جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الصحابي الجليل عبدالله بن عمر
عبد الله بن عمر المثابر الأواب عبد الله بن عمر بن الخطاب بدأت علاقته مع الإسلام منذ أن هاجر مع والده إلي المدينة وهو غلام صغير ، ثم وهو في الثالثة عشر من عمره حين صحبه والده لغزوة بدر لولا أن رده الرسـول صلى الله عليه وسلم لصغر سنه ، تعلم من والده عمر بن الخطاب خيرا كثيرا ، وتعلم مع أبيه من الرسول العظيم الخير كله ، فأحسنا الإيمان .مزاياه ان المزايا التي تأخذ الأبصار إلى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لكثيرة فعلمه وتواضعه ، واستقامة ضميره ونهجه ، وجوده ، وورعه ومثابرته ، على العبادة وصدق استمساكه بالقدوة ، كل هذه الفضائل والخصال ، صاغ ابن عمر رضي الله عنهما عمره منها ، وشخصيته الفذة وحياته الطاهرة الصادقة.. لقد تعلم من أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنهما خيرا كثيرا ، وتعلم معأبيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخير كله والعظمة كلها ..لقد أحسن كأبيه الإيمان بالله ورسوله ، ومن ثم كانت متابعته خطى الرسول صلى الله عليه وسلم أمرا يبهر الألباب.. فهو ينظر ، ماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل في كل أمر فيحاكيه في دقة وإخبات .. هنا مثلا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي .. فيصلي ابن عمر في ذات المكان .. وهنا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو قائما .. فيدعو ابن عمر قائما ... وهنا كان الرسول يدعو جالسا .. فيدعو عبدالله جالسا .. وهنا وعلى هذا الطريق نزل الرسول صلى الله عليه وسلم يوما من فوق ظهر ناقته ، وصلى ركعتين .. فصنع ابن عمر رضي الله عنهما ذلك إذا جمعه السفر بنفس البقعة والمكان .. ولقد قضى عمره الطويل المبارك على هذا الولاء الوثيق ، حتى لقد جاء على المسلمين زمان كان صالحهم يدعو ويقول : ( اللهم أبق عبدالله بن عمر ما أبقيتني ، كي أقتدي به ، فإني لا أعلم أحد على الأمر الأول غيره ) وقد قال معاصروه ..( لم يكن من أصحاب رسول الله أحد أشد حذرا من ألا يزيد في حديثرسول الله أو ينقص منه ، من عبدالله بن عمر ) محاكاة الرسول كان عبد الله بن عمر ( أبو عبد الرحمن ) رضي الله عنه حريصا كل الحرص على أن يفعل ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعله ، فيصلي في ذات المكان ، ويدعو قائما كالرسول صلى الله عليه وسلم ، بل يذكر أدق التفاصيل ففي مكة دارت ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم دورتين قبل أن ينزل الرسول صلى الله عليه وسلم من على ظهرها ويصلي ركعتين ، وقد تكون الناقة فعلت ذلك بدون سبب لكن عبد الله رضي الله عنه لا يكاد يبلغ نفس المكان في مكة حتى يدور بناقته ثم ينيخهاثيصلي لله ركعتين تماما كما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ، وتقول في ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما كان أحد يتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم في منازله كما كان يتبعه ابن عمر ) حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل تحت شجرة ، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لو تركنا هذا الباب للنساء ) فلم يدخل فيه ابن عمر حتى مات الجهاد أول غزوات عبد الله بن عمر رضي الله عنه كانت غزوة الخندق ، فقد استصغر يوم أحد ، ثم شهد ما بعدها من المشاهد ، وخرج إلى العراق وشهد القادسية ووقائع الفرس ، وورد المدائن ، وشهد اليرموك ، وغزا إفريقية مرتين . يقول عبد الله رضي الله عنه : ( عُرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وأنا ابن ثلاث عشرة فردني ، ثم عرضتُ عليه يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فردني ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني ) قيام الليل يحدثنا ابن عمر رضي الله عنهما : ( رأيت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن بيدي قطعة إستبرق ، وكأنني لا أريد مكانا من الجنة إلا طارت بي إليه ، ورأيت كأن اثنين أتياني وأرادا أن يذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطي البئر ، فإذا لها قرنان كقرني البئر ، فرأيت فيها ناساً قد عرفتهم ، فجعلت أقول أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار ) فلقينا ملك فقال : لا تُرع .. فخليا عني . فقصت حفصة أختي على النبي صلى الله عليه سلم رؤياي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نِعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل فيكثر " ومنذ ذلك اليوم إلي أن لقي ربه لم يدع قيام الليل في حله أو ترحاله . القرآنكان عبدالله مثل أبيه رضي الله عنهما تهطل دموعه حين يسمع آيات النذير في القرآن ، فقد جلس يوما بين إخوانه فقرأ ( ويل للمُطَففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وَزنوهم يُخسرون * ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين )) ثم مضى يردد : ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) ودموعه تسيل كالمطر ، حتى وقع من كثرة وجده وبكائه . ويقول عبيد بن عمير قرأت يوما على عبدالله بن عمر هذه الآية : ((فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا.يومئذيود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ))فجعل ابن عمر يبكي حتى نديت لحيته من دموعه.قال ابن عمر رضي الله عنه مكثتُ على سورة البقرة ثماني سنين أتعلمها ) وقال لقد عشنا برهة من دهرنا وأحدنا يرى الإيمان قبل القرآن ، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فتعلم حلالها وحرامها ، وأمرها وزاجرها ، وما ينبغي أن نقف عنده منها كما تعلمون أنتم القرآن ، ثم رأيتُ اليوم رجالا لا يرى أحدُهم القرآن قبل الإيمان ،فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ، وما يدري ما أمره ولا زاجره ، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه ، فينثر نثر الدقل ) العلمكتب رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال :اكتب إلي بالعلم كله )فكتب إليه ابن عمر رضي الله عنهما إن العلم كثير ، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر مندماء الناس ، خميص البطن من أموالهم ، كافا لسانك عن أعراضهم لازما لأمر الجماعة فافعل ، والسلام ) القضاء دعاه يوما الخليفـة عثمـان رضي اللـه عنهما وطلب منه أن يشغل منصـبالقضـاء ، فاعتذر وألح عليه عثمـان فثابر على اعتذاره ،وسأله عثمان رضي الله عنه : ( أتعصيني ؟)فأجاب ابن عمر رضي الله عنهما : ( كلا ولكن بلغني أن القضاة ثلاثة ، قاض يقضي بجهل فهو في النار ،وقاض يقضي بهوى فهو في النار ، وقاض يجتهد ويصيب فهو كفافلا وزر ولا أجر ، وإني لسائلك بالله أن تعفيني )وأعفاه عثمان رضي الله عنه بعد أن أخذ عليه عهدا ألا يخبر أحدا ،لأنه خشي إذا عرف الأتقياء الصالحون أن يتبعوه وينهجوا نهجه .قد يبدو هذا الموقف لعبد الله بن عمر سمة من سمات السلبية ،بيد أنه ليس كذلك، فعبد الله بن عمر رضي الله عنهما لم يمتنع عن القضاء وليس هناك من يصلح له سواه .. بل هناك كثيرون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الورعين الصالحين ، وكان بعضهم يشتغل بالقضاء والفتية بالفعل .. ولم يكن في تخلي ابن عمر رضي الله عنه تعطيل لوظيفة القضاء ، ولا إلقاء بها بين أيدي الذين لا يصلحون لها ، ومن ثم قد آثر البقاء مع نفسه ، ينميها ويزكيها بالمزيد من الطاعة ، والمزيد من العبادة.. كما أنه في ذلك الحين من حياة الإسلام ، كانت الدنيا قد فتحت على المسلمين وفاضت الأموال ، وكثرت المناصب