جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
ادله بطلان ادعاء الشيعه بالعصمه للائمه الجزء الثاني !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
العصمة ما ذهب إليه الشيعة من القول بعصمة الأئمة ، انهم لا يخطئون عمداً ولا سهواً ولا نسياناً طوال حياتهم لافرق في ذلك بين سن الطفولة وسن النضج العقلى ، ولا يختص هذا بمرحلة الإمامةومن هذه الصفات أنهم معصومون عن الخطأ والسهو والنسيان يقول المجلسي: «جملة القول فيه - أي في مبحث العصمة- أن أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم من الذنوب الصغيرة والكبيرة عمدا وخطأ ونسيانا قبل النبوة والإمامة وبعدهما، بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله تعالى، ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخه ابن الوليد فإنهما جوزا الإسهاء دون ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام وقالوا: إن خروجهما لا يخل بالإجماع لكونهما معروفي النسب» (بحار الأنوار - المجلسي - ج 25 ص 350، ونكتة قوله معروفي النسب أنهم يعتقدون بأن المهدي قد يحضر مجالس الفقهاء، ويقول قولا، فيستدلون بجهلهم به وبنسبه، على أنه هو المهدي.) ويقول أحد علماء الحوزة ، في كتاب له بعنوان "العصمة" بعد أن ذكر تعريفها في اللغة والاصطلاح قال: «وإذا كان هذا تعريف العصمة، وأنها من اللطف والفضل والرحمة الإلهية بحق النبي، فنفس هذه العصمة يقول بها الإمامية للأئمة الاثني عشر ولفاطمة الزهراء سلام الله عليها» (العصمة - السيد علي الميلأني - ص 13 – 14) لذا جعلواكلام أئمتهم ككلام الرسول صلى الله عليه وآله، وأعطوهم حق التشريع:«بل نعتقد أن أمرهم أمر الله تعالى، ونهيهم نهيه، وطاعتهم طاعته، ومعصيتهم معصيته، ووليهم وليه، وعدوهم عدوه، ولا يجوز الرد عليهم، والراد عليهم كالراد على الرسول والراد على الرسول كالراد على الله تعالى. فيجب التسليم لهم والانقياد لأمرهم والأخذ بقولهم. ولهذا نعتقد أن الأحكام الشرعية الإلهية لا تستقى إلا من نمير مائهم ولا يصح أخذها إلا منهم» ( عقائد الإمامية - الشيخ محمد رضا المظفر - ص 70، وهذا الكتاب يدرس ضمن مقررات الحوزة العليمة.) ومن رواياتهم في هذاعن أبي عبد الله قال: «ما جاء به علي عليه السلام آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه،جري له من الفضل مثل ما جرى لمحمد صلى الله عليه وآلهولمحمد صلى الله عليه وآله الفضل على جميع من خلق الله عز وجل، المتعقب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله» ويقول الخميني: «إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن لا تخص جيلا خاصًا، وإنما هي تعاليم للجميع في كل عصر ومصر وإلى يوم القيامة، يجب تنفيذها واتباعها ولا شك ان شير هنا إلى أنه لا خلاف بين المسلمين في كفر من اعتقد هذا الاعتقاد، ونسب التشريع الديني إلى غير المشرع سبحانه وتعالى،كما قال عز وجل «أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله»، وقال: «ألا له الخلق والأمر» فأثبت لنفسه الأمر والتشريع، كما أثبت لنفسه الخلق والتدبير، و قال عز وجل «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر»، ولم يأمرنا بالرجوع إلى هؤلاء الأئمة الذين تزعم الشيعة أن الأحكام الشرعية تؤخذ منهم، وتستقى من نمير ماءهم. لهذا هذا هو أساس الافتراق بين السنة والشيعة، · فالمشرع عندنا واحد، ·والمشرعون عندهم ثلاثة عشر، · وخروجهم عن هذا الإجماع الذي أجمع عليه المسلمون من أن المشرع هو الله ورسوله لا غيرهما، جعلهم يختلفون مع سائر المسلمين في كثير من الأحكام والفروع الفقهية،· العقائد· في التفسير وكتبه ورجاله . · في الحديث وعلومه وكتبه ورجاله . ·في أصول الفقه والفقه ادله الشيعه وتاويلهم للقران لاثبات معتقدهم والرد عليها ومما استدلوا به قوله تعالى :- " إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ " . قالوا : تدل هذه الآية على أن الإمام لا يكون إلا معصوماً عن القبائح ، لأن الله سبحانه وتعالى نفى أن ينال عهده الذي هو الإمامة ظالم ،ومن ليس بمعصوم فقد يكون ظالماً إما لنفسه وإما لغيره ، فإن قيل : إنما نفى أن يناله ظالم في حال ظلمه ، فإذا تاب لا يسمى ظالماً ، فيصح أن يناله ، فالجواب أن الظالم وإن تاب فلا يخرج من أن تكون الآية قد تناولته في حال كونه ظالماً . فإذا نفى أن يناله فقد حكم عليه بأنه لا ينالها . والآية مطلقة غير مقيدة بوقت دون وقت ، فيجب أن تكون محمولة على الأوقات كلها ، فلا ينالها الظالم وإن تاب فيما بعد (انظر التبيان 1/449 ، ومجمع البيان 1/202 ، ومصباح الهداية 60-63) . ثم قالوا : إن الله سبحانه وتعالى عصم اثنين فلم يسجدا لصنم قط وهما : محمد بن عبد الله وعلى بن أبى طالب ، فلأحدهما كانت الرسالة ، وللآخر كانت الإمامة ، أما الخلفاء الثلاثة فلم يعصموا ، وهم ظالمون ليسوا أهلاً للإمامة .ونلاحظ هنا : 1. في تأويل الآية الكريمة (نظر تفسير الماتريدى : ص 279 ، والطبرى تحقيق شاكر 3/18- 24 ، وابن كثير1/167 ، والآلوسى 1/306 -308 ، والبحر المحيط 1/374 -379 ، والقرطبى 2/107-109 .)" إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا " يحتمل جعله رسولاً ُيقتدي به ، لأن أهل الأديان، مع اختلافهم ، يدينون به ، ويقرون بنبوته . ويحتمل إماماً من الإمامة والخلافة ، أو الإمامة والاقتداء ، فيقتدي به الصالحون . 