جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
وقفات مع شرح النسفية
سم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه , أما بعد : فهذه وقفات مع شرح كتاب النسفية , للشيخ الدكتور عبد الملك السعدي , وهو أحد الكتب المقررة على طلاب الدراسات العليا في كلية الإمام الأعظم , يختبر فيه الطالب في الأمتحان التنافسي , والله من وراء القصد . قال الشيخ ص7 : (( واضعه – أي علم التوحيد- : الشيخ أبو الحسن الأشعري , والشيخ أبو المنصور الماتريدي لأنهما أشهر من دون في هذا العلم وأقام الأدلة والبراهين على المخالفين )) بل للسلف السبق, وألف العديد منهم عدة كتب في هذا الباب : 1- العقيدة[1], للإمام أحمد(ت:241ه) , وكذا رسالة أصول السنة 2- خلق أفعال العباد , للإمام البخاري (ت:256ه) , وكذا كتاب التوحيد[2] من الجامع الصحيح 3- الإيمان ومعالمه وسننه واستكمال درجاته , لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت : 223ه) 4- كتاب الإيمان لمحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني (ت:243ه) 5- رد الامام الدرامي عثمان بن سعيد، علي بشر المريسي العنيد , للدارمي ( صاحب السنن) (ت: 280ه) 6- والعقائد المنقولة لنا بالأسانيد , والتي جمع جُلها الإمام اللالكائي في كتابه الماتع الرائع "شرح أصول أعتقاد أهل السنة والجماعة " · وهنا مسألة لابد من تحقيقها , من هو الإمام أبو الحسن الأشعري . · التعريف بالإمام: هو علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، ولد سنة ستين ومائتين من الهجرة النبوية، ترجمه أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي في كتابه ( تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى أبي موسى الأشعري ) والخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ) وابن خلكان في وفيات الأعيان والذهبي في ( تاريخ الإسلام ) وابن كثير في ( البداية والنهاية ) و( طبقات الشافعية ) والتاج السبكي في ( طبقات الشافعية الكبرى ) وابن فرحون المالكي في ( الديباج المذهب في أعيان أهل المذهب ) ومرتضى الزبيدي في ( إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين ) وابن العماد الحنبلي في ( شذرات الذهب في أعيان من ذهب ) وغيرهم. دخل هذا الإمام بغداد وأخذ الحديث عن الحافظ زكريا بن يحيى الساجي أحد أئمة الحديث والفقه [1] وعن أبي خليفة الجمحي وسهل بن سرح ومحمد بن يعقوب المقري وعبد الرحمن بن خلف البصريين، وروى عنهم كثيراً في تفسيره ( المختزن ) وأخذ علم الكلام عن شيخه زوج أمه أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة. ولما تبحر في كلام الاعتزال وبلغ فيه الغاية كان يورد الأسئلة على أستاذه في الدرس ولا يجد فيها جواباً شافياً فتحير في ذلك. فحكي عنه أنه قال: وقع في صدري في بعض الليالي شيء مما كنت فيه من العقائد فقمت وصليت ركعتين وسألت الله تعالى أن يهديني الطريق المستقيم ونمت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فشكوت إليه بعض ما بي من الأمر، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "عليك بسنتي "فانتبهت!! وعارضت مسائل الكلام بما وجدت في القرآن والأخبار، فأثبته ونبذت ما سواه ورائي ظهرياً. قال أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي المتوفى سنة 463ه في الجزء الحادي عشر من تاريخه المشهور صفحة 346: "أبو الحسن الأشعري المتكلم صاحب الكتب والتصانيف في الرد على الملحدة وغيرهم من المعتزلة والرافضة، والجهمية، والخوارج وسائر أصناف المبتدعة. إلى أن قال: وكانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله تعالى الأشعري فحجزهم في أقماع السمسم". قال ابن فرحون في الديباج: "أثنى على أبي الحسن الأشعري أبو محمد بن أبي زيد القيرواني وغيره من أئمة المسلمين"اه. وقال ابن العماد الحنبلي في الشذرات الجزء الثاني صفحة 303: ومما بيض به أبو الحسن الأشعري وجوه أهل السنة النبوية وسود به رايات أهل الاعتزال والجهمية، فأبان به وجه الحق الأبلج، ولصدور أهل الإيمان والعرفان أثلج، مناظرته مع شيخه الجبائي التي بها قصم ظهر كل مبتدع مراء وهي أعني المناظرة كما قال ابن خلكان: "سأل أبو الحسن الأشعري أستاذه أبا علي الجبائي عن ثلاثة إخوة، كان أحدهم مؤمناً براً تقياً والثاني كان كافراً فاسقاً شقياً، والثالث كان صغيراً، فماتوا فكيف حالهم؟ فقال الجبائي: أما الزاهد ففي الدرجات، وأما الكافر ففي الدركات، وأما الصغير فمن أهل السلامة، فقال الأشعري: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ فقال الجبائي: لا !! لأنه يقال له: أخوك إنما وصل إلى هذه الدرجات بطاعته الكثيرة وليس لك تلك الطاعات، فقال الأشعري فإن قال: ذلك التقصير ليس مني، فإنك ما أبقيتني ولا أقدرتني على الطاعة، فقال الجبائي: يقول البارئ جل وعلا: كنت أعلم لو بقيت لعصيت وصرت مستحقاً للعذاب الأليم فراعيت مصلحتك، فقال الأشعري: فلو قال الأخ الأكبر يا إله العالمين كما علمت حاله فقد علمت حالي، فلمَ راعيت مصلحته دوني فانقطع الجبائي"!! وقال ابن العماد "وفي هذه المناظرة دلالة على أن الله تعالى خص من شاء برحمته واختص آخر بعذابه"اه . وقال تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: "أبو الحسن الأشعري كبير أهل السنة بعد الإمام أحمد بن حنبل وعقيدته وعقيدة الإمام أحمد رحمه الله واحدة لا شك في ذلك ولا ارتياب وبه صرح الأشعري في تصانيفه وذكره غير ما مرة من أن عقيدتي هي عقيدة الإمام المبجل أحمد بن حنبل، هذه عبارة الشيخ أبي الحسن في غير موضع من كلامه"اه. وفضائل أبي الحسن الأشعري ومناقبه أكثر من أن يمكن حصرها في هذه العجالة، ومن وقف على تواليفه بعد توبته من الاعتزال رأى أن الله تعالى قد أمده بمواد توفيقه، وأقامه لنصرة الحق والذب عن طريقه. وقد تنازع فيه أهل المذاهب، فالمالكي يدعي أنه مالكي، والشافعي يزعم أنه شافعي، والحنفي كذلك. قال ابن عساكر: لقيت الشيخ الفاضل رافعاً الحمال الفقيه، فذكر لي عن شيوخه أن أبا الحسن الأشعري كان مالكياً فنسب من تعلق اليوم بمذهب أهل السنة وتفقه في معرفة أصول الدين من سائر المذاهب إلى الأشعري لكثرة تواليفه وكثرة قراءة الناس لها. قال ابن فورك: توفي أبو الحسن الأشعري سنة 324ه. اه. وبعد ذكر هذه النتفة من ترجمة هذا الإمام نذكر فيما يلي إثبات رجوعه عن الاعتزال وإثبات نسبة ( الإبانة ) إليه ننقل ذلك من المراجع الموثوق بها، فنقول وبالله التوفيق. رجوع أبي الحسن الأشعري عن الاعتزال إلى عقيدة السلف: قال الحافظ مؤرخ الشام أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي المتوفى سنة 571ه في كتابه ( التبيين ): قال أبو بكر إسماعيل بن أبي محمد بن إسحاق الأزدي القيرواني المعروف بابن عزرة: