الطواف
2012-05-19, 02:25 PM
الولادة والنشأة : أصله من السعودية ، من بلاد نجد ، وتحديدا من منطقة الرياض ، حيث إن أسرته أسرة معروفة بالتجارة ، وخاصة تجارة الغنم والإبل ، وانتقل جده للكويت ليسكن بها ، وولد أبوه هناك ، وكان رجلا صالحا ، ومحافظا على الصلاة في الجماعة – كعادة جميع أهل الكويت في تلك الفترة - ،
ولد فهد في عام 1328 هـ / 1910 م ، في الكويت ، وتحديدا في منطقة تسمى بـ " سكة عنزة " ، ودرس في مدارس الكويت التقليدية ، ثم في المدرسة المباركية ردحا من الزمن ، وقد كانت المدارس الكويتية الأهلية في تلك الفترة تدرس اكثر ما تدرس : القرآن الكريم ، وبعض أصول الدين ، وبعض مباديء القراءة والكتابة والحساب ،
ودرّس فهداً في تلك الفترة مجموعة من مدرسي الكويت المعروفين ، أمثال الأستاذ الشاعر : محمود شوقي عبدالله الأيوبي ، والشيخ : عبدالله نوري ، والأستاذ : سيد عمر عاصم ، وغيرهم ،
تخرج من المرحلة الابتدائية وهو متديّن ، محافظ على صلاته وعبادته ، بارا بأبيه للغاية ، وكان أبوه يحبه جدا ، حتى إنه اصطحبه في إحدى سفراته إلى بلاد الهند ،
وقد كانت طبيعة الكويت وأهلها في تلك الفترة متدينة ، ومحافظة للغاية ، ولها عوائدها وتقاليدها المعروفة ، من حيث المحافظة على الأخلاق ، وشعائر الدين ، ونبذ من يخرج عن ذلك ،
وقد ذكر الذين ترجموا له أنه كان شديد المحافظة على الصلاة ، وشعائر الدين الظاهرة ، وكان يؤذن للصلاة من سطح بيتهم ، حتى يدعو الناس للصلاة ويذكرهم ،
وكان مع تدينه شخصا مرحا ، طريفا ، يحب المداعبة والنكتة والطرفة ، وكان يحب مداعبة ضعاف العقول ، والمجانين ، وغيرهم من ذوي العاهات والإعاقات ، ويلاطفهم كثيرا ، ويحنو عليهم ،
وإضافة لذلك فإنه بدأ يقرأ في كتب غريب اللغة ، وفي كتب الأدب ، مما زاد ثقافته منها ، وبدأ ينظم الشعر ويقرضه ، ثم انصرف للقراءة في دواوين الشعراء ، وحفظ منها ما حفظ ، وكان يستعين ببعض مدرسيه ليشرحوا بعض الكلمات والعبارات الغريبة ،
وبدأ ينبغ في الشعر ، حتى قال يوما قصيدة في الملك : عبدالعزيز - رحمه الله - ، وشاعت وانتشرت ، فطلب الملك لقاءه في الرياض ، وبالفعل ذهب للقاء الملك ، والتقاه فأكرمه ، وعرض عليه العمل معه ، وبالفعل عمل معه فترة ، ثم اأدركه الشوق للكويت ، فعاد إليها مرة أخرى ،
إلى هنا والصورة مشرقة زاهية عن هذا الشاعر ! ،
وفجأة حصل ما لم يكن بالحسبان ، حيث تحول هذا الشاعر المتدين ، والشاب البار بأبيه ، والرجل الاجتماعي ، إلى ملحد ، وفاجر ، ومدمن خمرة لا يكاد يصحو من سكره حتى يعالج نفسه بسكر جديد ، واعتزل الناس وهرب من نفسه قبل أن يهرب من واقعه !! ،
تبدأ القصة من مكتبة ابن رويح ، وهي أكبر مكتبة في الكويت إذاك ، حيث كان المترجم له يذهب إليها ويقرأ فيها ، ويستعير منها بعض الكتب مقابل مبلغ من المال ،
ولكن قراءات المترجم له لم تكن في الأدب ، ولا في علوم الشريعة ، ولا حتى في العلوم الطبيعية ، بل في الكتب التحررية !! ،
نعم الكتب التحررية ،
فأخذ يقرأ كل ما يدعو للإلحاد ، وللتمرد على القيم والواقع والأخلاق ، ويدعو إلى عبادة الفرج والذات ،
