الأثري
2016-07-10, 03:31 PM
الحكمة في اختلاف القراءات القرآنية
تمهيــد للقارئ ...:
أنزل الله تعالى القُرآن الكريم بلغة العرب، ولغة العرب مختلفة اللهجات، بحيث يوجد في كل لهجة بعض الكلمات التي لا يفهمها ولا يعرفها أهل اللغة الأخرى، فسهل الله تعالى على الأمة بإنزال القرآن على سبعة أحرف.. ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف"
وهذه الشبهة قائمة في أساسها على مغالطة واضحة، ومخالفة للواقع، وبيان ذلك ما قرره أصحاب الاختصاص من أن الرواية والتلقي والسماع هي الأصل الذي تثبت به القراءة، ويثبت به رسمها، وليس العكس، فالقراءات بإجماع المسلمين لم تثبت بالاجتهاد والرأي، بل تثبت بالسماع والتلقي ..
طريق تَلَقِّى القرآن كان هو السماع الصوتى:
- سماع صوتى من جبريل لمحمد عليهما السلام.
- وسماع صوتى من الرسول إلى كتبة الوحى أولاً وإلى المسلمين عامة.
- وسماع صوتى من كتبة الوحى إلى الذين سمعوه منهم من عامة المسلمين.
- وسماع صوتى حتى الآن من حفظة القرآن المتقنين إلى من يتعلمونه منهم من أفراد المسلمين.
هذا هو الأصل منذ بدأ القرآن ينزل إلى هذه اللحظة وإلى يوم الدين ، فى تلقى القرآن من مرسل إلى مستقبل ,, والكتابــة ليست الأصل ..!
القراءات: "هى النطق بألفاظ القرآن كما نطقها النبى صلى الله عليه وسلم .."
قضيّة اختلاف القراءات هي أمر توقيفيّ من الله وليست مجرّد اختلاف بين البشر ..وليست مجرّد قضيّة لغويّة أو لهجات فحسب كما يظنّ البعض بل هي بعض من الوحي تتجاوز اللغة واللهجات لتكون محلّ إعجاز قرآنيّ ..
أول سند لهذه القراءات بالطبع هو سيّدُ المرسلين ومن نزلت عليه , عليه صلوات ربي وسلامه , واتصلت من لدنه الأسانيد إلى يومنا هذا , فالقراءة التي تعتبر صحيحة هي التي رويت عن رسول الله (ص) لذلك نرى أنّ القرّاء قد حرصوا حرصا شديدا على نقل هذه القراءات بأسانيد دقيقة ، لدرجة أنّنـا اليوم نعرف بالضبط تاريخ كلّ قراءة ومجموع القرّاء الذين رووها ، وعمّن أخذ كلّ واحد منهم ...وقد ضع العلماء شروطا وضوابط دقيقة صارمة تتعلق بشأن رواية القرآن ورواته منها اشتراط التواتر في كل حرف وآية منه حتى تعتبر قرآناً .. من عرف ذلك أدرك أن الله قد حفظ كتابه ، وجعل من صنيع هؤلاء العلماء أسباباً تظهر فيها مشيئته النافذة وحكمته القاضية بحفظه ، وصدق الله العظيم : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)..!
والصحابة الذين نقلت عنهم القراءات العشرة هم :
عثمان وعلي (من قريش)
عبد الله بن مسعود (الهذلي)
أُبَيّ بن كعب وزيد بن ثابت (من بني النجار من الخزرج)
أبو الدرداء (الخزرجي)
أبو موسى (الأشعري اليماني)
يقول الذهبي في معرفة القراء الكبار (1|42): «فهؤلاء الذين بلغنا أنهم حفظوا القرآن في حياة النبي، وأُخِذَ عنهم عرضاً، وعليهم دارت أسانيد قراءة الأئمة العشرة. وقد جمع القرآن غيرهم من الصحابة كمعاذ بن جبل وأبي زيد وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمر وعتبة بن عامر، ولكن لم تتصل بنا قراءتهم. فلهذا اقتصرت على هؤلاء السبعة رضي الله عنهم»..(1)
بالنسبة للقراءات العشرة فهي جاءت نسبةً إلى القراء العشرة ((نسبة القراءة إلى الإمام أو الراوي إنما كانت لا شتهاره بها على الصورة التي علمها لغيره وتناقلها الناس عنه واحداً بعد واحد على نفس الصورة، وأن الكل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا معنى لأن ينسب إليه بعض القرءات )), ولِكُل قارئ منهم راويان , مايلزمنا من جمعهم المُبارك هُنا هم :
1) ورش الراوي عن القارئ نافِع ..
