جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق مايشاء وهو العليم القدير ( الروم:54)
الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق مايشاء وهو العليم القدير ( الروم:54)
هــذه الآية الكريمة جاءت في خواتيم سورة الروم, وهي سورة مكية وآياتها ستون بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بالتنبؤ بانتصار الروم علي الفرس قبل وقوعه بعدد من السنين, وبعد أن كانوا قد هزموا هزيمة منكرة أمام الجيوش الفارسية. وهذا الخبر يمثل جانبا من جوانب إعجاز القرآن الكريم يعرف باسم الإعجاز التنبئي. ويدور المحور الرئيسي لـ سورة الروم حول عدد من ركائز العقيدة الإسلامية, شأنها في ذلك شأن كل السور المكية. وتبدأ سورة الروم بقول ربنا( تبارك وتعالي): ألم* غلبت الروم* في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون* في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون* بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم*( الروم:1 ـ5). والحروف المقطعة التي استهلت بها هذه السورة المباركة( ألم) تكررت في مطلع ست من سور القرآن الكريم هي( البقرة, آل عمران, العنكبوت, الروم, لقمان, السجدة) وجاءت مرة واحدة بالصيغة( ألمر) في مطلع سورة الرعد. والحروف المقطعة بصفة عامة تعتبر من أسرار القرآن الكريم التي أوكلها أغلب المفسرين إلي علم الله( تعالي), وحاول البعض تفسيرها بما عرضناه من قبل في عدد من المقالات السابقة. وقد أشارت الآيات إلي هزيمة الروم في أدني الأرض وهي منطقة حوض وادي عربة ـ البحر الميت ـ وادي الأردن وقد أثبتت الدراسات العلمية أنها أكثر أجزاء اليابسة إنخفاضا عن مستوي سطح البحر, وهي في الوقت نفسه أقرب الأراضي إلي أرض الحجاز, ولفظة( أدني) تحتمل المعنيين: الأخفض والأقرب. وأكدت السورة الكريمة أن الروم سوف يغلبون من بعد غلبهم هذا في بضع سنين, ـ والبضع في العربية بين الثلاث والتسع, وقد تحقق ذلك بالفعل. وأكدت الآيات كذلك أن الأمر لله تعالي من قبل ومن بعد, وأن النصر بيده يهبه لمن يشاء( وهو العزيز الرحيم), كما أكدت فرح المسلمين يومئذ لسببين: أولهما: لانتصارهم في معركة بدر الكبري علي كفار ومشركي قريش, وثانيهما: لإنتصار الروم علي الفرس, وقد تحققت البشريان بأمر الله( تعالي). ثم تتتابع الآيات مؤكدة أن وعد الله لايخلف, ومستنكرة أن أغلب الناس غافل عن حتمية الآخرة وغير معتبر بإبداع الخالق في النفس الإنسانية. وفي السماوات والأرض ومابينهما, كما تستنكر كفرهم بلقاء ربهم, وعدم اعتبارهم بما حدث للأمم من قبلهم جزاء تكذيبهم بها وبآيات الله ورسله. وتستمر الآيات في التأكيد علي حقيقة أن الله تعالي يبدأ الخلق ثم يعيده, وأن الخلق جميعهم إليه راجعون, وأن المجرمين سوف يحزنون في الآخرة حزنا شديدا يبلغون به حد اليأس, وأن شركاءهم الذين أشركوهم في عبادة الله تعالي سوف يتخلون عنهم فيكفرون بهم, ويتفرق الخلق إلي الذين آمنوا وعملوا الصالحات فينعمون في الجنة, والذين كفروا وكذبوا بآيات الله ولقاء الآخرة ففي النار يعذبون لايغادرونها أبدا. وتأمر الآيات بذكر الله, وتسبيحه, وحمده إنسجاما مع مايقوم به جميع من في السماوات والأرض من الخلق غير المكلف, وذلك في المساء والصباح, وفي العشية وفي الظهيرة, لما في هذه الأوقات المحددة من بركات خاصة فتقول: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون* وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون*.