وتدريجيا بدأ دينه يرق ويضعف ، ولم يستطع مقاومة بريق التحرر والانفتاح ، خصوصا أنه شيء جديد وفد عليه ، وأمر لا يعرفه غيره ، فما المانع من المغامرة والتعرف على ذلك العالم المجهول !! ،
ومع كثرة المطالعة في تلك الكتب ، وإدمان النظر فيها ، مع ضعف الدين ورقته ، وقلة الزاد من العلم الرباني ، انسلخ المترجم له من دينه تماما ، وتحول إلى مسخ ، لا يعرف أي معنى للقيم ، أو الاخلاق ! ،
تحول إلى رجل ملحد ، وأخذ يتململ من جميع المورثات الدينية والفطرية ، ورمى عنه جلباب الحياء والأخلاق ، فأخذ يجاهر بالتحلل الأخلاقي ، وبالتفسخ من كل معاني القيم ، ويدعو للرذائل والقبائح بشعره ونظمه ،
وفي هذه الفترة بدأت الناس تجفوه وتتركه ، وأخذ بعضهم يحاوره ويقنعه بالرجوع ، ولكنه كان ممتطيا لصهوة شهوته ، مرخيا العنان لرغباته ، مما حدا بأهله إلى أن يعلنوا براءتهم منه ، ويقطعوا جميع صلاتهم به ،
ومع هذه العزلة ، لم يجد هذا المسخ من علاج له سوى الخمر !! ،
نعم الخمر والخمر فقط ،
فأخذ يعاقر الخمر ، ويشربها ليل نهار ، وأدمن عليها أكثر من إدمانه على الهواء والشراب والطعام ، وأخذ ينسج لنفسه كفنا من الدمار والعار والشنار ، وتحول إلى مجرد كتلة حيوانية لا يعرف سوى الشهوة والجنس والخمر !! ،
بئست الحياة ورب الكعبة !!
يقول واصفا لنفسه ولحاله :
هات يا ساق هات بنت النخيل ********** فعساها تشفي عساها غليلي
هاتي كأسي فيم التردد واشرب ********** فهي حسبي في محنتي ووكيلي
جاء تحريمها وليس علينا ********** بل على كل سافل وجهول
نسأل الله العفو والعافية ، فمن عبادة الله تبارك وتعالى ، ومن التشرف للتذلل له وبين يديه ، إلى عبادة الفروج ، والنت ، والعفن ،
ويقول أيضا :
يا صاحبي قد كان ما شاء الهوى ********** فإلى الكنسية سر بنا لا المسجد !!
إن قيل : جن ، فإن عذري واضح ********** أو قيل تاه ففي يديها مقودي
أو قيل : ضل ، فلست قبل زيارتي ********** وتدلهي ، بالزاهد المتعبد
إلى غير ذلك من شعره السخيف ، والذي ملأه استهتارا بالدين ، وشعائره ، وأكثر فيه من الغزل ، والتوصيف للجسد ، وللخمر ، وحصر كل همومه وحياته بعد أن ألحد في الخمر ، والنساء ، والشكوى من الزمان ،
وقد بلغ به القلق مبلغا عظيما ، لدرجة أنه كان لا يصحو من سكره ، حتى لا تعود له الآلام ، وما إن يشعر بوخز الضمير ، أو بداعي القلق في نفسه ، إلا ويعالج ذلك بالخمر والسكر ،
اعتزله كل الناس ، حتى سكن في غرفة مظلمة صغيرة لوحده ، ليس معه أنيس إلا الخمر فقط ، وتارة يزوره بعض محبيه من الأدباء ، ولشدة وفرط تناوله الخمر وإدامنه له أصيب بضعف النظر التدريجي ، حتى فقد بصره نهائيا !! ، فأصبح أعمى البصر والبصيرة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ،
ومع تزايد شربه للخمر ، وشدة اضطراباته النفسية ، وتزايد قلقه ، أخذت صحته تتدهور ، وأصيب بالدرن في الرئة ، ونقل إلى المستشفى الأميري ، ومكث هناك ثلاثة أشهر ،
وفجأة في يوم الأربعاء الموافق 13 / 11 / 1370 ، فاضت روحه إلى الله ، وتوفي غير مأسوف عليه ،
ولم يصل عليه أحد من أهله ، أو من أقاربه ، أو معارفه ، بل صلى عليه خمسة أشخاص فقط !! ، ثم حمل إلى المقبرة ودفن هناك ، في لحظة خزي وعار ليس لها مثيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !! ،