2) حفص الراوي عن القارئ عاصم ...وهناك طُرق لكلٍ من هؤلاء الرواة ..
الاختلاف بين قراءتي حفص وورش يرجع بالأساس إلى اختلاف الطريق الذي أخذ منه كلٌّ منهما، فحفص أخذ عن عاصم، وورش أخذ عن نافع.... وكلُّ قارئٍ من هؤلاء القرَّاء له طريقه بسنده المتَّصل المتواتر عن النبي ..فحفص مثلاً ينطق بالهمز وورش لا ينطق بها مثلا: المومنون/ المؤمنون، الارض،/:الأرض، الايمان/الإيمان وهكذا..). كما يوجد اختلاف بينها في تقسيم السور إلى آيات وينتج على ذلك في بعض الأحيان اختلاف في عدد آيات السور من قراءة لأخرى!
وجوانب الاختلاف في قراءتي الإمامين حفص وورش كثيرة ومتعددة، سواءً في الكلمات أو في نطقها أو في تجويدها ,,,والكلمة التى تقرأ على وجهين أو أكثر يكون لكل قراءة معنى مقبول يزيد المعنى ويثريه , وكونه أصله من عند الله وعلى نبيه أُنزل فلا يترتب بالتأكيـد على تعدد القراءات أمور شائنة ولا تناقض أو اضطراب ، بل معانيها ومقاصدها متفقة ..
مثالاً على ذلك بين روايتي ورش وحفص :
قال تعالى : ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يَكذِبون)
قرأ حفص ( يَكذبون)
بفتح الياء وسكون الكاف وكسر الذال بمعنى يخبرون بالأخبار الكاذبة عن الله والمؤمنين
وقرأ ورش (يُكَذِّبُون)
بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال المكسورة بمعنى يكذبون الرسل فيما جاءوا به من عند الله من الوحي
معنى كل من القراءتين لا يعارض الآخر ولا يناقضه ، بل كل منهما ذكر وصفاً من أوصاف المنافقين ، وصفتهم الأولى بالكذب في الخبر عن الله ورسله وعن الناس ، ووصفتهم الثانية بتكذيبهم رسل الله فيما أوحى إليهم من التشريع ، وكلاهما حق ..
وقوله تعالى في الفاتحة : ( مالك يوم الدين )
قرأ حفص ( مَالِك )
بفتح الميم وكسر اللام , اسم فاعل من ملك , بمعنى القاضي المتصرف في شئون يوم الدين، وهو يوم القيامة
وقرأ ورش ( مَلِك ) , كصفة لا اسم فاعل , بمعنى فهو أعم من معنى(مالك) ، أي: من بيده الأمر والنهي، ومقاليد كل شيء، ما ظهر منها وما خفي، وكلا المعنيين لائق بالله تعالى، وهما مدح لله عز وجل ..
وقوله تعالى :( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ..)
قرأ حفص ( عِبادُ الرحمن ) وعباد الرحمن المعنيين هنا بالطبع الملائـكة
وقرأ ورش ( وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا ..)
وهم كذلك في قراءة ورش ذاتُ المعنى وذاتُ الملائكة ...
وقوله تعالى : ( لَيس البر أَن تُوَلوا وُجوهَكمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغرِب ..)
قرأ حفص (البرَّ أن بالنصب )
وقرأ ورش ( البر بالرفع )
وقوله تعالى : ( وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشزُها ..)
