع صور سنة 334م ليعلي من عقيدة آريوس، ويلغي قرارات مجمع نيقية، ويقرر العفو عن آريوس وأتباعه، ولعن أثناسيوس ونفيه، وهكذا انتشرت تعاليم آريوس أكثر بمساندة الإمبراطور قسطنطين. • مرحلة الانفصال السياسي : - قسَّم قسطنطين الإمبراطورية قبل وفاته عام 337م على أبنائه الثلاثة: فأخذ قسطنطين الثاني الغرب، وقسطنطيوس الشرق، وأخذ قنسطانس الجزء الأوسط من شمال أفريقيا، وعمد كل منهم إلى تأييد المذهب(*) السائد في بلاده لترسيخ حكمه. فاتجه قسطنطيوس إلى تشجيع المذهب الآريوسي، بينما شجع أخوه قسطنطين الثاني المذهب الأثناسيوسي مما أصَّل الخلاف بين الشرق اليوناني والغرب اللاتيني. - توحدت الإمبراطورية تحت حكم قسطنطيوس عام 353 – 361م بعد وفاة قسطنطين الثاني، ومقتل قنسطانس، ووجد الفرصة سانحة لفرض مذهبه الآريوسي على جميع أجزاء الإمبراطورية شرقاً وغرباً. - لم يلبث الأمر طويلاً حتى اعتلى فلؤديوس عرش الإمبراطورية 379 – 395م الذي اجتهد في إلغاء المذهب الآريوسي والتنكيل بأصحابه، والانتصار للمذهب الأثناسيوسي. ولذا ظهرت في عهده دعوات تنكر الأقانيم(*) الثلاثة ولاهوت الروح القدس(*)، فقرر عقد مجمع القسطنطينية الأول 382م، وفيه فرض الإمبراطور العقوبات المشددة على أتباع المذهب الآريوسي. كما تقرر فيه أن روح القدس هو روح الله وحياته، وأنه من اللاهوت(*) الإلهي، وتم زيادته في قانون الإيمان النيقاوي، ولعن من أنكره مثل مكدنيوس، وذلك بالإضافة إلى عدة قوانين تنظيمية وإدارية تتعلق بنظام الكنيسة(*) وسياستها. • نشأة البابوية: - على إثر تقسيم الإمبراطورية إلى شرقية وغربية، ونتيجة لضعف الإمبراطورية الغربية تم الفصل بين سلطان الدولة والكنيسة، بعكس الأمر في الإمبراطورية الشرقية حيث رسخ الإمبراطور قسطنطين مبدأ القيصرية البابوية، ومن هنا زادت سلطات أسقف(*) روما وتحوَّل كرسيه إلى بابوية لها السيادة العليا على الكنيسة في بلدان العالم المسيحي الغربي (روما – قرطاجة). وقد لعب البابا(*) داماسوس الأول 366 – 384م دوراً هامًّا في إبراز مكانة كرسي روما الأسقفي – سيادة البابوية - ، وفي عهده تم ترجمة الإنجيل(*) إلى اللغة اللاتينية، ثم تابعه خلفه البابا(*) سيرى كيوس 384 – 399م في تأليف المراسم البابوية. • بداية الصراع والتنافس على الزعامة الدينية بين الكنيستين: - ظهر الصراع والتنافس بين كنيسة(*) روما بما تدعي لها من ميراث ديني، وبين كنيسة القسطنطينية عاصمة الدولة ومركز أباطرتها في مجمع أفسس الأول عام 431م حيث نادى نسطور أسقف (*) القسطنطينية بانفصال طبيعة اللاهوت(*) عن الناسوت(*) في السيد المسيح(*) عليه السلام، وبالتالي فإن اللاهوت لم يولد ولم يصلب، ولم يقم مع الناسوت، وأن المسيح يحمل الطبيعتين منفصلتين: اللاهوتية والناسوتية(*)، وأنه ليس إلهاً(*)، وأمه لا يجوز تسميتها بوالدة الإله(*)، وقد حضر المجمع مائتان من الأساقفة بدعوة من الإمبراطور ثاؤديوس الصغير، الذي انتهى بلعن نسطور ونفيه، والنص في قانون الإيمان بأن مريم العذراء والدة الإله(*). - ويسبب دعوى أرطاخي باتحاد الطبيعتين في السيد المسيح عقد له أسقف القسطنطينية فلافيانوس مجمعاً محليًّا وقرر فيه قطعه من الكنيسة ولعنه؛ لكن الإمبراطور ثاؤديوس الصغير قبل التماس أرطاخي، وقرر إعادة محاكمته، ودعا لانعقاد مجمع أفسس الثاني عام 449م برئاسة بطريرك(*) الإسكندرية ديسقورس لينتهي بقرار براءته مما نسب إليه. • انفصال الكنيسة مذهبيًّا: - لم يعترف أسقف روما ليو الأول بقرارات مجمع أفسس الثاني 449م وسعى الإمبراطور مركيانوس لعقد مجمع آخر للنظر في قرارات ذلك المجمع، فوافق الإمبراطور على عقد المجمع في القسطنطينية، ثم في كلدونية 451م لمناقشة مقالة بابا(*) الإسكندرية ديسقورس: من أن للمسيح طبيعتين في طبيعة واحدة (المذهب(*) الطبيعي – المونوفيزتية)، ليتقرر لعن ديسقورس وكل من شايعه ونفيه، وتقرير أن للمسيح طبيعتين منفصلتين. فكان ذلك دافعاً أن لا تعترف الكنيسة المصرية بهذا المجمع ولا بالذي يليه من المجامع. ومنذ ذلك التاريخ انفصلت في كنيسة مستقلة تحت اسم الكنيسة المرقسية – الكنيسة الأرثوذكسية – أو القبطية تحت رئاسة بطريرك(*) الإسكندرية، وانفصلت معها كنيسة الحبشة وغيرها، ليبدأ الانفصال المذهبي عن الكنيسة(*) الغربية. بينما اعترفت كنيسة أورشليم الأرثوذكسية بقرارات مجمع كلدونية وصارت بطريركية مستقلة تحت رئاسة البطريرك(*) يوفيناليوس. • نشأة الكنيسة اليعقوبية: - واجه الإمبراطور جستنيان 527 – 565م صعوبة بالغة في تحقيق طموحه بتوحيد مذهبي(*) الإمبراطورية لتتحقق له سلطة الإمبراطورية والبابوية معاً. وبعد انتصاره في إيطاليا ودخول جيوشه روما حاول إرضاء زوجته بفرض مذهب(*) الطبيعة الواحدة(المونوفيزتية) على البابا(*) فجليوس الذي رفض ذلك بشدة، مما عرضه إلى القبض عليه وترحيله إلى القسطنطينية، ليعقد مجمع القسطنطينية الخامس سنة 553م الذي انتهى بتقرير مذهب الطبيعة الواحدة، ولعن أصحاب فكرة تناسخ الأرواح(*)، وتقرير أن عيسى عليه السلام كان شخصية حقيقية وليست بخيالية. - ومن آثار هذا المجمع استقلالُ أصحاب مذهب الطبيعة الواحدة إقامةُ كنيسة(*) منفصلة لهم، تعرف بالكنيسة اليعقوبية، تحت رئاسة مؤسسها يعقوب البرادعي أسقف(*) الرَّها مما زاد في عداء البابوية للإمبراطورية الشرقية. • نشأة الكنيسة المارونية: في عام 678 – 681م عمل الإمبراطور قسطنطين الرابع على استرضاء البابا أجاثون بعدما فقد المراكز الرئيسية لمذهب الطبيعة الواحدة في مصر والشام لفتح المسلمين لهما، فتم عقد مجمع القسطنطينية الثالث عام 680م للفصل في قول يوحنا مارون من أن للمسيح(*) طبيعتين ومشيئة واحدة. وفيه تقرر أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، ولعن وطرد من يقول بالطبيعة الواحدة أو بالمشيئة الواحدة، ولذلك انفصلت طائفة المارونية ولحقت بسابقتها من الكنائس المنفصلة. • انفصال الكنيسة إداريًّا: - جاء هذا الانفصال بعد النزاع والصراع الطويل ابتداءً من الإمبراطور ليو الثالث 726م الذي أصدر مرسوماً يُحرِّم فيه عبادة الأيقونات، ويقضي بإزالة التماثيل والصور الدينية والصلبان من الكنائس والأديرة والبيوت على أنها ضرب من الوثنية(*)، متأثراً بدعوة المسلمين لإزالة هذه التماثيل التي بالكنائس في داخل الدولة الإسلامية. - تصدى لهذه الدعوة البابا(*) جريجوري الثاني، ثم خَلَفه البابا جريجوري الثالث ليصدر الإمبراطور قراراً بحرمان الكراسي الأسقفية في صقلية وجنوب إيطاليا من سلطة البابا الدينية والقضائية وجعلها تحت سلطان بطريرك(*) القسطنطينية. واستمر الوضع على ذلك إلى أن جاء الإمبراطور قسطنطين الخامس 741 – 775م ، وازدادت الثورات(*) اشتعالاً ضد دعاة اللاأيقونية، فعقد مجمعاً في القسطنطينية لتبرير سياسة تحريم الصور والأيقونات. وقد رفضت البابوية حضوره، ولم يحضره سوى ثلاثمائة وأربعين أسقفاً(*) تحت رئاسة بطريرك القسطنطينية ليقضي بتحريم تصوير المسيح في أي شكل، وكذلك تحريم عبادة صور القديسين، وتحريم طلب الشفاعة من مريم؛ لأن كل هذا من ضروب الوثنية. - ولكن هذه القرارات لم تدم طويلاً حيث أمرت الإمبراطورة الأيقونية إيرين التي خلفت زوجها الإمبراطور ليو الخزري بعقد مجمع نيقية عام 787م بعد تعيينها للبطريرك خرسيوس المتحمس للآيقونية بطريركاً على القسطنطينية، وانتهى المجمع على تقديس صور المسيح ووالدته والقديسين، ووضع الصور في الكنائس(*) والأديرة والبيوت والطرقات بزعم أن النظر إليهم يدعو للتفكير فيها. - في عام 869م أثار بطريرك القسطنطينية فوسيوس مسألة انبثاق الروح القدس(*) من الأب(*) وحده، فعارضه – كالعادة – بطريرك روما وقال إن انبثاق الروح القدس من الأب والابن(*) معاً، وعقد لذلك مجمع القسطنطينية الرابع 869م (مجمع الغرب اللاتيني) الذي تقرَّر فيه أن الروح القدس منبثقة من الأب والابن معاً، وأن جميع النصارى في العالم خاضعون لمراسيم بابا روما، وأن من يريد معرفة ما يتعلق بالنصرانية(*) وعقائدها عليه برفع دعواه إلى بابا روما. ولذلك تم لعن وعزل فوسيوس وحرمانه وأتباعه، إلا أن فوسيوس استطاع أن يعود إلى مركزه مرة أخرى. وفي عام 879م عقد المجمع الشرقي اليوناني (القسطنطينية الخامس) ليلغي قرارات المجمع السابق، ويعلن أن الروح القدس منبثقة من الأب(*) وحده، ويدعو إلى عدم الاعتراف إلا بالمجامع السبعة التي آخرها مجمع نيقية 787م. - وهكذا تم الانفصال المذهبي للكنيسة الشرقية تحت مسمى الكنيسة(*) الشرقية الأرثوذكسية، أو كنيسة الروم الأرثوذكس برئاسة بطريرك(*) القسطنطينية، ومذهباً (*) بأن الروح القدس(*) منبثقة من الأب(*) وحده، على أن الكنيسة الغربية أيضاً تميَّزت باسم الكنيسة البطرسية الكاثوليكية، وبزعم أن لبابا(*) روما سيادة على كنائس الإمبراطورية وأنها أم الكنائس ومعلمتهن، وتميزت بالقول بأن الروح القدس منبثقة عن الأب والابن(*) معاً. ولم يتم الانفصال النهائي – الإداري – إلا في عام (1054م)، وبذلك انتهى عهد المجامع المسكونية، وحلت محلها المؤتمرات الإقليمية أو سلطات البابا المعصوم لتستكمل مسيرة الانحراف والتغيير في رسالة عيسى عليه السلام. ومن أبرز سمات هذه المرحلة الأخيرة – القرون الوسطى – الفساد، ومحاربة العلم والعلماء والتنكيل بهم والاضطهاد لهم، وتقرير أن البابا معصوم له حق الغفران، مما دفع إلى قيام العديد من الحركات(*) الداعية لإصلاح فساد الكنيسة، وفي وسط هذا الجو الثائر ضد رجال الكنيسة انعقد مؤتمر ترنت عام 1542 – 1563م لبحث مبادئ مارتن لوثر التي تؤيدها الحكومة والشعب الألماني، وانتهى إلى عدم قبول آراء الثائرين أصحاب دعوة الإصلاح الديني. ومن هنا انشقَّت كنيسة جديدة هي كنيسة البروتستانت ليستقر قارب النصرانية بين أمواج المجامع التي عصفت بتاريخها على ثلاث كنائس رئيسية لها النفوذ في العالم إلى اليوم، ولكل منها نحلة وعقيدة مستقلة، وهي: الأرثوذكس، الكاثوليك، البروتستانت، بالإضافة إلى الكنائس المحدودة مثل: المارونية، والنسطورية، واليعقوبية، وطائفة الموحدين، وغيرهم. أهم الأفكار والمعتقدات: يمكن إجمال أفكار معتقدات النصرانية بشكل عام فيما يلي، علماً بأنه سيفصل فيما بينهم من خلاف في المباحث التالية: * الألوهية والتثليث(*): مع أن النصرانية في جوهرها تُعنى بالتهذيب الوجداني، وشريعتها هي شريعة موسى عليه السلام، وأصل اعتقادها هو دين(*) الإسلام حيث يقول النبي (*) صلى الله عليه وسلم : "الأنبياء أخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد" لكنه بعد ضياع الإنجيل(*) وظهور العشرات من الأناجيل والمجامع والدعاوى المنحرفة استقرت أصول عقائد النصرانية على ما يلي: - الإله(*): الإيمان بالله الواحد، الأب(*) مالك كل شيء، وصانع ما يرى وما لا يرى. هكذا في قانون إيمانهم، وواضحٌ تأثُّرهم بألفاظ الفلاسفة في قولهم صانع ما يرى. والأولى قولهم خالق ما يرى وما لا يرى حيث بينهما فرق كبير؛ فالصانع يخلق على أساس مثال سابق، بينما الخالق على العكس من ذلك. - المسيح(*): إن ابنه (*) الوحيد يسوع المسيح بكر الخلائق ولد من أبيه قبل العوالم، وليس بمصنوع (تعالى الله عن كفرهم علوًّا كبيراً)، ومنهم من يعتقد أنه هو الله نفسه – سبحانه وتعالى عن إفكهم – وقد أشار القرآن الكريم إلى كلا المذهبين(*)، وبيَّن فسادهما، وكفَّر(*) معتقدهما؛ يقول تعالى: {وقَالت اليهودُ عُزيرٌ ابنُ الله وقَالت النصارى المسيحُ ابن الله). [التوبة: 30]. وقال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيحُ ابنُ مَريم}. [المائدة: 72]. ـ روح القدس(*): إن روح القدس الذي حلَّ في مريم لدى البشارة، وعلى المسيح(*) في العماد على صورة حمامة، وعلى الرسل من بعد صعود المسيح، الذي لا يزال موجوداً، وينزل على الآباء(*) والقديسين بالكنيسة(*) يرشدهم ويعلمهم ويحل عليهم المواهب، ليس إلا روح الله وحياته، إله(*) حق من إله حق. - الأقانيم(*): ولذلك يؤمنون بالأقانيم الثلاثة: الأب(*)، الابن(*)، الروح القدس، بما يُسمونه في زعمهم وحدانية في تثليث (*) وتثليث في وحدانية. وذل زعمٌ باطل صعُب عليهم فهمه، ولذلك اختلفوا فيه اختلافاً متبايناً، وكفرت كل فرقة من فرقهم الأخرى بسببه، وقد حكم الله تعالى بكفرهم(*) جميعاً إن لم ينتهوا عما يقولون، قال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم}. [المائدة: 72]. - الصلب والفداء: المسيح في نظرهم مات مصلوباً فداءً عن الخليقة، لشدة حب الله للبشر ولعدالته، فهو وحيد الله – تعالى الله عن كفرهم – الذي أرسله ليخلص العالم من إثم خطيئة أبيهم آدم وخطاياهم، وأنه دفن بعد صلبه، وقام بعد ثلاثة أيام متغلباً على الموت ليرتفع إلى السماء. - قال تعالى مبيناً حقيقة ما حدث وزيف ما ادعوه: {وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً}. [النساء: 157، 158]. * الدينونة والحساب: يعتقدون بأن الحساب في الآخرة سيكون موكولاً للمسيح(*) عيسى ابن مريم الجالس – في زعمهم – على يمين الرب في السماء؛ لأن فيه من جنس البشر مما يعينه على محاسبة الناس على أعمالهم. * الصليب: يعتبر الصليب شعاراً لهم، وهو موضع تقديس الأكثرين، وحملُه علامة على أنهم من أتباع المسيح، ولا يخفى ما في ذلك من خفة عقولهم وسفاهة رأيهم، فمن الأولى لهم أن يكرهوا الصليب ويحقروه لأنه كان أحد الأدوات التي صلب عليه إلههم(*) وسبب آلامه. وعلى حسب منطقهم فكان الأولى بهم أن يعظموا قبره الذي زعموا أنه دفن فيه، ولا مس جسده تربته فترة أطول مما لامس الصليب. • مريم البتول: يعتقد النصارى على ما أضيف في قانون الإيمان أن مريم ابنة عمران والدة المسيح(*) عليه السلام، هي والدة الإله(*)، ولذا يتوجَّه البعض منهم إليها بالعبادة. * الدين(*): يؤمن النصارى بأن النصرانية دين عالمي غير مختص ببني إسرائيل وحدهم، ولا يخلو اعتقادهم هذا أيضاً من مخالفة لقول المسيح المذكور في إنجيل(*) متى، الإصحاح(10:5 ،6): "إلى طرق الأمم لا تتجهوا، ومدن السامريين لا تدخلوا، بل انطلقوا بالحري إلى الخراف الضالة من آل بني إسرائيل". * الكتاب المقدس: يؤمن النصارى بقدسية الكتاب المشتمل على: العهد القديم(*): والذي يحتوي التوراة(*) – الناموس – وأسفار(*) الأنبياء(*) التي تحمل تواريخ بني إسرائيل وجيرانهم، بالإضافة إلى بعض الوصايا والإرشادات. العهد الجديد(*): والذي يشمل الأناجيل(*) الأربعة: (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) فقط، والرسائل المنسوبة للرسل، على أن ما في العهد الجديد يلغي ما في العهد القديم(*)، لأنه في اعتقادهم كلمة الله، وذلك على خلاف بين طوائفهم في الاعتقاد في عدد الأسفار(*) والرسائل بل وفي صحة التوراة(*) نفسها. * المجامع (التقليد): يؤمن النصارى بكل ما صدر عن المجامع المسكونية من أمور تشريعية سواء في العقيدة أو في الأحكام، وذلك على خلاف بينهم في عددها. * الختان: يؤمن النصارى بعدم الختان للأطفال على عكس شريعة التوراة. • الشعائر والعبادات : - الصلاة: الأصل عندهم في جميع الصلوات إنما هي الصلاة الربانية، والأصل في تلاوتها أن يتلوها المصلي ساجداً، أو تكون بألفاظ منقولة أو مرتجلة أو عقلية بأن تنوي الألفاظ ويكون الابتهال قلبيًّا، وذلك على خلاف كبير بين طوائفهم في عددها وطريقة تأديتها. ليس لها عدد معلوم مع التركيز على صلاتي الصباح والمساء. - الصوم: هو الامتناع عن الطعام الدسم وما فيه شيء من الحيوان أو مشتقاته مقتصرين على أكل البقول، وتختلف مدته وكيفيته من فرقة إلى أخرى. - الأسرار السبعة: والتي ينال بها النصراني النعم غير المنظورة في صورة نعم منظورة، ولا تتم إلا على يد كاهن(*) شرعي، ولذا فهي واجبة على كل نصراني ممارستها وإلا أصبح إيمانه ناقصاً. وبالجملة فإنها من ضمن التشريعات التي لم يُنزل الله بها من سلطان، وإنما هي من تخرُّصات البابوات(*). - سر التعميد: ويقصد به تعميد الأطفال عقب ولادتهم بغطاسهم في الماء أو الرش به باسم الأب(*) والابن(*) والروح القدس(*)، لتمحي عنهم آثار الخطيئة الأصلية، بزعم إعطاء الطفل شيئاً من الحرية(*) والمقدرة لعمل الخير، وهذا أيضاً على خلاف بينهم في صورته ووقته. - سر التثبيت (الميرون): ولا يكون إلا مرة واحدة، ولا تكمل المعمودية(*) إلا به، حيث يقوم الكاهن(*) بمسح أعضاء المعتمد بعد خروجه من جرن المعمودية في ستة وثلاثين موضعاً – الأعضاء والمفاصل – بدهن الميرون المقدس. - سر العشاء الرباني(*): ويكون بالخمر أو الماء ومعه الخبز الجاف؛ حيث يتحول في زعمهم الماء أو الخمر إلى دم المسيح(*)، والخبز إلى عظامه، وبذلك فإن من يتناوله فإنما يمتزج في تعاليمه بذلك، وكذلك ففرقُهم على خلاف في الاستحالة بل وفي العشاء نفسه. - سر الاعتراف: وهو الإفضاء إلى رجل الدين بكل ما يقترفه المرء من آثام وذنوب، ويتبعه الغفران والتطهير من الذنب بسقوط العقوبة، وكان الاعتراف يتكرر عدة مرات مدى الحياة، ولكن منذ سنة 1215م أصبح لازماً مرة واحدة على الأقل، وهذه الشعيرة عندهم أيضاً مما اختُلِف في وجوبها وإسقاطها. - سر الزواج: يُسمح الزواج بزوجة واحدة مع منع التعدد الذي كان جائزاً في مطلع النصرانية، ويُشترط عند الزواج حضور القسيس(*) ليقيم وحده بين الزوجين، والطلاق لا يجوز إلا في حالة الزنى – على خلاف بينهم – ولا يجوز الزواج بعده مرة أخرى، بعكس الفراق الناشئ عن الموت، أما إذا كان أحد الزوجين غير نصراني فإنه يجوز التفريق بينهما. - سر مسحة المرضى: وهو السر السادس بزعم شفاء الأمراض الجسدية المتسببة عن العلل الروحية وهي الخطيئة، ولا يمارس الكاهن(*) صلوات القنديل السبع إلا بعد أن يتثبَّت من رغبة المريض في الشفاء. - سر الكهنوت: وهو السر الذي ينال به الإنسان بزعمهم النعمة التي تؤهِّله لأن يؤدي رسالة السيد المسيح(*) بين إخوانه من البشر، ولا يتم إلا بوضع يد الأسقف(*) على رأس الشخص المنتخب ثم يتلى عليه الصلوات الخاصة برسم الكهنة. - الرهبانية(*): اختلفت طوائفهم في مدى لزوم الرهبنة التي يأخذ رجال الدين أنفسهم بها. * التنظيم الكهنوتي: تختلف كل كنيسة(*) – فرقة – عن الأخرى في التنظيم (*) الكهنوتي، ولكنه بوجه عام هو تنظيمٌ استعارته الكنيسة(*) في عهودها الأولى من الرومان حيث كان يرأسها أكبرهم سنًّا على أمل عودة المسيح(*)، ويقدسون رهبانهم(*) ورجال كنيستهم، ويجعلون لهم السلطة المطلقة في الدين(*) وفي منح صكوك الغفران؛ يقول تعالى مبيناً انحرافهم: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله}. [التوبة: 31]. * الهرطقة ومحاربتها: حاربت الكنيسة العلوم والاكتشافات العلمية وكل المحاولات الجديدة لفهم كتابهم المقدس، ورمت ذلك كله بالهرطقة، وواجهت هذه الاتجاهات بمنتهى العنف والقسوة، مما أوجد ردة فعل قوية تمثَّلت في ظهور المذاهب(*) العلمانية والأفكار الإلحادية(*). - الجذور الفكرية والعقائدية: أساسها نصوص العهد القديم(*)، فقد انعكست الروح والتعاليم اليهودية من خلاله، ذلك أن النصرانية قد جاءت مكملة لليهودية، وهي خاصة بخراف بني إسرائيل الضالة، كما تذكر أناجيلهم(*). - لقد أدخل أمنيوس المتوفى سنة 242م أفكاراً وثنية(*) إلى النصرانية بعد أن اعتنقها وارتدَّ عنها إلى الوثنية الرومانية. - عندما دخل الرومان في الديانة(*) النصرانية نقلوا معهم إليها أبحاثهم الفلسفية وثقافتهم الوثنية، ومزجوها بالمسيحية التي صارت خليطاً من كل ذلك. - لقد كانت فكرة التثليث(*) التي أقرَّها مجمع نيقية 325م انعكاساً للأفلوطونية الحديثة التي جلبت معظم أفكارها من الفلسفة(*) الشرقية، وكان لأفلوطين المتوفى سنة 270م أثر بارز على معتقداتها، فأفلوطين هذا تتلمذ في الإسكندرية، ثم رحل إلى فارس والهند، وعاد بعدها وفي جعبته مزيج من ألوان الثقافات، فمن ذلك قوله بأن العالم في تدبيره وتحركه يخضع لثلاثة أمور: 1- المُنشئ الأزلي الأول. 2- العقل(*). 3- الروح التي هي مصدر تتشعب منه الأرواح جميعاً. بذلك يضع أساساً للتثليث إذ أن المنشئ هو الله، والعقل هو الابن، والروح هو الروح القدس(*). - تأثرت النصرانية بديانة(*) متراس التي كانت موجودة في بلاد فارس قبل الميلاد بحوالي ستة قرون التي تتضمن قصة مثيلة لقصة العشاء الرباني(*). - في الهندوسية تثليث، وأقانيم(*)، وصلب للتكفير عن الخطيئة، وزهد ورهبنة(*)، وتخلُّص من المال للدخول في ملكوت السموات، والإله(*) لديهم له ثلاثة أسماء فهو فشنو(*) أي الحافظ وسيفا(*) المهلك وبرهما(*) المُوجِد. وكل ذلك انتقل إلى النصرانية بعد تحريفها. - انتقلت بعض معتقدات وأفكار البوذية التي سبقت النصرانية بخمسة قرون إلى النصرانية المحرَّفة، وإن علم مقارنة الأديان يكشف تطابقاً عجيباً بين شخصية بوذا(*) وشخصية المسيح(*) عليه السلام (انظر العقائد الوثنية في الديانة النصرانية لمحمد طاهر التنير). - خالطت عقيدة البابليين القديمة النصرانية إذ أن هناك محاكمة لبعل إله(*) الشمس تُماثِل وتطابق محاكمة المسيح(*) عليه السلام. وبالجملة فإن النصرانية قد أخذت من معظم الديانات والمعتقدات التي كانت موجودة قبلها، مما أفقدها شكلها وجوهرها الأساسي الذي جاء به عيسى عليه السلام من لدن رب العالمين. الانتشار ومواقع النفوذ: * تنتشر النصرانية اليوم في معظم بقاع العالم، وقد أعانها على ذلك الاستعمار(*) والتنصير الذي تدعمه مؤسسات ضخمة عالمية ذات إمكانات هائلة. يتضح مما سبق: * لم تكن عقيدة التثليث(*) معروفة في عصر الحواريين(*) (العصر الرسولي) تقول دائرة المعارف الفرنسية: "وإن تلاميذ المسيح(*) الأوّلين الذين عرفوا شخصه وسمعوا قوله كانوا أبعد الناس عن اعتقاد أنه أحد الأركان الثلاثة المكوِّنة لذات الخالق، وما كان بطرس حواريه يعتبره أكثر من رجل يوحي إليه من عند الله". وتستشهد على ذلك بأقوال قدماء المؤرخين مثل جوستن ماراستر من القرن الثاني الميلادي حيث يصرح بأنه كان في زمنه في الكنيسة(*) مؤمنون يعتقدون أن عيسى هو المسيح، ويعتبرونه إنساناً بحتاً، وأنه كان أرقى من غيره من الناس، وحدث بعد ذلك أنه كلما تنصَّر عدد من الوثنيين(*) ظهرت عقائد جديدة لم تكن من قبل. * لضياع النصوص الأصلية من الأناجيل(*) نتيجة للاضطهاد من جانب وللاحتكاك والتأثر بالفلسفات(*) والحضارات الشرقية والوثنية(*) من جانب آخر، حملت الديانة النصرانية المحرفة عوامل اختلافها وتناقض نصوصها، الذي ظهر بشكل واضح من خلال المجامع المختلفة التي عقدت لوضع أصول الدين(*) وتشريعاته بشكل لم يَرِد عن المسيح عليه السلام ولا عن حوارييه. * سيطرت عقائد وأفكار بولس على النصرانية؛ يقول دبليو ريد "إن بولس قد غيَّر النصرانية لدرجة أنه أمسى مؤسسها الثاني، إنه في الواقع مؤسس المسيحية(*) الكنسية". ويؤيده لوني دنيله، وستون استيورت، جيمبرلين في أن بولس أضفى على المسيحية بتمزيقها إطاراً غير اليهودية ولذلك فبات خالق الكنائس(*) التي أسست باسم اليسوع. ويقول لوني نيك: "لو لم يكن بولس لعادت المسيحية فرقة من الديانة اليهودية، ولما كانت ديانة كونيه". * كل ما ذكر عن برنابا وبطرس في رسائل بولس فإنما هي قبل الافتراق، حيث كان لتلاميذ بولس من أمثال لوقا ويوحنا دورٌ كبير في إخفاء تاريخهما بعد الخلاف بينهما، وهذا ما أيدته دائرة المعارف البريطانية من أن قوة نفوذ وأتباع بولس أخفت تاريخ كل من يعارض بولس مثل برنابا وبطرس. - هناك رسالتان تُنسبان لبطرس يوافق فيهما أفكار بولس، أثبتت دائرة المعارف البريطانية أنهما ليستا له وأنهما مزوَّرتان عليه حيث تتعلق بتاريخ ما بعد موته، ولم تقبلهما كنيسة(*) روما إلا في سنة(264م) بينما اعترفت بهما الإسكندرية في القرن الثالث، وكذلك بالنسبة للرسالة المنسوبة ليعقوب، يؤكد العلماء عدم صحة نسبتها إليه أيضاً حيث أوصى يعقوب بولس بأداء الكفارة لخلافة شريعة التوراة(*)، وألزمه بالعمل بها. * لم تُعرف الأناجيل(*) الأربعة المتفق عليها عند النصارى اليوم المعرفة الكاملة قبل مجمع نيقية (335م) حيث تم اختيارها من بين عشرات الأناجيل، وأما الرسائل السبع فلم يعترف المجمع المذكور بالكثير منها، وإنما تم الاعتراف بها فيما بعد. - إن تلاميذ المسيح(*) عليه السلام ليسوا بكتَّاب هذه الأناجيل فهي مقطوعة الإسناد، والنصوص الأصلية المترجَم عنها مفقودة، بل ونصوص الإنجيل الواحد متناقضة مع بعضها فضلاً عن تناقضها مع غيرها من نصوص الأناجيل الأخرى مما يبطل دعوى أنها كُتبت بإلهام من الله تعالى. - بعد الدراسة المتأنية لنصوص الإنجيل نجد فضلاً عن التناقضات، لا بين نصوص الإنجيل الواحد أو الأناجيل المختلفة فقط، وإنما بين نصوص الأناجيل ورسائل الرسل(*) المزعومة، وأيضاً بينها وبين نصوص العهد القديم(*) ما يدلِّل ويؤكد التحريف(*) سواء كان بقصد أو بغير قصد. - هناك مئات النصوص في الأناجيل الأربعة تدل على أن عيسى إنسان وليس إلهاً(*)، وأنه ابن الإنسان وليس ابن الله(*)، وأنه جاء رسولاً(*) إلى بني إسرائيل فقط، مكملاً لشريعة موسى وليس ناقضاً لها. - وهناك نصوص أخرى تدل على أن عيسى لم يُصلب وإنما أنجاه الله ورفعه إلى السماء، وتدحض كذلك عقيدة الغفران، وتبين أن الغفران يُنال بالتوبة وصلاح الأعمال. وهناك نصوص إنجيلية تؤكد بشارة عيسى بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم . - بل إن هناك نصوصاً عديدة في الرسائل تثبت زيف زعم بولس بأنه يوحي إليه، وتبين كذلك تناقضه مع نفسه ومع عيسى عليه السلام. * رأينا كيف تدخلت السياسة والحكام في تقرير عقائد الكنيسة(*) وتبديلها من خلال المجامع المختلفة، وأن الأصل في الخلاف بين الكنيستين الشرقية والغربية نشأ لا عن موقف عقدي بقدر ما هو محاولة إثبات الوجود والسيطرة. * لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن في آيات عديدة إفكَ النصارى وقولهم في مريم، واعتقادهم في المسيح(*) على اختلاف مذاهبهم(*)، مبيِّناً انحرافهم، ومصحِّحاً عقائدهم، وداعياً إياهم عدم الغلو(*) في الدين(*) وأن لا يقولوا على الله إلا الحق. • وعموماً فإن النصارى يُعتبرون بالنسبة للمسلمين أهل كتاب مثل اليهود، وحكمهم في الإسلام سواء، فقد كذَّبوا برسول الله وآياته، وأشركوا بالله، فهم بذلك كفار(*) لهم نار جهنم خالدين فيها. يقول تعالى: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية}. [البينة: 6]. لكنهم مع ذلك يعاملون بما أمر الله تعالى به من الإحسان والبر والقسط إليهم، وأكل طعامهم والتزوج من نسائهم، طالما أنهم لم يقاتلونا في الدين(*) ولم يخرجونا من ديارنا، فهم أهل ذمة إذا عاشوا في ديار المسلمين، ؛ ما لم ينقضوا عهدهم فإن نكثوا عهدهم وتجرؤوا على الإسلام والمسلمين؛ بأن حاولوا الدعوة إلى باطلهم وكفرهم بين أبناء المسلمين، أو طعنوا في الدين مثلاً، فلابد من قتالهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. ---------------------------- مراجع للتوسع : - لقرآن الكريم . -الكتاب المقدس، قاموس الكتاب المقدس - دار الكتاب المقدس بالشرق الأدنى. - البداية والنهاية، ابن كثير. - الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح، شيخ الإسلام ابن تيمية مطبعة المدني – القاهرة. - هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ابن قيم الجوزية اعتنى به د. أحمد حجازي السقا – المكتبة القيمة القاهرة. إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ابن قيم الجوزية -– مكتبة مصطفى البابي الحلبي – القاهرة. -الملل والنحل، للشهرستاني، طبعة بيروت. الفصل في الملل والأهواء والنِّحل، لابن حزم – دار المعرفة بيروت. العقائد الوثنية في الديانة النصرانية، محمد طاهر التنير – تحقيق د. محمد عبدالله الشرقاوي – دار الصحوة القاهرة. - الأديان في كفة الميزان، محمد فؤاد الهاشمي. -نجيل برنابا، تحقيق أ.د. محمود كريت ، شباس الملح، القاهرة. - الفارق بين المخلوق والخالق، عبد الرحمن زادة. - المسيحية نشأتها وتطورها، شار جينيبير، ترجمة الدكتور عبد الحليم محمود، دار المعارف بمصر 1981م. - ما هي النصرانية، محمد تقي العثماني، مكتبة دار العلوم، كراتشي 1403هـ. - أديان العالم، حبيب سعد، دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بالقاهرة، 1977م. - يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء، د. رؤوف شلبي، دار الاعتصام بالقاهرة، 1980م. - أوروبا في العصور الوسطى، د. سعيد عبد الفتاح عاشور، مكتبة الأنجلو المصرية ط 1991م، الجزء الأول : التاريخ السياسي، الجزء الثاني: الحضارة والنظم. - تاريخ أوربا العصور الوسطى، د. السيد الباز العريني، دار النهضة العربية بيروت 1968م. - تاريخ الدولة البيزنطية، د. نسيم جوزيف ، مكتبة الأنجلو المصرية. المراجع الأجنبية : - ropertson: Pagan Christs. - Berry: religions of the World. - Berry: A History of Freedom of Thought. -Pfledere: The Early Christian Conception of Christ. - T.W. Doane: Bible Mythology. - Harnak: What is Christianity. - Encyclopedia of religion and Ethics. - Khwaja kamaluddin: The Sources of Christianity. -H. Maurica relton: Studies in Christion Dortrine. Encyclopedia Britonnica. الأرثوذكس التعريف: هي أحد الكنائس (*) الرئيسية الثلاث في النصرانية، وقد انفصلت عن الكنيسة الكاثوليكية الغربية بشكل نهائي عام 1054م، وتمثَّلت في عدة كنائس مستقلة لا تعترف بسيادة بابا روما عليها، ويجمعهم الإيمان بأن الروح القدس منبثقة عن الأب(*) وحده وعلى خلاف بينهم في طبيعة المسيح(*)، وتُدعى أرثوذكسية بمعنى مستقيمة المعتقد مقابل الكنائس الأخرى، ويتركَّز أتباعها في المشرق ولذا يطلق عليها الكنيسة الشرقية. التأسيس وأبرز الشخصيات: في نهاية القرن التاسع الميلادي، وبالتحديد بعد انقضاء مجمع القسطنطينية الخامس عام 879م أصبح يمثل الأرثوذكسية كنيستان رئيسيتان: * الكنيسة الأرثوذكسية المصرية أو القبطية(*)، والمعروفة باسم الكنيسة المرقسية الأرثوذكسية أو كنيسة الإسكندرية، التي تؤمن بأن للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة، وتضم كنائس الحبشة والسودان، ويوافقها على ذلك كنائس الأرمن واليعقوبية. * الكنيسة الأرثوذكسية أو كنيسة القسطنطينية، والمعروفة باسم كنيسة الروم الأرثوذكس أو الكنيسة الشرقية، تخالف الكنيسة المصرية في طبيعة المسيح بينما توافق الكنيسة الكاثوليكية الغربية بأن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، ويجمعها مع الكنيسة المصرية الإيمان بانبثاق الروح القدس(*) عن الأب وحده، وتضم كنائس أورشليم واليونان وروسيا وأوروبا الشرقية. * الكنيسة الأرثوذكسية المصرية: - يدعي أصحابها أن مؤسسها مرقس الرسول عام 45 م. * بوادر الانفصال: ظهرت بوادر الانفصال المذهبي للكنيسة المصرية، منذ أن جعل الإمبراطور ثيودوسيوس كنيسة القسطنطينية هي الكنيسة الرسمية للإمبراطورية الشرقية عام 381م وأن كنيسة الإسكندرية تليها في المرتبة، مما دفع بطريرك(*) الإسكندرية كيرلس عام 412م إلى تولي زعامة الشعب ضد الإمبراطور وعماله في مصر. - زادت هوَّة الخلاف بين الكنيستين على إثر إعلان نسطور – أسقف(*) القسطنطينية – مقالته التي تصدى لها كيرلس بطريرك الإسكندرية في مجمع أفسس عام 431م الذي استطاع استصدار حكماً ضد نسطور باللعن والطرد. * الانفصال الرسمي : - بعث فلافيانوس بطريرك القسطنطينية مقالة نسطور مرة أخرى فتصدى لها ديسقورس بطريرك الإسكندرية في مجمع أفسس عام 449م والذي لم يعترف به أسقف روما، فعقد لذلك مجمع كليدونية عام 451م ليقرر لعن ديسقورس ونفيه، بل وتعين بطريرك ملكاني خلفاً له، الأمر الذي دفع الكنيسة المصرية لإعلان عصيانها وعدم اعترافها بمجمع كليدونية عام 451م ولا بقراراته، مما سبَّب عودة الاضطهاد مرة أخرى لحمل الكنيسة المصرية على إتباع عقيدة كنيسة القسطنطينية والتي توافقها عليها الكنيسة الغربية. - هكذا عاشت الكنيسة المصرية سلسلة من المنازعات حول تعيين الأسقف، إلى أن تم الاتفاق عام 482م على أن يختار المصريون أسقفهم دون تدخل من الإمبراطور، فكان هذا التاريخ يمثل بداية الانفصال الحقيقي عن كنيسة القسطنطينية. - سرعان ما عاد الاضطهاد مرة أخرى للكنيسة(*) المصرية، بعدما ولَّى هرقلُ المقوقس حُكم مصر بعد استردادها م الفرس عام 628م في محاولة منه لتوطيد أركان ملكه عن طريق توحيد عقيدة الإمبراطورية على مذهب(*) الطبيعتين، فلم يألُ المقوقس جهداً في إنفاذ ذلك، كما لم يعدم حيلة، مستخدماً الترغيب تارة، والترهيب والعذاب والتنكيل تارة أخرى، مما دفع بطريرك الكنيسة المصرية بنيامين للهروب إلى الصحراء، وأن يكتب إلى جميع أساقفته باللجوء إلى الجبال والبراري فراراً بعقيدتهم. • ما أن ظهرت بشائر الفتح الإسلامي منطلقة من الجزيرة العربية حتى رحبت بها الكنيسة المصرية، للتخلص من ظلم واضطهاد إخوانهم نصارى الإمبراطورية البيزنطية. وما إن وطئت طلائع الفتح الإسلامي أرض مصر بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه، ودانت لهم، حتى أُعيد بنيامين بطريرك(*) الكنيسة المصرية إلى كرسيه، واجتمع به عمرو بن العاص ووافقه على ما أبداه من مقترحات لحفظ كيان الكنيسة(*)، كما وافقه على تشييد ما دعت إليه الحاجة من الكنائس وتجديد إصلاح البعض الآخر. - تأثر الكثير من النصارى المصريين بعدالة الإسلام، وسماحة مبادئه، حيث ترك لهم حق الاعتقاد وحرية(*) ممارسة العبادة والشعائر الخاصة بهم، كما سمح لهم بالمشاركة في بعض وظائف الدولة، مما فتح قلوبهم لقبول الحق، والدخول في دين(*) الإسلام أفواجاً، وبذلك صارت اللغة العربية لغتهم ولغة البلاد، وأصبح منهم العلماء والقادة فيما بعد. * رغم ذلك لم يهدأ لكنيسة روما بال عن فرض سيادتها على كنائس الشرق، مستخدمة في ذلك أساليب الحرب والقوة تارة، والدبلوماسية والمفاوضات تارة أخرى. ففي سنة 1219م قامت الحملة الصليبية الخامسة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا في محاولة لإخضاع الكنيسة المصرية الأرثوذكسية لمذهب(*) الكنيسة الغربية الكاثوليكية. وقد تمكنت في بادئ الأمر من احتلال مدينة دمياط وفرض بطريرك كاثوليكي من الآباء الفرنسيسكان عليها، ليمثِّل أول وجود كاثوليكي في مصر، فما أن هب المسلمون لصد العدوان حتى انهزمت الحملة وأُسر قائدها وبذلك باءت مخططاتها بالفشل. - وفي سنة 1769م أعادت الكنيسة الغربية الكَرَّة، ولكن هذه المرة عن طريق المفاوضات والمصالحة، وعرض انضمام الكنيسة المصرية إليها، ليقابلها بطريرك الكنيسة المصرية يؤانس الثامن عشر بالرفض التام. * بدأت بوادر حركة إصلاح وتطوير الكنيسة المصرية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وبخاصة في عهد البطريرك كيرلس الرابع 1854 – 1862م "أبو الإصلاح" كما يسميه أتباع الكنيسة لإدخاله العديد من الإصلاحات لمواجهة نشاط الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية، التي زاد نشاطها واستطاعت تأسيس مراكز للدعوة إلى مذاهبهم في صعيد مصر بوجه خاص. وكانت استجابة بعض الأرثوذكس لهم دافعاً للقيام بهذه الإصلاحات وافتتاح مدارس للبنين والبنات، وإنشاء المدرسة البطريركية، بالإضافة إلى إدخال أول مطبعة إلى مصر. - وبأسلوب آخر تصدى البطريرك(*) ديمتريوس الثاني 1862- 1874م للتبشير الكاثوليكي والبروتستانتي في مصر، بإصدار قرارات الحرمان ضد المرسلين الأمريكيين ومن يتصل بهم من الأقباط(*). - ازدادت حملة الكنيسة(*) المصرية ضراوة ضد إرساليات الكنائس الغربية في مصر في عهد البطريرك كيرلس الخامس 1874 – 1927م حيث أغلق مدارسهم، وأصدر قرارات تَعتبر هذه الكنائس وإرساليتها وتابعيها ومن ينضم إليها من الأقباط مهرطقين، ولم يفلح تدخل القنصل الأمريكي وليم تاير والمنصِّر جون هوم في إقناع البطريرك من أن نشاطهم غير موجه ضد الأرثوذكس. * يُعد حبيب جرجس 1867-1951م من أبرز رواد الإصلاح والتطوير في الكنيسة المصرية، حيث أنشأ مدارس الأحد والمدرسة الإكليريكية، ودعم وساهم في العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي توسَّعت بعده إلى حد كبير، فظهرت المجلات والجرائد النصرانية، كما أنشأ العديد من المدارس والمكتبات ودور النشر التي تهتم بنشر التعاليم النصرانية بين المسلمين. وازدادت تبعاً لذلك عدد المؤسسات الاجتماعية المختلفة التي تخدم الأرثوذكس، كل هذا بغية التصدي للإرساليات التبشيرية الغربية. • لكن هذا الموقف الرافض للتعاون أو القبول بوجود الكنائس الغربية بين الأرثوذكسية تغيَّر بشكل ملحوظ أيام الاحتلال الإنجليزي لمصر، الذي ساعد وشجع هذا الاتجاه بما أثاره في نفوس الأقباط من أن أرض مصر المسلمة أرض نصرانية وأن المسلمين دخلاء يجب طردهم، وشجع حبيب جرجس على رفع شعار الأمة القبطية مقابل الأمة الإسلامية. • وفي عهد الخديوي إسماعيل دخل عدد كبير من الأرثوذكس القضاء والمجالس النيابية وكلفوا بالخدمة العسكرية، وظهرت في الساحة السياسية أسماء كبيرة متعاونة مع الاستعمار الإنجليزي مثل بطرس باشا غالي ويوسف باشا سليمان. ـ بعد مؤتمر 1910م والذي انعقد بمناسبة مقتل بطرس باشا غالي، زاد نفوذهم السياسي وبخاصة بعد انضمامهم إلى حزب(*) الوفد وتولَّي مكرم عبيد منصب نائب رئيس الحزب. في عهد البطريرك يوساب الثاني أصدر القس إبراهيم لوقا مجلة اليقظة للدعوة إلى تقارب الكنيستين(*): البروتستانتية الأسقفية والقبطية(*)، كما دعا إلى أن الوقت قد حان لأن يتبادل قسوس(*) الطوائف النصرانية(*) المختلفة الوعظ في كنائس بعضهم البعض. - في عام 1921م عُقد مؤتمر حلوان بضاحية حلوان بمصر لعموم الكنائس الشرقية والغربية بهدف توحيد جهود الكنائس(*) لتنصير المسلمين لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الكنيسة المصرية. وإمعاناً في التقارب انضمت الكنيسة المصرية إلى عضوية مجلس الكنائس العالمي الذي أنشئ عام (1946م). * في عام (1952م) عاد الأقباط مرة أخرى إلى الانزواء داخل الكنيسة لخوفهم من حكومة جمال عبد الناصر، ومن ثم هاجر الكثير منهم إلى أوروبا وأمريكا، مما كان لذلك أكبر الأثر في تحويل الرأي العام الغربي نحو الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، ومساندتها وممارسة الضغط السياسي والاقتصادي على الحكومة المصرية لتحقيق مركز ديني وسياسي واجتماعي متميز للأقباط الأرثوذكس في مصر. * وفي هذه الأثناء أعلن إبراهيم فهمي المحامي أحد خريجي مدارس الأحد تأسيس جماعة الأمة القبطية وأنشأ لها فروعاً على مستوى محافظات مصر. وقد دعا إلى إحياء مفهوم الأمة القبطية من خلال التمسك بالعادات والتقاليد الكنسية، وبإحياء اللغة القبطية، واستخدام التقويم القبطي، وكذلك بإصدار الجرائد والمجلات التي تهتم بالأقلية القبطية، وهكذا تطور معه الأمر إلى أن أعلن بياناً يطالب فيه بالحكم الذاتي لأقباط مصر. - في عام 1954م قامت جماعة الأمة القبطية باختطاف البطريرك(*) يوساب الثاني وإجباره على توقيع وثيقة تنازل عن كرسي البابوية، ودعوة المجمع المقدس للانعقاد، ووضع وثيقة جديدة لانتخاب البطريرك(*) تشارك فيها كل الطوائف النصرانية، لذلك ألقت الحكومة المصرية القبض على زعيم الجماعة واعتقلت أفرادها، ثم قامت بحلها وإعادة البطريرك إلى كرسيه. * خطا البطريرك (*) كيرلس السادس 1959 – 1969م خطوات جديدة نحو تطوير الكنيسة(*)؛ حيث أنشأ العديد من الأسقفيات، منها أسقفيات الخدمات ومهمتها العلاقات الخارجية والاتصال بالكنائس الأخرى، سواء كانت الكنائس الغربية ومؤسساتها أو بالكنائس القبطية(*) خارج مصر، وأسقفية للخدمات والشئون المالية مهمتها جلب فرص العمل للأقباط والحصول على توكيلات أكبر البنوك والشركات في العالم، وأسقفية البحث العلمي ومهمتها إنشاء معهد عالٍ للدراسات القبطية وإصدار طبعات جديدة للكتاب المقدس، ووضع دائرة معارف قبطية، كما أنشأ أسقفية للتربية الكنسية مهمتها الإشراف على كليات اللاهوت ومدارس الأحد وجميع شؤون التعليم والتربية الكنسية. واستغلالاً للثقل الدولي للكنيسة بعد انضمامها إلى مجلس الكنائس العالمي، ومجلس الكنائس العالمية العاملة في أفريقيا، وتعاونها مع مجلس كنائس أمريكا زاد الضغط على الحكومة لإلغاء النظام الهمايوني الذي أصدرته الدولة العثمانية في عام 1856م كنظام إصلاحي لتنظيم بناء وترميم الكنائس النصرانية داخل الدولة. وبالفعل تمت الاستجابة لمطلبهم، وأنشئت العديد من الكنائس منها كاتدرائية القديس مرقس بميدان العباسية بالقاهرة عام 1967م، وتم إصلاح الأديرة وتعميرها وتحويلها من أماكن للعبادة إلى مراكز إنتاجية ومراكز اتصالات واسعة ومؤثرة على شؤون الكنيسة؛ مستخدمة في ذلك الدعم السخي والأموال الطائلة من الكنائس الغربية والقبطية في الخارج. * في عام 1971م تولى البابا(*) شنودة الثالث رئاسة الكنيسة المصرية واسمه نظير جيد، تخرج من كلية الآداب جامعة القاهرة، والتحق بالقوات المسلحة كضابط احتياط، ثم عمل صحفياً وكاتباً وشاعراً، وتسمى بعد ترهُنُه باسم شنودة الثالث. وللأب شنودة الثالث درس أسبوعي – درس الجمعة – ظل محافظاً على إلقائه في كاتدرائية العباسية منذ افتتاحها. مما كان لدرسه هذا الأثر الكبير في تكوين وانتشار الأسر الدينية النصرانية في أروقة الجامعة المصرية المختلفة. - في عهده زاد التوجه السياسي للكنيسة المصرية وتقديم مفهوم جديد للنصرانية على أنها دين(*) ودولة، مستخدماً في ذلك سياسة الانتشار الدولي، والتقارب مع الكنائس الغربية ومؤسساتها لدعم السياسات الداخلية للكنيسة وتحقيق أغراضها، كما أعلن عن تنظيمات جديدة للكنيسة، ودعا إلى تطوير الكلية الأكليريكية وإعادة الكنيسة(*) إلى مكانتها العالمية، فزاد اهتمامه بإنشاء الكنائس في الخارج وعيّن لها الأساقفة، من أجل ذلك تعددت جولاته ولقاءاته. ومن أبرز هذه اللقاءات: لقاؤه ببابا(*) الفاتيكان بولس السادس عام 1973م، الذي تمت فيه المصالحة بين الكنيسة الكاثوليكية الغربية والكنيسة المصرية الأرثوذكسية . وتوقيعه وثيقة رفع الحرم المتبادل بين كنيسته والكنائس الأرثوذكسية الكلدونية وغير الكلدونية في شميزي عام 1990م. أيضاً الاتفاق على تحقيق الوحدة بين كل الكنائس النصرانية، وزيارته لرئيس أمريكا كارتر عام 1977م والتي كان لها أثرها السياسي والديني لصالح الكنيسة المصرية. - تحت رئاسة وإشراف البابا شنودة تعددت الاجتماعات ذات الصبغة الدينية والسياسية، التي تطالب بإعطاء الكنيسة الأرثوذكسية في مصر دوراً فاعلاً في السياسة، وأن يكون لها نصيبها من المناصب الوزارية. كما دعت الحكومة المصرية إلى التخلي عن فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية(*)، والموافقة على إنشاء جامعة للأقباط على غرار جامعة الأزهر. ومن أشهر هذه الاجتماعات اجتماع الكنيسة المرقسية بالإسكندرية عام 1973م واجتماع الإسكندرية عام 1977م واجتماع تدريب مدرسي ومدرسات وخدام الدين النصراني في كنيسة مارجرجس بدمنهور في 27-28 يناير 1977م، واجتماع المحامين الأقباط بالإسكندرية. كما اهتم بزيادة عدد الأبروشيات حيث ارتفعت إلى ثلاث وخمسين أبرشية بدلاً من ثلاث وعشرين في عهد سلفه، وبالتالي زاد عدد الأساقفة إلى اثنين وستين أسقفاً. - وزادت في عهده أيضاً وبشكل ملحوظ النشرات والكتب، وحملات التنصير والاستفزاز للمسلمين، مما أشعل المواجهات بين المسلمين والنصارى فيما عرف بأحداث الفتنة الطائفية (الزاوية الحمراء ومناطق مختلفة من صعيد مصر) الأمر الذي دعا الرئيس السابق لمصر – السادات- إلى عزله ونفيه في دير وادي النطرون، وقد أفرج عنه وعاد إلى كرسيه في عهد الرئيس الحالي لمصر محمد حسني مبارك. - نتيجة للمنحى الجديد للكنيسة المصرية في عهد البابا(*) شنودة الثالث، ظهرت داخل الكنيسة(*) اتجاهات أخرى تعارضه، ويمكن تقسيم اتجاهات الكنيسة في عهده إلى: 1- اتجاه علماني: يؤكد انفصال الدين(*) عن الدولة في النصرانية(*) ويرى أن الكنيسة في هذا العصر خرجت على النصرانية الصحيحة – بزعمهم – لخلطها بين الدين والدولة، كما يطالب بأهمية قيام الكنيسة بواجبها الديني وابتعادها ورجال الكنيسة عن السياسة. ومن أبرز ممثلي هذا التيار المهندس ميلاد حنا الخبير الإسكاني وأحد رموز الحركة اليسارية في مصر. 2- اتجاه انعزالي كنسي: يدعو إلى تبني الكنيسة للخطاب الديني المحض، ويتجه إلى إصلاح الأديرة وتطويرها، ويمثّله الأب متى المسكين اسمه يوسف اسكندر – صيدلي – انقطع للرهبنة في دير أبي مقّار قرب الإسكندرية. 3- اتجاه روحي انعزالي: يدعو إلى تكفير(*) كل من يخالفه من المسلمين والأقباط على حد سواء، مستخدماً في محاربتهم الحرب الروحية بصراع الأرواح الشريرة. كما يدعو إلى محاربة التلفزيون كأحد أساليب مملكة الشر، وإلى مواجهة المجتمع والدولة سواء كانوا مسلمين أو نصارى مواجهة علنية. وإلى هذا الاتجاه تُنسب الحوادث الأخيرة من إغماء الفتيات المسلمات في شوارع مصر، ويمثل هذا التيار الأب دانيال البراموسي خريج كلية الهندسة، وصاحب النشاط المؤثر بين الشباب النصراني في صعيد مصر خاصة، والقمص زكريا بطرس كاهن كنيسة(*) مارجرجس بمصر الجديدة 1979م الذي أُبعد عن منصبه وحُرم من الوعظ لمهاجمته الدولة ودعوته لتنصير المسلمين بشكل علني. 4- اتجاه شمولي: يرى أن الكنيسة(*) مؤسسة شاملة مكلفة بأن تقدم الحلول لكل المشكلات، والأجوبة لكل الأسئلة المتصلة بالدين(*) والدنيا، ويمثله البابا(*) شنودة الثالث، والأنبا غريغوريوس أسقف(*) البحث العلمي وأسمه وهيب عطا حاصل على دكتوراه في فلسفة اللغات. 5- اتجاه توفيقي: يرى أن للكنيسة دوراً دينيًّا ذا بعد وطني، يحتِّم عليها أداء أدوار وطنية محددة؛ مثل الوقوف في وجه المستعمر(*) مع البعد عن الأمور السياسية، ويمثله المفكر القانوني وليم سليمان قلادة. الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية: - رغم الانفصال المذهبي (*) للكنيسة الشرقية عن الكنيسة الغربية تحت اسم كنيسة الروم الأرثوذكس أو الكنيسة الشرقية، برئاسة بطريرك(*) القسطنطينية بعد رفض قرارات مجمع القسطنطينية الرابع عام 896م إلا أنها خضعت إداريًّا للكنيسة الغربية تحت رئاسة بابا(*) روما حتى الانفصال النهائي عام 1054م. - توسعت الكنيسة(*) البيزنطية في القرن التاسع في أوروبا الشرقية؛ فأسست في بلغاريا كنيسة وأصبحت النصرانية الدين(*) الرسمي للدولة بعدما أجْبر الحاكم البلغاري بوريس الأول 852-888م على قبول المعمودية من الإرساليات التبشيرية. - عمل خليفته القيصر سيمون 893 – 927م على حماية الكنيسة، وجعل اللغة السلافية لغة الطقوس الكنيسية بدلاً من اليونانية وفي عهده استقلت الكنيسة البلغارية في بطريركية مستقلة. - أثناء حكم الإمبراطور باسل الثاني 976 – 1025م توطدت دعائم الكنيسة(*) الأرثوذكسية السلافية على يد مبشري الدولة البيزنطية مثل القديسان كيرلس، وميثيوديوس والمعروفان برسل السلاف، ولذلك حيكت ضد الإمبراطور المؤامرات مما اضطره إلى الاستعانة بأمير كييف فلاديمير 978 – 1015م للتصدي لها، فكان ذلك سبباً في اعتناق فلاديمير النصرانية على المذهب(*) الأرثوذكسي عام 990م لتنضم روسيا إلى الكنيسة الأرثوذكسية، وتصبح كنيستها أحد فروع الكنيسة اليونانية. - في الفترة ما بين القرنين العاشر والخامس عشر ظهرت داخل الأرثوذكسية فرقة البوجوميلي نسبة إلى مؤسسها القس(*) بوجوميل على أنها حركة سلافية تهدف إلى الإصلاح باسم الكنيسة الأرثوذكسية البلغارية، متأثرة في ذلك بآراء الثنوية(*) والمانوية الحديثة. ولذلك فإنها تؤمن بأن العالم المرئي مملوء بالشر، كما تعارض عقيدة التجسد النصرانية من جانبها المادي، وترفض التعميد(*)، وتحتقر الصليب والمعجزات والكنائس الضخمة ونظام الكهنة. وبالجملة ترفض النظام الكنسي العام. وسرعان ما انتشرت في البلدان الخاضعة للإمبراطورية البيزنطية مما أدى إلى الحكم بهرطقتها، وإنزال العذاب الشديد بأتباعها، وحرق قائدهم في القسطنطينية أمام الجماهير الحاشدة. * أراد ميخائيل كيرولاريوس بطريرك(*) القسطنطينية عام 1053م الانفصال النهائي عن سلطة الكنيسة الغربية ليصبح إمبراطوراً وبطريركاً، مساوياً لبابا(*) روما، فاستغل الاضطراب السياسي في الإمبراطورية البيزنطية وأعلن أن البابوية في روما أصبحت ألعوبة في يد رجال الدولة الغربية، وأن تقاليد الكنيسة الغربية فيها كفر(*) ومخالفة للتعاليم النصرانية(*) الأولى؛ فتصدّى له بابا(*) روما ليو التاسع وقضى على حركته باستمالة الإمبراطور البيزنطي قسطنطين التاسع إلى جانب دعواه بأحقيَّة سيادة الكنيسة(*) الغربية على الكنيسة الشرقية. - ما لبث أن توفي بابا روما ليو التاسع عام 1045م حتى استغل بطريرك القسطنطينية الفرصة السانحة ليجمع حول دعوى الانفصال رجالَ الكنيسة الشرقية مرة أخرى، حيث خضع لرأيهم الإمبراطور وأعلن رسميًّا استقلال الكنيسة الشرقية استقلالاً تامًّا عن الكنيسة الغربية لتصبح كنيسة أجا صوفيا التي أعاد بناءها الإمبراطور جستنيان في القرن السادس مركزاً للحياة الدينية في الكنيسة الأرثوذكسية. * في عهد البابا أنورت الثالث 1198 – 1216م انطلقت الحملة الصليبية الرابعة لاحتلال القسطنطينية والقضاء على كنيستها لتحقيق وحدة الكنيسة المسيحية(*) على مذهب(*) روما الكاثوليكي. - دخلت الحملة الصليبية الرابعة القسطنطينية عام 1204م كالجراد المنتشر، فأتت على الأخضر واليابس، فلم تترك فيها حرمة إلا انتهكتها، ولا ديراً ولا كنيسة إلا خربتها بعد نهب ما فيها من تحف وثروات. ولما استقر لهم الأمر ودانت لهم الإمبراطورية تم تقسيمها وعاصمتها على زعماء الحملة، وانتُخب بلدوين دي فلاندرز إمبراطوراً للإمبراطورية اللاتينية في القسطنطينية 1204 – 1261م وتعين البطريرك(*) الكاثوليكي توماس مورسيني بطريركاً لكنيستها، مما زاد من حنق ونفور البيزنطيين من الغرب وكنيسته. * بعد عودة كنيسة القسطنطينية إلى سيادة الإمبراطورية البيزنطية، قامت محاولات عديدة لتوحيد الكنيستين الشرقية والغربية خلال الفترة من منتصف القرن الثالث عشر حتى بدايات القرن الخامس عشر الميلادي من أهمها: - ما قام به الإمبراطور البيزنطي ميخائيل الثامن 1259 – 1282م بالتعاون مع بابا روما نيقولا الثالث 1277 – 1280م والمتحمس لهذا الأمر، لكنها باءت بالفشل للمعارضة الشديدة من بطريرك القسطنطينية الذي أصدر قراراً بحرمان الإمبراطور ميخائيل الثامن، وأيَّده على ذلك بابا روما مارتن الرابع بقرار حرمان آخر للإمبراطور. - محاولة أخرى قام بها الإمبراطور البيزنطي مايكل فلايولتوس أثناء مواجهته لملك صقلية شارل أونجو حيث أرسل اعترافاً إلى البابا(*) جورج العاشر بسيادة الكنيسة(*) الغربية، وبذلك نجح الإمبراطور في فرض بطريرك(*) كاثوليكي شرقي يدعى جون بيكوس على رئاسة كنيسة(*) القسطنطينية، وما إن مات الإمبراطور حتى رفض المجلس الأرثوذكسي هذا الاعتراف. - ومن آخر محاولات التوحيد في تلك الفترة ما قام به المجمع الذي عقد في فرارا ثم فلورنس امتداداً لمجمع بال لمواجهة نشاط العسكرية الإسلامية التي طوَّقت القسطنطينية، وقد نجح هذا المجمع أن يقبل الأرثوذكس معظم النقاط التي عرضها الإمبراطور جون الثامن، ورغم توقيع الإمبراطور البيزنطي حنا السادس عليها إلا أنها لم تتم للمعارضة الشديدة من الشعب وخدام كنيسة القسطنطينية، بالإضافة إلى معارضة بطاركة كنائس الإسكندرية وأنطاكية وبيت المقدس. - في منتصف القرن التاسع عشر ارتفعت من جديد نداءات الاتحاد بين الكنيستين: ففي عام 1848م وجَّه البابا بيوس التاسع نداءه إلى الكنائس الشرقية للاتحاد مع كنيسة روما إلا أنه رُفِضَ كما رفض غيره من قبل. * في عهد الأمير أيفان الأول 1328 – 1341م أصبحت موسكو المركز الروحي لروسيا بانتقال رئيس أساقفة(*) روسيا من كييف إلى موسكو. - تمتعت كنيسة روسيا بحماية ملوك المغول، وعدم تدخلهم في سياستها مما ضاعف من نفوذها وثرواتها. * في مايو 1453م فتحت جيوش السلطان العثماني محمد الفاتح مدينة القسطنطينية، فأمَّن أهلهم وطمأنهم على أنفسهم وأعراضهم، ومنحهم حق الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر والعبادات الخاصة بهم، وأعلن الكثير منهم إسلامهم، ومن ثم أمر بتحويل كنيسة أجا صوفيا إلى مسجد. في الوقت نفسه اجتمع مع الأساقفة وهدَّأ من روعهم، وأمر بتنصيب بطريرك(*) جديد، فانتخبوا جليارنوس الذي استقبله السلطان محمد الفاتح بحفاوة وإكرام بالغ. - جعل السلطان بطريرك القسطنطينية رئيس النصارى الديني والمدني، وجرى تقسيم الكنيسة الأرثوذكسية البلقانية إلى وحدات قومية، أصبحت القسطنطينية مركزاً لليونان، وأصبح للصرب بطريركاً خاصًّا في بيج بيوغسلافيا، والبلغار مطرانيتهم في أوهريد. أما سكان رومانيا فكان لهم مؤسسات دينية مشابهة، وعهدت الحكومة العثمانية للكنيسة بسلطة إدارة العديد من الوظائف والمهام الدينية والمدنية. وبذلك أصبحت الكنيسة(*) جزءاً من الجهاز الحكومي. وهكذا مارس بطريرك القسطنطينية سلطات أوسع من السلطات التي كانت مُخوَّلة له عام 1588م في الدولة البيزنطية، وجرت أعيادهم وعبادتهم بحرية(*) أوسع تحت حماية الدولة العثمانية. * استقلت الكنيسة الروسية ببطريركية مستقلة عام 1588م وأبطلت سيادة كنيسة القسطنطينية عليها بعد فرار البطريرك(*) اليوناني من القسطنطينية إلى موسكو. - وفي عام 1589م عين الإمبراطور فيودا الأول أول بطريرك روسي وحمل بطاركة الشرق على الاعتراف به عام 1593م. - أصبحت الكنيسة الروسية ذات أهمية خاصة بعد سقوط القسطنطينية في أيدي العثمانيين عام 1453م فقد اعتبرت نفسها المركز الحقيقي والحامية للأرثوذكسية الصحيحة، وبذلك أصبحت روما الثالثة. يقول الراهب(*) فليوثيوس من باسكوف: "لقد سقطت الرومايان (روما والقسطنطينية) وهذه روما الثالثة، ولن يكون هناك روما رابعة". - في أثناء حكم نيكون 1652 – 1658م انقسمت الكنيسة الروسية نتيجة لاقتراح نيكون بضرورة أن تتطابق الكنيسة الروسية في أفكارها، ومعتقداتها الكنيسة(*) الإغريقية. - ألغى بيتر العظيم عام 1721م البطريركية الروسية وتبنى المذهب(*) البروتستانتي. - ألغى الإمبراطور بطرس الأكبر البطريركية الروسية مرة ثانية، وتولى مجمع السينودس المقدس إدارة الكنيسة في المسائل الدينية محتفظاً لنفسه وخلفائه برئاستها. - في عام 1744م أصدرت بطريركية الكنيسة في القسطنطينية مرسوماً بتحريم الماسونية والانتساب إليها. - وفي أيام الإمبراطورة كاترين استولت الحكومة على أملاك الكنيسة الروسية واحتفظت لنفسها بأمر تعليم الكهنة(*) وتعيينهم. وقد استمر أثر هذه الإجراءات حتى عام 1917م حيث الثورة(*) البلشفية التي أدخلت النصرانية(*) في روسيا في مرحلة جديدة منفصلة بذلك عن الكنائس(*) الأخرى، وانتُخِب أول بطريرك لها أثناء الحرب العالمية الثانية، وبالتالي أصبحت تعلن ولاءها للحكومات الشيوعية وتؤكد سياستها ضد الغرب. * استقلت الكنيسة اليونانية في عام 1833م عن كنيسة القسطنطينية. * ظهرت في بلغاريا حركة تعمل على إصلاح الكنيسة البلغارية برئاسة الأب نيوفت بوزقيلي، وبعد أن عينت الحكومة العثمانية أساقفة(*) غير بلغاريين على الكنيسة البلغارية. - وفي عام 1860م أعلن الأسقف غيلادبون مكاريو بولسكي استقلال الكنيسة البلغارية، ووافقت السلطات العثمانية على ذلك، وأنشأت لهم كنيسة خاصة في استانبول تحت رئاسة مطران(*) وهيئة مساعدة خاصة بهم. - وردًّا على ذلك عقد مجمع القسطنطينية عام 1873م بحضور بطاركة القسطنطينية وأنطاكية وأورشليم والإسكندرية ليصدر قراراً بحرمان جميع النظام الكنسي البلغاري. - بعد سيادة الشيوعية في دول شرق أوربا انضمت الكنيسة البلغارية والرومانية إلى الكنيسة الروسية مرة أخرى. - استقلت الكنيسة الأرثوذكسية اليابانية عام 1939م عن الكنيسة الروسية التي ظلت تابعة لها منذ تأسيسها عام 1860م على يد إرسالية أرثوذكسية روسية. أهم الأفكار والمعتقدات: * تؤمن الكنيسة الأرثوذكسية مثل باقي الكنائس الأخرى بإله(*) واحد مثلث الأقانيم(*): الأب(*)، الابن(*)، الروح القدس(*) على حسب ما ورد في قانون الإيمان النيقاوي 325م. - كما تؤمن بربوبية وألوهية الرب والمسيح(*) في آن واحد على أنهما من جوهر واحد ومشيئة واحدة، ومتساويين في الأزلية، لكن كنيسة أورشليم الأرثوذكسية اليونانية ومن يتبعها تؤمن بأن المسيح له طبيعتان ومشيئتان موافقةً لمجمع كليدونية 451م. - يؤمن الأرثوذكس بالزيادة التي أضيفت على قانون الإيمان النيقاوي في مجمع القسطنطينية عام 381م التي تتضمن الإيمان بالروح القدس الرب المحيي والمنبثق من الأب وحده، فله طبيعته وجوهره، وهو روح الله وحياة الكون ومصدر الحكمة والبركة فيه. - يعتقد الأرثوذكس الأقباط أن الأقانيم(*) الثلاثة ما هي إلا خصائص للذات الإلهية الواحدة، ومتساوية معه في الجوهر والأزلية، ومنزَّهة عن التأليف والتركيب، لكن الكنيسة(*) الأرثوذكسية اليونانية ومن تبعها تعتبر أقنوم الابن(*) أقل من أقنوم الأب في الدرجة، ولذلك فهي عند اليونان مراحل انقلت فيها الله إلى الإنسان. - الإيمان بتجسُّد الإله(*) في السيد المسيح(*) من أجل خلاص البشرية من إثم خطيئة آدم، وذريته من بعده، فيعتقدون أنه وُلد من مريم وصلب ومات فداءً لخطاياهم، ثم قام بعد ثلاثة أيام ليجلس على يمين الرب ليحاسب الخلائق يوم الحشر. * الإيمان بأن السيدة مريم العذراء والدة الإله، ولذا يوجبون تقديسها كما يقدسون القديسين، والأيقونات غير المجسمة، وذخائر القديسين، ويقدسون الصليب، ويتخذونه رمزاً وشعاراً. * تؤمن الكنيسة(*) الأرثوذكسية المصرية بالمجامع المسكونية السابقة على مجمع كليدونية لعام 451م بينما تؤمن الكنيسة اليونانية ومن تابعها وكنيسة أورشليم الأرثوذكسية بجميع المجامع السابقة على مجمع القسطنطينية 869م. * الإيمان بنصوص الكتاب المقدس وبما يتضمنه من أسفار(*) التوراة(*) وأسفار الأنبياء بالإضافة إلى باقي الأسفار الأخرى، ولكنها تستخدم في الطقوس الكنسية النموذج البروتستانتي الذي يشتمل على الأسفار الخمسة فقط، كما تؤمن بنصوص العهد الجديد(*) ورسائل الرسل على ما أقر في مجمع نيقية الأول (325م). * العبادات والشعائر: - تؤمن الكنيسة الأرثوذكسية بالأسرار السبعة للكنيسة: 1- سر المعمودية(*). 2- سر الميرون. 3- سر القربان . 4- سر الاعتراف. 5- سر مسحة المرض. 6- سر الزواج . 7- سر الكهنوت. - الصلاة: يعتقد الأرثوذكس بوجوب سبع صلوات: صلاة باكر، وتقال في الفجر، والساعة الثالثة وتقال التاسعة صباحاً، وصلاة السادسة، وتقال ظهراً، وصلاة التاسعة وتقال حوالي الثالثة بعد الظهر، وصلاة الغروب، وصلاة النوم، وصلاة نصف الليل وتقال على دفعات. والصلاة إما أن تكون فردية أو جماعية، وهي عبارة عن دعاء بهيئة معينة، ولا تستخدم الآلات الموسيقية في الترانيم الكنسية، ولا يقام فيها القداس يوميًّا. - الصوم : وهو الامتناع عن الأكل حتى الغروب، ولغير المستطيع أن يصوم على قدر طاقته، ويعفى منه خمس فئات: المرضى، والرجل الشيخ، والمرأة العجوز، والأطفال أقل من اثنتي عشر سنة، والمرأة الحامل، والمرضع ويمكنهم أن يأكلوا تبعاً لما رسمه لهم آباء الكنيسة(*) بالامتناع عن اللحوم بأنواعها ومستخرجاتها، ويقتصر على ما تنبت الأرض. وأنواع الصوم عندهم سبعة: الصوم الكبير السابق لعيد القيامة عندهم، والصوم السابق لعيد الميلاد، صوم يونان، صوم الرسل(*) بين عيد الخماسين وعيد الرسل، صوم السيدة العذراء، صوم البرمون، وذلك على مدد متفاوتة لكل منها. - الأعياد: تنقسم الأعياد في الأرثوذكسية إلى : 1- أعياد سيدية كبرى. 2- أعياد سيدية صغرى، وللكنيسة(*) المصرية أعياد خاصة بها مثل أعياد القديسين والشهداء. - تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بعيد ميلاد السيد المسيح(*) في اليوم السادس من شهر يناير. * درجات الكهنوت: الكنيسة الأرثوذكسية كنيسة شعبية يقوم على رأسها البابا(*) أو البطريرك(*)، ويرأس كل مجموعة كنائس بطريركية في البلد أو الإقليم، ويقوم بجانبها مجلس مقدس كالمجلس الملي في مصر الذي يضم مطارنة وعلمانيين، وتشرف عليه الحكومة المصرية. ويتكون التنظيم الكهنوتي للكنيسة من البطريرك، ثم المطارنة(*)، ثم الأساقفة(*)، ثم القمامصة، ثم القساوسة(*) ثم الشمامسة(*) ولا تعترف الكنيسة بسلطة بابا(*) روما ولا بعصمته. * الرهبنة(*): وهي سبع مقامات روحية، وتنقسم إلى نوعين: رهبنة فردية، رهبنة ديرية. * الدين(*): تؤمن الأرثوذكسية مثل باقي الكنائس بعالمية النصرانية، كما تؤمن الكنيسة(*) الأرثوذكسية المصرية بضرورة بعث ميراث الكنيسة القبطية(*) وإحياء القومية واللغة القبطية. وينادي بطريرك الكنيسة الحالي شنودة الثالث بأن الكنيسة مؤسسة شاملة مكلفة بأن تقدم حلولاً لكل المشكلات وأجوبة على كل الأسئلة المتصلة بالدنيا والدين(*)، ولذلك نشطت في عهده في التنصير وإقامة الكنائس في أفريقيا وغيرها. * تقبل زواج الكهنة(*) إذا تزوجوا قبل الدخول في الرتب الكنسية، ولا تسمح بزواج الكهنة بعد وفاة الزوجة الثانية. * تعمل الكنيسة الأرثوذكسية المصرية على عرقلة تطبيق الشريعة الإسلامية(*) أو قصرها على المسلمين فقط، كما تسعى إلى امتلاك ناصية الاقتصاد المصري. * تمنح الكنيسة الجوائز للمتزوجين ومساعدة من يريد الزواج منهم لزيادة نسلهم. الجذور الفكرية والعقائدية: * الكتاب المقدس بالإضافة إلى المجامع المسكونية حتى مجمع كليدونية 451م بالنسبة للكنيسة المصرية، ومجمع القسطنطينية بالنسبة للكنائس الأرثوذكسية الأخرى. * الفلسفة(*) الأفلاطونية الحديثة، والفلسفة الغنوصية(*). * الحضارات القديمة: المصرية، اليونانية، الهندية. الانتشار ومواقع النفوذ: تنتشر الكنائس الأرثوذكسية اليونانية في الدول التالية: تركيا، اليونان، روسيا، ودول البلقان، وجزر البحر الأبيض، والمجر ورومانيا، وتشرف كنيسة أنطاكية على بيت المقدس، كما أن لطور سيناء في مصر كنيسة مستقلة تشرف على دير سانت كاترين ومطرانها هو الأب رئيس الدير. * ينتشر نفوذ الكنيسة المصرية في مصر حيث يبلغ إجمالي نصارى مصر بجميع مذاهبهم وطوائفهم 5.78% من إجمالي السكان حسب الإحصائيات الرسمية بالتعاون مع عشر هيئات محلية وعالمية من بينها الأمم المتحدة ويتبعها نصارى الحبشة والسودان حيث بها أقدم الكنائس التابعة لكنيسة الإسكندرية. وفي العصر الحديث أسست الكنيسة المصرية عدة كنائس(*) تابعة لها في كل من : كينيا، وليبيا، الجزائر، الكويت، العراق، الإمارات، دبي، أبو ظبي، البحرين، بلاد الشام، فلسطين، دير السلطان، الأردن، لبنان، أمريكا الشمالية: كندا، استراليا، وبعض دول أوروبا مثل : النمسا، وفرنسا. * الأرمن : تتفق كنيسة الأرمن مع الكنيسة الأرثوذكسية المصرية في الأفكار والمعتقدات وإن كان لها ترتيب كنسي خاص بها. * اليعقوبية: تتفق مع الكنيسة الأرثوذكسية المصرية في الإيمان بالمذهب(*) المونوفيزيتي في القول بالطبيعة الواحدة للمسيح(*)، ويتواجد معظم أتباعها في العراق، بينما يقيم بطريركهم في حمص بسوريا. يتضح مما سبق: * اختلاف أتباع المذهب(*) الأرثوذكسي فيما بينهم في أصل العقيدة وقانون الإيمان، ولذلك فإن الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية فضلاً عن الكنيسة الغربية الكاثوليكية تحكم بكفر(*) وهرطقة الكنيسة المصرية. * كان للفلسفة(*) الأفلاطونية الحديثة، وللأفكار الغنوصية(*) أثرُها على عقيدة الكنيسة الأرثوذكسية. * كان للتلفيق بين تعاليم النصرانية والعقائد الوثنية(*) في مصر وبلاد الكنيسة الأرثوذكسية بزعم الترغيب في النصرانية أثره البالغ في انحراف عقائد وأفكار الكنيسة. * ظهرت القسوة والاضطهاد بين أبناء الملة(*) الواحدة لمحاولة السيطرة وفرض مذاهبهم بالقوة مثل ما حدث بين أتباع الأرثوذكسية البيزنطية وبين أبناء الكنيسة المصرية من الاضطهاد والتعذيب، وبين أتباع الكنائس الغربية سواء كانت كاثوليكية أو بروتستانتية أو أتباع الأرثوذكسية. بالمقارنة بالمعاملة الحسنة من المسلمين للنصارى، وإظهار سماحة وعدالة الإسلام كيف كان لذلك دافعاً قويًّا للدخول في دين(*) الله تعالى أفواجاً، ويتضح ذلك من مواقف عمرو بن العاص رضي الله عنه، وسائر خلفاء الدولة الإسلامية مع النصارى، ومن مواقف السلطان محمد الفاتح وسلاطين الدولة العثمانية مع رعايا دولتهم من النصارى. * كان لتحكُّم الإمبراطورية البيزنطية في الكنيسة (*) وسياستها أثره البالغ على عدم استقرارها وكثرة انحرافاتها. * تحالف النصارى الأرثوذكس مع الحملات الصليبية في سوريا ولبنان ومصر إبان الحملة الفرنسية والحملة الإنجليزية على مصر والشام، وبرزت شخصيات نصرانية متعصبة، ومتأثرة بالدعاية الغربية التي أخذت تدعو في مصر مثلاً إلى إحياء القومية واللغة القبطية(*). * الأثر البالغ والبعيد المدى لمدارس الأحد في تخريج قيادات الكنيسة المصرية على اختلاف اتجاهاتهم الفكرية. * ظهور التوجه السياسي للكنيسة القبطية ومحاولة التأثير في السياسات الحكومية بما يوافق مصالحهم وخططهم، مستخدمة في ذلك انتشار وزيادة نفوذ الكنيسة في داخل وخارج مصر، مستغلة العلاقات الدولية والتجمعات القبطية في الخارج لتهيئة الرأي العام العالمي ضد المسلمين، لكسب المزيد من التعاطف الدولي لدعم قضاياهم الدينية والسياسية. * اهتمام الكنيسة المصرية بالحملات التنصيرية في داخل وخارج مصر مستخدمة في ذلك وسائل متعددة. أما الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية ومن يتبعها فكانت جهودهم ضعيفة في هذا الجانب نظراً للتحجيم الشيوعي لدور الكنائس في روسيا ودول أوروبا الشرقية. ----------------------------- مراجع للتوسع : - دائرة المعارف الإسلامية، إصدار شركة سفير، القاهرة. -دائرة المعارف – القاموس العام لكل فن ومطلب، المعلم بطرس البستاني، دار المعرفة بيروت. - موسوعة تاريخ الأقباط، زكي شنودة – مطبعة التقدم – القاهرة. - تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، د. سعيد عبد الفتاح عاشور، مكتبة الأنجلو المصرية. -تاريخ أوروبا في العصور الوسطى – الحضارة والنظم، د. سعيد عبد الفتاح عاشور، مكتبة الأنجلو المصرية. - تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، السيد الباز، مكتبة الأنجلو المصرية. - تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، د. نسيم جوزيف يوسف، مكتبة الأنجلو المصرية. - تاريخ الدولة البيزنطية. د. نسيم جوزيف يوسف، مكتبة الأنجلو المصرية. - الدولة العثمانية والبلقان، د. علي حسون، المكتب الإسلامي. - مصر من الإسكندر الأكبر حتى الفتح العربي، مصطفى العبادي، مكتبة وهبة. - المسلمون والأقباط في إطار الوحدة الوطنية، طارق البشري، الهيئة العامة للكتاب، مصر. -الفتنة الطائفية في مصر – جذورها، أسبابها، جمال بدوي، المركز الدولي للصحافة. - الأقباط في السياسة المصرية، مصطفى الفقي، دار الشروق. - قصة الكنيسة القبطية، إيزيس حبيب، المصري، كنيسة مارجرجس. - قذائف الحق، محمد الغزالي، المكتبة العصرية. - خريف الغضب، محمد حسنين هيكل، شركة المطبوعات العصرية. - يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء، د. رؤوف شلبي، مكتبة الاعتصام. - محاضرات النصرانية، محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي. -ما هي النصرانية، محمد تقي الدين العثماني، رابطة العالم الإسلامي. -المسيحية نشأتها وتطورها، شارل جان بيير، ترجمة د. عبد الحليم محمود. -الفروق العقيدية بين المذاهب المسيحية، القس إبراهيم عبد السيد، كنيسة مارجرجس. - الماسونية عقدة المولد، محمود الشاذلي، مكتبة وهبة. - ملف الكنيسة المصرية، محمد مورو، مكتبة المختار الإسلامي. - تاريخ الفكر المسيحي، حنا جرجس الخضيري، دار الثقافة، القاهرة. - من أغمى فتيات مصر، أبو إسلام أحمد عبد الله، بيت الحكمة، القاهرة. الكاثوليك التعريف: أكبر الكنائس(*) النصرانية في العالم، وتدعي أنها أم الكنائس ومعلمتهن، يزعم أن مؤسسها بطرس الرسول، وتتمثل في عدة كنائس تتبع كنيسة روما وتعترف بسيادة بابا(*) روما عليها، وسميت بالكنيسة الغربية أو اللاتينية لامتداد نفوذها إلى الغرب اللاتيني خاصة. التأسيس وأبرز الشخصيات: * يدعي أصحابها بأن القديس بطرس ت62م هو المؤسس الأول لكنيستها على حسب ما أشار إليه القديس سيبريان 248 – 258م مع أن مصادر التاريخ الكنسي تشير إلى أن لكل من بولس وبطرس دوره في وجودها. * أول من استعمل لفظ كاثوليك للدعوة لتأييد الكنيسة مقابل حركات(*) الخروج على مفاهيمها وعقائدها – الهرطقة – أسقُف (*) أنطاكية القديس أغناطيوس الأنطاكي في القرن الثاني الميلادي. * منذ أن أسس قسطنطين مدينة القسطنطينية روما الجديدة وبنى فيها كنيستها أجاصوفيا وجعلها تلي كنيسة روما في المكانة، قام التنافس بين الكنيستين في السيطرة على العالم المسيحي(*)، الذي استمر إلى أن تم الانفصال الإداري بينهما عام 869م بعد مجمع القسطنطينية. وفي خلال تلك الفترة وما يليها وقعت أحداث جسام، وبرز باباوات وقديسون، كان لهم أكبر الأثر في تطور الكنيسة. وفيما يلي أهم تلك الأحداث وأبرز هذه الشخصيات: * تأكيد سيطرة الكنيسة الغربية: - اعترف مجمع سرديكا عام 343 أو 344م بحق استئناف قرارات المجامع الإقليمية إلى أسقف روما، مما زاد من دعاوى روما بأنها الحكم الأعلى للنصرانية. - يرجع الفضل إلى البابا(*) داماسوس الأول 366 – 384م في ترجمة الإنجيل إلى اللاتينية، كما رأس مجمع روما عام 382م للرد على قرارات مجمع القسطنطينية لعام 381م لتأكيد صدارة روما التي تستمد مكانتها من وعد المسيح(*) لبطرس الرسول بقوله: "وأنا أقول لك أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها". - البابا ليو الأول 440 – 461م والملقب بليو العظيم حيث كان له دور بارز في حماية روما والحفاظ عليها بعد سقوطها عام 410م في يد الآريوسيين – أتباع آريوس- ويرجع إليه الفضل في تمييز الكنيسة(*) الغربية بعقيدتها في المسيح من حيث أن له طبيعتين – المذهب الملكاني – بعد تصديه لأصحاب مذهب الطبيعة الواحدة للمسيح – المونوفيزتية – في مجمع كلدونية عام 451م. - أصدر الإمبراطور فالنتيان سنة 455م مرسوماً يقضي بخضوع كل أساقفة(*) وموظفي الإمبراطورية للبابا، مما زاد في نفوذ وثروات الكنيسة، وأقبل الناس على الدخول في الكنيسة بأعداد كبيرة تطلعاً للمكانة والكسب المادي. * كان لاعتناق الإمبراطور كلوفس النصرانية، وتعميده(*) على العقيدة الكاثوليكية عام 496م أكبر الأثر في اعتناق الفرنجة السالين – أحد الطوائف الجرمانية – للمذهب(*) الكاثوليكي. * في 6 أغسطس سنة 525م قرر الإمبراطور ثيودريك تسليم جميع الكنائس الكاثوليكية للآريوسيين، ردًّا على حملة الإمبراطور جستنيان في الدولة البيزنطية ضد الأريوسين. فأنزل الاضطهاد والتعذيب على الكاثوليك، وسجن في هذه الفتنة البابا(*) يوحنا الأول عام 525م. • العصور المظلمة: ويطلقها مؤرخو النصرانية على الفترة من تولِّي البابا جرجوري الأول عام 590م حتى تولي شارلمان الإمبراطورية 800 – 840م حيث شهدت العديد من الصراعات والانشقاقات التي أدت إلى الانهيار السياسي والانحطاط العلمي والثقافي للنصرانية. وإن تميزت بقوة التبشير النصراني، بالإضافة إلى شروق شمس الإسلام من جبال فاران (بمكة المكرمة) عام 610م حتى عمت أشعتها نصف العالم، وأخضعت العديد من الممالك النصرانية في مصر وأفريقيا والأندلس وصقلية ودول الشام وإيران، ومن أبرز شخصيات هذا العصر: - البابا(*) جرجوري الأول 590 – 604م: الذي يلقب بجريجوري العظيم، لاهتمامه البالغ بتطوير الكنيسة(*) وإصلاحها، متأثراً بمبادئ وأصول الأديرة البندكتية التي نشأ فيها. بالإضافة إلى اهتمامه بالنواحي السياسية والإدارية، والدعوة للنصرانية حتى امتد نفوذ الكنيسة في عهده إلى أفريقيا وغاليا – فرنسا- ودخلت أسبانيا وإنجلترا في النصرانية بعد بعثة القديس أوغسطين عام 597م، وقد أصبحت الكنيسة في عهده أشبه بالحكومة المدنية العلمانية، وبذلك استطاع فرض سيادة البابوية على الأساقفة(*) الشرقيين في النواحي القضائية بما فيهم بطريرك(*) القسطنطينية، فحقق بذلك للبابوية قسطاً من السمو لم يسبق إليه مما كان لذلك الأثر البالغ في تذكية الصراع بين البابوية والإمبراطورية. • القرون الوسطى : وتطلق على الفترة مابين 800 – 1521م التي اتسمت بكثرة الحروب الأهلية، والتي دامت طويلاً بين البابوية والإمبراطورية، واتسمت بظهور حركات(*) الخروج على مبادئ الكنيسة فيما وسَمَتها الكنيسة بالهرطقة، ولذلك توسعت في استخدام محاكم التفتيش ضد هذه الحركات، وضد الأصوات المنادية بالإصلاح الكنسي. وفي تلك الفترة أيضاً كانت بداية الحروب الصليبية، بالإضافة إلى فتح المسلمين للقسطنطينية عام 1453م ويمكن تقسيم أهم أحداث الكنيسة(*) الكاثوليكية خلالها إلى: - العهد فيما بين شارلمان وجريجوري السابع 800 – 1073م: وفيه ازدهرت البابوية، حيث اعتبر شارلمان المتوَّج من البابا ليو الثالث 800م نفسه حامياً للبابوية، وأنه رأس الكنيسة والدولة معاً، فأصبح يعين الأساقفة(*) ويتولى رئاسة المجامع الرئيسية التي يدعو إليها، بالإضافة إلى تشريعه للقوانين اللازمة للكنيسة – القانون الكنسي(*) – كما اهتم بإصلاح المدارس الدينية، ورفع مستوى رجال الدين الثقافي؛ فظهرت لذلك نهضة علمية واسعة في عصره، إلا أن الصراع مع البابوية تجدد مرة أخرى لرغبة البابا ليو الثالث في التخلص من سيطرة الإمبراطور، لكنه لم يفلح في ذلك. - الشقاق العظيم: والمراد به الاختلاف الكبير الذي أدى إلى الانفصال النهائي للكنيسة الشرقية والأرثوذكسية عن الكنيسة الغربية الكاثوليكية، بعد محاولة البابا ليو التاسع 1054م فرض عقائد وأفكار الكنيسة الغربية على الشرق، التي رفضها بطريرك(*) القسطنطينية ميخائيل كيرولاريوس الأمر الذي فجَّر ما بينهما من الخلافات القديمة حول انبثاق روح القدس(*). - العهد فيما بين البابا(*) جريجوري السابع والبابا بويفيس 1073- 1294م: كان للبابوية في هذه الفترة دورها الكبير في تقرير تاريخ أوروبا كما كان لها في السابق، وذلك بعد سلسلة من الصراعات بين البابوية والإمبراطورية التي عقد من أجلها اللاتران الأول عام 1112م والثاني عام 1139م الذي أعلن فيه البابا أنوسنت الثاني 1130-1143م أن البابا له السيادة العليا على جميع الحكام العلمانيين. وما انتهى هذا الصراع في هذه المرحلة إلا بعد توقيع الصلح بين البابوية والإمبراطور فردريك 1177م. ومن أهم أحداث هذه الفترة انطلاق الحملات الصليبية التي دعا إليها البابا جريجوري السابع عام 1074م. وقد أعلن عن بداية هذه الحملات البابا أوربان الثاني في مجمع كليرمونت عام 1095م، ولم يكتب هذه الحملات النصر إلا في الحملة الأولى ثم انكسرت شوكتهم بعد ذلك. كما شهدت تلك الفترة ظهور حركات(*) الهرطقة ضد الكنيسة(*)، ومنها حركة المارسونية(*) التي تُمثل أكبر بدعة(*) ناهضت الكنيسة في تلك الفترة، بالإضافة إلى سقوط القسطنطينية على يد الحملة الصليبية الرابعة 1453م بالإضافة إلى تقنين القانون الكنسي(*). - العهد بين البابا بونيفيس الثامن إلى عهد الإصلاح 1294 – 1517م: وهذه الحقبة التاريخية تمثل أخر فترات القرون الوسطى في أوروبا، وفيها اشتد الصراع بين البابوية والإمبراطورية التي عملت على تفتيت قوة ونفوذ البابوية إلى أن تم إضعافها تحت ضربات حركات الإصلاح المتتالية، وتأسيس كنيسة(*) البروتستانت – المعترضين. ومن أهم الأحداث الكنيسية في تلك الفترة: فشل حركات الإصلاح الكنسي لتواطؤ البابا مارتن الخامس والبابا أبو جينوس الخامس 1417 – 1447م على إجهاض حركات الإصلاح تحقيقاً لأطماعهم الشخصية. كما شهدت تأسيس عدد من الجمعيات(*) الرئيسية لمساعدة الكنيسة ضد حركات الخروج عليها، وإمدادها بأتباع مخلصين مثل: اليسوعيين عام 1534م. والإخوان الفرنسيسكان والإخوان الدومينكان. * مجمع ترنت 1542 – 1563م: الذي عقد على أثر ثورات الإصلاح التي علا صوتها بعد إعدام حناهس التي من أبرزها ثورة(*) مارتن لوثر التي ساندتها الحكومة والشعب الألماني. وفي الوقت نفسه كان في سويسرا ثورة أخرى بقيادة الرخ زونجلي، ليعارض الكنيسة(*) ويؤيد دعوة لوثر، فعُقِد مجمع ترنت ليقرر عدم قبول آراء الثائرين، ويقضي بمحاكمة لوثر أمام محكمة التفتيش، ثم ليصدر البابا(*) ليو العاشر قراراً بحرمانه من الحقوق المدنية والرئيسية والقانونية، ليظهر بعد ذلك معارض ثالث في فرنسا: جون كلفن 1509-1564م الذي هرب إلى سويسرا لينشر مبادئ مارتن لوثر ويجمع حولها الأنصار، وتؤيده في ذلك بعض الدول؛ ليتقلص نفوذ الكنيسة(*) الغربية – الكاثوليكية- وتنفصل عنها كنيسة جديدة – البروتستانتية – لتزيد من الفرقة والشقاق في العالم النصراني(*)، ولتشتعل الحروب الطاحنة بين الكنيستين لعدة سنوات التي ذهب ضحيتها خلق كثير، حتى أمكن التوصل إلى صلح – صلح أوجزبرج – سنة 1555م على أساس إقرار مبدأ إسيبير الأول سنة 1526م القائل: بأن لكل أمير الحق في اختيار المذهب(*) الذي يريد سريانه في إمارته. وهكذا غربت شمس الكنيسة الكاثوليكية، وتقلَّص سلطانها؛ إذ أصبح بمقدور كل دولة الخروج على سلطة البابا(*). * مجمع روما 1769م: في هذا الجو العاصف بالحركات الثائرة على الكنيسة عُقد هذا المجمع ليحدث مزيداً من الانشقاق داخل الكنيسة بسبب تقريره عصمة البابا، لتظهر جماع من المخالفين للقرار، سموا أنفسهم بالكاثوليك القدماء. * موقف الكنيسة من العلم والعلماء: ما إن ظهرت في أوروبا بوادر النهضة العلمية المتأثرة بحضارة المسلمين في الأندلس بعد ترجمة العلوم الإسلامية واليونانية إلى اللاتينية، وبرز عدد من العلماء الذين بينوا بطلان آراء الكنيسة(*) العلمية وبخاصة في الجغرافيا والفلك، حتى تصدت لهم الكنيسة استناداً على ما ورد في الإصحاح الخامس من إنجيل يوحنا: "إن كان أحد لا يثبت في يطرح خارجاً كالغصن فيجف، ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق". ولذلك استخدمت ضدهم الرقابة على الكتب والمطبوعات لئلا يذيعوا آراءً مخالفةً للعقيدة الكاثوليكية، وتوسعوا في تشكيل محاكم التفتيش ضدهم، وقد حكمت تلك المحاكم في الفترة من 1481-1499م على تسعين ألفاً وثلاثة وعشرين شخصاً بأحكام مختلفة، كما أصدرت قرارات تحرِّم قراءة كتب جاليليو وجيوردا نويرنو، وكوبرنيكوس، ونيوتن لقوله بقانون الجاذبية الأرضية، وتأمر بحرق كتبهم. وقد أحرق بالفعل الكاردينال(*) إكيمنيس في غرناطة ثمانية آلاف كتاب مخطوط لمخالفتها آراء الكنيسة(*). • الكنيسة في عصر النهضة: - في النصف الثاني من القرن السابع عشر، ازداد غضب الناس والعلماء والفلاسفة من سوء سلوك رجال الكنيسة(*)، ومن الرقابة التي فرضوها على المطبوعات، وتوسُّعهم في استخدام محاكم التفتيش، ومبالغتهم في القسوة والتعذيب ضد المخالفين والعلماء، مما أثار الفلاسفة من أمثال ديكارت وفولتير، الذين وجّهوا سهام النقد إلى الكنيسة وآرائها، ودعوا إلى إعلاء العقل(*) مقابل النصوص الرئيسية، بفرض أن العقل يستطيع إدراك الحقائق العلمية، والخير والشر. - في عام 1790م أصدرت الجمعية الوطنية الفرنسية قرارات قاصمة لظهر الكنيسة حيث ألغت العشور الكنسية، وصادرت أموالها، وأجبرت رجال الكنيسة على الخضوع للدستور المدني، وأخذت تعين رجال الكنيسة بدلاً من البابا(*)، بالإضافة إلى إغلاق المدارس التابعة للكنيسة، وتسريح الرهبان(*) والراهبات. - في سبيل حفاظ البابا جريجوري السادس عشر على مكانته بعد هذه القرارات أصدر البابا عدة منشورات يدين فيها حركة(*) الحرية(*) السياسية، والحرية الاقتصادية، على أنها تحمل مضامين تخالف الدين(*) المسيحي. - جاء القانون الذي أقرَّته الحكومة الفرنسية 1905م بفصل الدين(*) عن الدولة على أساس التفريق بينهما وإعلان حياد الدولة تجاه الدين، كقاصمة أخرى شجعت المعارضين للكنيسة على نقد نصوص الكتاب المقدس والكنيسة بحرية، كما أجبر هذا القانون رجال الكنيسة على أن يقسموا يمين الولاء والطاعة للشعب والملك والدستور المدني الجديد. وقد امتدت هذه القرارات حتى شملت دول أوروبا، لينتهي بذلك دور الكنيسة(*) في محاولة السيطرة على السياسة، ولتنزوي داخل الجدران، لتمارس الوعظ والترانيم على الأنغام الموسيقية. • الكنيسة والماسونية: - تنبه رجال الكنيسة إلى شرور الحركات(*) السرية بعد أن رأوا أن معظم رجال تلك الحركات أعضاء في الجمعيات والأندية الماسونية، ويعتبر البابا(*) تليمنوس الثاني عشر أول من تصدى لهم وكشف زيفهم في مؤتمر 28/4/1738م ثم تبعه البابا بندكتوس الرابع عشر، والبابا بيوس السابع، والبابا أوربان الذي أصدر قراراً بالبراءة من الماسونية. - كان موقف البابا بيوس العاشر من أقوى تلك المواقف في التصدي للماسونية في العصر الحاضر وذلك بعد رفضه محاولة مؤسس الصهيونية تيودر هرتزل عام 1903م في كسب موافقة الفاتيكان(*) للاستيطان في فلسطين، كما رفض مبدأ قيام دولة لليهود في فلسطين، والاستيلاء على القدس، إلا أن اليهود استطاعوا بعد تغلغلهم في النصرانية تنصيب أحد عملائهم البابا بولس السادس الذي ما إن جلس على كرسي البابوية حتى غيَّر موقف الفاتيكان من الماسونية واليهود، حيث أعطى في ديسمبر 1965م الحق للكهنة(*) في إلغاء الحرمان عن الكاثوليك الذين انضموا إلى الماسونية. بل عقد مجمعاً في الفاتيكان ليعلن براءة اليهود من دم المسيح(*)، ضارباً بنصوص الكتاب المقدس وقرارات المجامع والباباوات السابقين له عرض الحائط متابعاً لرأي الكاردينال(*) بيا اليهودي الأصل. وقد عارضه في ذلك الكاردينال الكاثوليكي الفرنسي مارسيل ليفيفر بقوله: "لقد زج المجمع المسكوني الكنيسة(*) للثورة(*). ومن هذا الزواج السفاح لا يجيء غير أبناء الزنا..". وفي أثناء زيارة البابا بولس السادس للقدس عام 1964م أعلن اعترافه بدولة اليهود في فلسطين المحتلة. • الكنيسة في خدمة الاستعمار الغربي: - مع إقرار الكنيسة بفصل الدين(*) عن السياسة داخل أوروبا، فإن مجلس الكنائس العالمي يقرر في مؤتمر سالونيك باليونان عام 1956م: "أن السياسة هي المجال الذي يتحتم على الكنيسة في دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية أن تعمل فيه، وأن على الكنائس أن تراقب خطط التنمية في تلك الدول لتميز بين ما يتفق مع إرادة الله – الزراعة والفلاحة فقط – وبين عمل الشيطان – الصناعة والتقدم العلمي – لتعلن للقوم أين يقف الله، ومن أين يطل الشيطان"، ويقرر في مؤتمر نيودلهي عام 1961م: "إن على الكنيسة