الأثري
2015-03-09, 09:59 PM
قاعدة كونية وشرعية هامة
بقلم الأستاذ أبو جعفر المنصور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الكرام استشكال العديد من الأمور يأتي من عدم فهم للسنن الكونية والشرعية
واليوم سنتكلم عن سنة كونية شرعية ألا وهي ( العمل بمقتضى الوحي في باب من الأبواب وإن لم يوجد إيمان مؤثر في الدنيا أكثر من التصديق بهذا المقتضى دون عمل به )
فإن قيل : ما معنى هذا الكلام ؟
قلت لك : أن الله عز وجل أنزل الوحي واودع قبل ذلك فطرة في الناس تدفع المرء إلى الوقوف على المصالح وتحصيل المنافع الدنيوية فلو آمنت بالوحي إيماناً قولياً ثم لم تطبق ما فيه من الإرشادات وجاء كافر وطبق هذه الإرشادات فإنه سيكون أولى بالفوز بالثمرة الدنيوية التي وعد الله عز وجل بها لمن طبق وحيه
فلنأخذ مثالاً توضيحياً
المثال هو الزواج لقد أودع الله عز وجل تطلب هذه العلاقة في عامة الكائنات الحية وجعلها شرطاً في بقاء النوع ، ثم جعل شرط ذلك في الإنسان بالذات الإخلاص
فالذي عامة فقهاء المسلمين أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج زانية مسلمة حتى تتوب ( الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك )
واتفقوا على جواز الزواج بالكتابية العفيفة ( ونساء الذين أوتوا الكتاب حل لكم )
فقد يقول قائل : هل الكتابية أفضل من المسلمة ولو كانت فاسفة ؟
الجواب : أنها في هذا الباب بالذات أفضل لأن العلاقة الزوجية مبنية على الإخلاص خصوصاً من الطرف الذي يكون وعاءً للولد وهي المرأة فهنا الكتابية حققت مقصود الزواج أكثر من المسلمة الزانية
وإلا المسلمة خير من الكتابية ولا شك بإيمانها ولكن هذا الإيمان تؤجر عليه في الآخرة وأما أمر الزواج والتعامل الدنيوي فكان ينبغي عليها أن تطبق الوحي
والكتابية هنا طبقت الوحي وإن لم تؤمن به إيماناً تفصيلياً والمسلمة التي صدقت بالوحي ولم تعمل به لم تحصل الثمرة لأنها لم تعمل
وهنا لا يكون إيمانها بالنص كاملاً فإن الإيمان ليس هو التحلي ولا التمني وإنما ما كان في القلب وصدقه العمل
ولهذا السلف لم يكونوا يسمون الفاسق مؤمناً وإنما يسمونه ( مسلم ) ولا يطلقون كلمة ( مؤمن ) إلا على المطبق
ولما كان العلاقة الزوجية مبنية على الإخلاص كان في زوجات الأنبياء مشركات ولم يكن فيهن زانية لأن الزنا مناقض لمقصود العلاقة الزوجية الذي اتفق عليه بنو آدم ولهذا الخيانة الزوجية من أعظم الجرائم في عرف عامة البشر
وكلمة ( زوج الزانية ) أو ( ابن الزانية ) جارحة أكثر من ( زوج المشركة ) أو ( ابن المشركة ) لأن في نسبة الزنا للزوجة أو الأم طعن مباشر في الشخص نفسه ففي حال الزوجية اتهام له بالدياثة وفي حال البنوة طعن في النسب
هنا نرى القاعدة جلية وهي أن العمل بالوحي وإن لم يؤمن به في باب من الأبواب جالب للثمرة الدنيوية أكثر من التصديق المجرد عن العمل
ومثل هذا العدل لقد جعل الله عز وجل قيام الدول واستمرارها بالعدل فكلما كانت الدولة أعظم عدلاً كلما كانت أقرب للديمومة والاستقرار
فإذا عدل الكافر كان عاملاً بالوحي فيكون أولى بالاستقرار من المسلم الظالم الفاجر
لأن إيمان المسلم كان مجرداً عن العمل وأما الكافر فعمل بالوحي وإن لم يؤمن به فكان مستحقاً للثمرة الدنيوية
قال تعالى : ( مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ)
وأكمل من حال هذا وذاك من آمن وعمل ففاز بخير الدنيا والآخرة
ولله الحكمة البالغة بهذه القاعدة فإن الله عز وجل لو رتب كل الخير على مجرد الإيمان لاتكل الناس ولم يعملوا والوحي ما أنزل إلا ليعمل به
بل حقيقة الإيمان أنه قول وعمل لا مجرد دعوى
إذا فهمت هذا فهمت سبب تقدم الكفار في عدد من أبواب العلم التجريبي
وإلا فالشرع حث على تحصيل أسباب القوة ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)
وقال النبي ( خير الناس أنفعهم للناس )
وحث الشارع على تحقيق الاكتفاء الاقتصادي
( اليد العليا خير من اليد السفلى ) يعني المعطية خير من الآخذة
( لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ)
فهذا على مستوى أفراد فيعلم أنه على مستوى دول من باب أولى
