جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
أصول أدعياء السلفية ومرجئة العصر سبابة العلماء
فصل: معرفة الخطوط العريضة، وأصول مذهب منتحلي هذا التيار وهذا الفصل مقتبس من كلام الشيخ عبدالرزاق الشايجي في رسالتة: الخطوط العريضة لأدعياء السلفية الطبعة الثانية، وكذلك أثبت كلامه بلفظه، وحذفت منه ما رأيت المصلحة في حذفه[1]. قال الشيخ – جزاه الله خيراً: وقد أردنا دراسة هذا الفكر وجمع أصوله ، وقواعده دون الاهتمام بقائليه ومروجيه ، فإن ما يهمنا هو التحذير من هذا الفكر القائم على السب والتشهير والتجريح بغير جرح حقيقي ، والتبديع بغير مبدع ، والتكفير دون ضوابط ، والانشغال بالدعاة إلى الله سباً وتجريحا ً ، وتكفيراً ، وتبديعاً دون غيرهم من سائر الخلق ، وتقديم حربهم على حرب الكفار والمنافقين والعلمانيين واليساريين . إن الواجب العمل على كشف عوار هذا الفكر ولتجنيب شباب الأمة الإسلامية عامة وشباب السلفية خاصة من الانزلاق والانحدار إليه ، والله المستعان وعليه التكلان ، وعلى الله قصد السبيل .أ.هـ من مقدمة الطبعة الأولى للرسالة. وقال : ومن نظر في أصولهم التي ابتدعوها أدرك يقينا أن هؤلاء هم (معطلة)[2] الشرع والحكم ، فكما وجد في الفرق الإسلامية معطلة الصفات وهم الجهمية ، ومن نحا نحوهم ممن اخترعوا أصولا باطلة أدت بهم إلى تعطيل صفات الرب عز وجل ، فقد جاءت هذه الطائفة الجديدة وباسم السلفية لتضع أصولا باطلة تفضي إلى تعطيل الحاكمية التي اختص الله بها ( ولا يشرك في حكمه أحدا ) فزعموا أن توحيد الحاكمية ليس من التوحيد ، بل وليس هو من أصول الدين والإيمان ، بل هو من الفروع ، وتعطيل الشرع كله ما هو إلا كفر دون كفر ، وكل من اعتنى بهذا الأصل فهو عندهم مبتدع يحمل فكر الخوارج ، ولقبوه بكل وصف قبيح لمجرد مطالبته الأمة بالعودة إلى حكم الله ورسوله ، وقد تفرع عن هذا الأصل الباطل عندهم وجوب ترك الحكام وشأنهم ، وعدم التعرض لهم وإن صدر منهم ما صدر من الكفر البواح ، وتمكين أعداء الإسلام ووجوب ترك الاشتغال بفقه الواقع وترك ما لله لله وما لقيصر لقيصر - كما صرح به أحد كبارهم - و هذه هي العلمانية بعينها ، ومن ثم شنعوا على كل مجاهد في سبيل الله ، وقدموا حربه على حرب أعداء الله فكانوا بذلك من دعاة التعطيل ، وهم المعطلة للحاكمية والشرع كما كان الجهمية معطلة للصفات والأسماء . وقام مذهبهم على التعطيل : تعطيل الجهاد ، وتعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بإذن الإمام - حسب زعمهم - وتعطيل الدعوة إلى الله ، وتعطيل النظر في حال الأمة ، وإشغالها بحرب الصالحين ، وتتبع عوراتهم وزلاتهم ، وتنفير الناس عنهم .أ.هـ من مقدمة الطبعة الثانية. و هذا أوان ذكر المقصود من هذا الفصل: أولا : الأصل الأم الجامع لكل أصولهم : خوارج مع الدعاة مرجئة مع الحكام ، رافضة مع الجماعات ، قدرية مع اليهود والنصارى والكفار ، قلت (عبد العزيز): إمامية مع الحكام أيضاً. هذه المجموعة التي اتخذت التجريح دينا ، وجمع مثالب الصالحين منهجا، جمعوا شر ما عند الفرق .فهم مع الدعاة إلى الله خوارج يكفرونهم[3] بالخطأ ويخرجونهم من الإسلام بالمعصية ، ويستحلون دمهم ويوجبون قتلهم وقتالهم . وأما مع الحكام فهم مرجئة يكتفون منهم بإسلام اللسان ولا يلزمونهم بالعمل ، فالعمل عندهم بال نسبة للحاكم خارج عن مسمى الإيمان .وأما مع الجماعات فقد انتهجوا معهم نهج الرافضة مع الصحابة وأهل السنة ، فإن الرافضة جمعوا ما ظنوه أخطاء وقع فيها الصحابة الكرام ورموهم جميعا بها ، وجمعوا زلات علماء أهل السنة وسقطاتهم واتهموا الجميع بها . وهم مع الكفار من اليهود والنصارى قدرية جبرية يرون أنه لا مفر من تسلطهم ولا حيلة للمسلمين في دفعهم ، وأن كل حركة وجهاد لدفع الكفار عن صدر أمة الإسلام فمصيره الإخفاق ، ولذلك فلا جهاد حتى يخرج الإمام[4] !! فوا عجبا كيف جمع هؤلاء بدع هذه الفرق ؟!! كيف استطاعوا أن يكيلوا في كل قضية بكيلين ، فالكيل الذي يكيلون به للحكام غير الكيل الذي يكيلون به لعلماء الإسلام !! فلا حول ولا قوة إلا بالله . الأصل الثاني : أصولهم في التكفير والتبديع : كل من وقع في الكفر فهو كافر[5] ، وكل من وقع في البدع فهو مبتدع . هذا أصلهم الثاني ، تكفير المسلم إذا وقع في قول المكفر أو ما يظنونه مكفر دون نظرا في أن يكون قد قال هذا الكفر أو وقع منه خطأ أو تأولا أو جهلا أو إكراها . وكل مسلم وقع في بدعة أو ما يتوهمونه بدعة ، فهو مبتدع دون اعتبار أن يكون قائل البدعة أو فاعلها متأولا أو مجتهدا أو جاهلا . وهم أحق الناس بوصف المبتدع باختراعهم هذا الأصل الذي هو من أصول أهل البدع وليس من اصول أهل السنة والجماعة . الأصل الثالث : من لم يبدع مبتدع فهو مبتدع : هذا الأصل الثالث من أصولهم الفاسدة ، فإذا حكموا على رجل أنه مبتدع أو على جماعة دعوية أنها جماعة بدعة ، ولم تأخذ برأيهم وحكمهم الفاسد فأنت : مبتدع ، لأنك لم تبدع مبتدع . فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وهو أصل وقائي فإما أن تكون معنا أو تكون منهم . وهم على شاكلة من قبلهم في التكفير الذين قالوا " من لم يكفر الكافر - عندهم - فهو كافر " . فإذا حكموا على رجل مسلم أنه كافر ولم توافقهم على ذلك فأنت كافر أيضا لأنك لم ترض باجتهادهم ، فما أشبه هذا القول بقول الخوارج[6] . الأصل الرابع : استدلالهم بمنهجهم الفاسد في التبديع والتفسيق والهجر والتحذير من المبتدعة بقولهم أن الله سبحانه ذكر أخطاء الأنبياء . وهذا من عظائمهم ومصائبهم الكبيرة إذ ظن هؤلاء أن الله عندما يرشد نبينا إلى شيء خالف فيه الأولى توجيها له إلى الأمثل والأفضل ، كقوله تعالى لنوح عليه السلامة : ( إنه ليس من اهلك ) [هود46] ، وقوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : ( عفا الله عنك لما أذنت لهم ) [التوبة43] ، وقوله سبحانه وتعالى أيضا : ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ) [الإسراء48] ، ونحو هذا في القرآن . ظن هؤلاء الجهال أن هذا جار على أصلهم الفاسد الذي اخترعوه وابتدعوه وهو ذكر مثالب من سقطات الدعاة إلى الله من أجل التنفير وتحذير الناس منهم . فأين القياس في هذا يا أهل العقول ؟!! هل أصبح الأنبياء هم المبتدعة ؟!! الذين يجب التحذير منهم !!! مع العلم أن هذا الأصل لا يجوز تطبيقه عليهم من خلال إظهار مثالب دعاتهم وشيوخهم فيجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم ومن انتقدهم فقد انتقد السلف بأكملهم . فهل أصبحوا في مقام الرب الذي يرشد الأنبياء ؟!! وهل أراد الله سبحانه وتعالى بإرشاد أنبيائه- إلى بعض ما خالفوا فيه الأولى - تحذير الناس منهم كما يفعلون هم بالدعاة المهتدين ؟. وهل أراد الله من ذكر أخطاء الأنبياء - حسب قولهم - تنقيصهم ، وتحقيرهم كما يفعلون هم بالدعاة إلى الله ؟ تعالى الله ما يقولون علوا كبيرا .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم . إن الله جلت حكمته ما ذكر الذي أرشد فيه أنبياءه إلا بيانا لعلو منزلتهم ، و أنهم بشر قد يجتهدون فيسدد الله اجتهادهم ، ويخاطبهم الله سبحانه وتعالى وهو الرب العظيم بلطفه واحسانه ورحمته وحكمته وعلمه . وانظروا إلى قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( عفا الله عنك لم أذنت لهم ) [التوبة43] ، فقبل أن يعاتب قدم العفو ... و كل مواطن العتاب للرسل كان فيها من بليغ الكلام ، و من الاحسان شيء يفوق الوصف . ليتكم تعلمتم شيئا من الخطاب الإلهي الكريم لرسله الكرام . و عرفتم كيف يكون الأدب مع علماء الإسلام ، و أهل الاجتهاد الذين يجتهدون فيخطئون ويصيبون ، و قد كان الواجب عليكم لو كان عندكم علم أو أدب أن تنصحوا لهم وتقيلوا عثرتهم ، و تغفروا زلتهم وتسددوا مسيرتهم . و لكن كيف وقد أصلتم أصولا تهدم الدين ، وتنسف الدعاة إلى الله رب العالمين فلا يكاد يقع أحدهم في أدنى خطأ حتى تجعلوا منه وسيلة إلى هدمه و إفنائه والطعن فيه وتجريحه !! فإلى الله المشتكى ممن يدعي نصرة الدين وعمله لهدم الإسلام والمسلمين . الأصل الخامس : لا يحمل مطلق على مقيد ، ولا مجمل على مفسر ، ولا مشتبه على حكم إلا في كلام الله . هذا أصلهم الخامس ، وقد اتخذوا هذا الأصل حتى يحكموا بالكفر والبدعة على من شاءوا من الدعاة فبمجرد أن يجدوا في كلامه كلمة موهمة ، أو عبارة غامضة ، أو قول مجمل يمكن أن يحمل على معنى فاسد فإنهم يسارعون بحمل هذا القول على المعنى الفاسد الذي يريدون ، ولا يشفع عندهم أن يكون قائل هذا القول المجمل قد فسره في مكان آخر تفسيرا صحيحا ، أو قال بخلاف المعنى الفاسد المتوهم في مواضيع أخرى . وهذا تصيد وترقب للخطأ من المسلم ، وتحميل لكلام المسلم مالا يحتمله ، وتفسير له بما يخالف نيته وقصده ، مع استثنائهم لمشايخهم وأتباعهم . الأصل السادس : خطأ الإنسان في أصول الدين غير مغتفر : ومن فروع التكفير المشين لهؤلاء اعتبارهم أن الإنسان - أي إنسان عالما كان أم جاهلا بأمور الأحكام ومسائل الشريعة - لا يغتفر له جهله أو خطؤه في أصول الدين . وقد جاء أصلهم هذا بناء على فهمهم السقيم لما ذكر العلماء من أن الاجتهاد لا يقبل في العقيدة . ففهموا بفهمهم الباطل الخارجي أن من وقع في الخطأ في مسائل العقيدة فإنه غير مغفور له . وبذلك أخرجوا علماء الأمة من الملة من حيث يشعرون أو لا يشعرون . الأصل السابع : إطلاق لفظ الزنديق على المسلم بلا دليل سوى الهوى : والزنديق لا يطلق في لغة أهل العلم- في الأغلب - إلا على الكافر المظهر للإسلام ، وبالخصوص على الثنوية والقائلين بإلهين ، ومدعي النبوة والرسالة ، والفرق الباطنية الذين يحملون معاني القرآن على عقائدهم الوثنية . وقد ذهب كثير من الفقهاء إلى أن الزنديق يقتل دون استتابة ، بمجرد إظهار كفره لأنه منافق كذاب . وقد تساهل أصحاب هذا (الكفر)[7] الجديد بإطلاق لفظ الزنديق على المسلم المتبع للقرآن والسنة بخطأ أخطأ فيه !! فلا حول ولا قوة إلا بالله . و إنا لله و إنا إليه راجعون !! ولعل العذر لهم في ذلك هو تزاحم هذه الألفاظ في قاموسهم الذي لا يوجد فيه إلا زنديق .. وخارجي .. وكافر .. ومبتدع . الأصل الثامن : إقامة الحجة لا تكون إلا في بلاد بعيدة عن الإسلام : ومن دواهي القوم قول بعضهم أن إقامة الحجة من وقع في الكفر لا تكون إلا في البلاد النائية والبعيدة عن الإسلام أما بلاد المسلمين فلا حاجة لمن وجد فيها إلى أن تقام الحجة عليه ، وعلى هذا الأصل الخارجي يكون كل من وقع في الكفر أو الشرك وهو في بلاد التوحيد فهو مشرك كافر ، ولا حاجة عند ذلك إلى إقامة الحجة عليه ، وهذا الأصل من فروع الأصل المتقدم " ومن وقع في الكفر فقد كفر .باستثناء الحكام فهم عندهم بحاجة لإقامة الحجة لينطبق عليهم الكفر من عدمه ، أما العامة فلا حاجة عندهم لإقامة الحجة عليهم .[8] الأصل التاسع : العمل الجماعي أم الفتن: حطت هذه الطائفة رحالها على عروة وثقى من عرى هذا الدين ألا وهي العمل الجماعي بغية حلها فقالوا عنه أم الفتن . وللتدليل على حرمة العمل الجماعي قالوا أن العمل الجماعي لم يرد في الشرع بدليل أنه لو كان أمرا واجبا لوجب أن يبينه الرسول صلى الله عليه وسلم بيانا عاما قاطعا للعذرلا ان يجعله نهبة للآراء وعرضة للأهواء وموطنا للنزاع والخلاف و مستودعا للفرقة والخلاف، وقالوا عن ادلة مشروعية العمل الجماعي أنها لا تهدي إلى الصواب الحق أو حق الصواب ، وفيها التكلف الوعر الذي لا يعرفونه إلا في منطق الفلاسفة ، وأما ما تفرضه الظروف في بعض البلدان على الدعاة إلى الله من الإسرار بدعوتهم فاعتبروه باب ضلالة والعياذ بالله تعالى حيث أن دينهم جلي ظاهر لا خفاء فيه ولا دس ولا كتمان ولا أسرار .