إن أبا الحسن الأشعري كان معتزلياً وأنه أقام على مذهب الاعتزال أربعين سنة، وكان لهم إماماً ثم غاب عن الناس في بيته خمسة عشر يوماً، فبعد ذلك خرج إلى الجامع بالبصرة فصعد المنبر بعد صلاة الجمعة، وقال: معاشر الناس إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة ولم يترجح عندي حق على باطل ولا باطل على حق، فاستهديت الله تبارك وتعالى فهداني إلى ما أودعته في كتبي هذه، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقده، كما انخلعت من ثوبي هذا، وانخلع من ثوب كان عليه ورمى به ودفع الكتب إلى الناس، فمنها كتاب اللمع وغيره من تواليفه الآتي ذكر بعضها قريباً إن شاء الله: فلما قرأ تلك الكتب أهل الحديث والفقه من أهل السنة والجماعة أخذوا بما فيها وانتحلوه واعتقدوا تقدمه واتخذوه إماما حتى نسب مذهبهم إليه فصار عند المعتزلة ككتابيٍ أسلم وأظهر عوار ما تركه فهو أعدى الخلق إلى أهل الذمة. وكذلك أبو الحسن الأشعري أعدى الخلق إلى المعتزلة، فهم يشنعون عليه وينسبون إليه الأباطيل وليس طول مقام أبي الحسن الأشعري على مذهب المعتزلة، مما يفضي به إلى انحطاط المنزلة، بل يقضي له في معرفة الأصول بعلو المرتبة ويدل عند ذوي البصائر له على سمو المنقبة، لأن من رجع عن مذهب كان بعواره أخبر وعلى رد شبه أهله وكشف تمويهاتهم أقدر، وبتبيين ما يلبسون به لمن يهتدي باستبصاره أبصر، فاستراحة من يعيره بذلك كاستراحة مناظر هارون بن موسى الأعور. وقصته أن هارون الأعور كان يهودياً فأسلم وحسن إسلامه وحفظ القرآن وضبطه وحفظ النحو، وناظره إنسان يوماً في مسألة فغلبه هارون فلم يدر المغلوب ما يصنع فقال له: أنت كنت يهودياً فأسلمت فقال له هارون فبئس ما صنعت فغلبه هارون في هذا. واتفق أصحاب الحديث أن أبا الحسن الأشعري كان إماماً من أئمة أصحاب الحديث، ومذهبه مذهب أصحاب الحديث، تكلم في أصول الديانات على طريقة أهل السنة ورد على المخالفين من أهل الزيغ والبدعة، وكان على المعتزلة والروافض والمبتدعين من أهل القبلة والخارجين عن الملة - سيفاً مسلولاً ومن طعن فيه أو سبه فقد بسط لسان السوء في جميع أهل السنة، ولم يكن أبو الحسن الأشعري أول متكلم بلسان أهل السنة وإنما جرى على سنن غيره وعلى نصرة مذهب معروف، فزاده حجة وبياناً، ولم يبتدع مقالة اخترعها ولا مذهباً انفرد به وليس له في المذهب أكثر من بسطه وشرحه كغيره من الأئمة. وقال أبو بكر بن فورك: رجع أبو الحسن الأشعري عن الاعتزال إلى مذهب أهل السنة سنة 300ه. وممن قال من العلماء برجوع الأشعري عن الاعتزال أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان الشافعي المتوفى سنة 681ه قال في ( وفيات الأعيان ) الجزء الثاني صفحة 446: كان أبو الحسن الأشعري معتزلياً ثم تاب. ومنهم عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي المتوفى سنة 774ه. قال في البداية والنهاية الجزء الحادي عشر صفحة 187:"إن الأشعري كان معتزلياً فتاب منه بالبصرة فوق المنبر ثم أظهر فضائح المعتزلة وقبائحهم ". ومنهم شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الدمشقي الشافعي الشهير بالذهبي المتوفى سنة 748 قال في كتابه ( العلو للعلي الغفار ): "كان أبو الحسن أولاً معتزلياً أخذ عن أبي علي الجبائي ثم نابذه ورد عليه وصار متكلماً للسنة، ووافق أئمة الحديث، فلو انتهى أصحابنا المتكلمون إلى مقالة أبي الحسن ولزموها - لأحسنوا ولكنهم خاضوا كخوض حكماء الأوائل في الأشياء ومشوا خلف المنطق فلا قوة إلا بالله". وممن قال برجوعه تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي الشافعي المتوفى سنة 771ه قال في طبقات الشافعية الكبرى، الجزء الثاني صفحة 246: أقام أبو الحسن على الاعتزال أربعين سنة حتى صار للمعتزلة إماماً فلما أراده الله لنصرة دينه وشرح صدره لاتباع الحق غاب عن الناس في بيته، وذكر كلام ابن عساكر المتقدم بحروفه. ومنهم برهان الدين إبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون اليعمري المدني المالكي المتوفى سنة 799ه قال في كتابه ( الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب ) صفحة 193: كان أبو الحسن الأشعري في ابتداء أمره معتزلياً، ثم رجع إلى هذا المذهب الحق، ومذهب أهل السنة فكثر التعجب منه وسئل عن ذلك فأخبر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فأمره بالرجوع إلى الحق ونصره، فكان ذلك والحمد لله تعالى. ومنهم السيد محمد بن محمد الحسيني الزبيدي الشهير بمرتضى الحنفي المتوفى سنة 1145ه قال في كتابه ( إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين ) الجزء الثاني صفحة 3. قال: أبو الحسن الأشعري أخذ علم الكلام عن الشيخ أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة. ثن فارقه لمنام رآه، ورجع عن الاعتزال، وأظهر ذلك إظهاراً. فصعد منبر البصرة يوم الجمعة ونادى بأعلى صوته: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني، أنا فلان بن فلان كنت أقول بخلق القرآن، وإن الله لا يرى بالدار الآخرة بالأبصار وإن العباد يخلقون أفعالهم. وها أنا تائب من الاعتزال معتقداً الرد على المعتزلة، ثم شرع في الرد عليهم والتصنيف على خلافهم. ثم قال: قال ابن كثير: ذكروا للشيخ أبي الحسن الأشعري ثلاثة أحوال: أولها حال الانعزال التي رجع عنها لا محالة. والحال الثاني إثبات الصفات العقلية السبعة، وهي الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام. وتأويل الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق ونحو ذلك [2] . والحال الثالث إثبات ذلك كله من غير تكييف ولا تشبيه جرياً على منوال السلف وهي طريقته في الإبانة التي صنفها آخراً. وبهذه النقول عن هؤلاء الأعلام ثبت ثبوتاً لا شك فيه ولا مرية أن أبا الحسن الأشعري استقر أمره أخيراً بعد أن كان معتزلياً على عقيدة السلف التي جاء بها القرآن الكريم وسنة النبي عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم. كتاب الإبانة: وبعد إتمام هذا الحديث حول رجوعه عن الاعتزال نقرأ بحثا ثانيا في صحة نسبة ( الإبانة في أصول الديانة ) إليه رداً على بعض الأغمار الذين زعموا أنها مدسوسة عليه - وهذا هو بيت القصيد فنقول: وبالله نستعين. قال الحافظ بن عساكر في كتابه ( تبيين كذب المفتري ) ذكر ابن حزم الظاهري أن لأبي الحسن الأشعري خمسة وخمسين تصنيفاً، ثم قال: ترك ابن حزم من عدد مصنفاته أكثر من مقدار النصف، وبعد ذلك سردها فقال: نها كتاب اللمع، وكتاب أظهر فيه عوار المعتزلة سمّاه بكتاب ( كشف الأسرار وهتك الأسرار). ومنها تفسيره المختزن، وهو خمسمائة مجلد [3] - على ما يزعم - لم يترك فيه آية تعلق بها بدعي إلا أبطل تعلقه بها، وجعلها حجة لأهل الحق، وبيّن المجمل وشرح المشكل ونقض فيه ما