Nabil
2011-01-16, 10:16 PM
مَشَاعِلٌ
الأستاذ الشاعر محمد الحلوي
لَو تَعلَمُونَ نَفَائِسِي وَذَخَائِرِي * وَعَرفتُمُ المكنُونَ مِنْ أعلاَقِي!
وَرَأَيْتُم النيرَانَ تَأكُلُ ثَروَتِي * وَمَكَاتِبِي تُجتَاحُ بالإِحْرَاقِ!
لَبَكيْتُمُ بِدَمٍ عَلَى مَا ضَاعَ مِن * مَجدٍ تَأَلَّقَ في سَمَاءِ عِرَاقِ!
شُلَّت يَدٌ عَبِثَت بِأَغْلَى ثَروَةٍ * وتُراثِ شَعْبٍ طَيِّبِ الأعرَاقِ!
مَا حاجَةُ الغَوغَاءِ - وَهيَ مَشُوقَةٌ * للمَالِ تَجمعُهُ - إِلَى الأورَاقِ!
لَمْ تَلقَ مِن حَامٍ يَحدّ جِمَاحَهَا * أو يَلْقَ مَثوَاهَا الأمانَ الوَاقِي!
لَهَفِي عَلَى تِلكَ الذّخَائِر فِي لَظىً * قَدْ أَجَّجتهَا عُصبَةُ المرَّاقِ!
كَانَت عَرائِسَ فِي الخُدُورِ فَأَصبَحَت* حَطباً وكَانَت قِبلةَ الأحْدَاقِ!
كَانَت مَشاعِلَ يُستَضَاءُ بِنُورِهَا* وكوَاكِباً وهّاَجَةَ الإشراقِ!
ومثَابَةً للفكرِ فِي وَاحَاتِهَا* روحُ القُلُوب ومتعةُ الأذْوَاقِ
كَم حَجّ كعبتَها مَشُوقٌ وَارتَمَى* في حِضنهَا في نَشوَةِ العُشَّاقِ!
صُعِقَ الوجُود لمَا رأَى مِنْ هَوْلِهَا* وَبَدَا كَئيباً بَادِيَ الإِطراقِ!
غَطَّى الدخَانُ جَمالَهَا بِسَوَادِهِ* وَغَفَا نَدَامَاهَا وَغَابَ السَّاقِي!
وَبدَت كأَطلاَلٍ مَواتاً بعدمَا* كَانَت مَعِيناً وافرَ الإِغَدَاقِ!
قَد أشعلُوهَا فِتْنَةً لاَ تَنْطَفِي* بِالمَاءِ لكِن بالدّمِ المهرَاقِ!
هَانَت عَليهِم فاستَبَاحُوا نَهبَهَا* فِي هَجمةٍ مِنْ نَافِخِي الأَبْوَاقِ!
قَد شَيعَت بَغدَادُ قَبلَ رِجَالها* مَورُوثَها الغَالِي بِغيرِ عِنَاقِ!
وكأَنَّهَا أُمٌّ تُوَدِّعُ فِي أسىً* أكبَادَهَا مِن بَعدِ طولِ تَلاَقِي!
ظَلّت تُزَوِّدُ فِي سخاءٍ من أتَى* تُعطِي وَلاَ تَخشى مِنَ الإنْفَاقِ!
كَم مِن شُمُوعٍ أُسرِجَت فِيهَا وَمِن* جُهدٍ وفكرٍ مُبدعٍ خَلاَّقِ!
وَالفِكْر أغْلَى مِن قُصُورٍ تُبتَنَى* ولآلِئٍ تَزْهُو عَلَى الأطوَاقِ!
وكُنُوزُ أُمتِنَا التِي قَد أُحرِقَت* أغْلَى منَ البِترُولِ فِي الأسوَاقِ!
يَستَرْخِصُونَ دِمَاءهُم فِي نَهْبِه* وَيُهَيْمِنُونَ بِهِ على الأرزَاقِ!
جَاءُوا لتحرِيرِ العِرَاقِ كمَا ادَّعَوْا* ليَعِيشَ بالحلفَاءِ فِي استِرقَاقِ!
أوَ يَمنعُونَ السَّارقِينَ وهُم لَهُم* مَثَلٌ ومَن دَفَعُوا يَدَ السُّرَّاقِ!
يبكِي عَلَى شَعبِ العِرَاقِ كَأَنَّهُ* مَلَكٌ وَيَقْتُلُهُ بِلاَ إِشْفَاقِ!
