المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تجديد الخطاب الديني بين الوهم والحقيقة / إحسان الفقيه


Nabil
2015-08-03, 08:23 PM
تجديد الخطاب الديني بين الوهم والحقيقة

إحسان الفقيه


"أخذ هارون الرشيد زنديقاً فأمر بضرب عُنقه فقال له الزنديق: لمَ تضرب عنقي؟
قال له: أريح العباد منك،
ردّ الزنديق: فأين أنت من ألف حديث وضعتُها على رسول الله صلى الله عليه وسلم كُلّها ما فيها حرف نطق به؟
قال فأين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري، وعبد الله بن المبارك، ينخلانها فيخرجانها حرفاً حرفاً؟".
*تلك القصة التي ذكرها السيوطي في تاريخ الخلفاء، والذهبي في تذكرة الحُفّاظ، وابن عساكر في تاريخ دمشق، هي قصة متكررة المضمون في كل عصر من عصور الإسلام.
إنها تمثل قضية المدافعة، والتي هي سنة من سنن الله في خلقه: { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ }.
سيظل أعداء الإسلام يحيكون المؤامرات في جنح الظلام، وسيبقى في الأمة من ينبري لفضحهم وكشف زيغهم، والله غالب على أمره.
ومن الدعوات الهدّامة التي انتشرت كالنار في الهشيم، الدعوة إلى تجديد الخطاب الديني، وكالعادة ينتقي هؤلاء المغرضون ألقابا وعناوين براقة حتى لا تصطدم بفطرة الناس وموروثاتهم الدينية التي شبّوا وشابوا عليها.
فهم دائما يُسمُّون مصائد الشيطان بغير اسمها، فالخمر مشروبات روحية، والزنا والشذوذ حرية شخصية، فمن يكره التطوّر والتقدّم والتحضّر؟ بل ومن يرفض مسمى التجديد في الخطاب الديني إلا المُتخلّفون الظلاميون؟
فدعونا نتطور ونتحضّر يا قوم!!
وزادت الحاجة إلى تطوير الخطاب الديني بعد تفشي مصطلح الإرهاب الفضفاض، والذي تتحدد معالمه وفق قواعد المصالح الغربية ورؤى الزمرة العلمانية في الأمة الإسلامية والعربية.
وهرول المنخدعون والمغيبون وراء هذه الراية البراقة، فلا ضير في تغيير أسلوب الخطاب الديني، وكيفية الطرح الإسلامي، والقوالب التي تُقدّم فيها الشريعة للناس.
لكن الأمر لم يكن على هذا النحو الذي جرف أصحاب النوايا الطيبة، إنما تضمن التطوير والتجديد للخطاب الديني، ضربة جديدة للإسلام، حيث إن حقيقة هذا التجديد هو اختزال حقائق الإسلام وأصوله وفروعه، وتطويعها بما يناسب التطوّرات على الساحة الدولية.
وحول ذلك يقول محمد شاكر الشريف: "تغيير الخطاب الديني: المحتوى والمضمون وليس الطريقة أو الأسلوب، ليُجاري التغيرات السريعة في واقع المجتمعات داخليا، وفي العلاقات بين الدول خارجيا، بحيث تصير قضية الخطاب الديني هي إقرار هذا الواقع وتسويغه وتسويقه، والتجاوب معه كلما تغيّر.
وعلى هذا فالتجديد عند هذا الفريق هو إجراء التغيير كلما احْتِيج إليه، في أصول هذا الدين وفروعه، لتتوافق مع تغيّرات قيم هذا العصر ومعطياته ومنطلقاته المستمدة من الثقافة الغربية المعاصرة التي هي نتاج تفكير بشري محض، ليس للوحي المعصوم أثر فيه، إضافة إلى خليط رديء من تحريفات اليهود والنصارى ووثنية الرومان".
