جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الرد على المجرم عدنان ابراهيم والذب عن معاوية رضي الله عنه
منقول من منتديات المستاقون للجنة والرد للشيخ وليد محمد المصباحي
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : اما بعد فقد ارسل إلي الدكتور الفاضل علاء سعيد نزال وفقه الله بريدا إلكترونيا فيه مقطع يوتيوب للدكتور عدنان إبراهيم يتحدث فيه عن معاوية رضي الله عنه ,بكلام لايقوله إلا رافضي علما بأني لا اعرف الدكتور عدنان -أصلا-ولا يهمنا ذلك بل المعرفة الحقيقية تكون بما يقوله الرجل ويكتبه وكما قيل (المرء مخبوء تحت لسانه فمتى تكلم عرف)فهاأنذا أعرفه بعد ان قال محاضرته الرافضية تلك ,وأسأل الله له الهداية . فأقول مستعينا بالله تعالى : هذا رد على رافضي يقال له الدكتور عدنان إبراهيم ,أذب فيه عن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ,وأسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب وأن يوفقنا للحق والسداد فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام (يا علي سل الله الهدى والسداد واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد تسديدك السهم)رواه مسلم في صحيحه. أولا:مقدمة منهجية تبين جهل الرجل وضلاله بكيفية الاستدلال واخذ الاعتقاد الصحيح : 1-القاعدة الأولى (العقائد والأحكام لاتؤخذ من كتب التاريخ والتراجم والأخبار وإنما تؤخذ من الكلام المعصوم المنقول بالأسانيد الصحيحة اللامعة من القرآن والحديث). فلو أتيت لنا بالف خبر على ان معاوية رضي الله عنه فعل وفعل وقتل سبعين الفا او سبعمئة الف فإن ذلك لايسوى شيئا أمام هذه النصوص: 1-قوله تعالى (لايستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا وكلاو وعد الله الحسنى ) وقد أسلم معاوية عام القضية اي السنة السادسة للهجرة لما صد الرسول عليه الصلاة والسلام عن البيت حيث قال (اسلمت عام القضية)راجع هذا الخبر في البداية والنهاية لابن كثير (8\21)تاريخ الطبري (5\328)فمعاوية ممن وعدهم الله بالحسنى ,وكلام الله ثابت لايتغير ولا يتبدل . قال ابونعيم الاصبهاني في معرفة الصحابة (5\2496):كان من الكتبة الحسبة الفصحة اسلم عام القضية وهو ابن 18سنة وقد عده ابن عباس من الفقهاء. ومرد اختلاف المصادر في وقت اسلامه انه كان يخفي اسلامه ولم يظهره الا عام الفتح وقد جزم بذلك ابن سعد في الطبقات (1\131)والذهبي في تاريخ الاسلام (308). ولو سلمنا أنه من مسلمة الفتح فإن ذلك لايقلل من شأنه لقوله تعالى (وكلا وعد الله الحسنى). 2-وقد روى الترمذي في فضائل معاوية أنه لما تولى امر الناس كانت نفوسهم مشتعلة عليه فقالوا :كيف يتولى معاوية وفي الناس من هو خير مثل الحسن والحسين رضي الله عنهما ,فقال عمير وهو احد الصحابة :لاتذكروه إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم اجعله هاديا مهديا واهده واهد به) زاد الإمام الآجري في الشريعة (ولا تعذبه)وهذا في مسند الإمام أحمد أيضا (4\216)قال الألباني في الصحيحة (رجاله كلهم ثقات رجال مسلم فكان حقه أن يصحح).(4\615). قال ابن حجر الهيتمي المكي الشافعي (هذا الحديث من غرر فضائل معاوية وأظهرها ومن جمع الله له هاتين المرتبتين كيف يتخيل فيه ما تقوله المبطلون ووصمه به المعاندون)تطهير اللسان ص14 3-عن العرباض بن سارية سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان : هلم إلى الغداء المبارك ثم سمعته يقول : اللهم علم معاوية الكتاب ، والحساب ، وقه العذاب.قال الذهبي للحديث شاهد قوي .سير اعلام النبلاء(3\124).وحسنه الألباني في الصحيحة برقم 3227.فماذا تريد يا دكتور عدنان من رجل علمه الله الكتاب والحساب ووقاه العذاب بل وقبل ذلك كله جعله الله هاديا مهديا .فأنصحك أن تأخذ عقيدتك من القرآن والسنة ولا تأخذها من كتب الف ليلة وليلة !!. 4-قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :كنت ألعب مع الصبيان . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب . قال فجاء فحطأني حطأة . وقال " اذهب وادع لي معاوية " قال فجئت فقلت : هو يأكل . قال ثم قال لي " اذهب فادع لي معاوية " قال فجئت فقلت : هو يأكل . فقال " لا أشبع الله بطنه " . وفي رواية : كنت ألعب مع الصبيان . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختبأت منه . فذكر بمثله .رواه مسلم في صحيحه في باب فضائل معاوية رضي الله عنه . قال الإمام النووي في شرح مسلم :قد فهم مسلم من هذا الحديث ان معاوية لم يكن مستحقا للدعاء عليه فلهذا ادخله في هذا الباب وجعله من مناقب معاوية لإنه في الحقيقة يصير دعاء له (16\156). وهذا الحديث اخرجه مسلم ايضا تحت الأحاديث التي تندرج ان من سبه او دعا عليه وليس هو بأهل لذلك ان يكون له زكاة ورحمة واجرا ونص الحديث هو ( أيما رجل من أمتي سببته سبة ، أو لعنته لعنة في غضبي ، فإنما أنا من ولد آدم ، أغضب كما تغضبون ، و إنما بعثني الله رحمة للعالمين ، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة )صححه الألباني وغيره وهو مشهور .فماذا يريد الدكتور عدنان من رجل حلت عليه الصلاة والرحمة والزكاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم . 5-- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء ، يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه ، وكانت تحت عبادة بن الصامت ، فدخل يوما فأطعمته ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استيقظ يضحك ، قالت : فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ فقال : ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ، ملوكا على الأسرة ، أو قال : مثل الملوك على الأسرة ) . يشك إسحق . فقلت : ادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا ، ثم وضع رأسه فنام ، ثم استيقظ يضحك ، فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ، قال : ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ، ملوكا على الأسرة ، أو : مثل الملوك على الأسرة ) . فقلت : ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : ( أنت من الأولين ) . فركبت البحر في زمان معاوية ، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر ، فهلكت .رواه البخاري . قال الحافظ ابن حجر :وفيه ان ضحك النبي كان إعجابابهم وفرحا لما رأى لهم من المنزلة الرفيعة. وكان معاوية رضي الله عنه قائد الجيش ,وفي هذا الحديث منقبة عظيمة لمعاوية وهي أنه اول من غزا في البحر . واستمع واقرأ هذا الحديث وهو متعلق بنفس الحديث السابق: 6- أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا . قالت أم حرام : قلت : يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصرمغفور لهم . فقلت : أنا فيهم يا رسول الله ؟ قال : لا.رواه البخاري. فمالك ولمعاوية وقد اوجب الله له الجنة بالنص حيث قال (قد اوجبوا).رقم الحديث 2924. 7-قال الخلال :اخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال :قلت لأحمد بن حنبل رحمه الله :أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم (كل صهر ونسب ينقطع الا صهري ونسبي)قال :بلى .قلت :وهذه لمعاوية ؟قال نعم له صهر ونسب قال وسمعت احمد بن حنبل يقول :مالهم ولمعاوية نسال الله العافية .السنة للخلال ص654وإسناده حسن . 8-ولقد فاز معاوية رضي الله عنه بمصاهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى بها منقبة وشرفا فاستحق بذلك أن يكون خال المؤمنين كعبد الله بن عمر رضي الله عنهما ,وقد قيل للإمام أحمد رحمه الله :إن ناسا يقولون :إن معاوية ليس خالا للمؤمنين :فقال الإمام أحمد :يجفون حتى يتوبوا . مخرج في كتاب السنة للخلال .فيا دكتور عدنان تب الى الله تعالى ,وإلا فإن هذه الأمة بأسرها سوف تجفوك -والعياذ بالله تعالى -. فأم حبيبة بنت ابي سفيان هي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ام المؤمنين - فعن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه قال كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه فقال للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاث خلال أعطنيهن قال نعم قال عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها قال نعم قال ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك قال نعم قال وتؤمرني أن أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين قال نعم قال أبو زميل ولولا أنه طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ما أعطاه ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يسئل شيئا إلا قال نعم.رواه مسلم . قال ابوهريرة رضي الله عنه :ما رأيت احدا أجمل من عائشة بنت طلحة ,ومن معاوية بن ابي سفيان على منبر رسول الله صلى الله عليه سلم.رواه المعافري في أخبار النساء .تحقيق الدكتورة عائدة الطيبي. فهل ترضى يا دكتور عدنان أن يطعن احد في صهرك ,!!فكيف تطعن في صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقد جمعت بين ثلاث أذيات ,آذيت الله وآذيت رسول الله وآذيت المؤمنين وقد قال تعالى (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغي ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ). 9-ولقد اتفق ابو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين رضي الله عنهم على تأمير معاوية على الشام وهم اهل الرأي والسداد والورع والتقوى فابو بكر من اورع الناس في تأمير الأمراء وعمر هو المحدث الملهم وعثمان صاحب الرأي الرشيد فيالها من فضيلة أن يثق بالشخص ثلاثة من اعظم رجال التاريخ البشري على الإطلاق ,وأنت يا دكتور عدنان لن تجد من يثق بك إلا زنديق أو رافضي بل وحتى الزنادقة لن يثقوا بك لأنك انقلبت على عقبيك فلا يأمنون أن تنقلب عليهم أيضا . 10-وكان كاتبا للوحي اي كاتبا للقرآن الكريم فهل تتوقع أن يستأمن رسول الله على الكتابة شخص غير موثوق فيه . 11-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنتم شهداء الله في أرضه )فلننظر بماذا شهد الصحابة رضي الله عنهم لمعاوية رضي الله عنه. 1-قال عمر رضي الله عنه (لاتذكروا معاوية إلا بخير)البداية والنهاية لابن كثير (8\125). 2-قال علي رضي الله عنه بعد رجوعه من صفين :أيها الناس لاتكرهوا إمارة معاوية فإنكم لو فقدتموها رأيتم الرؤوس تندر من كواهلها كأنها الحنظل.نس المصدر السابق .ص134. 3-قال ابن عباس ما رأيت رجلا كان أخلق أي اجدر للملك من معاويةكان الناس يردون منه على ارجاء واد رحب ولم يكن بالضيق الحصر المتغضب العصعص.رواه عبد الرزاق بسند صحيح 20985برقم. وقد امتدحه ابن عباس بالفقه وكذاابن عمر وابن الزبير . 2-القاعدة الثانية(ان الخلاف الذي جرى بين الصحابة اقسام :1-خلاف فقهي 2-خلاف سياسي ,ولا يوجد خلاف عقدي بينهم إطلاقا والخلافات الفقهية والسياسية لاتوجب مذمة لأحد ولا نقيصة من أحد وهو امر مشهور بين اصحاب المذهب الواحد ). لذا فإن الدكتور عدنان قد وقع ضحية للزنادقة الذن يريدون إفساد الاسلام بأن غلفوا الخلافات الفقهية والسياسية بغلاف عقائدي والبسوها لباسا طائفيا وهي ليست كذلك ,وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين هم اصحاب الشأن لم يدعوا غير ذلك ولم يقولوا ان لمعاوية دينا او مذهبا آخر . وقد قال الله تعالى (ومن قتل مظلوما -يعني مثل عثمان-فقد جعلنا لوليه -كمعاوية-سلطانا-قدري أو شرعي-فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا)ومن هنا كان النصر لمعاوية رضي الله عنه. 3-القاعدة الثالثة (أن الله تعالى يختبرنا هل نطيعه أم ننساق إلى أهوائنا )فإن الله تعالى طلب منا أن نبجل اصحاب نبيه وان نكف السنتنا عنهم وان نترضى عليهم جميعا ,وحتى يعلم الله علما يترتب عليه الثواب او العقاب ولكي يكشف إيمان المؤمن ونفاق المنافق وغرض المغرض يقدر تعالى بين هؤلاء الأولياء من المشاكل والنزاعات ما يكشف الله به للناس من هو المؤمن الذي يصبر ويمتثل امر ألله وامر رسوله ومن هو المنافق الذي يتربص الدوائر بالاسلام وأهله ,فمن المعلوم أن عدوك يترصد لك كل شاردة وواردة للإيقاع بك ولكن الله تعالى أوقعهم من حيث هم يريدون الوقيعة بالإسلام وأهله (الا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) ودليل ذلك أن عمار بن ياسر رضي الله عنه خطب في الناس فقال -ايام الجمل-(والله إني لأعلم أنها -يريد عائشة رضي الله عنها-لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ولكن الله يريد أن يبتليكم لتطيعوه أو إياها )وهذا الأمر ينسحب على جميع الأحداث التي وقعت في زمن الرعيل الأول سلام الله عليهم أجمعين . 