قرأ حفص ننشزها بالزاي المنقوطة بمعنى نقيمها ونحركها
وقرأ ورش ننشرها بالراء بمعنى نحييها ونكسوها لحماً
وقوله تعالى : ( مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
قرأ حفص ولنجزين بالنون
وقرأ ورش بالياء
ولا اختلاف كما ترون في المعنى
وقوله تعالى :( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورً)
قرأ حفص تسبح بالتأنيث
وقرأ ورش بالتذكير
وقوله تعالى : ( وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ )
قرأ حفص والرجز فاهجر بضم الراء يعني الصنم
وقرأ ورش وغيره والرجز بالكسر يعني العذاب
ومعنى الكلام اهجر ما يؤديك إلى عذاب. قال الزجاج هما لغتان ومعناهما واحد ..
وقوله تعالى : ( وكأيّنْ مِنْ نَبِيّ قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌر.....)
قرأها حفص ( قاتَلَ )
وقرأها ورش ( قُتِل )
بمعنى هلا فعلتم كما كان أهل الفضل والعلم من أتباع الأنبياء قبلكم يفعلونه إذا قتل نبيهم من المضيّ على منهاج نبيهم والقتال على دينه أعداء دين الله على نحو ما كانوا يقاتلون مع نبيهم ..
والأمثلة كثيرة في ذلك ...
وما أُلقيت هذه الشُبهة ومثيلاتِها في القرآن الكريم إلّا حقداً من أصحابِ الكُتُب والديانات المُحرّفة , كردٍ مُتهافتٍ منهم على ذكر الله تعالى في كتابِه الحفيظ خبر تحريف كُتبهم وتبديلهم فيها وفقاً لأهوائهم ,,, واعتماد سلفهم على المخطوطات في نقلِ هذه الكتب التي تلاعبوا فيها وفقاً للمصالح والأهواء كابراً عن كابرٍ ومايزالون , أمّا أمتنا العظيمة فلا تُعوّل في حملِ هذا القُرآن من لدن محمد عليه أفضل الصلاة والسلام إلّا على التلقّي والسماع ...فيحفظه الأطفال ويتوارثُ حفظه وتدريسه أهلُ الإسلام , وسبب الاختلاف في القراءات والتنوع فيه، مرده إلى اختلاف النقل والسماع ليس إلا ...والحمد لله على نعمة اسلامنا العظيم الذي لاشيّة ولاعيبَ فيه ..
تمهيــد للقارئ ...:
أنزل الله تعالى القُرآن الكريم بلغة العرب، ولغة العرب مختلفة اللهجات، بحيث يوجد في كل لهجة بعض الكلمات التي لا يفهمها ولا يعرفها أهل اللغة الأخرى، فسهل الله تعالى على الأمة بإنزال القرآن على سبعة أحرف.. ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف"
وهذه الشبهة قائمة في أساسها على مغالطة واضحة، ومخالفة للواقع، وبيان ذلك ما قرره أصحاب الاختصاص من أن الرواية والتلقي والسماع هي الأصل الذي تثبت به القراءة، ويثبت به رسمها، وليس العكس، فالقراءات بإجماع المسلمين لم تثبت بالاجتهاد والرأي، بل تثبت بالسماع والتلقي ..
طريق تَلَقِّى القرآن كان هو السماع الصوتى:
- سماع صوتى من جبريل لمحمد عليهما السلام.
- وسماع صوتى من الرسول إلى كتبة الوحى أولاً وإلى المسلمين عامة.
- وسماع صوتى من كتبة الوحى إلى الذين سمعوه منهم من عامة المسلمين.
- وسماع صوتى حتى الآن من حفظة القرآن المتقنين إلى من يتعلمونه منهم من أفراد المسلمين.
هذا هو الأصل منذ بدأ القرآن ينزل إلى هذه اللحظة وإلى يوم الدين ، فى تلقى القرآن من مرسل إلى مستقبل ,, والكتابــة ليست الأصل ..!
القراءات: "هى النطق بألفاظ القرآن كما نطقها النبى صلى الله عليه وسلم .."
قضيّة اختلاف القراءات هي أمر توقيفيّ من الله وليست مجرّد اختلاف بين البشر ..وليست مجرّد قضيّة لغويّة أو لهجات فحسب كما يظنّ البعض بل هي بعض من الوحي تتجاوز اللغة واللهجات لتكون محلّ إعجاز قرآنيّ ..
