مشاهدة النسخة كاملة : التوفيق بين العدل و الرحمة والغباء العظيم ..(رحلة لتقصى الحقائق)
ابن النعمان
2012-03-18, 08:56 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب
التوفيق بين...؟ وبين ...؟ والغباء العظيم
توفيق بين عدل و رحمة ام جمع بين ظلم وقسوة ؟
بداهةً يمكن التوفيق بين شيئين في حالة واحدة فقط وهى اذا تم الوصول إلى منزلة وسط بينهما , حدوث هذه المنزلة من الطبيعي ان يُشترط فيه عدم وصول أيٍّ من هذين الشيئين إلى الكمال كتأثير سلبي ناتج عن هذا التوفيق .. (قسمة البلد نصفين)، الذي بدوره سوف يقتص من كمال كلٍّ من هذين الشيئين لكي يتم الوصول في النهاية إلى هذه المرحلة الوسطية التي يمكن ان تعبر عن هذا التوفيق الحادث بينهما.
كل ذلك سوف يصب في النهاية في مصلحة من تم من اجله هذا التوفيق متمثلا في التخفيف من حدة هذا الشيء المريع الذي كان يمكن ان يلقى على عاتقه بكامله، وفي نفس الوقت هذا التوفيق لن يدع مجالا للرمي بكل الثوابت المطلقة (كالعدل والمساواة ) عرض الحائط وفى هذا إرضاء لجميع الغايات والإطراف ولكن مع بعض التنازلات من كلا الطرفين حتى يتم الحيود عن الحدة إلى الخفة ومن الشدة الى اليسر .
ولكن كل ذلك يستوجب بقاء كلٍّ من الشيئين ولكن بشدة اقل من المعهود ..
فلا يمكنني على سبيل المثال عند وجود ارادة للتوفيق بين اشعال النار من طرف وإخمادها في ان واحد بناء على ارادة طرف اخر إشعالها في مكان اخر بدلا من اخفاتها بعض الشيء لأصل إلى حل وسط بين ذلك وذلك يرضى جميع الاطراف المتنازعة لأنه سوف يجمع بين الإشعال تماشيا مع إرادة الطرف الأول وبين الإخماد تماشيا مع إرادة الطرف الثاني لكن بصورة جزئية غير كاملة لكلا الفعلين مع عدم الاقتصار على فعل شىء واحد لانه لا يمكن الجمع بين متضادين كالإشعال والإخماد في موضع واحد فلا يكون هناك إلا الاخفات كحل وسط .
بقياس معتقد النصارى على ذلك سوف نجد ان الحل الوسط يتمثل فى تخفيف العقاب مع بقائه لان الاخفات استلزم بقاء النار ولكن بشدة اقل وعلى ذلك يستلزم حال التوفيق بين العدل والرحمة بقاء مطلق العقاب ولكن بصورة اقل أو بمعنى اخر يمكننا القول التوفيق سوف يكون ملعبه الحجم فقط أو الكم دون المساس بمطلق الحدوث ..
مما ينتج عنه بالتالى عقاب جزئى بدلا من العقاب الكلى , وعدل جزئى بدلا من العدل الكلى , و رحمة جزئية بدلا من الرحمة التامة ولكن من حيث كون العدل مطلق , فهل يمكن ان يقبل ذلك ؟ ... فى الحقيقة العدل المطلق لا يمكن ان يقبل التقليص او التحجيم بسبب طلاقته هذا من ناحية ..
ومن ناحية اخرى اى تقليص او استقطاع من للعدل سوف يصب فى الجانب المقابل (الظلم) لان العدل من العدل ان يكون كاملا وتاما لا يعتريه اى نقص او تقصير او تغيير اوتبديل فالعدل لا يجزأ ولا يمكن ان يقبل الزيادة أو النقصان واذا لم يقبل الزيادة حيث إن اى زيادة لن تكون من جنسة ولكنها سوف تدخل فى مفهوم اخر وهو مفهوم البذل والعطاء فكيف يقبل النقصان وبوجه عام اى شيئين متضادين أو متقابلين النقص فى احدهما سوف يصب فى مصلحة الاخر وافضل مثال على ذلك هو تداخل ساعات الليل والنهار كلا منهما فى الاخر مع كون مجموعهما واحد طوال العام فاى زيادة فى ساعات الليل تكون على حساب سعات النهار واى زيادة فى ساعات النهار تكون على حساب ساعات الليل واذا اقتضى العدل إن يعطى انسان الف دينار فاعطى خمس مائه دينار فقط فسوف يصبح مظلوما فى باقى المبلغ المستحق له هذا على الاقل إن لم يكون مظلوما بوجه عام لان وصف الظلم يكفية مطلق الفعل المؤدى اليه بدون توصيف لهذا الفعل وبذلك سوف يحسب هذا الإنسان على المظلومين لو نقص من حقه درهم واحد المهم إن النقص فى الحق قد حدث وبذلك لا يمكن إن يقبل العدل التوفيق مع شىء اخر حتى ولو كان الرحمة ..
ابن النعمان
2012-03-25, 03:50 PM
التوفيق لم يحدث ..
الرحمة لم تتدخل ..
العدل ليس له علاقة بالامر ..
ابن النعمان
2012-03-25, 03:51 PM
التوفيق لم يحدث
ثانيا : بالنسبة للعقاب قلنا ان التوفيق سوف يؤدى الى عقاب جزئى ولكن ما حدث فى الواقع ان العقاب انتقل بتمامه من ادم الى المسيح ولم يحجم وهذا ينفى حدوث التوفيق ,وعلى اساس التعريف السابق اذا كان التوفيق سوف يؤدى الى عقاب جزئى فانه لابد ان يؤدى ايضا الى رحمة جزئية ..
والرحمة الجزئية لا يشترط فيها الرفع الكامل للعقاب عن ادم ..
مما يوجب بقاء العقاب ولكن بصورة اخف من الاولى (عقاب جزئى ) .. ولكن اذا دققنا فيما حدث نجد ان العقاب قد رفع بالكامل عن ادم فى نفس الوقت الذى انتقل فيه الى المسيح حسب معتقد النصارى وهذا ينفى حدوث التوفيق من جانب اخر
و لو زدنا التدقيق فسوف نجد ان التوفيق لم يحدث فى الاساس بين العدل والرحمة او بين اى شىء وشىء اخر ولكن الذى حدث بالفعل هوالجمع ... الجمع بين الظلم القسوة !!
ابن النعمان
2012-03-25, 03:52 PM
الرحمة لم تتدخل
هل تدخلت الرحمة لرفع العقاب ؟
لو افترضنا ان هناك جسمين من النحاس احدهما ساخن والاخر بارد (احدهما يعبر عن المسيح والاخر يعبر عن ادم ) وان هناك من يتمتع بصفة الرحمة يحمل دلو من الماء يمكن ان يعبر به عن رحمته بصب الماء على الجسم الساخن . و تصورنا الجسم الساخن فى حالة عقاب وان صب الماء يمثل الرحمة (للمتمتع بها ) من حيث كونه سوف يرفع الحراة عن الجسم الساخن أو يخفضها بينما الجسم البارد هو من سوف يحمل عقاب او سخونة الجسم الاول بملامسته اياه فيؤدى الى نفس النتيجة ((خفض الحرارة أو رفعها)) طبقا للقانون الثانى للديناميكا الحرارية فتنتقل اليه الحرارة باعتباره فداء . وانه لابد من استمرار عقاب الجسم الأول بالحرارة ولابد فى نفس الوقت من رحمته بصب الماء , الشيء الذى سوف يؤدى الى تبريده او ورفع عنه هذه الحرارة او العقاب , ولكن لو حدث ذلك ما هى النتيجة ؟ ... لو حدث ذلك سوف يكون التغير الكلى للجسم الساخن مساوى صفر وبذلك سوف يبقى الحال على ما هو عليه بدون تغيير لان كلا من الفعلين مناقض للاخر والموضع أو المحل واحد اوالذات المفعول بها واحدة (التناقض كما ورد فى معجم المصطلحات العامةهو اختلاف القضيتين بالإيجاب والسلب بحيث يقتضي لذاته صدق إحداهما وكذب
الأخرى كقولنا زيد إنسان زيد ليس بإنسان - ) فلا يبقى لدينا الا حل واحد وهو ان يلامس الجسم البارد او الفداء الجسم الساخن فتنتقل اليه الحرارة او العقاب و لو حدث ذلك لن يكون للماء اى دور متعلق بالعقاب .. والماء كما قلنا يمثل الرحمة وهذا يعنى ان الرحمة لم يكن لها اى دور فى هذا المشهد , ومن ذلك يتضح لنا خطا كل التفسيرات والتبريرات الموضوعة من قبل النصارى حيث لا يمكن التوفيق بين متناقضين فى ذات واحدة فمن المستحيل ان اعاقب انسان ولا أعاقبه فى نفس الوقت وما يعتقده النصارى لا يناقض ذلك بل يؤكده لان المسيح تحمل العقاب فى الحقيقة عن ادم وبذلك لم يحدث (عقاب ادم وعدم عقابه فى نفس الوقت) , وهذا ليس فيه حل للمشكلة التي أوقع الله نفسه فيها حيث ان ادم لم يعاقب فقط بل حتمية عقابه لم تحدث
ثانيا : الرحمة لم يكن لها اى دور فى هذه القضية ولقد اثبتا ذلك فيما سبق , ومن جانب اخر الرحمة عطاء تعطى ولا تقايض الشىء الذى يجعلها تضاف فقط و لا تطرح وفى الحالة التى بين ايدينا لن يكون هناك مجال الا لفعل واحد لمن له الامر اما ان يعذب وإما ان يرحم بتخفيف العذاب او رفعه بغض النظر عن التعبير المتعلق بهذا التخفيف من كونه توفيق او غيره , لا يوجد احتمال ثالث مع العلم بان التخفيف يتم فيه اضافة شىء الى شىء اخر لا العكس .
