جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: إنّ من نعم الله تعالى على عباده، أن يوالي مواسم الخيرات عليهم ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله، فما أن انقضى موسم الحج المبارك، إلاّ وتبعه شهر كريم هو شهر الله المحرم، فلعلنا نشير إلى شيء من فضائله وأحكامه. أولاً: حرمة شهرالله المحرم: قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:36]، وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حَجِّتِه، فقال: «ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر بين جمادى وشعبان» [متفق عليه]. قال القرطبي: "خص الله تعالى الأشهر الحرم بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها، وإن كان منهياً عنه في كل الزمان، كما قال تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ} [البقرة: من الآية197]. وعلى هذا أكثر أهل التأويل، أي: لا تظلموا في الأربعة أشهر الحرم أنفسكم، وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُم} في الاثني عشر"ا.هـ. قال ابن كثير:"وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام، هل هو منسوخ أو محكم على قولين: الأول وهو الأشهر: أنّه منسوخ؛ لأنّه تعالى قال هاهنا: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} وأمر بقتال المشركين، وظاهر السياق مشعر بأنّه أمر بذلك أمراً عاماً، ولو كان محرماً في الشهر الحرام لأوشك أن يقيده بانسلاخها، ولأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف في شهر حرام وهو ذو القعدة كما ثبت في الصحيحين. والقول الثاني: إنّ ابتداء القتال في الشهر الحرام حرام، وأنّه لم ينسخ تحريم الشهر الحرام؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} [المائدة: من الآية2]. ويحتمل أنّه أذن للمؤمنين بقتال المشركين في الشهر الحرام إذا كانت البداءة منهم". ا.هـ. قال ابن رجب: "وقد اختلف العلماء في أي الأشهر الحرم أفضل؟ فقال الحسن وغيره: أفضلها شهر الله المحرم، ورجحه طائفة من المتأخرين، وروى وهب بن جرير عن قرة بن خالد عن الحسن، قال: إنّ الله افتتح السنة بشهر حرام وختمها بشهر حرام، فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم، وكان يسمى شهر الله الأصم من شدة تحريمه، و أخرج النسائي من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الليل خير وأي الأشهر أفضل؟ فقال: «خير الليل جوفه، وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم»، وإطلاق النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أفضل الأشهر، محمول على ما بعد رمضان، كما في رواية الحسن المرسلة". ا.هـ. وممّا يدل على فضله ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل». قال ابن قاسم: "أي أفضل شهر تطوع به كاملاً بعد شهر رمضان شهر الله المحرم؛ لأنّ بعض التطوع قد يكون أفضل من أيامه كعرفة وعشر ذي الحجة، فالتطوع المطلق أفضله المحرم، كما أنّ أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل". ا.هـ. قال النووي:" فإن قيل: في الحديث إنّ أفضل الصوم بعد رمضان صوم المحرم، فكيف أكثر الصيام في شعبان دون المحرم؟ فالجواب: لعله لم يعلم فضل المحرم إلاّ في آخر الحياة قبل التمكن من صومه، أو لعله كان يعرض فيه أعذار تمنع من إكثار الصوم فيه، كسفر ومرض وغيرهما". ا.هـ. قال ابن رجب: "وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المحرم شهر الله، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله، فإنّ الله تعالى لا يضيف إليه إلاّ خواص مخلوقاته، كما نسب محمداً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء إلى عبوديته، ونسب إليه بيته وناقته، ولما كان هذا الشهر مختصاً بإضافته إلى الله تعالى، وكان الصيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله تعالى، فإنّه له سبحانه من بين الأعمال، ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله، بالعمل المضاف إليه المختص به وهو الصيام، وقد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله عز وجل، إنّه إشارة إلى أن تحريمه إلى الله عز وجل ليس لأحد تبديله كما كانت الجاهلية يحلونه ويحرمون مكانه صَفَراً، فأشار إلى أنّه شهر الله الذي حرمه، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك وتغييره. وفي هذا الشهر يوم حصل فيه حدث ،عظيم ونصر مبين، أظهر الله فيه الحق على الباطل؛ حيث أنجى فيه موسى عليه السلام وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فهو يوم له فضيلة عظيمة، ومنزلة قديمة. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما هذا اليوم الذي تصومونه؟». فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، و أغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فنحن أحق وأولى بموسى منكم. فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه»، [متفق عليه]، ولأحمد عن أبي هريرة نحوه وزاد فيه: «وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكرا ً». وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان» [متفق عليه]. قال ابن حجر: "هذا يقتضي أن يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم بعد رمضان، لكن ابن عباس أسند ذلك إلى علمه، فليس فيه ما يرد علم غيره، وقد روى مسلم من حديث أبي قتادة مرفوعاً أن صوم عاشوراء يكفر سنة، وأن صيام يوم عرفة يكفر سنتين، وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام عاشوراء، وقد قيل في الحكمة في ذلك إن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام، ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك كان أفضل". ا.هـ. وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: «أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة، من كان أصبح صائماً فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه" فكنا بعد ذلك نصومه ونصوِّم صبياننا الصغار، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه حتى يكون عند الإفطار» [متفق عليه]. فضل يوم عاشوراء: يوم عاشوراء له فضل عظيم وحرمة قديمة، فقد كان موسى عليه السلام_يصومه لفضله؛ بل كان أهل الكتاب يصومونه، بل حتى قريش كانت تصومه في الجاهلية، وقد وردت عدة أحاديث عن فضل عاشوراء وصيامه، منها: ما جاء في صحيح مسلم عن أبي قتادة أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء، فقال:«إنّي أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» [رواه (مسلم 1976)]، وهذا من فضل الله علينا أن جعل صيام يوم واحد يكفر ذنوب سنة كاملة. وعن ابن عباس رضي الله عنهماقال:«ما رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان» [رواه (البخاري 1867)]، (ومعنى يتحرى، أي: يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه). الحكمة من صيامه: والحكمة من صيامه، أنّ يوم عاشوراء هو اليوم الذي نجى الله فيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده، فصامه موسى شكراً لله تعالى، وصامه نبينا صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، فقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهماقال: "قدم النبي صلى عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «ما هذا اليوم الذي تصومونه؟». قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً لله فنحن نصومه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فنحن أحق بموسى منكم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه». أما الحكمة في صيام اليوم التاسع، فقد نقل النووي رحمه الله_عن العلماء في ذلك عدة وجوه: أحدها: أن المراد من مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر. الثاني: أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم، كما نهى أن يصام يوم الجمعة وحده. الثالث: الاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلطٍ، فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر. وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة اليهود كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. مراتب صيام يوم عاشوراء: أولاً: صيام اليوم التاسع واليوم العاشر، وهذا أفضل المراتب؛ لحديث أبي قتادة عند مسلم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في صيام يوم عاشوراء: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله»، ولحديث ابن عباس عند مسلم أيضاً «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر». ثانياً: صيام اليوم العاشر والحادي عشر؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده» [أخرجه أحمد وابن خزيمة]. ثالثاً:صيام اليوم التاسع والعاشر والحادي عشر؛ لحديث ابن عباس مرفوعاً«صوموا يوماً قبله ويوماً بعده». رابعاً: إفراد العاشر بالصيام؛ لحديث أبي قتادة عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صيام يوم عاشورا: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله».
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#2
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
قَطَعْتَ شُهورَ العـامِ لهـواً وغفلةً *** ولم تحترم فيمـا أتَيْتَ المُحَرَّمــا فلا رجَبــاً وافَيْتَ فـيه بِحَقِّـهِ *** ولا صُمتَ شهر الصوم صوماً مُتَمَّما ولا في ليالي عشرِ ذي الحجةِ الذي *** مضى كُنْتَ قَوَّاماً ولا كُنْتَ مُحْرِما فَهَل لك أن تمحو الذُّنوب بِعَبرةٍ *** وتبكي عليهــا حسرةً وتنَدُّمـا وتستقبلَ العــامَ الجديدَ بِتَوبةٍ *** لعلَّك أن تمحو بهـا مــا تَقَدَّمـا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم. وأفضل الصَّلاة بعد الفريضة، صلاة الليل» [رواه مسلم ( 1163 )]. سمَّى النَّبي صلى الله عليه وسلم المحرَّم شهر الله. وإضافته إلى الله تدلُّ على شرفه وفضله؛ فإنَّ الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواصَّ مخلوقاته، كما نسب محمداً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء -صلوات الله عليهم وسلامه- إلى عبوديَّتِه، ونسب إليه بيته وناقته. ولمَّا كان هذا الشهر مختصَّاً بإضافته إلى الله تعالى، وكان الصِّيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله تعالى؛ فإنَّه له من بين الأعمال، ناسب أن يختصَّ هذا الشهر المضاف إلى الله بالعمل المضاف إليه، المختصِّ بهِ، وهو الصِّيام. شهرُ الحَرَامِ مُبَاركٌ مَيمُونُ *** والصَّومُ فِيهِ مضَاعَفٌ مَسنُون وَثُوابُ صَائِمِهِ لِوَجْهِ إِلَهِه *** فِي الخُلْدِ عِنْـدَ مَلِيكِه مخزون الصِّيام سرٌّ بين العبد وبين ربِّه، ولهذا يقول الله تبارك وتعالى: « كلّ عمل ابن آدم لهُ إلاَّ الصَّوم فإنَّهُ لي وأنا أجزي به، يدَعُ شهوتَهُ وطعامَهُ وشرابهُ من أجلي»[رواه الشيخان] عن أبي هريرة رضي الله عنه وله رواياتٌ عدّة. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ في الجنَّةِ باباً يُقالُ لهُ الرَّيان يدخلُ منهُ الصَّائِمون يوم القيامة لا يدخل معهم أحدٌ غيرهم يقال: أين الصَّائِمون؟ فيدخلون منهُ فإذا دخل آخِرُهُم أغْلِقَ فلم يدخُل منهُ أحدٌ» [رواه مسلم ( 1152 )]. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الصِّيامُ جُنَّةٌ منَ النَّارِ كجُنَّةِ أحدكم من القتال» [رواه أحمد ( 4 / 22 ) بسندٍ صحيح]. وعن أبي أمَامَةَ رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ يا رسولَ الله: مُرنِي بِعملٍ أدخُلُ بهِ الجنَّة . فقال:«عليك بالصَّوم، فإنَّهُ لا مِثلَ له» [رواه ابن حبّان ( 3425 ) بسندٍ صحيح]. قال: فكانَ أبو أُمامة لا يُرى في بيتِهِ الدُّخَّان نهاراً إلاَّ إذا نزلَ بِهِم ضيف، فإذا رأوا الدُّخانَ نهاراً، عرفوا أنَّهُ قد اعتراهُم ضيفٌ. «للصَّائم فرحتان: فرحةٌ عندَ فِطرهِ، وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّهِ» قطعة من حديث [رواه مسلم ( 1151 )]-إذا وجد ثواب صيامهِ مدخوراً-. طوبى لِمن جوَّعَ نفسهُ ليوم الشبع الأكبر، طوبى لمن ظمَّأ نفسهُ ليوم الرِّيِّ الأكبر، طوبى لِمن تركَ شهوةً حاضِرةً لِموعِدِ غيبٍ لم يره، طوبى لمن ترك طعاماً ينفَدُ في دارٍ تنفَدُ، لدارٍ{أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا} [سورة الرعد:35]. مَنْ يُرِد مُلكَ الجِنَانِ *** فَليَدَع عَنهُ التَّوانـي وليَصِلْ صَوماً بِصومٍ *** إنَّ هذا العيشَ فاني وَليقُم في ظُلمةِ اللّـيـل إلى نور القرآن إنَّما العَيـشُ جِـوارُ الله فِي دَارِ الأمـان الدُّنيا كلُّها شهرُ صيام المتَّقين، وعيدُ فِطرِهِم يومَ لِقاء ربِّهِم، ومعظمُ نَهارِ الصِّيامِ قد ذهب، وعيدُ اللِّقاءِ قد اقترب. وقدْ صُمتُ عن لذَّاتِ دهري كلّها *** ويومَ لِقاكم ذاك فِطْـرُ صِيـامِي قالَ بعضُ السَّلف: صُمِ الدنيا وليكن فطركَ الموتُ .وقال غيرهُ: فصُمْ يومَكَ الأدْنَى لَعلَّكَ في غدٍ *** تفُوزُ بِعيد الفِطرِ والنَّاسُ صُوَّم من صام اليوم عن شهواتِهِ أفطرَ عليها غداً بعد وفاتهِ، ومن تعجَّلَ ما حرِّمَ عليهِ من لذَّاتهِ عُوقِبَ بِحرمَانِ نَصِيبِهِ من الجّنَّةِ وفواتِهِ؛ شاهِدُ ذلك من شرِبَ الخَمرَ في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن لبِس الحريرَ لم يلبسْهُ في الآخِرة. أنتَ في دارِ شتاتٍ فتأهَّبْ لِشَتــاتِك واجعلِ الدَّنيا كيومٍ صُمْتَهُ عن شهواتِك وليكن فِطْرُكَ عندَ اللّـهِ فِي يومِ وفاتِـك قَالَ الله تَعَالَى: {وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَآءُ إِلَىَ صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} [يونس: 25]. الجَنَّةُ ضِيافةُ الله أعدَّها لعِبادهِ المؤمنينَ نُزُلا، فيها ما لا عينٌ رأتْ ولا أُذُنٌ سمِعت، ولا خطرَ على قلبِ بشر. وبُعِثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدعو إليها بالإيمانِ والإسلامِ والإحسان، فمن أجابهُ دخل الجنَّةَ وأكل من تلك الضِّيافة، ومن لم يُجِب حرِم. يا من طلعَ فجرُ شيبِهِ بعد بلوغِ الأربِعينَ!!، يا من هو في مُعتركِ المنايا ما بين السِّتِّينَ والسَّبعينَ! ما تنتظِرُ بعدَ هذا الخَبرِ إلاَّ أن يأتيكَ اليقين؟، يا من ذُنُوبُهُ بِعددِ الشَّفعِ والوتْرِ!، أما تستحي منَ الكِرامِ الكاتِبينَ؟، أم أنتَ ممَّن يُكذِّبُ بيومِ الدِّين؟، يا من ظُلمَةُ قلبِهِ كاللَّيلِ إذا يسْرِي!! أما آنَ لِقلبِكَ أن يستنيرَ أو يلين؟، تعرَّض لِنفحاتِ مولاكَ في هذا الشَّهرِ؛ فإنَّ للهِ فيهِ نفحات يصيبُ بِها من يشاء، فمن أصابتهُ سَعِدَ بِها آخرَ الدَّهرِ. الغنيمة... الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذهِ الأيام العظيمة، فما منها عِوضٌ ولا لها قيمة. المُبادرة المبادرة بالعمل، والعجل العجل قبل هجومِ الأجل، قبلَ أن يندمَ المُفرِّطُ على ما فعل، قبلَ أن يسألَ الرَّجعةَ ليعملَ صالِحاً فلا يُجابُ إلى ما سأل، قبلَ أن يَحولَ الموتُ يبنَ المُؤمّل وبلوغِ الأمل، قبلَ أن يصِيرَ المرْءُ مرتهناً في حفرتِهِ بِما قدَّمَ من عمل. عن أبي قَتادةَ رضي الله عنه قال: سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامِ يومِ عاشوراء؟ فقال:«يكفِّرُ السَّنَةَ الماضِية» قطعة من حديثٍ [رواهُ مسلم ( 1162 )]. عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المَدينةَ فوجدَ اليهودَ صياماً، يومَ عاشوراء . فقالَ لهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا هَذَا اليوم الّذي تصومونهُ؟ » فقالوا: هذا يومٌ عظيم، أنجى اللهُ فِيهِ موسى وقومَهُ، وغرَّقَ فرعونَ وقومَهُ، فصامَهُ موسى شكراً، فنحنُ نصومُهُ . فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فنحنُ أحقُّ وأولى بِمُوسى مِنكم» [رواه مسلم ( 1130 )]. فصامَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأمرَ بصيامِه. عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُما قال: صَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ عاشُوراء وأمَرَ بِصِيامِهِ، قالوا: يا رَسُولَ اللهِ! إِنَّهُ يَومٌ تُعَظِّمُهُ اليَهودُ وَالنَّصَارَى. فَقالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإذا كَانَ العامُ المُقْبِلُ، إِن شَاءَ اللهُ، صُمْنَا اليَومَ التَّاسِع» قال: فَلمْ يَأتِ العامُ المُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم ( 1134 )]. وفي الختام فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإنَّ لله نفَحَات من رحمتهِ، يصيب بها من يشاء من عبادهِ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمِّن رَوْعَاتكم»[أخرجهُ الطبراني في " الكبير" (720) وحسَّنَهُ المحدِّث العلامة الألباني في "الصحيحة" (1890)]. فالسَّعيدُ من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرَّبَ فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطّاعات، فعسى أن تصيبه نفحةٌ من تلك النفحات، فيسعد بها سعادةً يأمن بعدها من النَّار وما فيها من اللفحات. فمن أعظم نفحَاتِهِ مصادفة ساعة إجابة يسأل فيها العبد الجنَّة والنَّجاة من النَّار، فيُجابُ سُؤاله، فيفوز بسعادة الأبد. قال الله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عِنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [سورة آل عمران: 185 ]. وقال الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِيْنَ شّقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيق * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّك إِنَّ ربكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيد * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَّنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّك عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذ} [ هود: 106-108 ]. ليسَ السَّعِيدُ الّذِي دُنْيَاهُ تُسْعِدُهُ *** إِنَّ السَّعِيدَ الَّذِي يَنْجُو مَنَ النَّار نسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصاً لوجههِ الكريم، ومقرِّباً إليهِ وإلى دارهِ، دار السَّلام والنَّعيم المقيم، وأن ينفعَنا بهِ وعبَادَهُ المؤمنين، وأن يوفقنا لما يحبُّ ويرضى، ويختم لنا بخيرٍ في عافية، فإنَّهُ أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، آمين. و"سبحان الله وبحمدهِ، سبحانك اللَّهمَّ وبحمدِك، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك". فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال سبحان الله وبحمدهِ، سبحانك اللَّهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلس ذكر كانت كالطابع يطبع عليهِ، ومن قالها في مجلس لغو كانت كفارةً لهُ» [أخرجهُ الحاكم (1/537) وصححهُ على شرط مسلم، ووافقهُ الذهبي]. الشيخ/ عبد الهادي حسن وهبي المدرس بمعهد الإمام البخاري
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#3
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
قَطَعْتَ شُهورَ العـامِ لهـواً وغفلةً *** ولم تحترم فيمـا أتَيْتَ المُحَرَّمــا فلا رجَبــاً وافَيْتَ فـيه بِحَقِّـهِ *** ولا صُمتَ شهر الصوم صوماً مُتَمَّما ولا في ليالي عشرِ ذي الحجةِ الذي *** مضى كُنْتَ قَوَّاماً ولا كُنْتَ مُحْرِما فَهَل لك أن تمحو الذُّنوب بِعَبرةٍ *** وتبكي عليهــا حسرةً وتنَدُّمـا وتستقبلَ العــامَ الجديدَ بِتَوبةٍ *** لعلَّك أن تمحو بهـا مــا تَقَدَّمـا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم. وأفضل الصَّلاة بعد الفريضة، صلاة الليل» [رواه مسلم ( 1163 )]. سمَّى النَّبي صلى الله عليه وسلم المحرَّم شهر الله. وإضافته إلى الله تدلُّ على شرفه وفضله؛ فإنَّ الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواصَّ مخلوقاته، كما نسب محمداً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء -صلوات الله عليهم وسلامه- إلى عبوديَّتِه، ونسب إليه بيته وناقته. ولمَّا كان هذا الشهر مختصَّاً بإضافته إلى الله تعالى، وكان الصِّيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله تعالى؛ فإنَّه له من بين الأعمال، ناسب أن يختصَّ هذا الشهر المضاف إلى الله بالعمل المضاف إليه، المختصِّ بهِ، وهو الصِّيام. شهرُ الحَرَامِ مُبَاركٌ مَيمُونُ *** والصَّومُ فِيهِ مضَاعَفٌ مَسنُون وَثُوابُ صَائِمِهِ لِوَجْهِ إِلَهِه *** فِي الخُلْدِ عِنْـدَ مَلِيكِه مخزون الصِّيام سرٌّ بين العبد وبين ربِّه، ولهذا يقول الله تبارك وتعالى: « كلّ عمل ابن آدم لهُ إلاَّ الصَّوم فإنَّهُ لي وأنا أجزي به، يدَعُ شهوتَهُ وطعامَهُ وشرابهُ من أجلي»[رواه الشيخان] عن أبي هريرة رضي الله عنه وله رواياتٌ عدّة. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ في الجنَّةِ باباً يُقالُ لهُ الرَّيان يدخلُ منهُ الصَّائِمون يوم القيامة لا يدخل معهم أحدٌ غيرهم يقال: أين الصَّائِمون؟ فيدخلون منهُ فإذا دخل آخِرُهُم أغْلِقَ فلم يدخُل منهُ أحدٌ» [رواه مسلم ( 1152 )]. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الصِّيامُ جُنَّةٌ منَ النَّارِ كجُنَّةِ أحدكم من القتال» [رواه أحمد ( 4 / 22 ) بسندٍ صحيح]. وعن أبي أمَامَةَ رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ يا رسولَ الله: مُرنِي بِعملٍ أدخُلُ بهِ الجنَّة . فقال:«عليك بالصَّوم، فإنَّهُ لا مِثلَ له» [رواه ابن حبّان ( 3425 ) بسندٍ صحيح]. قال: فكانَ أبو أُمامة لا يُرى في بيتِهِ الدُّخَّان نهاراً إلاَّ إذا نزلَ بِهِم ضيف، فإذا رأوا الدُّخانَ نهاراً، عرفوا أنَّهُ قد اعتراهُم ضيفٌ. «للصَّائم فرحتان: فرحةٌ عندَ فِطرهِ، وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّهِ» قطعة من حديث [رواه مسلم ( 1151 )]-إذا وجد ثواب صيامهِ مدخوراً-. طوبى لِمن جوَّعَ نفسهُ ليوم الشبع الأكبر، طوبى لمن ظمَّأ نفسهُ ليوم الرِّيِّ الأكبر، طوبى لِمن تركَ شهوةً حاضِرةً لِموعِدِ غيبٍ لم يره، طوبى لمن ترك طعاماً ينفَدُ في دارٍ تنفَدُ، لدارٍ{أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا} [سورة الرعد:35]. مَنْ يُرِد مُلكَ الجِنَانِ *** فَليَدَع عَنهُ التَّوانـي وليَصِلْ صَوماً بِصومٍ *** إنَّ هذا العيشَ فاني وَليقُم في ظُلمةِ اللّـيـل إلى نور القرآن إنَّما العَيـشُ جِـوارُ الله فِي دَارِ الأمـان الدُّنيا كلُّها شهرُ صيام المتَّقين، وعيدُ فِطرِهِم يومَ لِقاء ربِّهِم، ومعظمُ نَهارِ الصِّيامِ قد ذهب، وعيدُ اللِّقاءِ قد اقترب. وقدْ صُمتُ عن لذَّاتِ دهري كلّها *** ويومَ لِقاكم ذاك فِطْـرُ صِيـامِي قالَ بعضُ السَّلف: صُمِ الدنيا وليكن فطركَ الموتُ .وقال غيرهُ: فصُمْ يومَكَ الأدْنَى لَعلَّكَ في غدٍ *** تفُوزُ بِعيد الفِطرِ والنَّاسُ صُوَّم من صام اليوم عن شهواتِهِ أفطرَ عليها غداً بعد وفاتهِ، ومن تعجَّلَ ما حرِّمَ عليهِ من لذَّاتهِ عُوقِبَ بِحرمَانِ نَصِيبِهِ من الجّنَّةِ وفواتِهِ؛ شاهِدُ ذلك من شرِبَ الخَمرَ في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن لبِس الحريرَ لم يلبسْهُ في الآخِرة. أنتَ في دارِ شتاتٍ فتأهَّبْ لِشَتــاتِك واجعلِ الدَّنيا كيومٍ صُمْتَهُ عن شهواتِك وليكن فِطْرُكَ عندَ اللّـهِ فِي يومِ وفاتِـك قَالَ الله تَعَالَى: {وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَآءُ إِلَىَ صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} [يونس: 25]. الجَنَّةُ ضِيافةُ الله أعدَّها لعِبادهِ المؤمنينَ نُزُلا، فيها ما لا عينٌ رأتْ ولا أُذُنٌ سمِعت، ولا خطرَ على قلبِ بشر. وبُعِثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدعو إليها بالإيمانِ والإسلامِ والإحسان، فمن أجابهُ دخل الجنَّةَ وأكل من تلك الضِّيافة، ومن لم يُجِب حرِم. يا من طلعَ فجرُ شيبِهِ بعد بلوغِ الأربِعينَ!!