جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " (طه:50.
قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " (طه:50.
هـذه الآية الكريمة جاءت في بدايات الثلث الثاني من سورة طه , وهي سورة مكية , وعدد آياتها (135) بعد البسملة , وقد سميت بهذا الاسم تكريما لخاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وسلم) لأن طه اسم من أسمائه الشريفة بدليل توجيه الخطاب إليه (صلوات الله وسلامه عليه) مباشرة بعد هذا النداء , وإن اعتبر نفر من المفسرين هذين الحرفين (طه) من المقطعات الهجائية التي استهل بها تسع وعشرون سورة من سور القرآن الكريم . والخطاب من الله (تعالى) إلى خاتم أنبيائه ورسله (صلى الله عليه وسلم) فيه من التكريم والتشريف لهذا النبي الخاتم ما يعجز البيان عن وصفه , خاصة وأن هذا النداء العلوي قد جاءه في وقت شدة تثبيتا له , وتسرية عنه , وتخفيفا لثقل ما كان يلقاه من كفار قريش ومشركيها من إنكار لنبوته , وتكذيب لرسالته , وصد عن دعوته , وتجريح لشخصه الكريم , وهو الذي اشتهر بينهم بالصادق الأمين , ولذلك جاءت هذه السورة المباركة من أولها إلى آخرها خطابا من الله (تعالى) إلى خاتم أنبيائه ورسله يؤكد نبوته , ويؤيد صدق رسالته , ويهون الأمر عليه (صلى الله عليه وسلم) بتكليفه بمجرد البلاغ عن الله (تعالى) والتبشير والإنذار , وترك الخيار للناس " فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ " (الكهف:29) . وأمرهم متروك إلى الله (تعالى) وحده " فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (البقرة:284) . ويدور المحور الرئيسي لسورة طه حول عدد من ركائز العقيدة الإسلامية , وفي مقدمتها الإيمان بالله (تعالى) ربا واحدا أحدا , لا يشبهه أحد من خلقه , ولا يشاركه أحد في ملكه , ولا ينازعه أحد في سلطانه , وتنزيهه (سبحانه وتعالى) عن كل وصف لا يليق بجلاله من مثل الادعاء الباطل له بالصاحبة أو الولد , وهما من صفات المخلوقين , والله (تعالى) منزه عن جميع صفات خلقه . ومن ركائز العقيدة الإسلامية أيضا الإيمان بملائكة الله , وكتبه ورسله , واليوم الآخر , وبحقيقة الوحي , وحتمية البعث والنشور , والحساب والجزاء , ولذلك أوردت السورة الكريمة بعض مشاهد الآخرة , وأحداث البعث والحشر حتى يدخل أهل الجنة الجنة , ويدخل أهل النار النار . وفي الآيات (من:9 إلى:99) عرضت سورة طه لقصة موسي وهارون (عليهما السلام) مع فرعون مصر , وما دار بينهما من حوارات وجدل انتهى بتحديه لهما بسحرته , ثم هزيمة السحرة وخضوعهم لأمر الله (تعالى) , وإيمانهم به , وتسليمهم بما جاء به موسى , وغير ذلك من تفاصيل , من مثل موقف المناجاة والتكليف بالتبليغ عن الله (سبحانه وتعالى) , ثم غرق فرعون وجنوده , ونجاة موسي وصحبه , ثم فتنة بني إسرائيل من بعده بواسطة السامري , والتي لازمتهم إلى اليوم الراهن وحتى قيام الساعة . وتؤكد سورة طه على حقيقة توحيد الله (تعالى) فتقول : " إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً " (طه:98) . وتعاود السورة الكريمة توجيه الخطاب إلى خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وسلم) محذرة الخلق جميعا من الإعراض عن قبول رسالته , فتقول : " كَذَلِكَ نَقُصُّ عَليكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً . مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ القِيَامَةِ وِزْراً . خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ حِمْلاً " (طه:99-101) . ثم تستعرض الآيات عددا من مشاهد يوم القيامة حتى تنتهي إلى قول ربنا (تبارك وتعالى) : " وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلْحَيِّ القَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً . وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً " (طه:112,111) . وتمتدح سورة طه القرآن الكريم الذي أنزله الله (تعالى) بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله فتقول : " وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياًّ وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً . فَتَعَالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً " (طه:114,113) . وتنتقل السورة الكريمة بعد ذلك إلى جانب من قصة أبينا آدم (عليه السلام) , وإلى وسوسة الشيطان إليه , ومعصيته لأمر ربه , وتوبة الله (تعالى) عليه , وتضع من تلك القصة دستورا للإنسان في مسيرة الحياة , مؤكدة عداوة الشيطان له , وفي ذلك تقول : " وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى . ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عليه وَهَدَى . قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى .وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى . وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى " (طه:121ـ127) . وتذكر الآيات الناس بهلاك الضالين من الأمم السابقة الذين كذبوا أنبياء الله وحاربوا رسالاته , حتى يتعظوا ويعتبروا وينيبوا إلى ربهم فتقول : " أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ القُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى . وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى " (طه:129,128) . أي : ولولا أن سبقت كلمة الله لكان عقاب كفار ومشركي قريش ـ وعقاب أمثالهم من بعدهم على كفرهم وشركهم وجناياتهم ـ لازما عليهم في الدنيا , كما كان على الأمم السابقة , ولكن قرر الله (تعالى) تأخير عذابهم إلى الأجل المسمى لهم وهو نهاية أعمارهم . وتختتم سورة طه كما بدأت بتوجيه الخطاب إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , ومن بعده إلى كل مؤمن برسالته , أن يصبر على ما يقول الكفار والمشركون , وأن يسبح قبل طلوع الشمس وقبل الغروب , ومن آناء الليل وأطراف النهار , وأن يأمر أهله بالصلاة وأن يصطبر عليها , وأن ينفض يديه من الكفار والمشركين بعد أن يخبرهم بقرار رب العالمين الذي يقول فيه : " قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى " (طه:135) . من ركائز العقيدة في سورة طه : (1) الإيمان بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) . (2) اليقين بأن الله (سبحانه وتعالى) هو خالق الأرض والسماوات العلى , وخالق كل شيء , وهو الذي أعطي كل شيء خلقه ثم هدي , وأنه (سبحانه وتعالى) هو الرحمن على العرش استوي (استواء يليق بجلاله) , وأن من صفاته (سبحانه وتعالى) أنه لا يضل ولا ينسي . التسليم بأن لله (تعالى) ... ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثري .... وأنه (سبحانه وتعالى) يعلم السر وأخفي , وأنه وسع كل شيء علما , وأنه لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى . (3) التصديق بأن الله (تعالى) خلق الناس من الأرض , وفيها يعيدهم , ومنها يخرجهم تارة أخرى . الإيمان بالله (سبحانه وتعالى) , وبملائكته , وكتبه ورسله , واليوم الآخر , وبضرورة الخضوع له بالطاعة والعبادة , وتنزيهه عن كل وصف لا يليق بجلاله , من مثل الادعاء الباطل له (تعالى) بالصاحبة أو الولد , وهما من صفات المخلوقين , والله (تعالى) منزه عن جميع صفات خلقه , والتصديق بأن من يقول بذلك كافر , هالك في الدنيا ومعذب في الآخرة . (4) اليقين بحقيقة كل من الجنة والنار , وبأنها إما جنة أبدا أو نار أبدا , وأن الجنة جزاء المؤمنين الذين يعملون الصالحات , وأن النار جزاء كل من الكفار والمشركين , والظالمين المتجبرين على الخلق . التصديق بأن الله (تعالى) غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدي , وأن من يحلل عليه غضب الله فقد هوي . (5) التسليم بأن الشيطان للإنسان عدو مبين , وأن السحر من غوايات الشيطان للإنسان , وأنه لا يفلح الساحر حيث أتي , وأنه من أبشع أنواع الظلم وقد خاب من حمل ظلما . (6)التصديق بأن لكل إنسان محارمه , وأنه على كل من يريد الحفاظ على محارمه ألا يمد عينيه إلى محارم غيره . من الإشارات الكونية في سورة طه : (1) أن الله (تعالى) هو خالق الأرض والسماوات العلى , وفي هذا تأكيد على أن الكون مخلوق مستحدث , وليس أزليا , ولا أبديا كما ادعي بعض المبطلين , ولكن له بداية يحاول العلم التجريبي حسابها , وكل ما له بداية فلابد وأن ستكون له في يوم من الأيام نهاية لا يعلمها إلا الله (تعالى) . (2) وللتأكيد على حقيقة خلق الكون تذكر الآيات أن لله ... ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما , وما تحت الثري , وهي إشارة ضمنية رقيقة لما في قطاع التربة الأرضية ودونه من صور الحياة والنشاطات الحيوية والثروات الأرضية , مما لم يدرك إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين , كما أن في الآية الكريمة إشارة ضمنية أيضا إلى مركزية الأرض بالنسبة إلى الكون , لأن البينية الفاصلة للأرض عن السماوات لا تتم إلا إذا كانت الأرض في مركز الكون . (3) الإشارة إلى ثلاث مراتب من التعبير هي : (الجهر) الذي يعلمه صاحبه , ويعلمه كل من سمعه ويعلمه الله (تعالى) , و(السر) الذي هو ما حدث الإنسان به غيره في خفية , فيعلمه صاحبه ويعلمه من أسر به إليه من الخلق , ويعلمه الله (سبحانه وتعالى) ويجهله من لم يسمع به من الناس , و(الأخفى) الذي لا يعلم به إلا صاحبه والله (تعالى) , وقد يشير ذلك إلى الخواطر التي تجيش بها النفس الإنسانية دون أن يحدث بها صاحبها أحدا من الخلق , وهي ما يعرف باسم (حديث النفس) , أو ما استقر في العقل الباطن دون أن يدري به صاحبه , ولكن الله (سبحانه وتعالى) يعلمه لأنه هو علام الغيوب . (4) إثبات أن السنن الحاكمة للكون ولجميع ما فيه ومن فيه هي من أمر الله (تعالى) وهدايته , تأكيدا على حقيقة الخلق , وعلى ربوبية الخالق (سبحانه وتعالى) أي أن الله (جلت قدرته) هو رب كل شيء ومليكه . (5) الإشارة إلى تمهيد الأرض , وشق الفجاج والسبل فيها , وإلى إنزال الماء من السماء , وتدويره في دورة معجزة حول الأرض , وإخراج مختلف أنواع النبات في زوجية واضحة , وهي سنة فرضها ربنا (تبارك وتعالى) على جميع خلقه حتى يبقي (تعالى) متفردا بالوحدانية المطلقة فوق جميع الخلق . وتأمر الآيات الإنسان بالأكل مما خلق الله (تعالى) له من ثمار هذه النباتات , ويرعى أنعامه فيها , ويتأمل ذلك كله بنظرة العاقل البصير لأن فيها آيات لأصحاب العقول البصيرة . . . إن