جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
القول الأقوم في معجزات النبي الأكرم(2).. معجزة القرآن
القول الأقوم في معجزات النبي الأكرم
(2).. معجزة القرآن <?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> في أن الله تعالى قادر على خلق المعرفة في قلوب عباده:<o:p></o:p> -اعلم أن الله جل اسمه قادر على خلق المعرفة في قلوب عباده، والعلم بذاته وأسمائه وصفاته وجميع تكليفاته ابتداء دون واسطة لو شاء، كما حكي عن سنته في بعض الأنبياء، وذكره بعض أهل التفسير في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الشورى: 51). <o:p></o:p> وجائز أن يوصل إليهم جميع ذلك بواسطة تبلغهم كلامه، وتكون تلك الواسطة، إما من غير البشر، كالملائكة مع الأنبياء أو من جنسهم، كالأنبياء مع الأمم، ولا مانع لهذا من دليل العقل. <o:p></o:p> وإذا جاز هذا ولم يستحل، وجاءت الرسل بما دل على صدقهم من معجزاته وجب تصديقهم في جميع ما أتوا به، لأن المعجزة مع التحدي من النبي صلى الله عليه وسلم قائم مقام قول الله: صدق عبدي فأطيعوه واتبعوه، وشاهد على صدقه فيما يقوله، و هذا كاف. <o:p></o:p> والتطويل فيه خارج عن العرض، فمن أراد تتبعه وجده مستوفي في مصنفات أئمتنا رحمهم الله. <o:p></o:p> فالنبوة في لغة من همز مأخوذة من النبأ، وهو الخبر، وقد لا تهمز على هذا التأويل تسهيلاً <o:p></o:p> والمعنى أن الله تعالى أطلعه على غيبه، وأعلمه أنه نبيه، فيكون نبي منبأ فعيل بمعنى مفعول، أو يكون مخبراً عما بعثه الله تعالى به، ومنبئاً بما أطلعه الله عليه فعيل بمعنى فاعل، ويكون عند من لم يهمزه من النبوة، وهو ما ارتفع من الأرض، ومعناه أن له رتبة شريفة، ومكانة نبيهة عند مولاه منيفة فالوصفان في حقه مؤتلفان. وأما الرسول فهو المرسل، ولم يأت فعول بمعنى مفعل في اللغة إلا نادراً. وإرساله أمر الله بالإبلاغ إلى من أرسله إليه، واشتقاقه من التتابع، ومنه قولهم: جاء الناس أرسالاً، إذا اتبع بعضهم بعضاً، فكأنه ألزم تكرير التبليغ، أو ألزمت الأمة اتباعه. <o:p></o:p> واختلف العلماء: هل النبي والرسول بمعنى، أو بمعنيين؟ فقيل: هما سواء، وأصله من الإنباء وهو الإعلام، واستدلوا بقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (الحج: 52))، فقد أثبت لهما معاً الإرسال، قال: و لا يكون النبي إلا رسولاً ولا الرسول إلا نبياً. <o:p></o:p> و قيل: هما مفترقان من وجه، إذ قد اجتمعا في النبوة التي هي الاطلاع على الغيب والإعلام بخواص النبوة أو الرفعة لمعرفة ذلك، وحوز درجتها، وافترقا في زيادة الرسالة للرسول، وهو الأمر بالإنذار والإعلام كما قلنا. وحجتهم من الآية نفسها التفريق بين الاسمين، ولو كانا شيئاً واحداً لما حسن تكرارهما في الكلام البليغ، قالوا: والمعنى: ما أرسلنا من رسول إلى أمة أو نبي ليس بمرسل إلى أحد.<o:p></o:p> وقد ذهب بعضهم إلى أن الرسول من جاء بشرع مبتدإ، ومن لم يأت به نبي غير رسول، وإن أمر بالإبلاغ والإنذار. والصحيح، والذي عليه الإجماع الغفير، أن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً. <o:p></o:p> وأول الرسل آدم، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه: إن الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي. وذكر أن الرسل، منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر، أولهم آدم عليه السلام. <o:p></o:p> فقد بان لك معنى النبوة والرسالة، وليستا عند المحققين ذاتاً للنبي، ولا وصف ذات، خلافاً للكرامية، وفي تطويل لهم، وتهويل، ليس عليه تعويل. <o:p></o:p> قلت:<o:p></o:p> * حديث أبي ذر رضي الله عنه، أخرجه البيهقي، قال:<o:p></o:p> حدثنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو الحسن علي بن الفضل بن إدريس السامري ببغداد ثنا الحسن بن عرفة العبدي حدثني يحيى بن سعيد السعيدي البصري ثنا عبد الملك بن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فذكر الحديث إلى أن قال فقلت يا رسول الله كم النبيون قال مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي قلت كم المرسلون منهم قال ثلاثمائة وثلاثة عشر تفرد به يحيى بن سعيد السعيدي.<o:p></o:p> وأما الوحي فأصله الإسراع، فلما كان النبي يتلقى ما يأتيه من ربه بِعَجَل سمي وحياً، وسميت أنواع الإلهامات وحياً، تشبيهاً بالوحي إلى النبي، وسمي الخط وحياً، لسرعة حركة يد كاتبه، ووحي الحاجب واللحظ سرعة إشارتهما ومنه قوله تعالى: (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (مريم: 11)، أي أومأ ورمز. و قيل: كتب، ومنه قولهم: الوحا، الوحا، أي السرعة. <o:p></o:p> وقيل أصل الوحي السر ولإخفاء، ومنه سمي الإلهام وحياً، ومنه: وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم، أي يوسوسون في صدروهم، ومنه قوله: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى) (القصص: 7)، أي ألقي في قلبها. <o:p></o:p> وقد قيل ذلك في قوله تعالى:(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الشورى: 51)، أي ما يلقيه في قلبه دون واسطة. <o:p></o:p> <o:p></o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
|
#2
|
|||
|
|||
الفصل الثاني:<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
في معنى تسمية من جاءت به الأنبياء معجزة:<o:p></o:p> اعلم أن تسميتنا ما جاءت به الأنبياء معجزة، هو أن الخلق عجزوا عن الإتيان بمثلها، وهي على ضربين: ضرب هو من نوع قدره البشر، فعجزوا عنه، فتعجيزهم عنه فعل لله دل على صدق نبيه، كصرفهم عن تمني الموت. وتعجيزهم عن الإتيان بمثل القرآن على رأي بعضهم، ونحوه. <o:p></o:p> وضرب هو خارج عن قدرته، فلم يقدروا على الإتيان بمثله، كإحياء الموتى، وقلب العصا حية، وإخراج ناقة من صخرة، وكلام شجرة، ونبع الماء من الأصابع، وانشقاق القمر، مما لا يمكن أن يفعله أحد، إلا الله، فكون ذلك على يد النبي صلى الله عليه وسلم من فعل الله تعالى و تحديه من يكذبه أن يأتي بمثله تعجيز له <o:p></o:p> و اعلم أن المعجزات التي ظهرت على يد نبينا صلى الله عليه وسلم دلا ئل نبوته و براهين صدقه ـ من هذين النوعين معاً ـ و هو أكثر الرسل معجرةً، وأبهرهم آيةً، و أظهرهم برهاناً، كما سنبينه، وهي ـ في كثرتها ـ لا يحيط بها ضبط، فإن واحداً منها ـ و هو القرآن ـ لا يحصى عدد معجزاته بألف ولا ألفين، ولا أكثر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تحدى بسورة منه فعجز عنها. <o:p></o:p> قال أهل العلم: (إنا أعطيناك الكوثر). فكل آية أو آيات منه بعددها وقدرها معجزة، ثم فيها نفسها معجزات على ما سنفصله فيما انطوى عليه من المعجزات. <o:p></o:p> ثم معجزاته صلى الله عليه وسلم على قسمين: <o:p></o:p> قسم منها علم قطعاً:، ونقل إلينا متواتراً كالقرآن،فلا مرية، ولا خلاف، بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم به، وظهوره من قبله، واستدلاله بحجته، وإن أنكر هذا معاند جاحد، فهو كإنكاره وجود محمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا. وإنما جاء اعتراض الجاحدين في الحجة به، فهو في نفسه وجميع ما تضمنه من معجز معلوم ضرورة ووجه إعجازه معلوم ضرورةً ونظراً، كما سنشرحه.<o:p></o:p> قال بعض أئمتنا: ويجري هذا المجرى على الجملة أنه قد جرى على يديه صلى الله عليه وسلم آيات وخوارق عادات إن لم يبلغ واحد منها معيناً القطع فيبلغه جميعها، فلا مرية في جريان معانيها على يديه، ولا يختلف مؤمن ولا كافر ـ أنه جرت على يديه عجائب، وإنما خلاف المعاند في كونها من قبل الله. <o:p></o:p> وقد قدمنا كونها من قبل الله، وأن ذلك بمثابة قوله: صدقت. <o:p></o:p> فقد علم وقوع مثل هذا أيضاً من نبينا ضرورةً لاتفاق معانيها، كما يعلم ضرورة جود حاتم، وشجاعة عنترة، وحلم أحنف، لاتفاق الأخبار الواردة عن كل واحد منهم على كرم هذا، وشجاعة هذا، وحلم هذا، وإن كان كل خبر بنفسه لا يوجب العلم، ولا يقطع بصحته. <o:p></o:p> والقسم الثاني: ما لم يبلغ مبلغ الضرورة والقطع، وهو على نوعين: نوع مشتهر منتشر، رواه العدد، وشاع الخبر به عند المحدثين والرواة ونقلة السير والأخبار، كنبع الماء من بين الأصابع، وتكثير الطعام.<o:p></o:p> ونوع منه اختص به الواحد والاثنان، ورواه العدد اليسير، ولم يشتهر اشتهار غيره، لكنه إذا جمع إلى مثله اتفقا في المعنى، واجتمعا على الإتيان بالمعجز، كما قدمناه.<o:p></o:p> -قال القاضي أبو الفضل: وأنا أقول صدعاً بالحق: إن كثيراً من هذه الآيات المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم معلومة بالقطع: <o:p></o:p> * أما انشقاق القمر فالقرآن نص بوقوعه، وأخبر عن وجوده، ولا يعدل عن ظاهر إلا بدليل، وجاء برفع احتماله صحيح الأخبار من طرق كثيرة، ولا يُوهِن عزمَنا خلاف أخرق منحل عُرى الدين، ولا يلتفت إلى سخافة مبتدع يلقي الشك على قلوب ضعفاء المؤمنين، بل نرغم بهذا أنفه، وننبذ بالعراء سخفه. <o:p></o:p> وكذلك قصة نبع الماء، وتكثير الطعام ـ رواها الثقات والعدد الكثير عن الجماء الغفير، عن العدد الكثير من الصحابة.