وما إن مات حتى بادر أهله إلى إحراق جميع شعره ودواوينه وأوراقه ، ولم يبق منها شيء أبدا ، ولم يبق من شعره إلا القليل جدا ، مما نشر في الصحف أو الدواوين أو بقي عند بعض أصدقائه ، وقد كان شعره الذي لم ينشر يحمل في طياته الدعوة للإلحاد والفجور والتمرد على الأخلاق ، وقد خاف هو من نشره حتى لا تثور عليه ثائرة الناس !! ،
ولاحظوا أن ما نشرت لكم من شعره يتضمن أبشع المعاني وأقذرها ، ويدعو للكفر والتمرد على الدين ، ويدعو للرذيلة وهدم الفضيلة ، فكيف بما لم أنشر منها ، مما خشيت من نشره أن أجرح قارئيها به ، فكيف بما أحرقه أهله من شعهر ، مما كان الغاية في الفجور والتحرر ؟! ،
أهذا ما يريده دعاة التحرر الفكري !! ،
أيردون أن تتحول مجتمعاتنا إلى نسخة مكررة من فهد العسكر !! ، إلى حفنة من البهائم التي لا تصحو من سكرها ، ولا تفيق من عبادتها للجنس !! ، همها الكأس والغانية والسيجارة !! ،
أليست هذه هي النتيجة الحتمية لما يرمون له !! ،
بالأمس القريب انتحر إسماعيل أدهم في الاسكندرية غرقا !! ، وطلب من أهله ألا يدفنوه في مقابر المسلمين ، وأن لا يصلوا عليه ، وأن يحرقوا جثته ، لأنه – كما يقول – ملحد !! ، بل ألف رسالة سماها : لماذا أنا ملحد ؟! ،
وبعده هلك وتوفي الملحد السعودي : عبدالله القصيمي ، والذي تحول من العلم والدين إلى مسخ حائر قلق ملحد ، لا يعرف أي معنى للقيم أو الفضيلة ، وتجرد حتى من أبسط معاني الإنسانية ، وأخذ يمجد اليهود ، ويصفهم بأحسن الأوصاف !!
" فالقصيمي لا يكف عن إطراء الموهبة الإسرائيلية ، ليس من ناحية الدهاء والخبث ، بل من ناحية الأخلاق والفضيلة !! ، وإنه ليرى المخنث اليهودي أنموذجا لكمال الإنسان !! ، ويعتبر إسرائل الناخرة في قلب الأمة الإسلامية : بمثابة نملة وديعة !! ، بل يقول القصيمي : إن وجود إسرائيل ضرورة حتمية لتثقيف العرب الهمجية وتعليمها الفضيلة والكرامة !! " ،
هؤلاء هم ملحدوا العرب والمسلمين ، وهؤلاء هم ضحايا ما يسمى بالتحرر الفكري !! ، وبالتمرد على الواقع والاخلاق والقيم !! ،
لماذا ألحد فهد العسكر ، ولماذا ألحد إسماعيل أدهم ، ولماذا ألحد القصيمي ، ولماذا ألحد صادق جلال العظم ، ولماذا ألحد غيرهم !؟ ،
أسئلة مهمة تحتاج إلى دراسة وبحث ، ولا بد أن تنتخب الأمة مجموعة يدرسون أسباب جنوح هؤلاء إلى الإلحاد ، مع ظهور براهين الربوبية ، بل وظهور صدق دين الإسلام ، وتميزه عن بقية الأديان بصفات لا ينكرها إلا جاحد ، أو معاند ، أو جاهل لم يعرف الإسلام على حقيقته ،
شخصيات تحتاج أن نبحث عن بواعث إلحادها ، والظروف التي هيأت ذلك لهم – وأعظمها موضوع الحرية الفكرية - ، وكذلك جنايتهم على أنفسهم وعلى ذويهم ، قبل جنايتهم على المجتمع ،
ولا بأس هنا بالاستفادة من كتاب : لن تلحد ، لأبي عبدالرحمن بن عقيل ، وكذلك كتاب : صراع مع الملاحدة حتى العظم ، للشيخ : عبدالرحمن حبنكة الميداني ، وكذلك كتاب : حوار مع صديقي الملحد ، للدكتور مصطفى محمود ،
الموضوع يحتاج الى وقفات عدة ، وأرى أني قد أطلت فيه على غير العادة ،
دمتم بخير .