( الروم:18,17). ثم تستعرض السورة الكريمة عددا من آيات الله في الكون مما يشهد بطلاقة القدرة وعظيم الصنعة وابداع الخلق, وتضرب للناس مثلا من أنفسهم وتسألهم بطريقة الإستفهام الإنكاري: هل لكم من مواليكم شركاء فيما ملكناكم من الأموال فلا تتصرفون في شيء مما تملكون إلا بإذنهم ؟ فإن كنتم لاترضون هذا ولاتفعلونه ـ وهم أمثالكم في البشرية والعبودية لله تعالي ـ فكيف تشركون مع الله( سبحانه وتعالي) بعض مخلوقاته, بل بعض مصنوع مخلوقاته, حيث تصنعونه بأيديكم ثم تعبدونه من دون الله أو تشركونه في عبادة الله تعالي؟ وتبين الآيات لأصحاب العقول المستنيرة كلا من الحق والباطل, ولكن الذين كفروا اتبعوا أهواءهم دون إدراك بعواقب كفرهم أو شركهم, ولعلم الله( تعالي) بهم أضلهم, ومن يهدي من أضل الله ؟. وتأمر الايات خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله عليه وسلم) ـ ومن بعده كل مؤمن برسالته ـ بأن يقيم وجهه للإسلام الحنيف, أي يقبل عليه بكليته لأنه الدين الذي يرتضيه ربنا( تبارك وتعالي) من عباده, فهو دين الفطرة التي فطر الله( سبحانه وتعالي) الناس عليها, والتي لاتبديل لها, وإن كان أكثر الناس لايعلمون ذلك لجهلهم, أو لتكبرهم, أو لإنغماسهم في معاصي الله. كذلك تأمر الآيات بالإنابة الي الله( تعالي) وبتقواه, كما تأمر بإقامة الصلاة, وتحذر من الوقوع في دنس الشرك بالله. وفي الإشارة إلي شئ من طبائع النفس الإنسانية تذكر الآيات في سورة الروم أن الناس إذا أصابهم الضر التجأوا إلي الله طالبين كشفه عنهم, فإذا استجاب الله لتضرعهم سارع فريق منهم إلي الشرك به, فتكون عاقبة أمرهم الكفر بأنعم الله( تعالي), وتنذرهم الايات من شر تلك العاقبة, مؤكدة أن الله( سبحانه وتعالي) إذا أذاق الناس نعمة منه فرحوا بها إلي حد البطر, وإذا أصابهم بشدة بسبب ما اقترفوا من ذنوب يئسوا إلي حد القنوط, ونسوا أن الله( تعالي) هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر. وتأمر الآيات بإيتاء ذي القربي حقه والمسكين وابن السبيل, وتحرم الربا, وتحض علي أداء الزكاة, وتؤكد أن الله( تعالي) هو الخلاق, الرزاق, المحيي, المميت, وأن الذين عبدهم المشركون لايستطيعون تحقيق شيء من ذلك, فتعالي الله عما يشركون. وتشير الآيات إلي ظهور الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس, مؤكدة أن الله( سبحانه وتعالي) سوف يعاقبهم علي ذلك:... ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون (الروم:41). وتأمر الآيات بالسير في الأرض للإعتبار بما حدث للأمم المشركة من قبل, مؤكدة ضرورة الإستقامة علي الإسلام العظيم من قبل أن تأتي الآخرة فتصدع به كل الخلائق ثم يجزي كل بعمله. وتذكر السورة الكريمة أن تصريف الرياح هو من دلالات طلاقة القدرة الإلهية المستوجبة شكر العباد, وتعاود التذكير بعقاب المكذبين من مجرمي الأمم السابقة إنتقاما منهم, ومؤكدة أن نصر المؤمنين حق علي رب العالمين في