[9] الأصل العاشر : الحزبية المذمومة والعمل الجماعي المشروع وجهان لعملة واحدة : اعتبر هؤلاء أن الحزبية لازمة للعمل الجماعي غير منفكة عنه وبالتالي اسقطوا سلبيات الحزبية على العمل الجماعي فقالوا : إن الحزبية تصبح دينا إذا سميناها عملا جماعيا أو قلنا جماعة !! أو جمعية !! أو لجنة !! أو حركة !! وعليه فقس !!! وذلك أنهم يرون أن هذه الأسماء والمصطلحات العائمة البعيدة عن الوضوح قد جنت عن الإسلام والمسلمين ، وهكذا هذه الحزبيات المعاصرة والتجمعات الحاضرة كانت بداياتها نيات خير ... ثم أصبحت تكتلات تراد بذاتها .[10] الأصل الحادي عشر : تحريمهم العمل الجماعي والتنظيم الدعوي على الجماعات الإسلامية وإباحته لأنفسهم وأشياعهم : مع أن هؤلاء قد افتوا بحرمة العمل الجماعي والتنظيم الدعوي بحجة أنه يدعو إلى الحزبية لكن أعمالهم جاءت مخالفة لفتواهم ، فلديهم عمل منظم كالأسابيع الثقافية والمخيمات الربيعية وطبع الكتب والتواصل الفكري والتنظيمي بينهم في بقاع مختلفة ، وبين قيادتهم "المدينة" المعروفة إلى غير ذلك مما لا سبيل إلى إنكاره .[11] الأصل الثاني عشر : جمع مثالب الجماعات الدولية والتغاضي عن محاسنها من أجل هدمها اهتم هؤلاء الذين اتخذوا التجريح دينا بجمع الأخطاء والمثالب التي وقع فيها بعض أفراد الجماعات الدولية لا لغرض تنبيه أفرادها وتبصيرها للنصح لهم ، لكن من أجل هدمها والتنفير عنها وتبديعها بل تكفير[12] المنتسبين إليها ، وقد عمدوا في سبيل ذلك إلى ضرب الجميع بأخطاء البعض ، فإذا كان في جماعة التبليغ أفراد من الصوفية أصبح كل تبليغي صوفي ، وإذا كان في أفراد الاخوان من يوالي الروافض فكل الأخوان المسلمين كذلك وهكذا . وهم يعلمون أنه ليس كل من ينتسب إلى جماعة التبليغ يدخل في الصوفية ضرورة ، وهل إذا أساء بعض أهل بلد كان كل أهل البلد جميعهم مسيئين بسببه . إن الإنسان لا يتحمل وزر غيره إلا إذا رضي به وتابعه وقد دخل كثير من العلماء وطلبة العلم في الجماعات الدعوية من اجل تصحيح مسارها ، ونشر العقيدة الصحيحة بين أفرادها ، ووجد هؤلاء أن الجماعة الدعوية تجمع نافع للدعوة وتعاون مفيد على البر والتقوى . الأصل الثالث عشر : الجماعات الإسلامية فرق ضالة : [13] الأصل الثالث عشر لأصول أتباع السلفية الجديدة هو قولهم أن الجماعات الإسلامية ماهي إلا امتداد للفرق الضالة من معتزلة وأشاعرة وخوارج وقدرية وجهمية ، تنتهج منهج الخلف في العقيدة ، فأصبح بدل أن يقال هؤلاء أشاعرة وهؤلاء معتزلة صار يقال هؤلاء أخوان ، وهؤلاء تبليغ . لقد بين الشاطبي رحمه الله في الاعتصام ضابط الحكم على تجمع معين أنه من الفرق الضالة بقوله : ( وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين ، وقاعدة من قواعد الشريعة لا في جزئي من الجزئيات ، إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشئ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا ، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية ) ... إلى قوله : ( ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة ) [الاعتصام 2/200[. الأصل الرابع عشر : الجماعات الدعوية جماعات ردة وتسعى إلى هدم التوحيد : لما قرر هؤلاء أن الجماعات الدعوية أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى وانه يجب تقديم حربهم على حرب اليهود والنصارى وجمع مثالبها من أجل هدمها ، حتى زعم بعضهم أن هذه الجماعات هي جماعات ردة ، وزعموا أن جميعها انحرفت عن المنهج الحق وأخذت بمنهج الخلف وعقيدتهم ودخلت إلى الساحة باسم جماعات الدعوة وجماعات خير وهي تسعى في الحقيقة إلى الإطاحة بدعوة التوحيد ومحاربته ، فهي خارجة عن حظيرة الإسلام باسطة أذرعها هدما وفتكا بالإسلام وأهله وتخريبا وإفسادا لبنيانه وأرضه ، فشرها يسري سريان سم الأفعى في جسد الملدوغ من غير ضجيج ولا صخب ولا ظهور إلى أن تفاقم هذا الشر واتسع الخرق على الراقع كما هو الحال والواقع . الأصل الخامس عشر : النظر في أحوال الأمة ومعرفة أعدائها وفكرهم محرما شرعا كالنظر في التوراة المحرفة : جعل هؤلاء النظر في أحوال أمة الإسلام ومعرفة مخططات أعدائها وفضح أساليب مكرهم بها أمرا محرما في الدين إلا من خلال الإعلام المرضي عنه والخاضع للحكومات الغربية ، وقاسوا ذلك على النظر في التوراة المحرفة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد غضب على عمر بن الخطاب لما رآه ينظر في ورقة من التوراة ، والحال ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد غضب على عمر وانه رآه قد استحسن ما في التوراة فقال له : ( لقد جأتكم بها بيضاء نقية والله لو كان موسى حيا لما وسعه إلا أن يتبعني) الدارمي 441. وأما النظر في التوراة للرد على محرفيها والعلم بكيد الكفار وتدبيرهم فهذا فرض على المسلمين وهو من فروض الكفايات التي لا بد أن يقوم بعضهم به وإلا أثموا جميعا . الأصل السادس عشر : فقه الواقع وخصوصيته لولاة الأمور : لما قرر هؤلاء أن فقه الواقع يفرق شباب الأمة ويغرس الأحقاد والأخلاق الفاسدة في أنصاره من بهت الأبرياء والتكذيب بالصدق وخذلانه وخذلان أهله والتصديق بالكذب والترهات وإشاعة ذلك والإرجاف به في صورة موجات عاتية تتحول إلى طوفان من الفتن التي ما تركت بيت حجر أو مدر أو وبر إلا ودخلته . قالوا أن فقه الواقع من واجبات ولاة المسلمين ولا يجوز أن يجند له أهل العلم وطلابه كي لا يزاحموا ولاة الأمور ويركضوا في ميادين لا يعرفون أبعادها وأغوارها لما يترتب على هذه المزاحمة و المنافسة من الأضرار بأنفسهم وأمتهم ما لا يعلم مداه إلا الله فإذا اشتغل طلبت العلم بفقه الواقع قالوا :( إن هذا من إسناد الأمر إلى غير أهله ). الأصل السابع عشر : فقه الواقع مضيعة للوقت مذهبة للجهد ، مأكلة للفائدة : لما قرر أدعياء السلفية أن فقه الواقع من خصائص ولاة الأمور صاروا إلى تقليل شأنه وتسفيه المشتغلين به ، بل اعتبروه أقرب إلى أن يكون من الترف المعرفي الذي شغف به طوائف من مثقفي العصر وعدوه تحريضا خفيا ذكيا على الفكر الإسلامي يكسرون أبوابه كسرا مروعا حتى لكأنما يثأرون لأنفسهم من أصوله وقواعده ووسائله وفروعه ، وأن الدعوة إلى فقه الواقع مقولة جائرة زائفة ، وان السبيل الأحمد لفقه الواقع أن تدع فقه الواقع ليستحكم عندك فقه الواقع فتكون من أعلم الناس وأفقههم بفقه الواقع أو بعبارة أخرى " لنترك فقه الواقع لنفقه الواقع " وما هذا الستار إلا لإخفاء جهلهم في ما يدور من حولهم وتثبيطا لجهاد المسلمين. الأصل الثامن عشر : لا قتال إلا بوجود إمام عام : أراد هؤلاء أن يبطلوا فريضة الجهاد الماضية إلى يوم القيامة فوضعوا شروطا لها لا تتوفر إلا في آخر الزمان ، منها : أن الجهاد لا يفتح بابه ، ولا ترفع رايته ، ولا يدعو إليه إلا إمام واحد - الخليفة - ، وذلك كسائر الحدود والعقوبات . ولما كان هذا في نظرهم غير موجود أصبح الجهاد اليوم عندهم باطلا وانتحارا ، والشهيد اليوم في أرض الإسلام منتحر ( ساع إلى سهم من غضب الله يجأ به في بطنه ) هكذا قالوا !!.وهذا القول كبيرة من الكبائر مخالف لإجماع أهل الإسلام والقرآن والسنة فالجهاد فريضة ماضية إلى يوم القيامة سواء وجد(الإمام)[14] العام أم لم يوجد ... ولم يقل بهذا القول إلا الرافضة قديما والقاديانية حديثا . الأصل التاسع عشر : الجهاد تكليف ما لا يطاق في هذا الزمان ولا إثم في تركه : وبناء على الأصل السابق في تحريم القتال إلا بوجود إمام عام اسقطوا فريضة الجهاد باعتباره من التكايف غير المقدور عليها ، ولا تؤثم الأمة بتركه ، وليس عليها إلا أن تجعل الجهاد حاضرا في نفوس أبنائها ترقب اليوم الذي يهيء الله لها فيه أسبابه فتستجيب لندائه ، فشابهوا بذلك من ينتظر صاحب السرداب ليخلص الأمة ويقيم الجمعة والجماعة والجهاد بزعمهم. الأصل العشرون : أفضل الجهاد اليوم ترك الجهاد ، وأفضل الإعداد ترك الإعداد : انتقل أصحاب هذا الفكر من تأصيل أن الجهاد تكليف ما لا يطاق إلى القول باستحباب تركه وأفضلية تعطيله ، إذ أن سياق الآيات التي جاءت في الجهاد - حسب نظرهم - تفيد أن أفضل الجهاد اليوم هو الإمساك عن الجهاد ، وهذا عندهم من الإعداد الذي توفر فيه الجهود إلى ما هو ممكن ، ومقدور عليه يفتحونها متى يشاءون ويغلقونها متى يشاءون . وليت الأمر وقف بهم عند هذا الحد ، بل تجاوزه إلى تعطيل الإعداد للجهاد ، فقالوا بوجوب الإمساك عن الجهاد حتى يكون الإعداد على تمامه ، وقد يكون من الأعداد ترك الإعداد ، وهذا متفرع من الأصل المتقدم أن الجهاد تكليف ما لا يطاق . الأصل الحادي والعشرون : العمل السياسي تكليف ما لا يطاق : والأصل الحادي والعشرون من أصول هذا الفكر اعتبارهم العمل السياسي أمرا لا يقدر عليه المسلم ولا يطيقه .. وبالتالي لا يشرع عليه العمل فيه ، لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا يكلف العباد في دينهم الذي شرعه لهم ليؤثمهم بالعجز عما يطيقون من فعل المأمورات ، وترك المنهيات ، ولهذا كان من مفاخر السلفية عندهم عدم اشتغالهم بالعمل السياسي. وما ذلك إلا لجهلهم أن من سبل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوض العمل السياسي لئلا تبقى ساحته مسرحا لأفكار العلمانيين والإباحيين ، واللادينيين . الأصل الثاني والعشرون : وجوب مقاطعة واعتزال العمل السياسي : لما أراد هؤلاء عزل الأمة عن واقعها أفتوا بحرمة دخول المسلم الملتزم العمل السياسي أو الاقتراب منه لأنه مصيدة نصبت ليسقط فيها كل من يدنو منها أو يمسها ولو بكلمة ، ولا يدخلها إلا من يضع رداء الغربة على منكبيه لا يلبث أن يخرج مسرعا وإلا ذاق مرارة الهوان . فنادوا بوجوب اعتزال الدعاة إلى الله العمل السياسي بحجة أنه من العبث ، ولا يحسنه إلا من هيئ له وصنع خصيصا من أجله ، واعتبروا أن الاقتراب من السلوك السياسي أو الحوم حوله هو كعمل الفراشة يستهويها الدوران حول النار حتى إذا كلت مالت إلى النار فاحترقت ، وعدوا طريق السلامة اعتزاله ، من ذلك قول أحدهم " ليس من الكيس أن يدع الإنسان الحيس بليس ، بل الكيس أن يأخذ الحيس بالكيس وان يدع ليس ، ومن الكيس أن يعرف أين هو من الحيس ؟ أبعيد منه أم قريب " ... إلى آخر ذلك مما في " كيسهم " من الألغاز والطلاسم . الأصل الثالث والعشرون : العمل السياسي من المحظورات الشرعية وعلى العلماء والدعاة التحذير منه : ومن أجل أصلهم السابق جعلوا مخالطة السلوك السياسي على ما هو عليه الآن محظورا ، ولا وجه فيه من الإباحة لزحزحته عن دائرة المحظورات الشرعية ، فمن خالطه فإنما يخالطه بوزر، ومن تاب منه تاب الله عليه ، فيفرض على العلماء والدعاة والتحذير منه ، فإن تركه للقائمين عليه أولى من أن ينافسهم فيه غيرهم ، لأنه بمجموعه مصادم لأصول العقيدة وفروع الشريعة ، وإن كان لابد من العمل السياسي للمسلم فإنه ينبغي أن لا يجاوز التصور النظري المحض فإن تجاوزه فإنما يجاوزه إلى التعبير عنه بالكلمة الواعية ، وكل ذلك لأن الجماعات الإسلامية قد أعطت الجانب السياسي الأهمية البالغة فحولت اندفاع الناس من طلب العلم الشرعي إلى العمل السياسي والتهريج . والحقيقة أن ذلك دعوة خطيرة للعلمنة وفصل الدين عن الدولة فما لله لله وما لقيصر لقيصر بمعنى اتركوا البلاد للحكام ، ولعلماء الدين المساجد .[15] الأصل الرابع والعشرون : أساليب الدعوة ووسائلها توقيفية : لما أراد هؤلاء أن يبطلوا جماعات الدعوة إلى الله فإنهم وضعوا أصلا فاسدا يقول :" إن أساليب الدعوة ووسائلها توقيفية " وذلك لإبطال ما لا يرون من الأساليب والوسائل وتحليل ما يرون منها وما يملي عليهم أشياخهم . والحال أن الوسائل والأساليب ليست توقيفية لأنها ليست من أمور الغيب وفرائض الدين ، فلم يتعبدنا الله بأسلوب معين للدعوة ، ولا بوسيلة خاصة ، وقد تعارف المسلمون في عصورهم المختلفة على أساليب ووسائل غير منحصرة كالدروس المنظمة ، والإجازات الشرعية ، والمدارس والجامعات ، وطبع الكتب والمجلات ، وكذلك استخدموا الإذاعة والشريط و التلفاز ، وكذلك الجماعة الدعوية ، وجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والحسبة ، وبعض ذلك لم تنص عليه نصوص خاصة في الكتاب والسنة . الأصل الخامس والعشرون : لا عمل لنصر الإسلام : الدعوة التي خصص هؤلاء أنفسهم لها وفرغوا أعمالهم من أجلها هي أن يهدموا الدعاة إلى الله ويشينوهم ويسبوهم ويجرحوهم ... هذا هو جهادهم وعملهم لنصر الدين وإعلاء كلمته في العالمين.