أنصار السنة

أنصار السنة (https://www.ansarsunna.com/vb/index.php)
-   المسيحية والإسلام (https://www.ansarsunna.com/vb/forumdisplay.php?f=46)
-   -   الحجة الدامغة في إثبات النبوة الخاتمة دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم (https://www.ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=21668)

عارف الشمري 2011-04-02 04:38 PM

الحجة الدامغة في إثبات النبوة الخاتمة دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
 
:بس:

:سل:


الحمد لله المتفرد بواحدانية الألوهية المتعزز بعظمة الربوبية الرحمن الرحيم ، الذى خلق الخلق حين أراد بلا معين ولا مثيل، و بسط نعمه على العباد و هو على كل شىء وكيل
و الصلاة و السلام على سيدنا و نبينا و قائدنا إلى الجنة باذن الرحمن محمد ، خير من وطأ أرض الله أطيب الطيبين الصادق الأمين المبعوق رحمة للعالمين

أما بعد:-

فهذا بحث فى دلائل النبوة على الأسس التى اتفق عليها أهل العقل و علماء النقل نتناوله بإختصار و اقتضاب بلا استرسال ولا اسهاب ليكون مرجعاً سهلاً يسيراً لكل باحث عن الحق او سائل عن نبوة سيد الخلق~

و سنتناول فيه بإذن الله تعالى خمسة مباحث كل منهم يحوى حجة فى اثبات النبوة و هى:
(1) سيرة رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل البعثة و صفاته الخلقية والخلقية
(2) معجزاته الباهرة المادية و الخبرية و معجزته الكبرى كتاب الله الحكيم
(3) البشارات الحسان برسول الله صلى الله عليه و سلم فى كتب اليهود و النصارى و غيرهم
(4) طبيعة الرسالة التى بعثه الله تعالى بها من عقائد و أحكام و اخلاق
(5) الأثر الذى تركه رسول الله صلى الله عليه و سلم

و دورى فى هذا البحث تجميع ما قرأت فى كتب العلماء و أصحاب السير و سأعقب فى ختامه بسرد المراجع بإذن الله تبارك و تعالى :





الكاتب : أبـــ(تراب)ـــو جزاه الله خير على جمعه وأحببت أن انقله للفائدة أسئل الله رب العرش الكريم أن تستفيدوا ا منه

عارف الشمري 2011-04-02 04:41 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]سيرة رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل البعثة و صفاته الخلقية والخلقية[/SIZE][/COLOR]



[COLOR="Blue"]تقدمـــــــة هامة[/COLOR]



لعل من أبرز الفوائد الماتعة التى نعرج عليها أثناء دراسة سيرة النبى صلى الله عليه و سلم أنها أصح سيرة لتاريخ نبي مرسل، أو عظيم مصلح, فقد وصلت إلينا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصح الطرق العلمية وأقواها ثبوتا مما لا يترك مجالاً للشك في وقائعها البارزة وأحداثها الكبرى

إن الميزة من صحة السيرة صحة لا يتطرق إليها شك لا توجد في سيرة رسول من رسل الله السابقين، فموسى عليه السلام قد اختلطت عندنا وقائع سيرته الصحيحة بما أدخل عليها اليهود من زيف وتحريف، ولا نستطيع أن نركن إلى التوراة الحاضرة لنستخرج منها سيرة صادقة لموسى عليه السلام، فقد أخذ كثير من النقاد الغربيين يشكون في بعض أسفارها وبعضهم يجزم بأن بعض أسفارها لم يكتب في حياة موسى عليه السلام ولا بعده بزمن قريب، وإنما كتب بعد زمن بعيد من غير أن يعرف كاتبها، وهذا وحده كاف للتشكيك في صحة سيرة موسى عليه السلام كما وردت في التوراة
ولذلك ليس أمام المسلم أن يؤمن بشيء من صحة سيرته إلا ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.

ومثل ذلك يقال في سيرة عيسى عليه السلام، فهذه الأناجيل المعترف بها رسميا لدى الكنائس المسيحية إنما أقرت في عهد متأخر عن السيد المسيح بمئات السنين، وقد اختيرت – بدون مسوغ علمي – من بين مئات الأناجيل التي كانت منتشرة في أيدي المسيحيين يومئذ. ثم إن نسبة هذه الأناجيل لكاتبيها لم يثبت عن طريق علمي تطمئن النفس إليه، فهي لم ترو بسند متصل إلى كاتبيها، على أن الخلاف قد وقع أيضا بين النقاد الغربيين في أسماء بعض هؤلاء الكاتبين من يكونون؟ وفي أي عصر كانوا؟
وإذا كان هذا شأن سير الرسل أصحاب الديانات المنتشرة في العالم، كان الشك أقوى في سيرة أصحاب الديانات والفلاسفة الآخرين الذين يعد أتباعهم بمئات الملايين في العالم، كبوذا وكونفوشيوس، فإن الروايات التي يتناقلها أتباعهم عن سيرتهم ليس لها أصل معتبر في نظر البحث العلمي، وإنما يتلقفها الكهان فيما بينهم، ويزيد فيها كل جيل عن سابقه بما هو من قبيل الأساطير والخرافات التي لا يصدقها العقل النير المتحرر الخالي من التعصب لتلك الديانات.
وهكذا نجد أن أصح سيرة وأقواها ثبوتا متواترا هي سيرة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك فإن حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحة كل الوضوح في جميع مراحلها، منذ زواج أبيه عبد الله بأمه آمنة إلى وفاته صلى الله عليه وسلم، فنحن نعرف الشيء الكثير عن ولادته، وطفولته وشبابه، ومكسبه قبل النبوة، ورحلاته خارج مكة، إلى أن بعثه الله رسولا كريما، ثم نعرف بشكل أدق وأوضح وأكمل كل أحواله سنة فسنة، ما يجعل سيرته عليه الصلاة والسلام واضحة وضوح الشمس، كما قال بعض النقاد الغربيين: إن محمدًا (عليه الصلاة والسلام) هو الوحيد الذي ولد على ضوء الشمس.
وهذا ما لم يتيسر مثله ولا قريب منه لرسول من رسل الله السابقين، فموسى عليه السلام لا نعرف شيئا قط عن طفولته وشبابه وطرق معيشته قبل النبوة، ونعرف الشيء القليل عن حياته بعد النبوة، مما لا يعطينا صورة مكتملة لشخصيته، ومثل ذلك يقال في عيسى عليه السلام، فنحن لا نعرف شيئا عن طفولته إلا ما تذكره الأناجيل الحاضرة، من أنه دخل هيكل اليهود، وناقش أحبارهم، فهذه هي الحادثة الوحيدة التي يذكرونها عن طفولته، ثم نحن لا نعلم من أحواله بعد النبوة إلا ما يتصل بدعوته، وقليلا من أسلوب معيشته، وما عدا ذلك فأمر يغطيه الضباب الكثير.

فأين هذا مما تذكره مصادر السيرة الصحيحة من أدق التفاصيل في حياة رسولنا الشخصية، كأكله، وقيامه، وقعوده، ولباسه، وشكله، وهيئته، ومنطقه، ومعاملته لأسرته، وتعبده، وصلاته، ومعاشرته لأصحابه، بل بلغت الدقة في رواة سيرته أن يذكروا لنا عدد الشعرات البيض في رأسه ولحيته صلى الله عليه وسلم

و بذلك كانت سيرة محمد صلى الله عليه و سلم و حياته ودعوته دليلاً عظيما لا نقول على نبوته فحسب بل على صحة وجود ونبوة موسى و عيسى و إبراهيم و الأنبياء أجمعين.




[COLOR="Red"][SIZE="6"]نظرات فى ارهاصات و مؤيدات نبوته صلى الله عليه و سلم[/SIZE][/COLOR]



[SIZE="6"][COLOR="Blue"]شرف نسب رسول الله صلى الله عليه و سلم :[/COLOR][/SIZE]

- فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولد في أشرف بيت من بيوت العرب، فهو من أشرف فروع قريش، وهم بنو هاشم، وقريش أشرف قبيلة في العرب، وأزكاها نسبا وأعلاها مكانة، وقد روي عن العباس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم من خير فرقهم، وخير الفريقين، ثم تخير القبائل، فجعلني من خير قبيلة، ثم تخير البيوت، فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا، وخيرهم بيتا» (رواه الترمذي بسند صحيح).

و قال عليه السلام : ((إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم)) (رواه مسلم)

و قال صلى الله عليه و سلم: ((خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء)) حسنه الألباني فى صحيح الجامع 3225


قال ابن إسحاق : {وكان عبد المطلب من سادات قريش ، محافظا على العهود . متخلقا بمكارم الأخلاق . يحب المساكين ويقوم في خدمة الحجيج ويطعم في الأزمات . ويقمع الظالمين . وكان يطعم حتى الوحوش والطير في رءوس الجبال}

وقد أعطاه الله مزية عظيمة ألا و هى أنه أُمرفى المنام أن يحفر زمزم و وصف له موضعها فكان له شرف اعادة جريان ماء تلك البئر الشريفة و الحديث عن أمير المؤمنين على ابن أبى طالب قال :
(( بينا عبد المطلب نائم في الحجر أُتي فقيل له : احفر برة ، فقال : وما برة ؟ ثم ذهب عنه ، حتى إذا كان الغد نام في مضجعه ذلك فأُتي فقيل له : احفر المصونة ، قال : وما المصونة ؟ ثم ذهب عنه ، حتى إذا كان الغد فنام في مضجعه ذلك فأُتي فقيل له : احفر طيبة ، فقال : وما طيبة ؟ ثم ذهب عنه ، فلما كان الغد عاد لمضجعه فنام فيه فأُتي فقيل له : احفر زمزم ، فقال : وما زمزم ؟ فقال : لا تنزف ، ولا أبينا . ثم نعت له موضعها فقام يحفر حيث نعت . فقالت له قريش : ما هذا يا عبد المطلب ؟ فقال : أمرت بحفر زمزم ، فلما كشف عنه وبصروا بالطي قالوا : يا عبد المطلب إن لنا حقا فيها معك ، إنها لبئر أبينا إسماعيل . فقال : ما هي لكم ، لقد خصصت بها دونكم . قالوا : أتحاكمنا ؟ قال : نعم . قالوا : بيننا وبينك كاهنة بني سعد بن هذيم ، وكانت بأطراف الشام ، فركب عبد المطلب في نفر من بني أمية ، وركب من كل بطن من أفناء قريش نفر ، وكانت الأرض إذ ذاك مفاوز فيما بين الحجاز والشام ، حتى إذا كانوا بمفازة من تلك البلاد فني ماء عبد المطلب وأصحابه حتى أيقنوا بالهلكة ، ثم استقوا القوم فقالوا : ما نستطيع أن نسقيكم ، وإنا نخاف مثل الذي أصابكم . فقال عبد المطلب لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : ما رأينا إلا تبع لرأيك . قال : فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته ، فكلما مات رجل منكم دفعه أصحابه في حفرته حتى يكون آخركم يدفعه صاحبه ، فضيعة رجل أهون من ضيعة جميعكم ، ففعلوا ثم قال : والله إن إلقاءنا بأيدينا للموت ولا نضرب في الأرض ونبتغي ، لعل الله أن يسقينا لعجز . فقال لأصحابه : ارتحلوا . فارتحلوا وارتحل . فلما جلس على ناقته ، فانبعثت به . انفجرت عين تحت خفها بماء عذب . فأناخ وأناخ أصحابه ، فشربوا واستقوا وأسقوا ، ثم دعوا أصحابهم : هلموا إلى الماء فقد سقانا الله ، فجاؤوا واستقوا وأسقوا ثم قالوا : يا عبد المطلب ! قد والله قضي لك . إن الذي سقاك الماء بهذه الفلاة ، لهو الذي سقاك زمزم ، انطلق فهي لك ، فما نحن بمخاصميك))
رواه عبدالله بن زرير الغافقي و صححه الالبانى

ثم أن عبدالمطلب نذر لان رزقه الله بعشرة ابناء يمنعوه لينحرن أحدهم : فلما كبرو أبناءه العشر فاقرع بين ابناءه فكان عبدالله/ فأشفق أبوه عليه و كان يحبه فذهب لعرافة فقالت ان يضرب القداح بين ابنه و عشرة من الابل فخرجت عليه فظل يزيد عشرا عشرا حتى بلغت المئة
و لذلك روى عن النبى كما فى سيرة ابن هشام و فى تاريخ الطبرى أنه قال ((أنا ابن الذبيحين))

و روى الحاكم و ابن جرير و غيرهما عن عبد الله بن سعيد الصنابحى قال: ((حضرنا مجلس معاوية فتذاكر القوم إسماعيل و إسحاق أيهما الذبيح؟ فقال البعض إسماعيل و قال البعض إسحاق فقال معاوية: على الخبير سقطتم كنا عند رسول الله(صلى الله عليه و سلم) فأتى أعرابى فقال : يل رسول الله خلفت الكلأ يابسا و المال عابسا ,هلك العيال و ضاع المال فعد على مما أفاء الله عليك يا إبن الذبيحين فتبسم رسول الله(صلى الله عليه و سلم) و لم ينكر عليه فقال القوم من الذبيحين يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر ماء زمزم نذر لله لإن سهل أمرها أن ينحر بعض ولده فلما فرغ أسهم بينهم و كانو عشرة فخرج السهم على عبد الله فأراد أن ينحره فمنعه أخواله بنو خزوم و قالو أرض ربك و افد ابنك ففداه بمائة ناقة ,قال معاوية: هذا واحد و الأخر إسماعيل))


ولمكانة هذا النسب الكريم في قريش لم نجدها فيما طعنت به على النبي صلى الله عليه وسلم لاتضاح نسبه بينهم، ولقد طعنت فيه بأشياء كثيرة مفتراة إلا هذا الأمر لأن النبى كان منهم و معروف نسبه و حاله عندهم قبل بعثته لذا كان الله يرشد عقولهم إلى صدق رسوله بتذكريهم أنه صاحبهم الذى عرفو نسبه و صدقه و امانته و رجاحة عقله فقال تعالى
{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}

و قال عز و جل {وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ}

و قال سبحانه {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}

و تواترت الايات فى بيان ان النبى من انفسكم ايها العرب و من قلب اشرافكم كما دعى ابراهيم بذلك قائلاً { ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم }
و قال تعالى { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً منهم }
وقال تعالى { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } أي منكم و بلغتكم

لذا قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي و المغيرة بن شعبة لرسول كسرى: ((إن الله بعث فينا رسولاً منا نعرف نسبه و صفته و مدخله و مخرجه و صدقه و أمانته)) رواه أحمد

و هذا له حكمة لطيفة إذ كلما كان الداعية إلى الله في شرف من قومه، كان ذلك أدعى إلى استماع الناس له، فإن من عادتهم أن يزدروا بالدعاة إذا كانوا من بيئة مغمورة، أو نسب وضيع، فإذا جاءهم من لا ينكرون شرف نسبه، ولا مكانة أسرته الاجتماعية بينهم، لم يجدوا ما يقولونه عنه إلا افتراءات يتحللون بها من الاستماع إلى دعوته، والإصغاء إلى كلامه

[COLOR="Blue"][SIZE="6"]ملحوظة:[/SIZE][/COLOR] و هذه الحقائق الساطعة عقلاً و نقلاً تدفعنا للتعجب مما نجده فى هذه الأيام المتأخرة من افلاس فكرى يتجلى فى طعونات خائبة حمل لواء افكها أنصاف الأميين من حاقدى الصليبيين الذين بلغ بهم الجهل مرحلة العضال صعب البراء فيستشهدون بروايات واهية و هم لا يفقهون فيضربون بعضها ببعض ظناً منهم أنها تؤدى الى الطعن فى نسب سيد الخلق ، و كأن بنى هاشم و قريشاً و مضر النسابة نسوا او غفلوا عما يطعن به هؤلاء القوم الذين يتباهون بعبادة اله بشرى هو ابن زنا فى اربع طبقات ولا حول ولا قوة الا بالله)








[COLOR="Red"][SIZE="6"]أية حادثة الفيــــــــــــــل :[/SIZE][/COLOR]


و هى أية عظيمة و إرهاص باهر خادته أيات القرأن الخكيم فى سورة تحمل اسم الفيل
فقال تعالى ((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5)))

قال ابن كثير:
[هَذِهِ مِنْ النِّعَم الَّتِي اِمْتَنَّ اللَّه بِهَا عَلَى قُرَيْش فِيمَا صَرَفَ عَنْهُمْ مِنْ أَصْحَاب الْفِيل الَّذِينَ كَانُوا قَدْ عَزَمُوا عَلَى هَدْم الْكَعْبَة وَمَحْو أَثَرهَا مِنْ الْوُجُود فَأَبَادَهُمْ اللَّه وَأَرْغَمَ آنَافهمْ وَخَيَّبَ سَعْيهمْ وَأَضَلَّ عَمَلهمْ وَرَدَّهُمْ بِشَرِّ خَيْبَة وَكَانُوا قَوْمًا نَصَارَى وَكَانَ دِينهمْ إِذْ ذَاكَ أَقْرَب حَالًا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ قُرَيْش مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان وَلَكِنْ كَانَ هَذَا مِنْ بَاب الْإِرْهَاص وَالتَّوْطِئَة لِمَبْعَثِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ فِي ذَلِكَ الْعَام وُلِدَ عَلَى أَشْهَر الْأَقْوَال , وَلِسَان حَال الْقُدْرَة يَقُول : لَمْ نَنْصُرْكُمْ يَا مَعْشَر قُرَيْش عَلَى الْحَبَشَة لِخَيْرِيَّتِكُمْ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ صِيَانَة لِلْبَيْتِ الْعَتِيق الَّذِي سَنُشَرِّفُهُ وَنُعَظِّمهُ وَنُوَقِّرهُ بِبَعْثَةِ النَّبِيّ الْأُمِّيّ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَم الْأَنْبِيَاء
وَأَرْسَلَ أَبَرْهَة يَقُول لِلنَّجَاشِيِّ إِنِّي سَأَبْنِي كَنِيسَة بِأَرْضِ الْيَمَن لَمْ يُبْنَ قَبْلهَا مِثْلهَا فَشَرَعَ فِي بِنَاء كَنِيسَة هَائِلَة بِصَنْعَاء رَفِيعَة الْبِنَاء عَالِيَة الْفِنَاء مُزَخْرَفَة الْأَرْجَاء سَمَّتْهَا الْعَرَب الْقُلَّيْس لِارْتِفَاعِهَا لِأَنَّ النَّاظِر إِلَيْهَا تَكَاد تَسْقُط قَلَنْسُوَته عَنْ رَأْسه مِنْ اِرْتِفَاع بِنَائِهَا وَعَزَمَ أَبَرْهَة الْأَشْرَم عَلَى أَنْ يَصْرِف حَجّ الْعَرَب إِلَيْهَا كَمَا يُحَجّ إِلَى الْكَعْبَة بِمَكَّة وَنَادَى بِذَلِكَ فِي مَمْلَكَته فَكَرِهَتْ الْعَرَب الْعَدْنَانِيَّة وَالْقَحْطَانِيَّة ذَلِكَ وَغَضِبَتْ قُرَيْش لِذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى قَصَدَهَا بَعْضهمْ وَتَوَصَّلَ إِلَى أَنْ دَخَلَهَا لَيْلًا فَأَحْدَثَ فِيهَا وَكَرَّ رَاجِعًا فَلَمَّا رَأَى السَّدَنَة ذَلِكَ الْحَدَث رَفَعُوا أَمْره إِلَى مَلِكهمْ أَبَرْهَة وَقَالُوا لَهُ إِنَّمَا صَنَعَ هَذَا بَعْض قُرَيْش غَضَبًا لِبَيْتِهِمْ الَّذِي ضَاهَيْت هَذَا بِهِ فَأَقْسَمَ أَبَرْهَة لَيَسِيرَنَّ إِلَى بَيْت مَكَّة وَلَيُخَرِّبَنَّهُ حَجَرًا حَجَرًا .


وَكَانَ عَبْد الْمُطَّلِب رَجُلًا جَسِيمًا حَسَن الْمَنْظَر . وَنَزَلَ أَبَرْهَة عَنْ سَرِيره وَجَلَسَ مَعَهُ عَلَى الْبِسَاط وَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ مَا حَاجَتك ؟ فَقَالَ لِلتُّرْجُمَانِ إِنَّ حَاجَتِي أَنْ يَرُدّ عَلَيَّ الْمَلِك مِائَتَيْ بَعِير أَصَابَهَا لِي فَقَالَ أَبَرْهَة لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ لَقَدْ كُنْت أَعْجَبْتنِي حِين رَأَيْتُك ثُمَّ قَدْ زَهِدْت فِيك حِين كَلَّمْتنِي أَتُكَلِّمُنِي فِي مِائَتَيْ بَعِير أَصَبْتهَا لَك وَتَتْرُك بَيْتًا هُوَ دِينك وَدِين آبَائِك قَدْ جِئْت لِهَدْمِهِ لَا تُكَلِّمنِي فِيهِ ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْد الْمُطَّلِب إِنِّي أَنَا رَبّ الْإِبِل وَإِنَّ لِلْبَيْتِ رَبًّا سَيَمْنَعُهُ . قَالَ مَا كَانَ لِيَمْتَنِع مِنِّي قَالَ أَنْتَ وَذَاكَ وَيُقَال إِنَّهُ ذَهَبَ مَعَ عَبْد الْمُطَّلِب جَمَاعَة مِنْ أَشْرَاف الْعَرَب فَعَرَضُوا عَلَى أَبَرْهَة ثُلُث أَمْوَال تِهَامَة عَلَى أَنْ يَرْجِع عَنْ الْبَيْت فَأَبَى عَلَيْهِمْ وَرَدَّ أَبَرْهَة عَلَى عَبْد الْمُطَّلِب إِبِله وَرَجَعَ عَبْد الْمُطَلِّب إِلَى قُرَيْش فَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّة وَالتَّحَصُّن فِي رُءُوس الْجِبَال تَخَوُّفًا عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَرَّة الْجَيْش ثُمَّ قَامَ عَبْد الْمُطَّلِب فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَاب الْكَعْبَة وَقَامَ مَعَهُ نَفَر مِنْ قُرَيْش يَدْعُونَ اللَّه وَيَسْتَنْصِرُونَ عَلَى أَبَرْهَة وَجُنْده فَقَالَ عَبْد الْمُطَّلِب وَهُوَ آخِذٌ بِحَلْقَةِ بَاب الْكَعْبَة : لَاهُمَّ إِنَّ الْمَرْء يَمْ نَع رَحْلَهُ فَامْنَعْ رِحَالك لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ وَمِحَالُهُمْ أَبَدًا مِحَالَك]

الإرهاصات بعظمة شأنه من شهادات معاصريه
1)) وروى ابن إسحاق عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له : ((يا رسول الله أخبرنا عن نفسك . قال : نعم أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام)) (صحيح السيرة النبوية للألبانى- و كذلك فى السلسلة الصحيحة 1545 )


2)) وروى محمد بن إسحاق عن حسان بن ثابت قال :
((والله إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان أعقل كل ما سمعت إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة ب ( يثرب ) : يا معشر يهود حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا له : ويلك مالك ؟ قال : طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به))
.
وروى أبو نعيم ومحمد بن حيان عن أسامة بن زيد قال : قال زيد بن عمرو بن نفيل :
((قال لي حبر من أحبار الشام : قد خرج في بلدك نبي أو هو خارج قد خرج نجمه فارجع فصدقه واتبعه)) (صحيح السيرة للالبانى)

3)) كانت تعرف في رسول الله النجابة من صغره، وتلوح على محياه مخايل الذكاء الذي يحببه إلى كل من رآه، فكان إذا أتى الرسول وهو غلام جلس على فراش جده، وكان إذا جلس عليه لا يجلس معه على الفراش أحد من أولاده (أعمام الرسول)، فيحاول أعمامه انتزاعه عن الفراش، فيقول لهم عبد المطلب: دعوا ابني، فوالله إن له لشأنًا.( سيرة ابن هشام 1/168

4))حادثة الراهب بحيرا:و فيها خرج أبو طالب إلى الشام ومعه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش ، فلما أشرفوا على الراهب ـ يعني بحيرا ـ هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب ، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت ، قال : فنزل وهو يحلون رحالهم فجعل يتخللهم حتى جاء وأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : هذا سيد العالمين ـ زاد البيهقي : ورسول رب العالمين ابتعثه الله رحمة للعالمين ـ فقال له أشياخ قريش : وما علمك ؟ فقال : إنكم حين أشرفتم من الثنية لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدون إلا لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه ،
و فى رواية أبى موسى الأشعرى أن بحيرا قد تفرس فيه عليه السلام ورأى معالم النبوة في وجهه وبين كتفيه ، فلما سأل أبا طالب : ما هذا الغلام منك ؟ قال : ابني ، قال : ما ينبغي أن يكون أبوه حيا ! قال : فإنه ابن أخي مات أبوه وأمه حبلى به . قال صدقت ، ارجع به إلى بلدك واحذر عليه يهود (سيرة ابن هشام- البداية و النهاية لابن كثير)

عصمته من أمور الجاهلية صلى الله عليه و سلم
لم يشارك عليه الصلاة والسلام أقرانه من شباب مكة في لهوهم ولا عبثهم، وقد عصمه الله من ذلك، ولم يشارك قومه في عبادة الأوثان، ولا أكل شيئا مما ذبح لها، ولم يشرب خمرا، ولا لعب قمارا، ولا عرف عنه فحش في القول، أو [قبحٌ] في الكلام.

عن أنس بن مالك؛ ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان. فأخذه فصرعه فشق عن قلبه. فاستخرج القلب. فاستخرج منه علقة. فقال: هذا حظ الشيطان منك. ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم. ثم لأمه. ثم أعاده في مكانه. وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (يعني ظئره) فقالوا:إن محمدا قد قتل. فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره)).
(رواه مســـــــــــلم)

{عن ‏ ‏جابر بن عبد الله ‏ ‏يقول ‏ لما بنيت ‏ ‏الكعبة ‏ ‏ذهب النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وعباس ‏ ‏ينقلان حجارة فقال ‏ ‏عباس ‏ ‏اجعل ‏ ‏إزارك ‏ ‏على رقبتك من الحجارة ففعل ‏ ‏فخر ‏ ‏إلى الأرض ‏ ‏وطمحت ‏ ‏عيناه إلى السماء ثم قام فقال ‏ ‏إزاري ‏ ‏إزاري ‏ ‏فشد عليه ‏ ‏إزار}
مسند أحمد و كذا رواه الشيخان

فهذا الحديث أيضاً يشهد لرسول الله صلى الله عليه و سلم أن ربه تعالى عصمه من عادات الجاهلية السيئة

و يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يهمون به من النساء إلا ليلتين كلتاهما عصمني الله عز وجل فيهما قلت ليلة لبعض فتيان مكة ونحن في رعاء غنم أهلها فقلت لصاحبي أبصر لي غنمي حتى أدخل مكة أسمر فيها كما يسمر الفتيان فقال بلى قال فدخلت حتى جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالغرابيل والمزامير فقلت ما هذا قالوا تزوج فلان فلانة فجلست أنظر وضرب الله على أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال ما فعلت فقلت ما فعلت شيئا ثم أخبرته بالذي رأيت ثم قلت له ليلة أخرى أبصر لي غنمي حتى أسمر ففعل فدخلت فلما جئت مكة سمعت مثل الذي سمعت تلك الليلة فسألت فقيل نكح فلان فلانة فجلست أنظر وضرب الله أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال ما فعلت فقلت لا شيء ثم أخبرته الخبر فوالله ما هممت ولا عدت بعدهما لشيء من ذلك حتى أكرمني الله عز وجل بنبوته ))
رواه الطبرى و غيره و صححه الحاكم و تبعه الذهبى 287 ، و حسنه الألبانى فى المطالب العلية لابن حجر العسقلانى 4/361

وكان عليه السلام يعتزل قومه وماهم عليه من الوثنية أذ حبب الله إليه عليه الصلاة والسلام قبل البعثة بسنوات أن يخرج إلى غار حراء - يخلو فيه لنفسه ليفكر في آلاء الله، وعظيم قدرته، واستمر على ذلك حتى جاءه الوحي، ونزل عليه القرآن الكريم.
و هذا يعلمنا مدى قيمة عبادة التفكر و التدبر فى أيات الله و دلائل عظمته و وحدانيته فيجب على الداعية إلى الله أن تكون له بين الفينة والفينة أوقات يخلو فيها بنفسه، تتصل فيها روحه بالله جل شأنه، وتصفو فيها نفسه من كدورات الأخلاق الذميمة، والحياة المضطربة من حوله، ومثل هذه الخلوات تدعوه إلى محاسبة نفسه إن قصرت في خير، أو زلت في اتجاه، أو جانبت سبيل الحكمة، أو أخطأت في سبيل ومنهج أو طريق، أو انغمست مع الناس في الجدال والنقاش حتى أنسته ذكر الله والأنس به وتذكر الآخرة، وجنتها ونارها، والموت وغصصه وآلامه، ولذلك كان التهجد وقيام الليل فرضا في حق النبي صلى الله عليه وسلم، مستحبا في حق غيره، وأحق الناس بالحرص على هذه النافلة هم الدعاة إلى الله وشريعته وجنته، وللخلوة والتهجد والقيام لله بالعبودية في أعقاب الليل لذة لا يدركها إلا من أكرمه الله بها، وقد كان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يقول في أعقاب تهجده وعبادته: نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها.
وحسبنا قول الله تبارك وتعالى مخاطبا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا، إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}



[COLOR="Red"][SIZE="6"]
سماته الخلقية و الخلقية و الظروف التى نشأ فيها :[/SIZE][/COLOR]


1- أنه نشأ يتيما، فقد مات أبوه عبد الله وأمه حامل به لشهرين فحسب، ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت أمه آمنة فذاق صلى الله عليه وسلم في صغره مرارة الحرمان من عطف الأبوين وحنانهما، وقد كفله بعد ذلك جده عبد المطلب، ثم توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثمان سنوات، فكفله بعد ذلك عمه أبو طالب حتى نشأ واشتد ساعده، وإلى يتمه أشار القرآن الكريم بقوله: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى:6].

و كان فى تحمله عليه السلام آلام اليتم أو العيش، وهو في صغره ما جعله أكثر إحساسا بالمعاني الإنسانية النبيلة، وامتلاءً بالعواطف الرحيمة نحو اليتامى أو الفقراء أو المعذبين، وأكثر عملا لإنصاف هذه الفئات والبر بها والرحمة لها.


2- نشأته صلى الله عليه و سلم فى بيئة صحراوية فطرية إذ أمضى السنوات الأربع الأولى من طفولته في الصحراء في بني سعد، فنشأ قوي البنية، سليم الجسم، فصيح اللسان، جريء الجنان، يحسن ركوب الخيل على صغر سنه قد تفتحت مواهبه على صفاء الصحراء وهدوئها، وإشراق شمسها ونقاوة هوائها.
فكان ذلك أدعى إلى صفاء ذهنه، وقوة عقله وجسمه ونفسه، وسلامة منطقه وتفكيره، ولذلك لم يختر الله العرب لأداء رسالة صدفة ولا عبثا، بل لأنهم كانوا بالنسبة إلى من يجاورهم من الأمم المتمدنة أصفى نفوسا، وأسلم تفكيرا، وأقوم أخلاقا، وأكثر احتمالا لمكاره الحروب في سبيل دعوة الله ونشر رسالته في أنحاء العالم
«ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم» فقال له أصحابه: وأنت يا رسول الله؟ فأجاب: «وأنا رعيتها لأهل مكة على قراريط» رواه البخارى


3-وعرف عنه منذ إدراكه رجحان العقل، وأصالة الرأي، وكذلك عرف عليه الصلاة والسلام بين قومه بالصادق الأمين، واشتهر بينهم بحسن المعاملة، والوفاء بالوعد، واستقامة السيرة، وحسن السمعة،
لذلك كان أول الناس تلبية لحلف الفضول و هو الحلف الذى اجتمعت فيه قبائل قريش بعد فاجعة حرب الفجار التى انتهكت فيها حرمة الشهر الحرام، فاجتمعوا فى دار عبدالله بن جدعان لسنه و شرفه، فتعاهدوا على ألا يجدوا فى مكة مظلوا من أهلها أو غيرهم إلا نصروه حتى ترد عليه مظلمته ، بل و ظل عليه السلام مادحاً شاكراً لهذا الحلف الذى قام على الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر وإن كان فى الجاهليه فقال عليه السلام (( لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت))

*و لذلك كان نعم الحكم المستأمن في حادثة وضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة عندما أصاب الكعبة سيل أدى إلى تصدع جدرانها، فقرر أهل مكة هدمها وتجديد بنائها، وفعلوا، فلما وصلوا إلى مكان الحجر الأسود فيها اختلفوا اختلافا شديدا فيمن يكون له شرف وضع الحجر الأسود في مكانه، وأرادت كل قبيلة أن يكون لها هذا الشرف، واشتد النزاع حتى تواعدوا للقتال، ثم ارتضوا أن يحكم بينهم أول داخل من باب بني شيبة، فكان هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، رضينا بحكمه، فلما أخبر بذلك، حل المشكلة بما رضي عنه جميع المتنازعين، فقد بسط رداءه ثم أخذ الحجر فوضعه فيه، ثم أمرهم أن تأخذ كل قبيلة بطرف من الرداء، فلما رفعوه وبلغ الحجر موضعه، أخذه ووضعه بيده، فرضوا جميعا، وصان الله بوفور عقله وحكمته دماء العرب من أن تسفك إلى مدى لا يعلمه إلا الله.
( مسند الامام أحمد ، و رواه أبوداود الطيالسى عن على رضى الله عنه، و أروده الالبانى فى صحيح السيرة النبوية)


*و لذلك أيضاً رغبت خديجة رضى الله عنها في أن تعرض عليه الاتجار بمالها في القافلة التي تذهب إلى مدينة (بصرى) كل عام على أن تعطيه ضعف ما تعطي رجلا من قومها، فلما عاد إلى مكة وأخبرها غلامها ميسرة بما كان من أمانته وإخلاصه، ورأت الربح الكثير في تلك الرحلة، أضعفت له من الأجر ضعف ما كانت أسمت له، ثم حملها ذلك على أن ترغب في الزواج منه، فقبل أن يتزوجها وهو أصغر منها بخمسة عشر عاما،

*و لذا كان أفضل شهادة له بحسن خلقه قبل النبوة قول خديجة له بعد أن جاءه الوحي في غار حراء وعاد مرتعدا:
((كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل (الضعيف)، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)).(رواه البخارى)



[COLOR="Red"][SIZE="6"]حديــــــــث أبى سفيــــــــان :[/SIZE][/COLOR]


يجمع كل ما أسلفناه من شرف رسول الله و حنيفيته و أمانته و صدقه و رجاحة عقله و كرم دعوته حديث أبى سفيان رضى الله عنه مع هرقل عظيم الروم

{حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن عبد الله بن عباس أخبره، أن أبا سفيان بن حرب أخبره:
أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش ، وكانوا تجارا بالشأم ، في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها ابا سفيان وكفار قريش ، فأتوه وهم بإيلياء ، فدعاهم في مجلسه ، وحوله عظماء الروم ، ثم دعاهم ودعا بترجمانه ،
فقال : أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟
فقال أبو سفيان : فقلت أنا أقربهم نسبا ،
فقال : أدنوه مني ، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره ، ثم قال لترجمانه : قل لهم إني سائل عن هذا الرجل ، فإن كذبني فكذبوه ، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه .
ثم كان أول ما سألني عنه أن قال : كيف نسبه فيكم ؟
قلت : هو فينا ذو نسب .
قال : فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله ؟
قلت : لا . قال : فهل كان من آبائه من ملك ؟ قلت : لا .
قال : فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟
فقلت : بل ضعفاؤهم . قال : أيزيدون أم ينقصون ؟ قلت : بل يزيدون .
قال : فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟
قلت : لا .
قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟
قلت : لا .
قال : فهل يغدر ؟
قلت : لا ، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها "ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة" . (هنا يشهد ايو سفيان الصحابى الجليل أنه ما وجد جواباً واحداً يمكنه ان يدخل فيه شبهة حول رسول الله الا هذه الكلمة التى قالها فما أعظمه من نبى)
قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت : نعم .
قال : فكيف كان قتالكم إياه ؟
قلت : الحرب بيننا وبينه سجال ، ينال منا وننال منه .
قال : ماذا يأمركم ؟
قلت : يقول : اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا ، واتركوا ما يقول آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة .
فقال للترجمان : قل له : سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب ، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها .
وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول ، فذكرت أن لا ، فقلت لو كان أحد قال هذا القول قبله ، لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله .
وسألتك هل كان من آبائه من ملك ، فذكرت أن لا ، قلت : فلو كان من آبائه من ملك ، قلت رجل يطلب ملك أبيه .
وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ، فذكرت أن لا ، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله .
وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ، فذكرت أن ضعفاؤهم اتبعوه ، وهم أتباع الرسل ،
وسألتك أيزيدون أم ينقصون ، فذكرت أنهم يزيدون ، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم . وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ، فذكرت أن لا ، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب .
وسألتك هل يغدر ، فذكرت أن لا ، وكذلك الرسل لا تغدر .
وسألتك بما يأمركم ، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عن عبادة الأوثان ، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف ،
فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، لم أكن أظن أنه منكم ، فلو أني أعلم أني أخلص إليه ، لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه .
ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى ، فدفعه إلى هرقل ، فقرأه ، فإذا فيه : [بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم : سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ، و : { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون }]
قال أبو سفيان : فلما قال ما قال ، وفرغ من قراءة الكتاب ، كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات وأخرجنا ، فقلت لأصحابي حين أخرجنا : لقد أمر ابن أبي كبشة ، إنه يخافه ملك بني الأصفر
رواه البخارى - كتاب بدء الوحي. - باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فمحمد صلى الله عليه و سلم هو أعظم رجل في التاريخ بشهادة خصومه قبل أتباعه كما سيرد إن شاء الله
و قد أخرج البخاري في التاريخ الصغير عن أبي طالب:
وشق له من اسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا محمد
وقد كان اسمه أحمد كما جاءت تسميته في الكتب السابقة ، قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام:
-{ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}.
وتسميته محمدا وقعت في القرآن؛ سمي محمدا:
- لأن ربه حمده قبل أن يحمده الناس، وفي الآخرة يحمد ربه فيشفعه فيحمده الناس.
- ولأنه خص بسورة الحمد، وبلواء الحمد، وبالمقام المحمود.
- وشرع له الحمد بعد الأكل، والشرب، والدعاء، وبعد القدوم من السفر.
وسميت أمته الحمادين، فجمعت له معاني الحمد وأنواعه...

* * *

[COLOR="Red"][SIZE="6"]وأما عن صفاته الخَلقية : [/SIZE][/COLOR]



فإن الله ابتعث رسوله وجيهاً جميلاً كريماً من أوسط اللبشر أجمعين اهل مشارقهم و اهل مغاربهم الأبيض منهم و الأسمر و الاصفر و الأحمر

- كان فخماً متلألأ مليحا أزهر شديد البياض جميل الوجه مشربا بحمرة مثل القمر في استدارته وجماله، ومثل الشمس في إشراقه، إذا سر يستنير ويتهلل وتنفرج أساريره(البخاري ومسلم و الترمذى)
و روى البخارى أن ابن عمر قد تمثل قول أبو طالب فى رسول الله:
وأبيضُ يستسقى الغمام بوجهه *** ثمالُ اليتامى عصمةٌ للأرامل


- جميل العينين طويل شعر عينه، تحسبه أكحل و ليس بأكحل (الترمذي وأحمد وأبو يعلى والحاكم والطبراني)
- كان صلى الله عليه وسلم أقني الأنف مستوٍ من أوله إلى أخره (ابن عساكر و صححه الألبان بالشواهد)
- ليس بالطويل البائن ولا بالقصير المتردد. (البخاري ومسلم)
- عريض الصدر، ممتلىءٌ لحماً، ليس بالسمين ولا بالنحيل، مستوى البطن والظهر(الطبراني والترمذي وابن نعيم وابن عساكر والبيهقي و صحيح ابن ماجة)
- بعيد بين المنكبين و على كتفه خاتمم النبوة. (البخارى و مسلم)
- كان عنقه صلى الله عليه وسلم كأنه إبريق فضة (ابن سعد والبيهقي)
- شعره حسن شديد السواد ليس بالجعد ؛ وهو الشعر الذي يلتف على بعضه، ولا بالسبط؛ وهو الشعر المسترسل شديد النعومة، وإنما بين ذلك، يبلغ شعره شحمة أذنيه أحياناً و منكبيه حيناً يفرقه فرقتين من وسط الرأس(البخارى و غيره)
* إذا مشطه بالمشط كأنه حبك الرمل ، أو كأنه المتون التي تكون في الغدر إذا سفتها (البيهقى) الرياح
- له لحية كثة عظيمة تملاً صدره وفي شعر رأسه ولحيته شعيرات بيض لا تبلغ العشرون. ( البخاري)
- واسع الفم، والعرب تمدح بذلك وتذم بصغر الفم، (مسلم)
إذا تكلم رُئي كالنور يخرج من بين ثناياه (الدرامي والترمذي)
- يداه رحبتان كبيرتان واسعتان لينة الملمس كالحرير، يقول أنس: "ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم". متفق عليه
- قدماه عظبمتان لينة الملمس، فكان يجمع في بدنه وأطرافه بين لين الملمس وقوة العظام. ( البخاري و غيره)
- يداه باردتان، لهما رائحة المسك يقول وائل بن حجر: " لقد كنت أصافح رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يمس جلدي جلده، فأتعرقه بعد في يدي، وإنه لأطيب رائحة من المسك". الطبراني والبيقهي
* وعن جابر بن سمرة: "مسح رسول الله خدي، فوجدت ليده بردا أو ريحا، كأنما أخرجها من جؤنة عطار"(مسلم)
حتى إذا مر في طريق من طرق المدينة، وجد منه رائحة المسك، فيقال: مر رسول الله
وكان عرقه أطيب من ريح المسك، حتى قال أنس: " كأن عرقه اللؤلؤ " (مسلم)
وجمعت أم سليم من عرق النبي صلى الله عليه وسلم فجعلته في طيبها. (البخارى)
- إبطه أبيض، من تعاهده نفسه بالنظافة والتجمل. (البخارى و مسلم)
- إذا مشى يسرع، كأنما ينحدر من أعلى، لا يستطيع أحد أن يلحق به..( احمد وابن سعد وصححه أحمد شاكر)
- إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلو المنطقكلامه بين وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، وإذا التفت التفت جميعاً لا برأسه فقط
فجمع الله له بين الجمال و الهيبة و الوقار((الهيثمى و شواهده فى الصحيح)
فقال جابر بن سمرة قال ((جعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر، فإذا هو عندي أحسن من القمر)). (أخرجه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي)

و قال عمرو ابن العاص فى حديث وفاته عن طبقات حياته : ((وما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجلَّ في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو سُئلت أن أصفه ما أطقت...الحديث)) رواه مسلم

و قال عبدالله بن سلام كبير احبار اليهود فى المدينة لما رأى رسول الله: ((نظرت فى وجهه فعلمت أنه ليس بوجه كذاب)) (رواه البخارى)


* * *

[SIZE="6"][COLOR="Red"]أما عن صفاته الخُلقية: [/COLOR][/SIZE]




- كان خلقه القرأن (مسلم)
- وكان يذكر الله على كل أحواله(مسلم )
- أصدق الناس، لُقب بالصادق الأمين ، و شهدوا له يوم خطب بالجبل ليصدع بالدعوة قائلين: ما جربنا عليك إلا صدقا (رواه مسلم)
- يعظم بر الوالدين، ، بكى على قبر أمه إذ أُذن له بزيارتها دون الإستغفار لها (رواه مسلم)
- كان أجود الناس، أجود بالخير من الريح المرسلة. (متفق عليه)
* ما سئل شيئا فقال: "لا" . يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. (مسلم)
* و كان لا يمنع شيئاً يسأله (أحمد و صححه الألبانى)
- أشجع الناس، عن أنس قال: كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس(متفق عليه)
* قال البراء: كنا والله إذا احمر البأس نتقي به وإن الشجاع منا للذي يحاذى به يعني النبي صلى الله عليه وسلم " (متفق عليه)
- ما عرض عليه أمران إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما. (البخارى و مسلم)
- أشد حياء من العذراء في خدرها. (البخارى)
- ما عاب شيئا قط. (البيهقى و صححه الألبانى بالشواهد)
- ما عاب طعاما قط؛ إن اشتهاه أكله وإلا تركه. (البخارى)
- كان يردف خلفه ، و يضع الطعام على الأرض، و يجيب دعوة المملوك (الحاكم و صححه الألبانى)
- كان أعبد الناس
*عن عبد الله بن الشخير رضى الله عنه قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء" ( رواه أبو داود بسند صحيح)
*وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ : "أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ، فقالت عائشة : لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : "أفلا أكون عبداً شكوراً" (رواه البخاري.)
- إذا تكلم تكلم ثلاثا، بتمهل، لا يسرع ولا يسترسل، لو عد العاد حديثه لأحصاه.(البخارى)
- لا يحب النميمة ويقول لأصحابه: " لا يبلغني أحد عن أحد شيئا، إني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر". (أبو داود و الترمذى و صححه أحمد شاكر)
- خلوق رؤوف، قال أنس: "خدمت رسول الله عشر سنين، والله ما قال لي: أفا قط. ولا لشيء فعلته: لم فعلت كذا ؟، وهلا فعلت كذا؟". (مسلم )
- يحلم على الجاهل، ويصبر على الأذى. (البخارى ومسلم)
- يتبسم في وجه محدثه و يأمر بذلك(البخارى)
*يقبل على من يحدثه، حتى يظن أنه أحب الناس إليه. الألبانى و صححه)
- يسلم على الأطفال ويداعبهم و يحنو عليهم ، و يتجوز فى صلاته إن سمع بكاء الصغير رأفة بأمه .(البخارى و مسلم )
* أتى أعرابى فأنكر على الصحابة أنهم يقبلون أطفالهم فقال له عليه السلام:وما أملك إن كان الله نزع منكم الرحمة" (متفق عليه)
* كان يداعب صغيراً له عصفور فيسأله : يا أبا عمير ما فعل النغير ( متفق عليه)
* كان يزور الأنصار و يسلم على صبيانهم ، و يمسح على رؤوسهم (النسائى و صححه الألبانى)
- كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشى مع الأرملة و المسكين و العبد حتى يقضى له حاجته (النسائى و صححه الألبانى)
- كان يأتى ضعفاء المسلمين و يزورهم و يعود مرضاهم، و يشهد جنائزهم (الحاكم و صححه الألبانى)
- ما التقم أحد أذنه، يريد كلامه، فينحّي رأسه قبله. (أبو داود بسند صحيح)
- يبدأ من لقيه بالسلام. (البخارى و مسلم)
- يأخذ بيد من يحدثه ، ولا ينزعها قبله.( أبوداود بسند صحيح)
- خير الناس لأهله يصبر عليهم، ويغض الطرف عن أخطائهم، ويعينهم في أمور البيت، يخصف نعله، ويخيط ثوبه. (البخارى فى الأدب/صححه الألبانى)
- يأتيه الصغير، فيأخذ بيده يريد أن يحدثه في أمر، فيذهب معه حيث شاء..(البخارى)
- يجالس الفقراء و ولا يأكل متكئاً (البخارى)
* يجلس كما يجلس العبد و يأكل كما يأكل العبد (أبو شيبة و أبو يعلى و الطبرانى بمراسيل صحيحة و وصله البزار)
*و يجلس القرفصاء محتبياً بيديه خاشعاً لله (حسنه الألبانى، و رواه الهيثمى برجال ثقات)
- يكره أن يقوم له أحد، كما ينهى عن الغلو في مدحه. (البخارى و غيره على شرطه)
* عن أنس قال: كانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك . (رواه الترمذي )
* كان يقول عليه السلام: لا تطروني كما أطرت النصارى بن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسول( متفق عليه )
- وقاره عجب، لا يتكلم إلا عند الحاجة، بكلام يعد يحوي جوامع الكلم، حسن السمت. (البخارى و غيره)
* لا يضحك إلا تبسما، عن عائشة: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يبتسم ) "رواه البخاري)
- إذا كره شيئا عرف ذلك في وجهه.(متفق عليه)
- لم يكن فاحشا، ولا متفحشا، ولا سخابا، بالأسواق، ولا لعانا، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. (الترمذى و احمد بسند صحيح)
- لا يقابل أحدا بشيء يكرهه، وإنما يقول: (ما بال أقوام ). (البخارى)
- لا يغضب ولا ينتقم لنفسه، إلا إذا انتهكت حرمات الله تعالى، فينتقم لله. (البخارى)
- ما ضرب بيمينه قط ولا إمرأة ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله.(رواه مسلم)
- عظيم الوفاء و الاخلاص، تقول السيدة عائشة:ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة هلكت قبل أن يتزوجني لما كنت أسمعه يذكرها وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن "(رواه البخاري)
- أوفى الناس بالعقود، يكرم صاحب الحق ، و يقضى الدين بالأحسن و يقول: إن من خيركم أحسنكم قضاء (متفق عليه)
* يوم الفتح اخذ مفتاح الكعبة من عثمان ابن طلحة سادنها فى الجاهلية ليدخلها...فقال على و المفتاح بيده فقال: اجمع لنا الحجابة مع السقاية , صلى الله عليك . فقال صلى الله عليه وسلم : أين عثمان بن طلحة ؟ فدعى له , فقال له : هاك مفتاحك يا عثمان , اليوم يوم وفاء وبر( صححه العلامة أحمد شاكر)
- لا تأخذه النشوة والكبر عن النصر:
* دخل في فتح مكة إلى الحرم خاشعا مستكينا، ذقنه يكاد يمس ظهر راحلته من الذلة لله تعالى والشكر له.. لم يدخل متكبرا، متجبرا، مفتخرا، شامتا.
* وقف أمامه رجل وهو يطوف بالبيت، فأخذته رعدة، وهو يظنه كملك من ملوك الأرض، فقال له رسول الله: "هون عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة ". (صححه الأبانى موصولاً و مرسلاً و هو المحفوظ)
- كان زاهدا في الدنيا:
* يضطجع على الحصير، ويرضى باليسير، وسادته من أدم حشوها ليف. (البخارى و غيره)
* يمر الشهر وليس له طعام إلا التمر.. يتلوى من الجوع ما يجد ما يملأ بطنه، فما شبع ثلاثة أيام تباعا من خبز بر حتى فارق الدنيا . (البخارى)
- رؤوف بالمؤمنين ، يمازحهم ولا يقول إلا حقاً (الترمذي)
*مازح أنس قائلاً : يا ذا الأذنين ( أبو داود والترمذى و صححه الألبانى).
*استحمله رجلاً ، فقال عليه السلام "إني حاملك على ولد الناقة" فقال يا رسول الله ما أصنع بولد الناقة ؟ فقال عليه الصلاة و السلام "وهل تلد الإبل إلا النوق "(أبو داود والترمذي و صححه الألبانى)
- يأمر بالصدقة و المعروف و الاصلاح بين الناس...
* إقتتل أهل قباء حتى تراموا بالحجارة فأُخبر عليه الصلاة و السلام فقال : اذهبوا بنا نصلح بينهم (رواه البخارى)
- كان رحيما بأمته، أعطاه الله دعوة مستجابة، فادخرها لأمته يوم القيامة شفاعة، قال:
* ( لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني أختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا ) [البخاري]؛
ولذا قال تعالى عنه: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}
- الخلاصة: كان أعظم الناس خلقاً (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)
الصادق الأمين، العابد الزاهد، الطيب الجميل،الأب الحنون، الإبن البار، الزوج الرحيم، المعلم الصالح، المربى الرؤوف، الحكم العادل، المجاهد الشجاع،...إمام الدعاة، سيد المرسلين، رسول الله

فمن كان هذا حاله ما كان ليكذب أو يُكذب حتى أن أبا جهل فرعون هذه الأمة اعترف بذلك كما فى الحديث الذى رواه الترمذي عن علي بن أبى طالب أن أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم: إنا لا نكذبك، ولكن نكذب بما جئت به فأنزل الله تعالى فيهم: (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)
الحمد لله رب العالمين

عارف الشمري 2011-04-02 04:49 PM

:بس:


[COLOR="Red"][SIZE="6"]البشارات الحسان برسول الله صلى الله عليه و سلم فى كتب اليهود و النصارى و غيرهم :[/SIZE][/COLOR]




[COLOR="Blue"]تقدمــــــــة هامة:[/COLOR]


قبل أن نسرد البشارات الحسان العجاب برسول الله على لسان إخوانه أنبياء الله السابقين ننبه العقول و الألباب لأمر فصل يحسم فى مضمونه مراء اهل الكتاب و إنكارهم أن تكون كتبهم تحوى بشارات بمخرج سيد ولد أدم صلى الله عليه و أله و سلم

[SIZE="6"][COLOR="Red"]أولاً:[/COLOR][/SIZE]

نصدر مقالنا بنقل كلامٍ موفق سديد من شيخ الإسلام العلامة الفهامة ابن القيم رحمة الله عليه فيقول :
[إنه من الممتنع أن تخلو الكتب المتقدمة عن الإخبار بهذا الأمر العظيم الذي لم يطرق العالم من حين خلق إلى قيام الساعة أمر أعظم منه ولا شأن أكبر منه ، فإنه قلب العالم وطبق مشارق الأرض ومغاربها ، واستمر على العالم على تعاقب القرون وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ومثل هذا النبأ العظيم لا بد أن تتطابق الرسل على الإخبار به.
وإذا كان الدجال رجل كاذب يخرج في آخر الزمان وبقاؤه في الأرض أربعين يوماً قد تطابقت الرسل على الإخبار به وأنذر به كل نبي قومه من نوح إلى خاتم الرسل فكيف تتطابق الكتب الإلهية من أولها إلى آخرها على السكوت عن الإخبار بهذاالأمر العظيم الذي لم يطرق العالم أمر أعظم منه ولا يطرقه أبداً.
هذا ما لا يسوغه عقل عاقل وتأباه حكمة أحكم الحاكمين ، بل الأمر بضد ذلك ، وما بعث الله سبحانه نبيا إلا أخذ عليه الميثاق بالإيمان بمحمد وتصديقه ، كما قال تعالى : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ، قال ابن عباس : ما بعث الله من نبي إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به وليتابعنه.]

