المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العقاب حدث بالفعل


ابن النعمان
2012-04-05, 06:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب
العقاب حدث بالفعل
سفر التكوين
قول سفر التكوين: " وأخذ الرب الإله آدم، ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها، وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها تموت موتا .....
وكانت الحية أحيَل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله؟، فقالت للمرأة: أحقاً قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنة؟ فقالت المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه، ولا تمساه لئلا تموتا.
فقالت الحية للمرأة لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر، فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها، وأكلت، وأعطت رجلها أيضاً معها، فأكل فانفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين، وصنعا لأنفسهما مآزر.
وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم، وقال له: أين أنت؟
فقال: سمعت صوتك في الجنة، فخشيت لأني عريان، فاختبأت، فقال: من أعلمك أنك عريان ؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت.
فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلت؟ فقالت المرأة: الحية غرّتني فأكلتُ.
فقال الرب الإله للحية: لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم. ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه.
وقال للمرأة: تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك.
وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً: لا تأكل منها. ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تنبت لك، وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها، لأنك تراب، وإلى تراب تعود ...
وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر، والآن لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها، فطرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة " (التكوين 2/15-3/24).
من يقرأ هذه الاعداد يتضح له انه قد تم عقاب كل من كان له دخل بهذه الخطيئة من قريب أو بعيد حتى الحية التي حرضت على الفعل لم تسلم من العقاب " ملعونة أنت من جميع البهائم، ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه ".
وأما عقوبة حواء " تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك ".
وأما عقوبة آدم " ملعونة الأرض بسببك، وبالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تنبت لك، وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزاً ". واذا ما تم العقاب فلن يكون هناك مشكلة او حاجة الى التوفيق بين العدل والرحمة وبذلك يكون هذا الأساس العقائدي مخترع من قبل البشر وليس له اى أصل لان العقاب قد حدث بالفعل كما ورد فى صفر التكوين و يتضح ايضا ان العقاب لم يتم رفعه بعد صلب المسيح كما يعتقدون وما زال مستمرا وهذا ظاهر جلى للجميع مما يعنى ان هذا الأساس العقائدي هو الاخر ايضا مخترع وليس له اصل وان ما حدث هو صلب إنسان اخر القى عليه الشبه كما قال القرآن الكريم (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا) الاية 157 من سورة النساء
ثانيا : بالنسبة للعقاب الذي حدث لكلا من الإنسان والمرأة والحية كما ورد فى سفر التكوين .. لن يخرج عن كونه واحد من ثلاثة ..
شديد ..
مناسب ..
خفيف ..
فإذا كان العقاب شديد فسوف يتعارض مع صفتى العدل والرحمة وتناسب العقوبة مع حجم العقاب ويصبح في أفضل الأحوال ظلم بين أما إذا كان مناسب فسوف يكون كل ما يعتقده النصارى من فداء و صلب للمسيح وتوفيق بين العدل والرحمة وغير ذلك أوهام وأباطيل لان ادم أخطا واخذ العقاب المناسب لهذه الخطيئة وبذلك لن يكون هناك حاجة إلى أن يأتي من يحملها عنه وخصوصا إذا كان العقاب لا يزال مستمرا للآن لكلا من الحية , و ادم , وحواء بعد الصلب المزعوم , ونأتي للاحتمال الأخير ..
إذا كان العقاب يسير فسوف يكون هناك ما هو اشد منه كدخول النار فيكون بذلك حدث حيود عنه الى ما هو اخف منه والصفة الوحيدة التي تغير العقاب من الشدة الى الضعف عن طريق التخفيف الرحمة واذا خففت الرحمة من شدة العقاب يمكنها ان ترفعه حسب الإرادة الإلهية بدون اى تعقيدات لأنها اذا تعاملت مع الجزء فى صورة تخفيف بدون الحاجة الى فداء او توفيق بينها وبين العدل يمكنها ان تتعامل مع الكل فى صورة رفع العقاب مطلقا بدون الحاجة أيضا إلى ما يسمى بالتوفيق بينها وبين شيء آخر , وبذلك يكون مصطلح التوفيق بين العدل والرحمة مصطلح خاطئ تم وضعه ممن يتمتعون بعمى البصر والبصيرة لتبرير معتقداتهم والأسوأ من ذلك هو الفهم الخاطئ لهذا المصطلح أيضا واتحدي بعون الله أن يفسر لى احد المسيحيين هذا المصطلح (توفيق بين العدل والرحمة ) تفسيرا صحيحا ويكون هذا التفسير الصحيح متفق مع ما يعتقده .