كل زمان ومكان. ثم تعاود إلي تفصيل كيفية تكون السحب الطباقية, وإنزال الماء منها, فيستبشر العباد بذلك بعد أن كانوا من اليائسين, وتشبه إحياء الموتي بإحياء الأرض بعد موتها, مؤكدة أن الله( تعالي) علي كل شيء قدير, وتقارن بين الرياح المبشرة بالخير وبين ريح العقاب المصفرة. وتشبه الآيات إعراض الكفار والمشركين عن الإستماع إلي رسالة الله الخاتمة بعجز كل من الموتي والصم عن الاستماع وخاصة إذا كان الأصم منهم مدبرا, وفي ذلك تقول مخاطبة خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين): فإنك لاتسمع الموتي ولاتسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين* وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون*( الروم:53,52). وتذكر الآيات الناس بحقيقة أن الله( تعالي) خلقهم من ضعف, ثم جعل لهم من بعد الضعف قوة, ثم جعل من بعد القوة ضعفا وشيبة حتي لا يغتر أحد بشبابه ولايحزن لشيبته وضعفه, ويعلم أنها سنة الله في خلقه. وتؤكد الآيات علي مرحلية الدنيا وفتنة الناس بها, وغفلتهم عن الآخرة, ونسيانهم لحتمية وقوعها, ثم مفاجأتهم بها في يوم القيامة. وتختتم سورة الروم بخطاب موجه من الله( تعالي) إلي خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله عليه وسلم) ـ ومن بعده إلي كل المؤمنين برسالته ـ مؤكدا كفر الذين كذبوا بالقرآن العظيم, وقد طبع الله علي قلوبهم بكفرهم فهم لايعلمون الحق, ولا يجدون إليه سبيلا, وآمرا بالصبر علي إستخفافهم بدعوة الحق, والإطمئنان إلي وعد الله, وهو واقع بهؤلاء الكفار والمشركين لامحالة, وفي ذلك تقول الآيات: ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون* كذلك يطبع الله علي قلوب الذين لايعلمون*فأصبر إن وعد الله حق ولايستخفنك الذين لايوقنون* ( الروم:58 ـ60). هذا وقد سبق لنا عرض ركائز كل من العقيدة والعبادة وتلخيص الإشارات الكونية التي جاءت في سورة الروم, ولا أري حاجة إلي إعادتها هنا لكي نخصص هذا المقال لعرض الدلالات العلمية للآية رقم(54) من هذه السورة المباركة. من الدلالات العلمية للآية الكريمة أولا: في قوله تعالي: الله الذي خلقكم من ضعف...*: يخلق الله( تعالي) جنين الإنسان بإخصاب نطفة مختارة من بين مئات نطف الزوجة بواسطة نطفة مختارة كذلك من بين بلايين نطف الزوج ليخرج إلي الوجود كائنا بصفات محددة في علم الله, فما من نفس منفوسة إلا أن الله خالقها,.. وما من نسمة كائنة إلي يوم القيامة إلا وهي كائنة. (أخرجه الأئمة الستة). وما من نفس إلا... سيأتيها ماقدر لها( أخرجه الإمامان البخاري ومسلم). * ونطفة الرجل لايزيد طولها عن خمسة ميكرونات(005. ـ مم) بينما يصل قطر نطفة المرأة إلي مائتي ميكرون(00,2 مم) وهل هناك بداية أضعف من ذلك؟ * وتبدأ النطفة الأمشاج(0,2 مم) في الإنقسام لتكون التويتة(Morula) وبها مئات الخلايا, ثم تتجوف التويتة, ويتكون بداخلها سائل رقيق فتعرف باسم الأرومة, أو التكور الجرثوميBlastula وتبدأ في محاولة التعلق ببطانة جدار رحم الأم في الفترة من الليلة السادسة إلي الرابعة عشرة من تاريخ الإخصاب. * وبعد انزراعها في بطانة جدار الرحم تتحول إلي طور العلقة الذي يستمر من الليلة الخامسة عشرة إلي الليلة الخامسة والعشرين من تاريخ الإخصاب, ويتراوح طول الجنين في هذه الفترة بين(7. ـ مم),(3. مم). * من الليلة السادسة والعشرين إلي الثانية والأربعين من عمر الجنين تتحول العلقة إلي طور المضغة ويتراوح طولها بين(3,2 مم),(13,00 مم). * من الليلة الثالثة والأربعين إلي الليلة التاسعة والأربعين يزداد حجم الجنين لإنتشار العظام فيه ويتراوح طوله بين(14 مم),(20 مم). * ثم تكسي العظام باللحم( العضلات والجلد) في خلال الأسبوع الثامن( من الليلة الخمسين إلي الليلة السادسة والخمسين من عمر الجنين) ويزداد طوله ليتراوح بين(22 مم),(31 مم). العمر بالسنوات * ومن بداية الأسبوع التاسع يبدأ الجنين(Embryo) في إكتساب عدد من الملامح الإنسانية فينتقل إلي طور الحميل(Fetus) الذي يستمر إلي نهاية فترة الحمل, وأقصاها تسعة شهور قمرية( أي38 أسبوعا أو266 ليلة من تاريخ الإخصاب إلي نهاية فترة الحمل), وأقلها ستة شهور قمرية( أي26 أسبوعا أو177 ليلة من تاريخ الإخصاب). وتتميز هذه الفترة بالنمو السريع للحميل خاصة بعد أسبوعه الثاني عشر, وببدء عملية التناسق بين أبعاد كل من الرأس, والجسم, والأطراف, فيزداد الطول من(32 مم) في نهاية طور الجنين إلي حوالي(500 مم) قبل المخاض, كما يتراوح الوزن من(8 جم) إلي(-.3500 جم). وتشير الدراسات الطبية إلي أن50% من حالات الحمل تفشل قبل أن تعلم المرأة أنها حملت, وأن78% من الحالات الباقية يجهض, ويتم إسقاطه أو تحلله وإمتصاصه في داخل الرحم. وبالإضافة إلي ذلك يقول ربنا( وهو خير القائلين):والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون*( النحل:78). ويقول( عز من قائل): ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام مانشاء إلي أجل مسمي ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفي ومنكم من يرد إلي أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا....*( الحج:5). ويقول( سبحانه وتعالي): هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفي من قبل ولتبلغوا أجلا مسمي ولعلكم تعقلون*. ( غافر:67). ومن الثابت علميا أن الحميل لا يمكنه أن يعيش خارج الرحم إلا بعد تمام شهره القمري السادس, ولذلك قال( تعالي): ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا...*( الأحقاف:15). وقال( عز من قائل): والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة...*( البقرة:233). وعلي ذلك تحدد فترة الرضاعة حسب المدة التي قضاها المولود في بطن أمه, فإن كان قد ولد بعد ستة شهور قمرية فلابد من استكمال فترة رضاعته إلي حولين كاملين, وإن كان قد ولد لتسعة شهور قمرية فيكفي لرضاعته واحد وعشرون شهرا قمريا. والوليد الذكر عادة مايكون أكبر حجما من الأنثي, ويبلغ طوله حوالي(-.50 سم) ووزنه حوالي(3.5 كجم) في المتوسط, وبإتمام عامه الأول يزداد طول الرضيع بحوالي35% فيصل طوله إلي(70 سم), ويتضاعف وزنه ثلاث مرات فيصل إلي حوالي العشرة كيلو جرامات. وفي الرضيع تكون أغلب العظام طرية ولذلك تكون قابلة للكسر وللتشوه إذا لم تعامل بحرص شديد, ثم يبدأ تكلسها بالتدريج حتي تقوي; وتنبت الأسنان الأولي( وهي عادة الأمامية السفلية) عند تمام الشهر السابع من عمر