2. والعهد اختُلف في تأويله : فقيل الرسالة والوحي ، وقيل الإمامة ، وهو واضح من التأويل السابق ، ويؤيده عدة روايات . وعن ابن عباس قال : " لا ينال عهدي الظالمين " قال : ليس للظالمين عهد ، وإن عاهدته أنقضه ، وروى عن مجاهد وعطاء ومقاتل بن حبان نحو ذلك. وقال الثوري عن هارون بن عنترة عن أبيه قال : ليس لظالم عهد . وقال عبدالرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة قال : لا ينال عهد في الآخرة الظالمين ، وأما في الدنيا فقد ناله الظالم فآمن به وأكل وعاش ، وكذا قال إبراهيم النخعى وعطاء والحسن وعكرمة 3. . وقال الربيع بن أنس : عهد الله الذي عهد إلى عباده دينه ، يقول لا ينال الظالمين ، ألا ترى أنه قال : " وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ " (سورة الصافات – الآية 113. ) يقول : ليس كل ذريتك يا إبراهيم على الحق ، وكذا روى عن أبى العالية وعطاء ومقاتل بن حيان ، وقال جويبر عن الضحاك : لاينال طاعتي عدو لي يعصيني ، ولا أنحلها إلا ولياً يطيعني . وروى عن على بن أبى طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا ينال عهدي الظالمين " قال : " لا طاعة إلا في المعروف . فالآية الكريمة إذا اختلف في تأويلها ، والقطع بأن المراد هو ما ذهب إليه الجعفرية من التأويل ينقصه الدليل ، ورد باقي الأدلة . ولكن مع هذا فلا خلاف بأن الظالم لا يصلح لإمامة المسلمين ، قال الزمخشري : " وكيف يصلح لها من لايجوز حكمه وشهادته ، ولا تجب طاعته ، ولا يقبل خبره ، ولا يقدم للصلاة ؟ وكان أبو حنيفة رحمه الله يفتى سراً بوجوب نصرة زيد بن على رضوان الله عليهما ، وحمل المال إليه ، والخروج معه على اللص المتغلب المتسمى بالإمام والخليفة كالدوانيقى(اللص المتغلب والخليفة الذي ذكره الزمخشري هو هشام بن عبدالملك ، وأما الدوانيقى فهو المنصور أخو السفاح ، سمى بذلك قيل لبخله ، وقد ذكر يعض المصنفين أنه لم يكن بخيلاً ( البحر المحيط 1/378) ) وأشباهه ، وقالت له امرأة : أشرت على بنى بالخروج مع إبراهيم ومحمد بنى عبد الله بن الحسن حتى قتل : فقال ليتنى مكان ابنك وكيف يجوز نصب الظالم للإمامة والإمام إنما هو لكف الظلمة ، فإذا نصب من كان ظالماً في نفسه فقد جاء المثل السائر : من استرعى الذئب ظلم "( كشاف 1/309 وقال القرطبى (2/109) قال بن خويزمنداد : وكل من كان ظالماً لم يكن نبياً ولا خليفة ، ولا حاكماً ، ولا مفتياً ولا إمام صلاة ، ولا يقبل عنه ما يرويه عن صاحب الشريعة ، ولا تقبل شهادته في الأحكام . ) لايمكن التسليم بأن غير المعصوم لابد أن يكون ظالماً ، أو أن غير الظالم لابد أن يكون معصوماً ، فبين العصمة وعدم الظلم فرق شاسع ، فالمخطئ قبل التكليف ليس ظالماً ولا يحاسب بالاتفاق ، ومن ندر ارتكابه للصغائر وأتبعها بالتوبة والاستغفار لا يكون ظالماً ، أما الخطأ والنسيان فمما لايحاسب عليه كما قال صلى الله عليه وسلم : " وُضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " رواه ابن ماجة وابن أبى عاصم ،ورجاله ثقات ، وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وقال النووى في الروضة وفى الأربعين أنه حسن . ووقع في كتب كثيرين من الفقهاء والأصوليين بلفظ " رفع " بدل " وضع " ، وحول الحديث كلام يطول ذكره ، انظر المقاصد الحسنة ص 228 – 230 وكشف الخفاء 1/433-434. وكما يؤخذ من دراسة قوله تعالى : " رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " (روى الامام مسلم وغيره ما يفيد استجابة ربنا عز وجل لهذا الدعاء ، وروى كذلك عند الجعفرية : انظر مجمع البيان 2/404 ، وانظر كذلك تفسير بن كثير 1/342-343 ، والقرطبى 3/431-432 والكشاف 1/408.) وفي رفض الآلوسى لما ذهب إليه الشيعة قال : استدل بها بعض الشيعة على نفى إمامة الصديق وصاحبيه رضي الله عنهم ، حيث إنهم عاشوا مدة مديدة على الشرك ، وإن الشرك لظلم عظيم ، والظالم بنص الآية لا تناله الإمامة ، والاجابه بأن ( غاية ما يلزم أن الظالم في حال الظلم لايناله ، والإمامة إنما نالتهم رضي الله تعالى عنهم في وقت كمال إيمانهم وغاية عدالتهم ) ، ثم قال : " ومن كفر أو ظلم ثم تاب وأصلح لا يصح أن يطلق عليه أنه كافر ، أو ظالم في لغة وعرف وشرع ، إذ قد تقرر في الأصول أن المشتق فيما قام به المبدأ في الحال حقيقة وفى غيره مجاز ، ولا يكون المجاز أيضاً مطرداً بل حيث يكون متعارفاً وإلا لجاز صبى لشيخ ونائم لمستيقظ وغنى لفقير وجائع لشبعان وحى لميت وبالعكس ، وأيضاً لو اطرد ذلك يلزم من حاف لا يسلم على كافر فسلم على إنسان مؤمن في الحال إلا أنه كان كافراً قبل سنين متطاولة أن يحنث ، ولا قائل به " (انظر تفسير الآلوسى 1/307 - 308 . ملاحظه الإسلام أدرك سيدنا علي وهو صبى ، وأنه تربى في بيت النبوة ، واقتدى بابن عمه سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وتخلق بخلقه ، ولهذا كان أول من أسلم بعد خديجة رضي الله تعالى عنهما . الذين لم يسجدوا للأصنام كثيرون كالصحابة الذين عاشوا في بيئة إسلامية في صغرهم فنشئوا على الإسلام ، ثم الذين ولدوا في هذه البيئة ، فلا اختصاص لأمير المؤمنين هنا . · العصمة من الخطأ كبيره وصغيره ، عمداً وسهواً ونسياناً من المولد إلى الممات أمر يتنافى مع الطبيعة البشرية ، فلا يقبله العقل إلا بالدليل قطعى من النقل . وهذه الآية الكريمة لا تثبته للأئمة عموماً فضلاً عن أئمة الجعفرية على وجه الخصوص ، على أن دلالة القرآن الكريم تتنافى مع مثل هذه العصمة حتى بالنسبة لخير البشر جميعاً الذين اصطفاهم الله تعالى للنبوة والرسالة . .