والإمارات. وشرع إغراء المال والمناصب يقترب من بعض القلوب المؤمنة ، مما جعل بعض أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومنهم ابن عمر رضي الله عنهما ، يرفعون راية المقاومة لهذا الإغراء باتخذهم من أنفسهم قدوة ومثلا في الزهد والورع والعزوف عن المناصب الكبيرة، وقهر فتنتها واغرائها... حذره كان رضي الله عنه شديد الحذر في روايته عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد قال معاصروه : لم يكن من أصحاب رسول الله أحد أشد حذرا من ألا يزيد في حديث رسول الله أو ينقص منه من عبد الله بن عمر . كما كان شديد الحذر والحرص في الفتيا ، فقد جاءه يوما سائل يستفتيه في سؤال فأجابه قائلا : ( لا علم لي بما تسأل ) وذهب الرجل إلي سبيله ، ولا يكاد يبتعد بضع خطوات عن ابن عمر رضي الله عنهما حتى يفرك ابن عمر كفيه فرحا ويقول لنفسه : ( سئل ابن عمر عما لا يعلم ، فقال لا يعلم ) وسأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه ، ولم يُجبه حتى ظن الناس أنه لم يسمع مسألته .. فقال له : يرحمك الله ما سمعت مسألتي ؟ قال رضي الله عنه : ( بلى ، ولكنكم كأنّكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألونا عنه ، اتركنا يرحمك الله حتى نتفهم في مسألتك ، فإن كان لها جواب عندنا ، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به ) جوده كان ابن عمر رضي الله عنه من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة ، إذ كان تاجرا أمينا ناجحا ، وكان راتبه من بيت مال المسلمين وفيرا ، ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه قط ، إنما كان يرسله على الفقراء والمساكين والسائلين ، فقد رآه ( أيوب بن وائل الراسبي ) وقد جاءه أربعة آلاف درهم وقطيفة ، وفي اليوم التالي رآه في السوق يشتري لراحلته علفا دينا ، فذهب أيوب بن وائل إلى أهل بيت عبد الله وسألهم ، فأخبروه إنه لم يبت بالأمس حتى فرقها جميعا ، ثم أخذ القطيفة وألقاها على ظهره و خرج ، ثم عاد وليست معه ، فسألناه عنها فقال إنه وهبها لفقير .. فخرج ابن وائل يضرب كفا بكف ، حتى أتـى السوق وصاح بالناس : يا معشر التجار ، ما تصنعون بالدنيا ، وهذا ابن عمر تأتيه آلاف الدراهم فيوزعها ، ثم يصبح فيستـدين علفا لراحلته !! إن من كان محمد صلى الله عليه وسلم أستاذه ، وعمر رضي الله عنه أباه ، لعظيم ، كفء لكل عظيم .. إن جود عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، وزهده وورعه ، هذه الخصال الثلاثة، كانت تحكي صدق القدوة .. وصدق البنوة.. فما كان لمن يمعن في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أنه ليقف بناقته حيث رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يوقف ناقته ، ويقول : ( لعل خفا يقع على خف ) والذي يذهب برأيه في برأبيه وتوقيره والإعجاب به إلى المدى الذي كانت شخصية عمر رضي الله عنه تفرضه على الأعداء ، فضلا عن الأقرباء ، فضلا عن الأبناء .. ما ينبغي لمن ينتمي لهذا الرسول ، ولهذا الوالد أن يصبح للمال عبدا .. زهده لقد كان المال بين يديه خادما لا سيدا ، وكان وسيلة لضرورات العيش لا للترف ، ولم يكن ماله وحده ، بل كان للفقراء فيه حق معلوم ، بل حق متكافئ لا يتميز فيه بنصيب .. ولقد أعانه على هذا الجود الواسع زهده ، فما كان ابن عمر رضي الله عنهما يتهالك على الدنيا ، ولا يسعى إليها ، بل ولا رجا منها إلا ما يستر الجسد من لباس ، ويقيم الأود من الطعام .. أهداه أحد إخوانه القادمين من خُراسان حُلة ناعمة أنيقة وقال له : لقد جئتك بهذا الثوب من خراسان ، وإنه لتقر عيناي إذ أراك تنزع عنك ثيابك الخشنة هذه ، وترتدي هذا الثوب الجميل . قال له ابن عمر رضي الله عنهما : ( أرِنيه إذن ) ثم لمسه وقال : ( أحرير هذا ؟) قال صاحبه : لا ، إنه قطن وتملاه عبد الله رضي الله عنه قليلا ، ثم دفعه بيمينه وهو يقول : ( لا إني أخاف على نفسي ، أخاف أن يجعلني مختالا فخورا ، والله لا يحب كل مختال فخور ) وأهداه يوما صديق وعاء مملوءا ، وسأله ابن عمر رضي الله عنهما : ( ما هذا ؟ ) قال : هذا دواء عظيم جئتك به من العراق قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( وماذا يُطَبب هذا الدواء ؟ ) قال : يهضم الطعام فابتسم ابن عمر رضي الله عنهما وقال لصاحبه : ( يهضم الطعام ؟ إني لم أشبع من طعام قط منذ أربعين عاما ) ان هذا الذي لم يشبع من الطعام منذ أربعين عاما ، لم يكن يترك الشبع خصاصة ، بل زهدا وورعا ، ومحاولة للتأسي برسوله وأبيه.. كان يخاف أن يقال له يوم القيامة : ((أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها )) وكان يدرك انه في الدنيا ضيف أو عابر سبيل .. كما كان يقول عن نفسه : ( ما وضعت لَبِنة على لَبِنة ولا غرست نخلة منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ويقول ميمون بن مهران : ( دخلت على ابن عمر ، فقومت كل شيء في بيته من فراش ولحاف وبساط ، ومن كل شيء فيه ، فما وجدته يساوي مائة درهم ) لم يكن ذلك عن فقر و قد كان ابن عمر رضي الله عنهما ثريا .. ولا كان ذلك عن بخل فقد كان جوادا سخيا .. وإنما كان عن زهد في الدنيا ، وازدراء للترف ، والتزام لمنهجه في الصدق والورع .. خوفه كان إذا ذكر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بالدنيا ومتاعها التي يهرب منها يقول : ( لقد اجتمعت وأصحابي على أمر ، وإني لأخاف إن خالفتهم ألا ألحق بهم ) ثم يخبر الآخرين أنه لم يترك الدنيا عجزا ، فيرفع يديه إلى السماء ويقول : ( اللهم إنك تعلم أنه لولا مخافتك لزاحمنا قومنا قريشا في هذه الدنيا ) قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( لقد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نكثتُ ولا بدلتُ إلى يومي هذا ، ولا بايعتُ صاحب فتنة ، ولا أيقظت مؤمنا من مرقده ) الخلافة عرضت الخلافة على ابن عمر رضي الله عنه عدة مرات فلم يقبلها ، فهاهو الحسن رضي الله عنه يقول : ( لما قتل عثمان بن عفان ، قالوا لعبد الله بن عمر : إنك سيد الناس وابن سيد الناس ، فاخرج نبايع لك الناس ) قال رضي الله عنه : ( إني والله لئن استطعت ، لا يُهـراق بسببي مِحجَمَـة من دم ) قالوا : لَتخرجن أو لنقتلك على فراشك فأعاد عليهم قوله الأول ، فأطمعوه وخوفوه فما استقبلوا منه شيئا . فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يأبى أن يسعى إلى الخلافة إلا إذا بايعه المسلمون جميعا طائعين وليس بالسيف ، فقد لقيه رجلا فقال له : ما أحد شر لأمة محمـد منك قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( ولم ؟ فوالله ما سفكت دماءهـم ولا فرقـت جماعتهم ولا شققت عصاهـم ) قال الرجل : إنك لو شئت ما اختلف فيك اثنـان قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( ما أحب أنها أتتني ، ورجل يقول : لا ، وآخر يقول ، نعم ) وعندما ترك معاوية الثاني ابن يزيد الخلافة زاهدا فيها بعد أيام من توليها ، كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما شيخا مسنا كبيرا فذهب إليه مروان وقال له : هلم يدك نبايع لك ، فإنك سيد العرب وابن سيدها . قال له ابن عمر رضي الله عنهما : ( كيف نصنع بأهل المشرق ؟) قال مروان : نضربهم حتى يبايـعوا قال ابن عمـر رضي الله عنهما : ( والله ما أحـب أنها تكون لي سبعيـن عاما ، ويقتـل بسببـي رجل واحد ) فانصـرف عنه مـروان موقفه من الفتنة رفض رضي الله عنه استعمال القوة والسيف في الفتنة المسلحة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ، وكان الحياد شعاره ونهجه : ( من قال حي على الصلاة أجبته ، ومن قال حي على الفلاح أجبته ، ومن قال حي على قَتل أخيك