*فكما أراد القرآنيون هدم الدين عن طريق الدعوة إلى الاقتصار على القرآن دون السنة، أراد دعاة تجديد الخطاب الديني تطويع الإسلام لمسايرة الغرب والتعايش وفق قيمه.
أتدرون من هم دعاة تجديد الخطاب الديني؟
هم الليبراليون والشيوعيون والعلمانيون، سلوا الكاتب فهمي هويدي عما كتب في جريدة الأهرام بتاريخ 30/9/2003م، بشأن إعلان باريس حول سبل تجديد الخطاب الديني والصادر عن لقاء نظمه مركز القاهرة لحقوق الإنسان في باريس يومي 11 و-12/8/2003م.
قال الكاتب مُبديا دهشته تجاه احتضان فرنسا مؤتمرا لتجديد الخطاب الديني الإسلامي بتمويل أوروبي:
"حين ألقيتُ نظرة على المشاركين في اللقاء وجدتّهم 29 شخصا دُعوا من ثمانية أقطار عربية، وجدتّ أن 85% منهم من غُلاة العلمانيين والشيوعيين السابقين، أحدهم اعترض ذات مرة على ذكر اسم الله في مُستهلّ بيان صدر عن مؤتمر عُقد في صنعاء، والثاني ألقى محاضرة قبل أشهر في جامعة برلين الحرة بألمانيا شكّك فيها في أن الوحي مصدر القرآن".
وممن ينادون بتجديد الخطاب الديني النصارى أيضا، ومنهم نبيل نجيب سلامة منسق العلاقات العامة بالهيئة القبطية الإنجيلية، والذي قال: "إن الخطاب الديني لابد أن يكون منهجيا وموضوعيا بعيدا عن التشنجات السياسية أو الدينية، فالدين والسياسة في رأيي ليسا وجهين لعملة واحدة".
*ولا حاجة للتدليل على قيادة أمريكا لهذه الدعوة كما عبّر عن ذلك ساستها، وحسبك أن هذه الدعوة انطلقت بعد الغارة التي شنتها أمريكا على العالم الإسلامي، ما يدل على ارتباطها بالمصالح الأمريكية.
*إن تجديد الخطاب الديني لديهم يعني علمنة بلاد الإسلام، وفصل الدين عن شؤون الحياة، بحيث يكون الدين عبارة عن مجموعة من القيم الروحية وعلاقة بين العبد وربه في المسجد.
لا يريدون للإسلام أن يكون كما أنزله الله منهاجا للحياة، يسوس الدنيا، ويُهيمن على مناحيها.
يريدون مسلمين بلا إسلام، بعد تفريغ الإسلام من محتواه.
*تجديد الخطاب الديني لديهم، يعني تذويب العقيدة الإسلامية في العقائد الأخرى تحت شعارات الإنسانية والحوار مع الآخر وتقارب الأديان، ولذا يعوّلون على المتصوّفة والطُرقيين (أصحاب الطُرق الصوفية) لتأصيل مبدأ وحدة الأديان، والذي تشكّل لدى هؤلاء الصوفية بسبب التوغّل الفلسفي في عقيدتهم.
*تجديد الخطاب الديني لديهم يعني إلغاء مصطلح الجهاد من القاموس الإسلامي، لأنه مرادف للإرهاب والتطرف والعنف.
إذا كان هناك من تجديد للخطاب الديني، فينبغي أن يكون في العودة بالإسلام إلى منابعه الصافية الأولى.
التجديد في بيان شمولية الإسلام لجميع مناحي الحياة، والتجديد في ربط الإطار الأخلاقي والقيمي بالعقيدة والعبادة، والتجديد في فهم الإسلام باعتباره دينا ودولة، باعتباره مستلزما لنهضة حضارية تعتمد على الإيمان والقيم والبذل والجهد.
التجديد في الخطاب الديني لا من خلال شكله فقط، إنما يكون من خلال مناسبة الطرح لأحوال وأفهام الناس.
هذا هو التجديد لا التخريب والتحريف.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