تأمُّلات في أدلَّة عصمة الأنبياء والأئمّة: كما ذكرنا تُمثِّل عصمة الأنبياء والأئمة الاثني عشر الركن الركين في الفكر الشيعي وتُعتَبَر من ضروريات مذهب الشيعة (الإمامية). يختلف علماء الشيعة في تعريف «العصمة»، لكن كيفية الأدلة التي يستخدمونها لإثبات ضرورة العصمة تأخذهم جميعاً دون أن يشعروا إلى تعريف واحد لمفهوم «العصمة» هو: «صون الأنبياء والأئمة من كل ذنب أو خطأ أو اشتباه (كبيراً كان أم صغيراً، وعن عمدٍ كان أم سهواً) بما يشمل جميع مجالات الحياة الفردية والاجتماعية المختلفة». يرى الأستاذ الشيخ «مصباح يزدي» أنه: «ليس المقصود من عصمة الأنبياء أو عصمة آخرين مجرد عدم ارتكابهم لذنب فحسب، لأنه من الممكن لفردٍ عاديٍّ أيضاً أن لا يرتكب الذنوب... بل المقصود هو امتلاك الشخص لملكة نفسية قوية تمنعه من ارتكاب الذنب مهما كانت الظروف. وهي ملكة ناتجة عن وعي كامل ودائم بقبح المعصية وعن إرادة قوية لكبح ميول النفس. ولما كان تحقُّق مثل هذه الملكة لا يتم إلا بعناية خاصة من الله، نُسبت فاعليَّتها إلى الله تعالى»(مصباح يزدي، محمد تقي: آموزش عقايد، ص237.). و«المقصود من الذنب الذي يُصان الشخص المعصوم من ارتكابه: فعل ما يطلق عليه في لسان الفقه عبارة الحرام وكذلك ترك ما يطلق عليه في لسان الفقه اسم الواجب(مصباح يزدي، محمد تقي: آموزش عقايد، ص238.). ومن وجهة نظر الأستاذ الشيخ «جعفر سبحاني»: «العصمة تعني الصون والحفظ لصاحبها، ولها في باب النبوة المراتب التالية: ا- العصمة في مقام تلقي الوحي وحفظه وتبليغه. ب- العصمة عن المعصية والذنب. ج- العصمة عن الخطأ والاشتباه في الأمور الفردية والاجتماعية»(سبحاني، جعفر: منشور عقائد امامية، ص 110. وبالطبع لقد ضمَّن الشيخ سبحاني في تعريفه للعصمة الصون من الخطأ في «مسائل الحياة العادية» و«في الحكم في المنازعات» و«في تشخيص الموضوعات والأحكام الدينية» بل ضمَّن مفهوم العصمة حتى صون المعصوم وحفظه من «بعض الأمراض الجسمية... التي تؤدي التي نفور الناس منه». أما من وجهة نظر الأستاذ الشيخ إبراهيم الأميني فالعصمة هي ما يلي: «العصمة عبارة عن قوة باطنية غير عادية (خارقة) وملكة نفسية قوية تحصل نتيجة مشاهدة حقيقة الكون ورؤية الملكوت وباطن عالم الوجود. وهي قوة استثنائية غيبية كل من وجدت فيه عُصم من كل خطأ وذنب بشكل مطلق وأصبح مصاناً ومحفوظاً من جهات مختلفة: 1. لا يخطئ أبداً في تلقي الوحي وإدراك وقائع الأمور. 2. لا يشتبه ولا يسهو في ضبط الأحكام والقوانين وحفظها. 3. لا يخطئ في تبليغ الأحكام وبيانها ولا يرتكب أي ذنب أو تقصير في ذلك. 4. مصانٌ في مقام العمل من العثرات والأخطاء سواء المتعمَّدة أم التي تقع سهواً فهو لا يذنب أبداً واحتمال الخطأ والذنب في حقّه صفرٌ.»أميني، إبراهيم: بررسى مسائل كلى إمامت، (أي دراسة وتحليل المسائل الكلية للإمامة) ص 171.. وهكذا نرى أن العصمة، في رأي كل من السادة الأميني والسبحاني، عبارة عن الصون من كل ذنب وخطأ وهفوة وتقصير وزلل (عمدي أم عن سهوٍ)، وفي جميع مجالات الحياة الفردية والاجتماعية. أما في رأي الأستاذ مصباح يزدي فالعصمة معناها الصون من ارتكاب «الذنب» فقط، وليس أي ذنب بل الذنب الذي يعتبر كذلك في لسان الفقه حصراً. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن جميع علماء الشيعة متفقون على أن الأنبياء والأئمة معصومون منذ بداية حياتهم (أي منذ ولادتهم وطفولتهم) وحتى آخر عمرهم فلا تقتصر عصمتهم على فترة نبوتهم أو إمامتهم فقط. والخلاصة إن نظرية العصمة من وجهة نظر الشيعة هي أن: «الأنبياء والأئمة الاثني عشر معصومون في جميع حياتهم كلِّها». الأدلة العقليّة على عصمة الأنبياء والأئمة ومناقشتها: نشير في ما يلي إلى بعض النماذج من الأدلة العقلية التي يستخدمها الشيعة في إثبات الضرورة العقلية لعصمة الأنبياء، ثم نعرّج على نقدها. الدليل الأول: «إن أنبياء الله مصانون في عملهم بأحكام الشريعة من كل ذنب وخطأ وزلل، ولا يتحقّق الهدف من إرسال الأنبياء إلا إذا كانوا يتمتعون فعلاً بمثل هذه العصمة لأنهم إن لم يكونوا ملتزمين تماماً وبدقة بالأحكام الإلهية التي يقومون بتبليغها للناس فستزول ثقة الناس بصدقهم وبالتالي لن يتحقّق هدف النبوة»(سبحاني، جعفر: منشور عقائد إلهية، ص 111. ). و بعبارة أخرى: «إن العصمة لازمة للأنبياء حتى تحصل الثقة بأقوالهم وحتى يتحقق الهدف من نبوتهم»(. سبحاني، جعفر: نقلا عن المحقق الطوسي: كشف المراد، ص 349.) فنقول: إن الدليل المذكور أعلاه قابل للنقد من جهات متعددة نشير إلى بعضها في يلي: 1. حتى لو كان هذا الاستدلال صحيحاً وتامّاً فإن أقصى ما يثبته هو ضرورة الصون من الذنوب المتعمَّدة والعلنيَّة أي التي تُرتكب أمام الناس وعلى الملأ، لا من الذنوب التي تقع أحياناً بسبب الغفلة أو السهو أو النسيان ولا الذنوب المخفيّة التي تقع في الخلوة بعيداً عن أعين الناس. إن السهو والنسيان والتعرض لبعض الغفلات الآنيّة والعابرة أمر طبيعي في الإنسان يقبله كل الناس ولا يوجد أحد يفقد الثقة بشخص لمجرد أنه ارتكب أحيانا خطأً أو ذنباً سهواً أو اشتباهاً. نعم، عندما يكون الشخص غارقاً في الذنوب ومنغمساً في الرذائل الأخلاقية (كمّاً وكيفاً)، لا يمكن الاعتماد عليه والثقة بكلامه، فإذا ادَّعى مثل هذا الشخص النبوَّةَ فلن يَقبلَ الناسُ دعوتَه. أما إذا ادَّعى إنسانٌ تقيٌّ ورعٌ ونزيهٌ ومُتَّصفٌ بجميع الشمائل الإنسانية الحسنة والفضائل الأخلاقية العالية، ورغم أنه غير معصوم إلا أنه مشهور بين الناس بنقاء الثوب واستقامة السيرة، إذا ادعى النبوَّةَ، فإن ادعاءه هذا يؤثر في الناس وينال اهتمامهم ويدعوهم إلى التأمل، فإذا أضيف إلى ذلك أن النبيَّ لا يدَّعي