ولا أخالي مخطأ إن قلت أن الحسد الدفين هو دافعهم لذلك كله ، إن لم يكن بريق الدينار والدرهم . الأصل السادس والعشرون : النميمة للسلطان أصل من أصولهم : فتراهم يستعينون بسوط السلطان لإسكات مخالفيهم بدلا من الحجة والبرهان.لا يتورع القوم عن تأليب السلطان على مخالفيهم في القضايا الاجتهادية ، وذلك من خلال تصوير هؤلاء المخالفين بأنهم خطر على الدولة وبالتالي يجب اقتلاعهم ، ومن هؤلاء من كتب مؤلبا في صفحات الجرائد العامة. ومنهج السلف مع السلاطين معروف ، فهم يتجنبون أبواب السلطان ، وإن كان عادلا مقسطا إتباعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أتى أبواب السلطان افتتن ) ، فكيف إذا كان يعمل بالنميمة ويرسل التقارير والأشرطة المسجلة ، ليصطاد عبارة موهمة ، أو يتجسس على شيخ ليتقرب بدمه عند السلطان . وقال الثوري : ( إذا رأيت العالم يكثر الدخول على الأمراء فاعلم أنه لص ). وهؤلاء لا سلف لهم في أسلوبهم التحريضي إلا المعتزلة أيام المأمون والمعتصم حين استعانوا بسوط السلطان على أهل السنة ، وحكايتهم مع الإمام أحمد مشهورة معلومة . الأصل السابع والعشرون : تقديم هدم دعاة السنة على أهل الفرق : الأصل السابع والعشرون للطائفة التي اتخذت سب الدعاة إلى الله دينا : أن أهل البدع الكبرى كالرفض والتجهم والإرجاء واللادينيين، يقولون عنهم : هؤلاء معروف أمرهم ، ظاهر فعلهم ولذلك فلا يجوز أن ننشغل بهم بل يجب أن ننشغل بالدعاة إلى الله لنبين أخطاءهم لأنها تخفى على الناس . فنعوذ بالله من الخذلان عن طريق الحق ، نسأله جل وعلا ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا .فانظر كيف عمى هؤلاء عن حرب المحاربين للإسلام وانشغلوا بحرب أولياء الرحمن والدعاة إلى الله !! ونهش لحومهم وتفضيل جهادهم بدلا من مؤازرتهم والنصح لهم ، وتسديد أخطائهم .. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . الأصل الثامن والعشرون : إطلاق وصف الضال المضل على دعاة هدى : استسهل هؤلاء إطلاق الألفاظ الكبيرة العظيمة ومن ألفاظهم التي تسهل على ألسنتهم إطلاق وصف " الضال المضل " و " الخبيث " على دعاة الهدى والخير من أهل السنة والجماعة . وإطلاق هذا الوصف على من لا يستحقه كبيرة من الكبائر ، ولا شك أن مثله يعود على قائله نعوذ بالله من الخذلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . الأصل التاسع والعشرون : سب الدعاة قربة إلى الله وعمل صالح أفضل من الصلاة والصوم: الأصل التاسع والعشرون من أصول هذا الفكر هو التعبد لله بسب الصالحين وشتمهم ولعنهم . فالمسلم الداعية الذي يمكن أن يكون قد أخطأ تأولا أو جهلا يصبح وقوعه في هذا الخطأ الاجتهادي سببا في استحلال عرضه بل دمه . وقائمة السباب عند هؤلاء الجراحين طويلة فـ " الخبيث " ، و " الخنيث " ، و " الزنديق " ، و " المبتدع " وأوصاف سهلة على ألسن هؤلاء الجراحين يقولونها في كل مناسبة ، ويطلقونها على الصالحين من عباد الله دون أي تأثم أو مراجعة للنفس ، بل بصدر منشرح ، ويظنون أن هذا أرجى أعمالهم عند أعمالهم عند الله : ( إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) [النور15[ الأصل الثلاثون : إنزالهم الآيات النازلة في الكفار على المسلمين : هذه الفئة التي اتخذت سب المسلمين دينا أرادت أن تستدل لمنهجها في تجريح أهل الإسلام وتبديعهم وتفسيقهم واستباحة أعراضهم ، ووجوب مفارقة الصالحين منهم وهجرهم ، وتعطيل دعوتهم ، أرادت أن تستدل لهذا المنهج الفاسد من القرآن، فاستدلت بالآيات النازلة في الكفار ، وأن الرسل جاءوا للتفريق بين الأب وأبيه والزوج وزوجته ، والأخ وأخيه ، ويستدل بعضهم في دروسه بأن محمدا صلى الله عليه وسلم قد جاء فرقا بين الناس أو قد فرق بين الناس ، ويجعلون هذا الحديث دليلا على وجوب التفريق بين المسلمين ، فالسلفي غير الإخواني غير التبليغي ... ويعقدون الولاء والبراء بين السلفيين وهؤلاء ، كما هو الولاء والبراء مع الكفار ..!! فلا حول ولا قوة إلا بالله . والحديث في التفريق بين المؤمن والكافر يحملونه على وجوب التفريق بين مسلم وآخر ، ويستدل بعضهم بقوله تعالى : ( ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون ) [النمل 45] أن صالحا جاء ليفرق بين قومه . ويرى هذا المستدل بهذه الآية أنه عندما يفرق بين مسلم و مسلم !! فهو تابع لصالح عليه السلام في تفريقه بين المؤمنين والكافرين . فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .[16] الأصل الحادي والثلاثون : الهم الأول جمع مثالب الدعاة من أجل التنفير عندهم : جعل هؤلاء الجراحون همهم الأول في الدعوة إلى الله هو الوقوف على أخطاء الدعاة ، وجمع مثالبهم ، وحفظ سقطاتهم برقم الصفحة ، ونص كلامهم والاهتمام بنشر هذه المثالب والسقطات بقصد تنفير الناس منهم لا بقصد تحذير الناس من الوقوع فيها ، أو النصح لمن وقعوا فيها ، وإنما بقصد أن ينفروا الناس عن الداعي إلى الله ويبطلوا جميع جهاده وكل حسناته ، ويهدموا كل ما بناه ، ويحرموا المسلمين من جميع مؤلفاته وعلمه ولو كان نافعا صالحا . وهذا تخريب عظيم وسعي للإفساد في الأرض ، فلو أن ساعيا سعى في جميع مثالب الأئمة والفقهاء لوجد الكثير ، ولو أن جامعا جمع سقطات الفقهاء لجمع شيئا لا يحصى ، وقد قال سليمان التيمي :( لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله ) ، قال ابن عبدالبر معقبا : ( هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا ) [جامع بيان العلم وفضله 291-92[ ولا يوجد عالم لم يتكلم فيه ، ولو تذكر له جرحة أو سقطة إلا من رحم الله !! وهؤلاء الجراحون أنفسهم لو جمع جامع بعض سقطاتهم وزلاتهم من شريط أو شريطين أو كتاب أو كتابين أو محاضرة أو محاضرتين لكفت في إسقاط عدالتهم ، وتبديعهم وتكفيرهم على حسب أصولهم الفاسدة في التبديع والتفسيق والتجهيل والتكفير وهم يدعون أن الخطر الذي يتهدد الوجود الإسلامي في الأرض اليوم على أيدي هذه الفرق والطوائف الضالة أشد بكثير جدا من الخطر الذي يتهدده على أيدي الأعداء الصرحاء من اهل الشرك والمذاهب المادية ، إذ أن هذه الفرق والطوائف تدعي الإسلام ، ويحسبها غير المسلمين على الإسلام وهي في حقيقتها سوس مكين يسري في جذوع الإسلام وفروعه ، في الوقت الذي يتغافلون فيه عن أهل الكفر والبدع الظاهرة لعجزهم عن مواجهتهم . الأصل الثاني والثلاثون : اعتبار الدعاة أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى واللادينيين : هذا وهو الوصف الذي يطلقه أصحاب هذا الفكر على الدعاة إلى الله ، وجماعات الدعوة والقائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والذين يأمرون بالقسط من الناس فهؤلاء المصلحون المجتهدون في إصلاح أحوال هذه الأمة يصفهم هؤلاء بأن دعوتهم وأمرهم بالمعروف وقيامهم بالحق أخطر على أمة الإسلام من اليهود والنصارى ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، وإنا لله وإنا إليه راجعون . الأصل الثالث والثلاثون : يجب تقديم حرب الدعاة إلى الله على حرب اليهود : لما كان هؤلاء يرددون ويعتقدون أن الدعاة إلى الله هم أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى فإنهم من أجل ذلك قدموا حربهم على حرب اليهود والنصارى وقالوا إن الواجب كشف عوار هذه الفرق - الجماعات - وبيان ضلالها والتحذير من آثامها وخطرها ، وتعرية دعاتها و رؤوسها ، وصرف قلوب الناس وعقولهم عنها ، بل رأوا أن التصدي لجماعات الدعوة مقدم على التصدي للكفار والمنافقين والعلمانيين واليساريين ، بجميع أشكالهم . وهذه هي علة الخوارج قديما وحديثا كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان)البخاري [17]3344. الأصل الرابع والثلاثون : اتهام النيات بلا دليل : الأصل الرابع والثلاثون عند هؤلاء أنهم لا يكتفون بالحكم على الظاهر ، فلقد أحرجهم الذين ظاهرهم الصلاح والدعوة إلى السنة والخير ، ولما اجتهدوا فلم يجدوا جرحة كبيرة يهدمون بها من يريدون هدمه فإنهم اتهموا نياتهم وقالوا " ما دعوا إلى السنة إلا لهدمها " و " ما التزموا بالسلفية إلا لحربها " . ومن أجل ذلك كان أخذ الناس بالظنة ، واتهامهم بلا بينة راجحة سمة من سمات منهجهم الكاسد . الأصل الخامس والثلاثون : جعلهم الخطأ في المسائل العلمية التي يقع بها بعض الدعاة اعظم منه في المسائل العملية مطلقا : لقد جعل هؤلاء الجراحون الخطأ في المسائل العلمية التي يقع بها بعض الدعاة أعظم من الخطأ في المسائل العلمية مطلقا . ولهذا فإنهم لا يعدون جرائم الحكام الطغاة في الشعوب الإسلامية ، وما يقترفونه من فساد وإفساد وصد عن سبيل الله، لا يعدون ذلك شيئا لظنهم أنه لا يعدو أن يكون فسقا عمليا ، بينما يعظمون الشنعة على داعية وقع في خطأ في مسألة علمية و يملئون الدنيا عويلا وتشهيرا . وربما استدلوا بقول بعض أهل العلم ( البدعة شر من المعصية ) وهو ليس على إطلاقه ، فإن الخطأ قد يكون نسبيا بحسب اختلاف الاجتهاد ، وقد يكون فاعله مثابا وإن كان مجتهدا وإن ظنه غيره بدعة ، وقد يكون متأولا . فلا يكون الداعي إلى إفساد المسلمين ونشر الربا والزنا وغيرها من كبائر الفواحش والعظائم بينهم بالدعوة إلى ذلك بالوسائل المرئية والمسموعة فضلا عن السماح بنشر بدع الإلحاد والضلال والمذاهب الهدامة عبر الصحافة وغيرها ، أهون ذنبا من داعية صالح وقع متأولا فيما يعد بدعة عند غيره . [18] الأصل السادس والثلاثون : إنزالهم أنفسهم منزلة أئمة أهل السنة الكبار في تبديع مخالفيهم: ومن ذلك استدلالهم بكلام الثوري و الأوزاعي في تبديع أحد الأئمة المشهورين على جواز ما يفعلونه من تبديع وتضليل لمخالفيهم ، وهو بلا ريب قياس مع الفارق فإنما ساغ ذلك للثوري وغيره من أئمة السلف بسبب ما أوتوه من علم وعمل وقبول بين الناس ، وشتان ما بين أحوال أولئك الأئمة وأحوال هؤلاء الطائشين المتعجلين . الأصل السابع والثلاثون : لا يذكر للدعاة والمفلحين إلا سيئاتهم : الأصل السابع والثلاثون من أصول البدعة عند هؤلاء هو أنهم لا يذكرون للدعاة والمصلحين ومن يريدون هدمهم من أهل الخير إلا سيئاتهم فقط ، وذلك بهدف التنفير منهم وإبعاد الناس عنهم وتحذير طلبة العلم منهم والملتزمين والعوام من الاستماع إليهم ، ويسمون منهجهم هذا منهج أهل السنة في النقد .وهذا على الحقيقة هو منهج المبتدعة والرافضة الذين لا يذكرون إلا ما يظنونه من أخطاء الصحابة أو مثالبهم ويتعامون عن حسناتهم وبلائهم وجهادهم ، ولا يذكرون لأهل السنة والجماعة إلا أخطائهم لقصد تنفير الناس عنهم ، وهؤلاء أخذوا منهج الروافض وشرعوا يحذرون الناس من الدعاة إلى الله والمصلحين وأهل الخير لتلمس أخطائهم والبحث عن هفواتهم وتصيد زلاتهم ، ومن ثم تحذير الناس منهم بدلا من النصح لهم والدعاء لهم بالخير وتنبيههم إلى ما أخطأوا فيه ليحذروه ويبتعدوا عنه و تأيدهم فيما قاموا به من نصرة الحق وعزة الدين ونشر الإسلام . بل هؤلاء الجراحون يبطلون جميع حسنات الدعاة حتى وإن كانت جهادا في سبيل الله ويرون أن صلاتهم وصيامهم وحجهم وعبادتهم لا تنفعهم عند الله لوقوعهم في هذه الأخطاء القليلة التي لا تخرج من الإسلام ولا تدخل في بدعة فإنا لله وإنا إليه راجعون . الأصل الثامن والثلاثون : استعمالهم الألفاظ المجملة : استعمالهم الألفاظ المجملة في الذم ليتوهم السامع الساذج معنى مذموما ويسلم لهم مرادهم مثل استعمالهم كلمات " التهييج " و " التلميع " و " التمييع " .. الخ . وذلك كشأن أهل البدع في استعمال لفظ " الجهة " ، أو " الجسم " ، و " التركيب " ، وهم يريدون معاني خاصة بهم ، كذلك طائفة الجراحين يريدون :بالتهييج : إنكار المنكر .