<o:p></o:p> -ومنها ما رواه الكافة عن الكافة متصلاً عمن حدث بها من جملة الصحابة وإخبارهم أن ذلك كان في موطن اجتماع الكثير منهم في يوم الخندق، وفي غزوة بواط، وعمرة الحديبية، وغزوة تبوك، وأمثالها من محافل المسلمين ومجمع العساكر، ولم يؤثر عن أحد من الصحابة مخالفة للراوي فيما حكاه، ولا إنكار لما ذكر عنهم أنهم رأوه كما رآه، فسكوت الساكت منهم كنطق الناطق، إذ هم المنزهون عن السكوت على باطل، والمداهنة في كذب، وليس هناك رغبة أو رهبة تمنعهم، ولو كان ما سمعوه منكراً عندهم وغير معروف لديهم لأنكروه، كما أنكر بعضهم على بعض أشياء رواها من السنن والسير وحروف القرآن. وخطأ بعضهم بعضاً، ووهمه في ذلك، مما هو معلوم، فهذا النوع كله يلحق بالقطعي من معجزاته لما بيناه. <o:p></o:p> وأيضاً فإن أمثال الأخبار التي لا أصل لها، وبنيت على باطل، لا بد بعد مرور الأزمان وتداول الناس وأهل البحث من انكشاف ضعفها، وخمول ذكرها، كما يشاهد في كثير من الأخبار الكاذبة، والأراجيف الطارئة. وأعلام نبينا هذه الواردة من طريق الأحاد لا تزداد مع مرور الزمان إلا ظهوراً، ومع تداول الفرق، وكثرة طعن العدو، وحرصه على توهينها، وتضعيف أصلها، واجتهاد الملحد على إطفاء نورها، إلا قوة وقبولاً، وللطاعنين عليها إلا حسرة وغليلاً. <o:p></o:p> وكذلك إخباره عن الغيوب، وإنباؤه بما يكون وكان معلوم من آياته على الجملة بالضرورة. <o:p></o:p> وهذا حق لا غطاء عليه، وقد قال به من أئمتنا القاضي، والأستاذ أبو بكر وغيرهما، رحمهم الله، وما عندي أوجب قول القائل: إن هذه القصص المشهورة من باب خبر الواحد إلا قلة مطالعته للأخبار وروايتها، وشغله بغير ذلك من المعارف، وإلا فمن اعتنى بطرق النقل، وطالع الأحاديث والسير لم يرْتب في صحة هذه القصص المشهورة على الوجه الذي ذكرناه. ولا يبعد أن يحصل العلم يالتواتر عند واحد ولا يحصل عند آخر، فإن أكثر الناس يعلمون ـ بالخبر ـ كون بغداد موجودة ً، وأنها مدينة عظيمة، ودار الإمامة والخلافة، وآحاد من الناس لا يعلمون اسمها، فضلاً عن وصفها، وهكذا يعلم الفقهاء من أصحاب مالك بالضرورة وتواتر النقل عنه ـ أن مذهبه إيجاب قراءة أم القرآن في الصلاة للمنفرد والإمام، وإجزاء النية في أول ليلة من رمضان عما سواه، وأن الشافعي يرى تجديد النية كل ليلة، والاقتصار في المسح على بعض الرأس، وأن مذهبهما القصاص في القتل بالمحدد وغيره، وإيجاب النية في الوضوء، واشتراط الولي في النكاح، وأن أبا حنيفة يخالفهما في هذه المسائل، وغيرهم ممن لم يشتغل بمذاهبهم ولا روى أقوالهم لا يعرف هذا من مذاهبهم فضلاً عمن سواه. <o:p></o:p> وعند ذكرنا آحاد هذه المعجزات نزيد الكلام فيها بياناً إن شاء الله تعالى.<o:p></o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
|
#3
|
|||
|
|||
الفصل الثالث:<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
في إعجاز القرآن:<o:p></o:p> الوجه الأول: حسن تأليفه، والتئام كلمه، وفصاحته<o:p></o:p> -قال القاضي أبو الفضل رحمه الله: <o:p></o:p> اعلم ـ وفقنا الله وإياك ـ أن كتاب الله العزيز مُنطوٍ على وجوه من الإعجاز كثيرة، وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه:<o:p></o:p> أولها: حسن تأليفه، والتئام كلمه، وفصاحته، ووجوه إيجازه، وبلاغته الخارقة عادة العرب، وذلك أنهم كانوا أرباب هذا الشأن، و فرسان الكلام، قد خصوا من البلاغة و الحكم بما لم يخص به غيرهم من الأمم، وأوتوا من ذرابة اللسان ما لم يؤت إنسان، ومن فضل الخطاب ما يقيد الألباب جعل الله لهم ذلك طبعاً وخلقة، وفيهم غريزة وقوة، يأتون منه على البديهة بالعجب، ويدلون به إلى كل سبب، فيخطبون <o:p></o:p> بديهاً في المقامات وشديد الخطب، و يرتجزون به بين الطعن والضرب، ويمدحون ويقدحون، ويتوسلون ويتوصلون، ويرفعون ويضعون، فيأتون من ذلك بالسحر الحلال، ويطوقون من أوصافهم أجمل من سمط اللآل، فيخدعون الألباب، ويذللون الصعاب، ويذهبون الإحَن، ويهيجون الدِّمن ويجرئون الجبان، ويبسطون يد الجعد البنان، ويصيرون الناقص كاملاً ويتركون النبيه خاملاً.<o:p></o:p> منهم البدوي ذو اللفظ الجزل، والقول الفصل، والكلام الفخم، والطبع الجوهري، والمنزع القوي. <o:p></o:p> ومنهم الحضري ذو البلاغة البارعة، والألفاظ الناصعة، والكلمات الجامعة، والطبع السهل، والتصرف في القول القليل الكُلفة، الكثير الرونق، الرقيق الحاشية. <o:p></o:p> و كلا البابين لهما في البلاغة الحجة البالغة، والقوة الدامغة، والقدح الفالج، والمهيع الناهج، لا يشكون أن الكلام طوع مُرادهم، والبلاغة ملك قيادهم، قد حوَوا فنونها واستنبطوا عيونها، ودخلوا من كل باب من أبوابها، وعلوا صرحاً لبلوغ أسبابها، فقالوا في الخطير والمهين، وتفننوا في الغث والسمين، وتقاولوا في القل والكثر، وتساجلوا في النظم والنثر، فما راعهم إلا رسول كريم، بكتاب عزيز ((لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت: 42)، أحمكت آياته، و فصلت كلماته وبهرت بلاغته العقول، وظهرت فصاحته على كل مقول، وتظافر إيجازه وإعجازه، وتظاهرت حقيقته ومجازه، وتبارت في الحسن مطالعه ومقاطعه، وحوت كل البيان جوامعه وبدائعه، واعتدل مع إيجازه حسن نظمه، وانطبق على كثرة فوائده مختار لفظه، وهم أفسح ما كانوا في الباب مجالاً، وأشهر في الخطابة رجالاً، وأكثر في السجع والشعر سجالاً، وأوسع في الغريب واللغة مقالاً، بلغتهم التي بها يتحاورون، ومنازعهم التي عنها يتناضلون، صارخاً بهم في كل حين، ومقرعاً لهم بضعاً وعشرين عاماً على رؤوس الملأ أجمعين:((أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (يونس: 38). <o:p></o:p> ((وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة 23) * (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة: 24). <o:p></o:p> و (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء: 88). <o:p></o:p> و (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (هود: 13). وذلك أن المفتري أسهل ووضع الباطل والمختلق على الاختيار أقرب، واللفظ إذا تبع المعنى الصحيح كان أصعب، ولهذا قيل: فلان يكتب كما يقال له، وفلان يكتب كما يريد. <o:p></o:p> و للأول على الثاني فضل، و بينهما شأو بعيد. <o:p></o:p> فلم يزل يقرعهم أشد التقريع، ويوبخهم غاية التوبيخ، ويسفه أحلامهم، ويحط أعلامهم، ويشتت نظامهم، ويذم آلهتهم وآباءهم، ويستبيح أرضهم وديارهم وأموالهم، وهم في كل هذا ناكصون عن معارضتيه، محجمون عن مماثلته، يخادعون أنفسهم بالتشغيب و التكذيب، والإغراء بالإفتراء، وقولهم:(إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) (المدّثر: 24)، و(سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ) (القمر: 2)، و(إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ) (الفرقان: 4)، و (َأسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) (الأنعام: 25)، والمباهتة والرضا بالدنية، كقولهم: (وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ) (البقرة: 88). <o:p></o:p> (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ) (فصلت 5). (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (فصلت: 26)) والادعاء مع العجز بقولهم:((وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا إِنْ هَـذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ) (الأنفال: 31) <o:p></o:p> وقد قال لهم الله: (وَلَن تَفْعَلُواْ ) (البقرة: 24)، فما فعلوا ولا قدروا. ومن تعاطى ذلك من سخفائهم ـ كمسيلمة ـ كشف عواره جميعهم، وسلبهم الله ما ألفوه، من فصيح كلامهم، وإلا فلم يخف على أهل الميز منهم أنه ليس من نمط فصاحتهم، ولا جنس بلاغتهم، بل ولوا عنه مدبرين، وأتوا مذعنين من بين مهتد و بين مفتون. <o:p></o:p> ولهذا لما سمع الوليد بن المغيرة من النبي صلى الله عليه وسلم: <o:p></o:p> (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل: 90) . <o:p></o:p> قال: والله، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوةً، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، ما يقول هذا بشر.<o:p></o:p> -وذكر أبو عبيد أن أعرابياً سمع رجلاً يقرأ: <o:p></o:p> (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (الحجر: 94) فسجد، و قال: سجدت لفصاحته. وسمع آخر رجلاً يقرأ: ((فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً ) (يوسف: 80)<o:p></o:p> فقال: أشهد أن مخلوقاً لا يقدر على مثل هذا الكلام. <o:p></o:p> -وحكي أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كان يوماً نائماً في المسجد فإذا هو بقائم على رأسه يتشهد شهادة الحق، واستخبره، فأعلمه أنه من بطارقة الروم ممن يحسن كلام العرب وغيرها، وأنه سمع رجلاً من أسرى المسلمين يقرأ آية من كتابكم فتأملتها، فإذا هي قد جمع فيها ما أنزل على عيسى ابن مريم من أحوال الدنيا والآخرة، وهي قوله تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (النور: 52)<o:p></o:p> -وحكى الأصمعي أنه سمع كلام جارية، فقال لها: قاتلك الله ما أفصحك! فقالت: أو يعد هذا فصاحةً بعد قول الله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (القصص: 7)، فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين، وخبرين، و بشارتين. <o:p></o:p> فهذا نوع من إعجازه منفرد بذاته، غير مضاف إلى غيره على التحقيق والصحيح من القولين. <o:p></o:p> وكون القرآن من قِبَل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أتى به معلوم ضرورة، وكونه متحدياً به معلوم ضرورة، وعجز العرب عن الإتيان به معلوم ضرورة، وكونه في فصاحته خارقاً للعادة معلوم ضرورة للعالِمين بالفصاحة ووجوه البلاغة، وسبيل من ليس من أهلها علم ذلك بعجز المفكرين من أهلها عن معارضته واعتراف المفسرين بإعجاز بلاغته. <o:p></o:p> وأنت إذا تأملت قوله تعالى:(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 179 ). <o:p></o:p> وقوله: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ) (سبأ: 51)). <o:p></o:p> وقوله:(إدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت: 34). <o:p></o:p> و قوله:(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (هود: 44)<o:p></o:p> و قوله (فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (العنكبوت: 40).<o:p></o:p> وأشباهها من الآي، بل أكثر القرآن حققت ما بينته من إيجار ألفاظها، وكثرة معانيه، وديباجة عبارتها، وحسن تأليف حروفها، وتلاؤم كلمها، وأن تحت كل لفظة منها جملاً كثيرة، وفصولاً جمة، وعلوماً زواخر، ملئت الدواوين من بعض ما استفيد منها، وكثرت المقالات في المستنبطات عنها. <o:p></o:p> ثم هو في سرده القصص الطوال، وأخبار القرون السوالف، التي يضعف في عادة الفصحاء عندها الكلام ويذهب ماء البيان ـ آية لمتأمله، من ربط الكلام بعضه ببعض، والتئام سرده، وتناصف وجوهه، كقصة يوسف على طولها. <o:p></o:p> ثم إذا ترددت قصصه اختلفت العبارات عنها على كثرة ترددها حتى تكاد كل واحدة تنسي في البيان صاحبتها، وتناصف في الحسن وجه مقابلتها، ولا نفور للنفوس من ترديدها، ولا معاداة لمعادها. <o:p></o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
|
#4
|
|||
|
|||