و تالله إنه لكلام يساغ بماء الذهب و يلجم الكافر المجادل و يبهته فلا يستطيع أن يرد جواباً إذ إنشغلوا بالنفى النقلى فألزمهم شيخنا بالإثبات العقلى و النقلى


[SIZE="6"][COLOR="Red"]ثانياً :[/COLOR][/SIZE]

نذكر الباحث المنصف بحقيقة هامة فى غاية الخطورة و هى أن كتب أهل الكتاب لا تنفى خروج نبى بعد المسيح بالعكس فقد وردت النصوص الإنجيلية لتؤكد إمكانية خروج نبى بعد المسيح عليه السلام و منها
قول المسيح عليه السلام: ((احترزوا من الانبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة.16 من ثمارهم تعرفونهم.هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا.17 هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة.واما الشجرة الردية فتصنع اثمارا رديّة.18 لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا رديّة ولا شجرة رديّة ان تصنع اثمارا جيدة.19 كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار)). (متى 7: 15-19)

و قول صاحب رسالة يوحنا: (( أيها الاحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الارواح هل هي من الله لان انبياء كذبة كثيرين قد خرجوا الى العالم.2 بهذا تعرفون روح الله.كل روح يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فهو من الله)).(رسالة يوحنا الاولى 4: 1-2)

* فبتأمل هذه النصوص نجد الأقوال المنسوبة للمسيح و ليوحنا لا تنفى خروج نبى صادق بل بالعكس تحذر من الأنبيا الكذبة ثم تضع معايير للتمييز بين النبى الصادق و الكاذب ، فلو أن كل نبى ياتى بعد المسيح يكون كذاباً لما قال من ثمارهم تعرفونهم ثم يسهب فى بيان ان النبى الصادق تكون له ثمرة طيبة- و هذا سنتناوله بأذن الله حين نبحث باب الأثر الباهر الذى تركه رسول الله و بناءه للأمة- و لقال المسيح صراحة كل من سياتى بعدى سيكون كاذباً كما قال رسول الله ( و إنه لا نبى بعدى)

*و أيضاً يوحنا يأمر باختبار الأرواح أى الأنبياء لمعرفة الصادق من الكاذب
بل نلاحظ هنا سبحان الله أن يوحنا جعل مقياس النبى الصادق هو الذى يومن بيسوع المسيح ، و نحن معشر المسلمين نؤمن بالفعل ان ابن مريم الناصرى هو المسيح بل و من أولى العزم من الرسل

[COLOR="Red"][SIZE="6"]ملحوظة:[/SIZE][/COLOR]و أما قوله أنه قد جاء فى الجسد فهذا تأكيد على بشريته ، فهنا نلاحظ امرين:

أ- أن هذا هو عين ما نؤمن به حين ينفى القرأن الوهية المسيح مركزاً على حقيقتة كبشر له جسد و وظائف جسدية لا تليق بالإله الكامل لكل ذى لب فقال تعالى ((مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ))

و النص فى يوحنا لم يقل أن الله جاء فى الجسد و إنما ان يسوع المسيح قد جاء فى الجسد يعنى تأكيد بشريته و هذا ما يؤكده العودة لمعنى عبارة جاء فى الجسد حسب قواميس الكتاب المقدس أيضاً
يقل الدكتور شريف حمدى:

أولا كلمة " جاء come "

يقول قاموس strong التابع لبرنامج e-sword
G2064
ἔρχομαι
erchomai
er'-khom-ahee
Middle voice of a primary verb (used only in the present and imperfect tenses, the others being supplied by a kindred [middle voice] word, ἐλεύθομαι eleuthomai or ἔλθω elthō; which do not otherwise occur); to come or go (in a great variety of applications, literally and figuratively): - accompany, appear, bring, come enter, fall out, go, grow, X light, X next, pass, resort, be set.


الكلمة تحتمل معنى جاء ومعاني أخرى ويتضح المعنى من السياق لا من العقائد الملفقة..

و عبارة "جاء فى الجسد"
G4561
σάρξ
sarx
sarx
Probably from the base of G4563; flesh (as stripped of the skin), that is, (strictly) the meat of an animal (as food), or (by extension) the body (as opposed to the soul (or spirit), or as the symbol of what is external, or as the means of kindred, or (by implication) human nature (with its frailties (physically or morally) and passions), or (specifically) a human being (as such): - carnal (-ly, + -ly minded), flesh ([-ly]).


[COLOR="Blue"]الله أكبر[/COLOR].... معناها [COLOR="Red"]human being[/COLOR]........إنسان


و هذا معناه أن الترجمة الصحيحة...
و يظهر ذلك جلياً فى بعض ترجمات الكتاب المقدس كترجمة cev و التى فيها:

[COLOR="Blue"]1Jo 4:2 and you can know which ones come from God. His Spirit says that Jesus Christ had a truly human body[/COLOR]

ب- المفجأة الكبرى أن جملة (المسيح انه جاء فى الجسد) غير اصليه ومضافه لانها غير موجوده فى المخطوطات السينائيه والفاتيكانيه والسكندريه وغيرها ، اضافة الى السريانيه والقبطيه والعربيه والارمينيه والحبشيه و الفولجات
ومن كتابات الاباء ، اوريجين وايرينايوس وكيريل وغيرهم
وحذفها العلماء جرايسباخ وويستكوت وهورت ونيستل والاند وتشايندروف وتريجلز من النص نهائيا
فتصبح الجمله (وكل روح لا يعترف بيسوع فليس من الله )
الله أكبر أليس المسلمون أولى الناس بعيسى تقديراً و حباً و إيماناً به؟!

زد على ذلك أن النصارى أنفسهم يؤمنون برسالة بولس و أنه رسول بعث و أوحى اليه بعد المسيح، فمجادلتهم بخصوص الرسالة بعد المسيح ‘نما هى طعن فى أصول و تضييع لكتابهم و إنكار لكتبة أناجيلهم قاطبة!

ليس هذا فحسب و من شاء فليقرأ:
- فى يوم الخمسين تنبأ 120 شخص بحلول الروح القدي عليهم (أعمال 1: 15، 2: 17، أفسس2: 20)
- النبيات الأربع بنات فيلبس (أعمال 21: 9)
- الأنبيا يهوذا و سيلا و أجابوس (أعمال 15: 32)
- الأنبياء المتواجدون فى أنطاكيا (أعمال 11: 27/ 13: 1/21: 10)



[COLOR="Red"][SIZE="6"]ثالثاً:[/SIZE][/COLOR]

اعلم و تنبه أرشدك الله أن النبى صلى الله عليه و أله و سلم جعل الإخبار به من أعظم أدلة صدقه وصحة نبوته ، وهذا يستحيل أن يصدر إلا من واثق كل الوثوق بذلك وأنه على يقين جازم به.

قال ابن القيم: [إنه صلى الله عليه و سلم أخبر بهذا لأعدائه من المشركين الذين لا كتاب عندهم وأخبر به لأعدائه من أهل الكتاب وأخبر به لأتباعه ، فلو كان هذا باطلا لا صحة له ، لكان ذلك تسليطاً للمشركين أن يسألوا أهل الكتاب فينكرون ذلك وتسليطاً لأهل الكتاب على الإنكار وتسليطاً لأتباعه على الرجوع عنه والتكذيب له بعد تصديقه ، وذلك ينقض الغرض المقصود بإخباره من كل وجه ، وهذا لا يصدر من عاقل ولا مجنون، فهذه الوجوه يعلم بها صدق ما أخبر به وإن لم يعلم وجوده من ير جهة إخباره ، فكيف وقد علم وجود ما أخبر به؟]


[SIZE="6"][COLOR="Red"]رابعاً : [/COLOR][/SIZE]

اعلم أن المؤمنين به من الأحبار والرهبان من لدن رسول الله إلى يومنا هذا الذي آثروا الحق على البالط صدقوه في ذلك وشهدوا له بما قال.. و ذكر ذلك الامر القرأن العظيم ليكون حجة على أهل الكتاب ، وقد شهد للنبى صلى الله عليه و سلم عدولهم و سادتهم فلا يقدح جحد الكفرة الكاذبين المعاندين بعد ذلك ،

قال تعالى(( ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)) .

وقال تعالى ((قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)) .

وقال تعالى (( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلاً أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب)) .

وقال تعالى : ((ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين)) .

وقال تعالى : ((الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون)) .

و قال تعالى (( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا . ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا))

[COLOR="Red"][SIZE="6"]و لنذكر نماذج مما وقع من ذلك فى حياة رسول الله منها:[/SIZE][/COLOR]

1) جهر اليهود بخروج نجم النبى صلى الله عليه و سلم يوم ولد، و هذا سبق بيانه فى البحث المنصرم

2) تفرس بحيرا الراهب به و اخباره انه سيد العالمين ، و هذا أيضاً سبق ذكره

3) إعتراف هرقل برسول الله كما فى حديث أبى سفيان فى البخارى : ((إن يكن ما تقول حقاً إنه لنبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أكن أظنه منكم ، ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه ما تحت قدمي))

4) مجىء سلمان الفارسىإالى جزيرو العرب بعد أن بحث عن الحق و علم من احبار النصارى فى بلاده أن نبى اخر الزمان يخرج فى ارض العرب و علم صفته و مخرجه و ضحى بوطنه و ماله بل و سقط فى الرق فى سبيل شهادة النبى إلى ان اعتقه رسول الله صلى الله عليه و سلم بمباركة غريبة فى مال أعطاه اياه
و الخبر بسياقه المطول رواه أحمد في المسند (5/441) وقال المحققون : إسناده حسن

5) إيمان النجاشى ملك الحبشة بالنبى و إسلامه لله و حمايته للمؤمنين المهاجرين لما علم من خبر النبى عليه الصلاة و السلام
كتاب السيرة النبوية، الجزء 2، صفحة 185 و صحيح البخاري -كتاب المناقب – باب موت النجاشي
و كذا إسلام وفد القساوسة الذين أرسلهم إلى رسول الله و نزلت بشأنهم أيات تخلد إيمانهم فى سورة المائدة

6) إسلام عدى ابن حاتم الطائى الشهير و هذا أورده الإمام أحمد و الترمذي و الحاكم وغيرهم. حين أُتى بها إلى النبى وجلست بين يديه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما يفرك أن تقول لا إله إلا الله ؟ فهل تعلم من إله سوى الله قال: قلت لا ، ثم تكلم ساعة، ثم قال: ما يفرك أن يقال الله تعالى أكبر وتعلم أن شيئاً أكبر من الله ؟ قال: قلت لا..

7) إيمان عبدالله بن سلام ، إذ روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك
{ قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فقالوا : جاء نبي الله ن فاستشرقوا ينظرون ، إذ سمع به عبد اله بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف لهم فيها فجاء وهي معه، فسمع من نبي الل صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى أهله ، فلما خلي نبي الله صلى الله عليه وسلم جاء عبد الله بن سلام ، فقال أشهد أنك نبي الله حقاً وأنك جئت بالحق ، ولقد علمت اليهود أني سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم ، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت ، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا في ما ليس في.
فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم إليهم فدخلوا عليه ، فقال لهم نبي الله صلى الله عليه وسلم يا معشر اليهود ويلكم ! اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقاً ، وأني جئتكم بحق ، أسلموا ، قالوا : ما نعلمه ، فأعادها عليهم ثلاثاً وهم يجيبونه كذلك ، قال : أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : ذاك سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا ، قال : أفرأيتم إن أسلم؟ ، قالوا حاش لله ما كان ليسلم ، فقال : يا ابن سلام أخرج عليهم قال : فخرج عليهم فقال : يا معشر اليهود ويلكم ، اتقوا الله ! فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله حقاً ، وأنه جاء بالحق ، فقالوا كذبت ، فأخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم.
قالوا : شرنا وابن شرنا . وانتقصوه ، قال : هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله}

وروى أحمد والبخاري عن عطاء بن يسار قال :
{لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت : أخبرني عن صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة . فقال : أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا : لا إله إلا الله فيفتح بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا }.

8) خبر السيدة صفية /ذكر ابن اسحاق عن عبد الله بن ابي بكر ، قال : حدثت عن صفية بن حيي انها قالت : كنت احب ولد ابي اليه والى عمي ابي ياسر فما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة غدوا عليه ثم جاءا من العشى ، فسمعت عمي يقول لابي اهو هو قال : نعم والله ، قال اتعرفه وتثبته ، قال نعم، قال : فما في نفسك منه ، قال عدواته والله ما بقيت.
فأهل الكتاب فى المدينة قاطبة كانو ينتظرون رسول الله صلى الله عليه و سلم و كانو يقولون (( اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس) أورده الحاكم و ابن اسحق و غيرهما

و لكنهم جحدوه حسداً و تكبراً على اصطفاء الله و مشيئته و هذا مصداق قوله تعالى:
((وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ))

((الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون))

عارف الشمري 2011-04-02 04:58 PM

:بس:


[SIZE="6"][COLOR="Red"]سرد البشارات :[/COLOR][/SIZE]


نتناول بعون الله فى هذا المبحث الهام بعض البشارات - و ليس كلها- إذ أن البشارات برسول الله صلى الله عليه و سلم فى كتب السابقين تبلغ العشرات بل المئات فلن يسع المقام لسطرها جميعاً و أسأل الله أن تعى هذه العجائب عقول الباحثين عن سبيل الله


[SIZE="6"][COLOR="Red"]باب: النبوءات الواردة عن إسماعيل جد رسول الله صلى الله عليه و سلم و ذريته :[/COLOR][/SIZE]


[COLOR="Blue"][SIZE="6"]* بركة الله تعالى لاسماعيل ( مادماد) [/SIZE][/COLOR]

نقرأ فى سفر بشرى الله تعالى لإبراهيم فى ولده إسماعيل على النحو الأتى
((وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً، اثني عشر رئيساً يلد، وأجعله أمة كبيرة )) تكوين 12: 2

يقول الدكتور منقذ السقار: [وإذا عدنا إلى النصوص العبرية القديمة التي تحدثت عن إسماعيل نجد النص كالتالي " وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً (بماد ماد) اثني عشر رئيساً يلد، وأجعله أمة كبيرة (لجوى جدول). (التكوين 12/2) فكلمتي (ماد ماد) و (لجوى جدول) هما رمزان وضعا بدل اسم النبي صلى الله عليه وسلم، فكلمة (ماد ماد) - حسب حساب الجمّل الذي يهتم به اليهود ويرمزون به في كتبهم ونبوءاتهم تساوي 92، ومثله كلمة " لجوى جدول " وهو ما يساوي كلمة " محمد"

وكان السمؤل- أحد أحبار اليهود المهتدين إلى الإسلام- قد نبه إلى ذلك، ومثله فعل الحبر المهتدي عبد السلام في رسالته " الرسالة الهادية" . ]



[COLOR="Blue"][SIZE="6"]* بشارة الملاك جبرائيل لهاجر :[/SIZE][/COLOR]


جاءت البشارة فى سفرالتكوين16: 11-12
((فَوَجَدَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ فِي الْبَرِّيَّةِ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي فِي طَرِيقِ شُورَ. 8وَقَالَ : يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِين؟. فَقَالَتْ : أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ. 9فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَإخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا. 10وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ : تَكْثِيراً أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ. وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ : هَا أَنْتِ حُبْلَى فَتَلِدِينَ إبْناً وَتَدْعِينَ إسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ. وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ))

قال العلامة ابن القيم :- [ و من المعلوم أن يد بنى إسماعيل قبل محمد (صلى الله عليه و سلم) لم تكن فوق يد بنى إسحاق بل كان فى أيدى بنى إسحاق النبوة و الكتاب و الملك إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه و سلم) برسالته و أكرمه بنبوته فصارت بمبعثه يد بنى إسماعيل فوق الجميع و قهروا اليهود و النصارى و المجوس و الصابئة و عباد الأصنام]

[COLOR="Red"]إعتراضات اهل الكتاب و تفنيدها بالردود المفحمة :[/COLOR]

[COLOR="RoyalBlue"]الإعتراض الأول : [/COLOR]

قال أهل الكتاب : "نحن لا ننكر هذا و لكن هذه بشارة بملكه و ظهوره و قهره لا بنبوته و رسالته" .

و هذا أجابه العلامة ابن القيم فى رد مفحم: [ الملك ملكان ملك ليس معه نبوة بل هو ملك جبار متسلط و ملك نفسه نبوة و البشارة لم تقع بالملك الأول و لا سيما إن إدعى صاحبه النبوة و الرسالة و هو كاذب مفتر على الله فهو من شر الخلق و أفجرهم و أكفرهم فهذا لا تقع البشارة بملكه و مباركته و إنما يقع التحذير من فتنته كما وقع التحذير من فتنة الدجال بل هذا شر من سنحاريب و نبوختنصر و الملوك الظلمة الفجرة الذين يكذبون على الله فالأخبار لا تكون بشارة و لا يفرح بها إبراهيم و هاجر , و لا بشر أحد بذلك و لا يكون ذلك إثابة لها من خضوعها و ذلها و أن الله قد سمع ذلك و يعظم هذا المولود و يجعله أمة عظيمة و هذا عند الجاحدين بمنزلة أن يقال : إنك ستلدين جبارا ظالما طاغيا يقهلا الناس بالباطل و يبدل دين الأنبياء و يكذب على الله و نحو ذلك! فمن حمل هذه البشارة على هذا فهو من أعظم الخلق بهتانا و فرية على الله]

[COLOR="RoyalBlue"][SIZE="6"]الإعتراض الثانى:[/SIZE][/COLOR]

قال اهل الكتاب الوعد جعله الرب لبنى إسحق أبدياً كما نص عليه الكتاب المقدس فقال عن إسحق
((فقال الله: بل سارة امرأتك تلد لك ابناً، وتدعو اسمه إسحاق. وأقيم عهدي معه عهداً أبدياً، لنسله من بعده... ولكن عهدي أقيمه مع إسحق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الآتية)) (التكوين 17/19-21)

و جواب ذلك من وجوه:

أولا:
أن كلمة إلى الأبد لا تعنى بالضرورة السرمدية و إنما تعنى طول الأمد

يقول الدكتور منقذ السقار:
[فقد فهموا من كلمة (أبدياً) أن العهد لبني إسرائيل إلى يوم القيامة، وأنه غير مشروط ولا متعلق بصلاحهم وانقيادهم لأمر الله.
لكن كلمة الأبد لا تعني بالضرورة الاستمرار إلى قيام الساعة، بل تعني طول الفترة فحسب، ومثل هذا الاستخدام معهود في التوراة،

يقول سفر الملوك: ((فبرص نعمان يلصق بك وبنسلك إلى الأبد))(ملوك (2) 5/27)،
فالأبد هنا غير مقصود، وإلا لزم أن نرى ذريته اليوم أمة كبيرة تتوالد مصابة بالبرص.

وفي سفر الأيام((وقال لي: إن سليمان ابنك، هو يبني بيتي ودياري، لأني اخترته لي ابناً، وأنا أكون له أباً، وأثبت مملكته إلى الأبد))(الأيام (1)28/6)،
وقد انتهت مملكتهم منذ ما يربو على 2500 سنة على يد بختنصر البابلي، فالمراد بالأبدية الوقت الطويل فحسب.

ووقتَّ سفر التثنية الأبدية بما يساوي عشرة أجيال، فقال: ((لا يدخل عموني ولا موآبي في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر، لا يدخل منهم أحد في جماعة الرب إلى الأبد، من أجل أنهم لم يلاقوكم بالخبز والماء)) (التثنية 33/3-4)،
فالجيل الحادي عشر للمؤابي غير محروم من جماعة الرب، وهو دون الأبد والقيامة.

ومثله قول دانيال لنبوخذ نصر: ((فتكلم دانيال مع الملك: يا أيها الملك عش إلى الأبد)) (دانيال 6/21)، أي عش طويلاً.

وعليه نقول: إن العهد قد بدأ بإسحاق، وهو وعد أبدي متطاول إلى أجيال بعيدة، وهو ما تم حين بعث الله النبيين في بني إسرائيل، وأرسل إليهم الكتب، وأيدهم بسلطانه وغلبته على الأمم التي جاورتهم، وأقام لهم مملكة ظافرة إلى حين.]

[COLOR="Red"][SIZE="6"]ثانياً:[/SIZE][/COLOR]


أن وعد الله تبارك و تعالى و هو الحكم الحكيم ليس متعلقاً بجنس أو سلالة و إنما مشروط بصلاح الموعود ، فلا يقول عاقل بأن أمة كفرت ربها و قست قلوبها و قتلت رسلها يظل لها الوعد بمجرد أنهم ينحدرون من إسحق عليه السلام

لذا قال تعالى { وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين }(الصافات: 113).

و قال عز و جل { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً }

و قال عز و جل { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين } (البقرة: 124).

يقول الدكتور منقذ : [وهذا يتفق مع العقل و أيضاً مع ما جاء في التوراة التي نصت على أن العهد والاصطفاء مشروط بالعمل الصالح، والبركة التي أُعطيها إبراهيم إنما هي بسبب عمله الصالح،
"تتبارك في نسلك جميع أمم الأرض، من أجل أن إبراهيم سمع لقولي، وحفظ ما يحفظ لي أوامري وفرائضي وشرائعي" (التكوين 26/4).

وتتوالى البركة في ذريته وفق هذا الشرط "سر أمامي وكن كاملاً فأجعل عهدي .. " (التكوين 17/1 - 2)،

وكما قال عنه وعن ذريته المباركة: " إبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية، ويتبارك به جميع أمم الأرض، لأني عرفته، لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب، ليعملوا براً وعدلاً، لكي يأتي الرب لإبراهيم بما تكلم به " (التكوين 18/18 – 19)،

فالعمل بوصايا الله هو سبب هذه البركة، وقد قال الله لإبراهيم: "ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض، من أجل أنك سمعت لقولي" (التكوين 22/18).

ووفق هذا الشرط كانت البركة والعهد لأبناء لاوي " إني أرسلت إليكم هذه الوصية، لكون عهدي مع لاوي قال رب الجنود. كان عهدي معه للحياة والسلام، وأعطيته إياهما للتقوى، فاتقاني، ومن اسمي ارتاع هو، شريعة الحق كانت في فيه، وإثم لم يوجد في شفتيه، سلك معي في السلام والاستقامة، وأرجع كثيرين عن الإثم " (ملاخي 2/4-7).

فبركة الله إنما تكون للصالحين، ولعنته هي نصيب الكافرين، كما قال الله لموسى: " انظر. أنا واضع أمامكم اليوم بركة ولعنة، البركة إذا سمعتم لوصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها اليوم، واللعنة إذا لم تسمعوا لوصايا الرب إلهكم وزغتم عن الطريق التي أنا أوصيكم بها اليوم، لتذهبوا وراء آلهة أخرى لم تعرفوها" (التثنية 11/26-28).

كما قال الله له أيضاً: ((فاحفظ الوصايا والفرائض والأحكام التي أنا أوصيك اليوم لتعملها، ومن أجل أنكم تسمعون هذه الأحكام وتحفظون وتعملونها، يحفظ لك الرب إلهك العهد والإحسان اللذين أقسم لآبائك، ويحبك ويباركك ويكثرك، ويبارك ثمرة بطنك وثمرة أرضك )) (التثنية 7/11-13)، و(انظر: التثنية 28/1-68)
وهكذا فالبركة مشروطة بطاعة الله والاستقامة على دينه، فإذا ما نكَل بنو إسرائيل عنها حاقت عليهم اللعنة والبوار

[COLOR="Red"][SIZE="6"]و لقد ثبت كفر بنى إسرائيل و قساوة قلوبهم فى نصوص كثيرة على لسان أنبياء متعاقبين كما ثبت انتقال النبوة منهم بنصوص صريحة :[/SIZE][/COLOR]


[COLOR="RoyalBlue"]1- بيان قسوة و كفر و إنحلال بنى أسرائيل على لسان الأنبياء:[/COLOR]

قال موسى عليه السلام لهم : ((إنهم أمة عديمة الرأي ولا بصيرة فيهم، لو عقلوا لفطنوا بهذه وتأملوا آخرتهم)) (التثنية 32/28).

وقال: "((جيل أعوج ملتو، ألرب تكافئون بهذا يا شعباً غبياً غير حكيم؟)) (التثنية 32/5-6).

وكذا قال النبي إيليا: (( قد غِرت غيرة للرب إله الجنود، لأن بني إسرائيل قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف، فبقيت أنا وحدي، وهم يطلبون نفسي ليأخذوها)) (الملوك (1) 19/10).

وكذا كان وصف الله لهم في سفر النبي حزقيال: ((وقال لي: يا ابن آدم، أنا مرسلك إلى بني إسرائيل، إلى أمة متمردة قد تمردت عليّ، هم وآباؤهم عصوا عليّ إلى ذات هذا اليوم. والبنون القساة الوجوه، والصلاب القلوب، أنا مرسلك إليهم، فتقول لهم: هكذا قال السيد الرب، وهم إن سمعوا وإن امتنعوا. لأنهم بيت متمرد. فإنهم يعلمون أن نبياً كان بينهم، أما أنت يا ابن آدم فلا تخف منهم، ومن كلامهم لا تخف ... وأنت ساكن بين العقارب، من كلامهم لا تخف، ومن وجوههم لا ترتعب، لأنهم بيت متمرد، وتتكلم معهم بكلامي، إن سمعوا، وإن امتنعوا، لأنهم متمردون)) (حزقيال 2/3-8).

وكذا قال عنهم النبي إشعيا: ((اسمعي أيتها السماوات وأصغي أيتها الأرض، لأن الرب يتكلم، ربيت بنين ونشأتهم، أما هم فعصوا عليّ، الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه، أما إسرائيل فلا يعرف، شعبي لا يفهم، ويل للأمّة الخاطئة، الشعب الثقيل الإثم، نسل فاعلي الشر، أولاد مفسدين، تركوا الرب، استهانوا بقدوس إسرائيل، ارتدوا إلى وراء، على أي موضع تضربون بعد.تزدادون زيغاناً، كل الرأس مريض، وكل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس، ليس فيه صحة، بل جرح وإحباط، وضربة طرية لم تعصر، ولم تعصب، ولم تلين بالزيت)) (إشعيا 1/1- 6).

وما يزال غضب الله بهم حتى رفع البركة عنهم، وأحلّهم غضبه وانتقامه ولعناته (( والآن إليكم هذه الوصية أيها الكهنة، إن كنتم لا تسمعون ولا تجعلون في القلب لتعطوا مجداً لاسمي، قال رب الجنود: فإني أرسل عليكم اللعن، وألعن بركاتكم، بل قد لعنتها، لأنكم لستم جاعلين في القلب، ها أنا ذا أنتهر لكم الزرع وأمدّ الفرث على وجوهكم))(ملاخي 2/1-3).

ولما جاء المسيح نادى أورشليم: " يا قاتلة الأنبياء " (متى 13/37)، لكثرة مَن قتلوا على ثراها من أنبياء الله الكرام.

وقال المسيح وهو يخاطب جموعهم: (( ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون .. ويل لكم أيها القادة العميان .. أيها الجهال والعميان .. أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم، لذلك ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة، فمنهم تقتلون وتصلبون، ومنهم تجلدون في مجامعكم ... يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين)) (متى 23/13 - 37).

[COLOR="Red"][SIZE="6"]2- بيان إنتقال الملك من بنى إسرائيل على لسان الأنبياء :[/SIZE][/COLOR]


نتيجة لما كان من فجور و عصيان بنى إسرائيل الذين شاقو رسل الله ففريقاً كذبوا و فريقاً قتلو و نتيجة لقساوة قلوبهم و نسيانهم عهد الله حتى عبدو العجل و هم فى ذروة باهر أيات الله فقد حرمهم الله من أن يكون النبي الموعود القادم منهم، لأنهم نقضوا عهد الله وميثاقه، فلن يكون القادم من ذرية داود عليه السلام،

فقد قال لهم: (( إن نقضتم عهدي .. فإن عهدي مع داود عبدي ينقض، فلا يكون له ابن مالكاً على كرسيه)) ( إرميا 33/20 - 21 ).

و قال إشعيا: (( أصغيتُ إلى الذين لم يسألوا، وُجِدت من الذين لم يطلبوني، قلت: ها أنذا ها أنذا لأمةٍ لم تسمَّ باسمي.
بسطت يدي طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صالح وراء أفكاره، شعب يغيظني بوجهي دائماً.... )) (إشعيا 65/1 - 3).
فقد ذكر النص انتقال النبوة والأمر عن الأمة القاسية العاصية إلى أمة لم تطلب الله قبل، ولم تسم باسم الله. إنها الأمة الأمية التي لم ينزل عليها كتاب.

ويؤكد حزقيال رفع الملك والشريعة من بني إسرائيل، ودفعه لأمة مهملة وضيعة، فيقول: (( إني أنا الرب، وضعتُ الشجرة الرفيعة، ورفعتُ الشجرة الوضيعة، وأيبستُ الشجرة الخضراء، وأفرختُ الشجرة اليابسة، أنا الربُ تكلمت وفعلت )) (حزقيال 17/32).

ويقول النبي حزقيال أيضاً: (( أنت أيها النجس الشرير رئيس إسرائيل الذي قد جاء يومه في زمان إثم النهاية، هكذا قال السيد الرب: انزعِ العمامة وارفعِ التاج، هذه لا تلك، ارفعِ الوضيع، وضعِ الرفيع، منقلباً، منقلباً، منقلباً أجعله، هذا لا يكون حتى يأتي الذي له الحكم، فأعطيه إياه )) (حزقيال 21/25 - 27).
فإذا جاء صاحب الحكم، النبي الخاتم، تنقلب الأمور، وترفع العمامة أي تنسخ الشريعة من بني إسرائيل، فالعمامة رمز للكهنة الهارونيين الموكلين بأمر الشريعة في أسباط بني إسرائيل، والذين أمروا بملابس خاصة، منها العمامة. (انظر الخروج 28/36-37) كما يرفع التاج (الملك).

وقال يوحنا المعمدان في سياق تحذيره بني إسرائيل من الغضب الآتي الذي سيسلطه الله عليهم : "(( والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر، فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى في النار، أنا أعمدكم بماء التوبة، ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار)) (متى 3/10-11) [و سنعود لنبوءة يوحنا باذن الله باستقلال فى مكانها]

(وانظر مثل التينة التي لا تثمر في لوقا 13/6-9) لقد كان المسيح الفرصة الأخيرة للإبقاء على الاصطفاء والاختيار، فقد وضع الفأس على أصل الشجرة، فلما كفروا به وحاولوا قتله، قطعت الشجرة الخضراء ويبست، ودفعت للنار، نار الغضب الإلهي والضلال، وأزهرت شجرة أخرى كانت يابسة.
.

وحينئذ تصبح الأمة المرذولة أمة مختارة، والأمة المختارة أمة مرذولة، كما قال داود: (( الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية، من قبل الرب كان هذا، وهو عجيب في أعيننا )) (المزمور 118/22 - 23) لكنه حقيقة.

وقد ضرب المسيح للتلاميذ مثل الكرامين - كما سيأتي - ثم قال: (( الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية، من قبل الرب كان هذا، وهو عجيب في أعيننا، لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينـزع منكم، ويعطى لأمة تعمل أثماره )) (متى 21/42 – 43).

و هذا مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم اذ قال : ((مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحسنها وأكملها وترك فيها موضع لبنة لم يضعها فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ويقولون لو تم موضع هذه اللبنة؟ فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة)) رواه البخارى و مسلم و أحمد و الترمذى

وقد قال المسيح لتلاميذه بعد أن قص عليهم مثلاً من أمثال الملكوت (مثل الزرع): (( فانظروا كيف تسمعون، لأن من له سيعطى، ومن ليس له فالذي يظنه له يؤخذ منه )) (لوقا 8/18).

و قا المسيح للمراة السامرية لما سألته ((20 آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وانتم تقولون ان في اورشليم الموضع الذي ينبغي ان يسجد فيه. قال لها يسوع يا امرأة صدقيني، إنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب)) يوحنا 4: 20


وهكذا فهذه النصوص ذكرت أول صفة من صفات أمة الملكوت، إنها أمة مرذولة وضيعة لم تتعبد لله ولم ترسل إليها شرائعه، أمة يعجب بنو إسرائيل أن تتحول لها الريادة والاختيار.

ويقول الرب موضحاً صفة أخرى من صفات الأمة الجديدة التي ستنال ميراث البركة والنبوة من بني إسرائيل:
((فرأى الرب ورذل من الغيظ بنيه وبناته، وقال: أحجب وجهي عنهم، وانظر ماذا تكون آخرتهم، إنهم جيل متقلب، أولاد لا أمانة فيهم، هم أغاروني بما ليس إلهاً، أغاظوني بأباطيلهم، فأنا أغيرهم بما ليس شعباً، بأمة غبية أغيظهم)) (التثنية 32/19-21)،


إن الأمة المصطفاة، الأمة التي كانت مرذولة، الأمة التى كانت فى جاهلية منتنة فلا يعلمون علماً ولا زراعة ولا صناعة ولا حضارة، يشربون الخمر و سعيشون على الربا و القرصنة، و يقتلون أولادهم من املاق و يئدون بناتهم من تعصب، و يسفكون دماءهم و يبتدعون أشكالاً مقنعة للزنا كزواج الاستبضاع و الشغار و الرايات الحمراْ، و و ينسئون ليحلو ما حرم الله ، و يعبدون أصناماً لا تضرولا تنفع بل وصل بهم الغباء ان كانو يصنعونها من العجوة فيعبدوها فإذا جاعو أكلوها إلى أن كادت الحنفية أن تنقرض فيهم حتى قال زيد ابن عمرو ابن نفيل كما فى الحديث الذى رواه البخارى ((يا معشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري))
فهذه هي الأمة الجاهلة أو الغبية التي بعث الله فيها نبيه ليخرجهم من الظلمات إلى النور و يعلمهم الكتاب و الحكمة و يزكيهم فصنع منهم جيلاً مؤمناً عظيماً وصفه كما ورد أهل الكتاب بدقة فقال عن نبيه و أصحابه { ليغيظ بهم الكفار }

وقد كاد بنو إسرائيل لهذه الأمة الجديدة فقالوا: " بأمة غبية أغيظهم " مع أن وصف الغباء لا توصف به الأمم، وإن وصفت بالجهل أو القسوة، فمن هذه الأمة الجاهلة أو الغبية التي ينتقم الله بها من بني إسرائيل؟ إنها أمة العرب { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين }(الجمعة: 2).

لكن بولس الكذاب يخطىء ويجعل هذه الأمة الغبية أمة اليونان، فيقول مؤكداً انتقال الملكوت عن بني إسرائيل، لكنه يخطئ في تعيين الأمة الوارثة للملكوت: "لا فرق بين اليهودي واليوناني، لأن رباً واحداً للجميع، غنياً لجميع الذين يدعون به ... لكني أقول: ألعل إسرائيل لم يعلم، أولاً موسى يقول أنا أغيركم بما ليس أمة، بأمة غبية أغيظكم، ثم إشعياء يتجاسر ويقول: وجدت من الذين لم يطلبوني وصرت ظاهراً للذين لم يسألوا عني، أما من جهة إسرائيل فيقول: طول النهار، بسطت يديّ إلى شعب معاند ومقاوم" (رومية 10/12-21)،

فهو يؤمن بانتقال الملكوت عن بني إسرائيل، لكنه يجعل الأمة الجديدة أمة اليونان الذين توجه لدعوتهم، وقد آمنوا به كما آمن كثير غيرهم، فلا وجه لخصوصهم به، والمعنى الذي يقصده للملكوت هو الاستجابة لدعوته، وهو معنى يضيق كثيراً عما نذكره من صفات أمة الملكوت العظيمة.
وأيضاً لا يصح أن تكون أمة اليونان هي الأمة الغبية التي ترث الملكوت، لأن اليونان أمة حضارة وعلم، وبولس نفسه يقول عن اليونانيين: "لأن اليهود يسألون آية، واليونانيين يطلبون حكمة" (كورنثوس (1) 1/22)، فكيف يوصف طلاب الحكمة بالغباء أو الجهل؟!

[COLOR="Red"][SIZE="6"]ثالثاً:[/SIZE][/COLOR]

أن اليهود عهدوا إلى تحريف النبوءات و التلاعب بها و هذا معلوم فتارة يخفون و تارة يكتمون و تارة يبدلون و تارة يأولون و لنضرب مثلاً على ذلك فى نفس إطار الحديث عن إسماعيل عليه السلام:

التقريح فى قصة الذبيح

السباب و التشويه المتعمد

قال الكتاب المعدو مقدساً عن نبى الله الحليم ابن الخليل اسماعيل
((وانه يكون انسانا وحشيّا.يده على كل واحد ويد كل واحد عليه.وامام جميع اخوته يسكن)) . تكوين 16: 12

و فى الترجمة الكاثوليكية تستمر الشتيمة فأضافوا أنه حمار بجانب كونه وحشياً
((و يكونُ حِمارًا وَحْشِيًّابَشَرِيًّا يَدُه على الجَميع ويَدُ الجَميعِ علَيه وفي وَجهِ جَميعِ إِخوَتِه يَسكُن))

و تاتى ترجمة الحيلة لتخبر أن لا يعيش فقط بجوةار اخوته (بنى إسرائيل) و إنما يهاديهم و يعيش متحدياً لهم
((وَيَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يُعَادِي الْجَمِيعَ وَالْجَمِيعُ يُعَادُونَهُ، وَيَعِيشُ مُسْتَوْحِشاً مُتَحَدِّياً كُلَّ إِخْوَتِهِ))
فانظر أيها اللبيب إلى كم الحقد و التحريف المعبر منه فى النسخ المختلفة

[COLOR="Red"][SIZE="6"]من هو الذبيح؟[/SIZE][/COLOR]

((وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ لأُمُورِ أَنَّ للهَ مْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». 2فَقَالَ: «خُذِ بْنَكَ وَحِيدَكَ لَّذِي تُحِبُّهُ إِسْحَاقَ وَذْهَبْ إِلَى أَرْضِ لْمُرِيَّا وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ لْجِبَالِ لَّذِي أَقُولُ لَكَ)).(التكوين:22و1-2)
و هنا يتجلى التحريف من جهات:

[COLOR="RoyalBlue"][SIZE="6"]الوجه الأول:[/SIZE][/COLOR]

النص يصف الابن المبتلى بأنه وحيد لإيراهيم فقال (( خذ إبنك وحيدك))
و إسحاق عليه السلام لم يكن وحيده قط! لأنه ولد له و لإسماعيل نحو اربع عشرة إلى خمس عشرة سنة كما نصت على ذلك توراتهم

فقد جاء ((و كان أبرام إبن ست و ثمانين سنة لما ولدت هاجر إسماعيل لإبرام)) (التكوين16: 6)

و جاء أيضا(( و كان إبراهيم إبن مائة سنة حين ولد له إسحاق)) (التكوين21: 5)

و قد حاول أهل الكتاب تفسير ذلك بقولهم أن إسماعيل إبن غير شرعى لأنه إبن جارية فلا يكون له ميراث!!

و جواب ذلك:

1)أن هذا تمييز عنصرى لا يقوم على دليل شرعى ولا يستقيم مع عقل سوى

2)أن هاجر كانت زوجةً شرعية لإبراهيم لأنه كانت سريته حلاله ثم اتخذها أيضاً زوجة بل و بمباركة سارة و رأيها
(( فاخذت ساراي امرأة ابرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لاقامة ابرام في ارض كنعان واعطتها لابرام رجلها زوجة له.)) تكوين 16: 3

و حسبنا أن نقرأ إقرار رب السماوات و الأرض بشرعية هذا الزواج و ذاك النسب فو قول الرب لأبراهيم ((وابن الجارية ايضا ساجعله امة لانه نسلك)) تكوين 21: 13

و قال الرب ((وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيراً جِدّاً. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً.)) (تكوين 17: 20)

3) أن التوراة تنص على حفظ حق البكورية للإبن البكر حتى إن كانت زوجته غير محبوبة
(( اذا كان لرجل امرأتان احداهما محبوبة والاخرى مكروهة فولدتا له بنين المحبوبة والمكروهة.فان كان الابن البكر للمكروهة 16 فيوم يقسم لبنيه ما كان له لا يحل له ان يقدم ابن المحبوبة بكرا على ابن المكروهة البكر)) (تثنية 21: 15)
فهذا نص صريح يسد عين الشمس

4) أننا نجد أمثلة لأبناء جوارى كان لهم الحق الكامل فى الميراث و الوعد الربانى و أظهر هذه الأمثلة أن ندرك بأن دان و نفتالى و جاد و أشير و هم أربعة من الأسباط الاثنى عشر المعروفة كلهم كانو أبناءً لجاريتين من جوارى يعقوب تسرى بهما و هما زلفة و بلهة، و بم يمنعهم ذلك نصيبهم فى الميراث و أرض الميعاد ،

بل إن شمشمون الذى جاء بوعد ربانى و بشارة ملائكية و أيد بروح القدس و سماه اهل الكتاب نذير الرب و قضى على بنى إسرائيل عشرين سنة بالتوراة كان من نسل دان ابن الجارية

فلما جاء ملاك الرب يبشر أمه بميلاده قال لها: ((5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً, وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ, لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيراً لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ, وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».) القضاة 13: 5

و نقرأ أيضاً عن نسبه: (24فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ شَمْشُونَ. فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَبَارَكَهُ الرَّبُّ. 25وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانٍَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ.) القضاة 13: 24-25

و نقرأ عن توليه الرياسة و القضاء على بنى إسرائيل (وهو قضى لاسرائيل عشرين سنة) القضاة 16: 31

[COLOR="Blue"][SIZE="6"]الوجه الثانى: [/SIZE][/COLOR]

أن التوراة صرحت بأن الله قد أعطى العهد لإبراهيم فى مباركة ذرية إسحق منذ مولد أسحاق
(( 9وَرَأَتْ سَارَةُ \بْنَ هَاجَرَ \لْمِصْرِيَّةِ \لَّذِي وَلَدَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ 10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ \لْجَارِيَةَ وَ\بْنَهَا لأَنَّ \بْنَ هَذِهِ \لْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ \بْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ \لْكَلاَمُ جِدّاً فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ \بْنِهِ. 12فَقَالَ \للهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ \لْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ \سْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ \لْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ)).(التكوين: 21 و9-13)

فكيف يخلف الله وعده بعد أن أعطاه إياه و يأمره بذبح ولده الذى كان قد وعده بمباركته؟

[COLOR="Blue"][SIZE="6"]الوجه الثالث:[/SIZE][/COLOR]

أن الكتاب المقدس عجز عن تحديد لمكان الذى تم فيه الاختبار و الذى يسمى ب (المريا)
يقول الدكتور منقذ السقار: [سمتها التوراة السامرية " الأرض المرشدة ". فيما سمته التوراة العبرانية " المريا "، ولعله تحريف لكلمة " المروة "، وهو اسم لجبل يقع داخل المسجد الحرام في مكة المكرمة ، أي في المكان الذي درج فيه إسماعيل.

وقد اتفق النصان العبري والسامري على تسمية ذلك الموضع "جبل الله "، ولم يكن هذا الاسم مستخدماً لبقعة معينة حينذاك، لذا اختلف اليهود في تحديد مكانه اختلافاً بيناً،
فقال السامريون: هو جبل جرزيم.
وقال العبرانيون: بل هو جبل أورشليم الذي بني عليه الهيكل بعد القصة بعدة قرون (الأيام (2) 3/1).]

و لنقرأ هذه المفارقة المضحكة و التحريف المتعمد من كلا الطرفين ليدعم عقيدته فى تثنية 27: 4

((حين تعبرون الاردن تقيمون هذه الحجارة التي انا اوصيكم بها اليوم في جبل عيبال وتكلسها بالكلس.)) [النسخة العبرانية]

((4 حين تعبرون الاردن تقيمون هذه الحجارة التي انا اوصيكم بها اليوم في جبل جزريم وتكلسها بالكلس.))[ الترجمة السامرية]

[COLOR="Blue"]فانظر ارشدك الله الى تحريفهم و تخبطهم :[/COLOR]

يقول الدكتور بوست في قاموس الكتاب المقدس: [يظن الأكثرون أن موضع الهيكل هو نفس الموضع الذي فيه أمر إبراهيم أن يستعد لتقديم إسحاق، غير أن التقليد السامري يقول: إن موضع الذبح لإسحاق كان على جبل جرزيم].

و جاء فى الموسوعة الكتابية: [" أرض المريا " ( تك 22: 2) هي الأرض التي أمر الرب إبراهيم أن يذهب إليها ليصعد ابنه وحيده الذي يحبه إسحق محرقة على أحد جبالها. والأرجح أنه كان أحد تلال أورشليم ، الذي بنى عليه سليمان الهيكل ، في المنطقة التي كان يشغلها بيدر أرنان اليبوسي ( 2أخ 3: 1 ، 2صم 24: 16-25 ). ويعتقد اليهود أن مذبح المحرقة في الهيكل كان يقوم على نفس الموقع الذي بنى عليه إبراهيم المذبح لإصعاد إسحق محرقة.]
فكما نرى الكلام يقوم على الظن و الربمات ولا يملكون علماً بالأمر ولا بينة ولا سراجاً منيرا

ويقول محققو نسخة الرهبانية اليسوعية : [يطابق سفر الأخبار الثاني (3/1) بين موريّا وبين الرابية التي سيشاد عليها هيكل أورشليم .. غير أن النص يشير إلى أرض باسم موريّا لا يأتي ذكرها في مكان آخر، ويبقى مكان الذبيحة مجهولاً].

والحق أن المكان معروف غير مجهول، لأن قصة الذبح جرت في الأرض المرشدة، وهي أرض العبادة، وهي مكة أو بلاد فاران، واختلافهم دليل على صحة ذلك، واتفاقهم على اسم المكان بجـبل الرب صحيح، لكنهم اختلفوا في تحديده لرجمهم بالظنون، وقد ربطوه بتسميات ظهرت بعد الحادثة بقرون عدة، وتجاهلوا البيت المعظم الذي بني في تلك البقعة حينذاك، ويسمى بيت الله، كما سمي الجبل الذي في تلك البقعة جبل الله.

وبقي هذا الاختلاف من أهم الاختلافات التي تفرق السامريين عن العبرانيين، وقد أدرك المسيح هذا الخلاف، فذات مرة دخلت عليه امرأة سامرية، وسألته عن المكان الحقيقي المعد للعبادة، فأفصح لها المسيح أن المكان ليس جبل جرزيم السامري، ولا جبل عيبال العبراني الذي بني عليه الهيكل، [ قالت له المرأة: يا سيد أرى أنك نبي، آباؤنا سجدوا في هذا الجبل، وأنتم تقولون أن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه، قال لها يسوع: يا امرأة صدقيني، إنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب، أنتم تسجدون لما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لما نعلم، لأن الخلاص هو من اليهود.
ولكن تأتي ساعة، وهي الآن، حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق، لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له، الله روح، والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا] (يوحنا 4/19-24).

فمن هم الساجدون الحقيقيون الذين يسجدون في غير قبلة السامريين والعبرانيين، إنهم الأمة الجديدة التي تولد بعد حين، إذ لم تدع أمة قداسة قبلتها سوى أمة الإسلام التي يفد إليها ملايين المسلمين سنوياً في مكة المكرمة.

وقوله عن ساعة قدوم الساجدين الحقيقيين " ولكن تأتي ساعة وهي الآن"، يفيد اقترابها لا حلولها،
كما في متى: " أقول لكم: من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة، وآتياً على سحاب السماء"(متى 26/64)، وقد مات المخاطبون وفنوا، ولم يروه آتياً على سحاب السماء.

ومثله قول المسيح: "وقال له: الحق الحق أقول لكم، من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان" (يوحنا 1/51) ، (وانظر صموئيل (1) 15/28).

وقد قال ميخا النبي عن مكة والبيت الحرام وعن إتيان الناس للحج عند جبل عرفات: [ يكون في آخر الأيام بيت الرب مبنياً على قلل الجبال، وفي أرفع رؤوس العوالي يأتين جميع الأمم، ويقولون: تعالوا نطلع إلى جبل الرب] (ميخا 4/1-2).


[COLOR="Red"][SIZE="6"]فى قصة الانتقال إلى فاران :[/SIZE][/COLOR]

تختلف القصة عند المسلمين عنها عند أهل الكتاب فى نقطتين أساسيتين هما (سبب الهجرة) و( زمن الهجرة)
أما سبب الهجرة: فكان العنصرية التى نسبتها التوراة المحرفة لسارة بل و أقرها الله تعالى عما يقولون فإبن الجارية لا يجوز له أن يرث مع ابن سارة(على حد زعمهم) أما فى القرأن الكريم فسبب هجرة إبراهيم معروف و هو إعمار البيت العتيق و إقامة الصلاة فيه,يقول تعالى((رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ))

فوضحت الأيات أن إسكان إبراهيم لأهله فى واد غير ذى زرع إنما هو لإقامة الصلاة و تمهيد البيت لتهوى إليه أفئدة الناس من شتى بقاع الأرض و أثر هذه الدعوة المباركة معلوم فملايين الناس بمختلف ألوانهم و ألسنتهم يحجون و يعمرون كل عام إلى هذه البقاع المباركة ياتون من كل فج عميق و لو كان سبب الهجرة هو مجرد إرضاء سارة لكان سبباً حقيراً فمن هذا الذى يترك زوجته و إبنه فى منطقة نائية فقط لإرضاء زوجته الأخرى؟!! و أين العدل بين الزوجات عندئذ؟؟

أما عن وقت الهجرة : فهنا يتكشف التحريف بوضوح فوفقاً للتوراة كانت هجرة هاجر و إسماعيل لاحقة على إنجاب سارة لإسحاق بل و بسببها وإسماعيل كان عمره وقتها قرابة ستة عشر سنة سنة إذ كان اسماعيل يكبر إسحق بأربعة عشر سنة كما سبق و بينا ، زد عليها سنتين لفطام اسحق إذ لم يطرد اسماعيل الا بعد الفطام فنقرأ فى التكوين 21 : 9 : (( فكبر الولد وفطم . وصنع إبراهيم وليمةً عظيمةً يوم فطام اسحق . ورأت سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لإبراهيم يمزح ، فقالت لإبراهيم اطرد هذه الجارية و ابنها..))