أن تكون متأهبة للصراع مع الدولة في أي وضع وتحت أي نظام سياسي" وما ذلك إلا لتسخير تلك الشعوب ومقدراتها، وضمان تبعيتها باستمرار للمستعمر الغربي؛ حيث تشيع بينهم أن التقدم الاقتصادي وارتفاع مستوى المعيشة سيأتي دائماً معه بكثرة الخطايا والشرور. • بعث الأمة الكاثوليكية: البابا(*) الحالي للفاتيكان(*) يوحنا بولس الثاني (1978-…) الكاردينال(*) كارول البولندي الأصل الذي يتميز عن غيره بأنه رجل تنظيم وسياسة. ولذا فإنه يتبنى فكرة بعث الأمة الكاثوليكية من خلال إيجاد حكومة عالمية أو إمبراطورية مقدسة، التي لا تكون إلا من خلال تحقيق وحدة القارة المسيحية(*) الأوروبية وبناء أوروبا جديدة على القواعد النصرانية، مما لابد فيه من حدوث صراع سياسي ومالي وربما عسكري، وأن مهمة الفاتيكان فيه هو تهيئة الأجواء لكسب هذا الصراع الحتمي مع التجمعات الأيدلوجية(*) الأخرى. والبابا متأثر في ذلك بأفكار حركة(*) المنشأة الإلهية (Opos Dei) والقاضية بأنه بالحكم والمال وحدهما تتحقق الآمال، ويحدث التغيير. كما يراهن البابا يوحنا بولس الثاني على أن قارة أفريقيا ستصبح قارة نصرانية عام 2000م وفي سبيل ذلك فإنه يقوم بما يزيد على أربع رحلات سنويًّا، ويحاول التقارب وإيجاد أرضية عمل مشترك مع الطوائف النصرانية الأخرى رغم ما بينهم من خلافات جذرية. - أعلنت لجنة الفاتيكان(*) للعلاقات مع اليهود براءة جديدة لليهود من دم المسيح(*) في 24 يونيو 1985م ونشرتها مجلة أوبسير فاتوري رومانو لسان حال الفاتيكان في عددها الصادر بتاريخ 25 يونيو 1985م، وذلك بناءً على توجيهات البابا(*) يوحنا بولس الثاني. كما دعت تلك الوثيقة إلى عدم اعتبار اليهود شعباً منبوذاً أو معادياً للمسيح. على أن المسيح نفسه كان يهوديًّا وسيظل يهوديًّا، ولذلك فهي تؤكد أيضاً أن أرض فلسطين المحتلة هي أرض أجداد اليهود، كما تدعو إلى ترك المفهوم التقليدي للشعب المعاقب كما في نظر النصرانية لأنه يبقى في النهاية الشعب المختار. الأفكار والمعتقدات : * الألوهية: تؤمن الكنيسة(*) الكاثوليكية مثل باقي الكنائس الأخرى بإله(*) واحد مثلث الأقانيم(*): الأب(*)، الابن (*)، الروح القدس(*)، على حسب ما ورد في قانون الإيمان النيقاوي لعام 325م كما تؤمن بأن للمسيح(*) طبيعتين بعد الاتحاد: إحداهما لاهوتية، والأخرى ناسوتية. * يؤمن الكاثوليك بما أقر في مجمع القسطنطينية الرابع عام 869م من أن الروح القدس منبثق من الأب والابن معاً. * الأقانيم(*): يعتقد الكاثوليك أن أقنوم الابن أقل من أقنوم الأب في الدرجة، وأن الأقانيم ما هي إلا مراحل انقلب فيها الله إلى الإنسان، ولذا فهي ذوات متميزة يساوي فيها المسيح(*) الأب حسب لاهوته(*) وهو دونه حسب ناسوته(*)، كما ينص على ذلك قانون الإيمان الأثناسيوسي. * التجسد والفداء: الإيمان بتجسُّد الله- تعالى عن قولهم – في السيد المسيح من أجل خلاص البشرية من إثم خطيئة آدم وذريته من بعده، فيعتقدون أنه وُلد من مريم وصلب ومات فداءً لخطاياهم، ثم قام بعد ثلاثة أيام ليجلس على يمين الرب ليحاسب الخلائق يوم الحشر. * السيدة مريم والأيقونات: يقدسون السيدة مريم والقديسين والقديسات، والأيقونات المجسمة والمصورة مع الإشادة بالمعجزات. * الإلهام: تؤمن الكنيسة الكاثوليكية بالإلهام كأحد مصادر المعرفة والوحي(*) المستمرة. * الصليب: يقدسون الصليب ويتخذونه شعاراً. * الكتاب المقدس: تؤمن الكنيسة الكاثوليكية بنصوص الكتاب المقدس وبما يتضمنه من التوراة(*) وأسفار الأنبياء وبالعهد الجديد(*) ورسائل الرسل(*) على ما أقر في مجمع نيقية الأول. * أسرار الكنيسة(*): يؤمن الكاثوليك بممارسة سر الاعتراف مرة واحدة في السنة، وكذلك سر التناول في عيد الفصح، كما يستعملون الفطير في العشاء الرباني(*) بدلاً من الخبز المختمر، والمعمودية(*) لا تتم إلا بالرش لا بالتغطيس ثلاثاً وتكون من الكاهن(*) أو بالصبغة بدم الشهيد في سبيل الإيمان فقط، والمسح بالميرون المقدس يجوز تأخيره عن التعميد(*) للقاصر حتى يبلغ سن الرشد، ولا يمسح بالزيت المقدس إلا لمن شارف على الموت، ويحرم الطلاق في جميع الأحوال حتى في حالات الزنا، وقد انفردت الكنيسة الكاثوليكية بسر ثامن عن الكنائس الأخرى ألا وهو عصمة البابا(*) عن ارتكاب المعاصي والآثام. * الحياة الأخرى: يعتقد الكاثوليك أنه يوجد بعد الموت مكان ثالث يسمى المطهر تُعتقل فيه النفوس التي لم تصل إلى درجة النقاوة الكاملة، وتظل تُعذَّب حتى تطهر بما بقي عليها من الدين للعدل الإلهي، وعندئذ يسمح لها بدخول الملكوت. * خلق أفعال العباد: وأن كل ما خلقه الله تعالى حسن وإنما الشر من خلق العباد. * تبيح أكل الدم والمنخنقة على خلاف قرارات مجمع الرسل الأول في أورشليم 51-55م ويجوز للرهبان(*) أكل دهن الخنزير، ولبس الأساقفة(*) الخواتم في أصابعهم، كما يجوز للكهنة(*) حلق لحاهم على عكس الأرثوذكس. * القداس: القداس محور العبادة والحياة الروحية على أنه يقام يومياً. * الصلاة والصيام: الصلاة الفردية أساسية في الدين(*) على أن للصلاة طرقاً عديدة، وينبغي أن تقترن بشيء من التقشُّف، والصيام المفروض هو الصوم الكبير السابق لعيد الفصح، وجعل صوم الجمعة والسبت فقط عبارة عن الانقطاع عن أكل اللحوم. كما فرض أيضاً صوم الأزمنة الأربعة فيما يعرف بصوم البارامون (أي الاستعداد للاحتفالات) وهي السابقة لأعياد الميلاد، والعنصرة وانتقال العذراء وجميع القديسين. ويوجد خلاف بين الكنيسة(*) اللاتينية وطوائف الكنيسة الكاثوليكية الشرقية في قواعد الصوم. * الطقوس : تتميز باستعمال اللغة اللاتينية، والبخور، والصور، والتقويم الخاص بها. - للكنيسة الكاثوليكية عدة طقوس إلى جانب الطقوس الرومانية، هناك من يستعمل الطقوس الشرقية مثل الروم الكاثوليك، جنوب إيطاليا، والموارنة والسريان الذين يتبعون الطقس الأنطاكي، وهناك كاثوليك أقباط وأحباش يستمسكون بالطقس القبطي. * التنظيم الكهنوتي "الإكليروس": يدير البابا(*) الكنيسة(*) بواسطة كرادلة(*) في روما ومطارنة(*) في جميع أنحاء العالم. تنقسم الكنيسة عند الكاثوليك إلى أبروشيات(*) على رأس كل أبروشية مطران يعينه البابا، وفي كل أبروشية عدة كنائس يديرها كهنة رعاة لخدمة أبناء الكنيسة. - البابا: كما تعتقد أن السيد المسيح(*) أقام بطرس نائباً على الأرض ورئيساً على الرسل ورأساً للكنيسة، وعلى ذلك فالبابا في روما هو خليفة بطرس ورأس الكنيسة من بعده، ومرشدها الأعلى لجميع الكاثوليك في العالم. ونظراً لاعتقادهم بعصمة البابا فإن المغفرة حق من حقوق الكنيسة تعطيها لمن تشاء. - الجماعات الدينية المكونة من الرهبان(*) والراهبات تخضع لبابا روما عن طريق رؤسائها الموجودين في روما. - يدرس الكهنة(*) قبل اضطلاعهم بمهمتهم العلوم الدينية خمس أو ست سنوات ويدربون في معاهد دينية خاصة، ولا يتزوج رجال الدين إلا القليل منهم. الجذور الفكرية والعقدية: * نصوص الكتاب المقدس، بالإضافة إلى المجامع المسكونية والإقليمية أو المحلية التي أيدت عقيدة الكنيسة. * الديانات الوثنية(*):المجوسية(*)، البوذية، الرومانية، المصرية القديمة. * الفلسفة(*)الأفلاطونية الحديثة، الفلسفة الغنوصية(*). الانتشار ومواقع النفوذ: * تنتشر في أوروبا: إيطاليا، فرنسا، لتوانيا، بولندا، سلوفاكيا، المجر، كرواتيا، بلجيكا، أسبانيا، البرتغال، أيرلندا، كندا الفرنسية، أمريكا اللاتينية، الفلبين، وجنوب شرق آسيا. وهناك أقليات في الولايات المتحدة الأمريكية، وهولندا، وألمانيا، وبعض دول أفريقيا. يتضح مما سبق: * أن المتأمل في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية لَيجِد أنه كان لها دور كبير في أحداث تاريخ أوروبا بمختلف مراحله. * كان للصراع مع الحكام والملوك أثره في ظهور عقائد جديدة في الكنيسة لم تكن من قبل مثل: سمو مكانة البابوية والكنيسة الغربية، وعصمة البابا(*) عن ارتكاب الآثام والمعاصي بزعم أن روح القدس(*) ينطق من فِيِه – على ما أقر في مجمع روما عام 1769م السر الثامن(1). • ونظراً لإتباع الهوى وترك التشريع للرجال والمجامع ظهر التضارب في آراء الكنيسة(*) والانقسام في صفوفها، فما يُقر في مجمع يُنقض في آخر، وفي كلتا الحالتين يأخذ صفة الحكم الإلهي، ففي فترات سيطرة رجال الكنيسة على مقاليد الحكم تستند إلى أقوال القديس أغسطس القاضية بأن تخضع سلطة الدولة لسلطة الكنيسة التي تمثل مدينة الله. وفي فترات الاضطهاد تظهر دعاوى فصل الدين(*) عن الدولة مثلما جاء في رسالة هوزيوس أسقف(*) قرطبة للإمبراطور قسطنطيوس عام 355م: "أما من جهتك فينبغي ألا تجر على نفسك جريمة ارتكاب ذنب خطير، بأن تسعى لأن تتولى حكومة الكنيسة، فلتُعطِ ما لقيصر لقيصر، ولتجعل لله ما لله، فلا يجوز لنا أن نباشر سلطة دنيوية وليس لك أيها الإمبراطور الحق في أن تحرق البخور". وهذا ما اعتقدته حركة(*) الإصلاح الكلوانية أنه سبيل لإصلاح الكنيسة. • انتشرت داخل الكنيسة كافة مظاهر الانحراف والفساد مثل السيمونية(*)، ومخالفة القانون الكنسي(*)، رغم دعاوى الرهبنة(*) والعزوبة وحياة الزهد والتقشف التي فرضها القانون الكنسي، ولم تستثن أحداً بدءً من البابا (*) حتى أصغر كاهن(*) وراهب. تقول القديسة كاترين السينائية في القرن الرابع عشر الميلادي: "إنك أينما وليت وجهك سواء نحو القساوسة(*) أو الأساقفة(*) أو… لم تر إلا شرًّا ورذيلة، تزكم أنفك رائحة الخطايا الآدمية البشعة، اتخذوا بطونهم إلهاً لهم، يأكلون ويشربون في الولائم الصاخبة، حيث يتمرغون في الأقذار، ويقضون حياتهم في الفسق والفجور". - كان للرهبانية أثرها البالغ على الأخلاق(*) الأوربية، فانعدمت أخلاق الفتوة والمروءة التي أصبحت من المعايب والرذائل، كما هجر الناس البشاشة والسماحة والشجاعة. ومن أهم نتائجها أن تزلزلت دعائم حياة الأسرة، فكثيراً ما أصبحت الأمهات ثكلى، والأزواج أيامى، والأولاد يتامى، بعد خطفهم من الرهبان، فأصبحوا يتكفَّفون الناس ويتوجهون إلى الصحراء، همهم الوحيد أن ينقذوا أنفسهم في الآخرة. وكان الرهبان يفرون من ظل النساء ويتأثمون من قربهن، يعتقدون أن مصادفتهن في الطريق العام والتحدث إليهن ولو كن أمهات أو زوجات أو شقيقات تحبط أعمالهم وجهودهم الروحية. * رغم الجوانب والآثار السلبية للحروب الصليبية وما تميزت به من قسوة ضد المخالفين سواء كانوا من نصارى أو مسلمين، إلا أنها كانت سبباً في انتقال المعارف الإسلامية إلى أوروبا. تقول الكاتبة الألمانية هونكة في شمس العرب تسطع على الغرب: "وكان للحروب الصليبية دور هام في تطور نظام الحصون وطرق الدفاع، أي في أوروبا"، وتقول: "اختلط ملوك أوروبا وأمراؤها بملوك الشرق وأمراء المسلمين في أثناء الحرب الصليبية، ورأوا بأعينهم أدباء العرب وشعراءهم ومؤرخيهم، لاسيما من كان منهم بمعية صلاح الدين الأيوبي". وتقول: "وفي مراكز العلم الأوروبية لم يكن هناك عالم واحد من بين العلماء إلا ومد يديه إلى الكنوز العربية". ومع ذلك لا تزال الصليبية على عهدها الأول يمنعها عن قبول الحق حواجز التقليد(*) للآباء والأجداد والعقائد المتوارثة حتى لو شهدت الأدلة الساطعة على بطلانها. وقد نص القرآن الكريم على أمثالهم بقوله تعالى: {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون}. * لم تقتصر محاكم التفتيش على المخالفين للكنيسة(*) من النصارى فقط ولكنها طالت المسلمين أيضاً، ففي القرن الخامس عشر والسادس عشر بعد سقوط الأندلس ذبحوا وأحرقوا ما يزيد على 31 ألفاً من المسلمين ولم يتركوا مسلماً على قيد الحياة أو غير منفي. وبعد استقلال اليونان عن الدولة العثمانية أباد النصارى شعب موريا المسلم عن أخره، بل ودمروا المساجد، وما فعله الأسقف(*) مكاريوس بمسلمي قبرص، والمتعصب جوليوس نيريري بمسلمي زنجبار منا ببعيد. * تنتقد دائرة المعارف البريطانية دعوى الإلهام التي ما زالت تؤمن بها الكنيسة الكاثوليكية على أنها أحد مصادر المعرفة والوحي(*) بقولها في المجلد الحادي عشر: "إن كل قول متدرج في الكتب المقدسة ليس إلهاميًّا" وهو ما أيده جيروم وكرتيس وبمركوبيس وغيرهم من علماء النصرانية في القرن الثاني الميلادي حيث قالوا: "إن الذين يقولون إن كل مندرج في الأناجيل(*) إلهامي لا يقدرون على إثبات صحة دعواهم". وهو ما أكدته دائرة المعارف الفرنسية في المجلد السابع من أن: "هؤلاء الحواريين أصحاب المسيح(*) ما كان يرى بعضهم بعضاً صاحب وحي كما يظهر في مباحثاتهم في محفل أورشليم". * وكما جنت الكنيسة(*) على الديانة(*) النصرانية بإدخال العقائد الوثنية، علاوة على التبديل والتحريف(*) الذي لحق بالنصرانية وكتابها، جنت أيضاً عليها وعلى الإنسانية بمحاربتها للعلم والعلماء باسم الدين(*). وظهور الفساد داخل الكنيسة، مما دفع الأفكار الإلحادية(*) المناوئة للدين إلى الظهور تحت ستار المناداة بحرية(*) الفكر، وحرية اختيار المذاهب(*) الاعتقادية ولو كانت إلحادية، وبالتالي ظهرت الدعوات إلى الإلحاد والعلمانية بمذاهبها المختلفة. يقول فولتير في كتابه مقبرة التعصب: "ينبغي أن يخضع القسس(*) للحكومة لأنهم أفراد من الرعية التابعة للدولة". ونتيجة لحرية الفكر والقضاء على رقابة الكنيسة تم بعث التراث الفلسفي اليوناني، سواء المترجم بالعربية أو اليونانية، وظهرت المذاهب المادية(*) الإلحادية والفلاسفة الماديين أمثال برتراندراسل، هيجل، وأنجلز، وكثرت مؤلفاتهم التي تدعو إلى القضاء على الدين(*). يقول ديدرو هلباخ، ورينال في الأنكلوبيديا: "إن الشرائع والأديان هي العوائق التي تحول دون حصول الإنسان على السعادة، فيجب عليه محوها ليرجع إلى الطبيعة" (تاريخ التمدن الحديث، شارل أسنيوبوس، ص47). * إن النصرانية التي يتبناها الفاتيكان(*) اليوم هي النصرانية السياسية التي تريد ربط دول آسيا وأفريقيا بعجلة الغرب عن طريق نشر النصرانية بينهم، وخلق جملة من الأفكار النصرانية التي تقف أمام الإسلام والمسلمين في جميع الميادين. وفي سبيل ذلك تقاربت طوائف النصرانية واليهودية للحد من مارد الإسلام الذي بدأ يصحو من جديد. - يقول رازينجر منظر السياسة في الفاتيكان: "من يبحث عن حل خارج الكنيسة في عصرنا الحدث ليس إلا واحد من اثنين: - العودة إلى عصر ما قبل المسيح(*) – أرسطو وأمثاله. - التعلق بثقافة غير أوروبية من جهة وبالإسلام من جهة أخرى. - وبما أن الاحتمال الأول ليس له إمكانية الحياة، فيبقى الاحتمال الثاني – الإسلام – فعلينا أن نحذر الإسلام أكثر بكثير مما مضى، فهو اليوم يعود من أعماق التاريخ ليقدم بديلاً عن نظامنا المشبع بالنصرانية". ويقول في أهمية وجود أندية لملء الفراغ الأيدلوجي(*) لسقوط الشيوعية: "إن حدوث الفراغ الأيدلوجي في الثقافة العالمية بما يعني الانفتاح على الثقافات الأخرى بما فيها من مثل وقيم ومبادئ، وإن البقاء على التقليدية الكنسية السابقة، وما لقيصر لقيصر، ولا دين(*) في السياسة ولا سياسة في الدين، سيترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها لدخول الإسلام". ولذلك عملت الكنيسة(*) على تجنيد السياسة والإعلام الأوروبي، وتوجيه عموم الشعب، نحو خصم جديد – الإسلام – ويتضح ذلك من ردود فعل رجال السياسة الأوروبيين وتصريحاتهم حول رواية سلمان رشدي وغيره، ومن الحملات الإعلامية حول الأصولية والإرهاب. مراجع للتوسع - دائرة المعارف البريطانية. - دائرة المعارف، قاموس عام لكل فن ومطلب، المعلم بطرس البستاني، دار المعرفة، بيروت. - الموسوعة العربية الميسرة، بإشراف محمد شفيق غربال، الشعب ومؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر. - الموسوعة الثقافية، مديرة التحرير/ فايزة حكيم رزق الله – دار الشعب – مصر. - تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، د. سعيد عبد الفتاح عاشور، مكتبة الأنجلو المصرية. - تاريخ أوروبا في العصور الوسطى- الحضارة والنظم، د. سعيد عبد الفتاح عاشور، مكتبة الأنجلو المصرية. - تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، السيد الباز، مكتبة الأنجلو المصرية. - تاريخ أوروبا الحديث من عصر النهضة إلى مؤتمر فينا، د. عبد الحميد البطريق. - تاريخ أوروبا في العصر الحديث، هـ.أ.ل. فيشر. ترجمة أحمد نجيب هاشم، دار المعارف مصر، د. عبد العزيز سليمان نوار، دار النهضة العربية، د. عبد المجيد نعنعي، مكتبة الأنجلو المصرية. - التاريخ المعاصر-أوروبا من الثورة الفرنسية إلى الحرب العالمية الثانية، الحركة الصليبية، د. سعيد عبد الفتاح عاشور. - الثورة الفرنسية، د. حسن جلال، لجنة التأليف والنشر. - العلمانية، د. سفر بن عبد الرحمن الحوالي، دار طيبة. - سقوط العلمانية، أنور الجندي، دار الكتاب اللبناني. - تهافُت العلمانية، د. عماد الدين خليل، دار الرسالة. - قصة الاضطهاد الديني في المسيحية والإسلام، توفيق الطويل، دار الفكر، القاهرة. - قصة النزاع بين الدين والفلسفة، توفيق الطويل، مكتبة مصر، القاهرة. - لوثر والإصلاح الديني، م. هـ مواري، ترجمة مرقص فهمي فرح (المجلد السادس – تاريخ العالم) مكتبة النهضة. - قصة الحضارة، ول ديورانت، ترجمة زكي نجيب محمود، لجنة التأليف والترجمة والنشر، مصر. - شمس العرب تسطع على الغرب، زيغريد هونكه، ترجمة فاروق بيضون، د. كمال دسوقي. - موقف الإسلام والكنيسة من العلم، عبد الله سليمان المشوخي، رسالة ماجستير، مخطوط المكتبة التجاري للطباعة والتوزيع. - ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، أبو الحسن علي الحسني الندوي، مطبعة التقدم. - ما هي النصرانية، محمد تقي الدين العثماني، رابطة العالم الإسلامي. - يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء، د. رؤوف شلبي، دار الاعتصام. - المسيحية، أحمد شلبي، مكتبة النهضة العربية. - تطور المسيحية، شارل جنيبيير، ترجمة د. عبد الحليم محمود، دار المعارف، مصر. - الميزان في مقارنة الأديان – حقائق ووثائق، مستشار محمد عزت طنطاوي، دار العلم، دمشق. - الكتاب المقدس يتكلم، عبد الرحمن دمشقية، مخطوط. - مجلة الأمة القطرية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، ذو الحجة 1405هـ – يونيو 1985م. ---------------------------- (1) ويبدو أن هذا السر لم يعد قاصراً على البابا وحده وإنما تعداه أيضاً إلى البطاركة، فزعموا لأنفسهم العصمة بفعل روح القدس، ولكن يأبى الله إلا أن يفضح سوء أعمالهم ويكشف خبث طويتهم بما انكشف وينكشف يوميًّا من مخازي وفضائح كبار الأساقفة والقساوسة الخلقية والجنسية يقول تعالى: {بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين}. البروتستانت التعريف: فرقة من النصرانية احتجوا على الكنيسة(*) الغربية باسم الإنجيل(*) والعقل(*)، وتسمى كنيستهم بالبروتستانتية حيث يعترضون (Protest) على كل أمر يخالف الكتاب وخلاص أنفسهم، وتسمى بالإنجيلية أيضاً حيث يتبعون الإنجيل دون سواه، ويعتقدون أن لكل قادر الحق في فهمه، فالكل متساوون ومسؤولون أمامه. التأسيس وأبرز الشخصيات: الكنيسة البروتستانتية حركة(*) إصلاحية بدأت في الكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عشر متأثرة بدعوات الإصلاح السابقة لها، ومن ثَمَّ تحولت من حركة إصلاحية داخل الكنيسة إلى حركة عقائدية مستقلة ومناهضة لها، ومن أبرز المؤسسين: * مارتن لوثر: ولد لوثر سنة 1483م في ألمانيا، وعاش في بيئة نصرانية تشيع فيها الخرافات والمعتقدات الزائفة. - وفي عام 1405م نال شهادة أستاذ في العلوم من جامعة إيرمورت ولكنه لم يُتم دراسته القانونية وتحول بعدها إلي الدراسات اللاهوتية، فدخل إلى دير الرهبان (*) الأوغسطنين. ـ في عام 1507م عُين قسيساً(*) لرعاية كنيسة كنتبرج بألمانيا. - في عام 1510م دفعته نزعته الدينية وإخلاصه للكنيسة(*) ورجالها إلي أن يحج إلي روما ليتبرك بالمقر الرسولي في روما، حيث منَّى نفسه برؤية القديسين والزهاد من الرهبان (*) والكرادلة(*). ولكن ما إن حل في روما حتى هاله ما رأى من دعاوى: غفران الذنوب، وامتلاك سر التوبة، وحق منح صكوك الغفران، وتفشِّي مظاهر الفساد والانحلال الخلقي في الطبقات العليا من الكنيسة بوجه أخص. ومن ثم عاد إلي ألمانيا خائباً رجاؤه، ومستنكراً ما رأى، وأصبح منشغلاً بوضع خطة لإصلاح الكنيسة. - في عام 1517م أرسل البابا(*) ليو العاشر مندوبه الراهب حمنا تتزل لبيع صكوك الغفران في ألمانيا، فما أن يعلن عنها ويبالغ في أمرها حتى ثار عليه لوثر، وكتب في معارضته وثيقَته الشهيرة التي تتضمن خمسة وتسعين مبدأ في معارضة الكنيسة وعلقها على باب كنيسة القلعة. في الوقت الذي نشط في تأليف الكتب التي تعلن مبادئه، والتي أصبحت حديث الطبقة المتعلمة في ألمانيا مما زاد في التفاف الناس حوله، ولهذا كله أصدر البابا قراراً بحرمانه في عام 1520م. - عندما تلقي لوثر القرار بحرمانه، قام بتحريض من بعض الأمراء الألمان من أصحاب دعوى الانفصال عن الإمبراطورية بحرقِه في وسط الجموع الحاشدة في وتنبرج، التي أصبحت جامعتها المهد الأساسي للتعاليم اللوثرية في ألمانيا. - في عام 1520م بعد ما أظهر مارتن لوثر تأييداً للنزعة القومية في الدولة الألمانية في تولي إدارة كنيستها، عقدت الكنيسة في روما مجمعاً قضى بمحاكمة لوثر أمام محكمة التفتيش لكنه هرب إلي قلعة وارتبورج، وفيها ترجم العهد الجديد(*) إلى الألمانية، ثم شرع في ترجمة الكتاب المقدس كله، لكنه لم يتمه وعاد إلي وتنبرج مرة أخري. - في عام 1529م أراد الإمبراطور تنفيذ قرارات الحرمان ضد مارتن لوثر، فأعلن حكام الولايات الإنجيلية في ألمانيا في مجلس سبير في 19 نسيان أنهم مستعدون لطاعة أوامر الإمبراطور والمجلس في كل القضايا الواجبة إلا التي تتعارض مع الكتاب المقدس أو التي لا يوجد لها نص فيه، وبالتالي رفضوا تسليم لوثر لمندوبي الإمبراطور. - عندما رأى لوثر صعوبة تحقيق دعوة دعوة الإصلاح الكَنَسِيّ كرَّس كل جهده لقضايا الإيمان في الكنائس(*)الإنجيلية الناشئة. توفي لوثر في بلدة وتنبرج عام 1546م مخلِّفاً مجموعة من الكتب والمؤلفات التي تؤصِّل قواعد دعوته. الروخ هولدريخ زوينجلي: 1484-1531م: ولد ونشأ في سويسرا وأصبح قسيساً(*) وأحد دعاة حركة الإنسانية التي بدأت مع عصر النهضة(*) الأوربية. دعا إلى نفس المبادئ التي دعا إليها مارتن لوثر، وبدأ دعوته في زيوريخ بسويسرا، وقد قاوم استعمال الطقوس والصور والتماثيل في الكنائس كما عارض فكرة عزوبة رجال الأكليروس(*)، وحبذ المسئولية الفردية في المعتقد. لاقت دعوة زوينجلي التأييد من السلطات الحكومية في مدينة زيوريخ، فشاعت لذلك دعوته وأصبح زعيماً للبروتستانت في جنوب ألمانيا ومعظم سويسرا. في عام 1529م وفي مدينة ماربورج التقى زوينجلي بمارتن لوثر وتناقشا حول إصلاح الكنيسة(*) واختلفا حول فرضية أو سر العشاء الرباني(*)، كما اختلفا في أسلوب معارضة الكنيسة الكاثوليكية، حيث استخدم زوينجلي القوة في سبيل نشر مبادئه ابتداءً من الحظر التجاري الذي فرضه على بعض المقاطعات الكاثوليكية في شرقي سويسرا، حتى القتال والصدام مع رجال الكنيسة(*) الذي قُتل فيه وهُزم أتباعه في كاييل عام 1531م. ذابت تعاليم زوينجلي في تعاليم جون كالفن التي ارتكز في بعضها على عقيدته. جون كالفن: 1509-1564م: ولد ونشأ في فرنسا وتثقف بثقافة قانونية لكنه مال عنها إلى الدراسة اللاهوتية، فتأثر بآراء مارتن لوثر دون أن يقابله بواسطة بعض أقاربه وبعض أساتذته. شارك في إعداد خطاب ألقاه نيكولاس كوب مدير جامعة السربون بفرنسا التي كانت مركزاً لأكثر علماء الكاثوليكية، والذي يتضمن شرحاً لآراء مارتن لوثر؛ مما أغضب آباء الكنيسة(*) عليه فاضطر إلى الهرب إلى جنيف في سويسرا. بعد أن عاد في الحادي والعشرين من مايو 1534م إلى مدينة نويون مسقط رأسه سلّم كهنةَ (*) كاتدرائيتها(*) كل شارات الامتياز الأكليريكية الخاصة به، ثم هرب بصحبة نيكولاس كوب إلى جنيف في سويسرا مرة أخرى. في عام 1535م شارك كلفن في حوار دعا إليه المبشرون المصلحون مع الأساقفة(*) الكاثوليك في المدينة الذي انتهى بانسحاب الكاثوليك، مما مكن دي فاريل صديق كلفن الحميم من الاستيلاء على الكنائس(*) الرئيسية الثلاثة في المدينة: كنيسة سان بيتر، الحميم من الاستيلاء على الكنائس(*) الرئيسية الثلاثة في المدينة: كنيسة سان بيتر، المجدلية، سان جرفيز؛ وتحويلها إلى كنائس إنجيلية أو بروتستانتية. استغل كلفن استقراره في جنيف في تنظيم وتقنين مبادئ زعماء الإصلاح وعلى رأسهم مارتن لوثر، وظهرت له مؤلفات وكتابات عديدة في ذلك، ولذلك فإنه يعد أحد مؤسسي المذهب(*) البروتستانتي. خالف كالفن لوثر في سر – فرضية- العشاء الرباني(*) من حيث كيفية حضور المسيح(*) العشاء رغم اتفاقهما على عدم استحالة الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح. عدل كلفن عن فكرة لوثر في إشراف الحكومة على الكنائس، لما رأى ما يحدث للبروتستانت في فرنسا، وطالب بأن تحكم الكنيسة نفسها بنفسها، وعلى الحاكم المدني أن يساعدها ويحميها، مما كان سبباً في انقسام الكنيسة الإنجيلية إلى لوثرية وكلفينية (الإصلاحية – الكلفينية). تميزت حركته(*) بالانتشار في فرنسا، فأصبحت الدين(*) الرسمي في اسكتلندا كما امتدت إلى المقاطعات شرق سويسرا، واعتنقها معظم سكان المجر، يقول فيشر: "أصبحت أكثر أشكال الإصلاح البروتستاني اتساعاً". تأسست جمهورية هولندا عام 1669م على مبادئ البروتستانت الكليفنية بعد الحرب الدامية بين الكاثوليك والبروتستانت. نتيجةً للحرية(*) الفردية في فهم وتفسير الكتاب المقدس لكل فرد من المؤمنين بالمذهب(*) البروتستانتي انقسمت الحركة(*) البروتستانتية إلى كنائس(*) عديدة، وطوائف مختلفة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حسب إحصائيات عام 1982م يوجد 76.754.009 بروتستانتي ينتمون إلى 200 طائفة إنجيلية. ومن أهم الكنائس البروتستانتية: الكنيسة اللوثرية: وقد بدأ إطلاق هذه التسمية على المؤمنين بأفكار معتقدات مارتن لوثر في القرن السادس عشر وذلك رغم مقاومة لوثر نفسه لهذه التسمية، وأصبحت جامعة وتنبرج المهد الأساسي لها. اهتم مارتن لوثر بقضايا الإيمان، وترك الأمر الإداري للكنيسة(*) لغيره يقوم به، لكنه عيَّن بعض المراقبين ليتعاونوا مع حكام الدولة في الأقضية، وبذلك كان أول ظهور لنظام السينودس. ارتبطت اللوثرية في ألمانيا ارتباطاً وثيقاً بالحالة السياسية منذ أن دعا لوثر إلى إشراف الدولة على الكنيسة، ولذلك فإن الحكومة الألمانية تدخلت أكثر من مرة لحل الخلافات بين أعضاء الكنيسة أو للاتفاق مع كنائس المصلحة. كان لظهور الكنائس المعمدانية في القرن السابع عشر أثرها في إثارة الخلافات بين البروتستانت مرة أخرى. في زمن فريدريك وليم الثالث ملك بروسيا تم الاتحاد بين الكنائس اللوثرية والمصلحة، ومنها تشكلت الكنيسة القديمة، غير أن جماعة كبيرة من اللوثرية لم تنضم إلى هذه الكنيسة وعرفوا باللوثريين القدماء. في عام 1923م تأثرت الكنيسة بالنظام النازي في ألمانيا حيث حاول صبغ الكنيسة الألمانية بصبغة قومية، فجرى توحيد 28 كنيسة مصلحة ولوثرية على أساس أن الدم الآري أحد المؤهلات العضوية لهذه الكنيسة القومية العنصرية. وقد تناول هذا التأثير العقائد والمبادئ أيضاً، مما مهَّد لقيام ثورة(*) من آلاف القسوس(*) البروتستانت من بينهم مارتن تيمولر للمطالبة بتشكيل السينودس الذهبي. في عام 1934م عارض السينودس الذهبي تدخل الدولة في شئون الكنيسة بل رفض ذلك رفضاً حاسماً. في عام 1935م أنشأت الحكومة وظيفة وزير الدولة للشئون الكنسية، وخوَّلت له سلطات مطلقة على الكنيسة الإنجيلية الألمانية. انتشرت في عام 1936م حركة(*) الإيمان الألماني التي تحالفت مع الفلسفة(*) الوثنية(*) الجديدة. بعد الحرب العالمية الثانية ألغت الكنيسة(*) الإنجيلية دستورها المُوصَى به من النازية لعام 1933م، وبدأت تنظيم نفسها من جديد. والكنيسة اللوثرية هي كنيسة الدولة في الدنمارك وأيسلندا والنرويج والسويد وفنلندا. يصدر الاتحاد اللوثري العالمي مجلة اللوثرية العالمية بالألمانية والإنجليزية. الكنائس المصلحة: وإن كان يُقصد بها بوجه عام جميع الكنائس البروتستانتية إلا أنه من الناحية التاريخية تقتصر على الكنائس البروتستانتية التي يرتكز أصلها على عقائد كلفن وعلى أساس النظام الكنسي المشيخي(*) الذي تركِّز فيه السلطات على سلسلة مجالس من الشيوخ العلمانيين ورجال الأكليروس، وتنزع إلى الشكل البسيط في العبادة. وقد قويت هذه الكنائس في إنجلترا في القرن السادس عشر وخصوصاً في اسكتلندا وشمال أيرلندا، وسميت كنائس سويسرا وهولندا وعدد من كنائس ألمانيا بالمصلحة، كما توجد بالولايات المتحدة الأمريكية كنائس تحمل لقب المصلحة. الكنائس الأسقفية: تطلق الكنيسة الأسقفية عند الإطلاق على الكنيسة الإنجليزية ويتبعها في أمريكا عدد من الكنائس الأسقفية، وتتبع هذه الكنائس النظام الأسقفي على أنه نظام إلهي خلافاً لسائر الفرق البروتستانتية، وذلك في تعيين أو اختيار أو عزل القساوسة(*)، والشمامسة(*)، أو تدشين الأراضي والأبنية الدينية، وإدارة تركات الموتى لحين وجود وصي شرعي للميت. ويلقب أساقفة(*) إنجلترا بلقب لورد حيث يُعتَبرون من أشراف المملكة، ويرأس ملوك إنجلترا الكنيسة الإنجليزية، وبذلك يعينون الأساقفة الذين يتم انتخابهم من القسوس بعد ذلك، ورئيس أساقفة كانتربري هو رأس الكنيسة، ويليه في المرتبة رئيس أساقفة يورك، أما أساقفة الولايات المتحدة الأمريكية فينتخبهم نواب من قسوس الأسقفية وأهاليها قبل عرضهم على مجمع الأساقفة أو على مجمع نواب مؤلف من السينودس والأهالي. الصهيونية المسيحية: كان لليهود المهاجرين من أسبانيا إلى أوربا وبخاصة فرنسا وهولندا أثرهم البالغ في تسرب الأفكار اليهودية إلى النصرانية من خلال حركة الإصلاح، وبخاصة الاعتقاد بأن اليهود شعب الله المختار، وأنهم الأمة المفضلة، كذلك أحقيتهم في ميراث الأرض المباركة. في عام 1523م أصدر مارتن لوثر كتاب عيسى وُلِد يهوديًّا متأثراً فيه بالأفكار الصهيونية. وفي عام 1544م أصدر لوثر كتاباً آخر فيما يتعلق باليهود وأكاذيبهم. كانت هزيمة القوات الكاثوليكية وقيام جمهورية هولندا على أساس المبادئ البروتستانتية الكالفينية عام 1609م بمثابة انطلاقة للحركة(*) الصهيونية المسيحية(*) في أوربا، مما ساعد على ظهور جمعيات(*) وكنائس(*) وأحزاب(*) سياسية عملت جميعاً على تمكين اليهود من إقامة وطن قومي لهم في فلسطين. ومن أبرز هذه الحركات: الحركة البيوريتانية التطهيرية التي تأسست على المبادئ الكالفينية بزعامة السياسي البريطاني أوليفر كروميل 1649-1659م الذي دعا حكومته إلى حمل شرف إعادة إسرائيل إلى أرض أجدادهم حسب زعمه. في عام 1807م أُنشئت في إنجلترا جمعية لندن لتعزيز اليهودية بين النصارى وقد أطلق أنطوني إشلي كوبر اللورد ريرل شانتسبري 1801-1885م، أحد كبار زعمائها شعار: "وطن بلا شعب لشعب بلا وطن" الأمر الذي أدى إلى أن يكون أول نائب لقنصل بريطانيا في القدس وليم برنج أحد أتباعها، ويعتبر اللورد بالمرستون وزير خارجية بريطانيا 1784-1765م من أكبر المتعاطفين مع أفكار تلك المدرسة الصهيونية المسيحية وأيضاً فإن تشارلز. هـ. تشرشل الجد الأعلى لونستون تشرشل – رئيس الحكومة البريطانية الأسبق – أحدُ كبار أنصارها. انتقلت الصهيونية المسيحية إلى أمريكا من خلال الهجرات المبكرة لأنصارها نتيجة للاضطهاد الكاثوليكي، وقد استطاعت تأسيس عدة كنائس هناك من أشهرها الكنيسة المورمونية. يعتبر سايسروس سكلوفليد 1843م الأب اللاهوتي للصهيونية المسيحية في أمريكا. لعبت تلك الكنائس(*) دوراً هامًّا في تمكين اليهود من احتلال فلسطين واستمرار دعم الحكومات الأمريكية لهم – إلا ما ندر – من خلال العديد من اللجان والمنظمات والأحزاب(*) التي أنشئت من أجل ذلك ومن أبرزها: الفيدرالية الأمريكية المؤيدة لفلسطين التي أسسها القس(*) تشارلز راسل عام 1930م، واللجنة الفلسطينية الأمريكية التي أسسها في عام 1932م السناتور روبرت واضر، وضمَّت 68 عضواً من مجلس الشيوخ، و200 عضواً من مجلس النواب وعدد من رجال الدين الإنجيليين، ورفعت هذه المنظمات شعارات: الأرض الموعودة، والشعب المختار. وفي العصر الحديث تعتبر الطائفة التدبيرية التي يبلغ عدد أتباعها 40 مليون نسمة تقريباً والمعروفة باسم الأنجلو ساكسون، البروتستانت البيض من أكثر الطوائف مغالاة في تأييد الصهيونية، وفي التأثير على السياسة الأمريكية في العصر الحاضر. ومن أشهر رجالها اللاهوتيين: بيل جراهام، وجيري فولويل، جيمي سويجارت. ومن أبرز رجالها السياسيين الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان. اهتمت الكنيسة البروتستانتية بنشر الإنجيل(*) في أوروبا وأمريكا منذ القرن الثامن عشر والتاسع عشر، ثم تطور عملها في شكل منظمات وإرساليات، ووضعت اللوائح والقوانين المنظمة لها وكذلك الميزانيات اللازمة. ومن ثم انتقل العمل التبشيري البروتستانتي إلى القارتين الأفريقية والآسيوية، وبخاصة التي كانت تستعمرها الدول الغربية ذات العقيدة البروتستانتية. ومن أوائل الذين قادوا حركة(*) التبشير: جوف وسلي، ووليام ولبرفورس، ووليام كيري، أبو المبشرين في العصر الحديث. الأفكار والمعتقدات: تؤمن الكنائس البروتستانتية بنفس أصول المعتقدات التي تؤمن بها الكنيسة الكاثوليكية، ولكنها تخالفها في بعض الأمور، ومنها ما يلي: الخضوع لنصوص الكتاب المقدس وحده، حيث إن الكتاب المقدس بعهديه هو دستور الإيمان وعليه تقاس قرارات المجامع السابقة وأوامر الكنيسة(*)؛ فيقبل ما يوافقه فقط، يقول لوثر: "يجب أن يكون الكتاب المقدس مرجعنا الأخير للعقيدة أو أداء الشعائر". عدد أسفار(*) العهد القديم(*) ستة وستون سفراً وهي الأسفار القانونية، أما باقي الأسفار وعددها أربعة عشر، فتسميها الأبوكريفيا أي غير الصحيحة فلا تعترف بها. كما لا تؤمن الكنائس(*) البروتستانتية بعصمة البابا(*) أو رجال الدين، وتهاجم بيع صكوك الغفران حيث ترى أن الخلاص والفوز في الآخرة لا يكون إلا برحمة الله وكرمه وفي الدنيا في الالتزام بالفرائض والكرازة – التبشير بالإنجيل(*). إن القديسيين لقب يمكن أن يوصف به كل إنسان نصراني(*) حيث إن القداسة في فهمهم ليست في ذات الشخص ولكنها مقام يصل إليه. ترفض البروتستانتية مرتبة الكهنوت حيث إن جميع المؤمنين بها كهنة(*)، وليس هناك وسيط ولا شفيع بين الله والإنسان سوى شخص المسيح(*) لأنه جاء في معتقدهم رئيساً للكهنة، كما لا تؤمن بالبخور والهيكل. تؤمن بسرين فقط من أسرار – فروض – الكنيسة وهما سرّا – المعمودية(*)، والعشاء الرباني(*)، على خلاف بينهم في كيفية حضور المسيح سر العشاء. لا تؤمن بالصوم كفريضة بل هو سنة حسنة، ولا يطلق إلا على الإمساك عن الطعام مطلقاً فقط. كما لا تؤمن بالأعياد التي تقيمها الكنائس الأخرى. الصلاة ليس لها مقدار محدد، كما أنه ليس من الحتم الالتزام بحرفية الصلاة الربانية؛ ولذلك يجيزون الصلاة بلغة غير مفهومة كاللاتينية التي تستعملها الكنائس الكاثوليكية. لا تؤمن الكنيسة البروتستانتية بنظام الرهبنة(*). الكهنوت درجتان فقط هما: القسوسية(*)، الشمامسة(*)، الراعي هو الأسقف(*)، والرئاسة تكون بمجمع السنودس لا لفرد. منع البروتستانت اتخاذ الصور والتماثيل في الكنائس والسجود لها، معتقدين أن ذلك منهي عنه في التوراة(*). تؤمن بعض الكنائس الإنجيلية – الصهيونية – أن شرط المجيء الثاني للمسيح هو إقامة دولة إسرائيل في فلسطين. الجذور الفكرية والعقائدية: • صوص الكتاب المقدس، وبخاصة نصوص العهد القديم(*). • لديت الوثنية(*). • الفف(*)الأفلاطونية الحديثة. • الأفكار والمبادئ الصهيونية والتلمودية. • يعتقد بعض الباحثين أن الإصلاحات التي نادت بها حركة الإصلاح ونتج عنها البروتستانتية قد تأثرت بالإسلام. الانتشار ومواقع النفوذ : تنتشر الكنائس(*) البروتستانتية في:ألمانيا، هولندا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، سويسرا، الدنمارك، وتوجد أقليات بروتستانتية في باقي الدول الأخرى. يتضح مما سبق: لا تختلف الكنائس البروتستانتية عن باقي الكنائس النصرانية سواء في الإيمان بإله(*) واحد مثلث الأقانيم(*) الأب (*)، الابن(*)، الروح القدس(*) تثليث (*) في وحدة، أو وحدة في تثليث، حسب افترائهم. أو في الإيمان في عقيدة الصلب والفداء وتقديس الصليب. كانت لحركات(*) الإصلاح البروتستانتية الأثر الكبير في كشف عورات الكنيسة(*) الكاثوليكية، وفي فضح سلوك القائمين عليها. كما أنها أفسحت المجال أمام العلماء والمفكرين وعامة المؤمنين بالكنيسة في حق فهم الكتاب المقدس، وبالتالي كسرت احتكار رجال الدين لهذا الأمر، مع ما نشأ عن ذلك من آثار سلبية عديدة على النصرانية بوجه عام وعلى الكتاب المقدس بوجه خاص، حيث تعرض للنقد الشديد والتشكيك في صحة نصوصه. مع أن البروتستانت قرروا حرية البحث والنظر في الأمور الاعتقادية، إلا أنهم حرمَّوها فيما بعد كالكاثوليك، بل وأصبحت حرية(*) الفكر عندهم مقتصرة فقط على نقد رجال الكنيسة الكاثوليكية. فقد عذبوا رجالاً من أجل عقائدهم مثل سرفيتوس الأسباني، ومنعوا كتباً من النشر لأنها تحوي في نظرهم ما لا يتفق وتعاليم الكتاب المقدس. يقول هربرت فيشر في أصول التاريخ الأوروبي الحديث عن لوثر: "لم يكن يؤمن بالبحث الحر ولا بالتسامح". وينقل غوستاف لوبون في كتابه روح الثورات والثورة(*) الفرنسية تصريحاً للوثر بأنه لا يجوز للنصارى أن يتبعوا غير ما جاء في الكتاب المقدس. وعن موقف حركة(*) الإصلاح الديني من العلم، يقول أ. وولف في كتابه عرض تاريخي للفلسفة(*) والعلم: "أما من حيث حركة(*) الإصلاح الديني فإن المصلحين كانوا لا يقلُّون تعصباً عن رجال الكنيسة(*) الكاثوليكية إن لم يزيدوا عليها". ولذلك فإنهم هاجموا النظريات العلمية واضطهدوا من يقول بها، ويقول كلفن بعد أن أعلن كفر (*) من يقول بدوران الأرض: "مَن مِن الناس يجرؤ على أن يضع سلطة كوبر نيكوس فوق سلطة الروح القدس(*)؟". لم يكن اضطهاد العلماء في تلك الفترة بأقل من اضطهاد الفلاسفة. فكما حاربت البروتسانتية النظريات العلمية المخالفة لنصوص الكتاب المقدس، كذلك حاربت العقل(*) واضطهدت الفلاسفة أمثال آرازموس الذي حاول التوفيق بين العقل والكتاب المقدس. يذكر ديورانت في قصة الحضارة تصريحات للوثر تبين تطرفه في إنكار العقل حيث يقول: "أنت لا تستطيع أن تقبل كلاً من الإنجيل(*) والعقل، فأحدهما يجب أن يفسح الطريق للآخر" ويقول: "إن العقل أكبر عدو للدين(*)". نتيجة للحروب بين الكنيستين البروتستانتية والكاثوليكية، واضطهاد العلماء وقتلهم، وقتل الروح العلمية والفكرية، وتطرُّف زعماء حركة الإصلاح البروتستانتي في ذم العقل، أدى ذل كله إلى ظهور الأفكار المناوئة للدين، وتعالت الصيحات الإلحادية(*) التي تطالب بحرية(*) الفكر وسيادة العقل، واعتباره المصدر الوحيد للمعرفة، وأيضاً المناداة بفصل الدين(*) عن الدولة. استطاع اليهود تهويد بعض الكنائس البروتستانتية، وتسريب الأفكار الصهيونية، وإنشاء أحزاب(*) وكنائس تتبناها وتدعو إليها من خلال ما يعرف بالصهيونية المسيحية(*). وللحقِّ فإن هناك من داخل الكنيسة الإنجيلية في أمريكا مَنْ وقف لهم بالمرصاد مثل: المجلس الوطني للكنائس المسيحي(*)، الذي يضم 34 طائفة يبلغ عدد أتباعها نحو الأربعين مليون شخص. وتتعاطف الكنائس(*) الإنجيلية: المشيخية(*)، المنهجية(*)، المعمدانية(*)، الأسقفية، بنسب متفاوتة مع هذا الاتجاه. ----------------------------- مراجع للتوسع : - الموسوعة العربية، إشراف محمد شفيق غربال- دار الشعب ومؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر. - الموسوعة الثقافية، مدير التحرير/ فايزة حكيم رزق الله – دار الشعب- مصر. - دائرة المعارف قاموس عام لكل فن ومطلب، بطرس البستاني – دار المعرفة – بيروت. - قصة الحضارة، ول ديورانت، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود ومحمد بدران، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. - روح الثورات والثورة الفرنسية، د. غوستاف لوبون، ترجمة محمد عادل زعيتر، المطبعة العصرية. - عرض تاريخي للفلسفة والعلم، أ. وولف، ترجمة محمد عبد الواحد خلاف، مطبعة لجنة التأليف والترجمة. - المصلح مارتن لوثر- حياته وتعاليمه، د. القس حنا جرجس الخضري، دار الثقافة، مصر. - جون كلفن – دراسة تاريخية عقائدية، تأليف د. القس حنا جرجس الخضري، دار الثقافة، مصر. - حديث مع جون كلفن، القس لبيب مشرقي، دار نوبار، مصر. - إيماني الإنجيلي، د. القس فايز فارس، القس منيب عبد النور، القس إميل زكي. - تاريخ الفكر المسيحي، د. القس حنا جرجس الخضري، دار الثقافة، مصر. - محاضرات في النصرانية، الشيخ محمد أبو زهرة. - موقف الإسلام والكنيسة من العلم، عبد الله سليمان المشوخي، مخطوط على الآلة الكاتبة. - الأصول الوثنية للمسيحية، أندريه نايتون، إدغار ويند، كارل غوستاني يونج، ترجمة سميرة عزمي الزين. سلسلة من أجل الحقيقة، من منشور المعهد الدولي للدراسات الإنسانية. - مصلح في المنفى جوف كلفن – موجز عن حياته ومبادئه، د. هاري إيبرتس، ترجمة وليم وهبة بباوي. - من يجرؤ على الكلام، بول فنرلي. - النبوءة والسياسة، غريس هالسل، ترجمة محمد السماك، منشورات جمعية الدعوة الإسلامية. - الصهيونية المسيحية، محمد السماك، دار النفائس. - المسيحية والسيف، رواية شاهد عيان لإبادة ملايين البشر في الأمريكتين، سلسلة من أجل الحقيقة – 3- من منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية. - النشاط السري اليهودي في الفكر والممارسة، غازي محمد فريج، دار النفائس، بيروت. - شهود يهوه، بين برج المراقبة الأمريكي وقاعة التلمود اليهودي، حسين عمر حمادة، دار قتيبة، دار الوثائق، دمشق، بيروت. - شهود يهوه – أبو إسلام أحمد عبد الله – بيت الحكمة – القاهرة – مصر. المارونية التعريف: المارونية، طائفة من طوائف النصارى الكاثوليك الشرقيين، قالوا بأن للمسيح(*) طبيعتين ومشيئة واحدة(*)، ينتسبون إلى القديس مارون ويعرفون باسم الموارنة متخذين من لبنان مركزاً لهم. التأسيس وأبرز الشخصيات: تنتسب هذه الطائفة إلى القديس مارون الذي انعزل في الجبال والوديان مما جذب الناس إليه مشكِّلين طائفة عرفت باسمه، وكانت حياته في أواخر القرن الرابع الميلادي فيما كان موته حوالي سنة 410م بين أنطاكية وقورس. وقع خلاف شديد بين أتباع مارون وبين كنيسة الروم الأرثوذكس مما اضطرهم إلى الرحيل عن أنطاكية إلى قلعة المضيق قرب أفاميا على نهر العاصي مشيدين هناك ديراً يحمل اسم القديس مارون. وقع كذلك خلاف آخر في المكان الجديد بينهم وبين اليعاقبة الأرثوذكس من أصحاب الطبيعة الواحدة عام 517م مما أسفر عن تهديم ديرهم فضلاً عن مقتل 350 راهباً(*) من رهبانهم. خلال فترة الرحيل نالهم عطف الإمبراطور مرقيانوس الذي وسّع لهم الدير عام 452م. وعطف الإمبراطور يوستغيان الكبير 527-565م الذي أعاد بناء ديرهم بعد تهديم اليعاقبة له. وكذلك عطف الإمبراطور هرقل الذي زارهم سنة 628م بعد انتصاره على الفرس. احتكم الموارنة واليعاقبة عام 659م إلى معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – لإنهاء الخلاف بينهم، لكن الخصومة استمرت، إذ حدثت حروب انتقامية بين الطرفين مما أسفر عن هجرة الموارنة إلى شمالي لبنان وهو المكان الذي أصبح موطناً لهم فيما بعد. ظهر في موطنهم الجديد بلبنان القديس يوحنا مارون الذي يعتبر صاحب المارونية الحديثة ومقنن نظريتها ومعتقدها، وتتلخص سيرة حياته فيما يلي: ولد في سروم قرب أنطاكية، وتلقى دراسته في القسطنطينية. عين أسقفاً(*) على البترون على الساحل الشمالي من لبنان. أظهر معتقد الموارنة سنة 667م الذي يقول بأن في المسيح(*) طبيعتين ولكن له مشيئة واحدة لالتقاء الطبيعتين في أقنوم(*) واحد. لم تقبل الكنائس(*) النصرانية(*) هذا الرأي، فدعوا إلى مجمع القسطنطينية الثالث الذي عقد سنة 680م وقد حضره 286 أسقفاً وقرروا فيه رفض هذه العقيدة وحرمان أصحابها ولعنهم وطردهم وتكفير(*) كل من يذهب مذهبهم(*). يعد يوحنا مارون أول بطريرك(*) لطائفة الموارنة وبه يبدأ عهد البطاركة المارونيين. تصدى بجيش من الموارنة لجيش قاده يوستغيان الثاني الذي أراد هدم معابدهم واستئصالهم إلا أن الموارنة هزموه في أميون مما أظهر أمرهم كأمة جبلية ذات شخصية مستقلة. لقد تحايلت كنيسة روما بعد ذلك عليهم في سبيل تقريبهم منها حيث قام البطريرك الماروني أرميا العمشيتي بزيارة لروما حوالي سنة 1113م وعند عودته أدخل بعض التعديلات في خدمة القداس وطقوس العبادة وسيامة الكهنة(*). ولقد زاد التقارب بينهما حتى بلغ في عام 1182م إعلان طاعتهم للكنيسة (*) البابوية، أما في عام 1736م فقد بلغ التقارب حد الاتحاد الكامل معها فأصبحت الكنيسة المارونية بذلك من الكنائس الأثيرة لدى باباوات(*) روما. لقد كان لهم دور بارز في خدمة الصليبيين من خلال تقديمهم أدلاء لإرشاد الحملة الصليبية الأولى إلى الطرق والمعابر، وكذلك إرسالهم فرقة من النشابة المتطوعة إلى مملكة بيت المقدس. لقد بلغ رجالهم القادرون على القتال 40.000 على ما ذكر مؤرخو الحروب الصليبية. احتل الموارنة في الممالك التي شيدّها الصليبيون المرتبة الأولى بين الطوائف النصرانية متمتعين بالحقوق والامتيازات التي يتمتع بها الفرنجة كحق ملكية الأرض في مملكة بيت المقدس. لويس التاسع كان أول صديق فرنسي لهم، إذ تقدم إليه عندما نزل إلى البر في عكا وفدٌ مؤلف من خمسة عشر ألف ماروني ومعهم المؤن والهدايا، وقد سلمهم بهذه المناسبة رسالة مؤرخة في 21/5/1250م فيها تصريح بأن فرنسا تتعهد بحمايتهم فقد جاء فيها: "ونحن مقتنعون بأن هذه الأمة التي تعرف باسم القديس مارون هي جزء من الأمة الفرنسية". استمر هذا التعاطف من الغرب مع الموارنة في الأجيال التالية وذلك عندما أرسل نابليون الثالث فرقة فرنسية لتهدئة الجبل عام 1860م وكذلك بعد الحرب العالمية الأولى عندما صار لبنان تحت الانتداب الفرنسي. تيوفيل (تيوفيلوس) بن توما من شمال سوريا، ماروني، كان يعمل منجِّماً في قصر الخليفة العباسي المهدي 775-785م كما قام بترجمة إلياذة(*) هوميروس. المؤرخ اسطفانوس الدويهي المشهور، ماروني، توفي سنة 1704م. البطريرك(*) جرجس عميرة، ماروني، ألّف أول غراماطيق سرياني واضعاً قواعده باللاتينية تسهيلاً على المستشرقين دراسة هذه اللغة. من مشاهيرهم يوسف حبيش وبولس مسعد ويوحنا الحاج والبطريرك إلياس الحويك. ومن الأساقفة(*) المطران(*) جرمانوس فرحان ويوسف سمعان السمعاني ويوحنا حبيب ويوسف الدبس. ومن بيوتاتهم المعروفة آل خازن ودحداح وحبيش والسعد وكرام والظاهر والبستاني والشدياق والنقاش والباز.. ومن زعاماتهم المعاصرة: آل جمَيِّل، وشمعون، وفرنجية، وإده.. من تنظيماتهم السياسية الحزبية العسكرية حالياً: حزب(*) الكتائب وحزب الأحرار. منذ عام 1943م حتى اليوم استقر الأمر بأن يكون رئيس الجمهورية اللبنانية من الطائفة المارونية وذلك بموجب الميثاق الوطني الذي تم فيه الاتفاق شفوياً بين المسلمين والنصارى حول توزيع المناصب الرئيسية للدولة اللبنانية على مختلف الطوائف الدينية فيها. الأفكار والمعتقدات: أهم نقطة تميزهم عن بقية الطوائف النصرانية هو معتقدهم بأن للمسيح(*) طبيعتين وله مشيئة واحدة وذلك لالتقاء الطبيعتين في أقنوم(*) واحد. عقيدة المشيئة الواحدة قال بها بطريرك(*) الإمبراطور هرقل أيضاً 638م ليوفق بين عقيدة أصحاب الطبيعة الواحدة الذين يشكلون الأكثرية من رعاياه النصارى في سوريا وبين أصحاب العقيدة الأرثوذكسية للكنيسة البيزنطية، إلا أن هذه المحاولة لم تفلح في سد الثغرة بينهما. يعتقدون أن خدمة القداس عندهم مأخوذة عن تلك الخدمة التي ينسبونها إلى القديس يعقوب، كما يعتقدون أن هذه الخدمة إنما هي أقدم خدمة في الكنيسة(*) المسيحية(*) إذ إن أصولها ترجع إلى العشاء الرباني(*) الأخير. ما تزال الكنيسة المارونية تحتفظ باللغة السريانية في القداس إلى يومنا هذا. وما يزال الطابع السرياني سارياً حتى في الكنائس التي تعترف بسلطة البابا. منذ أوائل القرن الثالث عشر تم إدخال بعض التعديلات على الطقس الماروني القديم وذلك في عهد البابا(*) انوسنت الثالث ليكون أكثر تلاؤماً مع الطقس اللاتيني ومن ذلك: تغطيس المعمود ثلاث مرات في الماء. طلبة واحدة للثالوث. تكريس الأحداث على أيدي المطارنة(*) فقط. لقد صار الكهنة(*) يتبعون الزي اللاتيني في لبس الخواتم والقلنسوة التي تشبه التاج والعكاز. استعمال الأجراس بدلاً من النواقيس الخشبية التي تستعملها سائر الكنائس الشرقية في الدعوة إلى القداس متبعة بذلك التقليد اللاتيني. الجذور الفكرية والعقائدية: الموارنة فرع عن الكاثوليك الشرقيين الذين هم بدورهم فرع عن النصرانية بشكل عام لذا فإن جذورهم هي نفس الجذور النصرانية. يمتازون بالمحافظة الشديدة على تراثهم ولغتهم السريانية القديمة، وقد اقتربوا على مدار الزمن من الكنيسة(*) البابوية بروما بعد إدخال عدد من التعديلات على الطقوس المارونية القديمة. الانتشار ومواقع النفوذ: البداية في أنطاكية، ومن بعدها رحلوا إلى قلعة المضيق، وأخيراً صاروا إلى جبال لبنان موطنهم الحالي منذ النصف الثاني من القرن السابع الميلادي. منذ القرن الخامس عشر الميلادي أصبح دير قنُّوبين شمالي لبنان فوق طرابلس المبني في صخر من صخور وادي قاديشا (أي المقدس) مقراً للبطريركية المارونية، كما أصبحت بكركي المبنية فوق جونية المقر الشتوي حتى يومنا هذا، إذ لا يزال سيد بكركي. يلقب ببطريرك(*) أنطاكية وسائر الشرق ؛ ذلك لأنه مستقل عن سائر البطاركة الشرقيين، كما تخضع لإدارته مطارنة وأبرشيات(*) وجمعياتٌ(*) رهبانية(*) مختلفة. عندما استرد صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس غادر الملك غوي دي ليزنيان إلى قبرص فتبعه جمهور كبير من الموارنة، لوقوفهم إلى جانب الصليبيين إبان الاحتلال، مستوطنين هناك الجبل الذي يقع شمالي نيقوسيا. لقد فرَّ كثير من الموارنة من لبنان بسبب الحروب والهجرة فوصلوا إلى تكريت وغيرها من المدن بين دجلة والفرات منذ القرن الثاني والثالث عشر، كما ذهب بعضهم تجاه سوريا الداخلية مستوطنين دمشق وحلب، وفريق ذهب إلى القدس وهبط بعضهم الآخر إلى مصر ورودس ومالطة، وهاجر آخرون إلى أمريكا وأفريقيا واندونيسيا وما يزال أغلبهم يعيشون في لبنان ولهم أكبر الأثر في توجيه السياسة اللبنانية المعاصرة. ويتضح مما سبق: أن المارونية طائفة من النصارى الكاثوليك الشرقيين، الذين كانوا دائماً على خلاف مع معظم الطوائف الأرثوذكسية، لأنهم يقولون بأن للمسيح(*) طبيعتين ومشيئة واحدة، وهم يتخذون من لبنان مركزاً لهم، وقد أعلنوا طاعتهم لبابا(*) روما عام 1182م، وقد تعاونوا مع الفرنجة إبان الحروب الصليبية، ومنذ عام 1943م تم الاتفاق بين المسلمين والنصارى(*) في لبنان، على أن يكون رئيس الدولة مارونياً. مراجع للتوسع : - النصرانية والإسلام، المستشار محمد عزت إسماعيل الطهطاوي – مطبعة التقدم – مصر – 1977م. - محاضرات في النصرانية، محمد أبو زهرة – ط3- مطبعة يوسف – مصر – 1385هـ/ 1966م. - أضواء على المسيحية، محمد متولي شلبي – نشر الدار الكويتية – 1387هـ/1968م. - تاريخ لبنان، د. فيليب حتى –ط2- دار الثقافة- بيروت – 1972م. - خطط الشام، محمد كرد علي-ج6-ط2- دار القلم – بيروت – 1391هـ/ 1971م. - مقارنة الأديان "المسيحية"، د. أحمد شلبي- ط5-النهضة المصرية – القاهرة- 1977م. - تاريخ الطائفة المارونية، اسطفان الدويهي – طبع بيروت – 1890م. - التواريخ القديمة من المختصر في أخبار البشر، لأبي الفداء – نشر فليشر – ليبسغ- 1831م. - التاريخ المجموع على التحقيق والتصديق، سعيد بن البطريق – نشر شيخو – الجزء الثاني – بيروت – 1909م. - تاريخ مختصر الدول، ابن العبري – نشره أنطوان صالحاني – بيروت – 1890م. - التنبيه والإشراف، للمسعودي – طبعة دي غويه – ليدن – 1983م. - المحاماة عن الموارنة وقديسهم، أفرام الديراني – بيروت 1899م. - تاريخ سورية، يوسف الدبس –ج5 بيروت – 1900م. - الأديان المعاصرة، راشد عبد الله الفرحان – ط1- شركة مطبعة الجذور – الكويت – 1405هـ/1984م. المراجع الأجنبية: - W. Wright. Catalogue of Syriac Manuscripts in the British Museum (London, 1871). - Edward Gibbon. The History of the Decline and Fall of the roman Empire. ed.J.Bury. Vol. V (London. 1898). - A History of Deeds Done Beyond the Sea. Tr. Emily A. Babcock and A.C Krey (New York. 1943). - Fausto (Murhij) Naironi. Dissertation de Origine, Nomineac religione Maronit arum (rome. 1679). - Pierre Dib, Leglise Maronite, Vol. 1, (Paris, 1930). - Bernard G.Al- Ghaziri. rone et Leglise Syrienne-Maronite (paris, 1906). الجزويت التعريف: الجزويت فرقة كاثوليكية يسوعية تنتشر في أوروبا بصفة عامة، وفي البرتغال وأسبانيا وفرنسا بصفة خاصة، وهي جمعية(*) دينية متعصبة تهدف حالياً إلى القضاء على الدين(*) الإسلامي. التأسيس وأبرز الشخصيات: أنشأها قسيس(*) فرنسي يدعى أنياس لايولا في القرون الوسطى، وقد ساهمت في القضاء على المسلمين في الأندلس من خلال محاكم التفتيش، ويقوم عليها الآن مجموعة كبيرة من القسس والرهبان(*). الأفكار والمعتقدات: يلتزم الرهبان الذين ينتمون إليها بالمحافظة على أسرارها وعدم إفشائها ولو لأعضائها. يلتزم أعضائها كذلك بالمحافظة على سرية تعليماتها والحيلولة دون وصولها إلى أيدي الأجانب بشكل عام والأعداء بشكل خاص. بعد طرد هذه الجمعية من كثير من الدول الأوروبية، بدأت تستقطب عطف الساسة والمسئولين من خلال إظهار العداء للدين الإسلامي والتغلغل في الدول الإسلامية لبث الأفكار الهدامة بين المسلمين من خلال المدارس وتحت غطاء دور الخير والبر. تتستر هذه الجمعية خلف أعمال البر كإنشاء المدارس والمستشفيات في شتى بقاع العالم، وتظهر العطف على المرضى، وتلزم أعضاءها باصطناع التواضع لاستقطاب الناس إليها وإلى الدين النصراني. تقبل التبرعات وتتفنن في أساليب جمع الأموال، ولكي تنفي عن نفسها مظنة الاكتناز، فإنها تتبرع ببعض الأموال في نفس المكان للإيهام بأن هدفها هو خدمة الفقراء. يلتزم أعضاء الجمعية(*) بالمحافظة على هيبتها، فلا يختلفون أمام الغير، بل يظهرون تماسكهم ورغبتهم في خدمة الآخرين. عندما يذهب أعضاء الجمعية إلى إحدى المدن لأول مرة، فإنهم يجتنبون المبادرة إلى شراء الأرض، مدة معينة، حتى إذا ما ثبت أن شراء الأرض يعتبر ضرورياً، قاموا بالشراء، وغالباً ما يتم شراء الأرض باسم مستعار حتى لا تهتز ثقة الناس في الجمعية. تعتبر واردات الجمعية سراً مقدساً، فلا يطلع عليها إلا رئيس الرهبان(*)، وتعتبر خزانة الجمعية في روما، بكافة محتوياتها، سراً مقدساً كذلك، فلا يجوز إفشاؤه. الهدف الأساسي لهذه الجمعية الآن هو القضاء على أتباع الديانات الأخرى، لاسيما الدين(*) الإسلامي، لذلك فإن أعضاءها لا يستنكفون عن استخدام كافة أساليب الاستمالة ووسائل جذب الناس من أجل تنصيرهم. ولتحقيق هذا الهدف، فإن هذه الجمعية تعمل على كسب ثقة رجال الدولة، وإرضائهم، والإشادة بهم، وغض الطرف عن ممارساتهم غير السوية وأعمالهم غير المستقيمة، وإفهامهم عند الاقتضاء أن الرب قد غفر لهم. كما تعمل هذه الجمعية على كسب ثقة حكام البلدان التي يمارسون التبشير فيها، فيرسلون إليهم مندوبين على درجة عالية من الذكاء والدهاء والثقافة، ويحرص هؤلاء المندوبون على إيهام أولئك الحكام، أنهم موفدون من قبل بابا روما، وأنهم يحملون إليهم تحياته. يتجنب أعضاء الجمعية التكلف في اللباس ولا يقبلون الهدايا لأنفسهم، بل يحيلونها إلى دير الجمعية القريب من مكان وجودهم حتى يدخلوا في روع الناس أنهم مخلصون فيزداد العطف على الجمعية. يحاول أعضاء الجمعية بكافة الطرق الحيلولة دون إنشاء أو تأسيس أية مدارس بالقرب من مدارس الجمعية، التي تهتم بالرياضة البدنية، وتتفانى في القيام بالعملية التربوية خير قيام، مع معاملة الدارسين معاملة حسنة، حتى يثقوا في هيئة التدريس وما تبثه من أفكار تبشيرية. تعمل الجمعية(*) بكافة الطرق الممكنة على كسب ود النساء الأرامل، وإذا كان لإحداهن راهب(*) من غير الجمعية فإنه يتم إبعاده ويستبدل به راهب من الجمعية لإدارة أعمالها بالتدريج. ولكي تتم السيطرة التامة على الأرامل: فإن الجمعية ترغبهن في التصدق على الفقراء باسم المسيح(*) ومريم، ويستمر هذا الوضع حتى تنفد جميع أموالهن، وفي سبيل ذلك فإن هذه الجمعية لا تستنكف عن مساعدة هؤلاء الأرامل في إشباع رغباتهن وقضاء وطرهن عند الاقتضاء. وإذا كان للأرامل بنات فإنه يتم إقناعهن بالرهبنة أو التربية النصرانية، أما البنون فإنه يتم حثهم على أن يغشوا الأديرة والكنائس(*)، مع إغراقهم في الملذات، والتلميح لهم بأنه لا إثم في العلاقات الجنسية الحرة، كما تيسر لهم سبل الانخراط في معسكرات صيفية يتم فيها إقناعهم بأهمية التربية النصرانية. يكرر أعضاء الجمعية زياراتهم للمرضى الميئوس من حالتهم، ويتم تخويفهم من النار وحثهم على التصدق بكل أموالهم للجمعية. كل من يخرج على المبادئ الهدامة لهذه الجمعية، يطرد ويتم اجتنابه ويحرم من كافة الامتيازات التي يتمتع بها الأعضاء، ويتم الطرد بوجه خاص، عند تشويه سمعة الجمعية أو إفشاء أسرارها، أو الإضرار بأعضائها، أو الكسل وعدم القيام بالمهام المنوطة به. تحاول الجمعية الحصول على الأسرار السياسية والأخبار الموثوقة والخطيرة، وإخبار الحكام بها للفوز بمكانة مرموقة لديهم، تساعدهم على اجتذاب أصحاب الثروات والنفوذ والأسر الكبيرة للجمعية. تحافظ الجمعية على هيبتها في نفوس الآخرين، من خلال إفهامهم أنها تأسست على يد الراهب شوواكيم بإلهام إلهي، للحد من انحراف الكنيسة(*) وإعادتها إلى وضعها الطبيعي ونشر دين(*) عيسى في جميع أنحاء العالم، وبذا تبرر مسلكها القديم الذي كانت تبيع فيه صكوك الغفران، وترسم معالم طريقها الجديد الذي تقضي فيه على الإسلام والمسلمين. ويتضح مما سبق: أن الجزويت فرقة كاثوليكية يسوعية، تتستر خلف أعمال البر كإنشاء المدارس والمستشفيات وغيرهما لتستقطب الناس للنصرانية، لاسيما المسلمين منهم، وتحاول هذه الفرقة الغوص في أعماق الأسرار السياسية ومد بعض الحكام بها للفوز بمكانة مرموقة لديهم، تمنحهم نفوذاً كبيراً لمباشرة عمليات التبشير، وهو تبشير يعتمد على هدم القيم الدينية ونشر الرذائل والقول بطبيعية العلاقات الجنسية الحرة وإشاعة الأفكار الهدامة بين المسلمين، ومن ثم جعلهم لبنة هشة تقبل التشكيل الذي يلائم أهداف هذه الفرقة. أماكن الانتشار: تتخذ هذه الفرقة من أوروبا ككل مركز انطلاق لها، وهي تتركز في البرتغال وأسبانيا حيث الرغبة في القضاء على كل أثر للإسلام هناك وفي فرنسا حيث نشأت مقولة الحرية(*) المطلقة في مجال العقيدة وإيطاليا حيث بابا(*) الفاتيكان، ومن هذه المرتكزات تمد هذه الفرقة أذرعتها صوب التجمعات الإسلامية في دول حوض البحر الأبيض المتوسط وجنوب شرق آسيا وبخاصة في اندونيسيا. ---------------------------- مراجع للتوسع: - محاضرات في النصرانية، دار الفكر العربي ط4 الشيخ محمد أبو زهرة. - دائرة معارف القرن العشرين لمحمد فريد وجدي، دار المعرفة، بيروت ط4. - حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر، ط1 أحمد عبد الوهاب. - التبشير والاستعمار ط1، عمر فروخ ومصطفى الخالدي. المورمون التعريف: المورمون طائفة نصرانية جديدة نسبياً منشقة عن النصرانية الأم، تلبس لباس الدعوة إلى دين(*) المسيح(*) عليه السلام، وتدعو إلى تطهير هذا الدين(*) بالعودة به إلى الأصل أي إلى كتاب اليهود، ذلك أن المسيح – في نظرهم – قد جاء لينقذ اليهود من الاضطهاد وليمكنهم من الأرض، إنها – كما تسمي نفسها – طائفة القديسين المعاصرين لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، نبيها(*) المؤسس هو يوسف سميث وكتابها المقدس هو الكتاب المقدس الحديث. التأسيس وأبرز الشخصيات: ولد يوسف سميث في 23/12/1805م بمدينة شارون بمقاطعة وندسور التابعة لولاية فرمونت. وعندما بلغ العاشرة من عمره رحل مع والده إلى مدينة بالمايرا بمقاطعة أونتاريو التابعة لولاية نيويورك. في الرابعة عشرة من عمره انتقل مع أهله إلى مانشستر من نفس المقاطعة. ولما بلغ الخامسة عشرة وجد الناس حوله منقسمين إلى طوائف: الميثوديست(*)، والمشيخي(*)، والمعمداني(*).. فشعر باضطراب وقلق. في ربيع عام 1820م ذهب إلى غابة، وأخذ يصلي منفرداً طالباً من الله الهداية، وبينما هو كذلك إذ شاهد – كما يزعم – نوراً فوق رأسه، تمثل هذا النور في شخصين سماويين هما (الله، وابنه عيسى – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً) وقد نهياه عن الانضمام إلى أي من هذه الفرق. يدعي بأن الوحي(*) قد انقطع عنه، وأنه خضع لاضطهاد عنيف وسخرية من جراء جهره برؤيته هذه، وقد تورط خلال ذلك بزلات طائشة إذ يقول عن نفسه: "وكثيراً ما أدت مخالطتي لشتى البيئات إلى اقتراف زلات طائشة وللاتِّسام بما للشباب من نزق وما للطبيعة البشرية من قصور وقد ورطني ذلك للأسف في ألوان من التجارب والآثام المبغضة إلى الله ولا يتبادر إلى الذهن بسبب هذا الاعتراف أني ارتكبت إثماً فظيعاً أو وزراً منكراً، فما كان بي نزوع قط إلى مثل هذه الأوزار أو تلك الآثام" شهادة يوسف ص7. ـ كما يدعي أنه في مساء 21 سبتمبر 1823م نزل عليه ملاك من السماء اسمه موروني وأخبره بأنه قد أعده لمهمة ينبغي عليه إنجازها، وأخبره عن كتاب نقشت عليه كلمات على صحائف من الذهب تروي أخبار القوم الذين استوطنوا القارة الأمريكية في الأزمنة الغابرة، وتاريخ السلف الذين انحدروا منهم، وأنبأه عن حجرين في قوسين من الفضة لترجمة الكتاب، وغادره هذا الملاك بعد أن نهاه عن إظهار أحد من الناس على هذه الصحف. في 18 يناير 1827م تزوج من فتاة اسمها إيما هيل، فكان له من حميه فيما بعد سنداً قوياً أعانه على نشر فكرته، وذلك لما تتمتع به هذه الأسرة من مكانة طيبة. في 22 سبتمبر 1827م استلم الصحف – كما يزعم – متعهداً بإعادتها بعد نهوضه بالمطلوب. رحل عن مقاطعة مانشستر الأمريكية وذهب إلى حيث حموه في مقاطعة سوسكويهانا بولاية بنسلفانيا، واستوطن مدينة هارموني. شرع في الترجمة بمساعدة مارتن هاريس الذي أخذ بعض الحروف وشيئاً من الترجمة وعرض ذلك على الأستاذ تشارلز آنثون، والدكتور ميتشيل فأقرا بأن ما رأياه إنما هو ترجمة عن اللغة المصرية القديمة وأن الأصل إنما يتألف من حروف مصرية قديمة، وحروف كلدانية، وحروف آشورية، وحروف عربية. في 25 مايو 1825م ذهب مع أوليفر كودري للصلاة في الغابة حيث زعما أنه هبط عليهما يوحنا المعمدان (أي نبي(*) الله يحيى عليه السلام) وأمرهما بأن يعمد(*) كل منهما الآخر، وأخبرهما بأنه قد جاء إليهما تنفيذاً لأمر بطرس يعقوب، ورسَّمهما لرعاية الكنيسة(*) المورمونية. يدعي كل من أوليفر كودري، وداود ويتمر، ومارتن هاريس أنهم قد شاهدوا الصحف وأنهم يشهدون على صحة الترجمة ودقتها وبأن هذا الكتاب إنما هو سجل لقوم نافي ولإخوتهم اللامانيين. أعلن في عام 1830م وبحضور عدد من الشخصيات عن تأسيس كنيسة يسوع المسيح(*) لقديسي الأيام الأخيرة. رحل يوسف سميث وأتباعه عن نيويورك إلى مدينة كيرتلاند المجاورة لمدينة كليفلاند بولاية أوهايو حيث شيَّد هيكلاً عظيماً، كما أنه قام بعمل تبشيري واسع النطاق في تلك المنطقة وما جاورها. بعث بإحدى الإرساليات إلى ولاية ميسوري للتبشير ولاكتساب المؤيدين. تعرضوا للاضطهاد فتنازلوا عن منازلهم ومزارعهم ورحلوا إلى ولاية الينوي حيث اشتروا المستنقعات الشاسعة المهجورة على شاطئ المسيسبي وقاموا بإصلاحها وبنوا مدينة نوفو أي الجديدة. سجن يوسف سميث وأخوه هايرم في مدينة كارسيج بولاية الينوي لاتهامات ضدهما، وبينما هما في السجن دخل عليهما مسلحان مقنعان فقتلاهما بالرصاص. وقد حدث ذلك في 27 يونيو 1844م فانتهت بذلك حياة هذا النبي(*) المزعوم. آلت رئاسة الحركة(*) والنبوة(*) بعده إلى بريجام يونج الذي رحل بالقوم إلى جبال روكي حيث حدد لهم مكان إقامتهم فبنوا مدينة سولت ليك وقد خطط الهجرات إلى يوتاه إذ كان بينهم آلاف البريطانيين والاسكندنافيين، كما يعتبر يونج مسئولاً عن هذه الرحلة المأساوية والتي حدثت عام 1856م حيث مات أثناءها أكثر من مئتي شخص من أتباعه. ـ رؤساء الكنيسة(*) هم الأنبياء، فقد تتابع هؤلاء الأنبياء – بزعمهم – وأخرهم سبنسر كيمبل وقد زاد عدد أعضاء هذه الطائفة إذ بلغوا خمسة ملايين شخص تقريباً وما يزالون في نمو وازدياد. هناك أقلية من المورمون لم توافق على سيطرة يونج بعد موت يوسف سميث، فقد بقي هؤلاء في الينوي مؤسسين – بالتعاون مع إيما سميث الزوجة الأولى لنبيهم ومع ابن سميث جوزيف – كنيسة يسوع المسيح(*) للقديسين المعاصرين المعاد تنظيمها، ومركزها ميسوري، تنفيذاً لوصية النبي المؤسس الذي قال لهم: إن صهيون ستكون فيها. وقامت كذلك فئات أخرى منشقة، كل منها تدعي بأنها قد تلقت صحفاً فيها كتب قديمة مقدسة. أوليفر كودري، ومارتن هاريس، كانا ممن شارك في مرحلة التأسيس وتلقيا الوحي(*) المزعوم. وتتابع أنبياؤهم(*) الذين هم رؤساء الكنيسة على النحو التالي: يوسف سميث. بريجام يونج. جون تيلور. ويلفورد وودروف. لورينزوسنو. هيبر جرانت. جورج ألبرت سميث. داود مكاي. يوسف فليدنج سميث. وأخيراً سبنسر كيمبل الذي ما يزال نبياً ورئيساً لهم إلى الآن. يرد في كتبهم اسم: إلما، يارد، لحي، إنهم أنبياء في كتاب المورمون. لهم شخصيات بارزة في مجلس الشيوخ الأمريكي ومجلس النواب. الأفكار والمعتقدات: الكتب المقدسة لديهم اليوم: الكتاب المقدس: يعتقدون بأنه مجموعة من كتابات مقدسة تحتوي على رؤى الله للإنسان، وأنها مخطوطات تتناول قروناً كثيرة منذ أيام آدم حتى الوقت الذي عاش فيه المسيح(*) وقد كتبها أنبياء كثيرون – على زعمهم – عاشوا في أزمنة مختلفة، وهو ينقسم إلى قسمين: 1- العهد القديم(*): فيه كثير من النبوءات التي تنبأت بقدوم المسيح. 2- العهد الجديد(*): يروي حياة المسيح وتأسيس الكنيسة(*) في ذلك اليوم. كتاب المورمون: هو سجل مقدس لبعض الناس الذين عاشوا في قارة أمريكا بين 2000 ق.م إلى 400 بعد الميلاد، وهو يروي قصة زيارة يسوع المسيح لشعب القارة الأمريكية بعد قيامه من الموت مباشرة (كما يعتقدون). وهذا الكتاب يعدّ الحجر الأساسي لديهم، وإن الإنسان المورموني يتقرب إلى الله بطاعة تعاليمه، وقد قام يوسف سميث بترجمته إلى اللغة الإنجليزية بموهبة الله وقوته، وقد نزل به ملاك من السماء اسمه (موروني) على يوسف سميث. كتاب المبادئ والعهود: هو مجموعة من الرؤى الحديثة التي تخصّ كنيسة يسوع المسيح كما أعيدت إلى أصلها في هذه الأيام الأخيرة، وهو يوضح تنظيم الكنيسة وأعمالها ووظائفها، وفيه نبوءات عن حوادث ستأتي، وفيه أجزاء فيها معلومات مفقودة لمئات السنين، وفيه تعاليم الكتاب المقدس. الخريدة النفيسة: يحتوي على: 1ـ سفر(*) موسى: فيه بعض رؤى موسى وكتاباته كما كُشفت ليوسف سميث في عام 1830م. 2 ـ سفر إبراهيم: ترجمة يوسف سميث من درج بردي مأخوذ من مقابر المصريين القدماء. 3 ـ كتابات يوسف سميث ذاته: تحتوي على جزء من ترجمة الكتب المقدسة ومختارات من تاريخ الكنيسة(*) المورمونية وبنود الإيمان لديهم ورؤية المملكة السماوية. 4ـ رؤية فداء الأموات: وهي تروي زيارة يسوع المسيح(*) للعالم الروحي، وهي رؤية أعطيت للرئيس يوسف سميث في 3 أكتوبر 1918م. إضافة إلى الكتب الأربعة السابقة فإن كلمات الوحي(*) والرؤى التي يذكرها أنبياؤهم تصبح كتباً مقدسة، وكل النشرات والتعاليم وقرارات المؤتمرات كلها تعتبر كتباً مقدسة أيضاً. بنود الإيمان لديهم: كما وضعها يوسف سميث ذاته: الإيمان بالله، الأب(*) الأزلي، وبابنه(*) يسوع المسيح، وبالروح القدس(*). الإيمان بأن البشر سيعاقبون من أجل خطاياهم، وليس بسبب تعدي آدم. الإيمان بأن جميع البشر يستطيعون أن يخلصوا عن طريق كفارة المسيح وذلك بإطاعة شرائع الإنجيل(*) ومراسيمه. الإيمان بأن المبادئ والمراسم الأربعة للإنجيل هي: 1ـ الإيمان بالرب يسوع المسيح. 2ـ التوبة. 3ـ العماد(*) بالتغطيس لغفران الخطايا. 4ـ وضع الأيدي لموهبة الروح القدس(*). الإيمان بأن الإنسان يجب أن يُدعى من الله عن طريق النبوة(*) ووضع الأيدي على يد هؤلاء الذين لهم السلطة لكي يبشر بالإنجيل(*) ويقوم بالمراسيم المتعلقة به. الإيمان بنفس التنظيم الذي قامت عليه الكنيسة(*) القديمة، أي: الرسل(*) والأنبياء والرعاة والمعلمين والمبشرين… الخ. الإيمان بموهبة الألسن والنبوة والرؤيا والأحلام والشفاء وتفسير الألسن. الإيمان بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله بقدر ما ترجم صحيحاً، والإيمان بأن كتاب المورمون هو كلمة الله. الإيمان بكل ما كشفه الله وبما يكشفه الآن وبأنه سيظل يكشف أموراً كثيرة عظيمة تتعلق بملكوت الله. الإيمان بتجمع إسرائيل واستعادة القبائل العشر، وأن دولة صهيون (أورشليم الجديدة) ستؤسس على القارة الأمريكية وأن المسيح(*) سيحلُّ شخصياً على الأرض، وأن الأرض ستتجدد وتتسلم مجدها الفردوسي. يدَّعون امتياز عبادتهم لله القوي طبقاً لما يمليه عليهم ضميرهم كما يسمحون لجميع البشر بهذا الامتياز، فليعبدوا ما يريدون وكيف يريدون وأين يريدون. الإيمان بأنه يجب عليهم الخضوع للملوك والرؤساء والحكام وأصحاب السلطة القضائية، كما يؤمنون بأنه يجب عليهم إطاعة القانون واحترامه وتعضيده. الإيمان بأنه يجب عليهم أن يكونوا أمناء وصادقين وأطهاراً ومحسنين وأصحاب فضيلة وأن يعملوا الخير لكل البشر وهم يسعون وراء كل شيء ذي فضيلة ومحبوب ويستحق التقدير أو المدح. مراتبهم الدينية والتنظيمية: ينقسم الكهنوت لديهم إلى قسمين: 1-كهنوت ملكي صادق: وهو أعظم كهنوت إذ يملك التوجيه والتبشير بالإنجيل(*) كما يملك سلطة قيادة الكنيسة(*). 2ـ كهنوت هارون: وهو الكهنوت الذي منح لهارون ولأولاده خلال جميع الأجيال، وأصحاب هذا الكهنوت يقومون بمراسم الإيمان والتوبة والتعميد(*). خلاصة أفكارهم: يعتقدون أن الله هو على شكل إنسان له لحم وعظام وبداخل جسده الملموس روح أزلية. كما يؤكدون على أن الإله(*) متطور عن الإنسان، والناس يمكنهم أن يتطوروا إلى آلهة – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. الإنسان – كروح – ولد من والدين سماويين، وقد بقي هذا الإنسان في منازل الأب(*) الأبدية قبل المجيء إلى الأرض في جسد مادي، كما أن المسيح(*) هو الروح الأولى، فهو بذلك الابن الأكبر. يسوع المسيح(*) هو الذي خلق الأرض وكل ما فيها، وخلق كذلك عوالم أخرى بتوجيه من أبيه السماوي. ثم خلق بعد ذلك الحيوانات. المسيح عليه السلام: أمه مريم العذراء التي كانت مخطوبة لشخص اسمه يوسف، وقد حلّ عليها الروح القدس وقوة العلي ظللتها، وولدها هو ابن الله(*)، وقد جاء الولد وارثاً لسلطة إلهية من أبيه، ووارثاً الفناء من أمه. قام يوحنا المعمدان بتعميده(*) وهو في الثلاثين من عمره، وقد صام أربعين يوماً ليحارب الشيطان، كما أنه قد ظهرت على يديه معجزات. إن المسيح قد ضُرِبَ، وعُذِّبَ، ومن ثم صُلِبَ، ليسجل انتصاره على الخطيئة، وقد استودع روحه بين يدي أبيه، وقد ظل جسده ثلاثة أيام في القبر، ثم عادت إليه روحه فقام متغلباً على الموت. بعد قيامه بقليل ظهر في أمريكا، وأسس كنيسته، ثم صعد إلى السماء. وقد دخلت الوثنية(*) إلى العقيدة المسيحية(*) كما حارب رجال الدين بعضهم بعضاً مما استوجب نزول المسيح مرة أخرى مع الله وهبوطهما على يوسف سميث بغية إعادتها إلى الأرض مرة أخرى كما كانت في الأصل. حواء ابنة مختارة أعطيت لآدم، وسمح لهما بالأكل من كل الأشجار عدا شجرة معرفة الخير والشر، وقد أغراهما الشيطان فأكلا منها فأصبحا فانيين يشتغلان وينجبان. الروح القدس(*): عضو في الهيئة الإلهية، وله جسد من الروح في شكل إنسان، وهو يوجد في مكان واحد فقط في نفس الوقت إلا أن نفوذه يصل إلى كل مكان. النبي(*) رجل دعاه الله ليمثله على الأرض ويتكلم بالنيابة عنه، والنبوة لديهم مستمرة لا تنقطع. التعميد: ترمز المعمودية إلى الموت والقيامة وذلك بأن ينزل رجل الدين إلى الماء مع الشخص الذي يريد تعميده، فيغطسه في الماء ثم يخرجه، وبذا تنتهي الحياة الخاطئة وتبدأ الحياة الجديدة، وهي تسمى الميلاد الثاني. القربان: كانت القرابين قبل المسيح(*) تقدم على شكل ذبائح من الحيوانات، لكن كفارة المسيح بقتله أنهت هذا النوع من القرابين، وصارت عبارة عن خبز ونبيذ مصحوبة بالصلوات. وخلال رؤية حديثة لقديسي الأيام الأخيرة جعلوها خبزاً وماءً. يقدسون يوم السبت لأن الله استراح فيه بعد انتهائه من خلق الكون ولقد كان قيام المسيح بعد صلبه في يوم الأحد الذي صار محل تقديس عوضاً عن يوم السبت. الصوم: هو الامتناع عن الطعام والشراب مدة أكلتين متتابعتين وبذلك يصوم الشخص أربعاً وعشرين ساعة. فإذا أكل أحدهم العشاء فلا يجوز له أن يأكل مرة ثانية حتى العشاء الآخر. كما يقدم الصائم للقائد الكهنوتي إما مالاً أو طعاماً مساوياً لطعام الوجبتين وهذا يسمى بعطاء الصوم. يحرمون شرب النبيذ، والمسكرات الكحولية والتبغ والدخان بكل أنواعه، ويمتنعون عن شرب القهوة والشاي لما يحتويان عليه من عقاقير مضرة. ويحذرون من تناول المرطبات وما فيها من مشروبات الصودا والمشروبات الفوارة والمياه الغازية، والكولا أشدها خطراً. وينبهون إلى عدم الإسراف في أكل اللحم من دون تحريم، ويبيحون تناول الفواكه والخضر والبقول والغلال مركزين على القمح بخاصة لاعتقادهم بأنه نافع لجسم الإنسان ويؤدي إلى المحافظة على صحته وقوامه. وجدير بالذكر أن يوسف سميث كان يرقص ويشرب الخمر ويشترك في المصارعة وقد كتب يقول: "خلق الإنسان ليتمتع بحياته". يبيحون تعدد الزوجات ويجيزون للرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء لأن في ذلك إعادة لما شرعه الله في الأزمان الغابرة. ولا يسمحون بذلك إلا لذوي الأخلاق(*) العالية على أن يثبتوا قدرة على إعالة أكثر من أسرة. وقد مارس يوسف سميث هذا التعدد. كما استمرت هذه العادة حتى عام 1890م. تخلوا عن التعدد – ظاهرياً – في عهد نبيهم(*) ولفورد نتيجة للضغط الشديد الذي قوبلوا به من الطوائف الأخرى وكذلك بغية تمكنهم من الانضمام إلى السلطات الاتحادية. وعلى الرغم من التحريم الرسمي العلني إلا أنهم يمارسون التعدد سراً. يحرمون الزنى تحريماً مطلقاً، والذي يخطئ يمكنه التوبة والرجوع عن جميع خطاياه. يجب على كل فرد أن يدفع عُشر النقود التي يكسبها على أن يكون ذلك مصحوباً بالفرح والسرور. يدفعون عطاء الصوم، ويدفعون اشتراكات مختلفة وعطايا لغير سبب، فكنيستهم(*) بذلك من الكنائس الغنية الموسرة. من علامات القيامة: - الشرور والحروب والاضطرابات. - استعادة الإنجيل. - بزوغ كتاب المورمون. - اللامانيون يصبحون شعباً عظيماً. - بناء أورشليم الجديدة في ولاية ميسوري. - بيت إسرائيل يصبح شعب الله المختار. بعد الحساب هناك عدة ممالك: - المملكة السماوية: للذين تسلموا شهادة يسوع وآمنوا باسمه وتعمدوا(*). - المملكة الأرضية: للذين رفضوا الإنجيل(*) على الأرض ولكنهم استلموه في العالم الروحي. المملكة السفلية: للذين لم يتسلموا الإنجيل(*) ولا شهادة يسوع سواء على الأرض أو في العالم الروحي ومع هؤلاء يكون الزناة والفجار. الظلمة الخارجية: للذين شهدوا ليسوع بالروح القدس(*) وعرفوا قوة الرب لكنهم سمحوا للشيطان بأن يتغلب عليهم فينكروا الحق ويَتَحَدوا قوة الرب. يؤمنون بالعهد الألفي السعيد الذي يدوم ألف سنة من تاريخ مجيء المسيح إلى الأرض حيث يقوم كثير من الأموات، وبعضهم يختطف للقائه عندما ينزل، وهي القيامة الأولى. أما الأشرار فيهلكون في الأجساد ويبقون كذلك مع الأشرار من الأموات حتى انتهاء الألف سنة حيث تأتي القيامة الآخرة. في فترة الألف سنة هذه تسود المحبة والسلام، ويملك يسوع شخصياً، وتجتمع الأرض في مكان واحد، فلن يكون هناك قارات مختلفة، وينمو الأطفال بدون خطيئة. لن يكون هناك موت: لأن الناس سيتغيرون من حالتهم الفانية إلى حياة الخلود في لحظة. في نهاية العهد الألفي سيطلق سراح الشيطان لمدة قصيرة، وتحدث معركة بين أتباع الأنبياء(*) وأتباع الشيطان. وعندها ينتصر المؤمنون ويطرد الشيطان إلى الأبد مدحوراً. المورمون واليهود: مما لا شك فيه أن لليهود دوراً فعالاً ونشيطاً في حركة المورمون ولذلك فهم: يعتقدون بأن الله أعطى وعده لإبراهيم، ومن ثم لابنه يعقوب بأن من ذريته سيكون شعب الله المختار. وأن يعقوب الذي اسمه (إسرائيل) رزق باثني عشر ابناً يعرفون بالأسباط. وأن هؤلاء الأنبياء ارتكبوا الشرور فبددهم الله في الأرض منقسمين إلى مملكتين: 1- المملكة الشمالية: وتسمى إسرائيل حيث عاش فيها عشرة أسباط. 2- المملكة الجنوبية: وتسمى مملكة يهوذا حيث عاش فيها سبطان فقط. الأسباط الشماليون هزموا في معركة ودفعوا إلى السبي، وقد هرب بعضهم وتاهوا في البلاد. بعد مائة عام انهزمت المملكة الجنوبية حوالي عام 600ق.م. عندها ترك لحي وعائلته أورشليم مستقرين في القارة الأمريكية فكان منهم النافيون وكذلك اللامانيون الذي يعتبرون من سلالة لحي. وقد هدمت أورشليم عام 586 ق.م. سبطا إسرائيل اللذان بقيا أُخِذا أسيرين، كما أعيد بناء أورشليم بعد المسيح، إلا أن الجنود الرومانيين قد خربوها مرة ثانية. يصرحون بأن في هذا الزمان قد وعد الرب بأنه سيجمع بني إسرائيل ليتعلموا الإنجيل(*)، كما أن موسى النبي قد نزل على يوسف سميث عام 1836م وأعطاه سلطة جمع بيت إسرائيل في هيكل كيرتلاند. بيت إسرائيل الآن في طريقه إلى الجمع إذ أن آلافاً من الناس ينضمون إلى الكنيسة(*) سنوياً من الإسرائيليين الذي ينتمون إلى عائلة إبراهيم ويعقوب إما بعلاقة الدم أو بعلاقة التبني حسب ادعاءاتهم. سيجمع سبطا افرايم ومنسي في أرض أمريكا، وسيعود سبط يهوذا إلى أورشليم كما أن الأسباط العشرة المفقودة ستتسلم البركات التي وعدت بها من سبط افرايم في أمريكا. الإسرائيليون المشتتون في كل دولة يدعون للتجمع في حظيرة المسيح(*) في أوتاد صهيون. هذا التجمع الحرفي لإسرائيل لن يتم حتى المجيء الثاني للمخلص كما يزعمون. ستكون هناك عاصمتان في العالم: الأولى في أورشليم والثانية في أمريكا لأن من صهيون تخرج الشريعة، ومن أورشليم تخرج كلمة الرب. الجذور الفكرية والعقائدية: لليهود دور في نشوء هذه الطائفة تعزيزاً للانشقاق داخل الكنائس المسيحية بغية السيطرة عليها. كتاب المورمون يشبه التلمود في كل شيء ويحاكيه وكأنه نسخة طبق الأصل عنه. إن إسرائيل قد جندت كل إمكاناتها لخدمة هذه الطائفة عاملة على استمرارية العون والمساندة النصرانية لها. يعملون على ربط صهيون أو القدس الجديدة بالأرض الأمريكية المقدسة – حسب وصايا الرب – انتظاراً لعودة المسيح(*) الذي سيعود ليملك الأرض ويملأها جنات خالدات. يقولون عن فلسطين في كتاب المورمون في الإصحاح العاشر الفقرة 31: "فاستيقظي وانتفضي من الثرى يا أورشليم، نعم… والبسي حللك الجميلة يا ابنة صهيون، ووسعي حدودك إلى الأبد، لكي لا تعودي مغلوبة ولكي تتحقق عهود الأب(*) الأزلية التي قطعها معك، يا بيت إسرائيل". يقولون في الإصحاح الرابع عشر فقرة 6 مخاطبين المورمون: "لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا دوركم قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت لتمزقكم". نلاحظ تعانق الفكر الصليبي مع الفكر الصهيوني في نظرتهم إلى فلسطين، إنهم يقولون ذلك منذ عام 1825م يوم كانت فلسطين ما تزال جزءً من أرض الإسلام. الانتشار ومواقع النفوذ: آمن بفكرة المورمون كثير من النصارى، وكان دعاتها من الشباب المتحمس، وقد بلغ عدد أفرادها أكثر من خمسة ملايين نسمة، ثمانون بالمائة منهم في الولايات المتحدة الأمريكية ويتمركزون في ولاية يوتاه حيث أن 68% من سكان هذه الولاية منهم، و62% من سكان مقاطعة البحيرات المالحة مسجلون كأعضاء في هذه الكنيسة(*) ومركزهم الرئيسي في ولاية يوتاه الأمريكية. انتشروا في الولايات المتحدة الأمريكية، وأمريكا الجنوبية، وكندا، وأوروبا، كما أن لهم في معظم أنحاء العالم فروعاً ومكاتب ومراكز لنشر أفكارهم ومعتقداتهم. أنهم يوزعون كتبهم مجاناً، ودعوتهم تأتي خدمة لمصلحة إسرائيل وتأكيداً لأهدافها المرسومة. ولهم 175 إرسالية تنصيرية، كما أنهم يملكون: شبكة تلفزيونية، وإحدى عشرة محطة إذاعية. ويملكون مجلة شهرية بالأسبانية، وصحيفة يومية واحدة. ويملكون مركزاً متطوراً جداً للمعلومات في مدينة سولت ليك في ولاية يوتاه الأمريكية. ويتضح مما سبق: أن المورمون طائفة نصرانية جديدة نسبياً، انشقت عن النصرانية، وتدعو إلى التمسك بالكتب اليهودية وكتاب المورمون وكتاب المبادئ والعهود وغيرها ويدعون إلى الإيمان بالمسيح الذي جاء – في نظرهم – لينقذ اليهود من الاضطهاد، والإيمان بأن المبادئ والمراسم الأربعة للإنجيل(*) هي: الإيمان بالرب يسوع المسيح(*) كما يقولون، والتوبة والعماد(*) بالتغطيس لغفران الخطايا ووضع الأيدي لموهبة الروح القدس(*). ويصل شركهم مداه عندما يقولون إنهم يعتقدون إن الله تعالى هو على شكل إنسان له لحم وعظام وبداخل جسده الملموس روح أزلية، كما أن البشر عندهم هم أبناء وبنات الله، ومن هنا يجب حذر المسلمين من أفكارهم. مراجع للتوسع: هناك نشرات توزعها كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة بمدينة سولت ليك بولاية يوتاه في الولايات المتحدة الأمريكية ومنها: (a) The Church of Jesus Christ of Latter-day Saints • ومن نشراتهم باللغة العربية ما يلي: - مبادئ الإنجيل. - دليل الشعبة. - دليل القائد الكهنوتي. - كلمة الحكمة. - شهادة يوسف سميث. - دليل العائلة. - ماذا عن المورمون – طبع الولايات المتحدة. - مقال عن المورمون في مجلة الأمة عدد 22 شوال 1402هـ/ آب 1982م. - مقال في الموسوعة البريطانية عن المورمون. - ولهم كذلك نشرات باللغة الإنجليزية هي: - Succession in the Presidency. - W.H.Y. Famillies? - A Family home evening program suggested by the Church of Jesus Christ of latter-day saints. - The Mormons and the Jewish people. - The Lord’s Day. - What the Mormons think of Christ. - A Word of Wisdom, Mark E. Perersen. - Baptism. How and by Whom *****istered?