الفصل الرابع:<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> الوجه الثاني من إعجازه صورة نظمه العجيب، والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومناهج نظمها ونثرها الذي جاء عليه، ووقفت مقاطع آية، وانتهت فواصل كلماته إليه، ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له، ولا استطاع أحد مماثلة شيء منه، بل حارت فيه عقولهم، وتدلهت دونه أحلامهم، ولم يهتدوا إلى مثله في جنس كلامهم من نثر أو نظم، أو سجع أو رجز، أو شعر. <o:p></o:p>في إعجاز القرآن ـ الوجه الثاني: النظم والأسلوب:<o:p></o:p> ولما سمع كلامه صلى الله عليه وسلم الوليد بن المغيرة، وقرأ عليه القرآن ـ رقّ، فجاءه أبو جهل منكراً عليه ـ قال: والله ما منكم أحد أعلم بالأشعار مني، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا. <o:p></o:p> قلت:<o:p></o:p> أخرج الألباني قصة الوليد بن المغيرة، في صحيح السيرة، باب مجادلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقامة الحجة الدامغة عليهم واعترافهم في أنفسهم بالحق وإن أظهروا المخالفة عنادا وحسدا وبغيا وجحودا.....قال:<o:p></o:p> روى إسحاق بن راهويه بسنده عن ابن عباس: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له.. فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا. قال: لم؟ قال: ليعطوكه فإنك أتيت محمدا لتعرض ما قبله. قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالا. قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له. قال: وماذا أقول؟ فو الله ما منكم رجل أعرف بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني، ولا بأشعار الجن... والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا... و والله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو ولا يعلى وإنه ليحطم ما تحته. قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه. قال: فدعني حتى أفكر فيه.<o:p></o:p> فلما فكر قال: إن هذا إلا سحر يؤثر، يأثره عن غيره. فنزلت: (دَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً*سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ *فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ *فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ * وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ *) المدثر/. هكذا رواه البيهقي عن الحاكم عن إسحاق.<o:p></o:p> قلت[ الألباني]: وفي ذلك قال الله تعالى إخبارا عن جهلهم وقلة عقلهم (بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ) (الأنبياء: 5) فحاروا ماذا يقولون فيه؟ فكل شيء يقولونه باطل لأن من خرج عن الحق مهما قاله أخطأ... قال الله تعالى: (انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً) (الإسراء: 48)<o:p></o:p> قلت:<o:p></o:p> أورد الشيخ أحمد بن محمد القسطلاني القصة في المواهب اللدنية بالمنح المحمدية قال:<o:p></o:p> عن عكرمة في قصة الوليد بن المغيرة، وكان زعيم قريش في الفصاحة، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ علي... فقرأ عليه: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل: 90) قال: أعد... فأعاد صلى الله عليه وسلم، فقال[ الوليد]:والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وما يقول هذا بشر، ثم قال لقومه والله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا أشعار الجن فو الله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا.. والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو ولا يعلى.<o:p></o:p> - وفي خبره الآخرـ حين جمع قريشً عند حضور الموسم، وقال: إن وفود العرب ترد فأجمعوا فيه رأياً لا يكذب بعضكم بعضاً، فقالوا: نقول كاهن. قال: والله ما هو بكاهن. ما هو بزمزمته ولا سجعه.قالوا: مجنون: قال: ما هو بمجنون، ولا بخنقه ولا وسوسته. <o:p></o:p> قالوا: فنقول شاعر. قال: ما هو بشاعر. قد عرفنا الشعر كله، رجزه، وهزجه، وقريضه، و مبسوطه، ومقبوضه، ما هو بشاعر. قالوا: فنقول ساحر. قال: ما هو بساحر، ولا نفثه ولا عقده. <o:p></o:p> قالوا: فما نقول: قال: ما أنتم بقائلين من هذا شيئاً، إلا وأنا أعرف أنه باطل، وإن أقرب القول أنه ساحر، فإنه سحر يفرق بين المرء وابنه، والمرء وأخيه، والمرء وزوجه، والمرء وعشيرته. <o:p></o:p> فتفرقوا وجلسوا على السبل يحذرون الناس، فأنزل الله تعالى في الوليد: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً *وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً *وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ*سَأُصْلِيهِ سَقَرَ *) -(المدثر). <o:p></o:p> -وقال عتبة بن ربيعة حين سمع القرآن: يا قوم، قد علمتم أني لم أترك شيئاً إلا وقد علمته وقرأته وقلته، والله لقد سمعت قولاً.. والله ما سمعت مثله قط، ما هو بالشعر، ولا بالسحر، ولا بالكهانة. -وقال النضر بن الحارث نحوه. <o:p></o:p> قلت:<o:p></o:p> * أخرج الألباني قصة عتبة بن ربيعة، في صحيح السيرة، قال:<o:p></o:p> وروى الإمام عبد بن حميد في (مسنده) بسنده عن جابر بن عبد الله قال: اجتمعت قريش يومًا فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة. فقالوا: أنت يا أبا الوليد فأتاه عتبة فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال: إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرًا وأن في قريش كاهنا والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى. أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلاً واحدًا وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فرغت؟). قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بسم الله الرحمن الرحيم. حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ *كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ *وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ * قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ *وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ *) [ فصلت: 1 - 13 ]. فقال عتبة: حسبك ما عندك غير هذا؟ قال: (لا). فرجع إلى قريش فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئًا أرى أنكم تكلمونه إلا كلمته. قالوا: فهل أجابك؟ فقال: نعم. ثم قال: لا والذي نصبها بينة ما فهمت شيئًا مما قال غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود. قالوا: ويلك يكلمك الرجل بالعربية لا تدري ما قال؟ قال: لا والله ما فهمت شيئًا مما قال غير ذكر الصاعقة. <o:p></o:p> وقد رواه البيهقي وغيره عن الحاكم بسنده عن الأجلح به وفيه كلام وزاد: وإن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسا ما بقيت. وعنده أنه لما قال:_(فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) أمسك عتبة على فيه وناشده الرحم أن يكف عنه ولم يخرج إلى أهله واحتبس عنهم. فقال أبو جهل: والله يا معشر قريش ما نرى عتبة إلا صبا إلى محمد وأعجبه كلامه وما ذاك إلا من حاجة أصابته انطلقوا بنا إليه. فأتوه فقال أبو جهل: والله يا عتبة ما جئنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك أمره فإن كان بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن محمد. فغضب وأقسم بالله لا يكلم محمدًا أبدًا وقال: لقد علمتم أني من أكثر قريش مالاً ولكني أتيته - وقص عليهم القصة - فأجابني بشيء - والله ما هو بسحر ولا بشعر ولا كهانة - قرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم. حم. تنزيل من الرحمن الرحيم...حتى بلغ: فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فأمسكت بفيه وناشدته الرحم أن يكف وقد علمتم أن محمدًا إذا قال شيئًا لم يكذب فخفت أن ينزل عليكم العذاب. <o:p></o:p> ثم روى البيهقي بسنده عن المغيرة بن شعبة قال: إن أول يوم عرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أمشي أنا وأبو جهل بن هشام في بعض أزقة مكة إذ لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهل: (يا أبا الحكم هلم إلى الله وإلى رسوله أدعوك إلى الله). فقال أبو جهل: يا محمد هل أنت منته عن سب آلهتنا؟ هل تريد إلا أن نشهد أنك قد بلغت؟ فنحن نشهد أن قد بلغت فو الله لو أني أعلم أن ما تقول حق لاتبعتك. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل علي فقال: والله إني لأعلم أن ما يقول حق ولكن يمنعني شيء إن بني قصي قالوا: فينا الحجابة. فقلنا: نعم. ثم قالوا: فينا السقاية. فقلنا: نعم. ثم قالوا: فينا الندوة. فقلنا: نعم. ثم قالوا: فينا اللواء. فقلنا: نعم. ثم أطعموا وأطعمنا حتى إذا تحاكت الركب قالوا: منا نبي والله لا أفعل. وهذا القول منه - لعنه الله - كما قال تعالى مخبرا عنه وعن أضرابه: (وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً * إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (الفرقان 41- 42). <o:p></o:p> -وفي حديث إسلام أبي ذر ووَصَف أخاه أنيساً، فقال: والله ما سمعت بأشعر من أخي أنيس، لقد ناقض اثني عشر شاعراً في الجاهلية، أنا أحدهم، وإنه انطلق إلى مكة، وجاء إ لى أبي ذر بخبر النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر: كاهن، ساحر، لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، ولقد وضعته على أقراء الشعر فلم يلتئم، وما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، وإنه لصادق، وإنهم لكاذبون. -والأخبار في هذا صحيحة كثيرة. <o:p></o:p> قلت:<o:p></o:p> حديث إسلام أبي ذر رضي الله عنه رواه مسلم،وأحمد، والبيهقي، وهو في صحيح مسلم- كتاب فضائل الصحابة-<o:p></o:p> حدثنا هداب بن خالد الأزدي. حدثنا سليمان بن المغيرة. أخبرنا حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت. قال: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا غفار. وكانوا يحلون الشهر الحرام. فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا. فنزلنا على خال لنا. فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا. فحسدنا قومه فقالوا: إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس. فجاء خالنا فنثا علينا الذي قيل له. فقلت: أما ما مضى من معروفك فقد كدرته، ولا جماع لك فيما بعد. فقربنا صرمتنا. فاحتملنا عليها. وتغطى خالنا ثوبه فجعل يبكي. فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة. فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها. فأتيا الكاهن. فخير أنيسا. فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها.قال: وقد صليت، يا ابن أخي! قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين. قلت: لمن؟ قال: لله. قلت: فأين توجه؟ قال: أتوجه حيث يوجهني ربي. أصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء. حتى تعلوني الشمس. <o:p></o:p> فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة فاكفني. فانطلق أنيس حتى أتى مكة. فراث علي. ثم جاء فقلت: ما صنعت؟ قال: لقيت رجلا بمكة على دينك. يزعم أن الله أرسله. قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، كاهن، ساحر. وكان أنيس أحد الشعراء. <o:p></o:p> قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة. فما هو بقولهم. ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر. فما يلتئم على لسان أحد بعدي؛ أنه شعر. والله! إنه لصادق. وإنهم لكاذبون...(الحديث)<o:p></o:p> -والإعجاز بكل واحد من النوعين: الإيجاز والبلاغة بذاتها، أو الأسلوب الغريب بذاته، كل واحد منهما نوع إعجازه على التحقيق، لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما، إذا كل واحد خارج عن قدرتها، مباين لفصاحتها و كلامها، وإلى هذا ذهب غير واحد من أئمة المحققين. <o:p></o:p> و ذهب بعض المحققين المقتدى بهم إلى أن الإعجاز في مجموع البلاغة والأسلوب، وأتى على ذلك بقول تمجه الأسماع، وتنفر منه القلوب. والصحيح ما قدمناه، و العلم بهذا كله ضرورة قطعاً. <o:p></o:p> ومن تفنن في علوم البلاغة، وأرهف خاطره ولسانه أدب هذه الصناعة لم يخف عليه ما قلناه. <o:p></o:p> -وقد اختلف أئمة أهل السنة في وجه عجزهم عنه، فأكثرهم يقول: إنه ما جمع في قوة جزالته، ونصاعة ألفاظه، وحسن نظمه، وإيجازه، وبديع تأليفه وأسلوبه لا يصح أن يكون في مقدور البشر، وأنه من باب الخوارق الممتنعة عن إقدار الخلق عليها، كإحياء الموتى، وقلب العصا، وتسبيح الحصى. <o:p></o:p> وذهب الشيخ أبو الحسن إلى أن مما يمكن أن يدخل مثله تحت مقدور البشر، ويقدرهم الله عليه، ولكنه لم يكن هذا ولا يكون، فمنعَهم اللهُ هذا، و عجَّزهم عنه. <o:p></o:p> -وقال به جماعة من أصحابه. <o:p></o:p> -وعلى الطريقين فعجز العرب عنه ثابت، وإقامة الحجة عليهم بما يصح أن يكون في مقدور البشر، وتحديهم بأن يأتوا بمثله قاطع، وهو أبلغ في التعجيز، وأحرى بالتقريع، والاحتجاج بمجيء بشر مثلهم بشيء ليس من قدرة البشر لازم، وهو أبهر آية، وأقمع دلالة. <o:p></o:p> وعلى كل حال فما أتوا في ذلك بمقال، بل صبروا على الجلاء، والقتل، وتجرعوا كاسات الصَّغار والذل، وكانوا من شموخ الآنف، وإباية الضيم، بحيث لا يؤثرون ذلك اختياراً، ولا يرضونه إلا اضطراراً، وإلا فالمعارضة لو كانت من قدرهم، الشغل بها أهون عليهم وأسرع بالنجح وقطع العذر وإفحام الخصم لديهم، وهم ممن لهم قدرة على الكلام، وقدوة في المعرفة به لجميع الأنام، وما منهم إلا من جهد جهده، واستنفد ما عنده في إخفاء ظهوره، وإطفاء نوره، فما جلوا في ذلك خبيئةً من بنات شفاههم، ولا أتوا بنطفة من معين مياههم، مع طول الأمد، و كثرة العدد، وتظاهر الوالد وما ولد، بل أبلسوا فما نبسوا، ومنعوا فانقطعوا، فهذان نوعان من إعجازه.<o:p></o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
|
#5
|
|||
|
|||
الفصل الخامس<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
في إعجاز القرآن:<o:p></o:p> الوجه الثالث: ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات<o:p></o:p> -الوجه الثالث من الإعجاز ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات، وما لم يكن ولم يقع، فوجد، كما ورد وعلى الوجه الذي أخبر به، كقوله تعالى: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ) (الفتح 27)<o:p></o:p> وقوله تعالى:(وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (الروم: 3). <o:p></o:p> وقوله تعالى:(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة: 33)<o:p></o:p> وقوله تعالى: ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 55) <o:p></o:p> -وقوله تعالى:(إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (3) –(النصر) <o:p></o:p> فكان جميع هذا، كما قال...فغلبت الروم فارس في بضع سنين، ودخل الناس في الإسلام أفواجاً، فما مات صلى الله عليه وسلم وفي بلاد العرب كلها موضع لم يدخله الإسلام.واستخلف الله المؤمنين في الأرض، ومكَّن فيها دينهم، و ملكهم إياها من أقصى المشارق إلى أقصى المغارب، كما قال صلى الله عليه وسلم: "زويت إلى الأرض، فأريت مشارقها و مغاربها، و سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها. <o:p></o:p> قلت: أخرج هذا الحديث ابن ماجه في السنن؛ والألباني في صحيح السيرة، ولفظه:<o:p></o:p> " زويت لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها وأعطيت الكنزين الأصفر أو الأحمر والأبيض، (يعني الذهب والفضة) وقيل لي إن ملكك إلى حيث زوي لك.. وإني سألت الله عز وجل ثلاثا: أن لا يسلط على أمتي جوعا فيهلكهم به عامة، وأن لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض، وإنه قيل لي إذا قضيت قضاء فلا مرد له وإني لن أسلط على أمتك جوعا فيهلكهم فيه ولن أجمع عليهم من بين أقطارها حتى يفني بعضهم بعضا ويقتل بعضهم بعضا وإذا وضع السيف في أمتي فلن يرفع عنهم إلى يوم القيامة.. وإن مما أتخوف على أمتي أئمة مضلين.. وستعبد قبائل من أمتي الأوثان، وستلحق قبائل من أمتي بالمشركين.. وإن بين يدي الساعة دجالين كذابين قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه نبي، ولن تزال طائفة من أمتي على الحق منصورين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل".. قال أبو الحسن لما فرغ أبو عبد الله من هذا الحديث قال ما أهوله..<o:p></o:p> قال الشيخ الألباني: صحيح.. سند الحديث: حدثنا هشام بن عمار ثنا محمد بن شعيب بن شابور ثنا سعيد بن بشير عن قتادة أنه حدثهم عن أبي قلابة الجرمي عبد الله بن زيد عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:... (الحديث).<o:p></o:p> -وقوله: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9)، فكان كذلك، لا يكاد يعد من سعى في تغييره وتبديل محكمه من الملحدة والمعطلة، لا سيما القرامطة، فأجمعوا كيدهم وحولهم وقوتهم، اليوم نيفاً على خمسمائة عام، فما قدروا على إطفاء شيء من نوره، ولا تغيير كلمة من كلامه، ولا تشكيك المسلمين في حرف من حروفه، و الحمد لله. <o:p></o:p> ومنه قوله: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (القمر: 45) <o:p></o:p> -وقوله:(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ) (التوبة 14) <o:p></o:p> وقوله:(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة 33)<o:p></o:p> وقوله: (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ) (آل عمران: 111).<o:p></o:p> فكان كل ذلك.وما فيه من كشف أسرار المنافقين واليهود، ومقالهم وكذبهم في حلفهم، وتقريعهم بذلك، <o:p></o:p> كقوله:(وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (المجادلة 8) <o:p></o:p> وقوله: (يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل عمران: 154). <o:p></o:p> وقوله:(مِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة 41)<o:p></o:p> وقوله: (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي) (النساء: 46). <o:p></o:p> وقد قال مبدياً، ما قدَّره الله واعتقده المؤمنون يوم بدر: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ) (الأنفال: 7)<o:p></o:p> ومنه قوله تعالى: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (الحجر: 95). <o:p></o:p> ولما نزلت بشر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أصحابه بأن الله كفاه إياهم، وكان المستهزئون نفراً بمكة ينفرون الناس عنه و يؤذونه فهلكوا. <o:p></o:p> وقوله (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (المائدة: 67).<o:p></o:p> فكان كذلك على كثرة من رام ضره، وقصد قتله، والأخبار بذلك معروفة صحيحة. <o:p></o:p> قلت: ذكر ابن كثير في التفسير أسماء هؤلاء المستهزئين كما رواه ابن إسحاق، قال:<o:p></o:p> قوله تعالى: {وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين} أي بلغ ما أنزل إليك من ربك, ولا تلتفت إلى المشركين الذين يريدون أن يصدوك عن آيات الله {ودّوا لو تدهن فيدهنون} ولا تخفهم فإن لله كافيك إياهم وحافظك منهم, كقوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}.<o:p></o:p> وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا يحيى بن محمد بن السكن, حدثنا إسحاق بن إدريس, حدثنا عون بن كهمس عن يزيد بن درهم, عن أنس قال: سمعت أنساً يقول في هذه الآية, {إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر} قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فغمزه بعضهم فجاء جبريل, أحسبه قال: فغمزهم, فوقع في أجسادهم كهيئة الطعنة فماتوا.<o:p></o:p> قال محمد بن إسحاق: كان عظماء المستهزئين كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير خمسة نفر, وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم من بني أسد بن عبد العزى بن قصي الأسود بن المطلب أبي زمعة, كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه, فقال: «اللهم أعم بصره, وأثكله ولده». ومن بني زهرة الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة, ومن بني مخزوم الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم, ومن بني سهم ابن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سعد, ومن خزاعة الحارث بن الطلاطلة بن عمرو بن الحارث بن عبد بن ـ عمرو بن ملكان ـ. فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أنزل الله تعالى: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين... إلى قوله}فسوف يعلمون}.<o:p></o:p> وقال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير أو غيره من العلماء أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت, فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه, فمر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه, فاستسقى بطنه, ومر به الوليد بن المغيرة, فأشار إلى أثر جرحٍ بأسفل كعب رجله, وكان أصابه قبل ذلك بسنتين, وهو يجز إزاره, وذلك أنه مر برجل من خزاعة يريش نبلاً له, فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش رجله ذلك الخدش, وليس بشيء, فانتفض به فقتله, ومر به العاص بن وائل, فأشار إلى أخمص قدمه فخرج على حمار له يريد الطائف, فربض على شبرقة فدخلت في أخمص قدمه فقتلته, ومر به الحارث بن الطلاطلة فأشار إلى رأسه فامتخط قيحاً فقتله.<o:p></o:p> قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن رجل, عن ابن عباس قال: كان رأسهم الوليد بن المغيرة وهو الذي جمعهم, وهكذا روي عن سعيد بن جبير وعكرمة نحو سياق محمد بن إسحاق به, عن يزيد عن عروة بطوله, إلا أن سعيداً يقول: الحارث بن غيطلة, وعكرمة يقول الحارث بن قيس. قال الزهري: وصدقا هو الحارث بن قيس, وأمه غيطلة, وكذا روي عن مجاهد ومقسم وقتادة وغير واحد أنهم كانوا خمسة. وقال الشعبي: كانوا سبعة, والمشهور الأول.<o:p></o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
