متى نفسر بالضد او العكس
إليكم أساسيات التعبير بالضد#هذه القاعدة في تفسير الرؤى تقوم على تفسير رمز معين بعكس المعنى الذي يشير إليه ظاهره. وذلك كتفسير الحزن في الرؤيا بأنه فرح في اليقظة، وتفسير الفقر في الرؤيا بأنه غِنَى في اليقظة، وتفسير الضعف في الرؤيا بأنه قوة في اليقظة...إلخ.وتقوم هذه القاعدة على أساسين:الأول: أن الرؤيا الصادقة أو الصالحة هي دائماً بشرى بالخير والسرور من الله (تعالى) للمسلم الصالح، كما أخبر بذلك النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم). فالأصل أن الرؤيا السعيدة للصالحين تكون من الله (عزَّ وجلَّ)، والرؤيا الحزينة لهم تكون من الشيطان الرجيم. وبالتالي، جاءت فكرة تفسير رموز الحزن والشر في الرؤى بعكسها، وذلك فيما يخص رؤى أهل الخير والصلاح.#أما رؤى أهل الشر والفساد، فالغالب أن هؤلاء لا بشرى لهم من الله (تعالى)، بل إنذار ووعيد. وبالتالي، جاءت فكرة تفسير معاني الخير في رؤى أهل الشر والفساد بعكسها، كتفسير الغنى في رؤاهم بأنه فقر، والنعيم بأنه عذاب، والفرح بأنه حزن...إلخ.الثاني: أن يأتي رمز الرؤيا في آية من آيات القرآن الكريم مع نفيه، أو عكسه، أو تبديله، أو تكذيبه، أو نهي عنه، كما سنرى في الأمثلة بمشيئة الله (تعالى).وبناء على ذلك، فإن تفسير الرمز في الرؤيا بعكس معناه لابد أن يتوافر فيه شرطان: الأول: أن يكون من رأى الرؤيا شخصاً صالحاً، ويكون الرمز الذي رآه في المنام سيئاً. ففي هذه الحالة، نقوم بتفسيره بعكس معناه، ولكن إذا كان الرمز خيراً، فلا نقوم بتفسيره بعكس المعنى.#وبالمثل، إذا كان الرائي شخصاً فاسداً، وكان الرمز الذي رآه في منامه خيراً، فنقوم في هذه الحالة بتفسيره بعكس معناه، ولكن إذا كان الرمز سيئاً، فلا نقوم بتفسيره بعكس المعنى.#أمَّا الشرط الثاني فهو أن يُذكر رمز الرؤيا في آية قرآنية كريمة وعكسه، أو نفيه، أو تبديله، أو تكذيبه، أو نهي عنه.#ولا يصح تطبيق هذه القاعدة دون تحقق هذين الشرطين معاً في رمز الرؤيا.مثال 1: نفترض أن شخصاً فاسداً رأى في المنام أنه غني، فيُحتمل أن يدل له ذلك على إنذار بالفقر. أولاً: لأنه شخص فاسد رأى في منامه رمزاً خيراً (الغِنَى) (الشرط الأول). وثانياً: لقول الله (تعالى): ﴿لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً﴾ [المجادلة:17] (الشرط الثاني)؛ فمعنى الغِنى منفي في الآية الكريمة. وبالتالي، يمكن هنا تطبيق هذه القاعدة في تفسير الرؤيا، وعكس معنى الغِنى بأن يكون فقراً.مثال 2: نفترض أن مسلماً صالحاً رأى في المنام أنه خائف، فيُحتمل أن يدل له ذلك على بشرى بالأمن. أولاً: لأنه مسلم صالح رأى رمزاً سيئاً (الخوف) (الشرط الأول). وثانياً: لقول الله (تعالى): ﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾ [النور:55] (الشرط الثاني)؛ ففي الآية الكريمة تبديل للخوف بالأمن. وبالتالي، يمكن هنا تطبيق القاعدة في تفسير الرؤيا، وعكس معنى الخوف بأن يكون أمناً.