__________________
|
#22
|
|||
|
|||
[align=center]شهود يَهْوَه
التعريف: هي منظمة عالمية دينية وسياسية، تقوم على سرية التنظيم(*) وعلنية الفكرة، ظهرت في أمريكا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكما تدعي أنها مسيحية(*)، والواقع يؤكد أنها واقعة تحت سيطرة اليهود وتعمل لحسابهم، وهي تعرف باسم (جمعية العالم الجديد) إلى جانب (شهود يهوه) الذي عرفت به ابتداء من سنة 1931م وقد اعترف بها رسمياً في أمريكا قبل ظهورها بهذا الاسم وذلك سنة 1884م. التأسيس وأبرز الشخصيات: أسسها سنة 1874م الراهب(*) تشارلز راسل 1862 – 1916م وكانت تعرف آنذاك باسم مذهب(*) الراسلية أو الراسليين نسبة إلى مؤسسها كما عرفت باسم الدارسون الجدد للإنجيل(*). وعرفت بعد ذلك باسم جمعية(*) برج المراقبة والتوراة(*) والكراريس Watch Tower Bible and Tract Society ثم استقر الأمر أخيراً وعرفت باسم يهوه(*) نسبة إلى يَهْوَه إله بني إسرائيل على ما تردد توراتهم، (راجع سفر الخروج6: 2–4) "وكلم الله موسى قال له أنا الرب. أنا الذي تجليت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب إلهاً قادراً على كل شيء وأما اسمي يهوه فلم أعلنه لهم". ثم خلفه في رئاسة المنظمة فرانكلين رذرفورد 1869 – 1942م الذي ألف سنة 1917م كتاب سقوط بابل ويرمز ببابل لكل الأنظمة الموجودة في العالم. ثم جاء نارثان هرمر كنور 1905م وفي عهده أصبحت المنظمة دولة داخل الدولة كما يقال. الأفكار والمعتقدات: إشاعة الفوضى الخلقية والتحلل من جميع الفضائل الإنسانية التي حثت عليها التعاليم الدينية. يؤمنون بيهوه(*) إلهاً(*) لهم وبعيسى رئيساً لمملكة الله. يؤمنون بالكتاب المقدس للنصارى ولكنهم يفسرونه حسب مصالحهم. الطاعة العمياء لرؤسائهم. يستغلون اسم المسيح(*) والكتاب المقدس للوصول إلى هدفهم وهو: إقامة دولة دينية دنيوية للسيطرة على العالم. تهيئة النفوس لإقامة الدولة اليهودية الكبرى. نفي الحساب والعقاب في الآخرة فلا إثم على من يقترف ذنباً أو معصية في دنياه. لا يؤمنون بالآخرة ولا بجهنم ويعتقدون بأن الجنة ستكون في الدنيا في مملكتهم. يعتقدون بقرب قيام حرب تحريرية يقودها عيسى وهم جنوده يزيحون بها جميع حكام الأرض. يقتطفون من الكتاب المقدس الأجزاء التي تحبب إسرائيل واليهود إلى الناس ويقومون بنشرها. لا يؤمنون بالروح وبخلودها ولهم معابد خاصة بهم يسمونها القاعة الملكية أو بيت الرب. الأخوة الإنسانية مقتصرة عليهم دون سواهم من البشر. يعادون النظم الوضعية ويدعون إلى التمرد، ويعادون الأديان(*) إلا اليهودية، وجميع رؤسائهم يهود. إشاعة الفوضى العالمية بتحريض الشعوب على التمرد على حكوماتهم وشق عصا الطاعة عليها ومقاطعة جميع النشاطات الرسمية في الدولة ويبررون ذلك بما جاء في كتابهم الأخضر "ليكن الله صادقاً بأنهم سفراء الله في ملكوته المقدس، ومن ثمَّ فهم يتمتعون بحصانة تعفيهم من الخضوع للحكومات المدنية أياً كانت مقوماتها". يعترفون بقداسة الكتب التي تعترف بها اليهودية وتقدسها وهي 19 كتاباً. يقولون بالتثليث(*) ويفسرونه بـ (يهوه(*)، الابن(*)، الروح القدس(*)). يمر العضو فيها بمراحل معقدة ويخضع الالتحاق بها إلى شروط قاسية، وتنتظم عضوية جمعية شهود يهوه ثلاث مراتب: أعضاء الرجاء السماوي: وهم أعضاء الإدارة العليا ويرأسهم العبد العظيم أو الحكيم ويعرف مقره ببيت "إيل" أي بيت الله. صف جلعاد أو الرجاء الأرضي: ويشمل من الأعضاء الرواد والمعاونين ونظار المناطق، وهؤلاء هم أعضاء الإدارة التنفيذية. المبشرون: ويعرف أعضاؤها بالخدم، وتضم هذه المرتبة الشهود وهم الأعضاء المكلفون بتوزيع مطبوعات الجمعية ورسائلها. شعاراتهم ورموزهم: تبني المينورا وهي الشمعدان السباعي الذي هو رمز اليهود الديني والوطني. تبني النجمة السداسية وهي رمز لليهود كذلك. تبني اسم يهوه(*) ويكتبونه بالعبرية وهو "الإله(*)" عند اليهود. من كتب المنظمة: تنطق باسمهم مجلة كانت تصدر تحت اسم برج مراقبة صهيون ثم عدلوها إلى: برج المراقبة لإخفاء كلمة صهيون. هذا الخبر الجيد عن المملكة (المقصود مملكتهم المأمولة). الأساس في الإيمان بعالم جديد. لقد اقترب علاج الأمم. العيش بأمل نظام عادل جديد. الجذور الفكرية والعقائدية: يمكن اعتبارهم فرقة مسيحية(*) منفردة بفهم خاص إلا أنهم واقعون تحت سيطرة اليهود بشكل واضح ويتبنون العقائد اليهودية في الجملة ويعملون لأهداف اليهود. تأثروا بأفكار الفلاسفة القدامى واليونانيين منهم بخاصة. لهم علاقة وطيدة بإسرائيل وبالمنظمات اليهودية العالمية كالماسونية. لهم علاقة تعاون مع المنظمات التبشيرية والمنظمات الشيوعية والاشتراكية الدولية. لهم علاقة كبيرة مع أهل النفوذ من اليونانيين والأرمن. الانتشار ومواقع النفوذ: لا تكاد تخلو دولة في العالم من نشاط لهذه المنظمة السرية الخطرة. مركزهم الرئيسي في أمريكا – حي بروكلين بنيويورك: 124 Columbia Heights. (i) Brooklyn 1. New York - USA وصل عدد البلدان التي يزاولون فيها نشاطهم سنة 1955م إلى 158 دولة وكان عددهم آنذاك 632929 عضواً وعدد دعاتهم 1814 داعية فكم يكون إذن عددهم الآن؟ وقد فطنت بعض الدول إلى خطورتهم فمنعت نشاطهم وتعقبتهم ومن هذه الدول: سنغافورة، لبنان، ساحل العاج، الفلبين، العراق، النرويج، الكاميرون، الصين، تركيا، سويسرا، رومانيا، هولندا.. وما يزالون ينشطون في هذه الدول بطريقتهم الخاصة السرية. أما في إفريقيا والدول الإسلامية فغالباً ما يكون نشاطهم بالتعاون مع المنظمات التبشيرية. طريقتهم في العمل: يرون أنه ثبت بالدليل أن عدداً كبيراً من الناس لا يحضرون إلى المعابد، وأن أكثر من نصف الناس في بعض البلدان لا ينتمون إلى طائفة من الطوائف الدينية، وأن ملايين من المنتمين إلى الطوائف الدينية لا يحضرون عبادتهم ولا يريدون أن يستمعوا إلى رجال الدين. فعملت شهود يهوه على أن تخفي نفسها تحت أستار أنها فرقة مسيحية(*) تطوف بالبيوت والمقاهي والأندية العامة والطرقات، حاملة الكتب والمنشورات، تعرض فيها تعاليمها بحماسة مدعية أنها حاملة رسالة دين(*) جديد يجمع تحت لوائه أهل الأديان(*) كافة، تتظاهر بعدم معاداة أحد أو أية طائفة من الطوائف. كما عملت على عدم الاحتفاظ بأسماء أعضائها واكتفت فقط بحفظ ناشري مطبوعاتها ونشراتها وعملت – أيضاً – على عدم الإعلان عمن يساعدها بالأموال في أداء مهامها. يصدرون آلاف الكتب والنشرات والصحف ويوزعونها مجاناً مما يدل على قوة رصيدهم المالي. لهم مدارس خاصة بهم ومزارع ودور صحافة ودور نشر.. ولكل منها إدارة خاصة بها. لهم مكاتب للترجمة والتأليف ولجان دينية عليا لتفسير الكتاب المقدس وفق مصلحتهم. لهم تعاون كبير مع المنظمات المماثلة التي تعمل لصالح اليهود. تستفيد هذه المنظمة من أعضائها في أعمال الاستخبارات والجاسوسية والدعاية. ويتضح مما سبق: إن منظمة شهود يهوه تدعي المسيحية(*) وتوالي اليهودية وتعادي الإسلام وهي من المنظمات المشبوهة التي يلزم وقف نشاطاتها في أي بلد إسلامي – إن وجد - وعدم السماح بتداول مطبوعاتها ومجلاتها تحت أي مسمى كان ويكفي أن علاقتهم وطيدة بإسرائيل وأن روابطهم وثيقة بعملاء التنصير. ---------------------------- مراجع للتوسع: - شهود يهوه، د. محمد حرب. - كتابان باللغة التركية: الأستاذ حكمت تانيو وهما: - Yehora Sahitleri. - Tharih Boyunca Turkler ve Yahudiler. - الماسونية العالمية في ميزان الإسلام، عبد الله سمك، كلية أصول الدين بالقاهرة 1407هـ/1987م. - شهود يهوه في الميزان، جبرائيل فرح البوس. - الصهيونية بين الدين والسياسة، عبد السميع الهراوي. - لهذا أكره إسرائيل، أمين سامي الغمراوي. - اليهودية العالمية وحربها المستمرة على المسيحية، إيليا أبو الروس. - نظرة حول المؤامرات الدولية اليهودية، د. سعيد محمد أحمد بانجة. - الماسونية في العراء، د. محمد علي الزعبي. - شهود يهوه. التطرف المسيحي في مصر، أبو إسلام أحمد عبد الله. الأبوس ديي التعريف: الأبوس ديي منظمة (*) سرية دينية لا رهبانية نصرانية كاثوليكية معاصرة، تسعى إلى سيادة التعاليم الإنجيلية والعودة إلى النصرانية الأولى كما هي موجودة في الإنجيل(*) المتداول. وذلك وفق ضوابط تنظيمية دقيقة محكمة مع الاستفادة الكاملة من معطيات العصر الحديث، وتتلمس طريقها من خلال السيطرة على النواحي السياسية والاقتصادية والتربوية. واسمها يجمع بين اسمي جمعية(*) الصليب المقدس، ومنظمة العمل الإلهي معاً. وتختلف عن الهيئات الأخرى في عدم ارتداء زيٍّ خاص بها، وسرية النذر وعدم وجود حياة جماعية مشتركة بشكل إجباري، ومصادر دخلها تعتبر سراً من الأسرار. التأسيس وأبرز الشخصيات: * أسس هذه المنظمة القس خوسيه ماريا أسكريفا JOSE MArIA ESCrIVA في أسبانيا وذلك في 2 أكتوبر 1928م وهو يزعم أنه قد اختير لهذه المهمة بوحي(*) إلهي وذلك كي يضفي على هذا التأسيس هالة من التقديس. * في عام 1930م تم تأسيس الفرع النسائي للمنظمة على نفس نمط الفرع الرجالي تنظيماً وانتشاراً. * وجدت أفكار أسكريفا أرضاً خصبة في إسبانيا تحت حكم الجنرال فرانكو وبخاصة عقب الانتهاء من الحرب الأهلية فيها. * للمنظمة أعضاء وصلوا إلى الوزارة في كل من أسبانيا وإيطاليا ويشكلون ثقلاً مهمَّا في كلا البلدين. * لهم الآن ثلاثون نائباً على الأقل في البرلمان(*) الأسباني ينتمون إلى المنظمة ويتحركون بإيحاءاتها. * هناك أساقفة(*) وقساوسة(*) منتمون سراً للمنظمة ويعملون بين مختلف الطبقات الاجتماعية الأسبانية وفي صفوف الجيش. * ولهم رئاسة قسم الدراسات اللاهوتية في روما وهو فرع من جامعة نافارا الأسبانية. • الهيكل التنظيمي : - المجلس العام: ويتألف من الرئيس والسكرتير العام والنائب العام وشخصيات من أربع عشرة دولة، وهو الذي يتخذ القرارات الحاسمة باعتباره أعلى سلطة في المنظمة بجميع فروعها في العالم وبأقسامها الثلاثة: القساوسة والمدنيين والفرع النسائي. - القساوسة: وهي أعلى درجة يطمح العضو فيها ويرتقي إليها العضو النظامي، وحتى عندما يتحول العضو النظامي إلى قسيس(*) فإنه لا يتخلى عن عمله المهني ويصبح في هذه الحال طبيباً قسيساً أو محامياً قسيساً.. الخ. - العضو النظامي وهي أعلى درجة في التنظيم. - الناذر نفسه (القربان) ويقوم بنذر نفسه للمنظمة ويكرس حياته لها. - العضو غير النظامي. - المتعاون، علاقته كنصير أو مؤيد. - اعترفت الكنيسة(*) الأسبانية بهذا الهيكل التنظيمي للأبوس ديي اعترافاً شبه رسمي مما دعم مكانتها وزاد في انتشارها. - لقي المؤسس اهتماماً من الفاتيكان(*) مما جعله يقرر الانتقال من أسبانيا إلى روما والإقامة هناك بشكل نهائي جاعلاً منها المقر الرئيسي للمنظمة. - ظل اسكريفا رئيساً لهذه المنظمة طيلة حياته إلى أن توفي عام 1975م. - يقوم تنظيم نسائي على يد أخوات الأعضاء البارزين في الحركة. الأفكار والمعتقدات : * أفكار دينية وتنظيمية : أهداف المنظمة(*) دينية صرفة، فهي تعمل من أجل إعلاء النصرانية وفق العقائد الكاثوليكية، عن طريق التربية والسياسة والاقتصاد. - يتضمن نشاط المنظمة جهود رجال الدين، ومن غير رجال الدين، كما يشمل الرجال والنساء، ويعطي عناية خاصة للشباب. - يحرض التنظيم(*) على أن يكون أعضاؤه قدوة حسنة، كما يحرص على السرية والكتمان. - يهدف التنظيم فيما يعلنون إلى تربية جادة صارمة لأعضائه، تقوم على الجدية، والعفة وحسن الخلق، بل والتقشف أيضاً، فكأنه يريد أن يحيي فيهم روح الأوائل. - يقوم التنظيم على ضوابط دقيقة في الانتساب، ثم في التعامل بين الأعضاء في مرحلة ما بعد الانتساب، وحتى في حالات الاستقالة أو الفصل، وتوزع الأمور توزيعاً موضوعياً يعطي المرء حق التظلم والاعتراض. - التنظيم عمل متكامل يهدف إلى المواءمة بين النواحي الروحية الدينية وبين الاستفادة من كل ما تقدمه الحضارة الحديثة من أدوات تنظيمية دقيقة ذات أهداف ومناهج وضوابط وموارد مالية. * لقد نشأت هذه المنظمة في الأصل لتكون لصيقة بنظام الجنرال فرانكو، وكان لتأييده لها أثر مهم في زيادة نفوذها وانتشارها. * يمكن أن توصف المنظمة بأنها (مافيا دينية كاثوليكية) بوحي من أهدافها وحسب مصلحتها للسيطرة السياسية والاقتصادية في أسبانيا بخاصة وفي مختلف دول العالم بعامة. وقد شكلت المنظمة إمبراطورية اقتصادية صناعية تماثل أرقى وأحدث صور الإمبراطوريات الصناعية الاقتصادية المتعددة الجنسيات الموجودة في العالم. وهي متغلغلة في جميع الأوساط والطبقات. * تحاول المنظمة الوقوف بكل حزم أمام تيار المنظمات اليسارية والليبرالية والماسونية. * إذا أظهر المرشح رغبة للانضمام فإن عليه أن يخضع (لإرادة الرب)، وإرادة الرب عندهم هي أن يدخل المرء في هذه المنظمة، وبعد ستة أشهر تقريباً من العيش داخل المنظمة وروحانيتها يقبل المرشح بشكل رسمي. * بعد ستة أعوام من الانضمام تقام حفلة (الإخلاص والوفاء) لتأكيد عضوية المتقدم بشكلٍ نهائي حيث يعطي خاتماً عليه قطعة من الحجر الكريم يفرض عليه حمله طوال حياته. * كثير من أعضاء المنظمة(*) يجعلون من الحمار شعاراً لهم ويقولون أن المسيح قد دخل القدس وهو راكب على ظهر حمار، ومن صلوات اسكريفا قوله مخاطباً ربه: (أنا حمارك الجربان). * تتركز النواحي الروحية للحركة فيما يلي: - تقبل الأرض عند الاستيقاظ. - الحمام والحلاقة خلال نصف ساعة على الأكثر. - نصف ساعة للصلاة الفردية، وبعد ذلك قداس جماعي لمدة عشر دقائق. - بعد الغداء زيارة مكان القربان المقدس، وبعد ذلك ثلاث ساعات من الصمت الأصغر. - (العصرونية) وهو وقت مخصص للنشاط الجماعي بسبب وجود بعض المدعوين (المرشحين) حيث تختلق مناقشات في موضوع ديني ما أو حادثة دينية معينة. نصف ساعة للصلاة. - نهاية اليوم وتقرأ فيه الصلوات ثم يجري فحص عام للنشاطات الروحية أو المالية التي جرت فيه، ويبدأ بعد الصمت الأكبر الذي يمنع فيه الكلام خلال كل الوقت الباقي حتى اليوم التالي. - قبل النوم يرسم الأعضاء إشارة الصليب بأيديهم على جسمهم، ويرشون الماء المقدس على الفراش ثم يقومون بصلاة قصيرة وينامون. * في الثاني من شباط سنة 1947م قام الفاتيكان(*) بمنح الأبوس ديي درجة (هيئة دينية لا رهبانية) أي هيئة دينية للعمل ضمن ومن خلال المجتمع المدني. • المؤلفات : - ألف اسكريفا كتيباً صغيراً عام 1934م سماه اعتبارات روحية لكن الكتاب اختفى فجأة ليحل محله كتاب الطريق الذي يعد إنجيل المنظمة، وقد ظهرت طبعته الأولى عام 1939م، ويحتوي على 999 حكمة ومقسم إلى أربعين باباً و136 موضوعاً. - لاسكريفا أطروحة دكتوراه، وله كتب صغيرة حول صلاتهم. - من كتب المنظمة القيمة الإلهية للإنسان تأليف خوسي أورتيغا، يتكلم فيه عن الإنسان الكاثوليكي الصليبي. وكتاب روحانية العلمانيين تأليف خوان باركيستا توريو. الجذور الفكرية والعقائدية: * هذه المنظمة(*) نصرانية كاثوليكية تدعو إلى العودة إلى النصرانية الأولى مستفيدة من معطيات العصر الحديث. * توجهها ديني سياسي اقتصادي تربوي . * تؤمن المنظمة بكل معطيات النصرانية من تثليث(*) وأب(*) وابن(*) وروح القدس(*) والعذراء والصليب(*) والفداء والقرابين والخطيئة وأكل لحم الخنزير وما إلى ذلك مما يعتقده النصارى بعامة. الانتشار ومواقع النفوذ: - لا يوجد في العالم بلد نصراني إلا وللمنظمة وجود فيه، فقد اتسع وجود المنظمة ليشمل أكثر من خمسين دولة في العالم تغلغلت من خلالها في جميع الجوانب الفكرية والثقافية والسياسية والمالية. * تتركز قوتها في المناطق التالية: أسبانيا وفيها ثقلها الأساسي، إيطاليا حيث يقوم المركز الرئيسي والدولي في روما بشارع فيرلا برورو Virla Bruro ومهمته الإدارة والتنظيم(*)، الفلبين في شرق آسيا، المكسيك وفنزويلا في أمريكا اللاتينية، وقد دخلت الحياة العامة في كولومبيا والبيرو وتشيلي، وأخيراً في الأرجنتين ولكن بنسب متفاوتة، وكينيا في إفريقيا. - يصل عدد أعضاء المنظمة في العالم اليوم إلى حوالي 72000 نسمة من 78 جنسية نصفهم في أسبانيا. وتملك المنظمة أكثر من 700 مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية ومعهد وبيت للطلبة ومركز ثقافي منتشرة في العالم منها 497 جامعة ومدرسة عليا. - يملكون 52 محطة إذاعة، 12 شركة توزيع وإنتاج سينمائي و 694 مطبوعة دورية و38 وكالة أنباء و13 بنكاً وشركات ومصانع وعقارات كثيرة. - وصلت المنظمة إلى السيطرة شبه الكاملة على المجلس الأعلى للأبحاث العلمية في أسبانيا. في أسبانيا وحدها تملك المنظمة 21 بيتاً من بيوت الطلبة تديرها بشكل مباشر. ويتضح مما سبق: أن الأبوس ديي منظمة(*) سرية دينية نصرانية هدفها إعلاء المسيحية(*) الكاثوليكية عن طريق الإفادة من كل المعطيات الحديثة للتربية والسياسة والاقتصاد، ومن خلال أعضاء يجب أن يكونوا قدوة حسنة ويحرصون على السرية والكتمان، بغية تحقيق السيطرة الدينية والسياسية في أسبانيا وغيرها من الدول التي انتشرت فيها. وللمنظمة هيكل تنظيمي، يسهر كله على تحقيق النواحي الروحية للمنظمة التي يتخذ كثير من أعضائها الحمار شعاراً لهم، وبحسبانها مافيا دينية كاثوليكية فإنها تعتبر أنها هي وحدها على الحق وأن كل ما عداها على باطل. ---------------------------- مراجع للتوسع : - الكتب والمؤلفات التي تصدرها المنظمة. - منظمة الأبوس ديي: النشأة، التنظيم، التطور تقرير في ملفات الندوة العالمية للشباب الإسلامي. - دستور هيئة الأبوس ديي، تقرير في ملفات الندوة العالمية للشباب الإسلامي. المونية (حركة صن مون التوحيدية) التعريف: المونية: حركة(*) مشبوهة تدعو إلى توحيد الأديان(*) وصهرها في بوتقة واحدة بهدف إلغاء الفوارق الدينية بين الناس لينصهروا جميعاً في بوتقة (صن مون) الكوري الذي ظهر بنبوة جديدة في هذا العصر الحديث. التأسيس وأبرز الشخصيات: * مؤسس هذه النحلة هو القس(*) الثري صن مون المولود في كوريا عام 1920 الذي ادّعى بأنه على اتصال بالمسيح عليه الصلاة والسلام منذ عام 1936م وأنه منذ بلوغه السادسة والعشرين من عمره بدأ يدرس حياة الأنبياء(*) والقادة الروحيين من مثل موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ، ومن مثل بوذا(*) وكرشنا(*)، ويطلع على تعاليم الأديان (*) السماوية والوضعية كاليهودية والنصرانية والإسلام وكذلك البوذية والهندوسية. - في عام 1973م انتقل إلى الولايات المتحدة وعقد صلات عدة مع كبار الشخصيات هناك. - أُلقي القبض عليه وأودع السجن الفيدرالي بكنكتيكت لمدة سنة ونصف السنة بسبب تهربه من دفع الضرائب، وقد استطاع أتباعه تصوير سجنه على أنه اضطهاد في سبيل المعتقد الديني الذي يحمله. - يحتل حالياً منصب الرئيس للمجلس العالمي للأديان. - زار ألمانيا، لكن سلطات بون أعلنت أنه شخص غير مرغوب فيه. - يحاول أن يكون قريباً من الأحداث المهمة إذ كان له ولطائفته دور مهم في الوقوف إلى جانب الرئيس ريتشارد نيكسون في فضيحة ووترجيت، كما أنهم كانوا نشيطين في حماية برنامج الرئيس ريغان وسياسته في أمريكا الوسطى. * شانج هوان كواك: يشغل منصب مساعد رئيس المجلس العالمي للأديان(*)، وهو أكبر معاوني مون، وقد أعلن في بيانه الذي ألقاه في المؤتمر المنعقد بتركيا سنة 1985م عن نبوة(*) مون وأنه يتلقى الوحي(*) revelation من السماء . * اليهودي فرانك كوفمان: يقيم في نيويورك، ويتبع مون، ويعمل في مؤسسته، وقد ناشد علماء المسلمين في مؤتمر تركيا "أن يتفهموا موقف الأديان الأخرى مثل اليهودية والبوذية والهندوكية". * دكتور يوسف كلارك: قس(*) كاثوليكي من مساعدي مون، وهو عضو مجلس إدارة المجلس العالمي للأديان، كان ممثل المجلس في مؤتمر تركيا. * كوزا: رئيس مكتب مون في هندوراس ويعمل بهمة على نشر الحركة(*) في أمريكا اللاتينية. * موسى دست: رئيس كنيسة(*) مون بالولايات المتحدة الأمريكية. الأفكار والمعتقدات: * يزعم أنه على اتصال بالمسيح(*) وأنه يتلقى الوحي من السماء مدعياً نبوة جديدة. * شعاره وهدفه المعلن هو السعي من أجل توحيد الأديان(*) على اختلاف أنواعها. * يقول للنصارى بأن الإله(*) قد رمى بالمسيحية(*) جانباً وأبدلها برسالة جديدة هي رسالة توحيد الأديان الداعي إليها. * من القانون الأساسي لحركة مون: "إن الهدف الرئيسي هو العمل من أجل توحيد العالم تحت راية إله واحد بحيث تضمحل من هذا العالم كل الحواجز والعوائق الكنسية والسياسية والوطنية والقومية والاجتماعية". * يقولون في كتابهم المبدأ المقدس: "إن رسالة آدم الأساسية أن يخلق الأسرة الكاملة في الأرض، وهذه المهمة لم تتحقق نتيجة لعمل الشيطان الذي كان نشيطاً في مهمته منذ بداية الخلق، وعيسى قد خلق آدم، وفشل في أمر الزواج، وترك مبدأ تكوين الأسرة الكاملة، وفشله ليس كاملاً فقد أحيا الجانب الروحي للإنسان، وقد ظل جسد الإنسان مستعبداً للشيطان، هذا أيضاً يجب تجديده، وهذا يستلزم آدماً ثالثاً بالاتحاد مع زجة مثالية يمكن تحقيق هذا الهدف لإنجاب الإنسان الكامل". * إنهم يقومون بدراسة رسومات بيانية يزعمون أنها "تبين أن التاريخ والأحداث متكررة ومقدرة سلفاً ووفقاً لهذه الجداول البيانية، ويقولون: إن هناك أمثلة متكررة من البشر قد اختيروا ليصيروا آباء كاملين، لكن الشيطان قد اعترض سبيلهم فلم ينجحوا، وقد وجدت هذه الأسر المثالية على مر التاريخ الإنساني في فترات متقطعة على مدى أربعمائة عام سلفت". * يتم اقتناص الشخص ليصبح عضواً في حركتهم عن طريق دعوته أولاً إلى وجبة طعام ثم دعوة للاشتراك في رحلة نهاية الأسبوع. * يمنع الأفراد الجدد من تحدث بعضهم لبعض وعليهم الانتظار حتى اللقاء الآخر في نهاية الأسبوع. يمضي المدعو عدة أسابيع مع معلمه، وقد يجعلونه بعد ذلك في مسكن واحد مع أعضاء جدد آخرين ليلقنوهم جميعاً العقيدة الجديدة مع التركيز على تقديس وتمجيد شخصية مون والتأكيد على ضرورة التنكر لعقيدة أهاليهم ومجتمعاتهم. * يقول مون في كتابه التوجيهي أقوال الأب الروحي: "إن عملية البعد عن العائلة والأصدقاء لا يتم بالصدفة إذ لابد أن تتمرس على حياتك الجديدة ومن بعدها يمكنك أن تتنكر لعائلتك وأصدقائك وجيرانك". إذا ما حاول العضو الفرار منهم فسيكون ذلك صعباً لعدة أمور: 1- لأنه يكون قد انفصل عن عائلته فلا يستطيع العودة إليها بعد أن ناصبها العداء بسبب معتقده الجديد الذي يخالف معتقدها. 2- لأنه يكون قد غُسِلَ دماغُه وصار أداة طيعة في أيديهم يحركونه كيفما يريدون بعد أن سيطروا عليه روحياً وخدعوه بالوعود السماوية الكاذبة. 3- لأن أفراد عصابة مون سيتابعونه ويطاردونه حتى يعود إلى حظيرتهم من جديد. 4- إذا ما استسلم العضو الجديد لهم فإنهم يسخرونه لبيع الورود والشموع ليكون مصيدة لجذب الأعضاء الجدد فضلاً عن الإيراد المالي الذي يحققه لميزانية الحركة. * نظم مون عملية زواج جماعية في ميدان ماديسون جاردن بنيويورك قام خلالها بتزويج 2075 شاباً وفتاة على الرغم من أن المجلس القومي الكنسي في أمريكا كان قد أصدر بياناً يعلن فيه عدم الاعتراف بكنيسة مون. * يؤكد مون محاربته للشيوعية ويركز هجومه عليها كما أنه يرسل البعثات لمناهضتها في أماكن عديدة من العالم. * لقد عقد مون عدداً من المؤتمرات سعياً وراء تحقيق أهدافه، ومنها: - مؤتمر توحيد اليهود في سويسرا. - مؤتمر اتحاد العالم المسيحي في إيطاليا. - مؤتمر البوذيين في اليابان. - مؤتمر الهندوكية في سيريلانكا. - مؤتمر اتحاد العالم الإسلامي: الذي تم عقده في تركيا قرب اسطنبول وذلك في الفترة من 19 – 22 سبتمبر 1985م، وقد تعاونت معهم كلية الإلهيات بجامعة مرمرة بهدف إنجاح المؤتمر. - لديهم خطة لعقد مؤتمرات أخرى م سنة 1989 – 1993م. - كان أتباع مون المشاركون في المؤتمر بتركيا يصورون الخلافات بين الأديان(*) على أنها لا تعدو أن تكون شبيهة بتلك الخلافات الفقهية الموجودة بين المذاهب(*) الإسلامية ذاتها، وهذا محض افتراء، إذ إن الخلاف بين الأديان خلاف عقائدي قبل كل شيء، في حين أن الخلاف بين المذاهب الفقهية ليس أكثر من خلاف داخلي اجتهادي في الفروع دون الأصول. - قال اليهودي كوفمان في الجلسة الختامية لهذا المؤتمر: "إن الأمر يحتاج إلى أن نبذل المزيد من الجهد حتى نفهم بعضنا، فإننا قد ننتسب إلى شيء واحد وعقيدة واحدة، ورغم ذلك نختلف، ومن أجل أن نلتقي لابد لنا من أن نتفهم غيرنا من خلال نظرته"!! * تذكر جريدة المسلمون في عددها 36 أن المجلس العالمي للأديان الذي يترأسه صن مون إنما يعمل تحت رقابة المؤسسة العالمية المتحدة للأديان IrF وهي واحدة من الوكالات الدينية الإنسانية التابعة للكنيسة الموحدة التي هي إحدى الحركات الدينية الجديدة التي أسسها صن مون في كوريا. - وتذكر الجريدة بأن أهداف المجلس العالمي للأديان حسبما تورده مذكرة المجلس ذاته هي: 1- المناداة بوحدة الإنسانية. 2- منح الاحترام الواجب للتراث الإنساني المختلف. 3- دعوة الناس من كل الأديان إلى نوع من الوحدة الروحانية واحترام خصوصيات كل دين(*). 4- تشجيع الفهم المتبادل والتعاون بين ومع المعتقدات الدينية في العالم. 5- معاونة هؤلاء المتطلعين إلى إيجاد تناسق وانسجام بين الأديان والمساعدة في التعاون بين المنظمات الدينية. 6- توسيع استخدام وجهات النظر الدينية في حل المشكلات الإنسانية العامة. 7- الدفاع عن حقوق الإنسان بما في ذلك حق حرية المعتقدات الدينية وممارستها. 8- التأييد العلمي للطموحات الفردية الخاصة بالمعتقدات الدينية عن طريق وضع برامج من شأنها تخفيف المعاناة وتحسين حال البشرية. الجذور الفكرية والعقائدية: * إن اليهود – باعتبارهم أقلية مفسدة – يسعون دائماً لبث دعاوى إذابة الفروق بين العقائد مما يمهد الطريق لهم ليتغلغلوا داخل شعوب الأرض ويكونوا هم المستفيدين في النهاية على حساب الأديان الأخرى جميعاً. * إن هذه الحركة(*) تدور في فلك الحركات المسخرة لخدمة الصهيونية العالمية إذ أن التشابه بين هذه الحركات يدل على أنها ذات أصل واحد وتعمل لهدف مشترك واحد. * إن الثراء الفاحش الذي يتحرك فوقه صن مون ليشير إلى الجهة التي تموله وتقف وراءه لتستفيد من عمله ودعوته في تفتيت الأديان(*) وتحطيم الأخلاق(*). الانتشار ومواقع النفوذ: * تتمتع هذه الحركة بوجود ضخم في جنوب ووسط أمريكا إذ أن لهم علاقات قوية مع كبار السياسيين في تشيلي وأرجواي والأرجنتين وهندوراس وبوليفيا. * في أيرلندا لهم مركز وكنيسة(*) أسمها الكنيسة التوحيدية، وتجدر الإشارة إلى أن لأيرلندا دوراً كبيراً في دعم أمثال هذه الحركات. * لهم استثمارات في جنوب كوريا، وقد سمحت لهم حكومة سيول بإقامة كنيسة لهم خارج العاصمة. - إنهم متغلغلون في الجناح الأيمن للحزب (*) الجمهوري بالولايات المتحدة كما يشكلون الجناح الأيمن للدكتاتورية في أمريكا الجنوبية. - يمتلك زعيمهم عدة عقارات في العالم وشركات ومطاعم وأراض ومحلات لبيع المجوهرات وشركة للنشر تسمى Paragon House كما أسس جريدة الواشنطن تايمز التي يوزع منها 75 ألف نسخة في اليابان ونيويورك وأرجواي وقبرص ولديه فندق نيويوركر New Yorker في مانهاتن. ويتضح مما سبق : إن المونية حركة(*) مشبوهة، تدعو إلى القضاء على كل الأديان(*)، وابتداع دين جديد، ينصهر في بوتقة المتنبي الكوري صن مون، ويجذب الشباب إليه، مغرياً إياهم بالانحراف والانفصال عن أسرهم، والغرق في بحور الملذات، خدمة لأهداف الصهيونية العالمية. ---------------------------- مراجع للتوسع : - جريدة المسلمون الأسبوعية، العدد 35-21 محرم 1406هـ/ 5 أكتوبر 1985م – وكذلك أعداد 36، 37، 38. - جريدة الواشنطن بوست تاريخ 28/8/1983م. - باللغة الإنكليزية - Carol Cultrer: Are religions Cults Dangerous? The Mercier Press, Dublin and Cork, 1984. - باللغة الفرنسية : - Gibert Picard: L’enfer des Sectes, Editions le carrousel – Fn Paris, 1984. - باللغة الأسبانية - Pepe redriguez: Esclavos De un Mesias. Barcelona. 1984. - ولدى مراسلتهم على عنوانهم بالولايات المتحدة الأمريكية: - Council For The World’s religions JAF BoX 2347, New York. 10116. U.S.A. - فإنهم يرسلون كتباً ونشرات تعبر عن آرائهم نذكر منها: - Council For the World’s religions. International religious Foundations, INC Interoduction to The Principle, An Islamic Pespective وهو كتاب عنوانه (المقدمة للمبدأ ) مكتوب باللغة العربية لكن محتواه باللغة الإنجليزية. فلسفات ولدت في كنف الحضارة الغربية ومتأثرة بالنصرانية 1-التنصير 2-العلمانية 3-الاستشراق 4-التغريب التنصير التعريف: التنصير حركة(*) دينية سياسية استعمارية(*) بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية بغية نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث بعامة وبين المسلمين بخاصة بهدف إحكام السيطرة على هذه الشعوب. ويساعدهم في ذلك ثلاثة عوامل: - انتشار الفقر والجهل والمرض في معظم بلدان العالم الإسلامي. - النفوذ الغربي في كثير من بلدان المسلمين. - ضعف بعض حكام المسلمين الذين يسكتون عنهم أو ييسرون لهم السبل رغباً ورهباً أو نفاقاً لهم. التأسيس وأبرز الشخصيات: • ريمون لول: أول نصراني تولَّى التبشير بعد فشل الحروب الصليبية في مهمتها إذ إنه قد تعلم اللغة العربية بكل مشقة وأخذ يجول في بلاد الشام مناقشاً علماء المسلمين. • منذ القرن الخامس عشر وأثناء الاكتشافات البرتغالية دخل المبشرون الكاثوليك إلى إفريقيا، وبعد ذلك بكثير أخذت ترد الإرساليات التبشيرية البروتستانتية إنجليزية وألمانية وفرنسية. • بيتر هلينغ: احتك بمسلمي سواحل إفريقيا منذ وقت مبكر. • البارون دوبيتز: حرك ضمائر النصارى منذ عام 1664م إلى تأسيس كلية تكون قاعدة لتعليم التبشير المسيحي. • المستر كاري: فاق أسلافه في مهنة التبشير، وقد ظهر إبّان القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر. • كان للمبشر هنري مارتن ت 1812م يد طولى في إرسال المبشرين إلى بلاد آسيا الغربية، وقد ترجم التوراة(*) إلى الهندية والفارسية والأرمنية. • في عام 1795م تأسست جمعية لندن التبشيرية وتبعتها أخريات في اسكوتلانده ونيويورك. • في سنة 1819م اتفقت جمعية الكنيسة(*) البروتستانتية مع النصارى في مصر وكونت هناك إرسالية عهد إليها نشر الإنجيل(*) في إفريقيا. • دافيد ليفنستون 1813 – 1873م: رحالة بريطاني، اخترق أواسط إفريقيا، وقد كان مبشراً قبل أن يكون مستكشفاً. • في سنة 1849م أخذت ترد إرساليات التبشير إلى بلاد الشام، وقد قامت بتقسيم المناطق بينها. • وفي سنة 1855م تأسست جمعية الشبان المسيحية(*) من الإنجليز والأمريكان، وقد انحصرت مهمتها في إدخال ملكوت المسيح(*) بين الشبان كما يزعمون. • في سنة 1895م تأسست جمعية اتحاد الطلبة المسيحيين في العالم، وهي تهتم بدراسة أحوال التلاميذ في كل البلاد مع العمل على بث روح المحبة بينهم (المحبة تعني التبشير بالنصرانية). • صموئيل زويمر Zweimer: رئيس إرسالية التبشير العربية في البحرين ورئيس جمعيات التنصير في الشرق الأوسط، كان يتولى إدارة مجلة العالم الإسلامي الإنجليزية التي أنشأها سنة 1911م وما تزال تصدر إلى الآن من هارتيفورد. دخل البحرين عام 1890م، ومنذ عام 1894م قدمت له الكنيسة الإصلاحية الأمريكية دعمها الكامل. وأبرز مظاهر عمل البعثة التي أسسها زويمر كان في حقل التطبيب في منطقة الخليج وتبعاً لذلك فقد افتتحت مستوصفات لها في البحرين والكويت ومسقط وعمان. ويعد زويمر من أكبر أعمدة التنصير في العصر الحديث، وقد أُسس معهداً باسمه في أمريكا لأبحاث تنصير المسلمين. • كنيث كراج K.Cragg : خلف صموئيل زويمر على رئاسة مجلة العالم الإسلامي، وقام بالتدريس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة لفترة من الوقت وهو رئيس قسم اللاهوت المسيحي في هارتيفورد بأمريكا، وهو معهد للمبشرين، ومن كتبه دعوة المئذنة صدر عام 1956م. • لويس ماسينيون: قام على رعاية التبشير والتنصير في مصر، وهو عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، كما أنه مستشار وزارة المستعمرات الفرنسية في شؤون شمال إفريقيا. • دانيال بلس: يقول: "إن كلية روبرت في اسطانبول (الجامعة الأمريكة حالياً) كلية مسيحية(*) غير مستترة لا في تعليمها ولا في الجو الذي تهيئه لطلابها لأن الذي أنشأها مبشر، ولاتزال إلى اليوم لا يتولى رئاستها إلا مبشر. • الأب (*) شانتور: رَأَسَ الكلية اليسوعية في بيروت زمناً طويلاً أيام الانتداب الفرنسي. • مستر نبروز: ترأس جامعة بيروت الأمريكية عام 1948م يقول: "لقد أدى البرهان إلى أن التعليم أثمن وسيلة استغلها المبشرون الأمريكيون في سعيهم لتنصير سوريا ولبنان". • دون هك كري: كان أكبر شخصية في مؤتمر لوزان التبشيري عام 1974م، وهو بروتستانتي، عمل مبشراً في الباكستان لمدة عشرين سنة، وهو أحد طلبة مدرسة فلر للتبشير العالمي. وبعد مؤتمر كولورادو التبشيري عام 1978م أصبح مديراً لمعهد صموئيل زيمر الذي يضم إلى جانبه داراً للنشر ولإصدار الدراسات المختصة بقضايا تنصير المسلمين ومقرها في كاليفورنيا، وهو يقوم بإعداد دورات تدريبية لإعداد المبشرين وتأهيلهم. • يرى بابا الفاتيكان(*) بعد سقوط الشيوعية أن من مصلحة الكنيسة(*) ومصلحة رجال السياسة توجيه عموم الشعب المسيحي نحو خصم جديد يخيفه به وتجنده ضده، والإسلام هو الذي يمكن أن يقوم بهذا الدور في المقام الأول. ويقوم البابا بمغادرة مقره بمعدل أربع رحلات دولية لكسب الصراع مع الأيديولوجيات(*) العالمية وعلى رأسها الإسلام. وتوجد بلايين الدولارات تحت تصرفه للإنفاق منها على إرسال المنصرين وإجراء البحوث وعقد المؤتمرات والتخطيط لتنصير أبناء العالم الثالث وتنظيم وتنفيذ ومتابعة النشاط التنصيري في كل أنحاء العالم وتقويم نتائجه أولاً بأول. الأفكار والمعتقدات: أفكارهم: - محاربة الوحدة الإسلامية: يقول القس سيمون: "إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية وتساعد على التخلص من السيطرة الأوروبية، والتبشير عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة، من أجل ذل يجب أن نحول بالتبشير اتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية". - يقول لورنس براون Lawrance Brawn : "إذا اتحد المسلمون في امبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطراً أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له، أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير". - يقول مستر بلس: "إن الدين(*) الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق تقدم التبشير بالنصرانية في إفريقيا". - لقد دأب المنصرون على بث الأكاذيب والأباطيل بين أتباعهم ليمنعوهم من دخول الإسلام وليشوهوا جمال هذا الدين. - انتشار الإسلام بالسيف: يقول المبشر نلسون: "وأخضع سيف الإسلام شعوب إفريقيا وآسيا شعباً بعد شعب". - يقول هنري جسب : Henry Jesups المبشر الأمريكي: "المسلمون لا يفهمون الأديان ولا يقدرونها قدرها، إنهم لصوص وقتلة ومتأخرون، وإن التبشير سيعمل على تمدينهم". - لطفي ليفونيان وهو أرمني ألف بضعة كتب للنيل من الإسلام يقول: "إن تاريخ الإسلام كان سلسلة مخيفة من سفك الدماء والحروب والمذابح". - أديسون Addison الذي يقول عن محمد r : "محمد لم يستطع فهم النصرانية ولذلك لم يكن في خياله إلا صورة مشوهة بنى عليها دينه الذي جاء به العرب". - المبشر نلسن يزعم بأن الإسلام مقلد، وأن أحسن ما فيه إنما هو مأخوذ من النصرانية وسائر مافيه أخذ من الوثنية كما هو أو مع شيء من التبديل. - المبشر ف.ج هاربر يقول: "إن محمداً كان في الحقيقة عابد أصنام ذلك لأن إدراكه لله في الواقع كاريكاتور". - المبشر جسب يقول: "إن الإسلام مبني على الأحاديث أكثر مما ه مبني على القرآن، ولكننا إذا حذفنا الأحاديث الكاذبة لم يبق من الإسلام شيء". - ويقول كذلك: "الإسلام ناقص والمرأة في مستعبدة". - المبشر جون تاكلي يقول: "يجب أن نُريَ هؤلاء الناس أن الصحيح في القرآن ليس جديداً، وأن الجديد فيه ليس صحيحاً". - أما القس صموئيل زويمر فيقول في كتابه العالم الإسلامي اليوم: " يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم". " يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين لأنه أهم عمل مسيحي". "تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها". "ينبغي للمبشرين أن لا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة إذ أن من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوروبيين وتحرير النساء". - وقال صموئيل زويمر كذلك في مؤتمر القدس التنصيري عام 1935م: "… لكن مهمة التبشير التي ندبتكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية(*) فإن في هذا هداية لهم وتكريماً، وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله وبالتالي لا صلة له بالأخلاق(*) التي تعتمد عليها الأمم في حياتها". "… إنكم أعددتم نَشْئاً لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي فقد جاء النشء طبقاً لما أراده الاستعمار لا يهتم بعظائم الأمور ويحب الراحة والكسل، فإذا تعلم فللشهرة وإذا تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهرة يجود بكل شيء". - وقد كتب أحد المبشرين في بداية هذا القرن الميلادي يقول: "سيظل الإسلام صخرة عاتية تتحطم عليها كل محاولات التبشير ما دام للمسلمين هذه الدعائم الأربع: القرآن والأزهر واجتماع الجمعة الأسبوعي ومؤتمر الحج السنوي العام". • مؤتمراتهم: لقد كان لهم وما يزال الكثير من المؤتمرات الإقليمية والعالمية ومن ذلك: - مؤتمر القاهرة عام 1324هـ/ 1906م وقد دعا إليه زويمر بهدف عقد مؤتمر يجمع الإرساليات التبشيرية البروتستانتية للتفكير في مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين، وقد بلغ عدد المؤتمرين 62 شخصاً بين رجال ونساء، وكان زويمر رئيساً لهم. - المؤتمر التبشيري العالمي في أدنبرة باسكوتلندة عام 1328هـ/ 1910م، وقد حضره مندوبون عن 159 جمعية تبشيرية في العالم. - مؤتمر التبشير في لكهنؤ بالهند عام 1339هـ/ 1911م حضره صموئيل زويمر، وبعد انفضاض المؤتمر وزعت على الأعضاء رقاع مكتوب على أحد وجهيها "تذكار لكهنؤ سنة 1911م" وعلى الوجه الآخر "اللهم يا من يسجد له العالم الإسلامي خمس مرات في اليوم بخشوع أنظر بشفقة إلى الشعوب الإسلامية وألهمها الخلاص بيسوع المسيح". - مؤتمرات التبشير في القدس: 1- في عام 1343هـ/ 1924م. 2- في عام 1928م مؤتمر تبشيري دولي. 3- في عام 1354هـ/1935م وقد كان يضم 1200 مندوب . 4- في عام 1380هـ/ 1961م. - مؤتمر الكنائس البروتستانتية عام 1974م في لوزان بسويسرا. - وأخطر المؤتمرات مؤتمر كولورادو في 15 أكتوبر 1978م تحت اسم (مؤتمر أمريكا الشمالية لتنصير المسلمين) حضره (150) مشتركاً يمثلون أنشط العناصر التنصيرية في العالم، استمر لمدة أسبوعين بشكل مغلق وقدمت فيه بحوث حول التبليغ الشامل للإنجيل(*). وتقديمه للمسلمين والكنائس(*) الديناميكية في المجتمع المسلم وتجسيد المسيح(*) وتحبيبه إلى قلب المسلم ومحاولات نصرانية جديدة لتنصير المسلمين وتحليل مقاومة واستجابة المسلم واستخدام الغذاء والصحة كعنصرين في تنصير المسلمين وتنشيط دور الكنائس المحلية في تنصير العالم الإسلامي. وقد انتهى المؤتمر بوضع استراتيجية بقيت سرية لخطورتها مع وضع ميزانية لهذه الخطة مقدارها 1000 مليون دولار، وقد تم جمع هذا المبلغ فعلاً وتم إيداعه في أحد البنوك الأمريكية الكبرى. - المؤتمر العالمي للتنصير الذي عقد في السويد في شهر أكتوبر 1981م تحت إشراف المجلس الفيدرالي اللوثراني الذي نوقشت فيه نتائج مؤتمري لوزان وكولورادو وخرج بدراسة مستفيضة عن التنصير لما وراء البحار بهدف التركيز على دول العالم الثالث. - ومن مؤتمراتهم كذلك: 1- مؤتمر استانبول. 2- مؤتمر حلوان بمصر. 3- مؤتمر لبنان التبشيري. 4- مؤتمر لبنان بغداد التبشيري. 5- مؤتمر قسنطينة التبشيري في الجزائر وذلك قبل الاستقلال. 6- مؤتمر شيكاغو. - مؤتمر مدارس التبشيري في بلاد الهند، وكان ينعقد هذا المؤتمر كل عشر سنوات. - مؤتمر بلتيمور بالولايات المتحدة الأمريكية 1942م وهو مؤتمر خطير جداً، وقد حضره من اليهود بن غوريون. - بعد الحرب العالمية الثانية اتخذت النصرانية نظاماً جديداً إذ ينعقد مؤتمر للكنائس(*) مرة كل ست أو سبع سنوات متنقلاً من بلد إلى آخر. 1- مؤتمر امستردام 1948م – هولندا. 2- مؤتمر ايفانستون 1954م – أمريكا. 3- مؤتمر نيودلهي 1961م – الهند. 4- مؤتمر أوفتالا 1967م – أوفتالا بأوروبا. 5- مؤتمر جاكرتا 1975م – أندونيسيا، وقد اشترك فيه 3000 مبشر نصراني. - عقد المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي في يوليو سنة 1980م في كاليفورنيا بالولايات المتحدة وقد حث المؤتمر على ضرورة زيادة البعثات التنصيرية بين مسلمي الشرق الأوسط خاصة في دول الخليج العربي. • أشهر المراكز والمعاهد التنصيرية: - معهد صموئيل زويمر في ولاية كاليفورنيا، فقد تم إنشاؤه بناء على توصية من قرارات مؤتمر كولورادو. - المركز العالمي للأبحاث والتبشير في كاليفورنيا الذي قام بتقديم الأشخاص اللازمين للإعداد لمؤتمر كولورادو مع تهيئة عوامل نجاح هذا المؤتمر. - الجامعة الأمريكية في بيروت (الكلية السورية الإنجيلية سابقاً) أنشئت عام 1865م. - الجامعة الأمريكية في القاهرة أنشئت لتكون قريبة من الأزهر ومنافسة له. - الكلية الفرنسية في لاهور. - جمعية التبشير الكنسية الإنجليزية وهي أهم جمعية بروتستانتية وقد مضى على إنشائها قرابة قرنين من الزمان. - إرساليات التبشير الأمريكية، أهمها الجمعية التبشيرية الأمريكية والتي يرجع عهدها إلى سنة 1810م. - جمعية إرساليات التبشير الألمانية الشرقية، أسسها القسيس(*) لبسيوس سنة 1895م. وقد بدأ عملها فعلاً سنة 1900م. - أسس الإنجليز في سنة 1809م الجمعية اللندنية لنشر النصرانية بين اليهود وبدأ عملها بأن ساقت اليهود المتفرقين في شتات الأرض إلى أرض فلسطين. • بعض الكتب ووسائل الدعاية التنصيرية: - جمعت موضوعات مؤتمر القاهرة 1906م في كتاب كبير اسمه وسائل التبشير بالنصرانية بين المسلمين. - صنف زويمر كتاباً جمع فيه بعض التقارير عن التبشير أسماه العالم الإسلامي اليوم تحدث فيه عن الوسائل المؤدية للاحتكاك بالشعوب غير المسيحية(*) وجلبها إلى حظيرة المسيح(*) مع بيان الخطط التي يجب على المبشر إتباعها. - تاريخ التبشير: للمبشر أدوين بلس البروتستانتي. - كتاب المستر فاردنر: ركز فيه حديثه عن إفريقيا وسبل نشر النصرانية فيها وعوائق ذلك ومعالجاته. - مجلة إرساليات التبشير البروتستانتية التي تصدر في مدينة بال بسويسرا والتي تحدثت عن مؤتمر أدنبره سنة 1910م. - مجلة الشرق المسيحي الألمانية تصدرها جمعية التبشير الألمانية منذ سنة 1910م. - دائرة المعارف الإسلامية التي صدرت بعدة لغات حية. - موجز دائرة المعارف الإسلامية. - طبع الإنجيل(*) بشكل أنيق وبأعداد هائلة وتوزيعه مجاناً وإرساله بالبريد لمن يطلبه وأحياناً لمن لا يطلبه أيضاً. - توزيع أشرطة الفيديو والكاسيت المسجل عليها ما يصرف المسلم عن دينه واستخدام الموجات الإذاعية والتليفزيونية التي تبث سمومها وتصل إلى المسلمين في مخادعهم وتعتمد على التمثيليات والبرامج الترفيهية والثقافية والرياضية من أجل خدمة أهدافهم الخبيثة. • وسائل أخرى لها تأثير واسع: - من هذه الوسائل : 1- تقديم الخدمات الطبية بهدف استغلال هذه المهنة في التنصير: 1. بول هاريسون له كتاب الطبيب في بلاد العرب يقول: "لقد وُجدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها ونساءها نصارى". 2. س.أ. موريسون محرر في مجلة العالم الإسلامي يقول: "وحينئذٍ تكون الفرصة سانحة حتى يبشر هذا الطبيب بين أكبر عدد ممكن من المسلمين في القرى الكثيرة في طول مصر وعرضها". 3. المبشرة ايد هاريس تقول: "يجب على الطبيب أن ينتهز الفرصة ليصل إلى أذان المسلمين وقلوبهم". 4. المستر هاربر يقول بوجوب الإكثار من الإرساليات الطبية لأن رجالها يحتكون دائماً بالجمهور ويكون لهم تأثير على المسلمين أكثر مما للمبشرين الآخرين (مؤتمر القاهرة 1906م). 5. من المبشرين الأطباء : آن أساوودج، فورست، كار نيليوسي فانديك، جورج بوست، وتشالرز كلهون، ماري أوي، الدكتور طومسون. 2- التعليم : 1. إنهم يضعون كل ثقلهم في استغلال التعليم وتوجيهه بما يخدم أهدافهم التنصيرية. 2. إنشاء المدارس والكليات والجامعات والمعاهد العليا وكذلك إنشاء دور للحضانة ورياض للأطفال واستقبال الطلبة في المراحل الإبتدائية والمتوسطة والثانوية. 3. لقد وزعوا خلال مائة وخمسين عاماً ما يزيد عن ألف مليون نسخة من نسخ العهد القديم والجديد مترجمة إلى 1130 لغة عدا النشرات والمجلات التي تبلغ قيمتها بما يقدر بـ 7000 مليون دولار. 4. الاستشراق والتنصير يتعاونان تعليمياً في خدمة أهدافهما المشتركة. 3- الأعمال الإجتماعية: 1. إيجاد بيوت للطلبة من الذكور والإناث. 2. إيجاد الأندية. 3. الاهتمام بدور الضيافة والملاجىء للكبار ودور لليتامى واللقطاء. 4. الاعتناء بالأعمال الترفيهية وحشد المتطوعين لأمثال هذه الأعمال. 5. إنشاء المكتبات التبشيرية واستغلال الصحافة بشكل واسع. 6. إنشاء مخيمات الكشافة التي تستغل أفضل استغلال في التنصير. 7. زيارة المسجونين والمرضى في المستشفيات وتقديم الهدايا والخدمات لهم. 8. تكلمت المس ولسون ومس هلداي في مؤتمر القاهرة 1906م عن دور المرأة كمبشرة لتقوم بنشر ذلك بين نساء المسلمين المسلمات. 4- النسل : في اجتماع البابا(*) شنودة في 5/3/1973م مع القساوسة(*) والأثرياء في الكنيسة(*) المرقسية بالإسكندرية طرحوا بعض المقررات وقد كان منها تحريم تحديد النسل أو تنظيمه بين شعب الكنيسة وتشجيع الإكثار من النسل بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية مع تشجيع الزواج المبكر بين النصارى. وبالمقابل تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين خاصة علماً بأن أكثر من 65% من الأطباء وبعض القائمين على الخدمات الصحية هم من شعب الكنيسة. 5- الفتن والحروب : 1. يعملون على تشجيع الحروب والفتن وذلك لإضعاف الشعوب الإسلامية. 2. إثارة الاضطرابات المختلفة بإذكاء نار العداوة والبغضاء وإيقاظ روح القوميات الإقليمية الطائفية الضيقة كالفرعونية في مصر والفينيقية في الشام وفلسطين ولبنان، والآشورية في العراق والبربرية في شمال إفريقيا واستغلال جميع ذلك في التنصير. 3. يقول زويمر في مؤتمر التبشير في لكهنؤ بالهند 1911م: "إن الانقسام السياسي الحاضر في العالم الإسلامي دليل بالغ على عمل يد الله في التاريخ واستثارة للديانة(*) المسيحية(*) كي تقوم بعملها". 6- الإمكانات: أ- في أندونيسيا يسيطرون على وسائل الإعلام، ولديهم إذاعات تبشيرية وصحف قومية، وإحصائية 1975م تكشف بأن فيها 8919 كنيسة لطائفة البروتستانت و3897 قسيساً و8504 مبشرين متفرغين، ولطائفة الكاثوليك 7250 كنيسة(*) و2630 قسيساً (*) و5393 مبشراً متفرغاً وقد وضعوا خطة للانتهاء من تنصيرها في عام 2000 ميلادية. ب- في بنجلاديش إرساليات تبشيرية كثيرة لتنصير المسلمين هناك. ت- في كينيا: يعدون لتنصيرها تماماً في عام 2000 ميلادية أيضاً. ث- إن التنصير يلقي بثقله في ماليزيا ودول الخليج وإفريقيا. ج- ذكر في مؤتمر عدم الإنحياز في كوالالمبور بأن هناك حوالي 2500 محطة إذاعية بـ 64 لغة قومية تشن هجوماً صريحاً وضارياً ضد الإسلام. ح- مجموع الإرساليات الموجودة في 38 بلداً إفريقياً يبلغ 111.000 إرسالية بعضها يملك طائرات تنقل الأطباء والأدوية والممرضات لعلاج المرضى في الغابات وأحراش الجبال. خ- يوجد الآن في العالم ما يربو على 220 ألف مبشر منهم 138.000 كاثوليكي والباقي 82.000 بروتستانتي، وفي إفريقيا وحدها 119.000 مبشر ومبشرة ينفقون بليوني دولار سنوياً. د- يستخدمون سفناً معدة إعداداً خاصاً يسمح بإقامة الحفلات على ظهرها للاستعانة بها في توزيع المطبوعات الكنسية وإقامة الحفلات التي تستغل لأهدافهم الخاصة في التنصير ويعلنون عنها باسم إقامة معرض عائم للكتاب. ذ- يقوم مجلس الكنائس العالمي والفاتيكان(*) وهيئات أخرى بالإشراف والتوجيه والدعم المالي لكافة الأنشطة التنصيرية وتتوفر مصادر تمويل ثابتة من مختلف الحكومات والمؤسسات في الدول الغربية وعن طريق المشروعات الاقتصادية والأراضي الزراعية والأرصدة في البنوك والشركات التابعة لهذه الحركات التنصيرية مباشرة وحملات جمع التبرعات التي يقوم بها القساوسة(*) من حين لآخر. وتوجد هيئات ومراكز للبحوث والتخطيط يعمل بها نخبة ممتازة من الباحثين المؤهلين ومن أهم هذه المراكز: 1- مركز البحوث التابع للفاتيكان. 2- مركز البحوث التابع لمجلس الكنائس(*) العالمي. 3- حركة الدراسات المسيحية(*) في كاليفورنيا. 4- مركز البحث في كولورادو. 5- المركز المسيحي في نيروبي (كينيا وقد أنشىء في عام 1401هـ). 6- مركز المعلومات المسيحي في نيجيريا. 7- المركز المسيحي الدراسي في روالبندي (باكستان) وقد تأسس سنة 1966م ويعتبر من أكبر المراكز في آسيا. الجذور الفكرية والعقائدية: • يبلغ عدد المبشرين في أنحاء العالم ما يزيد على 220 ألف منهم 138000 كاثوليكي والباقي وعددهم 62000 من البروتستانت. • لقد بدأ التنصير وتوسع إثر الانهزامات التي مني بها الصليبيون طوال قرنين من الزمان 1099 – 1254م أنفقوهما في محاولة الاستيلاء على بيت المقدس وانتزاعه من أيدي المسلمين. • الأب اليسوعي ميبز يقول: "إن الحروب الصليبية الهادئة التي بدأها مبشرونا في القرن السابع عشر لا تزال مستمرة إلى أيامنا، إن الرهبان(*) الفرنسيين والراهبات الفرنسيات لايزالون كثيرين في الشرق". • يرى المستشرق الألماني بيكر Becker بأن "هناك عداء من النصرانية ضد الإسلام بسبب أن الإسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سدّاً منيعاً في وجه انتشار النصرانية، ثم إن الإسلام قد امتد إلى البلاد التي كانت خاضعة لصولجانها". • التنصير في أساسه يهدف إلى تمكين الغرب النصراني من البلاد الإسلامية وهو مقدمة أساسية للاستعمار(*) وسبب مباشر لتوهين قوة المسلمين وإضعافها. الانتشار ومواقع النفوذ: • لقد انتشر التنصير وامتد إلى كل دول العالم الثالث. • إنه يتلقى الدعم الدولي الهائل من أوروبا وأمريكا ومن مختلف الكنائس(*) والهيئات والجامعات والمؤسسات العالمية. • إنه يلقي بثقله بشكل كثيف حول العالم الإسلامي عن طريق فتح المدارس الأجنبية وتصدير البعوث والإرساليات التبشيرية وتشجيع انتشار المجلات الخليعة والكتب العابثة والبرامج التلفزيونية الفاسدة والسخرية من علماء الدين والترويج لفكرة تحديد النسل والعمل على إفساد المرأة المسلمة ومحاربة اللغة العربية وتشجيع النعرات القومية. • إنه يتمركز في أندونيسيا وماليزيا وبنجلاديش والباكستان وفي إفريقيا بعامة. • يزداد تيار التنصير نتيجة لسياسة التساهل من قبل الحكام في بعض البلدان الإسلامية فبعضهم يحضر القداس بنفسه وبعضهم يتبرع بماله لبناء الكنائس(*) وبعضهم يتغافل عن دخول المسيحيين(*) بصورة غير مشروعة. والمطلوب اتخاذ سياسة حازمة لإيقاف تيار التنصير قبل فوات الأوان. ويتضح مما سبق: أن التنصير حركة سياسية استعمارية تستهدف نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث عامة وبين المسلمين على وجه الخصوص. ويستغل زعماؤها انتشار الجهل والفقر والمرض للتغلغل بين شعوب تلك الأمم متوسلين بوسائل الإعلام التقليدية من كتب ومطبوعات وإذاعة وتلفاز وأشرطة سمعية ومرئية فضلاً عن المخيمات والتعليم والطب إلى جانب الأنشطة الاجتماعية الإنسانية والإغاثية الموجهة لمنكوبي الفتن والحروب وغفلة وتساهل حكام بعض الدول الإسلامية. وتعتمد تلك الحركة في تحقيق أهدافها على تشويه صورة الإسلام وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم مسخرين إمكاناتهم الضخمة لتحقيق مآربهم. ---------------------------- مراجع للتوسع : - الفكر الإسلامي الحديث، د. محمد البهي – ط8 – مكتبة وهبة بالقاهرة – 1395هـ/1975م. - التبشير والاستعمار، المستشار محمد عزت إسماعيل الطهاوي – المطابع الأميرية بالقاهرة – 1397هـ/ 1977م. - التبشير والاستعمار، د. مصطفى الخالدي ود. عمر فروخ – ط5 – 1973م. - الغارة على العالم الإسلامي، أ.ل. شاتليه، ترجمة محب الدين الخطيب ومساعد اليافي – ط3 – المطبعة السلفية – 1385هـ. - معاول الهدم والتدمير في النصرانية والتبشير، إبراهيم سليمان الجبهان – ط4- عالم الكتب – الرياض – 1981م. - أضواء على الاستشراق، د. محمد عبد الفتاح عليان – ط1 – دار البحوث العلمية 1400هـ/ 1980م. - قادة الغرب يقولون، جلال العالم –ط2 – 1395هـ/ 1975م. - مجلة البلاغ، العدد 484 في 14/2/1979م. - دائرة المعارف الإسلامية ، The Encyclopaedia of Islam. - دائرة معارف الدين والأخلاق، Encyclopaedia of religion and Ethics 11 – Focus on Christian – Muslim relations. - التبشير بالنصرانية خطر مغلف، ندوة عقدتها جريدة الرياض السعودية ونشرت بتاريخ 13 ربيع الأول سنة 1403هـ الموافق 28 ديسمبر 1982م العدد 5312. - مجلة الأمة القطرية، عدد شوال 1401هـ. - التنصير في الخليج ، معالي عبد الحميد حمودة. - مذكرة عن التنصير، رابطة العالم الإسلامي. - التنصير: خطة تنصير العالم الإسلامي، وهي ترجمة لبحوث مؤتمر كلورادو عام 1978م صدر بالإنجليزية بعنوان : The Gospel And Islam. العلمانية التعريف: العلمانية SECULArISM وترجمتها الصحيحة: اللادينية أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل(*) ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين(*). وتعني في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم SCIENCE وقد ظهرت في أوروبا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر. أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين، وقد اختيرت كلمة علمانية لأنها أقل إثارة من كلمة لا دينية. ومدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيساً في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فإن سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما. تتفق العلمانية مع الديانة النصرانية في فصل الدين عن الدولة حيث لقيصر سلطة الدولة ولله سلطة الكنيسة (*). وهذا واضح فيما يُنسب إلى السيد المسيح(*) من قوله: "إعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله". أما الإسلام فلا يعرف هذه الثنائية والمسلم كله لله وحياته كلها لله {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الأنعام : آية: 162]. التأسيس وأبرز الشخصيات : • انتشرت هذه الدعوة في أوروبا وعمت أقطار العالم بحكم النفوذ الغربي والتغلغل الشيوعي. وقد أدت ظروف كثيرة قبل الثورة (*) الفرنسية سنة 1789م وبعدها إلى انتشارها الواسع وتبلور منهجها(*) وأفكارها وقد تطورت الأحداث وفق الترتيب التالي: - تحول رجال الدين إلى طواغيت (*) ومحترفين سياسيين ومستبدين تحت ستار الإكليروس(*) والرهبانية(*) والعشاء الرباني(*) وبيع صكوك الغفران. - وقوف الكنيسة (*) ضد العلم وهيمنتها على الفكر وتشكيلها لمحاكم التفتيش واتهام العلماء بالهرطقة، مثل: 1- كوبرنيكوس: نشر سنة 1543م كتاب حركات الأجرام السماوية وقد حرمت الكنيسة هذا الكتاب. 2- جرادانو: صنع التلسكوب فعُذب عذاباً شديداً وعمره سبعون سنة وتوفي سنة 1642م. 3- سبينوزا: صاحب مدرسة النقد التاريخي وقد كان مصيره الموت مسلولاً. 4- جون لوك طالب بإخضاع الوحي(*) للعقل(*) عند التعارض. ظهور مبدأ العقل والطبيعة(*): فقد أخذ العلمانيون يدعون إلى تحرر العقل وإضفاء صفات الإله(*) على الطبيعة. - الثورة(*) الفرنسية: نتيجة لهذا الصراع بين الكنيسة(*) من جهة وبين الحركة الجديدة من جهة أخرى، كانت ولادة الحكومة الفرنسية سنة 1789م وهي أول حكومة لا دينية تحكم باسم الشعب. وهناك من يرى أن الماسون استغلوا أخطاء الكنيسة والحكومة الفرنسية وركبوا موجة الثورة لتحقيق ما يمكن تحقيقه من أهدافهم. - جان جاك روسو سنة 1778م له كتاب العقد الاجتماعي الذي يعد إنجيل الثورة، مونتسكيو له روح القوانين، سبينوزا (يهودي) يعتبر رائد العلمانية باعتبارها منهجاً(*) للحياة والسلوك وله رسالة في اللاهوت(*) والسياسة، فولتير صاحب القانون الطبيعي كانت له الدين(*) في حدود العقل وحده سنة 1804م، وليم جودين 1793م له العدالة السياسية ودعوته فيه دعوة علمانية صريحة. - ميرابو الذي يعد خطيب وزعيم وفيلسوف الثورة الفرنسية. - سارت الجموع الغوغائية لهدم الباستيل وشعارها الخبز ثم تحول شعارها إلى (الحرية(*) والمساواة والإخاء) وهو شعار ماسوني و"لتسقط الرجعية" وهي كلمة ملتوية تعني الدين وقد تغلغل اليهود بهذا الشعار لكسر الحواجز بينهم وبين أجهزة الدولة وإذابة الفوارق الدينية وتحولت الثورة(*) من ثورة على مظالم رجال الدين إلى ثورة على الدين نفسه. - نظرية التطور: ظهر كتاب أصل الأنواع سنة 1859م لتشارلز دارون الذي يركز على قانون الانتقاء الطبيعي وبقاء الأنسب وقد جعلت الجد الحقيقي للإنسان جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين، والقرد مرحلة من مراحل التطور التي كان الإنسان آخرها. وهذه النظرية أدت إلى انهيار العقيدة الدينية ونشر الإلحاد(*) وقد استغل اليهود هذه النظرية بدهاء وخبث. - ظهور نيتشة: وفلسفته التي تزعم بأن الإله(*) قد مات وأن الإنسان الأعلى (السوبر مان) ينبغي أن يحل محله. - دور كايم (اليهودي) : جمع بين حيوانية الإنسان وماديته بنظرية العقل الجمعي. - فرويد (اليهودي) : اعتمد الدافع الجنسي مفسراً لكل الظواهر. والإنسان في نظره حيوان جنسي. - كارل ماركس (اليهودي): صاحب التفسير المادي للتاريخ(*) الذي يؤمن بالتطور الحتمي(*) وهو داعية الشيوعية ومؤسسها الأول الذي اعتبر الدين أفيون الشعوب. - جان بول سارتر: في الوجودية وكولن ولسون في اللامنتمي : يدعوان إلى الوجودية والإلحاد. - الاتجاهات العلمانية في العالم العربي والإسلامي نذكر نماذج منها: 1- في مصر: دخلت العلمانية مصر مع حملة نابليون بونابرت. وقد أشار إليها الجبرتي في تاريخه – الجزء المخصص للحملة الفرنسية على مصر وأحداثها – بعبارات تدور حول معنى العلمانية وإن لم تذكر اللفظة صراحة. أما أول من استخدم هذا المصطلح العلمانية فهو نصراني يُدعى إلياس بقطر في معجم عربي فرنسي من تأليفه سنة 1827م. وأدخل الخديوي إسماعيل القانون الفرنسي سنة 1883م، وكان هذا الخديوي مفتوناً بالغرب، وكان أمله أن يجعل من مصر قطعة من أوروبا. 2- الهند: حتى سنة 1791م كانت الأحكام وفق الشريعة الإسلامية(*) ثم بدأ التدرج من هذا التاريخ لإلغاء الشريعة بتدبير الإنجليز وانتهت تماماً في أواسط القرن التاسع عشر. 3- الجزائر: إلغاء الشريعة الإسلامية(*) عقب الاحتلال الفرنسي سنة 1830م. 4- تونس : أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1906م. 5- المغرب : أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1913م. 6- تركيا: لبست ثوب العلمانية عقب إلغاء الخلافة(*) واستقرار الأمور تحت سيطرة مصطفى كمال أتاتورك، وإن كانت قد وجدت هناك إرهاصات ومقدمات سابقة. 7- العراق والشام: ألغيت الشريعة أيام إلغاء الخلافة العثمانية وتم تثبيت أقدام الإنجليز والفرنسيين فيهما. 8- معظم أفريقيا: فيها حكومات نصرانية امتلكت السلطة بعد رحيل الاستعمار(*). 9- أندونيسيا ومعظم بلاد جنوب شرقي آسيا: دول علمانية. 10- انتشار الأحزاب(*) العلمانية والنزعات القومية: حزب البعث، الحزب القومي السوري، النزعة الفرعونية، النزعة الطورانية(*)، القومية العربية. 11- من أشهر دعاة العلمانية في العالم العربي والإسلامي: أحمد لطفي السيد، إسماعيل مظهر، قاسم أمين، طه حسين، عبدالعزيز فهمي، ميشيل عفلق، أنطون سعادة، سوكارنو، سوهارتو، نهرو ، مصطفى كمال أتاتورك، جمال عبد الناصر، أنور السادات صاحب شعار "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"، د. فؤاد زكريا. د. فرج فودة وقد اغتيل بالقاهرة مؤخراً، وغيرهم. الأفكار والمعتقدات : • بعض العلمانيين ينكرون وجود الله أصلاً. - وبعضهم يؤمنون بوجود الله لكنهم يعتقدون بعدم وجود أية علاقة بين الله وبين حياة الإنسان. • الحياة تقوم على أساس العلم المطلق وتحت سلطان العقل(*) والتجريب. • إقامة حاجز سميك بين عالمي الروح والمادة(*)، والقيم الروحية لديهم قيم سلبية. - فصل الدين(*) عن السياسة وإقامة الحياة على أساس مادي. - تطبيق مبدأ النفعية Pragmatism على كل شيء في الحياة. - اعتماد مبدأ الميكيافيلية في فلسفة الحكم والسياسة والأخلاق(*). - نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية وتهديم كيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الإجتماعية. - أما معتقدات العلمانية في العالم الإسلامي والعربي التي انتشرت بفضل الاستعمار(*) والتبشير فهي: - الطعن في حقيقة الإسلام والقرآن والنبوة(*). - الزعم بأن الإسلام استنفذ أغراضه وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية. - الزعم بأن الفقه (*) الإسلامي مأخوذ عن القانون الروماني. - الزعم بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف. - الدعوة إلى تحرير المرأة وفق الأسلوب الغربي. - تشويه الحضارة الإسلامية وتضخيم حجم الحركات(*) الهدامة في التاريخ الإسلامي والزعم بأنها حركات إصلاح. - إحياء الحضارات القديمة. - اقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية عن الغرب ومحاكاته فيها. - تربية الأجيال تربية لا دينية. • إذا كان هناك عذر ما لوجود العلمانية في الغرب فليس هناك أي عذر لوجودها في بلاد المسلمين لأن النصراني إذا حكمه قانون مدني وضعي(*) لا ينزعج كثيراً ولا قليلاً لأنه لا يعطل قانوناً فرضه عليه دينه وليس في دينه ما يعتبر منهجاً للحياة، أما مع المسلم فالأمر مختلف حيث يوجب عليه إيمانه الاحتكام إلى شرع الله. ومن ناحية أخرى فإنه إذا انفصلت الدولة عن الدين بقى الدين النصراني قائماً في ظل سلطته القوية الفتية المتمكنة وبقيت جيوشها من الرهبان(*) والراهبات والمبشرين والمبشرات تعمل في مجالاتها المختلفة دون أن يكون للدولة عليهم سلطان بخلاف ما لو فعلت ذلك دولة إسلامية فإن النتيجة أن يبقى الدين(*) بغير سلطان يؤيده ولا قوة تسنده حيث لا بابوية له ولا كهنوت(*) ولا أكليروس(*)، وصدق الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حين قال: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن". الجذور الفكرية والعقائدية: • العداء المطلق للكنيسة(*) أولاً، وللدين ثانياً أيًّا كان، سواء وقف إلى جانب العلم أم عاداه. • لليهود دور بارز في ترسيخ العلمانية من أجل إزالة الحاجز الديني الذي يقف أمام اليهود حائلاً بينهم وبين أمم الأرض. • يقول ألفرد هوايت هيو: "ما من مسألة ناقض العلم فيها الدين إلا وكان الصواب بجانب العلم والخطأ حليف الدين" وهذا القول إن صح بين العلم واللاهوت(*) في أوروبا فهو قول مردود ولا يصح بحال فيما يخص الإسلام حيث لا تعارض إطلاقاً بين الإسلام وبين حقائق العلم، ولم يقم بينهما أي صراع كما حدث في النصرانية. وقد نقل عن أحد الصحابة قوله عن الإسلام: "ما أمر بشيء، فقال العقل(*): ليته نهى عنه، ولانهى عن شيء، فقال العقل: ليته أمر به". وهذا القول تصدقه الحقائق العلمية والموضوعية وقد أذعن لذلك صفوة من علماء الغرب وأفصحوا عن إعجابهم وتصديقهم لتلك الحقيقة في مئات النصوص الصادرة عنهم. - تعميم نظرية (العداء بين العلم من جهة والدين من جهة) لتشمل الدين الإسلامي على الرغم من أن الدين الإسلامي لم يقف موقف الكنيسة ضد الحياة والعلم بل كان الإسلام سباقاً إلى تطبيق المنهج(*) التجريبي ونشر العلوم. • إنكار الآخرة وعدم العمل لها واليقين بأن الحياة الدنيا هي المجال الوحيد للمتع والملذات. • لماذا يرفض الإسلام العلمانية: - لأنها تغفل طبيعة الإنسان البشرية باعتباره مكوناً من جسم وروح فتهتم بمطالب جسمه ولاتلقي اعتباراً لأشواق روحه. - لأنها نبتت في البيئة الغربية وفقاً لظروفها التاريخية والاجتماعية والسياسية وتعتبر فكراً غريباً في بيئتنا الشرقية. - لأنها تفصل الدين(*) عن الدولة فتفتح المجال للفردية والطبقية والعنصرية والمذهبية والقومية والحزبية والطائفية. - لأنها تفسح المجال لانتشار الإلحاد(*) وعدم الإنتماء والاغتراب والتفسخ والفساد والانحلال. - لأنها تجعلنا نفكر بعقلية الغرب، فلا ندين العلاقات الحرة بين الجنسين وندوس على أخلاقيات المجتمع ونفتح الأبواب على مصراعيها للممارسات الدنيئة، وتبيح التعامل بالربا وتعلي من قدر الفن للفن، ويسعى كل إنسان لإسعاد نفسه ولو على حساب غيره. - لأنها تنقل إلينا أمراض المجتمع الغربي من إنكار الحساب في اليوم الآخر ومن ثم تسعى لأن يعيش الإنسان حياة متقلبة منطلقة من قيد الوازع الديني، مهيجة للغرائز الدنيوية كالطمع والمنفعة وتنازع البقاء ويصبح صوت الضمير عدماً. - مع ظهور العلمانية يتم تكريس التعليم لدراسة ظواهر الحياة الخاضعة للتجريب والمشاهدة وتُهمل أمور الغيب من إيمان بالله والبعث والثواب والعقاب، وينشأ بذلك مجتمع غايته متاع الحياة وكل لهو رخيص. الانتشار ومواقع النفوذ : • بدأت العلمانية في أوروبا وصار لها وجود سياسي مع ميلاد الثورة(*) الفرنسية سنة 1789م. وقد عمت أوروبا في القرن التاسع عشر وانتقلت لتشمل معظم دول العالم في السياسة والحكم في القرن العشرين بتأثير الاستعمار(*) والتبشر. يتضح مما سبق: • أن العلمانية دعوة إلى إقامة الحياة على أسس العلم الوضعي والعقل(*) بعيداً عن الدين الذي يتم فصله عن الدولة وحياة المجتمع وحبسه في ضمير الفرد ولا يصرح بالتعبير عنه إلاَّ في أضيق الحدود. وعلى ذلك فإن الذي يؤمن بالعلمانية بديلاً عن الدين ولا يقبل تحكيم الشرعية الإسلامية(*) في كل جوانب الحياة ولا يحرم ما حرم الله يعتبر مرتداً ولا ينتمي إلى الإسلام. والواجب إقامة الحجة عليه واستتابته حتى يدخل في حظيرة الإسلام وإلا جرت عليه أحكام المرتدين المارقين في الحياة وبعد الوفاة. ---------------------------- مراجع للتوسع : - جاهلية القرن العشرين، محمد قطب. - المستقبل لهذا الدين، سيد قطب. - تهافت العلمانية، عماد الدين خليل. - الإسلام والحضارة الغربية، محمد محمد حسين. - العلمانية، سفر بن عبد الرحمن الحوالي. - تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة، محمد عبدالله عنان. - الإسلام ومشكلات الحضارة، سيد قطب. - الغارة على العالم الإسلامي، ترجمة محب الدين الخطيب ومساعد اليافي. - الفكر الإسلامي في مواجهة الأفكار الغربية، محمد المبارك. - الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، محمد البهي. - الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه، د. يوسف القرضاوي. - العلمانية: النشأة والأثر في الشرق والغرب، زكريا فايد. - وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية للخروج من دائرة الكفر الاعتقادي، د. محمد شتا أبو سعد، القاهرة، 1413هـ. - جذور العلمانية، د. السيد أحمد فرج دار الوفاء المنصورة 1990م. - علماني وعلمانية، د. السيد أحمد فرج – بحث ضمن المعجمية الدولية بتونس 1986م. الاستشراق التعريف: الاستشراق Orientalism تعبير يدل على الاتجاه نحو الشرق، ويطلق على كل من يبحث في أمور الشرقيين وثقافتهم وتاريخهم. ويقصد به ذلك التيار الفكري الذي يتمثل في إجراء الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي، والتي تشمل حضارته وأديانه وآدابه ولغاته وثقافته. ولقد أسهم هذا التيار في صياغة التصورات الغربية عن الشرق عامة وعن العالم الإسلامي بصورة خاصة، معبراً عن الخلفية الفكرية للصراع الحضاري بينهما. التأسيس وأبرز الشخصيات : البدايات : - من الصعب تحديد بداية للاستشراق، إذ أن بعض المؤرخين يعودون به إلى أيام الدولة الإسلامية في الأندلس، في حين يعود به آخرون إلى أيام الصليبيين، بينما يرجعه كثيرون إلى أيام الدولة الأموية في القرن الثاني الهجري. وأنه نشط في الشام بواسطة الراهب(*) يوحنا الدمشقي John of Damascus في كتابين الأول: حياة محمد. والثاني: حوار بين مسيحي ومسلم. وكان هدفه إرشاد النصار في جدل(*) المسلمين. وأيًّا كان الأمر فإن حركة الاستشراق قد انطلقت بباعث ديني يستهدف خدمة الاستعمار(*) وتسهيل عمله ونشر المسيحية(*). - وقد بدأ الاستشراق اللاهوتي بشكل رسمي حين صدور قرار مجمع فيينا الكنسي عام 1312م وذلك بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في عدد من الجامعات الأوروبية. - لم يظهر مفهوم الاستشراق Orientalism في أوروبا إلا مع نهاية القرن الثامن عشر، فقد ظهر أولاً في إنجلترا عام 1779م، وفي فرنسا عام 1799م كما أدرج في قاموس الأكاديمية الفرنسية عام 1838م. - هربر دي أورلياك (938 – 1003م) Herbert de Oraliac من الرهبانية(*) البندكتية، قصد الأندلس، وقرأ على أساتذتها ثم انتخب – بعد عودته – حبراً أعظم باسم سلفستر الثاني 999 – 1003م فكان بذلك أول بابا(*) فرنسي. - في عام 1130م قام رئيس أساقفة(*) طليطلة بترجمة بعض الكتب العلمية العربية. - جيرار دي كريمونا 1114 – 1187م Gerard de Gremona إيطالي، قصد طليطلة وترجم ما لا يقل عن 87 مصنفاً في الفلسفة(*) والطب والفلك وضرب الرمل. - بطرس المكرم 1094 – 1156م Prerre le venerable فرنسي من الرهبانية البندكتية، رئيس دير كلوني، قام بتشكيل جماعة من المترجمين للحصول على معرفة موضوعية عن الإسلام. وقد كان هو ذاته وراء أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية 1143م التي قام بها الإنجليزي روبرت أوف كيتون robert of Ketton. - يوحنا الإشبيلي: يهودي متنصر Juan de Sevilla ظهر في منتصف القرن الثاني عشر وعني بعلم التنجيم(*)، نقل إلى العربية أربعة كتب لأبي معشر البلخي 1133م وقد كان ذلك بمعاونة إدلر أوف باث. - روجر بيكون 1214 – 1294م roger Bacon إنجليزي، تلقى علومه في أكسفورد وباريس حيث نال الدكتوراه في اللاهوت(*)، ترجم عن العربية كتاب مرآة الكيمياء نورمبرج 1521م. - رايموند لول 1235 – 1314م قضى تسع سنوات 1266 – 1275م في تعلم العربية ودراسة القرآن وقصد بابا روما وطالبه بإنشاء جامعات تدّرس العربية لتخريج مستشرقين قادرين على محاربة الإسلام. ووافقه البابا. وفي مؤتمر فينا سنة 1312م تم إنشاء كراسٍ للغة العربية في خمس جامعات أوربية هي: باريسُ، اكسفورد، وبولونيا بإيطاليا، وسلمنكا بأسبانيا، بالإضافة إلى جامعة البابوية في روما. - قام المستشرقون بدراسات متعددة عن الإسلام واللغة العربية والمجتمعات المسلمة. ووظفوا خلفياتهم الثقافية وتدريبهم البحثي لدراسة الحضارة الإسلامية والتعرف على خباياها لتحقيق أغراض الغرب الاستعمارية والتنصيرية. وقد اهتم عدد من المستشرقين اهتماماً حقيقيًّا بالحضارة الإسلامية وحاول أن يتعامل معها بموضوعية. وقد نجح عدد قليل منهم في هذا المجال. ولكن حتى هؤلاء الذين حاولوا أن ينصفوا الإسلام وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يستطيعوا أن ينفكوا من تأثير ثقافاتهم وعقائدهم فصدر منهم ما لا يقبله المسلم من المغالطات والتحريفات؛ ولهذا يخطئ من يظنهم منصفين . ( انظر للتوضيح : رسالة " الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجري " لعلي بخيت الزهراني . • مستشرقون يُزعم أنهم منصفون: - هادريان ريلاند ت1718م Hardrian roland أستاذ اللغات الشرقية في جامعة أوترشت بهولندا، له كتاب الديانة المحمدية في جزأين باللغة اللاتينية 1705م، لكن الكنيسة(*) في أوروبا وضعت كتابه في قائمة الكتب المحرم تداولها. - يوهان ج. رايسكه 1716 – 1774م J.J.reiske وهو مستشرق ألماني جدير بالذكر، اتهم بالزندقة (*) لموقفه الإيجابي من الإسلام، عاش بائساً ومات مسلولاً، وإليه يرجع الفضل في إيجاد مكان بارز للدراسات العربية بألمانيا. - سلفستر دي ساسي: 1838م Silvestre de Sacy اهتم بالأدب والنحو مبتعدا ًعن الخوض في الدراسات الإسلامية، وإليه يرجع الفضل في جعل باريس مركزاً للدراسات العربية، وكان ممن اتصل به رفاعة الطهطاوي. - توماس أرنولد 1864-1930م إنجليزي، له الدعوة إلى الإسلام الذي نقل إلى التركية والأردية والعربية. - غوستاف لوبون: مستشرق وفيلسوف مادي(*)، لا يؤمن بالأديان(*) مطلقاً، جاءت أبحاثه وكتبه الكثيرة متسمة بإنصاف الحضارة الإسلامية مما دفع الغربيين إلى إهماله وعدم تقديره. - زيجريد هونكه: اتسمت كتابتها بالإنصاف وذلك بإبرازها تأثير الحضارة العربية على الغرب في مؤلفها الشهير شمس العرب تسطع على الغرب. - ومنهم: جاك بيرك، أنا ماري شمل، وكارلايل، ورينيه جينو، والدكتور جرينيه، وجوته الألماني. - أ.ج. أربري A.J. Arberry، من كتبه الإسلام اليوم صدر 1943م، وله التصوف صدر 1950م، وترجمة معاني القرآن الكريم. • مستشرقون متعصبون: - جولدزيهر Goldizher 1850-1920م مجري يهودي، من كتبه تاريخ مذاهب التفسير الإسلامي. والعقيدة والشريعة. ولقد أصبح زعيم الإسلاميات في أوروبا بلا منازع. - جون ماينارد Maynard J. أمريكي، متعصب، من محرري مجلة الدراسات الإسلامية. - ص م. زويمر S.M. Zweimer مستشرق مبشر، مؤسس مجلة العالم الإسلامي الأمريكية، له كتاب الإسلام تحد لعقيدة صدر 1908م، وله كتاب الإسلام عبارة عن مجموعة مقالات قدمت للمؤتمر التبشيري الثاني سنة 1911م في لكهنئو بالهند. - غ. فون. غرونباوم G. Von Grunbaum ألماني يهودي، درَّس في جامعات أمريكا، له كتاب الأعياد المحمدية 1951م ودراسات في تاريخ الثقافة الإسلامية 1954م. - أ.ج. فينسينك A.J. Wensink عدو للإسلام، له كتاب عقيدة الإسلام 1932م. وهو ناشر المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي في لغته الأولى. - كينيث كراج K. Gragg أمريكي، متعصب، له كتاب دعوة المئذنة 1956م. - لوي ماسينيون L.Massignon فرنسي، مبشر، مستشار في وزارة المستعمرات الفرنسية لشؤون شمال أفريقيا، له كتاب الحلاج الصوفي شهيد الإسلام 1922م. - د.ب. ماكدونالد D.B. Macdonald أمريكي، متعصب، مبشر، له كتاب تطور علم الكلام(*) والفقه والنظرية الدستورية 1930م. وله الموقف الديني والحياة في الإسلام 1908م. - مايلز جرين M. Green سكرتير تحرير مجلة الشرق الأوسط. - د.س. مرجليوث D.S. Margoliouth 1885 – 1940م إنجليزي، متعصب، من مدرسته طه حسين وأحمد أمين، وله كتاب التطورات المبكرة في الإسلام صدر 1913م. وله محمد ومطلع الإسلام صدر 1905م وله الجامعة الإسلامية صدر 1912م. - بارون كارادي فو Baron Carra de Voux فرنسي، متعصب، من كبار محرري دائرة المعارف الإسلامية. - هـ.أ.ر. جب H.A.r. Gibb 1895 – 1965م إنجليزي، من كتبه المذهب(*) المحمدي 1947م والإتجاهات الحديثة في الإسلام 1947م. - ر.أ. نيكولسون r.A. Nicholson إنجليزي، ينكر أن يكون الإسلام ديناً روحيًّا وينعته بالمادية وعدم السمو الإنساني، وله كتاب متصوفو الإسلام 1910م وله التاريخ الأدبي للعرب 1930م. - هنري لامنس اليسوعي 1872 – 1937م H.Lammans فرنسي ، متعصب، له كتاب الإسلام وله كتاب الطائف، من محرري دائرة المعارف الإسلامية. - جوزيف شاخت J. Schacht ألماني ، متعصب ضد الإسلام، له كتاب أصول الفقه الإسلامي. - بلاشير: كان يعمل في وزارة الخارجية الفرنسية كخبير في شؤون العرب والمسلمين. - ألفرد جيوم A. Geom إنجليزي، متعصب ضد الإسلام من كتبه الإسلام. الأفكار والمعتقدات: أهداف الاستشراق: الهدف الديني : كان هذا الهدف وراء نشأة الاستشراق، وقد صاحبه خلال مراحله الطويلة، وهو يتمثل في: 1- التشكيك في صحة رسالة النبي(*)صلى الله عليه وسلم، والزعم بأن الحديث النبوي إنما هو من عمل المسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى. والهدف الخبيث من وراء ذلك هو محاربة السُّنة بهدف إسقاطها حتى يفقد المسلمون الصورة التطبيقية الحقيقية لأحكام الإسلام ولحياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يفقد الإسلام أكبر عناصر قوته. 2- التشكيك في صحة القرآن والطعن فيه، حتى ينصرف المسلمون عن الالتقاء على هدف واحد يجمعهم ويكون مصدر قوتهم وتأى بهم اللهجات القومية عن الوحي باعتباره المصدر الأساسي لهذا الدين (تنزيل من حكيم حميد). 3- التقليل من قيمة الفقه الإسلامي واعتباره مستمداً من الفقه الروماني. 4- النيل من اللغة العربية واستبعاد قدرتها على مسايرة ركب التطور وتكريس دراسة اللهجات لتحل محل العربية الفصحى. 5- إرجاع الإسلام إلى مصادر يهودية ونصرانية بدلاً من إرجاع التشابه بين الإسلام وهاتين الديانتين إلى وحدة المصدر. 6- العمل على تنصير المسلمين. 7- الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والأخبار الموضوعة في سبيل تدعيم آرائهم وبناء نظرياتهم. 8- لقد كان الهدف الاستراتيجي الديني من حملة التشويه ضد الإسلام هو حماية أوروبا من قبول الإسلام بعد أن عجزت عن القضاء عليه من خلال الحرب الصليبية. - الهدف التجاري : لقد كانت المؤسسات والشركات الكبرى، والملوك كذلك، يدفعون المال الوفير للباحثين، من أجل معرفة البلاد الإسلامية وكتابة تقارير عنها، وقد كان ذلك جليًّا في عصر ما قبل الاستعمار(*) الغربي للعالم الإسلامي في القرنين التاسع عشر والعشرين. - الهدف السياسي يهدف إلى: 1- إضعاف روح الإخاء بين المسلمين والعمل على فرقتهم لإحكام السيطرة عليهم. 2- العناية باللهجات العامية ودراسة العادات السائدة لتمزيق وحدة المجتمعات المسلمة. 3- كانوا يوجهون موظفيهم في هذه المستعمرات إلى تعلم لغات تلك البلاد ودراسة آدابها ودينها ليعرفوا كيف يسوسونها ويحكمونها. 4- في كثير من الأحيان كان المستشرقون ملحقين بأجهزة الاستخبارات لسبر غور حالة المسلمين وتقديم النصائح لما ينبغي أن يفعلوه لمقاومة حركات البعث الإسلامي. الهدف العلمي الخالص : - بعضهم اتجه إلى البحث والتمحيص لمعرفة الحقيقة خالصة، وقد وصل بعض هؤلاء إلى الإسلام ودخل فيه، نذكر منهم: 1- توماس أرنولد الذي أنصف المسلمين في كتابة الدعوة إلى الإسلام. 2- المستشرق الفرنسي رينيه فقد أسلم وعاش في الجزائر وله كتاب أشعة خاصة بنور الإسلام مات في فرنسا لكنه دفن في الجزائر. • أهم المؤلفات : - تاريخ الأدب العربي: كارل بروكلمان ت1956م. - دائرة المعارف الإسلامية: ظهرت الطبعة الأولى بالإنجليزية والفرنسية والألمانية وقد صدرت في الفترة 1913-1938م. غير أن الطبعة الجديدة قد ظهرت بالإنجليزية والفرنسية فقط من عام 1945م وحتى عام 1977م. - المعجم المفهرس لألفاظ الحديث الشريف والذي يشمل الكتب الستة المشهورة بالإضافة إلى مسند الدارمي وموطأ مالك ومسند أحمد بن حنبل وقد وضع في سبعة مجلدات نشرت ابتداءً من عام 1936م. - لقد بلغ ما ألفوه عن الشرق في قرن ونصف قرن (منذ أوائل القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين) ستين ألف كتاب. • المؤتمرات والجمعيات: - عقد أول مؤتمر دولي للمستشرقين في باريس سنة 1873م. - تتابعت المؤتمرات بعد ذلك حتى بلغت أكثر من ثلاثين مؤتمراً دوليًّا، فضلاً عن الندوات واللقاءات الإقليمية الكثيرة الخاصة بكل دولة من الدول كمؤتمر المستشرقين الألمان الذي عقد في مدينة درسدن بألمانيا عام 1849م، وما تزال تنعقد مثل هذه المؤتمرات باستمرار حتى الآن. - يحضر هذه المؤتمرات مئات من العلماء المستشرقين، حيث حضر مؤتمر أكسفورد تسعمائة 900 عالم من خمس وعشرين دولة وثمانين جامعة وتسع وستين جمعية علمية. - هناك العديد من الجمعيات الاستشراقية كالجمعية الآسيوية في باريس تأسست عام 1822م، والجمعية الملكية الآسيوية في بريطانيا وأيرلندا عام 1823م، والجمعية الشرقية الأمريكية عام 1842م والجمعية الشرقية الألمانية عام 1845م. • المجلات الاستشراقية: للمستشرقين اليوم من المجلات والدوريات عدد هائل يزيد على ثلاثمائة مجلة متنوعة وبمختلف اللغات نذكر منها على سبيل المثال: 1- مجلة العالم الإسلامي The Muslim World أنشأها صمويل زويمر ت1952م في بريطانيا سنة 1911م وقد كان زويمر هذا رئيس المبشرين في الشرق الأوسط. 2- مجلة عالم الإسلام Mir Islama ظهرت في بطرسبرج عام 1912م لكنها لم تعمر طويلاً. 3- مجلة ينابيع الشرق أصدرها هامر برجشتال في فيينا من 1809 إلى 1818م. 4- مجلة : الإسلام ظهرت في باريس عام 1895م ثم خلفتها عام 1906م مجلة العالم الإسلامي التي صدرت عن البعثة العلمية الفرنسية في المغرب وقد تحولت بعد ذلك إلى مجلة الدراسات الإسلامية. 