تجنيد الأطفال فى أفريقيا ناقوس الخطر
اتجه تنظيم داعش عقب تقهقره فى بعض الدول بالشرق الأوسط إلى العمق الأفريقي، ونتيجة للخلل الذي أصاب عدده وعتاده، اتجه لتجنيد الأطفال، والاستعانة بهم في العمليات العسكرية، وقد تجسدت آخر ملامح هذا النهج فيما حدث فى يونيو الماضي بعدما أغار أطفال مجندون على قرية شمال شرق بوركينا فاسو مما اسفر عن مقتل أكثر من (130) شخصاً.
ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” يتجاوز عدد الأطفال المجندين في أفريقيا (250) ألف طفل أي (40%) من جُملة الأطفال المجندين حول العالم، حيث تحتضن القارة الأفريقية نحو (97) صراعاً مسلحاً، والتي أفرزت أطفالاً ضحايا جندتهم التنظيمات الإرهابية مستغلة قدرتهم على إنجاز المهام دون لفت الانتباه أو إثارة الشك تجاههم، مع إغراء التنظيمات لهؤلاء الأطفال بالأموال.
هناك نماذج عدة داخل الدول الأفريقية تثبت تنامي ظاهرة تجنيد الأطفال، فمثلا تم استغلال نحو (36%) من أطفال أنجولا شاركوا في الصراع الأهلي خلال حقبة التسعينيات، ولا ننسى جيش الرب الأوغندي المُشكل بالأساس من الأطفال، فقد قدر مجلس الأمن عدد الأطفال الذين تم اختطافهم من قبل جيش بحوالى (60000) طفل، كما تجاوز عدد الأطفال المجندين في نيجيريا (4) آلاف، بينما قُتل نحو (432) طفلاً كماوصل عدد الأطفال الذين تم تجنيدهم لصالح ميليشيا حركة شباب المجاهدين فى الصومال خلال العامين الماضيين لنحو (6) آلاف طفل تم إقحامهم في أعمال قتالية.
وفقًا لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام (سيدني) لعام 2020، نجد أن الدول الأفريقية على رأس دول العالم تأثرًا بالعمليات الإرهابية، بعدما تزايد معدل العمليات الإرهابية خلال عام 2020 ليصل إلى (3471) عملية أسفرت عن مقتل (10460) ضحية.
ورغم التحركات الدولية لحظر إشراك الأطفال في الأعمال المسلحة، فإن الوضع في أفريقيا يزداد خطورة، ويعاني الأطفال أزمة إنسانية بالغة القسوة، وتعمل الجماعات الجهادية على استغلال الأوضاع الهشة لإعادة التموضع ثانية، كما في شمال موزمبيق ونيجيريا ومالي وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى، لذلك فان النهوض بمستوى دخل الفرد، إلى جانب تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير فرص عمل للشباب، سيساعد فى سد ثغرة يمكن استغلالها من قبل التنظيمات الإرهابية.
وأخيرًا تبقى مهمة إعادة دمج الأطفال المجندين مرة أخرى داخل المجتمع من المهمات الصعبة، لا سيما داخل الدول الأفريقية، فهناك حالة من التمييز ضد هؤلاء الأطفال، لذا أصبح لزامًا على المجتمعات تقبل هؤلاء العائدين، في حين يقع على منظمات الإغاثة مهمة إعادة صهر الصغار مرة أخرى داخل البوتقة الاجتماعية، عبر برامج وحوارات توعوية وأن المجتمع لا بد وأن يعيد احتضانهم كي لا يصبحوا قنبلة موقوته ويعاد استغلالهم ثانية.
فحل أزمة المجندين الصغار كمثل باقي المشكلات التي تواجهها الدول الأفريقية، تتطلب تكاتف الجهود المحلية والإقليمية والدولية للتخفيف من حدة مسببات دفع هؤلاء الأطفال للانخراط في أعمال عنف، ولا بد من التركيز على البعد الديني والتعليمي كي يتمكن الأطفال من تشكيل واق فكري يحفظهم من أي أفكار متطرفة من شأنها إفساد فطرتهم البسيطة.
فلنتعاون الآن لنمنع قنابل إرهابية قد تنفجر فى وجه العالم فى المستقيل القريب
|