، يا من هو في مُعتركِ المنايا ما بين السِّتِّينَ والسَّبعينَ! ما تنتظِرُ بعدَ هذا الخَبرِ إلاَّ أن يأتيكَ اليقين؟، يا من ذُنُوبُهُ بِعددِ الشَّفعِ والوتْرِ!، أما تستحي منَ الكِرامِ الكاتِبينَ؟، أم أنتَ ممَّن يُكذِّبُ بيومِ الدِّين؟، يا من ظُلمَةُ قلبِهِ كاللَّيلِ إذا يسْرِي!! أما آنَ لِقلبِكَ أن يستنيرَ أو يلين؟، تعرَّض لِنفحاتِ مولاكَ في هذا الشَّهرِ؛ فإنَّ للهِ فيهِ نفحات يصيبُ بِها من يشاء، فمن أصابتهُ سَعِدَ بِها آخرَ الدَّهرِ. الغنيمة... الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذهِ الأيام العظيمة، فما منها عِوضٌ ولا لها قيمة. المُبادرة المبادرة بالعمل، والعجل العجل قبل هجومِ الأجل، قبلَ أن يندمَ المُفرِّطُ على ما فعل، قبلَ أن يسألَ الرَّجعةَ ليعملَ صالِحاً فلا يُجابُ إلى ما سأل، قبلَ أن يَحولَ الموتُ يبنَ المُؤمّل وبلوغِ الأمل، قبلَ أن يصِيرَ المرْءُ مرتهناً في حفرتِهِ بِما قدَّمَ من عمل. عن أبي قَتادةَ رضي الله عنه قال: سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامِ يومِ عاشوراء؟ فقال:«يكفِّرُ السَّنَةَ الماضِية» قطعة من حديثٍ [رواهُ مسلم ( 1162 )]. عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المَدينةَ فوجدَ اليهودَ صياماً، يومَ عاشوراء . فقالَ لهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا هَذَا اليوم الّذي تصومونهُ؟ » فقالوا: هذا يومٌ عظيم، أنجى اللهُ فِيهِ موسى وقومَهُ، وغرَّقَ فرعونَ وقومَهُ، فصامَهُ موسى شكراً، فنحنُ نصومُهُ . فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فنحنُ أحقُّ وأولى بِمُوسى مِنكم» [رواه مسلم ( 1130 )]. فصامَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأمرَ بصيامِه. عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُما قال: صَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ عاشُوراء وأمَرَ بِصِيامِهِ، قالوا: يا رَسُولَ اللهِ! إِنَّهُ يَومٌ تُعَظِّمُهُ اليَهودُ وَالنَّصَارَى. فَقالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإذا كَانَ العامُ المُقْبِلُ، إِن شَاءَ اللهُ، صُمْنَا اليَومَ التَّاسِع» قال: فَلمْ يَأتِ العامُ المُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم ( 1134 )]. وفي الختام فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإنَّ لله نفَحَات من رحمتهِ، يصيب بها من يشاء من عبادهِ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمِّن رَوْعَاتكم»[أخرجهُ الطبراني في " الكبير" (720) وحسَّنَهُ المحدِّث العلامة الألباني في "الصحيحة" (1890)]. فالسَّعيدُ من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرَّبَ فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطّاعات، فعسى أن تصيبه نفحةٌ من تلك النفحات، فيسعد بها سعادةً يأمن بعدها من النَّار وما فيها من اللفحات. فمن أعظم نفحَاتِهِ مصادفة ساعة إجابة يسأل فيها العبد الجنَّة والنَّجاة من النَّار، فيُجابُ سُؤاله، فيفوز بسعادة الأبد. قال الله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عِنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [سورة آل عمران: 185 ]. وقال الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِيْنَ شّقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيق * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّك إِنَّ ربكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيد * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَّنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّك عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذ} [ هود: 106-108 ]. ليسَ السَّعِيدُ الّذِي دُنْيَاهُ تُسْعِدُهُ *** إِنَّ السَّعِيدَ الَّذِي يَنْجُو مَنَ النَّار نسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصاً لوجههِ الكريم، ومقرِّباً إليهِ وإلى دارهِ، دار السَّلام والنَّعيم المقيم، وأن ينفعَنا بهِ وعبَادَهُ المؤمنين، وأن يوفقنا لما يحبُّ ويرضى، ويختم لنا بخيرٍ في عافية، فإنَّهُ أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، آمين. و"سبحان الله وبحمدهِ، سبحانك اللَّهمَّ وبحمدِك، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك". فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال سبحان الله وبحمدهِ، سبحانك اللَّهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلس ذكر كانت كالطابع يطبع عليهِ، ومن قالها في مجلس لغو كانت كفارةً لهُ» [أخرجهُ الحاكم (1/537) وصححهُ على شرط مسلم، ووافقهُ الذهبي]. الشيخ/ عبد الهادي حسن وهبي المدرس بمعهد الإمام البخاري
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#4
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
مع اقتراب نهاية السنة الهجرية تنتشر رسائل الجوال بأن صحيفة الأعمال سوف تطوى بنهاية العام، وتحث على ختمه بالاستغفار والصيام؛ فما حكم هذه الرسائل؟، وهل صيام آخر يوم من السنة إذا وافق الاثنين أو الخميس بدعة؟ الحمد لله قد دلت السُنة على أن أعمال العباد ترفع للعرض على الله عز وجل أولاً بأول، في كل يوم مرتين: مرة بالليل ومرة بالنهار: ففي صحيح مسلم (179) عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنَامُ، وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ». قال النووي رحمه الله: "الْمَلائِكَة الْحَفَظَة يَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ اللَّيْل بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل النَّهَار، وَيَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ النَّهَار بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل اللَّيْل". وروى البخاري (555) ومسلم (632) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟، فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "فيه: أَنَّ الأَعْمَال تُرْفَع آخِرَ النَّهَار، فَمَنْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي طَاعَة بُورِكَ فِي رِزْقه وَفِي عَمَله، وَاَللَّه أَعْلَم، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ حِكْمَة الأَمْر بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا وَالاهْتِمَام بِهِمَا –يعني صلاتي الصبح والعصر-" انتهى. ودلت السنة على أن أعمال كل أسبوع تعرض ـ أيضا ـ مرتين على الله عز وجل: روى مسلم (2565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: اتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا». ودلت السنة أيضا على أن أعمال كل عام ترفع إلى الله عز وجل جملة واحدة في شهر شعبان: روى النسائي (2357) عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟!!، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [حسنه الألباني في صحيح الجامع]. فتلخص من هذه النصوص أن أعمال العباد تعرض على الله ثلاثة أنواع من العرض: •العرض اليومي، ويقع مرتين كل يوم. • والعرض الأسبوعي، ويقع مرتين أيضا: يوم الاثنين ويوم الخميس. • العرض السنوي، ويقع مرة واحدة في شهر شعبان. قال ابن القيم رحمه الله: "عمل العام يرفع في شعبان؛ كما أخبر به الصادق المصدوق ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل، وعمل الليل في آخره قبل النهار. فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص من الرفع في العام، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله وطويت صحيفة العمل" انتهى باختصار من (حاشية سنن أبي داود). وقد دلت أحاديث عرض الأعمال على الله تعالى على الترغيب في الازدياد من الطاعات في أوقات العرض، كما قال صلى الله عليه وسلم في صيام شعبان: «فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» [رواه النسائي وحسنه الألباني]. وفي سنن الترمذي (747) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [صححه الألباني في "إرواء الغليل" (949)]. وكان بعض التابعين يبكي إلى امرأته يوم الخميس وتبكي إليه، ويقول: "اليوم تعرض أعمالنا على الله عز وجل!!" (ذكره ابن رجب في لطائف المعارف). ومما ذكرناه يتبين أنه لا مدخل لنهاية عام ينقضي، أو بداية عام جديد، بِطَيِّ الصُّحف، وعرض الأعمال على الله عز وجل، وإنما العرض بأنواعه التي أشرنا إليها، قد حددت النصوص له أوقاتاً أخرى، ودلت النصوص أيضا على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإكثار من الطاعات في هذه الأوقات. وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن التذكير بنهاية العام في نهايته: "لا أصل لذلك، وتخصيص نهايته بعبادة معينة كصيام بدعة منكرة" انتهى. وأما صيام الاثنين أو الخميس، إذا كان من عادة الإنسان، أو كان يصومه لأجل ما ورد من الترغيب في صيامهما، فلا يمنع منه موافقته لنهاية عام أو بدايته بشرط ألا يصومه لأجل هذه الموافقة، أو ظنا منه أن صيامهما في هذه المناسبة له فضل خاص. والله أعلم. الإسلام سؤال وجواب
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#5
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#6
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
شهر الله المحرم .. شهر الصيام pdf/1.5 MB تحميل : بسم الله.... الحمد لله الباسط الواسع، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير نبي وشافع، الذي قال بعد صيام عاشوراء: «لئن بقيت إلى قابل لأصومنَّ التاسع» [مسلم]. وعلى آله وصحبه وخلفائه، وكل من بهم مقتد، ولهم تابع... وبعد: شهر الله المحرم.. شهر الصيام أيها الأحبه اعلموا: أن لله أشهر وأياما يتفضل فيها على عباده المسلمين بمزيد من الطاعات والقربات، ويتكرم فيها عليهم بعظيم الدرجات والحسنات. ومن تلك الأشهر: (شهر الله المحرم) والذي من فضائله: أولا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أفضل الصيام بعد رمضان، شهر الله المحرم...» [مسلم]. ثانيًا:صوم يوم عاشوراء: "وهو اليوم العاشر من محرم"، سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم عاشوراء فقال: «يكفر السنة الماضية» [مسلم]. فائدة: سمي عاشوراء: لأنه اليوم الذي يقع في العاشر من الشهر ، كأن يقال: تاسوعاء: أي اليوم الذي يقع في التاسع من أي شهر، ثاموناء: أي اليوم الذي يقع في الثامن من أي شهر... وهكذا... أيها المسلمون: يوم (عاشوراء) يوم علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- العمل الذي ينبغي علينا فعله فيه لنيل مرضاة الله -تعالى-، وهو: (الصيام)... عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه» [متفق عليه، واللفظ للبخاري]. كذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بمحالفة اليهود بصيام يوم قبله.. فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لئن بقيت إلى قابل -أي السنة القادمة- لأصومن التاسع» [مسلم]. نص المطوية :
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#7
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 700x990.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 700x990.