في ذلك لآيات لأولي النهى . (6) التأكيد على حقيقة خلق الإنسان من الأرض , وعلى حتمية عودته إليها بعد الموت , ثم إخراجه منها يوم البعث . (7) وصف نهاية الجبال في الآخرة بأنها سوف تنسف نسفا حتى لا نرى فيها (عوجا) ولا (أمتا) , وهو وصف دقيق لوسائل تكون الجبال في الحياة الدنيا بالطي (أي العوج) , أو بالتصدع (الأمت) وما يصاحبه من استقامة في الحدود ورفع لأسطح الأرض وخفضها , أو زحزحتها يمنة ويسرة , وقد تشترك العمليتان في تشكيل العديد من جبال الأرض المعاصرة , وهي من الحقائق التي لم يدركها الإنسان إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين . وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلى معالجة خاصة بها , ولذلك فسوف أقصر حديثي هنا على النقطة الرابعة من القائمة السابقة والتي يقول فيها ربنا ـ تبارك وتعالى ـ على لسان عبده ورسوله موسى (عليه السلام) : " قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " . من أقوال المفسرين : في تلخيص الحوار الذي دار بين فرعون مصر ونبيي الله موسي وهارون (على نبينا وعليهما من الله السلام) جاء قول ربنا ـ تبارك وتعالى ـ : " قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى . قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " (طه:50,49) . وفي تفسير هاتين الآيتين الكريمتين لم أجد أبلغ ولا أوفي مما جاء في الظلال (رحم الله كاتبها برحمته الواسعة جزاء ما قدم) وقد كتب ما نصه: لقد أتيا فرعون ـ والسياق لا يذكر كيف وصلا إليه ـ أتياه وربهما معهما يسمع ويرى : . فأية قوة وأي سلطان هذا الذي يتكلم به موسى وهارون , كائنا فرعون ما كان , ولقد أبلغاه ما أمرهما ربهما بتبليغه , والمشهد هنا يبدأ بما دار بينه وبين موسى ـ عليه السلام ـ من حوار : " قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى . قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " إنه لا يريد أن يعترف بأن رب موسى وهارون هو ربه , كما قالا له : (إنا رسولا ربك) فهو يسأل موجها الكلام إلى موسى لما بدا له أنه هو صاحب الدعوى : (فمن ربكما يا موسي؟) من ربكما الذي تتكلمان باسمه ...؟ فأما موسى ـ عليه السلام ـ فيرد بالصفة المبدعة المنشئة المدبرة من صفات الله تعالى : قال : " قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " ربنا الذي وهب الوجود لكل موجود في الصورة التي أوجده بها وفطره عليها , ثم هدى كل شيء إلى وظيفته التي خلقه لها , وأمده بما يناسب هذه الوظيفة ويعينه عليها . و(ثم) هنا ليست للتراخي الزمني , فكل شيء مخلوق ومعه الاهتداء الطبيعي الفطري للوظيفة التي خلق لها , وليس هناك افتراق زمني بين خلق المخلوق وخلق وظيفته , إنما هو التراخي في الرتبة بين خلق الشيء واهتدائه إلى وظيفته , فهداية كل شيء إلى وظيفته مرتبة أعلى من خلقه غفلا . وهذا الوصف الذي يحكيه القرآن الكريم عن موسى ـ عليه السلام ـ يلخص أكمل آثار الألوهية الخالقة المدبرة لهذا الوجود: هبة الوجود لكل موجود .. وهبة خلقه على الصورة التي خلق بها , وهبة هدايته للوظيفة التي خلق لها .. وحين يجول الإنسان ببصره وبصيرته ـ في حدود ما يطيق ـ في جنبات هذا الوجود الكبير تتجلي له آثار تلك القدرة المبدعة المدبرة في كل كائن صغير أو كبير , من الذرة المفردة إلى أضخم الأجسام , ومن الخلية الواحدة إلى أرقى أشكال الحياة في الإنسان . هذا الوجود الكبير المؤلف