وإذا تصورنا أن هناك توفيق بين العدل والرحمة فلن يكون هناك توفيق أفضل من حرمان ادم من نعيم الجنة عقابا له وعدم إدخاله النار رحمتا به و الذى تم فعلا بإنزاله إلى الأرض .
نسبية الثواب والعقاب
يمكن أن نقر بحدوث العقاب لآدم تحت مفهوم النسبية وبالتحديد نسبية الثواب والعقاب وهذا إذا طرحنا ما ورد في صفر التكوين جانبا واستخدمنا البداهة العقلية والتفكير المنطقي ..
و نبدأ بالسؤال التالي :
لو كان ادم في النار بدلا من الجنة ثم اخرج منها إلى الأرض ؟ , فماذا سوف تمثل له الأرض ؟ , هذا السؤال لا يحتاج إلى تفكير , ولقد سألته لبعض المسيحيين فأجاب على الفور , الأرض سوف تكون بالنسبة له جنة ..
وبالتالي إذا عكسنا الأمر بان كان في الجنة ثم اخرج منها إلى الأرض فسوف تكون الأرض بالنسبة إليه تحت مفهوم السابق والقياس جحيم ..
اى أن الأرض سوف تكون جنة بالنسبة لعذاب النار وفى الوقت ذاته سوف تكون جحيم بالنسبة لنعيم الجنة .. كما أن متوسط القامة يكون طويل بالنسبة للقصير وقصير بالنسبة للطويل مع أن طوله واحد لم يتغير ..
واقع الحياة
حين يتأمل المرء أحوال الناس من حوله يذهل من ذلك القدر الهائل من الألم والمعاناة الذى يصبغ حياتهم ، فيقف حائراً أمام حقائق الحياة المريرة التي فرضت على الإنسانية أن تشق طريقها وسط ركام من الأحزان وفوق أنهار من الدموع ، فأقدار الناس من المصائب موزعة بين فقير معدم لا يجد قوت يومه ، ومشرد فقد بيته فغدا بلا مأوى يفترش الأرض ويلتحف السماء ، وأطفال صغار فقدوا أمهم أو أباهم أو كليهما فكتب عليهم أن يتجرعوا مرارة الحرمان باكراًً، و أب مكلوم وأم ثكلى خطف الموت فلذة كبدهما في زهرة عمره وريعان شبابه ، ومهاجر يئن من وطأة الغربة ويتلمظ شوقاً للعودة إلى وطنه الذي أخرج منه قسراً، وأسير أفنى سنين عمره في ظلمة السجن و قبضة السجان بعيداً عن الشمس والهواء، ومريض أقعده مرضه طريح الفراش فهو ينتظر الموت في كل حين ، ونساء وأطفال روعتهم الحروب والكوارث وقذفت في قلوبهم الرعب فلا ملجأ يحميهم ، وهذه ليست إلا أمثلة لألوان لا تحصى من المعاناة. ومن سلم من هذه الأصناف المادية من الابتلاءات لم يسلم من هم أثقله أو قلق أقض مضجعه أو وحشة ملأت قلبه ، أو خوف نغص عليه نعيمه ، وكم من ثري أوتي كل أسباب الراحة المادية فلم يجد سوى الهم والقلق والخوف من المجهول والشعور بالوحشة والاكتئاب النفسي ، وفي ذلك آية بينة بأن الكبد والعناء ملازم للحياة على الأرض وجزء لا ينفك من طبيعتها وهو ما دفع بعض الفلاسفة لوصف الحياة الإنسانية بأنها مسرحية تراجيدية مروعة. ومما يذكر ان داليدا عندما انتحرت تركت هذه الرسالة اعذرونى الحياة اصبحت غير محتملة مع كل ما كانت تملك من مال وشهرة عالمية , وهكذا نجد الحياة مسرحا خصبا لكل الوان العذاب المادي والروحي , وإذا تجاوزنا حدود الوطن الصغير وتأملنا في العالم المحيط بنا صدمنا أمام الحصاد المخيف لتجربة الإنسانية المصبوغة بالدماء والدموع ، فكم من مئات من الملايين قتلوا عبر التاريخ في حروب عبثية لم تجن البشرية منها سوى الندامة والخسران ، وما زالت الإنسانية تعزف لحناً حزيناً في مسلسل المعاناة المتواصل منذ أن دب الإنسان على هذه الأرض ، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ في هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذه السطور كم من نفس تزهق ودماء تنزف ودموع تذرف،وكم من نفوس تتألم وصدور تتأوه في هذه الأثناء ويكفى ان يعلم الانسان ان هناك ما بين 20 الى 60 مليون انسان فى العالم يحاولون الانتحار سنويا وهذا حسب ما قاله الخبراء الدوليون وقال احدهم ان
عدد الأشخاص الذين ينتحرون سنويا يزيد على عدد الأشخاص الذين يلقون حتفهم بسبب الحروب وجرائم القتل معا ، ولكنهما قالا إن معظم جرائم الانتحار يمكن منعها.
وفى تقرير لوكالة انتر بريس سيرفس (اى . بى . سى ) بقلم غوستافو كابديفيلا - قدرت منظمة الصحة العالمية أن نحو مليون شخصا ينتحرون سنويا في العالم ، ما يمثل عاشر أسباب الموت عامة وثالثها بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 44 عاما. كما قدرت أن محاولات الإنتحار تفوق هذا الرقم بما قد يبلغ عشرين ضعفا.
آي بي إس / 2009).)