حرفه الجبائي والبلخي في تفسيريهما. ومنها الفصول في الرد على الملحدين والخارجين على الملة كالفلاسفة والطبائعيين والدهريين وأهل التشبيه. ومنها مقالات المسلمين [4] استوعب فيه جميع اختلافهم ومقالاتهم وذكرها الحافظ بن عساكر بأسمائها وموضوعاتها في كتابه التبيين من صفحة 128 إلى صفحة 136، وقد اطلعت أنا الجامع لهذه الرسالة على ثلاثة من الكتب المذكورة وهي مطبوعة: اللمع، والإبانة، والمقالات الإسلامية. وقال ابن عساكر في صفحة 28 من التبيين، وتصانيف أبي الحسن الأشعري بين أهل العلم مشهورة معروفة، وبالإجادة والإصابة للتحقيق عند المحققين موصوفة، ومن وقف على كتابه المسمى بالإبانة، عرف موضعه من العلم والديانة. ثم قال في صفحة 152: فإذا كان أبو الحسن كما ذكر عنه من حسن الاعتقاد، مستصوب المذهب عند أهل المعرفة بالعلم والانتقاد يوافقه في أكثر ما يذهب إليه أكابر العباد، ولا يقدح في معتقده غير أهل الجهل والعناد، فلا بدّ أن نحكي عنه معتقده على وجهه بالأمانة، ونتجنب أن نزيد فيه أو ننقص منه تركاً للخيانة، لتعلم حقيقة حاله في صحة عقيدته في أصول الديانة، فاسمع ما ذكره في أول كتابه الذي سمّاه بالإبانة وذكر ما يأتي في آخر الرسالة إن شاء الله تعالى: ثم قال في صفحة 171 في جملة أبيات نسبها لبعض المعاصرين له: غير الإبانة واللمع لو لم يصنف عمره تفنن في العلوم بما جمع لكفى فكيف وقد ين مما قد صنع وممن عزا الإبانة إلى أبي الحسن الأشعري، الحافظ الكبير أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الشافعي المتوفي سنة 458 قال في كتابه ( الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد ) في باب القول في القرآن صفحة 31، ذكر الشافعي رحمه الله ما دل على أن ما نتلوه من القرآن بألسنتنا ونسمعه بآذاننا، ونكتبه في مصالحنا يسمى كلام الله عز وجل، وأن الله عز وجل كلم به عباده بأن أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم، وبمعناه ذكره أيضاً علي بن إسماعيل في كتاب الإبانة. وقال في صفحة 32 من الكتاب المذكور آنفاً: قال أبو الحسن علي بن إسماعيل في كتابه، يعني الإبانة: "فإن قال قائل: تقولون أن كلام الله عز وجل في اللوح المحفوظ، قيل له نقول ذلك، لأن الله قال {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} فالقرآن في اللوح المحفوظ وهو في صدور الذين أوتوا العلم، وهو متلو بالألسنة قال تعالى : {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} والقرآن مكتوب في مصاحفنا في الحقيقة محفوظ في صدورنا في الحقيقة متلو بألسنتنا في الحقيقة مسموع لنا في الحقيقة كما قال تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} ثم قال في صفحة 26 بعد سرد الأدلة على أن القرآن كلام الله غير مخلوق: وقد احتج علي بن إسماعيل الأشعري رحمه الله بهذه الفصول", اه من نسخة مخطوطة يرجع تاريخ خطها إلى سنة 1086ه [5] . وممن ذكر الإبانة وعزاها لأبي الحسن الأشعري الحافظ المعروف بالذهبي، قال في كتابه ( العلو للعلي الغفار ) صفحة 278: قال الأشعري في كتاب ( الإبانة في أصول الديانة ) له في باب الاستواء. فإن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟ قيل نقول إن الله مستوٍ على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} إلى آخر ما في الإبانة. ثم قال: وكتاب الإبانة من أشهر تصانيف أبي الحسن الأشعري شهره الحافظ ابن عساكر واعتمد عليه ونسخه بخطه الإمام محيي الدين النووي. وذكر الذهبي عن الحافظ أبي العباس أحمد بن ثابت الطرقي أنه قال: قرأت في كتاب أبي الحسن الأشعري الموسوم بالإبانة أدلة على إثبات الاستواء. ونقل عن أبي علي الدقاق أنه سمع زاهر بن أحمد الفقيه يقول: مات الأشعري رحمه الله ورأسه في حجري فكان يقول شيئاً في حال نزعه. لعن الله المعتزلة موهوا ومخرقوا. اه كلام الذهبي. وممن نسبها إلى أبي الحسن الأشعري ابن فرحون المالكي قال في كتابه الديباج صفحة 193: إلى ص194 ولأبي الحسن الأشعري كتب منها كتاب اللمع الكبير، وكتاب اللمع الصغير، وكتاب الإبانة في أصول الديانة. اه. وممن عزاها لأبي الحسن الأشعري أبو الفلاح عبد الحي ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089ه. قال في الجزء الثاني من كتابه، ( شذرات الذهب في أعيان من ذهب ) صفحة 303، قال أبو الحسن الأشعري في كتابه ( الإبانة في أصول الديانة ) وهو آخر كتاب صنفه. وعليه يعتمد أصحابه في الذب عنه عند من يطعن عليه، ثم ذكر فصلاً كاملاً من الإبانة. وممن عزاها لأبي الحسن الأشعري السيد مرتضى الزبيدي. قال في ( إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين )في الجزء الثاني صفحة 2، قال: صنف أبو الحسن الأشعري بعد رجوعه من الاعتزال ( الموجز ) وهو في ثلاث مجلدات، كتاب مفيد في الرد على الجهمية والمعتزلة، ومقالات الإسلاميين، وكتاب الإبانة. وقد تقدمت الحكاية عن ابن كثير أن الإبانة هي آخر كتاب صنفه أبو الحسن الأشعري. وممن ذكر أن الإبانة تأليف أبي الحسن الأشعري أبو القاسم عبد الملك بن عيسى بن درباس الشافعي [6] قال في رسالته ( الذب عن أبي الحسن الأشعري): اعلموا معشر الإخوان أن كتاب الإبانة عن أصول الديانة، الذي ألفه الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري هو الذي استقر عليه أمره فيما كان يعتقده وبه كان يدين الله سبحانه وتعالى بعد رجوعه من الاعتزال بمن الله ولطفه، وكل مقالة تنسب إليه الآن مما يخالف ما فيه فقد رجع عنها وتبرأ إلى الله سبحانه منها وكيف وقد نص فيه على أنه ديانته التي يدين الله سبحانه بها. وروى وأثبت أنه ديانة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث الماضين وقول أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين. وأن ما فيه هو الذي يدل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهل يسوغ أن يقال: إنه رجع عن هذا إلى غيره فإلى ماذا يرجع أتراه يرجع عن كتاب الله وسنة نبي الله خلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون وأئمة الحديث المرضيون وقد علم أنه مذهبهم، ورواه عنهم؟؟!! هذا لعمري ما لا يليق نسبته إلى عوام المسلمين وكيف بأئمة الدين، أو هل يقال: إنه جهل الأمر فيما نقله عن السلف الماضين مع إفنائه جل عمره في استقراء المذاهب وتعرف الديانات، هذا مما لا يتوهمه منصف، ولا يزعمه إلا مكابر مسرف، وقد ذكر الإبانة واعتمد عليها وأثبتها عن الإمام أبي الحسن الأشعري وأثنى عليه بما ذكره فيها وبرأه من كل بدعة نسبة إليه، ونقل منها إلى تصنيفه جماعة من الأئمة الأعلام من فقهاء الإسلام وأئمة القراء وحفاظ الحديث وغيرهم. وذكر ابن درباس طائفة من الذين قدمنا ذكرهم وزاد الحافظ أبا العباس أحمد بن ثابت العراقي، وذكر عنه أنه قال في بيان مسألة