بالتلميع : الثناء على من وقع في بدعة فيما أحسن فيه ، كما كان يفعل علماء الإسلام من عصر الصحابة إلى أن خرجت هذه الطائفة العجيبة، بالتمييع : إحسان الظن فيمن أخطأ والتماس العذر العذر له . وهذا كله حق كما ترى لكنهم يلبسونه ألفاظا مجملة مطلقة للإفساد و التخبيط . وقد قال ابن القيم : فعليك بالتفصيل والتمييز فالإ * طلاق والإجمال دون بيان قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الأ * ذهان والآراء كل زمان ومن هذا أيضا استعمالهم كلمة " المنهج " بلا إضافة تعين المراد ، وذلك لأن كلمة المنهج هكذا بإطلاق تخوف السامع الساذج ، فيرتاع من مخالفة ما يقولون ، وهذه خدعة يحسنها أهل البدع والتلبيس ، فإن " المنهج " كلمة تعرف بالإضافة ،فإن كان المقصود " منهج العقيدة " ، فهو الأصول التي أجمع عليها السلف والقواعد الكلية التي بها فهموا الكتاب والسنة ، وفارقوا الفرق الضالة ، وهي قضايا علمية وأصول كلية ثابتة معلومة ، ومخالفتها خطرا عظيم وبدعة شنيعة. وإن كان المقصود " منهج الاستدلال " في أصول الفقه و فروعه ففي بعض ذلك خلاف معروف مثل الخلاف في الإجماع الذي يحتجوا فيه ، والقياس، وشرع من قبلنا، وغير ذلك من القضايا المذهبية التي اختلف فيها السلف ولا تخرج المخالف المخطأ من أهل السنة . وإذا كان هناك ثوابت في منهج الاستدلال مخالفتهما بدعة شنيعة . مثل ذلك بعض الخلاف في الاستدلال بالحديث مثل اشتراط اللقيا و الاحتجاج بالمرسل و مجهول الحال وتسامح بعض السلف في رواية الضعيف في الترغيب والترهيب ، ونحو ذلك من الأمور المذهبية التي جرى فيها خلاف بين أهل السنة ولا يخرج المخطأ فيها من أهل السنة . وإن كان المقصود " منهج الدعوة " ، فالأمر أكثر سهولة ويسرا لأن منهج الدعوة منه ما هو ثابت كالانطلاقة من الأصول التي أجمع عليها السلف وتقديم العقيدة والعناية بالسنة ونبذ البدعة ومنه ما هو يتغير بتغير الزمان والمكان والمدعوين كدخول المجالس النيابية والعمل الجماعي المنظم ونحو ذلك مما قد يصلح أن يكون منهجا للدعوة في بلد دون بلد وزمن دون زمن . والمقصود أنه لابد من التفصيل والتبيين والحكم على المسائل بعلم .. أما إطلاق كلمة " هذا المنهج " ، " يخالفنا في المنهج " ، " منحرف عن المنهج " ، " ليس على المنهج السلفي " فهو سبيل أهل البدع .. والله المستعان[19] . الأصل التاسع والثلاثون : اختراعهم قول " ليس على منهج السلف " أو " ليس على منهج أهل السنة والجماعة " وكأنهم ورثوا عرش السلفية دون غيرهم : اخترع هؤلاء الجراحون هذه العبارة " ليس من منهج السلف " وهي عبارة مجملة ترقى عنهم إلى التكفير والإخراج من أهل السنة والجماعة ، والفرقة الناجية ويطلقون هذه الكلمة على مجرد مخالفة يسيرة في أمر اجتهادي يسوغ فيه الخلاف ، كالمشاركة في المجالس النيابية ، بقصد الإصلاح ودفع الشر ، وكالقول بأن وسائل الدعوة ليست توقيفية . وهذه الكلمة كلمة كبيرة ، واصطلاح خطير لأنه أدى بكثير من هؤلاء الجراحين إلى التكفير بغير مكفر ، والتبديع بغير مبدع للمسلمين الذين يؤمنون بالقرآن والسنة ولا يخرجون على إجماع الأمة ويعتقدون عقيدة السلف في الإيمان بالأسماء والصفات وسائر أمور الغيب ولا يقدمون قول أحد على قول الله ورسوله ، ولكنهم قد يخالفون هؤلاء في أمر فرعي اجتهادي يسوغ فيه الخلاف .فيطلق عليهم هؤلاء هذه الكلمة الكبيرة " ليس من منهج السلف " و " ليس من أهل السنة والجماعة " وهذه الكلمة لا تطلق إلا على من وضع أصولا تخالف أصول أهل السنة كإنكار السنة أصلا أو الدخول في بدعة عقائدية كالخروج والرفض والإرجاء والتجهم والقدر ، أو تقديم العقل والهوى على النصوص من القرآن والسنة ، أو الفصل بين الدين والسياسة ونحو ذلك من البدع العقائدية التي تهدم الدين أو جزءا منه . الأصل الأربعون : استخدامهم سلاح هجر المبتدع ضد المسلمين المصلحين : [20] هجر المبتدع وسيلة شرعية للإصلاح تخضع للمصالح والمفاسد وهو من أصول أهل السنة والجماعة ، وقد استخدمه أهل السنة لمحاربة البدعة وتقليل ضررها وشرها والتحذير من أهلها ، وقد وضع أهل السنة والجماعة ضوابط لذلك ومنها : أن الحكم على المبتدع متروك للأمة الأعلام الذين يميزون بين السنة والبدعة فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - أنفسهم يرجعون إلى العلماء منهم قبل الحكم على أمر جديد ، كما رجع أبو موسى الأشعري إلى ابن مسعود لما رأى في المسجد أناسا متحلقين وفي وسط كل حلقة كوم من الحصى ، وعلى رأس كل حلقة رجل يقول لهم سبحوا مائة فيسبحون كبروا مائة فيكبرون ، فلم يتعجل أبو موسى الحكم عليهم حتى سأل ابن مسعود في ذلك . [رواه الدارمي 208[. وكذلك رجع الناس إلى ابن عمر لما نشأ القدر ، ورجعوا إلى علي بن أبي طالب لما ظهر الخوارج وهكذا .ومن أصول أهل السنة أن الهجر للتأدب وأنه يختلف بحسب قوة الهاجر وضعفه وأنه لتحقيق مصالح شرعية وان المصلحة الشرعية إن كانت في المخالطة وجب المصير إليها .وبالجملة فالهجر الشرعي لا يكون إلا لتحقيق مصالح شرعية عظيمة . وهؤلاء الجراحون استخدموا الهجر سلاحا لقتل الإسلام ، وتفريق المسلمين فجعلوا كل صغير لم يصل الحلم جراحا وحاكما على الناس بالبدعة والسنة ، وأمروا بهجر كل الدعاة والجماعات ، وكل من أخطأ خطأ في نظرهم ... فلم يبق أحد من المسلمين من أهل السنة والجماعة - إلا من رحم الله - إلا استحق عندهم الهجر . ثم كروا على أنفسهم فبدع بعضهم بعضا وهجر بعضهم بعضا وهكذا ارتد سلاحهم عليهم ... وبهذا حول هؤلاء الجراحون سلاح هجر المبتدع الذي استعمله أهل السنة في محاربة البدعة إلى سلاح يحاربون به الإسلام والسنة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . الأصل الحادي والأربعون : حملهم أقوال السلف في التحذير من أهل البدع على الدعاة المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة : من عظائم هؤلاء أنهم أخذوا نصوص السلف في التحذير من أهل البدع ووضعوها في غير مواضعها ، فقد أطلقوها على أناس صالحين من أهل السنة والجماعة . وعلى أساس منهجهم الفاسد في أن ( كل من وقع في البدعة فهو مبتدع ) فإنهم أخرجوا أناسا كثيرين من أهل السنة والجماعة لم يكونوا دعاة لبدعة وإن كانوا قد تلبس ببعضهم بها خطأ ، وتأولا كالحافظ ابن حجر والإمام النووي من الأئمة الأعلام رحمهما الله ، وغيرهما .ولما رأى بعضهم خطورة ذلك وأنهم ربما يبدعون بذلك عددا كبيرا من علماء الأمة رجعوا عن تبديع هؤلاء الأقدمين ، واستمروا في تبديع الدعاة المعاصرين ، علما أن هؤلاء الدعاة وقعوا في بعض الأخطاء التي لا تخرجهم من عموم أهل السنة والجماعة ، وهي أهون مما وقع فيه الحافظ ابن حجر والإمام النووي رحمهما الله . ومنهم من اتخذ التقية ، دينا فكان يبدع هؤلاء الأقدمين سرا أو أمام خاصته ، وينفي عنهم البدعة علنا . فنعوذ بالله من الخذلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالرحمن . فهلا اتبع هؤلاء قواعد أهل السنة والجماعة في التبديع بدل من اعتناقهم قواعد تصل بهم أن يبدعوا سلف الأمة جميعا ، بل لو طبقوا هم قواعد التبديع التي اخترعوها على أنفسهم حسب موازينهم لكانوا من شر أهل البدع !!! الأصل الثاني والأربعون : امتحان الدعاة إلى الله بالموقف من بعض أهل العلم : لما بدع هؤلاء جماعة من الدعاة وأهل العلم من غير مبدع حقيقي ، اضطروا بعد ذلك إلى امتحان الناس بتحديد الموقف ممن بدعوه ، فمن لم يقل بقولهم أخرجوه من السلفية ، ومن قال بقولهم فهو السلفي الحقيقي عند هؤلاء القوم . وبذلك أصبح للسلفية مقاييس خاصة عند هذه الطائفة ، مع العلم أن شيخ الإسلام قد حذر في رسالته لأهل البحرين من اتخاذ بعض المسائل - عن رؤية الكفار لربهم يوم القيامة - محنة وشعارا حيث قال في رسالته : ( ومنها أنه لا ينبغي لأهل العلم أن يجعلوا هذه المسألة محنة وشعارا يفصلون بها بين إخوانهم و أضدادهم فإن مثل هذا مما يكره الله ورسوله ). الأصل الثالث والأربعون : اتهامهم مخالفيهم من الدعاة بالتكفير : هذا الأصل يستخدمه أتباع هذه الطائفة سلاحا في محاربة من يخالفهم من الدعاة والمصلحين . فيتهمون الدعاة بالفئة الضحضاحة التي لا تجد راحة صدورها في إطلاق لقب الجاهلية أو كلمة الكفر على ألسنتها ، تحكم بهذه أو بتلك على مجتمع كل ملايينه مسلمون .ويتهمون أتباعهم بالتعطش للحكم على الناس بالتكفير والنفاق ، ووصف المجتمعات الإسلامية بالمجتمعات الجاهلية وبالانسلاخ الكامل من الدين . الأصل الرابع والأربعون : تركهم الحق إذا جاء ممن خالفهم : ومن أصولهم الفاسدة تركهم الحق ، لأن من يخالفهم يقول به أو يفعله ، ويجعلون ذلك دليلا على معرفة الحق ، ولهذا يحكمون على القول أو الفعل بأنه باطل لأن " الأخوان المسلمون " يفعلونه أو يقولونه أو " جماعة التبليغ " أو غيرهم . ولهذا يقول قائلهم هذا " منهج الأخوان " أو هذا " منهج التبليغ " إذا أراد أن يستدل على الخطأ في مسألة ما ، وهذا نظير فعل الرافضة مع أهل السنة ، فإنهم يقولون ( إذا لم تعرف دليلا على مسألة ما فخالف أهل السنة تصب الحق فيها ) ، وفعلهم هذا يدل على أن غيرهم لا يكون فيه خير ، والحق لا يكون إلا معهم ، فكأنهم هم فقط الذين جمعت فيهم خصال الخير وعلم الحق كله . الأصل الخامس والأربعون : موقفهم المتناقض من فتاوى أئمة أهل السنة والجماعة : إذا وجد هؤلاء فتوى لأحد من علماء السنة - قديما وحديثا - يشتم منها رائحة الموافقة لبعض آرائهم طاروا بها فرحا ، وألزموا الناس بها من باب توقير أهل العلم والرجوع إلى أقوالهم ، وربما ظهرت فتوى لبعض العلماء تخيء اجتهاد بعض المشايخ في مسألة ما لا تتفق مع مذهبهم ، وفي هذه الحال يلزمون ذلك الشيخ بالنزول عن رأيه والرجوع إلى رأي العلماء دونما نظر لأدلة الطرفين وحججهم وما يجب صنعه في مثل هذه الاختلافات . أما إذا جاءت الفتوى ناسفة لأصولهم الكاسدة كمشروعية العمل الجماعي ، أو المشاركة بالبرلمانات النيابية ، فإنهم يردونها ولو كانت من نفس العالم الذي طبلوا من قبل لفتاويه الأخرى . ويظهرون في هذا الموقف بوجه سلفي أثري يدعو إلى نبذ التقليد ، وعدم الجمود على أقوال العلماء ويحدثونك عن منهج الاستدلال عند السلف .. الخ من كلامهم المعهود ، فنعوذ بالله من اتباع الهوى . الأصل السادس والأربعون : تربية الصغار على الثلب والشتم والتجريح : الأصل السادس والأربعون من أصول الابتداع عند هؤلاء هو تعليم صغار طلاب العلم والمبتدئين سب الناس وتجريحهم قبل أن يعرف الشاب المبتدئ أركان الأيمان ، وأصول الأخلاق ، وأحكام العبادات ... فهم يبدأون مع الشاب الذي بدأ في الالتزام والهداية فيعلمونه أن فلانا أخطأ في كذا ، وابتدع كذا ، وهذا العالم زنديق لأنه قال كذا ، وذاك ضال لأنه فعل كذا . وهذه أمور تضره في دينه وتقسي قلبه ، وهم مع ذلك يوهمونه أنه بذلك يكون كإمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل ، والناقد الخبير يحيى بن معين ، وأئمة الجرح والتعديل الذين جلسوا لتمييز الرواة ، وجرح المجروحين ، والذب عن الدين ... فلا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين . ما أفسد هذا القياس فعلماء الجرح والتعديل كان همهم تصنيف الرواة لمعرفة من يروي عنه ممن لا تجوز الرواية عنه ، أما هؤلاء فهمهم تجريح علماء الإسلام والدعاة لتنفير الناس عنهم . وإمام أهل السنة أحمد بن حنبل وغيره من الأعلام لم يجلسوا لتصنيف الرواة إلا بعد أن أصبحوا في مرتبة الأئمة الأعلام الذين يستطيعون وزن الناس وتصنيفهم ، أما حدثاء الأسنان هؤلاء فأغرار صغار لا يعرف كثير منهم الفرق بين سنة وبدعة ، ولا يستطيع ترجيح قول على قول ، ولا يميز بين ركن وواجب ، ولا يدري مصلحة من مفسدة فضلا عن أن يميز بين مفسدتين ، أو يفاضل بين مصلحتين.