مما لا يحصى من الذرات و الخلايا , والخلائق والأحياء , وكل ذرة فيه تنبض , وكل خلية فيه تحيا , وكل حي فيه يتحرك , وكل كائن فيه يتفاعل أو يتعامل مع الكائنات الأخرى .. وكلها تعمل منفردة ومجتمعة داخل إطار النواميس المودعة في فطرتها وتكوينها بلا تعارض ولا خلل ولا فتور في لحظة من اللحظات! وكل كائن بمفرده كون وحده وعالم بذاته , تعمل في داخله ذراته وخلاياه وأعضاؤه وأجهزته وفق الفطرة التي فطرت عليها , داخل حدود الناموس العام , في توافق وانتظام . وكل كائن بمفرده ـ ودعك من الكون الكبير ـ يقف علم الإنسان وجهده قاصرا محدودا في دراسة خواصه ووظائفه وأمراضه وعلاجه . دراستها مجرد دراسة , لا خلقها ولا هدايتها إلى وظائفها , فذلك خارج كلية عن طوق الإنسان , وهو خلق من خلق الله وهبه وجوده على الهيئة التي وجد بها للوظيفة التي خلق لها , كأي شيء من هاته الأشياء! إلا أنه للإله الواحد " رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " , وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن (ورحم الله كاتبه) ما نصه: (أعطى كل شيء خلقه) أي وهب كل شيء من الأشياء الأمر اللائق بما نيط به من الخواص والمنافع المطابق له , كما أعطى العين الهيئة التي تطابق الإبصار , والأذن الشكل الذي يوافق الاستماع , وهكذا . و(خلقه) مصدر بمعنى اسم المفعول , مفعول ثان لـ (أعطى) . (ثم هدى) أي دل بذلك على وجوده وقدرته وتفضله . وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم (جزاهم الله خيرا) ما نصه : فأجابه موسى : ربنا الذي منح نعمة الوجود لكل موجود , وخلقه على الصورة التي اختارها سبحانه له , ووجه لما خلق . وجاء في الهامش : أودع الله سبحانه وتعالى في كل شيء صفاته الخاصة التي تؤهله لأداء وظيفته التي خلق لها في هذه الحياة كما أنها سبيل هداية الإنسان . من الدلالات اللغوية للنص الكريم : - (الخلق) : أصل (الخلق) التقدير المستقيم , ويستعمل في إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء , كما يستعمل في إيجاد الشيء من شيء آخر , وليس (الخلق) الذي بمعنى الإبداع إلا لله (تعالى) , وأما الذي يكون بالاستحالة فقد جعله الله (سبحانه وتعالى) لغيره في بعض الأحوال . و(الخلق) لا يستعمل في كل الناس إلا على وجهين : أحدهما في معني التقدير , والثاني في معني الكذب في الكلام يقال : (خلق) الإفك و(اختلقه) , (تخلقه) افتراه . ولفظة (الخلق) و(الخليقة) و(الخلائق) تقال بمعني (المخلوقين) , و(الخلق) و(الخلق) في الأصل واحد , لكن خصت الأولي بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر , وخصت الثانية بالقوي والسجايا المدركة بالبصيرة , و(الخلاق) ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه , ويقال: فلان (خليق) بكذا أي: جدير به كأنه (مخلوق) فيه ذلك , ومجبول بالفطرة عليه , لأن (الخلقة) هي الفطرة , ويقال: (تخلق) بغير (خلقه) أي تكلفه , و(الخلاق) هو النصيب . - (هدى): (الهداية) هي الدلالة بلطف , ومنها (الهدية) , فما كان دلالة خص بالفعل (هديت) , وما كان إعطاء خص بالفعل . أهديت) . و(هداية) الله تعالى للإنسان على أربعة أوجه : الأول يشمل (الهداية) التي عم بجنسها كل مكلف من العقل والفطنة والمعارف الضرورية التي أعم منها كل شيء بقدر فيه حسب احتماله . والثاني : الهداية التي جعل للناس بدعائه إياهم على ألسنة الأنبياء وإنزال الكتب وآخرها القرآن الكريم . والثالث : هو التوفيق الذي يختص به الله تعالى من اهتدي . والرابع : هو الهداية في الآخرة إلى الجنة . وهذه الهدايات الأربع مترتبة على بعضها البعض , فان لم تحصل الأولي لا تحصل الثانية حيث لا يصح تكليفه , وإن لم تحصل الثانية لا يحصل أي من الثالثة والرابعة , إلا من كتبت له الرابعة في علم الله تعالى وبرحمته . وقد تحصل الأولي ولا يتحقق شيء مما بعدها . وطالب الهدي ومتحريه هو الذي يوفقه الله ـ تعالى ـ ويهديه إلى طريق الجنة بكل من العقل والشرع , والتوفيق الذي يلقي في روع الإنسان فيما يتحراه؟ لا من ضاده فتحري طريق الضلال إلى الشرك بالله أو الكفر به فيضله الله ولا يهديه . و(الهدي) و(الهداية) في موضوع اللغة واحد , ولكن الله ـ تعالى ـ قد خص لفظة (الهدي) بما تولاه وأعطاه واختص ذاته العلية به دون سواه , و(الاهتداء) يختص بما يتحراه الإنسان على طريق الاختيار , كما يقال لطلب (الهداية) , والصفة منها (مهتدي) . و(الهدي) مختص بما يهدي إلى البيت الحرام , والواحدة (هدية) و(الهدية) كذلك مختصة باللطف الذي يهدي بعضنا إلى بعض , و(المهداء) من يكثر إهداء الهدية , و(المهدي) الطبق الذي يهدي عليه . من الدلالات العلمية للآية الكريمة : تشير هذه الآية الكريمة إلى أن الهداية الربانية التي وهبها الله ــ سبحانه وتعالى ــ إلى كل شيء من أشياء الكون ـ دق أم عظم ـ هي من أسباب قيام الوجود بقوانين محكمة , وسنن ثابتة لا تتغير ولا تتبدل , وأن هذه الهداية مكملة لعملية الخلق (بمعنى الإبداع من العدم على غير مثال سابق) . ويحتاج الإنسان إلى مجلد كامل لاستعراض صور الهداية الربانية في كل ما خلق الله تعالى . ولكن يمكن إيجاز ذلك فيما يلي : (1) القوانين المنضبطة التي تحكم كل ما في الكون من اللبنات الأولية لكل من المادة والطاقة , إلى الأرض وباقي أجرام المجموعة الشمسية إلى المجرات والتجمعات المجرية , والمحلية , والمجرية العظمى , والمحلية العظمى إلى ما هو أكبر من ذلك , حتى نهاية الكون , في توافق وانسجام تامين كاملين , وإحكام وانضباط بديعين مبهرين يتضحان في الترتيب الدوري للعناصر , وفي تكون الجزيئات والمركبات , كما يتضحان في حركة كل جرم من أجرام السماء , وفي ميلاده وفنائه . (2) تخلق العناصر المختلفة في داخل النجوم أو في صفحة السماء وإنزالها بقدر إلى الأرض . (3) ملاءمة الأرض بموقعها في المجموعة الشمسية , وبكل من شكلها , وكتلتها , وحجمها , وكثافة مختلف نطقها , ودورانها حول محورها أمام الشمس , وبسرعة جريها في مدارها , وميل محورها , وبكل من غلافيها الغازي والمائي , وبنطق الحماية المحيطة بها , وبتوزيع الماء واليابسة على سطحها . وبتصريف الرياح من حولها , وتكوين السحب وإنزال المطر ودورة الماء الذي أعطاه الله تعالى من الصفات ما ميزه على غيره من جميع المركبات الكيميائية بصفة عامة وعلى جميع السوائل بصفة خاصة ودوران كل من الصخور والتربة والأشكال الأرضية المختلفة , والثروات المعدنية الفلزية منها وغير الفلزية , ودوران ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات حول الأرض . (4) القوانين التي تحكم بناء الأحماض الأمينية وكيفيات ترتيبها وترابطها بعشرات الآلاف من الذرات في سلاسل محكمة تكون عشرات الآلاف من البروتينات التي تنبني منها الخلايا الحية , وقدرات تلك الخلايا الحية على القيام بجميع الوظائف الحيوية سواء كانت مفردة أو متجمعة في أنسجة متخصصة , وأعضاء ذات وظائف