ولا عجب من ذلك اذا علمنا ان ان مرض واحد كالاكتئاب يمكنه ان يحول حياة الانسان الى جحيم لا يطاق , وكفى بالاكتئاب ان يشعر الإنسان بالحزن والكدر واليأس وفقدان الاهتمام وعدم القدرة على الاستمتاع بأي شيء سار أو ممتع، كما يفقده الرغبة فى الشهية والإحساس لكل ما كان يشتهيه من قبل بل لا يجد طعم أو لذة لأي شيء فى الدنيا مما يجعله يموت فى اليوم الف مرة و هذا لا يقارن بموت المسيح مرة واحدة كما يزعمون
[الدكتور ابو مبارك عبد الله بن مبارك ابن يوسف الخاطر - راجع كتاب الحزن والاكتئاب فى ضوء الكتاب والسنة]
و قيل فى تعريف الاكتئاب هو تغير النفس وانكسارها من شدة الهم والحزن وليس ما هو افظع من ذلك .
وقال الدكتور خوسيه مانويل برتولوتي وهو مسؤول في مجال الصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية إن ما بين 20 مليونا و60 مليون شخص يحاولون الانتحار سنويا، ولكن نصف مليون منهم فقط ينجحون في ذلك.
مع ملاحظة أن الدول العربية والإسلامية من أقل الدول التي تشهد حالات انتحار في العالم لا ن المسلم يؤمن بما
أقره القرآن العظيم بحقيقة أن الإنسان خلق في مشقة وعناء قال تعالى : (لقد خلقنا الإنسان في كبد) الاية الرابعة من سورة البلد ، والأرض هي مكان العداوات والأحزان منذ أن هبط آدم وحواء عليها إلى قيام الساعة ( قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو) الاية 36 سورة البقرة ، ولو أن هذه الأرض هي نهاية المطاف للإنسان لحق له أن يموت كمداً وحزناً على سوء حظه فيها ، ولكنها مقام مؤقت وممر إلى ما وراءها: (مستقر ومتاع إلى حين ) ، والمصائب التي تعصف بالإنسان على وجه هذه الأرض ما هي إلا رسائل تذكير متتابعة له بأن هذا ليس هو المكان المناسب لاستقراره وسعادته ، فلا يطمئن إليه أو يفتن به ، وهي استفزاز له لتشعل في نفسه الحنين إلى موطنه الأصلي وهو الجنة التي أخرج الشيطان أبويه منها ، وهي أيضاً تحذير له من عاقبة الذنوب والآثام فلولا ذنب أبيه آدم لما هبط من دار السعادة إلى دار الشقاء ولما كان عليه مواجهة كل هذه المتاعب والآلام (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) الآية 30 من سورة الشورى ,
كما أن هذه المآسي التي تلون حياة البشرية منبهات تذكره بمدى هشاشته وضعفه وافتقاره إلى خالقه فلا يطغى ولا يتكبر، والطغيان طبع أصيل في الإنسان يظهر حين يظن نفسه قوياً ومستغنياً: ( كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)) الآيات من سورة العلق , فتأتي هذه المصائب لتذكره بضعفه وحاجته إلى ربه ، ولتلجئه للتضرع إليه : ((ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرّعون)) الآية 42 من سورة الأنعام
فالشدائد هي التي تقرب الإنسان من الله لأنها تقطع أمله بمن دونه وتنقي قلبه من التعلق بغيره فيتحقق الإخلاص (( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين )) الآية 32 من سورة لقمان , ففي الشدة يتعرف الإنسان على ربه ، فإذا انجلت المحنة عاد إلى غفلته (فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ) الآية 32 من سورة لقمان ,
وهي تقرب الإنسان من الله لأنها تزيل الحجب الكثيفة التي تعيق الوصول إليه ، لأن هذه الحجب قد تكونت بفعل التكوين الطيني للإنسان فنالت كثافة الطين من شفافية الروح،والألم يضعف من تعلق الإنسان بالهوى الطيني ويساعد في إطلاق روحه.
وبعد ذلك فالمحنة هي التي تستفز الإنسان للإبداع والتطوير،وتستخرج طاقاته الكامنة ، لأنها تفرض عليه تحدياً يضيق أمامه الخيارات فيستفزه ذلك للبحث عن مخارج وحلول فيكون الإبداع والارتقاء الذي يؤدي إلى التقدم في مسيرة الحياة و الإعمار على هذه الأرض.
وقد أبدع المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي في نظرية' التحدي والاستجابة' التي فسر بها نشوء الحضارات عبر التاريخ ، فحتى تنشأ أي حضارة لا بد من وجود قدر من التحدي لاستفزاز الطاقات البشرية ودفعها للإبداع وإنشاء الحضارة.
وفي عصرنا الحديث نشأت فكرة الاتحاد الأوروبي بعد حربين عالميتين طاحنتين أبيد فيهما عشرات الملايين ، فلم يفكروا في الوحدة إلا بعد أن ذاقوا مرارة التفرق والاقتتال، وهكذا هم البشر يتعلمون بنار التجارب أكثر من اهتدائهم بنور العقل ( لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم ) الآية 201 من سورة الشعراء
إن هذا الكبد والعناء الذي قدر الله للإنسان أن يخلق فيه هو الذي يوفر الظروف الملائمة لتحقيق غاية وجود هذا الإنسان على الأرض وهي الابتلاء والتمحيص: (هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) الآية الثانية من سورة الملك