أول سند لهذه القراءات بالطبع هو سيّدُ المرسلين ومن نزلت عليه , عليه صلوات ربي وسلامه , واتصلت من لدنه الأسانيد إلى يومنا هذا , فالقراءة التي تعتبر صحيحة هي التي رويت عن رسول الله (ص) لذلك نرى أنّ القرّاء قد حرصوا حرصا شديدا على نقل هذه القراءات بأسانيد دقيقة ، لدرجة أنّنـا اليوم نعرف بالضبط تاريخ كلّ قراءة ومجموع القرّاء الذين رووها ، وعمّن أخذ كلّ واحد منهم ...وقد ضع العلماء شروطا وضوابط دقيقة صارمة تتعلق بشأن رواية القرآن ورواته منها اشتراط التواتر في كل حرف وآية منه حتى تعتبر قرآناً .. من عرف ذلك أدرك أن الله قد حفظ كتابه ، وجعل من صنيع هؤلاء العلماء أسباباً تظهر فيها مشيئته النافذة وحكمته القاضية بحفظه ، وصدق الله العظيم : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)..!
والصحابة الذين نقلت عنهم القراءات العشرة هم :
عثمان وعلي (من قريش)
عبد الله بن مسعود (الهذلي)
أُبَيّ بن كعب وزيد بن ثابت (من بني النجار من الخزرج)
أبو الدرداء (الخزرجي)
أبو موسى (الأشعري اليماني)
يقول الذهبي في معرفة القراء الكبار (1|42): «فهؤلاء الذين بلغنا أنهم حفظوا القرآن في حياة النبي، وأُخِذَ عنهم عرضاً، وعليهم دارت أسانيد قراءة الأئمة العشرة. وقد جمع القرآن غيرهم من الصحابة كمعاذ بن جبل وأبي زيد وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمر وعتبة بن عامر، ولكن لم تتصل بنا قراءتهم. فلهذا اقتصرت على هؤلاء السبعة رضي الله عنهم»..(1)
بالنسبة للقراءات العشرة فهي جاءت نسبةً إلى القراء العشرة ((نسبة القراءة إلى الإمام أو الراوي إنما كانت لا شتهاره بها على الصورة التي علمها لغيره وتناقلها الناس عنه واحداً بعد واحد على نفس الصورة، وأن الكل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا معنى لأن ينسب إليه بعض القرءات )), ولِكُل قارئ منهم راويان , مايلزمنا من جمعهم المُبارك هُنا هم :
1) ورش الراوي عن القارئ نافِع ..
2) حفص الراوي عن القارئ عاصم ...وهناك طُرق لكلٍ من هؤلاء الرواة ..
الاختلاف بين قراءتي حفص وورش يرجع بالأساس إلى اختلاف الطريق الذي أخذ منه كلٌّ منهما، فحفص أخذ عن عاصم، وورش أخذ عن نافع.... وكلُّ قارئٍ من هؤلاء القرَّاء له طريقه بسنده المتَّصل المتواتر عن النبي ..فحفص مثلاً ينطق بالهمز وورش لا ينطق بها مثلا: المومنون/ المؤمنون، الارض،/:الأرض، الايمان/الإيمان وهكذا..). كما يوجد اختلاف بينها في تقسيم السور إلى آيات وينتج على ذلك في بعض الأحيان اختلاف في عدد آيات السور من قراءة لأخرى!
وجوانب الاختلاف في قراءتي الإمامين حفص وورش كثيرة ومتعددة، سواءً في الكلمات أو في نطقها أو في تجويدها ,,,والكلمة التى تقرأ على وجهين أو أكثر يكون لكل قراءة معنى مقبول يزيد المعنى ويثريه , وكونه أصله من عند الله وعلى نبيه أُنزل فلا يترتب بالتأكيـد على تعدد القراءات أمور شائنة ولا تناقض أو اضطراب ، بل معانيها ومقاصدها متفقة ..
