جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بيده ؟
السؤال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أمياً لا يكتب ، ولذلك كان له خاتم يلبسه ويختم به مراسلاته ، ولكن كيف يمكن التوفيق بين ذلك وبين ما جاء في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنه) أنه قال : " يوم الخميس ، وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء ، فقال : اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال : ( ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ) ، فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه ) ، وأوصى عند موته بثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، ونسيت الثالثة " قال يعقوب بن محمد : سألت المغيرة بن عبد الرحمن ، عن جزيرة العرب ، فقال : " مكة والمدينة واليمامة واليمن " ، وقال يعقوب ، والعرج : أول تهامة" (4.228) ، وكتابة الرسول صلى الله عليه وسلم لعقد زواجه على عائشة رضي الله عنها (صحيح البخاري 7.88) ؟ الجواب: الحمد لله أولا : اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم ليس لأنه أمي لا يكتب ؛ ولكن ليختم كتبه ورسائله التي كان يرسل بها إلى ملوك الأرض ، وقد كانت عادتهم في ذلك الوقت من لا يقبلوا كتابا إلا مختوما من صاحبه . روى البخاري (2938) عن أنس رضي الله عنه قال : " لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ ، قِيلَ لَهُ : إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " . ثانيا : كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رسولا أميا ، لا يقرأ ولا يكتب ؛ كما وصفه ربه عز وجل بقوله : ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف/ 158. وقال تعالى : (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت/ 48 . فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ كتابا أو يكتب شيئا قبل نزول الوحي . وقد اختلف أهل العلم : هل تعلم النبي صلى الله عليه وسلم القراءة والكتابة بعد نزول الوحي أم لا ؟ فذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه كتب صلى الله عليه وسلم ، يوم الحديبية وغيره ؛ فقد روى البخاري (4251) في خبر الحديبية : (... فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ... ) . وكذلك الحديث الذي رواه البخاري (3053) ، ومسلم (1637) وهو الحديث الذي ذكره السائل في سؤاله . وأكثر العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم ما قرأ ولا كتب شيئا حتى مات . قال ابن كثير رحمه الله : " وَهَكَذَا كَانَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَلَا يَخُطُّ سَطْرًا وَلَا حَرْفًا بِيَدِهِ ، بَلْ كَانَ لَهُ كُتَّابٌ يَكْتُبُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْوَحْيَ وَالرَّسَائِلَ إِلَى الْأَقَالِيمِ ، وَمَنْ زَعَمَ مِنْ مُتَأَخَّرِي الْفُقَهَاءِ ، كَالْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَتَبَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ : "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" فَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: (ثُمَّ أَخَذَ فَكَتَبَ): وَهَذِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: ( ثُمَّ أَمَرَ فَكَتَبَ) ، وَلِهَذَا اشْتَدَّ النَّكِيرُ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَغْرِبِ وَالْمَشْرِقِ على من قال بقول الباجي، وتبرؤوا مِنْهُ ، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا وَخَطَبُوا بِهِ فِي مَحَافِلِهِمْ : وَإِنَّمَا أَرَادَ الرَّجُلُ -أَعْنِي الْبَاجِيَّ، فِيمَا يَظْهَرُ عَنْهُ -أَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُعْجِزَةِ ، لَا أَنَّهُ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ ، وَمَا أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى تَعَلَّمَ الْكِتَابَةَ ، فَضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ " . انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/ 285-286) . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وَقَدْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ - يعني رواية يوم الحديبية - أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فَادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ يَكْتُبُ ، فَشَنَّعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَنْدَلُسِ فِي زَمَانِهِ وَأَنَّ الَّذِي قَالَه مُخَالف الْقُرْآنَ ... وَذكر ابن دِحْيَةَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ وَافَقُوا الْبَاجِيَّ فِي ذَلِكَ ، وَاحْتج بَعضهم لذَلِك بأحاديث ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عنها بضعفها، وَعَنْ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَالْكَاتِبُ فِيهَا عَلِيٌّ ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بِأَنَّ عَلِيًّا هُوَ الَّذِي كَتَبَ ، فمعنى (كتب) أي : ( أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ ) ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " . انتهى باختصار من "فتح الباري" (7/ 503-504) . فالراجح - والله أعلم - من النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب ولم يقرأ حتى مات ، وما ورد من كونه كتب - كما في حديث الحديبية - ، فإنما معناه : أمر عليا رضي الله عنه من يكتب . وعلى ذلك فقوله في حديث ابن عباس : ( ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا) إنما يعني : آمر من يكتب لكم ، لا أنه صلى الله عليه وسلم كان سيكتب بنفسه ، وخاصة أنه في مرض الموت ، وقد أصابه من التعب والضعف ما أصابه ، فالمناسب - ولو كان يحسن الكتابة - من يأمر أحدا ممن بحضرته من يكتب . ثالثا : قول السائل : " وكتابة الرسول صلى الله عليه وسلم لعقد زواجه على عائشة رضي الله عنها " غير صحيح ؛ فلم تكن العقود تكتب وتوثق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم . وكتابة عقد النكاح وتوثيقه إنما يقصد به ضمان الحقوق ، وليست كتابة العقد ركنا من أركان النكاح أو شرطا في صحته . وتنظر للفائدة إجابة السؤال رقم : (154865) والله أعلم . |
#2
|
|||
|
|||
فائدة: قال ابن منظور في لسان العرب : " وقـيل لسيدنا مـحمد رسول الله ، الأُمِّي لأَن أُمَّة العرب لـم تكن تَكْتُب ولا تَقْرَأُ الـمَكْتُوبَ ، وبَعَثَه الله رسولاً وهو لا يَكْتُب ولا يَقْرأُ من كِتاب ، وكانت هذه الـخَـلَّة إِحْدَى آياته الـمُعجِزة ، لأَنه تَلا علـيهم كِتابَ الله مَنْظُوماً ، تارة بعد أُخْرَى ، بالنَّظْم الذي أُنْزِل علـيه فلـم يُغَيِّره ولـم يُبَدِّل أَلفاظه ، وكان الـخطيبُ من العرب إِذا ارْتَـجَل خُطْبَةً ثم أَعادها زاد فـيها ونَقَص ، فحَفِظه الله ـ عز وجل ـ علـى نَبـيِّه كما أَنْزلَه ، وأَبانَهُ من سائر مَن بَعَثه إِلـيهم بهذه الآية التـي بايَنَ بَـينه وبـينهم بها ، ففـي ذلك أَنْزَل الله تعالـى : ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) [العنكبوت 48] الذين كفروا ، ولقَالوا : إِنه وَجَدَ هذه الأَقاصِيصَ مَكْتوبةً فَحَفِظَها من الكُتُب " . وقال الإمام الطبري في تفسيره (21/4 مع تصرف يسير) : " القول فـي تأويـل قوله تعالـى : ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) [العنكبوت 48] يقول تعالـى ذكره : وَما كُنْتَ يا مـحمد تَتْلُوا يعنـي تقرأ مِنْ قَبْلِهِ يعنـي من قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إلـيك مِنْ كِتَابٍ وَلا تَـخُطُّهُ بِـيَـمِينِكَ يقول : ولـم تكن تكتب بـيـمينك ، ولكنك كنت أمِّيًّا إذا لارْتابَ الـمُبْطِلُونَ ، يقول : ولو كنت من قبل أن يُوحَى إلـيك تقرأ الكتاب ، أو تـخطه بـيـمينك ، إذن لارتاب : يقول : إذن لشكّ بسبب ذلك فـي أمرك ، وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه علـيهم الـمبطلون القائلون إنه سجع وكهانة ، وإنه أساطير الأوّلـين . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : عن ابن عبـاس ، قوله : ( وَما كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ، وَلا تَـخُطُّهُ بِـيَـمِينِكَ إذا لارْتابَ الـمُبْطِلُونَ ) ، قال : كان نبـيّ الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أمِّياً لا يقرأ شيئاً ولا يكتب . وعن قَتادة ، قوله : ( وَما كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ، وَلا تَـخُطُّهُ بِـيَـمِينِكَ ) ، قال : كان نبـيّ الله لا يقرأ كتابـاً قبله ، ولا يخطه بـيـمينه ، قال : كان أُمِّياً ، والأميّ : الذي لا يكتب . و عن مـجاهد : ( وَما كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ، وَلا تَـخُطُّهُ بِـيَـمِينِكَ ) قال : كان أهل الكتاب يجدون فـي كتبهم أن النبـيّ ـ صلى الله عليه وسلّم ـ لا يخطّ بـيـمينه ، ولا يقرأ كتابـاً ، فنزلت هذه الآية . وبنـحو الذي قلنا أيضاً فـي قوله : ( إذا لارْتابَ الـمُبْطِل ) قالوا. ذكر من قال ذلك : عن قَتادة : ( إذا لارْتابَ الـمُبْطِلُونَ ) إذن لقالوا : إنـما هذا شيء تعلَّـمه مـحمد ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وكتبه . وعن مـجاهد، فـي قول الله : ( إذا لارْتابَ الـمُبْطِلُون ) قال : قريش . " . وقوله تعالى : (رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُّطَهَّرَةً ) أي يقرأ ما تتضمن الصحف من المكتوب ؛ ويدل عليه أنه كان يتلو عن ظهر قلبه ، لا عن كتاب ؛ لأنه كان أمّياً ، لا يكتب ولا يقرأ . وانظرتفسير الطبري (20/140) . وقد دلت على أميته ـ صلى الله عليه وسلم ـ النصوص المتوافرة ، وحقائق السيرة والتاريخ . فأما النصوص ، فقد قال تعالى في أهل الكتاب : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [الأعراف 157] . وقال تعالى : ( فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) [الأعراف 158] . وقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) [الجمعة 2 ] . والأمي في هذه الآيات له معنيان : الأول : من لا يقرأ ولا يكتب . والثاني : من ليس له كتاب ديني مثل التوراة والإنجيل . وهذا المعنى الثاني محتمل في هذه الآيات ، ولكن يرجح المعنى الأول قوله تعالى : ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) [العنكبوت 48] وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ « إنّا أُمَّةٌ أُمِّيةٌ لا نَكتُبُ ولا نَحسُبُ، الشهرُ هكذا وهكذا . يَعني مرَّةً تسعةً وعشرينَ ومرَّةً ثلاثين » متفق عليه من حديث ابنَ عمرَ ـ رضيَ اللّهُ عنهما ـ ، وهذا لفظ البخاري . فقد فسر أمية الأمة بنفي الكتابة والحساب عنها ، وهذا تعريف الأمي : وأنه هو الذي لا يكتب ولا يحسب ، أي لا يعرف الحساب . كل هذا متفق عليه في أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن يقرأ ويكتب أو عنده شيء من العلوم قبل أن يوحى إليه . والخلاف هل قرأ وكتب بعد ما أنزل عليه ؟ ذكر بعض العلماء أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في آخر حياته عرف الكتابة ، بدليل أنه محا اسمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من وثيقة صلح الحديبية حين رفض علي ـ رضي الله عنه ـ أن يمحوها . ولا يستبعد من فعله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يعرف صورة اسمه وصفته ( محمد رسول الله ) ويمحو الكلمة التي بعد الاسم ، أو يكون معنى (محاها) أنه أمر بمحوها. وممن ذهب إلى أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عرف الكتابة في أواخر حياته : أبو الوليد الباجي ـ رحمه الله ـ ، أحد أعلام المالكية المغاربة ، ولما قال ذلك ، طعن فيه ورمي بالزندقة ، وسب على المنابر، وقد دافع عن نفسه بالمناظرة ، والكتابة إلى علماء الأطراف . وجل ما اعتمد عليه أبو الوليد الباجي ـ رحمه الله ـ : حديث عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : " لَمَّا اعْتَمَرَ النبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ ، حَتّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ، فَلَما كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا : هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمدٌ رَسُولُ اللهِ ، قَالُوا : لاَ نُقِرُّ بِهَذَا ، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا ، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ : أَنَا رَسُولُ اللهِ ، وَأَنَا مُحَمدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، ثُم قَالَ لِعَلِيٍّ : امْحُ رَسُولَ اللهِ ، قَالَ عَلِي : لاَ، وَاللهِ لاَ أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ الْكِتَابَ ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ ، فَكَتَبَ : هَذَا مَا قَاضَى مُحَمدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ .... " الحديث . أخرجه أحمد (18838) ، (18839) ، و الدَّارِمِي (2507) ، والبُخَارِي (1844) ، (2699) ، (4251) وغيرهم . قال الحافظ في الفتح (8/290) : " « فأخذ الكتاب ـ وليس يحسن أن يكتب ـ فكتب مكان رسول اللـه ـ صلى اللـه عليه وسلّم ـ : هذا ماقاضى عليه محمد بن عبداللـه » وقد تمسك بظاهر هذه الرواية أبو الوليد الباجي فادعى أن النبي ـ صلى اللـه عليه وسلّم ـ كتب بيده بعد أن لم يكن يحسن يكتب ، فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه ورموه بالزندقة ، وأن الذي قالـه يخالف القرآن ، حتى قال قائلـهم : برئت ممن شرى دنيا بآخرة *** وقال إن رسول اللـه قد كتبا فجمعهم الأمير فاستظهر الباجي عليهم بما لديه من المعرفة ، وقال للأمير : هذا لاينافي القرآن ، بل يؤخذ من مفهوم القرآن ؛ لأنه قيد النفي بما قبل ورود القرآن ، فقال: ( وما كنت تتلو من قبل من كتاب ولاتخطه بيمينك) [العنكبوت 48] وبعد أن تحققت أميته وتقررت بذلك معجزته وأمن الارتياب في ذلك لامانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك من غير تعليم فتكون معجزة أخرى . وذكر ابن دحية أن جماعة من العلماء وافقوا الباجي في ذلك ، منهم شيخه أبو ذر الـهروي ، وأبو الفتح النيسابوري ، وآخرون من علماء إفريقية وغيرها . واحتج بعضهم لذلك بما أخرجه ابن أبي شيبة ، وعمر بن شبة من طريق مجاهد ، عن عون بن عبداللـه ، قال : « مامات رسول اللـه ـ صلى اللـه عليه وسلّم ـ حتى كتب وقرأ » ، قال مجاهد : فذكرته للشعبي فقال : صدق قد سمعت من يذكر ذلك . ومن طريق يونس بن ميسرة ، عن أبي كبشة السلولي ، عن سهل بن الحنظلية «أن النبي ـ صلى اللـه عليه وسلّم ـ أمر معاوية أن يكتب للأقرع وعيينة ، فقال عيينة : أتراني أذهب بصحيفة المتلمس ؟ فأخذ رسول اللـه ـ صلى اللـه عليه وسلّم ـ الصحيفة فنظر فيها ، فقال : قد كتب لك بما أمر لك » . قال يونس : فنرى أن رسول اللـه ـ صلى اللـه عليه وسلّم ـ كتب بعد ماأنزل عليه . قال عياض : وردت آثار تدل على معرفته حروف الخط وحسن تصويرها كقولـه لكاتبه : « ضع القلم على أذنك فإنه أذكر لك » ، وقولـه لمعاوية : « ألق الدواة وحرف القلم وأقم الباء وفرق السين ولاتعور الميم » ، وقولـه : « لاتمد بسم اللـه » . قال : وهذا وإن لم يثبت أنه كتب فلا يبعد أن يرزق علم وضع الكتابة ، فإنه أوتي علم كل شيء . وأجاب الجمهور بضعف هذه الأحاديث . وعن قصة الحديبية بأن القصة واحدة والكاتب فيها علي وقد صرح في حديث المسور بأن علياً هو الذي كتب ، فيحمل على أن النكتة في قولـه : « فأخذ الكتاب وليس يحسن يكتب » لبيان أن قولـه: « أرني إياها » أنه مااحتاج إلى أن يريه موضع الكلمة التي امتنع علي من محوها إلا لكونه كان لايحسن الكتابة ، وعلى أن قولـه بعد ذلك : « فكتب » فيه حذف تقديره فمحاها فأعادها لعلي فكتب . وبهذا جزم ابن التين وأطلق كتب بمعنى أمر بالكتابة ، وهو كثير كقولـه : كتب إلى قيصر وكتب إلى كسرى ، وعلى تقدير حملـه على ظاهره فلا يلزم من كتابة اسمه الشريف في ذلك اليوم وهو لايحسن الكتابة أن يصير عالماً بالكتابة ويخرج عن كونه أمياً، فإن كثيراً ممن لايحسن الكتابة يعرف تصور بعض الكلمات ويحسن وضعها بيده وخصوصاً الأسماء ، ولايخرج بذلك عن كونه أمياً ككثير من الملوك . ويحتمل أن يكون جرت يده بالكتابة حينئذ وهو لايحسنها فخرج المكتوب على وفق المراد فيكون معجزة أخرى في ذلك الوقت خاصة ، ولايخرج بذلك عن كونه أمياً . وبهذا أجاب أبو جعفرالسمناني أحد أئمة الأصول من الأشاعرة وتبعه ابن الجوزي ، وتعقب ذلك السهيلي وغيره بأن هذا وإن كان ممكناً ويكون آية أخرى لكنه يناقض كونه أمياً لايكتب ، وهي الآية التي قامت بها الحجة وأفحم الجاحد وانحسمت الشبهة . فلو جاز أن يصير يكتب بعد ذلك لعادت الشبهة . وقال المعاند : كان يحسن يكتب لكنه كان يكتم ذلك ، قال السهيلي : والمعجزات يستحيل أن يدفع بعضها بعضاً، والحق أن معنى قوله : « فكتب » أي أمر علياً أن يكتب انتهى . وفي دعوى أن كتابة اسمه الشريف فقط على هذه الصورة تستلزم مناقضة المعجزة وتثبت كونه غير أمي نظر كبير ، والله أعلم " . أهـ والحديث يعلن صراحة أنه " ليس يحسن يكتب " وأما كتابته : هذا ما قضى عليه محمد بن عبد الله . بدلاً مما كان كتبه علي : محمد رسول الله . فلا يدل على أكثر من معرفته ببعض الكلمات مثل " محمد بن عبد الله " ولكن هذه المعرفة محدودة لا تنقله من أمي إلى كاتب . وقد