الوليد, وبعد إتمام عامه الأول يصل عدد الأسنان النابتة إلي حوالي الست. ويولد المولود بعضلات كاملة ولكنها صغيرة بالنسبة إلي حجمه. وبحواس منتبهة وأولها السمع, والبصر, واللمس, وقدرة القبض علي الأشياء, وإن تأخرت حاسة الذوق قليلا. وتستكمل قشرة المخ نشاطها بالتدريج, فيستطيع الوليد بعد ثمانية أسابيع من الميلاد إدراك ما حوله, والتمييز بين الأصوات ذات النبرات المختلفة وبين الروائح المتباينة, وتزداد قدراته بالتدريج. بعد ذلك فتكتمل حاسة الابصار في شهره السادس, كما تزداد قدراته علي إصدار الأصوات والانفعال بالأحداث من حوله في شهره السابع. وفي الفترة بين عامه الأول والثاني( من الشهر الثاني عشر إلي الثامن عشر) يبدأ الرضيع الطبيعي بالحركة ومحاولة المشي, وفي فهم دلالة بعض الكلمات, وفي تمام الشهر السادس عشر يبدأ في الوقوف علي قدميه والمشي مستقلا, وفي تمام السنتين يكون قد وصل إلي مرحلة الكلام بجمل قصيرة مفهومة وقد تم فطامه. ويبدأ الطفل بالتدريج في إدراك ماحوله وفي تحصيل وحدات المعرفة ووسائلها, ثم في تعلم اللغة, وفي تنمية الذاكرة والقدرة علي التعبير وعلي التفكير والإستنتاج, ثم تتطور دوافعه ورغباته, ثم أخلاقه وقيمه حتي يدخل في طور المراهقة وتبدأ في الأولاد حوالي سن(13) سنة وفي البنات بين سن(8),(11) سنة في المتوسط, وتستمر فترة المراهقة إلي سن العشرين حين يكتمل نمو العظام وتقوي وتزداد كثافتها, ويتم نمو العضلات وتشتد, وتكتمل الغضاريف, فتتغير الأبعاد والأشكال والتصورات والمفاهيم. ثانيا: في قوله تعالي:... ثم جعل من بعد ضعف قوة...:يتميز طور المراهقة بالنمو البدني السريع, فيزداد الطول والوزن بشكل ملحوظ بزيادة حجم العضلات في الذكور, وزيادة سمك الطبقة الدهنية في الإناث بصفة عامة. ويصاحب النمو الجسدي بالبلوغ الجنسي, وزيادة إفراز الهرمونات, وتصل القوة البدنية إلي أعلي مستوياتها, وإن عاني المراهقون من الحساسية الشديدة, والحرج, والميل إلي العزلة عن المجتمع, والخوف من النقد الشخصي. وتمتاز هذه الفترة أيضا بظهور عدد من القدرات الخاصة التي توظف في محاولة تحقيق الذات بانتهاج نوع من الاستقلالية الفكرية حتي يتم تشكيل الهوية, بالنمو العقلي والعاطفي والوجداني, والتعطش إلي محبة الآخرين, والرغبة في الاستحواذ علي إعجابهم. وتعتبر فترة المراهقة هي طور الشباب, وهو طور الإنتقال من الطفولة إلي الرجولة, فتزداد القدرات البدنية, والعقلية, والنفسية بالتدريج حتي تصل إلي قمتها في سن الخامسة والعشرين, وتستمر بهذا الزخم إلي سن الخامسة والأربعين( وهي مرحلة الرجولة الكاملة) ثم يبدأ منحني الجسد في التدهور ليدخل في دور الكهولة ثم الشيخوخة. ويسمي القرآن الكريم مرحلة الرجولة باسم مرحلة بلوغ المرء أشده فيقول: ... حتي إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين*( الأحقاف:15).ولذلك عبر القرآن الكريم علي الانتقال من مراحل الجنين, والحميل, والرضيع, والطفل ـ وما فيها من ضعف ـ إلي مراحل الشباب والرجولة ـ وما فيها من قوة وشدة ـ يقول ربنا( تبارك وتعالي): الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة..( الروم:54). وهي قوة تشهد لله الخالق بأنه هو وحده واهبها, ومرتبها, ومنظمها حسب علمه وحكمته وقدرته. ثالثا: في قوله تعالي: ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة...: بعد وصول الإنسان إلي أقصي مراحل نموه الجسدي في طور الرجولة وثباته عند هذه القمة من سن(25) إلي سن(45) سنة يتوقف النمو الجسدي, وتأخذ القدرات البدنية في التناقص التدريجي حتي سن الخامسة والستين, ثم بالتناقص الحاد من سن الخامسة والستين إلي نهاية العمر, وتسمي هذه الفترة باسم طور الشيخوخة(Senescence) وهي حالة من التدهور التدريجي في بنية كل حي يشمل جميع خلاياه, وأنسجته, وأعضائه, وأجهزته, مما يضعف من كفاءتها ومن قدرتها علي القيام بوظائفها بالمعدلات التي كانت تقوم بها في طوري الشباب والرجولة. وهذا التدهور الصحي هو نوع من التدمير الذاتي المبرمج(Phenoptosis) في الشيفرة الوراثية للخلية الحية. فيبدأ الخلل في التراكم علي مستوي الخلايا لينعكس علي الأنسجة, والأعضاء, والأنظمة, ويبدأ في الظهور في أشكال متعددة من التغير في تركيب الأحماض النووية التي تكتب بها الشيفرة الوراثية إلي شيب الرأس, وتجاعيد الجلد, وضعف الحواس. ومن المعروف أن أبسط تغير في تركيب الأحماض النووية يؤي إلي عجز الخلية عن القيام بدورها المنوط بها, فتتراجع فاعليتها وتظهر أعراض الشيخوخة المختلفة عليها. وقيل إن من أسباب ذلك كثرة الجذور الحرة للعناصر(FreeRadicals) في الجسم. والشيخوخة بذاتها ليست حالة مرضية, ولكن إذا صاحبها الكثير من الأمراض تحولت إلي شيخوخة مرضية(Senility) يعتني بها في فرع خاص من فـروع الــعلم يعــرف باســـم عـــــلم الشــــيخوخة(Gerontology) وفي أحد تخصصات التطبيب يعرف باسم طب الشيوخ(Geriatics). وأعراض الشيخوخة لا يمكن إيقافها, ولا التخلص منها, وذلك لأنها ناتجة عن ضعف قدرة خلايا الجسم علي الانقسام كلما تقادم بها العمر. وقد اكتشف وجود غطائين طرفيين عند نهايتي كل جسيم من الجسيمات الصبغية الحاملة للمورثات, وأن هذين الغطاءين يتناقص طول كل منهما عقب كل عملية انقسام, فإذا وصل طولهما إلي حد معين فإن عملية انقسام الخلية تتوقف حتي تموت, وتسمي فترة عجز الخلية عن الانقسام باسم شيخوخة الخلية. ومن مظاهر ذلك ما يلي: (1) شيب شعر الرأس: والشيب هو ابيضاض الشعر بفقدانه مادته الملونة الموجودة بخلايا التلوين(Melanocytes) في عمق البصيلة الشعرية, ويتناقص عدد خلايا التلوين بمعدل1% في كل سنة تقريبا, ويخضع نشاطها إلي مفعول هرمون خاص, وبنقص إفرازه تدريجيا مع تقدم العمر يضعف نشاط خلايا تلوين الشعر فيبيض لونه بالتدريج. كذلك ثبت ان من أسباب التعجيل بظهور الشيب تكرر حالات الفزع, والأزمات النفسية, والشدائد التي يمر بها الإنسان, وذلك لما يصاحب تلك الحالات من إفراز مادة الأدرينالين وهي من المواد القاتلة لخلايا التلوين. وقد يصاحب ابيضاض الشعر بقلة كثافته أو تساقطه نظرا لموت الأوعية الدموية والخيوط العصبية المغذية للبصيلات المسئولة عن انتاجه. (2) انكماش الجلد وتجعده: ويحدث ذلك نتيجة لتناقص نشاط كل من الغدد العرقية والدهنية مما يؤدي إلي رقة وجفاف الجلد, وضعف أنسجته الضامة مع تقدم العمر, وقد يتغطي الجلد بعدد من البقع الداكنة في أجزائه المعرضة لأشعة الشمس, كما قد يظهر