الاستواء من تأليفه: رأيت هؤلاء الجهمية ينتمون في نفي علو الله على العرش وتأويل الاستواء إلى أبي الحسن الأشعري، وما هذا بأول باطل ادعوه وكذب تعاطوه، فقد قرأت في كتابه الموسوم بالإبانة عن أصول الديانة أدلة من جملة ما ذكرته على إثبات الاستواء، ومنهم الإمام الأستاذ الحافظ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني ذكر عنه أنه ما كان يخرج إلى مجلس درسه إلا بيده كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري ويظهر الإعجاب به، ويقول ما الذي ينكر علي من هذا الكتاب شرح مذهبه ( هذا قول الإمام أبي عثمان وهو من أعيان أهل الأثر بخراسان ). ومنهم إمام القراء أبو الحسن بن علي بن إبراهيم الفارسي ذكر الإمام أبا الحسن الأشعري رحمة الله عليه، فقال: وله كتاب في السنة سمّاه كتاب الإبانة صنفه ببغداد لما دخلها، وذكر ابن درباس أنه وجد كتاب الإبانة في كتب أبي الفتح نصر المقدسي رحمه الله ببيت المقدس وقال: رأيت في بعض تآليفه في الأصول فصولاً منها بخطه. ومنهم الفقيه أبو المعالي مجلي صاحب كتاب الذخائر في الفقه، قال ابن درباس أنبأني غير واحد عن الحافظ أبي محمد المبارك ابن علي البغدادي ونقلته أنا من خطه في آخر كتاب الإبانة قال نقلت هذا الكتاب جميعه من نسخة كانت مع الشيخ الفقيه المجلي الشافعي أخرجها في مجلدة فنقلتها وعارضت بها وكان رحمه الله يعتمد عليها وعلى ما ذكره فيها ويقول لله من صنفه ويناظر على ذلك من ينكره وذكر ذلك لي وشافهني به قال: هذا مذهبي وإليه أذهب نقلت هذا في سنة 540ه بمكة وهذا آخر ما نقلت من خط ابن الطباخ. وذكر فيمن عزاها إلى أبي الحسن أبا محمد بن علي البغدادي نزيل مكة قال ابن درباس شاهدت نسخة من كتاب الإبانة بخطه من أوله إلى آخره، وهي بيد شيخنا الإمام رئيس العلماء الفقيه الحافظ العلامة أبي الحسن بن المفضل المقدسي ونسخت منها نسخة، وقابلتها عليها بعد أن كنت كتبت نسخة أخرى مما وجدته في كتاب الإمام نصر المقدسي ببيت المقدس ولقد عرضها بعض أصحابنا على عظيم من عظماء الجهمية المنتمين افتراء إلى أبي الحسن الأشعري ببيت المقدس فأنكرها وجحدها وقال ما سمعنا بها قط ولا هي من تصنيفه واجتهد آخراً في أعمال رويته ليزيل الشبهة بفطنته فقال بعد تحريك لحيته لعله ألفها لما كان حشوياً، قال ابن درباس فما دريت من أين أمريه أعجب أمن جهله بالكتاب مع شهرته وكثرة من ذكره في تصانيفه من العلماء أو من جهله بحال شيخه الذي يفتري عليه بانتمائه إليه، واشتهاره قبل توبته من الاعتزال بين الأمة عالمها وجاهلها، فإذا كانوا بحال من ينتمون إليه بهذه المثابة فكيف يكونون بحال السلف الماضين وأئمة الدين من الصحابة والتابعين وأعلام الفقهاء والمحدثين وهم لا يلون على كتبهم ولا ينظرون في آثارهم وهم والله بذلك أجهل وأجهل كيف لا وقد قنع بعض من ينتمي منهم إلى أبي الحسن الأشعري بمجرد دعواه وهو في الحقيقة مخالف لمقالة أبي الحسن التي رجع إليها واعتمد في تدينه عليها قد ذهب صاحب التأليف إلى المقالة الأولى، وكان خلاف ذلك أحرى به وأولى لتستمر القاعدة وتصير الكلمة واحدة اه كلام ابن درباس رحمه الله. وممن ذكر الإبانة ونسبها إلى أبي الحسن الأشعري تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الشهير بابن تيمية المتوفى سنة 728هـ قال في الفتوى الحموية الكبرى صفحة 70: قال أبو الحسن الأشعري في كتابه الذي سماه الإبانة قي أصول الديانة وقد ذكر أصحابه أنه آخر كتاب صنفه وعليه يعتمدون في الذب عنه عند من يطعن عليه فقال: فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة وذكر ما في كتاب الإبانة بحروفه وسيأتي ذكره إن شاء الله قريباً. وممن عزاها إلى أبي الحسن الأشعري شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي المعروف بابن قيم الجوزية الحنبلي الدمشقي المتوفي سنة 751ه قال في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية الطبعة الهندية صفحة 111 قال شيخ الإسلام ابن تيمية ولما رجع الأشعري عن مذهب المعتزلة سلك طريق أهل السنة والحديث وانتسب إلى الإمام أحمد بن حنبل كما قد ذكر ذلك في كتبه كلها كالإبانة والموجز والمقالات وغيرها. ثم قال ابن القيم: وأبو الحسن الأشعري وأئمة أصحابه كالحسن الطبري وأبي عبد الله بن المجاهد والقاضي أبي بكر الباقلاني متفقون على إثبات الصفات الخبرية التي ذكرت في القرآن كالاستواء والوجه واليدين وعلى إبطال تأويلها وليس للأشعري في ذلك قولان أصلاً، ولم يذكر أحد عن الأشعري في ذلك قولين ولكن لاتباعه قولان في ذلك. ولأبي المعالي الجويني في تأويلها قولان: أولها في الإرشاد ورجع عن تأويلها في رسالته النظامية [7] وحرمه، ونقل إجماع السلف على تحريمه وأنه ليس بواجب ولا جائز، ثم ذكر ابن القيم قول أبي الحسن الأشعري إمام الطائفة الأشعرية، ثم قال: نذكر كلامه فيما وقفنا عليه من كتبه كالموجز والإبانة والمقالات. قلت: هذه نقول الأئمة الأعلام التي تضمنت بالصراحة التي لا يتناطح عليها عنزان ولا يمتري فيها اثنان: إن كتاب الإبانة ليس مدسوساً على أبي الحسن الأشعري كما زعمه بعض الأغمار من المقلدة بل هو من تواليفه التي ألفها أخيراً واستقر أمره على ما فيها من عقيدة السلف التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية[3]. ************************************************** * قال الشيخ ص12 : (( وكان الشيخ أبو الحسن الأشعري[4] –واضع هذا العلم-[5] أحد تلامذة الجبائي[6] إلا أنه ترك مذهبه بعد ما حاجه في المثل الذي ضربه لهم في مسألة الأصلح وأفحمه واستغل هو وإتباعه ومنهم الشيخ أبو منصور الماتريدي[7] بإبطال رأي المعتزلة و إثبات ما وردت به السنة ومشى عليه الجماعة- لذا سموا ( أهل السنة والجماعة).)) جانبت الصواب يا فضيلة الشيخ , وذلك من وجوه : 1- لم تُصب بِتَعرِيفِكَ أًهْل السّنة والجماعة , وهذا تعريفهم تفصيلا[8] : السنة لغة : الطريقة والسيرة [9] . السنة اصطلاحاً : (*) الهدي الذي كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، علماً واعتقاداً وقولاً وعملاً ، وهي السنة التي يجب اتباعها ، ويحمد أهلها ، ويُذم من خالفها [10] ، وُتطلق السنة على سنن العبادات والاعتقادات ، كما ُتطلق على ما يُقابل البدعة [11] . الجماعة لـغـة : من الاجتماع ، وهو ضد التفرق ، والجماعة هم القوم الين اجتمعوا على أمر ما [12] الجماعة في الاصطلاح : (*) هم سلف الأمة ، من الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، الذين اجتمعوا على الكتاب والسنة وعلى أئمتهم ، والذين ساروا على ما سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه والتابعون لهم بإحسان [13]. فأهل السنة والجماعة : هم المستمسكون بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذين اجتمعوا على ذلك ، وهم الصحابة والتابعون ، وأئمة الهدى المتبعون لهم ، ومن سلك سبيلهم في الاعتقاد والقول والعمل إلى يوم الدين [14] ، الذين استقموا على الاتباع ، وجانبوا الابتداع في أي مكان وزمان ، وهم باقون منصورون إلى يوم القيامة . فأهل السنة والجماعة هم المتصفون باتباع السنة ومجانبة محدثات الأمور والبدع في الدين . ولا يُقصد بالجماعة هنا محموع الناس وعامتهم ، ولا أغلبهم ولا سوادهم [15] مالم يجتمعوا على الحق ، لأن النبي- صلىالله عليه وسلم- ذكر أن الطائفة المنصورة ( أهل السنة والجماعة ) فرقة واحدة من ثلاث وسبعين فرقة ، كما جاء في الحديث الصحيح ، عن أبي هريرة - ضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( تفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة ، والنصارى مثل ذلك ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ) [16] . وقد يُسمي أهل السنة ببعض أسمائهم أو صفاتهم المأثورة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، أوعن أئمتهم المقتدى بهم ، فقد يُطلق عليهم ( أهل السنة ) دون إضافة ( الجماعة ) . وقد يُطلق عليهم ( الجماعة ) فقط ، أخذاً من وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن هذه الأمة ستفترق على إحدى وسبعين فرقة ، كلها في النار ، إلا واحدة هي : الجماعة ) [17] . وعبارة السلف الصالح ُترادف أهل السنة والجماعة في اصطلاح المحقـقين ، كما يُطلق عليها - أيضاً - أهل الأثر أي السنة المأثورة [18] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه . ويُسمون أهل الحديث : وهم الآخذون بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواية ودراية ، والمتبعـون لهديـه - صلى الله عليه وسلم - ظاهراً وباطنـاً . فأهل السنة كلهم أهل حديث على هذا المعنى . وتسمية أهل السنة والطائفة المنصورة والفرقة الناجية بأنهم أهل الحديث هذا أمر مستفيض عن السلف ، لأنه مقتضى النصوص ووصف الواقع والحال ، وقد ثبت ذلك عن ابن المبارك ، وابن المديني ، وأحمد بن حنبل ، وأحمد بن سنان وغيرهم - رضي الله عنهم أجمعين [19] . وكذا سماهم كثير من الأئمة ، وصدّروا مؤلفاتهم بذلك ، مثل : كتاب " عقيدة السلف أصحاب الحديث " ، للإمام اسماعيل الصابوني ، ت : 449 . وانظر : مجموع الفتاوى ، لشيخ الإسلام ابن تيمية ، 4 / 9 ، 95 ، فقد أطلق على أهل السنة ( أهل الحديث ) . والفرقة الناجية : وهي التي تنجوا من النار باتباعها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذاً من قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاثة وسبعين ، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة ، وهي الجماعة )[20]. وكذا كان كثير من السلف وأئمة الدين يصفون أهل السنة بالفرقة الناجية[21] والظاهرين على الحق ، الطائفة المنصورة : وهم الذين عناهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ( لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة )[22] . ويُطلق عليهم - أحياناً - الجماعة - كما أسلفت - أو أهل الجماعة [23] . فالجماعـة هم جماعة أهل السنة ، الذين اجتمعوا على الحق ، من الاجتماع ، وهو ضد الرفقة ، كما أنها تضمنت معنى الاجتماع – أيضاً – وهو الاتفاق وضده الاختلاف ، فأهل السنة موصوفون بالاجتماع على أصول الدين ، والإجماع عليها - أيضاً - والاجتماع على أئمة الدين وولاة الأمر . ويُوصفون - أيضاً - بـ أهل الاتباع ، لأن من طريقتهم : " اتباع آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باطناً وظاهراً ، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والانصار ، واتباع وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، تمسّـكوا بها ، وعضّـوا عليه بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ...) [24] - [25] . ************************************************** **** 2- هل الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة[26] ؟!!, والأجابة على هذا : قد نص غير واحد من أهل العلم على أن الأشاعرة مبتدعة ، ومعنى هذا أنهم ليسوا من أهل السنة ، وعليه فلا يكونون من الفرقة الناجية الطائفة المنصورة : أ- إمام أهل السنة الإمام أحمد فقد بدع الكلابية وشدد عليهم وهم كالأشاعرة الأوائل قال الإمام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (2/6): (وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب، ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب وأتباعه) . وقال في الفتاوى (12/368: (والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب ويحذرون عن أصحابه.وهذا هو سبب تحذير الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية) وقال في كتابه الاستقامة (1/105):والكلابية هم مشايخ الأشعرية فإن أبا الحسن الأشعري إنما اقتدى بطريقة أبي محمد بن كلاب وابن كلاب كان أقرب إلى السلف زمنا وطريقة وقد جمع أبو بكر بن فورك شيخ القشيري كلام ابن كلاب والأشعري وبين اتفاقهما في الأصول ولكن لم يكن كلام أبي عبد الرحمن السلمي قد انتشر بعد فإنه انتشر في أثناء المائة الرابعة لما ظهرت كتب القاضي أبي بكر بن الباقلانى ونحوه ا.هـ وقال كما في الفتاوى(12/178):وأما قوله وقوم نحوا إلى أنه-أي القرآن- قديم لا بصوت ولا حرف إلا معنى قائم بذات الله وهم الأشعرية فهذا صحيح ولكن هذا القول أول من قاله فى الإسلام عبدالله بن كلاب فان السلف والأئمة كانوا يثبتون لله تعالى ما يقوم به من الصفات والأفعال المتعلقة بمشيئته وقدرته والجهمية تنكر هذا وهذا فوافق ابن كلاب السلف على القول بقيام الصفات القديمة وأنكر أن يقوم به شيء يتعلق بمشيئته وقدرته وجاء أبو الحسن الأشعرى بعده وكان تلميذا لأبى على الجبائى المعتزلى ثم إنه رجع عن مقالة المعتزلة وبين تناقضهم في مواضع كثيرة وبالغ في مخالفتهم في مسائل القدر والإيمان والوعد والوعيد حتى نسبوه بذلك إلى قول المرجئة والجبرية والواقفة وسلك في الصفات طريقة ابن كلاب وهذا القول في القرآن هو قول ابن كلاب في الأصل وهو قول من اتبعه كالأشعرى وغيره ا.هـ وقال كما في الفتاوى (17/149) : كالكلابية و من اتبعهم من الأشعرية و غيرهم ا.هـ وقال الإمام أبو بكر ابن خزيمة كما في سير أعلام النبلاء(14/380) لما قال له أبو علي الثقفي : (ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟ قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره ا.