المسلم وأخذ ماله قلت : لا ) ولقد كان قلبه مع علي رضي الله عنه، بل وكان معه يقينه فيما يبدو، حتى لقد روي عنه أنه قال في أخريات أيامه: (ما أجدني آسى على شيء فاتني من الدنيا الا أني لم أقاتل مع علي، الفئة الباغية ) يقول أبو العالية البراء : كنت أمشي يوما خلف ابن عمر وهو لا يشعر بي فسمعته يقول : ( واضعين سيوفهم على عَواتِقهم يقتل بعضهم بعضا يقولون : ياعبد الله بن عمر أعط يدك ) وقد سأله نافع : يا أبا عبد الرحمن ، أنت ابن عمر ، وأنت صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنت وأنت فما يمنعك من هذا الأمر ؟ يعني نصرة علي رضي الله عنه فأجابه قائلا : ( يمنعني أن الله تعالى حرم علي دم المسلم ، لقد قال عز وجل : (( قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله )) ولقد فعلنا وقاتلنا المشركين حتى كان الدين لله ، أما اليوم ففيم نُقاتل ؟ لقد قاتلت والأوثان تملأ الحرم من الركن إلى الباب ، حتى نضاها الله من أرض العرب ، أفأُقاتل اليوم من يقول : لا إله إلا الله ؟ ) ولكنه في عزلته تلك وفي حياده، لا يمالئ باطلا.. فطالما جابه معاوية وهو في أوج سلطانه بتحديات أوجعته وأربكته.. حتى توعده بالقتل ، وهو القائل : " لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت " وذات يوم ، وقف الحجاج خطيبا ، فقال : ( إن ابن الزبير حرف كتاب الله ) فصاح ابن عمر رضي الله عنهما في وجهه : ( كذبت ، كذبت ، كذبت ) وسقط في يد الحجاج ، وصعقته المفاجأة ، وهو الذي يرهبه كل شيء ، فمضى يتوعد ابن عمر بشر جزاء .. ولوح ابن عمر رضي الله عنهما بذراعه في وجه الحجاج ، وأجابه الناس منبهرون : ان تفعل ما تتوعد به فلا عجب ، فانك سفيه متسلط . ولكنه برغم قوته وجرأته ظل إلى آخر أيامه ، حريصا على ألا يكون له في الفتنة المسلحة دور ونصيب ، رافضا أن ينحاز لأي فريق ... الوصية ذُكرت الوصية لابن عمر في مرضه فقال ابن عمر رضي الله عنهما : ( أما مالي فالله أعلم ما كنت أفعل فيه ، وأما رباعي وأرضي فإنيلا أحب أن يُشارك ولدي فيها أحد ) ولما حضر ابن عمر رضي الله عنهما الموت قال ما آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث : ظمأ الهواجر ، ومكابدة الليل ، وأني لم أقاتل هذه الفئة التي نزلت بنا ) يعني الحجاج وفاته لقد كف بصر عبد الله بن عمر رضي الله عنه في آخر عمره وفي العام الثاث والسبعين للهجرة ، مالت الشمس للمغيب ، ورفعت احدى سفن الأبدية مراسيها ، مبحرة الى العالم الآخر والرفيق الأعلى ، حاملة جثمان عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه . لقد وصفه معاصروه فقالوا : (مات وهو مثل عمر رضي الله عنه في الفضل) بل لقد كان يطيب لهم حين يبهرهم ألق فضائله ، أن يقارنوا بينه وبين والده العظيم عمر رضي الله عنه فيقولون : ( كان عمر في زمان له فيه نظراء ، وكان ابن عمر في زمان ليس فيه نظير ) وهي مبالغة يغفرها استحقاق ابن عمر رضي الله عنهما لها ، أما عمر رضي الله عنه فلا يقارن بمثله أحد ، وهيهات أن يكون له في كل عصور الزمان نظير |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
عمر والحدود و جهالة الانزع البطين | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 0 | 2020-03-29 12:19 PM |
فأين رواية الانقلابيين او المنتصرين وهذه روايات المنهزمين | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 1 | 2020-03-13 04:31 PM |
القول المبين في فلتات الانزع البطين | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 7 | 2020-03-05 05:41 PM |
قول عمر وفعل علي هناك فرق | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 0 | 2020-02-17 11:56 PM |
بقول من نأخذ | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 0 | 2020-01-24 11:02 AM |