موقف الإسلام من العمليات الإنتحارية
قال الله تعالى في محكم التنزيل : وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ , النساء/29 ، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا , رواه البخاري في الحديث رقم 5442 و مسلم في الحديث رقم 109 ..و في مضمار آخر في الصحيحين من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة.. و قد أجمع العلماء إلا أدعياء الفقه بأن الجهاد في سبيل الله المقصودُ به حماية الإسلام والمسلمين، و المنتَحر يُدمِّر نفسه و يدمر المسلمين و الناس أجمعين بمختلف إنماءاتهم ..بل إن الشريعة الغراء إعتبرت كل من يشهر السلاح لإخافة الناس وترويعهم ( بالمحارب ) و(المفسد في الأرض) واعتبرت هذا العمل حرباً على الله ورسوله وجزاؤه ما جاء في القرآن الكريم : {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .و يتخيل الإنتحاريون الذين حولوا الجهاد إلى قتل و ذبح وسلخ و حرق و إغراق و تدمير و تفخيخ أنهم بمجرد أن يكبروا و يسحبون الصاعق و يقتلون الأبرياء و المدنيين أنهم سينالون رضا الله متناسين قوله تعالى : إنما يتقبل الله من المتقين , و متناسين القاعدة المحمدية : لا يطاع الله من حيث يعصى ..
ثم أين هي المصلحة الإسلامية و الربانية في قتل الشيوخ و العجزة و النساء و الرجال و الأطفال و حرق العجماوات و الجمادات ؟ أين ذهبت عقول هؤلاء الإنتحاريين الذين يستعجلون الذهاب إلى النار بأمرين : قتل أنفسهم , و قتل الآخرين , و أين مسمى الجهاد في القتل و الإبادة و كرنفال الموت ...و إذا كان القاتلون لأنفسهم و الذابحون لغيرهم بمختلف الوسائل لا حظ لهم من الفقاهة و علم الأصول و آليات الإستنباط ورد الفروع إلى الأصول , فمن هؤلاء الذين يغسلون أدمغتهم و يقدمون لهم القتل الفظيع على أنه جهاد و رفعة لكلمة الله ...إن جنون القتل الذي أصاب طائفة من شبابنا يتطلب جهادا فكريا و فقهيا لإعادة عقول المنتحرين إلى جادة الصواب و تحركا أقوى على الصعيد الإجتهادي و الشرعي لسحب الشرعية من عمائم الشيطان التي حولت القتل المجاني إلى جهاد في سبيل الله ..إن الشياطين باضت و فرخت في عقول الذين خطفوا الإسلام و حولوا الجنة إلى جغرافيا للأحمر القاني و الدم الزعاف ..بئس ما يحكمون , و بئس ما يفعلون ...يقول الله جل وعلا في كتابه العزيز: ] وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيما, وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً[(النساء:29- 30 ..
و احزناه على من يفجر نفسه ليقتل الناس ظلما و عدوانا , يتخيل أنه سيذهب إلى الجنة , و إذا به سيجد نفسه في الدرك الأسفل من النار , ملعون في الدنيا و الآخرة .
|