5- في عام 1910م ظهرت مجلة الإسلام Der Islam . • الاستشراق في خدمة الاستعمار(*): كارل هنيريش بيكر Kar Heinrich Beeker ت 1933م مؤسس مجلة الإسلام الألمانية، قام بدراسات تخدم الأهداف الاستعمارية في أفريقيا. - بارتولد Barthold ت 1930م مؤسس مجلة عالم الإسلام الروسية، قام ببحوث تخدم مصالح السيادة الروسية في آسيا الوسطى. - الهولندي سنوك هرجرونجه Snouck Hurgonje, G. 1857-1936م قدم إلى مكة عام 1884م تحت اسم عبد الغفار، ومكث مدة نصف عام، وعاد ليكتب تقارير تخدم الاستعمار في المشرق الإسلامي. وقد سبق له أن أقام في جاوه مدة 17 سنة وقد صدرت الصور التي أخذها لمكة والأماكن المقدسة في كتاب بمناسبة مرور مائة سنة على تصويرها. معهد اللغات الشرقية بباريس المؤسس عام 1885م كانت مهمته الحصول على معلومات عن البلدان الشرقية وبلدان الشرق الأقصى مما يشكل أرضية تسهل عملية الاستعمار في تلك المناطق. - وهكذا نرى أن مثل هؤلاء المستشرقين جزء من مخطط كبير هو المخطط الصهيوني الصليبي لمحاربة الإسلام، ولا نستطيع أن نفهمهم على حقيقتهم إلا عندما نراهم في إطار ذلك المخطط الذي يهدف إلى تخريج أجيال لا تعرف الإسلام أو لا تعرف من الإسلام إلا الشبهات، وقد تم انتقاء أفراد من هذه الأجيال لتتبوأ أعلى المناصب ومراكز القيادة والتوجيه لتستمر في خدمة الاستعمار(*). • آراء استشراقية خطرة: - جورج سيل G.Sale زعم في مقدمة ترجمته لمعاني القرآن 1736م، أن القرآن إنما هو من اختراع محمد ومن تأليفه وأن ذلك أمر لا يقبل الجدل(*). - ريتشارد بل richard Bell يزعم بأن النبي(*) محمد r قد استمد القرآن من مصادر يهودية ومن العهد القديم (*) بشكل خاص، وكذلك من مصادر نصرانية. - دوزي ت1883م: يزعم أن القرآن الكريم ذو ذوق رديء للغاية ولا جديد فيه إلا القليل، كما يزعم أن فيه إطناباً بالغاً ومملاً إلى حد بعيد. - جاء في تقرير وزير المستعمرات البريطاني أو مسبي غو لرئيس حكومته بتاريخ 9 يناير 1938م: "أن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الإمبراطورية أن تحذره وتحاربه، وليس الإمبراطورية وحدها بل فرنسا أيضاً، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة(*) وأتمنى أن تكون إلى غير رجعة". - يقول شيلدون آموس: "إن الشرع المحمدي ليس إلا القانون الروماني للإمبراطورية الشرقية معدلاً وفق الأحوال السياسية في الممتلكات العربية، ويقول كذلك: "إن القانون المحمدي ليس سوى قانون جستنيان في لباس عربي". - قال رينان الفرنسي: "إن الفلسفة العربية هي الفلسفة اليونانية مكتوبة بأحرف عربية". - أما لويس ماسينيون فقد كان زعيم الحركة الرامية إلى الكتابة في العامية وبالحرف اللاتيني. ولكن: - مما لا شك فيه أن للمستشرقين فضلاً كبيراً في إخراج الكثير من كتب التراث ونشرها محققة مفهرسة مبوبة. - ولا شك أن الكثير منهم يملكون منهجية علمية تعينهم على البحث. - ولا ريب في أن لدى بعضهم صبراً ودأباً وجلداً في التحقيق والتمحيص وتتبع المسائل. - وما على المسلم إلا أن يلتقط الخير من مؤلفاتهم متنبهاً إلى مواطن الدس والتحريف ليتجنبها أو ليكشفها أو ليرد عليها لأن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها، خاصة وأن الفكر الاستشراقي المعاصر قد بدأ يغير من أساليبه وقسماته من أجل المحافظة على الصداقة والتعاون بين العالم الغربي والعالم الإسلامي وإقامة حوار بين المسيحية(*) والإسلام، ومحاولة تغيير النظرة السطحية الغربية إلى المسلمين، وربما كمحاولة لاستقطاب القوى الإسلامية وتوظيفها لخدمة أهدافهم فلنكن حذرين. الجذور الفكرية والعقائدية: • لقد كان الاستشراق وليد الاحتكاك بين الشرق الإسلامي والغرب النصراني أيام الصليبيين، وعن طريق السفارات والرحلات. ويلاحظ دائماً أن هناك تقارباً وتعاوناً بين الثالوث المدمر: التنصير والاستشراق والاستعمار(*)، والمستعمرون يساندون المستشرقين والمنصرين لأنهم يستفيدون منهم كثيراً في خططهم الاستعمارية. • كان الدافع الأساسي هو الجانب اللاهوتي(*) النصراني بغية تحطيم الإسلام من داخله بالدس والكيد والتشويه، ولكن الاستشراق بعد ذلك وفي الآونة الأخيرة بدأ يتحلل من هذا القيد نوعاً ما ليتوجه توجهاً أقرب إلى الروح العلمية. الانتشار ومواقع النفوذ: • الغرب هو المسرح الذي يتحرك فوق أرضه المستشرقون، فمنهم الألمان ومنهم البريطانيون والفرنسيون والهولنديون والمجريون، وظهر بعضهم في إيطاليا وفي أسبانيا، وقد علا نجم الاستشراق في أمريكا وصارت له فيها مراكز كثيرة. • لم تبخل الحكومات، ولا الهيئات ولا الشركات ولا المؤسسات ولا الكنائس في يوم من الأيام في دعم حركة الاستشراق ومدّها بما تحتاجه من مال، وتأييد وإفساح الطريق أمامها في الجامعات حتى بلغ عدد هؤلاء المستشرقين آلافاً كثيرة. • لقد كانت حركة الاستشراق مُسخَّرة في خدمة الاستعمار، وفي خدمة التنصير وأخيراً في خدمة اليهودية والصهيونية التي يهمها إضعاف الشرق الإسلامي وإحكام السيطرة عليه بشكل مباشر أو غير مباشر. • استطاع المستشرقون أن يتسللوا إلى المجامع العلمية وقد عُيِّن عدد كبير منهم أعضاء في هذه المجامع في سوريا ومصر، كما استطاعوا أن يؤثروا على الدراسات العربية والإسلامية في العالم الإسلامي من خلال تلاميذهم ومؤلفاتهم. ويتضح مما سبق: • أن الاستشراق تيار فكري، يتجه صوب الشرق، لدراسة حضارته وأديانه وثقافته ولغته وآدابه، من خلال أفكار اتسم معظمها بالتعصب، والرغبة في خدمة الاستعمار، وتنصير المسلمين، وجعلهم مسخاً مشوهاً للثقافة الغربية، وذلك ببث الدونية فيهم، وبيان أن دينهم مزيج من اليهودية والنصرانية، وشريعتهم هي القوانين الرومانية مكتوبة بأحرف عربية، والنيل من لغتهم، وتشويه عقيدتهم وقيمهم، ولكن بعضهم رأى نور الحقيقة فأسلم وخدم العقيدة الإسلامية، وأثَّرَ في مُحْدثيهم، فبدأت كتاباتهم تجنح نحو العلمية، وتنحو نحو العمق بدلاً من السطحية، وربما صدر ذلك عن رغبة من بعضهم في استقطاب القوى الإسلامية وتوظيفها لخدمة أهدافهم الاستشراقية، وهذا يقتضي الحذر عند التعامل مع الفكر الاستشراقي الذي يتدثر الآن بدثار الموضوعية. ---------------------------- مراجع للتوسع : - الاستتشراق، إدوارد سعيد- ترجمة كمال أبو ديب- مؤسسة الأبحاث العربية – بيروت 1981م. - المستشرقون، نجيب العقيقي – دار المعارف – القاهرة – 1981م. - الاستشراق والمستشرقون، د. مصطفى السباعي – ط2- المكتب الإسلامي – 1979م. - السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي – بيروت 1978م. - إنتاج المستشرقين، مالك بن نبي. - أوروبا والإسلام، هشام جعيط – ترجمة طلال عتريسي – دار الحقيقة – بيروت – 1980م. - الثقافة الغربية في رعاية الشرق الأوسط، د. جورج سارطون – ترجمة د. عمر فروخ – ط1- مكتبة المعارف – بيروت – 1952م. - الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، د. محمود حمدي زقزوق – ط1 – كتاب الأمة 1404هـ. - الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، محمد البهي – دار الفكر – بيروت 1973م. - المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، د. عبد الكريم زيدان – مؤسسة الرسالة – بيروت – 1981م. - الإٍسلام في الفكر الغربي، محمود حمدي زقزوق – دار القلم – الكويت 1981م. - الدراسات الإسلامية بالعربية في الجامعات الألمانية، رودي بارت – ترجمة د. مصطفى ماهر – القاهرة 1967م. - أضواء على الاستشراق، د. محمد عبد الفتاح عليان – ط1 – دار البحوث العلمية – الكويت 1980م. - المستشرقون والإسلام، محاضرة للأستاذ محمد قطب. - المستشرقون والموضوعية، د. أحمد غراب. المراجع الأجنبية : - rudi Parel: Der Koran Uebersetzung Stuttgart 1980. - C.E. Bosworth: Orientalism and Orientalists (in Arab Islamic Bibliography) 1977 Great Britain. H.A. Flacher – Bernicol: Die Islamische revolution Stuttgart 1981. -Johann Fueck: Die Arabischon Studien in Europa Leipzig 1955. -Custar Pfonn Mueller: Handbuch der Islami Leteratur Berlin 1933. - M. rodinson, Mohammed: Frank Furt 1975. التغريب التعريف: التغريب هو تيار فكري كبير ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، يرمي إلى صبْغ حياة الأمم بعامة، والمسلمين بخاصة، بالأسلوب الغربي، وذلك بهدف إلغاء شخصيتهم المستقلة وخصائصهم المتفردة وجعلهم أسرى التبعية الكاملة للحضارة الغربية. التأسيس وأبرز الشخصيات: • بدأ المشرقيون في العالم الإسلامي مع نهاية القرن الثامن عشر ومطلع التاسع عشر بتحديث جيوشهم وتعزيزها عن طريق إرسال بعثات إلى البلاد الأوروبية أو باستقدام الخبراء الغربيين للتدريس والتخطيط للنهضة الحديثة، وذلك لمواجهة تطلع الغربيين إلى بسط نفوذهم الاستعماري إثر بدء عهد النهضة الأوروبية. • لما قضى السلطان محمود الثاني على الإنكشارية العثمانية سنة 1826م أمر باتخاذ الزيِّ الأوروبي الذي فرضه على العسكريين والمدنيين على حد سواء. • أصدر السلطان العثماني عبد المجيد منشوراً 1255هـ/ 1839م يسمح فيه لغير المسلمين بأن يلتحقوا بالخدمة العسكرية. • استقدم السلطان سليم الثالث المهندسين من السويد وفرنسا والمجر وانجلترا وذلك لإنشاء المدارس الحربية والبحرية. • قام محمد علي والي مصر، والذي تولى سنة 1805م، ببناء جيش على النظام الأوروبي، كما عمد إلى ابتعاث خريجي الأزهر من أجل التخصص في أوروبا. • أنشأ أحمد باشا باي الأول في تونس جيشاً نظامياً، وافتتح مدرسة للعلوم الحربية فيها ضباط وأساتذة فرنسيون وإيطاليون وإنجليز. • افتتحت أسرة القاجار التي حكمت إيران كلية للعلوم والفنون على أساس غربي سنة 1852م. • منذ عام 1860م بدأت حركة التغريب عملها في لبنان عن طريق الإرساليات، ومنها امتدت إلى مصر في ظل الخديوي إسماعيل الذي كان هدفه أن يجعل مصر قطعة من أوروبا. • التقى الخديوي إسماعيل في باريس مع السلطان العثماني عبد العزيز 1284هـ/1867م حينما لبَّيا دعوة الإمبراطور نابليون الثالث لحضور المعرض الفرنسي العام، وقد كانا يسيران في تيار الحضارة الغربية. • ابتعث كل من رفاعة الطهطاوي إلى باريس وأقام فيها خمس سنوات 1826 – 1831م وكذلك ابتعث خير الدين التونسي إليها وأقام فيها أربع سنوات 1852 – 1856م وقد عاد كل منهما محملاً بأفكار تدعو إلى تنظيم المجتمع على أساس علماني عقلاني. • منذ 1830م بدأ المبتعثون العائدون من أوروبا بترجمة كتب فولتير وروسو ومونتسكيو في محاولة منهم لنشر الفكر الأوروبي الذي ثار ضد الدين(*) الذي ظهر في القرن الثامن عشر (على النحو الذي فصلنا، في مادة العلمانية). • أنشأ كرومر كلية فيكتوريا بالإسكندرية لتربية جيل من أبناء الحكام والزعماء والوجهاء في محيط إنجليزي ليكونوا أداة المستقبل في نقل ونشر الحضارة الغربية. - قال اللورد لويد (المندوب السامي البريطاني في مصر) حينما افتتح هذه الكلية سنة 1936م: "كل هؤلاء لن يمضي عليهم وقت طويل حتى يتشبعوا بوجهة النظر البريطانية بفضل العشرة الوثيقة بين المعلمين والتلاميذ". • كان نصارى الشام من أول من اتصل بالبعثات التبشيرية وبالإرساليات ومن المسارعين بتلقي الثقافة الفرنسية والإنجليزية، كما كانوا يشجعون العلمانية التحررية وذلك لعدم إحساسهم بالولاء تجاه الدولة العثمانية، فبالغوا من اظهار إعجابهم بالغرب ودعوا إلى الاقتداء به وتتبع طريقه، وقد ظهر ذلك جلياً في الصحف التي أسسوها وعملوا فيها. • كان ناصيف اليازجي 1800 – 1871م وابنه إبراهيم اليازجي 1847-1906م على صلة وثيقة بالإرساليات الأمريكية الإنجيلية. • أسس بطرس البستاني 1819 – 1883م في عام 1863م مدرسة لتدريس اللغة العربية والعلوم الحديثة فكان بذلك أول نصراني يدعو إلى العروبة والوطنية إذ كان شعاره "حب الوطن من الإيمان"، كما أصدر صحيفة الجنان سنة 1870م التي استمرت ستة عشرة سنة. وقد تولى منصب الترجمة في قنصلية أمريكا ببيروت مشاركاً في الترجمة البروتستانتية للتوراة(*) مع الأمريكيَيْن سميث وفانديك. • أنشأ جورجي زيدان 1861 – 1914م مجلة الهلال في مصر وذلك في سنة 1892م، وقد كان على صلة بالمبعوثين الأمريكان، كما كانت له سلسلة من القصص التاريخية التي حشاها بالافتراءات على الإسلام والمسلمين. • أسس سليم تقلا صحيفة الأهرام في مصر وقد سبق له أن تلقى علومه في مدرسة عربية بلبنان والتي أنشأها المبشر الأمريكي فانديك. • أصدر سليم النقاش صحيفة المقتطف التي عاشت ثمانية أعوام في لبنان انتقلت بعدها إلى مصر في سنة 1884م. • تجوَّل جمال الدين الأفغاني 1838-1897م كثيراً في العالم الإسلامي شرقاً وغرباً، وقد أدخل نظام الجمعيات السرية في العصر الحديث إلى مصر، كما يقال بأنه انضم إلى المحافل الماسونية، وكان على صلة بالمستر بلنت البريطاني. • كان الشيخ محمد عبده 1849-1905م من أبرز تلاميذ الأفغاني، وشريكه في إنشاء مجلة العروة الوثقى، وكانت له صداقة مع اللورد كرومر والمستر بلنت، ولقد كانت مدرسته – ومنها رشيد رضا – تدعو إلى مهاجمة التقاليد، كما ظهرت لهم فتاوى تعتمد على أقصى ما تسمح به النصوص من تأويل(*) بغية إظهار الإسلام بمظهر المتقبل لحضارة الغرب، كما دعا الشيخ محمد عبده إلى إدخال العلوم العصرية إلى الأزهر لتطويره وتحديثه. • كان المستشرق مستر بلنت: يطوف هو وزوجته مرتدياً الزي العربي، داعياً إلى القومية العربية وإلى إنشاء خلافة عربية بغية تحطيم الرابطة الإسلامية. • قاد قاسم أمين 1865 – 1908م وهو تلميذ محمد عبده، الدعوة إلى تحرير المرأة وتمكينها من العمل في الوظائف والأعمال العامة. وقد كتب تحرير المرأة – 1899م والمرأة الجديدة 1900م. • كان سعد زغلول: الذي صار وزيراً للمعارف سنة 1906م شديد التأثر بآراء محمد عبده، وقد نفذ فكرة كرومر القديمة والداعية إلى إنشاء مدرسة للقضاء الشرعي بقصد تطوير الفكر الإسلامي من خلال مؤسسة غير أزهرية منافسة له. • كان أحمد لطفي السيد 1872 – 1963م: من أكبر مؤسسي حزب(*) الأحرار الدستوريين الذين انشقوا عن سعد زغلول سياسياً، وكان يدعو إلى الإقليمية الضيقة وهو صاحب العبارة المشهورة التي أطلقها عام 1907م وهي "مصر للمصريين". وقد تولى شؤون الجامعة المصرية منذ تسلمتها الحكومة المصرية عام 1916م وحتى 1941م تقريباً. • وكان طه حسين 1889- 1973م من أبرز دعاة التغريب في العالم الإسلامي، حيث تلقى علومه على يد المستشرق دور كايم وقد نشر أخطر آرائه في كتابيه الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر. - يقول في كتابه الشعر الجاهلي ص 26: "للتوراة(*) أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا أيضاً، ولكن ورود هذين الأسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي". - ويقول بعد ذلك: "وقد كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لقبول هذه الأسطورة في القرن السابع للمسيح(*)". كما أنه ينفي فيه نسب النبي (*) r إلى أشراف قريش. - لقد بدأ طه حسين محاضرة له في اللغة والأدب بحمد الله والصلاة على نبيه ثم قال: "سيضحك مني بعض الحاضرين إذا سمعني أبدأ هذه المحاضرة بحمد الله والصلاة على نبيه لأن ذلك يخالف عادة العصر". (مجلة الهلال، عدد أكتوبر ونوفمبر 1911م). • ازدهرت حركة التغريب بعد سيطرة الاتحاديين عام 1908م على الحكم في الدولة العثمانية وسقوط السلطان عبد الحميد. • وفي سنة 1924م ألغت حكومة مصطفى كمال أتاتورك الخلافة(*) العثمانية مما مهد لانضمام تركيا إلى الركب العلماني الحديث، وفرض عليها التغريب بأقصى صورة وأعنفها. • علي عبدالرزاق: نشر سنة 1925م كتابه الإسلام وأصول الحكم الذي ترجم إلى الإنجليزية والأردية. يحاول فيه المؤلف أن يقنع القارىء بأن الإسلام دين(*) فقط وليس ديناً ودولة. وقد ضرب سميث مثلاً به عندما أشار إلى أن التحررية العلمانية والعالمية لا تروج في العالم الإسلامي إلا إذا فسرت تفسيراً إسلامياً مقبولاً، وقد حوكم الكتاب والمؤلف من قبل هيئة العلماء بالأزهر في 12/8/1925م وصدرت ضده إدانة أخرجته من زمرة العلماء. وكان يشرف على مجلة الرابطة الشرقية، كما أقام حفل تكريم لأرنست رينان في الجامعة المصرية بمناسبة مرور مائة سنة على وفاة هذا المستشرق الذي لم يدخر وسعاً في مهاجمة العرب والمسلمين. • وكان محمود عزمي من أكبر دعاة الفرعونية في مصر، درس على أستاذه دور كايم الذي كان يقول له: "إذا ذكرت الاقتصاد فلا تذكر الشريعة(*)، وإذا ذكرت الشريعة فلا تذكر الاقتصاد". • وسبق أن قدم منصور فهمي 1886-1959م: أول أطروحة للدكتوراه على أستاذه ليفي بريل مهاجماً نظام الزواج في الإسلام التي موضوعها حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطوراتها. وفي هذه الرسالة يقول: "محمد يشرع لجميع الناس ويستثني نفسه" ويقول: "إلا أنه أعفى نفسه من المهر والشهود"، لكنه انتقد بعد ذلك حركة(*) التغريب في سنة 1915م وجاهر بآرائه في الأخطاء التي حملها طه حسين ومدرسته. • ويعتبر إسماعيل مظهر من أئمة مدرسة التغريب لكنه لم يلبث أن تحول عنها إبان عصر النهضة الحديثة. • وكان زكي مبارك في مقدمة تلاميذ طه حسين. درس على أيدي المستشرقين، وسبق له أن قدم أطروحة للدكتوراه في الغزالي والمأمون مهاجماً الغزالي هجوماً عنيفاً، لكنه رجع عن ذلك فيما بعد وكتب مقاله المعروف إليك أعتذر أيها الغزالي. • ويعتبر محمد حسين هيكل 1888 – 1956م رئيس تحرير جريدة السياسة في الفترة الأولى من حياته من أبرز المستغربين، وقد أنكر الإسراء بالروح والجسد معاً انطلاقاً من نظرة عقلانية حياة محمد. لكنه عدل عن ذلك وكتب معبراً عن توجهه الجديد في مقدمة كتابه في منزل الوحي. • وكان الشيخ أمين الخولي وهو من مدرسي مادتي التفسير والبلاغة بالجامعة المصرية، يروج لأفكار طه حسين في الدعوة إلى دراسة القرآن دراسة فنية بغض النظر عن مكانته الدينية، وقد استمر في ذلك حتى كشفه الشيخ محمود شلتوت سنة 1947م. • وقاد شلبي شميل 1860 – 1917م الدعوة إلى العلمانية ومهاجمة قيم الأديان(*) والأخلاق(*). الأفكار والمعتقدات: • أفكار تغريبية: - المستشرق الإنجليزي جب ألف كتاب إلى أين يتجه الإسلام الذي يقول فيه: "من أهم مظاهر سياسة التغريب في العالم الإسلامي تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة". وقد أعلن في بحثه هذا صراحة أن هدفه معرفة" إلى أي مدى وصلت حركة تغريب الشرق وما هي العوامل التي تحول دون تحقيق هذا التغريب". - عندما دخل اللورد اللنبي القدس عام 1918م أعلن قائلاً: "الآن انتهت الحروب الصليبية". - يقول لورنس براون: "إن الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام وفي قدرته على التوسع والإخضاع وفي حيويته. إنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار(*) الغربي". ولهذا فلابد من الدعوة إلى أن يطبع العالم الإسلامي بطابع الغرب الحضاري. - تشجيع فكرة إيجاد فكر إسلامي متطور يبرر الأنماط الغربية ومحو الطابع المميز للشخصية الإسلامية بغية إيجاد علائق مستقرة بين الغرب وبين العالم الإسلامي خدمة لمصالحه. - الدعوة إلى الوطنية ودراسة التاريخ القديم والدعوة إلى الحرية(*) باعتبارها أساس نهضة الأمة مع عرض النظم الاقتصادية الغربية عرضاً مصحوباً بالإعجاب، وتكرار الكلام حول تعدد الزوجات في الإسلام وتحديد الطلاق واختلاط الجنسين. - نشر فكرة العالمية والإنسانية التي يزعم أصحابها بأن ذلك هو السبيل إلى جمع الناس على مذهب(*) واحد تزول معه الخلافات الدينية والعنصرية لإحلال السلام في العالم، ولتصبح الأرض وطناً واحداً يدين بدين(*) واحد ويتكلم بلغة واحدة وثقافة مشتركة، بغية تذويب الفكر الإسلامي واحتوائه في بوتقة الأقوياء المسيطرين أصحاب النفوذ العالمي. - إن نشر الفكر القومي كان خطوة على طريق التغريب في القرن التاسع عشر وقد انتقل من أوروبا إلى العرب والإيرانيين والترك والأندونيسيين والهنود، بغية تمزيق الكتل الكبيرة إلى كيانات جزئية تقوم على رابط جغرافي يجمع أناساً ينتمون إلى أصول عرقية مشتركة. - تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة، يقول المستشرق جب: "وقد كان من أهم مظاهر سياسية التغريب في العالم الإسلامي تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة التي ازدهرت في البلاد المختلفة التي يشغلها المسلمون الآن… وقد تكون أهميته محصورة الآن في تقوية شعور العداء لأوروبا ولكن من الممكن أن يلعب في المستقبل دوراً مهماً في تقوية القوميات المحلية وتدعيم مقوماتها". - عرض روكفلر الصهيوني المتعصب تبرعه بعشرة ملايين دولار لإنشاء متحف للآثار الفرعونية في مصر وملحق به معهد لتخريج المتخصصين في هذا الفن. - إن كلاً من الاستعمار، (*) والاستشراق، والشيوعية، والماسونية وفروعها، والصهيونية، ودعاة التوفيق بين الأديان" وحدة الأديان(*)"، قد تآزروا جميعاً في دعم حركة(*) التغريب وتأييدها بهدف تطويق العالم الإسلامي وتطويعه ليكون أداة لينة بأيديهم. - نشر المذاهب الهدامة كالفرويدية، والداروينية، والماركسية، والقول بتطور الأخلاق(*) (ليفي بريل) وبتطور المجتمع (دور كايم) والتركيز على الفكر الوجودي والعلماني، والتحرري، والدراسات عن التصوف الإسلامي، والدعوة إلى القومية والأقليمية والوطنية، والفصل بين الدين والمجتمع، وحملة الانتقاص من الدين، ومهاجمة القرآن والنبوة(*) والوحي(*) والتاريخ الإسلامي، والتشكيك في القيم الإسلامية، والدعوة إلى التخلي عن الأصالة والتميز، والتخويف من الموت أو الفقر وذلك لإقعاد المسلمين عن فكرة الجهاد،(*) وإشاعة فكرة أن سبب تأخر العرب والمسلمين إنما هو الإسلام. - اعتبار القرآن فيضاً من العقل الباطن مع الإشادة بعبقرية النبي(*) محمد r وألمعيته وصفاء ذهنه ووصف ذلك بالإشراق(*) الروحي تمهيداً لإزالة صفة النبوة عنه. • مؤتمرات تغريبية: - عقد مؤتمر في بلتيمور عام 1942م وهو يدعو إلى دراسة وابتعاث الحركات السرية في الإسلام. - في عام 1947م عقد في جامعة برنستون بأمريكا مؤتمر لدراسة (الشؤون الثقافية والاجتماعية في الشرق الأدنى) وقد ترجمت بحوث هذا المؤتمر إلى العربية تحت رقم 116 من مشروع الألف كتاب في مصر. شارك فيه كويلر يونغ وحبيب كوراني وعبد الحق أديوار ولويس توماس. - عقد مؤتمر (الثقافة الإسلامية والحياة المعاصرة) في صيف عام 1953م في جامعة برنستون وشارك فيه كبار المفكرين من مثل ميل بروز، وهارولد سميث، وروفائيل باتاي، وهارولد ألن، وجون كرسويل، والشيخ مصطفى الزرقا، وكنت كراج، واشتياق حسين، وفضل الرحمن الهندي. - وفي عام 1955م عقد في لاهور بالباكستان مؤتمر ثالث لكنه فشل وظهرت خطتهم بمحاولتهم إشراك باحثين من المسلمين والمستشرقين في توجيه الدراسات الإسلامية. - انعقد مؤتمر للتأليف بين الإسلام والمسيحية(*) في بيروت 1953م، ثم في الاسكندرية 1954م وتتالت بعد ذلك اللقاءات والمؤتمرات في روما وغيرها من البلدان لنفس الغرض. - في سبتمبر 1994م عقد بالقاهرة مؤتمر السكان والتنمية بهدف نشر أفكار التحلل الجنسي "الغربية" بين المسلمين – من إتاحة للاتصالات غير المشروعة بين المراهقين والإجهاض والزواج الحر والسفاح والتدريب على موانع الحمل، وقد أصدرت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية فتوى بضرورة مقاطعته والحذر من توصياته وأهدافه. • كتب تغريبية خطرة: - الإسلام في العصر الحديث لمؤلفه ولفرد كانتول سميث مدير معهد الدراسات الإسلامية وأستاذ الدين المقارن في جامعة ماكجيل بكندا، حصل على الدكتوراه من جامعة برنستون سنة 1948م تحت إشراف المستشرق هـ. أ.ر. جب الذي تتلمذ عليه في جامعة كمبريدج وهذا الكتاب يدعو إلى التحررية Liberalism والعلمانية Secularism وإلى فصل الدين(*) عن الدولة. - نشر هـ.أ.ر. جب كتابه إلى أين يتجه الإسلام؟ Whither Islam? الذي نشر بلبنان سنة 1932م كان قد ألفه مع جماعة من المستشرقين، وهو يبحث في أسباب تعثر عملية التغريب في العالم الإسلامي ووسائل تقدمها وتطورها. - إن بروتوكولات حكماء صهيون(*) التي ظهرت في العالم كله عام 1902م ظلت ممنوعة من الدخول إلى الشرق الأوسط والعالم الإسلامي حتى عام 1952م تقريباً أي إلى ما بعد قيام إسرائيل في قلب الأمة العربية والإسلامية. ولا شك بأن منعها كان خدمة لحركة التغريب عموماً. - تصوير بعض الشخصيات الإسلامية في صور من الابتذال والعهر والمزاجية كما في كتب جورجي زيدان، وكذلك تلك الكتب التي تضيف الأساطير القديمة إلى التاريخ الإسلامي علىهامش السيرة لطه حسين والكتب التي تعتمد على المصادر غير الموثوقة مثل محمد رسول الحرية للشرقاوي وكتبه عن الخلفاء الراشدين والأئمة التسعة. • الجذور الفكرية والعقائدية: • لقد ارتدت الحملة الصليبية مهزومة بعد حطين، وفتح العثمانيون عاصمة الدولة البيزنطية ومقر كنيستهم(*) عام 1453م واتخذوها عاصمة لهم وغيروا اسمها إلى اسلامبول أي دار الإسلام، كما أن جيوش العثمانيين قد وصلت أوروبا وهددت فيينا سنة 1529م وقد ظل هذا التهديد قائماً حتى سنة 1683م. وسبق ذلك كله سقوط الأندلس وجعلها مقراً للخلافة(*) الأموية، كل ذلك كان مدعاة للتفكير بالتغريب، والتبشير فرع منه، ليكون السلاح الذي يحطم العالم الإسلامي من داخله. • إن التغريب هجمة نصرانية، صهيونية، استعمارية،(*) في آن واحد، التقت على هدف مشترك بينها وهو طبع العالم الإسلامي بالطابع الغربي تمهيداً لمحو الطابع المميز للشخصية الإسلامية. • الانتشار ومواقع النفوذ: • لقد استطاعت حركة(*) التغريب أن تتغلغل في كل بلاد العالم الإسلامي، وإلى كل البلاد المشرقية على أمل بسط بصمات الحضارة الغربية المادية(*) الحديثة على هذه البلاد وربطها بالغرب فكراً وسلوكاً. • لقد تفاوت تأثير حركة التغريب إذ أنه قد ظهر بوضوح في مصر، وبلاد الشام، وتركيا، وأندونيسيا والمغرب العربي، وتتدرج بعد ذلك في البلاد الإسلامية الأقل فالأقل، ولم يخل بلد إسلامي أو مشرقي من آثار وبصمات هذه الحركة. ويتضح مما سبق: أن التغريب تيار مشبوه يهدف إلى نقض عرى الإسلام والتحلل من التزاماته وقيمه واستقلاليته، والدعوة إلى التبعية للغرب في كل توجهاته وممارساته. ومن واجب قادة الفكر الإسلامي كشف مخططاته والوقوف بصلابة أمام سمومه ومفترياته، التي تبثها الآن، شخصيات مسلمة، وصحافة ذات باع طويل في محاولات التغريب، وأجهزة وثيقة الصلة بالصهيونية العالمية والماسونية الدولية. وقد استطاع هذا التيار استقطاب كثير من المفكرين العرب، فمسخوا هويتهم، وحاولوا قطع صلتهم بدينهم، والذهاب بولائهم وانتمائهم لأمتهم الإسلامية، من خلال موالاة الغرب والزهو بكل ما هو غربي، وهي أمور ذات خطر عظيم على الشباب المسلم. مراجع للتوسع : - حصوننا مهددة من داخلها، د. محمد محمد حسين – مؤسسة الرسالة – بيروت – ط 7 – 1402هـ/ 1982م. - العالم الإسلامي والمكائد الدولية خلال القرن الرابع عشر الهجري، فتحي يكن- مؤسسة الرسالة – بيروت – ط2- 1403هـ/1983م. - الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، د. محمد محمد حسين – دار الإرشاد – بيروت – طبعة عام 1389هـ/1970م. - الإسلام والحضارة الغربية ، د. محمد محمد حسين – مؤسسة الرسالة – بيروت 54 – 1402هـ/ 1982م. - شبهات التغريب في غزو الفكر الإسلامي، أنور الجندي- المكتب الإسلامي – بيروت – طبعة عام 1398هـ/ 1978م. - يقظة الفكر العربي، أنور الجندي – مطبعة زهران – القاهرة – 1972م. - تحرير المرأة، قاسم أمين – ط2 – مطبعة روز اليوسف – 1941م. - زعماء الإصلاح في العصر الحديث، أحمد أمين – ط1 – نشر مكتبة النهضة المصرية – 1948م. - تاريخ الدعوة إلى العامية وآثارها في مصر، الدكتورة نفوسة زكريا – دار الثقافة بالإسكندرية – 1393هـ/ 1964م. - حاضر العالم الإسلامي، لوثروب ستودارد – ترجمة عجاج نويهض وتعليق شكيب أرسلان – مصر 1343هـ/ 1925م. - الغارة على العالم الإسلامي، أ.ل. شاتليه – ترجمة مساعد اليافي ومحب الدين الخطيب – مصر 1350هـ. - مستقبل الثقافة في مصر، طه حسين – مصر – 1944م. - اليوم والغد، سلامة موسى – مصر – 1927م. - إلى أين يتجه الإسلام، هـ.أ.ر. جب – ط لبنان – 1932م. المراجع الأجنبية : - Islam in Modern History W.C.Smith, Princeton University Press New Jersy 1957. - Whither Islam? : H.A.r. Gibb. London 1932. - Arabic Thought in the Liberal Age: A. Hourani, Oxford 1962. - Egypt Since Cromer: Lord Loyd, London 1933. - Modern Egypt The Earl of Cromer: London 1911. - Great Britain Egypt (F.W. Polson Newmen 1928). - reports by His Majesty’s Agent and Consul General on the Finances. - *****istration and Condition of Egypt and the Sudan. الأديان الشرقية 1-مقدمة الأديان الشرقية 2-الصابئة المندائيون 3-الهندوسية 4-الشنتوية 5-الطاوية 6-الجينية 7-الكونفوشيوسية 8-البوذية 9-السيخية 10-المهاريشية الأديان الشرقية مقدمة عـامة : تتشابه الأديان الشرقية في عدد من الخصائص التي تجمعها مع الديانات العالمية الأخرى، إلا أنها تتجاذبها نزعتان مختلفتان تمام الاختلاف، فيما يتعلق بالألة(*)، وهاتان النزعتان هما نزعتا الوحدانية وتعدد الآلهة. فقلما نجد دولة من الدول أو شعباً من شعوب الديانات الشرقية، لا تتمثل إلهاً لكل قوى الطبيعة النافعة والضارة يستنصرونه في الشدائد ويلجأون إليه في الملمات، ويتضرعون إليه ليبارك لهم في ذرياتهم وأموالهم، ولم يصل هؤلاء إلى عبادة هذه الظواهر دفعة واحدة وإنما مروا بمراحل انتهت بهم إلىعبادتها، ولقد كثر الآلهة عندهم، لاسيما عند الهندوس، كثرة كبيرة وكانوا يسمون إلههم بكل اسم حسن ويصفونه بكل صفة كاملة ويخاطبونه باسم "رب الأرباب" أو "إله الآلهة" توقيراً وتعظيماً وإجلالاً. وفي القرن التاسع قبل الميلاد، استطاع بعض كهنة(*) تلك الدول، اختصار الآلهة، فقد جمعوا الآلهة في إله واحد، وقالوا إنه هو الذي أخرج العالم من ذاته. ثم ظهرت حركات عقلية آمنت بالتناسخ(*)، وظهرت حركات أخرى آمنت بالإله أساساً لفلسفة الدين(*)، وعندما فتح محمود الغزنوي الهند، وأخضعها للحكم الإسلامي، قدَّم أروع الأمثلة على سماحة الدين الإسلامي عندما ترك الحرية(*) للهنود فيما يعبدون، وانتشر الإسلام في الهند ومنها انتقل إلى دول شرقية أخرى تركت لها حرية العبادة كذلك، ولكن الناس كانت تجد في عقيدة التوحيد ملاذها فاندفعت إليها عن حرب ورضا. ومن أهم أهداف هذه الموسوعة، وضع يد القارىء على كثير من الحقائق المتعلقة بالأديان الشرقية، وقد يمكن القول أن كثيراً من هذه الديانات ربما بدأت كديانات توحيد سماوية، إعمالاً لقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} [فاطر:24]. ولكن التحريف لحق هذه الأديان ، كما لحق غيرها، ودليل ذلك أن فكرة التوحيد كان لها وجود بشكل أو بآخر في هذه الديانات، كما أن بعض كتب هذه الأديان(*) انطوت على إشارات إلى نبوة(*) الرسول(*) صلى الله عليه وسلم ، ومبعثه، ولذا فإن هذه الموسوعة عندما تشير إلى حقائق هذه الأديان في الوقت الحاضر، فإنها لا تنفي عن أصل نشأتها إمكانية أن تكون ديانات توحيد قبل أن يلحقها التحريف وتتطرق إليها الوثنية(*). وأيًّا ما كان الأمر، فقد عالجت هذه الموسوعة أهم الأديان الشرقية المعاصرة، كما هي لا كما كانت، وهي: (1) الصابئة المندائيون: وتعد من أقدم الديانات التي تعتقد بأن الخالق واحد وهي بهذا الوصف تعتبر من الديانات السماوية ويعتبر أتباعها أتباع دين كتابي. (2) الهندوسية : وتسمى أيضاً البرهمية(*) وهي ديانة وثنية يعتنقها معظم أهل الهند، وليس في الهندوسية دعوة إلى التوحيد، بل إنهم يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إليها(*) يعبد، ثم قالوا بوجود آلهة ثلاثة من عبد أحدها فقد عبدها جميعاً وهي براهما(*) وفشنو(*) وسيفا(*). (3) الشنتوية: وهي ديانة ظهرت في اليابان منذ وقت طويل وقد بدأت بعبادة الأرواح ثم قوى الطبيعة ثم عبادة الإمبراطور مؤخراً حيث يعتبرونه من نسل الآلهة. (4)الطاوية : وهي إحدى أكبر الديانات الصينية القديمة التي تستلزم العودة إلى الحياة الطبيعية مع ضرورة الإيمان بوحدة الوجود إذ الخالق والمخلوق شيء واحد. (5) الجينية: وهي ديانة منشقة عن الهندوسية وتدعو إلى التحرر من كل قيود الحياة، والعيش بعيداً عن الشعور بالقيم كالعيب والإثم والخير والشر. (6) الكونفوشيوسية: وهي ديانة أهل الصين وتدعو إلى إحياء الطقوس والعادات والتقاليد الدينية التي ورثها الصينيون عن أجدادهم، مع إضافة بعض آراء الحكيم كونفوشيوس إليها وهي تقوم على عبادة الإله(*) الأعظم وعبادة أرواح الآباء والأجداد وتقديس الملائكة. (7) البوذية : وهي الديانة التي ظهرت في الهند بعد البراهمية (الهندوسية) في القرن الخامس قبل الميلاد، وهي تدعو إلى التصوف والخشونة ونبذ الترف والمناداة بالتسامح، ويعتقد البوذيون أن بوذا(*) هو ابن الإله عندهم وأنه مخلِّص البشرية من مآسيها. (8) السيخية: وهي ديانة السيخ الذين هم جماعة دينية هندية تدعو إلى دين جديد تزعم فيه شيئاً من الديانتين الإسلامية والهندوسية تحت شعار (لا هندوس ولا مسلمين). (9) المهاريشية: وهي نحلة هندوسية دهرية ملحدة(*) انتقلت إلى أمريكا وأوروبا داعية إلى طقوس كهنوتية بغية تحصيل السعادة الروحية. الصابئة المندائيون التعريف : الصابئة المندائية هي طائفة الصابئة الوحيدة الباقية إلى اليوم والتي تعتبر يحيى عليه السلام نبيًّا لها، يقدّس أصحابها الكواكب والنجوم ويعظمونها، ويعتبر الاتجاه نحو نجم القطب الشمالي وكذلك التعميد(*) في المياه الجارية من أهم معالم هذه الديانة التي يجيز أغلب فقهاء المسلمين أخذ الجزية من معتنقيها أسوة بالكتابيين من اليهود والنصارى. ولقد حقق شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الرد على المنطقيين ط6 (ص454 وما بعدها) حقيقة الصابئة كما وردت في القرآن الكريم فقال ما حاصله: إن الصابئة نوعان: صابئة حنفاء وصابئة مشركون. أما الصابئة الحنفاء فهم بمنزلة من كان متبعاً لشريعة التوراة(*) والإنجيل(*) قبل النسخ والتحريف(*) والتبديل من اليهود والنصارى. وهؤلاء حمدهم الله وأثنى عليهم. والثابت أن الصابئين قوم ليس لهم شريعة مأخوذة عن نبي(*)، وهم قوم من المجوس(*) واليهود والنصارى ليس لهم دين(*)، ولكنهم عرفوا الله وحده، ولم يحدثوا كفراً، وهم متمسكون "بالإسلام المشترك" وهو عبادة الله وحده وإيجاب الصدق والعدل وتحريم الفواحش والظلم ونحو ذلك مما اتفقت الرسل على إيجابه وتحريمه وهم يقولون "لا إله إلا الله" فقط وليس لهم كتاب ولا نبي. والصحيح أنهم كانوا موجودين قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأرض اليمن. وأما الصابئة المشركون فههم قوم يعبدون الملائكة ويقرؤون الزبور ويصلون، فهم يعبدون الروحانيات العلوية. وعلى ذلك فمن دان من الصابئة بدين أهل الكتاب فهو من أهل الكتاب، ومن لم يدن بدين أهل الكتاب فهو مشرك ومثالهم من يعبد الكواكب. كمن كانوا بأرض حران عندما أدركهم الإسلام وهؤلاء لا يحل أكل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم وإن أظهروا الإيمان بالنبيين(*) وقد أفتى أبو سعيد الاصطخري بأن لا تقبل الجزية منهم، ونازعه في ذلك جماعة من الفقهاء. التأسيس وأبرز الشخصيات : • يدّعى الصابئة المندائيون بأن دينهم(*) يرجع إلى عهد آدم عليه السلام. • ينتسبون إلى سام بن نوح عليه السلام، فهم ساميون. • يزعمون أن يحيى عليه السلام هو نبيهم الذي أرسل إليهم. • كانوا يقيمون في القدس، وبعد الميلاد طردوا من فلسطين فهاجروا إلى مدينة حران فتأثروا هناك بمن حولهم وتأثروا بعبدة الكواكب والنجوم من الصابئة الحرانيين. - ومن حران هاجروا إلى موطنهم الحالي في جنوبي العراق وإيران وما يزالون فيه، حيث يعرفون بصابئة البطائح. • منهم الكنزبرا الشيخ عبد الله بن الشيخ سام الذي كان مقيماً في بغداد سنة 1969م وهو الرئيس الروحي لهم، وقد كان في عام 1954م يسكن في دار واقعة بجوار السفارة البريطانية في الكرخ ببغداد. الأفكار والمعتقدات : • كتبهم: - لديهم عدد من الكتب المقدسة مكتوبة بلغة سامية قريبة من السريانية وهي: 1- الكنزاربّا: أي الكتاب العظيم ويعتقدون بأنه صحف آدم عليه السلام، فيه موضوعات كثيرة عن نظام تكوين العالم وحساب الخليقة وأدعية وقصص، وتوجد في خزانة المتحف العراقي نسخة كاملة منه. طبع في كوبنهاجن سنة 1815م، وطبع في لايبزيغ سنة 1867م. 2- دراشة إديهيا: أي تعاليم يحيى، وفيه تعاليم وحياة النبي(*) يحيى عليه السلام. 3- الفلستا: أي كتاب عقد الزواج، ويتعلق بالاحتفالات والنكاح الشرعي والخطبة. 4- سدرة إدنشاماثا: يدور حول التعميد(*) والدفن والحداد، وانتقال الروح من الجسد إلى الأرض ومن ثمّ إلى عالم الأنوار، وفي خزانة المتحف العراقي نسخة حديثة منه مكتوبة باللغة المندائية. 5- كتاب الديونان: فيه قصص وسير بعض الروحانيين مع صور لهم. 6- كتاب إسفر ملواشه: أي سفر البروج لمعرفة حوادث السنة المقبلة عن طريق علم الفلك والتنجيم(*). 7- كتاب النباتي: أي الأناشيد والأذكار الدينية، وتوجد نسخة منه في المتحف العراقي. 8- كتاب قماها ذهيقل زيوا: ويتألف من 200 سطر وهو عبارة عن حجاب يعتقدون بأن من يحمله لا يؤثر فيه سلاح أو نار. 9- تفسير بغره: يختص في علم تشريح جسم الإنسان وتركيبه والأطعمة المناسبة لكل طقس مما يجوز لأبناء الطائفة تناوله. 10- كتاب ترسسر ألف شياله: أي كتاب الأثنى عشر ألف سؤال. 11- ديوان طقوس التطهير: وهو كتاب يبين طرق التعميد(*) بأنواعه على شكل ديوان. 12- كتاب كداواكدفيانا: أي كتاب العوذ. • طبقات رجال الدين : يشترط في رجل الدين أن يكون سليم الجسم، صحيح الحواس، متزوجاً منجباً، غير مختون، وله كلمة نافذة في شؤون الطائفة كحالات الولادة والتسمية والتعميد والزواج والصلاة والذبح والجنازة، ورتبهم على النحو التالي: 1- الحلالي: ويسمى "الشماس"(*) يسير في الجنازات، ويقيم سنن الذبح للعامة، ولايتزوج إلا بكراً، فإذا تزوج ثيباً سقطت مرتبته ومنع من وظيفته إلا إذا تعمد هو وزوجته 360مرة في ماء النهر الجاري. 2- الترميدة: إذا فقه الحلالي الكتابين المقدَّسين سدره إنشماثا والنياني أي كتابَيْ التعميد والأذكار فإنه يتعمد بالارتماس في الماء الموجود في المندي ويبقى بعدها سبعة أيام مستيقظاً لا تغمض له عين حتى لا يحتلم، ويترقى بعدها هذا الحلالي إلى ترميدة، وتنحصر وظيفته في العقد على البنات الأبكار. 3- الأبيسق: الترميدة الذي يختص في العقد على الأرامل يتحول إلى أبيسق ولا ينتقل من مرتبته هذه. 4- الكنزبرا: الترميدة الفاضل الذي لم يعقد على الثيبات مطلقاً يمكنه أن ينتقل إلى كنزبرا وذلك إذا حفظ كتاب الكنزاربّا فيصبح حينئذٍ مفسراً له، ويجوز له ما لا يجوز لغيره، فلو قتل واحداً من أفراد الطائفة لا يقتص منه لأنه وكيل الرئيس الإلهي عليها. 5- الريش أمه: أي رئيس الأمة، وصاحب الكلمة النافذة فيها ولا يوجد بين صابئة اليوم من بلغ هذه الدرجة لأنها تحتاج إلى علم وفير وقدرة فائقة. 6- الربّاني: وفق هذه الديانة لم يصل إلى هذه الدرجة إلا يحيي بن زكريا عليهما السلام كما أنه لا يجوز أن يوجد شخصان من هذه الدرجة في وقت واحد. والرباني يرتفع ليسكن في عالم الأنوار وينزل ليبلغ طائفته تعاليم الدين ثم يرتفع كرة أخرى إلى عالمه الرباني النوراني. • الإِله(*): - يعتقدون من حيث المبدأ – بوجود الإِله الخالق الواحد الأزلي الذي لاتناله الحواس ولايفضي إليه مخلوق. - ولكنهم يجعلون بعد هذا الإله 360 شخصاً خلقوا ليفعلوا أفعال الإله، وهؤلاء الأشخاص ليسوا بآلهة ولا ملائكة، يعملون كل شيء من رعد وبرق ومطر وشمس وليل ونهار… وهؤلاء يعرفون الغيب، ولكل منهم مملكته في عالم الأنوار. - هؤلاء الأشخاص الـ 360 ليسوا مخلوقين كبقية الكائنات الحية، ولكن الله ناداهم بأسمائهم فخلقوا وتزوجوا بنساء من صنفهم، ويتناسلون بأن يلفظ أحدهم كلمة فتحمل أمرأته فوراً وتلد واحداً منهم. - يعتقدون بأن الكواكب مسكن للملائكة، ولذلك يعظمونها ويقدسونها. • المندي: - هو معبد الصابئة، وفيه كتبهم المقدسة، ويجري فيه تعميد(*) رجال الدين، يقام على الضفاف اليمنى من الأنهر الجارية، له باب واحد يقابل الجنوب بحيث يستقبل الداخل إليه نجم القطب الشمالي، لابدَّ من وجود قناة فيه متصلة بماء النهر، ولا يجوز دخوله من قبل النساء، ولا بدّ من وجود علم يحيى فوقه في ساعات العمل. • الصلاة: - تؤدى ثلاث مرات في اليوم: قبيل الشروق، وعند الزوال، وقبيل الغروب، وتستحبّ أن تكون جماعة في أيام الآحاد والأعياد، فيها وقوف وركوع وجلوس على الأرض من غير سجود، وهي تستغرق ساعة وربع الساعة تقريباً. - يتوجه المصلي خلالها إلى الجدي بلباسه الطاهر، حافي القدمي، يتلو سبع قراءات يمجد فيها الرب مستمداً منه العون طالباً منه تيسير اتصاله بعالم الأنوار. • الصوم : - صابئة اليوم يحرمون الصوم لأنه من باب تحريم ما أحل الله. - وقد كان الصوم عند الصابئة على نوعين: الصوم الكبير: ويشمل الصوم عن كبائر الذنوب والأخلاق(*) الرديئة ، والصوم الصغير الذي يمتنعون فيه عن أكل اللحوم المباحة لهم لمدة 32 يوماً متفرقة على طول أيام السنة. - ابن النديم المتوفى سنة 385هـ في فهرسته، وابن العبري المتوفى سنة 685هـ في تاريخ مختصر الدول ينصان على أن الصيام كان مفروضاً عليهم لمدة ثلاثين يوماً من كل سنة. • الطهارة: - الطهارة مفروضة على الذكر والأنثى سواء بلا تمييز. - تكون الطهارة في الماء الحي غير المنقطع عن مجراه الطبيعي. - الجنابة تحتاج إلى طهارة وذلك بالارتماس في الماء ثلاث دفعات مع استحضار نية الاغتسال من غير قراءة لأنها لا تجوز على جنب. - عقب الارتماس في الماء يجب الوضوء، وهو واجب لكل صلاة، حيث يتوضأ الشخص وهو متجه إلى نجم القطب، فيؤديه على هيئة تشبه وضوء المسلمين مصحوباً بأدعية خاصة. - مفسدات الوضوء: البول، الغائط، الريح، لمس الحائض والنفساء. • التعميد(*) وأنواعه: - يعتبر التعميد من أبرز معالم هذه الديانة ولا يكون إلا في الماء الحي، ولا تتم الطقوس إلا بالارتماس في الماء سواء أكان الوقت صيفاً أم شتاءً، وقد أجاز لهم رجال دينهم مؤخراً الاغتسال في الحمامات وأجازوا لهم كذلك ماء العيون النابعة لتحقيق الطهارة. - يجب أن يتم التعميد(*) على أيدي رجال الدين. - يكون العماد في حالات الولادة، والزواج، وعماد الجماعة، وعماد الأعياد وهي على النحو التالي: 1- الولادة: يعمد المولود بعد 45 يوماً ليصبح طاهراً من دنس الولادة حيث يُدخل هذا الوليد في الماء الجاري إلى ركبتيه مع الإتجاه جهة نجم القطب، ويوضع في يده خاتم أخضر من الآس. 2- عماد الزواج: يتمّ في يوم الأحد وبحضور ترميدة وكنزبرا، يتم بثلاث دفعات في الماء مع قراءة من كتاب الفلستا وبلباس خاص، ثم يشربان من قنينة ملئت بماء أُخذ من النهر يسمى (ممبوهة) ثم يطعمان (البهثة) ويدهن جبينهما بدهن السمسم، ويكون ذلك لكلا العروسين لكل واحد منهما على حدة، بعد ذلك لا يُلمسان لمدة سبعة أيام حيث يكونان نجسين وبعد الأيام السبعة من الزواج يعمدان من جديد، وتعمد معهما كافة القدور والأواني التي أكلا فيها أو شربا منها. 3- عماد الجماعة: يكون في كل عيد (بنجة) من كل سنة كبيسة لمدة خمسة أيام ويشمل أبناء الطائفة كافة رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً، وذلك بالارتماس في الماء الجاري ثلاث دفعات قبل تناول الطعام في كل يوم من الأيام الخمسة. والمقصود منه هو التكفير عن الخطايا والذنوب المرتكبة في بحر السنة الماضية، كما يجوز التعميد في أيام البنجة ليلاً ونهاراً على حين أن التعميد في سائر المواسم لا يجوز إلا نهاراً وفي أيام الآحاد فقط. 4- عماد الأعياد: وهي: أ- العيد الكبير: عيد ملك الأنوار حيث يعتكفون في بيوتهم 36 ساعة متتالية لا تغمض لهم عين خشية أن يتطرق الشيطان إليهم لأن الاحتلام يفسد فرحتهم، وبعد الاعتكاف مباشرة يرتسمون، ومدة العيد أربعة أيام، تنحر فيه الخراف ويذبح فيه الدجاج ولا يقومون خلاله بأي عمل دنيوي. ب- العيد الصغير: يوم واحد شرعاً، وقد يمتد لثلاثة أيام من أجل التزاور، ويكون بعد العيد الكبير بمائة وثمانية عشر يوماً. ت- عيد البنجة: سبق الحديث عنه، وهو خمسة أيام تكبس بها السنة، ويأتي بعد العيد الصغير بأربعة أشهر. ث- عيد يحيى: يوم واحد من أقدس الأيام، يأتي بعد عيد البنجة بستين يوماً وفيه كانت ولادة النبي يحيى عليه السلام الذي يعتبرونه نبيًّا(*) خاصاً بهم، والذي جاء ليعيد إلى دين آدم صفاءه بعد أن دخله الانحراف بسبب تقادم الزمان. • تعميد المحتضر ودفنه: ج- عندما يحتضر الصابيء يجب أن يؤخذ – وقبل زهوق روحه – إلى الماء الجاري ليتمّ تعميده. ح- من مات من دون عماد نجس ويحرم لمسه. خ- أثناء العماد يغسلونه متجهاً إلى نجم القطب الشمالي، ثم يعيدونه إلى بيته ويجلسونه في فراشه بحيث يواجه نجم القطب أيضاً حتى يوافيه الأجل. د- بعد ثلاث ساعات من موته يغسل ويكفن ويدفن حيث يموت إذ لا يجوز نقله مطلقاً من بلد إلى بلد آخر. ذ- من مات غيلة أو فجأة، فإنه لا يغسل ولا يلمس، ويقوم الكنزبرا بواجب العماد عنه. ر- يدفن الصابيء بحيث يكون مستلقياً على ظهره ووجهه ورجلاه متجهة نحو الجدي حتى إذا بعث واجه الكوكب الثابت بالذات. ز- يضعون في فم الميت قليلاً من تراب أول حفرة تحفر لقبره فيها. س- يحرم على أهل الميت الندب والبكاء والعويل، والموت عندهم مدعاة للسرور، ويوم المأتم من أكثر الأيام فرحاً حسب وصية يحيى لزوجته. ش- لا يوجد لديهم خلود في الجحيم، بل عندما يموت الإنسان إما أن ينتقل إلى الجنة أو المطهر حيث يعذب بدرجات متفاوتة حتى يطهر فتنتقل روحه بعدها إلى الملأ الأعلى، فالروح خالدة والجسد فان. • أفكار ومعتقدات أخرى: - البكارة: تقوم والدة الكنزبرا أو زوجته بفحص كل فتاة عذراء بعد تعميدها وقبل تسليمها لعريسها وذلك بغية التأكد من سلامة بكارتها. - الخطيئة: إذا وقعت الفتاة أو المرأة في جريمة الزنى فإنها لا تقتل، بل تهجر، وبإمكانها أن تكفر عن خطيئتها بالارتماس في الماء الجاري. - الطلاق: لا يعترف دينهم بالطلاق إلا إذا كانت هناك انحرافات أخلاقية خطيرة فيتمّ التفريق عن طريق الكنزبرا. - السنة المندائية: 360 يوماً، في 12 شهراً، وفي كل شهر ثلاثون يوماً مع خمسة أيام كبيسة يقام فيها عيد البنجة. - يعتقدون بصحة التاريخ الهجري ويستعملونه، وذلك بسبب اختلاطهم بالمسلمين، ولأن ظهور النبي(*) محمد صلى الله عليه وسلم كان مذكوراً في الكتب المقدسة الموجودة لديهم. - يعظمون يوم الأحد كالنصارى ويقدسونه ولا يعملون فيه أي شيء على الإطلاق. - ينفرون من اللون الأزرق النيلي ولا يلامسونه مطلقاً. - ليس للرجل غير المتزوج من جنة لا في الدنيا ولا في الآخرة. - يتنبئون بحوادث المستقبل عن طريق التأمل في السماء والنجوم وبعض الحسابات الفلكية. - لكل مناسبة دينية ألبسة خاصة بها، ولكل مرتبة دينية لباس خاص بها يميزها عن غيرها. - إذا توفي شخص دون أن ينجب أولاداً فإنه يمرّ بالمطهر ليعود بعد إقامته في العالم الآخر إلى عالم الأنوار ثم يعود إلى حالته البدنية مرة أخرى حيث تتلبس روحه في جسم روحاني فيتزوج وينجب أطفالاً. - يؤمنون بالتناسخ(*) ويعتقدون بتطبيقاته في بعض جوانب عقيدتهم. - للرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء على قدر ما تسمح له به ظروفه. - يرفضون شرب الدواء، ولا يعترضون على الدهون والحقن الجلدية. - الشباب والشابات يأتون إلى الكهان(*) ليخبروهم عن اليوم السعيد الذي يمكنهم أن يتزوجوا فيه، وكذلك يخبرون السائلين عن الوقت المناسب للتجارة أو السفر، وذلك عن طريق علم النجوم. - لا تؤكل الذبيحة إلا أن تذبح بيدي رجال الدين وبحضور الشهود، ويقوم الذابح – بعد أن يتوضأ – بغمسها في الماء الجاري ثلاث مرات ثم يقرأ عليها أذكاراً دينية خاصة ثم يذبحها مستقبلاً الشمال، ويستنزف دمها حتى آخر قطرة، ويحرم الذبح بعد غروب الشمس أو قبل شروقها إلا في عيد البنجة. - تنص عقيدتهم على أن يكون الميراث محصوراً في الابن الأكبر، لكنهم لمجاورتهم المسلمين فقد أخذوا بقانون المواريث الإسلامي. • الجذور الفكرية والعقائدية: • تأثر الصابئة بكثير من الديانات والمعتقدات التي احتكوا بها. • أشهر فرق الصابئة قديماً أربعة هي: أصحاب الروحانيات، وأصحاب الهياكل، وأصحاب الأشخاص، والحلولية. • لقد ورد ذكرهم في القرآن مقترناً باليهود والنصارى والمجوس والمشركين (انظر الآيات62/ البقرة - 69/ المائدة، 17/الحج)، ولهم أحكام خاصة بهم من حيث جواز أخذ الجزية منهم أو عدمها أسوة بالكتابيين من اليهود والنصارى. • عرف منهم الصابئة الحرانيون الذين انقرضوا والذين تختلف معتقداتهم بعض الشيء عن الصابئة المندائيين الحاليين. • لم يبق من الصابئة اليوم إلا صابئة البطائح المنتشرون على ضفاف الأنهر الكبيرة في جنوب العراق وإيران. • تأثروا باليهودية، وبالمسيحية(*)، وبالمجوسية(*) لمجاورتهم لهم. • تأثروا بالحرانيين الذين ساكنوهم في حران عقب طردهم من فلسطين فنقلوا عنهم عبادة الكواكب والنجوم أو على الأقل تقديس هذه الكواكب وتعظيمها وتأثروا بهم في إتقان علم الفلك وحسابات النجوم. • تأثروا بالأفلاطونية الحديثة التي استقرت فلسفتها في سوريا مثل الاعتقاد بالفيض(*) الروحي على العالم المادي. • تأثروا بالفلسفة(*) الدينية التي ظهرت أيام إبراهيم الخليل - عليه السلام - فقد كان الناس حينها يعتقدون بقدرة الكواكب والنجوم على التأثير في حياة الناس. • تأثروا بالفلسفة(*) اليونانية التي استقلت عن الدين(*)، ويلاحظ أثر هذه الفلسفة اليونانية في كتبهم. • لدى الصابئة قسط وافر من الوثنية(*) القديمة يتجلى في تعظيم الكواكب والنجوم على صورة من الصور. • الانتشار ومواقع النفوذ: • الصابئة المندائيون الحاليون ينتشرون على الضفاف السفلى من نهري دجلة والفرات، ويسكنون في منطقة الأهوار وشط العرب، ويكثرون في مدن العمارة والناصرية والبصرة وقلعة صالح والحلفاية والزكية وسوق الشيوخ والقرنة وهي موضع اقتران دجلة بالفرات، وهم موزعون على عدد من الألوية مثل لواء بغداد، والحلة، والديوانية والكوت وكركوك والموصل. كما يوجد أعداد مختلفة منهم في ناصرية المنتفق والشرش ونهر صالح والجبابيش والسليمانية. • كذلك ينتشرون في إيران، وتحديداً على ضفاف نهر الكارون والدز ويسكنون في مدن إيران الساحلية، كالمحمرة، وناصرية الأهواز وششتر ودزبول. • تهدمت معابدهم في العراق، ولم يبق لهم إلا معبدان في قلعة صالح، وقد بنوا معبداً مندياً بجوار المصافي في بغداد، وذلك لكثرة الصابئين النازحين إلى هناك من أجل العمل. • يعمل معظمهم في صياغة معدن الفضة لتزيين الحلي والأواني والساعات وتكاد هذه الصناعة تنحصر فيهم لأنهم يحرصون على حفظ أسرارهما كما يجيدون صناعة القوارب الخشبية والحدادة وصناعة الخناجر. • مهاراتهم في صياغة الفضة دفعتهم إلى الرحيل للعمل في بيروت ودمشق والإسكندرية ووصل بعضهم إلى إيطاليا وفرنسا وأمريكا. • ليس لديهم أي طموح سياسي، وهم يتقربون إلى أصحاب الديانات الأخرى بنقاط التشابه الموجودة بينهم وبين الآخرين. ويتضح مما سبق: إن الصابئة من أقدم الديانات(*) التي تعتقد بأن الخالق واحد وقد جاء ذكر الصابئين في القرآن باعتبار أنهم أتباع دين كتابي. وقد اختلف الفقهاء حول مدى جواز أخذ الجزية منهم، إن كانوا أحدثوا في دينهم ما ليس منه. وقد أصبحت هذه الطائفة كأنها طائفة وثنية تشبه صابئة حران الذين وصفهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وعموماً فالإسلام قد جب ما قبله ولم يعد لأي دين(*) من الديانات السابقة مكان بعده. --------------------------- مراجع للتوسع : - الصابئة المندائيون، الليدي دراوور – مطبعة الإرشاد – بغداد – 1969م. - مندائي أو الصابئة الأقدمون، عبد الحميد عبادة – طبع في بغداد – 1927م. -الصابئة في حاضرهم وماضيهم، عبد الرزاق الحسني – طبعة لبنان – 1970م. -الكنزاربّا، وهو كتاب الصابئة الكبير ومنه نسخة في خزانة المتحف العراقي. - الفهرست، ابن النديم – طبع في القاهرة – 1348هـ. - المختصر في أخبار البشر، تأليف أبي الفداء – طبع في القاهرة – 1325هـ. - الملل والنحل، للشهرستاني – طبعة لبنان – 1975م. - معجم البلدان ، لياقوت الحموي – طبع في القاهر – 1906م. - مقالة لأنستاس الكرملي، مجلة المشرق – بيروت – 1901م. - مقالة لزويمر، مجلة المقتطف – القاهرة – 1897م. - مقالة لإبراهيم اليازجي، مجلة البيان – القاهرة – 1897م. - الموجز في تاريخ الصابئة المندائين العرب البائدة، لعبد الفتاح الزهيري، مطبعة الأركان ببغداد 1403هـ. - الصلاة المندائية وبعض الطقوس الدينية، لرافد الشيخ عبد الله نجم – بغداد 1988م. - اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، فخر الدين الرازي – القاهرة – 1356هـ. -إبراهيم أبو الأنبياء، عباس محمود العقاد – دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان – صفحة 139-148 طبعة عام 1386هـ/1967م. المراجع الأجنبية : - Handbook of Classical and Modern Mandai, Berlin 1965. - Mandaean Bibliography, Oxford University Press, 1933. - Die Mandaer: ihre relligion und ihre Geschichte Muller: Amsterdam 1916. - Frankfort Dr. Henri Archeology and the Sumerian Problem, Chicago Studies in Ancient Oriental Civilization. No. 4 (Univ. of Chicago Press, 1932). - J.B. Tavernier, Les Six Voyaojes, Paris 1713. - M.N. Siouffi, Etudes Sur la religion des Soubbas, Paris 1880. - E.S. Drower, The Mandaeans of Iraq and Iran, London 1937. - H. Pognon, Inscriptions Mandaites des Coupes de Khouberir, Paris 1898.[/align]
__________________
|
#23
|
|||
|
|||
[align=center]الهندوسية
التعريف : الهندوسية ويطلق عليها أيضاً البرهمية(*) ديانة(*) وثنية(*) يعتنقها معظم أهل الهند، وهي مجموعة من العقائد والعادات والتقاليد التي تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر. إنها ديانة تضم القيم الروحية والخلقية إلى جانب المبادىء القانونية والتنظيمية متخذة عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها، فلكل منطقة إله(*)، ولكل عمل أو ظاهرة إله. التأسيس وأبرز الشخصيات: • لا يوجد للديانة الهندوسية مؤسس معين، ولا يعرف لمعظم كتبها مؤلفون معينون، فقد تمّ تشكُّل الديانة وكذلك الكتب عبر مراحل طويلة من الزمن. • الآريُّون الغزاة الذين قدموا إلى الهند في القرن الخامس عشر قبل الميلاد هم المؤسسون الأوائل للديانة الهندوسية. - ديانة الفاتحين الجديدة لم تمح الديانة القديمة للهنود، بل مازجتها وتأثرت كل منهما بالأخرى. - في القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية على أيدي الكهنة(*) البراهمة الذين يزعمون أن في طبائعهم عنصراً إلهيًّا. - ثم تطورت مرة أخرى في القرن الثالث قبل الميلاد عن طريق قوانين منوشاستر(*). الأفكار والمعتقدات : نستطيع فهم الهندوسية من خلال كتبها، ونظرتها إلى الإله، ومعتقداتها وطبقاتها إلى جانب بعض القضايا الفكرية والعقائدية الأخرى. • كتبها : للهندوسية عدد هائل من الكتب عسيرة الفهم غريبة اللغة وقد أُلّفت كتب كثيرة لشرحها وأخرى لاختصار تلك الشروح، وكلها مقدسة وأهمها: 1- الفيدا veda : وهي كلمة سنسكريتية معناها الحكمة والمعرفة، وتصور حياة الآريين، ومدارج الارتقاء للحياة العقلية من السذاجة إلى الشعور الفلسفي، وفيه أدعية تنتهي بالشك والارتياب كما أن فيه تأليهاً يرتقي إلى وحدة الوجود، وهي تتألف من أربعة كتب هي: 1- رج فيدا أو راجا فندا (أي الفيدا الملكية) وترجع إلى 3000 سنة قبل الميلاد، فيها ذكر لإله(*) الآلهة(إنذار) ثم لإله النار (أغني) ثم الإله (فارونا) ثم الإله سوريه (إله الشمس). 2- يجور فيدا Yajur veda يتلوها الرهبان(*) عند تقديم القرابين. 3- سم فيدا Sama veda: ينشدون أناشيده أثناء إقامة الصلوات والأدعية. 4- أثروا فيدا Atharva veda: عبارة عن مقالات من الرقي (*) والتمائم (*) لدفع السحر والتوهم والخرافة والأساطير والشياطين. وكل واحد من هذه الفيدات يشتمل على أربعة أجزاء هي:- i- سَمْهِتا: تمثل مذهب(*) الفطرة، وأدعيته كان يقدمها سكان الهند الأقدمون لآلهتهم قبل زحف الآريين. ii- البراهمن: يقدمها البراهمة للمقيمين في بلادهم مبينة أنواع القرابين. iii-آرانياك: وهي الصلوات والأدعية التي يتقدم بها الشيوخ أثناء إقامتهم في الكهوف والمغاور وبين الأحراش والغابات. iv- آبا نيشادات: وهي الأسرار والمشاهدات النفسية للعرفاء من الصوفية. 2- قوانين منو: وضعت في القرن الثالث قبل الميلاد في العصر الويدي الثاني، عصر انتصار الهندوسية على الإلحاد(*) الذي تمثل في (الجينية والبوذية). وهذه القوانين عبارة عن شرح للويدات بين معالم الهندوسية ومبادئها وأسسها. 1- كتب أخرى: أ- مها بهارتا: ملحمة هندية تشبه الإلياذة(*) والأوديسة(*) عند اليونان ومؤلفها (وياس) ابن العارف (بوسرا) الذي وضعها سنة 950 ق.م وهي تصف حرباً بين أمراء من الأسر المالكة، وقد اشتركت الآلهة في هذه الحرب. ب- كيتا: تصف حرباً بين أمراء من أسرة ملكية واحدة، وينسب إلى كرشنا(*) فيها نظرات فلسفية واجتماعية. ت- يوجا(*) وأسستها: تحتوي على أربعة وستين ألف بيت، ألفت إبتداء من القرن السادس عبر مرحلة طويلة على أيدي مجموعة من الناس، فيها أمور فلسفية ولاهوتية. ث- رامايانا: يعتني هذا الكتاب بالأفكار السياسية والدستورية وفيه خطب لملك أسمه (راما). • نظرة الهندوسية إلى الآلهة: - التوحيد: لا يوجد توحيد بالمعنى الدقيق، لكنهم إذا أقبلوا على إله(*) من الآلهة أقبلوا عليه بكل جوارحهم حتى تختفي عن أعينهم كل الآلهة الأخرى، وعندها يخاطبونه برب الأرباب أو إله(*) الآلهة. - التعدد: يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إلهاً يُعبد: كالماء والهواء والأنهار والجبال.. وهي آلهة كثيرة يتقربون إليها بالعبادة والقرابين. التثليث(*): في القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في إله واحد أخرج العالم من ذاته وهو الذي أسموه: 1- براهما(*): من حيث هو موجود. 2- فشنو(*): من حيث هو حافظ. 3- سيفا(*): من حيث هو مهلك. فمن يعبد أحد الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعاً أو عبد الواحد الأعلى ولا يوجد أي فارق بينها. وهم بذلك قد فتحوا الباب أمام النصارى للقول بالتثليث. - يلتقي الهندوس على تقديس البقرة وأنواع من الزواحف كالأفاعي وأنواع من الحيوان كالقردة ولكن تتمتع البقرة من بينها جميعاً بقداسة تعلو على أي قداسة ولها تماثيل في المعابد والمنازل والميادين ولها حق الانتقال إلى أي مكان ولا يجوز للهندوكي أن يمسها بأذى أو بذبحها وإذا ماتت دفنت بطقوس دينية. - يعتقد الهندوس بأن آلهتهم قد حلت كذلك في إنسان اسمه كرشنا وقد التقى فيه الإله(*) بالإنسان أو حل اللاهوت(*) في الناسوت(*)، وهم يتحدثون عن كرشنا كما يتحدث النصارى عن المسيح، وقد عقد الشيخ محمد أبو زهرة – رحمه الله – مقارنة بينهما مظهراً التشابه العجيب، بل التطابق، وعلق في أخر المقارنة قائلاً: "وعلى المسيحيين(*) أن يبحثوا عن أصل دينهم". • الطبقات في المجتمع الهندوسي: - منذ أن وصل الآريون إلى الهند شكَّلوا طبقات ما تزال قائمة إلى الآن، ولا طريق لإزالتها لأنها تقسيمات أبدية من خلق الله (كما يعتقدون). - وردت الطبقات في قوانين منو على النحو التالي: 1- البراهمة: وهم الذين خلقهم الإله(*) براهما من فمه: منهم المعلم والكاهن(*)، والقاضي، ولهم يلجأ الجميع في حالات الزواج والوفاة، ولا يجوز تقديم القرابين إلا في حضرتهم. 2- الكاشتر: وهم الذين خلقهم الإله من ذراعيه: يتعلمون ويقدمون القرابين ويحملون السلاح للدفاع. 3- الويش: وهم الذين خلقهم الإله من فخذه: يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال، وينفقون على المعاهد الدينية. 4- الشودر: وهم الذين خلقهم الإله من رجليه، وهم مع الزنوج الأصليين يشكلون طبقة المنبوذين، وعملهم مقصور على خدمة الطوائف الثلاث السابقة الشريفة ويمتهنون المهن الحقيرة والقذرة. - يلتقي الجميع على الخضوع لهذا النظام الطبقي بدافع ديني. - يجوز للرجل أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته ويجوز أن يتزوج من طبقة أدنى على أن لا تكون الزوجة من طبقة الشودر الرابعة ولا يجوز للرجل من طبقة الشودر أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته بحال من الأحوال. - البراهمة هم صفوة الخلق، وقد ألحقوا بالآلهة، ولهم أن يأخذوا من أموال عبيدهم "شودر" ما يشاؤون. - البرهمي الذي يكتب الكتاب المقدس هو رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه. - لايجوز للملك – مهما اشتدت الظروف – أن يأخذ جباية أو إتاوة من البرهمي. - إن استحق البرهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه ، أما غيره فيقتل. - البرهمي الذي هو في العاشرة من عمره يفوق الشودري الذي ناهز المائة كما يفوق الوالد ولده. - لا يصحُّ لبرهمي أن يموت جوعاً في بلاده. - المنبوذون أحط من البهائم وأذل من الكلاب بحسب قانون منو(*). - من سعادة المنبوذين أن يخدموا البراهمة وليس لهم أجر أو ثواب. - إذا مدّ أحد المنبوذين إلى برهمي يداً أو عصاً ليبطش به قطعت يده، وإذا رفسه فُدِعت رجله. - إذا هَمَّ أحد من المنبوذين بمجالسة برهمي فعلى الملك أن يكوي استه وينفيه من البلاد. - إذا ادّعى أحد المنبوذين أنه يعلِّم برهمياً فإنه يسقى زيتاً مغليًّا. - كفارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء. - ظهر مؤخراً بعض التحسن البسيط في أحوال المنبوذين خوفاً من استغلال أوضاعهم ودخولهم في أديان أخرى لا سيما النصرانية التي تغزوهم أو الشيوعية التي تدعوهم من خلال فكرة صراع الطبقات. - ولكن كثيراً من المنبوذين وجدوا العزة والمساواة في الإسلام فاعتنقوه. معتقداتهم: - تظهر معتقداتهم في الكارما، وتناسخ الأرواح(*)، والانطلاق، ووحدة الوجود: 1- الكارما: قانون الجزاء أي أن نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض، هذا العدل الذي سيقع لا محالة إما في الحياة الحاضرة أو في الحياة القادمة، وجزاء حياةٍ يكون في حياة أخرى، والأرض هي دار الابتلاء كما أنها دار الجزاء والثواب. 2- تناسخ الأرواح(*): إذا مات الإنسان يفنى منه الجسد وتنطلق منه الروح لتتقمص وتحل في جسد آخر بحسب ما قدم من عمل في حياته الأولى، وتبدأ الروح في ذلك دورة جديدة. 3- الانطلاق: صالح الأعمال وفاسدها ينتج عنه حياة جديدة متكررة لتثاب فيها الروح أو لتعاقب على حسب ما قدمت في الدورة السابقة. - من لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الأهواء، واطمأنت نفسه، فإنه لا يعاد إلى حواسه بل تنطلق روحه لتتحد بالبراهما. - يؤخذ على هذا المبدأ أنه جعل التصوف والسلبية أفضل من صالح الأعمال لأن ذلك طريق للاتحاد بالبراهما. 4- وحدة الوجود: التجريد الفلسفي ارتقى بالهنادكة إلى أن الإنسان يستطيع خلق الأفكار والأنظمة والمؤسسات كما يستطيع المحافظة عليها أو تدميرها، وبهذا يتحد الإنسان مع الآلهة(*) وتصير النفس هي عين القوة الخالقة. أ- الروح كالآلهة أزلية سرمدية، مستمرة، غير مخلوقة. ب- العلاقة بين الإنسان وبين الآلهة كالعلاقة بين شرارة النار والنار ذاتها، وكالعلاقة بين البذرة وبين الشجرة. ت- هذا الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي، والروح الإنسانية جزء من الروح العليا. • أفكار ومعتقدات أخرى : - الأجساد تحرق بعد الموت لأن ذلك يسمح بأن تتجه الروح إلى أعلى وبشكل عمودي لتصل إلى الملكوت الأعلى في أقرب زمن، كما أن الاحتراق هو تخليص للروح من غلاف الجسم تخليصاً تاماً. - عندما تتخلص الروح وتصعد، يكون أمامها ثلاثة عوالم: 1- إما العالم الأعلى: عالم الملائكة. 2- وإما عالم الناس: مقر الآدميين بالحلول. 3- وإما عالم جهنم: وهذا لمرتكبي الخطايا والذنوب. - ليس هناك جهنم واحدة، بل لكل أصحاب ذنب جهنم خاصة بهم. - البعث في العالم الآخر إنما هو للأرواح لا للأجساد. - يترقى البرهمي في أربع درجات: 1- التلميذ وهو صغير. 2- رب الأسرة. 3- الناسك ويقوم بالعبادة في الغابات إذا تقدم به السن. 4- الفقير : الذي يخرج من حكم الجسد وتتحكم فيه الروح ويقترب من الآلهة. - المرأة التي يموت عنها زوجها لا تتزوج بعده، بل تعيش في شقاء دائم، وتكون موضعاً للإهانات والتجريح، وتكون في مرتبة أقل من مرتبة الخادم. - قد تحرق المرأة نفسها إثر وفاة زوجها تفادياً للعذاب المتوقع الذي ستعيش فيه، وقد حرم القانون هذا الإجراء في الهند الحديثة. - الديانة الهندية تجيز عقد القران للأطفال وهم يَحْبُون، ويحدث أن يموت الولد فتشب البنت أرملة ابتداء، ولكن القانون الهندي الحديث حرم ذلك ومنع عقد القران إلا في سن الشباب. - ليس للفرد أهمية إلا إذا كان عضواً في جماعة، وتكون هذه الجماعة عضواً في جماعة أكبر، ذلك لأن العناية للجماعة لا للفرد. - يلاحظ هبوط المستوى الاقتصادي لمعتنقي الهندوسية لأن بعض الطبقات لا تعمل؛ ذلك لأن العمل لا يليق بمكانتها السامية كطبقة البراهمة مثلاً. - نظام الطبقات يعطل مبدأ تكافؤ الفرص. - رفضت الهندوسية حركة الإصلاح الداخلي المتمثلة في الإسلام وقاومتها محتفظة بتعليماتها ومعتقداتها. - حاول الزعيم الهندي (غاندي) تقليص الحدة بين الطبقات وبين المنبوذين ولكن محاولاته ذهبت أدراج الرياح، بل كان هو ذاته ضحية لهذه المحاولة. - حاولت جماعة (السيخ) إنشاء دين(*) موحد من الهندوسية والإسلام لكنهم فشلوا إذ سرعان ما انغلقوا على أنفسهم وصاروا طبقات متميزة يرفضون التزاوج مع غيرهم. الجذور الفكرية والعقائدية: • في القرن الخامس عشر قبل الميلاد كان هناك سكان الهند الأصليين من الزنوج الذين كانت لهم أفكار ومعتقدات بدائية. • جاء الغزاة الآريون مارّين في طريقهم بالإيرانيين فتأثرت معتقداتهم بالبلاد التي مروا بها، ولما استقروا في الهند حصل تمازج بين المعتقدات تولدت عنه الهندوسية كدين فيه أفكار بدائية من عبادة الطبيعة والأجداد والبقر بشكل خاص. • وفي القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية عندما وُضع مذهب البرهمية وقالوا بعبادة براهما(*). • عصفت بالديانة(*) الهندية حركتان قويتان هما الجينية والبوذية. • ظهرت قوانين منو(*) فأعادت إليها القوة وذلك في القرن الثاني والثالث قبل الميلاد. • انتقلت فكرة التثليث(*) من الفكر الهندي إلى الفكر النصراني بعد رفع المسيح عليه السلام. • انتقل فكر التناسخ(*) والحلول(*) ووحدة الوجود (*) إلى بعض المسلمين الذين ضلُّوا فظهرت هذه العقائد عند بعض المتصوفة، وكذلك ظهرت عند الإسماعيلية وعند الفرق الضالة كالأحمدية. الانتشار ومواقع النفوذ : كانت الديانة الهندوسية، تحكم شبه القارة الهندية وتنتشر فيها على اختلاف في التركيز، ولكن البون الشاسع بين المسلمين والهندوس في نظرتيهما إلى الكون والحياة وإلى البقرة التي يعبدها الهندوس ويذبحها المسلمون ويأكلون لحمها؛ كان ذلك سبباً في حدوث التقسيم حيث أُعلن عن قيام دولة الباكستان بجزأيها الشرقي والغربي والتي معظمها من المسلمين، وبقاء دولة هندية معظم سكانها هندوس والمسلمون فيها أقلية كبيرة. ويتضح مما سبق : أن الديانة الهندوسية مزيج من الفلسفة(*) الهندية والديانتين اليهودية(*) والمسيحية كما أنها عقيدة محدودة الأتباع. ويعتقد الهندوس أنها جاءت عن طريق الوحي(*)، ولو صح هذا فلا بد أنه قد حصل لها الكثير من التحريف والتبديل حتى أصبحت أسلوباً في الحياة أكثر مما هي عقيدة واضحة المعالم. وتشمل من العقائد ما يهبط إلى عبادة الأشجار والأحجار والقرود والأبقار.. إلى غير ذلك من أنواع الوثنية(*) التي تتنافى مع أبسط قواعد التوحيد. كما أن التقسيم الطبقي فيها يتعارض مع كرامة الإنسان ويجعلها بعيدة عن الوحي الرباني. مراجع للتوسع : - أديان الهند الكبرى، دكتور أحمد شلبي – ط6- مكتبة النهضة – المصرية – 1981م. - محاضرات في مقارنات الأديان، الشيخ محمد أبو زهرة – مطبعة يوسف – مصر. - حقائق عن الهند، منشورات قلم الاستعلامات الهندي. - حضارة الهند، غوستاف لوبون. - أديان العالم الكبرى، لخصه عن الإنجليزية حبيب سعد. - الله، عباس محمود العقاد. - تاريخ الإسلام في الهند ، عبد المنعم النمر. - فلسفة الهند القديمة، محمد عبد السلام. المراجع الأجنبية : - Weech and rylands: Peoples and religions of India. - Hinduism Ed. By Lewis renan. - Wells. A Short History of the World. الشنتوية التعريف : الشنتوية ديانة وضعية اجتماعية ظهرت في اليابان منذ قرون طويلة، ولا زالت الدين(*) الأصيل فيها، وقد بدأت بعبادة الأرواح، ثم قوى الطبيعة.. ثم تطور احترام الأجداد والزعماء والأبطال إلى عبادة الإمبراطور الميكادو الذي يعد من نسل الآلهة، كما يزعمون. التأسيس وأبرز الشخصيات: • لا تنتسب الشنتوية إلى شخص معين كما نجد ذلك في البوذية، مثلاً، بل هي دين اجتماعي مر بأدوار كما رأينا في التعريف. الأفكار والمعتقدات: • تشيع في الشنتوية الحالية عبادة الطبيعة وقواها المنتجة، وهي من خصائص الأديان الفطرية الأولى، لذلك فإن الناس يعظمون الشمس وكذلك الأرز – الغذاء الرئيسي لهم- والذي تكثر معابده في الأقاليم الزراعية. • وفي الشنتوية يوقر الناس الأجداد والأسلاف من الزعماء والأبطال والملوك.. وهناك فرق بين عبادة الأسلاف في الصين وبين توقير اليابانيين واحترامهم لأجحدادهم. • يطلق الشنتويون لفظ كامي على كل إله(*) أو شيء يسمو فوق الإنسان كالسماء أو السلطان. • تطورت فكرة احترام الأجداد إلى عبادتهم، وانحصرت هذه العبادة والتأليه في الإمبراطور الميكادو الخالد في نظرهم، المنزه عن العيوب والنقائص، والسمو به إلى درجة لا يشاركه فيها سواه. وقد جاء في منشور صدر عن وزارة المعارف اليابانية عام 1937م "إن أرضنا بلد إلهية يحكمها الإمبراطور وهو إله(*)". ولا ندري كيف يجتمع هذا السخف مع التقدم العلمي في اليابان الحديثة. • الإمبراطور والدولة هما كل شيء، ولا قيمة للفرد في الديانة(*) الشنتوية لذلك تعد التضحية به شرف عظيم له. • يعد الاهتمام بالنظافة أمراً مقدساً، ويكره أتباع الشنتوية كل شيء يدنس الجسد أو الثوب. الجذور الفكرية والعقائدية (تطور الشنتوية وصلتها بالبوذية): • تطورت الشنتوية من احترام وتوقير الأسلاف من زعماء القبائل أو الأبطال إلى عبادتهم. وكان رجال قبيلة يماتو أشد الناس إحياء لتوقير السلف من القبائل، وهم الذين صاروا سادة اليابان فيما بعد، وكان زعيمهم المعروف بالميكادو مركز دينهم وعبادتهم. ثم زعموا أن الشمس تمتُّ إليهم بصلة القربى، ومنها تحدد الميكادو فحسبوه ممثل الشمس وآلهة السماء على الأرض. • وكانت عبادة أسلاف القبائل الذائعة في اليابان قبل إخضاع أسرة يماتو لها خير ممهد لهذه العقيدة الجديدة، وفعل رجال يماتو الكثير لتبسيطها وتقريبها إلى أذهان العامة بأن أدخلوا عليها آلهة(*) صغرى هم زعماء القبائل التي دانت بالطاعة والولاء لحكم الأسرة الغالبة، وكان لهذا الجمع بين الآراء السياسية والدينية أثره الكبير في وجود توقير يكاد يبلغ حد العبادة لشخص الإمبراطور. • وفي منتصف القرن السادس الميلادي هاجر إلى اليابان بعض الكهنة(*) البوذيين من كوريا والصين، وكان لهم أثر عميق في البلاط الملكي، فقد حاولوا أن ينشروا البوذية في اليابان ولكنهم أخفقوا إخفاقاً عظيماً وذلك لتمسك الشعب الياباني بالشنتوية. • وفي القرن الثامن الميلادي استطاع راهب بوذي أن يؤثر في الشنتوية على اعتبار أن آلهتها مظاهر مجسدة لبوذا(*). • وفي العصر الحديث حينما استيقظ الشعور القومي في اليابان، وبلغ ذروته في ثورة 1868م نفر الشعب من كل ما هو أجنبي، ومنه البوذية فأزيلت تماثيل بوذا(*) من المعابد، وأوقف الكهنة البوذيون عن ممارسة وظائفهم وعادت الشنتوية ديناً قومياً. وكانت الحكومة اليابانية تعمل على توطيد الشنتوية في البلاد للاحتفاظ بعبادة الإمبراطور الميكادو. • بعد انهزام اليابان في الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945م عملت السياسة الأمريكية على إبطال عبادة الإمبراطور، وحاولت القضاء على الوطنية الفائقة التي تغرسها الشنتوية في النفس اليابانية، التي أفرزت أثناء الحرب العالمية الفرق الانتحارية التي أنهكت الأسطول الأمريكي. • ومن الملاحظ أن البوذية دخلت اليابان ولم تخرج منه، إلا أن البوذية اليابانية تختلف عن البوذية الهندية والصينية في كثير من التعاليم. • ولكن التسامح سائد بين البوذية اليابانية والشنتوية، ولهذا نرى الناس في اليابان ينتقلون من هيكل بوذي إلى معبد شنتوي دون حرج، والعقائد التي يعتنقها الفرد الياباني العادي مزيج من الشنتوية والكونفشيوسية والبوذية. الانتشار ومواقع النفوذ: الشنتوية منتشرة في اليابان فقط. ويتضح مما سبق: أن الشنتوية ديانة وضعية اجتماعية ظهرت في اليابان منذ قرون طويلة، ولا زالت الدين(*) الأصيل فيها، وقد بدأت بعبادة الأرواح وقوى الطبيعة وانتهت بعبادة الإمبراطور الذي يعتبرونه من نسل الآلهة(*) كما يزعمون، هناك تسامح في اليابان بين البوذية اليابانية وبين الشنتوية وقد أصبحت عقيدة الفرد العادي الآن مزيجاً من الشنتوية والكونفوشيوسية والبوذية. مراجع للتوسع : - الملل والنحل، للشهرستاني – بتحقيق محمد سيد كيلاني (طبعة مزيدة من المحقق). - محاضرات في مقارنات الأديان: الأديان القديمة، محمد أبو زهرة – مطبعة يوسف – مصر. - أديان العالم الكبرى، لخصه عن الإنجليزية حبيب سعد. - الديانات والعقائد في مختلف العصور، أحمد عبد الغفور عطار – مكة المكرمة – 1401هـ – 1981م. - Encyclopedia Britannica 1968. - Berey: religions of the World. الطاوية التعريف : الطاوية إحدى أكبر الديانات(*) الصينية القديمة التي ما تزال حية إلى اليوم إذ ترجع إلى القرن السادس قبل الميلاد، تقوم في جوهر فكرتها على العودة إلى الحياة الطبيعية والوقوف موقفاً سلبياً من الحضارة والمدنية. كان لها دور هام في تطوير علم الكيمياء منذ آلاف السنين وذلك من خلال مسيرتها في البحث في إكسير الحياة ومعرفة سر الخلود. التأسيس وأبرز الشخصيات: • يعتقد بأن لوتس Laotse الذي كان ميلاده عام 507 ق.م هو صاحب مذهب الطاوية التي تُرجع بعض معتقداتها إلى زمن سحيق. وقد وضع كتابه طاو – تي – تشينغ Tao – te – ching أي كتاب طريق القوة. وقد التقى به كونفوشيوس فأخذ عنه أشياء وخالفه في أشياء أخرى. • بقيت الطاوية خلال أكثر من ألفي سنة تؤثر في الفكر الصيني وفي التغيرات التاريخية الصينية. • ظهر شوانغ تسو الذي يرجع إلى القرن الرابع والثالث قبل الميلاد زاعماً بأن لوتس كان أحد المعلمين السماويين، كما قام بشرح كتاب معلمه لوتس مضيفاً إليه شيئاً من فلسفته. • لقد نمت الطاوية المنظمة في منطقة جبال شي شوان قبل غيرها. • في عام 142م زعم شانغ طاولينغ أنه قد جاءه الوحي(*) من الرب تعالى بأن يتحمل تبعات إصلاح الدين الطاوي، وأنه قد ارتقى وسمي المعلم السماوي. وقاد ذلك التنظيم الذي صار تبعاً لسلالته الذين عرفوا بالمعلمين السماويين. • في القرن الثاني الميلادي انتشرت الطاوية الشعبية بفضل حركة السلم الكبير Tai-ping وقد كان للمعلمين السماويين دور كبير في نشرها. • في عام 220م زالت أسرة هان مما أدى إلى انقسام الصينيين إلى ثلاثة أقسام الأمر الذي ترك أثره على الاختلافات الدينية الإقليمية فيما بينهم. • عقب سقوط أسرة هان، وفي القرنين الثالث والرابع الميلاديين ظهرت الطاوية الجديدة. • في عام 406- 477م ظهر المصلح لوهيوشنغ الذي يرجع إليه مفهوم القانون الكنسي لجميع الكتب المقدسة الطاوية. • مؤسسو أسرتي تانغ 618 – 907م ومينغ 1368 – 1644م قد استخدموا التنبؤات الطاوية والسحر لكسب التأييد الشعبي. • تدَّعي عائلة شانغ الحالية للمعلمين السماويين بأنها من سلالة شانغ طاو لينغ المعلم السماوي الأول الذي ظهر أيام أسرة هان. الأفكار والمعتقدات: الكتب : - كتاب لوتس المسمى طاو – تي تشينغ لم يكن ليكتب لولا رجاء حارس الممر ين شي الذي طلب من المعلم الشيخ أن يدون أفكاره. وهذا الكتاب مجموعة قطع أدبية تحيط بطبيعة طاو كما تشمل قواعد عامة وأمثلة للحاكم الذي يمتلك زمام أمر الطاو، وهو كتاب غامض في كثير من عباراته إذ أن ذلك الغموض مقصود لذاته. - شوانغ تسو: بحث في النظرة الطاوية الفلسفية، كما أجرى مقابلة بين السماء والبشر، وبين الطبيعة والمجتمع، طالباً من الطاويين طرح كل الحيل المصطنعة، وفيه قصص عن بشر كاملين يستطيعون الطيران هم الخالدون الذين لا يتأثرون بالعناصر الطبيعية ولا يمسهم حر ولا قر، أصحاب أرواح تمتاز بحرية في تصرفها. - كتاب هوانغ – تي – ني – تشينغ وهو من القرن الثالث قبل الميلاد، فيه تجارب على بعض المعادن والنباتات والمواد الحيوانية وذلك انطلاقاً من اهتمامهم بالمحافظة على الصحة وإطالة الحياة. - كتاب باو – بو – تسو الذي انتهوا من تأليفه عام 317م يبحث في علوم الكيمياء القديمة وفيه محاولات لتحويل المعادن إلى ذهب وإطالة الحياة بواسطة بعض الأكاسير. - لهم أدب فلسفي وديني سري، قسم منه يعود إلى القرن الرابع والقرن الثاني قبل الميلاد ويركز على إقناع الحكام، وقسم يبدأ منذ نهاية القرن الثاني الميلادي وهو يمثل حركات(*) دينية منظمة وينتقل من الشيخ إلى تلاميذه من أداء القسم للمحافظة على سريته. • فكرتهم عن الإله(*): - الإله – لديهم – ليس بصوت، ولا صورة، أبدي لا يفنى، وجوده سابق وجود غيره وهو أصل الموجودات، وروحه تجري فيها. - إن طاو هو المطلق الكائن، وهو مراد الكون، إنه ليس منفصلاً عن الكون بل هو داخل فيه دخولاً جوهريًّا، انبثقت عنه جميع الموجودات. - إنهم يؤمنون بوحدة الوجود(*) إذ إن الخالق والمخلوق شيء واحد لا تنفصل أجزاؤه وإلا لاقى الفناء. - إن نظرتهم إلى الإله قريبة جدّاً من مذهب الحلولية الذي يذهب إلى أن الخالق حالٌّ في كل الموجودات، كما أن الخالق لا يستطيع أن يتصرف أو يعمل إلا بحلوله في الأشياء. - يؤمنون بالقانون السماوي الأعظم الذي هو أصل الحياة والنشاط والحركة لجميع الموجودات في السماء والأرض. - يرى شونغ تسي بأن الإنسان قد جاء إلى الوجود مع الكون، فهو يحب الله ولكنه يحب المصدر الذي جاء منه الله أكثر من حبه الله، فهو تصور يدل على أنهم يعتقدون بأن هناك مبدأ قبل الله – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- • الاحتفالات الدينية والطقوس الطاوية: - هناك طقس شيو Chioo وهو أقدم الطقوس إذ هو تجديد لعلاقة الجماعة بالآلهة(*)، ولا يزال هذا الطقس موجوداً في تايوان إلى اليوم. - هناك طقوس لتنصيب الكهنة(*)، وأخرى عند ميلاد الآلهة. - بعض الكهنة يمارسون طقوساً معينة في مناسبات الدفن والزواج والولادة. - من طقوسهم معالجة المريض وذلك بإدخاله إلى غرفة هادئة يقضي فيها بعض الوقت متأملاً منشغلاً بذنوبه، كما يقوم بعضهم باستعمال الوسطاء الذين يسترخون في سبات ويزعمون أنهم يقومون بنقل آراء الآلهة أو الأموات أو الأقارب. - حرق البخور موضوع أساسي لكل عبادة طاوية فضلاً عن استعمال الخناجر والماء المسحور والموسيقى، والأقنعة والكتب المقدسة. • أفكار طاوية أخرى: - إنهم متصوفة، إذ إنه يجب على الطاوي أن ينظف نفسه من جميع المشاغل والشوائب ليوجد في داخله فراغاً هو في الحقيقة الامتلاء نفسه، وذلك بالوصول إلى الحقائق المجردة، ويتم ذلك عن طريق التجرد من الماديات ليصبح الإنسان روحاً خالصاً. - أعلى مراتب التصوف هي مرحلة الوحدة التامة بين الفرد والقانون الأعظم وذلك بحصول اندماج بين المتصوف والذات العليا لتصيرا شخصية واحدة. - إذا ارتقى الإنسان إلى المعرفة الحقة عندها يستطيع أن يصل إلى الحالة الأثيرية حيث لا موت ولا حياة. - إن الطاوية تتجه اتجاهاً سلبياً – على عكس الكونفوشيوسية – ذلك لأن الفضيلة لديهم تكمن في عدم العمل والاقتصاد على التأمل داعين إلى الحياة على الجبال المقدسة وقرب الجزر النائية. - إنهم يهاجمون الشرائع والقوانين والعلم وما إلى ذلك من مظاهر المدنية التي عملت على إفساد فطرة الإنسان الذي ولد خَيِّراً. إن مثلهم الأعلى في ذلك هو في العودة إلى النظام الطبيعي المتميز بنقاء الفطرة وسلامتها. - اهتم الطاويون بطول العمر، ويعتبر التقدم في السن دليلاً على القداسة حتى صار من أهداف التصوف الطاوي السعي لإطالة العمر والخلود، وقد ذهب بعضهم إلى ادعاء إمكانية إطالة العمر مئات السنين. وأفضل الخالدين – في نظرهم – هم الذين يصعدون إلى السماء في وضح النهار، هذا الخلود الذي من الممكن أن يتم بواسطة تدريبات ورياضات خاصة جسدية وروحية كما يزعمون. - هذا الاهتمام في البحث عن إكسير الحياة كان عاملاً مهمًّا في تقدم الطب والكيمياء على أيديهم فضلاً عن السحر والشعوذة والدجل مما أدى إلى ثراء الكهنة ثراءً فاحشاً. - إنهم يؤكدون حرصهم على التعاليم الأخلاقية وعلى ضرورة المشاركة في الاحتفالات الجماعية الموسمية. - ليس لديهم بعث ولا حساب، إنما يكافأ المحسن بالصحة وبطول العمر بينما يجازى المسيىء بالمرض وبالموت المبكر. الجذور الفكرية والعقائدية: • المفاهيم الطاوية ترجع إلى زمن سحيق لكنها تبلورت على يد مؤسسها لوتس. • هناك عوامل تأثر وتأثير بين الطاوية والكنفوشيوسية والبوذية بسبب توطن هذه الديانات(*) في منطقة واحدة متجاورة، حيث يمكن ملاحظة فكرة التصوف التي يعبر عنها بأساليب مختلفة ولكن في مضمون واحد. • الطاوية أقرب إلى الكنفوشيوسية منها إلى البوذية. • أخذ الطاويون عن البوذيين بناء الأديرة وتقرير الرهبنة(*) والعزوبية. • يذكر دوان في كتابه خرافات التوراة(*) وما يماثلها في الديانات الأخرى (ص172)، بأن في الطاوية تثليث(*)، فطاو هو العقل(*) الأزلي الأول، انبثق من واحد، ومن هذا انبثق ثالث كان مصدر كل شيء. الانتشار ومواقع النفوذ: • في عام 1958م أُعلن أن ثلاثين ألفاً من الكهنة الطاويين لا يزالون ناشطين في مختلف أنحاء الصين. ومعلوم أن الثقافة الصينية التقليدية ما تزال الطاوية حية فيها. • في عام 1949م هرب أخر المعلمين السماويين شانغ اين بو إلى تايوان، وفي عام 1960م انبعثت هذه الديانة من جديد وظهرت المعابد الطاوية الضخمة كمعبد شهنان قرب تايبيه والذي يضم تمثال لو يونغ ين الذي تقمصته روح إله الطاو كما يزعمون، وفي عام 1970 مات هذا المعلم السماوي ليخلفه ابنه شانغ يوان هسين. • توجد فئات طاوية في بعض نواحي ماليزيا وبينيانغ وسنغافورة وبانكوك. • تعتبر اليابان من أوسع البلاد علماً بالطاوية في أيامنا الحالية. • أما تايوان فهي أهم ملجأ للطاوية في القرن العشرين بسبب الهجرة الطاوية إليها في القرنين السابع عشر والثامن عشر. ويتضح مما سبق: أن الطاوية ديانة(*) صينية مؤسسها الفيلسوف لوتس الذي رأى أن الخير في الزهادة والاعتزال والعفو والتسامح مع الناس وعدم مقابلة السيئة بالسيئة. ولم يثبت أنها ديانة سماوية. ---------------------------- مراجع للتوسع: - الملل والنحل للشهرستاني وذيله، الكتاب من تأليف الشهرستاني لكن الذيل الملحق به من تأليف محمد سيد كيلاني – جـ2 – دار المعرفة – بيروت – ط2 – 1395هـ/ 1975م. - الديانات والعقائد في مختلف العصور، أحمد عبد الغفور عطار – ط1 – مكة المكرمة – 1401هـ/1981م. باللغة الأجنبية : -Encyclopaedia Britannica, 1968, 17.P. 1034 – 1054. -Doane: Bible Myths and Their Parallels in other religion. P. 172. الجينية التعريف : الجينية ديانة(*) منشقة عن الهندوسية، ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد على يدي مؤسسها مهافيرا وما تزال إلى يومنا هذا . إنها مبنية على أساس الخوف من تكرار المولد، داعية إلى التحرر من كل قيود الحياة والعيش بعيداً عن الشعور بالقيم كالعيب والإثم والخير والشر. وهي تقوم على رياضات بدنية رهيبة وتأملات نفسية عميقة بغية إخماد شعلة الحياة في نفوس معتنقيها. التأسيس وأبرز الشخصيات: • يعتقد الجينيون أن ديانتهم ساهم في تأسيسها 24 ترنكاراً أو جيناً، حيث يظهر كل منهم في نصف دورة زمنية بدأت منذ الأزل. وسوف تستمر إلى ما لا نهاية. كان أول هؤلاء هو ريشابها أو أديناثا. ويعتبر وجود هؤلاء الجينيات من قبيل الأساطير التي لم تثبت تاريخيًّا. • نيميناثا أو أريشتمانيمي: هو الجيني الثاني والعشرون ويعتبرونه ابن عم كرشنا، ووصل إلى مرحلة النيرفانا(*) (الخلاص) في مدينة سوراسترا في ولاية كوجرات. • برشفا ابن ملك فاراناس يعتبر الجيني الثالث والعشرين، وهو أول الشخصيات التاريخية. عاش في القرن الثامن قبل الميلاد. • يعتبر مهافيرا المؤسس الحقيقي للجينية، وقد ولد عام 599 ق.