==========
تموتُ النفوسُ بأوصابها ***** ولم تدر ِ عوّادها ما بها
وما أنْصفتْ مهجة ٌ تشتكي ***** أذاها إلى غيرِ أحبابها
ولد فهد في عام 1328 هـ / 1910 م ، في الكويت ، وتحديدا في منطقة تسمى بـ " سكة عنزة " ، ودرس في مدارس الكويت التقليدية ، ثم في المدرسة المباركية ردحا من الزمن ، وقد كانت المدارس الكويتية الأهلية في تلك الفترة تدرس اكثر ما تدرس : القرآن الكريم ، وبعض أصول الدين ، وبعض مباديء القراءة والكتابة والحساب ،
ودرّس فهداً في تلك الفترة مجموعة من مدرسي الكويت المعروفين ، أمثال الأستاذ الشاعر : محمود شوقي عبدالله الأيوبي ، والشيخ : عبدالله نوري ، والأستاذ : سيد عمر عاصم ، وغيرهم ،
تخرج من المرحلة الابتدائية وهو متديّن ، محافظ على صلاته وعبادته ، بارا بأبيه للغاية ، وكان أبوه يحبه جدا ، حتى إنه اصطحبه في إحدى سفراته إلى بلاد الهند ،
وقد كانت طبيعة الكويت وأهلها في تلك الفترة متدينة ، ومحافظة للغاية ، ولها عوائدها وتقاليدها المعروفة ، من حيث المحافظة على الأخلاق ، وشعائر الدين ، ونبذ من يخرج عن ذلك ،
وقد ذكر الذين ترجموا له أنه كان شديد المحافظة على الصلاة ، وشعائر الدين الظاهرة ، وكان يؤذن للصلاة من سطح بيتهم ، حتى يدعو الناس للصلاة ويذكرهم ،
وكان مع تدينه شخصا مرحا ، طريفا ، يحب المداعبة والنكتة والطرفة ، وكان يحب مداعبة ضعاف العقول ، والمجانين ، وغيرهم من ذوي العاهات والإعاقات ، ويلاطفهم كثيرا ، ويحنو عليهم ،
وإضافة لذلك فإنه بدأ يقرأ في كتب غريب اللغة ، وفي كتب الأدب ، مما زاد ثقافته منها ، وبدأ ينظم الشعر ويقرضه ، ثم انصرف للقراءة في دواوين الشعراء ، وحفظ منها ما حفظ ، وكان يستعين ببعض مدرسيه ليشرحوا بعض الكلمات والعبارات الغريبة ،
وبدأ ينبغ في الشعر ، حتى قال يوما قصيدة في الملك : عبدالعزيز - رحمه الله - ، وشاعت وانتشرت ، فطلب الملك لقاءه في الرياض ، وبالفعل ذهب للقاء الملك ، والتقاه فأكرمه ، وعرض عليه العمل معه ، وبالفعل عمل معه فترة ، ثم اأدركه الشوق للكويت ، فعاد إليها مرة أخرى ،
إلى هنا والصورة مشرقة زاهية عن هذا الشاعر ! ،
وفجأة حصل ما لم يكن بالحسبان ، حيث تحول هذا الشاعر المتدين ، والشاب البار بأبيه ، والرجل الاجتماعي ، إلى ملحد ، وفاجر ، ومدمن خمرة لا يكاد يصحو من سكره حتى يعالج نفسه بسكر جديد ، واعتزل الناس وهرب من نفسه قبل أن يهرب من واقعه !! ،
تبدأ القصة من مكتبة ابن رويح ، وهي أكبر مكتبة في الكويت إذاك ، حيث كان المترجم له يذهب إليها ويقرأ فيها ، ويستعير منها بعض الكتب مقابل مبلغ من المال ،
ولكن قراءات المترجم له لم تكن في الأدب ، ولا في علوم الشريعة ، ولا حتى في العلوم الطبيعية ، بل في الكتب التحررية !! ،
نعم الكتب التحررية ،
فأخذ يقرأ كل ما يدعو للإلحاد ، وللتمرد على القيم والواقع والأخلاق ، ويدعو إلى عبادة الفرج والذات ،
وتدريجيا بدأ دينه يرق ويضعف ، ولم يستطع مقاومة بريق التحرر والانفتاح ، خصوصا أنه شيء جديد وفد عليه ، وأمر لا يعرفه غيره ، فما المانع من المغامرة والتعرف على ذلك العالم المجهول !! ،