مثالاً على ذلك بين روايتي ورش وحفص :
قال تعالى : ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يَكذِبون)
قرأ حفص ( يَكذبون)
بفتح الياء وسكون الكاف وكسر الذال بمعنى يخبرون بالأخبار الكاذبة عن الله والمؤمنين
وقرأ ورش (يُكَذِّبُون)
بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال المكسورة بمعنى يكذبون الرسل فيما جاءوا به من عند الله من الوحي
معنى كل من القراءتين لا يعارض الآخر ولا يناقضه ، بل كل منهما ذكر وصفاً من أوصاف المنافقين ، وصفتهم الأولى بالكذب في الخبر عن الله ورسله وعن الناس ، ووصفتهم الثانية بتكذيبهم رسل الله فيما أوحى إليهم من التشريع ، وكلاهما حق ..
وقوله تعالى في الفاتحة : ( مالك يوم الدين )
قرأ حفص ( مَالِك )
بفتح الميم وكسر اللام , اسم فاعل من ملك , بمعنى القاضي المتصرف في شئون يوم الدين، وهو يوم القيامة
وقرأ ورش ( مَلِك ) , كصفة لا اسم فاعل , بمعنى فهو أعم من معنى(مالك) ، أي: من بيده الأمر والنهي، ومقاليد كل شيء، ما ظهر منها وما خفي، وكلا المعنيين لائق بالله تعالى، وهما مدح لله عز وجل ..
وقوله تعالى :( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ..)
قرأ حفص ( عِبادُ الرحمن ) وعباد الرحمن المعنيين هنا بالطبع الملائـكة
وقرأ ورش ( وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا ..)
وهم كذلك في قراءة ورش ذاتُ المعنى وذاتُ الملائكة ...
وقوله تعالى : ( لَيس البر أَن تُوَلوا وُجوهَكمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغرِب ..)
قرأ حفص (البرَّ أن بالنصب )
وقرأ ورش ( البر بالرفع )
وقوله تعالى : ( وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشزُها ..)
قرأ حفص ننشزها بالزاي المنقوطة بمعنى نقيمها ونحركها
وقرأ ورش ننشرها بالراء بمعنى نحييها ونكسوها لحماً
وقوله تعالى : ( مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
قرأ حفص ولنجزين بالنون
وقرأ ورش بالياء
ولا اختلاف كما ترون في المعنى
وقوله تعالى :( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورً)
قرأ حفص تسبح بالتأنيث
وقرأ ورش بالتذكير
وقوله تعالى : ( وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ )
قرأ حفص والرجز فاهجر بضم الراء يعني الصنم
وقرأ ورش وغيره والرجز بالكسر يعني العذاب
ومعنى الكلام اهجر ما يؤديك إلى عذاب. قال الزجاج هما لغتان ومعناهما واحد ..
وقوله تعالى : ( وكأيّنْ مِنْ نَبِيّ قُتِل مَعَهُ رِبّيُون كَثِيرٌر.....)
قرأها حفص ( قاتَلَ )
وقرأها ورش ( قُتِل )
بمعنى هلا فعلتم كما كان أهل الفضل والعلم من أتباع الأنبياء قبلكم يفعلونه إذا قتل نبيهم من المضيّ على منهاج نبيهم والقتال على دينه أعداء دين الله على نحو ما كانوا يقاتلون مع نبيهم ..
والأمثلة كثيرة في ذلك ...
وما أُلقيت هذه الشُبهة ومثيلاتِها في القرآن الكريم إلّا حقداً من أصحابِ الكُتُب والديانات المُحرّفة , كردٍ مُتهافتٍ منهم على ذكر الله تعالى في كتابِه الحفيظ خبر تحريف كُتبهم وتبديلهم فيها وفقاً لأهوائهم ,,, واعتماد سلفهم على المخطوطات في نقلِ هذه الكتب التي تلاعبوا فيها وفقاً للمصالح والأهواء كابراً عن كابرٍ ومايزالون , أمّا أمتنا العظيمة فلا تُعوّل في حملِ هذا القُرآن من لدن محمد عليه أفضل الصلاة والسلام إلّا على التلقّي والسماع ...فيحفظه الأطفال ويتوارثُ حفظه وتدريسه أهلُ الإسلام , وسبب الاختلاف في القراءات والتنوع فيه، مرده إلى اختلاف النقل والسماع ليس إلا ...والحمد لله على نعمة اسلامنا العظيم الذي لاشيّة ولاعيبَ فيه ..