وبقياس ما سبق على ادم والمسيح :
اذا حمل المسيح العقاب عن ادم او البشر فلن يكون لصفة الرحمة اى دور قياسا على الماء البارد فى المثال السابق مما يعنى ان احد طرفى التوفيق وهو الرحمة غير موجود وما حدث هو انتقال العقاب الخارج عن اطار الرحمة من محل الى اخر والعقاب مناقض للرحمة سواء كان لادم او المسيح وبذلك لم تؤدى الرحمة وظيفتها برفع مطلق العقاب ومحو اثاره , حيث ان الحال الذى ادى الى تدخلها بالنسبة لادم هو نفس الحال الذى يفرض تدخلها بالنسبة للمسيح , واذا كان العقاب مناقض للرحمة يكون من نقل العقاب من ادم الى المسيح شىء اخر ليس له علاقة بالرحمة من قريب او بعيد .
اذن الحقيقة تقول شىء وما يعتقده النصارى شىء اخر مما يعنى ان كل التبريرات والتفسيرات التى وضعت لاختلاقات او مزاعم بولس التى قالها في رسالته إلى العبرانيين [ 9 : 22 ] : (( وكل شئ تقريبا يتطهر حسب الناموس بالدم وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة )) خاطئة وهذا شيء طبيعي فالاختلاق العارى من الحقيقة لا يمكن تبريره او تفسيره وإلا لتوارت الحقيقة عن الابصار الى الابد واصبح الضلال هو السلعة الرائجة .
ويمكن ان نوجز ما سبق فى الاتى :
اذا قيل الرحمة تدخلت برفع العقاب عن ادم !
نقول هل الرحمة تقتضى رفع العقاب ام انتقاله من محل لاخر ؟
فاذا كانت الرحمة تقتضى رفع العقاب فان العقاب قد انتقل الى المسيح ولم يرفع وبذلك هى لم تؤدى وظيفتها .
اما اذا كانت الرحمة تقتضى انتقال العقاب من محل لاخر فانها كما اقتضت انتقال العقاب من ادم الى المسيح فيجب ان تقضى ايضا انتقال العقاب من المسيح الى شخص اخر ومن هذا الشخص الى اخر وهكذا لنصل الى سلسلة ليس لها نهاية والتسلسل باطل واخير العقاب مناقض للرحمة سواء كان لادم او كان للمسيح.
إثانيا : ذا كان هناك بواعث مروجعها إلى صفات ألاهية معينة أدت إلى الحول بين ادم والعقاب فبالقياس على ذلك سوف تكون البواعث التي أدت إلى قتل وصلب المسيح راجعة إلى بواعث مناقضة للبواعث الأولى و وبالتبعية مناقضة أيضا للصفات الإلهية المعينة التي أدت إلى هذه البواعث لان المقصود الفعل وليس المفعول به
والصفة (اى الرحمة) لا الموصوف.
وبعد كل ذلك يتبين لنا ان التوفيق بين شيئين يتطلب الجمع بينهما , ولكن فى صورة غير كاملة فى موضع واحد , ولكن ما حدث فى الحقيقة هو التفريق وبصورة كاملة فى موضعين مختلفين وكل ذلك ليس للعدل أو الرحمة بل للظلم والقسوة .
كما يتبين لنا ان الصفة شىء مطلق لا يتغير ولا يتبدل , وعليه اذا رفضت الصفة شىء فيجب ان ترفضه على اطلاقه واذا قبلت شىء يجب ان تقبله على اطلاقه .
واخيرا لزم من عقيدة الصلب والفداء كون خالق الكون عاجز عن إتمام مراده بالجمع بين عدله ورحمته ( تعالى الله ) لأن صفتا العدل والرحمة لا وجود لهما في صلب المسيح ولقد اثبتنا ذلك سابقا من جانب ومن جانب اخر ، لأن الله عذب المسيح من حيث هو بشر وهو لا يستحق العذاب لأنه لم يذنب قط ، فيكون تعذيبه بالصلب لا يصدر من عادل ولا من رحيم من باب أولى ، وهل يعقل أن الله العادل والرحيم ، يخلق ناسوتاً ويوقعه في ورطة الوقوع في انتفاء إحدى هاتين الصفتين ، فيحاول الجمع بينهما فيفقدهما معاً ؟
"وما رأينا أحداً من العقلاء ولا من علماء الشرائع والقوانين يقول :
إن عفو الإنسان عمن أذنب إليه ، أو عفو السيد عن عبده الذي يعصيه ينافــي العدل والكمال ، بل يعدون العفو من أعظم الفضائل ، ونرى المؤمنين بالله من الأمم المختلفة يصفونه بالعفو الغفور ، ويقولون إنه أهل للمغفرة ، فدعوى المسيحيين إن العفو والمغفرة مما ينافي العدل مردوة غير مقبولة عند أحد من العقلاء والحكماء .
وإذا كان هذا الصلب بسبب ذنب اقترفه آدم _ عليه السلام _ فهو إما أن يتوب الله سبحانه وتعالى عليه ويعفو عنه ، أو أن يعاقبه ، ولا ثالث لهما ، وذلك مقتضى عدل الله ، أما أنه يصلب ابنه الوحيد متاهلا العفو والسماح بزعم العدل ، أو الرحمة ، فهذا لا يقيله من عنده مسحة عقل !!"
(عقيدة الخطيئة الأولى وفداء الصليب – وليد المسلم)
"و خير تمثيل لهذا المبدأ هو: أن خادما أخطأ، فعاقبه سيده، ونتيجة لخطأ الخادم أصبح أبناء الخادم ملوثين بخطئه، ولمحبة السيد لأسرة الخادم ورحمته بهم، وعدله في أن يوقع العقاب، قام السيد بعقاب ابنه وليس ابن الخادم، وذلك لكي يخلص أبناء الخادم من الذنب!.
وفي المثال السابق لا نجد عدلا ولا رحمة!، فلا ذنب لأبناء الخادم، ولا ذنب لابن السيد، ولا داعي للفداء. فقد تم عقاب الفاعل أو العفو عنه وانتهى الأمر!.
وبالمثل الاعتقاد بالخطيئة والفداء، فالقول بأن عدل الله كان يتطلب أن ينزل العقاب على أحد قول باطل نقول: بل العدل أن ينزل العقاب على الفاعل ولا على غيره. كما أن رحمة الله وقدرته على غفران الذنب تقتضي عدم عقاب البريء".
(البيان الصحيح لدين المسيح – ياسر جبر ص237)
ابن النعمان
2012-04-02, 10:33 PM
العدل ليس له علاقة بالامر
لو أعطى العدل القدرة على الكلام لينطق بالحكم في القضايا والمنازعات المختلفة فسوف يقضى بعقاب المخطىء بالتحديد وانه غير مسئول عما يحدث بعد ذلك .
فإذا تم عقاب غير المخطئ تكون هذه المخالفة للعدل ذاته في صورة مكر أو تحايل لان العدل حدد الشخص المعاقب ولم يترك الامر على اطلاقه .
ومن الطبيعى ان تسبق السلطة القضائية السلطة التنفيذية , فيتم النطق بالحكم ثم تنفيذه والعدل غير مسئول عن كل ما يحدث بعد نطقه بما يقتضيه مفهومه الفطرى من خداع وفى مسألة الخطيئة الاصلية العدل لم يطلب حدوث مطلق العقاب فقط حتى يستوفى متطلباته تحت مفهومه السابق بعقاب شخص اخر بل طلب عقاب ادم بالتحديد .
والمعنى الفطرى للعدل يغلق اى باب للتوفيق بينه وبين اى شيء أخر , لان التوفيق سوف يؤدى إلى تشويهه و تقليصه وتحجيمه وتجزئته والجزء المستقطع من التحجيم سوف يصب فى الجانب المضاد ( الظلم ) .
وعلى هذا الاساس :
العقاب لايمكن ان يتحمله غير مخطىء عن خاطىء الا اذا خالف العدل او تحايل عليه .
فيكون من اتى لحمل الخطيئة عن ادم انما اتى فى الحقيقة ليذهب بكل اسس العدل , هذا اذا كان له ارادة فى ذلك فان لم يكن له ارادة فهذا يعنى ان الامر لم يكن مناقضا للعدل فقط بل كان مناقضا للرحمة ايضا .
وكما سمعنا العدل من العدل ان نعطى فرصة للظلم ليشهد هو الاخر بالحقيقة .