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#8
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
pdf/5 MB نبذة : ومن فضائل شهر المحرم ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أفضل الصيام، بعد شهر رمضان، صيام شهر الله المحرم » [رواه مسلم]. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فضائل المحرم قال ابن الجوزي -رحمه الله-: "اعلموا -رحمكم الله- إخواني، أن شهر المحرم شهر شريف القدر، وإنما سمي المحرم لأن القتال كان يحرم فيه" (التبصرة 2/6). فهو أحد الأشهر الحرم التي قال الله -تعالى- فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36]. قال القرطبي: "خص الله -تعالى- الأربعة الأشهر الحرم بالذكر ونهي عن الظلم فيها تشريفا لها، وإن كان منهيا عنه في كل الزمان". وذكر في معنى قوله -تعالى-: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} قائلا: أي بارتكاب الذنوب، لأن الله -سبحانه- إذا عظم شيئا من جهة واحدة، صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام. ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ليس ثوابه من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال" (الجامع لأحكام القرآن 8 / 134). صيام المحرم ومن فضائل شهر المحرم ما رواه مسلم من حديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أفضل الصيام، بعد شهر رمضان، صيام شهر الله المحرم » [رواه مسلم]. قال النووي: "فيه تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم" (شرح مسلم 7/296). وقال ابن رجب: "وهذا الحديث صريح في أن أفضل ما تطوع به من الصيام بعد رمضان صوم شهر الله المحرم... ولكن يقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم شهر شعبان، ولم ينقل أنه كان يصوم المحرم، إنما كان يصوم عاشوراء، وقوله في آخر سنة: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» [رواه مسلم]. يدل على أنه كان لا يصوم قبل ذلك. وقد أجاب الناس على هذا السؤال بأجوبة فيه ضعف والذي ظهر لي -والله أعلم- أن التطوع بالصيام نوعان: أحدهما: التطوع المطلق بالصوم، فهذا أفضل المحرم، كما أن أفضل التطوع المطلق بالصلاة قيام الليل. والثاني: ما صيامه تبع لصيام رمضان قبله وبعده (كصيام شعبان وست من شوال)، فهذا ليس من التطوع المطلق إنما هو نوع من الصيام ملتحق برمضان وصيامه أفضل من التطوع مطلقا (لطائف المعارف باختصار ص 46). شهر الله وقال أيضا: "وقد سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- المحرم شهر الله، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله، فإن الله -تعالى- لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته، كما نسب محمد وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء إلى عبوديته ونسب إليه بيته وناقته. وقد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله -عز وجل-: إنه إشارة إلى أن تحريمه إلى الله -عز وجل- ليس لأحد تبديله، كما كانت الجاهلية يحلونه ويحرمونه مكانه صفرا، فأشار إلى أنه شهر الله الذي حرمه، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك وتغيره. شهر الحرام مبارك ميمون *** والصوم فيه مضاعف مسنون وثواب صائمه لوجه إلهه *** في الخلد عند مليكه مخزون (لطائف المعارف ص 49) صيام عاشوراء وأما صيام عاشوراء ففي الصحيحين من حديث ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة فرأى اليهود يصومونه ويقولون: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا، فنحن نصومه. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فنحن أحق وأولى بموسى منكم» [رواه مسلم] فصامه وأمر بصيامه. وفي الصحيحين من حديثه سلمة بن الأكوع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر رجلا من أسلم أن أذن في الناس: «أن من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء» [اللفظ للبخاري]. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام عاشوراء قصد للثواب والأجر العظيم فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشهر -يعني شهر رمضان-" [متفق عليه، اللفظ للبخاري]. وسئل النبي -صلى الله عيه وسلم- عن صيام يوم عاشوراء فقال: «يكفر السنة الماضية» [رواه مسلم]. وفي لفظ: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» [رواه مسلم] قال ابن الجوزي: "وفي الجملة فهو يوم عظيم ينبغي أن يفعل فيه ما يمكن من الخير، فهو و أمثاله مواسم الخيرات فاغتنموها واحذروا الغفلات". حكم صيام عاشوراء وردت أحاديث -ذكرنا بعضها- تدل على الوجوب، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بصيامه، بل أمر من أكل أن يمسك ويتم الصيام. ومن العلماء من يرى أن صيامه منسوخ بصيام شهر رمضان. ومنهم من يرى أن النسخ إنما هو للوجوب وأن الاستحباب ما زال باقيا. مراحل صيام عاشوراء وقد ذكر ابن رجب -رحمه الله- أن صيام النبي -صلى الله عليه وسلم- لعاشوراء كان على أربع حالات: الحالة الأولى: أنه كان يصوم بمكة لا يأمر الناس بصيامه. الحالة الثانية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة، ورأي صيام أهل الكتاب له، وتعظيمهم له، وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به صامه وأمر الناس بصيامه، وأكد الأمر بصيامه والحث عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم قالت الربيع بنت معوذ: "أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار، التي حول المدينة: «من كان أصبح صائما، فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا، فليتم بقية يومه» قالت: فكنا، بعد ذلك، نصومه، ونصوم صبياننا الصغار منهم، إن شاء الله، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن. فإذا بكى أحدهم على الطعام، أعطيناها إياه عند الإفطار. [رواه مسلم] وفي رواية: فإذا سألونا الطعام، أعطيناهم اللعبة تلهيهم، حتى يتموا صومهم. [رواه مسلم]. الحالة الثالثة: أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر الصحابة بصيام عاشوراء وتأكيده فيه. وفي الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "صام النبي -صلى الله عليه وسلم- عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك" [اللفظ للبخاري]. وفي رواية لمسلم: أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان، فلما فرض رمضان قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن عاشوراء يوم من أيام الله ، فمن شاء صامه ومن شاء تركه». الحالة الرابعة:أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عزم في آخر عمره على ألا يصومه مفردا، بل يضم إليه يوما أخر، مخالفة لأهل الكتاب في صيامه. ففي صحيح مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "حين صام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فإذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع» قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" [رواه مسلم]. وفي رواية أيضا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر». [المحدث: البهوتي، إسناده جيد] (لطائف المعارف ص 68-72 باختصار). فهذه هي الحالة الأخيرة التي توفي عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. أعدل الأقوال في صيام عاشوراء وأعدل الأقوال هو استحباب صيام عاشوراء واستحباب أن يصوم معه التاسع مخالفة لأهل الكتاب، وعدم مشابهتهم في اتخاذه عيدا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والصحيح أنه يستحب لمن صامه أن يصوم معه التاسع، لأن هذا آخر أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، لقوله: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر» كما جاء ذلك مفسرا في بعض طرق الحديث فهذا الذي سنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (مجموع الفتاوى 25/312). وقال ابن رجب: "وأكثر العلماء على استحباب صيامه من غير تأكيد، وممن روى عنه صيامه من الصحابة: عمر وعلى، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو موسى وقيس بن سعد، وابن عباس وغيرهم". (لطائف المعارف ص 71). مراتب صيام عاشوراء وقد رأى بعض العلماء أن يصوم يوما قبله ويوما بعده حتى يدرك يوم العاشر يقينا. فقد روى ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أنه كان يصوم عاشوراء في السفر، ويوالي بين اليومين خشية فواته. وكذلك روي عن أبي إسحاق أنه صام يوم عاشوراء ويوما قبله ويوما بعده وقال: إنما فعلت ذلك خشية أن يفوتني. وروي عن ابن سيرين أنه كان يصوم ثلاثة أيام عند الاختلاف في هلال الشهر احتياطا. ولذلك قال ابن القيم -رحمه الله-: "فمراتب صومه ثلاثة: أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم. ويلي ذلك يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم" (زاد المعاد 2 / 76). احذروا البدع وهناك كثير من البدع ترتكب في هذا اليوم، لم يشرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها شيئا لأمته، وقد نبه عليها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، فبعد أن ذكر المشروع في صيام عاشوراء قال: "وأما سائر الأمور، مثل اتخاذ طعام خارج العادة أو تجديد لباس، أو توسيع نفقة، أو اشتراء حوائج العام ذلك اليوم، أو فعل عبادة مختصة كصلاة مختصة به، أو قصد الذبح، أو ادخار لحوم الأضاحي ليطبخ بها الحبوب، أو الاكتحال، أو الاختضاب أو الاغتسال، أو التصافح (يقصد التهنئة) أو التزاور أو زيارة المساجد والمشاهد ونحو ذلك، فهذا من البدع المنكرة التي لم يسنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا خلفاؤه الراشدون ولا استحبها أحد من أئمة المسلمين، لا مالك ولا الثوري ولا لليث بن سعد ولا أبو حنيفة ولا الأوزاعي، ولا الشافعي، ولا أحمد بن حنبل ولا إسحاق بن راهوية، ولا أمثال هؤلاء من أئمة المسلمين وعلماء المسلمين، وإن كان بعض المتأخرين من أتباع الأئمة قد كانوا يأمرون ببعض ذلك ويرون في ذلك أحاديث وآثارا ويقولون: إن بعض ذلك صحيح فهم مخطئون بلا ريب عند أهل المعرفة بحقائق الأمور وقد قال حرب الكرماني في مسائلة: سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث: «من وسع على أهله يوم عاشوراء» فلم يره شيئا" (مجموع الفتاوى 25/312). نصح وتذكير - الصيام سر بين العبد وبين ربه ولهذا يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله -عز وجل-: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي» [رواه مسلم]. - و«إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخل منه أحد ومن دخله لم يظمأ أبدا» [صححه الألباني]. - «الصيام جنة من النار كجنة أحدكم من القتال» [صححه الألباني]. - «للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه» [رواه مسلم]. - قال -تعالى-: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24]. - قال مجاهد وغيره: نزلت في الصوم من ترك لله طعامه وشرابه وشهوته، عوضه الله خيرا من ذلك طعاما وشرابا لا ينفد وأزواجا لا تموت. من يرد ملك الجنان ليذر عنه التواني *** وليقم في ظلمة الليل إلى نور القرآن وليصل صوما بصوم إن هذا العيش فاني *** إنما العيش جوار الله في دار الأماني إخفاء الطاعات - لما كان الصيام سرا بين العبد وربه، اجتهد المخلصون في إخفائه بكل طريق، حتى لا يطلع عليه أحد. - قال ابن مسعود -رضي الله عنه-:إذا أصبح أحدكم صائما فليرجل شعره ويدهنه وإذا تصدق بصدقة عن يمينه فليحفظها عن شماله، وإذا صلى تطوعا فليصل داخل بيته. - وقال أبو التياح: أدركت أبي ومشيخة الحي إذا صام أحدهم أدهن ولبس صالح ثيابه. - صام بعض السلف أربعين سنة لا يعلم به أحد وكان له دكان فكان كل يوم يأخذ من بيته رغيفين، ويخرج إلى دكانه، فيتصدق بهما في طريقه، فيظن أهله أنه يأكلها في السوق ويظن أهل السوق أنه قد أكل في بيته قبل أني جيء. - كم يستر الصادقون أحوالهم، وريح الصدق ينم عليهم!. - ما أر أحد سريرة إلا ألبسه الله رداءها. - ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك فكلما اجتهد صاحبه على إخفائه، فاح ريحه للقلوب، فتستنشقه الأرواح وربما ظهر بعد الموت ويوم القيامة. - لما دفن عبد الله بن غالب، كان يفوح من تراب قبره رائحة المسك فرئي في المنام، فسئل عن تلك الرائحة التي توجد في قبره فقال، تلك رائحة التلاوة والظمأ. - وهبني كتمت السر أو قلت غيره *** أتخفي على أهل القلوب السرائر - أبى ذاك إن السر في الوجه ناطق *** وإن ضمير القلب في العين ظاهر (مختصر من لطائف المعارف ص: 50 - 54) نص المطوية : مدار الوطن إعداد: خالد أبو صالح
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#9
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#10
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 1024x774.