4-القاعدة الرابعة (أن محاكمة معاوية أو علي أو اي صاحب من اصحاب رسول الله وذكر المثالب لا معنى له بعد أن أصدر الله تعالى حكمه وهو الحكم العدل اللطيف الخبير حيث قال (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصارالذين اتبعوه في ساعة العسرة )الآيات .)فهب ان معاوية فعل وفعل فماذا ينفعك هراؤك بعد ان رضي الله عنه وتاب عليه واناخ مطيته في جنة عرضها السموات والأرض ,وما دخلك أنت أيها القزم المتقرمط بين علي ومعاوية وطلحة وعائشة وقد قال الله تعالى فيهم (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وماهم منها بمخرجين )فإن كان علي مظلوما فإن الله تعالى سينصفه وإن كان معاوية ظالما فإن الله سيعفو عنه ويغفر له (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون). 5-القاعدة الخامسة (أن الزنادقة يركزون جهدهم على معاوية لأن معاوية باب حصين إذا كسر هذا الباب استطاع الزنادقة من خلاله أن يطعنوا في سيدنا عمر رضي الله عنه لإنه هو الذي ولاه على الشام فالذب عن معاوية أولى من الذب عن اي صحابي آخر من حيث أنه الباب الذي يدخل منه الروافض والزنادقة للطعن في اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ). ولذا فإن الطعن في معاوية رضي الله عنه ماهو إلا وسيلة من وسائل القوم للنيل من الصحابة وبالتالي النيل من الإسلام وأهله فالله الله ان يؤتى الاسلام من باب معاوية رضي الله عنه . 6-القاعدة السادسة (أن دين الله محفوظ كتابا وسنة عقيدة وشريعة بحفظ الله له فلا يضرنا بعد ذلك صراع فلان مع فلان بل ان الله امرنا في كتابه المحفوظ وسنته المحفوظة باتباع سبيل المؤمنين قال تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)وسبيل المؤمنين بالإجماع هو الكف عما شجر بين اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فمن خالف هذا السبيل فهو من جثا جهنم وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم . قال تعالى (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم). هذه القواعد الشرعية تنسف فكرة الدكتور عدنان من أساسها وجذورها (قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم واتاهم العذاب من حيث لايشعرون).وقال (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا) ثانيا :ذكر شبه تعلق بها الدكتور تبين ان اتباع الهوى يودي ب الانسان الى الضلال : 1-اكذوبة تولي عمر والتبري من معاوية !! هل تعلم أيها الضال ان عمر المحدث الملهم هوالذي ولى معاوية على الشام وكان عمر لايولي إلا من يتيقن فيه الورع والقوة والأمانة ,هل تعلم أنك الآن تطعن في عمر رضي الله عنه وتصفه بأنه لايحسن الاختيار ,هل انت اعلم وافقه من الصحابة الذين اقروا عمر على تولية معاوية ولم يعترضوا عليه ,فإما أن تكون جاهلا بهذه اللوازم وإما أن تكون ممن تعلمت التقية على مذهب الصفويين . 2-تريد أن تأخذ راحتك في الطعن على معاوية ولكن الوقت لايسعفك فتكتفي بأشارات واقول لك اقصر يا باغي الشر فلا حاجة لنا إلا كلامك بعد ان أذن له رسول الله في كتابة الوحي وبعد ان شهد له بالهداية . 3-واما احتجاجك بحديث (تقتل عمارا الفئة الباغية )فإن الذي قتل عمارا هم الخوارج الذين الهبوا نار الصراع بين الفريقين حتى ظهروا فيما بعد في حروراء فالأصابع التي دبرت مقتل عثمان رضي الله عنه هي نفسها الأصابع الت نسجت الخلاف بين الصحابة والهبت القتال ومعاوية لم يرض بقتل عمار بل كره ذلك كرها شديدا ولكن ليقضي الله امرا كان مفعولا ,ومما يدل على ان الخوارج هم الذين قتلوه قوله عليه السلام ي رواية اخرى (يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار)ودعاة النار هم الخوارج بل هم كلاب النار كما في حديث صحيح فعمار يدعوهم الى الكف عن القتال ولزوم الجماعة وهم يريدون القتال والفوضى لإن هذه الفوضى هي التي سوف تخلصهم من الملاحقة والمحاكمة كما يفعل الآن بعض رؤساء العرب حيث يريد ان يدخل الناس في اتون الصراعات حتى لايحاكم وينجو بنفسه من جرائمه التي اقترفها . وإلا فإن الخلاف بين علي ومعاوية هو خلاف لايستلزم معاركا بل هو خلاف اولويات -لاغير-. فعلينا ان نستفيد من الأخطاء التي وقع فيها علي ومعاوية فلا نقع فيها فالتاريخ دائما يعيد نفسه فلله الحمد . 3-وانظر كيف يغالط عندما يقول ان عليا رضي الله عنه دان له العالم باسره إلا اهل الشام ,فنقول له انت عن ماذا تتحدث ؟ هل تتحدث عن افضلية علي واستحقاقه للخلافة؟ فنقول لاتتعب نفسك فالعالم الاسلامي كله اجمع في عصره أن عليا هو خير من في الأرض في زمن علي وانه الخليفة بلا منازع واهل الشام في هذا كغيرهم . ام هل تتحدث عن مسألة قتلة عثمان والمطالبة بدمه؟ فإنها جعلت المسلمين المقرين بأفضلية علي واستحقاقه يفترقون الى فرقتين عظيمتين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (تمرق مارقة -يعني الخوارج-على حين فرقة من المسلمين يقتلهم اقرب الطائفتين الى الحق )يعني ان عليا كان اقرب الى الحق من معاويةوكان لمعاوية شئ من الحق ,وهذا واضح . 4-وانظروا الى المغالطة والخربطة عندما يقول ان عائشة وطلحة والزبير اجتهدوا ومعاوية تعمد الإساءة فأقول : لو جاءك طفل من اطفال الروافض لألزمك بقوله ان عائشة والزبير وطلحة لم يجتهدوا فما وجه التفريق بينهم وبين معاوية وانت تستدل بحديث امرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين وتعني باالناكثين عائشة وطلحة والزبير وبالقاسطين معاوية وابي موسى وعمرو بن العاص والمارقين الخوارج .؟ فإنه سيحار جوابا . وعلى كل حال فالحديث كذب وملفق في اسناده حكيم بن جبير كذاب .راجع ميزان الاعتدال للذهبي 2215 وكأني بالدكتور عدنان يريد بطريقة ذكية تمرير الطعن في عائشة وطلحة والزبير بأسلوب ماكر جدا . ومعاوية رضي الله عنه كغيره من الحكام واهل السياسة تحصل منهم اخطاء ومن المعلوم ان اخطاء الحكام ليست كأخطاء الآباء والأمهات من حيث وزنها وثقلها إلا أنها على نفس المبدأ فالسياسة بشرية وتخضع لظروف صعبة تجعلك تتخذ قرارا صعبا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية وتنازل عن اشياء حتى ان بعض الصحابة هم ان يرد على رسول الله رأيه . 5-وماهذه الورطة العظيمة !! كيف تجعل معاوية من مصاديق قوله عليه السلام (من اتاكم وامركم جميع يريد ان يشق عصاكم فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان)ان الدكتور بكلامه هذا يحكم على معاوية بأنه مستحق للقتل !! إذن ما الفرق بينك وبين الخوارج !! فمبروك عليك أيها الدكتور جمعك بين النقيضين مذهب الخوارج ومذهب الروافض. ولا تنس ان معاوية كان مستصحبا لولاية عثمان بن عفان رضي الله عنه ,وكان معاوية مقرا بالخلافة لعلي إلا أنهما اختلفا في موضوع قتلة عثمان فكان ما يخشاه معاوية هو هروب قتلة عثمان وضياع دمه . 6-واما قول علي :عليه السلام فلا بأس من الإتيان بها احيانا واما ان تجعلها ديدنا فهذا من شعائر الروافض يريدون بذلك التفضيل واتحدى الدكتور أن يقول (طلحة والزبير وابي موسى وعمرو بن العاص صلوات الله وسلامه عليهم)آمين. لا يستطيع ذلك والسبب ان الزنادقة استطاعوا ان يوثقوه وان يجعلوه مكبلا بأساطير التاريخ وخرافات لوط بن يحي والواقدي واني لأعجب من حماسته وتمعر وجهه ولا أظن وجهه يتمعر لمجازر الصفويين في العراق وبلاد فارس وسورية وما يفعله يهود بفلسطين وخصوصا غزة ارض العزة . 7-واما حديث (يا علي لايحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق). فنقول لك ايها الدكتور المعتوه : أن المحبة هنا هي المحبة التي تكون بدافع عقائدي فنحن نجزم ان معاوية كان يحب عليا ,وقد تكون المحبة بدافع انساني كما تحب زوجتك لو كانت يهودية او نصرانية ,وكذلك البغض فقد يكون البغض عقائديا وهذا هو بغض المنافقين ولو حصل بين معاوية وبين علي بغض فهو بغض سياسي فيتحصل من ذلك ان معاوية يحب عليا من وجه وهو الوجه العقائدي الذي يكون معاوية به مؤمنا ,ويبغضه -تنزلا-من وجه آخر وهو ما يحصل من التباغض بين مختلفي الرأي ,وهذا معلوم فإنك قد تحب الشخص لإيمانه وصلاحه وتبغضه لأنه يختلف عنك في توجهه السياسي مثلا وقد مدح عمرو بن العاص رضي الله عنه عليا بحضرة معاوية فبكى معاوية وقال :والله ما أخطأت شيئا مما قلت .او كلمة نحوها . والخلاصة ان طريقة الدكتور هي طريقة اللعب بالعبارات حيث أنه يأتي الى عبارة مشتركة لمعان عديدة ويحملها على معنى يتبادر الى ذهن المستمع ليلبس عليه ويضله . 7-واما ان معاوية امر بسب علي فهذا كذب على معاوية وهذا فعل يترفع عنه معاوية والسب ليس من طريقة واخلاق معاوية بل هو من اخلاق عدنان ابراهيم ومن على شاكلته . واما حديث مسلم ان معاوية قال لسعد ما منعك ان تسب اباتراب ؟فقال سعد :اما والله في ثلاث سمعتهن من رسول الله فلن أسبه وذكر سعد مناقب علي رضي الله عنه ,فأقره معاوية ولم يتعرض له بسوء . وعلى كل فالنزاع كان بين شيعة علي وشيعة معاوية نزاع سياسي لا علاقة له بالدين لا من قريب ولا من بعيد والجميع يعرف نواتج الصراعات الحزبية فالأخوان المسلمون يحصل بنهم نزاعات والشيعة كذلك والتيارت السنية يحصل بينهم من التلاسن ما الله به عليم وما فتح وحماس عنا ببعيد حتى الفصائل الاسلامية متناحرة فيما بينها فهذا له إطاره السياسي والإداري 8-واما قصة معاوية مع ابي ذر رضي الله عنهما فابو ذر معلوم مذهبه في تحريم الادخار وانه يجب عليك ان تنفق كل مالك ولا تبقي شئ وقد خالفه جماهير الصحابة في ذلك ومعاوية منهم . والدكتور عدنان لايطيق مذهب ابي ذر . 9-واما القول بان معاوية يستحل الربا فهذا كذب صراح وتكفير لمعاوية رضي الله عنه .وربا الفضل حصل فيه نزاع وقد روي الرخصة فيه عن ابن عباس واستدل بحديث انماالربا في النسيئة .ثم رجع عن هذا القول ابن عباس ,فلعل معاوية لو صح الخبر تأول ما تأول ابن عباس . 10-واما ان ابالدرداء خرج من الشام لإن معاوية استحل الربا فهذا كذب .وهذه من ترهات الشيعة . أخرج البخاري : عن ابن أبي مُليكة قال : أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس فأتى ابن عباس فقال دعه فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فنقول للدكتور : (دع معاوية فإنه صحب رسول الله).- 11- دية المعاهد نصف دية الحر.وهذا الحديث صحيح حسنه الحافظ ابن حجر والسيوطي وابوداود والخطابي وهو مذهب الأئمة وجماهير الأمة ,وأما ما ينقل ان ابابكر وعمر جعلا دية المعاهد كدية المسلم فهذا لايصح بحال والحديث فيه اضطراب واستنكره ابن عبد البر بل انه قال في الاستذكار :لاحجة فيه. ولو فرضنا جدلا بأن معاوية جعل دية المعاهد نصف دية المسلم فسيكون هذا من مناقبه لا من مثالبه وذلك لأنه جعل للمسلم قيمة وتميزا عن اصحاب الأديان الأخرى ,وقد جلد النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر اربعين وجلد ابو بكر اربعين وجلد عمر ثمانين .