النبوَّةَ فقط بل يُظهرُ للناس، لإثبات نبوته، دلائلَ وبراهينَ ومعجزاتٍ، وهذه المعجزات (إضافة إلى جاذبيته المعنوية وتأثير كلامه في إيقاظ الفطرة النائمة لدى الناس) هي التي تُولِّد ثقة الناس به وتجعلهم يطمئنّون إلى صدقه. نعم، إذا قام بعد ذلك بانتهاك أحكام الله بنحو منتظم ومتكرِّر وارتكب المعاصي والأعمال القبيحة والموبقات (عالماً عامداً وأمام الناس) كان للناس الحق في أن يشكوا بنبوته ويفقدوا الثقة بصدق كلامه، أما إذا ارتكب بعض الذنوب مرات نادرة سهواً ونسياناً فلا يكون ذلك مدعاةً أبداً لشك أحدٍ في صدق دعواه النبوَّة. في الواقع لقد افترض الاستدلال الشيعي المذكور أن الإنسان لا يخلو من حالتين فقط لا ثالث لهما: 1- إما أن يغرق بالذنوب ويتلطخ بالمفاسد الأخلاقية 2-أو أن يكون معصوماً مطلقاً. بعبارة أخرى الإنسان إما يكون معصوماً أو غارقاً في الذنوب من رأسه إلى أخمص قدميه! ولا يوجد حلٌّ وسطٌ. ثم قالوا بعد ذلك أنه إذا كان الإنسان غارقاً في الذنوب فلن يثق الناس بصحة كلامه ولن يطمئنوا إلى صدقه وبالتالي لن يتحقق هدف النبوَّة، واستنتجوا على الفور أنه يجب أن يكون معصوماً مطلقاً إذن!. لكن أصحاب الاستدلال السابق غفلوا عن إمكانية وجود حالة ثالثة وهي أن يكون الشخص الذي يدَّعي النبوَّة غير معصوم إلا أنه في الوقت ذاته ليس غارقاً في الذنوب والمفاسد الأخلاقية بل يكون بشكل عام إنساناً تقياً نقياً نزيهاً مخلصاً فيشعر الناس نحوه بالحب والطمأنينة بسبب ما يجدوه فيه من نزاهة وطهر ونقاء وصدق وأمانة وما يمتلكه من جاذبية معنوية. وادعاء مثل هذا الشخص للنبوة – خاصة عندما يأتي بمعجزة خارقة لإثبات دعواه إضافة إلى سوابقه الحسنة ومكانته في قلوب الناس- يختلف من السماء إلى الأرض عن ادعاء شخص فاسق فاسد (أو حتى عادي) لا يمتلك أي مكانة في قلوب الناس ولا يستطيع أن يأتي بأي معجزة لإثبات دعواه. 2- كما ذكرنا في النقطة السابقة، إن أقصى ما يثبته ذلك الاستدلال هو ضرورة العصمة الظاهرية للأنبياء. بعبارة أخرى إذا اعتبرنا أن المعيار ثقة الناس فيكفي أن يكون الشخص المدَّعِي للنبوَّة إنساناً ظاهر الصلاح أي لا يُقْدِمُ على ارتكاب ذنب أو عمل قبيح أمام أنظار الناس وفي ملأ منهم، كي يتمكَّن الناس من الثقة به والاطمئنان إلى صدقه. ولا يثبت الاستدلال المذكور ضرورةَ أن يكون هذا الشخص مصوناً من كل خطأ وزلل وذنب في السرّ والخفاء. فهذا الدليل ناقصٌ وقاصرٌ. 3- الدليل المذكور قاصرٌ عن إثبات ضرورة العصمة قبل النبوة، لأنه قبل أن ينزِّل الله أوامره ونواهيه لا يوجد معنى للذنب أو لمعصية الله، فالقضية سالبة بانتفاء الموضوع (كما يقول المناطقة). لنفرض مثلا أن الشخص الذي لم يُبعث بالنبوَّة بعد أكل لحم الخنزير(كما يأكله سائر الناس في عصره ولا يعتبرون ذلك عملاً قبحاً)، فإذا ادَّعى هذا الشخص النبوَّةَ بعد ذلك وأعلن أن أحد قوانين شريعته حُرْمَةُ لحم الخنزير. فهل يجوز أن يُقال له في مثل هذه الحالة: إذا كان لحم الخنزير حراماً فلماذا كنت تأكله من قبل؟ من البديهي أنه لا يصحُّ توجيه مثل هذا الاعتراض إليه، لأن النبيَّ يمكنه أن يقول بكل بساطة: لم أكن أعلم بحرمة لحم الخنزير في ذلك الوقت (قبل أن أبعث نبيّاً)، وأساساً بما أن حرمته لم يتم إعلانها للناس بعد فهو لم يكن حراماً حينها من الأصل، نعم من الآن فصاعداً يجب علينا جميعاً أن نجتنب أكله. فأين المحظور العقلي في مثل هذه الحالة؟ المهم أن يلتزم النبيّ بعد نبوته بقوانين شريعته بمقدار استطاعته البشـرية ولا يرتكب ذنوباً وأعمالاً قبيحةً عالماً عامداً. إن ما يوجب زوال ثقة الناس ويمنع تحقُّق هدف النبوة هو عدم التزام النبيّ بأحكام الشريعة في فترة نبوته وأن تحصل هذه الانتهاكات منه بشكل متكرِّرٌ وعن علم وعَمْد، أما الذنوب والأخطاء التي ارتكبها النبيّ قبل ادعائه النبوة فإنها لا تضر بثقة الناس لأن تلك الأعمال لا تعدّ ذنوباً أساساً قبل أن ينهانا الله عنها بواسطة الوحي. 4- حتى لو صح الاستدلال المذكور أعلاه وكان تاماً فإنه لا يثبت إلا ضرورة العصمة من الذنب لا العصمة من الخطأ والاشتباه، وهذه نقطة هامة. الأنبياء يعلنون دائماً أنهم بشرٌ مثلُنا وأن الفرق الوحيد بيننا وبينهم هو أنهم يُوحى إليهم من الله. ومضمون الوحي الإلهي هذا هو ما جاء في الكتب السماوية، أي مجموعة الحقائق الإلهية والتعاليم والأحكام الكلية التي يُكَلَّف بها المؤمنون. إن الأنبياء لا يقولون أبداً إن جميع أعمالهم وحركاتهم صغيرها وكبيرها (حتى تلك التي تتعلق بالحياة الفردية والخاصة) تتم بإرشاد الوحي، حتى إذا ما وجد الناس في أعمالهم تلك خطأ (كالاشتباه في اختيار الزوجة مثلاً) شكُّوا بادعاءاتهم النبويَّة!. بناء على ذلك إذا اشتبه نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم مثلاً في اختيار الحرّاس المؤهّلين والأمناء والمطيعين وعهد إليهم الحفاظ على مضيق جبل أحد وأدى هذا الاشتباه إلى الخسارة في معركة أحد فلن يشك أحد بنبوّته، لأن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لم يدّع أن عهده إلى أولئك الأفراد بالمهمة المذكورة كان بوحي الله وأمره. 5- إن الذي يقول: «العصمةُ لازمةٌ وضروريةٌ للأنبياء كي تحصل الثقة بأقوالهم ويتحقّق الغرض من نبوتهم» قد جعل من نفسه -دون أن يخوِّله أحدٌ أو يسمح له بذلك- ممثلاً عن مليارات الناس من أتباع الأديان الإلهية في جميع أنحاء العالم. ذلك لأن أهل السنة مثلاً (الذين يشكلون أكثرية المسلمين ويقترب عددهم من المليار) لا يعتبرون الأنبياء معصومين(يقصد معصومين عصمةً مطلقةً بالمعنى الشيعي، أما عصمة الأنبياء في التبليغ عن الله وبيان دينه وشرعه فمتفق عليها بين المسلمين ) ومع ذلك هم مطمئنون لصدقهم معترفون بنبوّتهم. كذلك لا يعتبر أتباع سيدنا عيسى (أي المسيحيون) أن عيسى معصوم ولكنهم يؤمنون بنبوّته ويعتقدون بها ولا يعتبرون أن عدم عصمة ذلك النبيّ موجبٌ لعدم ثقة الناس به، والأمر ذاته ينطبق على أتباع الأديان الأخرى. 