شهادة الظلم
يعرف الظلم بانه وضع الشىء فى غير محله او موضعه وضده العدل .
من هذا التعريف يمكن ان نصل الى تعريف للعدل ايضا بانه وضع الشىء فى موضعه او محله بدون زيادة اونقصان , وكما ان الظلم ضده العدل يكون العدل ضده الظلم .
فى اطار هذين التعريفين يمكن ان نصل الى نتيجة تقول بان ما حدث من حمل المسيح للعقاب عن ادم انما هو ظلم ظاهر جلى لانه تماشى مع تعريف الظلم ولم يخرج عن اطاره بوضع العقاب فى موضع اخر (المسيح ) غير موضعه الاصلى (ادم )
قد يكون هناك متعرضون بان المسيح هو الذى اراد ذلك ..
فى الحقيقة هذا الاعتراض ليس له مبرر لاننا بينا فيما سبق لان العديد من فقرات الإنجيل تؤكد ان المسيح لم يكون له ارادة فى ذلك , وبغض النظر عن ارادة المسيح او ارادة ادم او ارادة احد اخر المهم هو ارادة الواضع (فهو من وضع فى غير الموضع لا احد اخر ) الذى سوف يلتصق به وصف ظالم ليس الموضع او المحل او بمعنى اخر المسيح ...
والواضع هو الله ..
ولو كان هناك ارادة للمسيح فسوف تاتى فى المرتبة الثانية بعد تقدم الارادة الإلهية عليها وعلى كل إرادة مطلقا ..
واخيرا لو نظرنا لارادة الله حسب ما يعتقده النصارى من حمل المسيح لعقاب ادم نظرة مجردة نجد انه اراد الظلم من مبدا الامر عند او بمجرد تفكيره بوضع الشىء فى غير موضعه وارادة الله من المعلوم لا تسبقها اى ارادة , فاذا ما قرنا هذه الارادة مع ارادة المسيح مع العلم بتقدم احداهما على الاخرى نجد ان الظلم تم بموافقة المسيح ,وفى حالة واحدة فقط يمكن ان ننفى اى شبهة للظلم وهى اذا كان هذا الامر خارج عن الارادة الالهية وليس هناك حتى ظن او وهم بمشاركة هذه الارادة لارادة المسيح و لو بسهم واحد وهذا محال ..
و كلما زادت اسم المشاركة لاسهم الارادة الالهية كلما زادت اسهم الظلم وسبحان الله عما يصفون .
الكتاب المقدس بين الشهادتين
فعل ادم للخطيئة ترتب عليه استحقاقه للعقاب الالهى تطبيقا للعدل ولم يقبل الرب شفاعة رحمته لذلك (في رفع العقاب عن ادم) مما أدى إلى أضحية استرضائية ترضى جميع الإطراف (الرحمة والعدل والغضب الالهى) وخرجنا من كل ذلك بنتيجة تقول بأنه لابد من تطبيق العدل أيا كانت الأحوال والظروف فيكون بالقياس على ذلك من العدل أيضا عدم عقاب غير المستحق مهما كانت الظروف ومن غير الطبيعى أن نضرب أمثلة للمحبة والفداء على أشلاء العدل ومتطلباته وخصوصا إذا كانت هذه الأمثلة في سبيل سلامته وعدم مناقضته لنفسه (العدل).
وما ذكر في تثنية 22 عدد 25 – 27 ((وَلكِنْ إِنْ وَجَدَ الرَّجُلُ الفَتَاةَ المَخْطُوبَةَ فِي الحَقْلِ وَأَمْسَكَهَا الرَّجُلُ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا يَمُوتُ الرَّجُلُ الذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا وَحْدَهُ. 26وَأَمَّا الفَتَاةُ فَلا تَفْعَل بِهَا شَيْئاً. ليْسَ عَلى الفَتَاةِ خَطِيَّةٌ لِلمَوْتِ بَل كَمَا يَقُومُ رَجُلٌ عَلى صَاحِبِهِ وَيَقْتُلُهُ قَتْلاً. هَكَذَا هَذَا الأَمْرُ. 27إِنَّهُ فِي الحَقْلِ وَجَدَهَا فَصَرَخَتِ الفَتَاةُ المَخْطُوبَةُ فَلمْ يَكُنْ مَنْ يُخَلِّصُهَا.)) [تثنية 22عدد 25-27] لا يدع مجالا للشك في ذلك.
فهناك إلزام الهي بعقاب من يستحق في نفس الوقت الذي فيه إلزام وتنبيه الهى بعدم عقاب من لا يستحق وتوازى مع ذلك الالزام والتوجيه التحديد سواء كان للشخص المستحق للعقاب او غير المستحق مما يغلق الباب على اى مجال للتحايل .
ابن النعمان
2012-04-19, 09:15 PM
الامر لا يستدعى كل ذلك ..
يعتقد المسيحيين أن من صفات الله العدل والرحمة ، وبمقتضى صفة العدل كان على الله أن يعاقب ذرية آدم بسبب الخطيئة التي أرتكبها أبوهم وطرد بسببها من الجنة ، وبمقتضى صفة الرحمة كان على الله أن يغفر سيئات البشر ، ولم يكن هناك من طريق للجمع بين العدل والرحمة إلا بتوسط ابن الله الوحيد ليموت على الصليب كفارة ونيابة عنهم ، وبهذا العمل يكون الله قد جمع بين عدله ورحمته مع الإنسان وأخذ العدل حقه ، وظهرت رحمة الله !! .
لقد اثبتنا فيما سبق ان الرحمة لم تتدخل والتوفيق لم يحدث والظلم كان سيد المشهد , ما يهمنا الآن هو الاجابة عن هذا السؤال ..
هل الامر يستدعى كل تلك الترهلات ؟
الاجابة سوف نعرفها فى السطور القادمة من خلال طرح بعض الاسئلة والاجابة عليها..
هل يحتاج الرب لكى ينفذ مشيئته الجمع بين عدله ورحمته ؟
الكتاب المقدس يقول لا !!
وهناك الكثير من الأدلة على ذلك منها ما حدث لقوم نوح عليه السلام ولقد وردت هذه القصة ( قصة نوح والطوفان) في الإصحاحات من السادس إلى التاسع من سفر التكوين وتجري أحداثها على النحو التالي :
(رأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، فحزن أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه، وعزم على أن يمحو الإنسان والبهائم والدواب والطيور عن وجه الأرض، وأن يستثني من ذلك نوحاً لأنه كان رجلاً باراً كاملاً في أجياله، وسار نوح مع الله ........... وتزداد شرور الناس، وتمتليء الأرض ظلماً، ويقرر الرب نهاية البشرية، ويحيط نوحاً علماً بما نواه، آمراً إياه بأن يصنع فلكاً ضخماً، وأن يكون طلاؤها بالقار والقطران من داخل ومن خارج، حتى لا يتسرب إليها الماء، وأن يدخل فيها اثنين من كل ذي جسد حي، ذكراً وأنثى، فضلاً عن امرأته وبنهيه ونساء بيته، هذا إلى جانب طعام يكفي من في الفلك وما فيه.. تكوين 6: 1 ـ 22.
و يكرر الرب أوامره في الإصحاح التالي فيأمره أن يدخل الفلك ومن معه ذلك لأن الرب قرر أن يغرق الأرض ومن عليها بعد سبعة أيام ذلك عن طريق مطر يسقط على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة، ويصدع نوح بأمر ربه فيأوي إلى السفينة ومن معه وأهله، ثم انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء، واستمر الطوفان أربعين يوماً على الأرض.
و تكاثرت المياه ورفعت الفلك عن الأرض وتغطت المياه، ومات كل جد كان يدب على الأرض، من الناس، والطيور والبهائم والوحوش وبقي نوح والذين معه في الفلك حتى استقرت الفلك على جبل أرارات. ويلاحظ مما يبق ان الرب عاقب قوم نوح بلا قيد او شرط او اختلاق مشاكل تحتاج الى توفيق بين شيئين متضادين .
2- الرب ايضا غفر لاهل نينوى بلا صلب او فداء كما ورد فى سفر يونان .
مع الانتباه بان خطيئة اهل نينوى كانت نفس خطيئة قوم نوح (الكفر والضلال) .
3- ذكر الكتاب المقدس في خروج 40:12 أن الرب غفر لهارون خطأه ، وأمر بجعله وذريته كهنة على بني اسرائيل ؟!
وكان ذلك قبل ولادة المسيح بأمد طويل وتمت مشيئة المغفرة بدون الافتقار الى التوفيق بينها و بين وشىء اخر .
4- - قال المسيح : (( وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له في هذا العالم ولا في الآتي )) (متى 12 : 32 ) يقصد المسيح أن من كذب أو استهزأ بجبريل فلا غفران له. نلاحظ ان الرب قد قد قضى بعدم الغفران لكل من كذب على الروح القدس بدون ان يكون هناك قيد متمثلا فى التوفيق بين العدل و الرحمة .
5- قال المسيح ايضا : (( ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان )) (متى 26 : 24) قال ذلك وهو يحذر أحد حواريه الذي سيخونه ويشي به إلى السلطة . فهو يبشر هذا الحوارى بعدم الخلاص دون ان تكون الرحمة عائقا لذلك.