أى أن إسماعيل كان شاباً يافعاً عند الهجرة لا طفلاً رضيعاً و هذا خطأ مفضوح بلا شك لأن سياق النصوص لا يتمشى إلا مع طفل صغير إذ نقرأ((14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحاً وَأَخَذَ خُبْزاً وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ وَاضِعاً إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا وَالْوَلَدَ وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ. 15وَلَمَّا فَرَغ الْمَاءُ مِنَ \لْقِرْبَةِ طَرَحَتِ الْوَلَدَ تَحْتَ إِحْدَى الأَشْجَارِ 16وَمَضَتْ وَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ بَعِيداً نَحْوَ رَمْيَةِ قَوْسٍ لأَنَّهَا قَالَتْ: «لاَ أَنْظُرُ مَوْتَ الْوَلَدِ». فَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَبَكَتْ. 17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَالْغُلاَمِ. وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ ا\لسَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا: «مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19وَفَتَحَ اللهُ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ فَذَهَبَتْ وَمَلَأَتِالْقِرْبَةَ مَاءً وَسَقَتِ \لْغُلاَمَ. 20وَكَانَ اللهُ مَعَ الْغُلاَمِ فَكَبِرَ وَسَكَنَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَكَانَ يَنْمُو رَامِيَ قَوْسٍ. 21وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ. وَأَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ))(التكوين 21و14-20)

فهل كان ذلك الشاب صاحب الخمس عشرة ربيعا الذى ترعرع فى بيئة شرق أوسطية طفلا تحمله امه الضعيفة على كتفها؟ ثم تطرحه تحت إحدى الأشجار؟ ثم تفكر كيف تنقذه من الهلكة و هو أخذ فى البكاء؟! فالحمد لله الذى فضح تحريفهم

عارف الشمري 2011-04-02 05:35 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]بشارة موسى (بالنبى) صلى الله عليه و سلم :[/SIZE][/COLOR]




جاءت فى سفر تثنية 18: 18
[COLOR="SeaGreen"](( اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به 19 ويكون ان الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي انا اطالبه. 20 واما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذي يتكلم باسم آلهة اخرى فيموت ذلك النبي.))[/COLOR]

فهذا النص يحتوى بشارة صريحة بالنبى محمد صلى الله عليه و سلم و لنقرأه فقرة فقرة لنتبين:

1) إبتدأ النص قائلا: (([COLOR="Blue"]اقيم لهم نبيا[/COLOR]))

أ‌-و هذه الجملة تفيد أن المبشر به نبى يقيمه الله، بينما النصارى يزعمون أن المسيح هو نفسه الله!!
ولا شك ان الله تعالى أقام نبيه محمد صلى الله عليه و سلم للناس كافة و على رأسهم بنى إسرائيل لأنهم أكثر الناس معرفة به لذا قال تعالى عنهم
(([COLOR="SeaGreen"]الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[/COLOR]))

و قال تعالى
(([COLOR="Green"]وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ[/COLOR]))
فأخبر تعالى أن الرسول جاءهم و بعث إليهم

و قال تعالى داعياً إياهم ان يكونو اول المؤمنين و ان يتمو عهده
(([COLOR="Green"]يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ[/COLOR]))

و قال تعالى (([COLOR="Green"]وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ[/COLOR]))

و قال عزو جل (([COLOR="Green"]قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً[/COLOR]))

و قال سبحانه (([COLOR="Green"]وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ[/COLOR]))
و الأيات فى ذلك كثيرة

[COLOR="Blue"][SIZE="6"]ب‌[/SIZE][/COLOR]-هذه البشارة لقبت القادم المتظر بكلمة واحدة (نبى) و نحن نعلم ان الأنبياء كثيرون جداً و لكن إطلاق اللفظ فى هذا المقام لا ينطبق الا على رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم إذ قد يكون الوصف مشتركاً بين جماعة و لكن إذا ما أطلق يختص به شخص بعينه

فموسى مثلاً أختص بلقب الكليم رغم أن الله كلم الكثير من أنبياءه فكلم أدم و كلم إبراهيم و كلم يعقوب و كلم عيسى و كلم محمداً صلى الله عليه و سلم
و لكن اللفظ إذا ما أطلق يعلم الجميع أنه إنما يقصد به موسى

كذلك إيراهيم أختص بلقب الخليل مع أن الله اتخذ محمداً خليلاً و لكن إذا ما أطلق اللفظ يعلم أن المراد به إبراهيم عليه السلام

و كذلك المسيح أشتهر بلقب كلمة الله مع أن كل الخلائق كانت بكلمة الله و لكنه إذا ما أطلق اللقب أختص به

فهاهنا نجد كلمة (نبى) قد أطلقت فدل ذلك على أن هذا لقب إذا ما أطلق يعنى به فرد معين

و دليل ذلك ما جاء فى إنجيل (يوحنا 1: 19 ) لما أرد الكهنة أن يعرفوه هويته
(([COLOR="Green"]وهذه هي شهادة يوحنا حين ارسل اليهود من اورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من انت.20 فاعترف ولم ينكر واقرّ اني لست انا المسيح.21 فسألوه اذا ماذا.ايليا انت.فقال لست انا.النبي انت.فاجاب لا.))[/COLOR]

فأنظر أرشدك الله كيف فرقوا بين الشخصيات الثلاثة ( النبى) (المسيح) (إيليا)
علماً أن هناك أنبياء كثيرون و هناك مسحاء كثيرون أيضاً و اجتمعت الصفتان عند الكثير كما اجتمعتا عند داود و عيسى ابن مريم مثلاً
لكن اللفظ فى حال اطلاقه يراد به فرد معين

ولا يمارى أحد أو يكابر فى أن كلمة النبى إذا ما أطلقت فتفهم العقول مباشرة أن المتحدث عنه هو محمد صلى الله عليه و سلم
فإن قلنا ( قال النبى) يعرف الناس جميعاً حتى النصارى و اليهود أننا نتكلم عن محمد صلى الله عليه و سلم ولا يذهب فكر النصرانى إلى المسيح أو غيره أبداً
و هذه لطيفة ربانية جعلها الله فى قلوب العباد حتى الكفار منهم

2) ثم يقول النص ( [COLOR="Green"]من وسط أخوتهم[/COLOR])

و هذا تعبير صريح و جلى فى أن النبى لن يكون من بنى إسرائيل و إنما سيكون من أخوتهم ، و أخوة بنى إسرائيل هم العرب لأنهم بنو عمهم إسماعيل أخا إسحق عليهما السلام، فهم يشتركون جميعاً فى النسب إلى إبراهيم عليه السلام

و قد أطلق الكتاب المقدس لفظة [COLOR="Green"](أخوة[/COLOR]) على أبناء العمومة صراحة كما قال لبنى إسرائيل:
(([COLOR="Green"] أنتم مارون بتخم إخوتكم بنو عيسو[/COLOR] )) التثنية 2/4
وبنو عيسو بن إسحاق هم أبناء عمومة لبني إسرائيل، فيقال لهم اخوتهم ،
و معلوم أن عيسو ليس له وعد و ليس فى ذريته نبى ، فيكون أخوة بنى إسرائيل المذكرين فى نص البشارة هم أبناء عمهم الأكبر إسماعيل، كما قال الكتاب المقدس عن علاقته و ذريته ببنى إسرائيل (([COLOR="Green"]و أمَامِ حَمِيعِ إخوته يسكن[/COLOR] )) ( تكوين16/12 ) (([COLOR="Green"]أمام جميع إخوته نزل [/COLOR])) ( تكوين25/18)

قال العلامة إبن القيم:
[[COLOR="Purple"]العرب وهم بنو اسماعيل وهم اخوة بني اسرائيل فأما وقد قال الله في التوراة حين ذكر اسماعيل جد العرب انه يضع فسطاطه في وسط بلاد اخوته وهم بنو اسرائيل وهي الشام التي هي مظهر ملكه كما تقدم من قوله وملكه بالشام فقال له اليهودي فعندكم في القرآن [/COLOR](([COLOR="Green"]والى مدين أخاهم شعيبا[/COLOR])) (([COLOR="Green"]والى عاد أخاهم هودا[/COLOR])) (([COLOR="Green"]والى ثمود أخاهم صالحا[/COLOR]))
[COLOR="Purple"]والعرب تقول يا أخا بني تميم للواحد منهم فهكذا قوله أقيم لبني اسرائيل من اخوتهم [/COLOR]

[COLOR="Purple"]قال المسلم: الفرق بين الموضعين ظاهر فانه من المحال أن يقال ان بني اسرائيل اخوة بني اسرائيل وبني تميم اخوة بني تميم وبني هاشم اخوة بني هاشم هذا ما لا يعقل في لغة أمة من الامم بخلاف قولك زيد أخو عاد وصالح أخو ثمود أي واحد منهم فهو أخوهم في النسب ولو قيل عاد أخو عاد وثمود أخو ثمود ومدين أخو مدين لكان نقصا وكان نظير قولك بنو اسرائيل أخوة بني اسرائيل فاعتبار أحد الموضعين بالآخر خطأ صريح][/COLOR]فانظر أرشدك الله الى رد الإمام المفحم على جاهل لا يفرق بين علاقة الفرد بجماعته او علاقة بعض الجماعة ببعضها و بين علاقة الكل بالكل!


و حقيقة هذا يرجع لجهل النصارى الشديد الذى اسقطهم فى هذا الخطأ المضحك، فالنص يتكلم عن بنى إسرائيل كأمة و ليس كبعض من هذه الأمة حتى يسمى البعض الأخر منهم أخوتهم!!
فيقول الرب ([COLOR="Green"]اقيم لهم نبيا من وسط أخوتهم[/COLOR])
فلو كان الخطاب موجه لجزء من بنى إسرائيل - جيل موسى مثلاً- لكان متقبلاً أن يسمى الجيل الذى سيبعث فيه النبى من بعدهم أخوتهم كما قال رسول الله ([COLOR="Green"]وددت أنا قد رأينا إخواننا [/COLOR]) يقصد المسلمين الذين يأتون من بعده هو و حصابته و لم يروهم
أما عندما يقول عليه السلام مثلا: ( [COLOR="Green"]يوشك أت تتداعى عليكم الأمم [/COLOR]) فهو هنا يخاطب الأمة عموماً لا جزء منها ، لذا فإن استعماله لصيغة الخطاب لا يقصد به مخاطبة جيل الصحابة و إنما تحذير الأمة عموماً من فترة تتداعى عليها الأمم

كذلك فى هذا الموضع كان يمكن أن نقول بأن الأخوة هى اخوة بين بعض بنى إسرائيل و البعض الأخر منهم لو أن الرب قال لهم مثلاً ( سأقيم لأخوتهم نبياً من وسطهم) إذ يحتمل هذااللفظ أن الرب يبشر اخوتهم فى الدين و النسب الذين يخلفونهم ببعثة النبى فيهم
أما و قد قال ( أقيم لهم) فلا شك أن الضمير عائد على بنى إسرائيل بوجه عام كأمة ، و قوله ( من وسط أخوتهم) لا يمكن أن يعنى من وسط بنى إسرائيل أنفسهم أيضاً و إلا لكان المعنى بعد إعمال المترادفات( أقيم لأمة بنى إسرائيل نبياً من وسط أخوتهم أمة بنى إسرائيل)
و مثل هذا لا يستقيم لغوياً أبداً لأن لا يقال المصريون أخوة المصريين ، أو التوانسة أخوة التوانسة أو بنو هاشم أخوة بنى هاشم ، فكيف يكون الكل أخ للكل أى أخ لنفسه؟؟ بعكس ما لو قبل المصرى أخو المصري، أو الإسكندارنى اخو القاهرى ، أو أبناء القرن التاسع عشر أخوة لخلفهم من أبناؤ القرن العشرين فى الوطن ..الخ
فتنبه للتعبير جيداً يتبين لك كيف فضح الله النصارى

و قد إعتراض النصارى بإعتراض خائب ندرجه ثم نجيبه بإذن الله تبارك و تعالى بإذن الله تعالى:

[COLOR="Red"]أ-[/COLOR] قال النصارى ان النص سبق ذكره فى سفر التثنية 18: 15 على النحو التالى
(([COLOR="Green"]يُقيمُ لكَ الرَّبُّ إلهُكَ نبيّا مثلي مِنْ وَسْطِكَ، مِنْ إخوَتِكَ، فَلَهُ تَسْمَعونْ،[/COLOR]))
فصرح ههنا أن النبى سيكون من وسط بنى إسرائيل و بالتالى يجب أن يحمل النص فى العدد 18 على هذا العدد

و جواب ذلك من وجهين:
[COLOR="Red"]الأول:[/COLOR] أن العلاقة بين النصين علاقة تضاد لا توافق حتى نحمل أحدهما على الأخر، فواحد منهم يؤكد أنه من وسطهم بينما الأخر يؤكد أنه إنما يخرج من اخوتهم ولا يخفى على لبيب الفرق بين اللفظين

[COLOR="Red"]الثانى:[/COLOR] أن هذا النص من أبرز التحريفات التى تفضح اهل الكتاب ولا تؤيدهم ، و دليل ذلك أن كلمة (من وسطك) لا وجود لها فى الترجمة السبعينية ،بل جاء النص فى الترجمة السبعينية هكذا
( [COLOR="Green"]الرب إلهم يقيم لك نبياً مثلى من بين اخوتكم له تسمعون[/COLOR])
[COLOR="Blue"][SIZE="5"](the lord your God shall raise up to you a Propher from among your brothers like me him shall you hear)[/SIZE][/COLOR]و يمكن مراجعة نص الترجمة السبعينة هنا (يرجى تحميل برنامج أدوب ريدر)

[URL="http://www.apostlesbible.com/books/d05deut...tens/d05c18.pdf"]http://www.apostlesbible.com/books/d05deut...tens/d05c18.pdf[/URL]


الله أكبر: النص فى الترجمة السبعينية يؤكد مرة اخرى أنه من [COLOR="Red"](أخوتهم[/COLOR]) لا أنه من ([COLOR="Red"]وسطهم[/COLOR])

و ليعلم القارىء ان هذه الترجمة التى قام بها أكثر من سعبين حبر من أحبار بنى إسرائيل هى المعول عليها عند الكنيسة الكاثوليكية و الأرثوذكسية ، و لم ينبذها و يعول على العبرانية إلا البروتستانت و هى فرقة محدثة ظهرت فى القرن السادس عشر
و العجيب أن ترجمة كتاب الفانديك التى يتعبد بها النصارىفى مصر ترجمة بروتستانتية تختلف فى المصادر مع ما يعتقده الاقباط كما أنها تحذف سبعة أسفار تتهمها بالتحريف و التزييف فى حين يعتقد الأقباط أنها موحى بها من الله !!
و لكنه عبث من اتخذوا دينهم لهواً و لعباً

و قد كان كتبة العهد الجديد يقتبسون من الترجمة السبعينية حتى فى المواضع التى اختلفت فيها مع العبرانية و نعطى مثالاً لذلك لنزيد الأمر فضحاً:

•جاء فى تكوين 10: 24 (( [COLOR="Green"]وَأَرْفَكْشَادُ وَلَدَ شَالَحَ وَشَالَحُ وَلَدَ عَابِرَ[/COLOR]))
هذا نص النسخة العبرانية
بينما نقرأ فى السبعينية (( [COLOR="Green"]وَأَرْفَكْشَادُ وَلَدَ قِينَان وَ قِينَان وَلَدَ شَالَحَ وَشَالَحُ وَلَدَ عَابِرَ[/COLOR] ))

فوجد أن إسم قينان سقط من العبرانية بينما ثبت فى السبعينية - مع ملاحظة أن هذا خبر لا سبيل لمعرفته إلا بالوحى فلا يمكن ادعاء أنه مجرد إختلاف فى الترجمة أو إجتهاد- و المفاجأة ان لوقا حينما إقتبس نسب المسيح ذكر قينان كما جاء فى النسخة اليونانية بالضبط

(( شا[COLOR="Green"]لح ابن قينان بن أرفكشاد..)) [/COLOR]لوقا35:3

* نقرأ فى (عبرانيين 11: 21 )و الكاتب يحكة خبر مباركة ابنى يوسف فقال
(([COLOR="Green"]بارَكَ يَعقوبُ، لمّا حَضَرَهُ المَوتُ، كُلاُ مِن اَبنَي يوسُفَ وسجَدَ لله وهوَ مُستَنِدٌ إلى طرَفِ عَصاهُ[/COLOR]))
.
و هذا النص مقتبس من سفر( تكوين 47: 31) بحسب النسخة السبعينية (([COLOR="Green"]فقال احلف لي.فحلف له.فسجد اسرائيل على طرف عص[/COLOR]اه))

بينما النص العبرانى يخالف فيقول أنه سجد على طرف السرير !
(([COLOR="Green"]فقال احلف لي.فحلف له.فسجد اسرائيل على رأس السرير[/COLOR])) ( تكوين 47: 31)

و الأمثلة على ذلك كثيرة و لكن اعرضنا عنها خشية الإطالة ، و قد اتهم مشاهير الأباء الأوائل اليهود بتحريف التوراة العبرانية من قبل اليهود عمداً أو قهراً منهم جيروم و يوحنا ذهبى الفم و جاستن مارتن الملقب يوستينوس بالشهيد و غيرهم
و هكذا يتبين أن الإعتراض حجة على النصارى لا حجة لهم

3) ثم يصف النص ذلك النبى بأنه مثل موسى بقوله ([COLOR="Green"]مثلك[/COLOR])

و هنا يحاول النصارى كعادتهم عبثاًأن يجدو مثلية بين المسيح و موسى فجاءو مهاترات و تكلفات مضحكة كقولهم:

** موسى حين ولد قتل فرعون كل الأطفال فى سنه و نجاه الرب كذلك يسوع حين ولد قتل هيرودس الكبير كل الأطفال فى سنه و نجاه الرب

[COLOR="Red"][SIZE="6"]و جواب ذلك من وجوه:[/SIZE][/COLOR]

[COLOR="Red"]أ-[/COLOR] أن هذه من أكبر الخرافات التى انفرد بها كاتب إنجيل متى و لم يذكرها أى من مرقس و لوقا و يوحنا و كتبة الرسائل ولا ذكر لها فى التاريخ ولا يعلم بها احد!
بيد أن كتبة الأنجيل اتفقوا على ذكر امور تافهة كذكر دخول المسيح إلى أورشلين على ظهر أتان، فكيف يغفلون ذكر واقعة بهذه الخطورة و الأهمية!

[COLOR="Red"]ب-[/COLOR] أن تاريخ هيرودس الكبير معروف و كان ملكاً كروهاً و ذكر المؤرخون كيسوسيفوس و غيره سيرته تفصيلاً بكل ما فيها و لم يذكر اى مؤرخ او يرد فى أى مصدر أنه قد أمر بذبح كل أطفال بيت لحم و لو وقع هذا لكان كارثة وجب ذكرها و النص عليها و لما غفلت عنها المصادر المعاصرة المنظمة فى ذلك الوقت

[COLOR="Red"]جـ -[/COLOR] أن متى إنما أورد كل هذه الخرافة فقط ليزعم أن المسيح ذهب إلى مصر لمدة سنتين حتى مات هيرودس ليركب عليه بالإكراه نبوءة ملفقة من العهد القديم فقال بعد أن ذكر خرافة هروب مريم بالمسيح إلى مصر
(([COLOR="Green"]لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي[/COLOR])) متى 2: 13

و هذا إستخفاف مثير للإشمئزاز بعقول العقلاء و المثقفين و إنى لأعجب لأناس فى القرن الحادى و العشرين مازالو لا يرون عور و سذاجة عقلية كاتب هذا الإنجيل و بيان ذلك كالأتى:

[COLOR="Red"]أولا:[/COLOR] أن هذه النبوءة التى يزعمها إنما هى خبر اورده هوشع عن بنى إسرائيل و إخراج الله تعالى لهم من مصر ليسكنو أرض الموعد و النص كالأتى:
[COLOR="Green"]((لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَماً أَحْبَبْتُهُ وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي.) [/COLOR]هوشع 11: 1

فالكلام عن إسرائيل اى الشعب الإسرائيلى و معلوم أنه كان يشار إليخ بالإين أو الفتى أو العبد فى مواضع كثيرة من العهد القديم
كما قال الرب فى اشعيا 49: 3 ((3[COLOR="Green"] وقال لي انت عبدي اسرائيل الذي به اتمجد.[/COLOR]))
فالنص لو قرأناه فقط من مصدره لتبين أنه لا علاقة له بالمسيح من قريب او بعيد

ثانياً:أن الثابت تاريخياً أن هيرودس الكبير مات سنة 4 قبل الميلاد كما تخبر المصادر التاريخية ، كتاريخ يوسيفوس وغيره، ومقرر فى الموسوعة الكاثوليكية والموسوعة الكتابية وغيرهما....،

[URL="http://www.livius.org/he-hg/herodians/herod_the_great01.html"]http://www.livius.org/he-hg/herodians/herod_the_great01.html[/URL]
فيكون المسيح قد وُلد قبل ذلك التاريخ يقيناً!

ولكن إنجيل لوقا يقول أن المسيح كان فى الثلاثين من عمره حين تعمد وكان ذلك فى السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر.( لوقا 1:3- 23) ،

والقيصر طيباريوس حكم الامبراطورية من سنة 14-37 م فيكون عماد المسيح فى عام 28-29م ، وهذا يجعل ميلاده 2-1 ق.م

[URL="http://www.roman-emperors.org/tiberius.htm"]http://www.roman-emperors.org/tiberius.htm[/URL]


فيظهر التناقض بين النصين.

وأبعد من هذا فقد ناقض كاتب إنجيل لوقا نفسه فزعم أن المسيح وُلِدَ وقت الإكتتاب العام فى زمن كيرينيوس والى سوريا ( لوقا2:2) أى ليس قبل (6 أو 7 بعد الميلاد) كما فى تاريخ يوسيفوس، فيكون ميلاد المسيح بهذا بعد موت هيرودس الكبير بعشر سنين كاملة ، و يظهر بذلك مدى تهافت الاناجيل فى هذه الجزئية الخطيرة

ثالثاً: أننا بقراءة حياة المسيح فى أنجيل لوقا لا نجد ذكراً لهيرودس ولا لاضطهاد ولا لهروب ولا غيره بل نقرأ فى لوقا النص الأتى:

(([COLOR="Green"]ولما تمت ثمانية ايام ليختنوا الصبي سمي يسوع كما تسمى من الملاك قبل ان حبل به في البطنولما تمت ايام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به الى اورشليم ليقدموه للرب . كما هو مكتوب في ناموس الرب ان كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوسا للرب . ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام او فرخي حمام......39 ولما اكملوا كل شيء حسب ناموس الرب رجعوا الى الجليل الى مدينتهم الناصرة . وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئا حكمة وكانت نعمة الله عليه وكان ابواه يذهبان كل سنة الى اورشليم في عيد الفصح [/COLOR])) لوقا 2: 21-41

فكما هو واضح من النص أن المسيح ولد بين الناس و ذهبت به أمه لتختنه فى أورشليم كما فى الناموس و لتتم النسك ثم عادوا إلى الجليل و كانو يذهبون به كل عام إلى اورشليم فى عيد الفصح
فأين هيرودس؟ و أين مذبحة الأطفال؟ و أين الهروب إلى مصر يا اولى الألباب؟!

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] و قال النصارى أيضاً ان المسيح مثل موسى كلاهما ظل أربعين يوماً على جبل
و جواب ذلك: أن موسى كان على جبل مقدس فى معية الله اما يسوع فكان على جبل أسير مختبر من الشيطان فتأمل إلى مدى التشابه بينهما و تامل سخافة المثال أصلاً!!

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] قالوا : موسى يهودى و كان يتحدث العبرية و كذلك يسوع يهودى و كان يتحدث العبرية
و جواب ذلك: ان هذا سبب أدعى لنفى أن يكون المقصود هو يسوع لأنه ببساطة من بنى إسرائيل أما النبى فقد صرح الرب بأنه من اخوة بنى إسرائيل فتدبر!

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] قالوا :موسى مثل يسوع بدليل قول يسوع
(( [COLOR="Green"]وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان[/COLOR])) يوحنا 3: 14
و الجواب: أنى لا أعرف هل هذا تشبيه ليسوع بموسى أم ليسوع بالحية إذ ان الرفع و الصلب وقع على كليهما لا على موسى!

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] قالوا: تعامل موسى مع الله مباشرة فمًا لفم ووجهًا لوجه وعاين شبه الرب (( [COLOR="Green"]وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهاً لِوَجْهٍ كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ [/COLOR])) ( خروج33/11 ) و يسوع المسيح وصورة الله (([COLOR="Green"]اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ[/COLOR] ))( كولوسي1/15 )،




[COLOR="Blue"]الجواب : [/COLOR]ما أتقنها من مثلية، يقران القساوسة الأغبياء بين موس العبد الذى كلم الله مباشرة و بين يسوع الذى عندهم هو نفسه الله ، فهل يوجد تغابى أكبر ممن يعتقد المثلية بين شخص يتكلم مع الله و شخص أخر هو نفسه الله تعالى عما يفترون؟
هل هناك تغابى أكبر من عدم ادراك الفرق بين الخالق و المخلوق
بحسب اعتقاد النصارى فى ان المسيح هو اله، فلا تتبقى المثلية الا بين موسى و محمد عليهما السلام
فموسى كلم الله تكليماً و سمع كلام الله منه، و محمد عليه السلام أيضاً كلم الله مباشرة بلا حجاب ولا ترجمان كما دلت على ذلك أحاديث رحلة المعراج العظمى و بلغ عند سدرة المنتهى ما لم يبلغه مخلوق فتأمل

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] قالوا: صنع الله على يدي موسى النبي المعجزات و كذلك صنع المسيح المعجزات اما نيى الاسلام فلا
و الجواب: أن جهل المعترض بأن رسول الله كان له مئات المعجزات المادية ليس ذنبنا، و سوف نفصل فى بيان معجزات رسول الله المختلفة فى موضعه إن شاء الله

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] قالوا : ولد موسى والشعب يرزح تحت العبودية في مصر كما ولد المسيح الشعب تحت حكم الرومان
[COLOR="Red"]و الجواب:[/COLOR] لا اعرف ما علاقة هذا بالمثلية المزعومة ، فالمثلية يفترض ان تكون فى الامور الجوهرية نشاة النبى الذاتية و طبيعة رسالته و منهاج حياته و خاتمته
أما و قد تكلم النصارى فيما لا يفقهون فان هذه من اكبر الاختلافات بين موسى و المسيح:

[COLOR="Blue"]أ-[/COLOR] فموسى ولد و قومه متغربون عن ارضهم ، بينما المسيح ولد و قومه مستوطنون الارض التى كتبها الله لهم
[COLOR="Blue"]ب- [/COLOR]موسى كان قومه مستبعدون مسخرون من الرومان، اما المسيح فكان قوماً محتلين و ليسو مستعبدين و كان لليهود حرية و كلمة حتى انهم من اجبرو الوالى الرومانى على صلب المسيح و لم يستطع ان يرفض رغم تعاطفه !!
[COLOR="Red"]جـ -[/COLOR] موسى قاوم الفراعنة و انتصر عليهم، اما يسوع فامر باعطاء الجزية للرومان و الخضوع لهم و انتصرو عليه فقتلوه ثم مسخو دينه فصار على وثنيتهم
فتامل مدى التوافق بين موسى و يسوع !!

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] قالوا: ترّبي كل من موسى والمسيح في بيت ليس له، فقد تربي موسى في بيت فرعون وتربى المسح في بيت يوسف النجار
الجواب: أن المسيح لم يتربى فى بيت غريب بل فى بيت امه مريم، و كذلك يوسف النجار كتاب القس المقدس يقول ان مريم كانت متزوجة منه
كما نقرأ فى متى 1: 19-20 [COLOR="Green"]((فيوسف رجلها اذ كان بارا ولم يشأ ان يشهرها اراد تخليتها سرّا.))[/COLOR]
و فى الترجمات الانجليزية
and her husband Joseph, being a just man and unwilling to put her to shame, resolved to divorce her quietly

[COLOR="Green"](( ولكن فيما هو متفكر في هذه الامور اذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ان تأخذ مريم امرأتك))[/COLOR]
do not fear to take Mary your wife,

و يقول انجيل متى انه اعتزل فلم يجامعها فقط الى ان انجبت المسيح
(([COLOR="Green"]ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر.ودعا اسمه يسوع[/COLOR] ))
but knew her not until she had borne a son; and he called his name Jesusبل و حتى الكتاب المقدس يزعم أن المسيح ابن يوسف النجار!!!

أما الذى تربى فى غير بيت والديه فعلاً فهو رسول الله الذى ولد يتيماً ثم صار لطيماً بفقدان والديه فى سن السادسة فتربى فى بيت جده ثم عمه و كانا على الكفر كما أن موسى تربى فى بيت فرعون و كان على الكفر ، و عليه فهو الذى يشابه موسى فى هذا الأمر

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] قالوا: قدّم كل من موسي والمسيح الطعام للشعب بصورة إعجازيّة، موسي قدّم المنّ الذي أعطاه الله لهم في البريّةوالمسيح أشبع خمسة آلاف رجل غير النساء والأطفال بخمسة أرغفة وسمكتين
[COLOR="Red"]الجواب:[/COLOR] ان الجهل حال دون ان يعرف المعترض أن رسول الله صلى الله عليه و سلم من اشهر معجزاته اطعامه جيشاً بجزور صغير بأكمله و سقايته بتدفق المياة بين اصابعه الشريفة كما سيأتى فى معجزاته
و لكن الملاحظ أن النبى محمد و النبى موسى عليهما السلام أطعما قومهما فى ظل الحاجة الى الطعام و الجوع، اما معجزة المسيح المزعومة فكانت مجرد عرض دون حاجة ماسة الى مثله، زد على ذلك أنها من اكثر المعجزات تناقضاً داخل الانجيل اذ نقرا فى موضع انه صنعها فى بيت صيدا و فى غير انه صنعها فى كفر ناحوم!!

[COLOR="Blue"]** [/COLOR]قالوا: وقد كلم الله موسى بصوت مسموع ((أمام عيون بني إسرائي )) ( خروج24/12-16 )، ونادى الله الآب المسيح، الابن، من السماء بصوت مسموع:
" [COLOR="Green"]وَلَمَّا اِعْتَمَدَ جَمِيعُ اَلشَّعْبِ اِعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضاً. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي اِنْفَتَحَتِ اَلسَّمَاءُ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ اَلرُّوحُ اَلْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ اَلسَّمَاءِ قَائِلاً: أَنْتَ اِبْنِي اَلْحَبِيبُ بِكَ سُرِرْتُ![/COLOR] " ( لوقا3/21-22)

[COLOR="Red"]الجواب:[/COLOR] أن هذه من الخرافات المردودة لأسباب:-
[COLOR="Blue"]أ‌-[/COLOR] أن المسيح باعتقاد النصارى هو نطق الله نفسه فالله يتكلم فى شخص المسيح فلو ان الناس سمعو صوت الله يكلم المسيح فهل للمسيح نطق و كلمة اخرى يتكلم بها ؟!!
[COLOR="Blue"]ب‌-[/COLOR] أن هذا النص وقعت فيه اتناقضات
ففى انجيل ( لوقا3/21-22) يقول بصيغة المخاطب و ضمير مخاطب حاضر : ([COLOR="Green"]أَنْتَ اِبْنِي اَلْحَبِيبُ بِكَ سُرِرْتُ[/COLOR])
و فى انجيل (متى 3/17) يقول مستخدما اسم الاشارة ، و ضمير الغائب ([COLOR="Green"]هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت[/COLOR])
بينما خالف مرقس الجميع (مرقس 1/11) : ([COLOR="Green"]انت ابني الحبيب الذي به سررت[/COLOR])
فانظر أرشدك الله إلى كم التناقض الذى اوحى به الروح القدس فى نقل جملة بسيطة من ثلاث او اربع كلمات تكلم بها هو نفسه ثم يزعم النصارى ان التلمايذ سمعو صوت الاب ؟!!!
[COLOR="Blue"]جـ-[/COLOR] أخيراً فإن المسيح نفسه رد كل هذا فقال صراحة فى يوحنا 5: 37 : (([COLOR="Green"]والآب نفسه الذي ارسلني يشهد لي.لم تسمعوا صوته قط ولا ابصرتم هيئته[/COLOR].))

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] قالوا: كان موسي هو كليم الله لأنه كلّم الله فمًا لفم وكان المسيح هو كلمة الله الذي كلّمنا من خلاله
[COLOR="Blue"]الجواب:[/COLOR] يبدو أن حضرة القس لا يعرف الفرق بين الكليم و الكلمة
فكليم فلان أى الشخص الذى كلم فلان، هنا شخصان يتكلمان
أما الكلمة – بحسب تفسير النصارى- فهى نطق المتكلم نفسه، فلا يوجد متكلمان بل متكلم و كلامه!!
و على هذا فلا مشابهة بين موسى و يسوع البتة بل المشابهة بين موسى و محمد عليهما السلام لان كلاهما كان يكلم الله و ليس هو الله او صفة كلامه بل هناك متكلمان : النبى من جهة و الله من جهة اخرى ، فتنبه!

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] و بقية من مقارنات طريفة أعرضنا عنها إحتراماً لفكر القارىء كقولهم "موسى تزوج و انجب و يسوع أيضاً تزوج الكنيسة و انجب روحياً!!"
[COLOR="Red"]الجواب: لا تعليق![/COLOR]

و كذلك قولهم المضحك: أمر الله موسى أن يصنع الفصح و المسيح قدّم نفسه عنّا كذبيحة فصح
[COLOR="Blue"]الجواب:[/COLOR] موسى أكل خروف الفصح أما يسوع فهو نفسه الخروف الذى يتناولون لحمه و يشربون دمه فتأمل المشابهة المزعومة!!

بل إننا نقرأ فى أخر سفر التثنية نصاً صريحاً يقول
(( [COLOR="Green"]ولم يقم بعد نبي في اسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه[/COLOR])) تثنية 34: 10

و هذا النص فى التوراة السامرية هكذا:
(([COLOR="Green"]ولا يقوم نبي في اسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه[/COLOR]))
فنفى الحاضر و المستقبل
و هذا هو الحق لسبب بسيط فبجانب الكثير من الاختلافات التى رجح فيها المحققون كفى النص السامرى ، فإن هذا النص مكتوب فى سفر التثنية و هو كمل يزعم النصارى من أسفار موسى ، فليس من المنطقى أن يكتب موسى و لم يقم بعد نبى مثل موسى!!
لأن هذا طبيعى فلماذا يأتى نبى مثل موسى فى زمن موسى؟
و حتى لو افترضنا أن هذا النص كتبه يشوع- و هى دعوى بلادليل- فأيضاً يشوع كان تلميذ موسى و خليفته ولا حاجة لبنى إسرائيل لظهور نبى مثل موسى بعد أن أمضى موسى معهم عشرات السنين معلماً و مشرعاً و أكمل لهم التوراة و لا تزال طرية بين أيديهم

[COLOR="Red"][SIZE="6"]المثلية بين موسى و محمد عليهما السلام[/SIZE][/COLOR]


أما إن أردنا أن ننظر حقيقة المثلية المذكورة فلا نجد لها محل إلا بين موسى و محمد عليهما السلام و أن موسى لا يشبه المسيح عليه السلام أبداً و بيان ذلك:

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] موسى عليه السلام ولد من أب و أم
محمد عليه السلام ولد من أب و أم
بينما المسيح ولد من أم بلا أب

[COLOR="Blue"]**[/COLOR]موسى عليه السلام نبىء على جبل بعد عمر قضاه
محمد عليه السلام نبىء على جبل بعد عمر قضاه
و هذا بخلاف حال المسيح ، بل ان النصارى يؤمنون أنه هو الله نفسه!!

[COLOR="Blue"]* *[/COLOR]موسى عليه السلام تزوج و كان له ذرية
محمد عليه السلام تزوج و كان له ذرية
المسيح حسب إعتقاد النصارى لم يتزوج و لم ينجب

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] موسى عليه السلام اتاه الله كتاباً كاملاً يحوى قصص الأنبياء و اخبار الأمم السابقة و القادمة و الوصايا الربانية و الشرائع الشاملة من امور الطهارة و الصلاة و الصيام و المناسك و الذبائح و الحدود و الزواج و الطلاق و الميراث و الجهاد

محمد عليه السلام اتاه الله كتاباً كاملاً يحوى قصص الأنبياء و اخبار الأمم السابقة و القادمة و الوصايا الربانية و الشرائع الشاملة من امور الطهارة و الصلاة و الصيام و المناسك و الذبائح و الحدود و الزواج و الطلاق و الميراث و الجهاد

المسيح لم يكن له شريعة بل جاء ببعض الوصايا مكملاً و تابعاً لشريعة موسى

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] موسى عليه السلام كان هاجر بقومه من أذى الكافرين
محمد عليه السلام هاجر بقومه من أذى الكافرين
المسيح لم يهاجر و لم يكن له أتباره كافين لنصرته هو نفسه أصلاً!

[COLOR="Blue"]**[/COLOR]موسى عليه السلام جاهد فى سبيل الله و أقام دولة حكمها بالشريعة
محمد عليه السلام جاهد فى سبيل الله و أقام دولة حكمها بالشريعة
المسيح لم يجاهد و لم يقم دولة و لم يملك قومه أبداً

[COLOR="Blue"]**[/COLOR]موسى عليه السلام حفظه الله تعالى حتى أتم رسالته ثم توفاه مكرماً
محمد عليه السلام حفظه الله تعالى حتى أتم رسالته ثم توفاه مكرماً
المسيح قتل شر قتلة مصلوباً ملعوناً بحسب اعتقاد النصارى، و رفعه الله الى السماء ولا يزال حياً بحسب اعتقاد المؤمنين

و قد جاءت أيات القرأن تحكى هذه المثلية بين موسى و محمد عليهما السلام
فقال تعالى (( [COLOR="Green"]إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا[/COLOR]))

و قال تعالى حاكياً عن الجن لما سمعو القرأن (([COLOR="Green"]وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ،قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ))[/COLOR]
فها هنا قال الجن إنهم سمعو كتابهم أنزل من بعد موسى و لم يقولو من بعد عيسى علماً أن الأنجيل بعد التوراة و لكن اشاروا الى موسى نظراً لما وجدوه من المثلية بين شمولية محتوى القران من القصص و العقائد و الشرائع و بين ترواة موسى عليه السلام

و لهذا كان أول ما قاله ورقة ابن نوفل حين أخبره رسول الله بخبر الوحى (([COLOR="Green"]هذا الناموس الذى أنزله الله على موسى[/COLOR]))

و تنزلت ايات القرأن بقصص الأنبياء لتثبت فؤاد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و لما كان موسى أقرب الأنبياء شبهاً برسول الله صلى الله عليه و سلم فقد كان أكثر الأنبياء ذكراً فى القرأن ليتأسى به رسول الله و يتعلم من سيرته فى مجاهدة الكافرين و سياسة قومه و هذا من حكمة منزل القرأن الحكيم العليم

كما فى قوله تعالى ( [COLOR="Green"]يا أيها الذين أمنوا لا تكونو كالذين أذو موسى[/COLOR])

و قوله عز و جل : (([COLOR="green"] أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سؤل موسى من قبل[/COLOR])

و حتى فى أثناء العروج على صفحت السيرة النبوية العطرة نجد امثلة لذلك كثيرة
فهذا النبى الله يقول لعلى حين استخلفه على المدينة فى احدى الغزوات
(([COLOR="green"]الا يرضيك ان تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى[/COLOR]))

و حين قتل أبا جهل فى غزوة بدر الكبرى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
(([COLOR="green"]مات فرعون هذه الأمة[/COLOR] ))

و عندما أعرج برسول الله صلى الله عليه و سلم و شرعت الصلوات خمسين صلاة كان الذى يرد رسول الله إلى ربه جل و علا هو موسى عليه السلام فظل يتردد بين الله و بين موسى لتصل الصلوات بفضل الله الى خمس فى العدد و خمسين فى الأجر
و إنما أختص بموسى بذلك دون غيره لأنه أشبه الناس حالاً برسول الله فى الاتيان بالشريعة و تجربة حكم قومه بها لذا قال هو نفسه فى أثناء ذلك ([COLOR="green"]يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هذا، فضعفوا، فتركوه،[/COLOR])

و كذلك ما وقع من بعض المسلمين الجدد مع رسول الله فى طريقهم إلى حنين فقالوا : "[COLOR="green"]يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط[/COLOR]"، وكان للكفار سدرة يعكفون حولها، ويعلقون بها أسلحتهم يدعونها ذات أنواط،
فقال عليه الصلاة و السلام :" الله أكبر، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنوا إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون، لتركبن سنن من كان قبلكم

و كذلك لما تكلم بعض المنافقين فى عرض رسول الله صلى الله عليه و سلم و اتهوه فى عدله تغير وجهه حزناً و غضباً و قال {[COLOR="green"]رحم الله موسى أوذي بأكثر من هذا فصبر [/COLOR]}

الخلاصة أن المثلية بين رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم و موسى عليه السلام لا تقبل المزايدة و المماراة

4) ثم يقول النص ( [COLOR="green"]واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به[/COLOR])

و هذه إشارة إلى نزول القرأن مقروءً على لسان رسول الله النبى الأمى الكريم ، و دلالة على الوحى اللفظى الذى لا يؤمن به إلا المسلمون
قال تعالى (([COLOR="green"]و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يو[/COLOR]حى))

و قال عز و جل (([COLOR="green"] لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه و قرأنه[/COLOR]))

فى حين النصارى لا يوجد فى كتبهم الا كلام بالمعنى و حكايات متصاربة عن اقوال المسيح بين الاناجيل فى ذات الوقائع

5) ثم يقول النص (([COLOR="green"]ويكون ان الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي انا اطالبه[/COLOR]))

و هذه إشارة على قهره لأعداءه و و وقوع الخزى عليهم

كما قال تعالى (([COLOR="green"]قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[/COLOR]))

و قال عز و جل (([COLOR="green"]ُمحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ[/COLOR]))

و قال سبحانه (([COLOR="green"]إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ[/COLOR]))

و قال تبارك و تعالى (([COLOR="green"]إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ[/COLOR]))

وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [COLOR="green"]((وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري[/COLOR]))

و قد مكن الله لنبيه و للصحابة الكرام حتى غير وجه الأرض بأيديهم و لم يتوفه حتى أشهده الله نصره و فتحه و راى الناس يدخلون فى دين الله أفواجاً و لله الحمد و المنة.

6) و أخيراً يقول النص (([COLOR="green"]واما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذي يتكلم باسم آلهة اخرى فيموت ذلك النبي[/COLOR]))

و معلوم أن رسول الله قد حفظه ربه سبحانه و لم يتوفه إلا بعدما أكمل رسالته غير منقوصة فقال تعالى (( [COLOR="green"]الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً[/COLOR]))

و قال النبى صلى الله عليه و سلم (([COLOR="green"]والذي نفسي بيده؛ ما تركت شيئاً يقربكم من الجنة ويباعدكم عن النار إلا أمرتكم به، وما تركت شيئاً يقربكم من النار ويباعدكم عن الجنة إلا نهيتكم[/COLOR])) السلسلة الصحيحة

بقى أن نفند إعتراضات النصارى الواهية بحجة أن العهد الجديد أشار إلى أن النبوءة تتعلق بالمسيح و ذلك من أوجه:-

[COLOR="Blue"]1)[/COLOR] ألأن النصارى يجعلون من كتابهم حكماً بينما هو خصم متهم، و العهد الجديد يعج بالبشارات الملفقة التى تم اقتباسها من العهد القديم و لى أعناقها لتركب على المسيح عنوة، و سيأتى فى سياق البحث بعض أمثلة ذلك

[COLOR="Blue"]2)[/COLOR] لم يأت فى الإنجيل على لسان المسيح أن قال بأنه النبى الذى مثل موسى المذكور فى سفر التثنية ، بل جاء على لسانه فقط قوله: (([COLOR="Green"]وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والانبياء والمزامير[/COLOR].)) لوقا 24: 44،
و كذلك قوله (([COLOR="green"]لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي[/COLOR] ))يوحنا5/46
فالمسيح يشير إلى أن الأنبياء السابقين بما فيهم موسى بشروا به بما فيهم موسى و نحن معشر المسلمين لا نجد أى إشكال فى هذا ، لأنه ما من نبى إلا بشر بالذى بعده و صدق الذى قبله، و المسيح ابن مريم عندنا نبى كريم له مكانة متقدمة، لكن المسيح عيسى لم يشر من قريب أو بعيد إلى أن بشارة سفر التثنية بالتحديد هى المتعلقة به، ولا يمتنع أن يكون موسى قد بشر بالمسيح فى مواضع أخرى صراحة أو ضمناً و طمست تلك البشارات بأيدى الظالمين، و حسبنا أن نعلم أنه من علماء النصارى من اتهم اليهود بتحريف العهد القديم لطمس البشارات بالمسيح منهم يوحنا ذهبى الفم فى تعليقة على بشارة (([COLOR="green"]سيدعى ناصرياًً[/COLOR])) و التى لا وجود لها فى العهد القديم، و كذا القديس جيروم فى مقدمته فى (مقدمة كتاب أسئلة العبرانيين)

[COLOR="Blue"]3)[/COLOR] أما التصريح بأن نبوءة التثنية تتعلق بالمسيح ، فهذا لم يرد قط على لسان المسيح ولا فى عصره، و إنما ينسب إلى بطرس بعد رفع المسيح بزمان عليه السلام ، و هذا فى السفر مجهول الكاتب المسمى أعمال الرسل و فيه:
(( [COLOR="Green"]وَأَمَّا اللهُ فَمَا سَبَقَ وَأَنْبَأَ بِهِ بِأَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ قَدْ تَمَّمَهُ هَكَذَا. فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ. وَيُرْسِلَ يَسُوعَ اَلْمَسِيحَ اَلْمُبَشَّرَ بِهِ لَكُمْ قَبْلُ. الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ اَلسَّمَاءَ تَقْبَلُهُ إِلَى أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ اَلَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا اَللهُ بِفَمِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ اَلْقِدِّيسِينَ مُنْذُ اَلدَّهْرِ. فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيّاً مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَسْمَعُ لِذَلِكَ النَّبِيِّ تُبَادُ مِنَ الشَّعْبِ. وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَيْضاً مِنْ صَمُوئِيلَ فَمَا بَعْدَهُ جَمِيعُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا سَبَقُوا وَأَنْبَأُوا بِهَذِهِ الأَيَّامِ. أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الأَنْبِيَاءِ وَالْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ اللهُ آبَاءَنَا قَائِلاً لإِبْراهِيمَ: وَبِنَسْلِكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. إِلَيْكُمْ أَوَّلاً إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ [/COLOR])) (أعمال3/18-26)

فنقول ، هذا الكلام ليس من أقوال المسيح ولا قيل فى حياة المسيح ولا قيل فى كتاب موثوق نسبته إلى الوحى لأن الوحى انقطع برفع المسيح، و مع ذلك لا يثبت نسبته الى بطرس بسند ، فضلاً عن مكانة الحواريين عندنا كعباد صالحين لا أنبياء ملهمين، زد على ذلك كله تلفيق النبوءات الساذج المفضوح الذى سبق و أشرنا إليه

[COLOR="Blue"]ثم أن هذه الفقرة نفسها تشهد على التلفيق و التحريف :[/COLOR]

*فعندما يقول (([COLOR="Green"]وَأَمَّا اللهُ فَمَا سَبَقَ وَأَنْبَأَ بِهِ بِأَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ قَدْ تَمَّمَهُ هَكَذَا[/COLOR])) فهو يؤكد أن جميع الأنبياء تكلمو عن ألام المسيح و نحن نتحدى أن يخبرنا أين فى العهد القديم تنبأ موسى او يوشع أو صموئيل أو إبراهيم عن هذه الألام!!
بل إن مزامير داود و هى أكثر ما يستشهد به النصارى مليئة بالنبوءات الساطعة عن نجاة المسيح من الصلب و صيانة الرب له من أعداءه!

[COLOR="blue"]*[/COLOR] ثم أنه أمرهم بالتوبة حتى يرسل الله إليهم المسيح فقال (([COLOR="green"]وَيُرْسِلَ يَسُوعَ اَلْمَسِيحَ اَلْمُبَشَّرَ بِهِ لَكُمْ قَبْلُ[/COLOR].))
و نحن نعرف أن لقب المسيح لا يختص به يسوع بل يعنى الممسوح من الله ملكاً نبياً و لقب به شاول و داود و غيرهما،
و بالمراجعة وجدنا أن هذه الفقرة وردت فى كثير من الترجمات الإنجليزية هكذا
and that he may send the Christ who hath been appointed for you, even Jesus
American Standard Version, English Revised Version, Weymouth New Testament

فهذه الترجمات كنا نرى لم تقل ان يسوع المسيح هو المبشر به و انما تقول (([COLOR="Green"] الله يرسل المسيح الذى تم التبشير به لكم من قبل ،حتى يسوع [/COLOR])) فتأمل!
و هذا ما ورد فى قراءة ليتشمان و تشيندورف و تريجلس و وسكوت اند هورت و نستل الاند و الفورد و غيرهم!

بل و لم يذكر اسم يسوع فى الفقرة كلها فى فى ترجمة تريندل نيو تيستمنت Tyndale New Testament
and when God shall send him, which before was preached unto you

[URL="http://scripturetext.com/acts/3-20.htm"]http://scripturetext.com/acts/3-20.htm[/URL]



[COLOR="Blue"]*[/COLOR] ثم لما انتهى من الكلام عن النبى المبشر به قال ((. [COLOR="green"]إِلَيْكُمْ أَوَّلاً إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ[/COLOR]))
و هذه الفقرة أيضاً طالتها أيدى التحريف الأثمة فجعلو كلمة (فتاه) بدلاً من كلمة (عبده أو خادمه) ، كما أن اسم (يسوع) مقحم فى العبارة و غير موجود فى أقدم النسخ و حذف من قراءة ليتشمان و تشيندورف و تريجلس و وسكوت اند هورت و نستل الاند و الفورد و كرسباخ!
و لهذا فالفقرة فى الترجمة الكاثوليكية هكذا:
(([COLOR="green"]فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه[/COLOR]))
فهذه الفقرة تذكر بنى اسرائيل أن الله وعدهم و فضلهم و من أجلهم أولاً أقام عبده و رسوله و هذا مصداق قوله تعالى (([COLOR="green"]يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ* وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ[/COLOR]))
فانظر كم التبديل و الاختلاف و التحريف بين النسخ فقط فى نقل مقولة بطرس فكيف بنسبة الكلام اصلاً اليه؟!