6- إن الدليل المذكور يتناقض بوضوح مع ادعاء الشيعة أن صفة العصمة لا يمكن لأحد أن يعرف وجودها لدى شخص ما. يرى الشيعة -كما نعلم- أن الإمام وخليفة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لا بد أن يكون معصوماً، ثم يقولون: إنه لما كانت صفة العصمة غير قابلة للتشخيص والمعرفة مِنْ قِبَل الناس، لذا لا تتحقق الإمامة إلا بنصب الله للإمام وقيام النبيّ (أو الإمام المعصوم السابق) بتعريف الإمام للناس. ولكن في الاستدلال مورد البحث قيل إنه لو لم يكن النبيّ معصوماً فلن يثق الناس به ولذا لن يتحقق الغرض من نبوته. فالسؤال الذي يطرح نفسه عندئذ: كيف يتسنَّى للناس أن يدركوا وجود العصمة لدى شخص كي يقبلوا بناء على ذلك ادعاءه للنبوة ويثقوا بكلامه؟!. إن أكثر ما يستطيع الناس أن يدركوه في شخص ما هو أنه حتى الآن لم يصدر عنه أي ذنب أو إثم أو عمل قبيح، ولكن كلنا نعلم أن هذا يختلف عن العصمة المدَّعاة كثيراً، فقد يرتكب ذلك الشخص في خلوته وفي السـرّ أعمالاً قبيحة دون أن يعلم الناس عنها شيئاً. فلا يوجد أي طريق يستطيع الناس من خلاله أن يثبتوا عصمة شخص ما، فكيف إذن سيقبل الناس دعوة الأنبياء ويثقوا بصدقهم (دون يتمكنوا من الاطمئنان إلى عصمتهم)؟ إن أي إجابة تقدّم على هذا السؤال ستكون نافية لضرورة العصمة. 7- وآخر إشكال في ذلك الاستدلال هو أنه لو صحّ للزم عنه أن لا تقتصـر ضرورة العصمة على عصمة الأنبياء (والأئمة) فقط بل أن تُشْتَرطَ أيضاً في العلماء والمجتهدين والقضاة والقادة العسكريين والحكّام وكل إنسان يمتلك مقاماً مهماً أو شغلاً حياتياً وحسَّاساً. ذلك لأننا نستطيع بتطبيق المنهج ذاته أن نستدل على أنه لو لم يكن المجتهد معصوماً لما استطاع الناس أن يثقوا به ويسلِّموا رقابهم ومصيرهم الأخروي إليه عندما يقلدونه في فتاواه وآرائه. كذلك إذا لم يكن القاضي معصوماً فلا يمكن للناس أن يعتمدوا عليه وأن يجعلوه حكماً في نزاعاتهم واختلافاتهم ومتصـرِّفاً دماء الناس وأموالهم وأعراضهم ومكانتهم تحت تصرفه. فلا بد أن يكون القاضي معصوماً أيضاً! وحتى الشهود يجب أن يكونوا معصومين لأنه لو لم يكونوا كذلك لما أمكننا الثقة بصدق كلامهم ونحن نعلم أن شهادتهم الكاذبة قد تهدد بالخطر أرواح الناس الأبرياء وأموالهم وأعراضهم ومكانتهم الاجتماعية وهذا الأمر يصبح أكثر وضوحاً في المنازعات الكبيرة التي تقع في المستويات العليا للحكومة والمجتمع، إذ يمكن لحكم خاطئ وغير عادل لقاضٍ ما أو لشهادة كاذبة أن توجه لطمة كبيرة إلى الحكومة والمجتمع وتؤدي إلى وقوع ظلم على ملايين الناس الأبرياء والمظلومين. قد تقولون بشأن اشتراط العصمة في المجتهدين ومراجع التقليد إن الأئمة المعصومين أمرونا في عدة أحاديث وروايات أن نرجع إلى المجتهدين في زمن الغيبة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: من هم أولئك الذين رووا لنا تلك الأحاديث (أو بعبارة أدق تلك «الادعاءات»)؟ لا شك أنكم تعلمون جيداً أن جميع رواة تلك الأحاديث فقهاء ومجتهدون أي أنهم جميعاً غير معصومين، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكننا أن نثق بصدق كلامهم؟ خاصة إذا انتبهنا إلى أنهم ينتفعون شخصياً من هذه «الادعاءات». إذن بناء على منطق الشيعة يجب أن نقول: «إن عصمة الفقهاء لازمة وضرورية كي تحصل الثقة بكلامهم»!. الدليل الثاني: «الهدف الأساسي من بعث الأنبياء هو هداية البشر وإرشادهم نحو الحقائق والواجبات التي حددها الله تعالى للناس، فالأنبياء هم في الحقيقة ممثلون عن الله بين الناس ويجب أن يهدوا البشر إلى صراط الله المستقيم. إذا كان الأمر كذلك فإن عدم التزام مثل هؤلاء الممثلين عن الله بأوامر الله ومخالفتهم بأنفسهم لمضمون رسالتهم سيفسِّره الناس على معنى أن سلوكهم بيانٌ مناقضٌ لأقوالهم وبالتالي لن يجدوا الثقة اللازمة بأقوالهم ونتيجة لذلك لن يتحقق الهدف من بعثتهم بشكل كامل أبداً. إذن فإن حكمة الله ولطفه يقتضيان أن يكون الأنبياء أفراداً منزهين من كل إثم ومعصومين من كل ذنب وأن لا يصدر عنهم أي عمل سيء حتى من باب السهو والنسيان كي لا يظن الناس أن ادعاءهم السهو والنسيان ليس سوى حجة يبرِّرون بها ارتكابهم الذنوب»(مصباح يزدي، محمد تقي: آموزش عقايد، ص243.). هذا الدليل الثاني عين الأول الذي أوردناه قبله ودرسناه ونقدناه، ولا نرى فيه أيَّ جديد. نعم إذا كان الأنبياء –على حد قول أولئك السادة العلماء- «غير ملتزمين بأنفسهم بالأوامر الإلهية» فإن الناس لن يثقوا بهم؛ أما إذا التزموا بأوامر الله ولكن وقع منهم زلل في بعض الحالات الاستثنائية ولم يكن ذلك عن عمد بل سهواً ونسياناً فوقعوا في ذنب ما لكنهم سرعان ما تابوا منه واستغفروا ربهم وسعوا في تدارك التقصير الذي بدر منهم، فإن الناس لن يفقدوا أبداً ثقتهم بهم. إن أقصى ما يمكن لهذا الدليل أن يثبته (كالدليل الذي قبله) هو أن الأنبياء وأئمة الدين لا يجوز أن يكونوا أفراداً مستهترين متهتكين، ولكن الاستهتار ليس نقيض العصمة بحيث إذا نُفِيَ الاستهتار ثَبَتَت العصمة تلقائياً، بل الأمر خلاف ذلك إذ يوجد بين الاثنين حالات وسيطة أخرى بعضها على الأقل لا يسلب ثقة