م وترهبن في سن الثلاثين، وعلى يديه تبلورت معتقداته التي ما تزال قائمة إلى يومنا هذا، وقد سار بدعوته بنجاح حتى بلغ الثانية والسبعين من العمر، وتوفي عام 527 ق.م. - ينحدر مهافيرا من أسرة من طبقة الكاشتر المختصة بشؤون السياسة والحرب. - أبوه سدهارتها أمير مدينة في ولاية بيهار، ومهاويرا هو الابن الثاني له. - عاش حياته الأولى في كنف والديه متمتعاً بالخدم والملذات العادية، وكان شديد التقدير والاحترام لوالديه، تزوج ورزق بابنة. - لما توفي والده، استأذن أخاه في التخلي عن ولاية العهد والتنازل عن الملك والألقاب. - حلق رأسه ونزع حليَّه، وخلع ملابسه الفاخرة، وبدأ مرحلة الزهد والخلوة والتبتل، وكانت سنه آنذاك ثلاثين عاماً. - صام يومين ونصف يوم، ونتف شعر جسده، وهام في البلاد عارياً مهتماً بالرياضات الصعبة والتأملات العميقة. - اسمه الأصلي فردهامانا لكن أتباعه يسمونه مهافيرا ويزعمون أن هذا الاسم من اختيار الآلهة له ومعناه البطل العظيم، ويطلقون عليه كذلك جينا أي القاهرة لشهواته والمتغلب على رغباته المادية. - يدعي أتباع هذه الطائفة بأن الجينية ترجع إلى ثلاثة وعشرين جينياً، ومهافيرا هو الجيني الرابع والعشرون. - تلقى مهافيارا علومه على يدي بارسواناث الذي يعتبرونه الجيني الثالث والعشرين، وقد أخذ عنه مبادىء الجينية، وخالفه بعد ذلك في بعض الأمور، وزاد على هذه الطريقة شيئاً استخلصه من تجاربه وخبرته مما جعله المؤسس الحقيقي لها. - غرق في تأملاته ورهبانيته وعرى جسده هائماً في البلاد لمدة ثلاثة عشر شهراً مداوماً على مراقبة نفسه في صمت مطبق، يعيش على الصدقات التي تقدم إليه. حصل بعدها على الدرجة الرابعة مباشرة إذ كان مزوداً بثلاثة منها أصلاً كما يقولون. - تابع بعد ذلك رحلة عدم الإحساس حتى حصل على الدرجة الخامسة وهي كما يزعمون درجة العلم المطلق ووصوله إلى مرحلة النجاة. - بعد سنة من الصراع والتهذيب النفسي فاز بدرجة المرشد، وبدأ بذلك مرحلة الدعوة لمعتقده، فدعا أسرته ثم عشيرته، ثم أهل مدينته، ومن ثم دعا الملوك والقواد، فوافقه كثير منهم لما في دعوته من ثورة على البراهمة(*). - استمر بدعوته حتى بلغ الثانية والسبعين حيث توفي سنة 527 ق.م. مخلفاً وراءه خطباً وأتباعاً ومذهباً. • أرياشاما: عاش في القرن الرابع بعد مهافيرا. • كونداكاوندا أكياريا: تقدره فرقة الديجامبرا وكتب بعض الكتب والشروح، عاش في القرون المسيحية(*) الأولى. • انقسمت الجينية بعده إلى عدة أقسام وصلت إلى ثمان فرق أو أكثر، أهمها الآن: - ديجامبرا: أي أصحاب الزيِّ السماوي العراة، وهم طبقة الخاصة الذين يميلون إلى التقشف والزهد ومعظمهم من الكهان(*) والرهبان(*) والمتنسكين الذين يتخذون من حياة مهاويرا قدوة لهم، وقد انقسموا مؤخراً إلى عدد من الفرق. - سويتامبرا: أي أصحاب الزي الأبيض، وهم طبقة العامة المعتدلون الذين يتخذون من حياة مهاويرا الأولى في رعاية والديه نبراساً لهم حيث كان يتمتع حينها بالخدم والملذات، إذ يفعلون كل أمر فيه خير ويبتعدون عن كل أمر فيه شرّ أو إزهاق لأرواح كل ذي حياة، يلبسون الثياب، ويطبقون مبادىء الجينية العامة على أنفسهم. • أقبل الملوك والحكام في الهند على اعتناق الجينية مما سجل انتصاراً على العصر الويدي الهندوسي الأول، ذلك أنها تدعو إلى عدم إيقاع الأذى بذي روح مطلقاً، كما توجب أن يطيع الشعب حاكمه وتقضي بذبح من يتمرد على الحاكم أو يعصي أوامره، فصار لهم نفوذ كبير في بلاط كثير من الملوك والحكام في العصور الوسطى. - نالوا كثيراً من الاحترام والتقدير أيام الحكم الإسلامي للهند، وقد بلغ الأمر بالإمبراطور أكبر الذي حكم الهند من 1556 – 1605م أن ارتد عن الإسلام واعتنق بعض معتقدات الجينية واحتضن معلم الجينية هيراويجياً مطلقاً عليه لقب معلم الدنيا. الأفكار والمعتقدات: الكتب : - نزل مهاويرا قبل موته في مدينة بنابوري في ولاية تَبْنا وألقى خمساً وخمسين خطبة، وأجاب عن ستة وثلاثين سؤالاً. فهذه الخطب وتلك الأسئلة أصبحت كتابهم المقدس. - يضاف إلى ذلك الخطب والوصايا المنسوبة للمريدين والرهبان والنسَّاك الجينيين. - انتقل تراثهم مشافهة، وقد حاولوا تدوينه في القرن الرابع قبل الميلاد لكنهم فشلوا في جمع كلمة الناس حول ما كتبوه، فتأجلت كتابته إلى سنة 57م. - في القرن الخامس الميلادي اجتمع كبار الجينيين في مدينة ويلابهي حيث قاموا بتدوين التراث الجيني باللغة السنسكريتية في حين أن لغته الأصلية كانت أردها مجدى. - ويوجد الآن عدد من الكتب والشروح والأساطير الكثيرة يختلف الاعتراف بها من طائفة إلى أخرى. الإله(*): - الجينية في الأصل ثورة على البراهمة، لذا فإنهم لا يعترفون بآلهة الهندوس وبالذات الآلهة الثلاثة (برهما(*) – فشنو(*) – سيفا(*))، ومن هنا سميت حركتهم بالحركة الإلحادية(*). - لاتعترف الجينية بالروح الأكبر أو بالخالق الأعظم لهذا الكون لكنها تعترف بوجود أرواح خالدة. - كل روح من الأرواح الخالدة مستقلة عن الأخرى ويجري عليها التناسخ(*). - لم يستطيعوا أن يتحرروا تحرراً كاملاً من فكرة الألوهية، فاتخذوا من مهافيرا معبوداً لهم وقرنوا به الجينيات الثلاثة والعشرين الآخرين لتكمل في أذهانهم صورة الدين(*) وليسدوا الفراغ الذي أحدثه عدم اعترافهم بالإله الأوحد. - خلق المسالمة والمجاملة دفعهم إلى الاعتراف بآلهة الهندوس (عدا الآلهة الثلاثة) ثم أخذوا يجلّونها، لكنهم لم يصلوا بها إلى درجة تقديس البراهمة(*) لها، ودعوا كذلك إلى احترام براهمة الهندوس باعتبارهم طائفة لها مكانتها في الدين الهندوسي. - لا توجد لديهم صلاة، ولا تقديم قرابين، ولا يعترفون بالطبقات ، بل هم ثورة عليها، إذ ليس لديهم سوى طبقتي الخاصة والعامة. ولم يجعلوا لخاصتهم من الرهبان (*) أية امتيازات مما جعل الرهبنة ذات مشقة وتضحية وتكليف ذاتي. • من معتقداتهم الأخرى: • الكارما: - الكارما لديهم كائن مادي يخالط الروح ويحيط بها ولا سبيل لتحرير الروح منها إلا بشدة التقشف والحرمان من الملذات. - يظل الإنسان يولد ويموت ما دامت الكارما متعلقة بروحه ولا تطهر نفسه حتى تتخلص من الكارما حيث تنتهي رغباته وعندها يبقى حيًّا خالداً في نعيم النجاة. وهي مرحلة النيرفانا(*) أو الخلاص التي قد تحصل في الدنيا بالتدريب والرياضة أو بالموت. • النجاة: - إنها تعني الفوز بالسرور الخالد الخالي من الحزن والألم والهموم، وتعني التطهر من أدران الحيوانية المادية، إنها ترمي إلى التخلص من تكرار المولد والموت والتناسخ(*). - طريق الوصول إلى النجاة يكون بالتمسك بالخير والابتعاد عن الشرور والذنوب والآثام، ولا يصل إليها الإنسان إلا بعد تجاوز عوائق ومتاعب الحياة البشرية بقتل عواطفه وشهواته. - الشخص الناجي مكانه فوق الخلاء الكوني، إنها نجاة أبدية سرمدية. • تقديس كل ذي روح: - يقدسون كل ما فيه روح تقديساً عجيباً. - يمسك بعض الرهبان بمكنسة ينظف بها طريقه أو مجلسه خشية أن يطأ شيئاً فيه روح. - يضع بعضهم غشاءً على وجهه يتنفس من خلاله خوفاً من استنشاق أي كائن حي من الهوام العالقة في الهواء. - لا يعملون في الزراعة حذراً من قتل الديدان والحشرات الصغيرة الموجودة في التربة. - يذبحون الحيوانات، ولا يأكلون لحومها وهم نباتيون. - لا يشتركون في معركة ولا يدخلون في قتال خوفاً من إراقة الدماء وقتل الأحياء من البشر فهم مسالمون بعيدون عن كل مظاهر العنف. • العواف: - يجب قهر العواطف والمشاعر جميعاً، حتى لايشعر الراهب بحب أو كره، بحزن أو سرور، بحرّ أو برد، بخوف أو حياء، بخير أو شرّ، بجوع أو عطش، فيجب أن يصل إلى درجة الخمود والجمود والذهول بحيث تقتل في نفسه جميع العواطف البشرية. - ترى أحدهم ينتف شعر جسده دون أن يشعر بأي ألم في ذلك. • العري: - قمة قتل العواطف هي الوصول إلى مرحلة العري الذي يعتبر أبرز مظاهر الجينية حيث يمشي الشخص في الشوارع بدون كساء يستر جسده من غير شعور بالحرج أو الحياء أو الخجل. وهذا تطبقه فرقة ديجامبرا من الجينية. - الرهبان(*) يعيشون عراة، وذلك نابع من فكرة نسيان العار أو الحياء مما يمكنه من اجتياز الحياة إلى مرحلة النجاة والخلود. - إذا تذكر الإنسان العاري الحياة والحسن والقبح فذلك يعني أنه مازال متعلقاً بالدنيا مما يحجبه عن الفوز والنجاة. - الشعور بالحياء يتضمن تصور الإثم، وعدم الشعور بالحياء معناه عدم تصور الإثم. فمن أراد الحياة البريئة البعيدة عن الشعور بالآلام فما عليه إلا أن يعيش عارياً متخذاً من السماء والهواء كساء له. الجذور الفكرية والعقائدية: • الجينية ثورة على الهندوسية مستنكرة آلهتها وطبقاتها، لكنها لم تستطع أن تتحرر من طابعها العام ومن سماتها البارزة فاتخذت لنفسها آلهة(*) خاصة بها. • الفكر الجيني يقوم أصلاً على أفكار هندوسية كالانطلاق، والكارما، والنجاة، والتناسخ وتكرار المولد، والدعوة إلى السلبية مع صبغ هذه المفاهيم بالصبغة الجينية وتطويرها لتلائم المعتقد الجيني. • تَدَّعي الجينية بأن فلسفتها ترجع إلى الجيني الأول الذي كان حيًّا في التاريخ البعيد، وإلى جيناتها الذين تتابعوا واحداً إثر الآخر حتى كان الجيني الثالث والعشرون بارسواناث؛ والرابع والعشرون مهافيرا الذي استقرت على يديه معالم هذه الديانة التي تشكلت خلال مرحلة طويلة من الزمن. • كان ظهورها مواكباً لظهور البوذية، وكلتاهما ثورتان داخل الفكر الهندوسي. • يعتقد بأن النصرانية قد أخذت عن الجينية فكرة الصيام عن كل ما فيه حياة إذ إنهم يصومون عن اللحوم وعن جميع المشتقات الحيوانية لأيام معدودة ويعيشون خلال ذلك على الأطعمة النباتية. الانتشار ومواقع النفوذ : لم تخرج الجينية من الهند، فمعابدهم منتشرة في كلكتا ودلوارا، ولهم معابد في كهجورا وجبل آبو، وهي تعدُّ من عجائب الدنيا زينة وزخرفة، وفي القرن الثاني قبل الميلاد نحتوا كهفهم العظيم المسمى هاتي كنبا في منطقة إدريسه ولهم كهوف أخرى منتشرة في أنحاء الهند مما يدل على براعتهم في نحت التماثيل ورسوخ قدمهم في فن معمار المعابد وزخرفتها وتزيينها بالنقوش العجيبة. يبلغ تعدادهم الحالي حوالي المليون نسمة يعملون في التجارة وإقراض البنوك، فمعظمهم من الأغنياء مما ساعدهم على نشر الكتب والتأثير على الثقافة الهندية. ويتضح مما سبق: أن الجينية حركة(*) عقلية متحررة مطبوعة بطابع الذهن الهندوسي العام، فمنشؤها الزهد والتقشف، وطريقتها الرياضة الشاقة، ومظهرها الرهبانية، وهم يعترفون بآلهة الهندوس، ويعيشون شبه عراة، معرضين أجسامهم لظواهر الطبيعة، وأحياناً يلجئون إلى قطع الروابط بالحياة عن طريق الانتحار، ويعتبرونه غاية لا تتاح إلا للخاصة من الرهبان. ---------------------------- مراجع للتوسع : - حضارة الهند، غوستاف لوبون. - مهافيرا: مؤسس الجينية، ثقافة الهند – يسدمبر 1951م. - الفلسفة الجينية، محي الدين الألوائي. - تاريخ الإسلام في الهند، عبد المنعم النمر. - فلسفة الهند القديمة، مولانا محمد عبد السلام الرامبوري. - أديان الهند الكبرى، د. أحمد شلبي – ط6 – النهضة المصرية. - حقائق عن الهند، منشورات إدارة الاستعلامات الهندي. - أديان العالم الكبرى، حبيب سعيد. - المدخل إلى دراسة الأديان والمذاهب، العميد عبد الرزاق محمد أسود . المراجع الأجنبية : - H.G. Wells: A Short History of the World. - Berry : religions of the World. - History of Buddhist Thought: Edward Thomas. - Weeche and rylamds: The Peoples and religions of India. الكونفوشيوسية التعريف : الكونفوشيوسية ديانة(*) أهل الصين، وهي ترجع إلى الفيلسوف كونفوشيوس الذي ظهر في القرن السادس قبل الميلاد داعياً إلى إحياء الطقوس والعادات والتقاليد الدينية التي ورثها الصينيون عن أجدادهم مضيفاً إليها جانباً من فلسفته وآرائه في الأخلاق والمعاملات والسلوك القويم. وهي تقوم على عبادة إله(*) السماء أو الإله الأعظم، وتقديس الملائكة، وعبادة أرواح الآباء والأجداد. التأسيس وأبرز الشخصيات: •كونفوشيوس: - يعتبر كونفوشيوس المؤسس الحقيقي لهذه العقيدة الصينية. - ولد سنة 551 ق.م في مدينة تسو Tsou وهي إحدى مدن مقاطعة لو Lu. - اسمه كونج Kung وهو اسم القبيلة التي ينتمي إليها، وفوتس Futze معناه الرئيس أو الفيلسوف، فهو بذلك رئيس كونج أو فيلسوفها. - ينتسب إلى أسرة عريقة، فجدّه كان والياً على تلك الولاية، ووالده كان ضابطاً حربيًّا ممتازاً، وكان هو ثمرة لزواج غير شرعي، توفي والده وله من العمر ثلاث سنوات. - عاش يتيماً، فعمل في الرعي، وتزوج في مقتبل عمره قبل العشرين، ورزق بولد وبنت، لكنه فارق زوجته بعد سنتين من الزواج لعدم استطاعتها تحمل دقته الشديدة في المأكل والملبس والمشرب. - تلقى علومه الفلسفية على يدي أستاذه الفيلسوف لوتس Laotse صاحب النِحلة الطاوية، حيث كان يدعو إلى القناعة والتسامح المطلق، ولكن كونفوشيوس خالفه فيما بعد داعياً إلى مقابلة السيئة بمثلها وذلك إحقاقاً للعدل. - عندما بلغ الثانية والعشرين من عمره أنشأ مدرسة لدراسة أصول الفلسفة(*)، تكاثر تلاميذه حتى بلغوا ثلاثة آلاف تلميذ، بينهم حوالي ثمانين شخصاً عليهم أمارات. - تنقل في عدد من الوظائف فقد عمل مستشاراً للأمراء والولاة، وعيّن قاضياً وحاكماً، ووزيراً للعمل، ووزيراً للعدل ورئيساً للوزراء في سنة 496 ق.م حيث أقدم حينها على إعدام بعض الوزراء السابقين وعدداً من رجال السياسة وأصحاب الشغب حتى صارت مقاطعة لو نموذجية في تطبيق الآراء والمبادئ الفلسفية المثالية التي ينادي بها. - رحل بعد ذلك وتنقل بين كثير من البلدان ينصح الحكام ويرشدهم ويتصل بالناس يبث بينهم تعاليمه حاثًّا لهم على الأخلاق(*) القويمة. - أخيراً عاد إلى مقاطعة لو فتفرغ لتدريس أصدقائه ومحبيه منكبًّا على كتب الأقدمين يلخّصها، ويرتبها، ويضمنها بعض أفكاره، وحدث أن مات وحيده الذي بلغ الخمسين من عمره، وفقد كذلك تلميذه المحبّب إليه هووي فبكى عليه بكاءً مرًّا. - مات في سنة 479 ق.م بعد أن ترك مذهباً(*) رسميًّا وشعبيًّا استمرّ حتى منتصف القرن العشرين الحالي. • صفاته الشخصية: - دمث، مرح، مؤدّب، يحبّ النكتة، يتأثر لبكاء الآخرين، يبدو قاسياً وغليظاً في بعض الأحيان، طويل، دقيق في المأكل والملبس والمشرب، مولع بالقراءة والبحث والتعلم والتعليم والمعرفة والآداب. - مغرم بالبحث عن منصب سياسي بغية تطبيق مبادئه السياسية والأخلاقية لتحقيق المدينة الفاضلة التي يدعو إليها. - خطيب بارع، ومتكلّم مفوّه، لا يميل إلى الثرثرة، وعباراته موجزة تجري مجرى الأمثال القصيرة والحكم البليغة. - لديه شعور ديني، يحترم الآلهة التي كانت معبودة في زمانه، ويداوم على تأدية الشعائر الدينية، يتوجه في عباداته إلى الإِله (*) الأعظم أو إله السماء، يصلي صامتاً، ويكره أن يرجو الإله النعمة أو الغفران إذ إن الصلاة لديه ليست إلا وسيلة لتنظيم سلوك الأفراد، والدّين(*) – في نظره – أداة لتحقيق التآلف بين الناس. - كان يغني، وينشد، ويعزف الموسيقى، وقد ترك كتاب الأغاني Book of Songs كما أنه كان مغرماً بالحفلات والطقوس، إلى جانب اهتمامه بالرماية وقيادة العربات والقراءة والرياضة (الحساب) ودراسة التاريخ. • انقسمت الكونفوشيوسية إلى اتجاهين: - مذهب(*) متشدد حرفي ويمثله منسيوس إذ يدعو إلى الاحتفاظ بحرفية آراء كونفوشيوس وتطبيقها بكل دقة، ومنسيوس هذا تلميذ روحي لكونفوشيوس إذ إنه لم يتلق علومه مباشرة عنه بل إنه أخذها عن حفيدة وهو Tsesze الذي قام بتأليف كتاب الانسجام المركزي Central Harmony. - والمذهب التحليلي، ويمثله هزنتسي Hsuntse ويانجتسي Yangtse، إذ يقوم مذهبهما على أساس تحليل وتفسير آراء المعلم واستنباط الأفكار باستلهام روح النص الكونفوشيوسي. • أما أبرز الشخصيات إضافة إلى ما سبق فهم: - تسي كنج Tsekung ولد سنة 520م وأصبح من أعظم رجال السلك السياسي الصيني. - تسي هسيا Tsehsia ولد سنة 507م وأصبح من كبار المتفقهين في الدين الكونفوشيوسي. - تسينكتنز Tsengtse كان أستاذاً لحفيد كونفوشيوس، ويأتي ترتيبه الثاني بعد منسيوس من حيث الأهمية. - تشي هزيوان Chi- Husan عاش في عصر أسرة هان 127 –200 ميلادية. - تشو هزي Cho-Hsi 1130 – 1200 ميلادية قام بنشر الكتب الأربعة التي كانت تدرس في المدارس الأولية والابتدائية في الصين، ويعد الحجة الوحيدة. - الفيلسوف موتزي Motze 470 – 381 ق.م أضاف فكرة جديدة وهي تشخيص إله (*) السماء بشخص عظيم يشبه الآدميين. * في سنة 422م أقيم معبد لكونفوشيوس في Chufu حيث قبره. * في سنة 505 م أقيم معبد آخر في العاصمة، وأصبحت كتبه تدرس في المدارس على أنها كتب مقدسة. * في سنة 630م أمر أحد الأباطرة ببناء معابد مزودة بتماثيل لكونفوشيوس في جميع أنحاء الإمبراطورية، كما أمر بإنشاء كليات لتعليم آراء كونفوشيوس الذي أصبح رمزاً للوحدتين السياسية والدينية. * في سنة 735م منح كونفوشيوس لقب ملك. في سنة 1013م منح لقب القديس الأعظم. في سنة 1330م منح الأفراد المنحدرون من سلالته رتبة الشرف وصاروا يعدّون من طبقة النبلاء. في سنة 1530م بدّلت التماثيل الموجودة في المعابد بصور ولوحات حتى لا تختلط الكونفوشيوسية بالوثنية. في سنة 1905م بدأ نجم الكونفوشيوسية بالأفول، حيث أُلغي الامتحان الديني الذي كان يعتبر ضرورياً للتعيين في الوظائف. في سنة 1910م ظهر شهاب هالي Halley في الأجواء الصينية فاعتبر ذلك استياء من الآلهة(*) على أسرة مانتشو التي بلغ الفساد في عهدها قمته مما أدى إلى ثورة(*) شعبية انتهت بتنازل الإمبراطور عن العرش سنة 1912م وتحول الصين إلى النظام الجمهوري (*) مما أدى إلى اختفاء الكونفوشيوسية من الحياة الدينية والسياسية، لكنها بقيت ماثلة في الأخلاق(*) والتقاليد الصينية. في سنة 1928م صدر قرار بتحريم تقديم القرابين لكونفوشيوس ومنع إقامة الطقوس الدينية له. عندما استولى اليابانيون على منشورياً عادت الصين إلى استنهاض الهمم بالعودة إلى الكونفوشيوسية وعاد الناس في عام 1930 – 1934م إلى تقديم القرابين مرة ثانية، كما أعيد تدريس الكونفوشيوسية في كل مكان لاعتقادهم بأن نكبتهم ترجع إلى إهمالهم تعاليم المعلم الأكبر، وسادت حركة إحياء جديدة بزعامة تشانج كاي شيك، وقد استمرت هذه الحركة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية. في عام 1949م سيطرت الشيوعية على الصين، ولكن شيئاً فشيئاً بدأت الخلافات بين الصين والاتحاد السوفيتي بالظهور مما أوجد تبايناً بين كل منهما، وبعد موت الزعيم الصيني الشيوعي الشهير ماو تسي تونج بدأ التراجع عن الشيوعية في الصين، وبدأت رياح الغرب تهب عليها. يعتقد الباحثون بأن الروح الكونفوشيوسية ستعمل على تغيير معالم الشيوعية مما يجعلها أبعد ما تكون عن الشيوعية الروسية التي انهارت، لما للكونفوشيوسية من سيطرة روحية على الشعب الصيني. • الأفكار والمعتقدات: الكتب: هناك مجموعتان أساسيتان تمثلان الفكر الكونفوشيوسي فضلاً عن كثير من الشروح والتعليقات والتلخيصات، المجموعة الأولى تسمى الكتب الخمسة، والثانية تسمى الكتب الأربعة. الكتب الخمسة: وهي الكتب التي قام كونفوشيوس ذاته بنقلها عن كتب الأقدمين وهي: 1- كتاب الأغاني أو الشعر: فيه 350 أغنية إلى جانب ستة تواشيح دينية تغني بمصاحبة الموسيقى. 2- كتاب التاريخ: فيه وثائق تاريخية تعود إلى التاريخ الصيني السحيق. 3-كتاب التغييرات: فيه فلسفة تطور الحوادث الإنسانية، وقد حوّله كونفوشيوس إلى كتاب علمي لدراسة السلوك الإنساني. 4- كتاب الربيع والخريف: كتاب تاريخي يؤرخ للفترة الواقعة بين 722 – 481 ق.م. 5- كتاب الطقوس: فيه وصف للطقوس الدينية الصينية القديمة مع معالجة النظام الأساسي لأسرة تشو تلك الأسرة التي لعبت دوراً هاماً في التاريخ الصيني البعيد. الكتب الأربعة: وهي الكتب التي ألفها كونفوشيوس وأتباعه مدوِّنين فيها أقوال أستاذهم مع التفسير تارة والتعليق أخرى، إنها تمثل فلسفة كونفوشيوس ذاته وهي: 1- كتاب الأخلاق(*) والسياسة. 2- كتاب الانسجام المركزي .Central Harmony 3- كتاب المنتجات Analects ويطلق عليه اسم إنجيل كونفوشيوس. 4- كتاب منسيوس: وهو يتألف من سبعة كتب، ومن المحتمل أن يكون مؤلفها منسيوس نفسه. • المعتقدات الأساسية : تتمثل المعتقدات الأساسية لديهم في الإله(*) أو إله السماء، والملائكة، وأرواح الأجداد. 1- الإله: يعتقدون بالإله الأعظم أو إله السماء ويتوجهون إليه بالعبادة، كما أن عبادته وتقديم القرابين إليه مخصوصة بالملك، أو بأمراء المقاطعات. للأرض إله، وهو إله الأرض، ويعبده عامة الصينيين. الشمس والقمر، والكواكب، والسحاب، والجبال.. لكل منها إله وعبادتها وتقديم القرابين إليها مخصوصة بالأمراء. 2- الملائكة : إنهم يقدسون الملائكة ويقدمون إليها القرابين. 3- أرواح الأجداد: يقدس الصينيون أرواح أجدادهم الأقدمين، ويعتقدون ببقاء الأرواح، والقرابين عبارة عن موائد يدخلون بها السرور على تلك الأرواح بأنواع الموسيقى، ويوجد في كل بيت معبد لأرواح الأموات ولآلهة المنزل. • معتقدات وأفكار أخرى: لم يكن كونفوشيوس نبيًّا(*)، ولم يدّع هو ذلك، بل يعتقدون أنه من الذين وهبوا تفويض السماء لهم ليقوموا بإرشاد الناس وهدايتهم، فقد كان مداوماً على إقامة الشعائر والطقوس الدينية، وكان يعبد الإله الأعظم والآلهة الأخرى على غير معرفة بهم ودون تثبُّت من حقيقة الآراء الدينية تلك. كان كونفوشيوس مغرماً بالسعي لتحقيق المدينة الفاضلة التي يدعو إليها وهي مدينة مثالية لكنها تختلف عن مدينة أرسطو الفاضلة، إذ إنّ مدينة كونفوشيوس مثالية في حدود واقعٍ ممكن التحقيق والتطبيق، بينما مدينة أرسطو تجنح إلى مثالية خيالية بعيدة عن مستوى التطبيق البشري القاصر. وكلا الفيلسوفين متعاصران. الجنة والنار: لا يعتقدون بهما، ولا يعتقدون بالبعث أصلاً، إذ إنّ همَّهم منصبّ على إصلاح الحياة الدنيا، ولا يسألون عن مصير الأرواح بعد خروجها من الأجساد. وقد سأل تلميذٌ أستاذه كونفوشيوس عن الموت، فقال: "إننا لم ندرس الحياة بعد، فكيف نستطيع أن ندرس الموت". الجزاء والثواب: إنما يكونان في الدنيا، إن خيراً فخير، وإن شرًّا فشر. القضاء والقدر(*): يعتقدون بذلك، فإن تكاثرت الآثام والذنوب كان عقاب السماء لهم بالزلازل والبراكين. الحاكم ابن للسماء: فإذا ما قسا وظلم وجانب العدل فإن السماء تسلّط عليه من رعيته من يخلعه ليحلّ محلّه شخص آخر عادل. الأخلاق(*): هي الأمر الأساسي الذي تدعو إليه الكونفوشيوسية، وهي محور الفلسفة(*) وأساس الدين(*)، وهي تسعى إليه بتربية الوازع الداخلي لدى الفرد ليشعر بالانسجام الذي يسيطر على حياته النفسية مما يخضعها للقوانين الاجتماعية بشكل تلقائي. تظهر الأخلاق في: 1- طاعة الوالد والخضوع له. 2- طاعة الأخ الأصغر لأخيه الأكبر. 3- طاعة الحاكم والانقياد إليه. 4- إخلاص الصديق لأصدقائه. 5- عدم جرح الآخرين بالكلام أثناء محادثتهم. 6- أن تكون الأقوال على قدر الأفعال، وكراهية ظهور الشخص بمظهر لا يتفق مع مركزه وحاله. 7- البعد عن المحسوبية في الوساطة أو المحاباة. وتظهر أخلاق الحاكم في: 1- احترام الأفراد الجديرين باحترامه. 2- التودّد إلى من تربطهم به صلة قربى وقيامه بالتزاماته حيالهم. 3- معاملة وزرائه وموظفيه بالحسنى. 4- اهتمامه بالصالح العام، مع تشجيعه للفنون النافعة والنهوض بها. 5- العطف على رعايا الدول الأخرى المقيمين في دولته. 6- تحقيق الرفاهية لأمراء الإمبراطورية ولعامة أفرادها. تحترم الكونفوشيوسية العادات والتقاليد الموروثة، فهم محافظون إلى أبعد الحدود، فيقدّسون العلم والأمانة، ويحترمون المعاملة اللينة من غير خضوع ولا استجداء لجبروت. يقوم المجتمع الكونفوشيوسي على أساس احترام الملكية الفردية مع ضرورة رسم برنامج إصلاحي يؤدي إلى تنمية روح المحبّة بين الأغنياء والفقراء. يعترفون بالفوارق بين الطبقات، ويظهر هذا جليًّا حين تأدية الطقوس الدينية وفي الأعياد الرسمية وعند تقديم القرابين. النظام الطبقي لديهم نظام مفتوح، إذ بإمكان أي شخص أن ينتقل من طبقته إلى أية طبق اجتماعية أخرى إذا كانت لديه إمكاناته تؤهله لذلك. ليس الإنسان إلا نتيجة لتزاوج القوى السماوية مع القوى الأرضية أي لتقمص الأرواح السماوية في جواهر العناصر الأرضية الخمسة. ومن هنا وجب على الإنسان أن يتمتع بكل شيء في حدود الأخلاق الإنسانية القويمة. يبنون تفكيرهم على فكرة "العناصر الخمسة": 1- فتركيب الأشياء: معدن – خشب – ماء – نار – تراب. 2- الأضاحي والقرابين خمسة. 3- الموسيقى لها خمسة مفاتيح، والألوان الأساسية خمسة. 4- الجهات خمس : شرق وغرب وشمال وجنوب ووسط. 5- درجات القرابة خمس: أبوّة – أمومة – زوجية – بنوّة – أخوّة. تلعب الموسيقى دوراً هاماً في حياة الناس الاجتماعية، وتسهم في تنظيم سلوك الأفراد وتعمل على تعويدهم الطاعة والنظام، وتؤدي إلى الانسجام والألفة والإيثار. الرجل الفاضل هو الذي يقف موقفاً وسطاً بين ذاته المركزية وبين انفعالاته ليصل إلى درجة الاستقرار الكامل . • الجذور الفكرية والعقائدية: ترجع الكونفوشيوسية إلى معتقدات الصينيين القدماء، تلك المعتقدات التي ترجع إلى 2600 سنة قبل الميلاد. وقد قبلها كونفوشيوس أولاً، والكونفوشيوسيون ثانياً، دون مناقشة أو جدال(*) أو تمحيص. في القرن الرابع قبل الميلاد حدثت إضافة جديدة وهي عبادة النجمة القطبية لاعتقادهم بأنها المحور الذي تدور السماء حوله، ويعتقد الباحثون بأن هذه النزعة قد وفدت إليهم من ديانة بعض سكان حوض البحر المتوسط. تغلبت الكونفوشيوسية على النزعة الشيوعية والنزعة الاشتراكية(*) اللتان طرأتا عليها في القرنين السابقين للميلاد وانتصرت عليهما. كما أنها استطاعت أن تصهر البوذية بالقالب الكونفوشيوسي الصيني وتنتج بوذية صينية خاصة متميزة عن البوذية الهندية الأصلية. لا تزال المعتقدات الكونفوشيوسية موجودة في عقيدة أكثر الصينيين المعاصرين على الرغم من السيطرة السياسية للشيوعيين. الانتشار ومواقع النفوذ : انتشرت الكونفوشيوسية في الصين. منذ عام 1949م أبعدت الكونفوشيوسية عن المسرحين السياسي والديني لكنها ما تزال كامنة في روح الشعب الصيني الأمر الذي يؤمل أن يؤدي إلى تغيير ملامح الشيوعية الماركسية في الصين. ما تزال الكونفوشيوسية ماثلة في النظم الاجتماعية في فرموزا أو (الصين الوطنية). انتشرت كذلك في كوريا وفي اليابان حيث درست في الجامعات اليابانية، وهي من الأسس الرئيسية التي تشكل الأخلاق(*) في معظم دول شرق آسيا وجنوبها الشرقي في العصرين الوسيط والحديث. حظيت الكونفوشيوسية بتقدير بعض الفلاسفة الغربيين كالفيلسوف ليبنتز (1646 – 1716م) وبيتر نويل الذي نشر كتاب كلاسيكيات كونفوشيوس سنة 1711م كما ترجمت كتب الكونفوشيوسية إلى معظم اللغات الأوروبية. ويتضح مما سبق : أن الكونفوشيوسية ليست ديناً(*) سماوياً معروفاً. وقد تتضمن بعض تعاليمها دعوة إلى خلق حميد أو رأي سليم أو سلوك قويم، ولكنها ليست مما يتقرب إلى الله به: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}. وهي تماثل البوذية والهندوسية وغيرها من الأديان الباطلة. وعموماً فقد جبَّ الإسلام ما قبله من الأديان(*) {إن الدين عند الله الإسلام}. وللحق فليس هناك ما ينفي أو يثبت ابتعاث رسول معين إلى الشعوب الأخرى ودعوى ذلك لا تخلو من الحدس والتخمين والقرآن الكريم يقول: {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك}. وقد كان المزج المحكم بين الفلسفة الخلقية والتعاليم الدينية على أتم وضوح في الكونفوشيوسية وصاحبها كونفوشيوس الذي لم يكن رسولاً (*) مبعوثاً ولا مدعياً لرسالة. مراجع للتوسع : - الحوار، كونفوشيوس فيلسوف الصين الأكبر، ترجمة محمد مكين – المطبعة السلفية – القاهرة – 1354هـ. - كونفوشيوس: النبي الصيني، د. حسن شحاتة سعفان – مكتبة نهضة مصر. - الملل والنحل للشهرستاني، الطبعة الثانية – دار المعرفة – بيروت. انظر الذيل الذي هو من تأليف محمد سيد كيلاني صفحة 19. -محاضرات في مقارنات الأديان، محمد أبو زهرة مطبعة يوسف – مصر. مراجع أجنبية : - Lin Yutang: The Wisdom of Confucius, N.Y. 1938. - K. Wilhelm: Kungte, Leben und Lehre, 1925. - Kuntse und Konfuzianismus, 1930. - H.A. Giles: Confucianism and its rivals, London 1915. - M.G. Pouthie: Doctrine de confucius, Paris. - P. Masson – oursel: La philosophieen Orient. 1938. - Social Philosophers. -Ch. Luan: la Philosophie Morale et pollitique de Mencius, 1927. البوذية التعريف : هي فلسفة(*) وضعية انتحلت الصبغة الدينية، وقد ظهرت في الهند بعد الديانة البرهمية الهندوسية في القرن الخامس قبل الميلاد. وكانت في البداية تناهض الهندوسية وتتجه إلى العناية بالإنسان، كما أن فيها دعوة إلى التصوف والخشونة ونبذ الترف والمناداة بالمحبة والتسامح وفعل الخير. وبعد موت مؤسسها تحولت إلى معتقدات باطلة، ذات طابع وثني(*)، ولقد غالى أتباعها في مؤسسها حتى ألَّهوه. وهي تعتبر نظاماً أخلاقياً ومذهباً(*) فكرياً مبنياً على نظريات فلسفية، وتعاليمها ليست وحياً(*)، وإنما هي آراء وعقائد في إطار ديني. وتختلف البوذية القديمة عن البوذية الجديدة في أن الأولى صبغته أخلاقية، في حين أن البوذية الجديدة هي تعاليم بوذا مختلطة بآراء فلسفية وقياسات عقلية عن الكون والحياة. التأسيس وأبرز الشخصيات: أسسها سدهارتا جوتاما الملقب ببوذا(*) 560 – 480 ق.م وبوذا تعني العالم ويلقب أيضاً بسكيا موني ومعناه المعتكف. وقد نشأ بوذا في بلدة على حدود نيبال، وكان أميراً فشبَّ مترفاً في النعيم وتزوج في التاسعة عشرة من عمره ولما بلغ السادسة والعشرين هجر زوجته منصرفاً إلى الزهد والتقشُّف والخشونة في المعيشة والتأمل في الكون ورياضة النفس وعزم على أن يعمل على تخليص الإنسان من آلامه التي منبعها الشهوات ثم دعا إلى تبني وجهة نظره حيث تبعه أناس كثيرون. اجتمع أتباع بوذا بعد وفاته في مؤتمر كبير في قرية راجاجراها عام 483 ق.م لإزالة الخلاف بين أتباع المذهب(*) ولتدوين تعاليم بوذا خشية ضياع أصولها وعهدوا بذلك إلى ثلاثة رهبان(*) هم: 1- كاشيابا وقد اهتم بالمسائل العقلية. 2- أويالي وقد اهتم بقواعد تطهير النفس. 3- أناندا وقد دون جميع الأمثال والمحاورات. الأفكار والمعتقدات: يعتقد البوذيون أن بوذا(*) هو ابن الله، وهو المخلّص للبشرية من مآسيها وآلامها وأنه يتحمل عنهم جميع خطاياهم. يعتقدون أن تجسد بوذا قد تم بواسطة حلول روح القدس(*) على العذراء مايا. ويقولون إنه قد دل على ولادة بوذا نجم ظهر في أفق السماء ويدعونه نجم بوذا. ويقولون أيضاً إنه لما ولد بوذا فرحت جنود السماء ورتلت الملائكة أناشيد المحبة للمولود المبارك. وقد قالوا: لقد عرف الحكماء بوذا وأدركوا أسرار لاهوته. ولم يمض يوم واحد على ولادته حتى حيَّاهُ الناس، وقد قال بوذا لأمه وهو طفل إنه أعظم الناس جميعاً. وقالوا: دخل بوذا مرة أحد الهياكل فسجدت له الأصنام. وقد حاول الشيطان إغواءه فلم يفلح. ويعتقد البوذيون أن هيئة بوذا قد تغيَّرت في أخر أيامه، وقد نزل عليه نور أحاط برأسه. وأضاء من جسده نور عظيم فقال الذين رأوه: ما هذا بشراً إن هو إلا إله(*) عظيم. يصلي البوذيون لبوذا ويعتقدون أنه سيدخلهم الجنة. والصلاة عندهم تؤدى في اجتماعات يحضرها عدد كبر من الأتباع. لما مات بوذا قال أتباعه: صعد إلى السماء بجسده بعد أن أكمل مهمته على الأرض. يؤمنون برجعة بوذا ثانية إلى الأرض ليعيد السلام والبركة إليها. يعتقدون أن بوذا هو الكائن العظيم الواحد الأزلي وهو عندهم ذاتٌ من نور غير طبيعية، وأنه سيحاسب الأموات على أعمالهم. يعتقدون أن بوذا ترك فرائض ملزمة للبشر إلى يوم القيامة، ويقولون إن بوذا أسس مملكة دينية على الأرض. قال بعض الباحثين إن بوذا أنكر الألوهية والنفس الإنسانية وأنه كان يقول بالتناسخ(*). الجانب الأخلاقي في الديانة البوذية: في تعاليم بوذا(*) دعوة إلى المحبة والتسامح والتعامل بالحسنى والتصدق على الفقراء وترك الغنى والترف وحمل النفس على التقشف والخشونة وفيها تحذير من النساء والمال وترغيب في البعد عن الزواج. يجب على البوذيِّ التقيد بثمانية أمور حتى يتمكن من الانتصار على نفسه وشهواته: 1- الاتجاه الصحيح المستقيم الخالي من سلطان الشهوة واللذة وذلك عند الإقدام على أي عمل. 2- التفكير الصحيح المستقيم الذي لا يتأثر بالأهواء. 3- الإشراق(*) الصحيح المستقيم. 4- الاعتقاد المستقيم الذي يصحبه ارتياح واطمئنان إلى ما يقوم به. 5- مطابقة اللسان لما في القلب. 6- مطابقة السلوك للقلب واللسان. 7- الحياة الصحيحة التي يكون قوامها هجر اللذات. 8- الجهد الصحيح المتجه نحو استقامة الحياة على العلم والحق وترك الملاذ. في تعاليم بوذا أن الرذائل ترجع إلى أصول ثلاثة: 1- الاستسلام للملاذ والشهوات. 2- سوء النية في طلب الأشياء. 3- الغباء وعدم إدراك الأمور على وجهها الصحيح. من وصايا بوذا: لا تقض على حياة حي، لا تسرق ولا تغتصب، لا تكذب، لا تتناول مسكراً، لا تزن، لا تأكل طعاماً نضج في غير أوانه، لا ترقص ولا تحضر مرقصاً ولا حفل غناء، لا تتخذ طبيباً، لا تقتن فراشاً وثيراً، لا تأخذ ذهباً ولا فضة. ينقسم البوذيون إلى قسمين: 1- البوذيون المتدينون: وهؤلاء يأخذون بكل تعاليم بوذا وتوصياته. 2- البوذيون المدنيون: هؤلاء يقتصرون على بعض التعاليم والوصايا فقط. الناس في نظر بوذا(*) سواسية لا فضل لأحد إلا بالمعرفة والسيطرة على الشهوات. وقد احتفظت البوذية ببعض صورها الأولى في منطقة جنوب آسيا وخاصة في سيلان وبورما، أما في الشمال وعلى الأخص في الصين واليابان فقد ازدادت تعقيداً وانقسمت إلى مذهبين هما: 1- مذهب ماهايانا (مذهب الشمال) ويدعو إلى تأليه بوذا وعبادته وترسُّم خطاه. 2- مذهب هنايانا (مذهب الجنوب) وقد حافظ على تعاليم بوذا، ويعتبر أتباع هذا المذهب أن بوذا هو المعلم الأخلاقي العظيم الذي بلغ أعلى درجة من الصفاء الروحي. وقد عبروا عن بلوغ النفس الكمال الأسمى والسعادة القصوى وانطلاقها من أسر المادة وانعتاقها من ضرورة التناسخ(*) بالينرفانا(*) وتعني الخلاص من أسر المعاناة والرغبة، واكتساب صفاء الدين(*) والروح، والتحرر من أسر العبودية واللذة، وانبثاق نور المعرفة عن طريق تعذيب النفس ومقاومة النزعات، مع بذل الجهد والتأمل والتركيز الفكري والروحي، وهو هدف البوذية الأسمى. علاقتهم بالمسلمين الآن لا تحمل طابع العداء العنيف ويمكن أن يكونوا مجالاً خصباً للدّعوة الإسلامية. كتب البوذية: كتبهم ليست منزلة ولا هم يدّعون ذلك بل هي عباراتٌ منسوبة إلى بوذا أو حكاية لأفعاله سجلها بعض أتباعه، ونصوص تلك الكتب تختلف بسبب انقسام البوذيين، فبوذيو الشمال اشتملت كتبهم على أوهام كثيرة تتعلق ببوذا أما كتب الجنوب فهي أبعد قليلاً عن الخرافات. تنقسم كتبهم إلى ثلاثة أقسام: 1- مجموعة قوانين البوذية ومسالكها. 2- مجموعة الخطب التي ألقاها بوذا(*). 3- الكتاب الذي يحوي أصل المذهب(*) والفكرة التي نبع منها. وتعتمد جميع كتبهم على الآراء الفلسفية ومخاطبة الخيال وتختلف في الصين عنها في الهند لأنها تخضع لتغيرات الفلاسفة. شعار البوذية عبارة عن قوس نصف دائري وفي وسطه قائم ثالث على رأسه ما يشبه الوردة وأمام هذا التمثال صورة مجسمة لجرة الماء وبجوارها فيل يتربع عليه بوذا في لباسه التقليدي. الجذور الفكرية والعقائدية: ليس هناك ما يثبت أن للبوذية جذوراً فكرية أو عقائدية إلا أن الناظر في الديانات الوضعية التي سبقتها أو عاصرتها يجد بينها وبين البوذية شبهاً من بعض الجوانب مثل: الهندوسية : في القول بالتناسخ(*) والاتجاه نحو التصوف. الكونفوشيوسية: في الاتجاه إلى الاعتناء بالإنسان وتخليصه من آلامه. ينبغي أن يلاحظ التشابه الكبير بينها وبين النصرانية وبخاصة فيما يتعلق بظروف ولادة المسيح(*) وحياته والظروف التي مرّ بها بوذا(*) مما يؤكد تأثر النصرانية بها في كثير من معتقدات هذه الأخيرة. الانتشار ومواقع النفوذ: الديانة(*) البوذية منتشرة بين عدد كبير من الشعوب الآسيوية حيث يدين بها أكثر من ستمائة مليون نسمة، ولهم معبد ضخم في كاتمندو بالنيبال، وهو عبارة عن مبنى دائري الشكل وتتوسطه قبة كبيرة وعالية وبها رسم لعينين مفتوحتين وجزء من الوجه، ويبلغ قطر المبنى 40 متراً، أما الارتفاع فيزيد عن خمسة أدوار مقارنة بالمباني ذات الأدوار، والبوذية مذهبان كما تقدم: المذهب الشمالي: وكتبه المقدسة مدونة باللغة السنسكريتية، وهو سائد في الصين واليابان والتبت ونيبال وسومطره. المذهب الجنوبي: وكتبه المقدسة مدونة باللغة البالية، وهو سائد في بورما وسيلان وسيام. ويمكن تقسيم انتشار البوذية إلى خمس مراحل: 1- من مطلع البوذية حتى القرن الأول الميلادي وقد دفع الملك آسوكا البوذية خارج حدود الهند وسيلان. 2- من القرن الأول حتى القرن الخامس الميلادي وفيها أخذت البوذية في الانتشار نحو الشرق إلى البنغال ونحو الجنوب الشرقي إلى كمبوديا وفيتنام ونحو الشمال الغربي إلى كشمير وفي القرن الثالث اتخذت طريقها إلى الصين وأواسط آسيا ومن الصين إلى كوريا. 3- من القرن السادس حتى القرن العاشر الميلادي وفيه انتشرت في اليابان ونيبال والتبت وتعد من أزهى مراحل انتشار البوذية. 4- من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر وفيها ضعفت البوذية واختفى كثير من آثارها لعودة النشاط الهندوسي وظهور الإسلام في الهند فاتجهت البوذية إلى لاوس ومنغوليا وبورما وسيام. 5- من القرن السادس عشر حتى الآن وفيه تواجه البوذية الفكر الغربي بعد انتشار الاستعمار الأوروبي وقد اصطدمت البوذية في هذه الفترة بالمسيحية(*) ثم بالشيوعية بعد أن صار الحكم في أيدي الحكومات الشيوعية. ويتضح مما سبق: أن البوذية فلسفة(*) وضعية انتحلت الصبغة الدينية وقد ظهرت في الهند بعد الديانة البرهمية، وقامت على أساس أن بوذا(*) هو ابن الله(*) ومخلص البشرية من مآسيها، وقد قال لأمه وهو طفل إنه أعظم الناس جميعاً، ولما مات بوذا قال أتباعه: إنه صعد إلى السماء بجسده بعد أن أكمل مهمته على الأرض وإنه سيرجع ثانية إلى الأرض ليعيد السلام والبركة إليها، ويقول البعض: إن بوذا أنكر الألوهية والنفس الإنسانية وأنه كان يقول بالتناسخ(*)، وتعتمد جميع كتب البوذيين على الآراء الفلسفية ومخاطبة الخيال وتختلف البوذية في الصين عنها في الهند بحسب نظرة الفلاسفة. ---------------------------- مراجع للتوسع : - الملل والنحل جـ2، محمد بن عبد الكريم الشهرستاني. - مقارنة الأديان (الديانات القديمة)، محمد أبو زهرة. - في العقائد والأديان، د. محمد جابر عبد العال الحيني. - المجلة العربية : مقال للدكتور محمد بن سعد الشويعر. - المدخل إلى دراسة الأديان والمذاهب ، للعميد عبد الرزاق أسود. -Encyclopedia Britannica, Vol. 3 P. 369 – 414 (Press 1979). السيخية التعريف : السيخ: جماعة دينية من الهنود الذين ظهروا في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلاديين داعين إلى دين(*) جديد زعموا أن فيه شيئاً من الديانتين الإسلامية والهندوسية تحت شعار"لا هندوس ولا مسلمون". وقد عاد المسلمين خلال تاريخهم، وبشكل عنيف، كما عاد الهندوس بهدف الحصول على وطن خاص بهم، وذلك مع الاحتفاظ بالولاء(*) الشديد للبريطانيين خلال فترة استعمار الهند. وكلمة سيخ كلمة سنسكريتية تعني المريد أو التابع. التأسيس وأبرز الشخصيات: كابر، ولد من أبوين هندوسيين في بنارس، وعرف عنه نقده لديانة آبائه الهندوسية. المؤسس تاناك ويدعى غورو أي المعلم، ولد سنة 1469م في قرية ري بوي دي تلفندي التي تبعد 40 ميلاً عن لاهور، كانت نشأته هندوسية تقليدية. لما شب عمل محاسباً لزعيم أفغاني في سلطانبور، وهناك تعرف على عائلة مسلمة ماردانا كانت تخدم هذا الزعيم. وقد أخذ ينظم الأناشيد الدينية، كما نظّم مقصفاً ليتناول المسلمون والهندوس الطعام فيه. درس علوم الدين، وتنقل في البلاد، كما قام بزيارة مكة والمدينة، وزار أنحاء العالم المعروفة لديه وتعلم الهندية والسنسكريتية والفارسية. ادعى أنه رأى الرب حيث أمره بدعوة البشر، ثم اختفى أثناء استحمامه في أحد الجداول، وغاب لمدة ثلاثة أيام ظهر بعدها معلناً "لا هندوس ولا مسلمون". كان يدّعي حب الإسلام، مشدوداً إلى تربيته وجذوره الهندوسية من ناحية أخرى، مما دفعه لأن يعمل على التقريب بين الديانتين فأنشأ ديناً جديداً في القارة الهندية، وبعض الدارسين ينظرون إليه على أنه كان مسلماً في الأصل ثم ابتدع مذهبه(*) هذا. أنشأ المعبد الأول للسيخ في كارتاربور بالباكستان حاليًّا وقبل وفاته عام 1539م عيّن أحد أتباعه خليفة له، وقد دفن في بلدة ديرة باباناناك من أعمال البنجاب الهندية الآن، ولا يزال له ثوب محفوظ فيه مكتوب عليه سورة الفاتحة وبعض السور القصيرة من القرآن. خلفه من بعده عشرة خلفاء معلمون أخرهم غوبند سنغ 1675 – 1708م الذي أعلن انتهاء سلسلة المعلمين. صار زعماؤهم بعد ذلك يعرفون باسم المهراجا ومنهم المهراجا رانجيت سنغ المتوفى سنة 1839م. الأفكار والمعتقدات: خلفية فكرية: يدعون إلى الاعتقاد بخالق واحد، ويقولون بتحريم عبادة الأصنام، وينادون بالمساواة بين الناس. يؤكدون على وحدانية الخالق الحي الذي لا يموت، والذي ليس له شكل، ويتعدى أفهام البشر، كما يستعملون عدة أسماء للإله(*) منها واه غورو والجاب، وأفضلها عند ناناك "الخالق الحق" وكل ما عداه وَهْمٌ (مايا). يمنعون تمثيل الإله في صور، ولا يقرون بعبادة الشمس والأنهار والأشجار التي يعبدها الهندوس، كما لا يهتمون بالتطهر والحج إلى نهر الغانج، وقد انفصلوا تدريجيَّا عن المجتمع الهندوسي حتى صارت لهم شخصية دينية متميزة. أباح ناناك الخمر، وأكل لحم الخنزير، وقد حرم لحم البقر مجاراة للهنادكة. أصول الدين(*) لديهم خمسة بانج كهكها أي الكافات الخمس ذلك أنها تبدأ بحرف الكاف باللغة الكورمكية، وهي: 1- ترك الشعر مرسلاً بدون قص من المهد إلى اللحد، وذلك لمنع دخول الغرباء بينهم بقصد التجسس. 2- أن يلبس الرجل سواراً حديداً في معصميه بقصد التذلل والإقتداء بالدراويش. 3- أن يلبس الرجل تباناً وهو أشبه بلباس السباحة تحت السراويل رمزاً للعفة. 4- أن يضع الرجل مشطاً صغيراً في شعر رأسه، وذلك لتمشيط الشعر وترجيله وتهذيبه. 5- أن يتمنطق السيخي بحربة صغيرة أو خنجر على الدوام، وذلك لإعطائه قوة واعتداداً، وليدافع به عن نفسه إذا لزم الأمر. يُعتقد بأن هذه الأمور ليست من وضع ناناك بل هي من وضع الخليفة العاشر غوبند سنغ الذي حرّم أيضاً التدخين على أتباعه، ويقصد بهذه الأمور التميز عن جميع الناس. معلمو السيخ ينكرون المعجزات والقصص والخرافات ذات الأساطير، إلا أنه على الرغم من ذلك فقد خلَّد السيخ معابد لهم غور دوارا مبنية على قصص تتحدث عن معجزات وقعت. للمعلم ويسمي عندهم غورو درجة دينية تأتي بعد مرحلة الرب، فهو الذي يدل – في نظرهم – على الحق والصدق، كما أنهم يتعبدون الإله بإنشاد الأناشيد الدينية التي نظمها المعلمون. يعتقدون بأن ترديد أسماء الإله(*) الناما يطهر المرء من الذنوب ويقضي على مصادر الشر في النفوس، وإنشاد الأناشيد كيرتا والتأمل بتوجيه من معلم غورو كل هذا يؤدي إلى الاتصال بالإله. يعتقدون بأن روح كل واحد من المعلمين تنتقل منه إلى المعلم التالي له. هناك بعض التنبؤات وأسمها ساوساكي المائة قصة والمنسوبة إلى المعلم غوبند سنغ والتي تدور حول الانقلابات في الحكم القائم ومجيء مخلص ينشر السيخية في جميع أنحاء العالم. يؤمنون بولادة الإنسان وموته ثم إعادة ولادته كارما بحيث تتقرر حياة الإنسان المستقبلية على ضوء حياته السابقة، ويتوقف خلاصه على هذه المرحلة. إن توجيه المعلم غورو أساسي للوصول إلى مرحلة الانعتاق موكا. يقدسون العدد خمسة الذي له معنى صوفي في أرض البنجاب أي الأنهار الخمسة. الخلافات الدينية يحلها مجلس ديني يعقد في أمر تيسار وقرارات هذا المجلس لها قوة روحية. ليس لديهم طبقة دينية مشابهة للبراهمة الهندوس، إذ إنهم – عموماً – يرفضون مبدأ الطبقات الهندوسي كما يعارضون احتكار طبقة البراهمة(*) للتعاليم الدينية. يقسمون أنفسهم على أساس عرقي.. منهم الجات (قبائل زراعية) وغير الجات، والمذاهبي، وهم المنبوذون، لكن وضعهم أفضل بكثير من وضع المنبوذين لدى الهندوس. يتزوجون من زوجة واحدة فقط. أعياد السيخ هي نفس أعياد هندوس الشمال في الهند بالإضافة إلى عيد مولد أول وأخر غورو وعيد ذكرى استشهاد الغورو الخامس والتاسع. خالصادال (الباختا): تعرض السيخ لاضطهاد المغول الذين أعدموا اثنين من معلميهم، وقد كان أشد المغول عليهم نادر شاه 1738 – 1839م الذي هاجمهم مما اضطرهم إلى اللجوء إلى الجبال والشعاب. قام غوبند سنغ وهو المعلم العاشر بإنشاء منظمة الباختا أي خالصادال التي سمى رجالها "أسوداً" ونساءها "لبؤات". هدف شباب السيخ أن يصبحوا مؤهلين لأن يكونوا من رجال الخالصادال ويطلعوا على تعاليمها. إن الخالصادال مجموعة من الشباب الذين يرتبطون بنظام سلوكي ديني قاس، حيث ينصرفون إلى الصلاة والقتال من أجل الحق والعدل الذي يعتقدون به ممتنعين عن المخدرات والمسكرات والتبغ. صاروا بعد عام 1761م حكاماً للبنجاب وذلك بعد ضعف المغول، حيث احتلوا لاهور عام 1799م. وفي عام 1819م امتدت دولتهم إلى بلاد الباتان، وقد وصلت إلى ممر خيبر في عهد المهراجا رانجيت سنغ ت1839م متغلبين على الأفغان. عندما وصل الإنجليز حصلت مصادمات بينهم وبين السيخ واضطروهم لأن يتراجعوا ويتوقفوا عند نهر سوتلج واعتبار ذلك حدوداً لدولة السيخ من الناحية الجنوبية الشرقية. انكسروا بعد ذلك وتراجعوا أكثر، وأجبرهم البريطانيون على دفع غرامة كبيرة وتسليم جامو وكشمير، كما عينوا في لاهور مقيماً بريطانياً يدير بقية مملكة السيخ. صاروا بعد ذلك شديدي الولاء(*) للإنجليز، بل ساعدوهم على احتلال البنجاب. تحول السيخ إلى أداة في أيدي الإنجليز يضطهدون بهم حركات التمرد 1857م. حصلوا من الإنجليز على امتيازات كثيرة، منها منحهم أراض زراعية وإيصال الماء إليها عبر قنوات مما جعلهم في رخاء مادي يمتازون به عن جميع المقيمين في المنطقة. في الحرب العالمية الأولى كانوا يشكلون أكثر من 20% من الجيش الهندي البريطاني. انضموا إلى حركة غاندي في طلب الحرية(*) وذلك إثر قيام مشكلات بينهم وبين الإنجليز. بعد عام 1947م صاروا مقسمين بين دولتين: الهند والباكستان، ثم اضطر مليونان ونصف المليون منهم أن يغادروا باكستان إلى الهند إثر صدامات بينهم وبين المسلمين. ألغت الحكومة الهندية الامتيازات التي حصل عليها السيخ من الإنجليز مما دفعهم إلى المطالبة بولاية البنجاب وطناً لهم. على إثر المصادمات المستمرة بين الهندوس والسيخ أمرت أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند في شهر يونيو 1984م باقتحام المعبد الذهبي في أمرتيسار حيث اشتبك الطرفان وقتل فيه حوالي 1500 شخص من السيخ و500 شخص من الجيش الهندي. وفي يوم 31 أكتوبر 1984م أقدم السيخ على قتل رئيسة الوزراء هذه انتقاماً لاقتحام المعبد، وقد حصلت مصادمات بين الطرفين عقب الاغتيال قتل بسببها عدة آلاف من السيخ يقدرها بعضهم بحوالي خمسة آلاف شخص. اشتهر السيخ خلال حكمهم بالعسف والظلم والجور والغلظة على المسلمين من مثل منعهم من أداء الفرائض الدينية والأذان وبناء المساجد في القرى التي يكونون فيها أكثرية وذلك فضلاً عن المصادمات المسلحة بينهما والتي يقتل فيها كثير من المسلمين الأبرياء. كتبهم: كتاب آدي غرانت وهو مجموعة أناشيد دينية ألفها المعلمون الخمسة الأوائل وتبلغ نحواً من 6000 نشيد ديني، كما ضم إليها المعلم الأخير غوبند سنغ 115 نشيداً نظمها أبوه تيغ بهادور كما تحتوي على أناشيد نظمها شيوخ من الخالصادال الباختا وبعض رجال الصوفية المسلمين من مثل ابن الفارض على وجه الخصوص وبعض شعراء بلاط غورو، وهذا الكتاب هو الكتاب المقدس الذي يعتبر أساس السلطة الروحية لديهم. أقدم مصدر عن حياة ناناك كتب بعد وفاته بخمسين إلى ثمانين عاماً، ومعظم علماء السيخ يرفضون عدداً من القصص الواردة فيه. هناك كتابات تاريخية سيخية ترجع إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. لهم كتاب مقدس مكتوب باللغة الكورمكية يسمونه كرانته صاحب. الجذور الفكرية والعقائدية: ترجع حركتهم في الأصل إلى ظهور حركة فيسنافا باختي التي بدأت بالظهور بين الهندوس في منطقة التأمل، ووصلت إلى الشمال على يد رامانوجا 1050 – 1137م. وفي القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وبعد الاحتكاك بالمسلمين ، انتشرت هذه الحركة في سهل الغانج. لذا يقال بأن ناناك 1469 – 1538م لم يكن الأول في مذهبه(*) السيخي هذا، وإنما سبقه إليه شخص آخر صوفي اسمه كابير 1440 – 1518م درس الدين(*) الإسلامي والهندوكي وكان حركة اتصال بين الدينين إذ أراد أن يؤلف بينهما عن طريق التوجيه والتأمل الصوفي. كان كابير هذا يتساهل في قبول كثير من العقائد الهندوكية ويضمها إلى الإسلام شريطة بقاء التوحيد أساساً، لكنه لم يفلح إذ انقرض مذهبه بموته مخلفاً مجموعة أشعار باللغة البنجابية تُظهر تمازج العقيدتين المختلفتين الهندوسية والإسلامية مرتبطتين برباط صوفي يجمع بينهما. أصل نظريتهم عن الكون مستمدة من النصوص الهندوسية. إنهم يحرقون موتاهم كالهندوس. الانتشار ومواقع النفوذ: لهم بلد مقدس يعقدون فيه اجتماعاتهم المهمة، وهي مدينة أمرتيسار من أعمال البنجاب وقد دخلت عند التقسيم في أرض الهند. هناك أربعة عروش تتمتع بالقداسة عقل تخت وهي في أمرتيسار، وأناندبور، وباتنا، وباندد. لهم في مدينة أمرتيسار أكبر معبد يحجون إليه ويسمى دربار صاحب أي مركز ديوان السيد الملك، وأما سائر المعابد فتسمى كرو داوره أي مركز الأستاذ. أكثرية السيخ وهم الأقلية الثالثة بعد الإسلام والمسيحية(*) تقطن البنجاب إذ يعيش فيها 85% منهم، فيما تجد الباقي في ولاية هاريانا، وفي دلهي، وفي أنحاء متفرقة من الهند، وقد أستقر بعضهم في ماليزيا وسنغافورة وشرق إفريقيا وإنجلترا والولايات المتحدة وكندا، ورحل بعضهم إلى دول الخليج العربي بقصد العمل. لهم لجنة تجتمع كل عام منذ سنة 1908م، تنشئ المدارس وتعمل على إنشاء كراسي في الجامعات لتدريس ديانة السيخ ونشر تاريخها. انشق قسم من السيخ عن الاتجاه العام متبعين ابن ناناك الأكبر وسموا أدواسي إذ يتجه هؤلاء نحو التصوف، أما الخالصادال فلا يؤمنون بانتهاء سلالة الغورو غوبند سنغ العاشر ، بل يعتقدون بأن هنالك معلماً حياً بين الناس ما يزال موجوداً. لديهم اعتقاد راسخ بضرورة إيجاد دولة لهم وأن ذلك أحد أركان الإيمان لديهم إذ ينشدون في نهاية كل عبادة نشيداً يقولون فيه: "سيحكم رجال الخالصادال" كما يحلمون بأن تكون عاصمتهم في شانديغار. يقدر عدد السيخ حاليًّا بحوالي 15 مليون نسمة داخل الهند وخارجها. ويتضح مما سبق: إن عقيدة السيخ تعتبر إحدى حركات الإصلاح الديني التي تأثرت بالإسلام واندرجت ضمن محاولات التوفيق بين العقائد ولكنها ضلت الطريق حيث لم تتعرف على الإسلام بما فيه الكفاية من ناحية ولأن الأديان(*) ينزل بها الوحي(*) من السماء ولا مجال لاجتهاد البشر بالتلفيق والتوليف واختيار عناصر العقيدة من هنا وهناك. مراجع للتوسع: مجلة الدعوة المصرية، العدد 95 – ذو الحجة 1404هـ سبتمبر 1984م. - Encyclopaedia Britannica, 1974. - J.D. Cunningham: History of the Sikhs, 2 nd ed. (1953). - M.A. Macauliffe: The Sikh religion, 6 Vol. (1909). - Sher Singh: Philosophy of Sikhism (1944). - Khushwant Singh: A History of the Sikhs, 2 Vol, (1963 – 1966). - W.H. Ncloed: Guru Nanak and the Sikh religion (1968). المهاريشية التعريف : المهاريشية نحلة هندوسية دهرية ملحدة، انتقلت إلى أمريكا وأوروبا متخذة ثوباً عصريًّا من الأفكار التي لم تخف حقيقتها الأصلية، وهي تدعو إلى طقوس كهنوتية من التأمل التصاعدي (التجاوزي) بغية تحصيل السعادة الروحية، وهناك دلائل تشير إلى صلتها بالماسونية والصهيونية التي تسعى إلى تحطيم القيم والمثل الدينية وإشاعة الفوضى الفكرية والعقائدية والأخلاقية بين الناس. التأسيس وأبرز الشخصيات : مؤسسها فقير هندوسي لمع نجمه في الستينات واسمه مهاريشي – ماهيش – يوجي انتقل من الهند ليعيش في أمريكا ناشراً أفكاره بين الشباب الضائع الذي يبحث عن المتعة الروحية بعد أن أنهكته الحياة المادية الصاخبة. بقي في أمريكا مدة 13 سنة حيث التحق بركب نحلته الكثيرون، ومن ثم رحل لينشر فكرته في أوروبا وفي مختلف بلدان العالم. في عام 1981م انتسب إلى هذه الفرقة ابن روكفلر عمدة نيويورك السابق وخصص لها جزءً من أمواله يدفعها سنويًّا لهذه الحركة، ومعروف انتماء هذه الأسرة اليهودية إلى الحركة الصهيونية والمؤسسات الماسونية. الأفكار والمعتقدات: لا يؤمن أفراد هذه النحلة بالله سبحانه وتعالى، ولا يعرفون إلا المهاريشي إلهاً(*) وسيداً للعالم. لا يؤمنون بدين(*) من الأديان السماوية، ويكفرون بجميع العقائد والمذاهب(*)، ولا يعرفون التزاماً بعقيدة إلا بالمهاريشية التي تمنحهم الطاقة الروحية – على حد زعمهم – وهم يرددون: لا رب .. لا دين. لا يؤمنون بشيء اسمه الآخرة أو الجنة أو النار أو الحساب.. ولا يهمهم أن يعرفوا مصيرهم بعد الموت لأنهم يقفون عند حدود متع الحياة الدنيا لا غير. حقيقتهم الإلحاد(*)، لكنهم يظهرون للناس أهدافاً براقة لتكون ستاراً يخفون بها تلك الحقيقة. فمن ذلك أنهم يدعون إلى التحالف من أجل المعرفة أو علم الذكاء الخلاق ويفسرون ذلك على النحو التالي: علم: من حيث دعوتهم إلى البحث المنهجي التجريبي. الذكاء: من حيث الصفة الأساسية للوجود متمثلاً في هدف ونظام للتغيير. الخلاق: من حيث الوسائل القوية القادرة على إحداث التغييرات في كل زمان ومكان. وهم يصلون إلى ذلك عن طريق (التأمل التجاوزي) الذي يأخذ بأيديهم – كما يعتقدون- إلى إدراك غير محدود. (التأملات التجاوزية) تتحقق عن طريق الاسترخاء، وإطلاق عنان الفكر والضمير والوجدان حتى يشعر الإنسان منهم براحة عميقة تنساب داخله، ويستمر في حالته الصامتة تلك حتى يجد حلاًّ للعقبات والمشكلات التي تعترض طريقه، وليحقق بذلك السعادة المنشودة. يخضع المنتسب للتدريب على هذه التأملات التصاعدية خلال أربع جلسات موزعاً على أربعة أيام، وكل جلسة مدتها نصف ساعة. ينطلق الشخص بعد ذلك ليمارس تأملاته بمفرده على أن لا تقل كل جلسة عن عشرين دقيقة صباحاً ومثلها مساءً كل يوم وبانتظام. من الممكن أن يقوموا بذلك بشكل جماعي، ومن الممكن أن يقوم به عمال في مصنع رغبةً في تجاوز إرهاقات العمل وزيادة الإنتاج. يحيطون تأملاتهم بجو من الطقوس الكهنوتية مما يجعلها جذابة للشباب الغربي الغارق في المادة والذي يبحث عما يلبي له أشواقه الروحية. ينطلقون في الشوارع يقرعون الطبول، وينشدون، دون إحساس بشيء اسمه الخجل أو العيب أو القيم، ويرسلون شعورهم ولحاهم، ولعل بعضهم يكون حليق الرأس على نحو شاذ، وهيئتهم رثة، كل ذلك جذباً للأنظار، وتعبيراً عن تحللهم من كل القيود. استعاض المهاريشية عن النبوة(*) والوحي(*) بتأملاتهم الذاتية، واستعاضوا عن الله بالراحة النفسية التي يجدونها، وبذلك أسقطوا عن اعتبارهم مدلولات النبوة والوحي والألوهية. يطلقون العنان لشبابهم وشاباتهم لممارسة كل أنواع الميول الجنسية الشاذة والمنحرفة، إذ إن ذلك- كما يعتقدون – يحقق لهم أعلى مستوى من السعادة. وقد وجد بينهم ما يسمى بالبانكرز وما يسمى بالجنس الثالث. يدعون شبابهم إلى عدم العمل، وإلى ترك الدراسة، وإلى التخلي عن الارتباط بأرض أو وطن، فلا يوجد لديهم إلا عقيدة المهاريشي، فهي العمل وهي الدراسة وهي الأرض وهي الوطن. عدم إلزام النفس بأي قيد يحول بينها وبين ممارسة نوازعها الحيوانية الطبيعية. يحثون شبابهم على استخدام المخدرات كالماريجوانا والأفيون حتى تنطلق نفوسهم من عقالها سابحة في بحر من السعادة الموهومة. يلزمون أتباعهم بالطاعة العمياء للمهاريشي وعدم الخضوع إلاّ له إذ إنه هو الوحيد الذي يمكنه أن يفعل أي شيء. يلخصون أهدافهم ومجالات عملهم بسبع نقاط براقة تضفي على حركتهم جوًّا من الروح العلمية الإنسانية العالمية وهي أهداف لا يكاد يكون لها وجود في أرض الواقع وهي: 1- تطوير كل إمكانات الفرد. 2- تحسين الإنجازات الحكومية. 3- تحقيق أعلى مستوى تعليمي. 4- التخلص من كل المشكلات القديمة للجريمة والشر، ومن كل سلوك يؤدي إلى تعاسة الإنسانية. 5- زيادة الاستغلال الذكي للبيئة. 6- تحقيق الطموحات الاقتصادية للفرد والمجتمع. 7- إحراز هدف روحي للإنسانية. أما وسائلهم المعتمدة لتحقيق هذه الأفكار فهي: 1- افتتاح الجامعات في الأرياف والمدن. 2- نشر دراسات عن علم الذكاء الخلاق والدعوة إلى تطبيقها على المستوى الفردي والحكومي والتعليمي والاجتماعي وفي مختلف البيئات. 3- إيجاد تلفزيون ملون عالمي لبث التعاليم من عدة مراكز في العالم. الجذور الفكرية والعقائدية: إنها ديانة(*) هندوسية مصبوغة بصبغة عصرية جديدة من الحرية(*) والانطلاق. إنها مزيج من اليوغا(*) ومن الرياضات المعروفة عند الهندوس. خالطت معتقداتها طقوس صوفية بوذية هندية. تأثر مذهبهم بنظرية أفلوطين الإسكندري في الفلسفة الإشراقية. إن استشراف الحق عن طريق التأمل الذاتي نظرية قديمة في الفلسفة(*) اليونانية وقد بعثت هذه النظرية من جديد على يد ماكس ميلر، وهربرت سبنسر، وبرجسون، وديكارت، وجيفونس، وأوجست، وغيرهم. كان لفلسفة فرويد ونظريته في التحليل النفسي ولآرائه في الكبت وطرق التخلص منه النصيب الوافر في معتقدات هذه النحلة التي راحت تبحث عن سعادتها عن طريق الإرواء الجنسي بشتى صوره. الانتشار ومواقع النفوذ: مؤسسها هندوسي لم يجد له مكاناً في الهند لمضايقة الهندوس له لخوفهم من استقطابه الأتباع بسبب إتباعه سياسة الانفتاح الجنسي. انتقل إلى أمريكا وأنشأ جامعة في كاليفورنيا، ومن ثم انتقل إلى أوروبا وصار له أتباع فيها، ورحل بحركته إلى أفريقيا ليقيم لها أرضية في ساليسبورغ، ووصلت دعوته إلى الخليج العربي ومصر حيث يزرع الأتباع هنا وهناك ويتحرك فوق ثروة مالية هائلة. وتملك المهاريشية إمكانيات مادية رهيبة تدعو إلى التساؤل والاستغراب، وتشير إلى الأيدي الصهيونية والماسونية التي تقف وراءها مستفيدة من تدميرها لأخلاق(*) وقيم الأمم. في عام 1971م أنشأ زعيمهم جامعة كبيرة في كاليفورنيا سماها (جامعة المهاريش العالمية) ويقول بأنه فعل ذلك بعد أن أحس بتقبل مذهبه في أكثر من 600 كلية وجامعة في أنحاء العالم. وفي عام 1974م أُعلن عن قيام الحكومة العالمية لعصر الانبثاق برئاسة مهاريشي – ماهيشي – يوجي ومقرها سويسرا كما أن لهذه الدولة دستوراً ووزراءً وأتباعاً وثروة طائلة واستثمارات في مختلف أنحاء العالم. في كانون الأول 1978م ادعوا بأن حكومتهم المهاريشية قد أرسلت إلى إسرائيل بعثة من 400 محافظ ليقيموا دورة هناك لثلاثمائة رجل حتى تجعل الشعب أكثر اجتماعية وأقل حدةً وتوتراً. يعتبر عام 1978م عام السلام لديهم حيث إنهم قد أعلنوا أنه لن تقهر أمة في العالم بعد ذلك. وقد دعوا في ذلك العام إلى عقد مؤتمر في ساليسبورغ لتكوين نظام عدم القهر لأية أمة، كما أسس فيه المجلس النيابي لعصر الانبثاق. كتبهم ومطبوعاتهم تكتب بماء الذهب، وهم يمتلكون أكبر المصانع والعقارات في أوروبا، وقد اشتروا قصر برج مونتمور في بريطانيا لتأسيس عاصمتهم الجديدة هناك. يحرصون دائماً على اعتبار مؤسستهم مؤسسة خيرية معفاة من الضرائب على الرغم من غناهم الفاحش. يخدم مع المهاريشي سبعة آلاف خبير، ويشتري هذا المهاريشي، الفقير أصلاً، عشرات القصور الفارهة فمن أين له ذلك؟ إن اليهودية قد وجدت فيها خير وسيلة لنشر الانحلال والفوضى بين البشر فتبنتها ووقفت وراءها مسخرة لها الأموال والصحافة وعقدت لها المناقشات لطرح نظريتها والدعوة إليها. وصل بعضهم إلى دبي وعقدوا اجتماعاً في فندق حياة ريجنسي يدعون فيها علانية لمذهبهم وقد ألقي القبض على هؤلاء الأشخاص الأربعة الذين قدموا إليها بتأشيرة سياحية ثم أُبعدوا عن البلاد. وصل بعضهم إلى الكويت وتقدموا بطلب للحصول على ترخيص لهم باعتبارهم مؤسسة خيرية غير تجارية، وقد نشروا في الصحافة الكويتية أكثر من مقال وبث لهم التلفزيون الكويتي بعض المقابلات قبل أن تتضح أهدافهم الحقيقية. نظموا دورة لموظفي وزارة المواصلات في الكويت في فندق هيلتون وقد دعوا الموظفين أثناء الدورة إلى مراجعة مواريثهم العقائدية والفكرية. طُرد المهاريشي من ألمانيا بعد أن ظهر أثره السيئ على الشباب. نشرت رابطة العالم الإسلامي في مكة بياناً أوضحت فيه خطر هذا المذهب على الإسلام والمسلمين مؤكدة ارتباطه بالدوائر الماسونية والصهيونية. ويتضح مما سبق: أن المهاريشية دين(*) هندوسي وضعي دهري ملحد، لا يعترف بالآخرة، ويدعو إلى إلغاء كافة العقائد والأديان السابقة، ويطالب التخلي عن كل القيود والتعاليم الخلقية، ويسعى لاستقطاب الشباب وإغراقه في متاهات التأمل التجاوزي والانحلال الجنسي والسقوط فريسة سهل للمخدرات. والحقيقة أن المهاريشية ما هي إلا ضلالة جديدة انتهزت فرصة إخفاق النصرانية في احتواء الشباب، وظهور صرعات الهيبيز والخنافس وأبناء الزهور، فتقدمت لتملأ الفراغ، تحت وهم جلب الراحة النفسية ومطاردة موجات القلق والاضطراب، عن طريق الرياضات الروحية، بعيداً عن طريق الوحي(*) والنبوات(*). ولا يستبعد أن تكون ذراعاً جديداً للماسونية، ويرى الكثيرون في ماهيش يوغي مؤسس المهاريشية أنه راسبوتين العصر، لطابع الدجل والاستغلال والانحراف الذي يتحلى به. ---------------------------- مراجع للتوسع : - مجلة المجتمع الكويتية، العدد 286 في 10 صفر 1396هـ. - مجلة المجتمع الكويتية، العدد 296 في 20 ربيع الآخر 1396هـ/ 20 إبريل 1976م. - مجلة المجتمع الكويتية، العدد 299 في مايو 1976م/ جمادى الأولى 1396هـ. - مجلة نيوزويك، العدد الصادر في 8 مارس 1976م. - مجلة الإصلاح الاجتماعي، الإمارات – شعبان 1404هـ/ مايو 1984م. - مجلة الجندي المسلم، المملكة العربية السعودية – العدد 35 ربيع الأول 1405هـ.[/align]
__________________
|
#24
|
|||
|
|||
[align=center]المذاهب الفلسفية والمدارس الأدبية
1-وحدة الوجود 2- اللذة 3-الأفلاطونية الحديثة 4-العقلانية 5-النزعة الإنسانية 6-الإلحاد 7-المنفعة 8-الوضعية 9-المثالية 10-الوجودية 11-الفرويدية 12-الذرائعية "البرجماتية" 13-الروحية الحديثة وحدة الوجود التعريف : وحدة الوجود مذهب(*) فلسفي لا ديني يقول بأن الله والطبيعة(*) حقيقة واحدة، وأن الله هو الوجود الحق، ويعتبرونه – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً – صورة هذا العالم المخلوق، أما مجموع المظاهر المادية فهي تعلن عن وجود الله دون أن يكون لها وجود قائم بذاته. ونحن نوضح هذا المذهب لأن آثاره وبعض أفكاره لا زالت مبثوثة في فكر أكثر أهل الطرق الصوفية المنتشرة في العالم العربي والإسلامي، وفي أناشيدهم وأذكارهم وأفكارهم. والمذهب كما سنرى موجود في الفكر النصراني واليهودي أيضاً، وقد تأثر المنادون بهذا الفكر من أمثال: ابن عربي، وابن الفارض وابن سبعين والتلمساني بالفلسفة الأفلاطونية المحدثة، وبالعناصر التي أدخلها إخوان الصفا من إغريقية ونصرانية وفارسية الأصل ومنها المذهب المانوي والمذهب الرزرادشتي وفلسفة(*) فيلون اليهودي وفلسفة الرواقيين(*). التأسيس وأبرز الشخصيات وأهم آرائها: إن فكرة وحدة الوجود قديمة جداً، فقد كانت قائمة بشكل جزئي عند اليونانيين القدماء، وهي كذلك في الهندوسية الهندية. وانتقلت الفكرة إلى بعض الغلاة من متصوفة المسلمين من أبرزهم: محي الدين ابن عربي وابن الفارض وابن سبعين والتلمساني. ثم انتشرت في الغرب الأوروبي على يد برونو النصراني وسبينوزا اليهودي. ومن أبرز الشخصيات وأفكارهم: ابن عربي 560هـ – 638هـ: هو محي الدين محمد بن علي بن محمد بن عبد الله العربي، الحاتمي، الطائي، الأندلسي وينتهي نسبه إلى حاتم الطائي، أحد مشاهير الصوفية، وعرف بالشيخ الأكبر ولد في مرسية سنة 560هـ وانتقل إلى أشبيلية، حيث بدأ دراسته التقليدية بها ثم عمل في شبابه كاتباً لعدد من حكام الولايات. في سن مبكرة وبعد مرض ألم به كان التحول الكبير في حياته، حيث انقلب بعد ذلك زاهداً سائحاً منقطعاً للعبادة والخلوة، ثم قضى بعد ذلك حوالي عشر سنين في مدن الأندلس المختلفة وشمالي إفريقية بصحبة عدد من شيوخ الصوفية. في الثلاثين من عمره انتقل إلى تونس ثم ذهب إلى فاس حيث كتب كتابه المسمى: الإسراء إلى مقام الأسرى ثم عاد إلى تونس، ثم سافر شرقاً إلى القاهرة والقدس واتجه جنوباً إلى مكة حاجاً، ولزم البيت الحرام لعدد من السنين، وألف في تلك الفترة كتابه تاج الرسائل، وروح القدس ثم بدأ سنة 598 هـ بكتابة مؤلفه الضخم الفتوحات المكية. في السنين التالية نجد أن ابن عربي ينتقل بين بلاد الأناضول وسورية والقدس والقاهرة ومكة، ثم ترك بلاد الأناضول ليستقر في دمشق. وقد وجد ملاذاً لدى عائلة ابن الزكي وأفراد من الأسرة الأيوبية الحاكمة بعد أن وجه إليه الفقهاء سهام النقد والتجريح، بل التكفير(*) والزندقة(*). وفي تلك الفترة ألف كتابه فصوص الحِكَم وأكمل كتابه الفتوحات المكية وتوفي ابن عربي في دار القاضي ابن الزكي سنة 638هـ ودفن بمقبرة العائلة على سفح جبل قسيون. • مذهبه في وحدة الوجود: يتلخص مذهب ابن عربي في وحدة الوجود في إنكاره لعالم الظاهر ولا يعترف بالوجود الحقيقي إلا لله، فالخلق هم ظل للوجود الحق فلا موجود إلا الله فهو الوجود الحق. فابن عربي يقرر أنه ليس ثمة فرق بين ما هو خالق وما هو مخلوق ومن أقواله التي تدل على ذلك: "سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها". ويقول مبيناً وحدة الوجود وأن الله يحوي في ذاته كل المخلوقات: يا خالق الأشياء في نفسه *** أنت لما تخلق جامع تخلق ما لا ينتهي كونه *** فيك فأنت الضيق الواسع ويقول أيضاً : فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا *** وليس خلقاً بذاك الوجه فاذكروا جمِّع وفرّق فإن العين واحدة *** وهي الكثيرة لا تبقي ولا تذرْ وبناءً على هذا التصور فليس ثمة خلق ولا موجود من عدم بل مجرد فيض(*) وتجليّ ومادام الأمر كذلك، فلا مجال للحديث عن علة أو غاية، وإنما يسير العالم وفق ضرورة مطلقة ويخضع لحتمية(*) وجبرية(*) صارمة. وهذا العالم لا يتكلم فيه عن خير وشر ولا عن قضاء(*) وقدر(*) ولا عن حرية(*) أو إرادة ومن ثم لا حساب ولا مسؤولية وثواب ولا عقاب، بل الجميع في نعيم مقيم والفرق بين الجنة والنار إنما هو في المرتبة فقط لا في النوع. وقد ذهب ابن عربي إلى تحريف آيات القرآن لتوافق مذهبه(*) ومعتقده، فالعذاب عنده من العذوبة، والريح التي دمرت عاد هي من الراحة لأنها أراحتهم من أجسامهم المظلمة، وفي هذه الريح عذاب وهو من العذوبة: ومما يؤكد على قوله بالجبر(*) الذي هو من نتائج مذهبه الفاسد: الحكم حكم الجبر والاضطرار *** ما ثم حكم يقتضي الاختيار إلا الذي يعزى إلينا ففي *** ظاهره بأنه عن خيار لو فكر الناظر فيه رأى *** بأنه المختار عن اضطرار وإذا كان قد ترتب على قول ابن عربي بوحدة الوجود قوله بالجبر ونفى الحساب والثواب والعقاب. فإنه ترتب على مذهبه أيضاً قوله بوحدة الأديان(*). فقد أكد ابن عربي على أن من يعبد الله ومن يعبد الأحجار والأصنام كلهم سواء لأنهم في الحقيقة ما عبدوا إلا الله إذ ليس ثمة فرق بين خالق ومخلوق. يقول في ذلك: لقد صار قلبي قابلاً كل صورة *** فمرعى لغزلان ودير لرهبان وبيت لأوثان وكعبة طائف *** وألواح توراة ومصحف قرآن فمذهب وحدة الوجود الذي قال به ابن عربي يجعل الخالق والمخلوق وحدة واحدة سواء بسواء، وقد ترتب على هذا المذهب نتائج باطلة قال بها ابن عربي وأكدها وهي قوله بالجبر ونفيه الثواب والعقاب وكذا قوله بوحدة الأديان. وقد تابع ابن عربي في القول بوحدة الوجود تلاميذ له أعجبوا بآرائه وعرضوا لذلك المذهب(*) في أشعارهم وكتبهم من هؤلاء: ابن الفارض وابن سبعين والتلمساني. أما ابن الفارض فيؤكد مذهبه في وحدة الوجود في قصيدته المشهورة بالتائية: لها صلاتي بالمقام أقيمها *** وأشهد أنها لي صلَّت كلانا مصل عابد ساجد إلى *** حقيقة الجمع في كل سجدة وما كان لي صلى سواي فلم تكن *** صلاتي لغيري في أداء كل ركعة ومازالت إياها وإياي لم تزل *** ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبت فهو هنا يصرح بأنه يصلي لنفسه لأن نفسه هي الله. ويبين أنه ينشد ذلك الشعر لا في حال سُكْر(*) الصوفية بل هو في حالة الصحو(*) فيقول: ففي الصحو بعد المحو لم أك غيرها *** وذاتي ذاتي إذا تحلت تجلت والصوفية معجبون بهذه القصيدة التائية ويسمون صاحبها ابن الفارض بسلطان العاشقين، على الرغم مما يوجد في تلك القصيدة من كفر صريح والعياذ بالله. وأما ابن سبعين فمن أقواله الدالة على متابعة ابن عربي في مذهب وحدة الوجود: قوله : رب مالك، وعبد هالك، وأنتم ذلك الله فقط، والكثرة وهم. وهنا يؤكد ابن سبعين أن هذه الموجودات ليس له وجود حقيقي فوجودها وهم وليس ثمة فرق بين الخلق وبين الحق، فالموجودات هي الله!! أما التلمساني وهو كما يقول الإمام ابن تيمية من أعظم هؤلاء كفراً، وهو أحذقهم في الكفر(*) والزندقة(*). فهو لا يفرق بين الكائنات وخالقها، إنما الكائنات أجزاء منه، وأبعاض له بمنزلة أمواج البحر في البحر، وأجزاء البيت من البيت، ومن ذلك قوله: البحر لا شك عندي في توحده *** وإن تعدد بالأمواج والزبد فلا يغرنك ما شاهدت من صور *** فالواحد الرب ساري العين في العدد ويقول أيضاً: فما البحر إلا الموج لا شيء غيره *** وإن فرقته كثرة المتعدد ومن شعره أيضاً: أحن إليه وهو قلبي وهل يرى *** سواي أخو وجد يحن لقلبه؟ ويحجب طرفي عنه إذ هو ناظري *** وما بعده إلا لإفراط قربه فالوجود عند التلمساني واحد، وليس هناك فرق بين الخالق والمخلوق، بل كل المخلوقات إنما هي الله ذاته. وقد وجد لهذا المذهب(*) الإلحادي(*) صدى في بلاد الغرب بعد أن انتقل إليها على يد برونو الإيطالي ورَوّج له اسبينوزا اليهودي. جيور وانو برونو 1548-1611م وهو مفكر إيطالي، درس الفلسفة واللاهوت في أحد الأديرة الدينية، إلا أنه خرج على تعاليم الكنيسة(*) فرمي بالزندقة، وفرّ من إيطاليا، وتنقل طريداً في البلدان الأوروبية وبعد عودته إلى إيطاليا وشي به إلى محاكم التفتيش فحكم عليه بالموت حرقاً. باروخ سبينوزا 1632 – 1677م وهو فيلسوف هولندي يهودي، هاجر أبواه من البرتغال في فترة الاضطهاد الديني لليهود من قبل النصارى، ودرس الديانة اليهودية والفلسفة كما هي عند ابن ميمون الفيلسوف اليهودي الذي عاش في الأندلس وعند ابن جبريل وهو أيضاً فيلسوف يهودي عاش في الأندلس كذلك. ومن أقوال سبينوزا التي تؤكد على مذهبه في وحدة الوجود: ما في الوجود إلا الله، فالله هو الوجود الحق، ولا وجود معه يماثله لأنه لا يصح أن يكون ثم وجودان مختلفان متماثلان. إن قوانين الطبيعة(*) وأوامر الله الخالدة شيء واحد بعينه، وإن كل الأشياء تنشأ من طبيعة الله الخالدة. الله هو القانون الذي تسير وفقه ظواهر الوجود جميعاً بغير استثناء أو شذوذ. إن للطبيعة عالماً واحداً هو الطبيعة والله في آن واحد وليس في هذا العالم مكان لما فوق الطبيعة. ليس هناك فرق بين العقل(*) كما يمثله الله وبين المادة كما تمثلها الطبيعة(*) فهما شيء واحد. يقول الإمام ابن تيمية بعد أن ذكر كثيراً من أقوال أصحاب مذهب(*) وحدة الوجود "يقولون: إن الوجود واحد، كما يقول ابن عربي – صاحب الفتوحات – وابن سبعين وابن الفارض والتلمساني وأمثالهم – عليهم من الله ما يستحقونه – فإنهم لا يجعلون للخالق سبحانه وجوداً مبايناً لوجود المخلوق. وهو جامع كل شر في العالم، ومبدأ ضلالهم من حيث لم يثبتوا للخالق وجوداً مبايناً لوجود المخلوق وهم يأخذون من كلام الفلاسفة شيئاً، ومن القول الفاسد من كلام المتصوفة والمتكلمين شيئاً ومن كلام القرامطة والباطنية(*) شيئاً فيطوفون على أبواب المذاهب ويفوزون بأخسِّ المطالب، ويثنون على ما يذكر من كلام التصوف المخلوط بالفلسفة" (جامع الرسائل 1 – ص167). الجذور الفكرية والعقائدية: لقد قال بفكرة وحدة الوجود فلاسفة قدماء: مثل الفيلسوف اليوناني هيراقليطس فالله – سبحانه وتعالى – عنده نهار وليل وصيف وشتاء، ووفرة وقلة، جامد وسائل، فهو كالنار المعطرة تسمى باسم العطر الذي يفوح منها. وقالت بذلك الهندوسية الهندية: إن الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي والروح الإنسانية جزء من الروح العليا وهي كالآلهة(*) سرمدية غير مخلوقة. وفي القرن السابع الهجري قال ابن عربي بفكرة وحدة الوجود وقد سبق ذكر أقواله. وفي القرن السابع عشر الميلادي ظهرت مقولة وحدة الوجود لدى الفيلسوف اليهودي سبينوزا، الذي سبق ذكره، ويرجح أنه اطلع على آراء ابن عربي الأندلسي في وحدة الوجود عن طريق الفيلسوف اليهودي الأندلسي ابن ميمون. وقد أعجب سبينوزا بأفكار برونو الإيطالي الذي مات حرقاً على يد محاكم التفتيش، وخاصة تلك الأفكار التي تتعلق بوحدة الوجود. ولقد قال أقوالاً اختلف فيها المفكرون، فمنهم من عدُّوه من أصحاب وحدة الوجود، والبعض نفى عنه هذه الصفة. وفي القرن التاسع عشر الميلادي نجد أن مقول وحدة الوجود قد عادت تتردد على ألسنة بعض الشعراء الغربيين مثل بيرس شلي 1792 – 1822م فالله سبحانه وتعالى في رأيه – تعالى عما يقول: "هو هذه البسمة الجميلة على شفتي طفل جميل باسم، وهو هذه النسائم العليلة التي تنعشنا ساعة الأصيل، وهو هذه الإشراقة المتألقة بالنجم الهادي، في ظلمات الليل، وهو هذه الورود اليانعة تتفتح وكأنه ابتسامات شفاه جميلة إنه الجمال أينما وجد..". وهكذا فإن لمذهب وحدة الوجود أنصار في أمكنة وأزمنة مختلفة. موقف الإسلام من المذهب: الإسلام يؤمن بأن الله جل شأنه خالق الوجود منزَّه عن الاتحاد(*) بمخلوقاته أو الحلول(*) فيها. والكون شيء غير خالقه، ومن ثم فإن هذا المذهب(*) يخالف الإسلام في إنكار وجود الله، والخروج على حدوده، ويخالفه في تأليه المخلوقات وجعل الخالق والمخلوق شيئاً واحداً، ويخالفه في إلغاء المسؤولية الفردية، والتكاليف الشرعية، والانسياق وراء الشهوات البهيمية، ويخالفه في إنكار الجزاء المسؤولية والبعث والحساب. ويرى بعض الدعاة أن وحدة الوجود عنوان آخر للإلحاد(*) في وجود الله وتعبير ملتوٍ للقول بوجود المادة فقط وأن هذا المذهب تكئة لكل إباحي يلتمس السبيل إلى نيل شهواته تحت شعار من العقائد أو ملحد يريد أن يهدم الإسلام بتصيد الشهوات أو معطل يحاول التخلص من تكاليف الكتاب والسنة. يتضح مما سبق: أن هذا المذهب(*) الفلسفي هو مذهب لا ديني، جوهره نفي الذات الإلهية، حيث يوحِّد في الطبيعة بين الله تعالى وبين الطبيعة(*)، على نحو ما ذهب إليه الهندوس أخذاً من فكرة يونانية قديمة، وانتقل إلى بعض غلاة المتصوفة كابن عربي وغيره، وكل هذا مخالف لعقيدة التوحيد في الإسلام، فالله سبحانه وتعالى منزه عن الاتحاد بمخلوقاته أو الحلول فيها. ------------------------------ مراجع للتوسع : - الموسوعة الفلسفية المختصرة، مترجمة من الإنجليزية بإشراف زكي نجيب محمود دار القلم بيروت. - معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، د. أحمد زكي بدوي، مكتبة لبنان – بيروت. - قصة الفلسفة الحديثة، أحمد أمين، وآخر، لجنة التأليف والنشر – القاهرة. - جامع الرسائل المجموعة الأولى، ابن تيمية، تحقيق محمد رشاد سالم، مطبعة المدني – القاهرة. - المنقذ من الضلال، دراسة د. عبد الحليم محمود، دار الكتاب اللبناني بيروت ط. 1979م. - فصوص الحكم، ابن عربي. - الفتوحات المكية، ابن عربي. - تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي ومعه نقد تائية ابن الفارض، برهان الدين البقاعي. - إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ابن قيم الجوزية. - History of Philosophy by F.C. Copestone Burns – London 1947. - History of Modern Philosophy by H. Hoffding. London 1956. - Ethics by B. de Spinosa. Tr. Boyle. London 1955. - Political Works by B. de Spinosa with tr. A. Wornham. O.V.P. Oxford ad New York 1958. - Vindication of ****physics: A study in the Philosophy of Spinoza by r.L. Saw Macmillan London 1951. اللــذة التعريف : اللذة: مذهب(*) غير أخلاقي فلسفي، يرى أن اللذة هي الشيء الخيِّر الوحيد في الوجود. التأسيس وأبرز الشخصيات: اللذة مذهب قديم جديد في نفس الوقت، فهو قد تأسس بالفعل في العهد اليوناني القديم، وظهر بثوبه الجديد في مذهب المنفعة الذي نادى به فلاسفة أوروبا في الوقت الحاضر. ومن أبرز شخصياته القديمة والجديدة: الفيلسوف أبيقور اليوناني 343 – 270 ق.م، ولد في أثينا في اليونان، وقد اختلف الكتَّاب في أفكاره وحياته الخاصة، فبعض الكتَّاب المتأخرين يصف حياته بالحياة المنعمة اللاأخلاقية، إلا أن البعض الآخر يقول بأن كل خطاباته تدل على أنه كان متواضعاً في طعامه، وأن مفهوم اللذة عنده لا يقصد به الإباحية الأخلاقية أو ما شابه ذلك من مفاهيم. جيرمي بنتام 1748 – 1823م وهو أول فيلسوف إنكليزي أبرز مذهب اللذة في القرن التاسع الميلادي، وذلك في كتابه مقدمة لأصول الأخلاق والتشريع. جون ستيوارت ميل 1806 – 1873م – وهو الفيلسوف الإنكليزي الذي نادى باللذة والمنفعة أيضاً. جون لوك 1632 – 1704م وهو فيلسوف إنكليزي. قال بأن فكرة الخير: يجب أن تُعرّف بأنها هي نفسها كلمة اللذة أو على الأقل تعرف تعريفاً يردها إلى اللذة وعارض نظرية الحق الإلهي، وقال بأن الاختيار هو أساس المعرفة. الأفكار والمعتقدات: يمكن إجمال الأفكار الأساسية لأصحاب مذهب(*) اللذة فيما يلي: إن اللذة هي وحدها الخير، وهي خير الدوام، ولا توجد اللذة إلا من خلال إقصاء الألم وكل ما يعكر صفو العقل(*). ولا يقصد باللذة لذَّات أصحاب الشهوات الحسية ولا إدمان الشراب. اللذة نوعان: 1- لذة جسمية تبلغ أوج صورها في الصحة الجسمية الكاملة. 2- لذة عقلية وتعني التحرر الكامل من الخوف والقلق. إن آلام العقل أقسى من آلام البدن التي يمكن تحملها والتي تنتهي لا محالة بالموت، والموت أمر طبيعي لا يوصف بأنه شر ولا بأنه خير كذلك. لا يستطيع الإنسان أن يحيا حياة سعيدة ما لم يقض هذه الحياة في كل ما هو فاضل بالفعل، والحياة الفاضلة هي مصدر اللذة، لأن الإنسان يقضيها في تحصيل العلم أساساً. اللذة هي الشيء الوحيد الذي "هو خير في ذاته". والألم هو الشيء الوحيد الذي هو "شر في ذاته"، والسعادة تشمل اللذة والتخلص من الألم، وإن رجحان كفة اللذة يعني صيرورة حياة الإنسان مصدراً للمزيد من اللذة. الجذور الفكرية العقائدية: إن كلمة Hedonism مشتقة من الكلمة اليونانية Hoedone ومعناها: "اللذة" الحسية الدنيوية، وهي وحدها أساس اهتمام الفلاسفة الذين نادوا بها. فأبيقور كان فيلسوفاً علميًّا، إذ لم يهتم بالفلسفة النظرية التي كان معاصروه يهتمون بها.. فتوجه إلى البحث عن سر السعادة البشرية سيما وأن الحياة اليونانية الوثنية(*) لا تهتم بالحياة الآخرة، وليس فيها أية قوانين خلقية روحية. وقد وجد أبيقور سر السعادة في اللذة، التي لا تعني إلا الخير.. ولذا فقد أساء البعض فهم اللذة عند أبيقور عندما تصوروا أنه لا يدعو إلا إلى اللذة الحسية. أما الفلاسفة المحدثون أمثال بنتام ولوك وميل الذين قالوا بالمنفعة، فهم من الفلاسفة الماديين الحسيين.. ولذا فإن قولهم بمذهب المنفعة(*)، لا يعني سوى المنفعة المادية الحسية. يتضح مما سبق : أن اللذة مذهب(*) غير أخلاقي فلسفي يرى أن اللذة هي الشيء الخيِّر الوحيد في الوجود، واللذة إما أن تكون جسمية وإما أن تكون عقلية، وإذا كانت آلام العقل أقسى من آلام البدن، فإن الإنسان يجب أن يحيا حياة فاضلة حتى يستشعر اللذة، لأن رجحان كفة اللذة التي هي مبعث السعادة، يعني صيرورة حياة الإنسان مصدراً للمزيد من اللذة. ---------------------------- مراجع للتوسع : - الموسوعة الفلسفية المختصرة، مترجمة عن الإنكليزية.. دار القلم – بيروت. - قصة الفلسفة الحديثة، أحمد أمين وآخر- لجنة التأليف والنشر – القاهرة – 1978م. - معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، د. أحمد زكي – مكتبة لبنان – بيروت. - History of Philosophy by F.C. Copleston Burns – London 1947. - Epicurus and his gods Y.A.J. Festugire tre. C.W. Chilton, Oxford 1955. - Bentham, ed. W. Harrison Blackwell, Oxford and Macmillan. New York 1948. - Two Treatises of Government by J. Locke ed T. Cook, Hafner, London 1956. - J. Looke by D.J. O’connor, London 1952. الأفلاطونية الحديثة التعريف : الأفلاطونية الجديدة تسمية حديثة لآراء مجموعة من الفلاسفة والمفكرين الملاحدة تمتد من 250 ق.