Nabil
2015-10-11, 06:50 PM
الوطنية بين العلماني والإسلامي
عبد الله الدليمي
الوطنية – باختصار – شعور يشمل حب الوطن والولاء له والانتماء إليه والحرص عليه. والوطن هو ما يتخذه الإنسان موطنا من الأرض. وهذا الشعور فطري يجتمع فيه الإنسان والحيوان والحشرات (بالتالي فلا يستحق كل هذا التشدق والمفاخرة ممن يتخذ من الوطن صنما يُعبد). تقوم الدول الحديثة على مفهوم “المواطنة”، ومن ركائزه المساواة بين مواطني البلد في الحقوق والواجبات وتغليب مصلحة البلد على المصالح الحزبية أو العرقية أو الطائفية لمكونات الشعب. ولا شك أن هذا مطلوب لاستقرار الدولة وانسيابية حياة شعبها. لكن إن استأثرت فئة على سائر الفئات بحكم البلد ومقدراته واتخذتها وسائل قهر ضد غيرها فقد انتفت الوطنية، واستمرار التشبث بها وتمني وجودها لا يعني وجودها فعلاً (العراق وسوريا واليمن أمثلة حية). ميزات الوطنية يجب ألا تعمي المسلم عن مزالقها – خاصة عندما تتعارض مع ثوابته الشرعية. فهي للعلماني خير مطلق لأنه يؤمن بضرورة فصل الدين عن الدولة لكي لا يخضع لسلطة دينية؛ فكل ما يهمه هو أن يتمتع في هذه الدنيا دون وازع ديني أو هدف أخروي، ولا معياراً دينياً لديه يميز به بين (كافر) و (مؤمن) من مواطني بلده أو حكامه. أما المسلم، فلديه منظومة مبادئ شرعية تنظم حياته وتحكم علاقته بغيره من مواطني بلده وحكومته وظروف العيش في وطنه (هذا إن أقرينا الحدود المصطنعة). فصلاح الوطن لعيش المسلم مرهون بحرية ممارسته لعبادته وحفاظه على هويته الإسلامية. فإن تعرض إلى ما يهدد ذلك فعليه – إن لم يستطع تغييره – أن يبحث عن أرض (أو حالة) غيرها يمكنه فيها تحقيق الهدف من خلقه (عبادة الله وإنفاذ أوامره). يقول الحق تبارك وتعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)}(النساء)
أي أن الاستضعاف ليس مبرراً للإخلاد إلى الأرض لأنها متغير والدين ثابت، ولا يصح التضحية بالثابت من أجل المتغير. وهذا ما طبقه أبو الأنبياء إبراهيم – عليه السلام – حين هجر أباه وأرضه وقومه بعد أن رفضوا دعوة التوحيد وآذوه. وكذلك فعل كثير غيره من الأنبياء وخاتمهم نبينا محمد – عليه الصلاة والسلام – الذي آثر دينه على أحب البقاع إلى قلبه، تاركا بيته وأرضه وذوي رحمه إلى موطن بديل يأمن فيه على دينه ودمه. وطنية العلماني تقر بأن المواطنين سواسية في كل شيء، ولهم حرية شبه مطلقة عابرة للأديان لا تعترف بما يحكم المسلم من ضوابط كالتوحيد والحاكمية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاء والبراء. أما وطنية المسلم فقيمتها وجدواها مشروطة بإمكانية تحقق مقاصد الشريعة؛ فإن كانت على حساب هذه المقاصد فلا خير فيها. ومن هنا فإن على المسلم أن يتحرى ما هو شرعي من جوانب الوطنية وما هو غير شرعي، وألا يتشدق بها بشكل مطلق، لكي لا يكون كحاطب ليل لا يميز بين عيدان الحطب والأفاعي.
عن موقع منظومة الإعلام السني العراقي
عبد الله الدليمي
الوطنية – باختصار – شعور يشمل حب الوطن والولاء له والانتماء إليه والحرص عليه. والوطن هو ما يتخذه الإنسان موطنا من الأرض. وهذا الشعور فطري يجتمع فيه الإنسان والحيوان والحشرات (بالتالي فلا يستحق كل هذا التشدق والمفاخرة ممن يتخذ من الوطن صنما يُعبد). تقوم الدول الحديثة على مفهوم “المواطنة”، ومن ركائزه المساواة بين مواطني البلد في الحقوق والواجبات وتغليب مصلحة البلد على المصالح الحزبية أو العرقية أو الطائفية لمكونات الشعب. ولا شك أن هذا مطلوب لاستقرار الدولة وانسيابية حياة شعبها. لكن إن استأثرت فئة على سائر الفئات بحكم البلد ومقدراته واتخذتها وسائل قهر ضد غيرها فقد انتفت الوطنية، واستمرار التشبث بها وتمني وجودها لا يعني وجودها فعلاً (العراق وسوريا واليمن أمثلة حية). ميزات الوطنية يجب ألا تعمي المسلم عن مزالقها – خاصة عندما تتعارض مع ثوابته الشرعية. فهي للعلماني خير مطلق لأنه يؤمن بضرورة فصل الدين عن الدولة لكي لا يخضع لسلطة دينية؛ فكل ما يهمه هو أن يتمتع في هذه الدنيا دون وازع ديني أو هدف أخروي، ولا معياراً دينياً لديه يميز به بين (كافر) و (مؤمن) من مواطني بلده أو حكامه. أما المسلم، فلديه منظومة مبادئ شرعية تنظم حياته وتحكم علاقته بغيره من مواطني بلده وحكومته وظروف العيش في وطنه (هذا إن أقرينا الحدود المصطنعة). فصلاح الوطن لعيش المسلم مرهون بحرية ممارسته لعبادته وحفاظه على هويته الإسلامية. فإن تعرض إلى ما يهدد ذلك فعليه – إن لم يستطع تغييره – أن يبحث عن أرض (أو حالة) غيرها يمكنه فيها تحقيق الهدف من خلقه (عبادة الله وإنفاذ أوامره). يقول الحق تبارك وتعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)}(النساء)
أي أن الاستضعاف ليس مبرراً للإخلاد إلى الأرض لأنها متغير والدين ثابت، ولا يصح التضحية بالثابت من أجل المتغير. وهذا ما طبقه أبو الأنبياء إبراهيم – عليه السلام – حين هجر أباه وأرضه وقومه بعد أن رفضوا دعوة التوحيد وآذوه. وكذلك فعل كثير غيره من الأنبياء وخاتمهم نبينا محمد – عليه الصلاة والسلام – الذي آثر دينه على أحب البقاع إلى قلبه، تاركا بيته وأرضه وذوي رحمه إلى موطن بديل يأمن فيه على دينه ودمه. وطنية العلماني تقر بأن المواطنين سواسية في كل شيء، ولهم حرية شبه مطلقة عابرة للأديان لا تعترف بما يحكم المسلم من ضوابط كالتوحيد والحاكمية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاء والبراء. أما وطنية المسلم فقيمتها وجدواها مشروطة بإمكانية تحقق مقاصد الشريعة؛ فإن كانت على حساب هذه المقاصد فلا خير فيها. ومن هنا فإن على المسلم أن يتحرى ما هو شرعي من جوانب الوطنية وما هو غير شرعي، وألا يتشدق بها بشكل مطلق، لكي لا يكون كحاطب ليل لا يميز بين عيدان الحطب والأفاعي.
عن موقع منظومة الإعلام السني العراقي