المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللغة روح الامة


ايوب نصر
2018-12-22, 02:12 AM
قال لي يوما و هو يحاول ان يثنيني عما عقدت عليه العزم وردي عما اخلصت له الفكر و النظر : " انت تقف على ثغر ، فاكتب و رد و بين ، و لا يكن همك ان يصل ما تكتب ، فان الله هو المبلغ عن اهل السنة . "

و قد بقي قوله " ان الله هو المبلغ عن اهل السنة " يتردد في نفسي ، كلما راودتني نفسي ان انسحب من الميدان و اترك الثغر ، و كلما قعد العجز بهمتي حين يخطر لي ان ما اخطه من كلام و ما انسجه من افكار يبقى رهين قراء معدودين معلومين ، حتى جاء يوم الناس هذا ، و سمعت فيه ما سمعت من كلام وزير التعليم العالي و البحث العلمي المغربي ، و الذي نص فيه على ضرورة ايلاج العربية الشريفة في البحث العلمي ، و انه على الطالب المغربي ان يكون متقنا لها حين حصوله على الباكلوريا ، و ذلك لانها لغة القران .

و كلامه هذا له منطوق و مفهوم ، فاما منطوقه فهو ما نقلته لك من كلامه ، و اما مفهومه ، فستجده في بعض مقالاتي التي جاءت تحمل عنوان : " العربية الشريفة و العامية " ، فان شئت ارجع الى المقالة الخامسة و الرابعة.

ما حدثك به في تلكم المقالات ، لم يكن خيال متخيل او وهم متوهم ، و انما خلاصة دراسة و تتبع ،و اعنات للفكر و اتعاب للروية ، و استنباط فكرة من هنا ، و استخراج معنى من هناك ، حتى لما ظهرت الدعوة الجديدة الى العامية وجدت نفسي اكتب ، و كما اخبرتك سابقا ، من غير حاجة الى مسودة او مراجعة او تصحيح ، و انما عرضتها عليك كما اتفقت لي .

ان روح كل امة هي لغتها ، فقد تسجن الامة و قد تمرض ، و لكنها تبقى على قيد الحياة ما دامت روحها في جسدها ، فاذا ضيعت روحها يتم تشييعها و التكبير عليها اربعا ، و الامة العربية الان في سجن ، و سجنها هذا تسبب في مرضها ، و ذلك انهم لم يحترموا فيها العهود و المواثيق و حقوق السجين ، و ليس لها سبيل الى مقاومة السجن و المرض ، فلا تموت ، الا ان تتمسك بروحها التي هي لغتها، و ثق بي يا صاحبي فمادامت روحها بين جنبيها فانه يحق لها الطمع في الخروج من سجنها و استعادة قواتها و نضارتها الاولى .

هذا ، و ان الحديث في هذا الموضوع ، و في غيره من المواضيع القريبة منه و المتصلة به ، لحديث ذو شجون ، يستدعي بعضه بعضا ، و يتصل اوله باخره ، و غابره بحديثه ، و هذا يحتاج حضور الذهن و صفاء الفكر ، و ربما عدنا للكلام عنه في مناسبات اخرى ، فلازلنا في فجر الحياة و شرخ الشباب .

كتب: الجمعة 13 ربيع الثاني 1440 (22/12/2018)