|
#6
|
|||
|
|||
الفصل السادس:<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
في إعجاز القرآن:<o:p></o:p> الوجه الرابع: ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة، والأمم البائدة، والشرائع الداثرة:<o:p></o:p> الوجه الرابع ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة، والأمم البائدة، والشرائع الداثرة، مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أخبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك، فيورده النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه، ويأتي به على نصه، فيعترف العالم بذلك بصحته وصدقه، وأن مثله لم ينله بتعليم. <o:p></o:p> وقد علموا أنه صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب، ولا اشتغل بمدارسة ولا مثافنة، ولم يغب عنهم، ولا جهل حاله أحد منهم.<o:p></o:p> وقد كان أهل الكتاب كثيراًما يسألونه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن هذا، فينزل عليه من القرآن ما يتلو عليهم منه ذكراً، كقصص الأنبياء مع قومهم، وخبر موسى والخضر، ويوسف وإخوته، وأصحاب الكهف، وذي القرنين، ولقمان وابنه، وأشباه ذلك من الأنبياء والقصص، وبدء الخلق وما في التوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم وموسى، مما صدقه فيه العلماء بها، ولم يقدروا على تكذيب ما ذكر منها، بل أذعنوا لذلك، فمن موفق آمن بما سبق له من خير، ومن شقي معاند حاسد، ومع هذا لم يحك عن واحد من النصارى واليهود على شدة عداوتهم له، وحرصهم على تكذيبه، وطول احتجاجه عليهم بما في كتبهم، وتقريعهم بما انطوت عليه مصاحفهم، وكثرة سؤالهم له صلى الله عليه وسلم، وتعنيتهم إياه ـ عن أخبار أنبيائهم، وأسرار علومهم، ومستودعات سيرهم، وإعلامه لهم بمكتوم شرائعهم ومضمنات كتبهم، مثل سؤالهم عن الروح، وذي القرنين، وأصحاب الكهف، وعيسى، وحكم الرجم وما حرم إسرائيل على نفسه، وما حرم عليهم من الأنعام، ومن طيبات أحلت لهم فحرمت عليهم ببغيهم.<o:p></o:p> وقوله: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح: 29) وغير ذلك من أمورهم التي نزل فيها القرآن، فأجابهم وعرفهم بما أوحى إليه من ذلك أنه أنكر ذلك أو كذبه، بل أكثرهم صرح بصحة نبوته، وصدق مقالته، واعترف بعناده وحسدهم إياه، كأهل بجران، وابن صوريا، وابني أخطب وغيرهم. <o:p></o:p> ومن باهت في ذلك بعض المباهتة، وادعى أن فيما عندهم من ذلك لما حكاه مخالفةً ـ دعي إلى إقامة حجته، وكشف دعوته، فقيل له: (قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94). (آل عمران )<o:p></o:p> فقرع ووبَّخ، ودعا إلى إحضار ممكن غير ممتنع، فمن معترف بما جحده، ومتواقح يلقي على فضيحته من كتابه يده. و لم يؤثر أن واحداً منهم أظهر خلاف قوله من كتبه، ولا أبدى صحيحاً ولا سقيماً من صفحه، قال الله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16) -المائدة.<o:p></o:p> <o:p></o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
|
#7
|
|||
|
|||
الفصل السابع:<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
هذه الوجــوه الأربعـة مـن الإعجـاز لا نـزاع فيها ولا مريــة:<o:p></o:p> هذه الوجوه الأربعة من إعجازه بينة لا نزاع فيها ولا مرية. <o:p></o:p> ومن الوجوه البينة في إعجازه من غير هذه الوجوه آي وردت بتعجيز قوم في قضايا، وإعلامهم أنهم لا يفعلونها فما فعلوا ولا قدروا على ذلك، كقوله لليهود: (قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة: 94) (وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ) (البقرة: 95)<o:p></o:p> -قال أبو إسحاق الزجاج: في هذه الآية أعظم حجة وأظهر دلالة على صحة الرسالة، لأنه قال: (فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ)، وأعلمهم أنهم (لَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً)، فلم يتمنه واحداً منهم. <o:p></o:p> -وعن النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا يقولها رجل منهم إلا غص بريقه. يعني يموت مكانه. <o:p></o:p> فصرفهم الله عن تمنيه وجزعهم، ليظهر صدق رسوله، وصحة ما أوحي إليه، إذا لم يتمنه أحد منهم، وكانوا على تكذيبه أحرص لو قدروا، ولكن الله يفعل ما يريد، فظهرت بذلك معجزته، وبانت حجته. <o:p></o:p> -قال أبو محمد الأصيلي: من أعجب أمرهم أنه لا يوجد منهم جماعة، ولا واحد، من يوم أمر الله بذلك نبيه صلى الله عليه وسلم ـ يقدم عليه، ولا يجيب إليه. وهذا موجود مشاهد لمن أراد أن يمتحنه منهم.<o:p></o:p> قلت: قال السيوطي في الدر المنثور:<o:p></o:p> وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس في هذه الآية قال: قل لهم يا محمد {إن كانت لكم الدار الآخرة} يعني الجنة كما زعتم {خالصة من دون الناس} يعني المؤمنين {فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} إنها لكم خالصة من دون المؤمنين فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن كنتم في مقالتكم صادقين قولوا اللهم أمتنا، فوالذي نفسي بيده لا يقولها رجل منكم إلا غص بريقه فمات مكانه، فأبوا أن يفعلوا وكرهوا ما قال لهم، فنزل {ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم} يعني عملته أيديهم {والله عليم بالظالمين} أنهم لن يتمنوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول هذه الآية: والله لا يتمنونه أبدا".<o:p></o:p> وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فتمنوا الموت} أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب فأبوا ذلك، ولو تمنوه يوم قال ذلك ما بقي على وجه الأرض يهودي إلا مات.<o:p></o:p> وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (قل إن لكم الدار الآخرة) يعني الجنة {خالصة} خاصة {فتمنوا الموت} فاسألوا الموت {ولن يتمونه أبدا} لأنهم يعلمون أنهم كاذبون {بما قدمت} قال: أسلفت.<o:p></o:p> وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال: لو تمنى اليهود الموت لماتوا.<o:p></o:p> وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه.<o:p></o:p> وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ولرأوا مقاعدهم من النار".<o:p></o:p> وكذلك آية المباهلة من هذا المعنى، حيث وفد عليه أساقفة نجران وأبوْا الإسلام، فأنزل الله تعالى عليه آية المباهلة بقوله: (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران: 61). <o:p></o:p> فامتنعوا منها، ورضوا بأداء الجزية، وذلك أن العاقب عظيمهم قال لهم: قد علمتم أنه نبي، وأنه ما لاعن قوماً نبي قط فبقي كبيرهم ولا صغيرهم. <o:p></o:p> قلت: قال ابن كثير عند تفسير هذه الآية الكريمة:<o:p></o:p> قال تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم, أن يباهل من عاند الحق في أمر عيسى بعد ظهور البيان {فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} أي نحضرهم في حال المباهلة {ثم نبتهل} أي نلتعن {فنجعل لعنة الله على الكاذبين} أي منا أو منكم.<o:p></o:p> وكان سبب نزول هذه المباهلة وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران, أن النصارى لما قدموا فجعلوا يحاجون في عيسى ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية, فأنزل الله صدر هذه السورة رداً عليهم, قال ابن إسحاق في سيرته المشهورة وغيره: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران ستون راكباً, فيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم يؤول أمرهم إليهم وهم: العاقب واسمه عبد المسيح, والسيد وهو الأيهم, وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل, وأويس بن الحارث, وزيد, وقيس, ويزيد ونبيه, وخويلد, وعمرو, وخالد, وعبد الله, ويُحَنّس, وأمر هؤلاء يؤول إلى ثلاثة منهم وهم العاقب, وكان أمير القوم وذا رأيهم وصاحب مشورتهم, والذي لا يصدرون إلا عن رأيه, والسيد وكان عالمهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم, وأبو حارثة بن علقمة وكان أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم, وكان رجلاً من العرب من بني بكر بن وائل, ولكنه تنصر فعظمته الروم وملوكها وشرفوه, وبنوا له الكنائس وأخدموه لما يعلمونه من صلابته في دينهم, وقد كان يعرف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفته وشأنه مما علمه من الكتب المتقدمة, ولكن حمله جهله على الاستمرار في النصرانية لما يرى من تعظيمه فيها وجاهه عند أهلها. <o:p></o:p> قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير, قال: قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة, فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر, عليهم ثياب الحبرات جبب وأردية في جمال رجال بني الحارث بن كعب, قال: يقول من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأينا بعدهم وفداً مثلهم: وقد حانت صلاتهم فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«دعوهم» فصلوا