كَم دَمّرت مَبنىً صَوَاعِقُه وكَمْ* طِفلٍ وَشيخٍ طَاعِنٍ ومُعَاق!
طَمَرَتْهُمُ تحتَ الرّكامِ وَأصبَحُوا* خبراً أَدَامَ الدّمعَ فِي الآمَاقِ!
هُو مَا يَرونَ! ومَا يَسيلُ لُعَابُهُمْ* لرَصِيدِهِ وصَبِيبِهِ الدفَّاقِ!
لَو جَفَّ بحر النفطِ فِي آبَارِهِ* وتَعَطَّلَت يَوماً مِنَ الإِرْهَاقِ!
مَا كَانَ يأْتِي للعراقِ مُحَرِّراً* يُهدِي إلَيهِ السلمَ فِي أطباقِ!
لَو أُحْرِقَتْ ليَهودَ يَوماً بِيعَةٌ* لمَ تسلَم الدنيَا مِنَ الإِحْرَاقِ!
صَرَخَاتُ أُمتِنَا هُنَا لَم تَرْتَفع* خَوفاً مِنَ الإزعاجِ والإقْلاَقِ!
سَتجفُّ أدمُعنَا وتُنسَى نكبَةٌ* قَدْ جَاوَزَت فِي الْهَوْلِ كل نِطَاقِ!
هُنَّا عَلى الدُّنْيَا وأَصْبَحْنَا بِهَا* مُستَضعَفِينَ مُطَأْطَئِي الأعْنَاقِ!
جَاءُوا ليَكتَشِفُوا الدّمار فَدمَّرُوا* قِيماً بجيْشٍ سَيِّءِ الأخلاَقِ!
أنْسَى دُجَيلةَ مَا جَنَاهُ مغُولها* وَدَهَى مكَاتِبَها مِنَ الإغْرَاقِ!
وَمُصَابُنَا فِيهَا مُصَابُ حَضَارَةٍ* وخَنَاجِرٌ ستَظَلُّ فِي الأَعماقِ!
إن ضاعَ إرثٌ للحَضَارَةِ واختَفَى* فَالفِكر للإنسانِ حَيّ بَاقِي!
وَعِراقُ يَعربَ سَوفَ يَبْقَى صَامِداً * رَغْم النّوائِب وَهوَ كالعمْلاَقِ!
عن موقع مجلة التاريخ العربي
الأستاذ الشاعر محمد الحلوي
لَو تَعلَمُونَ نَفَائِسِي وَذَخَائِرِي * وَعَرفتُمُ المكنُونَ مِنْ أعلاَقِي!
وَرَأَيْتُم النيرَانَ تَأكُلُ ثَروَتِي * وَمَكَاتِبِي تُجتَاحُ بالإِحْرَاقِ!
لَبَكيْتُمُ بِدَمٍ عَلَى مَا ضَاعَ مِن * مَجدٍ تَأَلَّقَ في سَمَاءِ عِرَاقِ!
شُلَّت يَدٌ عَبِثَت بِأَغْلَى ثَروَةٍ * وتُراثِ شَعْبٍ طَيِّبِ الأعرَاقِ!
مَا حاجَةُ الغَوغَاءِ - وَهيَ مَشُوقَةٌ * للمَالِ تَجمعُهُ - إِلَى الأورَاقِ!
لَمْ تَلقَ مِن حَامٍ يَحدّ جِمَاحَهَا * أو يَلْقَ مَثوَاهَا الأمانَ الوَاقِي!
لَهَفِي عَلَى تِلكَ الذّخَائِر فِي لَظىً * قَدْ أَجَّجتهَا عُصبَةُ المرَّاقِ!
كَانَت عَرائِسَ فِي الخُدُورِ فَأَصبَحَت* حَطباً وكَانَت قِبلةَ الأحْدَاقِ!
كَانَت مَشاعِلَ يُستَضَاءُ بِنُورِهَا* وكوَاكِباً وهّاَجَةَ الإشراقِ!
ومثَابَةً للفكرِ فِي وَاحَاتِهَا* روحُ القُلُوب ومتعةُ الأذْوَاقِ
كَم حَجّ كعبتَها مَشُوقٌ وَارتَمَى* في حِضنهَا في نَشوَةِ العُشَّاقِ!
صُعِقَ الوجُود لمَا رأَى مِنْ هَوْلِهَا* وَبَدَا كَئيباً بَادِيَ الإِطراقِ!
غَطَّى الدخَانُ جَمالَهَا بِسَوَادِهِ* وَغَفَا نَدَامَاهَا وَغَابَ السَّاقِي!