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#11
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
فضل عاشوراء وشهر الله المحرّم نبذة : شهر الله المحرّم شهر عظيم مبارك، وهو أول شهور السنة الهجرية وأحد الأشهر الحُرُم... الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن شهر الله المحرّم شهر عظيم مبارك، وهو أول شهور السنة الهجرية وأحد الأشهر الحُرُم التي قال الله فيها:{إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36]. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «.. السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» [رواه البخاري 2958] والمحرم سمي بذلك لكونه شهراً محرماً وتأكيداً لتحريمه. وقوله تعالى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أي: في هذه الأشهر المحرمة لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها. وعن ابن عباس في قوله تعالى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} في كلهن ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراماً وعظّم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم.وقال قتادة في قوله:{فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}: "إن الظّلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم فيما سواها. وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظّم من أمره ما يشاء، وقال: إن الله اصطفى صفايا من خلقه: اصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس رسلاً، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظّم الله، فإنما تُعَظّم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل". (انتهى ملخّصا من تفسير ابن كثير رحمه الله: تفسير سورة التوبة آية 36). فضل الإكثار من صيام النافلة في شهر محرّم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» [رواه مسلم 1982]. قوله: «شهر الله»إضافة الشّهر إلى الله إضافة تعظيم، قال القاري: الظاهر أن المراد جميع شهر المحرّم. ولكن قد ثبت أنّ النبي لم يصم شهراً كاملاً قطّ غير رمضان فيُحمل هذا الحديث على الترغيب في الإكثار من الصّيام في شهر محرم لا صومه كله. وقد ثبت إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان، ولعلّ لم يوح إليه بفضل المحرّم إلا في آخر الحياة قبل التمكّن من صومه.. (شرح النووي على صحيح مسلم). الله يصطفي ما يشاء من الزمان والمكان: قال العِزُّ بن عبدِالسَّلام رحمه الله: وتفضيل الأماكن والأزمان ضربان: أحدهما: دُنيويٌّ.. والضرب الثاني: تفضيل ديني راجعٌ إلى الله يجود على عباده فيها بتفضيل أجر العاملين، كتفضيل صوم سائر الشهور، وكذلك يوم عاشوراء.. ففضلها راجعٌ إلى جود الله وإحسانه إلى عباده فيها.. (قواعد الأحكام 38/1). عاشوراء في التاريخ: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: «مَا هَذَا قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قال: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ» [رواه البخاري 1865]. قوله: «هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ»في رواية مسلم: «هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرّق فرعون وقومه».قوله: «فصامه موسى»زاد مسلم في روايته: «شكراً لله تعالى فنحن نصومه»وفي رواية للبخاري: «ونحن نصومه تعظيماً له». ورواه الإمام أحمد بزيادة: «وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكراً». قوله: «وأمر بصيامه» وفي رواية للبخاري أيضا: «فقال لأصحابه: أنتم أحق بموسى منهم فصوموا». وصيام عاشوراء كان معروفاً حتى على أيّام الجاهلية قبل البعثة النبويّة، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه»..قال القرطبي: "لعل قريشاً كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم عليه السّلام. وقد ثبت أيضا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة، فلما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يحتفلون به فسألهم عن السبب فأجابوه كما تقدّم في الحديث، وأمر بمخالفتهم في اتّخاذه عيدا كما جاء في حديث أبي موسى قال: «كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا» وفي رواية مسلم: «كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود تتخذه عيدا» وفي رواية له أيضا: «كان أهل خيبر (اليهود) يتخذونه عيدا، ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم». ققال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَصُومُوهُ أَنْتُمْ» [رواه البخاري]. وظاهر هذا أن الباعث على الأمر بصومه محبة مخالفة اليهود حتى يصام ما يفطرون فيه، لأن يوم العيد لا يصام". (انتهى ملخّصا من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري شرح صحيح البخاري). فضل صيام عاشوراء: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ» [رواه البخاري 1867] ومعنى "يتحرى" أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» [رواه مسلم 1976] وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة، والله ذو الفضل العظيم. أي يوم هو عاشوراء: قال النووي رحمه الله:"عاشوراءُ وتاسوعاءُ اسمان ممدودان، هذا هو المشهور في كتب اللغة. قال أصحابنا: عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرَّم، وتاسوعاء هو اليوم التّاسع منه.. وبه قال جُمْهُورُ العلماء.. وهو ظاهر الأحاديث ومقتضى إطلاق اللفظ، وهو المعروف عند أهل اللغة". (المجموع). "وهو اسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية". (كشاف القناع ج2 صوم المحرم). وقال ابن قدامة رحمه الله: عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم. وهذا قول سعيد بن المسيب والحسن، لما روى ابنُ عبّاس، قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم يوم عاشوراء العاشر من المحرم» [رواه الترمذي. وقال: حديث حسن صحيح]. استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء: روى عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: «حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ". قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» [رواه مسلم 1916]. قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون:"يستحب صوم التاسع والعاشر جميعاً; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر، ونوى صيام التاسع". وعلى هذا فصيام عاشوراء على مراتب: أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وكلّما كثر الصيام في محرّم كان أفضل وأطيب. الحكمة من استحباب صيام تاسوعاء: قال النووي رحمه الله: "ذكر العلماء من أصحابنا وغيرهم في حكمة استحباب صوم تاسوعاء أوجهاً: أَحَدُهَا:أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ. الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ، كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ، ذَكَرَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ. الثَّالِثَ:الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلالِ، وَوُقُوعِ غَلَطٍ، فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ". انتهى. وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ في عَاشُورَاءَ: «لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لاَصُومَنَّ التَّاسِعَ»". (الفتاوى الكبرى ج6 سد الذرائع المفضية إلى المحارم). وقال ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» ما همّ به من صوم التاسع يُحتمل معناه أن لا يقتصر عليه بل يُضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطاً له وإما مخالفة لليهود والنصارى وهو الأرجح وبه يُشعر بعض روايات مسلم". حكم إفراد عاشوراء بالصيام: قال شيخ الإسلام: "صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ.". (الفتاوى الكبرى ج5). وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: "وعاشوراء لا بأس بإفراده.." (ج3 باب صوم التطوع). يُصام عاشوراء ولو كان يوم سبت أو جمعة: ورد النهي عن إفراد الجمعة بالصوم، والنهي عن صوم يوم السبت إلا في فريضة ولكن تزول الكراهة إذا صامهما بضمّّ يوم أو إذا وافق عادة مشروعة كصوم يوم وإفطار يوم أو نذراً أو قضاءً أو صوماً طلبه الشارع كعرفة وعاشوراء.. (تحفة المحتاج ج3 باب صوم التطوع، مشكل الآثار ج2: باب صوم يوم السبت). وقال البهوتي رحمه الله: "وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ إفْرَادِ يَوْمِ السَّبْتِ بِصَوْمٍ لِحَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ أُخْتِهِ: «لا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ»[رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ] وَلأَنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ فَفِي إفْرَادِهِ تَشَبُّهٌ بِهِمْ.. (إلا أَنْ يُوَافِقَ) يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ السَّبْتِ (عَادَةً) كَأَنْ وَافَقَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَكَانَ عَادَتَهُ صَوْمُهُمَا فَلا كَرَاهَةَ; لأَنَّ الْعَادَةَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ". (كشاف القناع ج2: باب صوم التطوع). ما العمل إذا اشتبه أول الشهر؟ قَالَ أَحْمَدُ: "فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَوَّلُ الشَّهْرِ صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَتَيَقَّنَ صَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعَاشِرِ". (المغني لابن قدامة ج3 الصيام - صيام عاشوراء). فمن لم يعرف دخول هلال محرّم وأراد الاحتياط للعاشر بنى على إكمال ذي الحجة ثلاثين كما هي القاعدة ثم صام التاسع والعاشر، ومن أراد الاحتياط للتاسع أيضاً صام الثامن والتاسع والعاشر (فلو كان ذو الحجة ناقصاً يكون قد أصاب تاسوعاء وعاشوراء يقيناً). وحيث أنّ صيام عاشوراء مستحبّ ليس بواجب فلا يُؤمر النّاس بتحرّي هلال شهر محرم كما يؤمرون بتحرّي هلال رمضان وشوال. صيام عاشوراء ماذا يكفّر؟ قال الإمام النووي رحمه الله:"يُكَفِّرُ كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ، وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ. ثم قال رحمه الله: صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ، وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ... كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ، فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ، وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ، رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ". (المجموع شرح المهذب ج6 صوم يوم عرفة). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَعَرَفَةَ، وَعَاشُورَاءَ لِلصَّغَائِرِ فَقَطْ".