مثال 3: نفترض أن شخصاً فاسداً رأى في المنام أنه يضحك، فيُحتمل أن يدل له ذلك على البكاء والحُزن. أولاً: لأنه شخص فاسد رأى رمزاً خيراً (الضحك) (الشرط الأول). وثانياً: لقول الله (تعالى): ﴿فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً﴾ [التوبة:82] (الشرط الثاني)؛ ففي الآية الكريمة تبديل للضحك بالبكاء. وبالتالي، يمكن هنا تطبيق القاعدة في تفسير الرؤيا، وعكس معنى الضحك إلى البكاء.مثال 4: نفترض أن مسلماً صالحاً رأى في المنام أنه يكره الصلاة، فيُحتمل أن يدل له على خير يناله من صلاته (عياذاً بالله تعالى). أولاً: لأنه مسلم صالح رأى رمزاً سيئاً (كراهية الصلاة) (الشرط الأول). وثانياً: لقول الله (تعالى): ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ [البقرة:216] (الشرط الثاني)؛ ففي الآية الكريمة معنى كراهية الشيء وعكسه. وبالتالي، يمكن تطبيق القاعدة في تفسير الرؤيا، وعكس معنى الكراهية إلى الخير.مثال 5: نفترض أن مسلماً صالحاً رأى في المنام أنه فقير، فيُحتمل أن يدل له ذلك على الغِنى. أولاً: لأنه مسلم صالح رأى رمزاً سيئاً (الشرط الأول). وثانياً: لقول الله (تعالى): ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ [النور:32] (الشرط الثاني)؛ ففي الآية الكريمة تبديل للفقر. وبالتالي، يمكن تطبيق القاعدة في تفسير الرؤيا، وعكس معنى الفقر إلى الغنى.مثال 6: نفترض أن رجلاً مسلماً صالحاً رأى في المنام أنه يرتكب حراماً مع امرأة، فيُحتمل أن يدل له ذلك على زواج منها (أي حرام في المنام يدل على حلال في اليقظة). أولاً: لأنه مسلم صالح رأى رمزاً سيئاً (الشرط الأول). وثانياً لقول الله (تعالى): ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ﴾ [النحل:116] (الشرط الثاني)؛ ففي الآية الكريمة ذكر للحلال والحرام، وتكذيب لكليهما. وبالتالي، فالحرام في الرؤيا يمكن أن يدل على الحلال في هذه الحالة.مثال 7: نفترض أن مسلماً صالحاً رأى في المنام أنه حزين، فيُحتمل أن يدل له ذلك على السرور. أولاً: لأنه مسلم صالح رأى رمزاً سيئاً (الشرط الأول). وثانياً: لقول الله (تعالى): ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا﴾ [آل عمران: 139] (الشرط الثاني)؛ ففي الآية الكريمة نهي عن الحُزن. وبالتالي، يمكن تطبيق القاعدة في تفسير الرؤيا، وعكس معنى الحُزن إلى السرور.مثال 8: نفترض أن مسلماً صالحاً رأى في المنام أنه يضحك بصوتٍ عالٍ، ففي هذه الحالة، لا تنطبق قاعدة التفسير بالضد على هذه الرؤيا، فلا ينبغي تفسير الضحك هنا بالبكاء أو الحزن؛ لأن الرائي مسلم صالح، ولأنه رأى في منامه رمزاً خيراً. وبالتالي، فيُحتمل أن تدل له هذه الرؤيا على سرور كثير، ولا يصح هنا تفسيرها بالعكس؛ لعدم انطباق الشرط الأول.مثال 9: نفترض أن شخصاً فاسداً رأى في المنام أنه يبكي بشدة، ففي هذه الحالة، لا تنطبق قاعدة التفسير بالضد على هذه الرؤيا، فلا ينبغي تفسير البكاء هنا بالضحك أو السرور؛ لأن الشخص فاسد، ولأنه رأى في منامه رمزاً سيئاً، فيُحتمل أن تدل له هذه الرؤيا على حزن شديد، ولا يصح هنا تفسيرها بالعكس؛ لعدم انطباق الشرط الأول.والله (تعالى) أعلم.المصدر: كتاب شمس دنيا المنام، دراسة إسلامية شاملة في علم تفسير الرؤى للدكتور جمال حسين جمال الدين عبد الفتاح.#
|