م حتى 550م وهذه الآراء تحاول إعطاء تفسير للكون والإنسان والحياة، لتلبية طموح الإنسان من النواحي الدينية والأخلاقية والعقلية. وهي تختلف اختلافاً جوهريًّا عن آراء أفلاطون اليوناني: إذ إنها تؤمن بإله(*) مفارق للكون. وهذا الإله يفيض(*) عنه الكون والوجود كله بما فيه من مخلوقات. والأفلاطونية الجديدة أثّرت كثيراً – في طور أحدث – بأفكار بعض الفلاسفة المسلمين أمثال ابن سينا وغيره، ولا تزال تؤثر في كثير من الطرق الصوفية في العالم الإسلامي.. ومن هنا كان اهتمامنا بتوضيحها للقارئ المسلم. التأسيس وأبرز الشخصيات: تأسست الأفلاطونية الجديدة في مدينة الإسكندرية على يد أفلوطين 205 – 270م الذي درس الفلسفة(*) اليونانية واطلع على الديانات القديمة والأساطير والسحر والشعوذة.. وكتب كتابات كثيرة في مذهبه الذي سنوضح أفكاره لاحقاً. ثم جاء فرفرويوس 234 –305 م ونشر كتابات أفلوطين وهاجم النصرانية بكتابه ضد المسيحيين وله عدة مؤلفات أخرى. ثم أتى مبليخوس توفي عام 330م الذي ألف عدة رسائل فلسفية، منها أسرار مصرية وهي تفسير فلسفي لطقوس مصر وتعاليمها الدينية قبل الإسلام. وجاء أبرقلس 410 – 485م الرجل المدرسي في الأفلاطونية الجديدة الذي عرض المذهب في مؤلفين: مبادئ اللاهوت ولاهوت أفلاطون. أما أوغسطين 354 – 440م القديس الذي ولد في الجزائر من أم نصرانية وأب وثني، فقد انتسب إلى الأفلاطونية الجديدة، وقارن بينها وبين النصرانية، وقال بأن النصرانية هي الفلسفة الحقة!! الأفكار والمعتقدات: الأفلاطونية الجديدة خليط من الأفكار والفلسفات والمعتقدات الوثنية(*) واليهودية والنصرانية، والأساطير، وغيرها. تدعو الأفلاطونية إلى إله(*) تفيض عنه الأشياء جميعاً بحيث لا تنفصل عنه، فيضاً لا يتحدد بزمن أو تاريخ ولا يتقيد بإرادة ولا ينقطع، وهذا الفيض(*) لا ينقص مصدره، بل يظل كاملاً غير منقوص. وهذا الإله المبدأ الأسمى للوجود يطلق عليه واحد غير محدد بسيط لا كيف له، وهو الخير المطلق عندهم. عملية الفيض الأزلية تبدأ أولاً بالعقل(*) أو الروح ثم النفس ثم الواقع الحسي في الزمان والمكان. عملية الفيض دقيقة موزونة بحيث لا تترك نقصاً أو ثغرات في الكون، أما النقص الذي في الإنسان أو الشر فهو ناتج عن ابتعاد الإنسان عن الخير أو عن الألوهية، وينتج عن ذلك الشوق إلى العودة إلى الله. الألوهية لا يمكن الوصول إليها عن طريق العقل، لأنه قاصر عن ذلك وإنما يمكن الوصول إليها عن طريق نوع آخر من المعرفة لا يتوصل إليها إلا بعد القضاء على نوازع الجسم المادي، والتطهير، ثم الفناء(*) في الواحد، وهذه هي حالة الوجد أو النشوة التي يطمح أن يصل إليها الإنسان. تأثير هذه الأفكار والمعتقدات: أثرت الأفلاطونية الجديدة في تفكير كثير من الفلاسفة المسلمين أمثال ابن سينا والفارابي وغيرهم وأخذوا عنها نظرية الفيض الإلهي، التي تدعي أن العالم يجيء صدوراً عن الله في صورة فيض، فمرتبة تفيض عن مرتبة.. وهكذا حتى تصل إلى أدنى المراتب. وأثرت الأفلاطونية الجديدة في التصوف الإسلامي أيضاً وخاصة في أولئك المتصوفة المتأثرين بالفلسفة(*).. ثم فشا تأثيرها في طرق التصوف. وخاصة فيما يتعلق بعملية التطهير أو التزكية للوصول إلى المعرفة الكاملة أو الإيمان الكامل، وهو سعي الإنسان جاهداً للوصول إلى المصدر الذي صدر عنه والفناء فيه، وما يحتاج إليه ذلك من مجاهدة شديدة الصلابة لإماتة نوازع الجسد المفطور عليها. الجذور الفكرية والعقائدية: أخذت الأفلاطونية الجديدة من أفلاطون خيالاته في عالم المثل، ومن أرسطو تساؤلاته عن المعاني الكلية وهل لها وجود مستقل؟ ومن الرواقيين(*) السمو الخلقي والترقي الروحي، ومن النصرانية تأثيراتها الروحية والخلقية، ومن البوذية مسألة التطهير والتزكية والفناء(*) في المصدر الأول. إلا أن ما جاء به أفلوطين من أفكار وآراء حول عملية الفيض(*) أو الصدور عن الله يعد جديداً في بابه كما يرى كثير من المفكرين. الانتشار ومواقع النفوذ: تأسست الأفلاطونية الجديدة في الإسكندرية، وانتشرت في الفكر الأوربي اللاهوتي كله والفكر الصوفي النصراني والإسلامي. ولا شك أن هذه الآراء مرفوضة من وجهة النظر الإسلامية وقد أبان مفكرو الإسلام تهافتها من أكثر من وجه. ويتضح مما سبق: أن الأفلاطونية الجديدة، هي خلاصة آراء بعض الفلاسفة الملحدين، وهي خليط من الأفكار والفلسفات والمعتقدات الوثنية(*) واليهودية والنصرانية والأساطير وغيرها، تقول بوجود إله(*) "هو المبدأ الأسمى للوجود، بسيط لا نظير له، وهو الخير المطلق عند أتباعها، وهذا الإله تفيض عنه الأشياء جميعاً ولا تنفصل عنه، والعقل(*) هو الأساس الوحيد لإدراك حقيقة الألوهية التي لا يمكن الوصول إليها عن طريق نوع آخر من أنواع المعرفة". ولا شك أن هذه الآراء مرفوضة من وجهة النظر الإسلامية وقد أبان مفكرو الإسلام تهافتها من أكثر من وجه. ---------------------------- مراجع للتوسع : - تهافت الفلاسفة، لأبي حامد الغزالي. - الإشارات والتنبيهات، لابن سينا. - نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، د. علي سامي النشار. - الأفلاطونية المحدثة عند العرب، د. عبد الرحمن بدوي. المراجع الأجنبية : - History of Philosophy by F.C. Copleston Burns, London 1947. - The Philosophy of Plotinus by W.r. Inge Logmans. London and New York, rev. ed. 1948. - The Architecture of the Intelligible Universe in the Philosophy of Plotinus by A.H. Armstrong. C.U.P. Cambridge 1940. - Complete English Translation by S. Mackenma rev. B.S. page Warner, London 1917-30. - Saint Augustine by II. Marron. Longmans. London 1957. - Avicenna on Theology by A.J. Arberry. Murray. London 1951. العقلانيــة التعريف : العقلانية مذهب(*) فكري يزعم أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق الاستدلال العقلي بدون الاستناد إلى الوحي(*) الإلهي أو التجربة البشرية وكذلك يرى إخضاع كل شيء في الوجود للعقل(*) لإثباته أو نفيه أو تحديد خصائصه. ويحاول المذهب إثبات وجود الأفكار في عقل الإنسان قبل أن يستمدها من التجربة العملية الحياتية أي أن الإدراك العقلي المجرد سابق على الإدراك المادي المجسد. التأسيس وأبرز الشخصيات: العقلانية مذهب قديم جديد بنفس الوقت. برز في الفلسفة(*) اليونانية على يد سقراط وأرسطو، وبرز في الفلسفة الحديثة والمعاصرة على أيدي فلاسفة أثَّروا كثيراً في الفكر البشري أمثال: ديكارت وليبنتز وسبينوزا وغيرهم. رينيه ديكارت 1596 – 1650م فيلسوف فرنسي اعتمد المنهج(*) العقلي لإثبات الوجود عامة ووجود الله على وجه أخص وذلك من مقدمة واحدة عُدت من الناحية العقلية غير قابلة للشك(*) وهي: "أنا أفكر فأنا إذن موجود". ليبنتز: 1646 – 1716م فيلسوف ألماني، قال بأن كل موجود حي وليس بين الموجودات مِنْ تفاوت في الحياة إلا بالدرجة – درجة تميز الإدراك – والدرجات أربع: مطلق الحي أي ما يسمى جماداً، والنبات فالحيوان فالإنسان. وفي المجتمع الإسلامي نجد المعتزلة تقترب من العقلانية جزئيًّا، إذ اعتمدوا على العقل(*) وجعلوه أساس تفكيرهم ودفعهم هذا المنهج إلى تأويل(*) النصوص من الكتاب والسنة التي تخالف رأيهم. ولعل أهم مقولة لهم قولهم بسلطة العقل وقدرته على معرفة الحسن والقبيح ولو لم يرد بها شيء. ونقل المعتزلة الدين(*) إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية وذلك لتأثرهم بالفلسفة(*) اليونانية. وقد فنَّد علماء الإسلام آراء المعتزلة في عصرهم، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل ثم جاء بعد ذلك ابن تيمية وردَّ عليهم ردًّا قويًّا في كتابه درء تعارض العقل والنقل وبيّن أن صريح العقل(*) لا يمكن أن يكون مخالفاً لصحيح النقل. وهناك من يحاول اليوم إحياء فكر المعتزلة إذ يعدونهم أهل الحرية الفكرية في الإسلام، ولا يخفى ما وراء هذه الدعوة من حرب على العقيدة الإسلامية الصحيحة، وإن لبست ثوب التجديد(*) في الإسلام أحياناً. العقائد والأفكار: تعتمد العقلانية على عدد من المبادئ الأساسية هي: العقل لا الوحي(*) هو المرجع الوحيد في تفسير كل شيء في الوجود. يمكن الوصول إلى المعرفة عن طريق الاستدلال العقلي وبدون لجوء إلى أية مقدمات تجريبية. عدم الإيمان بالمعجزات(*) أو خوارق العادات. العقائد الدينية ينبغي أن تختبر بمعيار عقلي. الجذور الفكرية والعقائدية: كانت العقلانية اليونانية لوناً من عبادة العقل وتأليهه وإعطائه حجماً أكبر بكثير من حقيقته. كما كانت في الوقت نفسه لوناً من تحويل الوجد إلى قضايا تجريدية. وفي القرون الوسطى سيطرت الكنيسة(*) على الفلسفة الأوروبية، حيث سخَّرت العقل لإخراج تحريفها للوحي(*) الإلهي في فلسفة عقلية مسلَّمة لا يقبل مناقشتها. وفي ظل الإرهاب الفكري الذي مارسته الكنيسة انكمش نشاط العقل الأوروبي، وانحصر فيما تمليه الكنيسة والمجامع المقدسة، واستمرت على ذلك عشرة قرون. وفي عصر النهضة(*)، ونتيجة احتكاك أوروبا بالمسلمين – في الحروب الصليبية والاتصال بمراكز الثقافة في الأندلس وصقلية والشمال الإفريقي – أصبح العقل الأوربي في شوق شديد لاسترداد حريته في التفكير، ولكنه عاد إلى الجاهلية(*) الإغريقية ونفر من الدين(*) الكنسي، وسخَّر العقل(*) للبعد عن الله، وأصبح التفكير الحر معناه الإلحاد(*)، وذلك أن التفكير الديني معناه عندهم الخضوع للفقيد الذي قيدت به الكنيسة العقل وحجرت عليه أن يفكر. يتضح مما سبق : أن العقلانية مذهب(*) فكري فلسفي يزعم أن الاستدلال العقلي هو الطريق الوحيد للوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود، بدون الاستناد إلى الوحي(*) الإلهي أو التجربة البشرية، وأنه لا مجال للإيمان بالمعجزات أو خوارق العادات، كما أن العقائد الدينية يمكن، بل ينبغي أن تختبر بمعيار عقلي، وهنا تكمن علله التي تجعله مناوئاً ليس فقط للفكر الإسلامي، بل أيضاً لكل دين سماوي صحيح. ---------------------------- مراجع للتوسع : - مذاهب فكرية معاصرة، محمد قطب، دار الشروق – بيروت ط1407هـ. - الموسوعة الفلسفية المختصرة، بإشراف د. زكي نجيب محمود دار القلم ، بيروت. - قصة الفلسفة الحديثة، أحمد أمين، زكي نجيب محمود، لجنة التأليف والنشر القاهرة 1978م. - تاريخ الفلسفة الحديثة، يوسف كرم، دار المعارف – القاهرة. - درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية ط. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بتحقيق د. محمد رشاد سالم. النزعة الإنسانية التعريف : النزعة الإنسانية هي اتجاه فكري عام تشترك فيه العديد من المذاهب(*) الفلسفية والأدبية والأخلاقية والعلمية، ظهرت النزعة الإنسانية في عصر النهضة(*). التأسيس وأبرز الشخصيات: ظهر المذهب الإنساني في إيطاليا في بداية عصر النهضة الأوروبية. وأبجديات النزعة إنما تترجم الانتفاضة التي عبّرت عنها النهضة الأوروبية باعتبارها تغيراً في الفكر نجم عنه تغير في جميع شؤون الحياة. فالإنسان الأول كان مكبلاً بقيود الكنيسة(*) طوال فترة الإظلام الفكري المسماة بالعصور الوسطى والتي استطالت إلى أكثر من عشرة قرون، إذ كان خلالها مطالباً بالطاعة العمياء لرجال الدين وكان يُساق كما يساق القطيع، ويكفي أنه من طبيعة فاسدة بسبب الخطيئة الأصلية!! أما المرأة، فهي لا ينبغي أن تُحب لأنها سبب الخطيئة، لذا عزف رجال الدين عن الزواج بها. وإذا سمحوا لغيرهم بالارتباط بها بالزواج فذلك فقط باعتبارها وسيلة للإنجاب واستمرار البشرية. أما الرجال فهم وسيلة أيضاً لتحقيق أهداف الكنيسة، وكل من خرج على هذه الأهداف يواجه الموت حرقاً. ومن أسماء الرواد الأوائل للمذهب الإنساني بوجيو وبروني، والمحامي البارز مونتبلشيانو وكلهم عاشوا خلال القرن الخامس عشر الميلادي. أراسمس ولد في روتردام سنة 1466م ويعد من أكبر ممثلي المذهب الإنساني من ناحية معرفته بالأدب اليوناني واللاتيني. في فرنسا مثل المذهب ستيفانوس وسكاليجر ودوليه. ويعد رينيه ديكارت 1956 – 1650م الفيلسوف الفرنسي من أنصار المذهب الإنساني ولكنه يؤمن بوجود الله تعالى. وكذلك سبينوزا 1632 – 1677م الفيلسوف الهولندي وهو يشبه ديكارت في الاعتقاد. وكتابات جان جاك روسو 1712 – 1778م تحمل الطابع الإنساني. وجون لوك 1632 – 1704م الفيلسوف الإنجليزي كان إنساني المذهب(*). والفيلسوف الألماني كانت 1724 – 1804م في مذهبه الانتقادي كان إنساني المذهب. والفيلسوف شيلر المتوفى سنة 1937م الإنجليزي الألماني الأصل. والكاتب الفرنسي فرانسيس بوتر، ألف كتاباً بعنوان المذهب الإنساني بوصفه ديانة جديدة. والأديب الإنجليزي ت.س. إليوت 1888 – 1965م يعتبر نفسه من أتباع المذهب الإنساني، وهو من أبرز ممثلي الشعر الحر. الأفكار والمعتقدات : تأكيد الفردية الإنسانية: في مجال الدين(*): الاستجابة لحكم الفرد الخاص ضد سلطة الكنيسة(*) وتأييد فكرة ظهور الدول القومية. في مجال الفلسفة(*): تأكيد ديكارت للوعي الفردي عند المفكر وشدة الاعتماد على الفعل وتغليب وجهة النظر المادية الدنيوية. قصر الاهتمام الإنساني على المظاهر المادية للإنسان في الزمان والمكان. المذهب الإنساني أوحى بالأفكار التحررية لقادة الفكر في عصر النهضة(*) الأوروبية ووصل إلى ذروته إبان الثورة(*) الفرنسية. الثقة بطبيعة الإنسان وقابليته للكمال، وإمكان حدوث التقدم المستمر. تأكيد أن الشرور والنقائض التي اعترضت طريق الإنسان لم يكن سببها الخطيئة كما تقرر النصرانية، وإنما كان سببها النظام الاجتماعي السيئ. الدفاع عن حرية(*) الفرد. إمكان مجيء العصر السعيد والفردوس الأرضي، ويكون ذلك بالرخاء الاقتصادي، وتحقيق ذلك يكون بتبديد الخرافات والأوهام ونشر التربية العملية. وقد نقد الفلاسفة والمفكرون الإنسانية ومن أهم ما جاء في نقدهم: إن تقدم العلم الحديث لم يصحبه تقدم في قدرة الإنسان على حسن استعمال العلم. وإن البشر وجهوا اهتماماتهم جميعاً إلى المسائل الدنيوية، ونسوا كل ما يسمو على ذلك وتركزت مطامعهم في الأشياء الزائلة التي يسرها لهم العلم، وحدث من جراء ذلك صدع بين تقدم الإنسان في المعرفة وتقدمه الأخلاقي. إن الإنسانية تؤكد على زيادة خطر الإسراف في الاعتماد على الآلة، فهذا الإسراف قد يقضي على الأصالة والابتكار. كما أن الأسس الأخلاقية لا تصلح إلا إذا استندت إلى الاعتقاد بوجود نظام أسمى من النظام الدنيوي والإيمان بالمبادئ الخالدة المطلقة، أما إذا اقتصرت الآداب على أن تكوم خاضعة للمواءمة بين الإنسان وبيئته، كلما تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال، فإنها بذلك تفقد قيمتها العامة. وطريق الخلاص هو رفع الأخلاق(*)، ولا يحدث هذا إلا بإيحاء من الإيمان الديني، أما الآداب العلمانية فلا تمنحنا الخلاص. إن المذهب الإنساني قدم للإنسانية وعوداً لم يحققها، كما أنه أفقد الناس الشعور بالحقائق الروحية، وجعل الناس عبيداً للقوى المادية(*) العمياء. إن وجود الشر ينقض أداء المذهب(*) الإنساني لصلاح الإنسان وقابليته للتقدم. وقد عزى الناقدون إخفاق عصبة الأمم في تسوية المشكلات في العالم وانتشار الفاشية والنازية إلى ظهور المذهب الإنساني. إن عيوب المدنية الغربية ترجع في الغالب الأعم منها إلى المذهب الإنساني في تياره الإلحادي(*). ومن أهم الأفكار التي تبنتها النزعة الإنسانية ما يلي: يجب على الإنسان أن يبحث دائماً عن معنى وجوده وحياته. الحياة في حد ذاتها شيء رائع ويستحق أن يعيشها الإنسان مهما احتوت على صراعات وتناقضات وآلام. على الإنسان أن يواجه الألم ويتسلح بالأمل في نفس الوقت. على الإنسان أن يهتم بالمادة قبل الروح لأنها الشيء الوحيد الذي يستطيع إدراكه والسيطرة عليه. إن الطريقة الوحيدة كي يحقق الإنسان إنسانيته هي في التمتع بكل الملذات الجسدية والحسية لأنها الشيء الوحيد الذي يستطيع الإنسان لمسه وإدراكه. الإنسانية ترحب بالقومية والوطنية والمحلية، ولكنها تأبى العنصرية لأنها امتهان صارخ لبقية العوامل المشكلة للنسيج الإنساني الشامل، والأدب العنصري ليس سوى جسماً غريباً في نسيج الأدب الإنساني سرعان ما يلفظه ويأباه. الجذور الفكرية والعقائدية: إن الحركة الفكرية التي نشأت في عصر النهضة(*) الأوروبية هي الأساس في ظهور الإنسانية. وكان الوقود الذي أشعل هذه الحركة يحتوي على الفكر اليوناني الوثني(*) المعارض للفكر الديني، والآداب اليونانية واللاتينية ومن هنا كان شعار الإنسانية كلمة الفيلسوف اليوناني القديم "إن الإنسان مقياس للأشياء جميعها" فضلاً عن انغماس الإنسان بالمادة في بدايته، وحب اكتناز المال والثروات، والاستمتاع بالحياة الزائلة. أماكن الانتشار: انتشرت الإنسانية في أوروبا ثم عمت الغرب والشرق ومعظم سلبيات المدنية الغربية الحاضرة تعتبر ثمرة من ثمارها. ويتضح مما سبق: أن النزعة الإنسانية هي مذهب(*) فلسفي أدبي مادي لا ديني، يؤكد فردية الإنسان ضد الدين(*) ويغلب وجهة النظر المادية(*) الدنيوية وهو من أسس فلسفة(*) كونت الوضعية وفلسفة بتنام النفعية وكتابات برتراند راسل الإلحادية(*)، وهذا يعني فشل هذا المذهب على الصعيد العقدي، أما فشله على الصعيد العملي الواقعي المؤثر بصورة ملموسة في أسلوب سلوك الفرد، فدليله أنه منَّى الإنسان بأمان كاذبة لم تتحقق على الإطلاق، ونسي أن طريق الخلاص لا يمكن أن يتم إلا من خلال خاتم الأديان . وهذا أمر ينبغي أن يتنبه له المسلم وهو يتعامل مع نتاج هذا المذهب حيث أن الإسلام قد كرم الإنسان، وتعاليمه كلها إنسانية(ولقد كرمنا بني آدم..) ؛ لكن بعض الناس يختار الكفر فيسلبه الله هذا التكريم ( أولئك هم شر البرية ) . مراجع للتوسع: - شيلر: من نوابغ الفكر الغربي، د. عثمان أمين. - مجلة عالم الفكر، المجلد الثاني العدد الثالث 1974م. مقال بعنوان الهيومانزم. - الموسوعة الفلسفية المختصرة، ترجمة فؤاد كامل ورفاقه، دار القلم – بيروت. - Studies in Humanism by F.C.S. Schiller, Macmillan, London, 2nd ed. 1912. - Humanism: Phillosophical Essays by F.C.S. Schiller, Macmillan. London 1912. - Essay Concerning Human Understanding by J. Locke ed. r. Wilburn. London 1947. - History of Philosophy by F.C. Copleston Burns, London 1947. - History of Modern Philosophy by H. Hoffding, London 1956. الإلحــاد التعريف : الإلحاد(*) هو : مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى: فيدّعي الملحدون بأن الكون وجد بلا خالق. وأن المادة أزلية أبدية، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت. ومما لا شك فيه أن كثيراً من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة جسدتها الشيوعية المنهارة والعلمانية المخادعة. التأسيس وأبرز الشخصيات: الإلحاد بدعة جديدة لم توجد في القديم إلا في النادر في بعض الأمم والأفراد. يعد أتباع العلمانية هم المؤسسون الحقيقيين للإلحاد، ومن هؤلاء : أتباع الشيوعية والوجودية والداروينية. الحركة الصهيونية أرادت نشر الإلحاد في الأرض فنشرت العلمانية لإفساد أمم الأرض بالإلحاد والمادية(*) المفرطة والانسلاخ من كل الضوابط التشريعية والأخلاقية كي تهدم هذه الأمم نفسها بنفسها، وعندما يخلو الجو لليهود يستطيعون حكم العالم. نشر اليهود نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ(*) ونظريات فرويد في علم النفس ونظرية دارون في أصل الأنواع ونظريات دور كايم في علم الاجتماع، وكل هذه النظريات من أسس الإلحاد في العالم. أما انتشار الحركات الإلحادية بين المسلمين في الوقت الحاضر، فقد بدأت بعد سقوط الخلافة(*) الإسلامية. صدر كتاب في تركيا عنوانه: مصطفى كمال للكاتب قابيل آدم يتضمن مطاعن قبيحة في الأديان وبخاصة الدين الإسلامي. وفيه دعوة صريحة للإلحاد بالدين(*) وإشادة بالعقلية الأوروبية. إسماعيل أحمد أدهم. حاول نشر الإلحاد في مصر، وألف رسالة بعنوان لماذا أنا ملحد؟ وطبعها بمطبعة التعاون بالإسكندرية حوالي سنة 1926م. إسماعيل مظهر أصدر في سنة 1928م مجلة العصور في مصر، وكانت قبل توبته تدعو للإلحاد والطعن في العرب والعروبة طعناً قبيحاً. معيداً تاريخ الشعوبية(*)، ومتهماً العقلية العربية بالجمود والانحطاط، ومشيداً بأمجاد بني إسرائيل ونشاطهم وتفوقهم واجتهادهم. أسست في مصر سنة 1928م جماعة لنشر الإلحاد تحت شعار الأدب واتخذت دار العصور مقراً لها واسمها رابطة الأدب الجديد وكان أمين سرها كامل كيلاني.. وقد تاب إلى الله بعد ذلك. ومن أعلام الإلحاد في العالم: أتباع الشيوعية: ويتقدمهم كارل ماركس 1818 – 1883م اليهودي الألماني. وإنجلز عالم الاجتماع الألماني والفيلسوف السياسي الذي التقى بماركس في إنجلترا وأصدرا سوياً المانيفستو أو البيان الشيوعي سنة 1820 – 1895م. أتباع الوجودية: ويتقدمهم: جان بول سارتر. وسيمون دوبرفوار. والبير كامي. وأتباع الداروينية. ومن الفلاسفة والأدباء: نيتشه/ فيلسوف ألماني. برتراند راسل 1872 – 1970م فيلسوف إنكليزي. هيجل 1770 – 1831م فيلسوف ألماني قامت فلسفته على دراسة التاريخ. هربرت سبنسر 1820 – 1903م إنكليزي كتب في الفلسفة(*) وعلم النفس والأخلاق(*). فولتير 1694 – 1778م أديب فرنسي. في سنة 1930م ألف إسماعيل مظهر حزب الفلاح ليكون منبراً للشيوعية والاشتراكية(*). وقد تاب إسماعيل إلى الله بعد أن تعدى مرحلة الشباب وأصبح يكتب عن مزايا الإسلام. ومن الشعراء الملاحدة الذين كانوا ينشرون في مجلة العصور. الشاعر عبد اللطيف ثابت الذي كان يشكك في الأديان في شعره.. والشاعر الزهاوي يعد عميد الشعراء المشككين في عصره. الأفكار والمعتقدات: إنكار وجود الله سبحانه، الخالق البارئ، المصور، تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً. إن الكون والإنسان والحيوان والنبات وجد صدفة وسينتهي كما بدأ ولا توجد حياة بعد الموت. إن المادة أزلية أبدية وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت. النظرة الغائية(*) للكون والمفاهيم الأخلاقية تعيق تقدم العلم. إنكار معجزات الأنبياء(*) لأن تلك المعجزات لا يقبلها العلم، كما يزعمون. ومن العجب أن الملحدين الماديين(*) يقبلون معجزات الطفرة الوحيدة التي تقول بها الداروينية ولا سند لها إلا الهوس والخيال. عدم الاعتراف بالمفاهيم الأخلاقية ولا بالحق والعدل ولا بالأهداف السامية، ولا بالروح والجمال. ينظر الملاحدة للتاريخ باعتباره صورة للجرائم والحماقة وخيبة الأمل وقصته لا تعني شيئاً. المعرفة الدينية، في رأي الملاحدة ، تختلف اختلافاً جذريًّا وكليًّا عن المعرفة بمعناها العقلي أو العلمي!! الإنسان مادة تنطبق عليه قوانين الطبيعة(*) التي اكتشفتها العلوم كما تنطبق على غيره من الأشياء المادية. الحاجات هي التي تحدد الأفكار، وليست الأفكار هي التي تحدد الحاجات. نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ(*) ونظرية فرويد في علم النفس ونظرية دارون في أصل الأنواع ونظرية دور كهايم في علم الاجتماع من أهم أسس الإلحاد في العالم.. وجميع هذه النظريات هي مما أثبت العلماء أنها حدس وخيالات وأوهام شخصية ولا صلة لها بالعلم. الجذور الفكرية والعقائدية: نشأ الإلحاد الحديث مع العقلانية والشيوعية والوجودية. وقد نشر اليهود الإلحاد في الأرض، مستغلين حماقات الكنيسة(*) ومحاربتها للعلم، فجاءوا بثورة العلم ضد الكنيسة، وبالثورة(*) الفرنسية والداروينية والفرويدية، وبهذه الدعوات الهدامة للدين(*) والأخلاق(*) تفشى الإلحاد في الغرب، والهدف الشرير لليهودية العالمية الآن هو إزالة كل دين على الأرض ليبقى اليهود وحدهم أصحاب الدين!! الانتشار وأماكن النفوذ : انتشر الإلحاد أولاً في أوروبا، وانتقل بعد ذلك إلى أمريكا.. وبقاع من العالم. وعندما حكمت الشيوعية في ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي قبل انهياره وتفككه، فرضت الإلحاد فرضاً على شعوبه.. وأنشأت له مدارس وجمعيات. وحاولت الشيوعية نشره في شتى أنحاء العالم عن طريق أحزابها. وإن سقوط الشيوعية في الوقت الحاضر ينبئ عن قرب سقوط الإلحاد – بإذن الله تعالى. يوجد الآن في الهند جمعية تسمى جمعية النشر الإلحادية، وهي حديثة التكوين وتركز نشاطها في المناطق الإسلامية، ويرأسها جوزيف إيدا مارك، وكان مسيحيًّا من خطباء التنصير، ومعلماً في إحدى مدارس الأحد، وعضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وقد ألف في عام 1953م كتاباً يدعى: إنما عيسى بشر فغضبت عليه الكنيسة(*) وطردته فتزوج بامرأة هندوكية وبدأ نشطاه الإلحادي، وأصدر مجلة إلحادية باسم إيسكرا أي شرارة النار. ولما توقفت عمل مراسلاً لمجلة كيرالا شبدم أي صوت كيالا الأسبوعية. وقد نال جائزة الإلحاد العالمية عام 1978م ويعتبر أول من نالها في آسيا. يتضح مما سبق : أن الإلحاد(*) مذهب(*) فلسفي يقوم على إنكار وجود الله سبحانه وتعالى، ويذهب إلى أن الكون بلا خالق، ويعد أتباع العقلانية هم المؤسسون الحقيقيين للإلحاد الذي ينكر الحياة الآخرة، ويرى أن المادة(*) أزلية أبدية، وأنه لا يوجد شيء اسمه معجزات الأنبياء فذلك مما لا يقبله العلم في زعم الملحدين، الذين لا يعترفون أيضاً بأية مفاهيم أخلاقية(*) ولا بقيم الحق والعدل ولا بفكرة الروح. ولذا فإن التاريخ عند الملحدين هو صورة للجرائم والحماقات وخيبة الأمل وقصته ولا تعني شيئاً، والإنسان مجرد مادة تطبق عليه كافة القوانين الطبيعية(*) وكل ذلك مما ينبغي أن يحذره الشاب المسلم عندما يطالع أفكار هذا المذهب الخبيث. مراجع للتوسع : - صراع مع الملاحدة، عبد الرحمن الميداني. - الملل والنحل، للشهرستاني ط.(1400هـ- 1980م). بتحقيق محمد سيد كيلاني، وهي طبعة فريدة – لمذاهب جديدة. - الفلسفات الكبرى، بياردو كاسيه – سلسلة زدني علماً- بيروت. - الإلحاد وعلاقته باليهود والنصارى ، مقال للدكتور محمد بن سعد الشويعر، نشر بمجلة البحوث الإسلامية العدد 14. المراجع الأجنبية : - History of Philosophy by F.C. Copleston. Burns. London 1947. - Existentialism and Humanism by J.P. Sartre, London 1955. - History of Modern Philosophy by H. Hoffding. London 1956. المنفعة التعريف : المنفعة مذهب(*) أخلاقي اجتماعي لا ديني، يجعل من نفع الفرد والمجتمع مقياساً للسلوك، وأن الخير الأسمى هو تحقيق أكبر سعادة لأكبر عدد من الناس. وفي مجال الاقتصاد يقرر مذهب المنفعة أن قيمة السلعة تتوقف على قدر منفعتها وليس على نفقة العمل أو التكلفة. التأسيس وأبرز الشخصيات: تأسس مذهب المنفعة في إنكلترا ومن أبرز شخصياته: جيرمي بنتام 1748 – 1832م ويعد زعيم القائلين بمذهب المنفعة، ولد في لندن، وقدم نظريته في المنفعة في كتابه مقدمة لأصول الأخلاق والتشريع. جون ستيوارت ميل 1806- 1873م وهو فيلسوف إنكليزي، ألف كتاب مذهب المنفعة ونادى بالحرية الفردية. هربرت سبنسر 1820 – 1903م وهو فيلسوف إنكليزي قال بتطور الأنواع قبل دارون. ج.أ. مور 1873 – 1958م وهو فيلسوف إنكليزي – ألف كتاب أصول الأخلاق وأدخل تعديلات على مذهب المنفعة إذ قبل الرأي القائل بأن صواب أي فعل من الأفعال يتوقف على النتائج الحسنة والسيئة التي تترتب عليه. الأفكار والمعتقدات: يعد مذهب المنفعة نظرية في الأخلاق(*)، طبعت أتباعها بطابع مميز.. إذ كان كل همهم الاهتمام بالحياة الدنيا والاغتراف من لذاتها. ويمكن تلخيص أفكاره فيما يلي: إن صواب أي عمل من الأعمال، إنما يحكم عليه بمقدار ما يسهم في زيادة السعادة الإنسانية أو في التقليل من شقاء الإنسان، بصرف النظر عن السداد الأخلاقي لقاعدة ما، أو مطابقتها للوحي(*) أو للسلطة أو للتقليد أو للحس الأخلاقي أو للضمير. اللذة هي الشيء الوحيد الذي هو خير في ذاته، والألم هو الشيء الوحيد الذي هو شرٌّ في ذاته، والسعادة تشمل اللذة والتخلص من الألم، وإن رجحان كفة اللذة قد يعود هو نفسه فيصبح مصدراً للمزيد من اللذة. يمكن دفع الناس إلى التصرف على نحو يؤدي إلى السعادة العامة من خلال ما يلي: 1- القانون بقصاصه، والرأي العام بجزاءاته من ثواب وعقاب، فهما يحولان بين الناس وبين أن يأتوا من الأعمال ما يضاد الصالح العام. 2- المنفعة الذاتية المستنيرة تدل الناس على أن الصالح العام ينطوي في أغلب الأحوال على منفعتهم الخاصة. الجذور الفكرية والعقائدية: إن لنظرية المنفعة جذور في الفكر اليوناني، وعند الفيلسوف أبيقور 342 – 270 ق.م بشكل خاص. ويمكن في الوقت الحاضر أن نجد جذور مذهب(*) المنفعة عند كل من: تومامس هوبز 1588 – 1679م الفيلسوف الإنكليزي الذي يرى أن كلمة خير يقصد بها الشهوة، وكلمة شر يقصد بها النفور. وجون لوك 1632 – 1704م الفيلسوف الإنكليزي وفرنسيس هتشون 1694 – 1747م الفيلسوف الأيرلندي، ونظريته في الحس الأخلاقي تعبر في بعض جوانبها عن مذهب المنفعة إلا أنها ترتكز على الدين(*). كما نجد جذور مذهب المنفعة أيضاً عند ديفيد هيوم 1711 – 1776م الفيلسوف الإنكليزي الذي يرى أنه لا شيء يؤثر في الفعل الإرادي غير اللذة والألم، وقد يكون التأثير مباشراً. وعندما جاء جيرمي بنتام مؤسس مذهب المنفعة، استفاد من كل من سبقوه منتهياً إلى نظرية متكاملة، في رأيه، ومستخدماً إياها على أوسع نطاق. يتضح مما سبق: أن المنفعة فكرة فلسفية لا تلتزم بالأصول الدينية، إذ تقيس صواب العمل بمقدار ما يحققه من منفعة وسعادة بصرف النظر عن توافقه مع الأخلاق(*) أو مطابقته للدين، وترى أن كلَّ ما يُلزم به الدين، يمكن للقانون بقصاصه والرأي العام بجزاءاته أن يأتي به. ولا شك أن في هذا تجاوزاً يهدم أسس العقيدة ويحول المجتمعات إلى غابة تتصارع فيها المنافع بلا ضابط أو رابط. ---------------------------- مراجع للتوسع: - الموسوعة الفلسفية المختصرة، ترجمة فؤاد كامل ورفاقه دار العلم – بيروت. - معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، د. أحمد زكي بدوي مكتبة لبنان – بيروت – 1982م. - تاريخ الفلسفة الحديثة ، د يوسف كرم. دار المعارف – القاهرة. المراجع الأجنبية : - The Utility of religion and Theism by John S. Mill Wath. London 1904. - On Liberty: representative Government and Utilitarianism by John s. Mill, London, New York 1954. - History of Philosophy by F.C. Copleston Burns, London 1947. - History of Modern Philosophy by H. Hoffding, London 1936. الوضعية التعريف : المذهب(*) الوضعي مذهب فلسفي ملحد يرى أن المعرفة اليقينية هي معرفة الظواهر التي تقوم على الوقائع التجريبية، ولا سيما تلك التي يتيحها العلم التجريبي. وينطوي الذهب على إنكار وجود معرفة تتجاوز التجربة الحسية، ولاسيما فيما يتعلق بما وراء الماد وأسباب وجودها. التأسيس وأبرز الشخصيات: تأسس المذهب الوضعي في فرنسا على يد الفيلسوف كونت ومعظم من جاء بعده طبَّق منهجه في العلم والمعرفة. ومن أبرز شخصيات المذهب: أوغست كونت 1798 – 1857م وهو الفيلسوف الفرنسي المؤسس للمذهب، عمل أميناً للسر(سكرتيراً) للفيلسوف الاشتراكي(*) سان سيمون وبدأ بإلقاء محاضرات عن فلسفته الوضعية سنة 1826م، ثم أصيب بمرض عقلي وحاول الانتحار.. وقد نشر كتابه بعد ذلك تحت عنوان: محاضرات في الفلسفة(*) الوضعية بسط فيه نظريته في المعرفة والعلوم. نادى بضرورة قيام دين(*) جديد هو الدين الوضعي يقوم على أساس عبادة الإنسانية كفكرة تحل محل الله – سبحانه وتعالى – في الأديان السماوية. سان سيمون.. وهو فيلسوف فرنسي اشتراكي النزعة.. في كتابه مقال في علوم الإنسان سنة 1813م أطلق كلمة وضعي على العلوم القائمة على الوقائع القائمة على الوقائع الخاضعة للملاحظة والتحليل، والعلوم التي لم تؤسس على هذا النحو يسميها العلوم الظنية. ريتشاد كونجريف.. وهو مفكر إنكليزي ناصر الوضعية واعتنق أفكارها. زكي نجيب محمود وهو مفكر عربي مصري، تبع الفلسفة الوضعية الملحدة، وتبنى أفكارها.. وألف كتاب المنطق الوضعي. أ.إير فيلسوف إنجليزي. ب. برتراند راسل فيلسوف إنجليزي. الأفكار والمعتقدات: صاغ الفيلسوف الفرنسي كونت مبادئ وأفكار المذهب(*) الوضعي، ثم بلور من جاء بعده من الوضعيين هذه الأفكار وسار على منهجها العلمي. * وهذه خلاصة لتلك الأفكار مع نقد المفكرين والفلاسفة لها: * استحوذت على تفكير كونت فكرة التقدم الإنساني. - وضع كونت قانون التقدم الإنساني، وهو قانون الحالات الثلاث الذي يتقدم العقل(*) البشري بمقتضاه من المرحلة اللاهوتية إلي المرحلة الميتافيزيقية ثم إلى المرحلة الوضعية الأخيرة. وقد قسم كونت المرحلة اللاهوتية إلى ثلاث مراحل : المرحلة الوثنية(*) – والمرحلة التعددية(*) – والمرحلة التوحيدية(*) وهي المرحلة الأخيرة التي بدأت بظهور النصرانية والإسلام. والمرحلة الوضعية بدأت بالثورة(*) الفرنسية، وهي المرحلة التي تفسر الظواهر عن طريق الاستقرار القائم على الملاحظة. * ويطبق كونت هذا القانون في التطور على جميع العلوم الإنسانية والاجتماعية مثل الحضارة والسياسة والفن والأخلاق(*). • نقد القانون: - وقد نقد طائفة من المفكرين قانون الحالات الثلاثة بما يلي: 1- يعتبر كونت أن الإنسانية كلٌّ لا يتجزأ وأنها خاضعة لقانون واحد بينما نجد أن هناك مجتمعات لا تسير في تطورها وتقدمها على نمط واحد في فهم وإدراك الظواهر. 2- يختلف الطريق الذي سلكه العقل الإنساني عن ذلك الذي حدده كونت ففي كثير من الأمور كان الفهم الوضعي للأمور يسير مع الفهم الديني أو الميتافيزيقي(*)؛ ففي مجال فهم الحقائق الرياضية والفلكية مثلاً أمور كانت تسير مع الفهم الديني قديماً. ولا تزال بعض المجتمعات تفسر الحقائق العلمية القائمة تفسيراً دينيًّا. على الرغم من أننا نجتاز حالياً المرحلة الوضعية في نظر كونت. 3- لا يستمد قانون المراحل الثلاث حقائقه من التاريخ، وإنما هو فكرة فلسفية اختار لها كونت مجتمعات معينة حاول تطبيقها عليها دون استقراء لتاريخ المجتمعات الإنسانية. 4- يفسر هذا القانون بأنه التقدم، بينما نجد الحضارة عبارة عن مستوى عام للحياة المادية(*) والروحية للمجتمع دون النظر إلى تقدمها أو تأخرها. الجذور الفكرية والعقائدية: * لقد اعتبر فرنسيس بيكون 1561-1626م نفسه داعية للعلوم الجديدة، وهي العلوم التي كانت في طريقها إلى الانفصال عن الفلسفة (*) في القرنيين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين. وربما عدّ بيكون بادئ الوضعية وواضع الاسم الذي سميت به في القرن التاسع عشر، ففي كتابه في المبادئ والأصول 1623م أطلق بيكون صفة وضعي على الحقائق الأولية التي يجب تقلبها إيماناً بصدق الخبرة. وقد كان بيكون موضع تقدير كبير من الفلاسفة التجريبيين في القرن التاسع عشر في كل من إنكلترا وفرنسا. وأصبحت كلمة وضعي تطلق على مناهج العلوم الطبيعية، نظراً لاعتماد هذه المناهج على الملاحظة واستخدمها للتجربة، ولقد سبق بيان كيف أن سان سيمون الذي عمل كونت في خدمته، قد أطلق كلمة وضعي في كتابه مقال في علوم الإنسان على العلوم القائمة على الوقائع الخاضعة للملاحظة والتجريب.. وقد اقتبس كونت هذه الأفكار وأقام عليها نظريته وقانونه الوضعي. الانتشار ومواقع النفوذ: * زحف المذهب الوضعي من فرنسا إلي إنكلترا، واعتنق بعض الفلاسفة مبادئ المذهب الوضعي. إلا أن بعض كبار المفكرين والفلاسفة رفضوا متابعة كونت في مفهوم دين(*) الإنسانية الذي وضعه، وبالرغم من ذلك فقد أُنشئت جمعيات وضعية في أجزاء مختلفة من العالم على غرار النموذج الذي أسسه كونت نفسه عام 1848م. وفي هذه الجمعيات كانت الإنسانية هي موضوع الشعائر الدينية، واتخذ من علم الاجتماع سنداً لمثل هذه الديانة الاجتماعية، وقويت هذه الحركة بصورة خاصة في أمريكا اللاتينية، ولكنها ازدهرت لعدة سنوات في إنكلترا… * وقد صدرت المجلة الوضعية التي أطلق عليها فيما بعد اسم الإنسانية من عام 1893م إلي عام 1925م. وقامت محاولات لإحياء الوضيعة في إنكلترا بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، من خلال أعمال الفلاسفة الإنجليز إير وراسل. يتضح مما سبق: * أن المذهب(*) الوضعي مذهب فلسفي ملحد، يركز المعرفة اليقينية في الظواهر التجريبية، وينكر وجود معرفة مطلقة، ويقول إن التقدم بدأ في العلوم الطبيعية وبدأ ينتقل للعلوم الاجتماعية وأن العقل البشري يتقدم من المرحلة اللاهوتية الدينية إلي المرحلة الميتافيزيقية (*) لكي يصل في النهاية إلي المرحلة الوضعية التي هي قمة التخلي عن كل العقائد الدينية.وبذا تتضح مخاطر هذا المذهب على كل مسلم. ---------------------------- مراجع للتوسع: - قصة الفلسفة الحديثة، أحمد أمين، وآخر- مطبعة التأليف والنشر- القاهرة 1978م. - معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، د. أحمد زكي بدوي – مكتبة لبنان – بيروت. - تاريخ الفلسفة الحديثة، د. يوسف كرم- دار المعارف- القاهرة. - Course de Philosophies Positive Par A. Comte, Paris. 1830. - A Discourse on the Positive Spirit by A. Comte, Tr. S. Beesley. revers. London 1903. - Dialogues Concerning Natural religion by D. Hume. Ed. N. Kemp Smith O.V.P. Oxford 1935. - History of Philosophy by F.C. Copleston Burns. London 1947. - History of Modern Philosophy by H. Hoffding, London 1956. المثالـية التعريف : المثالية مذهب(*) فلسفي يشمل جانباً كبيراً من المذاهب الميتافيزيقية(*) (ما بعد الطبيعة أو الغيبية) وهي اتجاه فلسفي يبحث عن مسألة الوجود (أوْ الانطولوجيا) في حين أن العقلانية اتجاه مذهبي يبحث في أصل المعرفة ويرد هذا الأصل إلى العقل فقط وينكر دور الحواس أو المعرفة القلبية أو المعرفة عن طريق الوحي(*)، وعكس العقلانية التجريبية وهذه الأخيرة تعتمد على التجربة الحسية فقط من دون العقل المجرد. وعكس المثالية "المادية"(*). والمثالية تعطي الأولوية في الوجود للروح على أن يكون وجود المادة ثانوياً في حين أن المادية (*) تعطي الأولوية في الوجود للمادة، على أن تكون الروح انعكاساً للمادة وظلاً لها. وتقترب المثالية كثيراً من الفلسفة لأنها تبلور مباحث الفلسفة الثلاثة الرئيسية: الحق والخير والجمال. التأسيس وأبرز الشخصيات: ظهرت المثالية في القرن الثامن عشر الميلادي، ومن أبرز الفلاسفة الذين أثروا في المذهب، وكان لهم تأثير كبير في مجرى الفكر الأوروبي عامة: جورج باركلي 1685 – 1753م وهو راهب(*) أيرلندي، كان على جانب كبير من النشاط والجاذبية الفطرية والقدرة على الإقناع ويعد المؤسس الحقيقي للمثالية، وكانت أفكاره ذات تأثير كبير فيمن جاء بعده من المفكرين والفلاسفة. عمانوئيل كانت 1724 – 1804م وهو فيلسوف ألماني، ألف كتباً مشهورة أهمها نقد العقل(*) الخالص ونقد العقل العملي، وكان يعتقد أن هناك حجة أخلاقية كافية للبرهان على وجود الله هي القانون الأخلاقي. جوهان فيشته 1762 – 1814م وهو فيلسوف ألماني، درس اللاهوت والفلسفة وتتلمذ على يد كانت وكان لخطبه الشهيرة في برلين بين عامي 1807 – 1808م عميق الأثر في إحياء بروسيا بعد هزائمها على يد نابليون بونابرت القائد الفرنسي الشهير. جورج فلهلم هيجل 1770 – 1831م وهو فيلسوف ألماني كان من أكبر الفلاسفة تأثيراً في فلسفات(*) عدة مثل الوجودية والماركسية والذرائعية في مجال الديالكتيك (الجدل)(*) وكان يعتقد أن الوجود المادي مظهر للروح. آرثر شوبنهور 1788 – 1860م وهو فيلسوف ألماني، تأثر كثيراً بفلسفة أفلاطون المثالية وكانت من كتبه العالم إرادة وفكرة وقد تأثر بالبوذية، لكنه لم يقبل مذهب(*) تناسخ الأرواح(*). ت.هـ. جرين 1836 – 1924م وهو فيلسوف إنجليزي، أثر تأثيراً كبيراً في أكسفورد، واهتم بشكل خاص بالربط بين المثالية والنصرانية وبين المثالية والأفكار السياسية الحرة. ف.هـ. برادلي 1846 – 1924م وهو فيلسوف إنجليزي، قال بأنه ينبغي علينا افتراض وجود مطلق يجاوز نطاق الفكر. الأفكار والمعتقدات : إن جوهر الحقيقة روحي، والروح لا تستطيع أن تدرك نفسها إلا في علاقتها بعنصر مادي موضوعي، وهذا هو علة وجود المادة أو كما قال هيجل: "الماد مظهر تتبدَّى به الروح". إن الأرواح هي الفاعل وهي التي تملك إرادة. إن الأشياء المادية المحسوسة ليست سوى مجموعات من الأفكار على حد تعبير باركلي أو من المعطيات الحسية على حد تعبير من جاءوا بعده. وإننا لا نستطيع أن نتصور الصفات التي ننسبها إلى الأشياء المادية مجردة من تجربتنا الحسية لها. إن الأشياء الطبيعية التي لا يدركها الإنسان موجودة في علم الله، (باركلي). إن معرفتنا مقتصر على الظواهر، ولا نستطيع معرفة الأشياء في ذاتها، كانت. ترى المثالية أن الشر شيء عارض وعابر في الحياة؛ والأدب المثالي يحاول الكشف دائماً عن الطبيعة الخيرة والجميلة للإنسان. الجذور الفكرية والعقائدية: مؤسس المثالية جورج باركلي الفيلسوف الأيرلندي كان راهباً(*) عاش طوال حياته متشبعاً بالفكر الديني مولعاً بالفلسفة والفكر اللاهوتي، ومدافعاً عن الإيمان الديني والإدراك الفطري السليم. فضلاً عن محاولته وهو في منتصف عمره، إقامة جامعة لتخريج مبشرين بالنصرانية. هذه الجذور الدينية العميقة كان لها أكبر الأثر في توجهه الفلسفي نحو القول بالمثالية. وأنه لا حقيقة إلا للروح ولخالقها، الله – تعالى- وأن الوجود المادي وجود ظاهري يحس به الإنسان ويدركه بعقله فقط. ويظهر الأثر المباشر لآراء باركلي في الفيلسوف كانت الألماني. الانتشار ومواقع النفوذ : انتشرت المثالية في أوروبا عامة وألمانيا بصفة خاصة. يتضح مما سبق : أن المثالية مذهب(*) فلسفي، يرى أن العقل(*) هو أساس المعرفة وأنه هو الحقيقة النهائية، فالمادة مظهر تتبدّى فيه الروح، والأرواح هي الفاعل وهي التي تملك إرادة، كما يقول المذهب النقدي عند الفيلسوف كانت. مراجع للتوسع : - الموسوعة الفلسفية المختصرة، ترجمة فؤاد كامل ورفاقه، دار القلم بيروت. - تاريخ الفلسفة الحديثة، يوسف كرم – دار المعارف – القاهرة. - Dialogues between Hylar and Philonour by G. Berkeley, Collier, New York 1910. - Philosophy of right. G. Hegel, tr. T.M. Knox O.U.P. Oxford. 1942. - Hegel: A re – examination by J.N. Findlay, London 1958. - History of Philosophy by F.C. Copleston Burns. London 1947. - History of Modern Philosophy by H. Hoffoling, London 1956. الوجوديـة التعريف : الوجودية اتجاه فلسفي يغلو في قيمة الإنسان ويبالغ في التأكيد على تفرده وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار ولا يحتاج إلى موجه. وهي فلسفة عن الذات أكثر منها فلسفة(*) عن الموضوع. وتعتبر جملة من الاتجاهات والأفكار المتباينة التي تتعلق بالحياة والموت والمعاناة والألم، وليست نظرية فلسفية واضحة المعالم. ونظراً لهذا الاضطراب والتذبذب لم تستطع إلى الآن أن تأخذ مكانها بين العقائد والأفكار. التأسيس وأبرز الشخصيات: يرى رجال الفكر الغربي أن سورين كيركجورد 1813 – 1855م هو مؤسس المدرسة الوجودية. ومن مؤلفاته: رهبة واضطراب. أشهر زعمائها المعاصرين: جان بول سارتر الفيلسوف الفرنسي المولود سنة 1905م وهو ملحد ويناصر الصهيونية له عدة كتب وروايات تمثل مذهبه(*) منها: الوجودية مذهب إنساني، الوجود والعدم، الغثيان، الذباب، الباب المغلق. ومن رجالها كذلك: القس كبرييل مارسيل وهو يعتقد أنه لا تناقض بين الوجودية والنصرانية. كارل جاسبرز : فيلسوف ألماني. بسكال بليز : مفكر وفيلسوف فرنسي. وفي روسيا: بيرد يائيف، شيسوف، سولوفييف. الأفكار والمعتقدات: يكفرون بالله ورسله وكتبه وبكل الغيبيات وكل ما جاءت به الأديان(*) ويعتبرونها عوائق أمام الإنسان نحو المستقبل. وقد اتخذوا الإلحاد مبدأ ووصلوا إلى ما يتبع ذلك من نتائج مدمرة. يعاني الوجوديون من إحساس أليم بالضيق والقلق واليأس والشعور بالسقوط والإحباط لأن الوجودية لا تمنح شيئاً ثابتاً يساعد على التماسك والإيمان وتعتبر الإنسان قد أُلقي به في هذا العالم وسط مخاطر تؤدي به إلى الفناء. يؤمنون إيماناً مطلقاً بالوجود الإنساني وتخذونه منطلقاً لكل فكرة. يعتقدون بأن الإنسان أقدم شيء في الوجود وما قبله كان عدماً وأن وجود الإنسان سابق لماهيته. يعتقدون أن الأديان والنظريات الفلسفية التي سادت خلال القرون الوسطى والحديثة لم تحل مشكلة الإنسان. يقولون: إنهم يعملون لإعادة الاعتبار الكلي للإنسان ومراعاة تفكيره الشخصي وحريته وغرائزه ومشاعره. يقولون بحرية الإنسان المطلقة وأن له أن يثبت وجوده كما يشاء وبأي وجه يريد دون أن يقيده شيء. يقولون: إن على الإنسان أن يطرح الماضي وينكر كل القيود دينية كانت أم اجتماعية أم فلسفية أم منطقية. يقول المؤمنون منهم إن الدين(*) محله الضمير أمَّا الحياة بما فيها فمقودة لإرادة الشخص المطلقة. لا يؤمنون بوجود قيم ثابتة توجه سلوك الناس وتضبطه إنما كل إنسان يفعل ما يريد وليس لأحد أن يفرض قيماً أو أخلاقاً معينة على الآخرين. أدى فكرهم إلى شيوع الفوضى الخلقية والإباحية الجنسية والتحلل والفساد. رغم كل ما أعطوه للإنسان فإن فكرهم يتسم بالانطوائية الاجتماعية والانهزامية في مواجهة المشكلات المتنوعة. الوجودي الحق عندهم هو الذي لا يقبل توجيهاً من الخارج إنما يسيِّر نفسه بنفسه ويلبي نداء شهواته وغرائزه دون قيود ولا حدود. لها الآن مدرستان: واحدة مؤمنة والأخرى ملحدة وهي التي بيدها القيادة وهي المقصودة بمفهوم الوجودية المتداول على الألسنة فالوجودية إذاً قائمة على الإلحاد. الوجودية في مفهومها تمرد على الواقع التاريخي وحرب على التراث الضخم الذي خلفته الإنسانية. تمثل الوجودية اليوم واجهة من واجهات الصهيونية الكثيرة التي تعمل من خلالها وذلك بما تبثُّه من هدم للقيم والعقائد والأديان. الجذور الفكرية والعقائدية: إن الوجودية جاءت كردِّ فعل على تسلط الكنيسة(*) وتحكمها في الإنسان بشكل متعسف باسم الدين(*). تأثرت بالعلمانية وغيرها من الحركات التي صاحبت النهضة الأوروبية ورفضت الدين والكنيسة. تأثرت بسقراط الذي وضع قاعدة "اعرف نفسك بنفسك". تأثروا بالرواقيين(*) الذين فرضوا سيادة النفس. كما تأثروا بمختلف الحركات الداعية إلى الإلحاد والإباحية. الانتشار ومواقع النفوذ: ظهرت في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى ثم انتشرت في فرنسا وإيطاليا وغيرهما. وقد اتخذت من بشاعة الحروب وخطورتها على الإنسان مبرراً للانتشار السريع. وترى حرية الإنسان في عمل أي شيء متحللاً من كل الضوابط. وهذا المذهب يعد اتجاهاً إلحاديًّا يمسخ الوجود الإنساني ويلغي رصيد الإنسانية. انتشرت أفكارهم المنحرفة المتحللة بين المراهقين والمراهقات في فرنسا وألمانيا والسويد والنمسا وإنجلترا وأمريكا وغيرها حيث أدت إلى الفوضى الخلقية والإباحية الجنسية واللامبالاة بالأعراف الاجتماعية والأديان. ويتضح مما سبق: أن الوجودية اتجاه إلحادي(*) يمسخ الوجود الإنساني ويلغي رصيد الإنسانية من الأديان وقيمها الأخلاقية. وتختلف نظرة الإسلام تماماً عن نظرية الوجودية حيث يقرر الإسلام أن هناك وجوداً زمنياً بمعنى عالم الشهادة ووجوداً أبديًّا بمعنى عالم الغيب. والموت في نظر الإسلام هو النهاية الطبيعية للوجود الزمني ثم يكون البعث والحساب والجزاء والعقاب. أما الفلسفة الوجودية فلا تسلم بوجود الروح ولا القوى الغيبية وتقوم على أساس القول بالعدمية والتعطيل فالعالم في نظرهم وجد بغير داع ويمضي لغير غاية والحياة كلها سخف يورث الضجر والقلق ولذا يتخلص بعضهم منها بالانتحار. ---------------------------- مراجع للتوسع : - الوجودية وواجهتها الصهيونية، د. محسن عبد الحميد. - مباحث في الثقافة الإسلامية، د. نعمان السامرائي. - سقوط الحضارة ، كولن ولسن. - دراسات في الفلسفة المعاصرة، د. زكريا إبراهيم. - الوجودية المؤمنة والملحدة، د. محمد غلاب. - عقائد المفكرين في القرن العشرين، عباس محمود العقاد. - المذاهب المعاصرة وموقف الإسلام منها، د. عبد الرحمن عميرة. الفرويديـة التعريف : الفرويدية مدرسة في التحليل النفسي أسسها اليهودي سيجموند فرويد Sigmund Freud وهي تفسر السلوك الإنساني تفسيراً جنسيًّا، وتجعل الجنس هو الدافع وراء كل شيء. كما أنها تعتبر القيم والعقائد حواجز وعوائق تقف أمام الإشباع الجنسي مما يورث الإنسان عقداً وأمراضاً نفسية. التأسيس وأبرز الشخصيات: المؤسس وحياته: ولد سيجموند فرويد في 6 مايو 1856م في مدينة فريبورج بمقاطعة مورافيا بتشيكوسلوفاكيا الحالية من والديْن يهوديين. استقرت أسرة أبيه في كولونيا بألمانيا زمناً طويلاً. ولدت أمه بمدينة برودي في الجزء الشمالي من غاليسيا ولما شبت تزوجت من جاكوب فرويد والد سيجموند فرويد حيث أنجبت له سبعة أبناء. وغاليسيا مدينة ببولندا جاء منها والد فرويد وكانت معقلاً رئيسيًّا ليهود شرق أوروبا، وبسبب ظروف الشغب رحلت الأسرة إلى برسلاو بألمانيا وعمر سيجموند حينها ثلاث سنوات، ثم رحلوا مرة أخرى إلى فيينا حيث أمضى معظم حياته وبقي فيها إلى سنة 1938م حيث غادرها إلى لندن ليقضي أيامه الأخيرة فيها مصاباً بسرطان في خده وقد أدركته الوفاة في 23 سبتمبر 1939م. تلقى تربيته الأولى وهو صغير على يدي مربية كاثوليكية دميمة عجوز متشددة كانت تصحبه معها أحياناً إلى الكنيسة(*) مما شكل عنده عقدة ضدّ المسيحية(*) فيما بعد. نشأ يهوديًّا، وأصدقاؤه من غير اليهود نادرين إذ كان لا يأنس لغير اليهود ولا يطمئن إليهم. دخل الجامعة عام 1873م وعقَّب على ذلك بأنه يرفض رفضاً قاطعاً أن يشعر بالدونية والخجل من يهوديته. لكن هذا الشعور الموهوم بالاضطهاد ظل يلاحقه على الرغم من احتلاله أرقى المناصب. في سنة 1885م غادر فيينا إلى باريس وتتلمذ على شاركوت Charcot مدة عام حيث كان أستاذه هذا يقوم بالتنويم المغناطيسي لمعالجة الهستيريا وقد أعجب فرويد به عندما أكَّد له بأنه في حالة من حالات الأمراض العصبية لا بد من وجود اضطراب في الحياة الجنسية للمريض. أخذ يتعاون مع جوزيف بروير 1842 – 1925م وهو طبيب نمساوي صديق لفرويد، وهو فيزيولوجي في الأصل لكنه انتقل إلى العمل الطبي إذ كان ممن يستعملون التنويم المغناطيسي أيضاً. بدأ الاثنان باستعمال طريقة التحدث مع المرضى فنجحا بعض النجاح ونشرا أبحاثهما في عامي 1893 و1895م وصارت طريقتهما مزيجاً من التنويم والتحدث، ولم يمض وقت طويل حتى انصرف بروير عن الطريق كلها. تابع فرويد عمله تاركاً طريقة التنويم معتمداً على طريقة التحدث طالباً من المريض أن يضطجع ويتحدث مفصحاً عن كل خواطره، وسماها طريقة (الترابط الحر) سالكاً طريق رفع الرقابة عن الأفكار والذكريات، وقد نجحت طريقته هذه أكثر من الطريقة الأولى. أخذ يطلب من مريضه أن يسرد عليه حلمه الذي شاهده في الليلة الماضية، مستفيداً منه في التحليل، وقد وضع كتاب تفسير الأحلام الذي نشره سنة 1900م، ثم كتاب علم النفس المرضي للحياة اليومية ثم توالت كتبه وصار للتحليل النفسي مدرسة سيكولوجية صريحة منذ ذلك الحين. انضم عام 1895م إلى جمعية بناي برث أي أبناء العهد، وكان حينها في التاسعة والثلاثين من عمره، وهذه الجمعية لا تقبل بين أعضائها غير اليهود. كان يعرف تيودور هرتزل الذي ولد عام 1860م، كما سعيا معاً لتحقيق أفكار واحدة لخدمة الصهيونية التي ينتميان إليها، مثل فكرة معاداة السامية التي ينشرها هرتزل سياسيًّا، ويحللها فرويد نفسيًّا. من أصحابه وتلاميذه: لارنست جونز، مؤرخ السيرة الفرويدية، مسيحي(*) مولداً، ملحد فكراً، يهودي شعوراً ووجداناً، حتى إنهم خلعوا عليه لقب: اليهودي الفخري. أوتو رانك 1884 – 1939م قام بوضع نظرية تقوم أساساً على أفكار فرويد الأصلية مع شيء من التعديل الهام. الفرِد آدلر: ولد في فيينا 1870 – 1937م، وقد انضم إلى جماعة فرويد مبكراً لكنه افترق عنه بعد ذلك مؤسساً مدرسة سماها مدرسة علم النفس الفردي مستبدلاً بالدوافع الجنسية عند فرويد عدداً من الدوافع الاجتماعية مع التأكيد على الإرادة القوية والمجهودات الشعورية. كارل جوستاف يونج 1875 – 1961م ولد في زيوريخ، وهو مسيحي(*)، نصَّبه فرويد رئيساً للجمعية العالمية للتحليل النفسي، لكنه خرج على أستاذه معتقداً بأن هذه المدرسة التحليلية ذات جانب واحد وغير ناضجة، وكان لخروجه أثر بالغ على فرويد. وضع نظرية السيكولوجيا التحليلية مشيراً إلى وجود قوة دافعة أكبر هي طاقة الحياة مؤكداً على دور الخبرات اللاشعورية المتصلة بالعِرق أو العنصر. الفرويديون المحدثون: حدث انسلاخ كبير عن الفرويدية الأصلية، وذلك عندما تكونت الفرويدية الحديثة التي كان مركزها مدرسة واشنطن للطب العقلي، وكذلك معهد إليام ألانسون هوايت في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي مدرسة تتميز بالتأكيد على العوامل الاجتماعية معتقدة أن ملامح الإنسان الأساسية إيجابية، وهم يلحّون على نقل التحليل النفسي إلى علم الاجتماع للبحث عن أصول الحوافز البشرية في تلبية مطالب الوضع الاجتماعي، ومن أبرز شخصياتهم: أريك فروم: ظهر بين 1941 – 1947م. كان ينظر إلى الإنسان على أنه مخلوق اجتماعي بالدرجة الأولى بينما ينظر إليه فرويد على أنه مخلوق مكتفٍ بذاته، تحركه عوامل غريزية. كارن هروني: استعملت طريقة فرويد خمسة عشر عاماً في أوروبا وأمريكا إلا أنها أعادت النظر فيها إذ وضعت نظرية جديدة تحرر فيها التطبيق العلاجي من كثير من القيود التي تفرضها النظرية الفرويدية. وعلى الرغم من ذلك فإن الفرويديين المحدثين ما يزالون متمسكين بأشياء كثيرة من نظرية فرويد الأصلية مثل: 1- أهمية القوى الانفعالية بوصفها مضادة للدفع العقلي والارتكاسات الاشتراطية وتكوين العادات. 2- التداعي اللاشعوري. 3- الكبت والمقاومة وأهمية ذك في التحليل أثناء العلاج. 4- الاهتمام بالنزاعات الداخلية وأثرها على التكوين النفسي. 5- التأثير المستمر للخبرات الطفولية المبكرة. 6- طريقة التداعي الحر، وتحليل الأحلام، واستعمال حقيقة النقل. الأفكار والمعتقدات: الأسس النظرية: الأسس الثلاثة التي تركز عليها المدرسة التحليلية هي: الجنس – الطفولة – الكبت. فهي مفاتيح السيكولوجية الفرويدية. نظرية الكبت: هي دعامة نظرية التحليل النفسي وهي أهم قسم فيه إذ إنه لا بد من الرجوع إلى الطفولة المبكرة وإلى الهجمات الخيالية التي يراد بها إخفاء فاعليات العشق الذاتي أيام الطفولة الأولى إذ تظهر كل الحياة الجنسية للطفل من وراء هذه الخيالات. يعتبر فرويد مص الأصابع لدى الطفل نوعاً من السرور الجنسي الفمي ومثل ذلك عض الأشياء، فيما يعد التغوط والتبول نوعاً من السرور الجنسي الأستي كما أن الحركات المنتظمة للرجلين واليدين عند الطفل إنما هي تعبيرات جنسية طفولية. اللبيدو Libido طاقة جنسية أو جوع جنسي، وهي نظرية تعتمد على أساس التكوين البيولوجي للإنسان الذي تعتبره حيواناً بشرياً فهو يرى أن كل ما نصرح بحبه أو حب القيام به في أحاديثنا الدارجة يقع ضمن دائرة الدافع الجنسي. فالجنس عنده هو النشاط الذي يستهدف اللذة وهو يلازم الفرد منذ مولده إذ يصبح الأداة الرئيسية التي تربط الطفل بالعالم الخارجي في استجابته لمنبهاته. الدفع: يقول بأن كل سلوك مدفوع، فإلى جانب الأفعال الإرادية التي توجهها الدوافع والتمنيات هناك الأفعال غير الإرادية أو العارضة. فكل هفوة مثلاً ترضي تمنياً وكل نسيان دافعه رغبة في إبعاد ذلك الشيء. الشلل أو العمى لديه قد يكون سببه الهروب من حالة صعبة يعجز الإنسان عن تحقيقها، وهذا يسمى انقلاب الرغبة إلى عرض جسدي. الحلم عنده هو انحراف عن الرغبة الأصلية المستكنة في أعماق النفس وهي رغبة مكبوتة يقاومها صاحبها في مستوى الشعور ويعيدها إلى اللاشعور، وأثناء النوم عندما تضعف الرقابة تأخذ طريقها باحثة لها عن مخرج. يتكلم فرويد عن تطبيق مبدأين هما اللذة والواقع، فالإنسان يتجه بطبيعته نحو مبدأ اللذة العاجلة لمباشرة الرغبة لكنه يواجه بحقائق الطبيعة المحيطة به فيتجنب هذه اللذة التي تجلب له آلاماً أكبر منها أو يؤجل تحقيقها. يفترض فرويد وجود غريزتين ينطوي فيهما كل ما يصدر عن الإنسان من سلوك وهما غريزة الحياة وغريزة الموت. غريزة الحياة تتضمن مفهوم اللبيدو وجزءً من غريزة حفظ الذات، أما غريزة الموت فتمثل نظرية العدوان والهدم موجهة أساساً إلى الذات ثم تنتقل إلى الآخرين. الحرب لديه إنما هي محاولة جماعية للإبقاء على الذات نفسياً، والذي لا يحارب إنما يعرض نفسه لاتجاه العدوان إلى الداخل فيفني نفسه بالصراعات الداخلية، فالأولى به أن يفني غيره إذن، والانتحار هو مثل واضح لفشل الفرد في حفظ حياته. وهذا المفهوم إنما يعطي تبريراً يريح ضمائر اليهود أصحاب السلوك العدواني المدمر. اللاشعور: هو مستودع الدوافع البدائية الجنسية وهو مقر الرغبات والحاجات الانفعالية المكبوتة التي تظهر في عثرات اللسان والأخطاء الصغيرة والهفوات وأثناء بعض المظاهر الغامضة لسلوك الإنسان. إنه مستودع ذو قوة ميكانيكية دافعة وليس مجرد مكان تلقى إليه الأفكار والذكريات غير الهامة. الـ (هو): مجموعة من الدوافع الغريزية الموجودة لدى الطفل عند ولادته التي تحتاج إلى الشعور الموجه، وهي غرائز يشترك فيها الجنس البشري بكافة. إنها باطن النفس، وقد نتجت عن (الأنا) إلا أنها تبقى ممزوجة بها في الأعماق أي حينما تكون (الأنا) لا شعورية، وهي تشمل القوى الغريزية الدافعة، فإذا ما كبتت هذه الرغبات فإنها تعود إلى الـ (هو) (Ego). (الأنا): بعد قليل من ميلاد الطفل يزداد شعوراً بالواقع الخارجي فينفصل جزء من مجموعة الدوافع الـ (هي) لتصبح ذاتاً ووظيفتها الرئيسية هي اختيار الواقع حتى يستطيع الطفل بذلك تحويل استجاباته إلى سلوك منظم يرتبط بحقائق الواقع ومقتضياته، إنها ظاهرة النفس التي ترتبط بالمحيط. (الأنا العليا): هي الضمير الذي يوجه سلوك الفرد والجانب الأكبر منه لا شعوري وهو ما نسميه بالضمير أو الوجدان الأخلاقي، لها زواجر وأوامر تفرضها على (الأنا)، وهي سمة خاصة بالإنسان، إذ إنها أمور حتمية صادرة من العالم الداخلي. النقل: وهي أن المريض قد ينقل حبَّه أو بغضه المكبوت في أعماق الذكريات إلى الطبيب مثلاً خلال عملية المعالجة. وقد تعرض بروير لحب واحدة من اللواتي كان يعالجهن إذ نقلت عواطفها المكبوتة إليه، فكان ذلك سبباً في انصرافه عن هذه الطريقة بينما تابع فرويد عمله بمعالجة الواحدة منهن بنقل عواطفها مرة أخرى والوصول بها إلى الواقع. استفاد كثيراً من عقدة أوديب تلك الأسطورة التي تقول بأن شخصاً قد قتل أباه وتزوج أمه وأنجب منها وهو لا دري. ولما علم بحقيقة ما فعل سمل عينيه، فقد استغلها فرويد في إسقاطات نفسية كثيرة واعتبرها مركزاً لتحليلاته المختلفة. شخصية الإنسان هي حصيلة صراع بين قوى ثلاث: دوافع غريزية، واقع خارجي، ضمير، وهي أمور رئيسية تتحدد بشكل ثابت بانتهاء الموقف الأوديبي حوالي السنة الخامسة أو السادسة من العمر. الآثار السلبية للفرويدية: لم ترد في كتب وتحليلات فرويد أية دعوة صريحة إلى الانحلال – كما يتبادر إلى الذهن – وإنما كانت هناك إيماءات تحليلية كثيرة تتخلل المفاهيم الفرويدية تدعو إلى ذلك. وقد استفاد الإعلام الصهيوني من هذه المفاهيم لتقديمها على نحو يغري الناس بالتحلل من القيم وييسر لهم سبله بعيداً عن تعذيب الضمير. كان يتظاهر بالإلحاد ليعطي لتفكيره روحاً علمانية، ولكنه على الرغم من ذلك كان غارقاً في يهوديته من قمة رأسه إلى أخمص قدميه. كان يناقش فكرة معاداة السامية وهي ظاهرة كراهية اليهود، هذه النغمة التي يعزف اليهود عليها لاستدرار العطف عليهم، وقد ردّ هذه الظاهرة نفسياً إلى اللاشعور وذلك لعدة أسباب: 1- غيرة الشعوب الأخرى من اليهود لأنهم أكبر أبناء الله وآثرهم عنده حاشا لله. 2- تمسّك اليهود بطقس الختان الذي ينبه لدى الشعوب الأخرى خوف الخصاء ويقصد بذلك النصارى لأنهم لا يختتنون. 3- كراهية الشعوب لليهود هو في الأصل كراهية للنصارى المسيحيين(*)، وذلك عن طريق النقل إذ أن الشعوب التي تُنزِل الاضطهاد النازي باليهود إنما كانت شعوباً وثنية(*) في الأصل، ثم تحولت إلى النصرانية بالقوة الدموية، فصارت هذه الشعوب بعد ذلك حاقدة على النصرانية لكنها بعد أن توحدت معها نقلت الحقد إلى الأصل الذي تعتمد عليه النصرانية ألا وهو اليهودية. يركن إلى إشباع الرغبة الجنسية، وذلك لأن الإنسان صاحب الطاقة الجنسية القوية والذي لا تسمح له النصرانية إلا بزوجة واحدة؛ إما أن يرفض قيود المدنية ويتحرر منها بإشباع رغباته الجنسية وإما أن يكون ذا طبيعة ضعيفة لا يستطيع الخروج على هذه القيود فيسقط صاحبها فريسة للمرض النفسي ونهباً للعقد النفسية. يقول بأن الامتناع عن الاتصال الجنسي قبل الزواج قد يؤدي إلى تعطيل الغرائز عند الزواج. عقد فصلاً عن تحريم العذرة وقال بأنها تحمل مشكلات وأمراضاً لكلا الطرفين، واستدل على ذلك بأن بعض الأقوام البدائية كانت تقوم بإسناد أمر فض البكارة لشخص آخر غير الزوج، وذلك ضمن احتفال وطقس رسمي. لقد برَّر عشق المحارم لأن اليهود أكثر الشعوب ممارسة له بسبب انغلاق مجتمعهم الذي يحرم الزواج على أفراده خارج دائرة اليهود، وهو يرجع هذا التحريم إلى قيود شديدة كانت تغل الروح وتعطلها، وهو بذلك يساعد اليهود أولاً على التحرر من مشاعر الخطيئة كما يسهل للآخرين اقتحام هذا الباب الخطير بإسقاط كل التحريمات واعتبارها قيوداً وأغلالاً وهمية. وقد استغل اليهود هذه النظرية وقاموا بإنتاج عدد من الأفلام الجنسية الفاضحة التي تعرض نماذج من الزنى بالمحارم. لم يعتبر التصعيد أو الإعلاء – كما يسميه – إلا طريقاً ضعيفاً للتخلص من ضغط الدافع الجنسي إذ أن هذا الطريق لن يتيسر خلال مرحلة الشباب إلا لقلَّة ضئيلة من الناس وفي فترات متقطعة وبأكبر قدر من العنت والمشقَّة ، أما الباقون – وهم الغالبية العظمى – فليس أمامهم إلا المرض النفسي يقعون صرعاه. كما أن أصحاب التصعيد هؤلاء إنما هم ضعاف يضيعون في زحمة الجماهير التي تنزع إلى السير بإرادة مسلوبة وراء زعامة الأقوياء. في كفاحه ضد القيود، والأوامر العليا الموجهة إلى النفس، صار إلى محاربة الدين(*) واعتباره لوناً من العصاب النفسي الوسواسي. تطورت فكرة الألوهية لديه على النحو التالي: 1- كان الأب هو السيد الذي يملك كل الإناث في القبيلة ويحرمها على ذكورها. 2- قام الأبناء بقتل الأب، ثم التهموا جزءً نيئاً من لحمه للتوحد معه لأنهم يحبونه. 3- صار هذا الأب موضع تبجيل وتقدير باعتباره أباهم أصلاً. 4- ومن ثم اختاروا حيواناً مرهوباً لينقلوا إليه هذا التبجيل فكان الحيوان هو الطوطم(*). 5- الطوطمية أول صورة للدين في التاريخ البشري. 6- كانت الخطوة الأولى بعد ذلك هي التطوُّر نحو الإله(*) الفرد، فتطورت معها فكرة الموت الذي صار بهذا الاعتبار خطوة إلى حياة أخرى يلقى الإنسان فيها جزاء ما قدم. 7- الله – إذن – هو بديل الأب أو بعبارة أصح هو أب عظيم، أو هو صورة الأب كما عرفها المرء في طفولته. نخلص من هذا إلى أن العقائد الدينية – في نظره – أوهام لا دليل عليها، فبعضها بعيد عن الاحتمال ولا يتفق مع حقائق الحياة، وهي تقارن بالهذيان، ومعظمها لا يمكن التحقق من صحته، ولابدّ من مجيء اليوم الذي يصغي فيه الإنسان لصوت العقل(*). حديثه عن الكبت فيه إيحاءات قوية وصارخة بأن الوقاية منه تكمن في الانطلاق والتحرر من كل القيود، كما يحرم الإدانة الخلقية على أي عمل يأتيه المريض مركِّزاً على الآثار النفسية المترتبة على هذه الإدانة في توريثه العقد المختلفة مما يحرفه عن السلوك السوي. مما ساعد على انتشار أفكاره ما يلي: 1- الفكر الدارويني الذي أرجع الإنسان إلى أصول حيوانية مادية. 2- الاتجاه العقلاني الذي ساد أوروبا حينذاك. 3- الفكر العلماني الذي صبغ الحياة بثورته ضد الكنيسة (*) أولاً وضد المفاهيم الدينية ثانياً. 4- اليهود الذين قدَّموا فكرة للإنسانية باستخدام مختلف الوسائل الإعلامية بغية نشر الرذيلة والفساد وتسهيل ذلك على ضمير البشرية ليسهل عليهم قيادة هذه الرعاع من الشعوب اللاهثة وراء الجنس، المتحللة من كل القيود والقيم. من أكبر الآثار المدمرة لآراء فرويد، أن الإنسان حين كان يقع في الإثم كان يشعر بالذنب وتأنيب الضمير، فجاء فرويد ليريحه من ذلك، ويوهمه بأنه يقوم بعمل طبيعي لا غبار عليه، وبالتالي فهو ليس بحاجة إلى توبة، وبذلك أضفى على الفساد صفة أخلاقية إذا صح التعبير. ألَّف نحو ثلاثين كتاباً في الدراسات النفسية من أشهرها: الذات والذات السفلى والطواطم(*) والمحرمات وتفسير الأحلام، وثلاث مقالات في النظرية الحسية والأمراض النفسية المنتشرة في الحياة اليومية. وكلها تدور – من زوايا مختلفة- حول موضوع واحد مكرر فيها جميعاً هو التفسير الجنسي للسلوك البشري. الجذور الفكرية والعقائدية: لقد دخل التنويم المغناطيسي إلى حقل العلم والطب على يد مسمر Mesmer 1780م إلا أنه قد مزج بكثير من الدجل مما نزع بالأطباء إلى أن ينصرفوا عنه انصرافاً دام حتى أيام مدرستي باريس ونانسي. لقد كان الدكتور شاركوت Charcot 1825 – 1893م أبرز شخصيات مدرسة باريس، إذ كان يعالج المصابين بالهستيريا عن طريق التنويم المغناطيسي(*). من تلاميذ شاركوت بيير جانه Pierr Janet الذي اهتم بالأفعال العصبية غير الشعورية والتي سماها الآليات العقلية. ساهمت مدرسة نانسي بفرنسا في التنويم المغناطيسي المعتدل وقالت إنه أمر يمكن أن يحدث لكل الأسوياء، ذلك لأنه ليس إلا حالة انفعال وتلقٍّ منشؤها الإيحاء، وقد استعملته هذه المدرسة في معالجة الحالات العصبية. أما فرويد فقد أخذ الأسس النظرية ممن سبقه، وأدخل أفكاره في تحليل التنويم المغناطيسي باستخدام طريقة التداعي الحرّ. لكن لهذا الوجه العلميِّ الظاهر وجه آخر هو التراث اليهودي الذي استوحاه فرويد واستخلص منه معظم نظرياته التي قدمها للبشرية خدمة لأهداف صهيون. الانتشار ومواقع النفوذ: بدأت هذه الحركة في فيينا، وانتقلت إلى سويسرا، ومن ثم عمت أوروبا، وصارت لها مدارس في أمريكا. وقد حملت الأيام هذه النظرية إلى العالم كله عن طريق الطلاب الذين يذهبون إلى هناك ويعودون لنشرها في بلادهم. تلاقي هذه الحركة اعتراضات قوية من عدد من علماء النفس الغربيين اليوم. ويتضح مما سبق: أن الفرويدية تدعو إلى التحرر من كل القيود لأنها تسبب العقد النفسية والاضطرابات العصبية، وبذلك تريد للمجتمع أن يكون بلا دين(*) ولا أخلاق (*) ولا تقاليد فتتسع هوة الرذيلة والفساد وتسهل لليهود السيطرة على الشعوب المتحللة خدمة لأهداف الصهيونية. وبطبيعة الحال فإنها تنادي بأن الدين الذي يضع الضوابط لطاقة الجنس لا يستحق الإتباع ولا يستوجب الاحترام. ---------------------------- مراجع للتوسع : - علم الأمراض النفسية والعقلية، تأليف ريتشارد م. سوين – ترجمة أحمد عبد العزيز سلامة – دار النهضة العربية – القاهرة – 1979م. - مدارس علم النفس، تأليف د. فاخر عاقل – دار العلم للملايين – بيروت – ط4 – 1979م. - التراث اليهودي الصهيوني في الفكر الفرويدي، تأليف د. صبري جرجس – عالم الكتاب – طبعة 1970م. - كتاب تاريخ حركة التحليل النفسي، تأليف سيجموند فرويد – طبعة 1917م. - Brown, J.A.C. Freud and The post-0Freudians, Penguin Books London 1962. - Munroe, r.L. Schools of Psycho-analytic Thought, Mutchinson Medical Publications- London 1957. - Funda****ls of Behavior Pathology by richard M. Suninn- New York 1970. - Bakan. D. “Sigmund Freud and the Jewish Mystical Tradition”. Van Nostrand, New York 1958. - Encyclopedia Britannica, 1965 edition, Vol 1,2,3,4,9,17,21,24. الذرائعية (البرجماتية) التعريف : الذرائعية مذهب(*) فلسفي اجتماعي يقول بأن الحقيقة توجد في جملة التجربة الإنسانية: لا في الفكر النظري البعيد عن الواقع. وأن المعرفة آلة أو وظيفة في خدمة مطالب الحياة، وأن صدق قضية ما : هو في كونها مفيدة للناس، وأن الفكر في طبيعته غائي. وقد أصبحت الذرائعية طابعاً مميزاً للسياسة الأمريكية وفلسفة الأعمال الأمريكية كذلك، لأنها تجعل الفائدة العملية معياراً للتقدم بغض النظر عن المحتوى الفكري أو الأخلاقي أو العقائدي. التأسيس وأبرز الشخصيات: نشأت الذرائعية (البرجماتية) كمذهب عملي في الولايات المتحدة الأمريكية مع بداية القرن العشرين: وقد وجدت في النظام الرأسمالي الحر الذي يقوم على المنافسة الفردية، خير تربة للنمو الازدهار. ومن أبرز رموز المذهب وأغلبهم من الأمريكيين: تشارلس بيرس 1839 – 1914م ويعد مبتكر كلمة البرجماتية في الفلسفة المعاصرة. عمل محاضراً في جامعة هارفارد الأمريكية، وكان متأثراً بدارون ووصل إلى مثل آرائه.. وكان أثره عميقاً في الفلاسفة الأمريكيين الذين سنذكرهم فيما يلي: وليم جيمس 1842 – 1910م وهو عالم نفسي وفيلسوف أمريكي من أصل سويدي بنى مذهب الذرائعية البرجماتية على أصول أفكار بيرس ويؤكد أن العمل والمنفعة هما مقياس صحة الفكرة ودليل صدقها. كان كتابه الأول: مبادئ علم النفس 1890م الذي أكسبه شهرة واسعة ثم توالت كتبه: موجز علم النفس 1892م وإرادة الاعتقاد 1897م وأنواع التجربة الدينية 1902م والبراجماتية 1907م وكون متكثر 1909م يعارض فيه وحدة الوجود. ويؤكد جيمس في كتبه الدينية أن الاعتقاد الديني صحيح لأنه ينظم حياة الناس ويبعث فيهم الطاقة. جون ديوي 1856 – 1952م فيلسوف أمريكي، تأثر بالفلسفة الذرائعية، وكان له تأثير واسع في المجتمع الأمريكي وغيره من المجتمعات الغربية، إذ كان يعتقد أن الفلسفة(*) مهمة إنسانية قلباً وقالباً وعلينا أن نحكم عليها في ضوء تأثرها الاجتماعي أو الثقافي. كتب في فلسفة ما بعد الطبيعة (الميتافيزيقا) (*) وفلسفة العلوم والمنطق(*) وعلم النفس وعلم الجمال والدين(*). وأهم مؤلفاته: دراسات في النظرية المنطقية 1903م، وكيف تفكر 1910 والعقل الخالق 1917م والطبيعة الإنسانية والسلوك 1922م وطلب اليقين 1929م. شيلر 1864 – 1937م وهو فيلسوف بريطاني، كان صديقاً لوليم جيمس، وتعاطف معه في فلسفة الذرائعية: وقد آثر أن يطلق على آرائه وموقفه: المذهب الإنساني أو المذهب الإرادي(*). الأفكار والمعتقدات: من أهم أفكار ومعتقدات المذهب الذرائعي (البرجماتية) ما يلي: إن أفكار الإنسان وآراءه ذرائع يستعين بها على حفظ بقائه أولاً ثم السير نحو السمو والكمال ثانياً. إذا تضاربت آراء الإنسان وأفكاره وتعارضت كان أحقها وأصدقها أنفعها وأجداها، والنفع هو الذي تنهض التجربة العملية دليلاً على فائدته. إن العقل خُلق أداة للحياة ووسيلة لحفظها وكمالها، فليست مهمته تفسير عالم الغيب المجهول، بل يجب أن يتوجه للحياة العملية الواقعية. الاعتقاد الديني لا يخضع للبيئات العقلية: والتناول التجريبي الوحيد له هو آثاره في حياة الإنسان والمجتمع إذ يؤدي إلى الكمال، بما فيه من تنظيم وحيوية. النشاط الإنساني له وجهتان: فهو عقل، وهو أداة، ونموه كعقل ينتج العلم، وحين يتحقق كإرادة يتجه نحو الدين(*)، فالصلة بين العلم والدين ترد إلى الصلة بين العقل والإرادة. تقويم الذرائعية: تعرضت الذرائعية لانتقادات معينة، وعرضت على أنها تبرير لأخلاقيات رجال الأعمال الأمريكيين. أما عن فكرة الاعتقاد فمن رأي جيمس "أنها مفيدة لأنها صادقة" و"أنها صادقة لأنها مفيدة". وقد أنكر معظم الدارسين هذه المعادلة إذ أن موقف جيمس يسمح بصدق الفكرة لأنها "مفيدة ونافعة" لشخص ما، ويكذبها لعدم وجودها عند الآخرين. وهكذا فإن جيمس طرح الحقيقة على أنها لعبة ذاتية للأفكار التي تستهوي الإنسان فائدتها: فيعتقد في صدقها. إن الذرائعية اندثرت كحركة فكرية فردية، ولكنها كمجموعة أفكار ما زالت تعمل في الفكر البشري.. ومن أهم آثار هذه الأفكار تفسير الفكر والمعنى على أنهما من أشكال السلوك النائي عند الإنسان. الجذور الفكرية والعقائدية: إن البرجماتية أو الذرائعية ثورة ضد الفكر النظري البعيد عن الواقع وعن الإنسان خاصة والذي لا يخدم الإنسان في حياته العملية. أما كلمة (برجماتية) فكانت قليلة الاستعمال في اللغة الإنكليزية ولم تكن تستعمل مطلقاً في سياق الحديث الفلسفي، حتى أدخلها الفيلسوف الأمريكي بيرس عام 1878م كقاعدة منطقية: معرفاً البرجماتية بأنها النظرية القائلة: "بأن الفكرة إنما تنحصر فيما نتصوره لها من أثر على مسلك الحياة". وقد استعار وليم جيمس ورفاقه الذرائعيون هذا المصطلح وأعطوه معاني جديدة وفق ما أوضحناه في أفكار ومعتقدات المذهب. مؤكدين على أن كل شيء حتى الفكر، لا بد أن يفهم في ضوء الغرض الإنساني. الانتشار ومواقع النفوذ: تأسس المذهب(*) في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتقل إلى أوروبا وبريطانيا بشكل خاص. يتضح مما سبق : أن الذرائعية أو البراجماتية مذهب فلسفي نفعي يرى أن الحقيقة توجد من خلال الواقع العملي والتجربة الإنسانية، وأن صدق قضية ما يكمن في مدى كونها مفيدة للناس، كما أن أفكار الناس هي مجرد ذرائع يستعين بها الإنسان لحفظ بقائه ثم البحث عن الكمال. وعندما تتضارب الأفكار فإن أصدقها هو الأنفع والأجدى، والعقل لم يخلق لتفسير الغيب المجهول، ولذا فإن الاعتقاد الديني لا يخضع للبينات العقلية. ولما كان نشاط الإنسان يتمثل في العقل والإرادة، وكان العقل(*) ينتج العلم، وحينما يتحقق العلم كإرادة يتجه نحو الدين(*)، لذا فإن الصلة بين العلم والدين ترجع إلى الصلة بين العقل والإرادة. ومخاطر هذا المذهب الفلسفي على العقيدة واضحة جلية فهو مذهب يحبذ إلغاء دور العقل في الإفادة من معطيات النقل أو الوحي(*). وقد رأينا في واقعنا المعاصر كيف أفلست الذرائعية كما أفلست سواها من الفلسفات المادية(*) وعجزت عن إسعاد الإنسان بعدما أدت إلى تأجيج سعار المادية، وأهدرت القيم والأخلاق السامية التي دعت إليها جميع الأديان السماوية. مراجع للتوسع : - الموسوعة الفلسفية المختصرة، ترجمة فؤاد كامل ورفاقه – دار القلم – بيروت. - معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، د. أحمد زكي بدوي – مكتبة لبنان – بيروت –1982م. - تاريخ الفلسفة الحديث، يوسف كرم – دار المعارف – القاهرة. - قصة الفلسفة الحديثة، أحمد أمين وزكي نجيب محمود – مطبعة لجنة التأليف والنشر – القاهرة. مراجع أجنبية : - Philosophy of John Dewey: by P.A Schelop, Chicago 1951. - The Will to Belive: By W. James Dever New York. - John Dewey an Intellectual Portriat: by S. Hook Day, New York. 1939. - History of Philosophy: by F.C. Coplestion, Burns London 1947. - History of Modern Philosophy by H. Hoffding London 1956. الروحية الحديثة التعريف : الروحية الحديثة دعوة هدامة وحركة مغرضة مبنية على الشعوذة. تدَّعي استحضار أرواح الموتى(*) بأساليب علمية وتهدف إلى التشكيك في الأديان(*) والعقائد وتبشر بدين جديد وتلبس لكل حالة لباسها. ظهرت في بداية هذا القرن في أمريكا ومن ورائها اليهود ثم انتشرت في العالمين العربي والإسلامي. التأسيس وأبرز الشخصيات: لم يعرف لها مؤسس في أوروبا وأمريكا ولكن الدعوة إليها قد نشطت في بداية هذا القرن الميلادي من قبل عدة شخصيات منها: - جان آثر فندلي وكتابه المشهور: على حافة العالم الأثيري. - أدين فردريك باورز وكتابه المشهور: ظواهر حجرة تحضير الأرواح. - آثر كونان دويل في كتابه: حافة المجهول. - اليهودي المعروف: دافيد جيد. - السيدة وود سمث. كما ظهرت لها في تلك البلاد عدة مؤسسات مثل: (المعهد الدولي للبحث الروحي) بأمريكا و(جمعية مارلبورن الروحية) بإنجلترا. أما في العالم الإسلامي فقد تحمس لها عدة أشخاص وحملوا رايتها منهم: الأستاذ أحمد فهمي أبو الخير أمين عام (الجمعية المصرية للبحوث الروحية) وقد أصدر مجلة عالم الروح وهي الناطقة باسم هذه الدعوة الهدامة، وقد بدأ نشاطه منذ سنة 1937م وقام بترجمة كتابي فندلي وباورز سابقي الذكر. الأستاذ وهيب دوس المحامي ت 1958م وهو رئيس الجمعية المذكورة. د. علي عبد الجليل راضي رئيس (جمعية الأهرام الروحية) له كتاب بعنوان مشاهداتي في جمعية لندن الروحية. حسن عبد الوهاب وكان سكرتيراً للجمعية لفترة ثم اكتشف زيف الروحية الحديث وأزاح الله عن عينيه غشاوة الضلال واكتشف ما في هذه الدعوة الماكرة من سموم وثبت له يقيناً الشخصيات التي تحضر في جلسات التحضير وتزعم أنها أرواح من سبقونا من الأهل والأحباب إن هي إلا شياطين وقرناء من الجن يلبسون على الناس ما يلبسون. الشاعر اللبناني حليم دموس الذي كان يقدس روحًّا نصرانياً اسمه د. داهش ويرفعه إلى مقام النبوة(*) وله مقالات في مجلة عالم الروح بعنوان : الرسالة الدهشية. ود. داهش له أتباع في لبنان وربما خارجه كما أن له كتابات يمجد فيها الرسول r ويؤمن برسالته الخاتمة. وقد أنكر بعض أتباع د. داهش أن يكون قد ادعى النبوة بمعناها الديني الإسلامي. الأفكار والمعتقدات: يقولون بأنهم يحضرون الأرواح(*) ويستدعون الموتى لاستفتائهم في مشكلات الغيب ومعضلاته والاستعانة بهم في علاج مرضى الأبدان والنفوس والإرشاد عن المجرمين والكشف عن الغيب والتنبؤ بالمستقبل. يزعمون أن هذه الأرواح تساعدهم في كشف الجرائم والدلالة على الآثار القديمة كما يدعون أنهم يعالجون مرضى النفوس من هذه الأرواح كذلك. يدعون أنهم يستطيعون التقاط صور لهذه الأرواح بالأشعة تحت الحمراء. يحاولون إضفاء الجانب العلمي على عملهم وهو في الواقع لا يخرج عن كونه شعوذة وخداعاً وتأثيراً مغناطيسياً على الحاضرين، واتصالاً بالجن. يقومون بهذا التحضير في حجرات خاصة شبه مظلمة وفي ضوء أحمر خافت وكل ما يدّعونه من التجسد للأرواح ومخاطبتها لا يراه الحاضرون وإنما ينقله إليهم الوسيط وهو أهم شخص في العملية. "الوسيط" عندهم يرى غير المنظور ويسمع غير المسموع ويتلقى الكتابة التلقائية وله قدرة على التواصل عن بعد (التلباثي)(*). لا يثبتون للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام إلا هذه الوساطة فقط. يتحكمون في حضور جلسة التحضير(*) من حيث الكم والنوع وإذا وجد نساء يكون الجلوس: رجل، امرأة، … كما يعزفون الموسيقا أحياناً وكل هذا لصرف أذهان الحضور عن حقيقة ما يجري، ويزعمون أن لكل جلسة روحاً حارساً يحرسها. يعتقدون أن معجزات الأنبياء هي ظواهر روحية كالتي تجري في غرفة تحضير الأرواح(*) ويقولون أن بإمكانهم إعادة معجزات الأنبياء. يرفضون الوحي(*) ويقولون إنه ليس في الأديان(*) ما يصح الركون إليه ويسخرون من المتدينين. يقولون بأن إلههم أظهر من إله(*) الرسل وأقل صفات بشرية وأكثر صفات إلهية. يلوحون بشعارات براقة كالإنسانية والإخاء والحرية(*) والمساواة للتمويه على السذج والبسطاء. كل عملهم منصب على زعزعة العقائد الدينية والمعايير الخلقية. يدَّعون أن الأرواح التي تخاطبهم تعيش في هناء وسعادة رغم أنها كافرة ليهدموا بذلك عقيدة البعث والجزاء ويقولون إن باب التوبة مفتوح بعد الموت كذلك، وأن الجنة والنار حالة عقلية يجسمها الفكر ويصنعها الخيال. عندهم نصوص كثيرة تمجد الشيوعيين والوثنيين(*) والفراعنة والهنود الحمر ويقولون إنهم أقوى الأرواح. يبررون الجرائم بأن أصحابها مجبورون عليها وبالتالي لا يعاقبون. يسعون لضمان سيطرة اليهودية على العالم لتقوم دولتهم على أنقاض الخراب الشامل. أعلنت مجلة سينتفك أمريكان عن جائزة مالية ضخمة لمن يقيم الحجة على صدق الظواهر الروحية ولكنها لا تزال تنتظر من يفوز بها وكذلك الحال بالنسبة للجائزة التي وضعها الساحر الأمريكي دنجر لنفس الغرض… وهذا من أكبر الأدلة على بطلانها. الجذور الفكرية والعقائدية: ثبت أن للروحية اتصالات شخصية وفكرية بالماسونية وشهود يهوه. كما أن نوادي الروتاري تشجع هذه الظاهرة وتمد لها يد المساعدة وتتولى ترويجها، كما أنها تأثرت باليهودية في كثير من معتقداتها. الانتشار ومواقع النفوذ: لها نفوذ غريب وخاصة في أمريكا وأوروبا إذ لا تكاد تخلو مدينة من فرع لهذه الدعوة وهناك كثير من الصحف والمجلات التي تتكلم باسمها. وفي أمريكا يوجد المركز العالمي للبحوث الروحية، وكذلك في العالم العربي والإسلامي فإن سرعة انتشارها تدعو إلى العجب وخاصة في مصر حيث توجد لها عدة جمعيات وهناك عدة مجلات وصحف أخرى تروج لها مثل: مجلة صباح الخير، أخر ساعة، المصور، المقتطف، وصحيفة الأهرام فضلاً عن مجلة عالم الروح الخاصة بها. ويتضح مما سبق : أنه رغم التفسيرات المتنوعة التي يتناقلها علماء معاصرون عن الروح فإن أمرها من عالم الغيب كما ذكر القرآن الكريم (قل الروح من أمر ربي) وقد قام الدكتور عبد الله اليسون (آرثر اليسون رئيس قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية بجامعة سيتي البريطانية) بإجراء تجارب معملية استخدم فيها جهاز "كيربلين" الذي يصور الهالة حول الجسم فأثبت أن النوم هو الموت والروح تخرج من الجسم في الحالتين غير أنها تعود في حالة النوم ولا تعود في حالة الموت وفي ذلك يقول تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) [سورة الزمر، آية: 42]. والذي يدعيه بعض علماء الغرب من تحضير أرواح(*) الموتى كذب وضلال قائم على السحر والشعوذة والاتصال بالجن والشياطين ولم يثبت بأي حال. ---------------------------- مراجع للتوسع : - مشاهداتي في جمعية لندن الروحية، د. علي عبد الجليل راضي. - ظواهر حجرة تحضير الأرواح، ترجمة أحمد فهمي أبو الخير. - على حافة العالم الأثيري، ترجمة أحمد فهمي أبو الخير. - حافة المجهول، آرثر كونان دويل. - الروحية الحديثة دعوة هدامة، د. محمد محمد حسين. - المذاهب الفلسفية المعاصرة، سماح رافع محمد.[/align]
__________________
|
#25
|
|||
|
|||
[align=center]من المدارس الأدبية