[21] الأصل السابع والأربعون : إلغاء توحيد الحكم من التوحيد : لما كانت حركة الابتداع الجديدة هذه تقوم في بعض جوانبها على مناصرة الحكام أيّا كانوا ، وإبطال فريضة الجهاد وبعض صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتشويه صورة كل داع إلى الحكم بشريعة الله . فإنهم عادوا المطالبة بتحكيم شرع الله في الأرض واعتبروا ما اصطلح على تسميته " بتوحيد الحاكمية " ابتداعا في الدين ، وأنه لا يوجد نوع من التوحيد يسمى " توحيد الحاكمية " ، وأن الأولى أن يدرج في أبواب الفقه . وجهل هؤلاء أن الصحابة أنفسهم لم يقسموا التوحيد اصطلاحا إلى ربوبية وألوهية والأسماء والصفات ، وإنما هذا اصطلاح حادث ، وهو حق لأن كفار قريش فرقوا في الإيمان بالله بين كونه سبحانه وتعالى ربا وخالقا ومدبرا للكون ، وبين كونه الإله الذي لا إله غيره سبحانه تعالى والذي لا يستحق سواه أن يعبد.فاصطلح على تسمية ما أقروه من الإيمان بالله " بالربوبية " ، وما أنكروه من مسائل الإيمان بالله " بالألوهية " ... ولما جاء من المسلمين من فرق بين صفة لله وصفة أخرى وآمن ببعض أسماء الله وصفاته وكفر ببعضها ، فإن علماء أهل السنة سموا الإيمان بكل أسماء الله وصفاته " توحيد الأسماء والصفات " وذلك ليبينوا أن هذا داخل في مسمى الإيمان بالله سبحانه وتعالى فأصبح الإيمان الحق بالله جل وعلى مشتمل على الإيمان بكل ما وصف به نفسه وكل ما وصفه به رسوله . والآن لما نشأ في المسلمين من قال نؤمن بالله ربا وإله ، ولا نؤمن به حاكما في شؤوننا الدنيوية ، بل ننظم أمورنا الدنوية كما نشاء ، ونادوا بفصل الدين عن الدولة كما يقولون ، وبفصل الدين عن الشؤون السياسية والاقتصادية ، فإن علماء الإسلام ردوا هذه البدعة الجديدة و التي سميت باللادينية أو العلمانية ، وبينوا أنه لا إسلام إلا لمن آمن بأن الله سبحانه وتعالى حاكما وأن الحكم له سبحانه وتعالى .وليس هذا بدعا في الدين أو ابتداعا في الإيمان والتوحيد ، بل إن من أركان التوحيد إفراد الله عز وجل للحاكمية وتقديم حكم الله ورسوله وطاعة الله ورسوله على طاعة وحكم كل أحد ، والإيمان بأن الحكم لله وحده وأن من رضي مختارا بحكم غيره في أي شأن من الشؤون فهو كافر بالله كما قال تعالى : ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ) [النساء 60 [ .وفي آخر هذه الآيات ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) [النساء 65[ .ولقد جاء من هؤلاء المبطلين من يزعم أن توحيد الحكم ليس من التوحيد ، وأن الحكم بغير ما أنزل الله إنما هو " كفر دون كفر " هكذا على إطلاقه ! دون تفريق بين من جعل حكم البشر أفضل من حكم الله أو مساويا لحكم الله ، ومن أخطأ أو تأول أو حكم بقضية واحدة بغير ما أنزل الله . وبإطلاقهم القول أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر دون كفر ، هونوا على الناس التحاكم إلى غير شريعة الله والرضا بغير حكم الله ، وأعطوا المبدلين لشرع الله صك شرعي في أن ما يفعلونه من حرب شريعة الله إنما هو معصية لا تخرجهم من الإسلام . فنعوذ بالله من الخذلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي المنان . الأصل الثامن والأربعون : لا كفر إلا بالتكذيب : وهو قول بعضهم أن الكفر لا يكون إلا بالتكذيب ، وهو بعينه قول جهم بن صفوان وبشر المريسي وابن الرواندي والصالحي ، وغيرهم من الجهمية ، ولهذا لما طبقوا هذا الأصل على الواقع صار حكم من نبذ الشرعية كلها وحكم بقوانين الكفار بحذافيرها وحارب من يدعو إلى تحكيم الشريعة وبالغ في أذاهم وتشويه دعوتهم أنه لا يكفر لأن الكفر لا يكون إلا بالتكذيب . وكذلك من فتح الباب للأحزاب العلمانية الكافرة وأنشئ لها هيئات ومؤسسات ومجالس ومؤتمرات وصحف تدعو بها إلى أفكارها وترغب الناس فيها وتسخر من الدين وتستهزأ بشعائره أنه لا يكفر . واعلم أن هؤلاء المساكين لما أرادوا تهوين جرائم كفرة الحكام وطمعوا أن يرضوهم تعلقوا بمذهب المرجئة الباطل في الإيمان و طبقوه على هؤلاء الحكام . ومذهب المرجئة هذا مبني على أن جنس الأعمال من كمال الإيمان ، وليس ركنا من أركانه كما تقول أهل السنة[22] ، فأهل السنة جنس العمل عندهم يزول الإيمان بزواله ، ولا يزول بزوال بعض العمل كما تقول الخوارج والمعتزلة. أما المرجئة فلا يزول الإيمان وإن زال جميع العمل ، لأن الكفر لا يكون إلا بالتكذيب ، لأن الإيمان هو التصديق فيكون ضده هو التكذيب لا غير . وأهل السنة الإيمان عندهم هو التصديق والعمل والكفر يكون بالتكذيب وبغيره ، كالتولي عن الطاعة وترك العمل بالكلية ، وعند بعضهم ترك الصلاة بمنزلة ترك العمل بالكلية . قال ابن تيمية : ( وقد تبين أن الدين لابد فيه من قول وعمل وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله بقلبه ولسانه ولم يؤد واجبا ظاهرا ولا صلاة ولا زكاة و لا صياما وغير ذلك من الواجبات ).وقال : ( ومن قال بحصول الإيمان الواجب دون فعل شيء من الواجبات سواء جعل فعل تلك الواجبات لازما له أو جزء منه - فهذا نزاع لفظي - كان مخطأ خطأ بيناً ، وهذه بدعة الإرجاء التي أعظم السلف والأئمة الكلام في أهلها ، وقالوا فيه المقالات الغليظة ما هو معروف ) [مجموع الفتاوى 7/621.[ الأصل التاسع والأربعون : لا سبيل لإعادة الدين إلى الدولة : لما ألغى هؤلاء اعتبار توحيد الحاكمية من أنواع التوحيد وعدوه بدعا في الدين صاروا إلى رفع شعار اللادينية " دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله " ... واعتبروها كلمة حكيمة تصلح لزماننا ، وذلكم أنهم يعتقدون أن الإنفصام بين الدين والدولة صار أمرا مقضيا لا مرد له ولا طاعن عليه ولا محيد عنه .ولعمر الله لا أدري ما أبقوا للعلمانية إذن !!. الأصل الخمسون : وجوب السكوت عن انحراف الحكام : من الأصول الفاسدة التي يتبعها هؤلاء إبراز أصل أهل السنة والجماعة في وجوب السمع والطاعة للإمام المسلم ما لم يأمر بمعصية والصبر على ظلم الحاكم مادام أنه مجاهد في سبيل الله ، مدافع للأعداء الإسلام ووجوب الصلاة خلفه وعدم الخروج عليه إلا في كفر بواح ، وهذا كله حق . ولكن الوجه الآخر كذلك هو وجوب النصح لهذا الإمام وقول كلمة الحق له ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليه ، وجهاد الكفار ورعاية مصالح الأمة فرض عليه وقبل هذا وذاك ، فالحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى في الكبير والصغير فرض عليه . إن الحاكم والمحكوم طرفا عقد هو عقد البيعة ، فكما يجب على المحكوم السمع والطاعة للإمام ، فإن العدل ورعاية مصالح المسلمين وجهاد الكفار وتأمين الناس على أموالهم وأنفسهم فرض على الإمام كذلك . فإذا قصر الإمام في واجبه فيجب النصح له وإذا قصرت الرعية في واجبها وجب النصح لها كذلك .والدعوة إلى وجوب السمع والطاعة فقط وأن هذا هو أصل أهل السنة والجماعة تزييف لمنهج أهل السنة والجماعة الذي يقوم على النصح للأئمة المسلمين وعامتهم وليس النصح للعامة وترك الأئمة . والقوم لا يفرقون في ذلك بين من لم يحكم بالشرع في بعض فروعه وبين من نحى الشريعة كلها جانبا وأعلن العلمانية دينا ومنهجا وحارب الإسلام ودعاته وزج بهم في سجون التعذيب ونزع الحجاب عن المسلمات ... بل هذا في نظرهم ممن يجب له السمع والطاعة سواءا بسواء ! الأصل الحادي والخمسون : إنكار منكر الإمام باللسان خروج :[23] من أصولهم الفاسدة إطلاق لفظ الخارجي على من أنكر منكر الإمام باللسان ، وهذه كبيرة من الكبائر وعظيمة من العظائم ، لأن كلمة الحق عند الإمام الجائر من الجهاد كما قال صلى الله عليه وسلم : ( أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) [رواه أحمد في المسند 4315[ ولا يسمى خارجيا إلا إذا اعتقد كفر المسلم بالمعصية ، ورأى الخروج على الحاكم المسلم بالسيف فإن لم يخرج فهو من القعدة ، وهذا لا يجوز قتاله كعمران بن حطان وغيره ، وإن خرج بالسيف عليهم فهو خارجي ، وهو الذي يجب قتاله . وأما الإنكار باللسان فقط دون تكفير المسلمين أو اعتقاد تخليد صاحب الكبيرة في النار أو الخروج عليهم بالسيف ، فلا يسمى مثل هذا خارجيا ، ومن سمى الداعي إلى الله الذي يقوم بالدعوة ويأمر بالقسط بين الناس خارجيا فهو ضال مبتدع مخالف لكلام رب العالمين وسنة سيد المرسلين ، وإجماع أمة المسلمين . الأصل الثاني والخمسون : لا أمر بمعروف إلا بإذن الإمام : ولما أبطل هؤلاء بعض صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فزعموا أنه لا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا بإذن الإمام ، بل قالوا إنه لا إنكار حتى بالجنان إلا بإذن السلطان !! وهذا قول مخالف للقرآن والسنة والإجماع فقد قال تعالى : (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ) [البقرة 159[ .وقال سبحانه وتعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ) [آل عمران 187[.وقال صلى الله عليه وسلم : " من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار " [رواه داوود 3658[ .وكان مما أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم العهد على أصحابه ( وأن نقول بالحق حيث كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) [رواه البخاري 7200[. الأصل الثالث والخمسون : آخر الأصول وأعظمها إفسادا : وأخيرا فإن أعظم أصولهم فسادا هو جعلهم تعلم هذه الأصول الفاسدة أهم وأولى وأعظم من تعلم أصول العلم في سائر الفنون بل أولى من الانشغال بحفظ القرآن ودراسة السنة. مفتطف عن كتاب "الاعتذار للعزيز الغفار والانتصار لأهل السنة الأبرار"، للشيخ عبد العزيز الكناني. ------------------------------------------------ [1] اعلم أنه قد ذكر أصول مذهبهم غيره من أهل العلم، ولكن طريقتي هي أني أذكر أتم ما رأيت، وأكثره فائده، فإن احتجت أضفت من غيره أو أضفت تعليقاً، كحاشية. [2] أضفت كلمة معطلة لينضبط الكلام، ولعها سقطت من نسخة الرسالة التي بين يدي. [3] لو قال الشيخ يبدعونهم ويضللونهم لكان أصوب من قوله يكفرونهم، فالقوم مرجئة بل، كثير منهم من غلاة الجهمية في مسألة الإيمان، و بيان ذلك أنهم يحصرون الكفر في التكذيب، والاستحلال، ولا يكون ذلك عندهم إلا بالنطق باللسان والإقرار على النفس، ولا يخدعنك تعريفهم للإيمان بأنه قول وعمل، فذلك قولهم بأفواههم، تلبيساً على العباد، لأنهم لو قالوا هو التصديق فقط أو التصديق مع النطق بالشهادتين فقط لأفتضح أمرهم عند الجميع، فلو أردت أن تعرف مذهبهم، فلا تسألهم عن تعريف الإيمان، بل سلهم كيف ينتقض الإيمان، وما هو تعريف الكفر، تجد ما ذكرناه، والحمد لله أن علمنا من الضلالة، وبصرنا من العمي، (وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) [4] يعني يتولى الإمام الذي يأمر بالجهاد. وهم لا يفرقون بين ما يشترط لجهاد الطلب، وبين ما يشترط لجهاد الدفع. [5] كذا قال الشيخ، وما عهدناه منهم، وعرفناه عنهم، أنهم لا يكفرون أحد، ويغلون في مسأله تحقق الشروط وانتفاء الموانع في مسألة تكفير المعين، بل منهم من ينفي تكفير المعين بالكلية ، والقوم مرجئة بل من غلاة المرجئة كما قدمنا، هذا في التكفير، أما في مسألة التبديع، فالباب عندهم مفتوح على مصراعيه، ولا ينظرون في تحقق الشروط ولا في انتفاء الموانع أصلاً، وما أسهل التضليل والتبديع عندهم، ولله في خلقه شؤون. [6] قال متعب بن سريان العصيمي: فهؤلاء لا يرضون عن أحد من الناس حتى يوافقهم على هواهم ويتبع مسلكهم هذا ، وإن بدا منهم رضا عنك ، فهو رضا مظهري سرعان ما ينكشف عن الحقيقة الكامنة بمجرد مناقشتهم بالدليل والإنكار عليهم وترك مداهنتهم . ولعل هذا المبدأ الذي أخذوا به ناتج عن أسباب من أهمها : 1. تحاملهم الشديد على العلماء والدعاة المصلحين في تضليلهم والتحذير منهم ، وإسقاطهم من أعين الناس . 