وَبدَت كأَطلاَلٍ مَواتاً بعدمَا* كَانَت مَعِيناً وافرَ الإِغَدَاقِ!
قَد أشعلُوهَا فِتْنَةً لاَ تَنْطَفِي* بِالمَاءِ لكِن بالدّمِ المهرَاقِ!
هَانَت عَليهِم فاستَبَاحُوا نَهبَهَا* فِي هَجمةٍ مِنْ نَافِخِي الأَبْوَاقِ!
قَد شَيعَت بَغدَادُ قَبلَ رِجَالها* مَورُوثَها الغَالِي بِغيرِ عِنَاقِ!
وكأَنَّهَا أُمٌّ تُوَدِّعُ فِي أسىً* أكبَادَهَا مِن بَعدِ طولِ تَلاَقِي!
ظَلّت تُزَوِّدُ فِي سخاءٍ من أتَى* تُعطِي وَلاَ تَخشى مِنَ الإنْفَاقِ!
كَم مِن شُمُوعٍ أُسرِجَت فِيهَا وَمِن* جُهدٍ وفكرٍ مُبدعٍ خَلاَّقِ!
وَالفِكْر أغْلَى مِن قُصُورٍ تُبتَنَى* ولآلِئٍ تَزْهُو عَلَى الأطوَاقِ!
وكُنُوزُ أُمتِنَا التِي قَد أُحرِقَت* أغْلَى منَ البِترُولِ فِي الأسوَاقِ!
يَستَرْخِصُونَ دِمَاءهُم فِي نَهْبِه* وَيُهَيْمِنُونَ بِهِ على الأرزَاقِ!
جَاءُوا لتحرِيرِ العِرَاقِ كمَا ادَّعَوْا* ليَعِيشَ بالحلفَاءِ فِي استِرقَاقِ!
أوَ يَمنعُونَ السَّارقِينَ وهُم لَهُم* مَثَلٌ ومَن دَفَعُوا يَدَ السُّرَّاقِ!
يبكِي عَلَى شَعبِ العِرَاقِ كَأَنَّهُ* مَلَكٌ وَيَقْتُلُهُ بِلاَ إِشْفَاقِ!
كَم دَمّرت مَبنىً صَوَاعِقُه وكَمْ* طِفلٍ وَشيخٍ طَاعِنٍ ومُعَاق!
طَمَرَتْهُمُ تحتَ الرّكامِ وَأصبَحُوا* خبراً أَدَامَ الدّمعَ فِي الآمَاقِ!
هُو مَا يَرونَ! ومَا يَسيلُ لُعَابُهُمْ* لرَصِيدِهِ وصَبِيبِهِ الدفَّاقِ!
لَو جَفَّ بحر النفطِ فِي آبَارِهِ* وتَعَطَّلَت يَوماً مِنَ الإِرْهَاقِ!
مَا كَانَ يأْتِي للعراقِ مُحَرِّراً* يُهدِي إلَيهِ السلمَ فِي أطباقِ!
لَو أُحْرِقَتْ ليَهودَ يَوماً بِيعَةٌ* لمَ تسلَم الدنيَا مِنَ الإِحْرَاقِ!
صَرَخَاتُ أُمتِنَا هُنَا لَم تَرْتَفع* خَوفاً مِنَ الإزعاجِ والإقْلاَقِ!
سَتجفُّ أدمُعنَا وتُنسَى نكبَةٌ* قَدْ جَاوَزَت فِي الْهَوْلِ كل نِطَاقِ!
هُنَّا عَلى الدُّنْيَا وأَصْبَحْنَا بِهَا* مُستَضعَفِينَ مُطَأْطَئِي الأعْنَاقِ!
جَاءُوا ليَكتَشِفُوا الدّمار فَدمَّرُوا* قِيماً بجيْشٍ سَيِّءِ الأخلاَقِ!
أنْسَى دُجَيلةَ مَا جَنَاهُ مغُولها* وَدَهَى مكَاتِبَها مِنَ الإغْرَاقِ!
وَمُصَابُنَا فِيهَا مُصَابُ حَضَارَةٍ* وخَنَاجِرٌ ستَظَلُّ فِي الأَعماقِ!
إن ضاعَ إرثٌ للحَضَارَةِ واختَفَى* فَالفِكر للإنسانِ حَيّ بَاقِي!
وَعِراقُ يَعربَ سَوفَ يَبْقَى صَامِداً * رَغْم النّوائِب وَهوَ كالعمْلاَقِ!
عن موقع مجلة التاريخ العربي