(الفتاوى الكبرى ج5). عدم الاغترار بثواب الصيام: يَغْتَرُّ بَعْضُ الْمَغْرُورِينَ بِالاعْتِمَادِ عَلَى مِثْلِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ، حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ: صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ الْعَامِ كُلِّهَا، وَيَبْقَى صَوْمُ عَرَفَةَ زِيَادَةٌ فِي الأَجْرِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: "لَمْ يَدْرِ هَذَا الْمُغْتَرُّ أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَهِيَ إنَّمَا تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا إذَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ، فَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ، وَالْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ لا يَقْوَيَانِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ إلَّا مَعَ انْضِمَامِ تَرْكِ الْكَبَائِرِ إلَيْهَا، فَيَقْوَى مَجْمُوعُ الأَمْرَيْنِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ. وَمِنْ الْمَغْرُورِينَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ طَاعَاتِهِ أَكْثَرُ مِنْ مَعَاصِيهِ، لاَنَّهُ لا يُحَاسِبُ نَفْسَهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ، وَلا يَتَفَقَّدُ ذُنُوبَهُ، وَإِذَا عَمِلَ طَاعَةً حَفِظَهَا وَاعْتَدَّ بِهَا، كَاَلَّذِي يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بِلِسَانِهِ أَوْ يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ، ثُمّ يَغْتَابُ الْمُسْلِمِينَ وَيُمَزِّقُ أَعْرَاضَهُمْ، وَيَتَكَلَّمُ بِمَا لا يَرْضَاهُ اللَّهُ طُولَ نَهَارِهِ، فَهَذَا أَبَدًا يَتَأَمَّلُ فِي فَضَائِلِ التَّسْبِيحَاتِ وَالتَّهْلِيلاتِ وَلا يَلْتَفِتُ إلَى مَا وَرَدَ مِنْ عُقُوبَةِ الْمُغْتَابِينَ وَالْكَذَّابِينَ وَالنَّمَّامِينَ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ، وَذَلِكَ مَحْضُ غُرُورٍ". (الموسوعة الفقهية ج31: غرور). صيام عاشوراء وعليه قضاء من رمضان: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، لِكَوْنِ الْقَضَاءِ لا يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى الْجَوَازِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَأْخِيرِ الْوَاجِبِ، قَالَ الدُّسُوقِيُّ: يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ لِمَنْ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَاجِبٌ، كَالْمَنْذُورِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ، سَوَاءٌ كَانَ صَوْمُ التَّطَوُّعِ الَّذِي قَدَّمَهُ عَلَى الصَّوْمِ الْوَاجِبِ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ أَوْ كَانَ مُؤَكَّدًا كَعَاشُورَاءَ وَتَاسِعِ ذِي الْحِجَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى حُرْمَةِ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَعَدَمِ صِحَّةِ التَّطَوُّعِ حِينَئِذٍ وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلْقَضَاءِ، وَلا بُدَّ مِنْ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَرْضِ حَتَّى يُقْضِيَهُ. (الموسوعة الفقهية ج28: صوم التطوع). فعلى المسلم أن يبادر إلى القضاء بعد رمضان ليتمكن من صيام عرفة وعاشوراء دون حرج، ولو صام عرفة وعاشوراء بنيّة القضاء من الليل أجزَأه ذلك في قضاء الفريضة، وفضل الله عظيم. بدع عاشوراء: سُئِلَ شَيْخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ الْكُحْلِ، وَالاغْتِسَالِ، وَالْحِنَّاءِ وَالْمُصَافَحَةِ، وَطَبْخِ الْحُبُوبِ وَإِظْهَارِ السُّرُورِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.. هَلْ لِذَلِكَ أَصْلٌ؟ أَمْ لا؟ الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلا عَنْ أَصْحَابِهِ، وَلا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لا الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَلا غَيْرِهِمْ، وَلا رَوَى أَهْلُ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، لا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلا الصَّحَابَةِ، وَلا التَّابِعِينَ، لا صَحِيحًا وَلا ضَعِيفًا، وَلَكِنْ رَوَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ مِثْلَ مَا رَوَوْا أَنَّ مَنْ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَرْمَدْ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ، وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ ذَلِكَ الْعَامِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.. وَرَوَوْا فِي حَدِيثٍ مَوْضُوعٍ مَكْذُوبٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ». وَرِوَايَةُ هَذَا كُلِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَذِبٌ. ثم ذكر رحمه الله ملخصا لما مرّ بأول هذه الأمة من الفتن والأحداث ومقتل الحسين رضي الله عنه وماذا فعلت الطوائف بسبب ذلك فقال: "فَصَارَتْ طَائِفَةٌ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ: إمَّا مُلْحِدَةٌ مُنَافِقَةٌ، وَإِمَّا ضَالَّةٌ غَاوِيَةٌ، تُظْهِرُ مُوَالاتَهُ وَمُوَالاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ، تَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ، وَتُظْهِرُ فِيهِ شِعَارَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ، وَشَقِّ الْجُيُوبِ، وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ.. وَإِنْشَادِ قَصَائِدِ الْحُزْنِ، وَرِوَايَةِ الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَذِبٌ كَثِيرٌ وَالصِّدْقُ فِيهَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَجْدِيدُ الْحُزْنِ، وَالتَّعَصُّبُ، وَإِثَارَةُ الشَّحْنَاءِ وَالْحَرْبِ، وَإِلْقَاءُ الْفِتَنِ بَيْنَ أَهْلِ الإسلام، وَالتَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى سَبِّ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ.. وَشَرُّ هَؤُلاءِ وَضَرَرُهُمْ عَلَى أَهْلِ الإسلام لا يُحْصِيهِ الرَّجُلُ الْفَصِيحُ فِي الْكَلامِ. فَعَارَضَ هَؤُلاءِ قَوْمٌ إمَّا مِنْ النَّوَاصِبِ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِمَّا مِنْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ قَابَلُوا الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ، وَالْكَذِبَ بِالْكَذِبِ، وَالشَّرَّ بِالشَّرِّ، وَالْبِدْعَةَ بِالْبِدْعَةِ، فَوَضَعُوا الأثَارَ فِي شَعَائِرِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَالاكْتِحَالِ وَالاخْتِضَابِ، وَتَوْسِيعِ النَّفَقَاتِ عَلَى الْعِيَالِ، وَطَبْخِ الأَطْعِمَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَادَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُ فِي الأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ، فَصَارَ هَؤُلاءِ يَتَّخِذُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَوْسِمًا كَمَوَاسِمِ الأَعْيَادِ وَالأَفْرَاحِ، وَأُولَئِكَ يَتَّخِذُونَهُ مَأْتَمًا يُقِيمُونَ فِيهِ الأَحْزَانَ وَالأَتْرَاحَ، وَكِلا الطَّائِفَتَيْنِ مُخْطِئَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ السُّنَّةِ.." (الفتاوى الكبرى لابن تيمية). وذكر ابن الحاج رحمه الله من بدع عاشوراء تعمد إخراج الزكاة فيه تأخيراً أو تقديماً، وتخصيصه بذبح الدجاج واستعمال الحنّاء للنساء. (المدخل ج1 يوم عاشوراء). نسأل الله أن يجعلنا من أهل سنة نبيه الكريم، وأن يحيينا على الإسلام ويميتنا على الإيمان، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى. ونسأله أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يتقبل منا ويجعلنا من المتقين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. محمد بن صالح المنجد دار الوطن
الملز : الدائري الشرقي - مخرج 15 - بعد أسواق المجد بـ 2كم غرباً هاتف: 0096614792042 فاكس : 0096614723941
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#12
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 700x495.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 700x495. هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 633x1013.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 633x1013.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 633x1013. هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 800x600.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 800x600.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 800x600.
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#13
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
بسم الله.... الحمد لله الّذي أنزل على عبده الكتاب، القائل عن القمر: {... وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ....}[يونس: 5] والصّلاة والسّلام على نبيِّنا محمِّدٍ، الّذي خرج من أطهر الأصلاب، وعلى آله وصحبه وكل من هاجر لله وتاب... أما بعد: انعقاد الإجماع في خلافة عمر -رضي الله عنه- على التّأريخ بالهجرة اعتمادًا على القمر مقدمة حول بداية العام الهجري أخي الحبيب:يشكل اليوم الأول من شهر محرم رأس السنة الهجريَّة التي تعتمد على التّقويم القمريّ، وقد هجر المسلمون هذا التّأريخ. -إلا من رحم الله تعالى- وصاروا يعتمدون على السنة الميلادية التي تعتمد التقويم الشّمسيّ. ولو علم المسلمون خطأ ما يفعلون، لعادوا سريعًا إلى التّأريخ بالهجرة؛ لأنَّه أرضى لله -تعالى-، ثمَّ هو: أرحم، وأدق، وأحكم، كما سنرى في هذا البحث بإذن الله -عزّ وجلّ-... لمحةٌ تاريخيَّةٌ عرف الإنسان التّأريخ منذ بدايته الأولى على سطح الأرض. ذلك أن التّأريخ حاجةٌ مهمَّةٌ جداً لحياة الإنسان. وكان لكلِّ شعبٍ من الشّعوب تقويمهم الخاصّ... فقد اعتمد اليهود على التّقويم القمريّ، وبدءوا تأريخهم من العام الّذي خرجوا فيه من مصر فرارًا من فرعون وجنده، بعد أن نجى الله -تعالى- نبيَّه موسى -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقومه من الغرق. وكان النَّصارى يعتمدون على التَّقويم الشمسيّ بدءًا بميلاد المسيح -صلَّى الله عليه وسلَّم. كما أنَّه كان لكلٍ من الرّوم والفرس والهند والصين والفراعنة وغيرهم تقويمهم الخاص،ّ المرتبط بأحداث عظامٍ في حياتهم هذا، وقد اعتمد العرب في الجاهلية على التَّقويم القمريّ، وبدأوا تأريخهم بالوقائع المهمة في حياتهم مثل: انهيار سد مأرب.... عام الفيل... تجديد بناء الكعبة .... إلخ. التَّقويم الشّمسيّ والتّقويم القمريّ من نعم الله -تعالى- على الإنسان أن جعل له من الشّمس والقمر دليلًا يهتدي به إلى معرفة الأيام والشّهور والسّنين والحساب، وقد وجه الله -عزّ وجلّ- أبصار البشر إلى السّماء، وبالأخص إلى القمر؛ ليستنبطوا من حركته علم: قياس الزَّمن، ومعرفة عدد السّنين والحساب، قال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: 5]. اولاً لتّقويم الشّمس التّقويم الشّمسيّ: هو التّقويم الّذي يعتمد على حركة دوران الأرض حول الشّمس في حساب السّنّة، والّتي تساوى 365 يومًا تقريبًا. التّقويم لدى الإمبراطورية الرّومانيَّة أخي الحبيب: إنَّ التّأريخ الميلاديّ الحالي الّذي يعتمد على الشّمس، يعود في أصله إلى التّاريخ لدى الإمبراطوريَّة الرّومانيَّة، الّتي كانت تحسب السّنة على أنَّها 360 يومًا، (وكذلك كان البابليون قبلهم)، وهذا خطأٌ كبيرٌ مخالفٌ للواقع، إذ أنَّ السّنّة الفعليَّة هي 365 يومًا تقريبًا. وهذا التَّفاوت يعني نقصًا قدره خمسة أيام في العام، وشهر كلّ ستِّ سنوات ولتلافي النّقص الحاصل في كلِّ عامٍ، أصدر يوليوس قيصر قرارًا بزيادة عدد الأيام في بعض الأشهر (حتى وصلت إلى 31 يومًا) وفي عام 1582م قام البابا غريغوري الثَّالث عشر بإلغاء عشرة أيام من تلك السّنة، وأصبح التَّقويم الميلاديّ يعرف بالتَّقويم الميلادي الغريغوري، ثم قام البابا بنديكت الرّابع عشر عام 1752م بإلغاء أحد عشر يومًا من تلك السّنة. وقد استمر الباباوات في تعديل التّقويم المسيحيّ الغريغوريّ، حتى يأتي عيد الميلاد (وهو أحد أعيادهم) في موقعه كما كان في بداية العام الميلاديّ.... كما هو شائع!!!!. الأشهر مصطنعة في التّقويم الشّمسيّ وتقسيمة أيام الأشهر في التّقويم الشّمسي تقسيمةٌ غير متساويَّة.... فهناك فبراير 28 يومًا أو 29 يومًا، وهناك شهران متتاليان (يوليو وأغسطس) 31 يومًا، وهذه التَّقسمية خضعت لأهواء الباباوات والقياصرة الّذين وضعوا هذا التَّقويم فبعض القياصرة حاول أن يخلد اسمه فسمي شهرًا من الشّهور باسمه، وجعله كبيرًا متميزًا... مثل يوليوس قيصر الّذي جعل شهره يوليو 31 يومًا...