الناس بالأنبياء. والقصة ذاتها تنطبق على صونهم من كل سهو أو نسيان، فإذا تكرر السهو والنسيان مرات عديدة على نحو يؤدي إلى قيامهم بشكل متكرر بأعمال قبيحة فإن هذا قد يسلب ثقة الناس بهم أما إذا وقع السهو والنسيان في حالات قليلة واستثنائية فإنه لا يسلب أبداً ثقة الناس بهم لأن الناس يعتبرون الأنبياء بشراً طبيعيين وأن السهو والنسيان (في الحد المتعارف عليه) أمر طبيعي لا ينفك عنه الإنسان. مرة ثانية أؤكد أن جميع الإشكالات الموجودة في الدليل الأول واردة على هذا الدليل أيضاً والدليلان هم في الحقيقة دليل واحد. الدليل الثالث: «إضافة إلى وظيفتهم في إبلاغ الناس مضمون الوحي والرسالة التي أُرسلوا بها وبيان الطريق المستقيم للناس فإن للأنبياء وظيفة هامة أخرى أيضاً وهي تزكيتهم نفوس البشر وتربيتهم الأفراد المستعدين لإيصالهم إلى آخر مراحل الكمال الإنساني. بعبارة أخرى: إن من واجبات الأنبياء، إضافة إلى تعليم الناس وإرشادهم، تربية الخلق تربية شاملة عامة تشمل أيضاً أكثر أفراد المجتمع استعداداً وأبرزهم أهلية ومثل هذا المقام لا يصلح له إلا أشخاصٌ وصلوا إلى أعلى مدارج الكمال الإنساني وحازوا أكمل الملكات النفسية (وهي ملكة العصمة)»( مصباح يزدي، محمد تقي: آموزش عقايد، ص243). هذا الاستدلال لا يثبت أكثر من وجوب أن يكون الأنبياء أفضل الناس وأكثرهم رشداً وصلاحاً كي يتمكنوا من إصلاح الناس وتربيتهم معنوياً، ولكنه لا يثبت عصمتهم بالمعنى الذي تقوله الشيعة، لأن كون الإنسان أفضل الخلق وأكملهم لا يقتضي بالضرورة امتلاكه لتلك العصمة. قيل في هذا الدليل إن الأنبياء جاؤوا لتزكية نفوس الناس وتربيتهم «ولكي يوصلوا الأفراد الذين هم أهل لذلك إلى آخر مراحل الكمال الإنساني» وهذا صحيح، لكنه لا يقتضـي بالضـرورة أن يكون الأنبياء أنفسهم واصلين إلى مثل تلك المرحلة (أي آخر مرحلة من مراحل الكمال الإنساني) كي يستطيعوا بعد ذلك أن يأخذوا بأيدي الناس ويسيروا بهم في مدارج الكمال، لأن الأنبياء أنفسهم يمكنهم أن يكونوا في حال طيّ مراحل الكمال وأن تكون سرعة سيرهم – بفضل التربية الإلهية الخاصة- أسرع من الآخرين، أفلا يستطيعون، في مثل هذا الفرض، أن يهدوا الناس ويقودوهم ويأخذوا بأيدي الأفراد المؤهلين ويسيروا بهم في سلَّم الكمال (رغم أنهم أنفسهم لم يصلوا إلى آخر مراحله على الإطلاق بعد)؟ وهذا مثل المعلم الذي مستواه العلمي في مستوى الثانوية العامة ويقوم حالياً بتدريس طلاب المرحلة الإعدادية (المتوسطة). فإذا بقي ذلك المعلم في نفس مستواه العلمي دائماً ولم يرتق بعلمه لن يستطيع أن يوصل تلاميذه إلى مرحلة أعلى من مرحلة الثانوية، لكنه إذا واصل دراسته جنباً إلى جنب التدريس وتقدّم في المعرفة واجتاز مستويات العلم واحداً بعد الآخر أمكنه أن يوصل تلاميذه إلى المراحل الجامعية العليا. فليس ضرورياً أن يكون المعلم منذ أول لحظة واصلاً إلى أعلى درجات العلم (كالدكتوراه مثلاً) كي يستطيع أن يوصل تلاميذ المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية أو الجامعية. إذا اعتبرنا أن طريق المعرفة لا منتهى له، أمكننا أن نفترض أن الناس المتقدمين في هذا الطريق يسيرون دائماً بنحو أسرع من الآخرين دون أن يصلوا إلى نهايته (أي العلم بما كان وما يكون والمعرفة المصونة عن أي خطأ). إذا كان كذلك أفلا يستطيع مثل هؤلاء المعلِّمين أن يعلِّموا الآخرين والأفراد المؤهلين ويسحبوهم معهم نحو المراتب العليا؟ من البديهي أن الإجابة إيجابية. والقصة ذاتها تنطبق على الكمالات المعنوية. الأمر الضروري هو أن يكون المربي في مرتبة أعلى وأرقى من تلاميذه ويكون في الوقت ذاته في حال ترقٍ وكمال وسير في المقامات المعنوية ليحافظ على تفوقه على تلاميذه دائماً. وللدليل المذكور قسم مكمل يقول: «إضافة إلى ذلك، إن دور سلوك المربي أساساً أهم بكثير من دور كلامه، بمعنى أن الذي يعاني من نواقص وعيوب في سلوكه لن يكون لكلامه التأثير المطلوب، وبالتالي فلا يمكن للهدف الإلهي من بعث الأنبياء كمربين للمجتمع أن يتحقق بشكله الكامل إلا إذا كانوا معصومين في سلوكهم كما في أقوالهم من كل خطأ وزلل»( مصباح يزدي، محمد تقي: آموزش عقايد، ص244). مرة ثانية نقول في نقد هذا الدليل: لو كانت التقصير والعيوب كثيرة وكان المربي ذاته يرتكب بشكل متكرر أعمالاً قبيحة ويتصرف بسلوك شائن لا يليق بشأن المربي فلا شك أنه لن يكون لكلامه التأثير المطلوب، أما إذا كانت تلك الموارد نادرة واستثنائية ووقعت نتيجة سهو أو نسيان فلن تمنع أن يكون لكلام المربي التأثير المطلوب. إلى هنا أكدت الأدلة العقلية للعصمة، أكثر، على ضرورة صون المعصوم عن الذنوب والأعمال القبيحة. لكن علماء الشيعة يقيمون أدلة لإثبات ضرورة العصمة من كل خطأ وزلل في أمور الحياة الفردية والاجتماعية، بل حتى في المسائل العادية وغير ذات الأهمية في الحياة العائلية الخاصة، ونشير فيما يلي إلى نماذج عن أدلتهم هذه: «في ذهن أغلب الأفراد هناك تلازم بين الخطأ في مثل هذه المسائل والخطأ في الأحكام الدينية، وبالتالي فإن ارتكاب خطأ في مثل هذه المسائل، يهزّ ثقة الناس واطمئنانهم إلى شخص النبيّ وفي النهاية يفسد الغرض من البعثة»(سبحاني، جعفر: منشور عقايد إماميه، ص 113.). ومعنى هذا الكلام أنه لو أخطأ النبيّ في مسائل الحياة العادية أو في المسائل الاجتماعية لاعتبره الناس جائز الخطأ وبالتالي شكوا بتعاليمه الدينية وقالوا في أنفسهم: من يدري! ربما أخطأ النبيّ في هذه التعاليم أيضاً. إذن يجب أن يكون النبيّ (والإمام) معصوماً في جميع مراحل حياته الفردية