محددة , تنظمها أجهزة مستقلة تعمل مع بعضها البعض في توافق عجيب , وقدرة الخلايا الحية على التمايز والتخصص , وقدرة الخلايا المتخصصة على التعرف على بعضها البعض والالتقاء في نسيج واحد , ثم في عضو واحد , وتناسق العمل بين الأعضاء المختلفة في نظام واحد ثم في جسد واحد . (5) خلق الحياة بمختلف صورها وأشكالها من تراب الأرض , وجعلها قادرة على صيانة نفسها , وعلى الاستمرار بنسلها من جيل إلى جيل مع الاحتفاظ بخواصها ومميزاتها , وتحصي العلوم المكتسبة من صور الحياة اليوم أكثر من مليون ونصف المليون نوع من الأنواع , ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى أكثر من خمسة ملايين نوع بحسب معدلات الاكتشافات السنوية للأنواع الجديدة , ويمثل كل نوع منها ببلايين البلايين من الأفراد , وتميز كل فرد من هذه الأفراد بشيفرته الوراثية المميزة له , وذاتيته الخاصة , على الرغم من بناء جميع الخلايا الحية من اللبنات الأولية للمادة . (6) خلق الشيفرة الوراثية , وإعطاؤها القدرة على التحكم في صفات الكائن الحي , وفي كافة أنشطته فردا فردا من بلايين البلايين الممثلة لكل نوع من أنواع الحياة , ومن هذه القدرات التكاثر , والتكيف مع التغيرات البيئية في الوسط الذي تحيا فيه . (7) العلاقات المبهرة بين مختلف أنواع الحياة خاصة ما يحيا منها في مجموعات كبيرة , شديدة الانضباط والتنظيم , وتوزيع المسئوليات بين أفرادها بتوافق وإحكام تامين من مثل خلايا النحل والنمل وغيرها , ومستعمرات المرجان والإسفنج وغيرها . وكذلك العلاقات التبادلية للمنافع بين كثير من أنواع النبات والحشرات , حيث تشكل زهور أنواع مخصصة من النبات غذاء ومأوي وموضع تجميع البيض لأنواع محددة من الحشرات التي تقوم بعملية إخصاب زهور تلك النباتات في عمل دقيق محكم ومبهر . وكذلك العلاقات المتبادلة بين كثير من الأشجار والديدان التي تعيش في التربة التي تقوم عليها تلك الأشجار . (8) الاتزان البيئي الدقيق في سائر النظم البيئية البرية , والبحرية والجوية والتي لا يفسدها إلا تدخلات البشر , وقدرتها على إعادة توازنها بذاتها إذا تعرضت لتغيرات فطرية بعيدة عن إفساد الإنسان . (9) إعطاء النبات القدرة على التنفس والنتح , والميل نحو الضوء , وعلى النمو وعلى امتصاص الماء مع العصارة الغذائية من تربة الأرض وعلى تحليل الماء بواسطة طاقة الشمس إلى مكوناته الأساسية من الأيدروجين الذي يحتفظ به والأكسجين الذي يطلقه إلى الجو , وعلى امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو وتحليله إلى مكوناته الأساسية من الكربون الذي يحتفظ به والأكسجين الذي يطلقه إلى الجو , ثم ربط ذرات كل من الكربون والإيدروجين في سلاسل معقدة من الكربوهيدرات التي تشمل مختلف أنواع السكر والنشا والسيليولوز الذي يبني به النبات أجزاءه المختلفة ويختزن الباقي في ثماره التي يحيا عليها كل من الإنسان والحيوان . وإذا تم إحراق هذه الكربوهيدرات تحولت إلى ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء اللذين ينطلقان إلى الجو بعد أن يعطيا قدرا من الطاقة التي يحتاجها كل من الإنسان والحيوان . (10) تسخير كل ما في السماوات والأرض للإنسان , من مادة وطاقة وظواهر وسنن يحكمها الثبات والانضباط والانتظام , ولولا ذلك ما استطاع الإنسان التعرف على شيء منها أو توظيفها في عمارة الأرض وإثراء الحياة عليها , والمنهج العلمي قائم على أساس من انتظام قوانين الكون