1-الإسلامية في الأدب 2-الكلاسيكية 3-الرومانسية 4-الرمزية 5-الحداثة 6-الواقعية 7-العدمية 8-البرناسية "مذهب الفن للفن" 9-الانطباعية "التأثرية " 10-الوجودية 11-التعبيرية 12-العبثية 13-البنيوية 14-السريالية 15-الميتافيزيقية الإسلامية في الأدب التعريف : ● الإسلامية (في الأدب) هي انطلاق الأديب في العملية الإبداعية من رؤية أخلاقية تبرز مصداقيته في الالتزام بتوظيف الأدب لخدمة العقيدة والشريعة والقيم وتعاليم الإسلام ومقاصده، وتبين إيجابيته عند معالجة قضايا العصر والحياة، التي ينفعل بها الأديب انفعالاً مستمراً، فلا يصدر عنه إلا نتاج أدبي متفق مع أخلاق الإسلام وتصوراته ونظرته الشاملة للكون والحياة والإنسان، في إطار من الوضوح الذي يبلور حقيقة علاقة الإنسان بالأديان(*)، وعلاقته بسائر المخلوقات فرادى وجماعات، وبشكل لا يتصادم مع حقائق الإسلام، ولا يخالفها في أي جزئية من جزئياتها ودقائقها. • معيار الإسلامية: - ينطوي التعريف المتقدم، على مجموعة معايير متكاملة، يؤدي توافرها إلى صيرورة العمل الأدبي متسماً بالإسلامية، وبعض هذه المعايير موضوعي يتعلق بجوهر العمل وبعضها عضوي أو شكلي يتعلق بإطار التعبير عن العمل، بحيث يتفاعل كل منهما مع الغاية من العمل الأدبي الممثل للإسلامية، وأهم هذه المعايير: الالتزام والمصداقية والوضوح والإيجابية والقدرة والاستمرارية. 1- الالتزام : ويعني وجوب تقيد الأديب بإشاعة الرؤية العقدية في تيار العمل الأدبي المتدفق خدمة للعقيدة والشريعة(*) والقيم الإسلامية والأخلاق (*) وكليات الإسلام ومقاصده، وأهدافه العامة وبشرط ألا يخالف الإحساس الفطري بحقائق الإسلام. 2- المصداقية: وتعني قدرة الأديب على إعطاء المتلقي إحساساً صادقاً في كافة أعماله الأدبية بأنها قد صدرت عن تصور إسلامي، ودعوة إلى مكارم الأخلاق، وإشاعة الخير والمعروف، ونأي عن كل ما هو منكر وغير مألوف في الوجدان الإسلامي، فإذا كانت بعض أعمال الأديب فقط هي التي تتسم بالمصداقية الإسلامية، فإن ذلك لا يكفي لرفعه إلى مصاف أنصار الإسلامية. 3- الوضوح : الإسلامية جوهر ومظهر، أو مضمون وشكل، لذا يجب أن يكون مضمون العمل وشكله معاً من الوضوح، في الدلالة على الإسلامية، بحيث يتسنى لأي متلقٍ، أن يصنف الأديب، بسهولة، ضمن أنصار الإسلامية، بمجرد إطلاعه على مجمل أعماله. 4- الإيجابية: وتعني أنه لا يكفي في الأديب المنتمي إلى الإسلامية، أن يلتزم بالتصور العقدي الإسلامي، ولا يخالفه، بل يجب عليه فضلاً عن ذلك، أن يكون إيجابياً في توجهه، فيقف مع الإسلام، ويدافع عنه، ويتصدى لمناهضيه، فكراً وقولاً وعملاً وسلوكاً، فالإسلامية تستلزم اتخاذ الأديب موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على دفاع صاحبه عن عقيدته في كل الظروف والأحوال. 5- القدرة : وتعني قدرة الأديب على إفراغ العمل الأدبي في الإطار الشكلي الذي يخدم الموضوع، ويناسب المضمون، ويشد القارىء ويقنع المتلقي بوجه عام. 6- الاستمرارية: وتعني وجوب قيام الأديب المنتمي للإسلامية بتعميق انتمائه باستمرار، فإن أصبح غير قادر على العطاء الإسلامي، فيجب ألا يصدر عنه ما يعارض صراحة أو ضمناً أعماله السابقة التي تتسم بالإسلامية، وقد يكون للاستمرارية معنى أخص، بالنسبة لمن كانوا غير ملتزمين من قبل ثم انتموا للإسلامية، إذ تعني الاستمرارية عدم عودتهم إلى مثل ما كانوا عليه قبل التزامهم، وقد نلمح هذا عند كعب بن زهير وحسان بن ثابت وغيرهما من الشعراء المخضرمين(*). التأسيس وأبرز الشخصيات: • كعب بن زهير رضي الله عنه : من الممكن توسيع دائرة الإسلامية في الأدب لتبدأ بكعب بن زهير، ذلك أن الإسلامية إطار عام، لا يمكن نسبته إلى شخص بعينه أو زمن بعينه في العالم الإسلامي، وعندما جاهد بعض علماء الإسلام في سبيل تكوين مدرسة للأدب الإسلامي فإنهم في الحقيقة، كانوا يريدون التعبير عن مضمون أعمق من مجرد الإطار الشخصي هو النزعة الإسلامية في الأدب أو في كلمة واحدة "الإسلامية Islamism" وهي نزعة يمكن أن نلمحها من لحظة إلقاء رسول(*) الله r بردته على كعب بن زهير عندما أنشده قصيدته اللامية في مدحه r، فسر بالتزامه ومصداقيته، وصحح له الشطرة التي تقول: "مهند من سيوف الهند مسلول" إلى "مهند من سيوف الله مسلول" فهذا شعر ذو هدف نبيل وغاية شريفة في مجال الدعوة بلا غلوٍ (*) ولا تجاوز، وهي نزعة حبذها الزمخشري في الكشاف بعبارات جلية. • حسان بن ثابت رضي الله عنه: حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان من الشعراء المخضرمين(*) الذين حضروا الجاهلية(*) والإسلام، وقد أسلم مع السابقين من الخزرجيين، ومنذ شرح الله صدره للإسلام وهو شاعر العقيدة الذي يسجل أحداث المسلمين، ويمجد غزوات الرسول، ويرد على شعراء المشركين بجزالة، قال النثر(*) والنظر في بيان عظمة الإسلام والدعوة إلى التأدب بآدابه والعمل بأحكامه ، وقد سفه قريشاً في أشعاره، ونوّه بالقرآن الكريم كمصدر أول للتشريع الإسلامي وأساساً لشريعة الحق ونبي الهدى، وبين بجلاء دور الأدب في بيان حقائق الإسلام، وقال أفضل أشعاره يوم قريظة وفي غزوة الأحزاب وفي رثائه لنبينا محمد r بين أن قيمة الإسلام تكمن في التوحيد. • عبد الله بن رواحة رضي الله عنه: كان أحد شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين نافحوا عن الرسالة، ورغم أنه استشهد في السنة الثامنة من الهجرة(*)، وأن ما وصل إلينا من شعره كان قليلاً، إلا أن ما كتبه كان يجسد أهم قيم الإسلام كالشجاعة النابعة من أعماقه، والحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحرص على التمسك بالدين والدفاع عنه، وطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولذا فقد كان عبد الله بن رواحة - بحق – رائد شعر الجهاد(*) الإسلامي، تشهد على ذلك أشعاره. يقول الدكتور محمد بن سعد الشويعر: "من اللفتات النبوية الكريمة استمد عبد الله بن رواحة التوجه إلى الطريق الأمثل، الذي يجب أن يسلكه الشعر الإسلامي، والإطار الذي يحسن أن يبرز فيه: صدق في التعبير، وسلامة في المقصد، وعدم الفحش في ذكر المثالب، أو النيل من الأعراض، واعتدال في القول". • عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ربما كان العقاد من أكثر الكتاب التزاماً بالإسلامية في الأدب، في مواجهة تيار التغريب الذي قاده طه حسين، ولذا فإن كلام العقاد له وزنه في هذا الصدد ومما قاله في عبقرية عمر: كان عمر بن الخطاب أديباً مؤرخاً فقيهاً (ص 344) عظيم الشغف بالشعر والأمثال والطرف الأدبية، وكان يروي الشعر ويتمثل به، ولم يزل عمر الخليفة هو عمر الأديب طوال حياته، لم ينكر من الشعر إلا ما ينكره المسؤول عن دين(*)، أو القاضي المتحرز الأمين، ولذا فقد نهى عن التشبيب بالمحصنات، ونهى عن الهجاء، وأعجبته الأشعار التي تنطوي على معان سامية، دعى إليها الإسلام، وكان يرى أن للشعر غاية تعليمية تربوية فقد كتب إلى أبي موسى الأشعري قائلاً: مر من قبلك بتعلم الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي ومعرفة الأنساب.. وقال لابنه يا بني.. احفظ محاسن الشعر يحسن أدبك.. فإن من لم يحفظ محاسن الشعر لم يؤد حقاً ولم يقترف أدباً. وفي معايير الإسلامية قال: "ارووا من الشعر أعفه ومن الحديث أحسنه.. فمحاسن الشعر تدل على مكارم الأخلاق وتنهي عن مساويها". ومما يؤكد تصور الإسلامية في الأدب عنده رضي الله عنه، أنه عزل النعمان بن عدي عندما تجاوز في شعره غايات الإسلام ومقاصده، بالرغم من أنه كان أحد ولاته، ولم يقبل اعتذاره وتعلله بأنه مجرد شاعر ولم يصنع شيئاً مما رواه في إحدى قصائده المبنية على الغزل الفاحش، كما سجن الحطيئة عندما هجا الزبرقان بن بدر، فلم يكن لمثل عمر أن يفعل غير ذلك فالإسلامية التزام إجباري إن صح التعبير، وإذا كانت الإسلامية التزام فإنها تستلزم المسؤولية. • عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: يعتبر عمر بن عبد العزيز من أبرز مؤسسي الإسلامية على الإطلاق لأنه لم يكتف بالحديث عن وجوب الالتزام والتقيد التام بالإسلام عند مباشرة المعالجة الأدبية، بل قدم أسلوباً عمليًّا لذلك، في موقف كان يمكن أن يتقبل فيه الناتج الأدبي المنطوي على مدحه ولكنه قدم درساً تطبيقياً في الحيلولة دون تخطي الأدب غاية الإسلامية فقد منع الشعراء أن يمدحوه، فلما ألح عليه كثير بن عبد الرحمن في إنشاده، وضع معيار الحقيقة كأساس لقبول سماع الإبداع الشعري، فقد قال لكثير : نعم. ولا تقل إلا حقاً. ومما يؤكد عدم تساهل عمر بن عبد العزيز في التزام الأدب بالأخلاق(*) والأهداف السامية قصته المشهورة مع الشعراء عندما تولى الخلافة(*) وقيل له إنهم بالباب يريدون المثول بين يديه. وعندما توسط أحد جلسائه للشعراء وأخبره أن الرسول r ، قد سمع الشعر وأجاز الشعراء سأل من بالباب من الشعراء، وعندما أخبر بأسمائهم رفضهم واحداً تلو الآخر مع تبيان أسباب الرفض باستشهاد من أشعارهم ولم يدخل إلا جريراً حيث وجده أقل المجموعة فحشاً. • ابن قتيبة وآخرون: فضل ابن قتيبة الشعر الذي ينطوي على فائدة في المعنى، سواء تعلق هذا المعنى بالقيم الدينية أو الخلقية أو الحكم. ومثله كذلك مهلهل بن يموت بن المزرع وابن وكيع التنيئسي والثعالبي وعمرو بن عبيد، ومسكوية وابن شرف القيرواني وابن حزم الذي نهى عن الغزل وغالى في وضع القيود على الأدب لتحقيق الإسلامية حسبما تصورها، رغم أنه خرج على ذلك أحياناً كثيرة في طوق الحمامة. ولا شك أن الشعر مجرد فن من فنون الأدب ولكن ضوابطه الإسلامية ومعاييرها بشأنه تصلح لكل فروع الأدب. • علي أحمد باكثير: يوصف بأنه من طلائع الإسلامية في الأدب في مجال الشعر والقصة والمسرحية، وكان لنشأته وبنائه الفكري واتساع أفقه وتنوع مصادره الثقافية أكبر الأثر في تكوين شخصيته وقلمه، ولذا كتب المسرحية الحديثة عن فهم ووعي وعن دراسة وتعمق في معرفة أصول الصنعة المسرحية. ولقد كان الموجه الرئيسي لباكثير في فنه الأدبي هو عقيدته الإسلامية وقيمها وتصوراتها الصائبة للحياة. يقول د. نجيب الكيلاني عن مسرحيته حبل الغسيل إنها كانت صرخة شجاعة أدانت فساد المنهج(*) وعفن الإدارة وانحراف المؤسسات الشعبية حينما استبد الشيوعيون بمقاليد الأمور في مصر في النصف الأول من عقد الستينات، حيث صنعوا من الشعارات واجهة للبلاد بينما هم يستغلونه وينفذون مخططاً موحى به إليهم من سادتهم خارج البلاد وفي ذلك إدانة للفكر الماركسي وتجربته المشينة بمصر. • مصطفى صادق الرافعي : كانت الإسلامية في أدبه تياراً متدفقاً، فقرظ محمود سامي البارودي شعره الملتزم، وأثنى عليه مصطفى لطفي المنفلوطي، وحيَّاه الشيخ محمد عبده قائلاً: "أسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل" وقد كان. ففي كافة مؤلفاته وأشعاره ودراساته ونثره، جعل الإسلام غايته وخدمة عقيدة التوحيد مقصده وبغيته. وقد وقف أمام مؤامرات الإنجليز ضد الإسلام ومؤامرات الصهيونية في فلسطين ومؤامرات الذين أرادوا إحياء العامية والقضاء على اللغة العربية، وأبرز قضايا الإسلامية عند الرافعي هي قضية إعجاز القرآن الكريم، وقضية البلاغة النبوية وقضية المقالات(*) الإسلامية. • أحمد شوقي: كانت الإسلامية واضحة في بعض أشعار أحمد شوقي، ولم يكن يلتزم في هذه الأشعار بالمقاصد الإسلامية فقط، بل إنه خاض بعض معارك الدفاع عن المبادىء الإسلامية وقضاياه، فقد بيَّن أن الحرب في الإسلام لم تكن حرب عدوان وإنما كانت حرب جهاد(*) ودفاع، وبيَّن أن الإسراء كان بالروح والجسد معاً، وربط بين المفاهيم الدينية وبين قضايا النضال واليقظة والتحرر ودافع عن الفضائل الإسلامية والحرية(*) والنظام والشورى، ويمكن القول كذلك أن حافظ إبراهيم رغم ثقافته الأزهرية المتواضعة وأحمد محرم شاعر العروبة والإسلام كانا يستظلان كذلك بظل الإسلامية في أدائهما الملتزم. • محمد إقبال: وفكرة الإسلامية عند الشاعر محمد إقبال 1873م تستلزم توافر ثلاث مراحل: الأولى: الوقوف على المقاصد الشرعية التي بيَّنها الدين(*) الإسلامي فهي حقائق أبدية لا تتغير، والثانية الجهاد(*) الديني في سبيل تحقيقها كل في مجاله، وعلى الأديب أن يعتصم في سبيل ذلك بالصبر وهذا يستلزم الانقياد التام لأمر الله تعالى عن عقيدة ثابتة وإيمان راسخ، ومحاربة نوازع النفس. وثالثها: انطلاق الذوات الإسلامية كلها لتحقيق أهداف الأمة الإسلامية. • الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي: في 2 ربيع الأول 1405هـ (24/11/1984م) أعلن الشيخ الأديب والمفكر الداعية أبو الحسن علي الحسني الندوي في لقاء ضم الكثير من مفكري وأدباء العالم الإسلامي عن ولادة رابطة الأدب الإسلامي، التي أعطت الأدب الإسلامي كياناً متميزاً عن بقية المذاهب الأدبية الأخرى، على أنه يجب ملاحظة أن مفهوم الإسلامية سبق الإعلان عن الرابطة بسنين طويلة، فإنا نجد الدعوة للأدب الإسلامي في كتابات الداعية والأديب سيد قطب حينما كان يشرف على باب الأدب في الجريدة التي كان يرأس تحريرها في مصر عام 1952م. ونجدها أيضاً في كتابات أخيه محمد قطب عام 1961م وخاصة في كتابه منهج الفن الإسلامي، ونجدها أيضاً عند الدكتور نجيب الكيلاني سنة 1963م في كتابه: الإسلامية والمذاهب الأدبية، ونجدها أيضاً عند الدكتور عماد الدين خليل عام 1392هـ (1972م) في كتابه: النقد الإسلامي المعاصر وكتابه: محاولات جديدة في النقد الإسلامي الذي أصدره عام 1401هـ (1982م) وفي كتابه: فن الأدب الإسلامي المعاصر دراسة وتطبيق وفي كتاباته الأدبية التي سبقت نشر هذا الكتاب ومنذ عام 1961م في مجلة: حاضرة الإسلام الدمشقية. ولذا فإن الشيخ أبا الحسن علي الحسني الندوي رئيس جامعة ندوة العلماء في الهند ورئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية يعتبر أحدث دعاة الإسلامية والمؤسسين لها، وإنه وإن كانت الرابطة لم تتشح باسم الإسلامية متخذة اسم الأدب الإسلامي، إلا أن الأمر مجرد اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاحات. • الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا: - رحمه الله – نائب رئيس الرابطة للبلاد العربية، وكان أستاذاً للأدب والنقد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ويعتبر من أوائل من نظر للإسلامية ودافع عن الأدب الإسلامي. • الدكتور عبد القدوس أبو صالح: أستاذ الأدب والنقد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ونائب رئيس الرابطة ورئيس مكتب البلاد العربية. • الشيخ محمد الرابع الندوي: نائب رئيس الرابطة ورئيس مكتب الهند. • الأستاذ محمد حسن بريغش: أمين سر الرابطة للبلاد العربية وعضو مجلس الإفتاء في الرابطة. • الدكتور عدنان رضا النحوي : الشاعر والأديب السعودي وعضو مجلس أمناء رابطة الأدب الإسلامي العالمية. • الأستاذ محمد قطب: المفكر والداعية المعروف، والأستاذ في جامعة الملك عبد العزيز وعضو الشرف في الرابطة، فقد تابع جهود شقيقه سيد قطب – رحمه الله – في الإسلامية في الأدب. • الدكتور عبد الباسط بدر: الأستاذ في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأمين سر مجلس أمناء الرابطة. • الدكتور حسن الأمراني: (مغربي): عضو رابطة الأدب الإسلامي ورئيس تحرير مجلة المشكاة التي تعني بالأدب الإسلامي. • الدكتور محمد مصطفى هدارة: (مصري) عضو الرابطة والأستاذ في جامعة الإسكندرية.. وهو أول من أظهر حقيقة مذهب(*) الحداثة الفكري والأدبي وأهدافه الهدامة. • الدكتور عبد الرحمن العشماوي: وهو يعتبر أبرز الأصوات الشابة الملتزمة بالإسلام والمدافعة عن القضايا الإسلامية والتصور الإيماني. الأفكار والمعتقدات: ● جعل التصور الإسلامي الصحيح للإنسان والكون والحياة، أهم أركان العمل الأدبي أيًّا كان نوعه. الالتزام بالتصور الإسلامي، لا يعني التوجيه القسري على غرار ما يفرضه أصحاب التفسير المادي للتاريخ(*) وإنما هو أخذ النفس البشرية بالتصور الإسلامي للحياة في سائر فنون الأدب، وبذا تتميز الإسلامية عن فكرة الالتزام عند كل من الواقعية والاشتراكية(*) والوجودية، فالالتزام عند الأولى هو الالتزام بقضايا الجماهير حسب المفهوم الماركسي المنهار، والالتزام عند الثانية – في النثر فقط دون الشعر – بقضايا الحرية حسب المفهوم الوجودي فحسب. ● التعبير المؤثر، له أهمية في مجال الأدب ولا يستغني عنه بحجة سلامة المضمون، وبذلك يتميز الأدب عن الكلام العادي، فذلك مما يحقق غاية الإسلامية. وغاية الإسلامية هي وجود أدب هادف، فالأديب المسلم لا يجعل الأدب غاية لذاته كما يدعو أصحاب مذهب: (الفن للفن) وإنما يجعله وسيلة إلى غاية، وهذه الغاية تتمثل في ترسيخ الإيمان بالله عز وجل ، وتأصيل القيم الفاضلة في النفوس. ● حرية التفكير والتعبير من متطلبات الإبداع(*) والصدق الأدبي وهي وسيلة لإثراء الأدب كماً وكيفاً. ● وقد وضع الإسلام حدوداً للحرية(*) في كل مجالاتها، ومنها مجال الأدب إذ إنه لا يعترف بحرية القول التي منحت للأدباء وغيرهم إذ رأى فيها خطراً يهدد سلامة المجتمع وأمنه العقدي أو الأخلاقي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. ● الأدب طريق مهم من طرق بناء الإنسان الصالح والمجتمع الصالح وأداة من أدوات الدعوة إلى الله والدفاع عن الشخصية الإسلامية. ● الإسلامية حقيقة قائمة قديماً وحديثاً وهي تبدأ من القرآن الكريم والحديث النبوي، ومعركة شعراء الرسول(*) صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش، وتمتد إلى عصرنا الحاضر لتسهم في الدعوة إلى الله ومحاربة أعداء الإسلام والمنحرفين عنه. ● الإسلامية هي أدب الشعوب الإسلامية على اختلاف أجناسها ولغاتها، وخصائصها هي الخصائص الفنية المشتركة بين آداب الشعوب الإسلامية كلها. ● ترفض الإسلامية أي محاولة لقطع الصلة بين الأدب القديم والأدب الحديث بدعوى التطور أو الحداثة أو المعاصرة وترى أن الأدب الحديث مرتبط بجذوره القديمة. ● ترفض الإسلامية المذاهب(*) الأدبية التي تخالف التصور الإسلامي والأدب العربي المزور، والنقد الأدبي المبني على المجاملة المشبوهة أو الحقد الشخصي، كما ترفض اللغة التي يشوبها الغموض وتكثر فيها المصطلحات الدخيلة والرموز المشبوهة وتدعو إلى نقد واضح بناء. ● تستفيد الإسلامية من الأجناس الأدبية جميعها شعراً ونثراً ولا ترفض أي شكل من أشكال التعبير، وتعني بالمضمون الذي يحدد طبيعة الشكل الملائم للأداء. ● والإسلامية في الأدب تأبى الانحراف عن القيود الواردة في تعريف الإسلامية، فهي كما يقول أحد الباحثين تأبى مثلاً "تأليه الإنسان (كلاسيكياً)، وإغراقه الذاتي الأناني (رومنسياً)، وتمجيد لحظات الضعف البشري (واقعيًّا، وتصوير الانحراف الفكري أو النفسي أو الأخلاقي (وجوديًّا)" فليس ثمة عبث وليس ثمة حرية أخلاقية مطلقة من كل قيد كما يرى (سارتر) وليس ثمة تناقضات نفسية لا نهاية لها تنتهي دائماً بالضياع كما يرى (ديستوفيسكي). ● والإسلامية إطار واقعي للعمل الأدبي، فهي ليست مجالاً لتحقيق الخيال الجامح أو التعبير عن شطحات منبتة الصلة بالواقع، وواقع الإسلامية أنها فكرة غائية عقدية، وغايتها ليست تحقيق مصلحة ذاتية أو شخصية كإطار للبراجماتية وإنما تحقيق مصلحة العقيدة وكل من يتمسك بهذه العقيدة، فالإسلامية إطار للحقيقة لا الزيف والاستقامة لا الانحراف، ذلك أنها تدور مع وجود المسلم، وللوجود الإنساني غاية إسلامية كبرى هي الكدح والعمل والعبادة { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } [المؤمنون: 115] {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:39] وهذه الواقعية توجد في القرآن الكريم ذاته، فأحد معجزاته أنه قدم أمثلة عليا للأداء الفني المتجانس في القصة وغيرها وما قصة يوسف عليه السلام عنا ببعيد. ● والإسلامية ليست قيداً على الإبداع(*) وإنما هي إطار موضوعي وشكلي لتحصين العمل الأدبي من الإسفاف الذي قد يقضي على الأديب، أما التحرر المطلق من كل القيم الذي ينهي وجود الأديب، أو الخروج عن منطق الأدب ذاته، فهذا أمر يفرغ العمل الأدبي من مضمونه، فمنطق الإسلامية، ينبثق من حضارة إسلامية، تتيح للأديب فرصة التعبير عن كل ما يجول بخاطره، فيطرح المضمون الذي يريد في الشكل الذي يريد طالما كان في إطار التصور الإسلامي. ● وترتيباً على ما تقدم فإن الإسلامية تختلف عن سائر المضمونات الدينية البعيدة عن العقيدة الإسلامية سواء كانت دينية سماوية أو دينية وضعية، ولذا فإن الانفتاح على الأعمال الأدبية يجب أن يتم من خلال وجدان إسلامي راق وحسّ إنساني مرهف، للتخفيف من هموم الإنسان ومعاناته لا دفعه في أتون الصراع اللانهائي بين العبث واللامعقول، والعدمية والوجودية، وغيرها من المذاهب التي لا تروي الظمأ الديني لدى المتلقي ولا تسمو بأحاسيسه ومشاعره، بل تلغي له الزمن في العمل الأدبي، وتفكك له الأحداث، وتلغي له الشخصيات، وتمس جوهر العمل، فمسخ العمل أو تشويهه ليس من طبيعة الإسلامية. بل إن هذا العمل لا يمكن أن يرتطم بطبائع الأمور ولا النظرة الإسلامية للكون والحياة والوجود، ومن أجل هذا فإنه وإن كان لا يجوز دمج الإسلامية في غيرها من المذاهب إلا أن الإسلامية لا تأبى التعايش مع أي نتاج أدبي عالمي، طالما لم تهدم الحواجز بين الأمرين، فخصوصية الإسلامية أنها وليدة الزمن والمكان، وأنها نسيج لقاء العقيدة بالإنسان، ولذا فإنها عالمية الأثر، كونية الرؤية، شمولية النزعة، توفق بين المنظور الواقعي والغيب اللامرئي، وتوائم بين المادي والروحي، وتجانس بين الثابت والمتغير، ولا يوجد فيها أي تنافٍ لوجود المحدود مع المطلق، ومعالجة الجزئي مع الكلي، طالما أن الهدف الأساسي للإسلامية هو صنع عالم سعيد لبني البشر، يعينهم على تجاوز متاعبهم، ويزيل المتاريس التي تقف أمام انطلاق عقيدتهم. ومن أمثلة هذه المتاريس النتاج الأدبي المتأثر بالنصرانية والذي نجده عند لويس شيخو، وسلامة موسى، وغالي شكري، ولويس عوض، وإيليا حاوي، وخليل حاوي، وسعيد عقل، وجبرا إبراهيم جبرا وغيرهم، وقد تأثر بهم بدر شاكر السياب وصلاح عبد الصبور وغيرهم. - والإسلامية كبنيان أدبي عقدي، تجد في الإسلام مجالاً رحباً، يقدم الأدباء من خلاله فكرهم البناء، وسلوكهم الهادف، وتصورهم الصائب، وقضايا الإنسان التي تحتاج إلى معالجة. والإسلامية تجعل كل هذه الأمور ذات بنيان متجانس السمات، غير متنافر الأهداف والغايات، ولا حجر في أن تكون الإسلامية فكرة عقدية، فليس المطلوب منا أن نذوب في غيرنا أو أن نكون انعكاساً لحقائق أو أوهام تزرع في غير تربتنا، وحسبنا أن نعود إلى ماضينا لندرك عظمة توجيه الرسول(*) صلى الله عليه وسلم الشعراء إلى الدفاع عن المجتمع المسلم والجهاد بالكلمة، ولنعي أن البنية الخلقية الإسلامية.. أحدثت انقلاباً عميقاً في النفوس، ولذا عاشت الإسلامية وأمكن استخلاصها من بطون الكتب، وكانت توجيهات الخلفاء الراشدين للشعراء بالالتزام بالبنية الأخلاقية الإسلامية، وفي العصر العباسي علت دعوة أبي العتاهية إلى الزهد، وهكذا. أماكن الانتشار: أصبح للإسلامية أنصار في جميع أنحاء العالم.. ولها مكتبات في الهند وفي البلاد العربية وعقدت رابطة الأدب الإسلامية العالمية عدة مؤتمرات في الهند وتركيا ومصر، واشترك فيها عدد كبير من أدباء العالم الإسلامي. ويتضح مما سبق : أن الإسلامية ذات مدلول شامل في الزمان والمكان، فهي قديمة قدم الدعوة الإسلامية، وممتدة مع الإسلام عبر الأزمان. وهي لا تختص باللسان العربي المسلم دون سواه، بل تتعلق بكل مسلم أياً كان مكان ولادته أو نشأته. والإسلامية ليست حبيسة صفحات الكتاب المتفرغين للأدب والمعنيين به، وإنما توجد في ثنايا كتابة تعرض لأي مسألة، حتى وإن كانت من مسائل العلم في شتى فروعه. ومن هذا المنطلق فإن المدرسة الأدبية الإسلامية الهندية أو الباكستانية أو الأندونيسية أو التشادية أو السنغالية أو غيرها تعتبر تجسيداً للإسلامية في الأدب، كما تعتبر الكتابات العلمية ذات الأسس الجمالية والبنيانات الفنية من هذا القبيل أيضاً، فآداب الشعوب الإسلامية غير العربية هي رافد من روافد الإسلامية مادام أنها في إطار التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة ولا تعرض ما يرفض الإسلام أو يتعارض مع منهجه الفكري. ---------------------------- مراجع للتوسع : - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا. ط. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1405هـ/1985م. - منهج الفن الإسلامي، محمد قطب، دار الشروق، بيروت، القاهرة. - في الأدب الإسلامي المعاصر، محمد حسن بريغش، مكتبة المنار، الأردن الزرقاء. - الأدب في خدمة الحياة والعقيدة، عبد الله حمد العويشق، ط. كلية اللغة العربية بالرياض، 1389هـ/1390هـ. - نظرات في الأدب، لأبي الحسن الندوي، دار القلم، دمشق 1408هـ/1988م. - الأدب الإسلامي وصلته بالحياة، محمد الرابع الندوي، مؤسسة الرسالة، ط1 1405هـ/1985م. - أدب الصحوة الإسلامية، واضح الندوي، مؤسسة الرسالة ط1، 1405هـ/1985م. - تعريف برابطة الأدب الإسلامي، إصدار الرابطة عام 1409هـ/ 1989م. - مجلة المشكاة. العدد 13 السنة الرابعة 1410هـ/1990م. - النقد الأدبي أصوله ومفاهيمه، سيد قطب، دار الشروق، بيروت. - الإسلامية والمذاهب الأدبية، د. نجيب الكيلاني/ مؤسسة الرسالة ط2 (1401هـ). الكلاسيكيـة التعريف : الكلاسيكية مذهب(*) أدبي، ويطلق عليه أيضاً "المذهب الإتباعي" أو المدرسي.. وقد كان يقصد به في القرن الثاني الميلادي الكتابة الأرستقراطية(*) الرفيعة الموجهة للصفوة المثقفة الموسرة من المجتمع الأوروبي. أما في عصر النهضة(*) الأوروبية، وكذلك في العصر الحديث: فيقصد به كل أدب يبلور المثل الإنسانية المتمثلة في الخير والحق والجمال "وهي المثل التي لا تتغير باختلاف المكان والزمان والطبقة الاجتماعية" وهذا المذهب له من الخصائص الجيدة ما يمكنه من البقاء وإثارة اهتمام الأجيال المتعاقبة. ومن خصائصه كذلك عنايته الكبرى بالأسلوب والحرص على فصاحة اللغة وأناقة العبارة ومخاطبة جمهور مثقف غالباً والتعبير عن العواطف الإنسانية العامة وربط الأدب بالبادىء الأخلاقية وتوظيفه لخدمة الغايات التعليمية واحترام التقاليد الاجتماعية السائدة. التأسيس وأبرز الشخصيات: ● يعد الكاتب اللاتيني أولوس جيليوس هو أول من استعمل لفظ الكلاسيكية على أنه اصطلاح مضاد للكتابة الشعبية، في القرن الثاني الميلادي. ● وتعد مدرسة الإسكندرية القديمة أصدق مثال على الكلاسيكية التقليدية، التي تنحصر في تقليد وبلورة ما أنجزه القدماء وخاصة الإغريق دون محاولة الابتكار والإبداع(*). ● وأول من طور الكلاسيكية الكاتب الإيطالي بوكاتشيو 1313-1375م فألغى الهوة بين الكتابة الأرستقراطية والكتابة الشعبية، وتعود له أصول اللغة الإيطالية المعاصرة. ● كما أن رائد المدرسة الإنكليزية شكسبير 1564-1616م طور الكلاسيكية في عصره، ووجه الأذهان إلى الأدب الإيطالي في العصور الوسطى ومطالع عصر النهضة(*). ● أما المذهب الكلاسيكي الحديث في الغرب، فإن المدرسة الفرنسية هي التي أسسته على يد الناقد الفرنسي نيكولا بوالو 1636 – 1711م في كتابه الشهير فن الأدب الذي ألفه عام 1674م. حيث قنن قواعد الكلاسيكية وأبرزها للوجود من جديد، ولذا يعد مُنظر المذهب(*) الكلاسيكي الفرنسي الذي يحظى باعتراف الجميع. ● ومن أبرز شخصيات المذهب الكلاسيكي في أوروبا بعد بوالو: - الشاعر الإنكليزي جون أولدهام 1653 – 1773م وهو ناقد أدبي ومن المؤيدين للكلاسيكية. - الناقد الألماني جوتشهيد 1700 – 1766م الذي ألف كتاب فن الشعر ونقده. - الأديب الفرنسي راسين 1639 – 1699م وأشهر مسرحياته فيدرا والإسكندر. - والأديب كورني 1606 – 1784م وأشهر مسرحياته السيد – أوديب. - الأديب موليير 1622 – 1673م وأشهر مسرحياته البخيل – طرطوف. - والأديب لافونتين 1621 – 1695م الذي اشتهر بالقصص الشعرية وقد تأثر به أحمد شوقي في مسرحياته. الأفكار والمعتقدات: ● يقوم المذهب الكلاسيكي الحديث، الذي أنشأته المدرسة الفرنسية مؤسسة المذهب على الأفكار والمبادىء التالية: - تقليد الأدب اليوناني والروماني في تطبيق القواعد الأدبية والنقدية وخاصة القواعد الأرسطية في الكتابين الشهيرين: فن الشعر وفن الخطابة لأرسطو. - العقل(*) هو الأساس والمعيار لفلسفة الجمال في الأدب، وهو الذي يحدد الرسالة الاجتماعية للأديب والشاعر، وهو الذي يوحد بين المتعة والمنفعة. - الأدب للصفوة المثقفة الموسرة وليس لسواد الشعب، لأن أهل هذه الصفوة هم أعرف بالفن والجمال، فالجمال الشعري خاصة لا تراه كل العيون. - الاهتمام بالشكل وبالأسلوب وما يتبعه من فصاحة وجمال وتعبير. - تكمن قيمة العمل الأدبي في تحليله للنفس البشرية والكشف عن أسرارها بأسلوب بارع ودقيق وموضوعي، بصرف النظر عما في هذه النفس من خير أو شر. - غاية الأدب هو الفائدة الخلقية من خلال المتعة الفنية، وهذا يتطلب التعلم والصنعة، ويعتمد عليها أكثر مما يعتمد على الإلهام والموهبة. الجذور الفكرية والعقائدية: ● ارتبط المذهب(*) الكلاسيكي بالنظرة اليونانية الوثنية، وحمل كل تصوراتها وأفكارها وأخلاقها وعاداتها وتقاليدها. ● والأدب اليوناني ارتبط بالوثنية(*) في جميع الأجناس الأدبية من نقد أدبي وأسطورة إلى شعر ومسرح. ● ثم جاء الرومان واقتبسوا جميع القيم الأدبية اليونانية وما تحويه عن عقائد وأفكار وثنية. ● وجاءت النصرانية وحاربت هذه القيم باعتبارها قيماً وثنية، وحاولت أن تصبغ الأدب في عصرها بالطابع النصراني، وتستمد قيمها من الإنجيل(*) إلا أنها فشلت، وذلك لقوة الأصول اليونانية وبسبب التحريف الذي أصابها. ● وبعد القرن الثالث عشر الميلادي ظهرت في إيطاليا بداية حركة إحياء للآداب اليونانية القديمة، وذلك بعد اطلاع النقاد والأدباء على كتب أرسطو في أصولها اليونانية وترجماتها العربية، التي نقلت عن طريق الأندلس وصقلية وبلاد الشام بعد الحروب الصليبية. ● وازدهر المذهب الكلاسيكي في الأدب والنقد بعد القرن السادس عشر والسابع عشر الميلادي. 1) الكلاسيكية الحديثة تطورت الكلاسيكية في الوقت الحاضر إلى ما أطلق عليه النقاد (النيوكلاسيكية) أو الكلاسيكية الحديثة، والتي حاولت أن تنظر إلى الأمور نظرة تجمع بين الموضوعية الجامدة للكلاسيكية القديمة والذاتية المتطرفة للرومانسية الجديدة. وقد بدأت هذه المدرسة في الظهور على يد كل من ت. س. اليوت الكاتب والأديب الأمريكي، وأ. أ. ريتشاردز وغيرهم من النقاد المعاصرين. الانتشار ومواقع النفوذ ● تعد فرنسا البلد الأم لأكثر المذاهب الأدبية والفكرية في أوروبا، ومنها المذهب الكلاسيكي، وفرنسا – كما رأينا – هي التي قننت المذهب ووضعت له الأسس والقواعد النابعة من الأصول اليونانية. ● ثم انتشر المذهب(*) في إيطاليا وبريطانيا وألمانيا.. على يد كبار الأدباء مثل بوكاتشيو وشكسبير. ويتضح مما سبق : أن الكلاسيكية مذهب أدبي يقول عنه أتباعه إنه يبلور المثل الإنسانية الثابتة كالحق والخير والجمال، ويهدف إلى العناية بأسلوب الكتابة وفصاحة اللغة وربط الأدب بالمبادىء الأخلاقية، ويعتبر شكسبير رائد المدرسة الكلاسيكية في عصره، ولكن المذهب الكلاسيكي الحديث ينسب إلى المدرسة الفرنسية، حيث تبناه الناقد الفرنسي نيكولا بوالو 1636 – 1711م في كتابه الشهير علم الأدب. ويقوم المذهب الكلاسيكي الحديث على أفكار هامة منها، تقليد الأدب اليوناني والروماني من بعض الاتجاهات، واعتبار العقل(*) هو الأساس والمعيار لفلسفة الجمال في الأدب، فضلاً عن جعل الأدب للصفوة المثقفة الموسرة وليس لسواد الشعب مع الاهتمام بالشكل والأسلوب وما يستتبع ذلك من جمال التعبير، على نحو تتحقق معه فكرة تحليل النفس البشرية والكشف عن أسرارها بأسلوب بارع ودقيق وموضوعي. ● ومن أهم الجوانب التي تستحق التعليق في الكلاسيكية أنها تعلي من قدر الأدبين اليوناني والروماني مع ارتباطهما بالتصورات الوثنية، ورغم ما فيهما من تصوير بارع للعواطف الإنسانية فإن اهتماماتهما توجه بالدرجة الأولى إلى الطبقات العليا من المجتمع وربما استتبع ذلك الانصراف عن الاهتمام بالمشكلات الاجتماعية والسياسية. ---------------------------- مراجع للتوسع : - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، د. عبد الرحمن رأفت الباشا. - مذاهب الأدب الغربي، د. عبد الباسط بدر. - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د. نبيل راغب – مكتبة مصر – القاهرة. - الأدب المقارن، د. محمد غنيمي هلال – دار العودة – بيروت. - المدخل إلى النقد الحديث ، د. محمد غنيمي هلال – دار العودة – بيروت. - المذاهب الأدبية، د. جميل نصيف التكريتي – دار الشؤون الثقافية العامة. - مقالات عن شعر الكلاسيكية والرومانتيكية والبرناسية في :المجلة أعداد يوليو وأغسطس وسبتمبر 1959م. المراجع الأجنبية : - Braunschvig: Notre Litterature Etudiee dans le ****e. Paris 1949. - Lanson: Historire de la litterature Francaise paris 1916. - De Segur (Nicola): Histoire de la littrature Europeenne 1959. الرومانســية التعريف : ● الرومانسية أو الرومانتيكية مذهب(*) أدبي يهتم بالنفس الإنسانية وما تزخر به من عواطف ومشاعر وأخيلة أياً كانت طبيعة صاحبها مؤمناً أو ملحداً، مع فصل الأدب عن الأخلاق(*). ولذا يتصف هذا المذهب بالسهولة في التعبير والتفكير، وإطلاق النفس على سجيتها، والاستجابة لأهوائها. وهو مذهب متحرر من قيود العقل(*) والواقعية اللذين نجدهما لدى المذهب الكلاسيكي الأدبي، وقد زخرت بتيارات لا دينية وغير أخلاقية. - ويحتوي هذا المذهب على جميع تيارات الفكر التي سادت في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وأوائل القرن التاسع عشر. - والرومانسية أصل كلمتها من : رومانس romance باللغة الإنجليزية ومعناها قصة أو رواية تتضمن مغامرات عاطفية وخيالية ولا تخضع للرغبة العقلية المتجردة ولا تعتمد الأسلوب الكلاسيكي المتأنق وتعظم الخيال المجنح وتسعى للانطلاق والهروب من الواقع المرير، ولهذا يقول بول فاليري: "لا بد أن يكون المرء غير متزن العقل إذا حاول تعريف الرومانسية". التأسيس وأبرز الشخصيات: ● بدأت الرومانسية في فرنسا عندما قدّم الباحث الفرنسي عام 1776م ترجمة لمسرحيات شكسبير إلى الفرنسية، واستخدم الرومانسية كمصطلح في النقد الأدبي. ● ويعد الناقد الألماني فريدريك شليجل أول من وضع الرومانسية كنقيض للكلاسيكية. ● ثم تبلورت الرومانسية كمذهب أدبي، وبدأ الناس يدركون معناها الحقيقي التجديدي وثورتها ضد الكلاسيكية. ● وترجع الرومانسية الإنكليزية إلى عام 1711م ولكن على شكل فلسفة فكرية.. ونضجت الرومانسية الإنكليزية على يد توماس جراي وويليام بليك. ● ولا شك أن الثورة(*) الفرنسية 1798م هي أحد العوامل الكبرى التي كانت باعثاً ونتيجة في آن واحد للفكر الرومانسي المتحرر والمتمرد على أوضاع كثيرة ، أهمها الكنيسة(*) وسطوتها والواقع الفرنسي وما فيه. ● وفي إيطاليا ارتبط الأدب بالسياسة عام 1815م وأصبح اصطلاح رومانسي في الأدب يعني ليبراليا (أي: حراً أو حرية) في السياسة. ● ومن أبرز المفكرين والأدباء الذين اعتنقوا الرومانسية: - المفكر والأديب الفرنسي جان جاك روسو 1712 – 1788م ويعد رائد الرومانسية الحديثة. - الكاتب الفرنسي شاتو بريان 1768 – 1848م ويعد من رواد المذهب الذين ثاروا على الأدب اليوناني القائم على تعدد الآلهة. - مجموعة من الشعراء الإنكليز، امتازوا بالعاطفة الجياشة والذاتية والغموض رغم أنهم تغنوا بجمال الطبيعة وهم : توماس جراي 1716 – 1771م ووليم بليك 1757 – 1927م وشيلي 1762 – 1822م كيتش 1795 – 1821م وبايرون 1788 – 1824م. - الشاعر الألماني جوته 1749 – 1832م مؤلف رواية آلام فرتر عام 1782م وفاوست التي تظهر الصراع بين الإنسان والشيطان. - الشاعر الألماني شيلر 1759 – 1805م ويعد أيضاً من رواد المذهب(*). - الشاعر الفرنسي بودلير 1821 – 1867م الذي اتخذ المذهب الرومانسي في عصره شكل الإلحاد(*) بالدين(*). الأفكار والمعتقدات : ● لقد كانت الرومانسية ثورة ضد الكلاسيكية، وهذا ما نراه واضحاً من خلال أفكارها ومبادئها وأساليبها التي قد لا تكون واحدة عند جميع الرومانسيين، ويمكن إجمال هذه الأفكار والمباديء فيما يلي: - الذاتية أو الفردية: وتعد من أهم مبادىء الرومانسية ، وتتضمن الذاتية عواطف الحزن والكآبة والأمل، وأحياناً الثورة على المجتمع. فضلاً عن التحرر من قيود العقل والواقعية والتحليق في رحاب الخيال والصور والأحلام. التركيز على التلقائية والعفوية في التعبير الأدبي، لذلك لا تهتم الرمانسية بالأسلوب المتأنق، والألفاظ اللغوية القوية الجزلة. تنزع بشدة إلى الثورة وتتعلق بالمطلق واللامحدود. - الحرية الفردية أمر مقدس لدى الرومانسية، لذلك نجد من الرومانسيين من هو شديد التدين مثل: شاتوبريان ونجد منهم شديد الإلحاد مثل شيلي. ولكن معظمهم يتعالى على الأديان والمعتقدات والشرائع التي يعدها قيوداً. - الاهتمام بالطبيعة(*)، والدعوة بالرجوع إليها حيث فيها الصفاء والفطرة السليمة، وإليها دعا روسو. - فصل الأدب عن الأخلاق، فليس من الضروري أن يكون الأديب الفذ فذ الخلق. ولا أن يكون الأدب الرائع خاضعاً للقوانين الخلقية. - الإبداع(*) والابتكار القائمان على إظهار أسرار الحياة من صميم عمل الأديب، وذلك خلافاً لما ذهب إليه أرسطو من أن عمل الأديب محاكاة الحياة وتصويرها. - الاهتمام بالمسرح لأنه هو الذي يطلق الأخيلة المثيرة التي تؤدي إلى جيشان العاطفة وهيجانها. - الاهتمام بالآداب الشعبية والقومية، والاهتمام باللون المحلي الذي يطبع الأديب بطابعه، وخاصة في الأعمال القصصية والمسرحية. الجذور الفكرية العقائدية: ● تعد الرومانسية ثورة ضد الكلاسيكية المتشددة في قواعدها العقلية والأدبية، وكذلك ثورة ضد العقائد اليونانية المبنية على تعدد الآلهة(*)… ومن جذور هذه الثورة ظهور التيارات الفلسفية التي تدعو إلى التحرر من القيود العقلية والدينية والاجتماعية. فضلاً عن اضطراب الأحوال السياسية في أوروبا بعد الثورة(*) الفرنسية الداعية إلى الحرية(*) والمساواة وما يتبع ذلك من صراع على المستعمرات، وحروب داخلية.. كل هذه الأمور تركت الإنسان الأوروبي قلقاً حزيناً متشائماً، فانتشر فيه مرض العصر، وهو الإحساس بالكآبة والإحباط ومحاولة الهروب من الواقع، وكان من نتيجة ذلك ظهور اتجاهات متعددة في الرومانسية، إذ توغلت في العقيدة والأخلاق(*) والفلسفة(*) والتاريخ والفنون الجميلة. - ودخلت الرومانسية في الفلسفة وتجلت في نظرية الإنسان الأعلى (السوبرمان) عند نيتشة 1844 – 1900م ونظرية الوثبة الحيوية عند برغسون 1859 – 1941م. ● الرومانسية الجديدة: ● انحسرت الرومانسية في مطلع القرن العشرين عندما أعلن النقاد الفرنسيون هجومهم عليها – وذلك لأنها تسلب الإنسان عقله ومنطقه – وهاجموا روسو الذي نادى بالعودة إلى الطبيعة(*). وقالوا: لا خير في عاطفة وخيال لا يحكمهما العقل(*) المفكر والذكاء الإنساني والحكمة الواعية والإرادة المدركة. وكان من نتيجة ذلك نشوء الرومانسية الجديدة ودعوتها إلى الربط بين العاطفة التلقائية والإرادة الواعية في وحدة فكرية وعاطفية، ومن ثم نشأت الرومانسية الجديدة حاملة معها أكثر المعتقدات القديمة للرومانسية. الانتشار ومواقع النفوذ: ● تعد فرنسا موطن المذهب(*) الرومانسي، ومنها انتقل إلى ألمانيا ومنها إلى إنكلترا وإيطاليا. ويتضح مما سبق: أن الرومانسية أو الرومانتيكية مذهب أدبي يقول أنصاره أنه يهدف إلى سبر أغوار النفس البشرية واستظهار ما تزخر به من عواطف ومشاعر وأحاسيس وأخيلة، للتعبير من خلال الذاتية عن عواطف الحزن والأسى والكآبة والألم والأمل، ومن خلال العفوية الخالية من تأنق الأسلوب وجزالة اللفظ ودقة التراكيب اللغوية، مع الاهتمام بالطبيعة وضرورة الرجوع إليها، وفصل الأخلاق(*) عن الأدب، والاهتمام بالآداب الشعبية. وقد اعتنق كثير من الحداثيين الرومانسية بل عدها بعضهم أحد اتجاهات الحداثة. ● تعقيب : ومن وجهة النظر الإسلامية فإن أي تيار أدبي لا بد أن يكون ملتزماً بالدين(*) والأخلاق كجزء من العقيدة، وإذا كانت ملازمة الحزن والتعبير عنه لها سلبيات كثيرة، فإن الإسلام يتطلب من معتنقيه مواجهة الظروف التي يتعرضون لها بشجاعة والتسليم بقضاء الله وتلمس الأسباب للخروج من الأزمات دون يأس أو إحباط، وكل إنسان مسئول عن تصرفاته ومحاسب عليها بين يدي الله، طالما كان يملك أهلية التصرف، أما المكره فهو معذور وتسقط عنه الأوزار فيما يرتكبه قسراً، ولكنه لا يعذر في التعبير الحر عما ينافي العقيدة ويتعارض معها. مراجع للتوسع : - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، د. عبد الرحمن رأفت الباشا – ط. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – الرياض. - مذاهب الأدب الغربي، د. عبد الباسط بدر/ نشر دار الشعاع – الكويت. - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د. نبيل راغب – مكتبة مصر – القاهرة. - الأدب المقارن ، د. محمد غنيمي هلال – دار العودة – بيروت. - المدخل إلى النقد الحديث، د. محمد غنيمي هلال – القاهرة: 1959م. - الرومانتيية، د. محمد غنيمي هلال – القاهرة : 1955م. - الأدب المقارن ، ماريوس فرنسوا غويار – (سلسلة زدني علماً). - المذاهب الأدبية الكبرى، فيليب فان تيغيمة (سلسلة زدني علما). المراجع الأجنبية: - Braunschvig: Notre Litterature Etudiee dans le ****e. Paris 1949. - Lanson: Histoire de La Litterature Francaise. Paris. 1960. - De Segur (Nicola): Histoire de la litterature Europieenne, Paris, 1959. الرمزيــة التعريف : ● الرمزية مذهب(*) أدبي فلسفي ملحد، يعبر عن التجارب الأدبية والفلسفية المختلفة بواسطة الرمز أو الإشارة أو التلميح. - والرمز معناه الإيحاء، أي التعبير غير المباشر عن النواحي النفسية المستترة التي لا تقوى اللغة على أدائها أو لا يراد التعبير عنها مباشرة. - ولا تخلو الرمزية من مضامين فكرية واجتماعية، تدعو إلى التحلل من القيم الدينية والخلقية، بل تتمرد عليها؛ متسترة بالرمز والإشارة. - وتعد الرمزية الأساس المؤثر في مذهب الحداثة الفكري والأدبي الذي خلفه. التأسيس وأبرز الشخصيات: ● رغم أن استعمال الرمز قديم جداً، كما هو عند الفراعنة واليونانيين القدماء إلا أن المذهب الرمزي بخصائصه المتميزة لم يعرف إلا عام 1886م حيث أصدر عشرون كاتباً فرنسيًّا بياناً نشر في إحدى الصحف يعلن ميلاد المذهب الرمزي، وعرف هؤلاء الكتّاب حتى مطلع القرن العشرين بالأدباء الغامضين. وقد جاء في البيان: إن هدفهم "تقديم نوع من التجربة الأدبية تستخدم فيها الكلمات لاستحضار حالات وجدانية، سواء كانت شعورية أو لا شعورية، بصرف النظر عن الماديات المحسوسة التي ترمز إلى هذه الكلمات، وبصرف النظر عن المحتوى العقلي الذي تتضمنه، لأن التجربة الأدبية تجربة وجدانية في المقام الأول". ● ومن أبرز الشخصيات في المذهب الرمزي في فرنسا وهي مسقط رأس الرمزية: - الأديب الفرنسي بودلير 1821 – 1967م وتلميذه رامبو. - ومالارراميه 1842 – 1898م ويعد من رموز مذهب الحداثة أيضاً. - بول فاليري 1871 – 1945م. - وفي ألمانيا ر.م. ريلكه وستيفان جورج. - وفي أمريكا يمي لويل. - وفي بريطانيا: أوسكار وايلد. الأفكار والمعتقدات : من الأفكار والآراء التي تضمنتها الرمزية: ● الابتعاد عن عالم الواقع وما فيه من مشكلات اجتماعية وسياسية، والجنوح إلى عالم الخيال بحيث يكون الرمز هو المعبر عن المعاني العقلية والمشاعر العاطفية. ● البحث عن عالم مثالي مجهول يسد الفراغ الروحي ويعوضهم عن غياب العقيدة الدينية، وقد وجد الرمزيون ضالتهم في عالم اللاشعور والأشباح الأرواح. ● اتخاذ أساليب تعبيرية جديدة واستخدام ألفاظ موحية، تعبر عن أجواء روحية، مثل لفظ الغروب الذي يوحي بمصرع الشمس الدامي والشعور بزوال أمر ما، والإحساس بالإنقباض. وكذلك تعمد الرمزية إلى تقريب الصفات المتباعدة رغبة في الإيحاء مثل تعبيرات: الكون المقمر، الضوء الباكي، الشمس المرة المذاق.. الخ. ● تحرير الشعر من الأوزان التقليدية، فقد دعى الرمزيون إلى الشعر المطلق مع التزام القافية أو الشعر الحر وذلك لتساير الموسيقى فيه دفعات الشعور. الجذور الفكرية والعقائدية: ● لقد انبثقت الرمزية عن نظرية المثل لدى أفلاطون، وهي نظرية تقوم على إنكار الحقائق الملموسة، وتعبر النظرية عن حقائق مثالية، وتقول: إن عقل(*) الإنسان الظاهر الواعي عقل محدود، وأن الإنسان يملك عقلاً غير واعٍ أرحب من ذلك العقل. ● وفي أواخر القرن التاسع عشر تجمعت عوامل عقدية واجتماعية وثقافية لولادة الرمزية على يد: بودلير وغيره من الأدباء: ● العوامل العقدية: وتتمثل في انغماس الإنسان الغربي في المادية(*) التي زرعتها الفلسفة(*) الوضعية، ونسيان كيانه الروحي، وقد فشلت المادية والإلحاد(*) في ملء الفراغ الذي تركه عدم الإيمان بالله. ● العوامل الإجتماعية: وتتمثل في الصراع الاجتماعي الحاد بين ما يريده بعض الأدباء والمفكرين من حرية مطلقة وإباحية أخلاقية، وبين ما يمارسه المجتمع من ضغط وكبح لجماحهم، مما زاد بتأثرهم بنظرية المثل الأفلاطونية وكتابات الكاتب الأمريكي ادجار الآن بو – الخيالية المتميزة. - العوامل الفنية : وذلك باعتقادهم أن اللغة عاجزة عن التعبير عن تجربتهم الشعورية العميقة، فلم يبق إلا الرمز ليعبر فيه الأديب عن مكنونات صدره. الانتشار ومواقع النفوذ: ● بدأت الرمزية في فرنسا حيث ولدت أكثر المذاهب(*) الأدبية والفكرية، ثم انتشرت في أوروبا وأمريكا. ● ويكاد يكون هذا المذهب نتيجة من نتائج تمزق الإنسان الأوروبي وضياعه بسبب طغيان النزعة المادية وغيبة الحقيقة، والتعلق بالعقل البشري وحده للوصول إليها، من خلال علوم توهم بالخلاص عند السير في دروب الجمال، ولا شك أن الرمزية ثمرة من ثمرات الفراغ الروحي والهروب من مواجهة المشكلات باستخدام الرمز في التعبير عنها. ويتضح مما سبق: أن الرمزية مذهب أدبي يتحلل من القيم الدينية، ويعبر عن التجارب الأدبية الفلسفية من خلال الرمز والتلميح، نأياً من عالم الواقع وجنوحاً إلى عالم الخيال، وبحثاً عن مثالية مجهولة تعوض الشباب عن غياب العقيدة الدينية، وذلك باستخدام الأساليب التعبيرية الجديدة، والألفاظ الموحية، وتحرير الشعر من كافة قيود الوزن التقليدية. ولاشك في خطورة هذا المذهب على الشباب المسلم إن درسه دون أن يكون ملماً سلفاً بأسسه المتقدمة والتي تهدر القيم الدينية. ---------------------------- مراجع للتوسع : - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، د. عبد الرحمن رأفت الباشا. - مذاهب الأدب الغربي، د. عبد الباسط بدر، نشر دار الشعاع – الكويت. - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د. نبيل راغب. - مقالة: "الحداثة في الأدب العربي المعاصر هل انفض سامرها"، للدكتور محمد مصطفى هدارة – مجلة الحرس الوطني عدد ربيع الآخرة 1410هـ. - الأدب الرمزي، تأليف هنري بير – ترجمة هنري زغيب. - السريالية، إيف دوليس (سلسلة زدني علماً). - الأدب المقارن، مايوس فرانسوا غويار (سلسلة زدني علماً). - المعجم الأدبي ، جبور عبد النور – دار العلم للملايين – بيروت. المراجع الأجنبية: - Clourad (H): Histoire de la litterature Francaise du symbolisme a nor jours. Paris 1944 – 1949. - Cazamian (L): Symbolisme et Poesie. L’Exemple anglais. Paris 1947. - G. Kahon: let originer du symbolisme, Paris, 1936. - De Segur: Historire de la litterature Europieenne, paris 1959. - P. Mortino, Parnasse et. Symbolisme, Paris, 1947. - Lanson: Histoire de la litterature Europieenne, paris 1960. - Stphane Mallarme, Qeurres Completer, Paris. Ed. De la pleiade. 1951. - Guy Michaud Message Poetique du symbolisme paris 1947. - Enquete de jules Huret, in Mallarme et le – Symbolisme, classiquer Larousse 1972. الحداثــة التعريف : ● الحداثة مذهب(*) فكري أدبي علماني، بني على أفكار وعقائد غربية خالصة مثل الماركسية والوجودية والفرويدية والداروينية، وأفاد من المذاهب الفلسفية والأدبية التي سبقته مثل السريالية والرمزية… وغيرها. ● وتهدف الحداثة إلى إلغاء مصادر الدين(*)، وما صدر عنها من عقيدة وشريعة وتحطيم كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية بحجة أنها قديمة وموروثة لتبني الحياة على الإباحية والفوضى والغموض، وعدم المنطق، والغرائز الحيوانية، وذلك باسم الحرية(*)، والنفاذ إلى أعماق الحياة. والحداثة خلاصة مذاهب خطيرة ملحدة، ظهرت في أوروبا كالمستقبلية والوجودية والسريالية وهي من هذه الناحية شر لأنها إملاءات اللاوعي في غيبة الوعي والعقل(*) وهي صبيانية المضمون وعبثية في شكلها الفني وتمثل نزعة الشر والفساد في عداء مستمر للماضي والقديم، وهي إفراز طبيعي لعزل الدين عن الدولة في المجتمع الأوروبي ولظهور الشك(*) والقلق في حياة الناس مما جعل للمخدرات والجنس تأثيرهما الكبير. التأسيس وأبرز الشخصيات: ● بدأ مذهب الحداثة منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي تقريباً في باريس على يد كثير من الأدباء السرياليين والرمزيين والماركسيين والفوضويين والعبثيين، ولقي استجابة لدى الأدباء الماديين والعلمانيين والملحدين في الشرق والغرب. حتى وصل إلى شرقنا الإسلامي والعربي. ● ومن أبرز رموز مذهب(*) الحداثة من الغربيين: - شارل بودلير 1821 – 1867م وهو أديب فرنسي أيضاً نادى بالفوضى الجنسية والفكرية والأخلاقية، ووصفها بالسادية أي مذهب التلذذ بتعذيب الآخرين. له ديوان شعر باسم أزهار الشر مترجم للعربية من قبل الشاعر إبراهيم ناجي، ويعد شارل بودلير مؤسس الحداثة في العالم الغربي. - الأديب الفرنسي غوستاف فلوبير 1821 – 1880م. - مالا راميه 1842 – 1898م وهو شاعر فرنسي ويعد أيضاً من رموز المذهب الرمزي. - الأديب الروسي مايكوفسكي، الذي نادى بنبذ الماضي والاندفاع نحو المستقبل. ● ومن رموز مذهب(*) الحداثة في البلاد العربية: - يوسف الخال – الشاعر النصراني وهو سوري الأصل رئيس تحرير مجلة شعر الحداثية. وقد مات منتحراً أثناء الحرب الأهلية اللبنانية. - أدونيس ( علي أحمد سعيد) نصيري سوري، ويعد المُروِّج الأول لمذهب الحداثة في البلاد العربية، وقد هاجم التاريخ الإسلامي، والدين(*) والأخلاق(*) في رسالته الجامعية التي قدمها لنيل درجة الدكتوراه من جامعة "القديس يوسف" في لبنان وهي بعنوان الثابت والمتحول، ودعا بصراحة إلى محاربة الله عز وجل. وسبب شهرته فساد الإعلام بتسليط الأضواء على كل غريب. - د. عبد العزيز المقالح – وهو كاتب وشاعر يماني، وهو الآن مدير لجامعة صنعاء وذو فكر يساري. - عبد الله العروي – ماركسي مغربي. - محمد عابد الجابري مغربي. - الشاعر العراقي الماركسي عبد الوهاب البياتي. - الشاعر الفلسطيني محمود درويش – عضو الحزب الشيوعي الإسرائيلي أثناء إقامته بفلسطين المحتلة، وهو الآن يعيش خارج فلسطين. - كاتب ياسين ماركسي جزائري. - محمد أركون جزائري يعيش في فرنسا. - الشاعر المصري صلاح عبد الصبور – مؤلف مسرحية الحلاج. الأفكار والمعتقدات : ● نجمل أفكار ومعتقدات مذهب الحداثة كما هي عند روادها ورموزها وذلك من خلال كتاباتهم وشعرهم فيما يلي: - رفض مصادر الدين(*)، الكتاب والسنة والإجماع(*)، وما صدر عنها من عقيدة إما صراحة أو ضمناً. - رفض الشريعة(*) وأحكامها كموجه للحياة البشرية. - الدعوة إلى نقد النصوص الشرعية، والمناداة بتأويل جديد لها يتناسب والأفكار الحداثية. - الدعوة إلى إنشاء فلسفات حديثة على أنقاض الدين. - الثورة(*) على الأنظمة السياسية الحاكمة لأنها في منظورها رجعية متخلفة أي غير حداثية، وربما استثنوا الحكم البعثي. - تبني أفكار ماركس المادية(*) الملحدة، ونظريات فرويد في النفس الإنسانية وأوهامه، ونظريات دارون في أصل الأنواع وأفكار نيتشة، وهلوسته، والتي سموها فلسفة في الإنسان الأعلى (السوبر مان). - تحطيم الأطر التقليدية والشخصية الفردية، وتبني رغبات الإنسان الفوضوية والغريزية. - الثورة على جميع القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية الإنسانية، وحتى الاقتصادية والسياسية. - رفض كل ما يمت إلى المنطق والعقل. - اللغة – في رأيهم – قوة ضخمة من قوى الفكر المتخلف التراكمي السلطوي، لذا يجب أن تموت، ولغة الحداثة هي اللغة النقيض لهذه اللغة الموروثة بعد أن أضحت اللغة والكلمات بضاعة عهد قديم يجب التخلص منها. - الغموض والإبهام والرمز – معالم بارزة في الأدب والشعر الحداثي. - ولا يقف الهجوم على اللغة وحدها ولكنه يمتد إلى الأرحام والوشائح حتى تتحلل الأسرة، وتزول روابطها، وتنتهي سلطة الأدب وتنتصر إرادة الإنسان وجهده على الطبيعة والكون. ● ومن الغريب أن كل حركة جديدة للحداثة تعارض سابقتها في بعض نواحي شذوذها وتتابع في الوقت نفسه مسيرتها في الخصائص الرئيسية للحداثة. ● إن الحداثة هي خلاصة سموم الفكر البشري كله، من الفكر الماركسي إلى العلمانية الرافضة للدين(*)، إلى الشعوبية(*)، إلى هدم عمود الشعر، إلى شجب تاريخ أهل السنة كاملاً ، إلى إحياء الوثنيات(*) والأساطير. ● ويتخفى الحداثيون وراء مظاهر تقتصر على الشعر والتفعيلة والتحليل، بينما هي تقصد رأساً هدم اللغة العربية وما يتصل بها من مستوى بلاغي وبياني عربي مستمد من القرآن الكريم، وهذا هو السر في الحملة على القديم وعلى التراث وعلى السلفية(*). تطور مذهب الحداثة في الغرب وفي البلاد العربية: ● إن حركة الحداثة الأوروبية بدأت قبل قرن من الزمن في باريس بظهور الحركة البوهيمية فيها بين الفنانين في الأحياء الفقيرة. - ونتيجة للمؤثرات الفكرية، والصراع السياسي والمذهبي والاجتماعي شهدت نهاية القرن التاسع عشر الميلادي في أوروبا اضمحلال العلاقات بين الطبقات، ووجود فوضى حضارية انعكست آثارها على النصوص الأدبية. وبلغت التفاعلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في أوروبا ذروتها في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وبقيت باريس مركز تيار الحداثة الذي يمثل الفوضى الأدبية. - وقد تبنت الحداثة كثيراً من المعتقدات والمذاهب الفلسفية والأدبية والنفسية أهمها : 1- الدادائية: وهي دعوة ظهرت عام 1916م، غالت في الشعور الفردي ومهاجمة المعتقدات، وطالبت بالعودة للبدائية والفوضى الفنية الاجتماعية. 2- السريالية: واعتمادها على التنويم المغناطيسي(*)، والأحلام الفرويدية، بحجة أن هذا هو الوعي الثوري للذات، ولهذا ترفض التحليل المنطقي، وتعتمد بدلاً عنه الهوس والعاطفة. 3- الرمزية: وما تتضمنه من ابتعاد عن الواقع والسباحة في عالم الخيال والأوهام، فضلاً عن التحرر من الأوزان الشعرية، واستخدام التعبيرات الغامضة والألفاظ الموحية برأي روادها. - وقد واجهت الحداثة معارضة شديدة في كل أنحاء أوروبا، حتى في باريس مسقط رأسها، من المدافعين عن اللغة والتراث وممن ينيطون بالأدب مهمة التوصيل في إطار العقل والوعي الإنساني. - وكثير من أدباء القرن العشرين لم يعترفوا بالحداثة ولا بما جاءت به من تجريد جمالي وثورة وعدم تواصل، وعدَّ كثير من المفكرين الغربيين الحداثة نزوة عابرة في تاريخ الفكر الغربي. ● والحداثة العربية هي حداثة غربية في كل جوانبها وأصولها وفروعها إلا أنها تسللت إلى العالم العربي دون غرابة، وذلك لأنها اتخذت صورة العصرية، والاتجاه التجديد (*) في الأدب، وارتباط مفهوم الحداثة في أذهان بعض المثقفين بحركة ما يسمى بالشعر الحر أو شعر التفعيلة. - اصطلاح الحداثة بمفهومه الغربي، لم يقتحم الأدبي العربي إلا في فترة السبعينات بينما تسربت مضامينه منذ الثلاثينات من هذا القرن، وذلك في محاولات الخروج على علم العروض العربي، وفي الأربعينات ظهرت بعض ظواهر التمرد والثورة والرفض وتجريب بعض الاتجاهات الأدبية الغربية كالتعبيرية والرمزية والسريالية. ثم ظهرت مجلة شعر التي رأس تحريرها في لبنان يوسف الخال عام 1957م وتوقفت عام 1964م للتمهيد لظهور حركة(*) الحداثة بصفتها حركة فكرية، لخدمة التغريب، وصرف العرب عن عقيدتهم ولغتهم الفصحى.. لغة القرآن الكريم. وبدأت تجربتها خلف ستار تحديث الأدب، فاستخدمت مصطلح الحداثة عن طريق ترجمة شعر رواد الحداثة الغربيين أمثال: بودلير ورامبو ومالاراميه، وبدأ رئيس تحريرها – أي: مجلة شعر – بكشف ما تروج له الحداثة الغربية حين دعا إلى تطوير الإيقاع الشعري، وقال بأنه ليس للأوزان التقليدية أي قداسة ويجب أن يعتمد في القصيدة على وحدة التجربة والجو العاطفي العام لا على التتابع العقلي والتسلسل المنطقي كما أنه قرر في مجلته أن الحداثة موقف حديث في الله والإنسان والوجود. ● كان لعلي أحمد سعيد (أدونيس) دور مرسوم في حركة الحداثة وتمكينها على أساس ما دعاه من الثبات والتحول فقال: "لا يمكن أن تنهض الحياة العربية ويبدع الإنسان العربي إذا لم تتهدم البنية التقليدية السائدة في الفكر العربي والتخلص من المبنى الديني التقليدي الإتباعي". استخدم أدونيس مصطلح الحداثة الصريح ابتداءً من نهاية السبعينات عندما أصدر كتابه: صدمة الحداثة عام 1978م وفيه لا يعترف بالتحول إلا من خلال الحركات الثورية السياسية والمذهبية، وكل ما من شأنه أن يكون تمرداً على الدين(*) والنظام تجاوزاً للشريعة(*). - لقد أسقط أدونيس مفهوم الحداثة على الشعر الجاهلي وشعراء الصعاليك وشعر عمرو بن أبي ربيعة، وأبي نواس وبشار بن برد وديك الجن الحمصي، كما أسقط مصطلح الحداثة على المواقف الإلحادية لدى ابن الرواندي وعلى الحركات الشعوبية(*) والباطنية(*) والإلحادية المعادية للإسلام أمثال: ثورة الزنج والقرامطة. - ويعترف أدونيس بنقل الحداثة الغربية حين يقول في كتابه الثابت والمتحول: "لا نقدر أن نفصل بين الحداثة العربية والحداثة في العالم". أهم خصائص الحداثة : - محاربة الدين (*) بالفكر وبالنشاط. - الحيرة والشك (*) والقلق والاضطراب. - تمجيد الرذيلة والفساد والإلحاد. - الهروب من الواقع إلى الشهوات والمخدرات والخمور. - الثورة على القديم كله وتحطيم جميع أطر الماضي، إلا الحركات الشعوبية والباطنية(*). - الثورة على اللغة بصورها التقليدية المتعددة. - امتدت الحداثة في الأدب إلى مختلف نواحي الفكر الإنساني ونشاطه. - قلب موازين المجتمع والمطالبة بدفع المرأة إلى ميادين الحياة بكل فتنتها، والدعوة إلى تحريرها من أحكام الشريعة(*). - عزل الدين ورجاله واستغلاله في حروب عدوانية. - تبني المصادفة والحظ والهوس والخيال لمعالجة الحالات النفسية والفكرية بعد فشل العقل في مجابهة الواقع. - امتداد الثورة على الطبيعة(*) والكون ونظامه وإظهار الإنسان بمظهر الذي يقهر الطبيعة. - ولذا نلمس في الحداثة قدحاً في التراث الإسلامي، وإبرازاً لشخصيات عرفت بجنوحها العقدي كالحلاج والأسود العنسي ومهيار الديلمي وميمون القداح وغيرهم. وهذا المنهج يعبر به الأدباء المتحللون من قيم الدين والأمانة، عن خلجات نفوسهم وانتماءاتهم الفكرية. ويتضح مما سبق: أن الحداثة تصور إلحادي جديد – تماماً – للكون والإنسان والحياة، وليست تجديداً(*) في فنيات الشعر والنثر وشكلياتها. وأقوال سدنة الحداثة تكشف عن انحرافهم باعتبار أن مذهبهم يشكل حركة مضللة ساقطة لا يمكن أن تنمو إلا لتصبح هشيماً تذروه الرياح وصدق الله العظيم إذ يقول: { ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً }. حسبنا في التدليل على سعيهم لهدم الثوابت أن نسوق قول أدونيس وهو أحد رموز الحداثة في العالم العربي في كتابه فن الشعر ص 76: "إن فن القصيدة أو المسرحية أو القصة التي يحتاج إليها الجمهور العربي ليست تلك التي تسليه أو تقدم له مادة استهلاكية، وليست تلك التي تسايره في حياته الجادة، وإنما هي التي تعارض هذه الحياة! أي تصدمه، وتخرجه من سباته، تفرغه من موروثه وتقذفه خارج نفسه، إنها التي تجابه السياسة ومؤسساتها، الدين ومؤسساته، العائلة ومؤسساتها، التراث ومؤسساته، وبنية المجتمع القائم. كلها بجميع مظاهرها ومؤسساتها، وذلك من أجل تهديمها كلها! أي من أجل خلق الإنسان العربي الجديد، يلزمنا تحطيم الموروث الثابت، فهنا يكمن العدو الأول للثورة والإنسان". ولا يعني التمرد على ما هو سابق وشائع في مجتمعنا إلا التمرد على الإسلام وإباحة كل شيء باسم الحرية(*). - فالحداثة إذن هي منهج(*) فكري عقدي يسعى لتغيير الحياة ورفض الواقع والردة عن الإسلام بمفهومه الشمولي والانسياق وراء الأهواء والنزعات الغامضة والتغريب المضلل. وليس الإنسان المسلم في هذه الحياة في صراع وتحد مع الكون كما تقول كتابات أهل الحداثة وإنما هم الذي يتنصلون من مسئولية الكلمة عند الضرورة ويريدون وأد الشعر العربي ويسعون إلى القضاء على الأخلاق والسلوك باسم التجريد وتجاوز جميع ما هو قديم وقطع صلتهم به. - ونستطيع أن نقرر أن الحداثيين فقدوا الانتماء لماضيهم وأصبحوا بلا هوية ولا شخصية. ويكفي هراء قول قائلهم حين عبر عن مكنونة نفسه بقوله: لا الله اختار ولا الشيطان *** كلاهما جدار كلاهما يغلق لي عيني *** هل أبدل الجدار بالجدار تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. ---------------------------- مراجع للتوسع : - "الحداثة في الأدب العربي المعاصر"، مقال مطول للدكتور محمد مصطفى هدارة مجلة الحرس الوطني – ربيع الآخر 1410هـ. - الحداثة في ميزان الإسلام، عوض القرني. - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، د. عبد الرحمن رأفت الباشا . - الأدب المقارن، د. محمد غنيمي هلال. الواقعــية التعريف : الواقعية مذهب(*) أدبي فكري مادي(*) ملحد، إذ يقتصر في تصويره الحياة والتعبير عنها على عالم المادة، ويرفض عالم الغيب والإيمان بالله، ويصور الإنسان بالحيوان الذي تسيره غرائزه لا عقله. التأسيس وأبرز الشخصيات: ● ارتبطت نشأة المذهب الواقعي بالفلسفات الوضعية والتجريبية والمادية(*) الجدلية(*) التي ظهرت في النصف الأول من القرن التاسع عشر وما بعده، وسارت الواقعية في ثلاثة اتجاهات: الواقعية النقدية والواقعية الطبيعية والواقعية الاشتراكية. وللواقعية أعلام في شتى فروعها: ● أعلام الواقعية النقدية: - القصّاص الفرنسي أنوريه دي بلزاك 1799 – 1850م ومن قصصه روايته المشهورة الملهاة الإنسانية في 94 جزءً، صور فيها الحياة الفرنسية بين عام 1829 – 1948م. - الكاتب الإنكليزي شارل ديكنز 1812 – 1850م وله الرواية المشهورة قصة مدينتين. - الأديب الروسي تولستوي 1828 – 1910م وله القصة المشهورة الحرب والسلام. - الأديب الروسي دستوفسكي مؤلف الجريمة والعقاب. - والأديب الأمريكي أرنست همنجواي 1899 – 1961م وله القصة المشهورة العجوز والبحر وقد مات منتحراً. • أعلام الواقعية الطبيعية: - إميل زولا الأديب الفرنسي 1840 – 1920م مؤلف قصة الحيوان البشري وفيها يطبق نظريات دارون في التطور، ونظريات مندل في الوراثة، وكلود برنار في الطب. - جوستاف فلوبير 1821- 1880م الأديب الفرنسي ومؤلف القصة المشهورة مدام بوفاري. • أعلام الواقعية الاشتراكية(*): - مكسيم جوركي 1868 – 1936م كاتب روسي، عاصر الثورة(*) الروسية الشيوعية، ومؤلف قصة الأم. - ماياكو فسكي 1892 – 1930م وهو شاعر الثورة الروسية الشيوعية، وقد مات منتحراً. - لوركا 1898 – 1936م وهو شاعر أسباني. - بابللو نيرودا 1904 – 1973م وهو شاعر تشيلي. - جورج لوكاش – وهو كاتب فرنسي حديث. - كما كان من أعلامها : روجيه جارودي – وهو مفكر فرنسي اهتدى إلى الإسلام وسمى نفسه رجاء جارودي وإن كان مازال يتأرجح بين ماضيه وحاضره. الأفكار والمعتقدات: ● تشعب المذهب(*) الواقعي، كما تقدم، إلى ثلاثة اتجاهات. - الواقعية النقدية ومن أفكارها: 1- الاهتمام بنقد المجتمع ومشكلاته. 2- التركيز على جوانب الشر والجريمة. 3- الميل إلى التشاؤم واعتبار الشر عنصراً أصيلاً في الحياة. 4- المهمة الرئيسية للواقعية النقدية الكشف عن حقيقة الطبيعة. 5- اختيار القصة وسيلة لبث الأفكار التي يريدونها. - الواقعية الطبيعية: تتفق مع الواقعية في جميع آرائها وأفكارها وتزيد عليها: 1- التأثر بالنظريات العلمية والدعوة إلى تطبيقها في مجال العمل الأدبي. 2- الإنسان في نظرها حيوان تسيره غرائزه، وكل شيء فيه يمكن تحليله، فحياته الشعورية والفكرية والجسمية ترجع إلى إفرازات غددية. الواقعية الاشتراكية: وقد نادت بها الماركسية ومن أفكارها: 1- إن النشاط الاقتصادي(*) في نشأته وتطوره هو أساس الإبداع(*) الفني، لذلك يجب توظيف الأدب لخدمة المجتمع حسب المفهوم الماركسي. 2- العمل الأدبي الفني عليه أن يهتم بتصوير الصراع الطبقي بين طبقة العمال والفلاحين وطبقة الرأسمالية والبرجوازيين(*)، وانتصار الأولى التي تحمل الخير والإبداع على الثانية التي هي مصدر الشرور في الحياة. 3- رفض أي تصورات غيبية، وخاصة ما يتعلق منها بالعقائد السماوية. 4- استغلال جميع الفنون الأدبية لنشر المذهب(*) الماركسي. الجذور الفكرية والعقائدية: إن الأسس التي قامت عليها الواقعية هي المذاهب الفلسفية المادية(*)، مثل الفلسفة (*) الوضعية التي انتشرت في فرنسا في النصف الأول من القرن التاسع عشر ورائدها الفيلسوف الفرنسي كونت التي ترفض كل ما هو غيبي، وتقتصر على عالم المادة والحس. وكذلك تعد الفلسفة التجريبية التي تلتقي مع الوضعية في رفض الغيبيات من جذور الواقعية. ومن الجذور الفكرية العميقة للواقعية الاشتراكية(*): الفلسفة المادية الجدلية(*) التي نادى بها ماركس وإنجلز التي تعد العقيدة الرسمية للشيوعية الدولية والتي من مفاهيمها أن المادة هي الوجود الحقيقي، وأن القيم العقلية انبثقت من العلاقات المادية بين الناس. وكذلك ترتبط الواقعية بالنظرية الفلسفية التي ترى أن الحياة تنبت على الشر، وأن ما يبدو من مظاهر الخير ليس إلا طلاءً زائفاً يموه واقع الحياة الفكرية ويخفي طبيعة الإنسان الحقيقية. وقد عبر الفيلسوف الإنكليزي هوبز عن هذا الاتجاه بقوله: "إن الإنسان ذئب لا هم له إلا الفتك بالإنسان". وقد عمل دعاة الواقعية على ربط الإنسان الغربي بغرائزه وحيوانيته، وتوجيه نظره إلى التراب لا إلى السماء، وزادوا في ماديته، وساعدوا على إفساده وإيقاظ شهوته. أما دعاة الواقعية الاشتراكية أو الشيوعية، الذين سطروا الكتب والمقالات والقصص والمسرحيات والأشعار في تمجيد الشيوعية، والزعم أنها الحقيقة للسعادة البشرية، فقد زادوا الإنسانية شقاء وتعاسة ومعيشة ضنكا، وقد تحطمت فلسفتهم في أوروبا الشرقية تحت مطارق الواقع المؤلم.. كما نرى بأم أعيننا الآن، إذ بدأت تتراجع بخطى سريعة إلى عفن التاريخ الذي لا يرحم، وتفكك ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي، وعاد الإسلام إلى الدول الإسلامية. والإسلام يدعو إلى الاهتمام بالدنيا" اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً" ويرفض النظر بتشاؤم إلى تصاريف القدر وليس ثمة ما يمنع الإنسان من التأثير والتغيير في حياته والمجتمع الذي يعيش فيه. وقد كرم الإسلام الإنسان ولم يضعه في مصاف القرود واهتم بجانبه الروحي باعتباره – أي الإنسان – جسداً وروحاً، ولكلًّ مطالبه التي لا يجوز إغفالها ولا الاقتصار على أحدها دون الآخر. والمسلم يرفض النظرية الفلسفية التي تقول: "إن الحياة قد بنيت على الشر" والأديان (*) عموماً جاءت للقضاء على الشر والنهوض بالنفس البشرية. ويتضح مما سبق: أن الواقعية مذهب(*) أدبي فكري مادي ملحد، يصور الحياة كمادة ويرفض عالم الغيب ولا يؤمن بالله، ويرى أن الإنسان عبارة عن مجموعة من الغرائز الحيوانية، ويتخذ كل ذلك أساساً لأفكاره التي تقوم على الاهتمام بنقد المجتمع وبحث مشكلاته مع التركيز على جوانب الشر والجريمة، والميل إلى النزعات التشاؤمية وجعل مهمة النقد مركزة في الكشف عن حقيقة الطبيعة(*) كطبيعة بلا روح أو قيم. ومن هنا كانت آثار هذا المذهب الأدبي المدمرة على الشباب المسلم إذا لم يضع هذه الأمور في حسبانه وهو يتعامل مع الإفرازات الأدبية لهذا المذهب. ---------------------------- مراجع للتوسع : - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، د. عبد الرحمن رأفت الباشا – ط. جامعة الإمام – الرياض. - مذاهب الأدب الغربي، د. عبد الباسط بدر – نشر دار الشعاع – الكويت. - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د. نبيل راغب – مكتبة مصر – القاهرة. - الأدب المقارن، د. محمد غنيمي هلال – دار الثقافة – بيروت. - الأدب المقارن، ماريوس فرانسوا غويا، (سلسلة زدني علماً). - المذاهب الأدبية الكبرى، فيليب فان تيفيم (سلسلة زدني علماً). مراجع أجنبية : - Lanson: Histoire de la litterature francaise. Paris 1960. - De segure: Histoire de la letterature Europieenne, 1959. العدمــية التعريف : العدمية مذهب(*) أدبي وفلسفي ملحد، اهتم بالعدم باعتباره الوجه الآخر للوجود، بل هو نهاية الوجود، وبه نعرف حقيقة الحياة بعيداً عن النظرة المثالية والنظرة الواقعية السطحية. التأسيس وأبرز الشخصيات: = من أهم الشخصيات العدمية في مجال الأدب ديستوفسكي الروائي الروسي، وفي مجال الفلسفة نيتشه صاحب مقولة (موت الإله) والعدمية ترى أن الوجود الإلهي وعدمه سواء ولايحسن أن يجهد الناس أنفسهم في هذا الموضوع. والمؤرخون يفرقون بين الإلحاد والعدمية من حيث أن الملحد يختار جانب الإلحاد(*) الصريح (سارتر مثلاً) أما العدمي فيرى أن المسألة سواء (يستوي الوجود الإلهي وعدمه) وديستوفسكي يرى أنه إذا كان الإله(*) غير موجود فكل شيء مباح ولا معنى للأخلاق(*). = وهذا المذهب مرفوض إسلاميًّا لأننا مطالبون أولاً بتقرير الوجود الإلهي والتوحيد الخالص وثانياً تقرير ارتباط قيام الأخلاق على التشريع الإسلامي في مصدرية الأساسيين، فالأديب والفيلسوف العدمي يناقضان الإسلام. = برزت العدمية في روايات الواقعية النقدية لجوستاف فلوبير 1821 – 1880م وأندريه دي بلزاك 1799 – 1850م وفي أعمال الطبيعة الانطباعية لأميل زولا 1840 – 1902م في القرن التاسع عشر. إلا أن الأديب الفرنسي جوستاف فلوبير هو المعبر الأول عن العدمية في رواياته، ثم أصبحت مذهباً أدبياً لعدد كبير من الأدباء في القرن التاسع عشر. = ويعد الشاعر والناقد جوتفريد بن 1886 – 1956م من أبرز العدميين الذين وضحوا معنى العدمية كمذهب أدبي، إذ قال بأن العدمية ليست مجرد بث الياس والخضوع في نفوس الناس بل مواجهة شجاعة وصريحة لحقائق الوجود. = وقد رحب هذا الشاعر بالحكومة النازية عندما قامت في الثلاثينات من هذا القرن على أساس أنها مواجهة حاسمة للوجود الراكد. إلا أنه عُدَّ عدواً للنازية لأنه قال بأن البشر متساوون أمام العدم والفناء وليس هناك جنس مفضل على غيره. وقد صودرت جميع أعماله الأدبية عام 1937م. الأفكار والمعتقدات : = إن الإنسان خُلق وله إمكانات محدودة، وعليه لكي يثبت وجوده، أن يتصرف في حدود هذه الإمكانات، بحيث لا يتحول إلى يائس متقاعس أو حالم مجنون. = إن البشر يتصارعون، وهم يدركون جيداً أن العدم في انتظارهم وهذا الصراع فوق طاقتهم البشرية، لذلك يتحول صراعهم إلى عبث لا معنى له. = ينحصر التزام الأديب العدمي في تذكرة الإنسان بحدوده حتى يتمكن من استغلال حياته على أحسن وجه. = العمل الأدبي يثبت أن لكل شيء نهاية، ومعناه يتركز في نهايته التي تمنح الدلالة للوجود، ولا يوجد عمل أدبي عظيم بدون نهاية وإلا فقد معناه، وكذلك الحياة تفقد معناها إذا لم تكن لها نهاية. = الرومانسية المثالية في نظر الأديب العدمي مجرد هروب مؤقت لا يلبث أن يصدم الإنسان بقسوة الواقع وبالعدم الذي ينتظره، وقد يكون في هذا الاصطدام انهياره أو انحرافه. = يهدف الالتزام الأدبي للعدمية إلى النضوج الفكري للإنسان ورفعه من مرتبة الحيوان الذي لا يدرك معنى العدم. = تهدف العدمية إلى الغاء الفواصل المصطنعة بين العلم والفن، لأن المعرفة الإنسانية لا تتجزأ في مواجهة قدر الإنسان، وإذا اختلف طريق العلم عن طريق الفن فإن الهدف يبقى واحداً وهو: المزيد من المعرفة عن الإنسان وعلاقته بالعالم. = إن اتهام العدمية بالسلبية وإشاعة روح اليأس، يرجع إلى الخوف من لفظ العدم ذاته وهذه نظرة قاصرة، لأن تجاهل العدم لا يلغي وجوده من حياتنا. = العدمية ليست مجرد إبراز الموت والبشاعة والعنف والقبح ولكن الأديب العدمي هو الذي ينفذ من خلال ذلك إلى معنى الحياة، وبذلك يوضح بأن العدم هو الوجه الآخر للوجود، ولا يمكن الفصل بينهما لأن معنى كل منهما يكمن في الآخر. الجذور الفكرية والعقائدية: = ترجع العدمية في أفكارها إلى مسرحيات الإغريق القدامى، التي تصور الإنسان وصراعه مع الأقدار وكأنه صراع ضد فكرة العدم. = وكذلك العقائد النصرانية وما تتضمنه من معاني الموت، ونهاية العالم، واليوم الآخر، والحساب .. الخ. = إلا أن العدمية لم تبلور العقيدة الدينية في الحياة والموت.. في الإيمان الذي يبعث على عمل الخير والجد، والاجتهاد لإعمار الأرض لتكون الحياة عليها سعيدة مطمئنة. وإنما اقتصرت على تصوير معاني العدم والجانب السلبي في الحياة، على نحو يوحي بأن العدم هو الوجود الخالد، وطالما كان الأمر كذلك فإن الإلحاد يحيط بالعدمية من كل جانب. أماكن الانتشار: = انتشرت العدمية في فرنسا وإنكلترا بشكل خاص والعالم الغربي عامة. ويتضح مما سبق : أن العدمية مذهب(*) أدبي ملحد يعتبر العدم نهاية الوجود، ووفقاً لهذا المذهب ينحصر التزام الأديب العدمي في تذكير الإنسان بحدوده حتى يستغل حياته استغلالاً عدميًّا، ينضج معه فكر الإنسان، حسب زعم هذا المذهب، نضجاً يرفعه من مرتبة الحيوان الذي لا يدرك معنى العدم إلى مرتبة الأديب المدرك له والذي يلغي الفواصل المصطنعة بين العلم والفن، فالأديب العدمي هو الذي ينفذ من خلال الموت والبشاعة والعنف والقبح إلى معنى الحياة العدمية، فالعدم هو الوجه الآخر للوجود. ولا شك أن هذه الأفكار لا تخدم أية فكرة أخلاقية أو دينية، بل إنها تتنافى كلية معهما. --------------------------------- مراجع للتوسع : - المدخل إلى النقد الأدبي الحديث، د. محمد غنيمي هلال – ط2- القاهرة 1962م. - الأدب المقارن، د. محمد غنيمي – ط2- القاهرة 1962م. - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د. نبيل راغب – مكتبة مصر- القاهرة. - المذاهب الأدبية الكبرى، فليب فان تيغيم – (سلسلة زدني علماً). - Braunschvig. La Literature Contemporaine Etudiee dans les ****es. - Braunschvig: Notre Litterature Etudiee dans le ****e. Paris 1949. - Lanson: Histoire de la litterature Francaise, Paris. 1916. - De Segur (Nicola): Histoire de la Litterature Europeenne. 1959. البرناسية (مذهب الفن للفن) التعريف : البرناسية مذهب(*) أدبي فلسفي لا ديني قام على معارضة الرومانسية من حيث أنها مذهب الذاتية في الشعر، وعرض عواطف الفرد الخاصة على الناس شعراً واتخاذه وسيلة للتعبير عن الذات، بينما تقوم البرناسية على اعتبار الفن غاية في ذاته لا وسيلة للتعبير عن الذات، وهي تهدف إلى جعل الشعر فناً موضوعيًّا همه استخراج الجمال من مظاهر الطبيعة أو إضفائه على تلك المظاهر، وترفض البرناسية التقيد سلفاً بأي عقيدة أو فكر أو أخلاق(*) سابقة. وهي تتخذ شعار "الفن للفن". التأسيس وأبرز الشخصيات: = أطلق أحد الناشرين الفرنسيين على مجموعة من القصائد لبعض الشعراء الناشئين اسم "البرناس المعاصر" إشارة إلى جبل البرناس الشهير باليونان التي تقطنه "آلهة الشعر" كما كان يعتقد قدماء اليونان إلا أن الاسم ذاع وانتشر للتعبير عن اتجاه أدبي جديد. وإن كان دعاة هذا المذهب قد انتسبوا إلى مذاهب أدبية أخرى تشكلت فيما بعد ومنهم: - شارل بودلير 1821 – 1867م وهو شاعر فرنسي، نادى بالفوضى الجنسية، ووصف بـ "السادية" أي التلذذ بتعذيب الآخرين. - ومنهم تيوفيل جوتييه 1811 – 1872م وهو من أكبر طلائع البرناسية. - ومنهم لو كنت دي ليل ويعد رئيس هذا المذهب، وقد تبلورت مبادئه بعد منتصف القرن التاسع عشر وانتهى به الأمر إلى أن ترك النصرانية إلى البوذية. - ومالا راميه 1842 – 1898م وهو شاعر فرنسي، ويعد من أشد المدافعين عن هذا المذهب. ومن أعمدة المذهب الرمزي أيضاً. الأفكار والمعتقدات: = اعتبار الأدب والفن غاية في ذاتيهما وأن مهمتهما الإمتاع فقط لا المنفعة، وإثارة المشاعر وإلهاب الإحساس ليتذوق الإنسان الفن الجيد. = تحطيم القديم وتدميره لبناء العالم الجديد الخالي من الضياع، حسب زعمهم، والقديم في رأيهم، هو كل ما ينطوي على العقائد والأخلاق والقيم. = يحقق الإنسان سعادته عن طريق الفن لا عن طريق العلم. = استبعاد التعليم والتوجيه التربوي عن الشعر والفن عامة. والاهتمام بالشكل والتعبير الأدبي أكثر من اهتمامهم بالمضامين الفنية والأدبية. = إن الحياة تقليد للفن وليس العكس. الجذور الفكرية والعقائدية: = كان أرسطو الفيلسوف اليوناني 383 – 322 ق.م أول من هاجم الاتجاه التعليمي والأخلاقي في الشعر، وكان يرد بذلك على أفلاطون الذي قرر أن الشعر خادم الفلسفة(*) الأخلاقية وفكرة الإرشاد التعليمي. = وبعد سقوط الإمبراطورية الإغريقية، وسيطرة الإمبراطورية الرومانية بكل اتجاهاتها العملية والنفعية، سيطر الاتجاه التعليمي على الأدب. = سيطرت الكنيسة (*) على الفلسفة والأدب وبقي الاتجاه التعليمي في الشعر هو السائد. ومع ذل وجد من يتذوق الشعر من أجل القيم الجمالية، كالقديس أوغسطيوس في كتابه النظرية المسيحية(*) حيث يؤكد على المتعة الفنية التي تذوقها هو في الأسلوب الأدبي الذي كتبت به الأناجيل(*). = ورغم تطور النقد الأدبي في القرن السادس عشر إلا أنه لم يتغلب على الاتجاه التعليمي في الأدب. = وفي القرن السابع عشر يؤكد بيركورني أن الهدف الأساسي في الشعر المسرحي هو المتعة الفنية. = وبمرور الزمن ازداد الهجوم على الجانب التعليمي للفن من قبل ورد زورث 1770- 1850م والشاعر شيللي 1792 – 1822م ورواد المدرسة الرمزية أمثال بودلير ومالا راميه. = وفي مطلع القرن العشرين اعتبر النقاد نظرية الفن للفن.. دفاعاً مستميتاً عن الفن حتى لا تستخدم في الأغراض النفعية المؤقتة. = والواقع أن المضمون الفكري والعقائدي لهذا المذهب(*) - غير الصورة الخارجية المتعلقة بالمتعة الفنية – هو رفض كل فكرة وعقيدة وأخلاق سابقة وخاصة ما يتعلق بالدين(*) وإن كان هذا الأمر لم يكن واضحاً في آثار أصحاب المذاهب. = لذلك كان الهجوم على مدرسة الفن للفن، بعد انحرافها الكبير عن الحياة الواعية العاقلة من قبل بعض النقاد أمثال ت.س. اليوت الذي اتهم أصحابها بالخطأ وقصر النظر، وقرر أنه لابد من الالتزام للأديب أو الشاعر. وأن غاية الشعر والنقد تُلزم كل شاعر وناقد أن تكون الكتابة ذات نفع اجتماعي ما للقارىء. الانتشار ومناطق النفوذ: = مذهب(*) الفن للفن مثل بقية المذاهب الأدبية نشأ في أوروبا، وأشد المتحمسين له كانوا في فرنسا، أم المذاهب تقريباً، ولكن كان له أنصار في ألمانيا وإيطاليا، ووصل المذهب إلى أمريكا وغيرها من الدول. إلا أنه تقلص بعد ذلك وتقوقع على نفسه بعد أن وجه له النقد الشديد لانحرافه عن كثير من الأصول التي بني عليها، والقيم التي كان يلزمه التقيد بها. = ملاحظـة: - يلاحظ أن البرناسية تعزل الأدب عن قضايا الحياة الاجتماعية والسياسية وتجعله غاية في حد ذاته، والإسلام يحدد غايات الإنسان في الحياة، ولا يقبل أن يكون الأدب غاية في ذاته، كما يرفض الإسلام الأدب المكشوف الذي يستخدم كأداة للانحراف ويقيس قيمته بموازين الخير والشر، وإذا صدر الأدب عن تصور يرفض القيم الدينية فهو مرفوض شكلاً وموضوعاً مهما سمت قيمته الأدبية وفقاً لمقاييس الصياغة أو حسن التعبير. ويتضح مما سبق: أن البرناسية مذهب أدبي فلسفي لا ديني، يعارض الرومانسية من حيث أنها مذهب الذاتية في الشعر، وهو يعتبر الأدب والفن غاية في حد ذاتيهما، لا وسيلة للتعبير عن الذات، ويرنو إلى تحطيم كل ما هو قديم وتدميره من أجل بناء العالم الجديد الخالي من الضياع حسب زعم أنصار المذهب. ولما كان القديم في هذا المذهب يعني كل ما ينطوي على العقائد والأخلاق(*) والقيم، فإن تحطيم القديم يعني في هذا المذهب(*) وجوب تحطيم الدين(*) والقيم الأخلاقية الأمر الذي يجب أن يتنبه له الشباب المسلم وهو يدرس هذا المذهب ويتعامل مع حصاده الفكري. الرد الإسلامي على نظرية الفن للفن: - الأدب في الإسلام والفن يجب أن يكون ملتزماً بالقيم الإسلامية وبمراعاة مبدأ التوحيد الخالص وبمراعاة نهي الإسلام عن التصوير والتجسيد، أما الفن للفن فإتباع للهوى وقد يؤدي بالفنان إلى تصوير ما يثير الشهوات ويفسد الأخلاق، وذلك مناقض لما تجب مراعاته من ضرورة الالتزام بأصول الفقه وأهم قواعده (لا ضرر ولا ضرار) والفن للفن يؤدي إلى إضرار أو إلى عدم منفعة وكلاهما موقف غير إسلامي. ------------------------------ مراجع للتوسع: - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، د. نبيل راغب – مكتبة مصر - القاهرة. - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية ، د. نبيل راغب – مكتبة مصر – القاهرة. - مذاهب الأدب الغربي ،د. عبد الباسط بدر – مكتبة البيت – الكويت. - الأدب المقارن ، د. محمد غنيمي هلال – دار الثقافة – بيروت. المراجع الأجنبية: - De Segur: Histoire de la litterature Europeenne. Paris. 1959. - Lanson: Histoire de la litterature Francaise Paris. 