عن موقع بوابة الشرق

فارووق
2015-08-03, 11:29 PM
....
:جز:

مقال قيم جداً!

و اضافة بسيطة للتأكيد على ما جاء في المقال، اضافة من قول من لا ينطق عن الهوى، قال صلى الله عليه و سلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها"(رواه أبو داود وغيره)، فالتجديد لا يعني الإتيان بجديد غير ما ورد في القرآن و السنة، و لا يعني الإتيان بتفسيرات جديدة باطلة للوحي لا علاقة لها بالمعاني الاصلية للنصوص، و لكن التجديد هو قلع ما تراكم من بدع و باطل، ... و قد شرح محمد شمس الحق العظيم آبادي الحديث النبوي عن تجديد الدين في كتابه "عون المعبود" لشرح سنن ابي داود إذ قال: "إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة و الأمر بمقتضاهما، و تبيان السنة من البدعة و إكثار العلم، و نصر أهله و كسر أهل البدعة و ذلهم".

اما التغيير الذي يؤخذ من كل عصر و يواكبه فهي الوسائل و ليس تغيير مضمون الوحي ليوافق ما ابتدعه الناس في كل عصر! ... فمثلا كان يُحفظ الوحي و يتم تعليمه عن طريق استعمال الألواح و الجلود الخ، لكن اليوم يستعمل الكمبيوتر و الفيديوهات و الأشرطة، و يناقش الاسلام عن طريق المنتديات، الخ من الوسائل!
فوجب التفريق بين الوسائل و المضمون الذي توصله و تبلغه الوسائل، فالوسيلة يمكنها التغير و الأخذ بأحسنها، لكن المضمون -الوحي و معانيه- لا يجوز أبدا تغييره، فَفِعْلٌ كهذا سيكون تحريفا و ليس تجديدا !
...
.....

أبو عبيدة أمارة
2015-08-05, 11:09 PM
السلام عليكم
الحقيقة أنه خير من يخاطب العقل والقلب والروح والكيان هو الدين الاسلامي الذي هو رحمة من عند الله تعالى .
والحقيقة أن الموضوع المطروح يناقش كيد المعادين لأنفسهم قبل عدائهم الاسلام في الصميم .
والحقيقة أن المشكلة ليست في الخطاب الديني الحقيقي ! ولكن المشكلة هو في رغبة الكائدين
حرب الاسلام ونزع الحق والرحمة منه .
فهم يريدون حياة محكومة للشهوات والدنيا ؛ ثم فتسيطر الانانية والظلم !! ويضيع من يضيع ! وهذا لا عبرة عندهم !
فأن يبقى بريق حذاء العم سام وجوقته لامعا فلا عبرة لتجريع الملايين الحسرات .
والاسلام ودين الله والذي كله وخي فهو خير وأحكم وأرحم وأعدل وخير ما هو أقسط للناس والحياة .
وحقيقة الاسلام وخطابه الحق يشعر به حتى عقلاء وعلماء الغرب ! فهم كمن يغيشون في صحراء ثم يجدوا واحة الله المينعة والمتألقة والمنيرة والتي تشفي كل شيء ! فهل ترى كيان العاقل مرتد عن هذا أو مفارق نعيمه !
ونحن نتحدى كل من شاء ان يجد في دين الله عز وجل وبلغه الرسول :ص: ووحيا من عند الله عز وجل أي خلل!!
ونحن نرى كوكبنا ونظامه ومخلوقاته فعدى آيتها التي لا تعد ! أليست كاملة متكاملة وقمة الحكمة والابداع الرباني !
وكذلك الكون الرحب !!!
فهل يعقل وأن الله عز وجل الذي خلق كل هذا ؟ هل يعقل أن يكون في دينه الخاتم أي مخرمة وفي كل مكان وعصر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

االله يريد سعادة الدارين والرحمة لعباده ! ولكن الغرور المندرس كالسراب فهو -وللاسف- يغرر ظالمي أنفسهم قبل غيرهم فهم-وللأسف- في الطغيان يعمهون !!
ونسأل الله أن ينير قلب كل عاقل للخير وللرحمة للعالمين .
ودين الله عز وجل -ومعاذ الله بلا حد -ولو انتقص منه أي أمر فهو مظلمة ومدخل لفساد الناس وتنغيص حياتهم .
ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن .
ونكرر ونتحدى وأن يجدوا في دين الله -ومعاذه بلا حد - أن يجدوا اي مخرمة ! أو أن يكون خلاف خير منه ولو بشعرة !
وما سخر الله من وسائا طيبة فهي ليست حكرا على أحد !! والفضل في طيبها أولا وآخرا لله عز وجل .

فارووق
2015-08-06, 01:11 AM
...
استفسار عن كاتبة المقال!
نظرا لاعجابي بالمقال الذي كتبته احسان الفقيه ذهبت أتصفح الانترنت لأتعرف على صاحب المقال، فإذا بي اجد موقعا (الرابط التالي: http://www.alfakeeh.com/ ) عليه صورة لامرأة متبرجة غالب الظن انها صورة لاحسان الفقيه! فهل هذه المراة المتبرجة على الصورة هي الكاتبة احسان الفقيه؟
من قراءتي لمقالها القيم عن التجديد في الاسلام، و نظرا لما يظهر فيه من معرفة بالإسلام و غِيرَة عليه و نصرة له، ظننت انها ستكون امرأة متحجبة، فإذا بالصورة لامرأة متبرجة! فهل منكم من عنده إفادة بهذا الخصوص؟ و هل منكم من حاول الاتصال بها و مناقشتها في موضوع الحجاب؟
...