6- المسيح علم تلاميذه ان يصلوا الى الله قائلين : (( وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا ! )) [ متى 6 : 12 ]
ويقول أيضاً : (( فإن غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلاَّتِكُمْ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلاَّتِكُمْ. )) [ متى 6 : 14 ، 15 ] .
وقد قال داود في صلواته : (( إنْ كُنْتَ يَارَبُّ تَتَرَصَّدُ الآثَامَ، فَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ فِي مَحْضَرِك َ؟ وَلأَنَّكَ مَصْدَرُ الْغُفْرَانِ فَإِنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَهَابُونَكَ )) [ مزمور 130 : 3 ] .
7- قال الرب لقابيل الذي قتل هابيل : (( إنك إن أحسنت تقبلت منك وإن لم تحسن فإن الخطية رابطة ببابك )) وإذا كان الأمر كذلك فقد صار إحسان المحسن من بني آدم مطهراً له ومخلصاً ، فلا حاجة إلي شيء آخر.
هل يمكن ان تتأتى المغفرة بشئ غير الدم ؟
نعم كالتالى :
المغفرة بالصلاة والتوبة
ا - ورد فى سفر إشعياء الإصحاح 55 : 7 " ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران "
وفى سفر أخبار الأيام الثاني الإصحاح 7 : 14 " فإذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فإنني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم "
المغفرة بالجواهر
ورد فى سفر العدد (31:50) فقد قدمنا قربان الرب كل واحد ما وجده أمتعة ذهب حجولا وأساور وخواتم وأقراطا وقلائد للتكفير عن أنفسنا أمام الرب
المغفرة بالاموال
ورد فى سفر الخروج (30:15) الغني لا يكثر والفقير لا يقلل عن نصف الشاقل حين تعطون تقدمة الرب للتكفير عن نفوسكم.16 وتأخذ فضة الكفارة من بنى اسرائيل وتجعلها لخدمة خيمة الاجتماع . فتكون تذكارا امام الرب للتكفير عن نفوسكم .
المغفرة بالدقيق
ورد فى اللاويين (5:11) وان لم تنل يده يمامتين او فرخى حمام فياتى بقربانه عما اخطأ به عشر الايفة من دقيق قربان خطية . لا يضع عليه زيت ولا يجعل عليه لبان لانه قربان خطية 12 يأتي به إلى الكاهن فيقبض الكاهن منه ملء قبضته تذكاره ويوقده على المذبح على وقائد الرب. إنه قربان خطية .
اذن الله عز وجل يقبل غفران الخطيئة بدون دم بالـ.( المال , الجواهر , الدقيق , الصلاة , التوبة )
ولا نستطيع ان ننسى بان الله غفر لاهل نينوى ورفع عنهم العقاب بطريق من الطرق السابقة بلا صلب او فداء ( يونان 3 : 10 ).
هل العقاب يناقض المحبة؟
1- لا يمكن ان يكون هناك باعث يسمى بالمحبة ويجعل الاله يحيد عن فضيلة عظمى وهى فضيلة العفوا والغفران إلى شىء اخر تحيط به الكثير من البواعث الغامضة الا اذا كانت هذه الفضيلة (العفوا والغفران ) متعلقة بالحقد او الكراهية او محسوبة على القيم الوضيعة كما انه ليس من الحكمة في شيء أن نفتدي بدينار ما نستطيع أن نفتديه بفلس اما
2- بالنسبة للمحبة يجب ان يكون المتمتع بالجزء الاكبر منها المسيح , و اذا كان المسيح بالنسبة لله هو اعز واحب ما لديه فان كل شىء فى المعزة والمحبة سوف ياتى بعد المسيح.ويكون المسيح قبل كل شىء ومن البديهى ان تكون التضحية من اجل العزيز وليست بالعزيز من اجل من هو ادنى منه مرتبة بدون داعى , فليس هناك ما يلزم بفعل هذه التضحية ولا فائدة من التصنع المسرحى مع وجود حل اخر خالى من التعقيد بشاهدة المسيحيون انفسهم ..
يقول القس بولس سباط :
" لم يكن تجسد الكلمة ضروريا لإنقاذ البشر ، ولا يتصور ذلك مع القدرة الإلهية الفائقة الطبيعية " (مناظرة بين الاسلام والمسيحية ص163 ) بينما الكاتب بولس اليافى يقول : "مما لا ريب فيه أن المسيح كان باستطاعته أن يفتدي البشر ويصالحهم مع أبيه بكلمة واحدة أو بفعل سجود بسيط يؤديه باسم البشرية لأبيه السماوي " (المصدر السابق ص164 )
3- إذا كان هناك بواعث مروجعها إلى صفات إلهية معينة أدت إلى الحول بين ادم والعقاب فبالقياس على ذلك سوف تكون البواعث التي أدت إلى قتل وصلب المسيح راجعة إلى بواعث مناقضة للبواعث الأولى و وبالتبعية مناقضة أيضا للصفات الإلهية المعينة التي أدت إلى هذه البواعث لان المقصود الفعل وليس المفعول به (المعاقب ) والفعل (العقاب ) قد حدث والصفة (الرحمة) لا الموصوف.
يقول آرثر ويجال Arthur Weigall :
"نحن لا نقدر أن نقبل المبدأ اللاهوتي الذي من أجل بعض البواعث الغامضة أوجب تضحية استرضائية . إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة . إن الدكتور كرودن الشهير يعتقد أنه من أجل مآرب لهذه التضحية فإن يسوع المسيح قاسى أشد العذاب أوقعها الله قصاصاً عليه . وهذا بالطبع وجهة نظر يتقزز منها العقل العصري والتي قد تكون شرط لعقيدة بشعة ليست منفصلة عن ميول التلذذ بالقسوة للطبيعة البشرية البدائية . وفي الواقع أن هذه العقيدة دخيلة من مصدر وثني وهي حقا من آثار الوثنية في الإيمان" . (عقيدة الخطيئة الاولى وفداء الصليب – وليد المسلم )
واضافة الى هذا التعقيب هل يعقل ان تكون هناك بواعث متعلقة بالعقيدة او الايمان وتكون غامضة ؟ .
بينما يقول القس الذى اسلم بشاي جرجس بشاي وهو أستاذ سابق لللاهوت بالكلية الاكليركية : "هل يضحي الله بأبنه من اجل غيره .. فلا يعقل ان يضحي الله بأبنه او بغير ابنه من اجل ادم او غيره .. والجزئية الاخري ان ادم حينما اخطأ عوقب وفي هذه اللحظة حينها عاقب الله ادم .. ومن يملك القدرة علي العقاب لديه القدره علي العفو .. كيف لا يقوم الله بعد عقابه لادم بالعفو عنه" ويقول ايضا " ونأتي الي شئ مهم فالله سبحانه الي الان لم يعطني اولاد ولكن لو انا وانتم اشقاء .. وانا اجلس انا وانت نتكلم ثم دخل ابنك ليلعب فقمت بضربه وقلت له عيب يا ولد امشي .. ماذا سيكون رد فعلك فهل ستفرح لانني قمت بضرب ابنك ابدا لن تفرح وانا شقيقك وقد اكون الكبير ولكنك ستقول لي يا أخي عيب لا تقوم بضرب ابني وانا عايش .. حتي انتظر الي ان اموت وبعد ذلك اضربه فمهما كنت تحبني وانا اخوك لن تحبني اكثر من ابنك .. فما بالك الله والاب يقبل ان يظل في السماء وينزل ابنه الي الارض ليموت ويصلب من شيء هو قام بصنعه "(من حديث للقس السابق بشاى جرجس بشاى مع شبكة انا المسلم للحوار الاسلامى المسيحى )
و يقول الدكتور بهاء النحال :
"إن العهد القديم يروى لنا أن الله رفض أن يذبح إبراهيم عليه السلام ابنه قربانا له (ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه. فناداه ملاك الرب من السماء فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا) تكوين 10:23 فكيف يقبل الله ويسمح بقتل ابنه هو كذبيحة عن خطية آدم.
"إذا كان المسيح ابن الله ، فأين كانت عاطفة الأبوة وأين كانت الرحمة حينما كان الابن الوحيد يلاقي دون ذنب ألوان التعذيب الصلب مع دق المسامير في يديه"(عقيدة الخطيئة الاولى وفداء الصليب – وليد المسلم )
فمهما كانت الغاية فانها سوف تتناقض مع هذه العاطفة ومع الرحمة ايضا والمحبة ومهما كان التبرير او التفسير فانه لن ياخذ به لعدم وجود داعى لذلك واذا كان هناك داعى فان العاطفة والمحبة من الاب للابن من الطبيعى ان تكون اكبر منه مما لا يدع مجالا لاى شيء آخر .
وقصة ابراهيم وابنه التى وردت في الكتاب المقدس سواء كان اسحق او اسماعيل تجعلنا نتساءل اذا قدم الله فداء فى صورة كبش عن اسحق فلماذا لم يستخدم هذه الصورة فى فداء البشر فيخلق كبش ليكون فداء عاما عن كل البشر وعن المسيح فى نفس الوقت حتى يجعله فى منأى على الاقل عن القتل والصلب ؟ .