والاجتماعية وشؤونها من كل خطأ وزلل وسهو ونسيان، لأن الناس قد يعمّمون أي خطأ أو سهو أو نسيان يقع منه في تلك الأمور على التعاليم الدينية وبالتالي يفقدون ثقتهم بصحتها. ولكن هذا الاستدلال إنما يصح إذا كان الأنبياء يدَّعون أن مصدر جميع حركاتهم وسكناتهم وكل قول وفعل لهم هو الوحي الإلهي، ففي هذه الصورة إذا شاهد الناس خطأ وعثرة للنبيّ في أمور حياته الشخصية أو الاجتماعية سيقولون في أنفسهم من يدري أنه لم يقع في خطأ مشابه فيما يقوله من التعاليم الدينية. أما إذا لم يدَّع الأنبياء مثل ذلك الادعاء وقالوا للناس إن أحكام الله وحقائق الدين هي فقط التي يُوحى بها إلينا، أما شؤون حياتنا اليومية فهي مثل سائر البشر ، فإن الناس لن يخلطوا عندئذ أبداً بين هاتين الحالتين وسيفصلون بينهما، وهذا هو بالضبط ما وقع فعلاً في عالم الواقع حيث أن الأنبياء صرّحوا أنهم جاؤوا بتعاليمهم الدينية عن الله ومن طريق الوحي ولم يدَّعوا أبداً أنهم يُوحى إليهم في كل مسألة من شؤون الحياة العادية، مثل الزوجة التي اختاروها مثلاً أو المهر الذي أعطوه لها أو العمل أو المهمّة التي عهدوا بها إلى فلان، أو العمل الذي اشتغلوا به واللباس الذي لبسوه وماذا يأكلون وماذا لا يأكلون و....الخ والناس يعلمون أن الأنبياء يقومون بمثل هذه الأعمال معتمدين على العقل العرفي والمعرفة والتجربة البشرية ويعتبرون أن احتمال الخطأ أو الغلط في مثل هذه الأمور طبيعيٌّ تماماً. ففي معركة أحد، كان رأي كثير من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنه غير مصيب في اختيار التكتيك القتالي (بالبقاء بالمدينة) وأن الأفضل الخروج من المدينة ومواجهة العدو في منطقة جبل أحد. هؤلاء الصحابة الأجلاء رغم أنهم كانوا يعتبرون أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جائز الخطأ في مثل هذه الأمور المتعلقة بالحياة الفردية والاجتماعية والحكومية إلا أنهم كانوا مؤمنين تماماً بنبوّته. من مجموع الأمور التي ذكرناها في نقد الأدلة العقلية على ضرورة عصمة الأنبياء (في فترة نبوتهم) يمكننا أن ننقد بكل راحة ويسر ادعاء الشيعة ضرورة عصمة الأنبياء (والأئمة) قبل النبوة (أو قبل الإمامة) وفي فترة الطفولة. فدليل الشيعة على ذلك هو ما يلي: «إذا قضى الإنسان مرحلةً من عمره في الإثم والضلال ثم أخذ بيده مشعل الهداية فإن الناس لن تثق به حق الثقة أما إذا كان الشخص منزهاً منذ بداية حياته من كل تلوث ورجس فإنه سيكون قادراً بشكل جيد على حيازة ثقة الناس به. أضف إلى أن المغرضين ومنكري الرسالة يمكنهم بيسـر وبساطة أن يشيروا إلى سوابق الشخص المظلمة فيطعنوا بشخصيته وبالتالي يهزّوا الثقة برسالته»(سبحاني، جعفر: منشور عقايد إماميه، ص 112.). أجل، إذا صرف إنسانٌ نصف حياته في الإثم والمعصية والضلال حتى اشتهر بين الناس بوصفه شخصاً فاسقاً آثماً ملطخاً بالقبائح والرذائل الأخلاقية كالكبر والغرور والأنانية والحرص والطمع في مال الدنيا وحب الرئاسة والجاه و..... فلن يقبلوا أبداً ادعاءه النبوة. ولكن هل الأمر دائر فقط بين أن يكون الشخص إما معصوماً أو غارقاً في الآثام والمعاصي؟ ألا يوجد حل ثالث أم أننا أمام حصر عقلي بين حالتين فقط؟ السؤال هنا هو: إذا كان الشخص غير معصوم ولكنه كان إنساناً محترماً بين الناس متمتعاً بالشمائل الحسنة والفضائل الكريمة ومتنزهاً عن الرذائل الأخلاقية وبعيداً عن الأعمال القبيحة والمنكرة، ويتمتع بمستوى أخلاقي أعلى من عامة الناس وقد شهد الناس صدقَه وصلاحَ أعماله ونقاءه ومحبته، وإضافة إلى ذلك جاء بمعجزة لإثبات دعواه، هل ستكون دعواه النبوة والرسالة عقيمة لا أثر لها؟ بالمناسبة لماذا يُهمِل علماؤنا في أدلتهم تلك ذكر أهمية المعجزة ودورها الهام في إثبات دعوى النبوة، كما لا يشيرون إلى الجاذبية المعنوية للأنبياء ومكانتهم العميقة في قلوب الناس؟ ثم ما المقصود من السوابق المظلمة التي يجب أن يكون النبيُّ منزَّهاً عنها كي لا تهتزّ ثقة الناس به؟ إذا كان المقصود الشهرة بالظلم والفساد وأكل مال الحرام و....فلا ينكر أحد أن هذا أمر مظلمٌ يمكن الاستناد إليه للطعن بشخصية النبيّ واهتزاز الثقة به (وبالطبع فإن اللهَ أعلم حيث يجعل رسالته، ولا يختار لنبوّته مثل أولـئك الأشخاص حتى لا تحدث مثل تلك المشكلة)، ولكن كيف يمكن أن نعتبر ارتكاب بعض الذنوب الصغيرة في الماضي سهواً ونسياناً وليس عن عمد «سوابق مظلمة»؟! (خاصة إذا صدرت تلك الذنوب أو العثرات زمن الطفولة وحداثة الشباب). لماذا نلعب بالكلمات بدلاً من الاستدلال العقلي الصحيح؟ هل فعلاً إذا علمنا أن النبيّ كذب كذبة في سن الطفولة (في السابعة من عمره مثلاً) فإن هذا يتيح لنا أن ننكر نبوته الآن؟! حتى إذا كان في فترة بلوغه ورشده وشبابه إنساناً فاضلاً تقياً نقياً وصادقاً أميناً وأتى بمعجزة لتأييد رسالته، وخطفت جاذبيته المعنوية قلوبنا، وأدهش جمال تعاليمه عقولنا؟! هل من الصحيح أن جميع تعاليمه الحياتية ستصبح بلا أثر بسبب كذبة صغيرة ارتكبها في طفولته؟ الأدلة النقليّة على عصمة الأنبياء (والأئمة) ونقدها: الدليل الأول: «سمَّى القرآن الكريم جماعةً من الناس بالمُخْلَصين (الخالصون لِـلَّهِ) وبيَّن أن إبليس لا طمع له في إضلالهم في حين أنه أقسم (أي إبليس) أن يضل جميع عباد الله إلا أنه استثنى منهم عباد الله المخلَصين. كما نقل لنا تعالى قول الشيطان ذاك في سورة (ص) الآيتين 82 و83: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ﴾. ولا شك أن عدم طمع إبليس في إضلال المخلَصين ليس إلا لكونهم مُصانين ومحفوظين من الضلال والتلوث بالمعاصي وإلا لشملهم بعداوته ولما كفّ عن السعي في إضلالهم. بناء على ذلك فالمخلَص يساوي المعصوم. ورغم أننا لا نملك دليلاً على اختصاص هذه الصفة بالأنبياء إلا أنها تشملهم بلا أدنى شك. لا سيَّما أن القرآن الكريم أطلق لقب المُخلَصين صراحة على بعض الأنبياء(كقوله تعالى مثلاً: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا﴾ (مريم/51))... كما اعتبر علة حفظ يوسف وصونه من الزلل في أشد الظروف صعوبةً أنه كان مخلَصاً (سورة يوسف/24)»(مصباح يزدي، محمد تقي: آموزش عقايد، ص244. والآية المشار إليها هي قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ). هناك ثلاثة إشكالات أساسية نلاحظها في الاستدلال المذكور نشير إليها فيما يلي: 1. إن الآيتين 82 و83 من سورة ص لا تشيران إلى أكثر من أن هناك من بين عباد الله أشخاصاً مخلَصين لا يستطيع الشيطان أن يضلهم وبالتالي فإنهم لا يرتكبون الذنوب. أما أنه هل جميع الأنبياء (والأئمة) مخلصون أم لا، فهذا ما لا تقول عنه الآيتان شيئاً. إذن فالتمسك بالآيتين لا يمكنه أن يثبت عصمة جميع الأنبياء من كل ذنب. وعلى العكس هناك آيات عديدة في القرآن الكريم تنسب بصـراحة بعض الذنوب للأنبياء سنشير إليها لاحقاً. 2. أقصى ما تثبته الآيتان هو عصمة بعض الناس (أي هؤلاء المخلَصين) من الذنوب المتعمَّدة لا من الذنوب الصادرة سهواً (فضلاً عن الخطأ أو الزلل في أمور الحياة الفردية أو الاجتماعية). ولا يمكننا أن نثبت أن السهو والنسيان اللذين يؤديان أحياناً إلى الوقوع في ذنب إنما يحصلان نتيجة إغواء الشيطان، بحيث أن الشيطان لو قطع أمله من إضلال شخص ما وكفّ عن الوسوسة إليه فإنه من الممكن مع ذلك أن يقع في ذنب بسبب سهو أو نسيان عاملهما شيء غير الشيطان. إن الخطأ والاشتباه في أمور الحياة الفردية والاجتماعية أيضاً (على الأقل في بعض الحالات) لا علاقة له بإغواء الشيطان، فحتى لو لم يوجد الشيطان أصلاً، لأمكن أن يخطئ الإنسان أو يشتبه في المسائل المتعلقة بحياته. فهذا الدليل إذن أخصُّ من المُدَّعَى. 3. لا تدل هذه الآيات ولا الآيات الأخرى التي أطلقت صفة المخلَصين على بعض الأنبياء على أن الأنبياء كانوا مخلصين في جميع فترات عمرهم (قبل النبوة وحتى في سن الطفولة) إن معنى المخلَص هو «الذي أخلص» وليس معناه «الذي جاء إلى الدنيا مخلَصاً». الدليل الثاني: «اعتبر القرآن الكريم أن طاعة الأنبياء واجبةٌ بنحو مطلق ومن ذلك قوله تعالى في الآية 63 من سورة النساء ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله...﴾، ولا تصح طاعة الأنبياء المطلقة إلا إذا كانت على خط طاعة الله وكان اتباعهم لا يتنافى مع طاعة الله، وإلا فإن الأمر بطاعة الله مع الأمر بطاعة أشخاص يمكن أن يقعوا في الخطأ والانحراف طاعةً مطلقةً سيؤدي إلى التناقض»(مصباح يزدي، محمد تقي: آموزش عقايد، ص245. ونقول : إن هذا الدليل أيضاً قاصرٌ عن إثبات نظرية العصمة – كما تقول بها الشيعة – وفيه نقاط ضعف كثيرة نشير فيما يلي إلى بعضها: 1. إن هذا الدليل يثبت ضرورة عصمة الأنبياء في تلقيهم الوحي وتبليغهم له وبيانهم لتعاليم الدين ولا يثبت عصمتهم من كل ذنب أو خطأ أو اشتباه (حتى في أمور الحياة الفردية والاجتماعية الخاصة) لأن اتباع الأنبياء معناه اتباع أوامرهم المتعلقة بأمر الدين وتعاليم الوحي، وليس اتباعهم في مسائل الحياة الفردية والاجتماعية التي لا علاقة للدين بها. وإذا وضعنا هذا جانباً، نقول إن أقصى ما تثبته الآية 63 من سورة النساء ونظائرها هو أن الأنبياء لا يدعون الناس أبداً إلى أمر مخالفٍ لما يحبُّه الله ويرضاه. فأوامر النبيّ هي أوامر الله تعالى. ولكننا لا نستطيع أن نستنبط من تلك الآية أن الأنبياء أنفسهم في طاعتهم لِـلَّهِ لا يمكن أن يقعوا في أي خطأ أو زلل أو ذنب (عمداً أو سهواً). فإن قلتم: إذا ارتكب الأنبياء ذنباً لم يعودوا أسوة للناس، ولم يعد بإمكان الناس الاقتداء بهم، هذا في حين أن القرآن أمرنا أن نقتدي بالأنبياء ونتأسَّى بهم. القرآن يريد منا أن نجعل الأنبياء أسوة لنا وقدوة، فإذا ارتكبوا خطأ أو ذنباً، كان معنى ذلك أن الله يريد منا نحن أيضاً أن نخطئ ونذنب، ومعلوم أن مثل هذا الأمر محال على الله. نقول : ليس معنى الاقتداء والتأسي أن نقلد كالببغاء كل عملٍ فردي من أعمال النبيّ بصورة منفصلة عن رسالته ودعوته. الاقتداء معناه أن نجعل أوامر النبيّ وتعاليمه وإرشاداته مشعلاً نهتدي به في حياتنا ونتأسى به في عمله بهذه التعاليم والأوامر. بعبارة أخرى مفاد الآيات المذكورة أعلاه طاعة أوامر الأنبياء والاهتداء بهديهم وتعاليمهم وليس التقليد كالببغاء لجميع تصرفاتهم وحركاتهم. ثم إنه من الواضح أولاً: أن الأنبياء لا يدعوننا أبداً إلى ارتكاب الذنوب (وهذا يختلف بالطبع عن موضوع عصمتهم)، وثانياً: هم أنفسهم يجتهدون دائماً في مراعاة هذه الأوامر والتعاليم فلا يرتكبون ذنباً بقدر طاقتهم البشـرية وإذا ارتكبوا أحياناً وفي حالات معدودة ذنباً سهواً أو نسياناً، فإنهم – طبقاً لتعاليمهم أنفسهم – يسـرعون إلى التوبة والاستغفار ( كما ذكرت آيات عديدة توبة الأنبياء واستغفاراتهم)، واقتداؤنا برسل الله هو في هذا الأمر بالذات أي أننا نسعى حتى الإمكان ألا نقع في أي ذنب فإذا زلت أقدامنا وأذنبنا فإننا نسارع فوراً مثلهم (وبناء على تعاليمهم) إلى التوبة وطلب المغفرة ونكفِّر عن ذنوبنا طبقاً لما يأمر به الشرع. ليس معنى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أننا إذ الرجوع الى أعلى الصفحة |
أدوات الموضوع | |
|
|