2. وقوعهم في الحزبية التي نادوا بها تحت ستار ( السلفية ) . 3. ردة الفعل عندهم بسب الآراء المخالفة لأهوائهم ولما يدعون إليه . 4. شعورهم بالنبذ وعدم القبول لما يطرحونه من آراء شاذة لدى عامة الناس فضلاً عن المتعلمين منهم . انتهى من رسالة (كشف الحقائق السلفية عند مدعي السلفية) ص24-25 [7] كذا بالأصل ولعل الصواب الفكر. [8] كذا قال الشيخ، والظاهر من أمرهم أنهم لا يكفر,ن أحدًا البته، إلا أن يكون مراد الشيخ التكفير المطلق، ولو حملنا كلامه عليه، لكان في ذلك، إشكال، والظاهر عندي، أنهم يفرقون بين التبديع والتفسيق، وبين الكفر، فالتبديع والتفسيق أعني للمعين، لا يشترطون فيه إقامة الحجة، أما تكفير المعين، فإما ينفونه أو يشترطون له شروطاً لا تكاد تتحقق في أحد، والله تعالى أعلم. [9] ومما يخافون، وهم من يسبغ الشرعية على كثير من الأوضاع الفاسدة، فهم يعيشون في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز. أما الذين يسرون بدعوتهم، خشية من أن ينكل بهم، فهم خوارج يستحقون ما يصيبهم، وإلى الله المشتكى. [10] قال بعض أهل العلم جزاه الله خيراً في الدنيا و الآخرة: كلمة الحزبية حمالة أوجه ومعانٍ، فهي تطلق ويراد منها معانٍ شرعية صحيحة، وأحياناً تطلق ويراد منها معانٍ غير شرعية. ثم قال- حفظه الله: لنتفق أولاً على المعنى السيئ للحزبية لنخرجه من دائرة النقاش، ونحصر النقاش في الجوانب الإيجابية للحزبية، التي حصل الخلاف عليها، ثم ننظر بعد ذلك إن كانت هذه الجوانب من الحزبية مشروعة أم لا .... من الجوانب الباطلة للحزبية: التحزب على الباطل؛ بمعنى الاجتماع على منهاج وأفكار باطلة بدعية، أو التحزب على عقد الولاء والبراء في الحزب وأرباب الحزب، والانتصار للحزب والجماعة أو الشيخ في الحق والباطل سواء، والتقوقع على الذات من دون إعطاء الآخرين حقهم من الموالاة بحسب قربهم أو بعدهم عن الإسلام، وكذلك أخذ الحق وقبوله لكونه صادراً عن الحزب أو الجماعة أو الشيخ، بينما لو جاء عن غير طريق الحزب أو الشيخ فهو لا يلقى نفس القبول عند الأفراد والأتباع .. فهذه المعاني للحزبية أو التحزب كلها باطلة وغير شرعية، لا يجوز تبينها أو التحلي بها، أو الدعوة إليها، وهي لا تأتي للأمة إلا بالضعف والتفرق والدمار .... كما أن التحزب للحزب أو الجماعة في الحق والباطل هو باطل وغير مشروع، كذلك التحزب والتعصب للشيخ وأقواله في الحق والباطل هو باطل وغير مشروع، وصور التحزب ـ في زماننا ـ للشيخ وأقواله أوسع انتشاراً وأثراً من صورة التحزب للأحزاب .. فالتحزب للباطل وعلى أساس الباطل، باطل مهما كانت صوره وأشكاله ... ثم قال: نعني بالجانب الإيجابي الشرعي .. هو ضرورة اجتماع المسلمين في جماعة واحدة ـ ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ـ وبطريقة منظمة، تأخذ بأسباب القوة والمنعة بعيداً عن الفردية والارتجال والفوضى والعشوائية، ليتحركوا بقوة نحو أهدافهم العامة في مواجهة الباطل المدجج بجميع أنواع القوة المادية، ومن أجل استئناف حياة إسلامية ـ على جميع مستويات الحياة ـ وقيام خلافة راشدة على منهاج النبوة... تأتي هذه الضرورة من جهة أن الأهداف الإسلامية العامة الكبيرة المتفق عليها بين الأمة، لا يمكن التحرك نحوها ـ في خضم هذه الجاهلية المعاصرة القوية والمنظمة، والمجتمعة فيما بينها على حرب الإسلام والمسلمين ـ إلا من خلال عمل جماعي منظم يرشد الطاقات ويوحد الصفوف في مواجهة الأخطار والتحديات .. فالحديد لا يفله إلا الحديد، والقوة لا يردها ولا يقوم لها إلا القوة .. وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وإلا،هل ترون بالإمكان استئناف حياة إسلامية، وقيام خلافة راشدة، وغير ذلك من الأهداف العامة المنشودة .. ثم كل مسلم في العالم يتحرك إلى تلك الأهداف بطريقة فردية أنانية وبمعزلٍ عن إخوانه، ومن دون الأخذ بالإعداد والأسباب التي تؤدي إلى النصر والتمكين ..؟! ..... الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة متوافرة، وهي أكثر من أن تحصر في هذا الموضع، منها قوله تعالى:] وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ[، ومن القوة والإعداد الجماعة والتنظيم. وكذلك قوله تعالى :] واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا[، وقال:] إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيانٌ مرصوص [ . وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"إن الله يرضى لكم أن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا "، وقال:" عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة "، وإذا كان الشيطان من الاثنين أبعد، فهو لا شك من الثلاثة أبعد، ومن الأربعة والخمسة أشد بعداً، وهكذا كلما كبر عدد المجتمعين على طاعة الله كلما كانوا من الشيطان أبعد ومن الرحمة أقرب . وقال صلى الله عليه وسلم:" الجماعة رحمة والفرقة عذاب "، وقال:" إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم "، ولا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم ". قال ابن تيمية: فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الاجتماع، ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة . ا-هـ . وقال الشوكاني: فيها دليل على أنه يشرع لكل عدد بلغ ثلاثة فصاعداً أن يؤمروا عليهم أحدهم لأن في ذلك السلامة من الخلاف الذي يؤدي إلى التلاف، وإذا شرع هذا لثلاثة يكونون في فلاة من الأرض أو يسافرون، فشرعيته لعدد أكثر يسكنون القرى والأمصار ويحتاجون لدفع التظالم وفصل التخاصم أولى وأحرى ا-هـ . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا إسلام بلا جماعة، ولا جماعة بلا إمارة، ولا إمارة بلا سمع وطاعة . قال علماء نجد رحمهم الله تعالى: وقد عُلم بالضرورة من دين الإسلام أن لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة؛ وهذه الثلاثة متلازمة، لا يتم بعضها ولا يستقيم بدون بعض، وبها قوام الدين والإسلام، وبها صلاح العباد في معاشهم ومعادهم، وإذا وقع الإخلال والتقصير فيها أو في بعضها حصل من الشر والفساد بحسب ما وقع من ذلك ولا بد، وهكذا حتى يعظم الفساد، ويتتابع الشر ويتفاقم الأمر، وينحل النظام، وتتخلف أمور الدين ا-هـ .( الدرر السنية:9/197) فهذه أدلة الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة كلها تضافرت على ضرورة العمل الجماعي بإمارة وتنظيم . ثم لو تأملنا أي عمل دنيوي مهما كبر أو صغر لرأينا أنه يخضع في حركته ونشاطه إلى تنظيم وتخطيط دقيقين، وإلى رئيس ومرؤوس، وأمير ومأمور، وهذا أمر ـ لحاجة البشر إليه ـ تدل عليه الفطر والعقول كما تدل عليه النصوص الشرعية، لا يكاد يخالف فيه عاقل، فعلام أنتم تشذون عما يطالب به العقل والنقل والواقع، واجتمعت على فعله جميع الشعوب والعقلاء .. وتريدون من الأمة أن تعمل لاستئناف حياة إسلامية، وقيام خلافة راشدة بطريقة فردية مبعثرة متفرقة هزيلة؛ كل فرد يكون جماعة بمفرده، رئيس ومرؤوس .. ؟!! ثم قال: لا ينبغي أن نستهجن أو نستحي من كلمة جاء ذكرها في مواضع عديدة من القرآن الكريم بصيغة المدح ، كقوله تعالى:]ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون[ ،وقوله تعالى: ]رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون[. كما جاءت كلمة "حزب" في مواضع عديدة من القرآن الكريم بصيغة الذم، كقوله تعالى :]فتقطعوا أمرهم بينهم زُبراً كل حزب بما لديهم فرحون[ ،وقوله:]استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون[. ومما تقدم يعلم أن"الحزب"يطلق أحياناً ويراد به الجانب الممدوح، وأحياناً يطلق ويراد به الجانب المذموم، بحسب ما قد تم الاجتماع أو التحزب عليه، فإن كان الحزب قائماً على طاعة الله ورسوله، وموالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين فهو حزب محمود ومرضي، وإن كان قائماً على معصية الله وموالاة الكافرين فهو حزب باطل ومذموم شرعاً، فمرد الذم والمدح على صفة الحزب وما قدمتم التحزب والاجتماع عليه وليس لمجرد التحزب أو الكلمة .. ! قال ابن تيمية: كون الأستاذ يريد أن يوافقه تلميذه على ما يريد فيوالي من يواليه، ويعادي من يعاديه مطلقاً، وهذا حرام ليس لأحد أن يأمر به أحداً، ولا يجيب عليه أحد، ومن حالف شخصاً على أن يوالي من والاه ويعادي من عاداه كان من جنس التتر المجاهدين في سبيل الشيطان ، ومثل هذا ليس من المجاهدين في سبيل الله تعالى، ولا من جند المسلمين، ولا يجوز أن يكون مثل هؤلاء من عسكر المسلمين، بل هؤلاء من عسكر الشيطان . ولكن يحسن أن يقول لتلميذه: عليك عهد الله وميثاقه أن توالي من والى الله ورسوله، وتعادي من عاد الله ورسوله، وتعاون على البر والتقوى ولا تعاون على الإثم والعدوان ا-هـ . فتأملوا كيف أن شيخ الإسلام لم يعترض على مجرد التعاقد والتواثق والتحالف بين الأستاذ وتلاميذه، وإنما كان اعتراضه على ما يتم التعقد والتواثق عليه، فإن كان مشروعاً ويرضي الله ورسوله فهو جائز ومشروع، وإن كان خلاف ذلك فهو غير مشروع ولا جائز وهو من ضروب التعاقد على الباطل والإثم والعدوان . وهذا الذي يدل عليه مفهوم الحديث الصحيح:" ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط "؛ أي إذا كان الشرط مما جاء به الكتاب أو دلت عليه السنة فهو حق يجب الوفاء به، والعمل بمقتضاه، وما سوى ذلك فهو مردود . ثم قال: قولنا بضرورة العمل للإسلام من خلال جماعة منظمة وإن سميت حزباً، لا يستلزم منه فتح الباب على مصراعيه لتشكيل أحزاب متنافسة متنافرة فيما بينها تفرق كلمة الأمة وتضعف شوكتها وطاقاتها . والذي يمكن تقريره بإيجاز فيما يخص هذا الأمر: أن أي تعدد للأحزاب الإسلامية على الساحة لا يمكن دفعه وتفاديه إلا بضرر أكبر منه، وبمفسدة أعظم من تلك المفسدة التي يراد إزالتها، فإن حصوله ووجوده ـ أي التعدد ـ يسقط الإثم والحرج إلى حين تحقق القدرة على إزالته بمفسدة أقل؛ لأن العجز باتفاق يرفع التكليف والمؤاخذة عن صاحبه، أما إن كان هذا التعدد يمكن تجاوزه وتفاديه ـ بضرر أقل ـ ثم يحصل تقصير في تحقيق ذلك، فالإثم يطال أصحاب هذه الأحزاب مجتمعة لتقصيرها فيما يمكن القيام به، وكل بحسب تقصيره؛ لأن الاجتماع ـ على طاعة الله وأمـره ـ واجب شرعي لذاته ولغيره ... هو واجب لذاته لأن الله تعالى قد أمرنا بالاجتماع ونهانا عن الفرقة والاختلاف ، وهو I كما يكره لنا التفرق والاختلاف فإنه يحب لنا الوحدة والاعتصام بحبله جميعاً . أما كونه واجب لغيره؛ فلأن النصر والتمكين والاستخلاف وغير ذلك من معاني القوة والشوكة .. كل ذلك لا يتحقق إلا من خلال الاجتماع والاتحاد، والاعتصام بحبل الله جميعاً، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.