عارف الشمري 2011-04-02 05:51 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]نبوءة النبى إشعياء برسول الله صلى الله عليه و سلم :[/SIZE][/COLOR]


و هذه واحدة من أقوى البشارات الواضحة برسول الله صلى الله عليه و سلم، و هى مسطورة فى سفر إشعياء الإصحاح 42 و نصها:

((. [COLOR="Green"]1هوذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرّت به نفسي.وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم. 2 لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. 3 قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ.الى الامان يخرج الحق. 4 لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته 5. هكذا يقول الله الرب خالق السموات وناشرها باسط الارض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحا. 6 انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك واحفظك واجعلك عهدا للشعب ونورا للامم 7 لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة 8 انا الرب هذا اسمي ومجدي لا اعطيه لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات. 9 هوذا الاوليات قد اتت والحديثات انا مخبر بها.قبل ان تنبت اعلمكم بها. 10 غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض.ايها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها. 11 لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار.لتترنم سكان سالع.من رؤوس الجبال ليهتفوا. 12 ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر. 13. الرب كالجبار يخرج.كرجل حروب ينهض غيرته.يهتف ويصرخ ويقوى على اعدائه 15 اخرب الجبال والآكام واجفف كل عشبها واجعل الانهار يبسا وانشف الآجام 16 واسير العمي في طريق لم يعرفوها.في مسالك لم يدروها امشيهم.اجعل الظلمة امامهم نورا والمعوجات مستقيمة هذه الامور افعلها ولا اتركهم. 17 قد ارتدوا الى الوراء.يخزى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات انتنّ آلهتنا 23 من منكم يسمع هذا.يصغى ويسمع لما بعد.))[/COLOR]

و الأن و قد وضعنا نص الإصحاح كاملاً من أوله إلى أخره فلنتناول فقراته فقرة تلو الأخرى لنرى مدى إنطباق هذه النبوءة على رسول الله صلى الله عليه و سلم:
***********************************************
[COLOR="Blue"]1) [/COLOR]إبتدأ الإصحاح قائلاً (([COLOR="Green"]هوذا عبدي اعضده[/COLOR] ))
فهذا يؤكد أن المقصود هو عبد صالح و ليس إلهً متجسداً كما يقول النصارى فى المسيح ،

[COLOR="Red"]ملحوظة:[/COLOR] حاول كاتب إنجيل متى المدلس تركيب هذه النبوءة على المسيح فوقع فى الأتى:
[COLOR="Blue"]أ‌-[/COLOR] حرف كلمة (عبدى) فكتب كلمة (فتاى) بدلاً منها
(([COLOR="Green"]هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرّت به نفسي.اضع روحي عليه فيخبر الامم بالحق[/COLOR].)) متى 12: 18 و السر أن كلمة عبدى تعنى ان الكلام عن بشر مخلوق مربوب و هو ما لا يريده المبطلون!

[COLOR="Blue"]ب‌-[/COLOR] أن المسيح باعتقاد النصارى هو نطق الله نفسه فالله يتكلم فى شخص المسيح فلو ان الناس سمعو صوت الله يكلم المسيح فهل لله نطق و كلمة اخرى يتكلم بها ؟!!

[COLOR="Blue"]جـ[/COLOR]- المسيح نفسه رد ذلك بقوله فى يوحنا 5: 37 : (([COLOR="Green"]والآب نفسه الذي ارسلني يشهد لي.لم تسمعوا صوته قط ولا ابصرتم ه[/COLOR]يئته.))

و مسألة تحريف كتبة العهد الجديد للبشارات و لى أعناق النصوص و تلفيق النبوءات على غير أهلها يحتاج إلى سرد فى بحث مستقل و لكننا اكتفينا ببيان هذا الشاهد البسيط كما بينا شواهد يسيرة أخرى فى الكلام عن بشارة موسى برسول الله محمد صلى الله عليه و سلم


- و تصدير وصف المبشر به بلفظة ([COLOR="Green"]عبدى[/COLOR]) له دلالة عظيمة لأن كل مخلوقات عبيد لله تعالى و لكن العبودية منها العبودية العامة و منها الخاصة ، و يترقى العبد فى منازل الشرف بترقيه فى منازل العبودية لله لذا كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أعلم العباد بالله و أتمهم تحقيقاً للعبودية الكاملة لمولاه جل و علا، فكافئه ربه بوصفه بالعبودية فى أسمى مواطن التكريم و التحدى فى القرأن
فقال تعالى (([COLOR="Green"]وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ[/COLOR]))

و قال سبحانه (([COLOR="green"]سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[/COLOR]))

و قال جل ثناؤه(([COLOR="green"]َأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً[/COLOR]))

و قال عز من قائل (([COLOR="green"]إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[/COLOR]))

- و قد وصفه تبارك و تعالى بأنه يعضده، أى يقويه و يعزه، و هذا لا نرى له مكانة مع يسوع الذى كان مستضعفاً مطارداً إلى ان هلك مصلوباً صارخاً قائلاً ( [COLOR="green"]إيلى إيلى لما شبقتنى[/COLOR])

و إنما رسول الله الذى قواه ربه و نصره فقال تعالى (([COLOR="green"]أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ[/COLOR]))

و قال سبحانه (([COLOR="green"]وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ[/COLOR]))

و قال تعالى فى نصرة رسوله (([COLOR="green"]ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ[/COLOR]))

و قال عز و جل (([COLOR="green"]ُهوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ[/COLOR]))
و الأيات فى ذلك كثيرة

*********************************************
[COLOR="Blue"]2)[/COLOR]ثم قال فى الفقرة التالية (([COLOR="Green"]مختاري الذي سرّت به نفسي[/COLOR]))

- و كونه مختار يتنافى مع ما يقوله النصارى ببنوة يسوع الأبدية، إذ لو اختاره الأب فهذا يعنى سبق وجود الأب عليه!
- و من جهةأخرى فالمختار هنا هو سيد ولد أدم و سيد الأنبياء و خاتم المرسلين فهذا هو المعنى الصحيح المعروف و المعقول
و قد قال تعالى عن اصطفاء نبيه محمد صلى الله عليه و سلم و أمته (([COLOR="green"]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً[/COLOR]))

و قال سبحانه (([COLOR="green"]وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ[/COLOR]))

و قال سبحانه (([COLOR="green"]مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَ[/COLOR]لِيماً))

و قال تعالى (([COLOR="green"]اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ[/COLOR]))

[COLOR="Red"]و أيات الاصطفاء و النصرة و الفتح و المنازل كثيرة بفضل الله :[/COLOR]

و قال النبى صلى الله عليه و سلم لليهود لما كفروه:
(([COLOR="Green"]أبيتم فوالله إني لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا النبي المصطفى آمنتم أو كذبتم [/COLOR])) [أسباب النزول للوادعى/ صححه الألبانى على شرط مسلم]

و قال صلى الله عليه و سلم : { [COLOR="Green"]إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم[/COLOR]} رواه مسلم

*************************************************
3) ثم تقول الفقرة التالية (([COLOR="Teal"]وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم[/COLOR]))

- و ههنا إشارة صريحة إلى نزول القرأن على قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم، لأن من أسماء القرأن الروح، لأن الله يحيى به القلوب

فقال تعالى (([COLOR="teal"]و َكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ[/COLOR]))

و كذلك تنزل جبريل و هو الروح الأمين بالوحى على رسول الله صلى الله عليه و سلم

- و اما قوله ([COLOR="teal"]فيخرج الحق للأمم[/COLOR]) فلاشك أن ذلك من خصائص رسول الله صلى الله عليه و سلم لأنه صاحب الدعوة العالمية

فقال تعالى (([COLOR="teal"]وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ[/COLOR]))

و قال سبحانه (([COLOR="teal"]َمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُ[/COLOR]ونَ))

و قال عز و جل (([COLOR="teal"]وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ[/COLOR]))

و قال جل ثناؤه (([COLOR="teal"]قلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً[/COLOR]))

و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (([COLOR="teal"]وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس كافة[/COLOR])) رواه البخارى

و لهذا كانت دلائل نبوة رسول الله دامغة و معجزاته ثابتة و الكبرى فيها و هى القرأن خالدة لتقوم الحجة على العباد فى كل مكان و زمان بعكس معجزات الأنبياء السابقين كانت لاهل عصرهم و لا حجة لها على أى إنسان فى العصور اللاحقة و الاماكن البعيدة مابالك إن زدنا على ذلك انقطاع السند و وقوع التبديل و الإختلاف و التحريف - الذى أصبح مشاهداً و مرئياً رأى العين- و ضياع الحق فى خناقات رجال الدين و السياسة من أبناء الأمم الغابرة!!

و المسيح نفسه قال عن رسالته أنه محلية فى غير ما موضع
فقال (([COLOR="teal"]لم أرسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة[/COLOR].)) متى 15: 24
فأكد بأداة الحصر و القصر أن رسالته إنما هى لنى إسرائيل

و قال عليه السلام (([COLOR="teal"]واوصاهم قائلا.الى طريق امم لا تمضوا والى مدينة للسامريين لا تدخلوا. 6 بل اذهبوا بالحري الى خراف بيت اسرائيل الضالة[/COLOR].)) متى 10: 5-6

و أخبر الملاك حين بشر بولادته أنه إنه قدم بالخلاص لشعبه (([COLOR="teal"]فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لانه يخلّص شعبه من خطاياهم[/COLOR])) متى 1: 21

و أخبر تلاميذه أنهم لن ينتهو من مدن إسرائيل حتى يكون قد عاد إليهم (([COLOR="teal"]وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ[/COLOR])) متى 10: 23

و رغم أن هذه نبوءة لم تقع أصلاً إلا أننا لسنا فى معرض توضيح التناقضات و الأغلاط فى الكتاب المقدس ، و إنما جئنا بالشاهد

****************************************************
[COLOR="Blue"]4)[/COLOR] ثم تقول الفقرة التالية ([COLOR="teal"]لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته[/COLOR])

و هذا وصف دقيق لرسول الله صلى الله عليه و سلم و لنقرأ سوياً و نسبح الله كيف وصفته السيدة عائشة "
{[COLOR="Green"]لم يكُنْ فاحشاً ولا متفحِّشاً ولا صخَّاباً في الأسواقِ ولا يجزي بالسَّيئةِ السَّيئةَ ولكنْ يَعفو ويَصفحُ[/COLOR]} (رواه الترمذى و احمد بسند صحيح)

و عن عطاء بن يسار قال:{[COLOR="green"]لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: "أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا[/COLOR]} (رواه البخارى)
فلله الحمد و المنة

*****************************************************
[COLOR="Blue"]5)[/COLOR] ثم قال فى الفقرة التالية ([COLOR="Green"]قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ.الى الامان يخرج الحق[/COLOR])

و هذا مصداق قوله تعالى { [COLOR="green"]َوعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [/COLOR]}

****************************************************
[COLOR="Blue"]6)[/COLOR] ثم يقول فى الفقرة التالية ( [COLOR="Green"]لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته[/COLOR]
)
- هذا دليل أن ذلك النبى تستمر دعوته بعزيمة إلى أن يتمها بفضل الله تبارك و تعالى
و هذا ما حدث مع نبينا صلى الله عليه و سلم الذى ظل يدعو الى ربه ليلاً و نهارًاً سراً و جهاراً و أوذى من قومه و هاجر من بلده و أقام دولته و أتم الله له أمره كما صدق بذلك الصديق حين قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يتضرع إلى ربه بشدة يوم بدر
(([COLOR="green"]هون عليك فإن الله منجز لك ما وعدك[/COLOR]))

- ثم أن النص يقول بأن ذلك النبى سيكون له شريعة تنتظرها الجزائر و هذا ما كان مع رسول الله بشريعته الغراء الكاملة التى تناولت كل امور الحياة بفضل الله

-و لا ينطبق شىء من هذا على المسيح عليه السلام
•بالإجماع المسيح لم يكمل دينه و بل احتاج النصارى الى رسل يأتون بعده ليكتبو الإنجيل ثم جاء بولس ليضع لهم أصول دينهم و عباتهم و نظامهم الكنسى البدعى الى غير ذلك من الأمور.
•و أيضاً المسيح لم تكن له شريعة بل يقول النصارى ويفتخرون أن دور المسيح و رسالته كانت فقط الإنتحار على الصليب
و أنه حررهم من الناموس حتى قال بولس (([COLOR="Green"] فانه يصير ابطال الوصية السابقة من اجل ضعفها وعدم نفعها[/COLOR].)) عبرانيين 7: 18
* و حتى بمطالعة رسالة المسيح نجدها كانت تابعة لشريعة موسى و مجرد تكملة بمجموعة من الوصايا الأخلاقية و البشارات لذا قال المسيح نفسه
((. حينئذ خاطب يسوع الجموع وتلاميذه 2 قائلا.على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون. 3 فكل ما قالوا لكم ان تحفظوه فاحفظوه وافعلوه.ولكن حسب اعمالهم لا تعملوا لانهم يقولون ولا يفعلون.)) متى 23: 1-3

****************************************************
[COLOR="Blue"]6)[/COLOR] ثم تقول الفقرة التالية ([COLOR="green"]انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك واحفظك[/COLOR])

و هذا دليل عصمة رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا يمسه أذى ولا يتوفاه ربه حتى يتم رسالته غير منقوصة رغم أنوف الكافرين و قد كان
و مصداق قوله تبارك و تعالى (([COLOR="green"]يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ[/COLOR]))

و قال عز و جل (([COLOR="green"]أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ[/COLOR]))

و قال سبحانه [COLOR="green"]((فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[/COLOR]))

و اكتمل الدين بفضل الله و أنزل الله عز و جل قوله (([COLOR="green"]الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً[/COLOR]))

***************************************************
[COLOR="blue"]7)[/COLOR] ثم تقول الفقرة التالية (([COLOR="Green"]واجعلك عهدا للشعب ونورا للامم[/COLOR]))

- ولا شك أن ذلك يصدق تماماً مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد ذكر الله تعالى هذا العهد الذى أخذه على الناسو الأنبياء و بنى إسرائيل فقال تعالى:
(([COLOR="green"]وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ[/COLOR]))

و قال سبحانه (([COLOR="green"]يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ[/COLOR]))

و قال سبحانه لما دعاه موسى قائلاً : (([COLOR="green"]وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ)) فأجابه عز و جل: ((قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [/COLOR]))
فهذا هو عهد الله و هذه الأية جمعت الصفتين الواردتين فى الفقرة المذكور فدلت أن رسول الله عهد أخذه رب العزة على أنبياءه عامة و أهل الكتاب خاصة ، و دل أيضاً أنه يأتى بالنور و الهدى فلله الحمد و المنة

و لذا كان ينتظر اليهود خروج النبى من الجزيرة العربية و طمعو أن يكون عربيا و منهم فى ذات الوقت فسكنو فى الجزيرة و كانوا يستفتحون على المشركين و يقولو لما يبعث فينا النبى سنفعل بكم كذا و كذا ، فلما بعث رسول الله كفروا به و استكبرو على ربهم و اعترضوا على إرادته و مشيئته حسداً من عند أنفسهم

فقال تعالى (([COLOR="green"]وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ، بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ [/COLOR]))

و قال عز و جل (([COLOR="green"]وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ[/COLOR]))

- و قد وصف القرأن رسول الله صلى الله عليه و سلم بأنه نور و ان رسالته نور للناس

فقال تعالى (([COLOR="green"]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً، وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِي[/COLOR]راً ))
فتأمل الوصف الدقيق لرسول الله فى هذه الأعداد من البشارة

*************************************************
[COLOR="Blue"]8)[/COLOR] ثم يقول فى الفقرة التالية (([COLOR="green"]لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة[/COLOR]))

و هذا مصداق قوله تعالى (([COLOR="green"]كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ[/COLOR]))

و قوله جل و علا (([COLOR="green"]هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ[/COLOR]))
و الأيات فى ذلك كثيرة كما هو معلوم

************************************************
[COLOR="blue"]9)[/COLOR] ثم تقول الفقرة التالية (( [COLOR="Green"]انا الرب هذا اسمي ومجدي لا اعطيه لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات[/COLOR]))

و هنا تدخل البشارة منعطف خطير و دقيق،
- فتكلم الرب أولاً نافياً أن يكون له اسم إلا ما عرف به الله الرب الإله الأحد ، و هذا من أقوى الردود على الصليبيين الذين لم تأت ديانتهم البدعية بنسخ الشرائع و الأحكام و إنما بنسخ العقائد
* فكان الله واحداً أحداً قبل المسيحية و صار ثلاثة أقانيم بعدها
* كال الله الرب قبل المسيح فصار الرب يسوع بعدها

- ثم يقول فى نهاية الفقرة أنه سبحانه لا يعطى تسبيحه للمنحوتات و هذه إشارة لمن يعبدون الأصنام ، و معروف ان أشهر ما فعله النبى صلى الله عليه و سلم القضاء على الأصنام و التماثيل و الصور و كل ذرائع الشرك هذه التى تمتع بها النصارى و المشركين على حد سوا

***********************************************
[COLOR="Blue"]10)[/COLOR] ثم يقول فى الفقرة فى التالية (([COLOR="green"]هوذا الاوليات قد اتت والحديثات انا مخبر بها.قبل ان تنبت اعلمكم بها[/COLOR]))

فدلت هذه الفقرة أتن ذلك النبى يخبر بكثير من الغيبيات التى يطلعه الله تعالى عليها ، و قد كان
فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم أخبر بأحداث مستقبلية كثيرة و وقعت كما أخبر عليه السلام و أعلمنا بمراحل تمر بها الأمة و علامات الساعة الصغرى و الكبرى، و أهوال يوم القيامة كل هذا بوحى الرحمن، و سيتم سرد الكثير منها بأسانيدها عند الحديث عن معجزات رسول الله صلى الله عليه و سلم بإذن الله و مشيئته

و هذا هو مابشر به المسيح بخصوص الباركليت الذى يأتى بعده فقال عنه (([COLOR="green"]ان لي أمورا كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الآن.13 واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية[/COLOR].)) يوحنا 16: 12
و سيتم بسط ذلك أيضاً فى موضعه بحول الله

**********************************************
[COLOR="Blue"]11)[/COLOR] ثم تقول الفقرة التالية (([COLOR="Green"]غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض.ايها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها. 11 لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار.لتترنم سكان سالع.من رؤوس الجبال ليهتفوا. 12 ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر[/COLOR].))

- و هذه فقرة عظيمة تتكلم عن حج بيت الله الذى يأتيه الناس من كل فج عميق مرنمين هاتفين ملبين مكبرين رافعين صواهم بالتلبية و التهليل حاجين بيت الله براً و بحراً و جواً ، و لا يقع مثل هذا إلا فى حج المسلمين

- و تؤكد الفقرة أن هذا سيقع فى ديار قيدار و قيدار هو حج النبى صلى الله عليه و سلم و إبن إسماعيل
كما قال فى تكوين 25: 13
(( [COLOR="green"]وهذه اسماء بني اسماعيل باسمائهم حسب مواليدهم.نبايوت بكر اسماعيل وقيدار وأدبئيل ومبسام[/COLOR]))

- و جبال سالع هى جبال سلع و سليع جبال تقع فى المدينة المنورة تحديداً بعضها يسمى و إليكم هذا لارابط لنطلع عليها سوياً

[URL="http://www.alkadhum.org/other/moden/madena/01.htm"]http://www.alkadhum.org/other/moden/madena/01.htm[/URL]



[URL="http://www.alriyadh.com/2007/01/26/article219641.html"]http://www.alriyadh.com/2007/01/26/article219641.html[/URL]


[COLOR="Red"][SIZE="5"]تبيه هام:[/SIZE][/COLOR] و قد تكلم نص أخر فى إشعياء عن البشارة بالحج نورده ههنا لمناسبته للموضوع1((13[COLOR="green"]. وحي من جهة بلاد العرب.في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين. 14 هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان ارض تيماء وافوا الهارب بخبزه. 15 فانهم من امام السيوف قد هربوا.من امام السيف المسلول ومن امام القوس المشدودة ومن امام شدة الحرب. 16 فانه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الاجير يفنى كل مجد قيدار[/COLOR])) اشعيا 21: 13
و فى هذه الأعداد الرائعة عدة فوائد:

[COLOR="Blue"]أ-[/COLOR] أنها نص صريح فى كونه نبوءة بشبه جزيرة العرب

[COLOR="blue"]ب-[/COLOR] أن هذه النبوءة تتكلم عن الهجرة و فرار المسلمون بدينهم إلى أرض تقع قبل تيماء و يامر الرب أهل هذه الأرض ان يأووهم و يكرموهم، و هذه الأرض هى المدينة المنورة

[COLOR="blue"]جـ[/COLOR]- و فيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقضى على مجد قيدار و هو الإفتخار بالأنساب و التعبد للأصنام و العصبية الجاهلية التى كانت بين أبناء قيدار، بنى قيدار هم أهل مكة الذين قاتلهم رسول الله و قتل صناديدهم فى معركة الفيصل و يوم الفرقان غزوة بدر الكبرى، و كانت بداية رحلة الجهاد و الفتوحات حتى فتح الله عليه مكة فخطب صلى الله عليه و سلم فقال (([COLOR="Green"]الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ماذا تقولون وماذا تظنون ؟ قالوا : نقول خيراً ونظن خيراً أخ كريم قدرت فاسجح . قال : وأنا أقول كما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، ألا وان، كل ربا في الجاهلية ودم ومال أو مأثرة فهي تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج فغني قد أمضيتهما لأهلهما على ما كانتا عليه ، ألا وأن الله تعالى قد أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بالآباء ، كلكم لآدم وآدم من تراب ليس إلا مؤمن تقي او فاجر شقي ، وأكرمكم عند الله أتقاكم...)) [/COLOR]الجامع الصحيح جـ2

[COLOR="Blue"]د-[/COLOR] و فى هذه الفقرة أخيراً بيان أن أرض قيدار تقع فيها تيماء و تيماء تقع فى جزيرة العرب كما هو معروف


[URL="http://www.baladia-tayma.gov.sa/"]http://www.baladia-tayma.gov.sa/[/URL]

*****************************************
[COLOR="Blue"]12)[/COLOR] ثم تقول الفقرة التالية (([COLOR="Green"]الرب كالجبار يخرج.كرجل حروب ينهض غيرته.يهتف ويصرخ ويقوى على اعدائه[/COLOR]))

- و هذا دليل على فرض الجهاد على ذلك النبى و هذا مصداق قوله تعالى (([COLOR="Green"]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ[/COLOR]))

و قوله عز و جل (([COLOR="Green"]قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ[/COLOR]))

و مصداق قول رسول الله صلى الله عليه و سلم (( [COLOR="green"]أنا نبى الرحمة و أنا نبى الملحمة[/COLOR]))

و قوله صلى الله عليه و سلم (( [COLOR="green"]بعثت بالسيف بين يدى الساعة[/COLOR]))

و قوله عليه السلام (( [COLOR="green"]أُمرت ان أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ...الحديث[/COLOR]))

- و لا شىؤ من هذا وقع مع المسيح ، بلكان المسيح ضعيفاً متسضعفاً لم يقو على أعداءه و لم يصرخ فيهم أو يلقى الرعب فى قلوبهم!

بل النصارى يفتخرون بأن دينهم ينهى أصلاً عن مقاومة الشر و الفساد!!!

و يأمر بحب أعداء الله و أهل الكفر و العدوان!!

((39[COLOR="green"] واما انا فاقول لكم لا تقاوموا الشر.بل من لطمك على خدك الايمن فحوّل له الآخر ايضا[/COLOR].)) متى 5: 39

((27. [COLOR="green"]لكني اقول لكم ايها السامعون احبوا اعداءكم.احسنوا الى مبغضيكم[/COLOR].)) لوقا 6: 27

******************************************
[COLOR="Blue"]13)[/COLOR] أخيراً يقول الرب (([COLOR="Green"]واسير العمي في طريق لم يعرفوها.في مسالك لم يدروها امشيهم.اجعل الظلمة امامهم نورا والمعوجات مستقيمة هذه الامور افعلها ولا اتركهم. 17 قد ارتدوا الى الوراء.يخزى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات انتنّ آلهتنا[/COLOR]))

- و لنتأمل قوله (([COLOR="green"]واسير العمي في طريق لم يعرفوها.في مسالك لم يدروها امشيهم.اجعل الظلمة امامهم نورا والمعوجات مستقيمة هذه الامور افعلها ولا اتركهم[/COLOR]))

فهذا وصف لجيل الصحابة الكرام الذين أخرجهم ربهم من الظلمات إلى النور و أيدهم بنصره و أنزل عليهم سكينته ففتحوا البلدان و غيروا وجه العالم و دخلوا أراضى لم يدخلوها من قبل حتى بلغول المشارق و المغارب بمعجزة لا سابق لها

حتى قال الوزير البريطانى أنتونى فاتننج: {[COLOR="green"] إن ما حدث فى الإسلام ليس له مثيل فى تاريخ العالم ، فلقد كان متوسط مساحة الأراضى التى يفتحها المسلمون نحو 250 كيلو متر مربع يومياً على مدى سبعين عاماً ، و لقد إمتدت الفتوحات الإسلامية على هذا النحو الخارق لكل تجارب البشر ، و هى تفوق الواجب اليومى لأى جيش من جيوش العالم حجيثة التسليح و التنظيم[/COLOR]}


- ثم تكلم عن سحق عبدة الأصنام بقوله (([COLOR="green"]قد ارتدوا الى الوراء.يخزى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات انتنّ آلهتنا[/COLOR]))
فأخبر ههنا عن اهلاك الكافرين و إذلالهم و إضلالهم بكفرهم و نصر رسوله عليهم
و هؤلاء الكافرين المقصودين هم عبدة الأصنام الذين يتكلمون للمنحوتات و يقولون للمسوبكات التى سبكتها أيديهم انتن ألهتنا .

- فى المقابل من معلوم أن المسيح لم تصلنا رسالة منه أصلاً كما خطتها يد صاحبها و هذا باعتارف النصارى أنفسهم
- و ظل من ينتسبون إليه - و هو من أكثرهم براء- محتقرين مضطهدين أكثر من ثلاثة قرون لا يشكلون نسبة تذكر فى أصحاب الملل،
- و لم يرسل إلى عبدة أصنام بل أرسل إلى يهود موحدين بل و أمر بطاعة الاحبار فى امور الشريعة و عدم الاقتداء بهم فى فقط قسوة قلوبهم و مناقضة قولهم فعلهم.

- فتالله هل تبقى بعد هذه النصوص الجلية الواضحة مقولة لقائل أو إفتراء لمجادل؟!

عارف الشمري 2011-04-02 06:13 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]البشارات بخصوص مكة المكرمة :[/SIZE][/COLOR]


[COLOR="Blue"]النبوءة الأولى :[/COLOR]

وردت النبوءة الاولى فى سفر إشعياء 60: 1-7، و نصها :-
((1[COLOR="Green"]. قومي استنيري لانه قد جاء نورك ومجد الرب اشرق عليك 2 لانه ها هي الظلمة تغطي الارض والظلام الدامس الامم.اما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يرى. 3 فتسير الامم في نورك والملوك في ضياء اشراقك. 4 ارفعي عينيك حواليك وانظري.قد اجتمعوا كلهم .‎ جاءوا اليك.ياتي بنوك من بعيد وتحمل بناتك على الايدي. 5 حينئذ تنظرين وتنيرين ويخفق قلبك ويتسع لانه تتحول اليك ثروة البحر ويأتي اليك غنى الامم. 6 تغطيك كثرة الجمال بكران مديان وعيفة كلها تأتي من شبا.تحمل ذهبا ولبانا وتبشر بتسابيح الرب. 7 كل غنم قيدار تجتمع اليك.كباش نبايوت تخدمك.تصعد مقبولة على مذبحي وأزيّن بيت جمالي.))[/COLOR]

شرح النبوءة:

1) أما قوله (([COLOR="green"]قومي استنيري لانه قد جاء نورك ومجد الرب اشرق عليك[/COLOR])) فهذا يشير إلى بداية شعاع النور فى أرض الجزيرة ببزوغ فجر الإسلام العظيم، و نور توحيد رب العالمين، مصداقاً لقوله عز و جل :
(([COLOR="green"]أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ[/COLOR]))

و قوله سبحانه (([COLOR="green"]رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ[/COLOR]))

*****************************************************

2) و قوله ((2 [COLOR="green"]لانه ها هي الظلمة تغطي الارض والظلام الدامس الامم[/COLOR]))
فهذه إشارة إلى الشرك و عبادة الأصنام الذى كان فى بلاد العرب، و المجوسية الخبيثة فى بلاد الفرس و الوثنية فى بلاد الهند و الضلال و الشرك و الظلم الذى لحق بالنصرانية فى بلاد الروم و مستعمراتها، فكانت الأرض مظلمة بعيدة عن ربها حتى أشرقت بنور ربها و وحى السماء

*****************************************************
3)و قوله (([COLOR="green"]فتسير الامم في نورك والملوك في ضياء اشراقك، ارفعي عينيك حواليك وانظري.قد اجتمعوا كلهم .‎ جاءوا اليك.ياتي بنوك من بعيد وتحمل بناتك على الايدي. حينئذ تنظرين وتنيرين ويخفق قلبك ويتسع لانه تتحول اليك ثروة البحر ويأتي اليك غنى الامم[/COLOR]))

-فهذا فيه دلالة على طبيعة الدعوة المقصودة و أن نبيها يرسل إلى كل الأمم و تبلغ دعوته المشارق و المغارب
-و فيه تصريح بمجىء هذه الأمم إلى هذه الأرض و هو حج البيت الحرام
-و فيه تصريح بأن خير هذه الأمم تجتمع فى هذه الأرض و هو ما كان من خيرات الحجيج و المعتمرين فى إعمار بيت الله بالنسك الربانية و مجىء الناس أحمرهم و اصفرهم و اسودهم غنيهم و فقيرهم إلى هذه الأرض الطيبة

و قد أخبر الله تعالى المؤمنين أنه سيغنيهم من فضله حين امرهم ألا يخشو الفقر إن منعو المشركين من حج البيت (([COLOR="green"]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[/COLOR]))
فسبحان من أغنى الأرض الفقيرة الجرداء بثروات الأمم و صار واد بغير ذى زرع قلباً للعالم عامة و العالم الإسلامى خاصة استجابة لدعوة نبى الله إبراهيم (([COLOR="green"]رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ[/COLOR]))

******************************************************
4) و قوله (( [COLOR="green"]تغطيك كثرة الجمال بكران مديان وعيفة كلها تأتي من شبا.تحمل ذهبا ولبانا وتبشر بتسابيح الرب [/COLOR]))

فهذه إشارة إلى أرض الجزيرة واضحة، لأنها الأرض التى أشتهرت بإستعمال الجمال و هى الوسيلة لبلوغ بيت الله الحرام لأن أرضها صحراوية لا يقدر على عبورها سوى الجمال
-و فيه أن أرض مديان ( و هى واقعة عند خليج العقبة) ستصير تابعة لهذا الدين
-و كذلك عيفه و هى قبيلة تسكن فى جزيرة العرب من أبناء إبراهيم


[URL="http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books..._EN/EN_292.html"]http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books..._EN/EN_292.html[/URL]



- و كذلك شبا اسم قبيلة عربية تسكن جنوب غربى جزيرة العرب، و قيل هى مملكة سبأ الواقعة فى اليمن جنوب الجزيرة العربية

[URL="http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books..._SH/SH_030.html"]http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books..._SH/SH_030.html[/URL]



فكل الكلام عن جزيرة العرب و ظهور هذه الدعوة المباركة فى أقطارها و لله الحمد و المنة

******************************************************
5) ثم قال فى الفقرة التالية (([COLOR="green"]7 كل غنم قيدار تجتمع اليك.كباش نبايوت تخدمك.تصعد مقبولة على مذبحي وأزيّن بيت جمالي[/COLOR].))

- فهاهنا تأكيد أن هؤلاء الحجيج من أقطار العالم ففى قلبهم غنم قيدار و هو جد إسماعيل علبه السلام كما سبق بيانه فى
و كذلك أن الذى يخدمهم أبناء نبايوت و هو أيضاُ إبن إسماعيل (راجع تكوين 25: 12-18)
فأى أرض هذه الذى تجتمع إليها غنم قيدار و تخدمها كباش نبايوت؟ إنها مكة المكرمة و الإشارة هنا إلى سقاية الحاج و عمارة البيت الحرام
-و قوله ((.[COLOR="green"]تصعد مقبولة على مذبحي وأزيّن بيت جمالي[/COLOR])) ففيه إشارة صريحة إلى سياقة الهدى إلى محله بيت الله الحرام و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {[COLOR="green"]منى كلها منحر وفجاج مكة كلها منحر [/COLOR]}
-و أما ([COLOR="green"]بيت جمالى[/COLOR]) فهو بيت الله الحرام الكعبة المشرفة البيت العتيق التى من إجازها أنها أجمل ما تراه العين رغم بساطتها و خلوها من زخارف و عجائب المعمار، فسبحان الله الملك



[COLOR="Red"][SIZE="6"]البشارة الثانية:[/SIZE][/COLOR]

وردت هذه البشارة فى سفر التثنية( 33/1-3) :-
. (([COLOR="Green"]هذه البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته، فقال: جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس، وعن يمينه نار شريعة، فأحب الشعب، جميع قديسيه في يدك، وهم جالسون عند قدمك، يتقبلون من أقوالك[/COLOR]))

- و هذه نبوءة عن الأنبياء الثلاثة العظام موسى و عيسى و محمد عليهم الصلاة و السلام
* فأما قوله جاء من سيناء فهو إشارة إلى نزول التوراة على موسى عليه السلام فى سيناء
* و قوله أشرق من سعير إشارة إلى نزول الإنجيل على المسيح عليه السلام إذ سعير تقع فى أرض فلسطين
* و قوله و تلألأ من جبال فاران إشارة إلى نزول القرأن على رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم لأن جبال فاران هى جبال مكة

- و تؤكد النبوءة أن القادم معه قديسين كثيرين بقوله ((، [COLOR="green"]وأتى من ربوات القدس[/COLOR]))
و هى فى الترجمات الإنجليزية هكذا
[SIZE="6"]he came from the ten thousands of holy ones[/SIZE]
و لكن النصارى العرب كعادتهم حرفوا العبارة التى تقول أن معه عشرة ألاف قديس لأن هذا الذى وقع مع رسول الله صلى الله عليه و سلم لما فتح الله عليه مكة المكرمة و إكتملت له المنة و معه يومئذ جيش من عشرة ألاف صحابى

- ثم تقول الفقرة (([COLOR="green"]وعن يمينه نار شريعة[/COLOR]))
و هذه إشارة إلى ان النبى الأتى من فاارن التى هى اخر ما ذكر بالترتيب يكون معه شريعة غراء للناس
و كل هذا ينطبق على رسول الله صلى الله عليه و سلم

- و تؤكد هذه النبوءة نبوءة أخرى على لسان النبى حبقوق3: 3
، حيث يقول (([COLOR="green"]الله جاء من تيمان، والقدوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطى السماوات، والأرض امتلأت من تسبيحه، وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع، وهناك استتار قدرته، قدامه ذهب الوبأ، وعند رجليه خرجت الحمى، وقف وقاس الأرض، نظر فرجف الأمم، قدامه ذهب الوبا وعند رجليه خرجت الحمى.وقف وقاس الأرض نظر فرجف الأمم ودكت الجبال الدهرية وخسفت آكام القدم مسالك الأزل له. رأيت خيام كوشان تحت بلية ، رجفت شقق أرض مديان هل على الأنهار حمى يا رب ، هل على الأنهار غضبك أو على البحر سخطك ، حتى أنك ركبت خيلك ، مركباتك مركبات الخلاص .عريت قوسك تعرية ، سباعيات سهام كلمتك ، شققت الأرض أنهارا ،أبصرتك ففزعت الجبال ، سيل المياه طما ، أعطت اللجة صوتها ، رفعت يديها إلى العلاء الشمس والقمر وقفا في بروجهما ، لنور سهامك الطائرة ، للمعان برق مجدك( للمعان برق رماحك فى النسخة الكاثوبيكية ) .بغضب خطرت في الأرض ، بسخط دست الأمم [/COLOR]))


ملحوظة: كعادة اهل الكتاب فى تحريف التاريخ و تزوير الحقائق- و قد سبق و رأينا كيف حرفوا كلمة عشرة ألاف قديس إلى ربوات القدس- فزعمو أن تيمان و فاران هذه تقع فى صحراء سيناء ولا علاقة لها بجزيرة العرب

و جواب ذلك:
1) أنه لم يرد فى أى مصدر تاريخى معتبر تحديد أن فاران تقع فى سيناء على الإطلاق فهم خصم و حكم بزعمهم!

2) ان فاران من أسماء مكة و جبالها و هذا متواتر لدى العرب قديماً و حديثاً حتى ان أقدم معجم جغرافى للمنطقةو هو معجم ياقوت الحموي المسمى ( معجم البلدان) قد ذكر أن فاران من أسماء مكة و جبالها ج6/407

3) قولهم بأن برية فاران تقع فى منطقة سيناء بدليل نص سفر العدد (([COLOR="green"] فارتحل بنو اسرائيل في رحلاتهم من برية سيناء فحلت السحابة في برية فاران[/COLOR])) عدد 10: 12
فإنه و رغم عدم حجية استشهاداتهم علينا إلا أننا نجيبهم من داخل نفس الكتاب الذى به يؤمنون ليبهت الذى كفر بإذن الله ،

أ- أن هذه البرية ([COLOR="green"]برية فاران[/COLOR]) صرح الكتاب المقدس أنها سكنها إسماعيل عليه السلام و ذلك فى سفر التكوين 21: 17
((17[COLOR="green"] فسمع الله صوت الغلام.ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر.لا تخافي لان الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو 18 قومي احملي الغلام وشدي يدك به.لاني ساجعله امة عظيمة. 19 وفتح الله عينيها فابصرت بئر ماء.فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام. 20 وكان الله مع الغلام فكبر.وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس وسكن في برية فاران وأخذت له امه زوجة من ارض مصر[/COLOR]))

- فهذا نص صريح فى أن الأرض التى نشا فيها إسماعيل هى برية فاران، فيكون المبشر به فى العدد المذكور من ذرية اسماعيل عليه السلام ، كما أنه معلوم بالتواتر أن إسماعيل و ذريته سكنو جزيرة العرب فتكون برية فاران جزء من جزيرة العرب

ب - و لتعلم أن هذا ما ورد فى قاموس strong للغة العبرية فى معنى كلمة فاران

Paran, a desert of Arabia
و يمكنك الدخول بنفسك بالضغط على كلمة (paran) للبحث عنها فى قاموس سترونج العبرى فى موقع ايسورد


[URL="http://hebrew.scripturetext.com/genesis/21-21.htm"]http://hebrew.scripturetext.com/genesis/21-21.htm[/URL]



جـ- أن الكتاب المقدس صرح بذلك بقوله عن مسكن بنو إسماعيل فى تكوين 25: 18 (([COLOR="Green"]و سكنوا من حويلة الى شور التي امام مصر حينما تجيء نحو اشور امام جميع اخوته نزل[/COLOR]))

و حويلة المذكورة تقع فى قلب جزيرة العرب ،
جاء فى قاموس الكتاب المقدس: (( [COLOR="green"]مقاطعة في بلاد العرب, يسكن بعضها الكوشيون ويسكن البعض الآخر اليقطانيون, وهم شعب سامي (تكوين 7: 10 و1: 29 و1 أخبار 9: 1 و23) . والصلة بين حويلة وحضرموت وأماكن اخرى تشير إلى موقع في وسط البلاد العربية أو جنوبها.))[/COLOR]


[URL="http://www.st-takla.org/Full-Free-Coptic-B...06_H/H_245.html"]http://www.st-takla.org/Full-Free-Coptic-B...06_H/H_245.html[/URL]



د- أن بولس نفسه صرح بأن سيناء حسب الجغرافيا القديمة هى جزى من جزيرة العرب أصلاً!!
نعم و إليك النص
((.[COLOR="green"]وَلَفْظَةُ هَاجَرَ تُطْلَقُ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ، فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ، وَتُمَثِّلُ أُورُشَلِيمَ الْحَالِيَّةَ، [/COLOR])) غلاطية 4: 25

لا أملك بعد هذا كله إلا أن اقول اللهم لك الحمد كله

هـ-زد على هذا ان العرب لديهم كل ما يتعلق بجدهم إسماعيل
* البئر الذى تفجر تحت قدميه هو بئر زمزم الذى يشرب من ماءه الطاهر إلى يوم الله هذا
* و الأرض التى سكنها كما هو معروف هى جزيرة العرب
* و البيت الذى بناه مع أبيه إيراهيم يحجه البشر إلى أن يرفع الله القرأن
* حتى المقام الذى يحما أثار أقدام إبرايم عليه السلام لا يزال محفوظاص أية و أعحوبة و من رب العالمين



4) أننا بمطالعة نبوءة نبى الله حبقوق نستخلص عدة حقائق منها:-
-فقوله ([COLOR="green"]الله جاء من تيمان[/COLOR]): فإن تميان كلمة عبرانية تعنى ([COLOR="green"]الجنوب[/COLOR]) فهذا هو معناها الحرفى الصريح و هو أول ما أورد فى قاموس الكتاب المقدس فقال [[COLOR="green"]اسم عبري معناه ((اليميني او الجنوبي[/COLOR]))]


[URL="http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books...03_T/T_114.html"]http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books...03_T/T_114.html[/URL]



و النصارى يزعمون أنها فقط تمتد فى ادوم؟ علماً ان الكلمة تعنى الجنوب عموماً !!

حسناً لن نجادلهم إلا بالتى هى أحسن فأين تمتد ادوم يا ترى؟

يقول معجم الطرق القديمة (إنشنت تراد روتس) تحت عنوان إمبراطوريات(إمبيرز):
{[COLOR="green"]إدوم بدأت من النهاية الجنوبية للبحر الميت إلى مساحات من الصحراء العربية إلى الشرق ، ومن هذا الخط امتدت إدوم لتشمل كل الأراضى جنوب البحر الأحمر والأراضي على طول الساحل الشرقي للبحر الأحمر..والجزء الجنوبي من إدوم كان عبارة عن أرض صحراوية ممتدة واشتملت إدوم على جزء من طريق البخور يمتد جنوبا إلى شيبا والتي تمثل منطقة اليمن حاليا[/COLOR]}

و الكتاب المقدس يؤكد هذا بقوله فى حزقيال 25: 13 (( [COLOR="green"]لذلك هكذا قال السيد الرب وامد يدي على ادوم واقطع منها الانسان والحيوان واصيرها خرابا من التيمن والى ددان يسقطون بالسيف[/COLOR]))

و يؤكد نص اخر فى حزقيال أن تيمن هى أرض الجنوب عموماً بقوله (( 4[COLOR="green"]6 يا ابن آدم اجعل وجهك نحو التيمن وتكلم نحو الجنوب وتنبأ على وعر الحقل في الجنوب[/COLOR])) حزقيال 20: 46

و يحسم المسيح هذا الأمر فيؤكد أن تيمن تمتد الى اليمن التى كانت فيها ملكة سبأ بقوله ((42[COLOR="green"] ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه.لانها اتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان.وهوذا اعظم من سليمان ههنا.[/COLOR])) متى 12: 42

و فى الترجمة المشتركة (([COLOR="green"]ومَلِكَةُ الجَنوبِ سَتَقومُ يومَ الحِسابِ معَ هذا الجِيلِ وتحكُمُ علَيهِ، لأنَّها جاءَتْ مِنْ أقاصي الأرضِ لتسمَعَ حِكمَةَ سُليمانَ، وهُنا الآنَ أعظمُ مِنْ سُليمانَ[/COLOR].))

و بهذا نعرف أن تيمان هذه هى أرض الجنوب من جنوب فلسطين إلى اليمن و هذه هى جزيرة العرب التى لم يخرج منها رسول إلا محمد صلى الله عليه و سلم

و جاء فى مادة تيمن قول قاموس الكتاب المقدس :
[الصحراء الجنوبية]


[URL="http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books...03_T/T_116.html"]http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books...03_T/T_116.html[/URL]



و جاء أيضاًُ فى الموسوعة الكتابية 3/154
[COLOR="green"]((تيمن:ومعناها " الجنوب " وهي اليمن حاليا.))[/COLOR]

و معروف أن جنوب فلسطين حيث كان ملك بنى إسرائيل إنما هى الجزيرة العربية ، فمن هو نبى أرض الجنوب؟


5) بل إننا نطالب المتشدقين المحاولين قسر منطفة فاران و تيمان على برية فى جانب صحراء سيناء أن يتفضلوا و يخبرونا هل خرج من هذا المكان نبي أصلا ؟!!
الجواب الصاعقة: لا
لقد انشغل النصارى بانكار نبوة رسول الله الظاهرة كالشمس فى رابعة النهار فوقعوا فى إشكال أخر

حتى قال بعضهم ان قولهم الرب اشرق من سيناء و تراءى من سعير و نلألأ من جبال فاران ليس إلا اخبار عن خطوات فتح فلسطين!!!

-فنقول إن كا الأمر كذلك فما تفسيركم لنص حبقوق يا اهل الزور؟ ([COLOR="green"]الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران[/COLOR]).

فهذا نص جاء بعد بعد فتح فلسطين فما المقصود به يا ترى ؟
ثم أن النص تكلم عن الله و عن القدوس فمن هذا القدوس؟
إن كان كما يقول النصارى بأنه هو نفسه الله لما استقامت العبارة!!
و لبيان ذلك فلنضع إذن لفظ الجلالة مكان كلمة القدوس..إن الجملة ستصير هكذا:
([COLOR="green"]الله جاء من تيمان والله من جبل فاران[/COLOR])!!!!
هل يعقل هذا فى لغة من اللغات؟

هذا مع ملاحظة أمرين:

أ- أن الكتاب المقدس يحفل بإستخدام ألفاظ تخص الله عز وجل وفى نفس الوقت يوصف بها أنبياؤه:
([COLOR="green"]الرب كالجبار يخرج كرجل حروب[/COLOR])أشعياء42 : 13

([COLOR="green"]فقال الرب لموسى انظر أنا جعلتك إلها لفرعون وهرون أخوك يكون نبيك[/COLOR])سفر الخروج 7 :1

و كلمة قدوس بالتحديد أطلقت على العباد فى أكثر من مناسبة منها:
([COLOR="green"]وحسدوا موسى في المحلة وهرون قدوس الرب[/COLOR])المزامير106: 16

(([COLOR="green"]وَيَكُونُ أَنَّ الَّذِي يَبْقَى فِي صِهْيَوْنَ وَالَّذِي يُتْرَكُ فِي أُورُشَلِيمَ يُسَمَّى قُدُّوساً. كُلُّ مَنْ كُتِبَ لِلْحَيَاةِ فِي أُورُشَلِيمَ[/COLOR])) اشعياء 4: 3

(( [COLOR="green"]كما هو مكتوب في ناموس الرب ان كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوسا للرب[/COLOR])) لوقا 2: 23

ب – أن كلمة قدوس المترجمة من اللغة العبرية هى نفسها ([COLOR="green"]كلمة قادوش[/COLOR]) التى تترجم قديس
فقديس و قدوس نفس الكلمة فى العبرانية ، و لا قاعدة لتغيير الترجمة ههنا و كلاهما يطلق على الرب و العبد
و رغم اننا سبق و بينا أن كلمة قدوس أطلقت على أنبياء الله أيضاً ، و لكن أحببنا أن نزيد الأمر وضوحاً بذكر معانى هذه الكلمة كما وردت فى القاموس العبرى
Hebrew Dictionary
6918. qadowsh (kaw-doshe'
or qadosh {kaw-doshe'}; from qadash; sacred (ceremonially or morally); (as noun) God (by eminence), an angel, a saint, a sanctuary

holy (One), saint.

[URL="http://hebrew.scripturetext.com/habakkuk/3-3.htm"]http://hebrew.scripturetext.com/habakkuk/3-3.htm[/URL]



- فقوله (([COLOR="green"]والقدوس من جبل فاران[/COLOR])) تشير إلى خروج رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم من مكة بإذن الله بشيراً و نذيراً بوحى الله المنزل إذ جاءت معطوفة على الله و العطف يفيد المغايرة

6) - كذلك بتكملة بقية النص يتضح الأمر جداً ففى قوله (([COLOR="green"]جلاله غطى السماوات، والأرض امتلأت من تسبيحه[/COLOR]))
هذه إشارة لطيفة إلى الأذان الذى يرفع فى أرجاء العالم فى كل لحظة يكبر الله و يوحده و يعظمه و لا توجد هذه الشعيرة الربانية إلا عند المسلمين لا عند أمة النواقيس ولا عند أمة الأبواق!!
فإذا أقيمت الصلاة قام المسلمون خاشعين مسجبين فى ركوع و سجود لرب العالمين

7) ثم يتكلم عن فهر الرب لأعداءه و معاقبة الأمم على كفرها بتعبيرات عدة كقوله:
(([COLOR="green"]قدامه ذهب الوبا وعند رجليه خرجت الحمى.وقف وقاس الأرض نظر فرجف الأمم ودكت الجبال الدهرية وخسفت آكام القدم مسالك الأزل له[/COLOR]))

* و الإشارة إلى خيل الحرب (([COLOR="green"]هل على الأنهار غضبك أو على البحر سخطك ، حتى أنك ركبت خيلك ، مركباتك مركبات الخلاص[/COLOR]))
* و قهر الرب لاعداءه بالسهام و الرماح بقوله (([COLOR="green"]عريت قوسك تعرية ، سباعيات سهام كلمتك ، شققت الأرض أنهارا ،أبصرتك ففزعت الجبال ، سيل المياه طما ، أعطت اللجة صوتها ، رفعت يديها إلى العلاء الشمس والقمر وقفا في بروجهما ، لنور سهامك الطائرة ، للمعان برق مجدك[/COLOR][ للمعان برق رماحك في الترجمة الكاثوليكية] ))
* و أن هذه يصيب الأمم الظالمة فى الأرض (([COLOR="green"]بغضب خطرت في الأرض ، بسخط دست الأمم[/COLOR]))

فمن فعل ذلك إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم الذى بعث بالجهاد و جعل الذلة و الصغار على من عصى أمره و جعل رزقه تحت رمحه و نصره الله على أعداءه و أبادت دعوته ممالك المشركين و الفرس و الروم؟!!

* و النص يؤكد أن أول من يصيبهم ذلك هم مشركى العرب بقوله صراحة ((.وقف وقاس الأرض نظر فرجف الأمم ودكت الجبال الدهرية وخسفت آكام القدم مسالك الأزل له. رأيت خيام كوشان تحت بلية))
و كوشان هى قبائل العرب الساكنة بالجزيرة و إليك رابط قاموس الكتاب المقدس


[URL="http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books...22_K/K_123.html"]http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books...22_K/K_123.html[/URL]


و هكذا نكون قد كشفنا الحقيقة لكل ذى سمع ليعرف من هو نبى أرض الجنوب القديس الذى يأتى من جبال فاران حيث تربى إسماعيل و معه شريعة و يقهر اعداءه و يخضع قبائل كوشان العربية و ينطلق إلى غيرها من الأمم ، فمن كان له أذان للسمع فليسمع!