بقلم الأستاذ أبو جعفر المنصور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الكرام استشكال العديد من الأمور يأتي من عدم فهم للسنن الكونية والشرعية
واليوم سنتكلم عن سنة كونية شرعية ألا وهي ( العمل بمقتضى الوحي في باب من الأبواب وإن لم يوجد إيمان مؤثر في الدنيا أكثر من التصديق بهذا المقتضى دون عمل به )
فإن قيل : ما معنى هذا الكلام ؟
قلت لك : أن الله عز وجل أنزل الوحي واودع قبل ذلك فطرة في الناس تدفع المرء إلى الوقوف على المصالح وتحصيل المنافع الدنيوية فلو آمنت بالوحي إيماناً قولياً ثم لم تطبق ما فيه من الإرشادات وجاء كافر وطبق هذه الإرشادات فإنه سيكون أولى بالفوز بالثمرة الدنيوية التي وعد الله عز وجل بها لمن طبق وحيه
فلنأخذ مثالاً توضيحياً
المثال هو الزواج لقد أودع الله عز وجل تطلب هذه العلاقة في عامة الكائنات الحية وجعلها شرطاً في بقاء النوع ، ثم جعل شرط ذلك في الإنسان بالذات الإخلاص
فالذي عامة فقهاء المسلمين أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج زانية مسلمة حتى تتوب ( الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك )
واتفقوا على جواز الزواج بالكتابية العفيفة ( ونساء الذين أوتوا الكتاب حل لكم )
فقد يقول قائل : هل الكتابية أفضل من المسلمة ولو كانت فاسفة ؟
الجواب : أنها في هذا الباب بالذات أفضل لأن العلاقة الزوجية مبنية على الإخلاص خصوصاً من الطرف الذي يكون وعاءً للولد وهي المرأة فهنا الكتابية حققت مقصود الزواج أكثر من المسلمة الزانية
وإلا المسلمة خير من الكتابية ولا شك بإيمانها ولكن هذا الإيمان تؤجر عليه في الآخرة وأما أمر الزواج والتعامل الدنيوي فكان ينبغي عليها أن تطبق الوحي
والكتابية هنا طبقت الوحي وإن لم تؤمن به إيماناً تفصيلياً والمسلمة التي صدقت بالوحي ولم تعمل به لم تحصل الثمرة لأنها لم تعمل
وهنا لا يكون إيمانها بالنص كاملاً فإن الإيمان ليس هو التحلي ولا التمني وإنما ما كان في القلب وصدقه العمل
ولهذا السلف لم يكونوا يسمون الفاسق مؤمناً وإنما يسمونه ( مسلم ) ولا يطلقون كلمة ( مؤمن ) إلا على المطبق
ولما كان العلاقة الزوجية مبنية على الإخلاص كان في زوجات الأنبياء مشركات ولم يكن فيهن زانية لأن الزنا مناقض لمقصود العلاقة الزوجية الذي اتفق عليه بنو آدم ولهذا الخيانة الزوجية من أعظم الجرائم في عرف عامة البشر
وكلمة ( زوج الزانية ) أو ( ابن الزانية ) جارحة أكثر من ( زوج المشركة ) أو ( ابن المشركة ) لأن في نسبة الزنا للزوجة أو الأم طعن مباشر في الشخص نفسه ففي حال الزوجية اتهام له بالدياثة وفي حال البنوة طعن في النسب
هنا نرى القاعدة جلية وهي أن العمل بالوحي وإن لم يؤمن به في باب من الأبواب جالب للثمرة الدنيوية أكثر من التصديق المجرد عن العمل
ومثل هذا العدل لقد جعل الله عز وجل قيام الدول واستمرارها بالعدل فكلما كانت الدولة أعظم عدلاً كلما كانت أقرب للديمومة والاستقرار
فإذا عدل الكافر كان عاملاً بالوحي فيكون أولى بالاستقرار من المسلم الظالم الفاجر
لأن إيمان المسلم كان مجرداً عن العمل وأما الكافر فعمل بالوحي وإن لم يؤمن به فكان مستحقاً للثمرة الدنيوية
قال تعالى : ( مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ)
وأكمل من حال هذا وذاك من آمن وعمل ففاز بخير الدنيا والآخرة
ولله الحكمة البالغة بهذه القاعدة فإن الله عز وجل لو رتب كل الخير على مجرد الإيمان لاتكل الناس ولم يعملوا والوحي ما أنزل إلا ليعمل به
بل حقيقة الإيمان أنه قول وعمل لا مجرد دعوى
إذا فهمت هذا فهمت سبب تقدم الكفار في عدد من أبواب العلم التجريبي
وإلا فالشرع حث على تحصيل أسباب القوة ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)
وقال النبي ( خير الناس أنفعهم للناس )
وحث الشارع على تحقيق الاكتفاء الاقتصادي
( اليد العليا خير من اليد السفلى ) يعني المعطية خير من الآخذة
( لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ)
فهذا على مستوى أفراد فيعلم أنه على مستوى دول من باب أولى