أهـ. المقصود نقله بتصرف يسير جداً. [11] و يأتي الكلام على حكم العمل الجماعي في فصل مستقل إن شاء الله. [12] سبق وذكرنا قولهم في تكفير المعين، ولعل الشيخ يقصد التكفير العام لا المعين. [13] يأتي الكلام عن حديث الفرق، وحدها و غير ذلك في فصل مستقل إن شاء الله. [14] كلمة الإمام غير موجودة بالأصل، ولعلها سقطت منه، وأضفتها ليستقيم المعنى. [15] اعلم أن المشاركة في العمل السياسي قد اختلف في حكمها أهل العلم من أهل السنة والجماعة من المعاصرين، وذلك لعدم انفكاك القائم بها عن منكرات عظيمة، فإن الديموقراطية التي هي النظام السياسي القائم، أو المفترض أن يكون هو القائم في البلاد الإسلامية، هي باختصار و ببساطه، اعطاء حق التشريع المطلق لغير الله تعالى، وهذا شرك بالله وكفر، فقال بعض أهل العلم بجواز دخول المجالس التشريعية ونحو ذلك، من باب ارتكاب المنكر لتحقيق مصلحة راجحة عليه، وإزالة منكر أكبر منه، وقال البعض الآخر: بل ذلك لا يجوز لأنه لا مصلحة أكبر من مصلحة التوحيد، ولا منكر أكبر من الشرك بالله، ولأنه لو قدر أن مجلس الشعب مثلا أقر تطبيق الشريعة، أو شئ من أحكامها، لكون ذلك رأي الأغلبية، ما كان ذلك إيماناً، ولا إسلاماً، لأن الانقياد هنا لحكم الأغلبية لا لشرع الله. وممن ذكر حجج الفربقين الدكتور علي الصلابي، في كتابه فقه النصر والتمكين في القرآن الكريم. [16] اعلم أن الاستدلال بالأيات التي نزلت في الكفار علي المسلمين، ليس منفيًا بإطلاق، وليس هذا موضع هذا البحث، وإنما أردنا الإشارة إلى المسألة فقط. [17] سبحان الله قارن بين وصف الخوارج في الحديث وبين فعل هؤلاء مع الدعاة والعلماء، وفعلهم مع الكفار، ولطالما وسموا أهل السنة بالخوارج. [18] سئل الشيخ حامد العلي – حفظه الله : نعلم ان البدعه اشد من الكبائر, وعلى ذلك هل يصح ان يقال أن شارب الخمر او الزاني افضل من جماعة تدعو إلى إصلاح الناس ولكن عندهم بعض البدع؟ والبعض يقول أن تدع الشباب على فسوقهم ومعاصيهم وتضييعهم للصلوات احسن من ان يذهبوا مع هذه الجماعات اصحاب البدع فهل هذا القول صحيح؟ وإن كان غير صحيح فكيف نرد على من يقول ذلك؟ ارجو الاجابه بالتفصيل مدعما بالأدله مع ذكر امثله من الواقع ان امكن وجزاكم الله خيرا؟ فأجاب: الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: هذا الكلام لايقوله إلا جاهل بلغ في الجهل منتهاه، وفي سوء الفهم غاية مداه، أعني قوله إن شارب الخمر والزاني ومرتكب الكبائــر أفضل ممن عنده بعض البدع على الإطلاق، ذلك أن مقصود من قال من العلماء إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، أي جنس البدعة أضر من جنس المعصية، وذلك لايعني أن أقل البدع ضررا هي اشد إثما من أكبر المعاصي والفواحش – حتى الزنا بالمحارم – فهذا لايقوله عاقل يعلم ما يقول. ومعلوم أن المقارنة في باب التفضيل في الامور المحمودة، أو المقارنة بين الامور المذمومة، تطلق باعتبار الجنس، ثم قد يكون تارة كل فرد من آحاد الأفـراد في الجنس الافضل أعلى من كل فرد من أحاد الافراد في المفضول، كما نقول الصحابة أفضل ممن بعدهم، وفي الذم بضده ، كما نقول الشرك الاكبر أشر من المعاصي. وتارة أخرى يكون بعض الافراد في المفضول أعلى من بعض الافراد في الفاضل، وفي الذم بضده، ولكن يصح إطلاق التفضيل باعتبار الجنس ، وكذلك في باب الذم. وهذا كما نقول العرب افضل من غيرهم، أو الرجال أكمل من النساء، إنما نقصد جنس الرجال أفضل من جنس النساء، وليس كل فرد من الرجال أفضل من كل فرد من النساء، ففي النساء من تكون أفضل من بعض الرجال، بل قد تكون امرأة أفضل من العدد الكبير من الرجــال، في عقلها وعلمها ورشدها. وكذلك عندما نقول – مثلا – الكذب أعظم إثما من النظر المحرم، فهذا باعتبار الجنس، فإن الذنب قد يكون جنسا فيه أنواع، بعضها أشد إثمــا من بعض، فالكذب منه الكذب على الله ودينه، كالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه الكذب الذي يترتب عليه ضياع الحق، وهو شهادة الزور وهي من أكبر الكبائر، ومنه الكذب الذي يكون دون ذلك، ومنه كذب الأم على ولدها الصغير فهو صغيرة ولكنه ذنب، وربما كان النظر إلى عورة ذات محرم بشهوة مثلا أشد إثما من بعض أنواع الكذب، ويقاس على ذلك أمور كثيرة لاتحصى. وذلك أيضا كما نقول إن جنس العلم أفضل من العمــل، مع أن كثيرا من الاعمال أشرف وأفضل من بعض مسائل العلم، فالصلاة مثلا عمود الاسلام، وتاركها كافر، بينما لاتبلــغ بعض مسائل الاعتقاد كاعتقاد المسلم ببعض أشراط الساعة، والحوض والميزان على سبيل المثال، هذا المبلغ، بل كثير من المسلمين يجهلون مثل هذه القضايا العلميــة، بينما لايجهل فرضية الصلوات الخمس مسلم، ولايضرهم جهلهم بتلك المسائل العلمية، كما يضــر جهل من يجهل الصلاة . والحاصل أن مقصود من قال من أهل العلم إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، أي باعتبار الجنس، وغالبا كانوا يقصدون بهذا الاطلاق بدع الفرق الضالة، أي مقالاتهم الشنيعة في القدر والصفات والرؤية وخلق القرآن وبدع الخوارج والمرجئة في الإيمان ، ونحو ذلك. وهذا بلا ريب صحيح، ذلك أن البدع أضر شيء على الدين، لكن البدع أنواع بعضها أشر من بعض، وفيها البدع الاعتقادية، وفيها البدع العملية، وبعض العملية ما يكون بدعا إضافية وهي أهون من الأصليــة، وبعضها يكون فاعلها مجتهدا متأولا، وقد يكون عالما فاضلا، أو رجلا صالحا من أفضل عباد الله تعالى، قد ظن أن ما يفعله من البدعة، سنة متبعة، أو اعتمد على حديث ظنه صحيحا، أو اقتدى بمن سلف من أهل الفضل، ممن اعتقدهــم متبعين فيما فعلوه لامبتدعيــن وكذلك كانوا هم متأوليــن، ومن البدع ما يكون الحكم فيها بالبدعة مسألة اجتهادية، مثل صلاة التسابيح فمن يصحح حديثها يستحبها، ومن يضعفه لايراها مشروعة، فهي بدعة عنده، ومثل قيام ليلة النصف من شعبان وصيام يومها، فمن العلماء من يستحب ذلك على أن لايفعل بهيئة جماعية كما يقول ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية، فمن زعم أن كل بدعة حتى التي اجتهد فيها فاعلها فأخطا مع فضله وعلمه واجتهاده في الخير، وكذا ما يكون من المسائل الاجتهادية التي تنازع العلماء في الحكم على بدعيتها، أشـــرّ من كل نوع من أنواع كبائر الذنوب كالزنا وشرب الخمر، فهو جاهل مفتر على الله، ودينــه، وحقه أن يعزر ويمنع من القول في الدين، ومن تعزيره أن يبين العلماء أمره ، ويفضح جهله. ومعلوم أن الله تعالى عندما ذكر أشد الذنوب إثما، وأعظمها ضررا على العباد، ذكر الشرك ثم القتل ثم الزنى، قال تعالى: (والذين لايدعون مع الله إلها آخر ولايقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولايزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم مفسرا هذه الاية لما سئل أي الذنب أعظم قال : (أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قيل ثم أي، قال : تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قيل ثم أي : قال أن تزاني حليلة جارك) متفق عليه، فذكر أن جنس الشرك أعظم الذنوب إثما، ثم جنس القتل، ثم جنس الزنا، ثم ذكر من كل جنس أشد أنواعه إثما، فذكر من جنس الشرك أن يجعل لله ندا، ومن جنس القتل قتل الولد، ومن جنس الزنا، الزنا بحليلة الجار. ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم السبع الموبقات ، ذكر (الشرك بالله تعالى، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات). وذكر في حديث آخر ( الشرك بالله وعقوق الوالدين ) ذلك أن أعظم ما أمــر الله تعالى به، هــو التوحيد، وبر الوالدين، كما في الحديث : (أي العمل أفضل، قال إيمان بالله ورسوله، قيل : ثم أي، قال: بر الوالدين، قيل ثم أي : قال الجهاد في سبيل الله ) متفق عليه. والمقصود أن الله تعالى حرم هذه الذنوب الكبائر في كتابه، وكرر التحذير منها كثيــرا حتى ذكر أن بعضها قد أهلك الامم بسببها إضافة إلى الشرك، كفاحشة قوم لوط، وتطفيف الميزان والمكيال في قوم شعيب، وبين في كتابه أن كبائر الذنوب من هذه المعاصي هـي من أعظم أسباب استحقاق العذاب، عذاب الدنيا بأهلاك الامم فيها، وعذاب الاخرة، كما حرمها النبي صلى الله عليه وسلم وبالغ في التحذير منها، وبين خطورتها على العبد، وعلى الأمة، وبين أن أكثر ما يدخل الناس النار حصائد ألسنتهم، وفي حديث آخر ( الفم والفرج )، وأن أكثر أهل النار النساء، بسبب ذنوب اللسان، فيكثرن اللعن ويكفرن العشير، وكل ذلك في الصحيح. والمقصود أن هذا التكرار والتحذير الالهي من الذنوب، يدل على أن خطرها عظيم، وضررها جسيم، فمن المحال أن تكون كل بدعة حتى لو كانت قد وقعت من المسلم جهلا وتأويلا، أعظم من هذه الموبقات، ولهذا اتفق العلماء على أن من فعل شيئا من البدع غير المغلظة بتأويل أنه مقبول الشهادة، لايخرجه ذلك عن العدالة، ولهذا رووا عنهم الاحاديث، بينما يردون شهادة الفاسق بالمعصية، وهذا أشهر من نحتاج أن يضرب له الامثلة. والخلاصة أن انضمام المسلم إلى بعض الجماعات التي يكون فيها بعض البدع هم فيها متأولون، وهي لاتبلغ مبلغ البدع الشركية، أو أقوال الفرق الضالة، أن ذلك أهون ضررا عليه من كبائر الذنوب كشرب الخمر التي هي أم الخبائث، ومن شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما، ومن الزنا الذي ورد فيه التغليظ الشديد. وهذا معلوم لكل ذي بصيرة، ذلك أنه يظهر على بعض المنتمين إلى هذه الجماعات الدعوية التي تعتني بإصلاح المسلمين – رغم وجود بعض البدع عندها – من آثار العمل الصالح، ونور الطاعة، وانشراح الصدر بالاستقامة، وحلاوة الايمان، وسمت الصالحين، ويصلح أسرته، وأولاده، ويفتح عليه من أبواب الطاعات والخيرات وترك المنكرات، ما يُعلم أنه من أهم ما دعت إليه الرسل، مما يحصل به خلاص المسلم من عاقبة الذنوب، وأما ما يكون منهم من الخطأ في فهم الدين، أو الوقوع في بعض البدع الاضافية، أو الاجتهادية، أو حتى الاصلية في العمليات، أو بعض مسائل العلم متأولين، فالواجب نصحهم، لكن بلا ريب هم أحسن حالا من أهل الفجور من الزناة، وآكلي الربا المحاربين لله، والمتهاونين بالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، وشاربي الخمور، الذين ليس في قلوبهم لله وقار، يجاهرون بالآُثام بالليل والنهار، ومن قال غير ذلك فهو من أهل الجهل والغرور والله أعلم. [19] سئل الشيخ حامد العلي – حفظه الله: أصبحنا في الآونة الأخيرة كثيرا ما نسمع كلمة المنهج وأن ثمة فرق بين العقيدة و المنهج ، غير أننا لم نفهم بعدالمقصود بالمنهج ، هل هو الجانب العملي من العقيدة،ام هو ضوابط الفهم، أم غير ذلك نرجو من شيخنا الفاضل بيان معنى المنهج وعلاقته بالعقيدة وجزاكم الله عنا كل خير. فأجاب: من اهم الأمور في معرفة المطالب العلمية تحديد معنى الالفاظ التي تدل عليها بدقة، فالعقيدة اشتهر استعمالها بعد عصر السلف في ما ينعقد عليه القلب وينبني عليه العمل، وليس في الكتاب والسنة لفظ العقيدة، بل يوجد لفظ الايمان، ذلك أن الله تعالى أمر العباد بالايمان، لانه قول وعمل، ولان المقصود بهذا الايمان تحقيق هدف العلم وهو العمل به وليس مجرد الاعتقاد المحض الذي لايؤدي إلى الانقياد، بل هذا كفر أعني الاعتقاد الذي لايتبعه انقياد لله تعالى هو كفر بالله في حكم الكتاب والسنة ولهذا أجمع السلف على أن من لايأتي بشيء من الانقياد بالجوارح لاينفعه اعتقاده وتصديقه، لان الله تعالى إنما أمر بالايمان الذي هو قول وعمل ولم يأمر فقط بالاعتقاد، وأيضا أمر الله تعالى بالايمان لانه لفظ يدل على الامن ولهذا قال تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون)، فلهم الامن في الدنيا من الشقاء والضلال ولهم الامن في الاخرة من الفزع والعذاب، ولفظ العقيدة لايتضمن هذا كله، مع ما في حروف الايمان من اضفاء الاطمئنان على النفس والانبساط والانشراح، وليس كذلك لفظ العقيدة فحروفه تشعر بالقسوة والانقباض. وعلى أية حال فلامشاحة في الاصطلاح، والمهم موافقة المعنى للحق. وأما المنهج فهذا اللفظ من الالفاظ العامة التي لايعرف مدلولها بالضبط إلا عند الإضافة، مثل قولنا رأس أو باب نفهم معنى عاما، ولايتحدد المقصود به إلا عند الاضافة، فنقول باب البيت أو باب العلم أو باب المدينة، أو رأس الطريق أو راس الجبل أو رأس الانسان أو رأس الأمر وهكذا، والمنهج معناه الصراط أو الطريق، ثم لانفهم المقصود بالضبط إلا عند الاضافة، فنقول منهج العقيدة أو منهج الدعوة أو منهج الفقه أو منهج الحديث أو منهج العالم الفلاني في كتابه كذا أو منهج المذهب الفلاني في الاصول وهكذا أو منهج المفسر في آيات كذا وكذا لابد من اضافة لفظ المنهج إلى شيء حتى يتحدد معناه ويعرف بالضبط مقصود المتكلم به ولهذا فعندما يقول القائل المنهج والعقيدة، فهذا الاقتران بهذا الاطلاق