فهل يا ترى خالف عمر السنة !! بل نقول وافق السنة والمصلحة فعن حصين الرقاشي : شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد بن عقبة ، فشهد عليه حمران ورجل آخر ، فشهد أحدهما : أنه رآه شربها – يعني الخمر – وشهد الآخر : أنه رآه يتقيأها . فقال عثمان : إنه لم يتقيأها حتى شربها ، فقال لعلي : أقم عليه الحد ، فقال علي للحسن : أقم عليه الحد ، فقال الحسن : ول حارها من تولى قارها . فقال علي لعبد الله بن جعفر : أقم عليه الحد ، قال : فأخذ السوط فجلده ، وعلي يعد ، فلما بلغ أربعين قال : حسبك ، جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين . أحسبه قال : وجلد أبو بكر أربعين ، وعمر ثمانين ، وكل سنة ، وهذا أحب إلي رواه ابو داود وهو صحيح. 12-انت يا دكتور تدعي على معاوية أنه سرق اموال الشعب وان لديه الملايين فهل ستتحمل امام الله تعالى مسؤولية هذه الدعوى وانت لم تر ولم تشهد فإن كنت رأيت فقد رأيت معاوية يسرق اموال المسلمين بعيون الرافضة وسمعت ذلك بآذانهم اخرج ابو يعلى الموصلي في مسنده ان معاوية خطب الناس يوم الجمعة فكان فيما قال :المال مالنا والفي فيئنا فلم يرد عليه أحد وقالها في الجمعة المقبلة فلم يرد عليه أحد فلما كان في الجمعة الثالثة قام إليه رجل فقال :بل المال مالنا والفئ فيئنا فإن نازعتنا فيه قاتلناك بأسيافنا فقال معاوية:احياك الله كما احييتني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ستكون أئمة من بعدي ، يقولون ، فلا يرد عليهم قولهم ، يتقاحمون في النار كما تقاحم القردة)صححه الألباني . وفي لفظ (سيكون بعدي امراء فلا يرد عليهم قولهم يتهافتون في النار يتبع بعضهم بعضا)فأدخل معاوية الرجل واكرمه . فانظر رحمك الله الى حرص معاوية الا يدخل ضمن هؤلاء الأمراء وهذا يذكرنا بقول عمر لحذيفة :انشدك الله هل عدني رسول الله من المنافقين.!!!وهو ابعد الناس عن النفاق رضي الله عنه. 13-وانظر الى الكذب عندما يقول ان معاوية انكر حديث عبادة فهل انكر عمر حديث ابي موسى في الاستئذان حتى شهد له ابو سعيد ,وكان علي رضي الله عنه يقول :كان الرجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا حدثني عن رسول الله استحلفته وحدثني ابو بكر وصدق ابو بكر . وعندما حدثت المبتوتة عمر عن حكم رسول الله في من طلقت ثلاثا انه لانفقة لها ولا سكنى:لاندع كتاب ربنا لأجل حديث امرأة لاندري انسيت أم حفظت. فالمسألة مبنية على الاستيثاق والاطمئنان للرواية فهذا باب واما الانكار فلا يكون الا بعد التأكد والاستيثاق والاطمئنان. فلماذا يا دكتور تفتري على سيدك معاوية رضي الله عنه بكل هذه الحماسة والجرأة وكأني بك مشحون شحنا غريبا تبدو عليه بصمات الصفويين وطريقتهم في الكلام والمغالطة . ولننظر الى هذا الموقف العظيم لمعاوية الذي اطلع عليه الدكتور ولكنه يخفيه لما فيه من نسف لقضية ولع معاوية بالمال وهذه قصة عظيمة بل موقف اغرب من الخيال (كان لعبد الله بن الزبير ارض مجاورة لارض معاوية بن ابى سفيان رضى الله عن الجميع وكان فيهما عبيد لعمارة كل ارض فدخل عبيد معاوية ارض عبد الله بن الزبير واغتصبوا منها قطعة فكتب عبد الله بن الزبير الى معاوية : أما بعد ,, يا معاوية فان عندك عبيدا قد اغتصبوا ارضى , فمرهم بالكف عنها الا وكان لى ولكم شأن فلما وقف معاوية على كتاب عبد الله بن الزبير دفعه الى ولده يزيد فلما رآه وقرأه قال : ما تقول يا يزيد ؟ قال : أرى ان تبعث اليه جيشا يكون اوله عنده واخره عندنا يأتيك برأسه وتستريح منه قال : عندى خير من ذلك ! قال : ما هو يا أبت ؟ قال : علىً بدواة وقرطاس [ثم كتب اليه فيه : وقفت على كتاب ابن اخى وقد ساءنى والله ما ساءه والدنيا وما فيها هينة فى جنب رضاك وقد كتبت على نفسى مسطورا أشهدت فيه الله وجماعة من المسلمين ان الارض وما فيها والعبيد الذين بها ملكك فضمها الى ارضك والعبيد الى عبيدك , والسلام فلما وقف عبد الله بن الزبير على كتابه , كتب له جوابا فيه : وقفت على كتاب امير المؤمنين لا اعدمنى الله بقاءه ولا اعدمه هذا الرأى الذى أحله هذا المحل , والسلام فلما وقف معاوية على الكتاب أعطاه لولده يزيد فلما قرأه تهلل وجهه فرحا فقال له : يا بنى اذا بُليت بشىء من هذا الداء داوه بمثل هذا الدواء , وإنا لقوم لم نر فى الحِلم الا خيرا. 13-وأما القول بأن معاوية استلحق زياد ونسبه لأبي سفيان فهذا كذب وافتراء على معاوية فإن زيادا هو الذي نسب نفسه الى ابي سفيان لا معاوية وإليكم البيان والتبيين : . وزياد هو ؛ هو زياد بن سمية ، وهي أمه كانت أمة للحارث بن كلدة ، زوجها لمولاه عبيد ، فأتت بزياد على فراشه وهم بالطائف قبل أن يسلم أهل الطائف . انظر ترجمته في الإصابة ] ، والاستيعاب ترجمة رقم ] وغيرها . إن قضية نسب زياد بن أبيه تعد من القضايا الشائكة في التاريخ الإسلامي ؛ لأنها تثير عدداً من الأسئلة يصعب الإجابة عليها ، مثل :- 1- لماذا لم تثر هذه القضية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، مثلما أثيرت قضايا مشابهة لها عند فتح مكة ؟ مثل قضية : نسب ابن أمة زمعة بن قيس الذي ادعاه عتبة بن أبي وقاص ، انظر القصة في صحيح البخاري مع الفتح [/ماذا لم تثر هذه القضية في حياة أبي سفيان رضي الله عنه ؟ 3- لماذا لم تثر هذه القضية في أثناء خلافة علي رضي الله عنه ، خاصة عندما كان زياد من ولاة علي ؛ لأن في إثارتها في تلك الفترة مكسباً سياسياً لمعاوية رضي الله عنه ؛ إذ قد يترتب على ذلك انتقال زياد من معسكر علي إلى معسكر معاوية ؟ 4 – لماذا أثيرت هذه القضية في سنة وبعد أن آلت الخلافة إلى معاوية رضي الله عنه ؟ ومهما يكن من أمر فإن قضية نسب زياد تعد من متعلقات أنكحة الجاهلية ، ومن أنواع تلك الأنكحة ما أخرجه البخاي في صحيحه من طريق عائشة رضي الله عنها: إن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء – بمعنى : أنواع - : فنكاح منها نكاح الناس اليوم ، يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها – أي يعين صداقها – ثم ينكحها . ونكاح آخر ، كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها – حيضها - : أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه – أي اطلبي منه الجماع – ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه ، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب ، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد – النجيب : الكريم الحسب - ، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع . ونكاح آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها ، فإذا حملت ووضعت ومر ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم ، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها ، تقول لهم : قد عرفتم الذي كان من أمركم ، وقد ولدت ، فهو ابنك يا فلان ، فتسمي من أحبت باسمه ، فيلحق به ولدها ولا يستطيع أن يمتنع به الرجل . والنكاح الرابع : يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمنع من جاءها ، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علماً ، فمن أردهن دخل عليهن ، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها ، جمعوا لها و دعوا لها القافة – جمع قائف ، وهو الذي يعرف شبه الولد بالوالد بالآثار الخفية – ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون ، فالتاطه به – أي استلحقه به – ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك . فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بالحق ، هدم نكاح الجاهلية كله ، إلا نكاح الناس اليوم . الفتح مع الصحيح [] . وقد أقر الإسلام ما نتج عن تلك الأنكحة من أنساب ، وفي ذلك يقول ابن الأثير : فلما جاء الإسلام .. أقر كل ولد ينسب إلى أب من أي نكاح من أنكحتهم على نسبه ، ولم يفرق بين شيء منها . الكامل في التاريخ ] 3/ 445 ] . وأما الذراري الذين جاء الإسلام وهم غير منسوبين إلى آبائهم – كأولاد الزنى – فقد قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أبو داود بإسناده قال : قام رجل فقال : يا رسول الله إن فلاناً ابني ، عاهرت – أي زنيت – بأمه في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ] لا دعوة في الإسلام ، ذهب أمر الجاهلية ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر . صحيح سنن أبي داود ] . أما القول إن سبب سكوت أبي سفيان رضي الله عنه من ادعاء زياد هو خوفه من شماتة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإن هذا القول مردود بما يلي: 1– إن قضية نسب ولد الزنا قد ورد فيها نص شرعي ولم تترك لاجتهادات البشر . 2 – إن الإسلام يجب ما قبله . 3 – إن عمر رضي الله عنه توفي قبل أبي سفيان رضي الله عنه ، فلماذا لم يدّع أبو سفيان زياداً بعد وفاة عمر ؟ . 4 – إن في إسناد هذا الخبر محمد بن السائب الكلبي ، وقد قال عنه ابن حجر : ] متهم بالكذب ورمي بالرفض /] التقريب ] . وأما اتهام معاوية رضي الله عنه باستلحاق نسب زياد فإني لم أقف على رواية صحيحة صريحة العبارة تؤكد ذلك ، هذا فضلاً عن أن صحبة معاوية رضي الله عنه وعدالته ودينه وفقهه تمنعه من أن يرد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لاسيما وأن معاوية أحد رواة حديث /] الولد للفراش وللعاهر الحجر الفتح g] . قال النووي رحمه الله معلقاً على هذا الخبر : .. فمعنى هذا الكلام الإنكار على أبي بكرة ، وذلك أن زياداً هذا المذكور هو المعروف بزياد بن أبي سفيان ، ويقال فيه : زياد بن أبيه ، ويقال : زياد بن أمه ، وهو أخو أبي بكرة لأمه .. فلهذا قال أبو عثمان لأبي بكرة : ماهذا الذي صنعتم ؟ وكان أبو بكرة رضي الله عنه ممن أنكر ذلك وهجر بسببه زياداً وحلف أن لا يكلمه أبداً ، ولعل أبا عثمان لم يبلغه إنكار أبي بكرة حين قال له هذا الكلام ، أو يكون مراده بقوله : ما هذا الذي صنعتم ؟ أي ما هذا الذي جرى من أخيك ما أقبحه وأعظم عقوبته ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حرم على فاعله الجنة .] . وقال أيضاً : قوله : ادُّعِي ضبطناه بضم الدال وكسر العين مبني لما لم يسم فاعله ، أي ادعاه معاوية ، ووجد بخط الحافظ أبي عامر العبدري – وهو إمام من أعيان الحفاظ من فقهاء الظاهرية ] ت 524هـ ، انظر ترجمته في : تذكرة الحفاظ للذهبي [] 4 / 1272 ادَّعَى بفتح الدال والعين ، على أن زياداً هو الفاعل ، وهذا له وجه من حيث إن معاوية ادعاه ، وصدقه زياد فصار زياد مدعياً أنه ابن أبي سفيان ، والله أعلم . شرح مسلم [] 2 / 52 – . انظر القصة في الاستيعاب لابن عبد فنقول للدكتور الآن قد تبينت لكل عاقل براءة معاوية رضي الله عنه من هذه التهمة وقد تبينت براءة معاوية رضي الله عنه من هذه التهمة فيما تقدم من القول ، وبذلك ينتفي الوجه الذي ذهب إليه النووي في كلامه عن ضبط الحافظ أبي عامر العبدري لكلمة ادَّعَى . ويزيد هذا الأمر تأكيداً ما أورده الحافظ أبو نعيم في ترجمة زياد بن أبيه حيث قال : ] زياد بن سمية : ادَّعَى أبا سفيان فنسب إليه /] معرفة الصحابة ] . وبذلك يكون زياد هو المدعي ، ولذلك هجره أخوه أبو بكرة رضي الله عنه . والله تعالى أعلم . مقتبس من كتاب : مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري للدكتور خالد الغيث ] . وقد أجاب الإمام ابن العربي رحمه الله عن هذه الشبهة بجواب آخر له وجه من الصحة أيضاً ، فقال فيما معناه : أما ادعاؤه زياداً فهو بخلاف حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لعبد بن زمعة : ] هو لك الولد للفراش وللعاهر الحجر /] باعتبار أنه قضى بكونه للفراش وبإثبات النسب فباطل لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت النسب ، لأن عبداً ادعى سببين ، أحدهما : الأخوة ، والثاني : ولادة الفراش ، فلو قال النبي صلى الله عليه وسلم هو أخوك ، الولد للفراش لكان إثبابتاً للحكم وذكراً للعلة ، بيد أن النبي صلى الله عليه وسلم عدل عن الأخوة ولم يتعرض لها وأعرض عن النسب ولم يصرح به ، وإنما هو في الصحيح في لفظ /] هو أخوك [/] وفي آخر هو لك ] معناه أنت أعلم به بخلاف زياد ، فإن الحارث بن كلدة الذي ولد زياد على فراشه ، لم يدعيه لنفسه ولا كان ينسب إليه ، فكل من ادعاه فهو له ، إلا أن يعارضه من هو أولى به منه ، فلم يكن على معاوية في ذلك مغمز بل فعل فيه الحق على مذهب الإمام مالك . انظر تفصيل ذلك في كتاب العواصم من القواصم ] بتخريج محمود مهدي الاستانبولي و تعليق الشيخ محب الدين الخطيب وهو من منشورات مكتبة السنة بالقاهرة . 