قد يقول البعض اين الكبش الذي يستطيع ان يتحمل كل خطايا البشر ؟
نقول من منطلق أن الله كلى القدرة له إما أن يخلق كبشا ويعطيه من العظمة الشيء الذي يؤهله لكي يكون فداء عاما عن كل بنى البشر وأما أن يخلق كبش لكل إنسان على حدة , وبعد ذلك لا فرق فى الكبش بين ان يقدمه الإنسان عن نفسه كما حدث مع إبراهيم او يقدمه الله عن كل إنسان على حده كما حدث مع اسحق او إسماعيل وذلك او ذاك على الله يسير إلا إذا كان الله عاجز عن ذلك فلا يكون كلى القدرة وبالتالي لا يكون كلى المحبة وتعالى الله عما يصفون مع العلم بان اسحق او إسماعيل كان له من الكرامة والفضل ما يجعله أفضل من الكبش بمسافات ساشعة ومع ذلك تم تقديمه عنه مما يدل على التساهل في هذه المسالة الذي كان أولى به مسالة الخطيئة الأولى لجعل المسيح على الأقل في منأى عن القتل والصلب وجعل البشر كذلك في منأى عن التشتت والحيرة والمعاناة الأرضية وما بها من هموم وأوجاع .
واخيرا يقول الدكتور مصطفى محمود :
"البعض يقول كيف يعذبنا الله و الله محبة ؟ و ينسى الواحد منهم أنه قد يحب ابنه كل الحب و مع ذلك يعاقبه بالضرب و الحرمان من المصروف و التأديب و التعنيف .. و كلما ازداد حبه لابنه كلما ازداد اهتمامه بتأديبه .. و لو أنه تهاون في تربيته لاتّهمه الناس في حبه لابنه و لقالوا عنه إنه أب مهمل لا يرعى أبناءه الرعاية الكافية .. فما بال الرب و هو المربي الأعظم .. و كلمة الرب مشتقة من التربية .
و الواقع أن عبارة ((الله محبة)) عبارة فضفاضة يسيء الكثيرون فهمها و يحملونها معنى مطلقاً .. و يتصورون أن الله محبة على الإطلاق .. و هذا غير صحيح .
فهل الله يحب الظلم مثلاً ؟
مستحيل ..
مستحيل أن يحب الله الظلم و الظالمين .. و أن يستوي في نظره ظالم و مظلوم .. و هذا التصور للقوة الإلهية .. هو فوضى فكرية ..
ويلزم فعلاً أن يكون لله العلو المطلق على كل الظالمين , و أن يكون جباراً مطلقاً يملك الجبروت على كل الجبارين .. و أن يكون متكبراً على المتكبرين مذلاً للمذلين قوياً على جميع الأقوياء .. و أن يكون الحكم العدل الذي يضع كل إنسان في رتبته و مقامه .
و أصحاب المشاعر الرقيقة الذين يتأففون من تصور الله جباراً معذباً علينا أن نذكرهم بما كان يفعله الخليفة التركي حينما يصدر حكم الإعدام بالخازوق على أعدائه .. و ما كان يفعله و ما كان يفعله الجلاد المنوط به تنفيذ الحكم حينما كان يلقى بالضحية على بطنه ثم يدخل في الشرج خازوقاً ذا رأس حديدية مدببة يظل يدق ببطء حتى تتهتك جميع الأحشاء و يخرج الخازوق من الرقبة .. و كيف أنه كان من واجب الجلاد أن يحتفظ بضحيته حيّاً حتى يخرج الخازوق من رقبته ليشعر بجميع الآلام الضرورية .
و أفظع من ذلك أن تفقأ عيون الأسرى بالأسياخ المحمية في النار .
مثل هؤلاء الجبارين هل من المفروض أن يقدم لهم الله حفلة شاي لأن الله محبة ؟
بل إن جهنم هي منتهى المحبة ما دامت لا توجد وسيلة غيرها لتعريف هؤلاء بأن هناك إلهاً عادلاً .
و هي رحمة من حيث كونها تعريفاً و تعليماً لمن رفض أن يتعلم من جميع الكتب و الرسل , و للذين كذبوا حتى أوليات العقل و بداهات الإنسانية .
أيكون عدلاً أن يقتل هتلر عشرين مليوناً في حرب عالمية .. يسلخ فيها عماله الأسرى و يعدمون الألوف منهم في غرف الغاز و يحرقونهم في المحارق .. ثم عند الهزيمة ينتحر هتلر هارباً و فارّاً من مواجهة نتيجة أعماله .
إن العبث وحده و أن يكون العالم عبثاً في عبث هو الذي يمكن أن ينجي هذا القاتل الشامل من ذنبه .
. و لا يكون الله محبة .. و لا يكون عادلاً .. إلا إذا وضع هذا الرجل في هاوية أعماله .
و عذاب الدنيا دائماً نوع من التقويم .. و كذلك على مستوى الفرد و على مستوى الأمم .. فهزيمة 67 في سيناء كانت درساً , كما أن رسوب الطالب يكون درساً – كما أن آلام المرض و اعتلال الصحة هي لمن عاش , حياة الإسراف و الترف و الرخاوة و المتعة درس .
و العذاب يجلو صدأ النفس و يصقل معدنها .
و لا نعرف نبيّاً أو مصلحاً أو فناناً أو عبقريّاً إل و قد ذاق أشد العذاب مرضاً أو فقراً أو اضطهاداً .
و العذاب من هذه الزاوية محبة .. و هو الضريبة التي يلزم دفعها للانتقال إلى درجة أعلى .
و إذا خفيت عنا الحكمة في العذاب أحياناً فلأننا لا ندرك كل شيء و لا نعرف كل شيء من القصة إلا تلك الرحلة المحدودة بين قوسين التي اسمها الدنيا .. أما ما قبل ذلك و ما بعد ذلك فهو بالنسبة لنا غيب محجوب , و لذا يجب أن نصمت في احترام و لا نطلق الأحكام .
(رحلتى من الشك الى الايمان – مصطفى محمود ص61 , 62 , 63 )
هل العفو يتعارض مع العدل..
او تطبيق العقوبة يتعارض مع الرحمة؟
القول بأن العفو عن الخطية يتعارض مع العدل، والقول بأن تطبيق العقوبة يتعارض مع الرحمة هو قول لا يتفق مع الحكمة. نعم لا يجوز العفو الدائم المستمر عن كل خطية، وإلا فقد القانون شرعيته وتأثيره، كذلك لا يجوز تطبيق العقوبة في كل حالة وإلا تحوّل المشرّع إلى دكتاتور ظالم مستبد. إن فلسفة تطبيق العقاب ينبغي أن تنبت من الرحمة وليس من الانتقام، أي أن الغرض من تطبيق العقاب يجب أن يكون هو الرحمة بالخاطئ لكي يمتنع عن ارتكاب الخطأ، والرحمة بالمجتمع لصيانته من نتائج ارتكاب الخطأ. فإذا تبين أن هذا الهدف لا يمكن أن يتحقق إلا بتطبيق العقوبة، فالحكمة تقتضي حينئذ ضرورة تطبيق العقوبة. وأما إذا تبين أن هذا الهدف يمكن أن يتحقق بغير تطبيق العقوبة، فالحكمة تقتضي حينئذ عدم تطبيق العقوبة. فليس هناك أي تعارض بين العدل والرحمة لأن الحكمة تجمع بينهما. وما دام العدل ينبثق من الرحمة وليس من شهوة الانتقام، فلا تعارض بين العدل والرحمة، بل يخضع العدل للرحمة بحسب مقتضيات الحكمة. والله تعالى حكيم، والقول بأنه إذا طبق عدله فإن هذا يتعارض مع رحمته أو إذا طبق رحمته فإن هذا يتعارض مع عدله هو قول يخالف الحكمة والحق، ولا يمكن أن ينتج من الله تعالى الحكيم. وعلى هذا، فلا يمكن أن تكون هذه العقيدة التي أساسها الاختلاف بين العدل والرحمة عقيدة نابعة من لدن الإله الحكيم، فيتحتم رفضها ونبذها باعتبارها خرافة من نتاج العقل الإنساني الناقص، أو من اختراع العقل الإنساني الجاهل بصفات الله العادل الرحيم الحكيم.
(أجوبة عن الإيمان – الحلقة الثالثة والثلاثون )
ثانيا : الاستحقاق للعقاب داخل مفهوم العدل سوف يجعله مبرئا تماما من اى شبهة للقسوة او الظلم وبالأخص إذا أخذنا لطف وحكمة الخالق في تقدير ذلك العقاب وتكافئه مع حجم الخطأ في الحسبان ولذلك اذا كان ادم مستحقا للعقاب فلن يكون هناك ادنى تناقض بين العدل الذي اقتضى هذا العقاب وبين الرحمة لكون ادم قد حصل عى المقابل لهذا الثمن مقدما والدليل لفظ استحقاق فالإنسان لا يمكن ان يظلم اذا اخذ ما يستحق سواء كان ما له او عليه .