[COLOR="Red"][SIZE="6"]البشارة الثالثة :[/SIZE][/COLOR]

(بكة) فى الكتاب المقدس
وردت البشارة فى مزمور 84: 6 و نصها:
((2[COLOR="Green"] تشتاق بل تتوق نفسي الى ديار الرب.قلبي ولحمي يهتفان بالاله الحي. 3 العصفور ايضا وجد بيتا والسنونة عشّا لنفسها حيث تضع افراخها مذابحك يا رب الجنود ملكي والهي. 4 طوبى للساكنين في بيتك ابدا يسبحونك.سلاه 5 طوبى لاناس عزهم بك.طرق بيتك في قلوبهم.7عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعا.ايضا ببركات يغطون مورة 7 يذهبون من قوة الى قوة.يرون قدام الله في صهيون 8. يا رب اله الجنود اسمع صلاتي واصغ يا اله يعقوب.سلاه.[/COLOR] ))

و هذا من أهر النصوص فى مكة المكرمة و بيان ذلك على النحو الأتى:
1) فى الفقرة الأولى يقول (([COLOR="green"]تشتاق بل تتوق نفسي الى ديار الرب.قلبي ولحمي يهتفان بالاله الحي[/COLOR]))
و هذا لا يمكن أن يراد به هيكل أورشليم لسببين:
أ- أن بنى إسرائيل كانو أصلاً فى أورشليم فكيف تشتاق نفسه إليها؟
ب- أن الذى بنى الهيكل هو أساساً سليمان ابن داود فلم يكن هناك هيكل فى زمن المزامير حتى تتوق نفس المرنم إليه و تحن!!
كما جاء فى ترجمة كتاب الحياة [COLOR="green"]((تَتُوقُ بَلْ تَحِنُّ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ. قَلْبِي وَجِسْمِي يُرَنِّمَانِ بِفَرَحٍ لِلإِلَهِ الْحَيِّ[/COLOR]))
- و الحق أن المراد هو بيت الله العتيف بمكة الذى هو أو بيت وضع للناس

2) تقول الفقرة التالية (([COLOR="green"]العصفور أيضا وجد بيتا والسنونة عشّا لنفسها حيث تضع افراخها مذابحك يا رب الجنود ملكي والهي[/COLOR]))
فهذا النص يؤكد ان بيت الله المقصود هو حرم أمن لا يقلع زرعه ولا يذبح طيره ، حتى يجد الحمام و الطير ملاذاً امناً يبنى عشه بسلام
- و هذا يراه كل إنسان فى مكة المكرمة إذ يسير المسلم فى قلب الحرم و الطير يرفرف فرق رأسه، و الحمام الجميل فى كل مكان يسير و يطير بلا خوف فى أجمل مشهد بين الناس ولا يجرؤ أحد أن يمسه.

- و من جهة أخرى يؤكد النص أن عند بيت الله يوجد المذبح و هذا أيضاً ينطبق على مكة المكرمة التى يساق الهدى إليها من الحجيج و المعتمرين و قال عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم (([COLOR="green"]وكل فجاج مكة منحر[/COLOR]))

3) ثم تقول الفقرة التالية (([COLOR="green"]طوبى للساكنين في بيتك ابدا يسبحونك.سلاه[/COLOR]))
فأين هو البيت الذى لا يتوقف تسبيح الله فيه و العبادة فى أى ساعة من ليل أو نهار ؟
إنه بيت الله الحرام فلا يخلو من تسبيح و تلبية و تكبير و تهليل و ركوع و سجود أبداً مصداقاً لقوله تعالى (([COLOR="green"]وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ[/COLOR]))

و قوله تعالى (([COLOR="green"]وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ[/COLOR]))
و مكة كلها حرم يأتى الناس من كل أقطار العالم ليعمروا بيت الله و يسكنها مسلمون من كل أنحاء المعمورة

4) ثم تقول الفقرة التالية (([COLOR="green"]طوبى لاناس عزهم بك.طرق بيتك في قلوبهم [/COLOR]))

- و هذا مصداق قوله تعالى (([COLOR="green"]وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ[/COLOR]))

- و كذلك فإن هذا النص يقصد الحج كما هو واضح بل و جاءت لفظة الحج صريحة فى بعض الترجمات الإنجليزية
Blessed are those whose strength is in you, who have set their hearts on pilgrimage

فكلمة (pilgrimage) تعنى (الحــــــــج )


5) ثم تقول الفقرة التالية ((7عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعا.ايضا ببركات يغطون مورة))
و هنا نلاحظ كلمة وادى البكاء فإنها فى كل الترجمة الإنجليزية هكذا
As they go through the valley of Baca they make it a place of springs;the early rain also covers it with pools

فالنص الانجليزى ذكر عبارة (وادى بكه) صراحة كما نرى و هو إسم من أسماء مكة كما قال تعالى حاكياً على لسان إبراهيم (([COLOR="green"]رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ[/COLOR]))

و صرح سبحانه أن بكة من أسماء مكة بقوله جل و علا(([COLOR="green"]إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ[/COLOR]))


إعتراضات النصارى:
إعترض النصارى على هذه الحقيقة بأمور
الأول: قولهم أن المقصود هنا ببكه بالعبرية فهو بمعنى وادٍ جاف قاحل به الكثير من أشجار البلسان
الثانى: قالو أن مورة المذكورة فى النص تقع بالقرب من شكيم و جبل عيبال و جزيم
الثالث: قالوا لقد ذكر النص فى العدد التالى أن هؤلاء الذاهبون يرون قدام الله فى صهيون، فالمقصود إذاً بيت المقدس و ليس مكة

و جواب ذلك من وجوه:
أولا: ان كلمة (مورة) التى يتشدق بها قساوسة الظلام فلا يوجد أي ترجمة غير ترجمة فاندايك التي توهمت أن مورة هنا اسم علم، وحتى هذه الترجمة عندما أصدروها بالشواهد ذكروا أن النص يمكن أن يقرأ بحسب قواعد اللغة العبرية كما يلي : " أيضا ببركات يكسبه المطر المبكر " فالنص العبري ينطق هكذا: gam berachothyaateh moreh ، حيث إن كلمة مورة في اللغة العبرية تعني المطر، أو رامي السهم، أو المعلم والتعاليم،
و النص فى الترجمة الكاثوليكية هكذا : (( فيجعلونه ينابيع ماء لأن المشترع يغمرهم ببركاته ))
ملحوظة: نتبه ههنا إلى لفظة ((لمشترع)) و هذه اشارة إلى صاحب الشريعة محمد صلى الله عليه و سلم إذ لم يأت أحد بعد موسى بشريعة سواه بأى هو و أمى!

و الترجمة العربية المشتركة فهكذا : (( فيجعلون عيون ماء بل بركا يغمرها المطر ))

و فى كتاب الحياة هكذا : (( ويغمرهم المطر الخريفي بالبركات ))

و تحسم دائرة المعارف الكتابية هذا الامر بقولها في حرف الميم - مادة مورة:
[يذكر أن تل مورة لم يذكر بالاسم إلا في سفر القضاة 1:7 ولم يذكر بالاسم مرة أخرى في الكتاب المقدس بأكمله]

ثانياً: أن كلمة بكة فى الترجمات الإنجليزية بدأت بالحرف الكبير (Baca) و هذا يؤكد أن الكلمة إسم علم و لهذا وردت هكذا فى كل الترجمات لأن أسماء الأعلام لا تترجم ، إلا الترجمة العربية التى عمدت إلى استخراج معنى للكلمة و من ثم ترجمته إليه!!

ثالثاً: أن النص يتكلم عن وادى فيه ينبوع ( [COLOR="green"]وادى البكاء يصيرونه ينبوعاً[/COLOR]) و هذا هو المعروف فى مكة حيث بئر زمزم المبارك و سقاية الحجيج
و لا يستطيع النصارى ان يدلونا الأن عن ذلك الوادى ولا ذلك الينبوع إن أنكروا مكة

رابعاًً: أننا و إن تنزلنا مع قول القساوسة بأن المقصود هو وادى قفر تنبت فيه شجر البلسان فإن ذلك ينطبق حرفياً على مكة المكرمة و لنقرأ ماذا يقول قاموس الكتاب المقدس:

{ [COLOR="green"]ربما يقصد به شجر البلسم أو ما يشبهه. ففي بلاد العرب، قرب مكة شجر بهذا الاسم. يشبه شجر البلسم أو البلسان، وله عصارة بيضاء لاسعة. وقد سمى شجر البُكا، نسبة لأن تلك الأشجار تنضج بالصموغ، أو نسبة لقطرات الندى التي تقع عليه.
تنتشر تلك الأشجار في وادي الرفائين (2 صم 5: 22-24 و 1 أخبار 14: 14 و 15). أما وادي البكاء المذكور في مز 84: 6 فربما يكون بقعة جغرافية. ولكن يرجح انه مجرد فكرة تحمل معنى عميقاً، فإن أولئك الذين لهم اختبار طيب مع الرب، بنعمته تتحول المآسي في حياتهم إلى افراح[/COLOR]}



[URL="http://www.st-takla.org/Full-Free-Coptic-B..._SH/SH_054.html"]http://www.st-takla.org/Full-Free-Coptic-B..._SH/SH_054.html[/URL]



التعقيب:
أ‌-صدر القاموس تعريفة لشجر البكا بأنه شجر البلسم و أن ذلك منتشر فى بلاد العرب بل بالتحديد قرب مكة المكرمة!!
ب‌-صرح بأن الوادى المذكور فى المزمور [COLOR="green"](ربما[/COLOR]) يكون بقعة جعرافية – لأنهم جاهلون بمكان هذا الوادى أو يتجاهلون- ثم انتقل إلى ترجيح كونه مجرد فكرة روحية !!!!
و بهذا يتبين للناس بوضوح كيف ضل القوم عن فهم الحق

-و أما قوله أن تلك أشجار تنبت أيضاً فى وادى الرفائيين فلا حجة به لنفى الأمر عن مكة لأسباب:

1) أن القاموس نفسه يؤكد أن الوادى المذكور فى المزمور غير معروف فحتى و إن نبتت تلك الأشجار فى وادى الرفائيين فهو ينفى ان يكون ذلك هو الوادى المذكور فى المزمور اذ لا علاقة له بالحج ولا يعرف بالينبوع المذكور ولا بالبكاء بعكس مكة المكرمة التى يتملأ الوادى المقدس حيث الكعبة المشرفة ببكاء التائبين و تسبيح المنيبين و يوجد بها ماء زمزم و يحجها البشر

2) أن نبت البلسم فى وادى الروفائيين لا ينفى انه ينبت فى مكة المكرمة بل أنها اشهر من ينبت فيه أصلاً فلا حجة للرد هنا!

3) أن الإستشهاد بوجود ذلك النبات فى المكان المذكور ليس من الحقائق العلمية فى شىء بل هو مجرد استناد على نص أو اثنين فى كتاب محرف لا سند له يعج بالاخطاء الجغرافية و العلمية
و هذا ما أكدته الحقائق العلمية و التى اعترفت بها الموسوعة الكتابية نفسها فنقرأ فى ( الموسوعة الكتابية-حرف الباء- مادة بلسان)
: [ أما البلسان الحقيقي الذي ذكره المؤلفون القدماء فهو " بلسم مكة " الذي مازالت مصر تستورده من شبه الجزيرة العربية كما كان، وهذا الشجر حاول الكثير من العلماء البحث عنه في فلسطين فلم يجدوا له أي أثر، وهذا ما ذكرته دائرة المعارف الكتابية أيضاً فتقول : " وشجرة البلسان لا تنمو الآن في فلسطين، وقد بحث عنها دكتور بوست وغيره من علماء النبات في الغور وفي جلماد، ولم يعثروا لها على أثر، كما لم يعثروا عليها فيما حول أريحا التي يذكر بليني أنها كانت موطن الشجرة، ويقول استرابو إنها كانت تنمو حول بحر الجليل، وكذلك حول أريحا، ولكنهما وغيرهما من الكتاب القدماء اختلفوا في وصف الشجرة، مما يدل على أنهم كانوا ينقلون عن مصادر غير موثوق بها]

و الله إنى لا أدرى ماذا أقول بعد كل هذه الحقائق !

[COLOR="Red"]خامساًً:[/COLOR] و أخيراً ، فإن قوله أن المقصود هو القدس بدليل قوله ([COLOR="green"]يذهبون من قوة الى قوة.يرون قدام الله في صهيون[/COLOR])

فتوجيهه من وجوه:
(الوجه الأول)
أننا و إن سلمنا مع النصارى بأن المقصود بصهيون هو ذلك الجبل المزعوم فى القدس الشريف ، فهذا لا يتعارض مع ما قلناه أبداً لأنه لا يشترط منه ان يكون وادى بكة هو نفسه محل صهيون بل تكون هذه بشارة بفتح القدس على يد المسلمين
و لنقرأ النص و نرى هذا المعنى فى قوله (([COLOR="Green"]طوبى لاناس عزهم بك.طرق بيتك في قلوبهم 6 عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعا.ايضا ببركات يغطون مورة 7 يذهبون من قوة الى قوة.يرون قدام الله في صهيون 8. يا رب اله الجنود اسمع صلاتي واصغ يا اله يعقوب.سلاه.))[/COLOR]

فنلاحظ أن النص بدأ بالدعاء للحجيج الذين يسلكون طريق بيت الله تعالى عابرين فى وادى (بكة)
ثم يتكلم فى الفقرة التالية أن هؤلاء الذين يفعلون هذا الفعل (ينتقلون من قوة إلى قوة) و القوة هى البأس فهم ينتقلون من فتح إلى فتح بإذن الله بعدما أقامو أركان دينه و عرفو سبيله، حتى يفتح الله عليهم بيت المقدس
و هذا ما حدث مع صحابة رسول الله الذين انتقلوا من فتح إلى فتح بسرعة و تمكين لا مثيل له فى تاريخ البشر و فتح الله عليهم بيت المقدس و تسلم أمير المؤمنين البكاء الصوام و القوام الفاروق عمر إبن الخطاب مفاتيحها و بنى المسجد الأقصى بفضل الله تعالى
و لهذا يدعو الله فى الفقرة التالية مباشرة بوصفه كرب للجنود لأنه فقال ((8. [COLOR="green"]يا رب اله الجنود اسمع صلاتي واصغ يا اله يعقوب.سلاه. 9 يا مجننا انظر يا الله والتفت الى وجه مسيحك. 10 لان يوما واحدا في ديارك خير من الف.اخترت الوقوف على العتبة في بيت الهي على السكن في خيام الاشرار، 11 لان الرب الله شمس ومجن.الرب يعطي رحمة ومجدا.لا يمنع خيرا عن السالكين بالكمال 12 يا رب الجنود طوبى للانسان المتكل عليك.))[/COLOR]

و لنلاحظ قوله ((لان يوما واحدا في ديارك خير من الف))
و هذا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه و سلم (([COLOR="green"]صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد ; إلا المسجد الحرام [/COLOR])) متفق عليه

(الوجه الثانى)
أنه ليس من المستغرب ولا بالجديد أن تقوم أيدى اليهود الأثمة بتحريف النصوص و اقحام سموم احقادهم فيها ، و قد رأينا أمثلة فضحناها فى بحث البشارات و سنرى أمثلة اخرى بإذن الله
و حتى ذلك المزمور نفسه يحمل شاهداً صريحاً على ذلك و هذا فى العدد الخامس إذ يقول (([COLOR="green"]طوبى لاناس عزهم بك.طرق بيتك في قلوبهم،[/COLOR])) فهذا النص وجد فى بعض المخطوطات زيادة كلمة ([COLOR="green"]صهيون[/COLOR])
و لكن حذفوها لما كانت تحريف مفضوح و إقحام مكشوف

- و مثال أخر فو قوله ([COLOR="green"]ينتقلون من قوة إلى قوة[/COLOR]) فهو موجود فى النسخة الكاثوليكية هكذا ([COLOR="green"]يَنطَلِقُونَ مِنْ جبَلٍ إلى جبَلٍ[/COLOR]) ولا شك ان هذا نسك لا وجود له فى أروشليم بل هو من أهش رمناسك الحج و العمرة السعى و التردد سبعة أشواط بين جبلين هما جبل الصفا و جبل المروة
و لكن لأنها لم تصح و لم توجد فى النص العبرى الساكن للنص الماسوريى اضطرت ترجمات الكاثوليك إلى حذفها و كذلك الفنديك الأن
فاقحام كلمة صهيون و افتضاح التحريف من قبل لا يمتنع معه ان تكون قد أقحمت مرة اخرى لاسيما و قد ثبت وقوع التحريف فى هذا الكتاب بالزيادة و النقصان فى مئات المواضع و باعتراف كافة الباحثين و الدارسين له!

- بل و رأينا فى ترجمات نفس العدد كيف ذكر لفظ الحج(pilgrimage) صراحة و لكن المترجمون العرب حاولو إخفاءه و إن دل النص على الحج عموما

(الوجه الثالث)
أن كلمة صهيون تعنى أساساً (الحصن)
و هذا إشارة إلى قدسية بيت الله و مركزيته، و هذا بلاشك ينطبق على مكة أكثر مما ينطبق على القدس التى نالت منها الحروب و دنست كثيراًو ضاعات كثيراً على مدار التاريخ

فإن اسم اورشليم و صهيون يطلق بأكثر من معنى لا على مكان محدد ، ف يطلق على المكان المقدس الذى به سبيل الله كما أنه أطلق على بلاد العرب أيضاً

و دليل ذلك من داخل نصوص الكتاب المقدس نفسه:
أ- أن العهد الجديد عبر عن صهيون و أورشليم بأنها مملكة الله حتى و إن كانت سماوية لا المدينة المعروفة فحسب فقال كاتبي عبرانيي 12: 22 ((22 [COLOR="green"]بل قد أتيتم الى جبل صهيون والى مدينة الله الحي اورشليم السماوية والى ربوات هم محفل ملائكة[/COLOR]))

و قال كاتب الرؤيا 14: 1 ((1.[COLOR="green"] ثم نظرت واذا خروف واقف على جبل صهيون ومعه مئة واربعة واربعون الفا لهم اسم ابيه مكتوبا على جباههم.))[/COLOR]

ب‌-أن بولس فى رسالته إلى غلاطية لما أرد أن يسلخ الناس من اتباع حكم الله و شريعته، أخذ فى تبكتيهم فقال (([COLOR="green"]قُولُوا لِي، يَامَنْ تَرْغَبُونَ فِي الرُّجُوعِ إِلَى الْعُبُودِيَّةِ لِلشَّرِيعَةِ، أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ مَا جَاءَ فِي الشَّرِيعَةِ؟ فَإِنَّهُ قَدْ كُتِبَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ لَهُ ابْنَانِ: أَحَدُهُمَا مِنَ الْجَارِيَةِ، وَالآخَرُ مِنَ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَهذِهِ الْحَقِيقَةُ لَهَا مَعْنًى رَمْزِيٌّ. فَهَاتَانِ الْمَرْأَتَانِ تَرْمُزَانِ إِلَى عَهْدَيْنِ: الأَوَّلُ مَصْدَرُهُ جَبَلُ سِينَاءَ، يَجْعَلُ الْمَوْلُودِينَ تَحْتَهُ فِي حَالِ الْعُبُودِيَّةِ، وَرَمْزُهُ هَاجَرُ..وَلَفظةُ هَاجَرَ تُطْلَقُ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ، فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ، وَتُمَثِّلُ أُورُشَلِيمَ الْحَالِيَّةَ، فَإِنَّهَا مَعَ بَنِيهَا فِي الْعُبُودِيَّةِ. َمَّا الثَّانِي، فَرَمْزُهُ الْحُرَّةُ الَّتِي تُمَثِّلُ أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةَ الَّتِي هِيَ أُمُّنَا.[/COLOR])) غلاطية 4: 20

- الله أكبر، فى هذا النص الخطير أراد بولس أن يفهم أتباعه أن حريتهم بالتخلص من العبودية و التبعية للناموس الذى هو حكم الله تعالى ، و ضرب مثال على ذلك بهاجر الأمة و سارة الحرة- و قد كان يعانى من عنصرية و مشاكل نفسية كما يبدو- فاعترف بولس أن الذين يبقون تحت العبودية و يسكنون اورشليم هم العرب أبناء هاجر، مغرياً اتباعه ان يتحررو من هذه العبودية و يتركو أورشليم الأرضية هذه من اجل أورشليم السماوية!!

- ولا شك أن العبودية التى ذمها بولس نفتخر بها و نتبجح إذ هى عبودية لله و احتكام لناموسه الذى قال عنه بولس أن من يتعه لا يخلص!!!

- و من جهة اخرى نستخلص الشاهد من هذا النص و هو ان أورشليم التى تحكم بالشريعة تقع فى بلاد أبناء هاجر عليها السلام

و لنزد الشعر بيتاً ان مكة أشير إليها بأورشليم فى 52: 1-2
((1. [COLOR="green"]استيقظي استيقظي البسي عزك يا صهيون البسي ثياب جمالك يا اورشليم المدينة المقدسة لانه لا يعود يدخلك فيما بعد اغلف ولا نجس. 2 انتفضي من التراب قومي اجلسي يا اورشليم انحلي من ربط عنقك ايها المسبية ابنة صهيون[/COLOR].))

فإن كان المراد هنا بيت المقدس فهل وقع ذلك فيه أبداً؟
الجواب لا: فبيت المقدس كان دوماً مرتعاً لأخلاط الناس المختتن منهم و الغير مختتن و فرخ فيها الكثيرون من المارقين عن الحق سمومهم و دخلها أصحاب الحق و الباطل و المبتدعة و الوثنيين على حد سواء

بينما مكة المكرمة يصدق فيها هذا الوصف تماماً

• فإن ثياب البهاء الذى تحلت به مكة هو تطهير بيت الله للطائفين و العاكفين و الركع السجود و لم تعد استار الكعبة محتجبة خلف الاصنام المنصوبة بعد ان هدمها رسول الله صلى الله عليه و سلم
•و مكة هى التى لا يدخلها الا المختونين إذ لا يدخلها إلا مسلم موحد بالله تعالى بعكس أورشليم كما وضحنا

عارف الشمري 2011-04-02 06:24 PM

[SIZE="6"][COLOR="Red"]خاتم النبوة :[/COLOR][/SIZE]

وردت النبوءة فى سفر إشعياء 9: 6
(( [COLOR="Green"]لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن الى الابد.غيرة رب الجنود تصنع هذا)[/COLOR])

شرح النبوءة:
[COLOR="Blue"]أولا:[/COLOR] بدأ النص بقوله (([COLOR="Green"]لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا[/COLOR])) فالحديث عن رسول بشر يولد كما يولد الناس ، و هذا ما تعيه العقول السوية ، و نحن نؤمن ببشرية رسولنا و كذلك ببشرية المسيح، و لكن الشاهد أن لا مجال لدعوى أن الكلام هنا عن يسوع الإله المزعوم و ذلك حتى لا يتشدق النصارى بجهالاتهم التى إعتدناها!

[COLOR="Blue"]ثانياً:[/COLOR] تقول الفقرة التالية (([COLOR="Green"]وتكون الرياسة على كتفه)) [/COLOR]
- فصرح بأن الرياسة تكون على كتف هذه المولود ، و هذا هوخاتم النبوة الذى كان على كتف رسول الله صلى الله عليه و سلم
و فى حديث عبد الله بن سرجس لما اكل مع نبى الله صلى الله عليه و سلم قال: (( [COLOR="green"]ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند نغض كتفه اليسرى جمعاً ، عليه خيلان كامقال التأثيل[/COLOR])) روام مسلم
- و لم يذكر شىء من ذلك عن المسيح عليه السلام

[COLOR="blue"]ثالثاً:[/COLOR] ثم تقول الفقرة التالية (([COLOR="green"]ويدعى اسمه عجيبا مشيرا[/COLOR]))
و كلمة ([COLOR="green"]عجيباً[/COLOR])فى الأصل العبرى (pala' ) و تعنى = الرائع او الجدير بالاعجاب

و فى الترجمة الانجليزية هكذا
and his name shall be called Wonderful Counsellor

و فى الترجمة الفرنسية
On l'appellera Admirable, Conseiller

و فى الترجمة اللاتينية الشهيرة ([COLOR="green"]الفولجاتا[/COLOR])
nomen eius Admirabilis consiliarius

[URL="http://scripturetext.com/isaiah/9-6.htm"]http://scripturetext.com/isaiah/9-6.htm[/URL]


فالكلمة الاصلية (admirable ) اى الرائع أو الجدير بالإعجاب و الثناء ، و هذا هو بالضبط اسم رسول الله إذ إسمه محمد و هو المستحق للحمد و الثناء الكثير

-و للإستئناس نذكر ما ورد فى إنجيل برنابا المكتشف فى مكتبة الفاتيكان فى القرن الثامن عشر ، فقد ورد فى الفصل97:
(( [COLOR="green"]إسم المسيا ، عجيب ،لأن الرب نفسه أعطاه هذا الإسم لما خلق روحه و جعله فى المجد السماوى, الرب قال: إنتظر يا محمد.... محمد هو الإسم المبارك[/COLOR]))

و الترجمة الإنجليزية
6. "Jesus answered: "The name of the Messiah is admirable, for God himself gave him the name when he had created his soul, and placed it in a celestial splendour. God said: "Wait Muhammad….." Muhammad is his blessed name."

[URL="http://membres.lycos.fr/barnaba/"]http://membres.lycos.fr/barnaba/[/URL]

[COLOR="blue"]رابعاً[/COLOR]: ثم قال أنه يدعى (( [COLOR="green"]إلهاً قدراً أباً أبدياً[/COLOR]))
- فننبه أولاً ان كلمة إله هنا لا يقصد بها الإله المعبود ، و قد تبين أن الكلام عن مولود من بنى البشر يولد للناس ،
و إنما المقصود هو نبى قوى مؤيد من الله تعالى بالمعجزات و الإنتصارات

و قد أطلق لفظ إله على الأنبياء فى الكتاب المقدس فى غير ما موضع:
كما أطلق على موسى ((1. [COLOR="green"]فقال الرب لموسى انظر.انا جعلتك الها لفرعون وهرون اخوك يكون نبيك[/COLOR]))خروج 7: 1

و أطلق على صموئيل أيضاً حين أراد شاول تحضير روحه!!
((13 [COLOR="green"]فقال لها الملك لا تخافي.فماذا رأيت.فقالت المرأة لشاول رأيت آلهة يصعدون من الارض. 14 فقال لها ما هي صورته.فقالت رجل شيخ صاعد وهو مغطي بجبّة.فعلم شاول انه صموئيل فخرّ على وجهه الى الارض وسجد[/COLOR].)) 1 صموئيل 28: 13

- و كذلك قوله ( [COLOR="green"]أباً أبدياًً[/COLOR]) يفيد أنه يكون قائداً للمؤمنين فى الدنيا و الأخرة و أن رسالته هى الرسالة الخاتمة المهيمنة التى لا تنسخ ولا تتبدل حتى يرث الله الأرض و من عليها

هو حال رسول الله صلى الله عليه و سلم الذى قال عنه ربه تبارك و تعالى (([COLOR="green"]َأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ[/COLOR]))

و قال صلى الله عليه و سلم : ([COLOR="green"](إنما أنا لكم مثل الوالد يعلمكم[/COLOR])) أخرجه النَّسائي وابن ماجة وابن خُزَيمة فى صحيحه والبيهقي

و قال عليه السلام (([COLOR="green"]أنا سيد ولد آدم و لا فخر، آدم فمن دونه من الأنبياء تحت لوائي[/COLOR])) صحيح أخرجه أبو يعلى في و ابن حبان وابن أبي عاصم في «السنة» والطبراني و غيرهم

و قال عليه السلام فى بيان رياسته و عجائب أسمائه: (([COLOR="green"]أنا محمد و أحمد و أنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر و أنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي و أنا العاقب...الحديث)) [/COLOR]-رواه البخاري و مسلم

و قال صلى الله عليه و سلم (( [COLOR="green"]و إنه لا نبى بعدى[/COLOR])) رواه مسلم

- و لا شك أن شيئاً من ذلك لا ينطبق على المسيح عليه السلام
•فلم يحدث ان قال المسيح انه اخر النبيين أو أن رسالته خاتمة – بل بشر بالأتى من بعده ليخبرهم بكل شىء كما سيأتى إن شاء الله
•و لم يقل و لو مرة واحدة أنا إله كما يزعم النصارى بل قال صراحة ((40 [COLOR="green"]ولكنكم الآن تطلبون ان تقتلوني وانا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله.هذا لم يعمله ابراهيم[/COLOR].)) يو 8: 40
- و قال فى إثبات الألوهية الحق لله تعالى وحده ((3 [COLOR="green"]وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته[/COLOR].)) يوحنا 17: 3
•و لم يكن للمسيح القدرة بل كفره قومه و طاردوه و خذله تلاميذه، بل و على حسب إعتقاد النصارى جُلد و صُلب و أُهين أشد ما مهانة!!
- و قال المسيح بصريح العبارة أنه لا يقدر أن يفعل من نفسه شيئا (([COLOR="green"]30 انا لا اقدر ان افعل من نفسي شيئا.كما اسمع ادين ودينونتي عادلة لاني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي ارسلني[/COLOR])) يوحنا 5: 30
• و لم يصف المسيح نفسه بأنه لتلاميذه أب لا بمعنى رسول ولا حتى من الناحية اللاهوتية و ذلك حتى لا يتشدق جهلاء النصارى بترهات و اوهام مفضوحة
إذ يؤمن النصارى المثلثين بتمايز الاقانيم و يسوع ليس اقنوم الأب و انما اقنوم الابن بزعمهم
و اما الأب فهو الله الحق وحده الذى قال عنه المسيح (([COLOR="green"]والآب نفسه الذي ارسلني يشهد لي.لم تسمعوا صوته قط ولا ابصرتم هيئته[/COLOR])) يو7: 35
و قال صراحة : (([COLOR="green"]ولا تدعوا لكم ابا على الارض لان اباكم واحد الذي في السموات[/COLOR].)) متى 23: 9
و قال : ([COLOR="green"](اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم[/COLOR].)) يوحنا 20: 17
و قال عنه بولس: (([COLOR="green"]لانه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الانسان يسوع المسيح[/COLOR])) 1 تيموثاوس 2: 5

[COLOR="blue"]خامساً:[/COLOR] ثم يصف ذلك المنتظر بأنه (([COLOR="green"]رئيس السلام[/COLOR] ))
و هنا يزعم النصارى ان ذلك هو المسيح الذى جاء بالسلام بزعمهم و تعاليم المحبة و من ضرب على خدك الايمن ادر له الايسر إلى غير ذلك من الخزعبلات

و الحق أن هذا لا يمكن ان يكون إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم، و بيان ذلك من وجوه:
[COLOR="blue"]أ-[/COLOR] أن دين النبى محمد صلى الله عليه و سلم إسمه الإسلام و هو مشتق من السلام،
و الكلمة العبرية المذكورة ههنا (شالوم) يمكن ترجمتها سلام و يمكن ترجمتها إسلام لأن الإسلام مشتق من السلام متوافقاً معه فى اللفظ و المعنى

و لذلك لما أمر الله تعالى المؤمنين أن يسلمو لربهم بالكلية قال عز و جل (( [COLOR="green"]يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً[/COLOR]))
فدل أن الإسلام هو السلم

و قال النبى صلى الله عليه و سلم فى تعريف الإسلام لما سؤال عنه (([COLOR="green"]تسلم قلبك لله وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك[/COLOR])) صحيح رواه أحمد

و قال النبى صلى الله عليه و سلم فى دعوة غير المسلمين كما فى رسالته إلى هرقل : (([COLOR="green"]أسلم تسلم [/COLOR])) رواه البخارى

و كان صلى الله عليه و سلم يقول (( [COLOR="green"]اللهم أنت السلام و منك السلام[/COLOR])) رواه مسلم و احمد و الترمذى و غيرهم

و هكذا يتبين للعيان أن الدين الوحيد الذى يعنى اسمه السلام و مشتق لفظاً و معنى من السلام و إسم الرب فيه السلام و تحيته السلام و تحية المؤمنين فيه يوم يلقون ربهم سلام هو دين المسلمين

و هذا مصداق قوله تعالى (([COLOR="green"] و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين[/COLOR])) و قوله صلى الله عليه و سلم (( [COLOR="green"]إنما انا رحمة مهداة[/COLOR])) و قوله (( [COLOR="green"]بعثت بالحنيفية السمحة))[/COLOR]

[COLOR="blue"]ب-[/COLOR] و اما اعتراضهم بأن رسول الله بعث بالجهاد ، فهو إعتراض فاسد لأن الجهاد هو فى حد ذاته رحمة و وسيلة لأحلال السلام الحق ، و لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، لذا قال تعالى (([COLOR="green"]وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ[/COLOR]))

- فالحق لابد له من قوة تحميه ، و اقتضى الله بحكمته وجود الخير و الشر و سن سنة التدافع بينهما و لولاها لهلك العالم ولما انصلح ، قال عز و جل (([COLOR="green"]َلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ[/COLOR]))

و قال سبحانه (([COLOR="green"]وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ[/COLOR]))

بل إن الإسلام جاء بأعظم الخلق فى الحرب كما فى السلم فقال نبى السلام و الرحمة لقادته (( [COLOR="green"]سِيُروا بِاسْمِ اللهِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ. قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ. وَلاَ تَمْثُلُوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تَغُلُّوا، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيداً [/COLOR])) . [ رواه مسلم و ابن ماجه ]
و سيكون لنا مزيد تفصيل فى هذا الأمر حين الحديث عن طبيعة الرسالة المحمدية بإذن الله تعالى

[COLOR="blue"]جـ[/COLOR]- و أما دعواهم أن ذلك الأمر يتعلق بالمسيح ، فإنى لا أعرف أى سلام هذا الذى يزعمون ان المسيح جاء به ليكون سلاماً أبدياً لا ينتهى كما ورد فى النص؟!
- هل هو إسم و عنوان دينه؟ الجواب لا المسيح لم يقل أن ان ديانته إسمها السلام أو الإسلام بحسب الكتاب المقدس
- هل المقصود هى التعاليم أو الواقع ؟ الجواب أيضاً لا ، إذ لا يتصور سلام للبشرية فى ظل تعاليم تقول ( [COLOR="green"]لا تقاموا الشر[/COLOR]) فتالله ما أسعد الشيطان و اتباعه بمثل هذا التعليم؟
* ثم أن المسيح أكد بلسانه أنه ما جاء ليحل السلام و قال (([COLOR="green"]لا تظنوا اني جئت لألقي سلاما على الارض.ما جئت لألقي سلاما بل سيفا[/COLOR])). متى10: 34
فهاهو يسوع الذى يؤلهه النصارى ينفى أن يكون جاء ليرسى السلام – و هو قادر على ذلك إن أراد- بل أكد أنه ما جاء إلا ليلقى السيف على الأرض و يفرق الأسر و يلقى البغضاء فى القلوب، حتى جعل شرط قبول اى انسان كتلميذ أن يكون مبغضاً لأهله و نفسه و ولده!!
((26[COLOR="green"] ان كان احد يأتي اليّ ولا يبغض اباه وامه وامرأته واولاده واخوته واخواته حتى نفسه ايضا فلا يقدر ان يكون لي تلميذا[/COLOR].)) لوقا14: 26

و قال فى موضع أخر (([COLOR="green"]اما اعدائي اولئك الذين لم يريدوا ان املك عليهم فأتوا بهم الى هنا واذبحوهم قدامي[/COLOR])) لوقا 19: 27
فيالها من محبة للأعداء !!
و أوحى إلى يوحنا أن يحب أعداءه و يباركهم بأن يطردهم من بيته ولا يرد عليهم السلام!!
((10[COLOR="green"]. ان كان احد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام. 11 لان من يسلم عليه يشترك في اعماله الشريرة[/COLOR])) 2يوحنا 1: 10

- و أما من جهة الواقع فلم يزد العالم بعد المسيح إلا شقاقاً و سفكاً للدماء ، و هو نفسه تنبأ بزلازل و حروب و اضطهادات و عذابات ، بل إن الأمم المسيحية بالذات لها تاريخ لا مثيل له بين الأمم فى ابادة الشعوب و اجراء المجازر ، و التنافس فى صناعة أسلحة يصفونها هم أنفسهم بأنها للدمار الشامل ، دون أى وازع من ضمير أو خلق يضبط حروبهم
فأين ذلك من تعاليم رسول الله صلى الله عليه و سلم المؤمنين؟!

و على هذا يتبين أن سنة الله الكونية و تدافع الخير و الشر و واقع البشر و التاريخ لا يستقيم مع دعوى ان السلام حل على الأرض بمجىء المسيح
و إنما الصحيح المقصود بالسلام [COLOR="green"](شالوم[/COLOR]) هو الإسلام الذى جاء بالرحمة و الملحمة كلاهما ليسلم الناس فى الدنيا و الأخرة و يأمنون
و رئيس السلام تعنى نبى الإسلام ، و هو محمد صلى الله عليه و سلم

[COLOR="blue"]سادساً:[/COLOR] ثم تقول الفقرة التالية (([COLOR="green"]على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن الى الابد.غيرة رب الجنود تصنع هذا[/COLOR]))

و هذا نص عظيم يؤكد ان المقصود هو نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ، و بيان ذلك من وجوه:

[COLOR="blue"]أ‌-[/COLOR] أن المسيح عليه السلام لم يملك على كرسى داود بل كان ضعيفاً مطارداص و انتهى به الحال إلى القتل بزعم النصارى

[COLOR="blue"]ب‌-[/COLOR] أن المسيح نفسه حسب الإنجيل قال (([COLOR="green"]مملكتى ليست من هذا العالم[/COLOR])) يوحنا 18: 36

[COLOR="blue"]جـ[/COLOR]- أن المسيح عليه السلام لا يملك أن يكون ملكاً على كرسى داود ، لسبب بسيط و هو ان المسيح حفيد يهوياقيم ، و يهوياقيم هذا مات كافراً و عاقبه الله أن لا يملك أحد منه نسله على كرسى داود (( [COLOR="green"]لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا.لا يكون له جالس على كرسي داود وتكون جثته مطروحة للحر نهارا وللبرد ليلا.)) [/COLOR]ارميا 36: 30

و لكن العجيب أن كتبه الإنجيل لما وجدو هذا القرار الربانى سيشكل على تحريف النبوءات على يسوع حذفوا اسم يهوياقيم من نسب يسوع !!

فقال متى فى نسب يسوع (([COLOR="green"]ويوشيا ولد يكنيا واخوته عند سبي بابل[/COLOR].)) متى 1: 11

فى حين يوشيا جد يكنيا و ليس الده المباشر و إنما والده يهوياقيم الذى لا يكون من نسله جالس على كرسى داود!!

(([COLOR="green"]وارد الى هذا الموضع يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا وكل سبي يهوذا الذين ذهبوا الى بابل يقول الرب لاني اكسر نير ملك بابل)[/COLOR]) ارميا 28: 4

(([COLOR="green"]في ابتداء ملك يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا [/COLOR]...)).ارميا 26: 1
و بهذا يتبين لما تم التحريف بالحذف ، و يتبين ان النبوءة لا تنطبق على المسيح

[COLOR="blue"]د-[/COLOR] و أخيراً فإن النص يؤكد ان هذا السلطان الأبدى الذى يعطيه الله لذلك النبى الموعود إنما يكون بنصر الله له على عدوه لذلك أشار إلى الجهاد بقوله (([COLOR="green"]غيرة رب الجنود تصنع هذا[/COLOR]))
و هذا مصداق قوله (([COLOR="green"]فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ))[/COLOR]


[SIZE="6"][COLOR="Red"]راكب الجمل :[/COLOR][/SIZE]


: "وردت النبوءة فى سفر إشعياء و نصها:
(([COLOR="green"]قال لي السيد: اذهب أقم الحارس، ليخبر بما يرى، فرأى ركاباً أزواج فرسان، ركاب حمير، ركاب جمال، فأصغى إصغاء شديداً، ثم صرخ كأسد: أيها السيد أنا قائم على المرصد دائماً في النهار، وأنا واقف على المحرس كل الليالي، وهوذا ركاب من الرجال، أزواج من الفرسان. فأجاب وقال: سقطت، سقطت بابل، وجميع تماثيل آلهتها المنحوتة كسرها إلى الأرض. يا دياستي وبني بيدري، ما سمعته من رب الجنود إله إسرائيل أخبرتكم به[/COLOR])) اشعياء 21: 6

فهذه النبوءة تتكلم عن شخصين :-
[COLOR="Blue"]- الأول:[/COLOR] راكب حمار ، و هو المسيح عليه السلام الذى اشتهر بذلك و دخل أورشليم على ظهر أتان مصداقاً لنبوءة زكريا
(([COLOR="green"]14 ووجد يسوع جحشا فجلس عليه كما هو مكتوب 15 لا تخافي يا ابنة صهيون.هوذا ملكك يأتي جالسا على جحش اتان.[/COLOR] )) يوحنا 12: 15

- أما الأخر: فهو راكب جمل ، و ذلك هو نبينا محمد صلى الله عليه و سلم
و هذا يذكرنا بقول النجاسى لما بلغته دعوة رسول الله (([COLOR="green"]أشهد بالله إنه لَلنَّبيُّ الذي ينتظره أهل الكتاب، وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل[/COLOR])) السيرة الحلبية 3/279

-و الحقيقة أن صيغة الجمع فى كلمة ([COLOR="green"]ركاب[/COLOR]) - و رغم أنها لا تقدح نهائياً فى معناها إذ يستعمل الجمع فى العبرية كما فى العربية للتعظيم و ليس فقط للتكثير - إلا أنها و رغم ذلك تظل ترجمة غير دقيقة و غير أمينة

لذلك كانت فى الترجمات القديمة بصيغة المفرد بل و إلى يومنا هذا تأتى بالإفراد فى بعض الترجمات كما فى ترجمة (YLT ) :-
And he hath seen a chariot -- a couple of horsemen, The rider of an ass, the rider of a camel, And he hath given attention -- He hath increased attention

- و أخيراً تتكلم النبوءة عن تحطيم أصنام بابل، و هو دليل زوال ملك فارس الوثنية و تمزيق عرش كسرى على يد أبناء محمد صلى الله عليه و سلم ، و قد كان و لم يكن ذلك إلا لمحمد صلى الله عليه و سلم الذى حطم الأصنام و نشر التوحيد و وضعت الجاهلية تحت قدميه و فتح الله على أبناءه الصحابة كنوز بابل و فارس عموما!

عارف الشمري 2011-04-02 06:38 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]بشارة يوحنا (يحيى) برسول الله صلى الله عليه و سلم [/SIZE][/COLOR]:


وردت البشارة فى إنجيل متى 3: 11و نصها:
((11 [COLOR="red"]انا اعمدكم بماء للتوبة.ولكن الذي يأتي بعدي هو اقوى مني الذي لست اهلا ان احمل حذاءه.هو سيعمدكم بالروح القدس ونار. 12 الذي رفشه في يده وسينقي بيدره ويجمع قمحه الى المخزن.واما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ[/COLOR]))

و فى مرقس 1: 6-8
((7 [COLOR="Green"]وكان يكرز قائلا يأتي بعدي من هو اقوى مني الذي لست اهلا ان انحني واحل سيور حذائه. 8 انا عمدتكم بالماء واما هو فسيعمدكم بالروح القدس[/COLOR]))
فههنا يبشر يحيى عليه السلام بنبى يأتى من بعده و يصرح بأنه أفضل منه

إعتراض النصارى
قال النصارى أن المقصود بهذا النص هو يسوع بدليل:-
[COLOR="Blue"]أ-[/COLOR] أن يوحنا صرح بعد ذلك بأن المقصود هو يسوع بقوله (([COLOR="green"]يوحنا شهد له ونادى قائلا هذا هو الذي قلت عنه إن الذي يأتي بعدي صار قدامي لانه كان قبلي[/COLOR].)) يوحنا 1: 15،
كذلك يو1: 29،
(( [COLOR="green"]وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم.30 هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي لانه كان قبلي.)) [/COLOR](يوحنا1: 29)
[COLOR="Blue"]ب[/COLOR]- ثم أنه أخبر بأن ذلك الذى يأتى بعده كان قبله و محمد (صلى الله عليه و سلم ) لم يكن قبله!

و الجواب: إن تلك البشارة لا يمكن ان تنطبق على المسيح عليه السلام لأسباب:-
[COLOR="Navy"][SIZE="6"]أولا: [/SIZE][/COLOR]
أخبر يوحنا أنه يعمد بالماء و هى طريقة التعميد المعروفة عند اهل الكتاب ، أما الأتى فهو يعمدهم بالروح القدس و النار
فهذا لا ينطبق على المسيح و أتباعه الذين كانو ولا يزالون يعمدون بالماء.

كما نقرأ فى أعمال 8: 36 كيف عمد فيلبس الرجل الخصى (( [COLOR="Green"]وفيما هما سائران في الطريق اقبلا على ماء. فقال الخصي هوذا ماء ماذا يمنع ان اعتمد. فقال فيلبس ان كنت تؤمن من كل قلبك يجوز.فاجاب وقال انا اؤمن ان يسوع المسيح هو ابن الله. فامر ان تقف المركبة فنزلا كلاهما الى الماء فيلبس والخصي فعمده[/COLOR].))

و كان التلاميذ الأوائل يعمدون باسم يسوع( أعمال 8: 16، 19: 5، غلاطية 3: 27)
فلا تعميد هنا بالروح القدس و لا استغناء عن الماء !!

و نصارى العالم إلى يومنا لا يقولون بأن المعمودية و دخول النصرانية و الخلاص يتم بمجرد الإيمان مثلاً و إنما لابد من التعميد بالماء و الترشيم البدعى المعروف!!

- و الحق أن الذى يعمد بالروح القدس هو رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فينسخ شعائر المعمودية بالماء و يعمد النفوس و يزكى القلوب بالوحى الذى يوحيه الله إليه مصدقاً لقوله تعالى (([COLOR="green"]ُهوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ[/COLOR]))

و قوله جل و علا ((قُ[COLOR="green"]لْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ[/COLOR]))

و قوله سبحانه (([COLOR="green"]هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ[/COLOR]))

و قوله عز و جل (([COLOR="green"]رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ[/COLOR]))

و قوله جل ثناؤه (([COLOR="green"]نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ *عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ[/COLOR]))

و كما قال صلى الله عليه و سلم (([COLOR="green"]ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أتيت وحياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة[/COLOR])) . متفق عليه

ثانياً:
أن ذلك الأتى وصفه يوحنا أنه أقوى منه و بجانب كونه يعمد بالروح القدس فإنه يعمد بالروح القدس و النار (متى 3: 11)
فهذا جمع بين الوحى و الجهاد،
فالوحى هو رحمة الله المهداة للعالمين و الجهاد سبيله لفتح البلاد و تعبيد العباد لربهم و تزكية النفوس التى خبثت و إفاقتها من سباتها، و عقوبته الواقعة بالكافرين المعاندين و خزيه لهم و صغارهم على يد رسوله صلى الله عليه و سلم
فقال عليه السلام (( [COLOR="green"]أنا نبى الرحمة و انا نبى الملحمة[/COLOR]))

- و لذلك قال يوحنا فى تكلمة البشارة ((12 [COLOR="green"]الذي رفشه في يده وسينقي بيدره ويجمع قمحه الى المخزن.واما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ[/COLOR]))

فأكد أن الله ينصره و يجمع له شمله و يؤلف له قلوب المؤمنين و يؤيده بنصره و بالمؤمنين كما قال تعالى (([COLOR="green"]َإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ[/COLOR]))،

و يسحق أعداءه و المخالفين أمره، و هو ما كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم و لأصحابه الكرام عليهم رضوان الله مصداقاً لقوله عز و جل (([COLOR="green"]مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ[/COLOR]))

فلذلك خزي الكافرين فى الدنيا و لهم فى الأخرة عذاب النار الأبدى
(([COLOR="green"]ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ[/COLOR]))

- ولا شك أن شيئاً من ذلك لم يكن ليسوع و لم تكن له قوة و لم ينتصر على عدوه، و لم يجمع شمل أتباعه ، و لم يؤمن به إلا قليل و حتى هلاء النفر القليلون تركوه و هربوا وقت حاجته إليهم، و كفروا قيامته المزعومة و لم يؤمنو إلا برؤيته بل و ظل الشك بعد ذلك كله فى قلوبهم!! (مرقس 16: 11، متى 28: 17، لوقا 24: 11)

[SIZE="6"][COLOR="Navy"]ثالثاً:[/COLOR][/SIZE]
أكد يوحنا أن ذلك الشخص المقصود يأتى بعده، و المسيح لم يكن بعد يوحنا بل كان معاصراً له تماماً و كلاهما بدأ دعوته و مارسها فى نفس الزمن
(([COLOR="Green"]وبعد هذا جاء يسوع وتلاميذه الى ارض اليهودية ومكث معهم هناك وكان يعمد.23 وكان يوحنا ايضا يعمد في عين نون بقرب ساليم لانه كان هناك مياه كثيرة وكانوا يأتون ويعتمدون.24 لانه لم يكن يوحنا قد ألقي بعد في السجن[/COLOR])) (يوحنا 3: 22)

[COLOR="navy"][SIZE="6"]رابعاً:[/SIZE][/COLOR]
أن كاتب إنجيل متى أكد أن يوحنا و حتى الحظات الأخيرة من حياته كان لا يعرف حقيقة المسيح أهو المنتظر أم شخص أخر فأرسل تلاميذه يسألون المسيح
(([COLOR="green"] أما يوحنا فلما سمع في السجن باعمال المسيح ارسل اثنين من تلاميذه.3 وقال له انت هو الآتي ام ننتظر آخر؟[/COLOR].))(متى 11: 2-3)

- فكيف يؤكد أن المسيح هو المقصود و أنه الشخص الذى لا يستحق يوحنا أن يحمل حذاءه فى حين تؤكد النصوص جهله بذلك حتى دنى أجله؟
[SIZE="6"][COLOR="Navy"]
خامساً:[/COLOR][/SIZE]-
أن كاتب انجيل يوحنا انفرد بخرافة تعيين يوحنا المعمدان لشخص المسيح ابن مريم أنه المقصود ببشارته و لم يرد ذلك فى أى من الأناجيل الأخرى رغم اسبقيتها و أهمية إبراز ذلك الأمر!!
- و مسألة تلفيق البشارت و تركيبها عنوة على شخص المسيح من أظهر التحريفات الأثمة التى طالت الأناجيل

-و حسبنا أن نضرب المثال ههنا بذات النص الذى يعترض به النصارى و هو (يوحنا 1: 15)
فهذا النص على حسب وضعه الحالى يقول (([COLOR="Green"]يوحنا شهد له ونادى قائلا هذا هو الذي قلت عنه ان الذي يأتي بعدي صار قدامي لانه كان قبلي[/COLOR].))

و لكن نفس العدد فى أقدم المخطوطات جاء هكذا: (( هذا ([COLOR="green"]المسيح [/COLOR]) الذي قالـ([COLOR="green"]ها[/COLOR]) " [COLOR="green"]إِنَّ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي صَارَ قُدَّامِي لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي [/COLOR]"))
الله أكبر ، إن هذه القراءة قلبت المعنى بالكلية و أكدت ان الذى قال العبارة هو المسيح نفسه و ان يوحنا كان ينقل بشارة المسيح ، لا أن المسيح هو نفسه المبشر به فتنبه!