رويت لنا حياته وسيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ مفصلة ، فلم يعرف أنه كتب إلى ملك ، أو أمير ، أو ما هو دون ذلك ، أو كتب شيئاً من القرآن المنزل عليه . ومما استدلوا على كتابته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ما رواه ابن ماجة مرفوعاً : مررت ليلة أسري بي مكتوباً على الجنة: الصدقة بعشر أمثالها ، والقرض بثمانية عشر" . والقدرة على القراءة فرع الكتابة . والحديث مما تفرد به ابن ماجة عن أصحاب السنن ، وذكر البوصيري في زوائد ابن ماجة، أن في إسناده راوياً ضعيفاً ، وقال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في ضعيف الجامع الصغير : " ضعيف جداً "، فلا يعول عليه . وقد ألف الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي قاضي المحكمة الشرعية الأولى في قطر المتوفى سنة 1423 هـ ـ رحمه الله ـ كتاباً فند فيه دعاوى القائلين بمعرفته ـ صلى الله عليه وسلم ـ للكتابة ، سماه : " الرد الشافي الوافر على من نفى أمية سيد الأوائل والأواخر " . والخلاصة : أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن يحسن القراءة والكتابة لا قبل الوحي ولا بعده . قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ : " ولعله لكثرة ما أملى على كتاب الوحى والكتب إلى الملوك وغيرهم عرف الخط وفهمه فكتب الكلمة والكلمتين كما كتب اسمه الشريف يوم الحديبية محمد بن عبد الله ، وليست كتابته لهذا القدر مخرجة له عن الأمية ككثير من الملوك أميون ويكتبون العلامة .. " . أهـ ويظهر ـ والله أعلم ـ أن الأمية ليست محصورة في عدم القراءة والكتابة ، بل يشمل هذا الوصف من ليس لديه كتاب يهتدي به ؛ ولذلك سمى الله تعليم الكتاب علماً ، ومنةً من الله على هذا الأمة مع بعث هذا الرسول الأمي من أنفسهم ـ كما قال تعالى ـ : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) [الجمعة 2] . فارتفعت الأمية العظمى عن هذه الأمة وهي الضلالة والجهل بهذا الرسول وهذا الكتاب العظيم . قال الشيخ عبد العزيز بن باز : " الأصل في هذه الأمة أنهم أمية ، أي عدم العلم ، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمي لأنه ما كان عنده علم قبل أن يوحى إليه ـ عليه الصلاة والسلام ـ ما كان يقرأ ولا يكتب ؛ كما قال الله ـ عز وجل ـ ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) [ 48 سورة العنكبوت] فما كان قارئاً ، وما كان شاعراً ، وما كان يخط حتى علمه الله ، وأنزل عليه هذا الكتابالعظيم ، فالأمي الذي نسب لأمه ، يعني بقي على الجهل ليس عنده علوم ، وليس عنده كتابة ، فإذا تعلم العلم لم يكن أمياً ، وإذا كان يكتب العلم وينقل المسائل العلمية ، ويحسن الكتابة لا يكون أمياً ، إنما الأمي الذي لا يحسن القراءة ولا يحسن الكتابةحتى يستفيد من علمه الذي علمه ، أو بما يكتبه عن العلماء ، فكان النبي ـ صلى اللهعليه وسلم ـ مثلما قال الله : ( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى [سورة الضحى 7] جاهلاً بالعلوم التي جاء بها الوحي ، لم يكن عنده علم بما شرع الله له في كتابه العظيم ، ولم يكن عنده علم من علوم الأولين والمرسلين ، ولم يكن يكتب ويخط حتى جاءه هذا الخيرالعظيم والوحي العظيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ .. " . أهـ والله تعالى أعلم . http://ahlalhdeeth.com/vb/showpost.p...2&postcount=28
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
|
#3
|
|||
|
|||
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
#4
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء وأحسنه على مروركم الكريم و القيم.
|
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
خرافة الولاية التكوينية | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 1 | 2020-04-20 10:06 AM |
هل يفهم الرافضي | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 0 | 2020-02-11 08:15 AM |
العَطَاءَاتُ الرّبّانِيَّةُ لِسَيِّدِ البَرِيَّةِ | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | السنة ومصطلح الحديث | 0 | 2020-02-09 11:18 AM |
أهم الأحداث التي وقعت في ربيع الأول | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | السير والتاريخ وتراجم الأعلام | 0 | 2019-11-07 04:03 PM |