وإذا علمنا بأنه قد تم إنذاره وتحذيره من هذا الفعل يكون هو الذى اختار هذا العقاب بنفسه لنفسه لأنه بداهتا كان يمكن ان يكون في منأى عن هذا العقاب لو أطاع الأمر .
إلا إذا كان هذا العقاب أكثر من المستحق عليه.
ابن النعمان
2012-04-19, 09:16 PM
افضل صور التوفيق
وبالنسبة للجنة والنار يمكن ان نجد المنزلة الوسط بينهما ببساطة شديدة ..
فانتقال الانسان من الجنة الى النار يمر بثلاث مراحل ( الجنة ) , (الخروج من الجنة ) , (دخول النار ) فيكون التوفيق متمثل فى الخروج من الجنة وعدم دخول النار مما ينتج عنه عقاب نسبى ناتج عن الحرمان من نعيم الجنة ... اخف من العقاب المطلق المتمثل فى (دخول النار ) وهذه هى نفس النتيجة التى حصلنا عليها فى حديثنا عن نسبية المتعة والعذاب مما يؤكد حدوث العقاب لآدم من ناحية ومن ناحية اخرى يؤكد على ان الخروج من الحرمان من الجنة وعدم دخول النار هو افضل صور التوفيق بين العدل والرحمة لو كان هناك فعلا ما يسمى بذلك وهو ما لا يمكن ان يحدث نظرا للجزئية المتعلقة بالعدل.
ابن النعمان
2012-04-19, 09:20 PM
العقاب حدث بالفعل
سفر التكوين
قول سفر التكوين: " وأخذ الرب الإله آدم، ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها، وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها تموت موتا .....
وكانت الحية أحيَل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله؟، فقالت للمرأة: أحقاً قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنة؟ فقالت المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه، ولا تمساه لئلا تموتا.
فقالت الحية للمرأة لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر، فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها، وأكلت، وأعطت رجلها أيضاً معها، فأكل فانفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين، وصنعا لأنفسهما مآزر.
وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم، وقال له: أين أنت؟
فقال: سمعت صوتك في الجنة، فخشيت لأني عريان، فاختبأت، فقال: من أعلمك أنك عريان ؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت.
فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلت؟ فقالت المرأة: الحية غرّتني فأكلتُ.
فقال الرب الإله للحية: لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم. ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه.
وقال للمرأة: تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك.
وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً: لا تأكل منها. ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تنبت لك، وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها، لأنك تراب، وإلى تراب تعود ...
وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر، والآن لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها، فطرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة " (التكوين 2/15-3/24).
من يقرأ هذه الاعداد يتضح له انه قد تم عقاب كل من كان له دخل بهذه الخطيئة من قريب أو بعيد حتى الحية التي حرضت على الفعل لم تسلم من العقاب " ملعونة أنت من جميع البهائم، ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه ".
وأما عقوبة حواء " تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك ".
وأما عقوبة آدم " ملعونة الأرض بسببك، وبالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تنبت لك، وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزاً ". واذا ما تم العقاب فلن يكون هناك مشكلة او حاجة الى التوفيق بين العدل والرحمة وبذلك يكون هذا الأساس العقائدي مخترع من قبل البشر وليس له اى أصل لان العقاب قد حدث بالفعل كما ورد فى صفر التكوين و يتضح ايضا ان العقاب لم يتم رفعه بعد صلب المسيح كما يعتقدون وما زال مستمرا وهذا ظاهر جلى للجميع مما يعنى ان هذا الأساس العقائدي هو الاخر ايضا مخترع وليس له اصل وان ما حدث هو صلب إنسان اخر القى عليه الشبه كما قال القرآن الكريم (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا) الاية 157 من سورة النساء
ثانيا : بالنسبة للعقاب الذي حدث لكلا من الإنسان والمرأة والحية كما ورد فى سفر التكوين .. لن يخرج عن كونه واحد من ثلاثة ..
شديد ..
مناسب ..
خفيف ..
فإذا كان العقاب شديد فسوف يتعارض مع صفتى العدل والرحمة وتناسب العقوبة مع حجم العقاب ويصبح في أفضل الأحوال ظلم بين أما إذا كان مناسب فسوف يكون كل ما يعتقده النصارى من فداء و صلب للمسيح وتوفيق بين العدل والرحمة وغير ذلك أوهام وأباطيل لان ادم أخطا واخذ العقاب المناسب لهذه الخطيئة وبذلك لن يكون هناك حاجة إلى أن يأتي من يحملها عنه وخصوصا إذا كان العقاب لا يزال مستمرا للآن لكلا من الحية , و ادم , وحواء بعد الصلب المزعوم , ونأتي للاحتمال الأخير ..
إذا كان العقاب يسير فسوف يكون هناك ما هو اشد منه كدخول النار فيكون بذلك حدث حيود عنه الى ما هو اخف منه والصفة الوحيدة التي تغير العقاب من الشدة الى الضعف عن طريق التخفيف الرحمة واذا خففت الرحمة من شدة العقاب يمكنها ان ترفعه حسب الإرادة الإلهية بدون اى تعقيدات لأنها اذا تعاملت مع الجزء فى صورة تخفيف بدون الحاجة الى فداء او توفيق بينها وبين العدل يمكنها ان تتعامل مع الكل فى صورة رفع العقاب مطلقا بدون الحاجة أيضا إلى ما يسمى بالتوفيق بينها وبين شيء آخر , وبذلك يكون مصطلح التوفيق بين العدل والرحمة مصطلح خاطئ تم وضعه ممن يتمتعون بعمى البصر والبصيرة لتبرير معتقداتهم والأسوأ من ذلك هو الفهم الخاطئ لهذا المصطلح أيضا واتحدي بعون الله أن يفسر لى احد المسيحيين هذا المصطلح (توفيق بين العدل والرحمة ) تفسيرا صحيحا ويكون هذا التفسير الصحيح متفق مع ما يعتقده .
وإذا تصورنا أن هناك توفيق بين العدل والرحمة فلن يكون هناك توفيق أفضل من حرمان ادم من نعيم الجنة عقابا له وعدم إدخاله النار رحمتا به و الذى تم فعلا بإنزاله إلى الأرض .
نسبية الثواب والعقاب
يمكن أن نقر بحدوث العقاب لآدم تحت مفهوم النسبية وبالتحديد نسبية الثواب والعقاب وهذا إذا طرحنا ما ورد في صفر التكوين جانبا واستخدمنا البداهة العقلية والتفكير المنطقي ..
و نبدأ بالسؤال التالي :
لو كان ادم في النار بدلا من الجنة ثم اخرج منها إلى الأرض ؟ , فماذا سوف تمثل له الأرض ؟ , هذا السؤال لا يحتاج إلى تفكير , ولقد سألته لبعض المسيحيين فأجاب على الفور , الأرض سوف تكون بالنسبة له جنة ..
وبالتالي إذا عكسنا الأمر بان كان في الجنة ثم اخرج منها إلى الأرض فسوف تكون الأرض بالنسبة إليه تحت مفهوم السابق والقياس جحيم ..
اى أن الأرض سوف تكون جنة بالنسبة لعذاب النار وفى الوقت ذاته سوف تكون جحيم بالنسبة لنعيم الجنة .. كما أن متوسط القامة يكون طويل بالنسبة للقصير وقصير بالنسبة للطويل مع أن طوله واحد لم يتغير ..
واقع الحياة
حين يتأمل المرء أحوال الناس من حوله يذهل من ذلك القدر الهائل من الألم والمعاناة الذى يصبغ حياتهم ، فيقف حائراً أمام حقائق الحياة المريرة التي فرضت على الإنسانية أن تشق طريقها وسط ركام من الأحزان وفوق أنهار من الدموع ، فأقدار الناس من المصائب موزعة بين فقير معدم لا يجد قوت يومه ، ومشرد فقد بيته فغدا بلا مأوى يفترش الأرض ويلتحف السماء ، وأطفال صغار فقدوا أمهم أو أباهم أو كليهما فكتب عليهم أن يتجرعوا مرارة الحرمان باكراًً، و أب مكلوم وأم ثكلى خطف الموت فلذة كبدهما في زهرة عمره وريعان شبابه ، ومهاجر يئن من وطأة الغربة ويتلمظ شوقاً للعودة إلى وطنه الذي أخرج منه قسراً، وأسير أفنى سنين عمره في ظلمة السجن و قبضة السجان بعيداً عن الشمس والهواء، ومريض أقعده مرضه طريح الفراش فهو ينتظر الموت في كل حين ، ونساء وأطفال روعتهم الحروب والكوارث وقذفت في قلوبهم الرعب فلا ملجأ يحميهم ، وهذه ليست إلا أمثلة لألوان لا تحصى من المعاناة. ومن سلم من هذه الأصناف المادية من الابتلاءات لم يسلم من هم أثقله أو قلق أقض مضجعه أو وحشة ملأت قلبه ، أو خوف نغص عليه نعيمه ، وكم من ثري أوتي كل أسباب الراحة المادية فلم يجد سوى الهم والقلق والخوف من المجهول والشعور بالوحشة والاكتئاب النفسي ، وفي ذلك آية بينة بأن الكبد والعناء ملازم للحياة على الأرض وجزء لا ينفك من طبيعتها وهو ما دفع بعض الفلاسفة لوصف الحياة الإنسانية بأنها مسرحية تراجيدية مروعة. ومما يذكر ان داليدا عندما انتحرت تركت هذه الرسالة اعذرونى الحياة اصبحت غير محتملة مع كل ما كانت تملك من مال وشهرة عالمية , وهكذا نجد الحياة مسرحا خصبا لكل الوان العذاب المادي والروحي , وإذا تجاوزنا حدود الوطن الصغير وتأملنا في العالم المحيط بنا صدمنا أمام الحصاد المخيف لتجربة الإنسانية المصبوغة بالدماء والدموع ، فكم من مئات من الملايين قتلوا عبر التاريخ في حروب عبثية لم تجن البشرية منها سوى الندامة والخسران ، وما زالت الإنسانية تعزف لحناً حزيناً في مسلسل المعاناة المتواصل منذ أن دب الإنسان على هذه الأرض ، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ في هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذه السطور كم من نفس تزهق ودماء تنزف ودموع تذرف،وكم من نفوس تتألم وصدور تتأوه في هذه الأثناء ويكفى ان يعلم الانسان ان هناك ما بين 20 الى 60 مليون انسان فى العالم يحاولون الانتحار سنويا وهذا حسب ما قاله الخبراء الدوليون وقال احدهم ان
عدد الأشخاص الذين ينتحرون سنويا يزيد على عدد الأشخاص الذين يلقون حتفهم بسبب الحروب وجرائم القتل معا ، ولكنهما قالا إن معظم جرائم الانتحار يمكن منعها.