هـ فكيف لو أدرك من جاء بعدهم من الأشاعرة الذين ازدادوا سوءاً إلى أشاعرة زماننا الذين تميع فيهم هؤلاء المفتون وطار بفتواهم إذاعة ونشراً موقع الإسلام اليوم تحت نظر ورعاية من مشرفه سلمان العودة , فإن الأشاعرة كلما تأخروا زادوا بعداً عن السنة قال الإمام ابن تيمية في شرح الأصفهانية (ص107-108)، : فإن كثيراً من متأخري أصحاب الأشعري خرجوا عن قوله إلى قول المعتزلة أو الجهمية أو الفلاسفة) وقال في الدرء (7/97) : وهذا الكلام في الأصل-أي تقديم العقل على النقل- هو من قول الجهمية المعتزلة وأمثالهم وليس من قول الأشعري وأئمة أصحابه وإنما تلقاه عن المعتزلة متأخرو الأشعرية لما مالوا إلى نوع التجهم بل الفلسفة وفارقوا قول الأشعري وأئمة أصحابه الذين لم يكونوا يقرون بمخالفة النقل للعقل بل انتصبوا لإقامة أدلة عقلية توافق السمع ولهذا أثبت الأشعري الصفات الخبرية بالسمع وأثبت بالعقل الصفات العقلية التي تعلم بالعقل والسمع فلم يثبت بالعقل ما جعله معارضاً للسمع بل ما جعله معاضداً له وأثبت بالسمع ما عجز عنه العقل ا.هـ ب- الإمام أبو نصر السجزي إذ وصف الأشاعرة بأنهم متكلمون وفرقة محدثة وأنهم أشد ضرراً من المعتزلة فقال:(فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف، عُلم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغا إليه أو يناظر في قوله، وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر، ونفورهم عنهم بين، وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون: قال الأشعري، وقال ابن كلاب، وقال القلانسي، وقال الجبائي...ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسمى محدثاً بل يسمى سنياً متبعاً، وأن من قال في نفسه قولاً وزعم أنه مقتضى عقله، وأن الحديث المخالف له لا ينبغي أن يلتفت إليه، لكونه من أخبار الآحاد، وهي لا توجب علماً، وعقله موجب للعلم يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاً ، مخالفاً، ومن كان له أدنى تحصيل أمكنه أن يفرق بيننا وبين مخالفينا بتأمل هذا الفصل في أول وهلة، ويعلم أن أهل السنة نحن دونهم، وأن المبتدعة خصومنا دوننا) انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص100-101) . ثم قال ص222- 223 -: (ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء؛ بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم وهم أبو محمد بن كلاب وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري ...وفي وقتنا أبو بكر الباقلاني ببغداد وأبو إسحاق الإسفرائني وأبوبكر بن فورك بخراسان فهؤلاء يردون على المعتزلة بعض أقاويلهم ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردوه على المعتزلة - ثم قال : وكلّهم أئمّةُ ضَلالة يدعونَ النّاسَ إلى مخالفةِ السّنةِ وتركِ الحديث »....) وبين - رحمه الله- وجه كونهم أشد من المعتزلة فقال ص177-178: ( لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تستقف ولم تُمَوِّه.بل قالت: إن الله بذاته في كل مكان وإنه غير مرئي، وإنه لا سمع له ولا بصر ولا علم ولا قدرة ولا قوة ... فعرف أكثر المسلمين مذهبهم وتجنبوهم وعدوهم أعداء. والكلابية، والأشعرية قد أظهروا الرد على المعتزلة والذب عن السنة وأهلها، وقالوا في القرآن وسائر الصفات ما ذكرنا بعضه ا.هـ . ت- الإمام محمد بن احمد بن خويز منداد المصري المالكي - رحمه الله- ، فقد روى عنه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/96): أنه قال في كتاب الشهادات في تأويل قول مالك: لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء قال : أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها ) ث- ابن قدامة-رحمه الله- فقد نص على أنهم مبتدعة فقال في كتاب المناظرة في القرآن ص35 : ولا نعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها إلا الزنادقة والأشعرية ا.هـ وقال في كتاب تحريم النظر في كتب الكلام ص42 : وقال أحمد بن إسحاق المالكي أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري لا تقبل له شهادة ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها ا.هـ ج- أبو حامد الإسفرائني قال ابن تيمية في درء التعارض (2/96) : قال الشيخ أبو الحسن: وكان الشيخ أبو حامد الإسفرايني شديد الإنكار على الباقلاني وأصحاب الكلام قال ولم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري ويتبرؤن مما بنى الأشعري مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت عدة من المشايخ والأئمة منهم الحافظ المؤتمن بن أحمد بن على الساجي يقولون سمعنا جماعة من المشايخ الثقات قالوا كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علمًا وأصحابا إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرج إلى جامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع ويقبل على من حضر ويقول اشهدوا على بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كما قاله الإمام ابن حنبل لا كما يقوله الباقلاني وتكرر ذلك منه جمعات فقيل له في ذلك فقال حتى ينتشر في الناس وفي أهل الصلاح ويشيع الخبر في أهل البلاد أني بريء مما هم عليه يعني الأشعرية وبريء من مذهب ابي بكر بن الباقلاني فإن جماعة من المتفقهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خفية ويقرؤون عليه فيفتنون بمذهبه فإذا رجعوا إلى بلادهم أظهروا بدعتهم لا محالة فيظن ظان أنهم منى تعلموه قبله وأنا ما قلته وأنا بريء من مذهب البلاقلاني وعقيدته . قال الشيخ أبو الحسن الكرجي وسمعت شيخي الإمام أبا منصور الفقيه الأصبهاني يقول سمعت شيخنا الأمام أبا بكر الزاذقاني يقول كنت في درس الشيخ أبي حامد الإسفرايني وكان ينهي أصحابه عن الكلام وعن الدخول على الباقلاني فبلغه أن نفراً من أصحابه يدخلون عليه خفية لقراءة الكلام فظن أني معهم ومنهم وذكر قصة قال في آخرها إن الشيخ أبا حامد قال لي: يا بني قد بلغني أنك تدخل على هذا الرجل - يعني الباقلاني - فإياك وإياه فإنه مبتدع ؛ يدعو الناس إلى الضلالة ، وإلا فلا تحضر مجلسي فقلت: أنا عائذ بالله مما قيل وتائب إليه، واشهدوا علي أني لا أدخل إليه . قال الشيخ أبو الحسن وسمعت الفقيه الإمام أبا منصور سعد بن علي العجلي يقول: سمعت عدة من المشايخ والأئمة ببغداد أظن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أحدهم قالوا : كان أبو بكر الباقلانى يخرج إلى الحمام متبرقعاً خوفاً من الشيخ أبي حامد الإسفرايني قال أبو الحسن: ومعروف شدة الشيخ أبي حامد على أهل الكلام حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري . وعلقه عنه أبو بكر الزاذاقاني ، وهو عندي وبه اقتدى الشيخ أبو اسحاق الشيرازي في كتابيه اللمع والتبصرة حتى لو وافق قول الأشعري وجها لأصحابنا ميزه ، وقال: هو قول بعض أصحابنا وبه قالت الأشعرية ولم يعدهم من أصحاب الشافعي استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلاً عن أصول الدين. قلت: هذا المنقول عن الشيخ أبي حامد وأمثاله من أئمة أصحاب الشافعي ، أصحاب الوجوه معروف في كتبهم المصنفة في أصول الفقه وغيرها ، وقد ذكر الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وأبو إسحاق الشيرازي وغير واحد بينوا مخالفة الشافعي وغيره من الأئمة لقول ابن كلاب والأشعري في مسألة الكلام التي امتاز بها ابن كلاب والأشعري عن غيرهما وإلا فسائر المسائل ليس لابن كلاب والأشعري بها اختصاص ا.