إلى المشرق, قال: فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة, والعاقب عبد المسيح, والسيد الأيهم وهم من النصرانية على دين الملك مع اختلاف أمرهم يقولون: هو الله, ويقولون: هو ولد الله, ويقولون: هو ثالث ثلاثة, تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً. وكذلك قول النصرانية, فهم يحتجون في قولهم هو الله, بأنه كان يحيى الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص والأسقام, ويخبر بالغيوب, ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً, وذلك كله بأمر الله. وليجعله الله آية للناس, ويحتجون على قولهم بأنه ابن الله يقولون: لم يكن له أب يعلم, وقد تكلم في المهد بشيء لم يسمعه أحد من بني آدم قبله, ويحتجون على قولهم بأنه ثالث ثلاثة بقول الله تعالى: فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا فيقولون لو كان واحداً ما قال إلا فعلت وأمرت وقضيت وخلقت, ولكنه هو وعيسى ومريم ـ تعالى الله وتقدس وتنزه عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً ـ وفي كل ذلك من قولهم: قد نزل القرآن, فلما كلمه الحبران, قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسلما» قالا: قد أسلمنا, قال: «إنكما لم تسلما فأسلما». قالا: بلى قد أسلمنا قبلك. قال: «كذبتما يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولداً وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير». قالا: فمن أبوه يا محمد؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فلم يجبهما, فأنزل الله في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها, ثم تكلم ابن إسحاق على تفسيرها إلى أن قال: فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله والفصل من القضاء بينه وبينهم وأمر بما أمر به من ملاعنتهم إن ردوا ذلك عليه دعاهم إلى ذلك, فقالوا: يا أبا القاسم, دعنا ننظر في أمرنا ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه, ثم انصرفوا عنه, ثم خلوا بالعاقب, وكان ذا رأيهم فقالوا: يا عبد المسيح ماذا ترى؟ فقال: والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمداً لنبي مرسل, ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم, ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبياً قط, فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم, وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم, فإن كنتم أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم, فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم, فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم, قد رأينا ألا نلاعنك ونتركك على دينك ونرجع على ديننا ولكن ابعث معنا رجلاً من أصحابك ترضاه لنا يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها في أموالنا, فإنكم عندنا رضا, قال محمد بن جعفر: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين» فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ما أحببت الإمارة قط حبي إياها يومئذ, رجاء أن أكون صاحبها, فرحت إلى الظهر مهجراً, فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر, سلم ثم نظر عن يمينه وشماله, فجعلت أتطاول له ليراني فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح فدعاه, فقال: «اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه». قال عمر: فذهب بها أبو عبيدة رضي الله عنه. <o:p></o:p> وقد روى ابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق, عن عاصم بن عمر بن قتادة, عن محمود بن لبيد, عن رافع بن خديج: أن وفد أهل نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فذكر نحوه, إلا أنه قال في الأشراف: كانوا اثني عشر, وذكر بقيته بأطول من هذا السياق, وزيادات أخرى.<o:p></o:p> وقال البخاري: حدثنا عباس بن الحسين, حدثنا يحيى بن آدم, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن صلة بن زفر, عن حذيفة رضي الله عنه, قال: جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه, قال: فقال: أحدهما لصاحبه: لا تفعل فو الله لئن كان نبياً فلاعناه لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا, قالا: إنا نعطيك ما سألتنا وابعث معنا رجلاً أميناً ولا تبعث معنا إلا أميناً, فقال: «لأبعثن معكم رجلاً أميناً حق أمين» فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: « قم يا أبا عبيدة بن الجراح» فلما قام, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا أمين هذه الأمة» رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه من طرق عن أبي إسحاق السبيعي عن صلة, عن حذيفة, بنحوه وقد رواه أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق, عن صلة, عن ابن مسعود بنحوه. <o:p></o:p> وقال البخاري: حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن خالد, عن أبي قلابة, عن أنس, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: «لكل أمة أمين, وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن يزيد الرقي أبو يزيد, حدثنا فرات عن عبد الكريم بن مالك الجزري, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: قال أبو جهل قبحه الله, إن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة لاَتينه حتى أطأ على رقبته, قال: فقال: «لو فعل لأخذته الملائكة عياناً, ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار, ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالاً ولا أهلاً», وقد رواه الترمذي والنسائي من حديث عبد الرزاق, عن معمر, عن عبد الكريم به, وقال الترمذي: حسن صحيح.<o:p></o:p> وقد روى البيهقي في دلائل النبوة قصة وفد نجران مطولة جداً, ولنذكره فإن فيه فوائد كثيرة, وفيه غرابة, وفيه مناسبة لهذا المقام, قال البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل, قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب, حدثنا أحمد بن عبد الجبار, حدثنا يونس بن بكير, عن سلمة بن عبد يسوع, عن أبيه, عن جده, قال يونس ـ وكان نصرانياً فأسلم ـ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم, كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه(طـس) سليمان: «باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب, من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران أسلم أنتم, فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب. أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد, وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد, فإن أبيتم فالجزية, فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب, والسلام». فلما أتى الأسقف الكتاب وقرأه فظع به, وذعره ذعراً شديداً, وبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة, وكان من همدان, ولم يكن أحد يدعى إذا نزلت معضلة قبله لا الأيهم ولا السيد ولا العاقب, فدفع الأسقف كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل فقرأه, فقال الأسقف: يا أبا مريم ما رأيك؟ فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة, فما يؤمن أن يكون هذا هو ذاك الرجل, ليس لي في أمر النبوة رأي, ولو كان في أمر من أمور الدنيا لأشرت عليك فيه برأيي واجتهدت لك, فقال الأسقف: تنح فاجلس, فتنحى شرحبيل فجلس ناحية, فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له عبد الله بن شرحبيل, وهو من ذي أصبح من حمير, فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه فقال له مثل قول شرحبيل, فقال له الأسقف: تنح فاجلس, فتنحى عبد الله فجلس ناحية, فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له جبار بن فيض من بني الحارث بن كعب أحد بني الحماس, فأقرأه الكتاب, وسأله عن الرأي فيه؟ فقال له مثل قول شرحبيل وعبد الله, فأمره الأسقف, فتنحى فجلس ناحية, فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعاً, أمر الأسقف بالناقوس فضرب به, ورفعت النيران والمسوح في الصوامع, وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار, وإذا كان فزعهم ليلاً ضربوا بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع, فاجتمعوا حين ضرب بالناقوس ورفعت المسوح, أهل الوادي أعلاه وأسفله. وطول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع, وفيه ثلاث وسبعون قرية وعشرون ومائة ألف مقاتل, فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وسألهم عن الرأي فيه, فاجتمع رأي أهل الرأي منهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة الهمداني وعبد الله بن شرحبيل الأصبحي وجبار بن فيض الحارثي, فيأتونهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم, فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدنية وضعوا ثياب السفر عنهم, ولبسوا حللاً لهم يجرونها من حبرة وخواتيم الذهب, ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه, فلم يرد عليهم, وتصدوا لكلامه نهاراً طويلاً, فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل وخواتيم الذهب, فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف, وكانا معرفة لهم, فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس, فقالوا: يا عثمان ويا عبد الرحمن, إن نبيكم كتب إلينا كتاباً فأقبلنا مجيبين له, فأتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا, وتصدينا لكلامه نهاراً طويلاً, فأعيانا أن يكلمنا, فما الرأي منكما, أترون أن نرجع؟ فقالا لعلي بن أبي طالب وهو في القوم: ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟ فقال علي لعثمان وعبد الرحمن: أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم, ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودون إليه, ففعلوا فسلموا عليه فرد سلامهم, ثم قال: «والذي بعثني بالحق, لقد أتوني المرة الأولى وإن إبليس لمعهم». ثم سألهم, فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى, فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى, يسرنا إن كنت نبياً أن نسمع ما تقول فيه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عندي فيه شيء يومي هذا, فأقيموا حتى أخبركم بما يقول لي ربي في عيسى» فأصبح الغد وقد أنزل الله هذه الاَية {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ *(آل عمران) } فأبوا أن يقروا بذلك, فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد بعد ما أخبرهم الخبر, أقبل مشتملاً على الحسن والحسين في خميل له, وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة, وله يومئذ عدة نسوة, فقال شرحبيل لصاحبيه: لقد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا إلا عن رأيي, وإني والله أرى أمراً ثقيلاً, والله لئن كان هذا الرجل ملكاً مبعوثاً فكنا أول العرب طعناً في عينيه ورداً عليه أمره, لا يذهب لنا من صدره ولا من صدور أصحابه حتى يصيبونا بجائحة, وإنا لأدنى العرب منهم جواراً, ولئن كان هذا الرجل نبياً مرسلاً فلاعناه, لا يبقى منا على وجه الأرض شعر ولا ظفر إلا هلك, فقال له صاحباه: فما الرأي يا أبا مريم؟ فقال: أرى أن أحكمه, فإني أرى رجلاً لا يحكم شططاً أبداً, فقالا: له: أنت وذاك, قال: فلقي شرحبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال له: إني قد رأيت خيراً من ملاعنتك. فقال: وما هو؟ فقال: حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح, فمهما حكمت فينا فهو جائز, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعل وراءك أحداً يثرب عليك»؟ فقال شرحبيل: سل صاحبي, فسألهما فقالا: ما يرد الوادي ولا يصدر إلا عن رأي شرحبيل. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يلاعنهم حتى إذا كان من الغد أتوه, فكتب لهم هذا الكتاب: «بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما كتب النبي محمد رسول الله لنجران ـ إن كان عليهم حكمه ـ في كل ثمرة وكل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فاضل عليهم, وترك ذلك كله لهم على ألفي حلة, في كل رجب ألف حلة, وفي كل صفر ألف حلة» وذكر تمام الشروط وبقية السياق.<o:p></o:p> والغرض أن وفودهم كان في سنة تسع, لأن الزهري قال: كان أهل نجران أول من أدى الجزية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وآية الجزية إنما أنزلت بعد الفتح, وهي قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} الآية, وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أحمد بن داود المكي, حدثنا بشر بن مهران حدثنا محمد بن دينار, عن داود بن أبي هند, عن الشعبي, عن جابر, قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب والطيب, فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه على أن يلاعناه الغداة, قال: فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين, ثم أرسل إليهما, فأبيا أن يجيبا وأقرا له بالخراج, قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي بعثني بالحق لو قالا: لا, لأمطر عليهم الوادي ناراً» قال جابر, وفيهم نزلت {ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} قال جابر {أنفسنا وأنفسكم} رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب {وأبناءنا} الحسن والحسين {ونساءنا} فاطمة. وهكذا رواه الحاكم في مستدركه عن علي بن عيسى, عن أحمد بن محمد الأزهري, عن علي بن حجر, عن علي بن مسهر, عن داود بن أبي هند به بمعناه, ثم قال: صحيح على شرط مسلم, ولم يخرجاه هكذا قال وقد رواه أبو داود الطيالسي, عن شعبة, عن المغيرة عن الشعبي مرسلاً, وهذا أصح, وقد روي عن ابن عباس والبراء نحو ذلك, ثم قال الله تعالى: {إن هذا لهو القصص الحق} أي هذا الذي قصصناه عليك يا محمد في شأن عيسى هو الحق الذي لا معدل عنه ولا محيد {وما من إله إلا الله, وإن الله لهو العزيز الحكيم * { فإن تولوا} أي عن هذا إلى غيره {فإن الله عليم بالمفسدين} أي من عدل عن الحق إلى الباطل فهو المفسد والله عليم به, وسيجزيه على ذلك شر الجزاء وهو القادر الذي لا يفوته شيء سبحانه وبحمده ونعوذ به من حلول نقمته... اهـ <o:p></o:p> ومثله قوله: ((وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة 23-24). <o:p></o:p> فأخبرهم أنهم لا يفعلون، كما كان. <o:p></o:p> وهذه الآية أدخل في باب الإخبار عن الغيب، ولكن فيها من التعجيز ما في التي قبلها.<o:p></o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
|
#8
|
|||
|
|||
الفصل الثامن<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
من وجوه الإعجاز: الروعة التي تلحق قلوب سامعيه وأسماعهم عند سماعه،<o:p></o:p> والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته.<o:p></o:p> ومنها الروعة التي تلحق قلوب سامعيه وأسماعهم عند سماعه، والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته لقوة حاله، وإنافة خطره، وهي على المكذبين به أعظم، حتى كانوا يستثقلون سماعه،(وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً) (الإسراء: 41)، كما قال تعالى، و يودون انقطاعه لكراهتهم له. <o:p></o:p> و لهذا قال: إن القرآن صعب مستصعب على من كرهه، وهو الحكم، وأما المؤمن فلا تزال روعته به، وهيبته إياه،مع تلاوته ـ توليه انجذاباً، وتكسبه هشاشة، لميل قلبه إليه، وتصديقه به، قال تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر: 23)<o:p></o:p> وقال: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر: 21)<o:p></o:p> ويدل على أن هذا شيء خص به ـ أنه يعتري من لا يفهم معانيه، ولا يعلم تفاسيره، كما روي عن نصراني ـ أنه مر بقارئ ـ فوقف يبكي، فقيل له: مم بكيت؟ قال: للشجا والنظم. <o:p></o:p> وهذه الروعة قد اعترت جماعةً قبل الإسلام وبعده، فمنهم من أسلم لها لأول وهلة وآمن به، ومنهم من كفر. <o:p></o:p> -فحكي في الصحيح، عن جبير بن مطعم، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية:(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37)) - كاد قلبي أن يطير للإسلام. <o:p></o:p> -وفي رواية: و ذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي. <o:p></o:p> -وعن عتبية بن ربيعة أنه كلم النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من خلاف قومه، فتلا عليهم:(حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ * قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ *ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ *فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ *)(سورة فصلت: 1 – 13). <o:p></o:p> فأمسك عتبة بيده على في النبي صلى الله عليه وسلم، وناشده الرحم أن يكف. <o:p></o:p> -وفي رواية: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وعتبة مصغ ملق يديه خلف ظهره، معتمد عليهما، حتى انتهى إلى السجدة، فسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وقام عتبة لا يدري بما يراجعه، ورجع إلى أهله، ولم يخرج إلى قومه حتى أتوه، فاعتذر لهم، وقال: والله لقد كلمني بكلام والله ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول له. <o:p></o:p> -وقد حكي عن غير واحد ممن رام معارضته أنه اعترته روعة وهيبة كف بها عن ذلك. <o:p></o:p> فحكي أن ابن المقفع طلب ذلك ورامه، وشرع فيه، فمر بصبي يقرأ: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (هود: 44) ـ فرجع فمحا ما عمل، وقال: أشهد أن هذا لا يعارض، وما هو من كلام البشر، وكان من أفصح أهل وقته. <o:p></o:p> -وكان يحيى بن حكم الغزال بليغ الأندلس في زمنه، فحكي أنه رام شيئاً من هذا فنظر في سورة الإخلاص ليحذو على مثالها، وينسج ـ بزعمه ـ على منوالها ـ قال: فاعترتني خشية ورقة حملتني على التوبة والإنابة. <o:p></o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
|
#9
|
|||
|
|||
الفصل التاسع:<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
ومن وجوه إعجازه المعدودة كونه آيةً باقيةً لا تعدم ما بقيت الدنيا <o:p></o:p> -ومن وجوه إعجازه المعدودة كونه آيةً باقيةً لا تعدم ما بقيت الدنيا مع تكفل الله بحفظه، فقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9) وقال: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت: 42)<o:p></o:p> -وسائر معجزات الأنبياء انقضت بانقضاء أوقاتها، فلم يبق إلا خبرها، والقرآن العزيز، الباهرة آياته، الظاهرة معجزاته على ما كان عليه اليوم ـ مدة خمسمائة عام و خمس و ثلاثين سنةً لأول نزوله إلى وقتنا هذا ـ حجته قاهرة، ومعارضته ممتنعة، والأعصار كلها طافحة بأهل البيان، وحملة علم اللسان، وأئمة البلاغة، وفرسان الكلام، وجهابذة البراعة، والملحد فيهم كثير، والمعادي للشرع عتيد،فما منهم من أتى بشيء يؤثر في معارضته، ولا ألف كلمتين في مناقضته، ولا قدر فيه على مطعن صحيح، ولا قدح المتكلف من ذهنه في ذلك إلا بزند شحيح، بل المأثور عن كل من رام ذلك إلقاؤه في العجز بيديه والنكوص على عقبيه.<o:p></o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
|
#10
|
|||
|
|||
الفصل العاشر:<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