الشعر في أماكن الشارب والذقن عند بعض النساء الطاعنات في السن. وكذلك يعاني الكثيرون ممن جاوزوا سن الخامسة والستين من مشاكل جلدية عديدة من مثل الإصابة بالفطريات, والالتهابات, والحساسية الشديدة لأشعة الشمس, وبعض السرطانات الجلدية( عافانا الله منها). (3) ضعف الحواس: مع تقدم الإنسان في العمر تأخذ حواسه في الضعف التدريجي وذلك من مثل قدرات السمع, والبصر, والتذوق, والشم, واللمس, ولذلك كان من الأدعية المحببة إلي قلب المصطفي( صلي الله عليه وسلم) قوله الشريف: اللهم عافني في بدني, اللهم عافني في سمعي, اللهم عافني في بصري, لا إله إلا أنت... ولتعويض النقص في عدد من قدرات حواسهم يستعين كبار السن بوسائل معينة كالسماعات, والنظارات, والعدسات وغيرها, كما تزداد حاجتهم إلي الإضاءة الشديدة, ويصعب تأقلمهم مع الانتقال إلي الأماكن المظلمة. وقد يقل عدد خلايا التذوق في اللسان فتقل قدراتهم علي الاستمتاع بالطعام. (4) وهن( هشاشة) العظام: يمثل الهيكل العظمي للإنسان جزءا مهما من تكوينه الحيوي تتعاقب فيه عمليات الهدم والبناء منذ تكامله وحتي لحظة الوفاة, ومع تقدم العمر, وتزايد معدلات الهدم علي معدلات البناء فإن الهيكل العظمي يدخل في مرحلة الوهن نظرا لامتلائه بالفراغات الناتجة عن تناقص مادة الكالسيوم, وبذلك تزداد هشاشته(Osteoporosis), ويسهل كسر أي جزء منه في الوقت الذي تتباطأ سرعة التئامه, ومن أكثر العظام المعرضة للكسر عند كبر السن عظام الورك والمعصم والعمود الفقري, ويحصل الكسر عند اقل صدمة. وعادة ما تتضاغط فقرات العمود الفقري مؤدية إلي قصر القامة, أو حدوث تحدب في الظهر نتيجة لضعف العضلات وتآكل الغضاريف, مما يحدث آلاما شديدة, ويؤدي إلي التهاب المفاصل. ويرجع وهن العظم عند كبر السن إلي توقف إفراز أعداد من الهرمونات المهمة, وإلي نقص واضح في أعداد من الفيتامينات أهمها فيتامين(D) مما يؤدي إلي نقص معدلات امتصاص الكالسيوم من الدم, كذلك يتسبب في هذا المرض أية زيادة في إفراز هرمون جار الدرقية المعروف باسم(Para-Thormone) والذي يعمل علي نخر العظام, أو الزيادة في إفراز أو في تعاطي الكورتيزون الذي يؤدي إلي تثبيط عمل الخلايا البانية للعظام. (5)ضعف العضلات: بعد سن الخامسة والأربعين لاحظ العلماء تناقص كتلة كل من الأنسجة العضلية, والوصلات العصبية العضلية, وزيادة كتلة الأنسجة الدهنية والليفية بالتدريج مع تقدم العمر, خاصة مع قلة ممارسة الرياضة, وقلة الحركة. (6) ضعف كل من القلب والجهاز الدوري: مع تقدم السن تبدأ بعض الخلايا العضلية للقلب في التلف, ويبدأ كل من الأنسجة الليفية والدهون في التراكم علي الجدر الداخلية للأوعية الدموية, وفي عضلات القلب, وبذلك تقل كفاءة القلب تدريجيا في ضخ الدم, وتقل سرعة انقباضه, وتزداد نسب الإصابة بتصلب الشرايين, فيرتفع ضغط الدم, وقد يؤدي كل ذلك إلي حدوث الجلطات الدموية التي قد تفضي إلي الموت. (7)التدهور التدريجي للجهاز العصبي: تتجدد خلايا جسم الإنسان كلها لعدة دورات طيلة حياته, باستثناء الخلايا العصبية, والتي إن ماتت لايحل محلها بديل ولذلك يقل عددها باستمرار مع تقدم العمر خاصة بعد تجاوز الخامسة والأربعين فتضعف الذاكرة قصيرة الأمد, ويضعف