1960. - The Oxford Companion to English Literature. Edited by Margaret Drabble. - The Cambridge Guide to Literature in English, edited by Ian Ousby. - Encyclopedia Britanicca V 10 Literature – Westing. الانطباعية (التأثرية) التعريف : الانطباعية مذهب(*) أدبي فني، ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في فرنسا، وهو يعتبر الإحساس، والانطباع الشخصي الأساس في التعبير الفني والأدبي، لا المفهوم العقلاني للأمور. ويرجع ذلك إلى أن أي عمل فني بحث لابد أن يمر بنفس الفنان أولاً، وعملية المرور هذه هي التي توحي بالانطباع أو التأثير الذي يدفع الفنان إلى التعبير عنه. التأسيس وأبرز الشخصيات: = أطلقت الانطباعية في البداية على مدرسة في التصوير ترى أن الرسام يجب أن يعبر في تجرد وبساطة عن الانطباع الذي ارتسم فيه حسيّاً، بصرف النظر عن كل المعايير العلمية، وبخاصة في ميدان النقد الأدبي، فالمهم هو الانطباع الذي يضفيه الضوء مثلاً على الموضوع لا الموضوع نفسه. ومن أهم شخصياتها: - أناتول فرانس 1844 – 1924م – الأديب الفرنسي، وهو يعد رائد الانطباع في الأدب، بعد أن انتقل المصطلح من الرسم إلى الأدب، ويرى أن قيمة أي عمل أدبي تكمن في نوعية الانطباعات التي يتركها في نفس القارىء وهذا الانطباع هو الدليل الوحيد على الوجود الحي للعمل الأدبي. - إنطونان بروست: ويعد من أبرع من جسد الانطباعية الأدبية فهو حين يصف مشهداً أو ينقل أحاسيسه إزاء مشهد، تتجسد أمامنا لوحة انطباعية. الأفكار والمعتقدات: = طالما أن قيمة أي عمل أدبي تكمن في نوعية الانطباعات التي يتركها في نفس القارىء، فإن على الأديب أن يضع هذه الحقيقة نصب عينيه، لأن الانطباع هو الدليل الوحيد على الوجود الحي للعمل الأدبي. = إن الفنان يحس أو يتأثر أولاً، ثم ينقل هذا الانطباع أو التأثير عن طريق التعبير. ولا يكترث للمعايير المتبعة للنقد الأدبي. = الانطباعية تقول: (أنا أحس إذن أنا موجود) بدلاً من العقلانية التي تقول على لسان ديكارت: (أنا أفكر إذن أنا موجود). = كل معرفة لم يسبقها إحساس بها لا تجدي.. = المضمون هو المهم لا الشكل الفني عند الأديب الانطباعي في نقل انطباعه الذاتي للآخرين. = العالم الخارجي مجرد تجربة خاصة وأحاسيس شخصية وليس واقعاً موضوعيًّا موجوداً بشكل مستقل عن حواس الفرد. = من النقد الذي وجه للانطباعيين أنهم جروا وراء التسجيل الحرفي للانطباع ونسوا القيمة الجمالية التي تحتم وجود الشكل الفني في العمل الأدبي. = وأن أدب الاعترافات والخطابات الأدبية اللذين أدت إليهما الانطباعية، حيث يعبر فيهما الأدباء عن مكنونات صدورهم، تحولا إلى مجرد مرآة لحياة الأديب الداخلية، أي أن هؤلاء ينظرون للأدب على أنه مجرد ترجمة ذاتية أو سيرة شخصية للأديب. = وهكذا فقد أصبح النقد الأدبي والتذوق الفني مجرد تعبير عن الانفعالات الشخصية والأحاسيس الذاتية التي يثيرها العمل الأدبي في الناقد. = والفرق بين الانطباعية الشكلية والانطباعية الأدبية هو أن الانطباعية الشكلية تهتم بالشكل (تسليط الضوء على الإطار الخارجي)، بينما تهتم الانطباعية الأدبية بالمضمون الأدبي من خلال تأثير الأديب الانطباعي على القارىء. الجذور الفكرية والعقائدية: = إن العالم الحديث وما يتضمنه من أنانية فردية، وذاتية غير أخلاقية هو الذي أفرز مذهب الانطباعية حيث فرض على الفرد العزلة، فأصبحت أفكاره تدور حول ذاته، وليس العالم عنده سوى مجموعة من المؤثرات الحسية العصبية، والانطباعات والأحوال النفسية، ولا يهمه الاهتمام بالعالم وإصلاحه أو تغييره إلى الأفضل. الانتشار وأماكن النفوذ: بدأت الانطباعية في فرنسا، ثم انتشرت في أوروبا.. وهي اتجاه يدخل في جميع المدارس الأدبية ، حيث الانطباع عنصر أولي في أي عمل فني، ولكنه ليس كل شيء.. ولذلك اندثرت عندما اقتصرت على فكرة أن الانطباع هو الهدف الوحيد والمادة الخام التي يتشكل منها أي عمل فني. ويتضح مما سبق : أن الانطباعية أو التأثيرية مذهب(*) أدبي فني ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في فرنسا، ومضمونه اعتبار الانطباع الشخصي والإحساس، بمثابة الأساس في التعبير الفني والأدبي، بحيث تكمن قيمة العمل الأدبي في نوعية الانطباعات التي يتركها هذا العمل في نفس القارىء، الأمر الذي يستلزم تبني الأديب أو الفنان لهذه الحقيقة، فالإحساس وليس العقل(*) والتفكير، هو معيار وجود الإنسان وفق هذا المذهب، وكل معرفة لا يسبقها إحساس بها فهي معرفة غير مجدية، والعبرة بمضمون العمل الفني وليس بشكله، ولا يعبأ هذا المذهب بإصلاح أحوال الناس أو تغيير العالم إلى الأفضل. ومن هنا كانت الثغرات الأخلاقية والاجتماعية في هذا المذهب الأدبي ذات أثر كبير على كل من يطلع على نتاجه دون أن يكون ملماً سلفاً بفكرته تلك ولأن الفنان الانطباعي غير ملتزم إلا بالرؤية الحسية وتصوير ما انطبع على حواسه حتى لو لم يره الآخرون، وحتى لو عارضت انطباعاته القيم السامية وأدت من ثم للإضرار بالناس. مراجع للتوسع : - الأدب المقارن ، د. محمد غنيمي هلال – دار الثقافة – بيروت. - المدخل إلى النقد الأدبي الحديث، د. محمد غنيمي هلال – القاهرة 1959م. - الانطباعية، تأليف موريس سيرولا – ترجمة هنري زغيب – منشورات عويدات. - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د. نبيل راغب – مكتبة مصر. - النقد الجمالي، أندريه ريشار – ترجمة هنري زغيب (سلسلة زدني علماً). - الجمالية الفوضوية، أندريه رستسلر – ترجمة هنري زغيب (سلسلة زدني علماً). - الفن الانطباعي، موريس سيرولا – (سلسلة زدني علماً ). - J. Leymarie, L’Impressionmisme. Paris 1959. 2 Vol. - G. Moore, Modern Painting, London – New York – 1893. الوجــودية التعريف : = الوجودية مذهب (*) فلسفي أدبي ملحد، وهو أشهر مذهب استقر في الآداب الغربية في القرن العشرين. = ويركز المذهب على الوجود الإنساني الذي هو الحقيقة اليقينية الوحيدة في رأيه، ولا يوجد شيء سابق عليها، ولا بعدها، وتصف الوجودية الإنسان بأنه يستطيع أن يصنع ذاته وكيانه بإرادته ويتولى خلق أعماله وتحديد صفاته وماهيته باختياره الحر دون ارتباط بخالق أو بقيم خارجة عن إرادته، وعليه أن يختار القيم التي تنظم حياته. التأسيس وأبرز الشخصيات: = دخل المذهب الوجودي مجال الأدب على يد فلاسفة فرنسيين: هم جبرييل مارسيل المولود عام 1889م. وقد أوجد ما أسماه الوجودية المسيحية(*)، ثم جان بول سارتر الفيلسوف والأديب الذي ولد 1905م. ويعد رأس الوجوديين الملحدين والذي يقول: إن الله خرافة ضارة. وهو بهذا فاق الملحدين السابقين الذين كانوا يقولون إن الله خرافة نافعة.. – تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيراً – ومن قصصه ومسرحياته : الغثيان، الذباب، الباب المغلق. = ومن الشخصيات البارزة في الوجودية: سيمون دي بوفوار وهي عشيقة سارتر. التي قضت حياتها كلها معه دون عقد زواج تطبيقاً عمليًّا لمبادىء الوجودية التي تدعو إلى التحرر من كل القيود المتوارثة والقيم الأخلاقية. الأفكار والمعتقدات: = الوجود اليقيني للإنسان يكمن في تفكيره الذاتي، ولا يوجد شيء خارج هذا الوجود ولا سابقاً عليه، وبالتالي لا يوجد إله(*) ولا توجد مثل ولا قيم أخلاقية متوارثة لها صفة اليقين، ولكي يحقق الإنسان وجوده بشكل حر فإن عليه أن يتخلص من كل الموروثات العقدية والأخلاقية. = إن هدف الإنسان يتمثل في تحقيق الوجود ذاته، ويتم ذلك بممارسة الحياة بحرية مطلقة. = الالتزام في موقف ما – نتيجة للحرية(*) المطلقة في الوجودية – من مبادىء الأدب الوجودي الرئيسة.. حتى سميت الوجودية: أدب الالتزام أو أدب المواقف.. أي الأدب الذي يتخذ له هدفاً أساسياً أصحابه هم الذين يختارونه. وبذلك جعلوا القيمة الجمالية والفنية للأدب بعد القيمة الاجتماعية الملتزمة. = ولقد نتج عن الحرية(*) والالتزام في الوجودية، القلق والهجران واليأس: - القلق نتيجة للإلحاد(*) وعدم الإيمان بالقضاء والقدر(*).. ونبذ القيم الأخلاقية والسلوكية. -والهجران الذي هو إحساس الفرد بأنه وحيد لا عون له إلا نفسه. - واليأس الذي هو نتيجة طبيعية للقلق والهجران، وقد حاول سارتر معالجة اليأس بالعمل، وجعل العمل غياة في ذاته لا وسيلة لغرض آخر، وحسب الوجودي أن يعيش من أجل العمل وأن يجد جزاءه الكامل في العمل ذاته وفي لذة ذلك العمل. الجذور الفكرية : = ترجع بذور مذهب(*) الوجودية إلى الكاتب الدانمركي كيركا جورد 1813 – 1855م وقد نمَّى آراءه وتعمق فيها الفيلسوفان الألمانيان مارتن هيدجر الذي ولد عام 1889م، وكارك يسبرز المولود عام 1883م. وقد أكد هؤلاء الفلاسفة أن فلسفتهم ليست تجريدية عقلية، بل هي دراسة ظواهر الوجود المتحقق في الموجودات. = والفكر الوجودي لدى كيركاجورد عميق التدين، ولكنه تحول إلى ملحد إلحالداً صريحاً لدى سارتر. - ومهما حاول بعض الوجوديين العرب، وغيرهم، تزيين صورة الوجودية، إلا أنها ستبقى مذهباً هداماً للأديان والعقائد والقيم الأخلاقية. أماكن الانتشار: = انتشرت الوجودية الملحدة في فرنسا بشكل خاص، وكانت قصص ومسرحيات سارتر من أقوى العوامل التي ساعدت على انتشارها. ويتضح مما سبق: أن الوجودية مذهب فلسفي أدبي ملحد، وهو أشهر المذاهب الأدبية التي استقرت في الآداب الغربية في القرن العشرين ويرى أن الوجود الإنساني هو الحقيقة اليقينية الوحيدة عند الوجوديين، بحيث إنه لا يوجد شيء سابق على الوجود الإنساني كما أنه لا يوجد شيء لاحق له، ولذا فإن هدف الإنسان يتمثل في تحقيق الوجود ذاته، ويتم ذلك بممارسة الحياة بحرية مطلقة. وقد أفرز هذا المذهب(*) أموراً عديدة منها القلق واليأس نتيجة للإلحاد وعدم الإيمان وهما من ركائز هذا المذهب. لذا يجب أن يعي الشباب المسلم حقيقة هذا المذهب وهو يتعامل مع إفرازاته. ولا شك أن الإسلام يرفض الوجودية بجميع أشكالها ويرى فيها تجسيداً للإلحاد(*) كما أن قضايا الحرية(*) والمسؤولية والالتزام التي تدعو إليها الوجودية غير مقيدة بأخلاق(*) أو معتقدات دينية. وهي تنادي بأن الإنسان لا يدري من أين جاء ولا لماذا يعيش وهذه جميعها أمور محسومة في الإسلام وواضحة كل الوضوح في عقل وضمير كل مسلم آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً (*) نبيًّا (*) وقدوة وإماماً. ---------------------------- مراجع التوسع : - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا – ط جامعة الإمام 1405هـ. - الأدب المقارن، للدكتور محمد غنيمي هلال. - الأدب ومذاهبه، للدكتور محمد مندور – دار نهضة مصر – القاهرة. - الموسوعة الفلسفية المختصرة، لمجموعة من المؤلفين – دار القلم – بيروت. - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، للدكتور نبيل راغب- مكتبة مصر – القاهرة. المراجع الأجنبية : Existentialism and Humanism by J.P. Sartre, London, 1955. Literary and Philosophical Essays by J.P. Sartre, London, 1955. Histoire de la litterature Francaise Paris 1960. التعبيريـة التعريف : = التعبيرية مذهب(*) أدبي فلسفي تجريبي لا انطباعي، إذ يعطي الأديب فيه للتجربة بعداً ذاتيًّا ونفسيّاً وذلك على عكس الانطباعية التي تركز على التعبير عن الانطباع الخارجي عن الذات. = وقد اهتمت التعبيرية بالمسرح كما اهتمت بضروب الأدب الأخرى. التأسيس وأبرز الشخصيات: = لقد تفرعت المدرسة التعبيرية إلى اتجاهات متعددة وهي: - الاتجاه التطبيقي: ويقول أصحاب هذا الاتجاه: إن مهمة الأدب هي تنشيط عقل الإنسان ووجدانه، ومنعهما من الركود والبلادة، وليس مجرد تقديم صورة لما يراه الإنسان بالفعل في حياته اليومية . ومن شخصيات هذا الاتجاه توللر وهاسين كليفر وبيتشر وكابر والأمريكي جون هاورد لوسون. - الاتجاه اللاعقلاني: ويقول أصحاب هذا الاتجاه إن المعقول هو ما اتفق عليه الناس، وعلى المسرح أن يعالج ما لم يتفق عليه الناس بعد. = ومن شخصيات هذا الاتجاه: - صمويل بيكيت المولود سنة 1906م وهو روائي ومسرحي أيرلندي الأصل. كان يكتب مسرحياته بالفرنسية. - أونسكو المولود سنة 1912م وهو مسرحي روماني الأصل، ويعد من أركان مسرح اللامعقول. - ومن رموز التعبيرية أيضاً كافكا وأونيل الذي بلغت التعبيرية قيمتها في إحدى مسرحياته المتأخرة أيام بلا نهاية. الأفكار والمعتقدات: = يتركز هدف الفن التعبيري في التجسيد الموضعي الخارجي للتجربة النفسية المجردة، عن طريق توسيع أبعادها، وإلقاء أضواء جديدة عليها، لكي تكشف عن الأشياء التي يخفيها الإنسان أو التي لا يستطيعون رؤيتها لقصر نظرهم. = وتجسد التعبيرية جوهر الأشياء، دون إظهار خارجها، ولذلك فهي لا تعترف بأن هناك تشابها بين الظاهر والباطن. = تهتم التعبيرية بالإنسان كله، ولذا فإن الشخصيات في المسرح التعبيري تتحول إلي مجرد أنماط أكثر منها أناس من لحم ودم. وأحياناً تتحول إلي مجرد أرقام أو مسميات عامة. - تقوم المسرحية التعبيرية على شخصية محورية تمر بأزمة نفسية أو عاطفية، لذلك يستعين المؤلف بعلم النفس في أحيان كثيرة حتى يبلور مأساة الشخصية الداخلية. = ركز أصحاب المذهب(*) التعبيري علي مهمة الأدب التقليدي الذي غالباً ما يتميز بالمحدودية والغباء وضيق الأفق. = الاتجاه اللاعقلاني في التعبيرية يعد الابن الشرعي للمذهب السريالي الأم. ولذلك يعد ثورة على منطق الحياة وعلى العقل، لذلك لا يخضع لقواعد الفن. ويعتقد بأن الحياة في جوهرها وفي حقيقتها التجريدية شيء لا معقول أي غير مفهوم وغير قابل للفهم أو للتفسير. - ويعد هذا الاتجاه أيضا من أمراض العصر الحاضر المملوء بالقلق واليأس من الحياة، والمصير المظلم الذي ينتهي بالموت. نقد للاتجاه اللاعقلاني في التعبيرية: - هاجم الناقد الفرنسي: مورياك.. في كتابه الأدب المعاصر أدب بيكيت اللامعقول. فقال:" إننا لا نعرف من بيكيت شيئاً محققاً أو واضحاً ولا نفهم شيئاً مما يقول على حقيقته". - وكذلك هاجم أدب اللامعقول، الناقد أندريه مارسيل فقال:" يبدو أن الهدف الرئيسي لبيكيت هو كتابة العمل الأدبي الذي لا يكتب والذي لا يمكن تأليفه، إنها محاولة نحو المستحيل، وهي مأساة فشل لا مفر منه، ومجرد أكوام من الحطب المحترق التي تملأ الجو دخاناً في أرض مبهمة مجهولة". الجذور الفكرية والعقائدية: = تعد الحرب العالمية الثانية، وما تركته من دمار في الأرض، ودمار في النفوس والأفكار المحضن الحقيقي للاتجاه اللاعقلاني في الأدب، لذلك كان اليأس والتشاؤم والقلق هو الغالب على مسرحيات هذا الاتجاه، إذ إن كثيراً من المفكرين والأدباء الأوروبين فقدوا الأمل في الفكر العقلاني الواعي، لأن ما جرى خلال الحرب ينافي العقل والمنطق(*) في رأيهم. الانتشار وأماكن النفوذ: نشأت التعبيرية في فرنسا وألمانيا وانتشرت بعد ذلك في أوربا والعالم الغربي كله. يتضح مما سبق: أن التعبيرية مذهب أدبي فلسفي، يهتم بالتجربة الإنسانية، ويعطيها بعداً ذاتياً ونفسيًّا، فالعبرة فيه بجوهر الشيء لا بمظهره، لأنه لا يوجد أي تشابه بين الظاهر والباطن. وفي مجال المسرح يركز هذا المذهب على فكرة الشخصية المحورية التي تجتاز أزمة نفسية أو عاطفية ويتم تحليل أبعادها الخارجية من خلال معطيات علم النفس وأدواته. ويعد هذا المذهب مظهراً من مظاهر أمراض العصر الذي يغصّ بالقلق واليأس من الحياة والمصير المظلم الذي يسود كثيراً من دول الغرب وينتهي بكثير من الناس إلى فقدان الإحساس بقيمة الحياة والقيم الروحية التي تثريها وتجعل للإنسان فيها هدفاً ولوجوده معنى. = تعقيب : - الإسلام لا يمنع التعبير عن مكنونات النفس إذا كان ذلك لا يتعارض مع معطيات الشرع، كالإفضاء بأسرار الحياة الزوجية مثلاً أو الدعوة إلى الإباحية وهكذا، وفي نفس الوقت يحبب حياة الجد والعمل والاجتهاد، ويمحو مفاهيم الفوضى والعدمية واللامعقول من عقول الناس حتى لا تسيطر عليها وتحيل الحياة إلى جحيم لا يطاق. ---------------------------- مراجع للتوسع : - الأدب ومذاهبه، د. محمد مندور دار نهضة مصر – القاهرة. - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د. نبيل راغب – مكتبة مصر – القاهرة. - المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا، فليب فان يتغيم، ترجمة فريد أنطوانيوس – (سلسلة زدني علماً). المراجع الأجنبية: - De Segur: Histoire de la litterature Europieenne. Paris 1959. - Lanson: Histoire de la litterature Francaise Paris 1960. العبثيـة التعريف : العبثية مدرسة أدبية فكرية، تدعي أن الإنسان ضائع لم يعد لسلوكه معنى في الحياة المعاصرة، ولم يعد لأفكاره مضمون وإنما هو يجتر أفكاره لأنه فقد القدرة على رؤية الأشياء بحجمها الطبيعي ، نتيجة للرغبة في سيطرة الآلة على الحياة لتكون في خدمة الإنسان حيث انقلب الأمر فأصبح الإنسان في خدمة الآلة، وتحول الناس إلى تروس في هذه الآلة الاجتماعية الكبيرة. وجاءت مدرسة العبث كمرآة تعكس وتكبِّر ما يعاني منه إنسان النصف الثاني من القرن العشرين عن طريق تجسيده في أعمال مسرحية ورواية شعرية، لعله ينجح في التخلص من هذا الانفلات في حياته ويفتح الطريق أمام ثورة هائلة في الإمكانيات ومن التجديد في وسائل التعبير فيتولد لديه الانسجام والفهم لما يحدث. التأسيس وأبرز الشخصيات: = نشأ مذهب(*) العبث في الأدب الأوروبي وانتقل إلى الآداب العالمية المعاصرة بصفة عامة، والدول التي عانت من الحرب العالمية الأولى والثانية بصفة خاصة، وهي الدول التي فقدت ثقتها في مجرد المسلك العقلي المنطقي الذي يمكن أن يدمر في لحظات كل ما يبنيه الإنسان من مدنية عندما تحكمه شهوة السيطرة والتدمير، كما فعل هتلر في الحرب العالمية الثانية. = ومن العبث التفتيش عن معنى للسلوك الإنساني، في رأي أصحاب مذهب العبث؛ فإن الآلة التي اخترعها الإنسان قد سيطرت عليه، وأصبح هو نفسه ترساً فيها، مما أدى إلى إحساسه بالعبث والضياع في المضحك المؤلم. = ومن أبرز شخصيات مذهب العبث الفرنسيين: - صامويل بيكيت 1906م 000 الرائد الأول لمذهب العبث، وقد ألف في جميع الأشكال الأدبية، ومنح جائزة نوبل عام 1969م. - أوجين يونسكو 1912-0000 وهو كاتب فرنسي ويعد من أركان مسرح اللامعقول. الأفكار والمعتقدات: = يمكن إجمال أفكار ومعتقدات مذهب(*) العبثية الأدبي والفكري فيما يلي: - انعدام المعنى والمضمون وراء السلوك الإنساني في العالم المعاصر وذلك نتيجة ما قيل إنه الفراغ الروحي والابتعاد عن الإيمان الذي لا يكون للحياة معنى وغاية بدونه. - إن الآلة التي سيطرت على الإنسان في المدنية الغربية، أدت إلى تحلل المجتمع وتفككه ولم يعد هناك روابط أسرية أو اجتماعية. - إن تصوير الحياة المعاصرة وما فيها من تشتت وفقدان للرؤية الواضحة ورتابة مملة، وقلق وعدم أمان، يحول الحياة إلى وجود لا طعم فيه ولا معنى. - التأثر بآراء فرويد في علم النفس التحليلي وما فيه من إيحاءات وأحلام وخيالات وأوهام. - الخوف والرهبة من الكون، وهذا الخوف يقضي على كل تفكير عقلاني متماسك. إتباع أسلوب الألغاز والغموض في التعبير، حيث لا يفهم النقاد ما ينتجون من أدب وشعر. الجذور الفكرية والعقائدية: = تعد مدرسة السريالية الفرنسية الأساس لمذهب العبث، وذلك لما تحويه من شطحات العقل الباطن، وهلوسة عالم الأحلام الزاخر بالهواجس والآلام والآمال. = كما تعد المدرسة الرمزية من جذور مذهب العبث وما تحويه من صور مشوشة مضطربة تجمع بين الجمال والقبح والأسطورة والواقع، كذلك فإن آراء فرويد النفسية وما تحويه من إيحاءات وأحلام نتيجة تحليله النفسي للمرضى والمعتوهين تعتبر من الجذور الفكرية لمذهب العبث. أماكن الانتشار: بدأ مذهب العبثية في فرنسا ثم انتشر في كافة أوروبا والعالم الغربي خاصة. ويتضح مما سبق : أن العبثية مدرسة أدبية فكرية لا تقيد نفسها بكثير من القيم الإنسانية، ولا ترى أن هناك أي مضمون حقيقي وراء السلوك الإنساني، الذي تحلل في المجتمع الغربي بسبب سيطرة الآلة على مسارات الحياة حتى أنها جعلت الإنسان ترساً في هذه الآلة الضخمة. وقد تأثرت هذه المدرسة بآراء فرويد في علم النفس التحليلي وما فيه من أحلام وأوهام وخيالات، وترى وجوب إتباع أسلوب الغموض والألغاز في التعبير بحيث لا يفهم النقاد نتاج هذه المدرسة التي يقوم فكرها على أساس الخوف من الكون والرهبة منه وهو خوف يقضي على كل تفكير عقلاني. ومع كل ما تقدم فإنها ترجع ضياع الإنسان في الغرب إلى الفراغ الروحي، ولكنها لا تلزم نفسها بأية قيم دينية سلفاً، ولذا وجب النظر إلى نتاجها الفكري بحذر واهتمام. ---------------------------- مراجع للتوسع : - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، للدكتور. نبيل راغب مكتبة مصر – القاهرة. - الأدب المقارن، د. محمد عفيفي هلال، دار العروة، بيروت. - في الأدب، د. محمد مندور. - الأدب ومذاهبه، د. محمد مندور. - المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا، ترجمة فريد أنطونيوس (سلسلة زدني علماً). - الفوضوية، هنري أرفون (سلسلة زدني علماً). - الجمالية الفوضوية، أندريه رستسلر (سلسل زدني علماً). مراجع أجنبية: - De Segur. Histoire de la letterature Europeenne. Paris. 1959. - Lanson: Histoire de la letterature Francaise, Paris, 1960. - Caramian (L) Symbolisme et poesie, l’Exemple anglais. Paris. 1947. - Clouard (H). Histoire de la letterture Francaise du Symbolisme a nos jurs 1944 – 1949. البنيويــة التعريف : = البنيوية: منهج(*) فكري وأداة للتحليل، تقوم على فكرة الكلية أو المجموع المنتظم. اهتمت بجميع نواحي المعرفة الإنسانية، وإن كانت قد اشتهرت في مجال علم اللغة والنقد الأدبي، ويمكن تصنيفها ضمن مناهج النقد المادي الملحدة. - اشتق لفظ البنيوية من البنية إذ تقول: كل ظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية، تشكل بنية، ولدراسة هذه البنية يجب علينا أن نحللها (أو نفككها) إلى عناصرها المؤلفة منها، بدون أن ننظر إلى أية عوامل خارجية عنها. التأسيس وأبرز الشخصيات: = كانت البنيوية في أول ظهورها تهتم بجميع نواحي المعرفة الإنسانية ثم تبلورت في ميدان البحث اللغوي والنقد الأدبي وتعتبر الأسماء الآتية هم مؤسسو البنيوية في الحقول المذكورة: - ففي مجال اللغة برز فريدنان دي سوسير الذي يعد الرائد الأول للبنيوية اللغوية الذي قال ببنيوية النظام اللغوي المتزامن، حيث أن سياق اللغة لا يقتصر على التطورية Diachronie، أن تاريخ الكلمة مثلاً لا يعرض معناها الحالي، ويمكن في وجود أصل النظام أو البنية، بالإضافة إلي وجود التاريخ، ومجموعة المعاني التي تؤلف نظاماً يرتكز على قاعدة من التمييزات والمقابلات، إذ إن هذه المعاني تتعلق ببعضها، كما تؤلف نظاماً متزامناً حيث أن هذه العلاقات مترابطة. - وفي مجال علم الاجتماع برز كلا من: كلود ليفي شتراوس ولوي التوسير الذين قالا: إن جميع الأبحاث المتعلقة بالمجتمع، مهما اختلفت، تؤدي إلى بنيويات؛ وذلك أن المجموعات الاجتماعية تفرض نفسها من حيث أنها مجموع وهي منضبطة ذاتياً، وذلك للضوابط المفروضة من قبل الجماعة. - وفي مجال علم النفس برز كل من ميشال فوكو وجاك لا كان اللذين وقفا ضد الاتجاه الفردي Test is Contest في مجال الإحساس والإدراك وإن كانت نظرية الصيغة (أو الجشتلت) التي ولدت سنة 1912م تعد الشكل المعبر للبنيوية النفسية. الأفكار والمعتقدات : إن دراسة أي ظاهرة أو تحليلها من الوجهة البنيوية. يعني أن يباشر الدارس أو المحلل وضعها بحيثياتها وتفاصيلها وعناصرها بشكل موضوعي، من غير تدخل فكره أو عقيدته الخاصة في هذا، أو تدخل عوامل خارجية (مثل حياة الكاتب، أو التاريخ) في بنيان النص. وكما يقول البنيويون: "نقطة الارتكاز هي الوثيقة لا الجوانب ولا الإطار Test is Contest وأيضاً: "البنية تكتفي بذاتها. ولا يتطلب إدراكها اللجوء إلى أي من العناصر الغريبة عن طبيعتها". وكل ظاهرة – تبعاً للنظرية البنيوية – يمكن أن تشكل بنية بحد ذاتها؛ فالأحرف الصوتية بنية، والضمائر بنية، واستعمال الأفعال بنية.. وهكذا. = تتلاقى المواقف البنيوية عند مبادىء عامة مشتركة لدى المفكرين الغربيين، وفي شتى التطبيقات العملية التي قاموا بها، وهي تكاد تندرج في المحصلات التالية: - السعي لحل معضلة التنوع والتشتت بالتوصل إلى ثوابت في كل مؤسسة بشرية. - القول بأن فكرة الكلية أو المجموع المنتظم هي أساس البنيوية، والمردُّ التي تؤول إليه في نتيجتها الأخيرة. - لئن سارت البنيوية في خط متصاعد منذ نشوئها، وبذل العلماء جهداً كبيراً لاعتمادها أسلوباً في قضايا اللغة، والعلوم الإنسانية والفنون، فإنهم ما اطمأنوا إلى أنهم توصلوا، من خلالها، إلى المنهج الصحيح المؤدي إلى حقائق ثابتة. = في مجال النقد الأدبي، فإن النقد البنيوي له اتجاه خاص في دراسة الأثر الأدبي يتخلص: في أن الانفعال والأحكام الوجدانية عاجزة تماماً عن تحقيق ما تنجزه دراسة العناصر الأساسية المكونة لهذا الأثر، لذا يجب أن تفحصه في ذاته، من أجل مضمونه، وسياقه، وترابطه العضوي، فهذا أمرٌ ضروري لا بد منه لاكتشاف ما فيه من ملامح فنية مستقلة في وجودها عن كل ما يحيط بها من عوامل خارجية. = إن البنيوية لم تلتزم حدودها، وآنست في نفسها القدرة على حل جميع المعضلات وتحليل كل الظواهر، حسب منهجها، وكان يخيل إلى البنيويين أن النص لا يحتاج إلا إلى تحليل بنيوي كي تنفتح للناقد كل أبنية معانيه المبهمة أو المتوارية خلف نقاب السطح. في حين أن التحليل البنيوي ليس إلا تحليلاً لمستوى واحد من مستويات تحليل أي بنية رمزية، نصيّة كانت أم غير نصيّة. والأسس الفكرية والعقائدية التي قامت عليها، كلها تعد علوماً مساعدة في تحليل البنية أو الظاهرة، إنسانية كانت أم مأدبية. = لم تهتم البنيوية بالأسس العَقَديَّة والفكرية لأي ظاهرة إنسانية أو أخلاقية أو اجتماعية، ومن هنا يمكن تصنيفها مع المناهج(*) المادية (*) الإلحادية(*)، مثل مناهج الوضعية في البحث، وإن كانت هي بذاتها ليست عقيدة وإنما منهج وطريقة في البحث. الجذور الفكرية والعقائدية: تعد الفلسفة(*) الوضعية لدى كونت، التي لا تؤمن إلا بالظواهر الحسية – التي تقوم على الوقائع التجريبية – الأساس الفكري والعقدي عند البنيوية. فهي تؤمن بالظاهرة – كبنية – منعزلة عن أسبابها وعللها، وعما يحيط بها.. وتسعى لتحليلها وتفكيكها إلى عناصرها الأولية، وذلك لفهمها وإدراكها.. ومن هنا كانت أحكامها شكلية كما يقول منتقدوها، ولذا فإن البنيوية تقوم على فلسفة غير مقبولة من وجهة نظر تصورنا الفكري والعقدي. أماكن الانتشار: البنيوية منهج مستورد من الغرب، وتعد أوروبا وأمريكا أماكن انتشارها، وأرضها الأصلية. وهي تنتشر ببطء في باقي بلاد العالم، ومنها البلاد العربية. يتضح مما سبق: أن البنيوية منهج فكري نقدي مادي ملحد غامض، يذهب إلى أن كل ظاهرة إنسانية كانت أم أدبية تشكل بنية، لا يمكن دراستها إلا بعد تحليلها إلى عناصرها المؤلفة منها، ويتم ذلك دون تدخل فكر المحلل أو عقيدته الخاصة ونقطة الارتكاز في هذا المنهج(*) هي الوثيقة، فالبنية، لا الإطار، هي محل الدراسة، والبنية تكفي بذاتها ولا يتطلب إدراكها اللجوء إلى أي عنصر من العناصر الغريبة عنها، وفي مجال النقد الأدبي، فإن الانفعال أو الأحكام الوجدانية عاجزة عن تحقيق ما تنجزه دراسة العناصر الأساسية المكونة لهذا الأثر، ولذا يجب فحصه في ذاته من أجل مضمونه وسياقه وترابطه العضوي، والبنيوية، بهذه المثابة، تجد أساسها في الفلسفة الوضعية لدى كونت، وهي فلسفة لا تؤمن إلا بالظواهر الحسية، ومن هنا كانت خطورتها. ---------------------------- مراجع للتوسع : - البنيوية، تأليف جان بياجيه – ترجمة عارف منيمنة وبشير أوبري – منشورات عويدات – بيروت – باريس، ط4 1985م. (سلسلة زدني علماً). - المعجم الأدبي، تأليف جبور عبد النور – دار العلم لملايين – بيروت، ط2 1984م. - جريدة الحياة، العددان (10380 و10381) 26 و27 ذو الحجة 1411هـ مقال بعنوان: البنيوية كما يراها ثلاثة نقاد. مراجع أجنبية: - O. Ducrot. T. Todorov. Et… qu’est ce que le Structuralism. Paris 1968. - Z. S. Harris, Methods in Structural Linguistics, Chicago, 1951. الســريالية التعريف : = السريالية "أي ما فوق الواقعية أو ما بعد الواقع" هي مذهب(*) أدبي فني فكري، أراد أن يتحلل من واقع الحياة الواعية، وزعم أن فوق هذا الواقع أو بعده واقع آخر أقوى فاعلية وأعظم اتساعاً، وهو واقع اللاوعي أو اللاشعور، وهو واقع مكبوت في داخل النفس البشرية، ويجب تحرير هذا الواقع وإطلاق مكبوته وتسجيله في الأدب والفن. وهي تسعى إلى إدخال علاقات جديدة ومضامين غير مستقاة من الواقع التقليدي في الأعمال الأدبية. وهذه المضامين تستمد من الأحلام؛ سواء في اليقظة أو المنام، ومن تداعي الخواطر الذي لا يخضع لمنطق السبب والنتيجة، ومن هواجس عالم الوعي واللاوعي على السواء، بحيث تتجسد هذه الأحلام والخواطر والهواجس المجردة في أعمال أدبية. وهكذا تعتبر السريالية اتجاهاً يهدف إلى أبراز التناقض في حياتنا أكثر من اهتمامه بالتأليف. يعتبر مسرح العبث الابن الشرعي للسريالية. التأسيس وأبرز الشخصيات : = في أعقاب الحرب العالمية الأولى، أصابت الإنسان الأوروبي صدمة هزت النفوس وبلبلت الأفهام، نتيجة للدمار الكامل وإزهاق الأرواح بلا حساب، فنشأت نزعة جارفة للتحلل من القيم الأخلاقية(*)، وتحرير الغرائز والرغبات المكبوتة في النفس البشرية، وامتدت هذه النزعة إلى الفن والأدب مما أدى إلى ظهور المذهب المعروف بالسريالية في فرنسا سنة 1924م التي بدأت بالسريالية النفسية، ثم دخلت السريالية مجالات الأدب والاجتماع والاقتصاد(*) والفن، ومن أبرز الشخصيات السريالية: - أندريه بريتون 1896 – 1966م وهو عالم نفس وشاعر فرنسي يعده النقاد مؤسس السريالية. - ثورنتون وأيلور وهو كاتب مسرحي، ألف مسرحية جلد الإنسان بين الأسنان سنة 1942م، وهي مسرحية تجنح إلى الخيال والعنف الناتج عن اللاشعور عند شخصيات المسرحية. - سلفادور دالي ولد سنة 1904م وهو رسام أسباني، ويعد من أبرز دعاة السريالية، وقد أضاف إليها إضافات كثيرة أبرزها أسلوبه الذي تميز به الذي دعاه "النقد المبني على الهلوسة" وكان يؤكد دائماً أنه أقرب إلى الجنون منه إلى الماشي نوماً، والمعرفة عنده تقوم على التداعي والتأويل. الأفكار والمعتقدات: = يمكن إجمال أفكار ومعتقدات السريالية فيما يلي: - الاعتماد الكلي على الأمور غير الواقعية: مثل الأحلام والأخيلة. - الكتابة التلقائية الصادرة عن اللاوعي، والبعيدة عن رقابة العقل، بدعوى أن الكلمات في اللاوعي لا تمارس دور الشرطي في رقابته على الأفكار، ولهذا تنطلق هذه الأفكار نشيطة جديدة. - إهمال المعتقدات والأديان(*) والقيم الأخلاقية(*) السائدة في المجتمع. - التركيز على الجانب السياسي والبحث عن برنامج وضعي (مادي ومحسوس) يصلح لتطوير المفاهيم الاجتماعية، لذلك تودد السرياليون للحزب الشيوعي، وبذلوا جهدواً كبيرة من أجل توسيع مجال تطبيق المادية الجدلية الماركسية(*). - الثورة لتغيير حياة الناس، وتشكيل مجتمع ثوري بدلاً من المجتمع القائم، وشملت الثورة ثورة على اللغة التقليدية، وإحداث لغة جديدة. - تزيت السريالية بأزياء مختلفة، فتارة تظهر كمجموعة من السحرة، وتارة تبدو كعصابة من قطاع الطرق، وتظهر تارة أخرى كأعضاء في خلية ثورية فهي حركة سرية هدفها تقويض الوضع الراهن. - ويعد الغموض في التعبير الأدبي أو الفني في مجال الرسم، هدفاً ثابتاً للسرياليين. الجذور الفكرية والعقائدية: = تأثرت السريالية بآراء فرويد عالم النفس اليهودي في تحليله للنفس الإنسانية وخاصة تلك التي تتحدث عن اللاشعور والأحلام، والكبت ودعوته إلى تحرير الغرائز الإنسانية والرغبات المكبوتة في النفس البشرية، وإشباع الغرائز والرغبات إشباعاً حراً حتى لا تصاب بالأمراض النفسية كما يدَّعي. وهذه الآراء تتلاءم مع دعوتهم إلى التحلل الأخلاقي في المجتمع البشري. = وكذلك تأثرت السريالية بالفكر الماركسي الشيوعي ودعوته إلى الثورة(*) لتغيير المجتمع، واستخدام العنف في سبيل ذلك.. وبظهور المزاج الثوري حلت الفوضى السياسية والصراع الكامل محل النظام والانسجام. = وقد تأثرت السريالية أيضاً بحركة سبقتها تُدعى الدادية التي ولدت في زيورخ بسويسرا سنة 1916م. وهي حركة فوضوية تكفر بالقيم السائدة والمعتقدات والتقاليد الاجتماعية وتدعو إلى العودة إلى البداية. ورائد هذه الحركة هو ترستان تزارا الذي يصفه كاتب أوروبي بأنه "المروِّج للفوضوية الفنية والاجتماعية". ولذا عد النقاد أن السريالية وريثة هذه الحركة الدادية في أفكارها وتوجهاتها وأسلوبها. = بداية السريالية ونهايتها: - بدأت السريالية بمجال النفس البشرية، ثم دخلت مجالات الأدب والفكر والسياسة والاجتماع والفن، ثم اقتحمت بشذوذها الثوري مجال العقيدة الدينية والتقاليد الاجتماعية واللغة، وأثارت جدالاً عنيفاً بين أقصى الكاثوليكية في الغرب وأقصى الشيوعية في الشرق. - وأخذت السريالية في الانكماش والتقوقع بعد ربع قرن من نشوئها، وشعر دعاتها بعجزهم عن تحقيق أي هدف، وبعقم ثورتهم ضد القيم والمعتقدات الدينية، وإخفاقهم في إيجاد مسيحية(*) جديدة، تخلص الإنسان من عذابه وضياعه – حسب زعمهم – وتحول عددٌ منهم بعد الحرب العالمية الثانية إلى الشيوعية والإلحاد، وجُنَّ بعضهم وأدخل المصحات العقلية والنفسية، وتحول البعض الآخر إلى العبثية في الأدب المعبر عن انعدام المعنى العام وراء السلوك الإنساني في العالم المعاصر. - أما أفكارها ومبادئها فقد تبناها مذهب الحداثة الأدبي الفكري حيث صبت جميع جداول السريالية في مستنقعه الكبير. وهكذا انتهت السريالية، المعبرة عن فقدان الإنسان الغربي العقيدة الصحيحة، واعتماده على ضلالات فرويد النفسية في اللاشعور والأحلام. هذه الضلالات التي أدت إلى التحلل الأخلاقي وإطلاق الغرائز من عقالها، مما أودى بها بعد ربع قرن من نشوئها. ويتضح مما سبق: أن السريالية مذهب(*) أدبي فني فكري غير ملتزم بالأديان(*)، يهدف إلى التحلل من واقع الحياة الواعية، والرنو إلى واقع آخر هو واقع اللاوعي أو اللاشعور المكبوت في النفس البشرية، بحيث يتم تسجيل هذا الواقع في الأدب والفن، من خلال الاعتماد الكلي على الأمور غير الواقعية والكتابة التلقائية الصادرة عن اللاوعي، وإهمال الأديان والمعتقدات والقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع، والتركيز على الجانب السياسي وإذكاء الثورة(*) لتغيير حياة الناس وتشكيل مجتمع ثوري بدلاً من المجتمع القائم، وتقويض الوضع القائم في المجتمع. وكل تلك الخصائص والغايات تبرر مدى خطورة مثل هذا المذهب الأدبي على القيم الدينية. ---------------------------- مراجع للتوسـع : - نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، د. عبد الرحمن رأفت الباشا. نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض 1405هـ. - مذاهب الأدب الغربي، د. عبد الباسط بدر، دار الشعاع، الكويت. - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د. نبيل راغب – مكتبة مصر – القاهرة. - الأدب ومذاهبه، د. محمد مندور. - السريالية، إيف دوبليس (سلسلة زدني علماً). - الأدب الرمزي، هنري بير. المراجع الأجنبية: - Braunschvig: Notre litterature Etudiee dans le ****e. Paris 1949. - Lanson: Histoire de la litterature Francaise Paris 1961. - Segur (Nicola): Histoire de la litterature Europeene 1959. الميتافـيزيقـية التعريف : الميتافيزيقية(*) اتجاه أدبي وفلسفي يبحث في ظواهر العالم بطريقة عقلية وليست حدسية صوفية ويمزج العقل بالعاطفة ويبتدع أساليب أدبية تجمع بين المختلف والمؤتلف من الأخيلة الفكرية والظواهر الطبيعية. التأسيس وأبرز الشخصيات: = جون دن 1572 – 1631م الشاعر الإنكليزي الذي أسس المدرسة الميتافيزيقية في الشعر الإنكليزي مع باقي الشعراء في القرن السابع عشر من أمثال، جون هيربرت، وهنري فون، وروبرت كرشوا وأندرو مارفيل وإبراهام كاولي، وهم الشعراء الذين ساروا على نهج جون دن في أسرار الوجود. = جون درايدن: شاعر إنكليزي نقد جون دن، وقال إن شعره مفعم بالفلسفة العويصة الفهم… والشعر المرهف الرقيق لا يستطيع حمل الأفكار الفلسفية الثقيلة. = هـ. ج. س. جريرسون: ناقد إنكليزي من الكلاسيكية الحديثة، أحيا المدرسة الميتافيزيقية في كتابه عن الأشعار الميتافيزيقية سنة 1921م. = ت.س. إليوت ناقد وأديب إنكليزي، أحيا الميتافيزيقية بعد أن كادت أن تندثر في كتابه الشعراء الميتافيزيقيون ودراسة خاصة عن الشاعر الميتافيزيقي أندرو مارفيل سنة 1921م. = وفي مجال الفلسفة هيجل وبرادلي وصمويل الكسندر وغيرهم. الأفكار والمعتقدات: = محاولة تفسير الظواهر الميتافيزيقية، بأساليب تجسيدية تقرب بينها وبين الظواهر الطبيعية كتشبيه الحب بعلم التجميع وتشبيه الروح بقطرة الذل. = إن الإنسان يستطيع أن يقترب من القوى الميتافيزيقية عندما يجدها متجسدة في أعمال مسرحية وشعرية وروائية. = الميتافيزيقيا(*) في مجال الفلسفة تعتمد على العقل(*) في إنشاء نظرية إلهية – عن الوجود الإلهي – بديلة عن التثليث (*)، من ذلك فلسفة (*) هيجل الروح المطلق وكلها مذاهب يعارضها التوحيد الخالص معارضته للصليبية نفسها. = الشعر الميتافيزيقي يعد نموذجاً لتحليل الشعور الإنساني وليس لتجسيده والبحث عن الفلسفة الكامنة وراء الحب بكل أنواعه وليس تعبيراً عن التجربة النفسية التي يخوضها المحبون. = تأكيد الدلالات الدينية. والأخلاقية الكامنة وراء القوى الميتافيزيقية، والشعر هو خير أداة للتعبير عن هذه الدلالات عن طريق إثارة قوى التفكير والتأمل لدى الإنسان العادي. = الأسلوب السهل والتعبير الجميل هو الوسيلة الوحيدة لنقل الأفكار العميقة إلى القراء والتأثير فيهم، وإن أدى إلى المبالغة الشعرية. = يختلف الشعر الميتافيزيقي عن الشعر الصوفي الذي يدعو إلى وحدة الوجود، وإلى الحب الإلهي الذي يسمو على الحب المادي الفاني والذي ينتهي بحدود الزمان والمكان. الجذور الفكرية والعقائدية: يرى بعضهم أن العقائد الدينية النصرانية هي الخلفية الفكرية للمذهب الميتافيزيقي الأدبي… ولعل عجز الإنسان عن فهم الأمور الغيبية في الحياة، دفعه إلى التعبير عن جميع الظواهر الغيبية مثل الروح والحياة، والقدر والموت.. عن طريق الشعر والرواية والمسرحية.. لعل الإنسان يستطيع التوصل إلى فهم كنه هذه الظواهر. أماكن النفوذ والانتشار : بدأ المذهب(*) الميتافيزيقي في إنكلترا… وإن كانت أفكاره أثرت تأثيراً كبيراً في أدباء الكلاسيكية الجديدة في أوروبا كلها والعالم الغربي برمته. ويتضح مما سبق: الميتافيزيقية هي اتجاه أدبي، يبحث عن ظواهر العالم بطريقة عقلية ممزوجة بالعاطفة، من أجل الجمع بين كل ما هو مؤتلف ومختلف من الأخيلة الفكرية والظواهر الطبيعية، وإبرازه في أعمال مسرحية وشعرية وروائية تجسد الفلسفة الكامنة وراء الحب، بأسلوب سهل وتعبير سلس. ومع أن هذا الاتجاه يؤكد الدلالات الدينية والأخلاقية الكامنة وراء القوى الميتافيزيقية إلا أنه يتبنى، كالخيال الصوفي الجامح، فكرة وحدة الوجود، ومن هنا كانت خطورة التعبيرات الأدبية في هذا الاتجاه على الشباب المسلم الذي يجب أن يعيها بدقة ويعرف أبعادها قبل أن ينجرف مع تيارها عندما يتعامل مع إفرازات هذا المذهب الأدبي. ---------------------------- مراجع للتوسع : - المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د. نبيل راغب – نشر مكتبة مصر. - طبيعة الميتافيزيقا، تأليف جماعة من الفلاسفة الإنكليز. (سلسلة زدني علماً). - الأدب المقارن، د. محمد غنيمي هلال – دار العودة – بيروت. - الأدب المقارن، ماريوس فرانسوا غويار (سلسلة زدني علماً). - فلاسفة إنسانيون، كارل ياسبر (سلسلة زدني علماً). المراجع الأجنبية: - Braunschvig: Notre Litterature Etudiee dans le ****e. Paris 1949. - Lanson: Histoire de la Litterature Francais Paris 1916. - De Segur (Nicola): Histoire de la Litterature Europieenne. من الفلسفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية 1-الرأسمالية 2-الشيوعية 3-الداروينية الرأسمالية التعريف : الرأسمالية نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية، يقوم على أساس إشباع حاجات الإنسان الضرورية والكمالية، وتنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، متوسعاً في مفهوم الحرية، معتمداً على سياسة فصل الدين(*) نهائياً عن الحياة. ولقد ذاق العلم بسببه ويلات كثيرة نتيجة إصراره على كون المنفعة واللذة هما أقصى ما يمكن تحقيقه من السعادة للإنسان. وما تزال الرأسمالية تمارس ضغوطها وتدخلها السياسي والاجتماعي والثقافي وترمي بثقلها على مختلف شعوب الأرض. التأسيس وأبرز الشخصيات: = كانت أوروبا محكومة بنظام الإمبراطورية الرومانية التي ورثها النظام الإقطاعي Feudal System. = لقد ظهرت ما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر الطبقة البرجوازية(*) Bourgeois تالية لمرحلة الإقطاع ومتداخلة معها. = تلت مرحلة البرجوازية مرحلة الرأسمالية وذلك منذ بداية القرن السادس عشر ولكن بشكل متدرج. = فقد ظهرت أولاً الدعوة إلى الحرية(*) Liberation وكذلك الدعوة إلى إنشاء القوميات اللادينية. = ظهر المذهب الحر (الطبيعي(*) ) في النصف الثاني من القرن الثامن عشر في فرنسا حيث ظهر الطبيعيون Phisiocrates Les ومن أشهر دعاة هذا المذهب: - فرنسوا كنزني Francois Quensnay 1694 – 1778م ولد في فرساي بفرنسا، وعمل طبيباً في بلاط لويس الخامس عشر، لكنه اهتم بالاقتصاد وأسس المذهب الطبيعي، فلقد نشر في سنة 1756م مقالين عن الفلاحين وعن الجنوب، ثم أصدر في سنة 1758م الجدول الاقتصادي Tableau Economique وشبَّه فيه تداول المال داخل الجماعة بالدورة الدموية. وقد قال ميرابو حينذاك عن هذا الجدول بأنه: "يوجد في العالم ثلاثة اختراعات عظيمة هي الكتابة والنقود والجدول الاقتصادي). - جول لوك Jonn Locke 1632 – 1704م صاغ النظرية الطبيعية الحرة حيث يقول عن الملكية الفردية: "وهذه الملكية حق من حقوق الطبيعة وغريزة تنشأ مع نشأة الإنسان، فليس لأحد أن يعارض هذه الغريزة". - ومن ممثلي هذا الاتجاه أيضاً تورجو Turgot وميرابو Mirabour وجان باتست ساي J.B. Say وباستيا. = ظهر بعد ذلك المذهب(*) الكلاسيكي الذي تبلورت أفكاره على أيدي عدد من المفكرين من أبرزهم: = آدم سميث A. Smith 1723 – 1790م وهو أشهر الكلاسيكيين على الإطلاق، ولد في مدينة كيركالدي في اسكوتلنده، ودرس الفلسفة(*)، وكان أستاذاً لعلم المنطق(*) في جامعة جلاسجو. سافر إلى فرنسا سنة 1766م والتقى هناك بأصحاب المذهب الحر. وفي سنة 1776م أصدر كتاب بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم هذا الكتاب الذي قال عنه أحد النقاد وهو أدمون برك: "إنه أعظم مؤلف خطه قلم إنسان". - دافيد ريكاردو David ricardo 1772 – 1823م قام بشرح قوانين توزيع الدخل في الاقتصاد(*) الرأسمالي، وله النظرية المعروفة باسم قانون تناقص الغلة ويقال بأنه كان ذا اتجاه فلسفي ممتزج بالدوافع الأخلاقية لقوله: "إن أي عمل يعتبر منافياً للأخلاق ما لم يصدر عن شعور بالمحبة للآخرين". - جون استيوارت مل J. Stuart Mill 1806 – 1873م يعدُّ حلقة اتصال بين المذهب الفردي والمذهب الاشتراكي(*) فقد نشر سنة 1836م كتابه مبادىء الاقتصاد السياسي. - اللورد كينز Keyns 1883 – 1946م صاحب النظرية التي عرفت باسمه التي تدور حول البطالة(*) والتشغيل وقد تجاوزت غيرها من النظريات إذ يرجع إليه الفضل في تحقيق التشغيل الكامل للقوة العاملة في المجتمع الرأسمالي. وقد ذكر نظريته هذه ضمن كتابه النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود الذي نشره سنة 1936م. - دافيد هيوم 1711 – 1776م صاحب نظرية النفعية Pragmatism التي وضعها بشكل متكامل والتي تقول بأن "الملكية الخاصة تقليد اتبعه الناس وينبغي عليهم أن يتبعوه لأن في ذلك منفعتهم". - أدمون برك من المدافعين عن الملكية الخاصة على أساس النظرية التاريخية أو نظرية تقادم الملكية. الأفكار والمعتقدات: = أسس الرأسمالية: البحث عن الربح بشتى الطرق والأساليب إلا ما تمنعه الدولة لضرر عام كالمخدرات مثلاً. - تقديس الملكية الفردية وذلك بفتح الطريق لأن يستغل كل إنسان قدراته في زيادة ثروته وحمايتها وعدم الاعتداء عليها وتوفير القوانين اللازمة لنموها واطرادها وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية إلا بالقدر الذي يتطلبه النظام العام وتوطيد الأمن. - المنافسة والمزاحمة في الأسواق Perfect Competition. - نظام حرية الأسعار Price System وإطلاق هذه الحرية وفق متطلبات العرض والطلب، واعتماد قانون السعر المنخفض في سبيل ترويج البضاعة وبيعها. = أشكال رأسمالية: - الرأسمالية التجارية التي ظهرت في القرن السادس عشر إثر إزالة الإقطاع، إذ أخذ التاجر يقوم بنقل المنتجات من مكان إلى آخر حسب طلب السوق فكان بذلك وسيطاً بين المنتج والمستهلك. - الرأسمالية الصناعية التي ساعد على ظهورها تقدم الصناعة وظهور الآلة البخارية التي اخترعها جيمس وات سنة 1770م والمغزل الآلي سنة 1785م مما أدى إلى قيام الثورة الصناعية في إنجلترا أولاً وفي أوروبا عامة إبان القرن التاسع عشر. وهذه الرأسمالية الصناعية تقوم على أساس الفصل بين رأس المال وبين العامل، أي بين الإنسان وبين الآلة. - نظام الكارتل Cartel System الذي يعني اتفاق الشركات الكبيرة على اقتسام السوق العالمية فيما بينها مما يعطيها فرصة احتكار(*) هذه الأسواق وابتزاز الأهالي بحرية تامة. وقد انتشر هذا المذهب في ألمانيا واليابان. - نظام الترست Trust System والذي يعني تكون شركة من الشركات المتنافسة لتكون أقدر في الإنتاج وأقوى في التحكم والسيطرة على السوق. أفكار معتقدات أخرى: = إن المذهب الطبيعي الذي هو أساس الرأسمالية إنما يدعو إلى أمور منها: - الحياة الاقتصادية تخضع لنظام طبيعي ليس من وضع أحد حيث يحقق بهذه الصفة نمواً للحياة وتقدماً تلقائياً لها. - إنه يدعو إلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وأن تقصر مهمتها على حماية الأفراد والأموال والمحافظة على الأمن والدفاع عن البلاد. - الحرية الاقتصادية لكل فرد حيث إن له الحق في ممارسة واختيار العمل الذي يلائمه وقد عبروا عن ذلك بالمبدأ المشهور: "دعه يعمل دعه يمر" Laser Faire, Laisser Passer. - إن إيمان الرأسمالية بالحرية(*) الواسعة أدى إلى فوضى في الاعتقاد وفي السلوك مما تولدت عنه هذه الصراعات الغريبة التي تجتاح العالم معبرة عن الضياع الفكري والخواء الروحي. - إن انخفاض الأجور وشدة الطلب على الأيدي العاملة دفع الأسرة لأن يعمل كل أفرادها مما أدى إلى تفكك عرى الأسرة وانحلال الروابط الاجتماعية فيما بينها. - من أهم آراء آدم سميث أن نمو الحياة الاقتصادية وتقدمها وازدهارها إنما يتوقف على الحرية الاقتصادية، وتتمثل هذه الحرية في نظره بما يلي:- - الحرية الفردية التي تتيح للإنسان حرية اختيار عمله الذي يتفق مع استعداداته ويحقق له الدخل المطلوب. - يرى الرأسماليون بأن الحرية Liberation ضرورية للفرد من أجل تحقيق التوافق بينه وبين المجتمع، ولأنها قوة دافعة للإنتاج، لكونها حقاً إنسانياً يعبر عن الكرامة البشرية. = عيوب الرأسمالية: - الرأسمالية نظام وضعي يقف على قدم المساواة مع الشيوعية وغيرها من النظم التي وضعها البشر بعيداً عن منهج الله الذي ارتضاه لعباده ولخلقه من بني الإنسان، ومن عيوبها: - الأنانية: حيث يتحكم فرد أو أفراد قلائل بالأسواق تحقيقاً لمصالحهم الذاتية دون تقدير لحاجة المجتمع أو احترام للمصلحة العامة. - الاحتكار(*): إذ يقوم الشخص الرأسمالي باحتكار البضائع وتخزينها حتى إذا ما فقدت من الأسواق نزل بها ليبيعها بسعر مضاعف يبتز به المستهلكين الضعفاء. - لقد تطرفت الرأسمالية في تضخيم شأن الملكية الفردية كما تطرفت الشيوعية في إلغاء هذه الملكية. - المزاحمة والمنافسة: إن بنية الرأسمالية تجعل الحياة ميدان سباق مسعور إذ يتنافس الجميع في سبيل إحراز الغلبة، وتتحول الحياة عندها إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف، وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى إفلاس المصانع والشركات بين عشية وضحاها. - إبتزاز الأيدي العاملة: ذلك أن الرأسمالية تجعل الأيدي العاملة سلعة خاضعة لمفهومي العرض والطلب مما يجعل العامل معرضاً في كل لحظة لأن يُستبدَل به غيره ممن يأخذ أجراً أقل أو يؤدي عملاً أكثر أو خدمة أفضل. - البطالة(*): وهي ظاهرة مألوفة في المجتمع الرأسمالي، وتكون شديدة البروز إذا كان الإنتاج أكثر من الاستهلاك مما يدفع بصاحب العمل إلى الاستغناء عن الزيادة في هذه الأيدي التي تثقل كاهله. - الحياة المحمومة: وذلك نتيجة للصراع القائم بين طبقتين إحداهما مبتزة يهمها جمع المال من كل السبل وأخرى محروقة تبحث عن المقومات الأساسية لحياتها، دون أن يشملها شيء من التراحم والتعاطف المتبادل. - الاستعمار(*): ذلك أن الرأسمالية بدافع البحث عن المواد الأولية، وبدافع البحث عن أسواق جديدة لتسويق المنتجات تدخل في غمار استعمار الشعوب والأمم استعماراً اقتصاديّاً أولاً وفكريًّا وسياسيًّا وثقافيًّا ثانياً، وذلك فضلاً عن استرقاق الشعوب وتسخير الأيدي العاملة فيها لمصلحتها. - الحروب والتدمير: فلقد شهدت البشرية ألواناً عجيبة من القتل والتدمير وذلك نتيجة طبيعية للاستعمار الذي أنزل بأمم الأرض أفظع الأهوال وأشرسها. - الرأسماليون يعتمدون على مبدأ الديمقراطية في السياسة والحكم، وكثيراً ما تجنح الديمقراطية مع الأهواء بعيدة عن الحق والعدل والصواب، وكثيراً ما تستخدم لصالح طائفة الرأسماليين أو من يسمون أيضاً (أصحاب المكانة العالية). - إن النظام الرأسمالي يقوم على أساس ربوي، ومعروف أن الربا هو جوهر العلل التي يعاني منها العالم أجمع. - إن الرأسمالية تنظر إلى الإنسان على أنه كائن مادي وتتعامل معه بعيداً عن ميوله الروحية والأخلاقية، داعية إلى الفصل بين الاقتصاد وبين الأخلاق. - تعمد الرأسمالية إلى حرق البضائع الفائضة، أو تقذفها في البحر خوفاً من أن تتدنى الأسعار لكثرة العرض، وبينما هي تقدم على هذا الأمر تكون كثير من الشعوب أشدَ معاناة وشكوى من المجاعات التي تجتاحها. - يقوم الرأسماليون بإنتاج المواد الكمالية ويقيمون الدعايات الهائلة لها دونما التفات إلى الحاجات الأساسية للمجتمع ذلك أنهم يفتشون عن الربح والمكسب أولاً وأخراً. - يقوم الرأسمالي في أحيان كثيرة بطرد العامل عندما يكبر دون حفظ لشيخوخته إلا أن أمراً كهذا أخذت تخف حدته في الآونة الأخيرة بسبب الإصلاحات التي طرأت على الرأسمالية والقوانين والتشريعات التي سنتها الأمم لتنظيم العلاقة بين صاحب رأس المال والعامل. = الإصلاحات التي طرأت على الرأسمالية: - كانت إنجلترا حتى سنة 1875م من أكبر البلاد الرأسمالية تقدماً. ولكن في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ظهرت كل من الولايات المتحدة وألمانيا، وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت اليابان. - في عام 1932م باشرت الدولة تدخلها بشكل أكبر في انجلترا، وفي الولايات المتحدة زاد تدخل الدولة إبتداء من سنة 1933م، وفي ألمانيا بدءً من العهد الهتلري وذلك لأجل المحافظة على استمرارية النظام الرأسمالي. - لقد تمثل تدخل الدولة في المواصلات والتعليم ورعاية حقوق المواطنين وسن القوانين ذات الصبغة الاجتماعية، كالضمان الاجتماعي والشيخوخة والبطالة(*) والعجز والرعاية الصحية وتحسين الخدمات ورفع مستوى المعيشة. - لقد توجهت الرأسمالية هذا التوجه الإصلاحي الجزئي بسبب ظهور العمال كقوة انتخابية في البلدان الديمقراطية وبسبب لجان حقوق الإنسان، ولوقف المد الشيوعي الذي يتظاهر بنصرة العمال ويدعي الدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم. الجذور الفكرية والعقائدية: = تقوم جذور الرأسمالية على شيء من فلسفة الرومان القديمة، يظهر ذلك في رغبتها في امتلاك القوة وبسط النفوذ والسيطرة. = لقد تطورت متنقلة من الإقطاع إلى البرجوازية (*) إلى الرأسمالية وخلال ذلك اكتسبت أفكاراً ومبادىء مختلفة تصب في تيار التوجه نحو تعزيز الملكية الفردية والدعوة إلى الحرية. = قامت في الأصل على أفكار المذهب الحر والمذهب الكلاسيكي. = إن الرأسمالية تناهض الدين(*) متمردة على سلطان الكنيسة(*) أولاً وعلى كل قانون أخلاقي أخيراً. = لا يهم الرأسمالية من القوانين الأخلاقية إلا ما يحقق لها المنفعة ولا سيما الاقتصادية منها على وجه الخصوص. = كان للأفكار والآراء التي تولدت نتيجة للثورة الصناعية في أوروبا دور بارز في تحديد ملامح الرأسمالية. = تدعو الرأسمالية إلى الحرية(*) وتتبنى الدفاع عنها، لكن الحرية السياسية تحولت إلى حرية أخلاقية واجتماعية، ثم تحولت هذه بدورها إلى إباحية. الانتشار ومواقع النفوذ: = ازدهرت الرأسمالية في إنجلترا وفرنسا وألمانيا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وفي معظم العالم الغربي. = كثير من دول العالم تعيش في جو من التبعية إما للنظام الشيوعي وإما للنظام الرأسمالي، وتتفاوت هذه التبعية بين التدخل المباشر وبين الاعتماد عليهما في الشؤون السياسية والمواقف الدولية. = وقف النظام الرأسمالي مثله كمثل النظام الشيوعي إلى جانب إسرائيل دعماً وتأييداً بشكل مباشر أو غير مباشر. ويتضح مما سبق : أن الرأسمالية مذهب(*) مادي جشع يغفل القيم الروحية في التعامل مع المال مما يزيد الأغنياء غنى والفقراء فقراً. وتعمل أمريكا الآن باعتبارها زعيمة هذا المذهب(*) على ترقيع الرأسمالية في دول العالم الثالث بعد أن انكشفت عوارها ببعض الأفكار الاشتراكية(*)، محافظة على مواقعها الاقتصادية، وكي تبقى سوقاً للغرب الرأسمالي وعميلاً له في الإنتاج والاستهلاك والتوزيع. وما يراه البعض من أن الإسلام يقترب في نظامه الاقتصادي من الرأسمالية خطأ واضح يتجاهل عدداً من الاعتبارات: = أن الإسلام نظام رباني يشمل أفضل ما في الأديان والمذاهب من إيجابيات ويسلم ممَّا فيها من سلبيات إذ أنه شريعة الفطرة تحلل ما يصلحها وتحرم ما يفسدها. = أن الإسلام وجد وطبق قبل ظهور النظم الرأسمالية والاشتراكية، وهو نظام قائم بذاته، والرأسمالية تنادي بإبعاد الدين(*) عن الحياة، وهو أمر مخالف لفطرة الإنسان، كما تزن أقدار الناس بما يملكون من مال، والناس في الإسلام يتفاضلون بالتقوى. = ترى الرأسمالية أن الخمر والمخدرات تلبي حاجات بعض أفراد المجتمع، وكذلك الأمر بالنسبة لخدمات راقصة البالية، وممثلة المسرح، وأندية العراة، ومن ثم تسمح بها دون اعتبار لما تسببه من فساد، وهي أمور لا يقرها الضمير الإسلامي. وفي سبيل تنمية رأس المال تسلك كل الطرق دونما وازع أخلاقي مانع فالغاية عندهم دائماً تبرر الوسيلة. = النواحي الاقتصادية في الإسلام مقيدة بالشرع وما أباحه أو حرمه ولا يصح أن نعتبر الأشياء نافعة لمجرد وجود من يرغب في شرائها بصرف النظر عن حقيقتها واستعمالها من حيث الضرر أو النفع. = القول بأن الندرة النسبية هي أصل المشكلة الاقتصادية قول مخالف للواقع فالمولى سبحانه وتعالى خلق الكون والإنسان والحياة وقدر الأقوات بما يفي بحياة البشرية، وقدّر الأرزاق وأمر بالتكافل بين الغني والفقير. = أدى النظام الرأسمالي إلى مساوىء وويلات، وأفرز ما يعانيه العالم من استعمار ومناطق نفوذ وغزو اقتصادي ووضع معظم ثروات العالم في أيدي الاحتكارات(*) الرأسمالية وديون تراكمية. مراجع للتوسع : - أسس الاقتصاد بين الإسلام والنظم المعاصرة، تأليف أبي الأعلى المودودي- ترجمة محمد عاصم حداد – ط3 – 1391هـ/1971م مطبعة الأمان – لبنان. - المذاهب الاقتصادية الكبرى، تأليف جورج سول – ترجمة راشد البراوي. - الأنظم الاقتصادية في العالم، د. أحمد شلبي – ط1 – النهضة المصرية – 1976م - معركة الإسلامية والرأسمالية، سيد قطب – ط2 – مطبعة دار الكتاب العربي – 1371هـ/1952م. - الاقتصاد في الإسلام، حمزة الجميعي الدهومي – ط1 – مطبعة التقدم بالقاهرة – 1399هـ/1978م. - الاقتصاد الإسلامي، مفاهيم ومرتكزات، د. محمد أحمد صقر – ط1 – مطابع سجل العرب – نشر دار النهضة العربية بالقاهرة – 1398هـ/ 1978م. - اقتصادنا، محمد باقر الصدر – دار الكتاب اللبناني – دار الكتاب المصري – 1398هـ/1977م. - فلسفتنا، محمد باقر الصدر – دار التعارف للمطبوعات – بيروت – لبنان – 1379هـ. - الاقتصاد الإسلامي، المركز العالمي للأبحاث والاقتصاد – ط1- 1400هـ/1980م. - حركات ومذاهب في ميزان الإسلام، فتحي يكن – مؤسسة الرسالة – ط2- 1397هـ/1977م. - حكم الإسلام في الرأسمالية، د. محمود الخالدي. المراجع الأجنبية : - D. Villey: A La recherche d’une Doctrine Economiques, Ed.; Genen, Paris, 1967. - J. Marchal: “ Cours D’economie politique” paris 1956. - J.J. Kenes, General Theory of Employment, Interst and Money (Harcourt, Brace and Company. 1933). - George N. Halm, Economic: A Comparative Analysis, Hotlt, rinchart & Winston Ltd. New York. - Gunnar Myrdal, Against The Stream, Published by Pantheon press, Cambridge University Press 1972. - Lord Bowdan and S.T.S Al- Hasani “The profit and the loss or a fair share of the proceeds. The Guradian, Thursday. June 5 – 1975. - Abdul – Hamid Ahmad Abu Sulayman: The Theory of the Economics of Islam, Proceedings of the Third East Coast regional Conference. Theme contermporary Aspects of Economic and social Thinking in Islam, Moslem Students Association, Holiday Hills, April 12, 1968. PP. 26 – 83. - Adam Smith, The Wealth of Nations. - Encyclopaedia Britannica, Vol 2, P. 535, 1976. الشــيوعية التعريف : الشيوعية مذهب(*) فكري يقوم على الإلحاد وأن المادة هي أساس كل شيء ويفسر التاريخ بصراع الطبقات وبالعامل الاقتصادي. ظهرت في ألمانيا على يد ماركس وإنجلز، وتجسدت في الثورة البلشفية(*) التي ظهرت في روسيا سنة 1917م بتخطيط من اليهود، وتوسعت على حساب غيرها بالحديد والنار. وقد تضرر المسلمون منها كثيراً، وهناك شعوب محيت بسببها من التاريخ، ولكن الشيوعية أصبحت الآن في ذمة التاريخ، بعد أن تخلى عنها الاتحاد السوفيتي، الذي تفكك بدوره إلى دول مستقلة، تخلت كلها عن الماركسية، واعتبرتها نظرية غير قابلة للتطبيق. التأسيس وأبرز الشخصيات: = وضعت أسسها الفكرية النظرية على يد كارل ماركس اليهودي الألماني 1818 – 1883م وهو حفيد الحاخام اليهودي المعروف مردخاي ماركس، وكارل ماركس شخص قصير النظر متقلب المزاج، حاقد على المجتمع، مادي النزعة، ومن مؤلفاته: - البيان الشيوعي الذي صدر سنة 1848م. - رأس المال ظهر سنة 1867م. = ساعده في التنظير للمذهب فردريك إنجلز 1820 – 1895م وهو صديق كارل ماركس الحميم وقد ساعده في نشر المذهب كما أنه ظل ينفق على ماركس وعائلته حتى مات، ومن مؤلفاته: - أصل الأسرة. - الثنائية في الطبيعة. - الاشتراكية الخرافية والاشتراكية العلمية(*). = لينين: واسمه الحقيقي: فلاديمير أليتش بوليانوف، وهو قائد الثورة البلشفية الدامية في روسيا 1917م ودكتاتورها المرهوب، وهو قاسي القلب، مستبد برأيه، حاقد على البشرية. ولد سنة 1870م، ومات سنة 1924م، وهناك دراسات تقول بأن لينين يهودي الأصل، وكان يحمل اسماً يهوديًّا، ثم تسمى باسمه الروسي الذي عرف به مثله مثل تروتسكي في ذلك. - ولينين هو الذي وضع الشيوعية موضع التنفيذ وله كتب كثيرة وخطب ونشرات أهمها ما جمع في ما يسمى مجموعة المؤلفات الكبرى. = ستالين: واسمه الحقيقي جوزيف فاديونوفتش زوجا شفلي 1879-1954م وهو سكرتير الحزب الشيوعي ورئيسه بعد لينين، اشتهر بالقسوة والجبروت والطغيان والدكتاتورية وشدة الإصرار على رأيه، يعتمد في تصفية خصومه على القتل والنفي كما أثبتت تصرفاته أنه مستعد للتضحية بالشعب كله في سبيل شخصه. وقد ناقشته زوجته مرة فقتلها. = تروتسكي: ولد سنة 1879م واغتيل سنة 1940م بتدبير من ستالين، وهو يهودي واسمه الحقيقي بروشتاين. له مكانة هامة في الحزب وقد تولى الشؤون الخارجية بعد الثورة(*) ثم أسندت إليه شؤون الحزب.. ثم فصل من الحزب بتهمة العمل ضد مصلحة الحزب ليخلو الجو لستالين الذي دبر اغتياله للخلاص منه نهائياً. الأفكار والمعتقدات : = إنكار وجود الله تعالى وكل الغيبيات والقول بأن المادة هي أساس كل شيء وشعارهم: نؤمن بثلاثة: ماركس ولينين وستالين، ونكفر بثلاثة: الله، الدين(*)، الملكية الخاصة، عليهم من الله ما يستحقون. = فسروا تاريخ البشرية بالصراع بين البرجوازية(*) والبروليتاريا(*) (الرأسماليين والفقراء) وينتهي هذا الصراع حسب زعمهم بدكتاتورية البروليتاريا. = يحاربون الأديان ويعتبرونها وسيلة لتخدير الشعوب وخادماً للرأسمالية والإمبريالية(*) والاستغلال مستثنين من ذلك اليهودية لأن اليهود شعب مظلوم يحتاج إلى دينه ليستعيد حقوقه المغتصبة!! = يحاربون الملكية الفردية ويقولون بشيوعية الأموال وإلغاء الوراثة. = تتركز اهتماماتهم بكل ما يتعلق بالمادة وأساليب الإنتاج. = إن كل تغيير في العالم في نظرهم إنما هو نتيجة حتمية(*) لتغيّر وسائل الإنتاج وإن الفكر والحضارة والثقافة هي وليدة التطور الاقتصادي. = يقولون بأن الأخلاق(*) نسبية وهي انعكاس لآله الإنتاج. = يحكمون الشعوب بالحديد والنار ولا مجال لإعمال الفِكر، والغاية عندهم تبرر الوسيلة. = يعتقدون بأنه لا آخرة ولا عقاب ولا ثواب في غير هذه الحياة الدنيا. = يؤمنون بأزلية المادة وأن العوامل الاقتصادية هي المحرك الأول للأفراد والجماعات. = يقولون بدكتاتورية الطبقة العاملة ويبشرون بالحكومة العالمية = تؤمن الشيوعية بالصراع والعنف وتسعى لإثارة الحقد والضغينة بين العمال وأصحاب الأعمال. = الدولة هي الحزب(*) والحزب هو الدولة. = تكون المكتب السياسي الأول للثورة(*) البلشفية(*) من سبعة أشخاص كلهم يهود إلا واحداً وهذا يعكس مدى الارتباط بين الشيوعية واليهودية. = تنكر الماركسية الروابط الأسرية وترى فيها دعامة للمجتمع البرجوازي وبالتالي لا بد من أن تحل محلها الفوضى الجنسية. = لا يحجمون عن أي عمل مهما كانت بشاعته في سبيل غايتهم وهي أن يصبح العالم شيوعياً تحت سيطرتهم. قال لينين: »إن هلاك ثلاثة أرباع العالم ليس بشيء إنما الشيء الهام هو أن يصبح الربع الباقي شيوعيًّا«. وهذه القاعدة طبقوها في روسيا أيام الثورة وبعدها وكذلك في الصين وغيرها حيث أبيدت ملايين من البشر، كما أن اكتساحهم لأفغانستان بعد أن اكتسحوا الجمهوريات الإسلامية الأخرى كبُخاري وسمرقند وبلاد الشيشان والشركس، إنما ينضوي تحت تلك القاعدة االإجرامية. = يهدمون المساجد ويحولونها إلى دور ترفيه ومراكز للحزب، ويمنعون المسلم إظهار شعائر دينية، أما اقتناء المصحف فهو جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة سنة كاملة. = لقد كان توسعهم على حساب المسلمين فكان أن احتلوا بلادهم وأفنوا شعوبهم وسرقوا ثرواتهم واعتدوا على حرمة دينهم ومقدساتهم. = يعتمدون على الغدر والخيانة والاغتيالات لإزاحة الخصوم ولو كانوا من أعضاء الحزب. الجذور الفكرية والعقائدية: = لم تستطع الشيوعية إخفاء تواطئها مع اليهود وعملها لتحقيق أهدافهم فقد صدر منذ الأسبوع الأول للثورة قرار ذو شقين بحق اليهود: - يعتبر عداء اليهود عداء للجنس السامي يعاقب عليه القانون. - الاعتراف بحق اليهود في إنشاء وطن قومي في فلسطين. = يصرح ماركس بأنه اتصل بفيلسوف الصهيونية وواضع أساسها النظري هو موشيه هيس أستاذ هرتزل الزعيم الصهيوني الشهير. - جدُّ ماركس هو الحاخام اليهودي المشهور في الأوساط اليهودية مردخاي ماركس. = تأثرت الماركسية إضافة إلى الفكر اليهودي بجملة من الأفكار والنظرات الإلحادية منها: - مدرسة هيجل العقلية المثالية. - مدرس كونت الحسية الوضعية. - مدرسة فيورباخ في الفلسفة(*) الإنسانية الطبيعية. - مدرسة باكونين صاحب المذهب(*) الفوضوي المتخبط. الانتشار ومواقع النفوذ: = حكمت الشيوعية عدة دول منها: - الاتحاد السوفيتي، الصين، تشيكوسلوفاكيا، المجر، بلغاريا، بولندا، ألمانيا الشرقية، رومانيا، يوغسلافيا، ألبانيا، كوبا. ومعلوم أن دخول الشيوعية إلى هذه الدول كان بالقوة والنار والتسلط الاستعماري. ولذلك فإن جل شعوب هذه الدول أصبحت تتململ بعد أن عرفت الشيوعية على حقيقتها وأنها ليست الفردوس الذي صور لهم وبالتالي بدأت الانتفاضات والثورات تظهر هنا وهناك، كما حدث في بولندا والمجر وتشيكوسلوفاكيا، كما أنك لا تكاد تجد دولتين شيوعيتين في وئام دائم. = أما في العالم الإسلامي فقد استفاد الشيوعيون من جهل بعض الحكام وحرصهم على تدعيم كراسيهم ولو على حساب الدين(*)، إذ اكتسحت الشيوعية أفغانستان وشردت شعبها المسلم كما تحكمت في بعض الدول الإسلامية الأخرى بواسطة عملائها. = تقوم الدول الشيوعية بتوزيع ملايين الكتيّبات والنشرات مجاناً في كافة أنحاء العالم داعية إلى مذهبها. = أسست الشيوعية أحزاباً لها في كل الدول العربية والإسلامية تقريباً فنجد لها أحزاباً في مصر، سورية، لبنان، فلسطين، والأردن، تونس وغيرها. = إنهم يؤمنون بالأممية ويسعون لتحقيق حلمهم بالحكومة العالمية التي يبشرون بها. انهيار الماركسية: - انهارت الشيوعية في معاقلها بعد قرابة السبعين عاماً من قيام الحكم الشيوعي وبعد أربعين عاماً من تطبيق أفكارها في أوروبا الشرقية وأعلن كبار المسؤولين في الاتحاد السوفيتي قبل تفككه أن الكثير من المبادىء الماركسية لم تعد صالحة للبقاء وليس بمقدورها أن تواجه مشاكل ومتطلبات العصر الأمر الذي تسبب في تخلف البلدان التي تطبق هذا النظام عن مثيلاتها الرأسمالية. وهكذا يتراجع دعاة الفكر المادي الشيوعي عن تطبيقه لعدم واقعيته وتخلفه عن متابعة التطور الصناعي والعلمي وتسببه في تدهور الوضع الاقتصادي وهدم العلاقات الاجتماعية وإشاعة البؤس والحرمان والظلم والفساد ومصادمة الفطرة ومصادرة الحريات ومحاربة الأديان(*). وقد تأكد بوضوح بعد التطبيق لهذه الفترة الطويلة أن من عيوب الماركسية أنها تمنع الملكية الفردية وتحاربها وتلغي الإرث الشرعي وهذا مخالف للفطرة وطبائع الأشياء ولا تعطي الحرية للفرد في العمل وناتج العمل ولا تقيم العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع وأن الشيوعي يعمل لتحقيق مصلحته ولو هدم مصالح الآخرين وينحصر خوفه في حدود رقابة السلطة وسوط القانون وأن الماركسية تهدم أساس المجتمع وهو الأسرة فتقضي بذلك على العلاقات الاجتماعية. - اقتنع الجميع بأنها نظرية فاسدة يستحيل تطبيقها حيث تحمل في ذاتها بذور فنائها وقد ظهر لمن مارسوها عدم واقعيتها وعدم إمكانية تطبيقها ومن أكبر ناقدي الماركسية من الماركسيين أنفسهم الفيلسوف الأمريكي أريخ مزوم في كتابه المجتمع السليم، ومن غير الماركسيين كارل بوبر صاحب كتاب المجتمع المفتوح، وغيرهما، ويجيء جورباتشوف كتابه البيروسريكا أو إعادة البناء ليفضح عيوب تطبيق الشيوعية في الاتحاد السوفيتي. وتبين بعد انهيارها أنها لم تفلح في القضاء على القوميات المتنافرة بل زادتها اشتعالاً ولم تسمح بقدر ولو ضئيل من الحرية بل عمدت دائماً إلى سياسة الظلم والقمع والنفي والقتل وحولت أتباعها إلى قطيع من البشر. وهكذا باءت جميع نبوءات كارل ماركس بالفشل وأصبح مصير النظرية إلى مزبلة التاريخ، ثم انتهى الأمر بتفكك الاتحاد السوفيتي ذاته، وأصبح اسمه مجرد أثر في تاريخ المذاهب الهدامة. ويتضح مما سبق: أن الشيوعية مذهب(*) إلحادي يعتبر أن الإنسان جاء إلى هذه الحياة بمحض المصادفة وليس لوجوده غاية وبذلك تصبح الحياة عبثاً لا طائل تحته ويحرم معتنقها من سكينة النفس ونعيم الروح ومن ثم فلا يمكن أن يجتمع الإسلام والماركسية في قلب رجل واحد لأنهما متناقضان كل التناقض في العقيدة والفكر والمنهج(*) والسلوك. ----------------------------------- مراجع للتوسع : - السرطان الأحمر ، د. عبد الله عزام. - بلشفة الإسلام، د. صلاح الدين. - حقائق الشيوعية، نهاد الغادري. - الشيوعية والشيوعيون في ميزان الإسلام، د. عبد الجليل شلبي. - السراب الأكبر، أسامة عبد الله الخياط. - المذاهب المعاصرة وموقف الإسلام منها، د. عبد الرحمن عميرة. - حوار مع الشيوعيين في أقبية السجون، عبد الحليم خفاجي. - لهذا نرفض الماركسية، د. عبد الرحمن البيضاني. - الشيوعية وليدة الصهيونية، أحمد عبد الغفور عطار. الداروينيـة التعريف : تنتسب الحركة(*) الفكرية الداروينية إلى الباحث الإنجليزي شارلز داروين الذي نشر كتابه أصل الأنواع سنة 1859م الذي طرح فيه نظريته في النشوء والارتقاء مما زعزع القيم الدينية، وترك آثاراً سلبية على الفكر العالمي. التأسيس وأبرز الشخصيات: = شارلز داروين: صاحب هذه المدرسة ولد في 12 فبراير 1809م وهو باحث إنجليزي نشر في سنة 1859م كتابه أصل الأنواع، وقد ناقش فيه نظريته في النشوء والارتقاء معتبراً أصل الحياة خلية كانت في مستنقع آسن قبل ملايين السنين. وقد تطورت هذه الخلية ومرت بمراحل منها، مرحلة القرد، انتهاء بالإنسان، وهو بذلك ينسف الفكرة الدينية التي تجعل الإنسان منتسباً إلى آدم وحواء ابتداء. = آرثر كيت: دارويني متعصب، يعترف بأن هذه النظرية لا تزال حتى الآن بدون براهين فيضطر إلى كتابتها من جديد وهو يقول: "إن نظرية النشوء والارتقاء لا زالت بدون براهين، وستظل كذلك، والسبب الوحيد في أننا نؤمن بها هو أن البديل الوحيد الممكن لها هو الإيمان بالخلق المباشر وهذا غير وارد على الإطلاق". = جليان هكسلي: دارويني ملحد، ظهر في القرن العشرين، وهو الذي يقول عن النظرية: - "هكذا يضع علم الحياة الإنسان في مركز مماثل لما أنعم به عليه كسيد للمخلوقات كما تقول الأديان(*)". - "من المسلَّم به أن الإنسان في الوقت الحاضر سيد المخلوقات ولكن قد تحل محله القطة أو الفأر". - ويزعم أن الإنسان قد اختلق فكرة الله إبان عصر عجزه وجهله، أما الآن فقد تعلم وسيطر على الطبيعة بنفسه، ولم يعد بحاجة إليه، فهو العابد والمعبود في آنٍ واحد. - يقول: "بعد نظرية داروين لم يعد الإنسان يستطيع تجنب اعتبار نفسه حيواناً". = ليكونت دي نوى: من أشهر التطوريين المحدثين، وهو في الحقيقة صاحب نظرية تطورية مستقلة. = د.هـ. سكوت: دارويني شديد التعصب ، يقول: "إن نظرية النشوء جاءت لتبقى، ولا يمكن أن نتخلى عنها حتى لو أصبحت عملاً من أعمال الاعتقاد". = برتراند راسل: فيلسوف ملحد، يشيد بالأثر الدارويني مركزاً على الناحية الميكانيكية في النظرية، فيقول: "إن الذي فعله جاليليو ونيوتن من أجل الفلك فعله داروين من أجل علم الحياة". الأفكار والمعتقدات: = نظرية داروين: تدور هذه النظرية حول عدة أفكار وافتراضات هي: - تفترض النظرية تطور الحياة في الكائنات العضوية من السهولة وعدم التعقيد إلى الدقة والتعقيد. - تتدرج هذه الكائنات من الأحط إلى الأرقى. - الطبيعة(*) وهبت الأنواع القوية عوامل البقاء والنمو والتكيف مع البيئة لتصارع الكوارث وتتدرج في سلم الرقي مما يؤدي إلى تحسن نوعي مستمر ينتج عنه أنواع راقية جديدة كالقرد، وأنواع أرقى تتجلى في الإنسان، بينما نجد أن الطبيعة قد سلبت تلك القدرة من الأنواع الضعيفة فتعثرت وسقطت وزالت. وقد استمد داروين نظريته هذه من قانون الانتقاء الطبيعي لمالتوس. - الفروق الفردية داخل النوع الواحد تنتج أنواعاً جديدة مع مرور الأحقاب الطويلة. - الطبيعة تعطي وتحرم بدون خطة مرسومة، بل خبط عشواء، وخط التطور ذاته متعرج ومضطرب لا يسير على قاعدة مطردة منطقية. - النظرية في جوهرها فرضية بيولوجية أبعد ما تكون عن النظريات الفلسفية. - تقوم النظرية على أصلين كل منهما مستقل عن الآخر: 1- المخلوقات الحية وجدت في مراحل تاريخية متدرجة ولم توجد دفعة واحدة وهذا الأصل من الممكن البرهنة عليه. 2- هذه المخلوقات متسلسلة وراثيًّا ينتج بعضها عن بعض بطريقة التعاقب خلال عملية التطور البطيئة الطويلة. وهذا الأصل لم يتمكنوا من البرهنة عليه حتى الآن لوجود حلقة أو حلقات مفقودة في سلسلة التطور الذي يزعمونه. - تفترض النظرية أن كل مرحلة من مراحل التطور أعقبت التي قبلها بطريقة حتمية(*)، أي أن العوامل الخارجية هي التي تحدد نوعية هذه المرحلة، أما خط سيرها ذاته بمراحله جميعها فهو خط مضطرب لا يسعى إلى غاية مرسومة أو هدف بعيد لأن الطبيعة التي أوجدته غير عاقلة ولا واعية، بل إنها تخبط خبط عشواء. الآثار التي تركتها النظرية: - قبل ظهور النظرية كان الناس يدعون إلى حرية الاعتقاد بسبب الثورة(*) الفرنسية، ولكنهم بعدها أعلنوا إلحادهم الذي انتشر بطريقة عجيبة وانتقل من أوروبا إلى بقاع العالم. - لم يعد هناك أي معنى لمدلول كلمة: آدم، وحواء، الجنة، الشجرة التي أكل منها آدم وحواء، الخطيئة( حسب اعتقاد النصارى بأن المسيح(*) قد صلب ليخلص البشرية من أغلال الخطيئة الموروثة التي ظلت ترزح تحتها من وقت آدم إلى حين صلبه). - سيطرة الأفكار المادية(*) على عقول الطبقة المثقفة وأوحت كذلك بمادية الإنسان وخضوعه لقوانين المادة. - تخلت جموع غفيرة من الناس عن إيمانها بالله تخليًّا تامًّا أو شبه تام. - عبادة الطبيعة(*)، فقد قال داروين: "الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق". ولكن لم يبين ما هي الطبيعة وما الفرق بين الاعتقاد بوجود الله الخالق ووجود الطبيعة؟ وقال: إن تفسير النشوء والارتقاء بتدخل الله هو بمثابة إدخال عنصر خارق للطبيعة في وضع ميكانيكي بحت. - لم يعد هناك جدوى من البحث في الغاية والهدف من وجود الإنسان لأن داروين قد جعل بين الإنسان والقرد نسباً، بل زعم أن الجد الحقيقي للإنسان هو خلية صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين. - أهملت العلوم الغربية بجملتها فكرة الغائية(*) بحجة أنها لا تهم الباحث العلمي ولا تقع في دائرة علمه. - استبد بالناس شعور باليأس والقنوط والضياع وظهرت أجيال حائرة مضطربة ذات خواء روحي، حتى أن القرد – جدهم المزعوم – أسعد حالاً من كثير منهم. - طغت على الحياة فوضى عقائدية، وأصبح هذا العصر عصر القلق والضياع. = كانت نظرية داروين إيذاناً لميلاد نظرية فرويد في التحليل النفسي، ونظرية برجسون في الروحية الحديثة، ونظرية سارتر في الوجودية، ونظرية ماركس في المادية، وقد استفادت هذه النظريات جميعاً من الأساس الذي وضعه داروين واعتمدت عليه في منطلقاتها وتفسيراتها للإنسان والحياة والسلوك. = (فكرة التطور) أوحت بحيوانية الإنسان، و(تفسير عملية التطور) أوحت بماديته. = نظرية التطور البيولوجية انتقلت لتكون فكرة فلسفية داعية إلى التطور المطلق في كل شيء، تطور لا غاية له ولا حدود، وانعكس ذلك على الدين(*) والقيم والتقاليد، وساد الاعتقاد بأن كل عقيدة أو نظام أو خلق هو أفضل وأكمل من غيره، مادام تالياً له في الوجود الزمني. = استمد ماركس من نظرية داروين مادية الإنسان وجعل مطلبه في الحياة ينحصر في الحصول على (الغذاء والسكن والجنس) مهملاً بذلك جميع العوامل الروحية لديه. = استمد فرويد من نظرية داروين حيوانية الإنسان فالإنسان عنده حيوان جنسي، لا يملك إلا الانصياع لأوامر الغريزة وإلا وقع فريسة الكبت المدمر للأعصاب. = استمد دور كايم من نظرية داروين حيوانية الإنسان وماديته وجمع بينهما بنظرية العقل الجمعي. = استفاد برتراند راسل من ذلك بتفسيره لتطور الأخلاق(*) الذي تطور عنده من المحرم (التابو) الى أخلاق الطاعة الإلهية ومن ثم إلى أخلاق المجتمع العلمي. = والتطور عند فرويد أصبح مفسِّراً للدين(*) تفسيراً جنسيًّا: "الدين هو الشعور بالندم من قتل الأولاد لأبيهم الذي حرمهم من الاستمتاع بأمهم ثم صار عبادة للأب، ثم عبادة الطوطم(*) ، ثم عبادة القوى الخفية في صورة الدين السماوي، وكل الأدوار تنبع وترتكز على عقدة أوديب". • دور اليهود والقوى الهدامة في نشر هذه النظرية: لم يكن داروين يهوديًّا، بل كان نصرانيًّا، ولكن اليهود والقوى الهدامة وجدوا في هذه النظرية ضالتهم المنشودة فعملوا على استغلالهم لتحطيم القيم في حياة الناس. - تقول بروتوكولات حكماء صهيون(*): "لا تتصوروا أن تصريحاتنا كلمات جوفاء ولاحظوا هنا أن نجاح داروين وماركس ونيتشه قد رتبناه من قبل، والأثر غير الأخلاقي لاتجاهات هذه العلوم في الفكر الأممي سيكون واضحاً لنا على التأكيد". • نقدها: - نقدها آغاسيرز في إنجلترا، وأوين في أمريكا: "إن الأفكار الداروينية مجرد خُرافة علمية وأنها سوف تنسى بسرعة". ونقدها كذلك العالم الفلكي هرشل ومعظم أساتذة الجامعات في القرن الماضي. - كريسي موريسون: "إن القائلين بنظرية التطور لم يكونوا يعلمون شيئاً عن وحدات الوراثة (الجينات) وقد وقفوا في مكانهم حيث يبدأ التطور حقاً، أعني عند الخلية". - أنتوني ستاندن صاحب كتاب العلم بقرة مقدسة يناقش الحلقة المفقودة وهي ثغرة عجز الداروينيون عن سدها فيقول: "إنه لأقرب من الحقيقة أن تقول: إن جزءً كبيراً من السلسلة مفقودة وليس حلقة واحدة، بل إننا لنشك في وجود السلسلة ذاتها". - ستيوارت تشيس: "أيد علماء الأحياء جزئيًّا قصة آدم وحواء كما ترويها الأديان، وأن الفكرة صحيحة في مجملها". - أوستن كلارك: "لا توجد علامة واحدة تحمل على الأعتقاد بأن أياً من المراتب الحيوانية الكبرى ينحدر من غيرها، إن كل مرحلة لها وجودها المتميز الناتج عن عملية خلق خاصة متميزة، لقد ظهر الإنسان على الأرض فجأة وفي نفس الشكل الذي الذي تراه عليه الآن". - أبطل باستور أسطورة التوالد الذاتي، وكانت أبحاثه ضربة قاسية لنظرية داروين. = الداروينية الحديثة: - اضطرب أصحاب الداروينية الحديثة أمام النقد العلمي الذي وجه إلى النظرية، ولم يستطيعوا أمام ضعفها إلا أن يخرجوا بأفكار جديدة تدعيماً لها وتدليلاً على تعصبهم الشديد حيالها فأجروا سلسلة من التبديلات منها: - إقرارهم بأن قانون الارتقاء الطبيعي قاصر عن تفسير عملية التطور واستبدلوا به قانوناً جديداً أسموه قانون التحولات المفاجئة أو الطفرات، وخرجوا بفكرة المصادفة. - أرغموا على الاعتراف بأن هناك أصولاً عدة تفرعت عنها كل الأنواع وليس أصلاً واحداً كما كان سائداً في الاعتقاد. - أجبروا على الإقرار بتفرد الإنسان بيولوجياً رغم التشابه الظاهري بينه وبين القرد، وهي النقطة التي سقط منها داروين ومعاصروه. - كل ما جاء به أصحاب الداروينية الحديثة ما هو إلا أفكار ونظريات هزيلة أعجز من أن نستطيع تفسير النظام الحياتي والكوني الذي يسير بدقة متناهية بتدبير الحكيم (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى). - الجذور الفكرية والعقائدية: = لقد عرفت هذه الفكرة قبل داروين، وقد لاحظ العلماء أن الأنواع المتأخرة في الظهور أكثر رقياً من الأنواع المتقدمة ومن هؤلاء: رأي باكنسون، لينو. = قالوا: "بأن التطور خطة مرسومة فيها رحمة للعالمين"، ولكن نظريتهم وصفت بأنها لاهوتية فنسيت داخل معامل الأحياء. = استوحى داروين نظريته من علم دراسة السكان، ومن نظرية مالتوس بالذات، فقد استفاد من قانونه في الانتخاب أو الانتفاء الذي يدور حول إفناء الطبيعة للضعفاء لمصلحة الأقوياء. = استفاد من أبحاث ليل الجيولوجية حيث تمكن من صياغة نظرية ميكانيكية للتطور. = صادفت هذه النظرية جواً مناسباً إذ كان ميلادها بعد زوال سلطان الكنيسة والدين، وبعد الثورة(*) الفرنسية والثورة الصناعية حيث كانت النفوس مهيأة لتفسير الحياة تفسيراً ماديًّا بحتاً، ومستعدة لتقبل أي طرح فكري يقودها إلى مزيد من الإلحاد والبعد عن التفسيرات اللاهوتية، مصيبة كانت أم مخطئة. الانتشار ومواقع النفوذ: = بدأت الداروينية سنة 1859م، وانتشرت في أوروبا، وانتقلت بعدها إلى جميع بقاع العالم، وما تزال هذه النظرية تدرّس في كثير من الجامعات العالمية، كما أنها قد وجدت أتباعاً لها في العالم الإسلامي بين الذين تربوا تربية غربية، ودرسوا في جامعات أوروبية وأمريكية. = والواقع أن تأثير نظرية داروين قد شمل معظم بلدان العالم كما شمل معظم فروع المعرفة الإنسانية من علمية وأدبية وغيرها. ولم يوجد في التاريخ البشري نظرية باطلة صبغت مناحي الفكر الغربي كما فعلت نظرية النشوء والارتقاء الداروينية. ويتضح مما سبق: أن نظرية داروين دخلت متحف النسيان بعد كشف النقاب عن قانون مندل الوراثي واكتشاف وحدات الوراثة (الجينات(*) ) باعتباره الشفرة السرية للخلق واعتبار أن الكروموسومات تحمل صفات الإنسان الكاملة وتحفظ الشبه الكامل للنوع. ولذا يرى المنصفون من العلماء أن وجود تشابه بين الكائنات الحية دليل واضح ضد النظرية لأنه يوحي بأن الخالق واحد ولا يوحى بوحدة الأصل، والقرآن الكريم يقرر بأن مادة الخلق الأولى للكائنات هي الماء {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء} [سورة النور، آية: 45] {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ }. [سورة الأنبياء، الآية: 30]. وقد أثبت العلم القائم على التجربة بطلان النظرية بأدلة قاطعة وإنها ليست نظرية علمية على الإطلاق. والإسلام وكافة الأديان السماوية تؤمن بوجود الله الخالق البارىء المدبر المصور الذي أحسن صنع كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من سلالة من طين ثم خلقه م نطفة في قرار مكين، والإنسان يبقى إنساناً بشكله وصفاته وعقله لا يتطور ولا يتحول {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} . ---------------------------- مراجع للتوسع : - أصل الأنواع، تشارلز داروين – ترجمة إسماعيل مظهر – بيروت 1973م. - سلسلة تراث الإنسانية، مجموعة من الأساتذة – الهيئة العامة للكتاب مصر. - الطريق الطويل للإنسان، روبرت ل. ليرمان – ترجمة ثابت جرجس بيروت – 1973م. - معركة التقاليد ، محمد قطب – مصر. - العلم وأسراره وخفاياه، هارولد شابلي وزميلاه – ترجمة الفندي وزميله – مصر 1971م. - تاريخ العالم، جمع جون أ. هخامرتن – ترجمة إدارة الترجمة – مصر. - مصير الإنسان، ليكونت دي نوي – ترجمة خليل الجر – المنشورات العربية - الديناميكا الحرارية، د. إبراهيم الشريف – مصر 1970م. - العلم يدعو إلى الإيمان، كريس موريسون – ترجمة محمود صالح الفلكي – مصر 1962م. - العلمانية، سفر بن عبد الرحمن الحوالي – مكة المكرمة 1402/1982م. - الإنسان والعلاقات البشرية، ستيوارت تشيس – ترجمة أحمد حمودة مصر 1955م. - معالم تاريخ الإنسانية ، هـ. ج. ويلز – ترجمة عبد العزيز توفيق جاويد – القاهرة – 1967م. - نظرية داروين بين مؤيديها ومعارضيها، قيس القرطاس – بيروت – 1391هـ. - التطور والثبات، محمد قطب. - اللامنتمي، كولن ولسون – ترجم أنيس زكي حسن – بيروت 1958م. - أثر العلم في المجتمع ، برتراند راسل – ترجمة تمام حسان – مصر. - منازع الفكر الحديث، تأليف حود – ترجمة عباس فضلي – العراق 1375هـ. - الإنسان بين المادية والإسلام، محمد قطب – مصر 1957م. - العقل والدين، وليم جيمس – ترجمة محمود حسب الله – مصر 1368هـ. - العقل والمادة، برتراند راسل – ترجمة أحمد إبراهيم الشريف – القاهرة – 1975م. - مذهب النشوء والارتقاء ، منيرة علي القادياني – تقديم محمد البهي- مصر 1395هـ. - بروتوكولات حكماء صهيون، ترجمة محمد خليفة التونسي – مصر. - معالم التحليل النفسي، سيجموند فرويد- ترجمة عثمان نجاتي القاهرة 1966م. - ما أصل الإنسان، موريس بوكاي (إصدار مكتب التربية العربية لدول الخليج).[/align]
__________________
|
#26
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تم بعون الله وفضله لا تبخلوا علينا بدعاء في ظهر الغيب وفقكم الله
__________________
|
#27
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . رررراااااااااااااائع جزاك الله خير الجزاء آخر تعديل بواسطة أبو جهاد الأنصاري ، 2021-06-19 الساعة 05:54 PM |
#28
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وانتم من اهل الجزاء
__________________
|
#29
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين يرفع لأهمية الموضوع ولا تحرمونا من دعاء صالح بظهر الغيب
__________________
|
#30
|
|||
|
|||
يرفع للفائدة
__________________
|
#31
|
|||
|
|||
رد: الموسوعة الميسرة في الاديان والمذاهب والاحزاب المعاصرة
شكراااااااااااااااااااااااااااا
|
#32
|
|||
|
|||
رد: الموسوعة الميسرة في الاديان والمذاهب والاحزاب المعاصرة
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#33
|
|||
|
|||
رد: الموسوعة الميسرة في الاديان والمذاهب والاحزاب المعاصرة
كتاب قيم، سبق و قراته، و هو مفيد خاصة للمبتدئين في مجال الفرق و الأديان
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
أدوات الموضوع | |
|
|