يقول الدكتور شريف حمدى:

{القراءه الحاليه تقول باليونانيه : اوتوس هين هون ايبون autos yn On eipon ) )أى "الذى قلت عنه"

لكن المخطوطات لها رأى اخر
هناك قراءه فى منتهى الخطوره تقول: اوتوس هين هو ايبون autos yn O eipon ) )والفارق بينهما حرف واحد هو n بعد الـ O حولتها مما يعرف بالاسم الموصول (الذى) الى اداة تعريف (الـ) فتغيرت الجمله تماما واصبحت
(هذا هو القائل) وأصبح المعنى:
(( [COLOR="green"]يُوحَنَّا شَهِدَ لَهُ وَنَادَى: هَذَا هُوالقائل:" إِنَّ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي صَارَ قُدَّامِي لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي[/COLOR]"))
اى ان يوحنا يقول أن قائل جملة " إِنَّ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي صَارَ قُدَّامِي لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي " هو المسيح شخصيا !
وهذا يجعل المسيح مبشرا برسول يأتى من بعده أعظم و نصت على هذه القراءة المخطوطات الأتية:

[COLOR="Blue"]1)[/COLOR] المخطوطه السينائيه (رقم واحد فى العالم فى تصنيف المخطوطات وهى اقدمها وتعود للقرن الرابع الميلادى وهى اهم المخطوطات على الاطلاق وترمز بحرف (ألف) العبرى لانها الاولى فى العالم من حيث الاهميه)

[COLOR="blue"]2[/COLOR])المخطوطه الفاتيكانيه (وهى المخطوطه التاليه للسينائيه من حيث الاهميه وتاريخها يعود للقرن الرابع الميلادى ايضا وترمز بالحرف B )

[COLOR="blue"]3[/COLOR]) المخطوطه الافرايميه (وهى التاليه للفاتيكانيه من حيث الاهميه وتاريخها يعود للقرن الخامس الميلادى وترمز بالحرف C )

[COLOR="blue"]4[/COLOR]) كتابات اوريجن (القرن الثالث الميلادى ) وهو من اشهر اباء الكنيسه على الاطلاق

[COLOR="blue"]5[/COLOR]) البرديات 66 ، 75 تحوى القراءه نفسها (وتعود للقرن الثالث الميلادى) وتمت اضافة حرف N صغير جدا (أصغر من الخط المستخدم فى كتابة البرديه دلالة على انه محشور بينهما ولم يكن موجودا فى النسخ الاول لها) بين حرفى الـ O والـ E فى كلمة Eipon

- وقد قام ويستكوت وهورت -وهما من اشهر علماء المخطوطات والكتاب المقدس- بوضع هذه القراءه فى نسختهما باعتبارها القراءه الاصليه لانها موجوده فى اهم وأقدم 3 مخطوطات يونانيه فى العالم بينما اشارا للقراءة القديمة بين اقواس لانها غير اصليه ومحرفه

ملحوظة: يمكن مطالعة قراءة وسكوت اند هارت(WH ) داخل هذا الرابط

[URL="http://www.bible-researcher.com/john1-8.html"] http://www.bible-researcher.com/john1-8.html[/URL]

1:15. Read "(This was he that said [it])" instead of "This was he of whom I spake". WHt




- و حدد تشايندروف الذين قاموا بالتحريفات واكد ان محاولة تحريف السينائيه كانت على يد الناسخ الذى يرمز له بالرمز( C2 ) و هو يعود للقرن السابع الميلادى (قرن الاسلام و انتشاره الواسع ) ونفس الشىء حدث فى الفاتيكانيه لكن القراءه القديمه بقيت ظاهره وواضحه رغم التحريف ويعود تاريخه(B2 ) إلى القرن السابع ايضا (مصادفه عجيبة) اما الافرايميه فيعود محرفها الى القرن التاسع الميلادى ( C3 )

- وكان يمكن القول ان المسأله مساله نسيان لكن اتفاق اقدم واهم 3 مخطوطات فى العالم على نفس القراءه تؤكد ان الامر يستحيل تصور فكرة اتفاق النسيان فيه ، اضافة الى ان التصحيح المشبوه تم فى القرن السابع عند ظهور الاسلام وانتشاره!


- وقد اثار هذا الوضع انتباه العلماء فيقول متزجر مثلا
The awkwardness of the reading as well as absence of previous mention of john testimony , prompted more than one copyist to make adjustments to the text

الترجمة: غرابة القراءة وغياب اى اشارة سابقه لشهادة يوحنا جعل القراءه ( هذا الذى قلت عنه) ضعيفه وغير مقبوله لانه لم يقل عنه هذا من قبل ، مما يقوى القراءه الاخرى (هذا هو القائل)) جعلت اكثر من ناسخ يحاول اضافة تعديلات على النص}

- و بهذا يتبين ان المسيح هو الذى بشر بنبى يأتى من بعده و قالها صراحة ( يأتى بعدى من هو أعظم منى)
مصداقاً لقوله تعالى حاكياً على لسان المسيح ((ومبشراً برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد))

[URL="http://www.watchtower.org/bible/joh/chapter_001.htm"]http://www.watchtower.org/bible/joh/chapter_001.htm[/URL]


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]سادساً:-[/SIZE][/COLOR]و أخيراً فإن إعتراضهم بقول يوحنا ( لأنه كان قبلى) فهذا لا إشكال فيه
- إذ أن يوحنا يتكلم عن الكينونة فى علم الله و تقديره لا فى الوجود فى الدنيا

و يوافق حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم كما فى السنن عن العرباض ابن سارية { [COLOR="Green"]إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته[/COLOR]}
و {[COLOR="green"] قيل : يا رسول الله متى كنت نبيا ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد [/COLOR]} رواه أحمد بسند صحيح

- و المسيح نفسه لم يخلق فى رحم مريم إلا بعد أن حبلت الياصابات بيوحنا كما هو معلوم!

يتبع إن شاء الله...

و الحمد لله رب العالمين

عارف الشمري 2011-04-02 06:56 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]بشارة يعقوب بالنبى الذى له (شيلون) :[/SIZE][/COLOR]


وردت النبوءة فى سفر (التكوين 49: 10) على لسان يعقوب عليه السلام إذ قال و هو على فراش الموت
(([COLOR="Green"]لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون، وله يكون خضوع شعوب[/COLOR]))

فهذه النبوءة فيها عدة فوائد
[COLOR="Navy"]أولاً:[/COLOR] أثبتت أن النبوة فى بنى إسرائيل إلى زمن معلوم و ليست أبدية

[COLOR="navy"]ثانياً[/COLOR]: أثبتت أن زوال النبوة من بنى إسرائيل فى حين مجىء (شيلون) الموعود

[COLOR="navy"]ثاثاً:[/COLOR] أن النص يتكلم عن ملك و شريعة
- فقال لا يزول ([COLOR="green"]قضيب[/COLOR]) و فى الترجمة الكاثوليكية([COLOR="Green"]صولجان[/COLOR]) و فى ترجمة الحياة ([COLOR="navy"]صولجان الملك[/COLOR])
- و قال أيضاً ( و[COLOR="green"] مشترع من بين رجليه[/COLOR]) و فى الترجمة الكاثوليكية ( [COLOR="green"]ولا عصا القيادة من بين قدميه[/COLOR]) و فى ترجمة الحياة ([COLOR="green"]ولا مشترع من صلبه[/COLOR]) حتى يأتى المذكور

[COLOR="Navy"]رابعاً:[/COLOR] أن ذلك الأتى ملقب بشيلون ، و هى كلمة لها معان فى العبرية أبرزها:

[COLOR="Blue"]أ [/COLOR]-أن تكون من كلمة سريانية مكونة من كلمتي "بشيتا" و "[COLOR="green"]لوه[/COLOR]"، ومعنى الأولى منهما: "هو" أو "الذي"، والثانية [COLOR="green"](لوه[/COLOR]) معناها " له " يعنى ( [COLOR="green"]الذى له خضوع الشعوب[/COLOR])
و هذا ما أخذت به الترجمة الكثوليكية العربية التى قالت
(([COLOR="Green"]لا يَزولُ الصَّولَجانُ مِن يَهوذا ولا عَصا القِيادةِ مِن بَينِ قَدَميه إِلى أَن يأتِيَ(صَاحِبُه) وتُطيعَه الشُّعوب[/COLOR]))
و فى الترجمة المشتركة
(([COLOR="green"]يَأْتِيَ شِيلُوهُ (وَمَعْنَاهُ: مَنْ لَهُ الأَمْرُ[/COLOR]) ))

فهو الحاكم الذى تخضع له الشعوب
و هذا للعلم هو معنى كلمة [COLOR="green"](شيالو[/COLOR]) العبرية إذ تعنى الأمير أو الحاكم أو صاحب الزعامة

فمن الحاكم أو الأمير الذى جاء بشريعة طاعته بها الشعوب؟!

[COLOR="Blue"]ب-[/COLOR] أن تكون الكلمة مشتقة من كلمة شله ([COLOR="DarkRed"]shalah [/COLOR]) و هى تعنى المسالم الهادى الموثوق
أو أن تعنى السلام
و هذا كله ينطبق على رسول الله صلى الله عليه و سلم الذى بعثه الله رحمة للعالمين جميعاً ليأمرهم بعبادة السلام ([COLOR="SeaGreen"]الله[/COLOR]) و يبشربهم بدار السلام (ا[COLOR="seagreen"]لجنة[/COLOR]) و دينه إسمه ([COLOR="green"]الإسلام[/COLOR]) المشتق حرفاً و معنى من السلام بل الاسلام هو السلم كما فى القرأن ([COLOR="green"]أدخلو فى السلم كافة[/COLOR])و هوالسلام كما فى الحديث الشريف ([COLOR="Green"]الاسلام أن يسلم قلبك لله و يسلم المسلمون من لسانك و يدك[/COLOR]) و قد بيننا ذلك أنفاً

جـ - كما ان نفس الفعل يأتى بمعنى المرسل أو الرسول من اسم مصدر شلوه ([COLOR="DarkRed"]shalu[/COLOR]h )
فيسكون معنى الكلمة حينها شلواح ([COLOR="darkred"]shiluah[/COLOR] ) و هى تعنى صراحة ([COLOR="darkred"]رسول الله[/COLOR])
كما يعبر بالكلمة مجازاً عن الزوجة المطلقة لأنها ترسل بعيداً،

- وتفسير الكلمة بالرسالة مال إليه القديس جيروم، فترجم العبارة " ذلك الذي أرسل ".
و إليك رابط الترجمة الانجليزية للنص فى الموسوعة الكاثوليكية

[URL="http://www.newadvent.org/bible/gen049.htm"]http://www.newadvent.org/bible/gen049.htm[/URL]



فالنص يقول صراحة ([COLOR="DarkOrchid"]till he come that is to be sentl [/COLOR]) ( حتى ياتى الرسول )

د -و قد صحح القس السابق عبدالأحد داود قراءة شيلوه إلى (شيالوه) و التى تعنى رسول الله
- و جاء فى موسوعة باكار ([COLOR="darkorchid"]BAKER Encyclopedia of the bible page 1953[/COLOR] )
ان بعض المفسرين قسمو الكلمة إلى جزئين ثم ترجموها إلى
( [COLOR="darkorchid"]until tribute comes to him [/COLOR]) أى ([COLOR="darkorchid"]تدفع له الجزية[/COLOR])
و هذا نجده فى نسخ مثل ([COLOR="darkorchid"]GNB,NEB,NAB [/COLOR])
و إليك نماذج للتراجم التى اعتمدت هذا المعنى:

[URL="http://bibletools.org/index.cfm/fuseaction...484/version/gnb"]http://bibletools.org/index.cfm/fuseaction...484/version/gnb[/URL]


[URL="http://www.hope.edu/bandstra/BIBLE/GEN/GEN49.HTM"]http://www.hope.edu/bandstra/BIBLE/GEN/GEN49.HTM[/URL]

[URL="http://www.nccbuscc.org/nab/bible/genesis/genesis49.htm"]http://www.nccbuscc.org/nab/bible/genesis/genesis49.htm[/URL]


[URL="http://www.gnpcb.org/esv/search/?q=Genesis+49"]http://www.gnpcb.org/esv/search/?q=Genesis+49[/URL]


-فمن هذا الذى جاءته الأمم بالجزية عن يد و هم صاغرون و خضعت لشريعته؟!

- يقول العميد جمال الدين شرقاوى
[ [COLOR="Cyan"]و من العجيب أن كلمة شيالوه العبرية التى تعادل الصيغة العربية رسول الله نجدها طبقاً لحساب الجمل المعروف بحساب أبى جاد عند اليهود ، نجد أن مجموع أرقام حروفها تساوى نفس مجموع أرقام الصيغ العربية رسول الله =362[/COLOR]]

شيّالوه ([COLOR="cyan"]ش ى ى ا ل و ه[/COLOR])
300+10+10+1+30+6+5+=362

رسول الله (ر[COLOR="cyan"] س و ل ا ل ل ه[/COLOR])
200+60+6+30+1+30++30+5=362

***************************************
إعتراض النصارى
كعادة النصارى زعمو بلا دليل أن هذه نبوءة عن المسيح عليه السلام ، بل بلغ الحال بالمفترى عبد المسيح بسيط أن زعم أن ذلك كان امراً شديد الوضوح لليهود و النصارى ، و تحجج بأن ظهور المسيح عاصر زوال ملك اليهود سنة 6-7 م

و جواب ذلك من وجوه:
[COLOR="Blue"]1)[/COLOR] أنه تعمد الكذب القبيح، إذ لم يقل أحد من كتبة الاناجيل و لا أباؤهم الأوائل ولا غيرهم بأن هذه النبوءة تنطبق على المسيح ابن مريم، و إنما كان أول ظهور لهذه الفرية سنة 1538
و أقحم فى الكتاب المقدس الألمانى "[COLOR="DarkRed"]Sebastian munster's german bible [/COLOR]"
و الذى رفضه السواد الأعظم من رجال الدين و الناقدين منهم أسقف وستمنستر نفسه !!!
فتلفيق النبوءات و سرقتها و تركيبها صارت هواية يتبارى النصارى على مرور الأجيال فيها!!

[COLOR="blue"]2[/COLOR])ان النصارى أنفسهم يعترفون أن هذه النبوءة من أكبر المعضلات و حاروا فى تفسيرها بل و اعترفوا صراحة بأن قراءة نص النبوءة من الأصل العبرى متعذر لفقدان قواعد القراءة القديمة و مفرداتها قبل المسيح بحوالى خمسة قرون كاملة ، و هى تختلف عن العبرية الماصورتية الجديدة التى انتهو من وضع قواعدها و تشكيلها فى القرن العاشر الميلادى !!

- لذلك اختلفوا فى تفسيرها فتارة يقولون أنها اسم مكان و تارة يقولون انها لقب شخص - و هو الصحيح- ثم اختلفوا عن معنى هذا اللقب، فتارة يقولون يعنى المسالم الواثق ، و تارة يقولون تعنى الذى له، و تارة يقولون تعنى الحاكم أو الأمير ، و تارة يقولون تعنى رسول ، و تارة يقولون تعنى الذى يقبض الجزية
حتى يقول قاموس الكتاب المقدس
{[COLOR="blue"]شيلوه المترجمة ( شيلون ) في تك 49: 10 [وقد حار العلماء في تفسير وفهم المقصود منها[/COLOR]}
[URL="http://popekirillos.net/ar/bible/dictionar...&name"]http://popekirillos.net/ar/bible/dictionar...&name[/URL] =شيلون

و جاء فى قاموس سميث للكتاب المقدس
( [COLOR="DarkRed"]the correct reading may have been lost[/COLOR])

و الكثير من الدراسات البايبلية تشير الى تلك الحقيقة
[URL="http://links.jstor.org/sici?sici=0021-9231...%3E2.0.CO%3B2-O"]http://links.jstor.org/sici?sici=0021-9231...%3E2.0.CO%3B2-O[/URL]


و قد أسلفنا بوضع روابط لترجمات مختلفة كل منها يعتمد معنى من هذه المعانى ، فكيف يزعم الكذاب الأشر بعد ذلك الإجماع القديم بأنها تنطبق على المسيح ؟!

- زد على ذلك أن سلطان اليهود لم يزل بمجىء المسيح ، بل لم يكن لهم ملك من قبل المسيح بعشران السنين و ظلوا يخرجون من شقاء الى شقاء و قد سبوا و حرق الهيكل و ضاعت التوراة وأخذوا جميعاً سبايا الى بابل ثم لما عادو اجتاحهم الاسكندر و خضعو لحكمه ثم اجتاحهم الرومان و خضعوا لحكم الرومان عشرات السنين و جاء المسيح و هم خاضعين للرومان، و ان كانو أعطو بعض الصلاحيات الا أنها لا تخرجهم عن التبعية لحكام القدس الحقيقيين الرومان

- فالمقصود هنا بزوال الملك أى ان ملكهم أصبح غير شرعى ولا قيمة له ولا أمل فى قيامه و هذا تحقق ببعثة الله رسوله محمد فأبطل كل ملك و ظهر ملكه على اليهود و و فتحت بيت المقدس و أسس المسجد الأقصى بدلاً من الهيكل و تحولت القبلة، كما تنبأ المسيح نفسه بوقوع ذلك مستبقلاً فى حين كان هو يصلى للهيكل و بتبعه تعاليم التوراة و يأمر بتطهيره و طاعة الفريسين فى أمور الاحكام!

[COLOR="Blue"]4[/COLOR]) أننا بيننا أن كل المعانى التى اقترحها العلماء النصارى إنما تنطبق على رسول الله صلى الله عليه و سلم
- فهو ([COLOR="DarkRed"]الرسول[/COLOR]) بينما يسوع فى اعتقاد النصارى هو الاله المرسل نفسه!
- او أنه ([COLOR="darkred"]الحاكم و الأمير[/COLOR]) بينما يسوع جاء محكوماً خاضعاً لحكم الرومان و رفض الملك
- أو أنه ( [COLOR="darkred"]يجىء بالسلام[/COLOR]) و وضحنا أن ذلك إشارة إلى دين الإسلام و ما فى ذلك من معانى
بينما لم يأت يسوع بذلك و لم يحل سلاماً بل زاد العالم شقاقاً و أتباعه إضطهاداً و اليهود تمزقاً
ناهيك أنه توعد بالويلات لاورشليم و اهلها، و اعلن انه ما جاء ليلقى سلاماً على الارض بل سيفاً و انشقاقاً!
- أو أنه ([COLOR="darkred"]الذى يقبض الجزية[/COLOR]) و هذا كان من رسول الله الذى اخضع يهود و نصارى و مجوس و اخذ من جميعهم الجزية صلى الله عليه و سلم، و لم يكن للمسيح طبعاً الذى أمر اتباعه بأداء الجزير للحاكم الرومانى الوثنى!!
- أو يكون المقصود ( [COLOR="darkred"]الذى له[/COLOR]) و هذا أيضاً يستقيم مع رسول الله صلى الله عليه و سلم

و يؤكده نبوءة حزقيال 21: 27
((25[COLOR="Green"] وانت ايها النجس الشرير رئيس اسرائيل الذي قد جاء يومه في زمان اثم النهاية، 26 هكذا قال السيد الرب.انزع العمامة.ارفع التاج.هذه لا تلك.ارفع الوضيع وضع الرفيع. 27 منقلبا منقلبا منقلبا اجعله.هذا ايضا لا يكون حتى يأتي الذي له الحكم فاعطيه اياه[/COLOR]))

فهذه النبوءة واضحة جداً أنها فى رسول الله لا فى المسيح و بيان ذلك:

[COLOR="Blue"]أ-[/COLOR] النبوءة تتوعد شعب اسرائيل بالنهاية أى نهاية ملكهم، بينما المسيح نفسه اسرائيلى فكيف يقولون أنه المقصود؟

[COLOR="blue"]ب[/COLOR]- النص يتكلم عن ملك دنيوى و عن نزع عمامة النبوة و الرياسة و رفع تاج الريادة، و المسيح لم ينزع ذلك من بنى اسرائيل بل كان منهم و هم كفروه حقه!

[COLOR="blue"]جـ[/COLOR]- النبوءة تتكلم عن رفع وضيع و وضع رفيع، و هذا حال الأمة الأمية الفقيرة التى ما كان فيها كتاب ولا نبوة ولا حضارة ولا زهو فأعزها الله و غير ببعثة رسوله فى الأميين و تزكيته إياهم على يديه وجه الأرض
فى حين المسيح لم يكن من الوضعاء ثم رفع لأنه من بنى إسرائيل و من سبط يهوذا ، بل يزعم النصارى أنه العلى الكبير نفسه تعالى الله عن إفكهم علواً كبيراً

[COLOR="blue"]د[/COLOR]- و يختتم النص بأن ذلك يجعله الرب بمجىء ([COLOR="DarkRed"]الذى له الحكم[/COLOR]) فالحاكم فى الدنيا و نور طريق الأخرة هو رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم، و المسيح لم يكن له حكم ولا ملك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[COLOR="Blue"]5)[/COLOR] بالعودة إلى فقرات نص التكوين ، نكرر أن المسيح من بنى إسرائيل كما بيننا مراراً فلا يستقيم التنبؤ بزوال قضيب من يهوذا بمجىء من هو ابن يهوذا !

[COLOR="blue"]6)[/COLOR] أن المسيح نفسه قال (([COLOR="Green"]لم أرسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة[/COLOR].)) متى 15: 24
فرسالته لبنى اسرائيل و لم يرفع قوم غيرهم أو يذهب الى أحد سواهم، و قال عنه الكتاب المقدس أنه جاء ليخلص شعبه ((21 [COLOR="green"]فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لانه يخلّص شعبه من خطاياهم[/COLOR].)) متى 1: 21

[COLOR="Blue"]7[/COLOR]) أن المسيح لم يأت حاكماًو لم يقم مملكة بل قال (([COLOR="Green"]مملكتي لسيت من هذا العالم[/COLOR].)) يوحنا 18: 36
بل هو نفسه هرب من الذين أرادو تنصيبه ملكاً (([COLOR="green"]لما علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده [/COLOR])(يوحنا 6/15).

[COLOR="Blue"]8)[/COLOR] أن المسيح لم يأت بشريعة جديدة بل جاء تابعاً لشريعة موسى و هو نفسه خضع لاحكامها و قال
((17. [COLOR="green"]لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء.ما جئت لانقض بل لاكمّل[/COLOR].)) متى 5: 17

و هكذا يعلم المنصف أن النبوءة ساطعة كشمس النهار لا يمارى عادل فى إنطباقها على رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم

يتبع إنشاء الله...

عارف الشمري 2011-04-02 07:11 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]رسول العهد، رحلة الإسراء، جبل عرفات فى الكتاب المقدس! [/SIZE][/COLOR]


نص النبوءة

(([COLOR="Green"]هانذا ارسل ملاكي فيهيء الطريق امامي ويأتي بغتة الى هيكله السيد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تسرّون به هوذا يأتي قال رب الجنود. 2 ومن يحتمل يوم مجيئه ومن يثبت عند ظهوره.لانه مثل نار الممحص ومثل اشنان القصّار. 3 فيجلس ممحصا ومنقيا للفضة فينقي بني لاوي ويصفيهم كالذهب والفضة ليكونوا مقربين للرب تقدمة بالبر. 4 فتكون تقدمة يهوذا واورشليم مرضية للرب كما في ايام القدم وكما في السنين القديمة[/COLOR].))

فهذه نبوءة صريحة برسول الله محمد صلى الله عليه و سلمو بيان ذلك على النحو الاتى:
[COLOR="Blue"]1)[/COLOR] النص يتكلم عن رسول يهىء الطريق و يبشر بالسيد الذى يأتى بعده،
و كلمة ([COLOR="green"]أرسل ملاكى[/COLOR]) تعنى أرسل رسولى و هى فى الترجمة الكاثوليكية و الترجمة العربية المشتركة ([COLOR="green"]هاءَنَذا مُرسِلٌ رَسولي [/COLOR])
و قد أكد المسيح أن هذا الرسول الذى يمهد هو يوحنا المعمدان بقوله عنه (( [COLOR="green"]فان هذا هو الذي كتب عنه ها انا ارسل امام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك[/COLOR].)) متى 11: 9

[COLOR="Blue"]2[/COLOR]) النص يتكلم عن انتظار [COLOR="Green"](سيد[/COLOR] ) و هذا سيد بشرى و ليس السيد الله سبحانه و لهذا فإن النص فى الترجمات الإنجليزية هكذا
[COLOR="Navy"]the Lord whom ye seek shall suddenly come to his temple even the messenger of the covenant whom ye delight in behold he shall come saith the LORD of hosts[/COLOR]
فلا حظ الفرق بين كلمى ([COLOR="navy"]lord [/COLOR]) باستعمال الحروف الصغيرة و كلمة ([COLOR="Navy"]LORD[/COLOR]) فى اخر الفقرة باستعمال الحروف الكبيرة و التى تشير إلى الله تعالى
و هذا ما ينطبق على سيد الأنام و إمام المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم الذى قال (([COLOR="Green"]أنا سيد ولد آدم ولا فخر[/COLOR]))

[COLOR="Blue"]3)[/COLOR] ثم بعد أن وصف ذلك الأتى بأنه سيد وصفه أيضاً بأنه ([COLOR="green"]ملاك العهد[/COLOR]) أى ([COLOR="green"]رسول العهد[/COLOR])
و هو ما جاء فى الترجمة العربية المشتركة هكذا ([COLOR="green"]ورسولُ العَهدِ الذي بهِ تُسَرُّونَ[/COLOR])
و رسول العهد هو محمد صلى الله عليه و سلم
(([COLOR="Green"]إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّا[/COLOR]هِدِينَ))

[COLOR="Blue"]4)[/COLOR] ثم يقول النص أنه يأتى ([COLOR="green"]فجأة[/COLOR]) إلى هيكله، و هذه إشارة لطيفة ظاهرة إلى رحلة الإسراء العظيمة
إذ أسرى برسول الله صلى الله عليه و سلم من مكة إلى بيت المقدس و صلى بالأنبياء فى المسجد الأقصى و أعرج به ثم عاد إلى مكة فى ذات الليلة، فكان مجيئة مفاجىء و فى غير زمن يعتبر
- و نلاحظ أن النبى صلى الله عليه و سلم صلى بالأنبياء إماماً و هذه إشارة إلى أنه إمام المرسلين و صاحب الهيكل الحق، لأن صاحب الدار يؤم ضيوفه

[COLOR="blue"]5[/COLOR]) ثم يتكلم النص أن بعثة هذا الرسول و أية رحلة الإسراء على وجه الخصوص ستكون فتنة لتمحيص الناس عامة و بنى إسرائيل خاصة ـ فيميز الخبيث من الطيب، و يعود الدين سليماً و يتقبل من المؤمنين قربانهم

و قد كان، قال تعالى (([COLOR="Green"]َو مَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً[/COLOR]))
و قد كفر كثير من أهل الكتاب برسول الله صلى الله عليه و سلم مع علمهم بأنه حق و إنتظارهم إياه و لكنه الحسد كما قال عز و جل (([COLOR="green"]وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ[/COLOR]))

و قوله تعالى (([COLOR="green"]وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً[/COLOR]))
و قوله سبحانه (([COLOR="green"]وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ[/COLOR]))
و قال جل ثناؤه (([COLOR="green"]وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً[/COLOR]))

و فى المقابل أمن كثير من أحبار و أفراد من أهل الكتاب فكان هؤلاء أهل التقوى
فقال جل و علا (([COLOR="green"]لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ[/COLOR]))
و قال سبحانه (([COLOR="green"]قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[/COLOR]))
و لهذا استحق عبد الله إبن سلام و النجاشى و القساوسة الذين أسلموا على يد رسول الله أن يبشروا بالجنة فى حينها ، لأنهم أمنوا فكان لهم أجران، و أوفى الله إليهم عهده بتقبل صالح أعمالهم و هو العهد الذى قال فيه
(([COLOR="green"]يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ[/COLOR]))

تحريف النصارى
و كالمعتاد لم يفتأ كتبة ما يسمى بالأناجيل يلوون أعناق النصوص و النبوءات ليركبوها على المسيح عليه السلام عنوة
فنقرأ فى متى 11: 10
((10[COLOR="green"] فان هذا هو الذي كتب عنه ها انا ارسل امام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك[/COLOR]. ))
و فى مرقس 1: 2
(([COLOR="green"]كما هو مكتوب في الانبياء.ها انا ارسل امام وجهك ملاكي الذي يهيّئ طريقك قدامك[/COLOR].))

و جواب ذلك من وجوه:
1) أن ذلك النص كما هو واضح لا يعلم كتبة الأناجيل ([COLOR="green"]المجهولون)[/COLOR] فى أى سفر ورد ، و قد جاء فى بعض النسخ إبهام إسم السفر كما فى الفانديك
و فى نسخ أخرى كتلك التى إعتمدت عليها الترجمة الكاثوليكية صرح بأنه ورد فى سفر إشعيا!!
((كُتِبَ في سِفرِ النَّبِيِّ أَشَعيا: (([COLOR="green"]هاءنذا أُرسِلُ رَسولي قُدَّامَكَ لِيُعِدَّ طَريقَكَ صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة: أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ وَاجعَلوا سُبُلَه قَويمة[/COLOR].))

و هذا خطأ فادح لأسباب:
[SIZE="5"][COLOR="Red"]أولا:[/COLOR][/SIZE] لأن الشق الأول لا وجود فى إشعياء و إنما فى ملاخى كما بيننا
وأما النص الوارد فى اشعياء فهكذا
(( [COLOR="green"]صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب.قوّموا في القفر سبيلا لالهنا[/COLOR].))
[COLOR="Blue"]أ‌-[/COLOR] فهذا النص ليس فيه ذكر إرسالى الرسول الذى يمهد الطريق

[COLOR="blue"]ب‌[/COLOR]- كما أن بالعودة إلى كلمة القفر المترجمة هنا نجدها فى الأصلى العبرى [COLOR="DarkRed"](عربه[/COLOR]) و فى العبرية القديمة تنطق [COLOR="darkred"](عرفه[/COLOR])، و هو مكان يزعم أهل الكتاب أنه يقع فى فلسطين، لكنه كالمعتاد كلام بلا دليل علمى تاريخى، بل إن النص يقول أن ذلك المكان يقام فيه لله و يأمر بتمهيده لعبادة الله و رفع الأصوات بتمجيده
(([COLOR="Green"]صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب.قوّموا في القفر سبيلا لالهنا، 4 كل وطاء يرتفع وكل جبل واكمة ينخفض ويصير المعوج مستقيما والعراقيب سهلا. 5 فيعلن مجد الرب ويراه كل بشر معا لان فم الرب تكلم[/COLOR]))
و هذا لا ينطبق إلا على جبل عرفه الذى يجتمع به الحجيج قائمين لله و لهذا تسمى ([COLOR="DarkRed"]الوقوف بعرفة[/COLOR])

- و من دلائل التحريف على سبيل المثال ما ورد فى تثنية 1: 1
((1. [COLOR="Green"]هذا هو الكلام الذي كلم به موسى جميع اسرائيل في عبر الاردن في البرية في العربة قبالة سوف بين فاران وتوفل ولابان وحضيروت وذي ذهب[/COLOR]))
و هذا محال أن يكون فى الأردن لأن موسى بالإجماع مات فى سيناء قبل دخول الأرض المقدسة

- ثم أن النص ذكر أسماء مواقع لا يعرف عنها أحد شيئاً فى المواقع التى يسقطونها فيها و يتخبطون فى سيناء ام الأردن ، و لكن الحق أن عرفه بالفعل عند فاران التى هى جبال مكة

[COLOR="Blue"]ثانياً:[/COLOR] أن كتبة الأناجيل لما نقلوا البشارة غيرو فى الضمير، و حذفوا عبارة ( [COLOR="Green"]رسول الميثاق[/COLOR]) فلا وجود لها فى نصى متى و مرقس لأنها لا تنطبق على يسوع كما نرى

[COLOR="blue"]ثالثاًَ:[/COLOR] أن المسيح لم يأت إلى بيت المقدس فجأة بل كان يزوره من ان لأخر و جاءه بعد ميلاده لإتمام النسك و كان يذهب كل عام إليه و دخله اورشليم على ظهر جحش و انتظره الكثير ممن يعرفونه ولا محل للحديث عن مجيئه بغته.

[COLOR="blue"]رابعاً[/COLOR]: أن المسيح حسب الإنجيل أكد ان الرسول الذى يمهد الطريق هو يوحما المعمدان- علماً أن المسيح كان رسولاً و يوحناً كان نبياً فقط- و هذا على كل حال يجعل البشارة لا تنطبق على يسوع لسببين:
[COLOR="blue"]أ‌-[/COLOR] أن يوحنا المعمدان كان معاصراً ليسوع و كلاهما كان يمارس الدعوة و يعمد ((22. [COLOR="green"]وبعد هذا جاء يسوع وتلاميذه الى ارض اليهودية ومكث معهم هناك وكان يعمد. وكان يوحنا ايضا يعمد...)) [/COLOR]يوحنا 3: 22

[COLOR="blue"]ب‌-[/COLOR] أن يوحنا – و على خلاف التحريف فى إنجيل يوحنا- لم يكن يعرف المسيح أصلاً و فى اللحظات الأخيرة من حياته أرسل تلاميذه يسألوه هل هو المنتظر أم ننتظر أخر؟!!
((19. [COLOR="green"]فدعا يوحنا اثنين من تلاميذه وارسل الى يسوع قائلا انت هو الآتي ام ننتظر آخر[/COLOR].)) لوقا 7: 20
ثم ما لبث أن مات فى السجن


المسّيا المنتظر هو محمد صلى الله عليه و سلم

قد يتعجب البعض من العنوان لأول وهلة لكن يزول الاشكال إذا علمنا أن المسيح هو لقب يطلقه بنو إسرائيل على أى نبى أو ملك منهم سواءً كان منهم او لا ، دلالة على أنه مصطفى من الله للنبوة أو للعلم أو للملك.
و قد لقب [COLOR="green"](كورش[/COLOR]) ملك فارس بلقب المسيح باعتباره ملكاً: ([COLOR="green"]1هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَماً[/COLOR]) إشعياء 45: 1

وكانت عقيدة اليهود فى المسيح الخاتم ، المختار من الله ، والمبارك من السماء ، منقذ إسرائيل ومخلصها من الإمبراطورية الرومانية ([COLOR="green"]الرابعة فى نبوءة دانيال[/COLOR]) أنه لا يمسه أحد بضر ولا يقربه أى شخص بأذى طبقاً لما أوصاهم به يهوه.

و لقب به شاول ([COLOR="green"]فَقَامَ دَاوُدُ وَقَطَعَ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ سِرّاً. 5وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ قَلْبَ دَاوُدَ ضَرَبَهُ عَلَى قَطْعِهِ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ, 6فَقَالَ لِرِجَالِهِ: «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هَذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي بِمَسِيحِ الرَّبِّ, فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ». 7فَوَبَّخَ دَاوُدُ رِجَالَهُ بِالْكَلاَمِ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَقُومُونَ عَلَى شَاوُلَ[/COLOR].) صموئيل الأول 24: 4-7

و لقب به داود ((4[COLOR="green"]2 ايها الرب الاله لا ترد وجه مسيحك.اذكر مراحم داود عبدك[/COLOR])) اخبار ايام الثانى 6: 42

و نحن لا نشك فى أن عيسى ابن مريم مسيح الله تعالى ، و لكن الخطأ هو الاعتقاد أن هناك مسيحاً واحداً منتظراً
و قد أثبتت مخطوطات قمران المكتشفة فى منتصف القرن العشرين فى البحر الميت أن هناك ثلاثة مسحاء منتظرين
نعم أحدهم يعرف بالمسيح الهارونى أو الروحى (و[COLOR="green"] هذا هو عيسى ابن مريم[/COLOR])
و الثانى يعرف بالمسيح الملكى أو الاسرائيلى من نسل داود و هذا هو المسيح الدجال الملك الذى ينتظره اليهود و لأن المسيح ابن مريم لم يات ملكاً فقد كفروه و كرهوه
و الثالث هو نبى أخر الزمان الذى مثل موسى([COLOR="DarkRed"]the end day prophet [/COLOR]) و هذا هو نبينا محمد صلى الله عليه و سلم
و هذا ما لم يجد النصارى سبيل لإنكاره و إن سعو لتأويله


[URL="http://byubroadcasting.org/deadsea/book/chapter5/sec8.html"]http://byubroadcasting.org/deadsea/book/chapter5/sec8.html[/URL]



و هو يسمى أيضاً إبن الله ، لأن هذا اللقب فى التوراة لا يعنى بنوة سلالة - حاشا لله- و إنما يعنى أنه نبى صالح مرسل من قبل الله تعالى
و قد جاء فيما يعرف بالرؤيا الأرامية فى مخطوطات وادى قمران
[COLOR="Navy"]4Q246 (Geza Vermes translation in english of in The Complete Dead Sea Scrolls),
When great fear settled upon him, he fell down before thr throne. Then he said to the king: 'Live, o king, forever! You are vexed, and changed is the complexion of your face; depressed is your gaze. But you shall rule over everything forever! And your deed will be great. Yet distress shall come upon the earth; there will be war among the peoples and great carnage in the provinces, which the bands of the king of Assyria will cause. And Egypt will be with them. But your son shall be great upon the earth, and all peoples shall make peace with him, and they shall all serve him. For he shall be called "son of the great God", and by his name he shall be named. He shall be hailed "son of God" and they shall call him "son of the most high".
For some years they shall rule upon the earth and shall trample everything under foot; people shall trample upon people; province upon province, until there arises the people of God, and everyone rests from the sword. Then his kingdom shall be an everlasting kingdom, and all his ways shall be in truth. He shall judge the land with truth, and everyone shall make peace. The sword will cease from the land, and all the provinces shall pay him homage the great God, by his might, shall make war for him. Peoples He shall put in his hand; and all of them He shall cast before him. His dominion shall be an everlasting dominion, and all of the territories of the earth shall be his.'[/COLOR]http:

[URL="http://www.livius.org/men-mh/messiah/messiah_12.html"]http://www.livius.org/men-mh/messiah/messiah_12.html[/URL]



و هذا ترجمة الفقرة أعلاه بقلم الدكتور أمير عبد الله
{[COLOR="Green"]وعندما يتملّك منه الخوف الشديد,سيسقط على الأرض أمام العرش.فيقول للملك : ليحيا الملك للأبد! مغيظ ومُتغير تقاطيع وجهك,حزينة نظرة عينيك,ولكنك ستحكم كل شيء للأبد! عظيمة هي أعمالك ومع ذلك فإن المحنة ستأتي على الأرض وسيكون حرب بين الشعوب ومذابح بين الممالك ستبدأها يد ملك فارس. وستكون مصر معهم ولكن ابنك سيكون عظيماً على الأرض وكل الشعوب ستصنع سلاما معه وسيخدمونه جميعاً لأنه سيُدعى ابن الله العظيم .وبإسمه سيُسمى . وسيُدعى ابن الله وسينادونه "ابن الله الاكبر"ولبضعة سنوات هم سيحكمون الأرض ويطئون كل شيء تحت قدمهم , وسيدوس الناس على الناس , وتطأ المملكة على الأخرى , حتى يظهر شعب الله , وسيرتاح كل إنسان من السيف . وعندها فإن مملكته ستكون مملكة أبدية , وكل طرقه ستكون في الحق , سيحكم ويملك الأرض بالعدل , وكل إنسان سيصنع السلام وستدين له كل الممالك وتدفع له الجزية. الإله الأكبر بجلاله سيصنع الحرب له وشعوب الأرض هو يمتلكها بيديه وجميعهم يجتمعون حوله. وستكون سيادة مملكته للأبد , وكل اقاليم الارض هو يمتلكها}[/COLOR]و هذه دراسة تذكر فقرات من النص و تؤكد أن مخطوطات قمران نصت على ثلاثة مسحاء


[URL="http://faculty.bbc.edu/ggromacki/deadseascrolls/messiah.htm"]http://faculty.bbc.edu/ggromacki/deadseascrolls/messiah.htm[/URL]


التعليق:
[COLOR="Blue"]1)[/COLOR] النص يتكلم عن شخص مرسل من الله مؤيد منه
[COLOR="Blue"]2)[/COLOR] يتكلم عن محنة و حروب بين الشعوب و أن فارس تبدأها و تسقط مصر فى يدها ، و هذا ما كان فى زمن النبى صلى الله عليه و سلم إذ فى السنة الخامسة من حكم هرقل زحف " الفرس " على الامبراطورية واستولوا على " أرمينيا " ثم على " دمشق " و" القدس " وتمكنوا من إسقاط " الاسكندرية " سنة 618 واحتل " الفرس " مصر لمدة عشر سنوات

- و يتكلم النص عن الحروب بين الممالك المذكورة حتى يظهر الله شعبه ([COLOR="Green"]الأمة الأمية)[/COLOR] ليقيم مملكة أبدية تمتد فى مشارق الأرض و مغاربها، و هذا ما أقر به هرقل حين علم خبر رسول الله من أبى سفيان فقال " [COLOR="green"]إن كان ما تقول حقاً فسيملك موطىء قدمى هاتين" و قد كان و كل هذه المناطق خضعت لحكم المسلمين [/COLOR]
[COLOR="blue"]3)[/COLOR] و يقول النص أن ابن الله المذكور سيكون عظيماً على الارض فى وقت حروب هذه الممالك و هذا اشارة الى أن البعثة المحمدية العظيمة و رسالة التوحيد النورانية التى غيرت بقوتها وجه الأرض و امتد صداها لكل فج عميق

[COLOR="blue"]4)[/COLOR] و كل الشعوب ستصنع سلام معه، و هذا دليل دخول الناس فى دين الله ، و دليل ظهور المسلمين على عدوهم بعز عزيز أو بذل ذليل ، و شعار الإسلام – السلام- فى الدعوة و الفتوحات دائماً(السلام على من اتبع الهدى - أسلم تسلم)

[COLOR="blue"]5)[/COLOR] و أن الممالك ستدين له فمنهم من يتبعه و منهم من يخضع له و يدفع له الجزية
و هذا معلوم فى فتوحات الاسلام التى امتدت لتشمل اقطار العالم القديم من شبه القارة الهندية و حدود الصين إلى الاندلس غرباً و ازالت ممالك الفرس و الروم و الوثنيين، و من أبى الا كفوراً ضربت عليه الجزية عن يد و هو صاغر

[COLOR="blue"]6[/COLOR]) و أفاد النص أن الله هو ينصره فى حروبه ، و يمده بمدد من عنده ، و هذا وعد القرأن فى أيات عديدة و الذى تحقق لرسول الله و صحابته الكرام
فها حدث شىء من هذا للمسيح؟
-هل كانت حروب الفرس التى بدئوها و بلغت سيطرتهم على مصر فى زمن المسيح؟
-ها خضعت الشعوب للمسيح و قهر ممالكها؟
-هل جاء المسيح بالجهاد و أيده الرب فى انتصارته؟
-هل امتد ملك المسيح و دفعت له الشعوب الجزية و هو الذى كان يدفع الجزية للحاكم الرومانى الوثنى؟

إعتراض النصارى
إعترض النصارى كعادتهم و قالوا انسوع هو المسيح المنتظر و أنه قد صرح بذلك كما فى (يوحنا 4/25-26).
" [COLOR="green"]قالت له المرأة: أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي، فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء، قال لها يسوع: أنا الذي أكلمك هو[/COLOR]" (يوحنا 4/25-26).

و جواب ذلك من وجوه:
[COLOR="blue"]أ-[/COLOR] أننا لا ننكر أن عيسى ابن مريم هو أيضاً مسيح الله و قد لقبه القرأن بذلك و لكننا نقول أنه ليس المسيح الوحيد كما ثبت من مخطوطات النصارى أنفسهم و ليس المسيح الخاتم الذى يخضع الممالك بفضل الله
ملحوظة: - للعميد جمال الدين شرقاوى بحثاً رائعاً فى كتابه "نبى أرض الجنوب" أثبت فيه أن المسّيا غير المسيح
و أن المسّيا كلمة أرامية و ليست هى الكلمة العبرية مشيحا التى هى فى الأرامية مسيحا ،و فى اليونانية خريستوس، بدليل أنها وردت فى الانجيل اليونانى هكذا مسّيا و هى تختلف فى القراءة الصوتية و المعنى مع الكلمة مسيحا
و أن الكلمة تتكون من مقطعين الأول [COLOR="green"](مسس[/COLOR]) و الثانى ([COLOR="green"]يا[/COLOR]) و ان ذلك نسبة الى ([COLOR="green"]ميشا[/COLOR]) العربى الساكن بالجزيرة بحسب (تكوين10: 30) و اسمه فى النسخة السبعينية ([COLOR="green"]مسّى[/COLOR])
و ال([COLOR="green"]يا[/COLOR]) رمز الى الله تماماً ككلمة (إ[COLOR="green"]يل[/COLOR]) فيقال اخزيا اشعيا ارميا نحميا زكريا ايليا طوبيا صدقيا ....الخ
فهو إشارة إلى شخص من العرب يتصل بالله تعالى

ب- أن هذا أمر إنفرد به يوحنا و لم يعلمه أحد من كتبة الأناجيل و لم يقل به بولس و لم يكن معروفاً عند أحد، و قد سبق و أينا شواهد جلية لتحريف البشارات و اوردنا منها شاهد فى إنجيل يوحنا نفسه
و كل من زعموا غير ذلك إنما يقلدون بعضهم البعض بلا دليل كتابى أو لغوى أو تاريخى إذ لم يرد فى أى من الأناجيل – باستثناء يوحنا- أو الرسائل أو كتابات الأباء فى القرون الثلاثة الأولى ذكر أن يسوع الناصرى هو المسّيا

يقول الدكتور منقذ السقار:

[[COLOR="green"]ولست أشك في وقوع التحريف في هذه العبارة، بدليل أن هذا النص يخالف ما عهدناه من المسيح، وبدليل أن أحداً من التلاميذ – بما فيهم يوحنا كاتب القصة- لم يكن يسمع حديثه، وهو يتحدث مع المرأة، فلا يعرفون عن موضوع الحديث بينهما " قال لها يسوع: أنا الذي أكلمك هو، وعند ذلك جاء تلاميذه وكانوا يتعجبون أنه يتكلم مع امرأة. ولكن لم يقل أحد: ماذا تطلب؟ أو لماذا تتكلم معها [/COLOR]" (يوحنا 4/26-27).

وأوضح الأدلة على وقوع التحريف في ادعاء أنه المنتظر أن المرأة التي رأت أعاجيبه، وقال لها هذا القول المدعى، لم تكن تؤمن أنه المسيح المنتظر، لأنها لم تسمع منه ذلك، ولو سمعته لآمنت وصدقت، فقد انطلقت تبشر به، وهي غير متيقنة أنه المسيح المنتظر "فتركت المرأة جرتها ومضت إلى المدينة وقالت للناس: هلموا انظروا إنساناً قال لي كل ما فعلت، ألعل هذا هو المسيح؟" (يوحنا 4/28-29).

[COLOR="Blue"]جـ [/COLOR]- أنه لما جاء اليهود يسألون يوحنا المعمدان سألوه عن ثلاثة شخصيات فقالو ((19. [COLOR="Green"]وهذه هي شهادة يوحنا حين ارسل اليهود من اورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من انت. 20 فاعترف ولم ينكر واقرّ اني لست انا المسيح. 21 فسألوه اذا ماذا.ايليا انت.فقال لست انا.النبي انت.فاجاب لا.[/COLOR])) يوحنا 1: 20
فانظر كيف فرقوا بين الشخصيات الثلاثة، و قد كانو يريدون المسّيا نبى اخر الزمان الذى يملك عليهم و ينتشلهم من القهر و الذل لذا كفرو بالمسيح ابن مريم لما وجدوه مسيحاً روحانياً على غير هواهم، كما كفروا برسول الله محمد صلى الله عليه و سلم لما خرج من أبناء إسماعيل حسداً من عند أنفسهم

[COLOR="Blue"]د‌[/COLOR]- أن المسيح عليه السلام لم يحكم بل و هو نفسه أكد كما نعلم أن مملكته ليست من هذا العالم
(([COLOR="Green"]مملكتي ليست من هذا العالم، لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلّم إلى اليهود، ولكن الآن ليست مملكتي من هنا[/COLOR]))(يوحنا 18/36)،

و هرب ممن أرادوه ان يحكم
"[COLOR="green"]فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا: إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم، وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده"[/COLOR] (يوحنا6/14-15).

و قد سأله بيلاطس صراحة قائلاً:
[COLOR="green"]" أنت ملك اليهود؟ فأجابه وقال: أنت تقول، فقال بيلاطس لرؤساء الكهنة والجموع: إني لا أجد علّة في هذا الإنسان[/COLOR]" (لوقا 23/2-4)
فرفض المسيح أن يقر بذلك و إنما نسب القول إلى بيلاطس اى ان هذا هو قولك أنت/ و ليس هذا محل تورية لأن المسيح على حسب اعتقاد النصارى خطط لأن يصلب فى هذا الوقت فلو قال أنا الملك المنتظر لثبتت عليه التهمة و صلب على حسب ما خطط !
و لكنه لم يجب بذلك و من أجل ذلك قال بيلاطس أنه لا يجد على المسيح علة!

[COLOR="Blue"]هـ [/COLOR]- أنه قد إستدل أخرون أن يسوع ليس هو المسّيا ملك أخر الزمان بمعرفتهم بأصل المسيح عيسى ونسبه وقومه، بينما المنتظر القادم غريب لا يعرفه اليهو
د "قال قوم من أهل أورشليم: (([COLOR="green"]أليس هذا هو الذي يطلبون أن يقتلوه، وها هو يتكلم جهاراً، ولا يقولون له شيئاً، ألعل الرؤساء عرفوا يقيناً أن هذا هو المسيح حقاً؟ ولكن هذا نعلم من أين هو، وأما المسيح فمتى جاء لا يعرف أحد من أين هو))(يوحنا 7/25-27)
ذلك أن المسيح غريب عن بني إسرائيل.[/COLOR]
- وقد أكد المسيح صدق العلامة التي ذكروها للمسّيا الغائب، فقال في نفس السياق:
"[COLOR="blue"][COLOR="Green"]فنادى يسوع وهو يعلّم في الهيكل قائلاً: تعرفونني وتعرفون من أين أنا، ومن نفسي لم آت، بل الذي أرسلني هو حق، الذي أنتم لستم تعرفونه، أنا أعرفه لأني منه وهو أرسلني...فآمن به كثيرون من الجمع وقالوا: ألعل المسيح متى جاء يعمل آيات أكثر من هذه التي عملها هذا!" [/COLOR][/COLOR](يوحنا 7/25-31)
فذكر المسيح أنه رسول من عند الله، وأنه ليس الذي ينتظرونه، فذاك لا يعرفونه.

وقد آمن به الذين كلمهم، وفهموا أنه ليس المسيح المنتظر، فتأمل قول يوحنا:
" [COLOR="green"]فآمن به كثيرون من الجمع وقالوا: ألعل المسيح متى جاء يعمل آيات أكثر من هذه التي عملها هذا؟"[/COLOR] (يوحنا 7/30-31).

و- أن النبي الآتي يسحق ملوك وشعوب زمانه كما أخبر يعقوب "يأتي شيلون، وله يكون خضوع شعوب" (التكوين 49/10)،
وقال عنه داود: "[COLOR="green"]تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار، جلالك وبهاءك، وبجلالك اقتحم. اركب من أجل الحق والدعة والبر، فتريك يمينك مخاوف، نبلك المسنونة في قلب أعداء الملك، شعوب تحتك يسقطون. كرسيك يا الله إلى دهر الدهور، قضيب استقامة قضيب ملكك "[/COLOR] (المزمور 45/1 - 6).

أما المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام فكان يدفع الجزية للرومان "ولما جاءوا إلى كفر ناحوم تقدم الذين يأخذون الدرهمين إلى بطرس وقالوا: أما يوفي معلمكم الدرهمين؟ قال: بلى، فلما دخل البيت سبقه يسوع قائلاً: ماذا تظن يا سمعان، ممن يأخذ ملوك الأرض الجباية أو الجزية أمن بنيهم أم من الأجانب؟ قال له بطرس: من الأجانب، قال له يسوع: فإذا البنون أحرار، ولكن لئلا نعثرهم اذهب إلى البحر وألق صنارة والسمكة التي تطلع أولاً خذها، ومتى فتحت فاها تجد أستاراً، فخذه وأعطهم عني وعنك" (متى 17/24-27).

والمسيح رفض أن يكون حتى قاضياً بين اثنين يختصمان، فهل تراه يدعي الملك والسلطان، "[COLOR="green"]قال له واحد من الجمع: يا معلّم، قل لأخي أن يقاسمني الميراث، فقال له: يا إنسان من أقامني عليكما قاضياً أو مقسّماً[/COLOR]" (لوقا 12/13-14).

[COLOR="Blue"]ز[/COLOR] – أن[COLOR="Green"] عيسى عليه السلام هو ابن داود كما في نسبه الذي ذكره متى ولوقا، وقد دعي مراراً " يا يسوع ابن داود[/COLOR]" (مرقس 10/47)، (وانظر متى 20/31، ولوقا 18/28، وغيرها).

أما المسّيا المنتظر، الملك القادم فليس من ذرية داود، كما شهد المسيح ابن مريم بذلك "[COLOR="green"]فيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع قائلاً: ماذا تظنون في المسيح، ابن من هو؟ قالوا له: ابن داود، قال لهم: فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك؟ فإن كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة، ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله بتة[/COLOR]" (متى 22/41-46).