وسننه , وسهولة التنبؤ بها مرجعه إلى هذا الانتظام والثبات . (11) هداية كل وحدة من لبنات هذا الكون الشاسع الاتساع , المعقد البناء , المحكم الحركة , والمنضبط في كل جزئية من جزئياته: من اللبنات الأولية للمادة إلى أكبر وحدات السماء , ومن الخلية المفردة إلى الإنسان إلى الدور المسخر له في حركة الكون والحياة . فكل وحدة تضاءلت أم تعاظمت لها قوانينها وسننها وما ينبغي لها أن تقوم به أو تخضع له , وصورتها المعينة , وأجلها المحدد . وقد ميز الله الإنسان فوق بقية الخلق بالعقل والإدراك والشعور , وبالبصيرة والبيان , وبالمهارات الذهنية واليدوية , وبالعاطفة والوجدان , وفوق ذلك وقبله بحرية الإرادة والاختيار التي سوف يحاسب على أساس من حسن أو سوء استخدامه لها , مع دخوله مع غيره من مختلف صور الخلق في الدائرة العظمى وهي دائرة قدر الله . هذا قليل من كثير من صور الهداية الربانية التي وهبها الله تعالى لكل دقيق وعظيم من خلقه , وهي إن دلت على شيء فإنها تدل على طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في هذا الكون الذي يتحرك كل شيء فيه بعلم الله وحكمته وإرادته , هذا الإله الخالق البارئ المصور الذي لا ينازعه أحد في ملكه , ولا يشاركه أحد في سلطانه , ولا يشبهه أحد من خلقه , والمنزه عن الصاحبة والولد وعن كل وصف لا يليق بجلاله . وهذا النزر اليسير عن صور الهداية الربانية التي من بها ربنا ـ تبارك وتعالى ـ على جميع خلقه لم تتوصل إليه العلوم المكتسبة إلا بعد مجاهدة استغرقت آلاف العلماء لمئات من السنين حتى تبلور لنا في القرن العشرين , وفي العقود المتأخرة منه بالذات . وسبق القرآن الكريم بالإشارة إلى هذه الحقيقة من قبل ألف وأربعمائة سنة وبنو الإنسان غارقون في بحار الكفر والشرك والشك والضلال لما يثبت لكل ذي بصيرة أن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية , بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله , وحفظه بعهده الذي قطعه على ذاته العلية وحفظ ربنا تبارك وتعالى آخر رسالاته لهداية البشرية في نفس لغة وحيها اللغة العربية وحفظ كلا من القرآن الكريم وأحاديث النبي والرسول الخاتم بعظيم حفظه حتى يبقيا شاهدين على جميع الخلق إلى قيام الساعة . فالحمد لله على نعمة الإسلام العظيم , والحمد لله على نعمة القرآن الكريم , والحمد لله على بعثة سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله , النبي الأمين الذي بلغ الرسالة , وأدى الأمانة , ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين , فأسأل الله تعالى أن يجزيه خير ما جازى به نبيا عن أمته , ورسولا على حسن أداء رسالته وأن يؤتيه الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة في الجنة إن ربي لا يخلف الميعاد , وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
البيه الحيدري حمار كبير اوي | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 0 | 2020-03-20 01:14 AM |
فأين رواية الانقلابيين او المنتصرين وهذه روايات المنهزمين | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 1 | 2020-03-13 04:31 PM |
العَطَاءَاتُ الرّبّانِيَّةُ لِسَيِّدِ البَرِيَّةِ | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | السنة ومصطلح الحديث | 0 | 2020-02-09 11:18 AM |
الامامة | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 0 | 2020-01-17 06:13 AM |