ابن النعمان
2012-04-19, 08:34 PM
إثبات العقاب من جوانب أخرى

الحرمان والعطاء

هناك البعض يعاقبون البعض الاخر بحرمانهم من اشياء محببة الى انفسهم , مما يدل على أن الحرمان من شيء ترغبه النفس يعتبر عقاب تبنى شدته على مدى محبة الانسان لهذا الشىء وقس ذلك على حرمان ادم من نعيم الجنة .

المحبة والكراهية

لو سألت اى انسان على ظهر الارض هل تحب أن تدخل الجنة فسوف يجيب على الفور بنعم مما يعنى انه لو كان فى الجنة فعلا فانه سوف يكره الخروج منها لان المحبة عكسها الكراهية والدخول عكسه الخروج والفعل المكروه للإنسان يستخدم كوسيلة لعقابه وبالطبع ادم كان يكره الخروج من الجنة وخرج منها .

الأسباب والمسببات

وايضا لو سالت اى انسان على ظهر الارض لماذا تريد إن تدخل الجنة سوف يقول على الفور للأسباب الآتية إذن هذه الأسباب غير متوفرة على الأرض بل قد يكون هناك أضداد لها تؤدى إلى ضيق الانسان ومعاناته مما يجعله يطمح في دخول الجنة ليجد عكس ما هو فيه على الأرض الشىء الذى يسبب له عدم الراحة والمعاناة , فإذا انتقل الإنسان من الجنة إلى الأرض سوف يجد الأسباب التي أراد الفرار والهروب منها إلى الجنة وسعى الانسان للهروب او الفرار من هذه الاسباب يدل على انها تسبب له الكثير من الالم والعذاب , والالم والعذاب لا يندرجا الا تحت شىء واحد وهو العقاب.

من كل ذلك يتضح ان الخروج من الجنة او الحرمان من نعيمها يعتبر عقاب شديد نسبيا لوجود ما هو اشد منه وهو دخول النار واذا لم يكن هناك نار لكان هو اشد انواع العذاب على الاطلاق , يقول الدكتور محمد جميل غازى فى مناظرة بين الاسلام والمسيحية :"لا خلاف بان خطيئة آدم التي لم تزد عن أن تكون أكلا من شجرة نهي الله عنها قد عاقبه الله عليها - باتفاق المسيحين والمسلمين - بإخراجه من الجنة ، ولا شك أنه عقاب كاف ، فالحرمان من الجنة الفينانة والخروج إلى الكدح والنصب عقاب ليس بالهين كما قلنا . وهذا العقاب قد اختاره الله بنفسه ، وكان يستطيع أن يفعل بآدم أكثر من ذلك ، ولكنه اكتفى بذلك" .

معاوية فهمي إبراهيم مصطفى
2018-03-08, 10:51 AM
سلمت يداك و جزاك الله خيراً .