والمسيح لا يمكن أن يصبح ملكاً على كرسي داود وغيره، لأنه من ذرية الملك يهوياقيم، أحد أجداد المسيح كما في سفر الأيام الأول " [COLOR="green"]بنو يوشيا: البكر يوحانان، الثاني يهوياقيم، الثالث صدقيا، الرابع شلّوم. وابنا يهوياقيم: يكنيا ابنه، وصدقيا ابنه[/COLOR]" (الأيام (1) 3/14-15)، فيهوياقيم اسم أسقطه متى من نسبه للمسيح، بين يوشيا وحفيده يكنيا.

وقد حرم الله الملك على ذريته كما ذكرت التوراة " [COLOR="green"]قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا: لا يكون له جالس على كرسي داود، وتكون جثته مطروحة للحر نهاراً وللبرد ليلاً... "[/COLOR] (إرميا 36/30) فكيف يقول النصارى بأن الذي سيملك ويحقق النبوءات هو المسيح؟!

[COLOR="Blue"]حـ[/COLOR]- أن المسيح نفسه بشر بالنبى الخاتم الذى يأتى بعده و يخبر بكل شىء كما سنبين بإذن الله تعالى

يتبع إن شاء الله....

عارف الشمري 2011-04-02 07:52 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]المسيح يبشر بالصلاة على رسول الله :[/SIZE][/COLOR]


قد يثير العنوان دهشة البعض، و لكنها الحقيقة الثابتة فى نبوءات المسيح ابن مريم عليه السلام حين قال عليه السلام للفريسين :
(([COLOR="Green"]يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا. 38 هوذا بيتكم يترك لكم خرابا. 39 لاني اقول لكم انكم لا ترونني من الآن حتى تقولوا مبارك الآتي باسم الرب[/COLOR]))متى 23: 37

و هذا الفقرة تتضمن أموراً:-
[COLOR="Blue"]1)[/COLOR] أخبر المسيح أحبار اليهود القساة الكافرين أنهم لن يروه – و هذه إشارة لرفعه إذ لا يتصور أن يفتخر بأنه سيعذبونه و يهينونه و يلبسونه رداءً قرمزى ثم يصلبونه- حتى يأتى من يمجدونه

[COLOR="blue"]2)[/COLOR] ثم أخبر بأن غيابه هذا سيمتد إلى أن يأتيهم الذى يقولون له مبارك الأتى بإسم الرب

و هذا لا ينطبق على المسيح ابن مريم لسببين:
[COLOR="blue"]أ[/COLOR]- أن العبارة لا يستقيم معناها إن كان المسيح هو الأتى كما يزعم النصارى إذ سيكون تركيب الجملة هكذا
([COLOR="Green"] إنكم لا تروننى حتى تقولوا مبارك الأت بإسم الأت!)[/COLOR]
أو
( [COLOR="green"]إنكم لا تروننى حتى تقولون مبارك الرب بإسم الرب[/COLOR])

لاسيما أن المسيح عند النصارى هو الرب نفسه – بزعمهم- فلو أبدلنا كلمة الأتى بكلمة الرب أو أعملنا المترادفات على النحو المبين فى الأمثلة لخرجت جمل عبثية مضحكة

ملاحوظة: قال بعض النصارى ثقيلو الظل أن إسم الرب هو نفسه إسم المسيح (ي[COLOR="green"]سوع[/COLOR]) علماً أن هذا إسم بشرى و تسمى به غير عيسى ابن مريم، فهل اسم الرب اسم من اسماء العبيد؟
من جهة أخرى المسيح لم يدعى قط أن اسمه هو اسم الرب بل قال أنه جاء باسم الهه لا باسم نفسه فقال
(( [COLOR="green"]انا قد أتيت باسم ابي ولستم تقبلونني.ان أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه[/COLOR].)) يوحنا 5: 43
فأكد المسيح أنه جاء باسم ربه و ليس باسمه و بين أنهم لا يصدقون إلا من أتى باسم نفسه فدل بمفهوم لمخالفة أنه لم يفعل!

و قال فى موضع أخر (([COLOR="green"]ايها الآب القدوس احفظهم في اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن[/COLOR].)) يوحنا 17: 11
فإن كان الرب هو المسيح و كان الاسم هو اسم يسوع المسيح ، فلا ندرى كيف يقول المسيح أنه اسم أعطاه الله اياه ثم يدعو الله أن يحفظهم فى اسمه ؟ أليس هو الله عندهم؟ أيدعو نفسه ليحفظ اسمه بين عباده أم ماذا؟!

[COLOR="Blue"]ب-[/COLOR] و من جهة الأخرى لا يستقيم أن يقول شخص لأخر لن ترانى حتى ترانى ، فهذا من لغو الكلام و نقصه الغير مستساغ، و لنتصور تركيب النبوة حينئذ هكذا: (([COLOR="Green"] إنكم لا تروننى حتى تروننى[/COLOR]!)
فهل يستقيم ذلك يا أولى الألباب؟!
الأمر واضح بين أن المسيح أعلمهم أن ربه سيبعده عنهم عقوبة لهم لكفرهم به و رفضهم رسالته، و لن يروه إلى أن يأتيهم الأتى باسم الرب سبحانه و هو شخص أخر غير المسيح عيسى ابن مريم

[COLOR="Blue"]3[/COLOR]) أن أهل الكتاب صاروا يجهلون إسم الإله (ا[COLOR="green"]لله[/COLOR])
أما اليهود أصحاب العهد القديم فقد بلغ بهم التخيط شأنا:
[COLOR="blue"]أ[/COLOR]- فنقرأ فى سفر الخروج تصريح بأن إسم الرب محجوب عن بنى إسرائيل ، إذ عندما سأل موسى الرب عن اسمه ماذا يقول لبنى اسرائيل قال له إجابة عجيبة ((13 ف[COLOR="Green"]قال موسى لله ها انا آتي الى بني اسرائيل واقول لهم اله آبائكم ارسلني اليكم.فاذا قالوا لي ما اسمه فماذا اقول لهم 14 فقال الله لموسى أهيه الذي أهيه.وقال هكذا تقول لبني اسرائيل أهيه ارسلني اليكم.[/COLOR])) خروج 3: 13
و معناها ( [COLOR="green"]أكون الذى أكون[/COLOR]) !!
و لا شك أن ذلك ليس اسم الاله فهذا اعراض جلى عن التصريح بالإسم المقدس كما نرى

[COLOR="Blue"]ب[/COLOR]- و مما نقرأه عن الإسم فى موضع أحر أنه ([COLOR="Green"]يهوه)[/COLOR] ، و لكن بصرف النظر عن تعارض هذا مع النص السابق فإن ([COLOR="green"]يهو[/COLOR]ه) ليس باسم يذكر و يسبح و انما كلمة من أربعة أحرف ساكنة لا يمكن أن تنطق نطقاً صحيحاً لتكون اسماً واحداً ، لذلك فإن اليهود إلى يومنا هذا إن وقع نظرهم على هذه الكلمة فى موضع يقولون بدلاً منها كملة ( [COLOR="green"]أدوناى[/COLOR]) و التى تعنى سيدى!!
فهل اسم الرب هو الاسم الذى تضطر الى اهماله حين تنظره ولا تدرى لذكره سبيلاً؟!

- و للعميد جمال الدين شرقاوى بحث رائع فى كتابه "معالم أساسية ضاعت من المسيحية" يثبت أن اليهود كانو يخفون الإسم المقدس ، و يستبدلونه فى المواطن بالكلمة محالة النطق ([COLOR="green"]يهو[/COLOR]ه) و عندما تترجم الكلمة للغات الاخرى نجد ان حتى كلمة يهوه حذفت و استبدلت بكلمة الرب، إذ لم يريدو أن يشركهم أحد من الأمم فى معرفة الاسم اللهم إلا العرب فإنهم كانو يعرفون الإسم بالتواتر من لدن إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام، لذا لم تجتمع معرفة إسم الله بين اليهود و النصارى و المشركين إلا فى جزيرة العرب

[COLOR="Blue"]جـ[/COLOR]- أما كلمة الوهيم فهذا ليس اسماً و انما لقب و صفة و هو الإله بصيغة الجمع للتعظيم، و هناك فرق بين إسم العلم و اللقب، و لم يقل الرب فى أى موضع ان هذا هو الإسم المقدس

*و المسيح نفسه قال فى أكثر من موضع أنه جاء باسم الرب و اظهره للناس
(( [COLOR="Green"]انا اظهرت اسمك للناس الذين اعطيتني من العالم.كانوا لك واعطيتهم لي وقد حفظوا كلامك[/COLOR].)) يوحنا 17: 6
و الإظهار لا يكون إلا بعد إخفاء فى حين أن كلمة يهوه كانت موجودة دائماً بين أيدى الناس ، ناهيك ان المسيح لم يذكر كلمة يهوه ولو مرة واحدة فى العهد الجديد

و قال أيضاً (( [COLOR="green"]وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم[/COLOR]))يوحنا 17: 26
فالتعريف ياتى بعد جهالة كما هو معلوم.

- و فى ذات الوقت يفترض أن نجد إسم مذكور فى العهد الجديد و هذا ما لا نجده للأسف الشديد بحسب ترجمات الكتاب المقدس التى تبدأ من اليونانية فضاع الإسم بترجمة كلام المسيح الذى تكلم بالأرامية!
فالعهد الجديد الأن لا يوجد به اسم الاله يوجد فقط ألقاب فيشار إلى الإله فى العهد الجيد بالأب أو أبينا أو الرب،
و هذه ألقاب و ليست أسماء كما نرى

* و لما كان المسيح قد أظهر إسم الله للناس فعلاً و لكن الترجمات اليونانية أضاعته فإن استقراء كلمة الرب بالأرامية و التى نقلت باليوناية الى ([COLOR="Navy"]ثيوس[/COLOR]) وباللغات الأخرى إلى كلمة الرب ([COLOR="navy"]God[/COLOR]) وُجد أنها كلمة ([COLOR="navy"]الله)[/COLOR] و إليك رابط يبين هذا


[URL="http://www.learnassyrian.com/aramaic/church/church.html"]http://www.learnassyrian.com/aramaic/church/church.html[/URL]

ALAAHAA - - - - God

*و كذلك وردت هذه الكلمة فى سفر دانيال فى أكثر من موضع لأنه كتب بالأرامية لا بالعبرية التى أخفت اسم الرب
و لو ضغط على جملة [COLOR="navy"]most hight God[/COLOR]داخل هذا الربط يظهر لك نطقها الأرامى ([COLOR="navy"]الله)[/COLOR] ([COLOR="navy"]illahee[/COLOR] ) أو (Allahee ) أى ربنا الله، و لكنهم حذفو الكلمة الأصلية و استبدلوها بمعنى العلى!


[URL="http://hebrew.scripturetext.com/daniel/5-18.htm"]http://hebrew.scripturetext.com/daniel/5-18.htm[/URL]



- و لاشك أن أكثر أهل الكتاب يجهلون الاسم المقدس هذا الأن مع اندثار استعمال الأرامية و دراستها، حتى أن نصارى الغرب يظنون أن اسم الله هو اسم اله قمر وثنى يعبده المسلمون و العياذ بالله بل و يقلدهم فى ذلك أغبياء قساوسة العرب أيضاً!!
- لذلك فإن المسيح أخبرهم أنه سيأتى بإسم الله شخص يباركه أتباعه

4) بعد ما تقدم من معطيات فإننا نوقن بأن هذا الأتى بإسم الرب هو محمد صلى الله عليه و سلم لأسباب:
أ- المسيح أخبر بأنه أظهر اسم الرب ([COLOR="Green"]الله[/COLOR]) لأتباعه الذين أرسل إليهم فقال:
(([COLOR="green"]انا اظهرت اسمك للناس الذين اعطيتني من العالم.كانوا لك واعطيتهم لي وقد حفظوا كلامك[/COLOR].)) يوحنا 17: 6
و قد ضاع الإسم كما بيننا ، و ضاع اتباع المسيح و صار النصارى يعبدون الهاً لا يعرفون اسمه يعرفون فقط أنه ([COLOR="Navy"]God- الرب[/COLOR])

بينما اسم الرب يجب أن يذاع بين الأمم أى يأتى بنبى رسالته عالمية يذيع إسم الله بين الناس فنقرأ فى اشعياء 12: 4
(( [COLOR="Green"]وتقولون في ذلك اليوم احمدوا الرب ادعوا باسمه عرّفوا بين الشعوب بافعاله ذكّروا بان اسمه قد تعالى. 5 رنموا للرب لانه قد صنع مفتخرا.ليكن هذا معروفا في كل الارض[/COLOR].))
ولا شك أن هذا أمر لم يفعله اليهود الذين يظنون ان ديانتهم عرقية لسلالة معينة ولا يدعون الناس الى معرفة الله ولا إلى الدخول فى دينهم
أما الذى رفع اسم الله عالياً و كان أول ركن فى دينه شهادة أن لا إله إلا الله، و شرع له الأذان ليسمع البشر فى أقطار الأرض أن اسم الرب قد تعالى و تكبر ( [COLOR="green"]الله أكبر الله أكبر[/COLOR]) فإن ذلك كان لمحمد صلى الله عليه و سلم ،

و فى سفر ملاخى يوبخ الرب بنو إسرائيل و كهنتهم و يصفهم أنهم حقروا اسمه و اتخذو الدين تجارة و اهانو شعائره ((. [COLOR="green"]الابن يكرم اباه والعبد يكرم سيده.فان كنت انا ابا فاين كرامتي وان كنت سيدا فاين هيبتي قال لكم رب الجنود ايها الكهنة المحتقرون اسمي)[/COLOR]) ملاكى 1: 6
بينما الرب يريد لاسمه ان يكون عظيما و مهيباً بين الشعوب لا كما فعل بنو إسرائيل من تبديل لأمر الله و قسوة و جفاء
(([COLOR="green"]لانه من مشرق الشمس الى مغربها اسمي عظيم بين الامم وفي كل مكان يقرب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة لان اسمي عظيم بين الامم قال رب الجنود.[/COLOR])) ملاكى 1: 11

(([COLOR="green"]وملعون الماكر الذي يوجد في قطيعه ذكر وينذر ويذبح للسيد عائبا.لاني انا ملك عظيم قال رب الجنود واسمي مهيب بين الامم[/COLOR])) ملاكى 1: 14

ب- أننا و بالرجوع إلى أول ما نزل على قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم نجده قوله تعالى ( [COLOR="green"]إقرأ باسم ربك الذى خلق[/COLOR])
فهل هذه مصادفة، أن نجد إنطباق البشارة على هذا النحو على رسول الله صلى الله عليه و سلم؟!
بل إن كل سورة فى كتاب الله تبدأ بسم الله الرحمن الرحيم، و لا يوجد فى الإسلام أمر ذى بال صغير أو كبير إلا و يذكر اسم الله عليه ، و هذا من خصائص أمة الذكر المحمدية، الأمة التى عرفت اسم ربها بل العشرات من أسماءه الحسنى

[COLOR="Blue"]جـ[/COLOR]- أن الأمة الوحيدة التى تصلى على الأنبياء و على رأسهم محمد صلى الله عليه و سلم و تباركهم بهذا الصلاة هى أمة الإسلام،

و لا تقبل صلاة عبد حتى يقول فيها
اللهم صلى على محمد و أل محمد كما صليت على إبراهيم و أل إبراهيم إنك حميد مجيد
اللهم بارك على محمد و أل محمد كما باركت على إبراهيم و أل إبراهيم إنك حميد مجيد

هكذا علمنا نبينا و هكذا تنطبق نبوءة المسيح عليه السلام




[COLOR="Red"][SIZE="6"]بشارة بالأصول الثلاثة :[/SIZE][/COLOR]


و هذا العنوان أيضاً قد يبدو غريباً أن نجد فى الكتاب المقدس الأصول الثلاثة المعروفة فى الإسلام
من هو ربك؟
ماهو دينك؟
ماذا تقول فى الرجل الذى بعث فيكم؟

لكن هذه البشارة موجودة بالفعل فى الكتاب المقدس و ذلك فى انجيل لوقا2: 14
(([COLOR="Green"]المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة[/COLOR]))

هذه النبوءة تقسم إلى ثلاثة مقاطع:-
[COLOR="Red"]الأول:[/COLOR] قوله ([COLOR="Green"]المجد لله في الاعالي[/COLOR]) و هذا يثبت أن الله سبحانه الذى فى السماء هو المستحق للتمجيد بمعنى العبادة ،و ليس المسيح الذى يعبده النصارى الأن و يلقبونه بما لم يلقب به نفسه فيقولون {[COLOR="green"]له المجد[/COLOR]}، فى حين المسيح نفسه يقول أن المجد إنما هو الله
و أثبت بهذه المقولة أيضاً أن الله الحق هو الذى فى العلو، فنفى بمفهوم الكلما أن يكون هو الله أو أن يكون الله حالاً فى المخلوقات أو فى كل مكان كما يزعم جهلاء النصارى ، المقصود أن هذه العبارة هى فى الحقيقة {[COLOR="green"]لا إله إلا الله العلى العظيم[/COLOR]}

[COLOR="Red"]الثانى[/COLOR]: قوله ([COLOR="Green"]وعلى الارض السلام[/COLOR])
يقول الشماس السابق وديع أحمد: { كلمة ([COLOR="Navy"]ايريني[/COLOR]) اليونانية ([COLOR="navy"]ειρηνη[/COLOR]) بمعنى ([COLOR="navy"]سلم[/COLOR]) و ([COLOR="navy"]سلام[/COLOR]) وهي من الألفاظ المشتركة بين جميع اللغات السامية(1) كما أن كلمة ([COLOR="navy"]احمد[/COLOR]) كذلك موجودة في جميع تلك اللغات ، ففي السريانية ([COLOR="navy"]شلم[/COLOR]) وفي العبرانية ([COLOR="navy"]شالوم[/COLOR]) التي يستعمل في مقابلتها الغربيون المنسوبون إلى اللغات اللاتينية [COLOR="navy"]Pace, Paix, Pax, Peace[/COLOR] .}

و لاشك أن السلم بمعنى وقف الحروب و النزاعات و الكوارث أمر محال لأن سنة الله جرت بتدافع الناس، ولا تقوم دولة إلا و لها جيش يدفع عنها أو يطلب غيرها، ولا تتوقف هذه السنة الى قيام الساعة لوجود الحق و الباطل ، الخير و الشر ، الكفر و الايمان
و هذا ما قاله المسيح نفسه حين قال (([COLOR="Green"]لا تظنوا اني جئت لألقي سلاما على الارض.ما جئت لألقي سلاما بل سيفا[/COLOR].)) متى 10: 34
و قال (([COLOR="green"]فاذا سمعتم بحروب وقلاقل فلا تجزعوا لانه لا بد ان يكون هذا اولا.ولكن لا يكون المنتهى سريعا[/COLOR])) لوقا 21: 9
و قال (([COLOR="green"]لانه تقوم امة على امة ومملكة على مملكة وتكون مجاعات واوبئة وزلازل في اماكن[/COLOR].)) متى 24: 7
فلو قيل ان المسيح يخبر بحلول السلام الارض فقد كّذب ذلك بالواقع و النقل
و لكن السلم هنا هو الإسلام، و كما قلنا فالكلمتان لهما نفس المعنى و نفس الاشتقاق الحرفى، و الاسلام ورد فى القرأن بمعنى السلام بقوله تعالى ( [COLOR="green"]أدخلو فى السلم كافة[/COLOR]) و تحيته السلام و يؤمن من يسلم فى الدنيا و الأخرة، و إسم الإله فيه السلام، و تحية عباده يوم يلقونه سلام
فهذا هو المقصود بقوله ( [COLOR="green"]و على الأرض السلام[/COLOR]) أى على الأرض يكون الإسلام دين الله تعالى

و الثالث: قوله ([COLOR="green"]وبالناس المسرة[/COLOR])
السؤال ما معنى كلمة المسرة ؟
الكلمة فى أصلها اليونانى يودوكيا ([COLOR="Navy"]ευδοκια[/COLOR]) و هذه الكلمة معناها الشى الجيد الحميد الخير المرضى
و هو ما جاء فى قاموس سترونج اليونانى فذكر معانى:
[COLOR="navy"]desire, good pleasure (will), X seem good[/COLOR]
و من يدخل على الرابط التالى و يضغك على كلمة ([COLOR="navy"]ευδοκια[/COLOR]) الموجودة فى أقصى اليمين يجد ما قلناه و يقرأ بعينيه



[URL="http://greek.scripturetext.com/luke/2-14.htm"]http://greek.scripturetext.com/luke/2-14.htm[/URL]

و معلوم أيضاً ان المسيح كان يتكلم الأرامية لا اليونانية و هذه الكلمة اليونانية ([COLOR="navy"]يوديكيا[/COLOR]) تقرأ فى الأرامية و العبرية و العربية ([COLOR="navy"]حمد[/COLOR] ) و المحمدة ، و هذه اللغات الثلاثة لها أصل سامى واحد و متقاربة فى كثير من الألفاظ:
فمثلاً كلمة ([COLOR="navy"]الهى[/COLOR]) العربية تنطلق ([COLOR="navy"]ايلى[/COLOR]) بالأرامية
كلمة ([COLOR="navy"]سلام[/COLOR]) العربية تقرأ ([COLOR="navy"]شالو[/COLOR]م) بالأرامية
كلمة ([COLOR="navy"]لما[/COLOR]) العربية هى كلمة ([COLOR="navy"]لما[/COLOR]) الأرامية

فلو رجعنا لمعنى كلمة يوديكيا (([COLOR="navy"]ευδοκι[/COLOR]α) و التى تعنى الشىء الجيد الممدوح المثير للاعجاب سنجدها فى العبرية و الأرامية تلفظ محمد ([COLOR="navy"]محمود)[/COLOR] من الجذر حمد
و كلمة محمد أو محمود العبرية مذكورة فى عدة مواضع فى العهد القديم منها (ملوك أول 6:20 وهوشع 16:9 ويوئيل 5:3 ومرائي ارميا 1 : 7و11) ... الخ
و لننظر على سبيل المثال فى سفر يوئيل 3: 5
[COLOR="navy"]Because ye have taken my silver and my gold and have carried into your temples my goodly pleasant things[/COLOR]


[URL="http://hebrew.scripturetext.com/joel/3-5.htm"]http://hebrew.scripturetext.com/joel/3-5.htm[/URL]

فلو لو دخلنا الرابط أعلاه و ضغطنا على كلمة ( [COLOR="navy"]pleasant things[/COLOR]) سنجد المفاجأة
[COLOR="navy"]machmad -makh-mawd[/COLOR]
إنها ([COLOR="navy"]محمد- محمود[/COLOR])
فحرف الحاء المعروف فى اللغات السامية يكتب باللاتينية ([COLOR="navy"]kh[/COLOR] ) أو ([COLOR="navy"]ch[/COLOR])
كما كتبت كلمة نحميا [COLOR="navy"]Nchemyah -nekh-em-yaw[/COLOR]


[URL="http://hebrew.scripturetext.com/nehemiah/1-1.htm"]http://hebrew.scripturetext.com/nehemiah/1-1.htm[/URL]


و مذكور فى معنى كلمة محمد او محمود ([COLOR="navy"]machmad (makh-mawd'[/COLOR]
[COLOR="navy"]beloved, desire, goodly, lovely, pleasant thing)[/COLOR]

إنها نفس معانى كلمة يوديكيا اليونانية لأن الكلمة الأرامية التى نطق بها المسيح هى كلمة ([COLOR="navy"]محمد[/COLOR]) فترجمها مؤلفو الانجيل اليونانى الى معناها باليونانية و غفلوا أو تغافلو أنه اسم علم و ليس مجرد صفة و الأعلام لا تترجم

خلاصة المبشارة: ([COLOR="Green"]المجد لله فى الأعالى[/COLOR]) لا إله إلا الله العلى ، (و[COLOR="green"] على الأرض االسلام[/COLOR]) الإسلام، (و[COLOR="green"] للناس المسرة[/COLOR]) للناس محمد صلى الله عليه و سلم


البشارة بـ([COLOR="green"]محماد[/COLOR]) مشتهى الأمم


رأيت أن انقل هذه البشارة فى هذه الموضع لإرتباطها بالبشارة السابقة و تأكيدها ما ورد فيها من ذكر رسول الله بإسمه
و نص البشارة فى سفر حجى (حجي 2/6 - 9).
((1. [COLOR="green"]في الشهر السابع في الحادي والعشرين من الشهر كانت كلمة الرب عن يد حجي النبي قائلا، 2 كلم زربابل بن شألتيئيل والي يهوذا ويهوشع بن يهوصادق الكاهن العظيم وبقية الشعب قائلا، 3 من الباقي فيكم الذي رأى هذا البيت في مجده الاول.وكيف تنظرونه الآن.أما هو في اعينكم كلا شيء...... لا تخافوا، لأنه هكذا قال رب الجنود، هي مرة بعد قليل فأزلزل السماوات والأرض والبحر واليابسة، وأنزل كل الأمم، ويأتي مشتهى كل الأمم، فأملأ هذا البيت مجداً قال رب الجنود لي الفضة ولي الذهب يقول رب الجنود. مجد هذا البيت الاخير يكون اعظم من مجد الاول قال رب الجنود وفي هذا المكان اعطي السلام يقول رب الجنود)) [/COLOR](حجي 2/6 - 9).

تحليل النبوءة :

[COLOR="Blue"]1) [/COLOR]تاتى هذه النبوءة لتسلى بنى إسرائيل وبعد العودة من السبي و لتخفف أحزانهم
وهذه النبوءة لا ريب تتحدث عن القادم الذي وعد به إبراهيم ، وبشر به يعقوب وموسى ثم داود عليهم الصلاة والسلام.

[COLOR="blue"]2)[/COLOR] حدثهم عن ضياع مجد بيت المقدس ([COLOR="Navy"]المسجد الاقصى[/COLOR]) و كيف انهم صاروا لا يرون هيبته و عظمته بعد مأساة تدميره والسبى

[COLOR="Blue"]3)[/COLOR] ثم يناديهم مذكراً إياهم تعالى بأنه لا يخلف عهده معهم - و هذا العهد مقرون بتصديق نبى الميثاق كما قال تعالى "[COLOR="Green"]و أوفوا بعهدى أوف بعهدكم[/COLOR]"

[COLOR="Blue"]4)[/COLOR] ثم يخبرهم الرب بأنه فى مستقبل قريب فى عمر الزمن، سوف يأتى النبأ العظيم التى تنتصب له الأعناق
و هو مجىء ([COLOR="Green"]مشتهى كل الأمم[/COLOR])

و الكلمة العبرية ههنا هى ([COLOR="Navy"]حمدة و فى بعض النسخ محماد [/COLOR]) لكل الأمم ، و هى من جذر الحمد



[URL="http://hebrew.scripturetext.com/haggai/2-7.htm"]http://hebrew.scripturetext.com/haggai/2-7.htm[/URL]

و لو دخلنا فى الرابط السابق سنجد النص هكذا
[COLOR="navy"]And I will shake all nations and the desire of all nations shall come and I will fill this house with glory saith the LORD of hosts
و و بالضغط على كلمة (the desire) سنجد قرائتها كالأتى (chemdah (khem-daw'[/COLOR]
إنها ([COLOR="navy"]حمدا[/COLOR]) بالعبرية هو نفس كلمة أحمد صلى الله عليه و سلم ، فهو المحمود المثنى عليه الممجد
و هو ما نقرأه تماماً فى معنى كلمة ([COLOR="navy"]حِمد[/COLOR]ا) فى معناها فى قاموس سترونج العبرى
[COLOR="navy"]desire, goodly, pleasant, precious[/COLOR]

[COLOR="Blue"]5)[/COLOR] و مما ينبغى الاشارة اليه ([COLOR="Navy"]حمدا[/COLOR]) تنتظره كل الأمم اى ليس بنو أسرائيل فقط ، مما يؤكد عالمية رسالته و هو ما فضل به رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم على غيره من الأنبياء.

[COLOR="blue"]6[/COLOR]) و يخبر النص أنه بمجىء ذلك المنتظر يمتلأ بيت المقدس الذى يبدو خرباً مجداً، و هو ما كان :

[COLOR="blue"]أ‌-[/COLOR] فقد أسرى برسول الله إلى صلى الله عليه و سلم إلى بيت المقدس و أقيم فيه أعظم إجتماع عرفته البشرية بحضور الأنبياء من لدن أدم إلى خاتم النبيين عليهم السلام فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ما عرف بيت المقدس أو غيره من بقع الأرض أمجد و أروع من هذا الحدث الجلل

[COLOR="Blue"]ب‌[/COLOR]- جعلت القبلة إلى بيت المقدس فترة كبيرة لتترسخ مكانته المقدسة فى الإسلام و بعدما حولت القبلة ظل لبيت المقدس مكانته التى وضعها الإسلام ، فالصلاة فيه تعدل خمسئمة صلاة و شُرع للمؤمنين شد الرحال إليه و صار معظماً فى قلوب المؤمنين محل إهتمامهم و رعايتهم من أقصى مشارق الأرض إلى أقصى مغاربها بعكس النصرانية التى لم تهتم بالمسجد الأقصى بل نسخت القبلة و لم تحتفظ للهيكل بفضل و صار محل قبر المسيح المزعوم هو حسنة بيت المقدس التى تجعل له مكانة عندهمن حتى أنهم حين احتلوه فى حملاتهم الصليبية حولو المسجد الأقصى الى اسطبل و مصرف عام!!

[COLOR="blue"]7[/COLOR]) ثم يختتم البشارة بقوله (( [COLOR="Green"]مجد هذا البيت الاخير يكون اعظم من مجد الاول قال رب الجنود وفي هذا المكان اعطي السلام يقول رب الجنود[/COLOR]))

- فهذا النص يشير إلى وجود بيت أخير غير هذا البيت فى القدس و أن مجد الأخير سيكون أعظم من مجد الأول و حيث يكون هذا البيت سيكون السلام،و هذا لا ينطبق على المسجد الأقصى أو الهيكل إذ كانت القدس بالتحديد أكثر اماكن العالم تعرضاً للكوارث و الحروب و الصراعات التى لازالت تشغب جراحها دماً

و إنما تشير هذه الفقرة إلى تغيير القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام البيت الأمن فى البلد الأمين الذى يأمن فيه حتى الشجر و الطيور فضلاً عن الإنسان مصداقاً لقوله تعالى (([COLOR="green"]إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ *ِفيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[/COLOR]))




[COLOR="Red"][SIZE="6"]البارقليط المنتظر :[/SIZE][/COLOR]


وردت هذه النبوءة فى عدة مواضع داخل إنجيل يوحنا منها
يوحنا 14: 15
(( [COLOR="Green"]ان كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي.16 وانا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم الى الابد.17 روح الحق الذي لا يستطيع العالم ان يقبله لانه لا يراه ولا يعرفه.واما انتم فتعرفونه لانه ماكث معكم ويكون فيكم[/COLOR].))

يوحنا 14: 26
(( [COLOR="green"]واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم29 وقلت لكم الآن قبل ان يكون حتى متى كان تؤمنون.30 لا اتكلم ايضا معكم كثيرا لان رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء[/COLOR].))

يوحنا15: 26
[COLOR="green"]((ومتى جاء المعزي الذي سأرسله انا اليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي.))[/COLOR]

يوحنا16: 7
(([COLOR="green"]لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق.8لانه ان لم انطلق لا يأتيكم المعزي.ولكن ان ذهبت ارسله اليكم. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة.9 اما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي.10 واما على بر فلاني ذاهب الى ابي ولا ترونني ايضا.11 واما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين12 ان لي أمورا كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الآن.13 واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية. ذاك يمجدني لانه يأخذ مما لي ويخبركم.))[/COLOR]

و سنبين الأن بالتفصيل أن هذه نبوءة ظاهرة ساطعة بالنبى صلى الله عليه و سلم و سيتضمن ذلك التبيان إجابة كل إعتراضات الصليبيين :-

[COLOR="Blue"]1[/COLOR]) تكلم المسيح على أن البارقليط سيأتى من بعده لا فى وقت تواجده (([COLOR="green"]لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي[/COLOR])

و معلوم أن روح القدس التى يعنيها النصارى كان موجوداً على الأرض قبل المسيح و بعد مجئيه و أثناء وجوده بين الناس فنقرأ:-

- نزل الروح القدس على المسيح منذ لحظة تعميده (16[COLOR="Green"] فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء.واذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه[/COLOR].)) متى 3: 16

- كان المسيح يمشى ممتلئاً من الروح القدس (([COLOR="green"]اما يسوع فرجع من الاردن ممتلئا من الروح القدس وكان يقتاد بالروح في البرية[/COLOR])) لوقا4: 1

- أعطى المسيح الروح القدس للتلاميذ أثناء وجوده بينهم و قبل صعوده و هذا نقرأه فى يوحنا 20: 21-23
(( [COLOR="green"]فقال لهم يسوع ايضا سلام لكم.كما ارسلني الآب ارسلكم انا. 22 ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس23 من غفرتم خطاياه تغفر له.ومن امسكتم خطاياه أمسكت[/COLOR].))

- و كان بطرس ممتلئاً بالروح القدس يعلم انه لن يموت قبل أن يرى المسيح
(([COLOR="green"]وكان رجل في اورشليم اسمه سمعان.وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية اسرائيل والروح القدس كان عليه. وكان قد أوحي اليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل ان يرى مسيح الرب[/COLOR].)) لوقا 2: 25

- يوحنا يملتىء بالروح القدس (( [COLOR="green"]لانه يكون عظيما امام الرب وخمرا ومسكرا لا يشرب.ومن بطن امه يمتلئ من الروح القدس[/COLOR].)) لوقا 1:15
- الياصابات ممتلئة بالروح القدس (([COLOR="green"]فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها.وامتلأت اليصابات من الروح القدس.)) [/COLOR]لوقا 1: 41

- زكريا ممتلىء بالروح القدس (([COLOR="green"]وامتلأ زكريا ابوه من الروح القدس وتنبأ قائلا[/COLOR])) لوقا1: 67

- داود ممتلىء باروح القدس (([COLOR="green"]لان داود نفسه قال بالروح القدس قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى اضع اعداءك موطئا لقدميك[/COLOR].)) مرقس 12: 36

و غير هؤلاء فقد كان الروح دائماً على الأرض و على الأنبياء و الصالحين:
- (( [COLOR="green"]وكانت الارض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه[/COLOR].)) تكوين 1: 2
- (( [COLOR="green"]حسب الكلام الذي عاهدتكم به عند خروجكم من مصر وروحي قائم في وسطكم.لا تخافوا[/COLOR])) حجى 2: 5
- (([COLOR="green"]ولما جاءوا الى هناك الى جبعة اذا بزمرة من الانبياء لقيته فحل عليه روح الله فتنبأ في وسطهم[/COLOR].)) صموئيل الأول 10: 10
- (([COLOR="green"] فحلّ روح الله على شاول عندما سمع هذا الكلام وحمي غضبه جدا[/COLOR].)) صموئيل الأول 11: 6
- ((6[COLOR="green"] فحلّ عليه روح الرب فشقه كشق الجدي وليس في يده شيء.ولم يخبر اباه وامه بما فعل[/COLOR].)) قضاة 15: 14
- (([COLOR="green"]ثم ذكر الايام القديمة موسى وشعبه.اين الذي اصعدهم من البحر مع راعي غنمه اين الذي جعل في وسطهم روح قدسه[/COLOR])) اشعياء 63: 11
فكيف للجاهلين أن يزعمو بعد هذه النصوص و غيرها أن المعزى الذى لم ياتى إلا بعد صعود المسيح بل ربط مجيئه بتحقق هذا الرفع هو الروح القدس؟!

[COLOR="Blue"]2[/COLOR]) كلمة ([COLOR="green"]روح[/COLOR]) التى استعملها المسيح فى وصف البارقليط وردت فى وصف الأنبياء
فنقرأ مثلاُ فى رسالة يوحنا الاولى 4: 1
[COLOR="green"]((ايها الاحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الارواح هل هي من الله لان انبياء كذبة كثيرين قد خرجوا الى العالم. 2 بهذا تعرفون روح الله.كل روح يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فهو من الله[/COLOR].))

فانظر كيف صرح النص بأن الأنبياء يقال لهم أرواح و ان الأنبياء الصادقين يقال عنهم ([COLOR="green"]روح الله[/COLOR]) أو ( [COLOR="green"]روح الحق[/COLOR]) الذى تكلم عنه المسيح ههنا حين قال [COLOR="Green"](روح الحق الذي لا يستطيع العالم ان يقبله[/COLOR])
و هذا نفس التعبير الذى وصف به يوحنا النبى الصادق لتمييزه من الكاذب حين قال فى يوحنا الاولى4: 6
(([COLOR="green"]نحن من الله فمن يعرف الله يسمع لنا ومن ليس من الله لا يسمع لنا.من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال[/COLOR]))


3) عبارة ([COLOR="green"]الروح القدس[/COLOR]) الواردة فى يوحنا 14: 26عليها ملاحظات قاسمة:

* فبالرجوع إلى النسخ اليونانية نجد أن الاشارة إلى روح الله غير الأدمية لم تكن تستخدم فيها اداة التعريف مرتين مرة مع كلمة ([COLOR="green"]روح)[/COLOR] و مرة مع كلمة ([COLOR="green"]قدس[/COLOR])
بل كانت تنكر دائماً أو تذكر أداة تعريف واحدة فى أول الجملة كما سنبين و لكن فى ترجمة العبارة الى العربية فإن النصارى بجهلهم يخلطون الحابل بالنابل حتى ضاعت هذه الملاحظات الدقيقة و القاسمة فى الترجمات و لنعطى أمثلة لذلك:

* وردت عبارة ([COLOR="green"]روح قدس[/COLOR]) بدون تعريف فى الكلمتين ، فى مواضع منها متى 1: 18
εκ πνευματος αγιου[COLOR="Navy"]
εκ= ب أو بواسطة
πνευματος=روح
αγιου=قدس
فلا توجد أداة تعريف نهائياً فتكون العبارة (بروح قدس)
و مع ذلك ترجمت العبارة ( بالروح القدس)!![/COLOR]

* و وردت عبارة ([COLOR="navy"]روح القدس[/COLOR]) بأداة تعريف واحدة فقط فى مواضع كما فى متى 28: 19
[COLOR="navy"]του αγιου πνευματος
του= ال
αγιου= قدس
πνευματος= روح
و كلمة القدس هنا صفة للروح إذ نرى أداة التعريف وردت مرة واحدة فقط ، و لا يفوتنا أن نشير إلى أن أداة التعريف فى اللغة الانجليزية و اليونانية لا توضع قبل الاسم و الصفة على التوالى و إنما يكتفى بأداة تعريف واحدة توضع فى اول العبارة كما يقال مثلا
The Holy Qoran
The strong fighter[/COLOR]
و مع ذلك ترجمت العبارة بتعريف الكلمتين
و هذا يعكس عجز الترجمة عن تبيان الفارق بين ([COLOR="navy"]الروح القدس[/COLOR]) التى تكون كلمة القدس صفة
و بين ( [COLOR="navy"]الروح، القدس[/COLOR]) التى لا تكون كلمة القدس فيها صفة

و هذه الحالة الأخيرة هى التى وردت فى عبارة فى نص يوحنا 14: 26 محل البحث
إذ وردت العبارة هكذا
[COLOR="navy"]το πνευμα το αγιον

το= ال
πνευματος= روح
το= ال
αγιου= قدس

فكما نلاحظ تكرر فى هذا الموضع فقط (ال) التعريف مرتين ، قبل كلمة روح و قبل كلمة قدس!!
و هذا بلاشك على خلاف قواعد اليونانية ، فلا يقال مثلاً
The Holy the Spirit
The holy the Qoran[/COLOR]و عليه فإن الأمر لا يخرج عن إحتمالين لا ثالث لهما:

[SIZE="6"][COLOR="DarkRed"]الإحتمال الأول:[/COLOR][/SIZE]
أن تكون كلمة (ا[COLOR="Navy"]لقدس[/COLOR]) كلمة مستقلة منفصلة عن كلمة ([COLOR="navy"]الروح[/COLOR]) و هذا محتمل جداً لاسيما إن علمنا أن اليونانية القديمة كانت الكلمات تكتب متلاصقة بلا فواصل ولا خلافه
فتكون العبارة ( [COLOR="navy"]الروح، القدس[/COLOR]) أى أن كلمة القدس يمكن اعتبارها بمقايس النحو ([COLOR="navy"]بدل [/COLOR])
و يدعم ذلك أننا إن عدنا إلى معنى كلمة أجيون([COLOR="navy"]αγιου[/COLOR]) التى ترجمت إلى ([COLOR="navy"]قدس[/COLOR]) فنجد أن هذه الكلمة تستعمل هى نفسها بمعنى ( [COLOR="navy"]قدس)[/COLOR] و بمعنى ([COLOR="navy"]قدوس[/COLOR]) و و أيضاً بمعنى ([COLOR="navy"]قديس[/COLOR]) و هو معنى لا يطلق إلا على البشر العظماء الصالحين المقربين من الله
و هذا ما ورد فى القاموس اليونانى و إليك الرابط لترى المعانى المذكورة بمجرد الضغط على كلمة ([COLOR="navy"]αγιου[/COLOR])


[URL="http://scripturetext.com/matthew/27-52.htm"]http://scripturetext.com/matthew/27-52.htm[/URL]


نجد المعانى الواردة للكلمة=([COLOR="navy"]most holy (one, thing), saint[/COLOR]
و لكن النصارى فى ترجمة الكلمة استعملو الترجمة بحسب أهواءهم و ما يتناسب مع معتقداتهم بلا أى ضابط لاسيما أن الكلمة واحدة و تحمل هذه المعانى جميعاً

فعلى سبيل المثال نقرأ فى لوقا 1: 35
[COLOR="navy"]και αποκριθεις ο αγγελος ειπεν αυτη πνευμα αγιον επελευσεται επι σε και δυναμις υψιστου επισκιασει σοι διο και το γεννωμενον αγιον κληθησεται υιος θεου[/COLOR]

[COLOR="Green"]((فاجاب الملاك وقال لها.الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله.))[/COLOR]

فنلاحظ هنا انها كلمة واحدة فلما وردت فى أول النص ترجمت [COLOR="green"](القدس[/COLOR]) و لما وردت فى أخر النص لتتكلم عن المسيح ترجمت الى ([COLOR="green"]القدوس)[/COLOR]
بينما نقرأ فى متى 27: 52
[COLOR="Navy"]κεκοιμημενων αγιων ηγερθη[/COLOR]
([COLOR="Teal"]و قامت اجساد القديسين الراقدة[/COLOR])
لاحظ نفس الكلمة [COLOR="navy"]αγιων[/COLOR] التى ترجموها مرة الى ([COLOR="teal"]القدس[/COLOR]) و مرة الى (ال[COLOR="teal"]قدوس[/COLOR]) ترجموها هنا إلى ([COLOR="teal"]القديس)[/COLOR] لأن الكلام عن بشر

فلو ترجمت الكلمة فى نص يوحنا أيضاً بمعنى قديس – و هى ترجمة صحيحة تتناسب مع موضع الكلمة فى النص منفرداً- تكون العبارة ( الروح ، القديس)

و قد بينا من قبل أن كلمة الروح تعنى النبى
فتكون العبارة حينئذ ( [COLOR="teal"]البارقليط النبى القديس[/COLOR])

الإحتمال الثانى:
أن تكون كلمة أجيون([COLOR="Navy"]αγιων[/COLOR]) التى تعنى قدس او قديس أصلاً مضافة و مقحمة ، و يؤيد هذا أن هذه الكلمة لم ترد فى احدى اقدم و اهم النسخ على الاطلاق و هى النسخة السينائية([COLOR="navy"]Codex Syriacus[/COLOR]) المكتشفة سنة 1812 ورد النص فقط (البارقليط الروح) و كذلك فى النسخة السريانية ([COLOR="navy"]the palimpsest version[/COLOR] )
و فى كلا الحالتين يتيقن المنصف أن المشار اليه نبى رسول لا روح القدس المعلوم.

[COLOR="Blue"]4)[/COLOR] و أكد المسيح أن ذلك البارقليط صاحب رسالة شاملة (يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم) و قال عنه ([COLOR="Green"]ان لي أمورا كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الآن.13 واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق[/COLOR])

- فدل ذلك أن رسالة المسيح ليست كاملة ولا خاتمة و أن البارقليط الأتى هو الذى ستكون رسالته كاملة شاملة لكل أمور الدين و الدنيا و شريعته عظبمة تتناول كل جوانب الحياة صغيرها و كبيرها و هو ما لم يتحقق إلا مع رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم

- ولا علاقة لهذا بروح القدس التى يزعم النصارى إذ لم يضف جديداً بل كل ما فعله التلاميذ أن قامو بتدوين سيرة المسيح التى هى قصة حياته و هذا هو ما يسميه النصارى الإنجيل فأين الأمور الكثيرة التى ما كانو ليحتملوها لو أن المسيح أخبرهم بها إن كان كل الانجيل يدور حول فكرة الصلب و الفداء التى يفترض أن المسيح تكلم عنها و نفذها بزعمهم؟!

- كما أن قول المسيح ([COLOR="green"]ويذكركم بكل ما قلته لكم[/COLOR]) يدل أن اهل الكتاب لاسيما النصارى الذين اتبعو المسيح بزعمهم سيضيع منهم الكثير و ينسون الكثير حتى يأتى البارقليط فيذكرهم و يقومهم مصداقاً لقوله تعالى:
(([COLOR="green"]َو مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ[/COLOR]))

[COLOR="Blue"]5)[/COLOR] و أكد المسيح أن ذلك الأتى هو بارقليط أخر ، و كلمة (أخر) تدل أنه مثل المسيح
و المسيح كان رجلاً سخاطب الناس (([COLOR="Green"]ايها الرجال الاسرائيليون اسمعوا هذه الاقوال.يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما انتم ايضا تعلمون[/COLOR].)) أعمال 2: 22

و كان إنساناً و جهر بذلك فى حين لم يزعم لنفسه أى ألوهية (([COLOR="green"] ولكنكم الآن تطلبون ان تقتلوني وانا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله.هذا لم يعمله ابراهيم.)) [/COLOR]يوحنا 8: 40

و كان نبياً رسولا (([COLOR="green"]فقالت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل[/COLOR])) متى 21: 11

و لذلك سُمى المسيح نفسه معزياً كما فى يوحنا الأولى 2: 1
((1.[COLOR="green"] يا اولادي اكتب اليكم هذا لكي لا تخطئوا.وان اخطأ احد فلنا شفيع(بارقليط) عند الآب يسوع المسيح البار[/COLOR]))

قد كان كثير من النصارى فى القرون الأولى كانو يعلمون أن المبشر به شخص إنسان لذلك ظهر من من ادعى أنه هو البارقليطمثل منتيس الذى ظهر فى القرن الثانى سنة 177 فى أسيا الصغرى و كان مرتاضاً تقياً فادعى أنه هو البارقليط و تبعه كثير من الناس!!

6) و بين المسيح أن ذلك البارقليط رسول يبلغ ما يسمعه (( [COLOR="green"]لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم [/COLOR]به))

* فجزم بأنه تابع خاضع لله لا يتكلم من نفسه و هذا هو حال رسول الله الذى قال عنه تعالى (([COLOR="green"]قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ[/COLOR]))

* كما أنه يسمع من الله ثم يتكلم بما سمعه ، و الكلمة اليونانية أكوو ([COLOR="Navy"]ακουση[/COLOR]) تعنى يستقبل صوت، و الكلمة اليونانية لاليهو ([COLOR="navy"]λαλησει[/COLOR]) تعنى اصدار صوت، أى يسمع و يتكلم حقيقة

* و كل هذا لا ينطبق على روح القدس التى يزعمها النصارى، فروح القدس يتكلم من نفسه لأنه ببساطة هو الله نفسه و اقنومه الذى يحيا به عندهم!

* كما أنه لا يستقيم ان يسمع نفسه و هو المتحدث، و هو أيضاً لا يتكلم كلاماً يسمعه الناس بل يلهم بزعمهم!

7) و قال المسيح عن البارقليط ( [COLOR="Green"]و يخبركم بأمور أتية[/COLOR]) و هذا دليل ان المراد نبى يخبر بامور مستقبلية، و هو ما كان من رسول الله صلى الله عليه و سلام الذى أخبر بعشرات بل مئات الأخبار الغيبية- كما سنفصل فى بحث المعجزات إن شاء الله- و كلها وقع كما اخبر حتى شأن الفتن و الفتوحات و علامات الساعة الصغرى و الكبرى و أهوال القيامة

8) و قال المسيح عن البارقليط ([COLOR="green"]ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة.9 اما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي.10 واما على بر فلاني ذاهب الى ابي ولا ترونني ايضا.11 واما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين[/COLOR])

* فأفاد أن ذلك البارقليط صاحب رسالة عالمية بينما رسالة المسيح كانت لليهود أصلاً كما قال هو نفسه ( [COLOR="green"]فاجاب وقال لم أرسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة[/COLOR].) متى 15: 24

* و أفاد أيضاً أنه نبى سيبعث بالجهاد و يبكت العالم كله عربه و أعجمه أصفره و أحمره و هو ما كان من رسول الله و صحابته الكرام الذى جابو الامصار و بلغو الأطقار بالدعوة و الفتوحات و الجهاد،
بينما هو معلوم أن روح القدس عند النصارى مجر د الهام روحى وانتعاش ايمانى لم يبكت العالم و لم يشعر به أحد اللهم إلا الموهومين من سذج النصارى حتى أنهم يقولون لن تؤمن الا بالروح القدس و لن يحل بك روح القدس حتى تؤمن!!

* و بين أنه يبكت العالم على خطية و هى عدم إيمان الناس بالمسيح، و هم قسمان:-
أ- اليهود الذين كفروه و سبوه فقال الله فى تبكيتهم (([COLOR="green"]فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً* وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً* وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً [/COLOR]))

ب- النصارى الذين غالو فيه حتى أنزلوه غير منزلته و أشركوه بالله و هو من فعلهم براءن فهؤلاء لم يحبو المسيح حقيقة و إنما أحبو فيه أموراً توهموها و ليست صحيحة فكلما تبين خطا ما توهموه كلما ازادا كفرهم بالمسيح و قل حبهم حتى يصل بهم الحال إلى كفره كما كفرو بالقرأن لما أخبرهم حقيقة المسيح عليه السلام، و أولائك قال تعالى فى تبكيتهم (([COLOR="green"]لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[/COLOR]))

و قال تعالى (([COLOR="green"]َّما الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ[/COLOR]))

و بكت كلا الفريقين سبحانه قائلا (([COLOR="green"]أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[/COLOR]))
و قوله تعالى (([COLOR="green"]يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً [/COLOR]))

و الحقيقة أن لا دليل تاريخى على وجود المسيح أصلاً فضلاً عن غيره من الأنبياء اللهم إلا القرأن الذى ثبت الإيمان بالمسيح و صدق به و أعلن أنه حق و لله الحمد

* و بين المسيح أن البارقليط أنه يبكت العالم على بر، أى ليؤمنو بأمر هو البر بعينه و هو أن المسيح قد نجاه الله و رفعه إليه و لم يصبه أذى إذ قال [COLOR="green"](واما على بر فلاني ذاهب الى ابي ولا ترونني ايضا[/COLOR])

و هذا ما قاله تعالى ([COLOR="green"]وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينا*بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً[/COLOR])

و قال جل و علا ([COLOR="green"]إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ[/COLOR])

فالإسلام هو الذى طهر المسيح مما نسبه إليه من زعمو حبه من أنه قد عذب و أهين و بصق على وجهه الشريف و ألبس ثوب الأرجوان و إكليل الشوك و مات مصلوباً بل و ملعوناً على الصليب كما يقول بولس!!

* و قال المسيح أنه يبكتهم على دينونة فقال ([COLOR="green"]واما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين[/COLOR])

و هذا ما جاء القرأن بتقرير حقيقة الشيطان و مطائده و التحذير منه و من خطواته و الأمر باخاذه عدواً و تبكيت من يواليه
فقال تعالى (([COLOR="green"]إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ[/COLOR]))

و قال عز و جل (([COLOR="green"]يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [/COLOR]))

و قال تعالى [COLOR="green"]((يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ[/COLOR]))
و قال جل ثناؤه (([COLOR="green"]أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ[/COLOR]))
و الأيات فى ذلك كثيرة، و لم يتناول الكتاب المقدس أمر الاعتقاد فى الشيطان و التحذير من مكائده و تبيان مداخله و لو بعشر معشار ما علمنا ربنا برسالة الإسلام العظيم!