وفى تقرير لوكالة انتر بريس سيرفس (اى . بى . سى ) بقلم غوستافو كابديفيلا - قدرت منظمة الصحة العالمية أن نحو مليون شخصا ينتحرون سنويا في العالم ، ما يمثل عاشر أسباب الموت عامة وثالثها بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 44 عاما. كما قدرت أن محاولات الإنتحار تفوق هذا الرقم بما قد يبلغ عشرين ضعفا.
آي بي إس / 2009).)
ولا عجب من ذلك اذا علمنا ان ان مرض واحد كالاكتئاب يمكنه ان يحول حياة الانسان الى جحيم لا يطاق , وكفى بالاكتئاب ان يشعر الإنسان بالحزن والكدر واليأس وفقدان الاهتمام وعدم القدرة على الاستمتاع بأي شيء سار أو ممتع، كما يفقده الرغبة فى الشهية والإحساس لكل ما كان يشتهيه من قبل بل لا يجد طعم أو لذة لأي شيء فى الدنيا مما يجعله يموت فى اليوم الف مرة و هذا لا يقارن بموت المسيح مرة واحدة كما يزعمون
[الدكتور ابو مبارك عبد الله بن مبارك ابن يوسف الخاطر - راجع كتاب الحزن والاكتئاب فى ضوء الكتاب والسنة]
و قيل فى تعريف الاكتئاب هو تغير النفس وانكسارها من شدة الهم والحزن وليس ما هو افظع من ذلك .
وقال الدكتور خوسيه مانويل برتولوتي وهو مسؤول في مجال الصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية إن ما بين 20 مليونا و60 مليون شخص يحاولون الانتحار سنويا، ولكن نصف مليون منهم فقط ينجحون في ذلك.
مع ملاحظة أن الدول العربية والإسلامية من أقل الدول التي تشهد حالات انتحار في العالم لا ن المسلم يؤمن بما
أقره القرآن العظيم بحقيقة أن الإنسان خلق في مشقة وعناء قال تعالى : (لقد خلقنا الإنسان في كبد) الاية الرابعة من سورة البلد ، والأرض هي مكان العداوات والأحزان منذ أن هبط آدم وحواء عليها إلى قيام الساعة ( قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو) الاية 36 سورة البقرة ، ولو أن هذه الأرض هي نهاية المطاف للإنسان لحق له أن يموت كمداً وحزناً على سوء حظه فيها ، ولكنها مقام مؤقت وممر إلى ما وراءها: (مستقر ومتاع إلى حين ) ، والمصائب التي تعصف بالإنسان على وجه هذه الأرض ما هي إلا رسائل تذكير متتابعة له بأن هذا ليس هو المكان المناسب لاستقراره وسعادته ، فلا يطمئن إليه أو يفتن به ، وهي استفزاز له لتشعل في نفسه الحنين إلى موطنه الأصلي وهو الجنة التي أخرج الشيطان أبويه منها ، وهي أيضاً تحذير له من عاقبة الذنوب والآثام فلولا ذنب أبيه آدم لما هبط من دار السعادة إلى دار الشقاء ولما كان عليه مواجهة كل هذه المتاعب والآلام (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) الآية 30 من سورة الشورى ,
كما أن هذه المآسي التي تلون حياة البشرية منبهات تذكره بمدى هشاشته وضعفه وافتقاره إلى خالقه فلا يطغى ولا يتكبر، والطغيان طبع أصيل في الإنسان يظهر حين يظن نفسه قوياً ومستغنياً: ( كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)) الآيات من سورة العلق , فتأتي هذه المصائب لتذكره بضعفه وحاجته إلى ربه ، ولتلجئه للتضرع إليه : ((ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرّعون)) الآية 42 من سورة الأنعام
فالشدائد هي التي تقرب الإنسان من الله لأنها تقطع أمله بمن دونه وتنقي قلبه من التعلق بغيره فيتحقق الإخلاص (( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين )) الآية 32 من سورة لقمان , ففي الشدة يتعرف الإنسان على ربه ، فإذا انجلت المحنة عاد إلى غفلته (فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ) الآية 32 من سورة لقمان ,
وهي تقرب الإنسان من الله لأنها تزيل الحجب الكثيفة التي تعيق الوصول إليه ، لأن هذه الحجب قد تكونت بفعل التكوين الطيني للإنسان فنالت كثافة الطين من شفافية الروح،والألم يضعف من تعلق الإنسان بالهوى الطيني ويساعد في إطلاق روحه.
وبعد ذلك فالمحنة هي التي تستفز الإنسان للإبداع والتطوير،وتستخرج طاقاته الكامنة ، لأنها تفرض عليه تحدياً يضيق أمامه الخيارات فيستفزه ذلك للبحث عن مخارج وحلول فيكون الإبداع والارتقاء الذي يؤدي إلى التقدم في مسيرة الحياة و الإعمار على هذه الأرض.
وقد أبدع المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي في نظرية' التحدي والاستجابة' التي فسر بها نشوء الحضارات عبر التاريخ ، فحتى تنشأ أي حضارة لا بد من وجود قدر من التحدي لاستفزاز الطاقات البشرية ودفعها للإبداع وإنشاء الحضارة.
وفي عصرنا الحديث نشأت فكرة الاتحاد الأوروبي بعد حربين عالميتين طاحنتين أبيد فيهما عشرات الملايين ، فلم يفكروا في الوحدة إلا بعد أن ذاقوا مرارة التفرق والاقتتال، وهكذا هم البشر يتعلمون بنار التجارب أكثر من اهتدائهم بنور العقل ( لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم ) الآية 201 من سورة الشعراء
إن هذا الكبد والعناء الذي قدر الله للإنسان أن يخلق فيه هو الذي يوفر الظروف الملائمة لتحقيق غاية وجود هذا الإنسان على الأرض وهي الابتلاء والتمحيص: (هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) الآية الثانية من سورة الملك
ابن النعمان
2012-04-19, 09:21 PM
إثبات العقاب من جوانب أخرى
الحرمان والعطاء
هناك البعض يعاقبون البعض الاخر بحرمانهم من اشياء محببة الى انفسهم , مما يدل على أن الحرمان من شيء ترغبه النفس يعتبر عقاب تبنى شدته على مدى محبة الانسان لهذا الشىء وقس ذلك على حرمان ادم من نعيم الجنة .
المحبة والكراهية
لو سألت اى انسان على ظهر الارض هل تحب أن تدخل الجنة فسوف يجيب على الفور بنعم مما يعنى انه لو كان فى الجنة فعلا فانه سوف يكره الخروج منها لان المحبة عكسها الكراهية والدخول عكسه الخروج والفعل المكروه للإنسان يستخدم كوسيلة لعقابه وبالطبع ادم كان يكره الخروج من الجنة وخرج منها .
الأسباب والمسببات
وايضا لو سالت اى انسان على ظهر الارض لماذا تريد إن تدخل الجنة سوف يقول على الفور للأسباب الآتية إذن هذه الأسباب غير متوفرة على الأرض بل قد يكون هناك أضداد لها تؤدى إلى ضيق الانسان ومعاناته مما يجعله يطمح في دخول الجنة ليجد عكس ما هو فيه على الأرض الشىء الذى يسبب له عدم الراحة والمعاناة , فإذا انتقل الإنسان من الجنة إلى الأرض سوف يجد الأسباب التي أراد الفرار والهروب منها إلى الجنة وسعى الانسان للهروب او الفرار من هذه الاسباب يدل على انها تسبب له الكثير من الالم والعذاب , والالم والعذاب لا يندرجا الا تحت شىء واحد وهو العقاب.