14-واما القول بأن معاوية قتل حجر بن عدي فيا ويلا له من حجر وأصحاب حجر فالرد على هذه الفرية من وجوه : اولا:تحدثت معظم المصادر التاريخية عن مقتل حجر بن عدي رضي الله عنه بين مختصر في هذا الأمر ومطول كل بحسب ميله ، وكان للروايات الشيعية النصيب الأوفر في تضخيم هذا الحدث ووضع الروايات في ذلك ؛ وكأنه ليس في أحداث التاريخ الإسلامي حدث غير قصة مقتل حجر بن عدي .. هذا ونظراً لقلة الروايات الصحيحة عن حركة حجر بن عدي ، ولكون هذه الروايات لا تقدم صورة متكاملة عن هذه القضية .. لذا فلن أتطرق للحديث عنها بقدر ما سيكون الحديث منصباً على السبب الذي جعل معاوية رضي الله عنه يقدم على قتل حجر بن عدي والدوافع التي حملته على ذلك .. كان حجر بن عدي من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وممن شهد الجمل وصفين معه . وحجر هذا مختلف في صحبته ، وأكثر العلماء على أنه تابعي ، وإلى هذا ذهب كل من البخاري وابن أبي حاتم عن أبيه وخليفة بن خياط وابن حبان وغيرهم ، ذكروه في التابعين وكذا ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة . انظر ترجمته في الإصابة 31- 34 ] ثانيا:. كر ابن العربي في العواصم بأن الأصل في قتل الإمام ، أنه قَتْلٌ بالحق فمن ادعى أنه بالظلم فعليه الدليل ، و لكن حجراً فيما يقال : رأى من زياد أموراً منكرة ، حيث أن زياد بن أبيه كان في خلافة علي والياً من ولاته ، و كان حجر بن عدي من أولياء زياد و أنصاره ، و لم يكن ينكر عليه شيئاً ، فلما صار من ولاة معاوية صار ينكر عليه مدفوعاً بعاطفة التح** و التشيع ، و كان حجر يفعل مثل ذلك مع من تولى الكوفة لمعاوية قبل زياد ، فقام حجر و حصب زياد و هو يخطب على المنبر ، حيث أن زياد قد أطال في الخطبة فقام حجر و نادى : الصلاة ! فمضى زياد في خطبته فحصبه حجر و حصبه آخرون معه و أراد أن يقيم الخلق للفتنة ، فكتب زياد إلى معاوية يشكو بغي حجر على أميره في بيت الله ، وعدّ ذلك من الفساد في الأرض ، فلمعاوية العذر ، و قد كلمته عائشة في أمره حين حج ، فقال لها : دعيني و حجراً حتى نلتقي عند الله ، و أنتم معشر المسلمين أولى أن تدعوهما حتى يقفا بين يدي الله مع صاحبهما العدل الأمين المصطفى المكين . انظر هذا الخبر بالتفصيل في العواصم من القواصم لابن العربي ]ص 219-220] بتحقيق محب الدين الخطيب و تخريج محمود الإستانبولي مع توثيق مركز السنة . وأما قضاء معاوية رضي الله عنه في حجر رضي الله عنه وأصحابه ، فإنه لم يقتلهم على الفور ، ولم يطلب منهم البراءة من علي رضي الله عنه كما تزعم بعض الروايات الشيعية ، انظر : تاريخ الطبري ] . بل استخار الله سبحانه وتعالى فيهم ، واستشار أهل مشورته ، ثم كان حكمه فيهم .. والحجة في ذلك ما يرويه صالح بن أحمد بن حنبل بإسناد حسن ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا أبو المغيرة – ثقة – قال : حدثنا ابن عياش – صدوق – قال : حدثني شرحبيل بن مسلم – صدوق – قال : لما بُعِث بحجر بن عدي بن الأدبر وأصحابه من العراق إلى معاوية بن أبي سفيان ، استشار الناس في قتلهم ، فمنهم المشير ، ومنهم الساكت ، فدخل معاوية منزله ، فلما صلى الظهر قام في الناس خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ، ثم جلس على منبره ، فقام المنادي فنادى : أين عمرو بن الأسود العنسي ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ألا إنا بحصن من الله حصين لم نؤمر بتركه ، وقولك يا أمير المؤمنين في أهل العراق ألا وأنت الراعي ونحن الرعية ، ألا وأنت أعلمنا بدائهم ، وأقدرنا على دوائهم ، وإنما علينا أن نقول : { سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير }[ البقرة /285] . فقال معاوية : أما عمرو بن الأسود فقد تبرأ إلينا من دمائهم ، ورمى بها ما بين عيني معاوية . ثم قام المنادي فنادى : أين أبومسلم الخولاني ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فلا والله ما أبغضناك منذ أحببناك ، ولا عصيناك منذ أطعناك ، ولا فارقناك منذ جامعناك ، ولا نكثنا بيعتنا منذ بايعناك ، سيوفنا على عواتقنا ، إن أمرتنا أطعناك ، وإن دعوتنا أجبناك وإن سبقناك نظرناك ، ثم جلس . ثم قام المنادي فقال : أين عبد الله بن مِخْمَر الشرعبي ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : وقولك يا أمير المؤمنين في هذه العصابة من أهل العراق ، إن تعاقبهم فقد أصبت ، وإن تعفو فقد أحسنت . فقام المنادي فنادى : أين عبد الله بن أسد القسري ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أمير المؤمنين ، رعيتك وولايتك وأهل طاعتك ، إن تعاقبهم فقد جنوا أنفسهم العقوبة ، وإن تعفوا فإن العفو أقرب للتقوى ، يا أمير المؤمنين لا تطع فينا من كان غشوماً ظلوماً بالليل نؤوماً ، عن عمل الآخرة سؤوماً . يا أمير المؤمنين إن الدنيا قد انخشعت أوتارها ، ومالت بها عمادها وأحبها أصحابها ، واقترب منها ميعادها ثم جلس . فقلت – القائل هو : اسماعيل بن عياش – لشرحبيل : فكيف صنع ؟ قال : قتل بعضاً واستحيى بعضاً ، وكان فيمن قتل حجر بن عدي بن الأدبر . انظر الرواية في مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح ] . ومما يجدر التذكير به في هذا المقام أن معاوية رضي الله عنه لم يكن ليقضي بقتل حجر بن عدي رضي الله عنه لو أن حجراً اقتصر في معارضته على الأقوال فقط ولم ينتقل إلى الأفعال .. حيث أنه ألّب على عامله بالعراق ، وحصبه وهو على المنبر ، وخلع البيعة لمعاوية وهو آنذاك أمير المؤمنين .. ولكن حجراً رضي الله عنه زين له شيعة الكوفة هذه المعارضة ، فأوردوه حياض الموت بخذلانهم إيام .. ولا ننسى موقف شيعة الكوفة مع الحسين رضي الله عنه ، حين زينوا له الخروج ثم خذلوه كما خذلوا حجراً من قبله ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .. وقد اعتمد معاوية رضي الله عنه في قضائه هذا بقتل حجر بن عدي ، على قوله صلى الله عليه وسلم : ] من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه ] . صحيح مسلم بشرح النووي []12 / 242 . وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم : ] أنه ستكون هنات – أي فتن – وهنات ، فمن أراد أن يفرق أمره هذه الأمة وهي جميع ، فاضربوا بالسيف كائناً من كان ] . صحيح مسلم بشرح النووي [] 12 / 241 ] . ولو سلمنا أن معاوية أخطأ في قتل حجر ؛ فإن هذا لا مطعن فيه عليه ، كيف وقد سبق هذا الخطأ في القتل من اثنين من خيار الصحابة ؛ هما : خالد بن الوليد وأسامة بن زيد رضي الله عنهما . أما قصة خالد بن الوليد رضي الله عنه مع بني جذيمة ، وقولهم صبأنا بدلاً من أسلمنا ، فرواها البخاري في صحيحه برقم 4339 ] من حديث عبد الله بن عمر .. وقول النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد .. قال الحافظ ابن حجر في الفتح ] : وقال الخطابي : الحكمة من تَبرُّئه صلى الله عليه وسلم من فعل خالد مع كونه لم يعاقبه على ذلك لكونه مجتهداً ، أن يعرف أنه لم يأذن له في ذلك خشية أن يعتقد أحد أنه كان بإذنه ، ولينزجر غير خالد بعد ذلك عن مثل فعله .. ثم قال : والذي يظهر أن التبرأ من الفعل لا يستلزم إثم فاعله ولا إلزامه الغرامه ، فإن إثم المخطئ مرفوع وإن كان فعله ليس بمحمود . وقصة أسامة بن زيد رضي الله عنه مع الرجل الذي نطق بالشهادتين ، وقتل أسامه له بعد نطقها ، في الصحيحين البخاري برقم [] .. وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ] يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ ] .. الحديث . وكل ما جرى من أسامة وخالد ناتج عن اجتهاد لا عن هوى وعصبية وظلم . وقبل أن ننتقل إلى شبهة أخرى من شبهات حول معاوية رضي الله عنه ، أذكر موقف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من مقتل حجر رضي الله عنه .. أخرج ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى ابن أبي مليكة قال : إن معاوية جاء يستأذن على عائشة ، فأبت أن تأذن له ، فخرج غلام لها يقال له ذكوان قال : ويحك أدخلني على عائشة فإنها قد غضبت علي ، فلم يزل بها غلامها حتى أذنت له ، وكان أطوع مني عندها ، فلما دخل عليها قال : أمتاه فيما وجدت عليّ يرحمك الله ؟ قالت : .. وجدت عليك في شأن حجر وأصحابه أنك قتلتهم . فقال لها : .. وأما حجر وأصحابه فإني تخوفت أمراً وخشيت فتنة تكون ، تهراق فيها الدماء ، وتستحل فيها المحارم ، وأنت تخافيني ، دعيني والله يفعل بي ما يشاء . قالت : تركتك والله ، تركتك والله ، تركتك والله . وبالإسناد نفسه أخرج ابن عساكر في تاريخيه ] : لما قدم معاوية دخل على عائشة ، فقالت : أقتلت حجراً ؟ قال : يا أم المؤمنين ، إني وجدت قتل رجل في صلاح الناس خير من استحيائه في فسادهم . 15-وأما شبهة الدكتور في قميص عثمان ولماذا لم يقتص معاوية من قتلة عثمان فإليكم البيان: قبل الإجابة على على هذه الشبهة .. ليسأل أحدنا نفسه هذه الأسئلة :- • لماذا أبقى علي رضي الله عنه على أهل الفتنة في جيشه أثناء حرب الجمل ؟ • ولِمَ لَمْ يخرجهم من جيشه أثناء توجهه إلى الشام ؟ • لما انتصر علي رضي الله عنه على أهل الجمل ، لماذا لم يوقع القصاص على هؤلاء القتلة ؟! • وأيضاً لماذا لم يوقع القصاص عليهم بعد ذلك ، خاصة بعد أن انتهى الخلاف بينه وبين معاوية بعد حرب صفين ؟! • لماذا لم يقم الحسن بن علي رضي الله عنه بإيقاع القصاص على قتلة عثمان بعد أن تولى الخلافة من بعد أبيه ؟! إلى غيرها من الأسئلة الكثيرة التي تدور في خلد الواحد منا .. لماذا تناسينا هذه الأسئلة والإجابة عليها ، وتمسكنا فقط بشبهة مطالبة معاوية رضي الله عنه بالخلافة مقابل استغنائه عن المطالبة بقتلة عثمان ؟!! مع أنه لم يرد إلينا رواية واحدة لا صحيحة ولا ضعيفة تفيد استغناء معاوية عن المطالبة بقتلة عثمان مقابل توليه الخلافة .. ولنا أن نقول : إن السبب في إبقاء علي على أهل الفتنة في جيشه وعدم إقامة الحد عليهم ؛ أنهم – أي أهل الفتنة - كانوا سادات في أقوامهم ، فكان علي يرى أن يصبر عليهم إلى أن تستقر الأمور .. فقد كان رضي الله عنه ينظر إلى القضية نظرة مصلحة ومفسدة ، فرأى أن المصلحة تقتضي تأخير القصاص لا تركه ، فأخر القصاص من أجل هذا .. وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة .. ففي حادثة الإفك تَكَلم في الطاهرة المطهرة عائشة رضي الله عنها بعض الناس ، وكان الذي تولى كبر هذا الأمر عبد الله بن أبي بن سلول ، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم : من يعذرني في رجل وصل أذاه إلى أهلي ؟ قام سعد بن معاذ وقال : أنا أعذرك منه يارسول الله ، إن كان منّا معشر الأوس قتلناه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا بقتله ، فقام سعد بن عبادة فرد على سعد بن معاذ ، وقام أسيد بن حضير فرد على سعد بن عبادة ، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، فصار النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت . انظر الخبر بتمامه في البخاري حديث رقم [ 4141 ] . ولنسأل أنفسنا : لماذا لم يقم النبي صلى الله عليه وسلم حد القصاص على ابن سلول ؟ الجواب : لاشك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اغتم بهذه الإشاعة وأعلن على الملأ وفي المسجد ثقته بزوجته وبصاحبه ابن المعطل ، ولكن حسن تصرف النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحادثة ، أوقف فتنة كادت أن تقع بين الحيين ، وقد دلت هذه المعالجة من الرسول صلى الله عليه وسلم للمشكلة التي حاول ابن سلول استغلالها على حسن سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في تدبير الأمور وتجنب المشاكل وتفويت الفرص على المغرضين المندسين بين صفوف المؤمنين ، وكان نتيجة ذلك أن جافى ابن سلول قومه ، فكانوا هم الذين يعنفونه ويفضحون دسائسه .. وقد أجاب عدد من العلماء عن الحكمة التي من أجلها ترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على ابن سلول .. من مثل القرطبي رحمه الله في تفسيره [i 12 / 201 – 202 بقوله : وإنما لم يحد عبد الله بن أبي لأن الله قد أعد له في الآخرة عذاباً عظيماً ، فلو حد في الدنيا لكان ذلك نقصاً من عذابه في الآخرة وتخفيفاً عنه ، مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة رضي الله وبكذب كل من رماها ، فقد حصلت فائدة الحد إذ المقصود إظهار القاذف وبراءة المقذوف .. وقال أيضاً : ويحتمل أن يقال إنما ترك حد ابن أبي استئلافاً لقومه واحتراماً لابنه ، واطفاء لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك ، وقد كان ظهر مبادئها من سعد بن عبادة ومن قومه . قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد [] : وقيل الحد لا يثبت إلا ببينة أو إقرار – كما هو الحال بالنسبة لقتلة عثمان ، فإنهم أعلاج من قبائل شتى - ، وهو لم يقر بالقذف ولا شهد به عليه أحد ، فإنه كان يذكره بين أصحابه ، ولم يشهدوا عليه ، ولم يكن يذكره بين المؤمنين .. وقال أيضاً : وقيل بل ترك حده لمصلحة هي أعظم من إقامته عليه ، كما ترك قتله مع ظهور نفاقه وتكلمه بما يوجب قتله مراراً ، وهي تأليف قومه وعدم تنفيرهم عن الإسلام ، فإنه كان مطاعاً فيهم ، رئيساً عليهم – كذلك الحال بالنسبة لقتلة عثمان رضي الله عنه - ، فلم يؤمن إثارة الفتنة في حده .. قلت : وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم عظم مكانة ابن سلول في قومه .. فإنه وقبل مجيء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان الأوس والخزرج قد اتفقوا على أن يجعلوا عبد الله بن أبي ملكاً عليهم ، فهو له عندهم منزلة عظيمة ، ولا ننسى موقفه في غزوة أحد حين رجع بثلث الجيش .. لهذا السبب ترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد عليه للمصلحة التي ينشدها ، وتجنباً للمفسدة التي ستترتب على إقامة الحد عليه ، إذ رأى أن جلده أعظم مفسدة من تركه .. وهكذا كان موقف علي رضي الله عنه من قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، رأى تأخير القصاص أقل مفسدة من تعجيله ، لأن علياً رضي الله عنه لايستطيع أن يقتل قتلة عثمان أصلاً ، والسبب في ذلك أن لهم قبائل تنتصر لهم وتدافع عنهم ، والأمن غير مستتب ، ومازالت الفتنة مستمرة ، ولا أدل على ذلك من قيام هؤلاء الخوارج من قتل علي رضي الله عنه بعد أن حاربهم في النهروان ، وكذلك المحاولة التي تعرض لها كل من معاوية وعمرو رضي الله عنهما .. ولا ننسى محاولات القتل التي تعرض لها الحسن بن علي رضي الله عنهما على يد هؤلاء الخوارج .. وقد أجاب الإمام الطحاوي رحمه الله عن سبب تأخر علي رضي الله عنه في إقامة الحد على قتلة عثمان رضي الله عنه بقوله : و كان في عسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان ، من لم يُعرف بعينه و من تنتصر له قبيلته ، و من لم تقم عليه حجة بما فعله ، و من قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره كله .شرح الطحاوية ] . و على كل حال فإن علي رضي الله عنه ، كان موقفه ، موقف المحتاط منهم ، المتبرئ من فعلهم . وهو و إن كان لم يخرجهم من عسكره فقد كان يعاملهم بحذر و ينظر إليهم بشزر ، حتى قال الإمام الطبري : بأنه لم يول أحد منهم أثناء استعداده للمسير إلى الشام ، حيث دعا ولده محمد بن الحنفية و سلمه اللواء ، و جعل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قائد الميمنة ، و عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه على الميسرة ، و جعل على مقدمة الجيش أبا ليلى بن عمر بن الجراح ، و استخلف على المدينة قثم بن العباس رضي الله عنهم . تاريخ الطبري ] . و هذه بادرة منه رضي الله عنه ليعلن تبرؤه من أولئك المارقين ، و يثبت قدرته على السيطرة على أمر المسلمين من غير عون منهم ، فقد كان له في المسلمين الموالين له و المؤيدين لخلافته ما يغنيه عن الاستعانة بهم و التودد إليهم .. و هذا أقصى ما يمكنه فعله بتلك الطائفة إذ ذاك ، و هو كافٍ في عذره ، لأنهم مئات و لهم قرابة وعشائر في جيشه ، فما يأمن لو عاملهم بأكثر من هذا من الشدة أن يمتد حبل الفتنة في الأمة ، كما حصل ذلك لطلحة و ال***ر و عائشة بالبصرة حين قتلوا بعضاً منهم ، فغضب لهم قبائلهم و اعتزلوهم . إفادة الأخيار للتباني ] . و يناقش الإمام الباقلاني هذا الموضوع فيقول : و على أنه إذا ثبت أن علياً ممن يرى قتل الجماعة بالواحد فلم يجز أن يقتل جميع قتلة عثمان إلا بأن تقوم البينة على القتلة بأعيانهم ، و بأن يحضر أولياء الدم مجلسه ، و يطلبون بدم أبيهم و وليهم .. و إن قتل قتلة عثمان ، لا يؤدي إلى هرج عظيم و فساد شديد ، قد يكون فيه مثل قتل عثمان أو أعظم منه ، و إنّ تأخير إقامة الحد إلى وقت إمكانه و تقصّي الحق فيه أولى و أصلح للأمة و ألمّ لشعثهم و أنفى للفساد و التهمة عنهم . التمهيد في الرد على الملحدة ] . و إن السياسة الحكيمة تقتضي ما كان ينادي به أمير المؤمنين علي رضي الله عنه من التريث و الأناة وعدم الاستعجال ؛ إذ إن الأمر يحتاج إلى وحدة الصف و الكلمة لإيجاد موقف موحد ، و مواجهة ذلك التحدي الذي يهدد مركز الخلافة ، بيد أن الخلاف في الرأي أضعف مركز الخلافة الجديد ، و قضى بالتالي على كل الآمال في نيل ثأر الخليفة المقتول . ولذلك لما وصلت الخلافة إلى معاوية لم يقتل قتلة عثمان أيضاً ؟ والسبب : لأنه صار يرى ما كان يراه علي رضي الله عنه من قبل ، فعلي رضي الله عنه كان يرى قضية إيقاع القصاص على قتلة عثمان واقعاً ، في حين كان معاوية رضي الله عنه يراه نظرياً ، فلما آلت الخلافة إليه ، رآه واقعاً .. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بل لم يكن عليّ مع تفرق الناس عليه متمكناً من قتل قتلة عثمان إلا بفتنة تزيد الأمر شراً وبلاء ، ودفع أفسد الفاسدين بالتزام أدناهما أولى من العكس ، لأنهم كانوا عسكراً ، وكان لهم قبائل تغضب لهم . وقال أيضاً : ولما سار طلحة والزبير رضي الله عنهما إلى البصرة ليقتلوا قتلة عثمان ، قام بسبب ذلك حرب قتل فيها خلق ، ومما يبين ذلك أن معاوية قد أجمع الناس عليه بعد موت علي ، وصار أميراً على جميع المسلمين ، ومع هذا فلم يقتل قتلة عثمان الذين كانوا قد بقوا .. إلى أن قال : وذلك أن الفتن إنما يعرف ما فيها من الشر إذا أدبرت ، فأما إذا أقبلت فإنها تزين ، ويظن أن فيها خيراً ، فإذا ذاق الناس ما فيها من الشر والمرارة والبلاء ، صار ذلك مبيناً لهم مضرتها ، وواعظاً لهم أن يعودوا في مثلها .. والذين دخلوا في الفتنة من الطائفتين لم يعرفوا ما في القتال من الشر ، ولا عرفوا مرارة الفتنة حتى وقعت ، وصارت عبرة لهم ولغيرهم ، ومن استقرأ أحوال الفتن التي جرت بين المسلمين ، تبين له أنه ما دخل فيها أحد فحمد عاقبة دخوله .. انظر : أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ، لشيخ الإسلام ابن تيمية ]. ولاشك أن الحالة التي يعيشها الخليفة الراشد علي رضي الله عنه ، والوضع الذي أدركه حينذاك ، خلاف ما يظنه المطالبون بدم عثمان رضي الله عنه من أهل الشام وغيرهم ، وذلك يكمن في أمور جِد خطيرة لها اعتبارها وملابساتها مما نحسبه قد خفي عليهم ، منها :- 1- أن قتلة عثمان من أهل الفتنة كثيرون جداً ، فكان من الصعب مطالبتهم ، في حين نرى الفتنة تزداد يوماً إثر يوم . 2- أن قتلة عثمان من أهل الفتنة هم في جيش علي رضي الله عنه ، ومن قبائل كثيرة مختلفة ، يعسر مطالبتهم والبحث عنهم ، والأمر بعد لم يستتب لخليفة المسلمين ، وقد تقرر عند فقهاء المسلمين أن الحدود قد تُأخر – لاتترك بالكلية – عن أصحابها حالة الجهاد والفتن ، كما هو متروك للمصلحة العامة التي يراها ولي أمر المسلمين إذا خاف كبير مفسدة ؛ بل نجد قاعدة : [] درء المفاسد مقدم على جلب المصالح [i من القواعد المعتبرة التي هي من مقاصد الشريعة الإسلامية . 3- أن قتلة عثمان من أهل الفتنة لا يزالون في تمكين واستيلاء على بعض الأمور ، وكذلك لهم عدد وأعوان ، حينذاك يخشى من مطالبتهم ، في وقت يرى فيه علي رضي الله عنه أن تجتمع الكلمة ، وتأتلف القلوب ، ويسود الأمن وتنظم الأمور ، ومن ثم تتبين وتنكشف الغمة ويتعرّ القتلة من أعوانهم وعددهم ، وتقام الحدود الشرعية فيهم وفي غيرهم . انظر : تسديد الإصابة في شجر بين الصحابة ، لذياب بن سعد الغامدي ] ص 55 – 56 ] . يقول القاضي أبو يعلى الفراء رحمه الله في كتابه القيم : تنزيه خال المؤمنين معاوية : ووجه اجتهاد علي رضي الله عنه في الامتناع أشياء :- أحدها : أنه لم يعرفهم بأعيانهم ولا أقامت شهادة عليهم بقتلهم ، وقد كان كثيراً ما يقول : من قتل عثمان فليقم ، فيقوم أربعة آلاف مقنع – أي ملبس بالحديد – وقيل أكثر . الثاني : لو عرفهم بأعيانهم وخاف قتل نفسه ، وفتنة في الأمة تؤول إلى إضعاف الدين وتعطيل الحدود ،فكان الكف عن ذلك إلى وقت انحسام الفتنة وزوال الخوف ، وهذا حال علي في أتباعه . – وكذا أدرك معاوية رضي الله عنه ما نظن أنه كان خافياً عليه بعد أن آلت إليه الخلافة - . وخلاصة الأمر : فإن علياً ومعاوية رضي الله عنهما ما كانا يستطيعان إقامة القصاص على قتلة عثمان ، لا عجزاً .. بل خوفاً من الفتنة وافتراق الأمة .. والله أعلم .. 16-واما دعوى هذا الأفاك ان ابا الغادية هو قاتل عمار وهو صحابي فسأنقل لكم بحث للشيخ حمد السريح للإجابة على هذه الشبهة : هل حديث: (( قاتل عمار وسالبه في النار ))صحيح بالاتفاق.ثم هل ثبت بدليل صحيح يجب أن يصار إليه أن قاتله، وهو أبو الغادية الجهني، صحابي، وإن كان صحابياً، فهل هو ممن بايع تحت الشجرة ؟ ثم هل ثبت بالدليل الصحيح أن أبا الغادية هو قاتل عمار، رضي الله عنه ؟ أما عن صحة الحديث : فهذا مما اختلف العلماء فيه، قال الألباني في السلسلة الصحيحة ( 5/18 ): رواه أبو محمد المخلدي في ثلاثة مجالس من الأمالي (75/1-2) عن ليث عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث – هو ابن أبي سليم، كان اختلط، لكن لم ينفرد به، فقال عبد الرحمن بن المبارك: حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن مجاهد به. أخرجه الحاكم ( 3/387 ) وقال: تفرد به عبد الرحمن بن المبارك وهو ثقة مأمون، فإذا كان محفوظاً، فإنه صحيح على شرط الشيخين. قلت: له طريق أخرى، فقال الإمام أحمد ( 4/198 ) وابن سعد في الطبقات ( 3/260-261 ) والسياق له: أخبرنا عثمان بن مسلم قال: أخبرنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا أبو حفص وكلثوم بن جبير عن أبي غادية قال: سمعت عمار بن ياسر يقع في عثمان يشتمه بالمدينة، قال: فتوعدته بالقتل، قلت: لئن أمكنني الله منك لأفعلن، فلما كان يوم صفين جعل عمار يحمل على الناس، فقيل: هذا عمار، فرأيت فرجة بين الرئتين وبين الساقين، قال: فحملت عليه فطعنته في ركبته، قال: فوقع فقتلته، فقيل: قتلت عمار بن ياسر ؟! وأخبر عمرو بن العاص، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، فقيل لعمرو بن العاص: هو ذا أنت تقاتله ؟ فقال: إنما قال: (( قاتله وسالبه )). قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم، وأبو الغادية هو الجهني، وهو صحابي كما أثبت ذلك جمع. ا هـ . قلت: هذا الإسناد في مسند الإمام أحمد وابن سعد في الطبقات صحيح إلى أبي الغادية، إلا أن قوله: وأخبر عمرو بن العاص – هل يرويه أبو الغادية عن عمرو ؟ أو هو من رواية كلثوم بن جبر عن عمرو بن العاص ؟ فإن كان الأول فهو صحيح كما تقدم، وإن كان الثاني وهو الأقرب لأن فيه: وأخبر عمرو، وفيه: فقيل لعمرو: فإنك هو ذا تقاتله. فكأن هذا يفيد أن أبا الغادية لا يرويه عن عمرو، ولذلك قال الذهبي في السير ( 2/544 ): إسناده فيه انقطاع. ولعله يقصد بالانقطاع هو أن كلثوم بن جبر لا يعرف له سماع من عمرو، ولذلك فإن زيادة قتل أبي الغادية لعمار أعرض عنها الإمام أحمد، وإعراضه عنها يدل على إنكاره لها، لاسيما أن أول إسناده عند أحمد وابن سعد متفق بينهما، وإنما المخالفة وقعت في المتن. وأما رواية ابن أبي حاتم في العلل ( 2/421 ) وابن عدي في الكامل ( 2/714 ) قال: أنا القاسم بن الليث الرسعني وعبد الرحمن بن عبد الله الدمشقي قال: ثنا هشام بن عمار ثنا سعيد بن يحيى حدثنا الحسن بن دينار عن كلثوم بن جبر المرادي عن أبي الغادية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وهذا الحديث من هذا الطريق لا يعرف إلا بالحسن بن دينار، قال ابن حبان عنه: تركه وكيع وابن المبارك، فأما أحمد ويحيىفكانا يكذبانه. لسان الميزان ( 2/256 ) وقال أبو حاتم، متروك الحديث كذاب. وقال ابن عدي: وقد أجمع من تكلم في الرجال على تضعيفه. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بشيء ولا يكتب حديثه. لسان الميزان ( 2/257 ). وقال الألباني في الصحيحة ( 5/18 ): وهذا من تخاليط الحسن بن دينار، فإن الحديث ليس من رواية أبي الغادية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينهما عمرو بن كما في الرواية السابقة. يعني رواية أحمد وابن عدي. وأما من حيث المتن فقد رويت هذه القصة من طرق أخرى عن عبد الله بن عمرو من روايته هو ومن رواية أبيه، وليس فيهما: قاتل عمار وسالبه في النار. فقد أخرج أحمد ( 2/164/206 ) قال: ثنا يزيد أنا العوام ثني أسود بن مسعود عن حنظلة بن خويلد العنبري قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار يقول كل منهما: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تقتله الفئة الباغية " وأخرجه ابن سعد (3/253 )، والبخاري في التاريخ (3/39 ) والنسائي في الخصائص ( 164 ) كلهم من طريق جعفر عن يزيد به، قال الذهبي في المعجم المختص بالمحدثين من شيوخه بعد أن رواه ص 96: إسناده جيد، فإن الأسود هذا وثقه ابن معين. فهذه الطرق ليس فيها ما جاء في رواية كلثوم بن جبر، إلا في رواية عند الطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن عمرو، إلا أن فيها مسلم الملائي وهو ضعيف، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد (9/197 ). لكن قد أخرج ابن سعد في الطبقات ( 3/251 ) من طريق إسحاق بن الأزرق أخبرنا عوف بن الأعرابي عن الحسن عن أمه عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تقتل عماراً الفئة الباغية " قال عوف: ولا أحسبه إلا قال: وقاتله في النار. إلا أن هذه الزيادة منكرة، لأمرين: أحدهما: أن هذا الحديث جاء من طرق كثيرة من غير طريق عوف الأعرابي من حديث الحسن عن أمه عن أم سلمة عند مسلم وأحمد والطيالسي وابن سعد والبيهقي في السنن والطبراني في الكبير وأبو يعلى وابن حبان وغيرهم وليست فيه هذه الزيادة. بل أخرج الطبراني ( 23/363 ) في المعجم الكبير من حديث عثمان بن الهيثم وهوذة بن خليفة كلاهما عن عوف به وليس فيه هذه الزيادة. الثاني: أن عوفاً قال: ولا أحسبه إلا قال. وهذا شك منه، فهو مما يبين نكارتهما. ثم إن سياق القصة لا يخلو من نكارة، إذ كيف يشتم عمار بن ياسر رضي الله عنه عثمان رضي الله عنه وهو في المدينة تحت إمرته وسطوته، وهل هذا إلا منافٍ للرشاد، وعمار رضي الله عنه قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: " ما خيِّر عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما " رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد في المسند، وهو صحيح. وخلاصة الكلام أن في ثبوت الحديث نظراً، لاسيما وأن الأصل المتيقن عدالة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قيل: إن أبا الغادية صحابي، ويأتي بحثه، فلا يعدل عن هذا الأصل بأثر مشكوك في صحته، بل كيف يعدل وظاهر الحديث الضعف والنكارة. وأما هل ثبت أن أبا الغادية صحابي ؟ قال ابن حجر في الإصابة لما ذكر ترجمته: اسمه: يسار، - بتحتانية -، ومهملة خفيفة – ابن سبع – بفتح المهملة وضم الموحدة. وذكر عن ابن معين: أبو الغادية الجهني قاتل عمار له صحبة، وقال البغوي: أبو غادية الجهني يقال: اسمه يسار، سكن الشام، وقال البخاري: الجهني له صحبة، وزاد: سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وتبعه أبو حاتم، وقال ابن سميع: يقال له صحبة، وقال مسلم في الكنى: أبو الغادية يسار بن سبع قاتل عمار له صحبة، وقال البخاري وأبو زرعة الدمشقي جميعاً، عن دُحيم: اسم أبي الغادية الجهني يسار بن سبع، ونسبوه كلهم جهنياً، وكذا الدارقطني، والعسكري، وابن مآكولا . ا هـ . وقال الذهبي في السير (2/544 ): من وجوه العرب وفرسان أهل الشام، يقال: شهد الحديبية وله أحاديث مسندة. وقد قسم الحافظ بن حجر رحمه الله طرق إثبات الصحابة إلى خمسة كما في الإصابة (1/8 )، نزهة النظر ص 101-102، أحدها: التواتر: وهو إما بنص من القرآن كقوله تعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا } حيث انعقد إجماع الأمة أن هذا في أبي بكر رضي الله عنه، كما ذكر ذلك جمع من المفسرين، كالرازي، في التفسير : ( 16/65 ) أو أن يكون التواتر من السنة، كما في الأحاديث المتواترة التي تشهد للعشرة بالبشارة بالجنة. الطريق الثاني: الشهرة والاستفاضة التي لم تبلغ حد التواتر، وهذا كما في صحبة أبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمر وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم، فهم مما لا يشك أحدٌ في ثبوت صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. الطريق الثالث: أن يقول صحابي معروف الصحبة بصحبة آخر: ويكون ذلك بطريق التصريح: كأن يقول الصحابي: إن فلاناً صحابي، أو من الأصحاب، أو ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم. أو أن يكون بطريق اللزوم: كان يقول: كنت أنا وفلان عند النبي، أو سمع معي أن حديث فلان من النبي، أو دخلت أنا وفلان على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه يشترط في طريق اللزوم أن يعرض إسلام المذكور في تلك الحالة كما ذكره السخاوي في فتح المغيث ( 3/96 ). الطريق الرابع: قول أحد التابعين الموثوقين بالصحبة لفلان، فإذا أخبر أحد التابعين الموثوقين بأن فلاناً صحابي، فهذا يعتبر أحد طرق إثبات الصحابة، وهو منبنٍ على قبول التزكية من واحد، وهو قول ابن حجر والسخاوي، وأما من قال باشتراط التعدد في المزكين، فذهب إلى أنه لا يثبت بقول التابعي الثقة الصحبة، والأول أصح، والراجح قبولها ولو من مزكٍ واحدٍ إذا كان ثقةً. الطريق الخامس: أن يدعي معلوم العدالة في الزمن الممكن للصحبة، وعليه فيصح قول فلان في نفسه أنه صحابي بشرطين، أحدهما: أن يكون ذلك بعد ثبوت عدالته. الثاني: أن يكون بعد ثبوت معاصرته للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا قول جمهور علماء الأصول والحديث. وعلى هذا، فأين الدليل على إثبات أن أبا الغادية له صحبة، إذ لم يتواتر في إثباتها نص من الكتاب أو السنة، وأين الاستفاضة والشهرة في إثبات صحبته، ثم أين قول صحابي فيه بالصحبة لا بالتصريح ولا باللزوم، وأين قول التابعي الموثوق فيه، وأما قول الأئمة فيه بالصحبة، فهذا منبنٍ – والله أعلم – على الأخبار المتقدمة في قصة قتله، ولهذا تجدهم يخبرون بعد ذكر صحبته بأنه قاتل عمار، وكأنه إشارة إلى الخبر المروي في ذلك، وقد تقدم الكلام عليه، ثم إنه لم يعلم له دعوى الصحبة، والأخبار المروية في تصريحه بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم في ثبوتها نظر، كما تقدم الكلام عليها، فالذي يظهر من ذلك أنه لم يثبت بدليل صحيح يجب أن يصار إليه أن لأبي الغادية صحبة. وعلى هذا فدعوى أنه من أهل البيعة فيها نظر ظاهر، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة ( 6/205 ): والذي قتل عمار بن ياسر أبو الغادية، وقد قيل: إنه من أهل بيعة الرضوان ذكر ذلك ابن حزم. وقال: ( 6/333 ): وقيل: كان مع معاوية بعض السابقين الأولين، وإن قاتل عمار بن ياسر هو أبو الغادية وكان ممن بايع تحت الشجرة وهم السابقون الأولون ذكر ذلك ابن حزم وغيره. وقال (7/55): وقد قيل: إن بعض السابقين الأولين قاتلوه، وذكر ابن حزم أن عمار بن ياسر قتله أبو الغادية، وأن أبا الغادية هذا أحد السابقين ممن بايع تحت الشجرة. وقد تقدم قول الذهبي في السير حين ترجمته لأبي الغادية: يُقال شهد الحديبية. فشيخ الإسلام ابن تيمية حكى ذلك عن ابن حزم رحمه الله، فأين الدليل الذي استشهد عليه ابن حزم في ذلك، ولذلك فإن شيخ الإسلام يحكي ذلك بصيغة التمريض، فيقول: قيل، ويقول: إن كان من أهل بيعة الرضوان، ومثل هذا يحتاج إلى دليل صحيح مسند، وهو ما ذكره شيخ الإسلام في منهاج السنة ( 8/110 ) بقوله:لا بد من ذكر الإسناد أولاً، فلو أراد إنسان أن يحتج بنقل لا يعرف إسناده في جزرة بقل لم يقبل منه، فكيف يحتج به في مسائل الأصول . ا هـ . وهذا الخبر من ابن حزم رحمه الله يناقض أصلاً أصيلاً في مطلق فضل الصحابة وعدالتهم، وفي خصوص أهل البيعة من رضا الله عنهم وبكونهم لن يدخل النار أحدٌ منهم، كما في صحيح مسلم. والإسناد من الدين، كما قال عبد الله بن المبارك: الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. وقال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن، إذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل. وقال ابن سيرين، ويروى عن الحسن: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، وحتى في قول الذهبي عبر بصيغة التمريض: يقال، ولم نجد إسناد يثبت ذلك، والله الموفق. وأما هل ثبت بالدليل الصحيح أن قاتل عمار هو أبو الغادية ؟ فقد روى عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ( 4/76 ) قال حدثني أبو موسى العنزيمحمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن كلثوم بن جبر قال: كنا بواسط القصب عند عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال: فإذا عنده رجل يقال له: أبو الغادية، استسقى ماء فأتي بإناء مفضض فأبى أن يشرب، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم...، فذكر الحديث: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإذا رجل سب فلاناً، فقلت: والله لئن أمكنني الله منه في كتيبة، فلما كان يوم صفين إذا أنا به وعليه درع قال: ففطنت إلى الفرجة في جربان الدرع، فطعنته فقتلته فإذا هو عمار بن ياسر، قال: قلت: وأي يد كفتاه يكره أن يشرب في إناء مفضض ، وقد قتل عمار بن ياسر. وأخرجه البخاري في الأوسط ( 1/189 ) من طريق ابن عون به، وأخرجه ابن سعد في الطبقات ( 3/260 ) قال: أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة أخبرنا أبو حفص وكلثوم بن جبر عن أبي الغادية فذكره، وأخرجه الطبراني في الكبير ( 22/363 ) ثنا علي بن عبد العزيز وأبو مسلم الكشي قال: ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا ربيعة بن كلثوم ثنا أبي قال: كنت بواسط القصب، فذكر قصة قتله لعمار، وأخرجه أيضاً في الكبير ( 22/364 ) ثنا أحمد بن داود المكي ثنا يحيى بن عمر الليثي ثنا عبد الله بن كلثوم بن جبر قال: سمعت أبي فذكر القصة بنحو ما تقدم. فهذه القصة الإسناد فيها إلى كلثوم بن جبر صحيح، فقد وثقه الجمهور، وقال النسائي عنه: ليس بالقوي. إلا أن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر مسكوت عنه، فقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ( 6/276 ) ولم يذكر في جرحاً ولا تعديلاً، وذكره البخاري في التاريخ الكبير ( 6/71 ترجمة 1742 ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وأما قول ابن حجر عنه في التقريب: مقبول. فلو لم يكن في حديثه نكارة لتوجه الأخذ به، إلا أن سكوت البخاري وابن أبي حاتم عنه، وإتيانه بحديث فيه نكارة لا يقبل، لاسيما عند القول بأن أبا الغادية صحابي، فهو يعارض مطلق عدالة الصحابة، إذ لا يجوز دفع اليقين المقطوع به من ذلك بمثل هذه الآثار المشكوك في صحتها، والنكارة في المتن بينة، إذ كيف يروي أبو الغادية حديث " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " ثم هو يقتل عمار !؟ ولذلك قال عبد الأعلى راوي الحديث بعد أن ساق الرواية: فلم أر رجلاً أبين ضلالة عندي منه، إنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما سمع ثم قتل عماراً. ولهذا فإن الإمام أحمد أعرض في روايته عن زيادة قتل أبي الغادية لعمار، وهذا يدل على أنها منكرة عنده ولا تصح. وأما ذكر ابن معين والحاكم وأبو؟؟ ومسلم بأنه قاتل عمار، فلم نجد رواية ثابتة جاءت من طريق صحيح تدل على قتل أبي الغادية لعمار رضي الله عنه، والذي يتحرر من ذلك أن في ثبوت حديث: " قاتل عمار وسالبه في النار " نظراً، وعليه فلا يحتاج إلى أن يتناول له، وأن يبحث له عن وجه يدفع به التعارض بينه وبين مطلق عدالة الصحابة رضي الله عنهم، ولذلك فإن من تكلف له جواباً جاء بما لا يسلم من معارض، قال ابن حجر في آخر ترجمته لأبي الغادية من الإصابة: والظن بالصحابة في تلك الحروب أنهم كانوا فيها متأولين، وللمجتهد المخطئ أجر، وإذا ثبت هذا في حق آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الأولى. قال الألباني في الصحيحة ( 5/18 ): وأقول: هذا حق، لكن تطبيقه على كل فرد من أفرادهم مشكل، لأنه يلزم تناقض القاعدة المذكورة يمثل حديث الترجمة، إذ لا يمكن القول بأن أبا الغادية القاتل لعمار مأجور لأنه قتله مجتهداً، ورسول الله صلى الله عليه سلم يقول: " قاتل عمار وسالبه في النار "، فالصواب أن يقال: إن القاعدة صحيحة إلا ما دل الدليل القاطع على خلافها، فيستثنى ذلك منها كما هو الشأن هنا، وهذا خير من ضرب الحديث الصحيح بها. والله أعلم. ا هـ . وما أجاب به الألباني رحمه الله غير مسلم، وذلك لأنه يناقض قوله عليه الصلاة والسلام: " لن يدخل النار أحدٌ بايع تحت الشجرة " ثم إنه رحمه الله استثنى من القاعدة ما دل الدليل القاطع على خلافها، والحديث الدال على أن قاتل عمار في النار غير متفق على ثبوته، فلا قطعية فيه موجبة للعدول عن اطراد القاعدة. ولو قيل: إن قوله: " قاتل عمار وسالبه في النار " يعني في الفئة التي تدعوه إلى النار، لكان قريباً لما رواه البخاري : (447 ) من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ويح عمار تقتله الفئة الباغية " يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " قال: الحافظ ابن حجر في الفتح : ( 2/701 ): فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام، وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي وهو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك، وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل ظهر لهم، فلو كان خبر " قاتل عمار في النار " صحيحاً لحمل على أن قاتله كان في الفئة التي تدعوا إلى النار، ودعاؤهم إليها كما بينه الحافظ دعاءٌ إلى سببها، وإن لم يكن مقصوداً منهم رضي الله عنهم، إذ ذاك في تصورهم أنهم فاعلون للصواب وإن لم يكن في نفس الأمر كذلك، وهذا كله لو صح الخبر، لكنه كما تقدم الكلام عليه في ثبوته نظر بين والله أعلم. وإن قيل: إن أبا الغادية صحابي، وهو قاتل عمار، مع كونه لم يثبت دليل يجب أن يصار إليه في ذلك، فإن أحداً لم يقل: إن هذا ليس ذنباً عظيماً، ولكن لم يقل أحدٌ إن الصحابة لا يذنبون ولا يقعون في الكبائر، فنحن لا نشهد أن الواحد منهم يذنب، بل الذي نقوله ونشهد به أن الواحد منهم إذا أذنب فإن الله لا يعذبه في الآخرة ولا يدخله النار، بل يدخله الجنة بلا ريب، وعقوبة الآخرة تزول عنه إما بتوبة ماحية منه، وإما بحسناته الكثيرة، وإما بمصائبه المكفرة، وإما بغير ذلك، فإن الذنوب مطلقاً من جميع المؤمنين هي سبب العذاب لكن العقوبة بها في الآخرة في جهنم تندفع بنحو عشرة أسباب، قد بسطت في كتب العقيدة والسلوك، وقد ذكرها شيخ الإسلام في مواضع كثيرة، كما في منهاج السنة ( 6/205 )، وكما في الإيمان الأوسط ( 33 )، وغيرها من مصنفاته رحمه الله. ثم إن الصحابة رضي الله عنهم لهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما صدر منهم إن صدر، قال تعالى: { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَات} فلهم من الصحابة والجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يغمر ما كان من الجزئيات والخطايا، فهم رضي الله عنهم تضاعف لهم الحسنات أكثر من غيرهم، ولا يساويهم أحد في الفضل،وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من طرق كثيرة أنهم خير القرون، وأن المد من أحدهم لو تصدق به أفضل من أحد ذهباً لو تصدق به غيرهم،رضي الله عنهم. ومذهب أهل السنة والجماعة وجوب الإمساك عما وقع بين الصحابة، والسكوت عنه، والإضراب عن أخبار المؤرخين وجهلة الرواة، وضلال الشيعة الحاقدين، ويقولون ما قاله الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله عندما سئل عما شجر بينهم قال: تلك دماءٌ طهر الله يديّ منها، أفلا أطهر منها لساني ؟ مثل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل العيون ودواء العيون ترك مسها . وأنهم معذورون فيم وقع منهم، لأنهم إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، فهم في دائرة الأجر بعد الاجتهاد، وفي الصحيحين من حديث عمرو بن العاص وأبي هريرة رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم: " إذا حكم الحاكم فاجتهد، ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". ومن أصول أهل السنة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وصفهم الله بذلك: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }. قال عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما: لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلمقام أحدهم ساعة، يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم، يوهن عمل أحدكم أربعين سنة. رواه أحمد وابن ماجة، ولهذا اتفق العلماء على أن من سب الصحابة آثمٌ مجرم، يجب تأديبه وتعزيره، وإنما جرى الخلاف بينهم في كفره على قولين، أحدهما: أنه يكفر، وهو أحد قولي مالك، وقول أبي زرعة الرازي، وذهب إليه السرخسي، وهو ظاهر كلام الطحاوي في عقيدته، وغيرهم من الأئمة، قال الإمام مالك عند آية الفتح: { وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } قال: ومن غاظه الصحابة فهو كافر لهذه الآية، وقال أبو زرعة: إذا رأيت أحداً ينتقص امرأً من الصحابة فاعلم أنه زنديق، وذلك أن القرآن حق، والرسول حق، وما جاء به حق، وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة، فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة، فيكون الجرح به أليق والحكم عليه بالزندقة والضلال أقوم وأحق. الثاني: أنه لا يكفر، بل يفسق ويضلل، وهو القول الثاني عن مالك وهو المشهور من مذهبه، وذهب إليه ابن عابدين في رسالة تنبيه الولاة والحكام، وملا علي القاري، واختاره القسطلاني في إرشاد الساري، والنووي في شرح مسلم، وغيرهم من الأئمة. وهذا الخلاف جارٍ فيما إذا لم يستحلَّ السب، أما إن استحله فلا خلاف في كفره، قال العلامة ابن حمدان في نهاية المبتدئين: من سبَّ أحداً من الصحابة مستحلاً كفر، وإن لم يستحل فسق، وعنه يكفر مطلقاً، ومن فسقهم أو طعن في دينهم أو كفرهم كفر. . ا هـ . ذكره في شرح عقيدة السفارييني ( 2/388-389 ). فأسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يمسكون بالكتاب والسنة، وأن يعيذنا من شر الهوى والبدعة، وأن يوفقنا للسداد في القول والعمل، ويقينا موارد الخطأ والزلل، وأن يحشرنا مع الأحبة، محمدٍ وصحبه، إنه ولي ذلك، والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. 17-وأما كلام هذا المأفون عن الحجاج فإن نعل الحجاج خير منه على ما في الحجاج من ظلم سببه شدة ولائه لعبد الملك بن مروان . قال تعالى (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا)يعني لاياتونك بشبهة إلآ وقد رددنا عليهم بأوضح بيان وأفهمه وأبلجه . والآن :ماهو موقف السلف الصالح من معاوية رضي الله عنه ؟ لنأخذ نماذج فقط : الأول:قال عبد الله بن المبارك (معاوية عندنا محنة فمن رأيناه ينظر إليه شزرا اتهمناه على القوم-يعني انه يريد الطعن في اصحاب رسول الله-). الثاني:قال امير المؤمنين عمر رضي الله عنه (هذا كسرى العرب وكان يفخر به). الثالث:قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (والله لا أعرف اخلق للملك والإمارة في عهد معاوية من معاوية ). الرابع:قال مجاهد (لو رأيتم معاوية لقلتم هذا هو المهدي). الخامس:قال قتادة (لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال اكثركم هذا هو المهدي). السادس:قال الربيع بن نافع الحلبي (معاوية ستر لأصحاب محمد فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ماوراءه). السابع :قال امير المؤمنين علي رضي الله عنه (أيها الناس لاتكرهوا إمارة معاوية فإنكم لو فقدتموها لرأيتم الرؤوس تندر عن كواهلها كأنها الحنظل )البداية والنهاية(8\134). الثامن:قال الفضل بن زياد:سمعت أحمد بن حنبل وقد سئل عن رجل يتنقص معاوية-مثل الدكتور عدنان-أيقال له رافضي ؟ فقال:إنه لم يجترئ عليها إلا وله خبيئة سوء ما انتقص احد احدا من الصحابة إلا وله داخلة سوء.ا.ه إخواني :هل تعلمون لماذا هذا الحنق على معاوية والدولة الأموية ؟!! لإن الإسلام لم ينتشر في مغارب الأرض ومشارقها وينتصر المسلمون نصرا عظيما مؤزرا إلا في عهد تلك الدولة الظافرة ففي اقل من قرن انتشر الاسلام في عهد الأمويين الى ثلاث قارات من حدود الصين شرقا الى الأندلس غربا وهذا امر معلوم بداهة ,وقد كانت الدولة الأموية دولة سنية فحقد عليها المعتزلة وارباب الكلام ممن يرون القدر واتهموا الأمويين بإشاعة الفكر الجبري حتى الرافضة اتهمو ا الأمويين بأنهم نواصب وهكذا اجتمع اعداء الإسلام لتشويه تلك الدولة التي فتحت العالم ونشرت انوار الإسلام المحمدي الأصيل إلى ارجاء المعمورة ,ودولة بهذا القدر لا بد وان يحصل فيها تجاوزات داخلية من هنا وهنالك . فنصيحتي للدكتور عدنان ان يقرأ التاريخ جيدا ويذكر المسلمين بجرائم الدولة الصفوية فهو خير له ,من هذا الشؤم والحرمان الذي وقع فيه ,واقول له ايضا ,إن هذه الألاعيب لم تعد تنطلي على المسلمين بعد ان فضحكم وكشف عواركم خمسة من سيوف الحق : الأول :سيف المشرق عثمان الخميس. الثاني:سيف الشام عدنان العرعور. الثالث:سيف اليمن:خالد الوصابي. الرابع:سيف المغرب محمد الحامدي الهاشمي. الخامس:سيف العراق نبيل الحيدري . وإنما مثلي ومثلهم كقول من قال : وابن اللبون إذا مالز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس. فاللهم انت عضدنا وانت نصيرنا بك نصول وبك نجول وبك نحاول وبك نقاتل.والله الموفق للصواب |
#2
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله شيخنا وبارك الله فيك |
#3
|
|||
|
|||
الله يكرمك ياشيخ
كلام نافع وطيب |
#4
|
|||
|
|||
وأما الشيعة الروافض: فقد جمعوا بين الإفراط والتفريط، وبين الغلو والإجحاف في أصحاب رسول الله و}. فلهم في بعض الصحابة كعليٍّ والحسين { غلوٌّ وإفراط؛ حتى وصل الحد ببعضهم القول بألوهية علي، وقال بعضهم بنبوّتِه. وأدنى ضلالتهم تقديمه على من هو أفضل منه من الصحابة.