غلط لامعنى له، وذلك مثل أن يقول القائل (المذهب والحديث الشريف)، فماذا نفهم من هذا الاقتران، ثمة شيء لايعرف إلا بالاضافة (المذهب)، اقترن بأمر آخر يطلق غالباعلى فن من فنون العلم (الحديث)، إذن لابد أن نحدد هل المقصود منهج العقيدة أو منهج الفقه أو منهج الدعوة أو منهج فهم الدين ماهو المقصود من كلمة المنهج بالضبط، لابد من إضافة اللفظ إلى شيء يتحدد به. فإذا قال القائل المقصود هو منهج فهم الدين وتلقيه، فهذا جزء أساسي من منهج العقيدة نفسها، فمن أصولها تلقي الدين وفهمه على ضوء الاصول التي أجمع عليها السلف، فمن أخطأ فيها فهو من المخالفين في العقيدة، فكيف يفرق بين العقيدة والمنهج على هذا المعنى، وإذا قيل منهج الدعوة، فجزء من منهج الدعوة هو انطلاقها من العقيدة، فكيف يفرق بينهما بإطلاق وبينهما هذا التداخل، وإذا قيل منهج الفقه فالمقصود المذهب الفقهي والاصول التي يعتمد عليها في تخريج الفروع على القواعد والاصول وفتاوى الإمام، وإذا قيل منهج الحكم على أسانيد الحديث مثلا فالمقصود مذهب المحدث في رواية المرسل ومجهول الحال واشتراط العلم باللقاء وليس مجرد إمكان اللقاء مع التصريح بالتحديث وهكذا، وفي هذه الحالة – أعني تحدد المقصود بالمنهج بهذه الاضافة إلى الفقه أو الحديث - يكون بين المنهج والعقيدة تباين. والمقصود أن ثمة ملحوظتين في قول القائل العقيدة والمنهج, الاولى: أنه لم يحرر المقصود بالمنهج إذ هذا اللفظ لايعرف مقصوده التام إلا عند الاضافة. الثانية: أنه على ضوء تحديد المقصود بالمنهج إما أن يكون بين العقيدة والمنهج تداخل أو يكون بينهما تباين حسب ما يضاف إلى لفظ المنهج. وإذا قيل المقصود منهج الدعوة مما هو خارج إطار العقيدة فمنهج الدعوة فيه ثوابت ومتغيرات، فيه محكمات لااختلاف فيها وفيه مسائل اجتهادية، وقد يختلف الدعاة في مسائل اجتهادية بحسب اختلاف بيئة الدعوة وتقدير أولوياتها والمرحلة التي تمر فيها، والوسائل التي تستعمل، وهذا كله من الاختلاف السائغ الذي لايوجب العداوة والشقاق، وأما من يخالف في انطلاق الدعوة من اعتقاد السلف فهذا يخالف في العقيدة أصلا وليس في منهج الدعوة، فإن خالف في أمور أخرى ليست مما يصنف في العقيدة ولكن خلافه لايسوغ لمخالفته للنصوص فهذا إن كان متأولا فهذا ينصح ولايجحد فضله ويبين خطؤه بالحكمة, ويتعاون معه فيما أصاب فيه على الخير والبر والتقوى، وإن كان معاندا يتبع هواه او يتقرب ببدعته إلى أعداء الدين ليفسده ولينال حظوة عندهم، فيعامل معاملة أمثاله من المبتدعين حسب الضوابط الشرعية من الهجر أو غيره مما يؤدي غرض انكار بدعته وإزالتها أو إضعافها، وأرجو أن يكون في هذا الجواب كفاية....وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أ.هـ بتصرف يسير [20] ويأتي الكلام عن هجر المبتدع وأحكامه وضوابطه في فصل مستقل – إن شاء الله تعالى. [21] قال متعب بن سريان العصيمي – وفقه الله: تتركز تربية ( مدعي السلفية ) للناشئة ) على أمور ومحاور عديدة من أبرزها : 1- تربيتهم على اتساع الذمة ، والجرأة في الطعن والنيل من أعراض المسلمين عامة ، والدعاة والعلماء على وجه الخصوص ، وعدها قربة إلى الله ، ودفاعاً عن العقيدة . 2- تربيتهم على حب المراء ، والجدل العقيم ، بأسلوب سقيم وسلوك ذميم . 3- تربيتهم على تنشيط الحزبية بين الشباب ، وذلك بتصنيف المسلمين إلى فرق وأحزاب إلى فرق وأحزاب وجماعات . 4- غرس مرض التعلم والتعالي على الناس منذ بداية طلب الشاب للعلم ، بأنه أصبح مؤهلاً للإفتاء وللنقد البناء . 5- تربيتهم للناشئة على سوء النقد ، وتغليظ القول على مخالفي أهوائهم من إخوانهم بلا تقديرللعالم ، أو الكبير ، ولا حتى حياء من الناس . 6- تربيتهم للناشئة على سوء الظن ، وإنماء بذرتها في القلب ، حتى تعطي المزيد من الثمارالفاسدة المبنية على خيوط الظن والأوهام ، وإصدار التهم والأحكام . 7- تربيتهم للشباب على الاستهانة بالغيبة والبهتان في قوالب الديانة والصلاح . 8- تربيتهم للشباب على تصيد الأخطاء للتشهير بها ، والفرح العظيم بأنه وجد على العالم أوالداعية الفلاني كذا وكذا . 9- تربيتهم للشباب على هجر إخوانهم عندما يختلفوا معهم حول مسألة ما ، بأن هذا الهجر هو من قبيل هجر أهل الأهواء والمبتدعة . 10-تشجيعهم للشباب على الخمول والكسل ، والسلبية ، وذلك مثل : تحذيرهم من المساهمة في الأنشطة التوعوية ، والأعمال التطوعية التي تساهم في خدمة دينهم ، وبناء مجتمعهم ، بزعمهم أنها بدعة ، وليست من السنة . 11- تربيتهم للشباب على الانتصار للذات لا للحق ، والتشفي من المخالف لهواهم بكل قبح ووقاحة . 12- تربيتهم للشباب على الفوضى في طلب العلم ، فلا منهجية لديهم ، ولا تحصيل عندهم لمسائل التأصيل ، وإنما جل بضاعتهم حفظ بعض السطور من مقالات متفرقة تخدم مرادهم . 13-– تربيتهم للشباب على التعصب للأشخاص لا للحق ، وعدم قبول الحق من الطرف المخالف لأهوائهم وشهواتهم بحجة أن الخير والحق الذي عند هؤلاء المخالفين عند غيرهم من الموافقين لهم . 14-– تربيتهم للشباب على الغلو والتطرف ، وخاصة في باب النصيحة ، فهم غلاة فيها على مخالفيهم ، وجفاة عنها عند مؤيديهم . 15-– تكثيف الحديث عن التوحيد ، والدندنة حوله ، وإهمال البقية من جوانب العلم والتربية والدعوة ، وهم في الحقيقة أبعد الناس عن تطبيقه فيما يتعلق بالنيل من أعراض الدعاة والعلماء ، ورميهم بأقبح الأوصاف ( ضال – مبتدع –غامض – متلون – مميع – عنده كفريات – عنده شركيات ) إلى غيرها من مقولات السوء التي تمرق من أفواههم في حق إخوانهم من الدعاة والعلماء ، فحسبنا الله ونعم الوكيل . أ.هـ من رسالة (كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية) س 10 [22] ذكر أقوال بعض السلف في كفر مت ترك العمل بجوارحه: روى عبدالله بن أحمد في السُّنَّة بإسناده أنَّ : ((… معقل بن عبيد الله العبسيّ قال قدم علينا سالم الأفطس بالإرجاء فعرضه . قال : فنفر منه أصحابنا نفاراً شديداً …قال فجلست إلى نافع فقلت له … إِنَّهم يقولون : نحن نقرُّ بأَنَّ الصّلاة فريضةٌ و لا نصلي ، وأَنَّ الخمر حرامٌ ونحن نشربها وأن نكاح الأمهات حرامٌ ونحن نفعل . قال : فنتر يده من يدي ثم قال : من فعل هذا فهو كافر )) و(( قال عبد الله بن أحمد حدَّثنا سويد بن سعيد الهرويّ قال : سألنا سفيان بن عيينة عن الإرجاء . فقال : يقولون الإيمان قولٌ وعملٌ ، والمرجئة أوجبوا الجنَّة لمن شهد أَنَّ لا إله إلا الله مصـرَّاً بقلبه على ترك الفرائض وسمُّوا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم ، وليس بسواء لأَنَّ ركوب المحارم من غير استحلالٍ معصية، وترك الفرائض متعمِّداً من غير جهل ولا عذر هو كفر )). وقال الإمام عبدالله بن الزبير الحميدي: (( أُخْبِرت أَنَّ قوماً يقولون : إِنَّ من أقرَّ بالصَّلاة ، والزَّكاة، والصَّوم ، والحجَّ ، ولم يفعل من ذلك شيئاً حتىّ يموت، أو يصلِّي مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن ما لم يكن جاحداً … إذا كان يقرُّ بالفرائض واستقبال القبلة ؛ فقلت : هذا الكفر الصُّراح وخلاف كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين )) وقال في "أصول السُّنَّة" : ( وأن لا نقول كما قالت الخوارج : من أصاب كبيرةً فقد كفر. ولا تكفير بشيء من الذُّنوب ، إنَّما الكفر في ترك الخمس التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بُنِيَ الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمَّداً رسول الله، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجُّ البيت )) وفي "السنَّة" للخلاَّل قال الحميديّ : (( أُخْبِرْتُ أَنَّ قوماً يقولون : إِنَّ من أقرَّ بالصَّلاة ، والزَّكاة ، والصَّوم ، والحجِّ ، ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموتَ أو يصلِّي مسندٌ ظهرَه مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمنٌ ما لم يكن جاحداً إذا علم أَنَّ تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقرُّ الفروض واستقبال القبلة ؛ فقلت : هذا الكفر بالله الصُّراح وخلاف كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم فعل المسلمين . قال حنبل : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : من قال هذا فقد كفر بالله ، وردَّ على الله أمرَه وعلى الرَّسول ما جاء به )). راجع هذا وغيره في كتاب التوسط والاقتصاد في أن الكفر يكون بالقول والفعل والإعتقاد لعلوي السقاف، جزاه الله خيراً. [23] حول أحكام انكار المنكر راجع شرح الحديث34من جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي، رحمه الله تعالى.
__________________
متغيب لفترة عن المنتدى جراء السفر . بعض مواضيعي : إفحام اللادينية بيان أن الجرح والتعديل له أصل من الكتاب والسنة مناظرتي مع لاديني جواب سؤال حول منزلة معاوية رضي الله عنه السنة كمصدر من مصادر التشريع الإسلامي |
#2
|
|||
|
|||
سؤالي لك أخينا الفاضل ما هو أنسب تسمية لهم هل هو مرجئة العصر أو أدعياء السلفية أو المدخلية أو الجامية أو ماذا نسميهم؟ |
#3
|
|||
|
|||
اقتباس:
لهذا فلا ينصح لطالب العلم المبتدئ أن يطلع على دروسه ومؤلفاته حتى يشتد عوده ويستطيع التمييز بين الزلات المنهجية والصواب، مخافة أن يعلق به هذا المنهج كما كان مع تلامذته، فتستمر فتنة الجرح هذه، وبعدما يصل الطالب إلى ذلك فليستفد من حسنات الشيخ المدخلي وليطرح سيئاته، والميزان الذي نزن به الأشخاص هو الكتاب والسنة والقواعد الشرعية التي قررها السلف فنرد ما خالفهم وإن زكاه الأئمة الأربعة مالك والشافعي وأبي حنيفة وابن حنبل . واعلم أخي أننا لو طبقنا منهج المداخلة في الجرح لكان الشيخ المدخلي نفسه مجرحا متروكا
__________________
متغيب لفترة عن المنتدى جراء السفر . بعض مواضيعي : إفحام اللادينية بيان أن الجرح والتعديل له أصل من الكتاب والسنة مناظرتي مع لاديني جواب سؤال حول منزلة معاوية رضي الله عنه السنة كمصدر من مصادر التشريع الإسلامي |
#4
|
|||
|
|||
اخي ابن عبد البر اولا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثانيا اخي اتفق معك في جزء من ردك علي اخي العباسي حول الشيخ ربيع المدخلي في ان العلماء اثنوا عليه لما رد علي اهل البدع وعلي اصولها في كتابات سيد قطب رحمه الله وغيره لكن لما وجه سهامه الي اخوانه ردوا عليه كذلك ومن امثلة ذلك ما كتبه الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله في رسالته (يا اهل السنة رفقا باهل السنة ) ............ اما هذا المقال (ادعياء السلفية ) فقد حوي مغالطات كثيرة وذا اردت النقاش حولها فلنبداها نقطة نقطة من اول اصل حتي لا نظلم اخواننا والله المستعان |
#5
|
|||
|
|||
اقتباس:
والحق أنه عفا الله عنه ساهم في شق الصفوف في كثير من بلاد العرب وأسدى خدمة للمخابرات والفلول العَلمانية لضرب الحركات الإسلامية السنية بعضها ببعض . ومرحبا بكل نقاش على أصوله أخي الكريم له حظ من الكتاب والسنة وما قرره سلفنا وما جاء من قواعد عن أهل الصنعة، أما أهل التقليد فليس لنا عليهم من سبيل وقد جربنا أربعة منهم في هذا المنتدى فما استطاعوا الرد ردودا علميةـ بل كأنهم { جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً }
__________________
متغيب لفترة عن المنتدى جراء السفر . بعض مواضيعي : إفحام اللادينية بيان أن الجرح والتعديل له أصل من الكتاب والسنة مناظرتي مع لاديني جواب سؤال حول منزلة معاوية رضي الله عنه السنة كمصدر من مصادر التشريع الإسلامي |
#6
|
|||
|
|||
جزى الله المشرف خيرا على تلبيته لطلبي بحذف حزء مما كتبته ثم وجدت أنا فيه تطاول وغيبة للجاحظ رحمه الله وفيه اسنهزاء به و بجمع من المسلمين نسأل الله لي ولهم وللإشراف الهداية والغفران
|
أدوات الموضوع | |
|
|