ومع كثرة المطالعة في تلك الكتب ، وإدمان النظر فيها ، مع ضعف الدين ورقته ، وقلة الزاد من العلم الرباني ، انسلخ المترجم له من دينه تماما ، وتحول إلى مسخ ، لا يعرف أي معنى للقيم ، أو الاخلاق ! ،
تحول إلى رجل ملحد ، وأخذ يتململ من جميع المورثات الدينية والفطرية ، ورمى عنه جلباب الحياء والأخلاق ، فأخذ يجاهر بالتحلل الأخلاقي ، وبالتفسخ من كل معاني القيم ، ويدعو للرذائل والقبائح بشعره ونظمه ،
وفي هذه الفترة بدأت الناس تجفوه وتتركه ، وأخذ بعضهم يحاوره ويقنعه بالرجوع ، ولكنه كان ممتطيا لصهوة شهوته ، مرخيا العنان لرغباته ، مما حدا بأهله إلى أن يعلنوا براءتهم منه ، ويقطعوا جميع صلاتهم به ،
ومع هذه العزلة ، لم يجد هذا المسخ من علاج له سوى الخمر !! ،
نعم الخمر والخمر فقط ،
فأخذ يعاقر الخمر ، ويشربها ليل نهار ، وأدمن عليها أكثر من إدمانه على الهواء والشراب والطعام ، وأخذ ينسج لنفسه كفنا من الدمار والعار والشنار ، وتحول إلى مجرد كتلة حيوانية لا يعرف سوى الشهوة والجنس والخمر !! ،
بئست الحياة ورب الكعبة !!
يقول واصفا لنفسه ولحاله :
هات يا ساق هات بنت النخيل ********** فعساها تشفي عساها غليلي
هاتي كأسي فيم التردد واشرب ********** فهي حسبي في محنتي ووكيلي
جاء تحريمها وليس علينا ********** بل على كل سافل وجهول
نسأل الله العفو والعافية ، فمن عبادة الله تبارك وتعالى ، ومن التشرف للتذلل له وبين يديه ، إلى عبادة الفروج ، والنت ، والعفن ،
ويقول أيضا :
يا صاحبي قد كان ما شاء الهوى ********** فإلى الكنسية سر بنا لا المسجد !!
إن قيل : جن ، فإن عذري واضح ********** أو قيل تاه ففي يديها مقودي
أو قيل : ضل ، فلست قبل زيارتي ********** وتدلهي ، بالزاهد المتعبد
إلى غير ذلك من شعره السخيف ، والذي ملأه استهتارا بالدين ، وشعائره ، وأكثر فيه من الغزل ، والتوصيف للجسد ، وللخمر ، وحصر كل همومه وحياته بعد أن ألحد في الخمر ، والنساء ، والشكوى من الزمان ،
وقد بلغ به القلق مبلغا عظيما ، لدرجة أنه كان لا يصحو من سكره ، حتى لا تعود له الآلام ، وما إن يشعر بوخز الضمير ، أو بداعي القلق في نفسه ، إلا ويعالج ذلك بالخمر والسكر ،
اعتزله كل الناس ، حتى سكن في غرفة مظلمة صغيرة لوحده ، ليس معه أنيس إلا الخمر فقط ، وتارة يزوره بعض محبيه من الأدباء ، ولشدة وفرط تناوله الخمر وإدامنه له أصيب بضعف النظر التدريجي ، حتى فقد بصره نهائيا !! ، فأصبح أعمى البصر والبصيرة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ،
ومع تزايد شربه للخمر ، وشدة اضطراباته النفسية ، وتزايد قلقه ، أخذت صحته تتدهور ، وأصيب بالدرن في الرئة ، ونقل إلى المستشفى الأميري ، ومكث هناك ثلاثة أشهر ،
وفجأة في يوم الأربعاء الموافق 13 / 11 / 1370 ، فاضت روحه إلى الله ، وتوفي غير مأسوف عليه ،
ولم يصل عليه أحد من أهله ، أو من أقاربه ، أو معارفه ، بل صلى عليه خمسة أشخاص فقط !! ، ثم حمل إلى المقبرة ودفن هناك ، في لحظة خزي وعار ليس لها مثيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !! ،