هـ ح- أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري . ذكر السبكي في طبقاته (4/272) أنه ذكر في كتابه ذم الكلام أنه كان يلعن أبا الحسن الأشعري , وأنه ترك الرواية عن شيخه القاضي أبي بكر الحيري لكونه أشعرياً ا.هـ وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى(14/354) : كأبي إسماعيل الأنصاري الهروي صاحب كتاب ذم الكلام فإنه من المبالغين في ذم الجهمية لنفيهم الصفات و له كتاب تكفير الجهمية و يبالغ في ذم الأشعرية مع أنهم من أقرب هذه الطوائف إلى السنة و الحديث و ربما كان يلعنهم وقد قال له بعض الناس: بحضرة نظام الملك أتلعن الأشعرية ؟ فقال: ألعن من يقول ليس في السموات إله و لا في المصحف قرآن و لا في القبر نبي و قام من عنده مغضباً ا.هـ خ- محمد بن عبد الملك بن محمد بن عمر بن محمد الكرجي أبو الحسن الشافعي. تقدم نقل ابن تيمية كلامه عن الأشعرية وقد نقل له السبكي في طبقاته(6/144) أبياتاً في ذم الأشعرية فقال-رحمه الله- : وخبث مقال الأشعري تخنث يضاهي تلويه تلوي الشغازب يزين هذا الأشعري مقاله ويقشبه بالسم ياشر قاشب فينفي تفاصيلاً ويثبت جملة كناقصه من بعد شد الذوائب يؤول آيات الصفات برأيه فجرأته في الدين جرأة خارب د- القحطاني في نونيته الرائعة إذ قال : يا أشعرية يا أسافلة الورى يا عمي يا صم بلا آذان أني لأبغضنكم وأبغض حزبكم بغضا أقل قليله أضغاني لو كنت أعمى المقتلتين لسرني كيلا يرى إنسانكم إنساني وقال : يا أشعرية يا جميع من ادعى بدعاً وأهواء بلا برهان جاءتكم سنية مأمونة من شاعر ذرب اللسان معان ذ- الإمام ابن تيمية-رحمه الله- قد بين أنهم مبتدعة بطرق؛ منها أنه نص على ذلك فقال كما في مجموع الفتاوى (2/50) : كما يقوله بعض المبتدعة الأشعرية من أن حروفه ابتداء جبرائيل أو محمد مضاهاة منهم فى نصف قولهم لمن قال انه قول البشر من مشركى العرب ممن يزعم أنه أنشأه بفضله وقوة نفسه ا.هـ ومنها أنه جعلهم من المتكلمين وبجعله لهم من المتكلمين أخرجهم من أهل السنة إلى أهل البدع فقال في الدرء (6/183) : وأهل الكلام من الأشعرية وغيرهم ا.هـ وفي أكثر من موضع يذكر أنهم أقرب إلى أهل السنة من غيرهم فهذا يدل على أنهم ليسوا منهم قال في مجموع الفتاوى (6/55): ( و أما الأشعرية فلا يرون السيف موافقة لأهل الحديث ، وهم في الجملة أقرب المتكلمين إلى مذهب أهل السنة والحديث . . ) وقد نقل في الدرء (6/221) كلام أبي الْوَلِيدِ بن رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ في كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بالكشف عن مَنَاهِجِ الْأَدِلَّةِ والمثل الذي ضربه لخطورة التأويل ثم قال أبو الوليد: وهذه حال الفرق الحادثة في هذه الشريعة وذلك أن كل فرقة منهم تأولت في الشريعة تاويلا غير التأويل الذي تأولته الفرقة الأخرى وزعمت أنه الذي قصد صاحب الشرع حتى تمزق الشرع كل ممزق وبعد جدا عن موضوعه الأول ولما علم صلى الله عليه وسلم أن مثل هذا يعرض ولا بد في شريعته قال :ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة يعني بالواحدة التي سلكت ظاهر الشرع ولم تؤوله تأويلا صرحت به للناس . قال: وأنت إذا تأملت ما عرض في هذه الشريعة في هذا الوقت من الفساد العارض فيها من قبل التأويل تبينت أن هذا المثال صحيح فأول من غير هذا الدواء الأعظم هم الخوارج ثم المعتزلة بعدهم ثم الأشعرية ثم الصوفية ثم جاء أبو حامد فطم الوادي على القرى ا.هـ ر- الإمام ابن القيم -رحمه الله-فقد نقل كلام أبي الْوَلِيدِ بن رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ المتقدم في كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بالكشف عن مَنَاهِجِ الْأَدِلَّةِ والمثل الذي ضربه لخطورة التأويل كما في الإعلام (4/254) والصواعق المرسلة (2/417) وأقره ولم يخالفه مثل شيخه ابن تيمية . ************************************************* 3- عقيدة الأشاعرة : إليك شيئاً من معتقد الأشاعرة مفقراً على وجه الاختصار : أ- أن الإيمان هو التصديق فلا يرون عمل الجوارح من الإيمان ولا يرون كفراً يكون بالجوارح[27]. ب- أنهم جبرية في باب القدر فلا يثبتون إلا الإرادة الكونية دون الإرادة الشرعية ، فليس للعبد عندهم قدرة ولا يثبتون إلا الاستطاعة والقدرة المقارنة للعمل دون ما قبله[28]. ت- لا يثبتون لأفعال الله علة ولا حكمة[29]والعياذ بالله . ث- لا يثبتون شيئاً من الصفات الفعلية[30] ج- الأشاعرة الذين هم من بعد أبي المعالي الجويني أنكروا علو الله على خلقه بذاته[31] ح- لا يثبتون من صفات المعاني إلا سبعاً أو أكثر وعمدتهم في الإثبات العقل ثم هم في الصفات السبع نفسها لا يثبتونها كما يثبتها أهل السنة[32] خ- معنى كلمة التوحيد لا إله إلا الله راجع إلى توحيد الربوبية فلا يعرفون توحيد الألوهية كما فسر الباقلاني كلمة التوحيد بمعنى الربوبية[33] د- مآل قولهم في كلام الله أن القرآن مخلوق كما أفاده أحد أئمة الأشاعرة المتأخرين الرازي[34] ذ- يتوسعون في الكرامة فيجعلون كرامة الأنبياء ممكنة للأولياء[35] ر- يقررون رؤية الله إلى غير جهة ومآل قولهم إنكار الرؤية[36] ز- أن العقل لا يحسن ولا يقبح[37] س- أنه لا يصح إسلام أحد بعد التكليف إلا أن يشك ثم أول واجب عليه النظر كما قال أبو المعالي الجويني[38] [1]رواية أبي بكر الخلال [2]رحم الله البخاري , والناظر لدقة ترتيب الأبواب لعرف منزلة الإمام , قال : باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه و سلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى, وساق الحديث :عن ابن عباس –رضي الله عنه- : لما بعث النبي صلى الله عليه و سلم معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن قال له ( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس ) , وهذا من سلامة عقيدة الإمام , بل كل السلف مجمعون على أن أول واجب هو التوحيد , لا الشك ولا النظر !! [3]مقالة للعلامة حماد الأنصاري –طيب الله ثراه- بتصرف يسير [4]لعلك وجدت القول الفصل في مسألة الإمام أبو الحسن أثناء تعريفه . [5]بيّنا من الّذي وضعَ هذا العلمَ فلا داعي للتكرار هنا . [6]محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي أبو علي: من أئمة المعتزلة.ورئيس علماء الكلام في عصره. وإليه نسبة الطائفة (الجبائية).له مقالات وآراء انفرد بها في المذهب. نسبته إلى جبى (من قرى البصرة) اشتهر في البصرة، ودفن بجبى.