وهكذا. فقام الباباوات بإنقاص شهر فبراير نقصانًا غير مفهومٍ، ولا مبررٍ؛ إرضاءً لهؤلاء القياصرة. وكان العدل أن تكون الشّهور كلها متساويَّة -ولن يستطيعوا ذلك-؛ لأن تقسيم 365 يومًا إلى 12 شهرًا سيكون النّاتج ثلاثون يومًا، ويبقى لدينا 5 أيام لا يمكن توزيعها على الشّهور بشكلٍ واقعيٍّ مقبولٍ؛ لأنَّ الشّهر سيكون ثلاثون يومًا من نصف اليوم تقريبًا، وهذا غير ممكن، مما يدل على أنَّ: الاعتماد على الشّمس غير صالحٍ لتقسيم الشّهور!!! تنبيه: نجد أن كثيرًا من المسلمين يستخدمون الأسماء الأجنبية للشَّهور، وهم لا يدرون أنَّ بعضها أسماء وثنية، فنجد مثلًا شهر يناير أسمًا لأحد آلهة الرُّومان، وكذلك فبراير ومارس.... وكذلك بعض الأيام (صن دي) يوم الشَّمس... (من دي) يوم القمر.... فينبغي على المسلمين استخدام الأسماء العربية للشُّهور مثل: محرم... صفر... إلخ... والأيام مثل: الأحد... الإثنين... إلخ. ثانيًا: التَّقويم القمريّ معلوم أنَّ القمر يدور حول نفسه وحول الأرض، ويدور هو والأرض حول الشّمس.... والقمر يشاهد بالعين المجردة. وقد لاحظ الإنسان منذ القديم أنَّ القمر يولد صغيرًا ثمَّ يكبر إلى أن يصل على أوج اكتماله بعد أربعة عشر يومًا، ثم يتناقص إلى أن يعود كما بدأ.... إلى أن يدخل في فترة الغياب فلا يُرى مُطلقًا وتسمى فترة المحاق ثمَّ يعود على الظّهور من جديد... وبين كلّ رؤيتين إمّا 29 يومًا، أو 30 يومًا. ووجد الإنسان أن هذه الظَّاهرة يمكن أن يعتمدها في تقسيم الزّمن إلى وحدات أكبر من اليوم وأقل من السّنة فسماها شهرًا من: الاشتهار والمعرفة. إلا أن متوسط الشّهر لدى التَّوقيت القمريّ 29 يومًا ونصف اليوم تقريبًا، وذلك بسبب رؤية القمر، الّتي تختلف من شهر لأخر بتقدير الله -تعالى-، بخلاف التَّقويم الشّمسيّ الّذي يخضع لتعسف البشر، وأهوائهم.... وعلى ذلك فإنَّ إثنى عشر شهرًا تساوي 354 أو 355 يومًا، وهي فترة أقل من السَّنة الشّمسيَّة بأحدى عشر يومًا تقريبًا. حكمة الاعتماد على التَّقويم القمريّ أخي الحبيب: ينبغي أن تعلم أنَّ الله -سبحانه وتعالى- أمرنا أن نعتمد على القمر في حساب الزَّمن، قال -تعالى-:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] وكذلك أمرنا رسولنا -صلَّى الله عليه وسلَّم- بالاعتماد عليه في جميع شؤوننا، مثل: تأريخ المعاملات، والمعاهدات ومواقيت العبادات كالصّوم مثلًا لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته...» [متفقٌ عليه]. ونحاول هنا أن نتلمس بعض الحكم: الشّرعيَّة والعلميَّة وفي هذا التّقويم القمريّ الربانيّ: أولًا الحكم الشّرعيَّة... منها: أولًا: أنَّ السّنة القمريَّة أرحم وأعدل بالعباد في باب التّكاليف الشّرعيَّة، حيث يتبدل المناخ فتجد أن الإنسان لا يحجُّ أو يصومُ أو يزكي دائمًا في الصَّيف، وإنَّما في كلِّ الفصول كلما مرّ عليه 33 عامًا... فالصّائم -مثلًا- لا يصوم طيلة حياته في الصّيف وفي اليوم الطّويل، وإنَّما يصوم في كلِّ الظّروف المناخية طول العام... ونفس الشّيء يحدث بالنّسبة للحجّ. ثانيًا: أنَّها أرحم بالفقير في باب الزَّكاة؛ لأنَّها أقل من السّنة الشّمسيَّة. ثالثاً: أنَّها أخفُّ على المكلفين من حيث: المُعتَّدة من طلاقٍ، أو من موتٍ، أو الّتي تريد أن يحكم لها بالفريق بسبب غياب زوجها، أو عنته (الضّعف الجنسيّ) بعد عامٍ كاملٍ، أو من حيث الحكم على المفقود والغائب بالموت. أو بالنِّسبة للذين يصومون شهرين متتابعين كفارة لخطأ من الأخطاء. فقد يصوم 62 يومًا بدلًا من 58 يومًا إذا اعتمد على التقويم الشّمسيّ ففي كلّ هذه الحالات فإنَّ الاعتماد على السّنة القمريَّة أرفق بالمسلم، مصدقاً لقوله -تعالى-: {..... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ...} [الحجّ: 78]. رابعًا: أنَّ الدّورة الشّهريَّة للمرأة، والثَّوابت البيولوجيَّة الأخرى للإنسان وغيرها، مرتبطةً ارتباطًا وثيقًا بالقمر. ثانيًا: الحكم العلميَّة... منها: أولًا: التَّقويم القمريّ يحسب الرَّؤية المجردة، ونسبة الخطأ فيه تكاد تكون معدومةٌ، وإن واقع الخطأ من جهة البشر، فبإمكان أي إنسانٍ أن يكتشف في غضون يومٍ أو يومين، ويتم تصحيحه تلقائيًّا.... بينما على العكس بالنسبة للشّمس... فحسابه صعب، ونسبة الخطأ فيه كبيرةٌ... ثانيًا: وجد العلماء أنَّ التّقويم الشّمسيّ بحاجة إلى تعديلٍ كل 128 سنة (بسبب تراكم الكسور) وذلك بحذف يوم واحد كبيسة، إلا أنَّهم وجدوا أنَّه من الأسهل أن يحذفوا ثلاثة أيام في كل 400 سنة.... بينما التَّقويم القمريّ ليس بحاجةٍ إلى تعديل أبدًا؛ لأنَّه يصحح (إن وجد الخطأ) كلّ شهرٍ.... الله أكبر.... ثالثًا: تقسيم أيام الأشهر في التَّقويم القمري ربانيٌّ، تحدده: دورة القمر حول الأرض (بتدبير الله -عزّ وجلّ-). وليس لأيِّ بابا أو ملك أو أمير من سلطان عليه تقديمًا أو تأخيرًا، على عكس التَّقويم الشمسي الّذي خضع لأهواء البشر!!! رابعًا: الشّهور القمرية يمكن متابعتها في جميع بقاع الأرض حتى في المناطق القطبية الّتي تغيب عنها الشّمس ستة أشهر وتشرق فيها ستة أشهر. (أيّ يكون عندهم نصف العام ليل ونصفه الآخر نهار). فالقمر واضحٌ يستطيع الإنسان حتَّى في هذه الأماكن القطبيَّة أن يتابعه بسهولةٍ، فهو ليس محجوبًا بحالٍ من الأحوال، بخلاف الشّمس الّتي تغيب نصف العام. خامسًا: معلومٌ أنَّ كمال البدور هو بين يومي (14، 15) في الشّهر القمريّ، فلو كانت الرّؤية خاطئةً في البداية فلن يكون القمر بدرًا في موعده.... الله أكبر، مما يساعد على مزيد من الضّبط للتّقويم القمريّ... بينما الشمس لا تصلح لاعتمادها في توقيت الشّهور؛ لعدم وجود العلامات الّتي تفرق بين شهرٍ وآخرٍ. سادسًا: ظاهرتا المد والجزر مرتبطان بالتّقويم القمريّ، وهما ضروريتان جدًّا لحياة الإنسان، ولاسيما لأهل البحار من: الصّيَّادين، والتّجار، والمسافرين، والعسكريين... إلخ ، فإذا علمنا أن معظم البضائع تنقل عبر البحار، أدركنا أهمية الاعتماد على القمر كتقويمٍ عالميٍّ... والله -سبحانه وتعال- أعلم . النَّتيجة: لابد للإنسان من اعتمد (التّقويم القمريّ في التّأريخ) في حياته كلِّها. التّاريخ الهجريّ في الإسلام يعتمد على التّقويم القمريّ في عهد أمير المؤمنين (الفاروق) عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، رفع إليه صك مكتوب فيه: لرجلٍ على آخر دين يحلُّ عليه في شعبان ، فقال: أي شعبان؟ أمن هذه السّنة، أم الّتي قبلها، أم الّتي بعدها؟ ثم جمع النّاس فقال: ضعوا للناس شيئًا يعرفون فيه حلول ديونهم.... فأشار عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- وآخرون أن يؤرخ من هجرة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة على المدينة... فاستحسن ذلك أمير المؤمنين والصّحابة -رضي الله عنهم-، فانعقد الإجماع على ذلك (ابن كثير- البداية والنّهاية (بتصرف يسير)). ومعلومٌ أنّ السّنة في الإسلام تحسب على أساس القمر، كما أمر الله -تعالى- في كتابه. ملاحظة: الإسلام يعتمد على الشمس -أيضًأ في نطاق اليوم الواحد، من حيث مواقيت الصَّلاة ... فمثلًا: صلاة الصبح تبدأ بطلوع الفجر وينتهي وقتها بطلوع الشّمس... ويدخل وقت صلاة الضّحى وصلاة العيد بمقدار ارتفاع الشّمس قدر رمح أو رمحين... والظّهر عند زوال الشّمس عن قبة السّماء باتجاه الغرب... وكذلك المغرب عندما تغرب الشّمس... والعشاء عند غياب الشفق. قال -تعالى-: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الرّوم: 17- 18]. لماذا أوقف العمل بالتّأريخ الهجري؟؟؟!!!! ظلت الأمّة الإسلاميَّة تعتمد على التّأريخ الهجريّ -الّذي يعتمد على القمر- على أن جاءت الموجة الاستعماريَّة في العصر الحديث، وما تبعها من تغريبٍ وسلبٍ للهّوية وسقوط للخلافة الإسلاميَّة على يد: الماسوني مصطفى كمال أتاتورك الّذي ما لبث أن أصدر قراراً بإلغاء العمل بالتّأريخ الهجري واستبداله بالتّأريخ الميلاديّ سنة (1344هـ- 1926م)؛ تنفيذاً لمخطط دام قرونًا طويلةً، لقطع حاضر الأمة عن ماضيها المجيد، وتقليدًا لغير المسلمين..... إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون. وأخيرًا: أيُّها المسلمون: إن تمسكنا بالتّأريخ الهجريّ، الّذي يعتمد على التّقويم القمريّ هو تمسك بمرضاة الله -سبحانه وتعالى- أولًا وآخرًا بالإضافة على أنّه تمسكٌ: بالعلم والحقِّ والعقل والمنطق... كما أنَّه اعتزازٌ بمبادئنا وغيظٌ لأعدائنا... ولله الحمد... الّدين النّصيحة لذا فإنَّنا نسأل الله -عزّ وجلّ- أن يلهم حكوماتنا، ومؤسساتنا، وأفرادنا، إلى اعتماد التّأريخ الهجري حتى يكونوا من المفلحين في الدّنيا والآخرة -بإذن الله تعالى-... كما نهيب بأصحاب الشّركات وأرباب العمل أن يصرفوا رواتب موظفيهم على رأس كلّ شهرٍ قمريٍّ، سعيًّا لمرضاة الله -عزّ وجلّ-. بشرى: باعتماد التاريخ الهجري سيحصل العامل على أجر أحد عشر يومًا إضافيًّا في السّنة (بسبب الفرق بين السّنة القمريَّة والسّنة الشّمسيَّة)، فيما لو بقي الأجر ثابتًا، وإنَّ الله -تعالى- هو الرّزاق ذو القوة المتين، والحمد لله ربّ العالمين. ملاحظة: راجع هذه المطويَّة الدكتور صالح العجيري، ومجموعة من أهل العلم... جزاهم الله خيرًا. نص المطوية : مركز وذكر
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#14
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 650x460.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 650x460.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 650x460.