وما إن مات حتى بادر أهله إلى إحراق جميع شعره ودواوينه وأوراقه ، ولم يبق منها شيء أبدا ، ولم يبق من شعره إلا القليل جدا ، مما نشر في الصحف أو الدواوين أو بقي عند بعض أصدقائه ، وقد كان شعره الذي لم ينشر يحمل في طياته الدعوة للإلحاد والفجور والتمرد على الأخلاق ، وقد خاف هو من نشره حتى لا تثور عليه ثائرة الناس !! ،
ولاحظوا أن ما نشرت لكم من شعره يتضمن أبشع المعاني وأقذرها ، ويدعو للكفر والتمرد على الدين ، ويدعو للرذيلة وهدم الفضيلة ، فكيف بما لم أنشر منها ، مما خشيت من نشره أن أجرح قارئيها به ، فكيف بما أحرقه أهله من شعهر ، مما كان الغاية في الفجور والتحرر ؟! ،
أهذا ما يريده دعاة التحرر الفكري !! ،
أيردون أن تتحول مجتمعاتنا إلى نسخة مكررة من فهد العسكر !! ، إلى حفنة من البهائم التي لا تصحو من سكرها ، ولا تفيق من عبادتها للجنس !! ، همها الكأس والغانية والسيجارة !! ،
أليست هذه هي النتيجة الحتمية لما يرمون له !! ،
بالأمس القريب انتحر إسماعيل أدهم في الاسكندرية غرقا !! ، وطلب من أهله ألا يدفنوه في مقابر المسلمين ، وأن لا يصلوا عليه ، وأن يحرقوا جثته ، لأنه – كما يقول – ملحد !! ، بل ألف رسالة سماها : لماذا أنا ملحد ؟! ،
وبعده هلك وتوفي الملحد السعودي : عبدالله القصيمي ، والذي تحول من العلم والدين إلى مسخ حائر قلق ملحد ، لا يعرف أي معنى للقيم أو الفضيلة ، وتجرد حتى من أبسط معاني الإنسانية ، وأخذ يمجد اليهود ، ويصفهم بأحسن الأوصاف !!
" فالقصيمي لا يكف عن إطراء الموهبة الإسرائيلية ، ليس من ناحية الدهاء والخبث ، بل من ناحية الأخلاق والفضيلة !! ، وإنه ليرى المخنث اليهودي أنموذجا لكمال الإنسان !! ، ويعتبر إسرائل الناخرة في قلب الأمة الإسلامية : بمثابة نملة وديعة !! ، بل يقول القصيمي : إن وجود إسرائيل ضرورة حتمية لتثقيف العرب الهمجية وتعليمها الفضيلة والكرامة !! " ،
هؤلاء هم ملحدوا العرب والمسلمين ، وهؤلاء هم ضحايا ما يسمى بالتحرر الفكري !! ، وبالتمرد على الواقع والاخلاق والقيم !! ،
لماذا ألحد فهد العسكر ، ولماذا ألحد إسماعيل أدهم ، ولماذا ألحد القصيمي ، ولماذا ألحد صادق جلال العظم ، ولماذا ألحد غيرهم !؟ ،
أسئلة مهمة تحتاج إلى دراسة وبحث ، ولا بد أن تنتخب الأمة مجموعة يدرسون أسباب جنوح هؤلاء إلى الإلحاد ، مع ظهور براهين الربوبية ، بل وظهور صدق دين الإسلام ، وتميزه عن بقية الأديان بصفات لا ينكرها إلا جاحد ، أو معاند ، أو جاهل لم يعرف الإسلام على حقيقته ،
شخصيات تحتاج أن نبحث عن بواعث إلحادها ، والظروف التي هيأت ذلك لهم – وأعظمها موضوع الحرية الفكرية - ، وكذلك جنايتهم على أنفسهم وعلى ذويهم ، قبل جنايتهم على المجتمع ،
ولا بأس هنا بالاستفادة من كتاب : لن تلحد ، لأبي عبدالرحمن بن عقيل ، وكذلك كتاب : صراع مع الملاحدة حتى العظم ، للشيخ : عبدالرحمن حبنكة الميداني ، وكذلك كتاب : حوار مع صديقي الملحد ، للدكتور مصطفى محمود ،
الموضوع يحتاج الى وقفات عدة ، وأرى أني قد أطلت فيه على غير العادة ،
دمتم بخير .
==========
تموتُ النفوسُ بأوصابها ***** ولم تدر ِ عوّادها ما بها
وما أنْصفتْ مهجة ٌ تشتكي ***** أذاها إلى غيرِ أحبابها