معها العديد من الحواس كالسمع والبصر, والعديد من المهارات كالقدرة علي الإمساك بالأشياء, وعلي الاستجابة للمؤثرات, وقد يصاب الطاعن في السن بشيء من النسيان, والخرف, والذهول عن كل من المكان والزمان, وقد تتعرض شخصيته إلي شيء من التغيير مع تراكم العديد من المواد بين الخلايا والألياف العصبية الحية تعرف باسم لطع الشيخوخة(SenilePlaques) والتي تكثر عادة في منطقة الناصية- وهي منطقة اتخاذ القرار في المخ ـ ولذلك فإن الطاعنين في السن قد يصابون بالعديد من أمراض الشيخوخة من مثل مرض الذهان(Alzheimer), والاكتئاب, والوسوسة, والخوف, وقد يتطور ذلك إلي شيء من الهوس والهيجان والجنون. (8) ضعف الجهاز التنفسي: حيث تتناقص كفاءته بالتدريج مع الزمن فيصاب الطاعنون في السن عادة بالعديد من أمراض التهاب الرئتين, والغشاء البريتوني المغلف لهما, والتهابات الشعب الهوائية, وحساسية الأجزاء المتصلة بها, وغير ذلك من أمراض الجهاز التنفسي. (9) ضعف الجهاز الهضمي: نظرا لتناقص إفراز كل من العصارات والإنزيمات المساعدة في عملية هضم الطعام, فإن قدرات الجهاز الهضمي تبدأ في التناقص مع تقدم السن, فبالإضافة إلي ضعف قدرة الأسنان علي القضم ـ إن لم تكن قد تساقطت بعد ـ فإن ضعف المعدة علي الهضم قد يؤدي إلي تكون القرح والنزيف وإلي زيادة المعاناة من الإمساك نتيجة لقلة النشاط البدني. (10) ضعف الجهاز البولي/ التناسلي: نظرا للنقص التدريجي في إفراز العديد من الإنزيمات الخلوية في الكلي فإنها تفقد بعض وحداتها(Nephrons) مما يؤدي إلي انقاص كفاءتها أو فشلها بالكامل, وبالمثل يؤدي النقص الفجائي في إفراز العديد من الهرمونات عند الإناث بمجرد الدخول في سن اليأس, والنقص التدريجي عند الذكور في مراحل الشيخوخة إلي ضعف نشاط الجهاز التناسلي بالتدريج حتي يتوقف مع مرور الزمن. (11) ضعف جهاز المناعة: يضعف جهاز المناعة في جسم الإنسان تدريجيا مع التقدم في العمر, ولذلك تتناقص القدرة علي مقاومة الأمراض. ومن أخطر اعراض ذلك هو عجز جهاز المناعة عن تمييز خلايا الجسم السليمة من الأجسام الغريبة الغازية له, فيبدأ بمهاجمة الجسد الذي صمم أصلا للدفاع عنه فيصاب بسلسلة من الأمراض المعروفة باسم أمراض فقد التمييز المناعي والتي ينتج عنها إضعاف العديد من الخلايا والأنسجة والعمليات الحيوية في الجسم مع تقدم العمر. لهذا الضعف المتراكب في جميع أجهزة الجسم مع الزمن قال( تعالي)... ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير( الروم:54) وميز القرآن الكريم ضعف التعمير والانتكاس عن الضعف الأول وهو ضعف الخلق والتسوية والتعديل والنشأة والابتداء والنماء, بأن قرن الضعف الأخير بالشيب. ولو أن هذه مظاهر يعيشها الإنسان إلا أن وصف القرآن الكريم لها بهذه الدقة العلمية والترتيب المنطقي الرشيد لمما يشهد لهذا الكتاب الخالد بالربانية الخالصة, ويشهد للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة, فصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد, وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه, ودعا بدعوته إلي يوم الدين, وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين |
أدوات الموضوع | |
|
|