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#15
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فغربة الأشهر العربية عند المسلمين هي من مظاهر غربة الإسلام وسط أهله وبنيه؛ فقلما تجد من يحصيها ويعرفها، أو تعرّف على وظائف أيامها وأحكامها. وبينما تجد الجميع يعرف شهر مارس وإبريل، تلمس الجهالة المطبقة بشهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة. ولا شك أنَّ الجهل بالأشهر العربية، وشيوع استخدام الأشهر التي تعتبرها العجم والروم والقبط قد أوقع المسلمين في كثير من المخالفات الشرعية؛ حيث أطلّت البدع برأسها، وهجر الناس الكثير من الطاعات والقربات بسبب ذلك، لذا كان لابد من القيام وبحقه نصحًا وبيانًا {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحج: 32]. وقد أُمر نبيّ الله موسى أن يُذكّر بني إسرائيل بأيام الله وما ارتبط بها من أحكام وعظات وعبر قال سبحانه: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ} [سورة إبراهيم: 5]. ولنا فيه أسوة حسنة وقدوة طيبة {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]. والوصية بالأشهر العربية هي من الوصية بتقوى الله تعالى التي أمر بها الأولين والآخرين {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ} [النساء: 131]. وهذه الأشهر هي على التوالي: "المحرم، صفر، ربيع الأول، ربيع الثاني، جمادى الأولى، جمادى الثانية، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة". قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ} [سورة التوبة: 36]. قال القرطبي: "هذه الآية تدل على أنَّ الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط، وإن لم تزد على اثنى عشر شهرًا؛ لأنها مختلفة الأعداد منها ما يزيد على ثلاثين، ومنها ما ينقص. وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين، وإن كان منها ما ينقص، والذي ينقص ليس يتعين له شهر، وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج" اهـ. والشهر العربي يثبت برؤية الهلال أو إكمال عدة الشهر السابق ثلاثين يومًا لحديث أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» [رواه البخاري]. وقد ثبت العمل بالهلال وترتب الأحكام عليه بقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة: 189] فأخبر سبحانه أنها مواقيت للناس، وهذا عام في جميع أمورهم، وخصّ الحج بالذكر تمييزًا له، ولأنَّ الحج تشهده الملائكة وغيرهم، ولأنه يكون في آخر شهور الحول فيكون عَلَمًا على الحول، كما أنَّ الهلال عَلَم على الشهر. أما الشمس فلم يعلق لنا بها حساب شهر ولا سنة وإنما علّق ذلك بالهلال فالشهر هلالي بالاضطرار ويُسن عند رؤية الهلال أو العلم به أن نقول: «اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة و الإسلام، ربي وربك الله» [صححه الألباني]. واليوم أوله من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، أما الليل فمن غروب الشمس إلى طلوع الفجر. ولم تكن الأمة تعمل في دخول الشهر وخروجه، وتحديد الليل والنهار، أو في معرفة وقت الفجر وغيره بالحسابات الفلكية. وقد وردت النصوص الشرعية بتحديد كل وقت على حدة، ومن ذلك ما رواه مسلم: «لا يغرنكم من سحوركم آذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتَّى يستطير هكذا»، ويستطير أي: ينتشر ضوؤه ويعترض في الأفق بخلاف المستطيل الذي يظهر ثم يختفي. وقد أوضح العلماء أنَّ العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال لا يصح التعويل فيها على الحسابات، وهذا بالنص والإجماع، وعلى ذلك جرى العمل في قرون الخيرية الثلاثة، وما ذهب إليه بعض المتأخرين من جواز العمل بالحساب إذا غمَّ الهلال وفي حق نفس الحاسب فقط فهو قول شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه ولو صحَّ هذا القول - وهو غير صحيح - فيحمل على الإغمام ويختص بالحاسب أي أنه لا يجوز تعميمه أو إطلاقه على عواهنه. يقول ابن تيمية - رحمه الله -: "والمعتمد على الحساب في الهلال، كما أنّه ضال في الشريعة مبتدع في الدين، فهو مخطئ في العقل وعلم الحساب، فإنَّ العلماء بالهيئة يعرفون أنَّ الرؤية لا تنضبط بأمر حسابي.. ولهذا تنازع أهل الحساب في قوس الرؤية تنازعًا مضطربًا وأئمتهم كبطليموس لم يتكلموا في ذلك بحرف لأنَّ ذلك لا يقوم عليه دليل حسابي.." اهـ. وقال الشيخ ابن باز - رحمه الله -: "...أما توحيد التقويم بالحساب فلا مانع أن يعتمد عليه في المسائل الإدارية ونحوها، وللإيضاح والنصيحة وبراءة الذمة رأيت نشر هذا البيان"، وكان قد أوضح - رحمه الله - أنَّ إثبات الأهلة والأحكام الشرعية إنما يكون بالرؤية أو إكمال العدد. ومن هنا تُدرك خطأ تعليق الأحكام الشرعية على الحساب وولادة القمر واختراع التلسكوب والقمر الصناعي؛ فإنَّ مدار الأمر على ثبوت الرؤية بالعين البصرية. وقد اتفق العلماء على أنَّ من رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في منامه فقال له هذا اليوم هو أول يوم من رمضان أنه لا يعمل بهذه الرؤية المنامية إذْ مدار الأمر على ما ذكرنا، والواجب علينا أن ندور مع إسلامنا حيث دار، ولهذا ما زال العلماء يعدون من خرج عن ذلك إلى الأخذ بالحساب أو الكتاب، كالجداول وحساب التقويم والتعديل... قد أدخل في الإسلام ما ليس منه فيُقابلون هذه الأقوال بالإنكار الذي يُقابل به أهل البدع، وحسبك أن تكتفي بما أغناك الله وبيّنه لك. لقد تفنن الأعداء وأذنابهم في تنفير المسلمين من كل شيء له علاقة بالدين كاللغة العربية والأشهر العربية، واستخدموا في ذلك كل أساليب الغزو الفكري حتَّى وصل بنا الحال إلى أن أصبحنا نُضاهي الغرب في كل شيء حتَّى في شهوره وما ارتبط بها من بدع وانحرافات. والثابت أنَّ الشرائع قبلنا إنما علقت الأحكام بالأهلة وإنما بدل من بدل من أتباعهم كما يفعله اليهود في جعل بعض الأعياد بالسنة الشمسية وكما تفعله النصارى في صومها وأعيادها. وما جاءت به الشريعة هو أكمل الأمور وأحسنها وأبينها وأصحها وأبعدها من الاضطراب، فلا يجوز بعد ذلك أن نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وإذا كان تبديل شهر عربي مكان آخر يُذم به فاعله كمن بدّل صفر مكان رجب، ورجب مكان صفر، فكيف بمن ترك العمل بالأشهر العربية جملة وتفصيلا واستبدلها بالأشهر الميلادية أو الإفرنجية قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 37]. قال ابن كثير - رحمه الله -: "هذا مما ذمَّ الله به المشركين من تصرفهم في شرع الله بآرائهم الفاسدة، وتغييرهم أحكام الله بأهوائهم الباردة وتحليلهم ما حرَّم الله وتحريمهم ما أحل الله.." اهـ. والنسيء المذموم هو تأخيرهم شهر المحرم إلى صفر لحاجتهم إلى شن الغارات، وطلب الثأر على نحو ما ذكره ابن إسحاق، أو هو تأخيرهم الحج عن وقته تحريًا منهم للسنة الشمسية. وقد حجَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم حجة الوداع بعد أن استدار الزمان ووقعت حجته صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة، فقال في خطبته المشهورة في الصحيحين وغيرهما: «إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة، ومحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» [رواه البخاري]. يقول ابن تيمية - رحمه الله -: "ومن عرف ما دخل على أهل الكتابين والصابئين والمجوس وغيرهم في أعيادهم وعباداتهم وتواريخهم وغير ذلك من أمورهم من الاضطراب والحرج، وغير ذلك من المفاسد، ازداد شكره على نعمة الإسلام مع اتفاقهم أنَّ الأنبياء لم يشرعوا شيئًا من ذلك، وإنما دخل عليهم ذلك من جهة المتفلسفة الصابئة الذين أدخلوا في ملتهم وشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، فلهذا ذكرنا ما ذكرنا حفظًا لهذا الدين عن إدخال المفسدين، فإنَّ هذا مما يخاف تغييره، فإنه قد كانت العرب في جاهليتها قد غيّرت ملة إبراهيم بالنسيء الذي ابتدعته.." اهـ. وقد اعتبر العلماء أنَّ من جملة مظاهر موالاة الكافرين التأريخ بتاريخهم خصوصًا التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي، والذي هو عبارة عن ذكرى مولد المسيح عليه السلام، والذي ابتدعوه من أنفسهم، وليس هو من دين المسيح، فاستعمال هذا التاريخ فيه مشاركة في إحياء شعارهم وعيدهم، وإقامة الملة الحنيفية تقتضي مخالفة المشركين وسائر أصناف الجحيم وعدم التشبه بهم لقول النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: «من تشبَّه بقوم فهو منهم» [رواه أبو داود وصححه الألباني]، وتشابه الظواهر قد يجر إلى تشابه البواطن، ولذلك فالخطر عظيم في متابعتهم في أشهرهم الإفرنجية وترك الأشهر العربية. وقد ابتدأ عمر رضي الله عنه التاريخ الهجري وذلك باتفاق الصحابة رضوان الله عليهم بالعام الذي هاجر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشهر الله المحرم، وقد فعلوا ذلك مع معرفتهم بتواريخ الفرس والروم فخالفوها عن عمد وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف، وما لم يكن يومئذ دينًا فليس باليوم دينًا، ولن يصلح آخـر هـذه الأمـة إلاَّ بما صلح به أولها كما قال الإمام مالك - رحمه الله -: "وقد حذر العلماء من الرقي بالأعجمية وبالكلمات الشركية والغير مفهومة، فقد تنطوي على مخالفات شرعية، ونفس الأمر يُقال في الأشهر الإفرنجية؛ فشهر إبريل (نيسان) وهو الشهر الرابع من السنة الإفرنجية كان يمثل مطلع الربيع وكان الرومان قد خصصوا اليوم الأول من هذا الشهر لاحتفالات (فينوز) وهي آلهة الحب والجمال وملكة المرح والضحك والسعادة عندهم، وأما الأقوام الساكسونية فكانت تحتفل في هذا الشهر بعيد آلهتهم "إيستر" وهي إحدى آلهتهم القديمة وهو الإسم الذي يُطلق عليه الآن (عيد الفصح) عند النصارى في اللغة الإنجليزية، وقد اقترن بهذا الشهر ما يُسمى بكذبة إبريل!!. وعامـة الأشهـر الميلادية لا تقـل في فسـاد معناها عن شهر إبريل، فمن أراد اليوم أن يتكلم بشهر مارس وإبريل فليس له أن يتناسى شهر رجب وذي القعدة وعليه أن يحذر المعاني الفاسدة الموجودة في الأشهر الإفرنجية ويحذر منها الناس. وقد سُئل الإمام أحمد فقيل له: "إنَّ للفرس أيامًا وشهورًا يسمونها بأسماء لا تعرف، فكره ذلك أشد الكراهة، رويَ عن مجاهد أنه كان يكره أن يُقال: آذارماه. وورد في الخبـر: "مـن يُحسـن أن يتكـلــم بالعربيــة فلا يتكلم بالعجمية، فإنه يورث النفاق"، وكان عمر رضي الله عنه ينهى عن الرطانة مطلقاً، ومنع الشافعي من التكلم بغير العربية. فالعمل بالأشهر العربية مسئوليتنا جميعًا وعلى الدعاة بصفة أخص أن يشيعوا مفاهيم الهدى في البلاد والعباد «ومن دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله» [رواه مسلم]. ولا يظن ظان أنَّ هذه الدعوة أشبه بالدعوة إلى القشور، فنحن لا نتبرم بإيضاح سُنَّة مهملة حتَّى وإن كانت مستحبة فضلاً عن أن تكون بهذا القدر الذي بينّاه، وفي الوقت ذاته ندرك أنَّ التهاون في المستحبات يجر إلى التهاون في الواجبات، وشأن من علت همّته أن يهتم بالواجب والمستحب في العلم والعمل والدعوة إلى الله ولا نقبل تقسيم الدين إلى قشر ولباب {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحج: 32]. والقشرة لابد منها لحفظ الثمرة؛ إذْ التفاحة تفسد إذا نُزعت قشرتها. فاحرص على اغتنام مواسم الفضل كالأشهر الحرم، وشهر شعبان ورمضان، ويوم عرفة، وعاشوراء، وأيام العيدين والتشريق.. وتقرَّب فيها إلى الله بكل طاعة يُحبها، واحذر من الابتداع كالاحتفال بالمولد النبوي، والهجرة وذكرى الإسراء والمعراج.. وأحسن المسير إلى ربك، واعلم أنَّ السَّنَةَ شجرة والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعة أوراقها، والأنفاس ثمرها، فمن كانت أنفاسه في طاعة، فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل، وإنما يكون الجذاذ يوم المعاد، فعند ذلك يتبيّن حلو الثمار من مرها كما ذكر ابن القيم - رحمه الله - . والكل مسافر في هذه الدار إلى ربه، ومدة سفرك عمرك، والأيام والليالي مراحل، فالعاقل لا يزال مهتمًا بقطع المراحل فيما يقربه إلى الله ليجد ما قدم مُحضرًا، فكن أنت ذلك الرجل، وإن وفقت وسُددت فقل: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [سورة هود: 88]. وآخر دعوانا أن الحمد و رب العالمين. للشيخ سعيد عبد العظيم طريق السلف
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#16
|
|||
|
|||
رد: ملف كامل عن فضل شهر الله المحرم
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة» رواه النسائي وصححه الألباني.... pdf/1.5 MB
__________________
[flash1=http://im9.gulfup.com/2011-09-04/1315133742582.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash1] |
#17
|
|||
|
|||
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#18
|
|||
|
|||
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#19
|
|||
|
|||
بارك الله فيكم
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
#20
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيرا
__________________
|
أدوات الموضوع | |
|
|