ولهم في البعض الآخر من الصحابة تفريط وإجحاف وتقصير، أعظمه القول بكفرهم ولعنهم، وأدناه القول: بتأخيرهم عن مرتبتهم، والتخلُّف بهم عن مكانَتِهِم، ولهم بين ذلك ضلالات وافتراءات تتراوح بين الغلوّ والتقصير، ما لهم بذلك من علم، إن يتبعون إلا الظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئًا. فطعنهم في أبي بكر وعمر وعثمان } وسبهم ولعنهم، بل وتكفيرهم أمر معلوم لدى القاصي والداني، وكتبهم حافلة بذلك قديمًا وحديثًا؛ حتى ولو أخفوا ذلك أحيانًا باسم التقية، إلا أنهم لشدةِ حقدهِم وبغضهم، وعمق الغِلِّ الذي في قلوبهم للصحابة } لا يستمر ذلك معهم طويلًا؛ لا سيما إذا هم شمُّوا رائحة الغلبة والتمكين، ثم يرجعون إلى ما جروا عليه من الضلال وسوء الاعتقاد. قال الشهرستاني: "ويجمعهم -أي: الشيعة الروافض- القول بوجوب التعيين والتنصيص، وثبوت عصمة الأنبياء والأئمة وجوبًا عن الكبائر والصغائر، والقول بالتولِّي والتبري قولًا وفعلًا وعقدًا؛ إلا في حال التقية". وفي الجملة؛ فإن الشيعة الروافض يكفّرون ويتبرءون من معظم الصحابة، إلا جماعة قليلة ونادرة منهم. وجعلوا إمامة علي بعد رسول الله من تمام الدين، ومن أنكر ذلك عندهم فهو في عداد الكافرين. وقالوا: إن عليًّا هو الخليفة بعد رسول الله دون غيره بالنص. وزعموا أن إمامة علي وبنيه من أركان الدين. ولا حجة لهم في شيء من ذلك إلا الكذب والزور. فالذي يميّز الشيعي الرافضي من غيرِهِ تفضيلهم عليَّا على سائر الصحابة، ثم زاد على ذلك القول بتقديمه في الإمامة على غيره من الخلفاء؛ حيث زعموا أن النبي نصَّ على ذلك، وهم يعلمون أنها مجرد دعوى كاذبة، مخالفة للنصوص الصحيحة، مناقضة لإجماع المسلمين عامة. ولقد مات رسول الله ولم ينص بالخلافة لأحد لا لأبي بكر ولا لغيره، على أنه كان يشير لأبي بكر > إشارة، وقد دَلَّتِ النصوصُ الصحيحةُ الصريحةُ على صحةِ إمامةِ وخلافةِ الصديق، وثبوت انعقادها بمبايعة المسلمين له، واختيارهم إيَّاه، واجتماعهم عليه، مما علموا من تفضيل الله ورسوله له. وقد سبق بيان شيء من هذا سابقًا، وما ورد في خلافته مما أغنى عن إعادته هنا. والمقصود لدينا في هذا المقام إثبات الحجة، وإقامة البرهان الذي لا يقبل الشك والنكران على أن النبي مات ولم يعهد بالخلافة نصًّا لأحد، والأدلة على هذا كثيرة؛ منها ما أخرجه البخاري ومسلم عن طلحة بن مصرف قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى {: هل كان النبي أوصى؟ فقال: لا. فقلت: كيف كتب على الناس الوصية؟ -أو أُمروا بالوصية- قال: أوصى بكتاب الله. قال الحافظ في (الفتح): "هكذا أطلق الجواب، وكأنه فَهِمَ أن السؤال وقع عن وصية خاصة؛ فلذلك ساغ نفيها، لا أنه أراد نفي الوصية مطلقًا؛ لأنه أثبت بعد ذلك أنه أوصى بكتاب الله" ثم قال: "ويحتمل أن يكون المنفيّ وصيته إلى علي بالخلافة كما وقع التصريح به في حديث عائشة الذي بعده. ويؤيّده ما وقع في رواية الدارمي عن محمد بن يوسف شيخ البخاري فيه، وكذلك عند ابن ماجه، وأبي عوانة في آخر حديث الباب؛ قال طلحة: فقال هزيل بن شرحبيل: "أبو بكر كان يتأَمَّرُ على وصيّ رسول الله، ودَّ أبو بكر أنه كان وجد عهدًا من رسول الله فخزم أنفه بخزام". وهزيل هذا؛ بالزاي مصغرًا، أحد كبار التابعين، ومن صغار أهل الكوفة؛ فدلَّ هذا على أنه كان في الحديث قرينة تشعر بتخصيص السؤال بالوصية بالخلافة ونحو ذلك، لا مطلق الوصية. وأخرج البخاري ومسلم عن إبراهيم بن الأسود قال: ذكروا عند عائشة أن عليًّا { كان وصيًّا، فقالت: متى أوصى إليه؟ فقد كنت مسندته إلى صدري -أو قالت: حجري- فدعَا بالطست، فلقد انخنث في حجري، وما شعرت أنه مات، فمتى أوصى إليه؟! وأخرج مسلم عن عائشة أيضًا قالت: ((ما تركَ رسول الله دينارًا، ولا درهمًا، ولا شاةً، ولا بعيرًا، ولا أوصى بشيء)). قال القرطبي في (المفهم): "وأما قول عائشة <: ما أوصى رسول الله بشيء. فإنها أرادت في شيء من أمر الخلافة؛ بدليل الحديث المذكور، ثانيًا: أنهم لما ذكروا أن عليًّا كان وصيًّا، قالت: ومتى أوصى إليه؟! وذكرت الحديث. وقد أكثرت الشيعة والروافض من الأحاديث الباطلة الكاذبة، واخترعوا نصوصًا على استخلاف النبي عليًّا، وادَّعوا أنها تواترت عندهم. وهذا كله كذبٌ مركبٌ. ولو كان شيء من ذلك صحيحًا، أو معروفًا عند الصحابة يوم السقيفة لذكروه، ولرجعُوا إليه، ولذكره علي محتجًّا لنفسِهِ، ولما حل أن يسكت عن مثل ذلك بوجه؛ فإنه حق الله، وحق نبيه وحقه، وحق المسلمين. ثم ما يعلم من عظيم علم علي > وصلابته في الدين، وشجاعته يقتضي ألا يتقي أحدًا في دين الله، كما لم يتقّ معاوية، وأهل الشام حين خالفوه، ثم إنه لما قُتِلَ عثمان ولَّى المسلمون باجتهادهم عليًّا، ولم يذكر هو، ولا أحد منهم نصًّا في ذلك. فعلم قطعًا كذب من ادعاه. وما التوفيق إلا من عند الله". وقال أبو نعيم في (الإمامة): "ففي هذه الأخبار الثابتة إبطال لما ادَّعاه من اختصاص علي > بوصيتِهِ، وعهده من دون المسلمين كافة. ولقد سُئِلَ علي > فيما رواه عنه أبو جحيفة وغيره: هل خصَّك رسول الله بشيء؟ فقال: ما هو إلا كتابُ الله، أو فهم يؤتيه الله من شاء في الكتاب". انتهى. أخرجه البخاري، وغيره. وأخرج البخاري أيضًا عن عبد الله بن عباس أن علي بن أبي طالب > خرج من عند رسول الله في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن، كيف أصبحَ رسول الله ؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئًا، فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب، فقال له: أنت والله بعد ثلاثٍ عبد العصا، وإني والله لأرى رسولَ الله سوف يُتَوفَّى من وجعه هذا؛ إني لأعرف وجوهَ بني عبد المطلب عند الموت، اذهب بنا إلى رسول الله فلنسأله فيمن هذا الأمر؟ إن كان فينا علمنا ذلك. وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا. فقال علي: إنا والله لئن سألناها رسول الله فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده، وإني والله لا أسألها رسول الله . وقوله: "وأنت والله بعد ثلاث عبد العصا" هو كناية عمن يكون تابعًا لغيره، والمعنى أنه يموت بعد ثلاث، وتصير أنت مأمورًا عليك. وهذا من قوة فراسة العباس >". ومن الأدلة التي احتجوا بها على دعواهم هذه قول الله تعالى: {ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ} [المائدة: 55]، وبحديث: ((اللهمَّ وَالِ من والاه، وعادِ من عَادَاه))، وبقوله لعلي >: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى)). والجواب: أولًا: أنه لا يوجد في شيءٍ من هذه النصوص ما يدل على الإمامة، فضلًا عن تقديم علي > على غيره فيها، بل كلام أكثر المفسرين على أنها لم تنزل في علي > بل ما روي في ذلك من قصة التصدق بالخاتم ضعيف. ثانيًا: أن الإمامة على اعتبارها ركنًا من أركان الدين، وأنها بمنزلة الشهادتين عندهم، بحيث إن من لم يقمها يعتبر كافرًا، ومع هذا لا يوجد لها ذكر في القرآن الكريم، كما ذكرت الصلاة والزكاة والصوم والحج. فإذا كانت الإمامة من أركان الدين فلماذا لم يذكرها الله في كتابه؟ {ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ} [البقرة: 111]. ثالثًا: وفي هذا المقام يلزم الشيعة الروافض حالان، إما أن يقرُّوا بأنه لا وجود لأمر الإمامة المزعومة لديهم في القرآن الكريم، أو أن يعترفوا بأن القرآن محرَّف، حُذفت منه النصوص الدالة على إمامة علي، وهذا قول أئمتهم كما هو معلوم مشهور عنهم. رابعًا: يقال أيضًا: إذا كان علي > فهم من النصوص التي يوردونها أنها دالة على الإمامة، فلماذا لم يُطَالب بها؟! وهو من هو في شجاعته وصدعه بالحق؛ لا سيما أن الإمامة مما لا يسع تركه والتغاضي عنه مثلها مثل سائر الأركان كالصلاة والزكاة، والصوم والحج كما يزعم الشيعةُ الروافض، فإن هو علم بالنص، ولم يعمل به، فإنه يكون قد ترك ركنًا من أركان الدين، فيكون كافرًا على أصولهم. وأما إذا ادعيتم أنه كان جاهلًا بالنص، فلا يجوز أن يقود الأمة جاهل؛ لا سيما فيما تعلق بركن من أركان الدين على حدِّ زعمكم. فإن زعمتم أنه ترك ذلك خشية الفتنة، وسكت عن ركن من أركان الدين فلا أقلَّ من أن يكون منافقًا مداهنًا محابيًا في الحق، فكيف يؤتمن على سائر أركان الدين؟! وعلي > كان مع الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه مدة أربع وعشرين سنة، ولم تحدّثه نفسه قط بأن يستولي على الحكم إبان خلافتهم مع أنه كان يستخلف على المدينة أحيانًا عند غيابهم. عرفنا فيما تقدم موقف الخوارج والشيعة الروافض من الصحابة الكرام } وتبيَّن لنا مدى بُعْدِهِم عن الاعتدال في هذا الباب، وجنوحهم إلى طرفي الإفراط والتفريط. وعليه فمن رام الاعتدال، وقصد الحقَّ فعليه بمن أثنى الله -تعالى- على دينهم وعلمهم، وجعلهم خيرَ الناسِ عبر القرون، فأهلُ السنة أتباع السلف الصالح لم يختلفْ قولُهُم في هذا الباب، ولم يظهر عليه تفاوت ولا اضطراب؛ فهو مستمدٌّ من الأصول الثابتة كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله . وسنعرض بعض أقوالهم التي تبين توسطهم واعتدالهم واقتصادهم في ذلك. قال الإمام أحمد في بيان عقيدة أهل السنة في الصحابة }: "من السنة: ذكر محاسن أصحاب رسول الله كلهم أجمعين، والكف عن الذي شجر بينهم، فمن سبَّ أصحاب رسول الله أو واحدًا فهو مبتدع رافضي. حبهم سنة، والدعاء لهم قربى، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآرائهم فضيلة. وخير هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر، وخيرهم بعد أبي بكر عمر، وخيرهم بعد عمر عثمان، وخيرهم بعد عثمان علي } خلفاء راشدون مهديون. ثم أصحاب محمد بعد هؤلاء الأربعة لا يجوز لأحد منهم أن يذكر شيئًا من مساويهم، ولا يطعن على أحد منهم، فمن فعل ذلك؛ فقد وجب على السلطان تأديبه وعقابه، وليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه، ثم يستتيبه؛ فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة وجلده حتى يتوب ويُرَاجع". وقال الإمام الطحاوي في (عقيدته): "ونحب أصحاب رسول الله ، ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان". ونثبت الخلافة بعد رسول الله أولًا لأبي بكر الصديق > تفضيلًا له وتقديمًا على جميع الأمة، ثم لعمر بن الخطاب > ثم لعثمان > ثم لعلي بن أبي طالب > وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون. وإن العشرة الذين سماهم رسول الله وبشرهم بالجنة نشهد لهم بالجنة، على ما شهد لهم رسول الله وقوله الحق، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح؛ وهو أمين هذه الأمة }. ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس؛ فقد برئ من النفاق". انتهى كلامه وبناء على أقوالهم تتجلى وسطية أهلِ السنة، ويبرز اعتدالهم واقتصادهم من خلال النقاط التالية: 1. أنهم لم يكفروا أحدًا من أصحاب رسول الله ، في حين أن كلًّا من الخوارج والشيعة الروافض كفروا أو فسقوا طوائفَ منهم، كما تقدم. كما أن أهل السنة يتولون جميع الصحابة، ولا يتبرءون من أحد منهم. 2. أنهم يترضون عن جميع الصحابة، ويترحمون عليهم، ويستغفرون لهم كما أمر الله، ولا يسبون ولا يشتمون أحدًا منهم. بينما كل من الخوارج والشيعة الروافض، لا يترضون عن الجميع، ولا يترحمون، ولا يستغفرون لطوائف من الصحابة، ولبعضهم فيهم سبٌّ وشتم ونسبة إلى الجهل والظلم والفسق كما تقدم. 3. أنهم يشهدون ويعتقدون أن أصحاب رسول الله خير خلقِ الله بعد الأنبياء، وأن خيرهم: الخلفاء الأربعة الراشدون فيما يطعن كل من أهل الإفراط والتفريط في كثيرٍ منهم، ويعدون بعضهم شرَّ هذه الأمة كما تقدم. 4. أنهم لم يغلوا في علي > غلوَّ الشيعة الروافض؛ فلم يرفعوه إلى مقام الألوهية أو النبوة أو العصمة أو نحو ذلك، كما فعل طوائف الشيعة الروافض. ولم يكفروه أو يفسقوه ويردوا شهادته كما فعل الخوارج. 5. أنهم لا يعتقدون العصمةَ لأحد من الصحابة، بل يعتقدون أنهم بشرٌ يقع منهم من الذنوب ما يقع من غيرهم، ومع ذلك لا يشنعون عليهم بذنب، بل يلتمسون لهم المخارج، ويحملونهم على أجمل المحامل. وأهل البدعة: يعتقد بعضهم العصمة لعلي > وللأئمة من أهل بيته وأنه لا يقع منهم ذنب عمدًا، ولا خطأ، ولا سهوًا. ويعتقدون في بعض الصحابة وقوع الكفر والفسوق والنفاق والردة منهم، وارتكاب المظالم والكبائر، وينسبونهم إلى الزندقة. هذه بعض مظاهر وسطية أهل السنة والجماعة في هذا الباب، على أن قولهم وفعلهم واعتقادهم لا يخرج عن حد القصد والاعتدال بأي حال. |
#5
|
|||
|
|||
الموضوع قيم
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
] آخر تعديل بواسطة ساجدة للرحمن ، 2012-07-26 الساعة 08:55 PM سبب آخر: لم اضع الصورة |
#6
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيرا وحفظكم الله جميعا
|
#7
|
|||
|
|||
موضوع قيم جعله الله في ميزان حسناتك |
#8
|
|||
|
|||
سؤال: هل لأن الدكتور عدنان تكلم على معاوية أصبح مجرمًا؟
|
#9
|
|||
|
|||
الشيخ ابو احمد كمال المختار ..... شيخ قليل الادب سيء الخلق .......اساله عن مسال علمية فيرد بسب والشتم الى من يرتاد الى هذا المنتدى ....... ان هنا في منتداه اتحداه ان يجيبني عن سؤال واحد ....لا وحقكم لايعرف سوى قلة الادب لعنه الله
|
#10
|
|||
|
|||
يطرد لقلت ادبه وشرفه
__________________
[SIGPIC][/SIGPIC][align=center]قل للئيم الشاتم الصحابه....ياابن الخنا جهراً ولا تهابه السابقون الاولون كالسحابه....تغيث بلقعاً تهرها كلابه الفاتحون الغر أسود الغابه....الله راضٍ عنهم ولتقرؤا كتابه [/align] |
#11
|
|||
|
|||
سؤال: هل لأن الدكتور عدنان تكلم على معاوية أصبح مجرمًا؟
|
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
جمع القرآن الكريم وكتابته | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | المجتمع المسلم | 1 | 2019-12-30 10:09 PM |
رسول الله الشهيد المسموم / تحقيق مفصل | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2019-10-26 09:37 PM |
ماهو سبب موت الرسول الاعظم محمد (ص) في الصحيح والمستفيض والمشهور وعقائد الشيعة حقائق مصادر | ابو هديل | الشيعة والروافض | 1 | 2019-10-23 09:39 PM |