في وجوه أخرى للإعجاز <o:p></o:p> وقد عدَّ جماعةٌ من الأمة ومقلدي الأمة في إعجازه وجوهاً كثيرةً، منها أن قارئه لا يمله، وسامعه لا يمجه، بل الانكباب على تلاوته يزيد حلاوةً، وترديده يوجب له محبةً، لا يزال غضاً طرياً، وغيره من الكلام ـ و لو بلغ في الحسن والبلاغة مبلغه ـ يمل مع الترديد، ويعادى إذا أعيد، وكتابنا يستلذ به في الخلوات، ويونس بتلاوته في الأزمات، وسواه من الكتب لا يوجد فيها ذلك، حتى أحدث أصحابها لحوناً وطرقاً يستجلبون بتلك اللحون تنشيطهم على قراء تها. <o:p></o:p> ولهذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن بأنه لا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عبره، ولا تفنى عجائبه، هو الفصل ليس بالهزل، لا يشبع منه العلماء، ولا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، هو الذي لم تنته الجن حين سمعته أن قالوا:( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً*) الجن 1، 2 ). <o:p></o:p> قلت: الحديث رواه الترمذي ؛ولفظه:<o:p></o:p> مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث، فدخلت على علي، فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا ترى أن الناس قد خاضوا في الأحاديث. قال: وقد فعلوها؟ قلت: نعم. قال: أما إني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا إنها ستكون فتنة... فقلت: ما المخرج منها، يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل.. من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين،وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء،ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه... هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا {إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد}..من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم... <o:p></o:p> خذها إليك يا أعور.<o:p></o:p> قال أبو عيسى هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسناده مجهول، وفي الحرث مقال. <o:p></o:p> وقال الألباني:(ضعيف).<o:p></o:p> ومنها جمعه لعلوم ومعارف لم تعهد العرب عامةً ولا محمد صلى الله عليه وسلم قبل نبوته خاصة، بمعرفتها، ولا القيام بها، ولا يحيط بها أحد من علماء الأمم، ولا يشتمل عليها كتاب من كتبهم، فجمع فيه من بيان علم الشرائع، والتنبيه على طرق الحجج العقليات، والرد على فرق الأمم، ببراهين قوية، وأدلة بينة سهلة الألفاظ، موجزة المقاصد، رام المتخذلقون بعد ـ أن ينصبوا أدلةً مثلها فلم يقدروا عليها؛ كقوله تعالى: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) (يس: 81 ) <o:p></o:p> وقوله: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (يس: 79 ). <o:p></o:p> وقوله: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الأنبياء: 22 ).<o:p></o:p> إلى ما حواه من علوم السير، وأنباء الأمم، والمواعظ، والحكم، وأخبار الدار الآخرة، ومحاسن الآداب والشيم. <o:p></o:p> -قال الله ـ جل اسمه ـ: (ما فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) (الأنعام: 38 ) <o:p></o:p> -وقال: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل: 89 ). <o:p></o:p> -وقال: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ) (الروم: 58 ).<o:p></o:p> -وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله أنزل هذا القرآن آمراً وزاجراً، وسنةً خاليةً، ومثلاً مضروباً، فيه نبؤكم، وخبر ما كان قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم، لا يخلقه طول الرد، و لا تنقضي عجائبه، هو الحق ليس بالهزل، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن خاصم به فلج، ومن قسم به أقسط، ومن عمل به أجر، ومن تمسك به هدي إلى صراط مستقيم، ومن طلب الهدى من غيره أضله الله، ومن حكم بغيره قصمه الله، هو الذكر الحكيم، والنور المبين، والصراط المستقيم، وحبل الله المتين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد. <o:p></o:p> قلت: أخرجه الترمذي في سننه، والسيوطي في الجامع الصغير؛ من حديث علي رفعه، وقد سبق، وضعفه الألباني.<o:p></o:p> -ونحوه عن ابن مسعود، وقال فيه: ولا يختلف ولا يتشانّ، فيه نبأ الأولين والآخرين. <o:p></o:p> قلت: لعله أشار إلى الحديث الذي أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب <o:p></o:p> عن عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن اتبعه لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف. <o:p></o:p> وهذا ضعفه الألباني، لكنه صحح طرفه الأخير الذي رواه الترمذي، قال:<o:p></o:p> حدثنا محمد بن بشار أخبرنا أبو بكر الحنفي أخبرنا الضحاك بن عثمان عن أيوب بن موسى، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: سمعت عبد اللّه بن مسعود يقول: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "من قرأن حرفا من كتاب اللّه فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف، ولكن ألف حرف وميم حرف". هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. سمعت قتيبة بن سعيد، يقول: بلغني أن محمد بن كعب القرظي ولد في حياة النبي صلى اللّه عليه وسلم، ويروي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن مسعود رواه أبو الأحوص عن عبد اللّه بن مسعود، ورفعه بعضهم، ووقفه بعضهم عن ابن مسعود، ومحمد بن كعب القرظي يكنى أبا حمزة.<o:p></o:p> قال الشيخ الألباني: صحيح. سند الحديث: حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان عن أيوب بن موسى قال سمعت محمد بن كعب القرظي قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم<o:p></o:p> ورواه الدارمي قال: حدثنا أبو عامر قبيصة انا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: تعلموا هذا القرآن فإنكم تؤجرون بتلاوته بكل حرف عشر حسنات أما اني لا أقول بألم ولكن بألف ولام وميم بكل حرف عشر حسنات.<o:p></o:p> ورواه الحاكم في المستدرك قال: حدثنا أبو الوليد حسان بن محمد القرشي الفقيه ثنا مسدد بن قطن بن إبراهيم ثنا داود بن رشيد ثنا صالح بن عمر أنبأ إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف ولام وميم". هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بصالح بن عمر.<o:p></o:p> -وفي الحديث: قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: إني منزل عليك توراة حديثة، تفتح بها أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، فيها ينابيع العلم، وفهم الحكمة، وربيع القلوب. <o:p></o:p> قلت: أخرجه ابن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن هشام عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن مغيث بن سمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنزلت علي توراة محدثة، فيها نور الحكمة وينابيع العلم، لتفتح بها أعينًا عميًا، وقلوبًا غلفًا، وآذنًا صمًا، وهي أحدث الكتب بالرحمن.<o:p></o:p> وأخرجه الدارمي قال:حدثنا عمرو بن عاصم ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن مغيث عن كعب قال:عليكم بالقرآن فإنه فهم العقل ونور الحكمة وينابيع العلم وأحدث الكتب بالرحمن عهدًا، وقال في التوراة يا محمد إني منزل عليك توراة حديثة تفتح فيها أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا..<o:p></o:p> وعن كعب: عليكم بالقرآن، فإنه فهم العقول، ونور الحكمة. <o:p></o:p> -وقال الله تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (النمل: 76 ).<o:p></o:p> -وقال:(هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ) (آل عمران: 138 ). <o:p></o:p> فجمع فيه مع وجازة ألفاظه، وجوامع كلمة أضعاف ما في الكتب قبله التي ألفاظها على الضعف منه مرات. <o:p></o:p> ومنها جمعه فيه بين الدليل ومدلوله، وذلك أنه احتج بنظم القرآن، وحسن رصفه وإيجازه وبلاغته، وأثناء هذه البلاغة أمره ونهيه، ووعده ووعيده، فالتالي له يفهم موضع الحجة والتكليف معاً من كلام واحد وسورة منفردة. <o:p></o:p> -ومنها أن جعله في حيز المنظوم الذي لم يعهد، ولم يكن في حيز المنثور، لأن المنظوم أسهل على النفوس، وأوعى للقلوب، وأسمع في الآذان، وأحلى على الأفهام، فالناس إليه أميل، والأهواء إليه أسرع. <o:p></o:p> -ومنها تيسيره تعالى حفظه لمتعلميه، وتقريبه على متحفظيه، قال الله تعالى:( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) (القمر: 17...) وسائر الأمم لا يحفظ كتبها الواحد منهم، فكيف الجماء على مرور السنين عليهم. والقرآن ميسر حفظه للغلمان في أقرب مدة. <o:p></o:p> -ومنها مشاكلة بعض أجزائه بعضاً، وحسن ائتلاف أنواعها، والتئام أقسامها، وحسن التخلص من قصة إلى أخرى، والخروج من باب إلى غيره على اختلاف معانيه، وانقسام السورة الواحدة إلى أمر ونهي، وخبر واستخبار، ووعد ووعيد، وإثبات نبوة، وتوحيد وتفريد، وترغيب وترهيب، إلى غير ذلك من فوائده، دون خلل يتخلل فصوله. <o:p></o:p> والكلام الفصيح إذا اعتوره مثل هذا ضعفت قوته، ولانت جزالته، وقل رونقه، وتقلقت ألفاظه. <o:p></o:p> فتأمل أول سورة (ص) –( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)، وما جمع فيها من أخبار الكفار وشقاقهم وتقريعهم بإهلاك القرون من قبلهم، وما ذكر من تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وتعجبهم مما أتى به، والخبر عن اجتماع ملئهم على الكفر وما ظهر من الحسد في كلامهم، و تعجيزهم و توهينهم، ووعيدهم بخزي الدنيا والآخرة، وتكذيب الأمم قبلهم، وإهلاك الله لهم، ووعيد هؤلاء مثل مصابهم، و تصبير النبي على أذاهم وتسليته بكل ما تقدم ذكره، ثم أخذ في ذكر داود و قصص الأنبياء، كل هذا في أوجز كلام وأحسن نظام. <o:p></o:p> -ومنه الجملة الكثيرة التي انطوت عليها الكلمات القليلة، وهذا كله وكثير مما ذكرنا أنه ذكر في إعجاز القرآن، إلى وجوه كثيرة ذكرها الأئمة لم نذكرها، إذ أكثرها داخل في باب بلاغته، فلا يجب أن يعد فناً منفرداً في إعجازه، إلا في باب تفضيل فنون البلاغة، وكذلك كثير مما قدمنا ذكره عنهم يعد في خواصه وفضائله، لا إعجازه.<o:p></o:p> وحقيقة الإعجاز الوجوه الأربعة التي ذكرنا، فليعتمد عليها، وما بعدها من خواص القرآن وعجائبه التي لا تنقضي. والله ولي التوفيق. <o:p>http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=2003</o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
|
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
أجداد المجوس يقولون أسماء الأئمة في القرآن وأحفادهم يقولون أسماء الأئمة قالها النبي ولكن التشويش | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2020-03-20 07:29 PM |
قصة أبو لهب | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | السير والتاريخ وتراجم الأعلام | 0 | 2020-01-28 02:21 PM |
شيعي يتهم النبي محمد (ص) بأنه مهووس جنسياً وفجأة ماذا حصل | ابو هديل | الشيعة والروافض | 1 | 2019-12-30 06:05 PM |
رسول الله الشهيد المسموم / تحقيق مفصل | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2019-10-26 09:37 PM |
هل مات النبي (ص) ام قتل يجبينا أئمة الامامية الاثنى عشرية أحد فرق الشيعة في صحيح متواتر مستفيض فقط | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2019-10-26 07:09 PM |