له (تفسير) حافل مطول، رد عليه الاشعري . [7]هو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي، نسبة إلى (ماتريد) وهي محلة قرب سمرقند فيما وراء النهر، ولد بها ولا يعرف على وجه اليقين تاريخ مولده، بل لم يذكر من ترجم له كثيراً عن حياته، أو كيف نشأ وتعلم، أو بمن تأثر. ولم يذكروا من شيوخه إلا العدد القليل مثل: نصير بن يحيى البلخي، وقيل نصر وتلقى عنه علوم الفقه الحنفي وعلوم الكلام [8] مباحث في العقيدة للدكتور ناصر العقل –حفظه الله- [9] - انظر : مختار الصحاح ( سنن ) ص 317 . ولسان العرب ( سنن ) 13 / 220 – 228 . [10] - انظر : الوصية الكبرى في عقيدة أهل السنة والجماعة ، ص 23 . وشرح العقيدة الواسطية (*) ، لممد خليل هراس ، ص 16 . وشرح العقيدة الطحاوية ، ص 33 . [11] - انظر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لابن تيمية ، ص 77 . [12] - انظر : لسان العرب ( جمع ) 8 / 53 – 60 . [13] - انظر : الاعتصام ، للشاطبي ، 1 / 28 . وشرح العـقيدة الواسطية * لمحمد خليل هراس ص 16 – 17 . وشرح العقيدة الطحاوية ص 33 . [* العـقيدة الواسطية لابن تيمية والشرح لهراس ] . [14] - انظر : شرح العقيدة الطحاوية ، لأبي العز الحنفي ، ص 330 . ورسائل في العقيدة ، للشيخ محمد بن صالح العثيمين ، ص 53 . [15] - يُستثنى من ذلك عصر الصحابة والتابعين ، فإن السواد الأعظم في ذلك الوقت على الحق لقرب الناس من عهدالنبوة ولتزكية النبي صلى الله عليه وسلم للقرون الفاضلة . أما من بعدهم فلا عبرة بالكثرة لعموم الأدلة التي تدل على الناس سيكثر فيهم الخبث ، وتفترق الأمة إلى ثلاث وسبعين ، وأن الإسلام يعود غريباً .. إلخ . _______________________ ( *) أقصد بالاصطلاح في الموضوعين إصطلاح علماء العـقيدة وأصول الدين . [16] - أخرجه أبوداود في سننه ، كتاب السنة ، باب شرح السنة ، الحديث 4596 . وابن ماجة ، باب افتراق الأمم ، الحديث 3991 . والترمذي ، كتاب الإيمان ، باب افتراق هذه الأمة ، الحديث 2640، وقال " حديث حسن صحيح " . [17] - أخرجه ابن أي عاصم في الكتاب والسنة 1 / 33 . وقال الألباني : حديث صحيح بما قبله وما بعده بعد أن ذكر طرقاً أخر للحديث . [18] - انظر مجموع الفتاوى ، لابن تيمية /10 . وشرح الطحاوية ، ص 439 . وذم التأويل ، للمقدسي ، ص 331 . [19] - راجع السلسلة الصحيحة للألباني ، الحديث رقم 270 ، المجالد الأول ، الجزء الثالث ، ص 134- 137 . وانظر : سنن الترمذي ، كتاب الفتن ، الحديث 2229 . [20] - أخرجة أبو داود في سننه ، باب شرح السنة ، من كتاب السنة ، الحديث رقم ( 4597 ) ، 5 / 6،5 . عن معاوية ، وأحمد في المسند ، بإسناد صحيح عن أنس بن مالك 3 / 120 . وله شاهد عند الترمذي في كتاب الإيمان ، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة ورقم 2640 . وعند الحاكم في المستدرك ، كتاب العلم ، 1 / 128 – 129 . وقد صححه الألباني في " الصحيحة " - المجلد الأول - الحديث / 204 . [21] - انظر : العـقيدة الواسطية ، لابن تيمية ، شرح محمد خليل هراس ، ص 16 . [22] - حديث صحيح مستفيض أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد والحاكم . راجع : تخريج الحديث في سلسلة الصحيحة للألباني ، حديث / 270 ، الجزء الثالث ، ص 134 – 135 . [23] - انظر : العـقيدة الواسطية ، لابن تيمية ، شرح محمد خليل هراس ، 180 . [24] - أخرجه ابن عاصم في كتاب السنة . قال الألباني : إسناده صحيح ورجاله كلهم ثقات . كتاب " السنة " 1/19-29 – الحديث / 31، 54 . والحديث مروي في السنن والمسانيد . [25] - انظر : العـقيدة الواسطية ، لابن تيمية ، شرح محمد خليل هراس ، ص 179- 180. [26] هذا المطلب تلخيصا تأكيد المسلمات السلفية في نقض الفتوى الجماعية بأن الأشاعرة من الفرقة المرضية [27]مجموع الفتاوى (12/471) (20/86) (7/636) وانظر من كتب الأشاعرة الإرشاد للأبي المعالي الجويني ص398 وشرح النسفية ص428 لسعد الدين التفتازاني [28]مجموع الفتاوى (16/237) (8/340) الصفدية (1/152) ,منهاج السنة (1/463) , والاستقامة (1/215) وانظر من كتب الأشاعرة الإرشاد للأبي المعالي الجويني ص219 والجوهرة وشرحها للباجوري ص197-229 والمواقف من علم الكلام ص324 للأيجي [29] مجموع الفتاوى (14/183) (8/97) (8/428), الأصفهانية ص204 ,الدرء (1/330) وانظر من كتب الأشاعرة التمهيد ص50 للباقلاني وغاية المرام في علم الكلام ص224 للآمدي والجوهرة وشرحها للباجوري ص181 وشرحها عون المريد (1/509). [30]الفتاوى الكبرى (5/68)(5/239) وانظر من كتب الأشاعرة الإرشاد للجويني ص156 وأساس التقديس ص103-107 للرازي وعون المريد (1/410) وشرح الباجوري ص132 [31]الدرء (6/213) (6/245)(6/267) واجتماع الجيوش الإسلامية ص 207,والصواعق المرسلة (2/405) وانظر من كتب الأشاعرة الجوهرة وشرحها للباجوري ص182 وشرحها عون المريد (1/510) ومشكل الحديث لابن فورك ص193 وأساس التقديس ص160 للرازي. [32]منهاج السنة (2/497) و التدمرية ص33 وانظر من كتب الأشاعرة تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد ص542 وشرح الباجوري ص145 وانظر ما يدل أن عمدتهم العقل أساس التقديس ص168 والإرشاد ص359 [33]الفتاوى الكبرى (5/248) وانظر من كتب الأشاعرة أصول الدين للبغدادي ص123 [34]التسعينية (2/597)(2/618) وقرره الشيخ عبدالله أبا بطين في الدرر السنية (3/231) [35] النبوات ص15 ,وطبقات الشافعية للسبكي (((2/315) [36] الدرء (1/250) (7/239) بيان تلبيس الجهمية (1/26) وانظر من كتب الأشاعرة الجوهرة وشرحها للباجوري ص246 وشرحها عون المريد (2/638) [37]مجموع الفتاوى (8/90) (11/677) وانظر من كتب الأشاعرة الجوهرة وشرحها عون المريد (1/157) والمواقف من علم الكلام ص324 للأيجي [38] درء التعارض (7/ 440,418) بيان تلبيس الجهمية (1/249) وانظر من كتب الأشاعرة الإرشاد ص25 والانصاف ص33 للباقلاني
__________________
[gdwl][rainbow][align=justify]إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ ** فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها ** فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا** فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا** شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا** عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ [/align][/rainbow][/gdwl] |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
شرح حديث / ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | السنة ومصطلح الحديث | 0 | 2019-12-23 07:39 PM |
أبرز علماء الإسلام | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | السير والتاريخ وتراجم الأعلام | 0 | 2019-11-13 01:54 PM |