من كل ذلك يتضح ان الخروج من الجنة او الحرمان من نعيمها يعتبر عقاب شديد نسبيا لوجود ما هو اشد منه وهو دخول النار واذا لم يكن هناك نار لكان هو اشد انواع العذاب على الاطلاق , يقول الدكتور محمد جميل غازى فى مناظرة بين الاسلام والمسيحية :"لا خلاف بان خطيئة آدم التي لم تزد عن أن تكون أكلا من شجرة نهي الله عنها قد عاقبه الله عليها - باتفاق المسيحين والمسلمين - بإخراجه من الجنة ، ولا شك أنه عقاب كاف ، فالحرمان من الجنة الفينانة والخروج إلى الكدح والنصب عقاب ليس بالهين كما قلنا . وهذا العقاب قد اختاره الله بنفسه ، وكان يستطيع أن يفعل بآدم أكثر من ذلك ، ولكنه اكتفى بذلك" .
ابن النعمان
2012-04-19, 09:22 PM
الابتلاء من المنظور المسيحى
هذا بالنسبة للمسلم ..
اما بالنسبة للمسحيين فمع انهم محترفين فى صناعة التبريرات والتفسيرات الواهية , فلن يحدو تبريرا او تفسير يثلج الصدور او يذهب الحيرة ويجمع الشتات الفكري والوجداني سواء كان لهم او لغيرهم الا من خلال وجهة النظر الإسلامية وان اصرو فلن يجدو حكمة من هذا الواقع المرير للإنسان على ظهر الأرض حسب اى وجهة نظر اخرى الا ان يكون احد شيئين اما عقاب فتبطل عقيدتهم ودعواهم وإما ان يكون بلاء بلا مردود او او سبب فيصبح ظلم بين وان كان هذا وذاك فهو فى الامرين مناقض للرحمة ولم يقبل الله بعقاب ادم لكونه كذلك , فكيف يقبل هذه المعاناة للبشر مع كونها ايضا مناقضة وان قيل لها مردود .. فما قيمة هذا المردود ان لم يكن فيه وبه الخلاص ؟ وما قيمة هذا المردود مع الحقيقة السابقة .. فمعاناة الانسان على ظهر الأرض عقاب ..
والعقاب مناقض للرحمة ..
وتناقضه للرحمة سبب مشكلة اوجبت أضحية استرضائية ..
فكيف يكون هناك اى أساس منطقي لقولهم: إن الله أراد بالعدل أن يعاقب الإنسان وبالرحمة أن لا يعاقبه , فتجسد الله في صورة إنسان حتى يعاقب نفسه فيكون قد نفذ العدل والرحمة!!..
وأخيرا كيف تكون العقيدة المسيحية هى العقيدة الصحيحة ولا تضع فى حسبانها بيان الحكمة من ذلك البلاء او تبريرا لذلك العقاب هل هذا تجاهل ام سهو ام نسيان ام دليل على البطلان ؟ , واذا كان المسيحيون هم صفوة مؤمني اهل الارض جميعا وما عداهم ضالين ألا يجب ألا يكونوا فى منأى عن وساوس الشيطان من هذه الناحية بالذات التى يمكن ان تمثل بابا ساشعا للشيطان لانها متعلقة باهم اسس عقيداتهم يمكن ان يدخل منه إلى أعماق النفس المؤمنة ليضللها بسهوله , ويحيد بها عن الطريق , وبذلك يؤدى وظيفته ومهمته على أكمل وجه ومن ثم يقدم شكرا لواقع الإنسان المرير على ظهر الأرض الذي ساعده على ذلك أما ان الشيطان أصبح اليوم يحب المؤمنين والمهتدين فجعلهم فى منأى عن وساوسه وتلبيساته , وجعلها قاصرة فقط على الضالين لينفرهم مما هم فيه من ضلال عن طريق جرعات كبيرة و مركزة من الوساوس ليسهل عليهم الوصول الى الحق فلا نستغرب إذن إذا وجدنا الشيطان نزيل دائم للمساجد يذكر الناس بكل صغيرة وكبيرة ليشغلهم بذلك عن الصلاة لغير المسيح ولا نستغرب أيضا قذفه لقلوب المسلمين بالكثير من الوساوس المتعلقة بالعقيدة المسيحية ليحببهم فيها ولكي يؤدى واجبه على أكمل وجه لم ينسى ان يقرن هذه الوساوس بكثير من الأفكار الإلحادية فيكون بذلك قد فعل ما وكل اليه على أحسن وجه .
وكيف يكون هناك دين يحارب من أهل العارض جميعا ويضع في اعتباره كل صغيرة فيغلق كل منفذ للشيطان الى تلافيف النفس و يضع فى اعتباره منهج لعلاج هذه الوساوس وضحدها عن طريق اشياء كثيرة ومتنوعة كالقرآن والذكر واستخدام البداهة العقلية
واخيرا كل ما سبق (1) يثبت ان ادم قد تم عقابه بالفعل فادم بمعاناته على الأرض وحرمانه من نعيم الجنة يكون ادم قد جمع بين نوعين من العقاب يضاف إليه المعاناة الناتجة عن إحساسه بالفارق بين نعيم جنة وجحيم الأرض بينما أبنائه اقتصر عليهم الأمر فى المعاناة الأرضية دون معاناة الإحساس بالفارق, هذه حقائق دامغة تقول بان ادم تم عقابه اشد عقاب فكيف يستخدم النصارى مبرر تحت التوفيق بين الرحمة والعدل حتى يتم عقاب ادم عدلا وعدم عقابه رحمة والعقاب حدث , ولم يقتصر على ادم بل شمل كل إفراد الجنس البشرى , وما زال مستمرا بعد صلب المسيح المزعوم مما يدحض القول بالخلاص ..
بالإضافة الى ذلك ليس هناك حالة يمكن ان نطلق عليها توفيق بين العدل والرحمة لأسباب ذكرنا بعضها من قبل إنما يمكن ان يكون بينهما فقط اقتران , لان الرحمة عطاء الهي غير مقيد او مشروط , واذا كان لابد من التوفيق بين العدل والرحمة عن طريق الفداء فما الذى يحدث لو لم يوجد ? هل تتجمد صفة من الصفات الالهية, وتصبح غير ذات فائدة , واذا كانت الرحمة مقيدة او مشروطة بشيء فان كل الصفات الأخرى سوف تسير على هذا النهج و تكون مقيدة باشياء اخرى , والا ما هو الذى قيد هذه الصفة عن غيرها من الصفات , وهل الصفات الالهية تناقض كلا منها الاخرى وأخيرا لا نسع إلا ان نقول الرحمة عطاء وغير مقيدة بشىء لان العطاء لا يشترط فيه الأخذ والا ما دخل ادم الجنة من الأساس قبل فعل الخطيئة لأنه لم يفعل شيء يستحق عليه ذلك , وهذه هي الحقيقة بموضوعية شديدة , ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأسد ابن كرزة فى الحديث الذي صححه الإمام الالبانى يا أسد بن كرزة لا تدخل الجنة بعمل ولكن برحمة الله [ قلت : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ] ولا أنا إلا أن يتلافاني الله أو يتغمدني [ الله ] منه برحمة
لان العمل محدود بينما نعيم الجنة غير محدود من جميع الجوانب والإبعاد مما لا يدع مجالا لدخولها الا بالرحمة .
فيكون دخول الجنة عطاء الهي بلا مقابل وهذا شيء طبيعي فإذا كان الدرهم لا يمكنه ان يشترى قصرا للإنسان تحت مفهوم المقايضة فان الهبة يمكنها ان تمنحه الكثير من القصور بلا مقابل .
فاذا ادخلت الرحمة ادم الجنة بلا قيد او شرط فانها ايضا يمكن ان ترفع عنه العقاب متمثلا ذلك فى العفو والغفران بلا قيد او شرط او تخفف من شدته قياسا على اضافة الماء البارد الى الساخن والنعيم النسبى المتمثل فى الخروج من النار اقل من النعيم المطلق المتمثل فى دخول الجنة .
(1) بعيدا عن وجة النظر الاسلامية لان هذا الواقع المرير للإنسان بالنسبة للإسلام إنما هو ابتلاء واختبار يعود عليه بمردود عظيم فى الدنيا والآخرة كما انه سبب فى تمتع الإنسان بفضيلة الصبر والتي بدورها سبب فى دخوله الجنة بغير حساب وهذا شىء طبيعي فلا معنى للصبر طبقا لحل تكافل اجزاء الوجود بغير الشدائد والابتلاءات والاختبارات بينما خلت وجه النظر المسيحية من ذكر اى حكمة او مردود لهذا الواقع , مما يجعلنا نتكلم عنه من هذه الوجه على انه عقاب شديد ليس له حكمة او مردود , الشيء الذي سوف يجعله ظلم بين فى نفس الوقت الذى سوف يظهر فيه العبث المحيط من كل الجوانب بصلب المسيح وعدم الجدوى من صلبه وتعالى الله عما يصفون
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى
2018-03-08, 10:34 AM
سلمت يداك و جزاك الله خيراً .
vBulletin® Jelsoft Enterprises Ltd , Copyright ©2000-2024