9) و أخبر المسيح أن ذلك البارقليط تكون رسالته خاتمة لا تنسخ إلى قيام الساعة بقوله [COLOR="green"]((وانا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم الى الابد[/COLOR]))

وقد زعم النصارى أن البارقليط يجب أن يأتى للتلاميذ و لم يأتى رسول الله لتلاميذ المسيح كما أن رسول الله توفاه ربه و لم يمكث إلى الأبد!

و ليس الأمر كما ادعى هؤلاء السذج، فالمسيح يخاطب المؤمنين به عموماً، و الطائفة المؤمنة كتب الله لها البقاء إلى قيام الساعة و هم المسلمون اتباع محمد صلى الله عليه و سلم أتباع المسيح الحقيقيون لأن دين الأنبياء واحد كما قال تعالى (([COLOR="green"]إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [/COLOR]))
و الذين اتبعوه الطائفة المنصورة هم المسلمون

- و هذا كما قال بطري فى ذكره قول الله لموسى ([COLOR="green"]هذا هو موسى الذي قال لبني اسرائيل نبيا مثلي سيقيم لكم الرب الهكم من اخوتكم.له تسمعون.) [/COLOR]أعمال 7: 37

فبنفس هذا المنطق يجب أن يأتى ذلك النبى لقوم موسى الذى كانو فى عصره لقول الرب ([COLOR="green"] أقيم لكم[/COLOR]) فهل يقول عاقل بذلك؟!

ثم إن تشدق النصارى بأن المقصود بكلام المسيح جيل التلاميذ بالتحديد و ليس المؤمون بصفة عامة فهل مكث جيل التلاميذ إلى الأبد؟!

- و من جهة أخرى فإن قوله ([COLOR="green"]ليمكث معكم الى الابد[/COLOR]) لا يقصد به أن يمكث بذاته، و إنما أن شريعته ستمكث إلى الأبد يحفظها الله و سيكون قائدهم و صوب أعينهم بسنته الكاملة التى بها يقتدون و فى نورها يسيرون و قد أتمم الله لنبيه دينه غير منقوص و ترك الأمة على المحاجة البيضاء و يحيى المؤمن فى سنة رسول الله و يتذكره و يتلو امره او ينفذه أكثر مما يتذكر اباه و امه و الناس أجمعين

- و حسب ذلك النص فإن البارقليط سيرسله الله بعد رفع المسيح و قد سبق تبيان أن روح القدس كان موجوداً قبل و بعد و أثناء حياة المسيح على الأرض!!

- زد على ذلك أن كلمة إلى الأبد تستعمل كثيراً بمعنى طول الزمن فى الكتاب المقدس و ليس بمعنى السرمدية دائماً كما قال عن داود فى حزقيال 37: 25 ([COLOR="green"]وعبدي داود رئيس عليهم الى الابد.)[/COLOR]
و قال فى مزمور 21: 4 عن داود (( [COLOR="green"]حياة سألك فاعطيته.طول الايام الى الدهر والابد.))[/COLOR]

و رسول الله كانت له حياة عظيمة فى الدعوة امتدت لثلاثة و عشرين عاماً و أسس مملكة لأمة عظيمة تتبع دينه ممتدة فى مشارق الأرض و المغاربها إلى قيام الساعة

10) و قد تشدق النصارى لإثبات باطلهم باستشهاد مغلوط بقول المسيح ([COLOR="green"]ومتى جاء المعزي الذي سأرسله انا اليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي[/COLOR])

و قوله ([COLOR="green"]روح الحق الذي لا يستطيع العالم ان يقبله لانه لا يراه ولا يعرفه.واما انتم فتعرفونه لانه ماكث معكم ويكون فيكم[/COLOR])

و قوله ([COLOR="green"]الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء[/COLOR])
فقالوا ان المسيح صرح بأنه هو من يرسل البارقليط ، و أن ذلك البارقليط ينبثق من الله و أنه غير مرئى و هذا لا ينطبق على رسول الاسلام

و جواب ذلك من وجوه:
[COLOR="Blue"]أ-[/COLOR] أما قوله ([COLOR="green"]الذي سأرسله أنا اليكم من الآب[/COLOR]) فالمسيح هنا لا يقصد أنه سيمد يده ليخرجه من بطن الأب ثم يزج به إلى العالم كما توهم هؤلاء السذج!

و إنما عنى أنه سيتضرع إلى الله و يدعوه و يسأله أن يرسل سيد المرسلين هدى و رحمة للعالمين
و دليل ذلك ما قاله المسيح نفسه فى يوحنا 14: 16 ([COLOR="Teal"]وانا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر[/COLOR])

فهذا النص يبين كيف سيرسله المسيح من الأب بأنه سيطلب ذلك من الله دعاء و تضرعاً و توسلاً
كما دعى من قبله إيراهيم فقال (([COLOR="teal"]رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ[/COLOR]))
و كلمة (أطلب) المذكورة ههنا فى أصلها اليونانى اراتو ([COLOR="Blue"]ερωτησω[/COLOR]) تعنى التضرع و التوسل، فهو ليس مجرد طلب حتى و لكنه مصحوب بذل العبودية مما يبين حقيقة المسيح عليه السلام

و قد جاءت فى بعض الترجمات الانجليزية ([COLOR="Navy"]pray [/COLOR]) بمعنى أصلى الى الله
[COLOR="navy"]And I will pray the Father, and he will give you another Counselor, to be with you for ever[/COLOR]

[COLOR="Blue"]ب[/COLOR]- و أما قوله ([COLOR="Green"]ينبثق من الأب[/COLOR]) فلا يعنى أبداً أنه جزء من الله يخرج فالله سبحانه لا يتجزأ ولا يتبعض ولا تطرأ عليه العوارض تعالى عن إفكهم علواً كبير

و إنما عنى أنه يُبعث بالحق من قبل الله سبحانه و ان الله يلقى الروح على قلبه ليعرف الناس بربهم و يكون صلتهم بخبر السماء
و هذا كما قال يوحنا ([COLOR="Teal"]ايها الاحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الارواح هل هي من الله لان انبياء كذبة كثيرين قد خرجوا الى العالم[/COLOR].) يوحنا الاولى 4: 1
فوصف الأنبياء الصادقين كما نرى بأنهم أرواح من الله و لا يقول عاقل أنه قصد أنهم أوراح من ذات الله و إنما مرسلون من الله

- و لكن هذا شان النصارى فى التمطع و الإنحراف و لما لا و هم الذين نسبو لله الولد لمجرد أن المسيح قيل عنه فى بعض المواضع أنه ابن الله و نسوا أن هذا لا يعنى بنوه ذاتيه و إنما أنه نبى كريم صالح يحبه الله و ان العهد القديم ملىء بأبناء الله و لم يقل أحد أنهم الهه!!

[COLOR="Blue"]جـ[/COLOR]- و أما قوله ([COLOR="teal"]روح الحق الذي لا يستطيع العالم ان يقبله لانه لا يراه ولا يعرفه.واما انتم فتعرفونه لانه ماكث معكم ويكون فيكم[/COLOR])

فهو لا يعنى الرؤية العينية و إلا فمن الطبيعى أن لا يؤمن الإنسان بأمر لا يدرى شىء عنه، فإن كان المقصود هو روح القدس المزعوم فهذا ليس محل قبول و رفض، لأن من يملتىء بروح القدس يمتلىء ايماناً فى اعتقاد النصارى و من ليس عنده روح قدس ليس مؤمناً، فالإنسان لا يأتيه روح القدس هذا فيقبله او يرفضه و إنما يأتى لاناس فيصيروا مؤمنين و لا يأتى غيرهم أصلاً فيظلو على حالهم كما قلنا من قبل فالنصارى يرددون لن تؤمن الا بالروح القدس!
و كيف إذاً لروح غير مرئية لا يشعر بها الا المؤمنين بزعمهم أن تبكت العالم و تظهر الحق فيه و تسمع من الله و تتكلم بما تسمع؟!

[COLOR="blue"]*[/COLOR] الحق أن المراد هنا هو الرؤية القلبية اى البصيرة كما قال المسيح عن غير المؤمنين
(([COLOR="Green"]لأنهم مبصرين لا يبصرون، وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون[/COLOR] )) متى 13/13.

و كما قال تعالى (([COLOR="green"]أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ[/COLOR]))

و هذا هو ما وقع مع رسول الله فقد أنكره الجهلاء فحكى سبحانه قولهم :
(([COLOR="green"]وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً[/COLOR]))

(([COLOR="green"]وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ*أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ[/COLOR]... ))

و لما بعث رسول الله لكسرى الفرس يدعوه و قومه للإسلام كاتباً ([COLOR="green"]من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس[/COLOR]...) فما كان من كسرى إلا أن مزق الرسالة و قال ( [COLOR="green"]يقدم إسمه على إسمى و هو عبدى؟[/COLOR]) فدعا عليه رسول الله أن يمزق الله ملكه و قد كان

- أما أهل الكتاب الذين أمنو – كما هو مفترض منهم- بالتوراة و الإنجيل فهم يعرفون رسول الله لأنه مذكور عندهم لذا قال لهم المسيح ([COLOR="green"]واما انتم فتعرفونه لانه ماكث معكم ويكون فيكم[/COLOR])

و المسيح يقصد هنا من أمنوا به و بالكتاب عموماً لا جيل التلاميذ بالتحديد كما سبق و بينا!

- و الحق أن النبى يعرفه أهل الكتاب سلفاُ و خلفاً لأن معهم خبره و صفته و مخرجه و يبعثه الله تعالى لهم و للعالمين كما قال تعالى ([COLOR="green"]تبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً[/COLOR])

و هذا ما أخبرنا تعالى عنه بقوله (([COLOR="green"]الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[/COLOR]))

د- و أخيراً فإن قول المسيح ([COLOR="green"]الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء[/COLOR])
فهو لا يعنى أنه سُيرسل باسم المسيح كإله، و إنما سيعرف الناس حقيقة المسيح و يصحح إيمانهم به و يعترف برسالته و يمجدها و يضعها فى منزلتها الصحيحة

لذلك فإن المسيح هو النبى الوحيد الذى أمر النبى صلى الله عليه و سلم بإضافة إسمه للشهادتين لمن أراد دخول الجنة على ما كان من عمل فقال عليه السلام
(([COLOR="green"]من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و أن عيسى عبد الله و رسوله وكلمته ألقاها إلى مريم و روح منه و الجنة حق و النار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)) [/COLOR]رواه الشيخان

- و يمكن أن نقول أيضاً بأن رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الذى أظهر اسم المسيح الحق بعدما حُرف و ضاع بين الأمم ، إلى أن تم فك رموز اللغة الأرامية و تبين أنه بالفعل ([COLOR="green"]عيسى[/COLOR])
و إلا فنحن نسأل النصارى اى اسم الذى يفترض أن يأتى به البارقليط أهو يسوع ام ايسوس ام جيسوس ام هيسوس ام جايزو ؟ و كلها اسماء شديدة التباين جذراً و معنى للمسيح باختلاف لغات القوم علماً ان الاعلام لا تترجم!

فعندما يصلون ال اسم للمسيح إبتداءً فليتشدقو و يقولو أن روح القدس جاء به و إلا فإنه كما أخبر القرأن العظيم عيسى ابن مريم

[COLOR="Blue"]*[/COLOR] و ليس يسوع الاسم العربى للمسيح و المشتق من الجذر يسع و التى تعنى بالعربية الضياع والهلاك!!

- أو الذى قال عنه المفكر للنصرانى أنيس فريحه: "إن اسم يغوث فعل مضارع بمعنى يسعف و أنه الاسم العبرى يشوع من جذر يشع بمعنى خَلص و منها يسوع"
فاعترف بلسانه ان اسم يسوع العربى بعود فى أصله لصنم قديم معبود من دون الله اسمه يغوث!

[COLOR="blue"]*[/COLOR] وليس جيسوس الاسم الانجليزى للمسيح المأخوذ من الكلمة اللاتينية ([COLOR="blue"]جى زيوس)[/COLOR]و التى تعنى السمكة لأن كلمة زيوس تشير الى نوع معين من الأسماك، - و كانت السمكة رمزاً مقدساً للنصرانية قديماً و عادت مرة أخرى يضعها الصليبيون اليوم على سياراتهم و مواطن زينتهم- و قد اتخذ اليونان اسم زيوس لكبير الهتهم الوثنية و ورثه منهم النصارى الغربيين!

[COLOR="blue"]*[/COLOR] و ليس ايسوس اليونانى الذى لا يعدو ان يكون ترجمة وثنية لاسم رسول الله عيسى ، نعم فإن القاموس اللاتينى يثبت أن ياسوس هو ابن الاله اليونانى جوبيتر و زوجته الكترا محبوبة كريس أى صنم أخر!
وأكتفى بهذا القدر خشية الاطالة و لأن المقام للإشارة لا للتفصيل و يمكن مراجعته لمن أراد الاطناب فى كتاب معالم أساسية ضاعت من المسيحية للعميد جمال الدين شرقاوى

[COLOR="blue"]11)[/COLOR] و الأن نصل إلى كلمة البارقليط نفسها و نرى ما فيها من ملاحظات:

[COLOR="blue"]أ-[/COLOR] نلاحظ أن النصارى لا يعلمون و مختلفون هل لفظ ( باراقليط) [COLOR="Navy"](παρακλητ)[/COLOR] اسم علم أم صفة،
و قد رجح الكثير منهم لاسيما الأقدمين أنه اسم علم لذلك كان ينقل فى كل اللغات كما هو ([COLOR="navy"]بارقليط[/COLOR]) و هذا ما أخذ به الحبر النصرانى الشهير متى المسكين فى كتاب المدخل لشرح إنجيل بوحنا صــــ247
{[COLOR="navy"]أما لفظ بارقليط فيأتى كإسم علم شخص مذكر..} [/COLOR]و إن كان زعم أنه اسم علم لروح القدس يميزه إلا أن هذه مزاعم خالية من الدليل فيكفينا الشاهد الذى جاء به
و وردت الكلمة كما هى حتى فى المخطوطات القبطية و اللاتينية، مما يؤكد أنه ليس مجرد صفة و إنما إسم علم و إلا فلما نقلت كما هى و لم تترجم؟ و إليك رابط الفولجاتا- النسخة اللاتينية- لنقرأ فيه فى يوحنا 14: 26 كلمة "[COLOR="Teal"]بارقليط[/COLOR]" غير مترجمة
[COLOR="navy"]paracletus autem Spiritus Sanctus quem mittet Pater in nomine meo ille vos docebit omnia et suggeret vobis omnia quaecumque dixero vobis[/COLOR]


[URL="http://www.fourmilab.ch/etexts/www/Vulgate/John.html"]http://www.fourmilab.ch/etexts/www/Vulgate/John.html[/URL]

و مع ذلك فقد عهد النصارى فى مؤخراً إلى ترجمة الأعلام التى لا تترجم إلى معانيها المفترضة مما يؤكد تخبطهم فى حقيقة البارقليط

[COLOR="Blue"]ب[/COLOR]-و اعلم أن معنى كلمة بارقليط مازال مجهولاً و مختلفاً فيه رغم كل ما يزعمه النصارى من أنها كلمة أصيلة معلومة المعنى ، يقول الأب متى المسكين فى كتاب المدخل لشرح إنجيل بوحنا صــــ24
{و لكن بحسب الأبحاث اللغوية فإن العلماء لم يستقروا على ترجمة لهذا الإسم البارقليط و قد اتفقوا جميعاً على ترك الإسم كما هو بألفاظه المنقولة عن اللفظ اليونانى بارقليط}
و لكن كما قلنا فإن هذا لم يعد قائماً و لجأ المحرفون إلى اعتماد اللفظ كصفة يترجموها حسب أهواءهم !

[COLOR="blue"]جـ[/COLOR]- و اعلم ان هذه الكلمة المستخدمة باراكليتوس([COLOR="Navy"]Parakletos[/COLOR]) تشبه كثيراً كلمة بيركليتس(Periklytos[COLOR="navy"][/COLOR]) و التى تعنى محمد أو محمود ، فهل يتصور أن تصل المصادفة إلى حد ان تكون البشارة منطبقة على رسول الله على النحو المبين ثم نجد ان حتى الكلمة المستخدمة تشبه كثيراً اسمه باليونانية ؟!
فهذا مما لا يستعبد معه أن يكون الخطا وقع فى ترجمة الاسم الى اليونانية او نقله لاسيما و أن مثل هذه الاخطاء فى النسخ و النقل ممتلئ بها الكتاب المقدس و باعتراف النصارى!!

[COLOR="Blue"]د[/COLOR]- أخيراً و إن سلمنا لصحة اللفظة و عدنا إلى المعانى التى اعتمدوها فى ترجمة الكلمة نجدها ([COLOR="navy"]الشفيع- المعزى-المؤيد [/COLOR])
فإننا لنعجب أن هذه المعانى جميعاً تنطبق تماماً على رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم

- فأما معنى [COLOR="Navy"](شفيع[/COLOR]) فلا شك أن هذا من أهم ألقاب النبى صلى الله عليه و سلم و هو القائل
[COLOR="navy"]((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع[/COLOR] )) رواه مسلم

و هو القائل عليه السلام (([COLOR="navy"]لكل نبي دعة دعي بها فاستجيب له ولي دعوة ادخرتها لأمتي يوم القيامة[/COLOR]))

و فى حديث الشفاعة المشهور : (([COLOR="navy"]يلقى الناس يوم القيامة ما شاء الله أن يلقوا من الحزن فيقولون انطلقوا بنا إلى آدم فيشفع لنا إلى ربنا فينطلقون إليه فيقولون ياآدم اشفع لنا إلى ربك فيقول لست هناك ولكن انطلقوا إلى خليل الله إبراهيم فينطلقون إليه فيقولون يا إبراهيم اشفع لنا إلى ربنا فيقول لست هناك ولكن انطلقوا إلى من اصطفاه الله برسالاته وبكلامه قال فينطلقون إلى موسى فيقولون اشفع لنا إلى ربك فيقول لست هناك ولكن انطلقوا إلي كلمة الله وروحه فينطلقون إليه فيقولون يا عيسى اشفع لنا إلى ربك فيقول لست هناك ولكن انطلقوا إلى من جاء اليوم مغفورا له ليس عليه ذنب قال فينطلقون إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقولون يا محمد اشفع لنا إلى ربك قال فيقول أنا لها وأنا صاحبها قال فأنطلق حتى استفتحباب الجنة فيفتح لي فأدخل وربي على عرشه فأخر ساجدا فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد قبلي قال أحسبه قال ولا يحمده أحد بعدي قال فيقال يا محمد ارفع رأسك اشفع تشفع[/COLOR])) رواه البخارى و غيره
ولا شك أن كل الأنبياء شفعاء لكن كما رأينا فإن الشفاعة العظمى و الشفاعة الأولى و الشفاعة الكبرى إنما لسيد الشافعين من الخلق محمد صلى الله عليه و سلم

- و أما معنى المعزى فهو أيضاً ينطبق على رسول الله الذى جاء ليعزى المؤمنين المستضعفين و يحيى امل الموحدين و يجدد دين المرسلين، و يصحح المعتقد فى الرب و النبيين و يكشف زيف المزيفين و يظهر دين الحق على الأديان أجمعين
قال تعالى ([COLOR="navy"]هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ[/COLOR])

و قال سبحانه ([COLOR="Green"]لقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ[/COLOR] رَّحِيمٌ)

و قال جل ثناؤه ([COLOR="green"]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً[/COLOR])

و قال عز و جل ([COLOR="green"]َلقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ[/COLOR])

و قال جل و علا ([COLOR="green"]فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[/COLOR])



[SIZE="6"][COLOR="Red"]البشارة بايليا :[/COLOR][/SIZE]


تأتى النبوءة فى إنجيل متى 11: 11
(([COLOR="Green"]الحق اقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء اعظم من يوحنا المعمدان.ولكن الاصغر في ملكوت السموات اعظم منه. 12 ومن ايام يوحنا المعمدان الى الآن ملكوت السموات يغصب والغاصبون يختطفونه. 13 لان جميع الانبياء والناموس الى يوحنا تنبأوا. 14 وان اردتم ان تقبلوا فهذا هو ايليا المزمع ان ياتي[/COLOR].))

و نستخلص منها الأتى:
[COLOR="Blue"]1)[/COLOR] إمتدح المسيح يوحنا – يحيى- و قال أنه أعظم من ولدت النساء و لكن هناك من هو أعظم منه ألا و هو ( [COLOR="Green"]الأصغر فى الملكوت)[/COLOR] و لاشك أن ذلك هو خاتم النبيين و سيد المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم، لأنه أحدث الأنبياء عهداً بالحياة و أخرهم بعثة بالرسالة فهى فقرة واضحة جلية

[COLOR="Blue"]2)[/COLOR] و قد أساء النصارى فهم قول المسيح ([COLOR="green"]فهذا هو ايليا المزمع ان ياتي[/COLOR]) فظنو أن الإشارة تعود على يوحنا و هذا خطأ فادح لأسباب:
[COLOR="blue"]أ-[/COLOR] أن يوحنا نفسه نفى أن يكون هو إيليا لما سؤل (([COLOR="green"]فسألوه اذا ماذا.ايليا انت.فقال لست انا.النبي انت.فاجاب لا.[/COLOR])) يوحنا 1: 21
فلو أن المسيح قصد أن يوحنا هو إيليا - كما اشار كاتبو الانجيل المحرف إلى ذلك فى موضع اخر زوراً - لكان أحدهما كاذباّ يقيناًُ إما يوحنا كذب فى قوله أنه ليس إيليا و إما المسيح كذب بقوله أن يوحنا هو إيلياً!!

[COLOR="blue"]ب[/COLOR] - أن إيليا يفترض به أنه نبى أخر الزمان الذى يأتى قبل قيام الساعة و يبعث بالسيف لينقذ المتقين و يصغر الكافرين و يظهر دينه على الأديان أجمعين و لهذا قال عنه المسيح كما فى متى 11: 14 أنه "[COLOR="Green"]المزمع أن يأتى[/COLOR]" يعنى لازال لم يأتى ،

و يؤكد هذا كله ما ورد فى ملاخى 4: 2-6
[COLOR="green"]((ولكم ايها المتّقون اسمي تشرق شمس البرّ والشفاء في اجنحتها فتخرجون وتنشأون كعجول الصيرة. 3 وتدوسون الاشرار لانهم يكونون رمادا تحت بطون اقدامكم يوم افعل هذا قال رب الجنود .هانذا ارسل اليكم ايليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف. 6 فيرد قلب الآباء على الابناء وقلب الابناء على آبائهم لئلا آتي واضرب الارض بلعن[/COLOR]))

فهذا نص لم ينطبق إلا على رسول الله صلى الله عليه و سلم
[COLOR="Blue"]•[/COLOR] فهو نبى أخر الزمان الذى أرسله الرب بين يدى الساعة
[COLOR="blue"]•[/COLOR] و هو الذى بعث بالسيف ليذل الكافرين و يعز المؤمنين و يظهر الدين
[COLOR="blue"]•[/COLOR] و هو الذى ببعثته كانت الرحمة للعالمين إذ لولا بعثته لأهلك الله الأرض و من عليها و لكن أمهلهم ربهم ببعثة سيد ولد أدم عليه السلام

[COLOR="blue"]3[/COLOR])و قد أثبت العميد جمال الدين شرقاوى أن اسم إيليا = أحمد و بيان ذلك:
الإسم العبرى إلياهو ([COLOR="Navy"]צדיק ר[/COLOR]) ينطق أحياناً بدون الواو إيليا ([COLOR="navy"]צדיק[/COLOR])

و معلوم أن الكلمتان لهام نفس المعنى
إذ كلمة إيليا تتكون من مقطعين ([COLOR="navy"]إيلى- يا[/COLOR]) و كلمى "ايلى"تعنى الهى ، و كلمة "[COLOR="navy"]يا[/COLOR]" تعنى الله كما سبق بيانه
فيكون معنى العبارة الهى هو أو الهى الله

و كلمة الياهو تتكون من ثلاثة مقاطع ([COLOR="navy"]ايلى- يا- هو[/COLOR])
بمعنى الهى هو الله او الله هو الهى

الشاهد أننا باستخدام حساب اليهود الشهير أبى جاد سنجد الأتى:
مجموع أرقام الاسم العبرى [COLOR="navy"](الياهو[/COLOR]) يساوى (53) و هو الرقم الذى يساوى مجموع ارقام اسم ([COLOR="navy"]أحمد[/COLOR])
و اليكم طريقة حساب أبى جاد باستبدال حروف الكلمة المراد فك شفرتها بما يعادلها من الأرقام المقررة لها


أ=1
ب=2
ج=3
د=4
هـ=5
و=6
ز=7
ح=8
ط=9
ى=10
ك= 20
ل=30
م=40
ن=50
س=60-90
ع=70
ف=80
ص=90-800
ق=100
ر=200
ش=300
ت=400



يتبع إن شاء الله...

عارف الشمري 2011-04-02 08:24 PM

نكتفى بهذا القدر من النقولات من الكتب المعتمدة لدى النصارى و نزيد فى هذا الفصل بعض البشارات فى زبر الأولين غير المعترف بها لدى الكنيسة الوثنية ، و العجيب فيها أنها كلها تعود إلى قبل ميلاد رسول الله صلى الله عليه و سلم و مع ذلك احتوت الإخبار عنه بنصوص صريحة و من أمثلة ذلك:-


[COLOR="Red"][SIZE="6"]البشارة فى انجيل توما :[/SIZE][/COLOR]


و هذا بحث رائع للأخ قسورة حفظه الله حول البشارة برسول الله فى الإنجيل المنسوب لتوما
و انجيل توما :احد المخطوطات المكتشفة ضمن مكتبة نجع حمادي وهي مكتوبة باللغة القبطية عن اللغة اليونانية
واكتشف له مخطوطات اخرى باللغة اليونانية تعود الى حوالي 170 سنة بعد الميلاد
يتكون انجيل توما من مجموعة من التعاليم والاقوال تنسب الى السيد المسيح وعددها 114
و هذا هو نص الإنجيل لمن أراد مطالعته:

[URL="http://reluctant-messenger.com/gospel-thom...ncy_Johnson.htm"]http://reluctant-messenger.com/gospel-thom...ncy_Johnson.htm[/URL]



ما يهمنا هناهي الفقرة رقم 12 من اقوال المسيح حسب انجيل
توما
12[COLOR="Navy"] The disciples said to Jesus, "We know that you are going to leave us. Who will be our leader?"
Jesus said to them, "No matter where you are you are to go to James the Just, for whose sake heaven and earth came into being[/COLOR]."

وهذه ترجمة عربية منقوله
12 - [COLOR="Green"]قال التلاميذ ليسوع : نعلم أنك سوف تتركنا . فمَنْ حينئذ سيكون قائدنا؟
فقال لهم يسوع: " حيثما تكونون عليكم ان تذهبوا الى يعقوب البار الذى من اجله خلقت السماء والارض [/COLOR]"

إذاً فالمسيح يتكلم عن قائد من بعده عظيم الشأن حتى أنه الذى من أجله خلق الله السماوات و الأرض و بين ان اسمه يعقوب

و معلوم بالاجماع عند اليهود و النصارى و المسلمين أنه لا ينتظر نبى اسمه يعقوب فما ذا تعنى كلمة يعقول يترى؟!

إن كلمة يعقوب من الجذر [COLOR="green"](عقب)[/COLOR] و تعنى الذى ياتى فى عقب غيره
و هذا ما جاء فى قاموس سترونج العبرى

[URL="http://hebrew.scripturetext.com/genesis/25-26.htm"]http://hebrew.scripturetext.com/genesis/25-26.htm[/URL]



[COLOR="Navy"]from aqab heel-catcher (i.e. supplanter); Jaakob, the Israelitish patriarch[/COLOR]

[SIZE="5"][COLOR="navy"]و هذا هو معنى الإسم أيضاً بمراجعة التكوين 25 :26 [/COLOR][/SIZE]

(( وب[COLOR="Green"]عد ذلك خرج اخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعي اسمه يعقوب[/COLOR]))

إذايعقوب تعنى العاقب من الفعل ([COLOR="green"]عَقَبَ[/COLOR])
كما أن محمد تعنى أحمد من الفعل حمد

و هذا هو أحد اسماء رسول الله صلى الله عليه و سلم ([COLOR="green"]العاقب[/COLOR]) كما قال فى الحديث الصحيح

(([COLOR="green"]لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد[/COLOR]))
و اما وصفه بأنه الذى خلق الله السماوات و الأرض لأجله فلعل هذا ليس من قبيل المصادقة أن يكون ذلك نفس الوصف الذى ورد عنه فى انجيل برنابا ص76

(([COLOR="green"]فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس نصها:"لا إله إلا الله ومحمد رسول الله" ففتح حينئذ فاه وقال:"أشكرك أيها الرب إلهي لأنك تفضلت فخلقتني، ولكن أضرع إليك أن تنبئني ما معنى هذه الكلمات"محمد رسول الله" فأجاب الله" مرحبا بك يا عبدي آدم وإني أقول لك إنك أول إنسان خلقت وهذا الذي رأيته إنما هو ابنك الذي سيأتي إلى العالم بعد الآن بسنين عديدة، وسيكون رسولي الذي لأجله خلقت كل الأشياء الذي متى جاء سيعطي نورا للعالم[/COLOR]))
و أنا اتى بالشاهد فقط من هذا الانجيل الذى ضج مضاجع النصارى و همو يصنفون المصنفات فى تفنيده و اما انجيل توما فنسخة تعود لقبل ميلاد رسول الله بقرون و فيه نفس الوصف!!



[COLOR="Red"][SIZE="6"]
الرؤيا الابراهيمية :[/SIZE][/COLOR]


و هذا بحث طيب أيضاً للاستاذ هشام طلبة و فيه:

ومن فضل الله علىَ أن يسَر لي قراءة كتاب من كتب السوديبيجرافا, إسمه "رؤيا إبراهيم ". كتب هذا الكتاب في القرن الأول أو الثاني الميلادي , رغم ذلك أقدم مخطوطاته تعود للقرن الرابع عشر الميلادي (ولم يعرف في الأوساط العلمية إلا في القرن الحادي عشر أو الثاني عشر) أى أنه ظل مجهولاََََََََََََََََََََ لما لا يقل عن عشرة قرون , ولا يوجد له سوى ترجمة واحدة أى نص واحد باللغة السلافية فلا يعقل مثلاَََََََََََََََََ أن يقول قائل إنَ محمداَََََََََََََ صلى الله عليه وسلم تحصل على نسخة من هذا الكتاب قبلنا وأدرك تلك الصدفة وذلك التطابق بينه وبين الشخصية صاحبة النبوءة فاعتزم ادعاء النبوة !!.

و هذا رابط كتاب رؤيا إبراهيم"[COLOR="Navy"] The apocalypse of Abraham[/COLOR]" من مخطوطات البحر الميت





[COLOR="Red"][SIZE="6"]البشارة فى انجيل توما :[/SIZE][/COLOR]


و هذا بحث رائع للأخ قسورة حفظه الله حول البشارة برسول الله فى الإنجيل المنسوب لتوما
و انجيل توما :احد المخطوطات المكتشفة ضمن مكتبة نجع حمادي وهي مكتوبة باللغة القبطية عن اللغة اليونانية
واكتشف له مخطوطات اخرى باللغة اليونانية تعود الى حوالي 170 سنة بعد الميلاد
يتكون انجيل توما من مجموعة من التعاليم والاقوال تنسب الى السيد المسيح وعددها 114
و هذا هو نص الإنجيل لمن أراد مطالعته:

[URL="http://reluctant-messenger.com/gospel-thom...ncy_Johnson.htm"]http://reluctant-messenger.com/gospel-thom...ncy_Johnson.htm[/URL]



ما يهمنا هناهي الفقرة رقم 12 من اقوال المسيح حسب انجيل
توما
12[COLOR="Navy"] The disciples said to Jesus, "We know that you are going to leave us. Who will be our leader?"
Jesus said to them, "No matter where you are you are to go to James the Just, for whose sake heaven and earth came into being[/COLOR]."

وهذه ترجمة عربية منقوله
12 - [COLOR="Green"]قال التلاميذ ليسوع : نعلم أنك سوف تتركنا . فمَنْ حينئذ سيكون قائدنا؟
فقال لهم يسوع: " حيثما تكونون عليكم ان تذهبوا الى يعقوب البار الذى من اجله خلقت السماء والارض [/COLOR]"

إذاً فالمسيح يتكلم عن قائد من بعده عظيم الشأن حتى أنه الذى من أجله خلق الله السماوات و الأرض و بين ان اسمه يعقوب

و معلوم بالاجماع عند اليهود و النصارى و المسلمين أنه لا ينتظر نبى اسمه يعقوب فما ذا تعنى كلمة يعقول يترى؟!

إن كلمة يعقوب من الجذر [COLOR="green"](عقب)[/COLOR] و تعنى الذى ياتى فى عقب غيره
و هذا ما جاء فى قاموس سترونج العبرى

[URL="http://hebrew.scripturetext.com/genesis/25-26.htm"]http://hebrew.scripturetext.com/genesis/25-26.htm[/URL]



[COLOR="Navy"]from aqab heel-catcher (i.e. supplanter); Jaakob, the Israelitish patriarch[/COLOR]

[SIZE="5"][COLOR="navy"]و هذا هو معنى الإسم أيضاً بمراجعة التكوين 25 :26 [/COLOR][/SIZE]

(( وب[COLOR="Green"]عد ذلك خرج اخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعي اسمه يعقوب[/COLOR]))

إذايعقوب تعنى العاقب من الفعل ([COLOR="green"]عَقَبَ[/COLOR])
كما أن محمد تعنى أحمد من الفعل حمد

و هذا هو أحد اسماء رسول الله صلى الله عليه و سلم ([COLOR="green"]العاقب[/COLOR]) كما قال فى الحديث الصحيح

(([COLOR="green"]لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد[/COLOR]))
و اما وصفه بأنه الذى خلق الله السماوات و الأرض لأجله فلعل هذا ليس من قبيل المصادقة أن يكون ذلك نفس الوصف الذى ورد عنه فى انجيل برنابا ص76

(([COLOR="green"]فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس نصها:"لا إله إلا الله ومحمد رسول الله" ففتح حينئذ فاه وقال:"أشكرك أيها الرب إلهي لأنك تفضلت فخلقتني، ولكن أضرع إليك أن تنبئني ما معنى هذه الكلمات"محمد رسول الله" فأجاب الله" مرحبا بك يا عبدي آدم وإني أقول لك إنك أول إنسان خلقت وهذا الذي رأيته إنما هو ابنك الذي سيأتي إلى العالم بعد الآن بسنين عديدة، وسيكون رسولي الذي لأجله خلقت كل الأشياء الذي متى جاء سيعطي نورا للعالم[/COLOR]))
و أنا اتى بالشاهد فقط من هذا الانجيل الذى ضج مضاجع النصارى و همو يصنفون المصنفات فى تفنيده و اما انجيل توما فنسخة تعود لقبل ميلاد رسول الله بقرون و فيه نفس الوصف!!



[COLOR="Red"][SIZE="6"]
الرؤيا الابراهيمية :[/SIZE][/COLOR]


و هذا بحث طيب أيضاً للاستاذ هشام طلبة و فيه:

ومن فضل الله علىَ أن يسَر لي قراءة كتاب من كتب السوديبيجرافا, إسمه "رؤيا إبراهيم ". كتب هذا الكتاب في القرن الأول أو الثاني الميلادي , رغم ذلك أقدم مخطوطاته تعود للقرن الرابع عشر الميلادي (ولم يعرف في الأوساط العلمية إلا في القرن الحادي عشر أو الثاني عشر) أى أنه ظل مجهولاََََََََََََََََََََ لما لا يقل عن عشرة قرون , ولا يوجد له سوى ترجمة واحدة أى نص واحد باللغة السلافية فلا يعقل مثلاَََََََََََََََََ أن يقول قائل إنَ محمداَََََََََََََ صلى الله عليه وسلم تحصل على نسخة من هذا الكتاب قبلنا وأدرك تلك الصدفة وذلك التطابق بينه وبين الشخصية صاحبة النبوءة فاعتزم ادعاء النبوة !!.

و هذا رابط كتاب رؤيا إبراهيم"[COLOR="Navy"] The apocalypse of Abraham[/COLOR]" من مخطوطات البحر الميت


[URL="http://www.pseudepigrapha.com/pseudepigrap...of_Abraham.html"]http://www.pseudepigrapha.com/pseudepigrap...of_Abraham.html[/URL]





و الأن مع الفقرات التى تتكلم عن رسول الله صراحة

(الفصل 15 )
تحكى عن قصة اشبه برحلة معراج تقع لابراهيم عليه السلام يطلعه الله بموجبها على عجائب مستقبلية

(([COLOR="Green"]وأخذني الملاك بيده اليمنى و أجلسني على الجناح الأيمن لليمامة (الإلهية) العابرة للسماوات , وجلس هو على جناحها الأيسر[/COLOR] ))
. [COLOR="Navy"]And the angel took me with his right hand and set me on the right wing of the pigeon and he himself sat on the left wing[/COLOR]

(الفصل 25)

يتكلم عن ‘نحراف بنى إسرائيل و عبادتهم الأصنام فى هيكل الله

(([COLOR="Green"]يقول إبراهيم : و رأيت هناك وثناََ كالذي يصنعه النجارون ,,, أمامه رجل يتعبده , وكان هناك مذبحاََ أمام الصنم و قد ذبح أمامه أطفال, ,,, وقال الرب لإبراهيم لأن أناساََ يخرجون من نسلك سوف يغضبونني [/COLOR]))
[COLOR="Navy"]I saw there the likeness of the idol of jealousy, like a carpenter’s figure such as my father used to make, and its body was of glittering copper, and before it >>>>> And the body you saw is my anger, because the people who will come to me out of you will make me angry.[/COLOR]

(الفصل 27 )

يتكلم عن عقوبة الله لليهود بسبب إفسادهم باياقعهم فى سبى عظيم

[COLOR="Green"]و رأيت جمعاََ من الوثنيين يأسرون الرجال و النساء و الأطفال ,, و قد ذبحوا بعضهم و أبقوا على الأخرين معهم ,, وقد أحرقوا المعبد و نهبوا متعلقاته المقدسة , قلت يا رب : الشعب الذي خرج من نسلي نهب من شعوب المشركين يقتلون بعضهم و يجعلون الأخرين أغراباََ , وقال لي الرب : ,, كل ما رأيته سوف يحدث بسبب نسلك الذي سوف يستمر في إغضابي بسبب الحسد الذي رأيت و القتل الذي كان أمام أصنام في معبد الغيرة, [/COLOR]


.[COLOR="Navy"] And I looked and I saw, and behold the picture swayed. And from its lift side a crowd of heathens ran out and they captured the men, women, and children who were on its right side. And some they slaughtered and others they kept with them. Behold I saw (them) running to them by way of four ascents and they burned the Temple with fire, and they plundered the holy things that were in it, And I said, "Eternal One, the people you received from me are being robbed by the hordes of the heathen>>>>And he said to me, "Listen, Abraham, all that you have seen will happen on account of your seed who will (continually) provoke me because of the body which you saw and the murder in what was depicted in the Temple of jealousy, and everything you saw will be so[/COLOR]
( الفصل 28)

هنا فقرة تفيد أن كلمة ساعة تعنى قرن من الزمان و سيكون لها فائدة فى حساب تاريخ ميلاد رسول الله

(([COLOR="Green"] و الساعة من الزمان سوف تساوي مائة عام[/COLOR] ))
[COLOR="Navy"]And one hour of the age will also be one hundred years in evil among the heathen and an hour in their mercy, even with reproaches as among the heathen[/COLOR]."

(الفصل29)

تقول هذه الفقرة ان الفترة بين حدوث السبى لليهود و خروج رجل من نسل ابراهيم من وسط الوثنيين اثنى عشر ساعة (أى اثنى عشرة قرناً كما علمنا من قبل) ، و أن هذا الرجل يهان و يضرب ثم يبجل ، و أنه سيرفع شعبه و كثير من هؤلاء الذي كانو على الوثنية سيتعبون دينه و بعضهم سيحاربه فيحق عليهم العقاب


(([COLOR="Green"]وقلت : يارب إلى متى سوف يستمر هذا ؟ و قال الرب : لقد قضيت بابقاء إثنى عشر مدة من أزمنة العقوق بين المشركين و بين نسلك و الذي رأيت سوف يستمر إلى نهاية الوقت ,,, ثم رأيت رجلاََ يخرج من وسط المشركين, من ناحية الوثنيين رأيت جمعاََ كبيراََ من الرجال و النساء و الأطفال يعبدونني ,,, وقلت :يا رب من هذا الرجل الذي رأيته يهان و يضرب ثم يبجل؟ قال الرب : هو الذي سيريح الشعب من الوثنيين الذين يولدون من صلبك في الأيام الأخيرة , في الساعة الثانية عشرة من العقوق سوف أقيم هذا الرجل من نسلك , كثير من الوثنيين سوف يثقون فيه . وأولئك الذين من صلبك سوف يهينونه , وبعضهم يضربونه , وبعضهم يعظمونه . كثيرون منهم سوف يأثمون بسببه )) [/COLOR]

[COLOR="Navy"]And I said, "Eternal, Mighty One! How long a time is an hour of the age?" And he said, "I decreed to keep twelve periods of the impious age among the heathens and among your seed, and what you have seen will be until the end of time. Count (it) up, and you will understand. Look down at the picture And I looked and saw a man going out from the left, the heathen side. From the side of the heathen went outmen and women and children, a great crowd, and they worshipped him. And while I was still looking, those on the right side came out and some insulted this man, and some struck him and others worshiped him. And I saw that as they worshiped him Azazel ran and worshiped and, kissing his face And I said, "Eternal, Mighty One! Who is this man insulted and beaten by the heathen, with Azazel worshiped?" And he answered and said, "Hear, Abraham, the man whom you say insulted and beaten and again worshiped is the liberation from the heathen for the people who will be (born) from you. In the last days, in this twelfth period of the age of my fulfillment, I will set up this man from your tribe, the one whom you have seen from my people. All will imitate him,,,(you) consider him as one called by me...(they) are changed in their counsels. And those you saw coming out from the left side of the picture and worshipping him, this (means that) many of the heathen will trust in him. And those of your seed you saw on the right side, some insulting him, some beating him, and others worshiping him, many of them shall be offended because of him. It is he who will test those of your seed who have worshiped him in the fulfillment of the twelfth hour, in the curtailing of the age of impiety [/COLOR]و معلوم أن اليهود تعرضو لسبى عظيم يعرف بسبى سبي يهواخن( 597 ق.م) حيث سبى نبوخذ نصر 10 آلاف يهودي من أورشليم إلى بابل. تبعه سبي زدقيا(586 ق.م) الذى علامة لنهاية مملكة يهوذا، وتدمير أورشليم ومعبد سليمان الأول. أربعين ألف يهودي تقريباً تم سبيهم إلى بابل خلال ذلك الوقت و معلوم ان بعثة رسول الله كانت بعد هذه الفترة بستة قرون بالضبط و كانت الهجرة سنة 620 م و من ثم كانت معركة بدر الكبرى التى انتصر فيها المسلمون بعد الذل و الهوان سنة 622 بداية لعصر الفتوحات الاسلامية و تأسيس الامبراطوية الربانية التى لا تزول بفضل الله تعالى.




[COLOR="Red"][SIZE="6"]من البشارات فى انجيل النصرانيين :[/SIZE][/COLOR]


.و هو أيضاً أحد الأناجيل الأبوكريفا و لكنه يعود لقبل ميلاد رسول الله بمئات السنين، و قد إقتبست بتصرف من بحث الأخ الفاضل ضياء الإسلام حول هذا الإنجيل و منه:-

** فقرة هامة صريحة نصها فى اصحاح 61: 1-3
3.[COLOR="Green"]And in those days those that have power will gather to themselves the lands and riches of the earth for their own lusts, and will oppress the many who lack and hold them in bondage, and use them to increase their riches, and they will oppress even the beasts of the field, setting up the abominable thing. But God will send them his messenger and they will proclaim his laws, which men have hidden by their traditions, and those that transgress shall die[/COLOR]

[URL="http://messianic.nazirene.org/gospel_seven.htm#chapter61"]http://messianic.nazirene.org/gospel_seven.htm#chapter61[/URL]




[COLOR="Blue"]1[/COLOR]-[COLOR="green"]عندما كان المسيح جالسا على جبل الزيتون . جاءه الحوارييون على خصوص قالوا " أخبرنا متى تكون هذه الأشياء ؟ وما هي علامة قدومك ؟ وعن نهاية العالم ؟ ", جاوبهم المسيح قائلا" انتبهوا حتى لا يخدعكم أحد, سيأتي كثيرون تحت اسمي , قائلين " أنا مسيح وسيخدعون الكثير[/COLOR]"

[COLOR="blue"]2[/COLOR]- وستسمعون عن حروب واشاعات حروب , انظروالا تقلقوا , فلابد لهذه الأشياء أن تحدث , لكن النهاية ليست بعد , فستعلوا أمة على أمة ومملكة على مملكة , وسيكون هناك مجاعات وطواعين , وزلازل في أماكن متفرقه , وكل هذه هي بداية الأسى .

[COLOR="blue"]3[/COLOR]- وفي هذه الأيام وتفوق الأمم على أمم, أولئك الذين يمتلكون السلطه والقوه سيجمعون لأنفسهم ولشهواتهم البلدان و ترف الحياة والغنى , وسيضطهدون المحتاجين ويضعوهم تحت الاستعباد , ويستخدمونهم ليزيدوا من ترفهم , سيضطهدون حتى حيوانات الحقول !, يقيمون الشئ المقيت , لكن الله سيرسل اليهم رسوله, وسيصرحون بناموسه والتي اخفاها الناس بتقاليدهم ومن يخالف يجب أن يموت .


[COLOR="blue"]** [/COLOR]- و من أظهر البشارات على الإطلاق - فيها ما هو محرف- ولكن يعضده ما هو أوضح من القمر في ليلة البدر

[COLOR="Green"]Gospel of nazorene ch 25
8."Don't think that I have come to destroy the law, or the prophets; I have not come to destroy, but to fulfill. For truly I say to you, until heaven and earth pass, one jot or one title shall in no way pass from the law or the prophets until all be fulfilled. But behold one greater than Moses is here, and He will give you the higher law, even the perfect Law, and this Law will you obey."
9."Whosoever therefore will break one of these commandments which He will give, and will teach men so, they will be called the least in the kingdom; but who so ever will do, and teach them, the same will be called great in the kingdom of heaven[/COLOR]."


[URL="http://messianic.nazirene.org/gospel_three.htm#chapter23"]http://messianic.nazirene.org/gospel_three.htm#chapter23[/URL]



الترجمه:
[COLOR="Blue"]1[/COLOR]- لا تعتقدوا انني جئت لأقضي على الناموس أو الأنبياء ,ولكن لأتمم, السماء والأر ض تزولان . ولا يزول حرف واحد او كلمه واحد من الناموس حتى يتمم الكل ، لكن أنظروا هنا الى من هو أعظم من موسى , هو سوف يعطيكم الناموس الأعظم , الناموس الأكمل , ولهذا الناموس سوف تخضعون .
[COLOR="blue"]2[/COLOR]- ومن يخالف أي من أوامره التي سيعطيها لكم , والتي سيعلمها للناس أيضا , سيكونون الأدنى والأبعد في الملكوت , ولكن من سيعمل بها ويعلمها للناس , سيدعى عظيما في ملكوت السماوات .

التعليق:
[COLOR="blue"]أ‌-[/COLOR] إن هذه الفقرة ورد أيضاً فى إنجيل متى الذى تعترف به الكنيسة على النحو التالى:
((لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء.ما جئت لانقض بل لاكمّل. 18 فاني الحق اقول لكم الى ان تزول السماء والارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. 19 فمن نقض احدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى اصغر في ملكوت السموات.واما من عمل وعلّم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات.)) متى 5: 17-19

كما نلاحظ فإن الفقرة التى أسقطت هى التى تتكلم عن النبى الأعظم من موسى صاحب الشريعة ، فتنبه لإجرام القوم!

[COLOR="blue"]ب‌[/COLOR]- قد يقول القائل لكن المسيح يقول أنه ([COLOR="Teal"]هنا[/COLOR]) أى فى مكنه، و جواب ذلك أن المسيح قد يقصد بقوله أنظروا هنا أى تعليمهم ما فى كتابه و كتب السابقين ، فإنه ما من نبى إلا و أخذ الله عليه العهد و على قومه ان يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه و سلم....
ثم أن المسيح تكلم عن نبى أعظم من موسى ، و قال أنه سيأتى بالشريعة الكاملة، و تكلم عن إتباع شريعته فى المستقبل و أنه يعاقب من يخالفه ( [COLOR="teal"]ومن يخالف أي من أوامره التي سيعطيها لكم , والتي سيعلمها للناس أيضا , سيكونون الأدنى[/COLOR]..)
و معروف أن المسيح لم تكن له شريعة بل قال هو نفسه فى السياق أنه ما جاء بشريعة جديدة ولا لينسخ القديمة و إنما جاء ليكمل ما كان قائماً و بالفعل فإن تشريعات المسيح كانت محدودة جداً و كان هو نفسه يلتزم التوراة
و النصارى يعتبرون الناموس و الشريعة أمر قد تحررو منها و لم يأت به المسيح إستناداً لقول بولس
([COLOR="teal"]اذ نعلم ان الانسان لا يتبرر باعمال الناموس بل بايمان يسوع المسيح آمنّا نحن ايضا بيسوع المسيح لنتبرر بايمان يسوع لا باعمال الناموس.لانه باعمال الناموس لا يتبرر جسد ما[/COLOR].) غلاطية 2: 16
([COLOR="teal"]قد تبطلتم عن المسيح ايها الذين تتبررون بالناموس.سقطتم من النعمة[/COLOR]) غلاطية 5: 4

يتبع إن شاء الله....

عارف الشمري 2011-04-02 08:28 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]معجزات النبى صلى الله عليه و سلم :[/SIZE][/COLOR]


[COLOR="red"][SIZE="5"]تقدمـــــــة هامة[/SIZE][/COLOR]

قبل أن نشرع فى سرد المعجزات الباهرات التى أجراها الله على يد نبيه و جعلها فى لسانه و ضمنها قرآنه الذى تكلم به حقاً و أنزله على نبيه وحياً
يجب أن نتنبه لحقيقة أن كل الأنبياء السابقين كانت لهم معجزات و نحن نقر بذلك، و لكن لا دليل على ذلك من التاريخ أبداً، ولا حجة بكتب أهل الكتاب إذ هى كتب ركيكة الأسلوب منقطعة الإسناد متضاربة الأخبار مختلف فيها فيما بينهم مردودة من أهل البحث العلمى!!
فيتبين ان الدليل الوحيد على وجود الأنبياء فضلاً عن إثبات معجزاتهم إنما هو القرآن الذى أنزله الله على قلب نبيه محمد صلى الله عليه و سلم ، و بهذا صدقنا بأنبياء الله و علمناهم ((نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ))

زد على ذلك أن رسول الله صلوات ربى و سلامه عليه هو النبى الوحيد الذى نملك سنداً متصلاً صحيحاً سوياً لكل معجزة باهرة فعلها ولا يتوفر ذلك لغيره.

[COLOR="Red"][SIZE="6"]إعتراض النصارى:[/SIZE][/COLOR]

و يحضرنى هنا إعتراض يتبجح به الصليبيون و غيرهم ممن لا خلاق بهم فيقولون " لقد أنكر القرأن أن يكون لمحمد (صلى الله عليه و سلم) أى معجزات و هذا فى أيات عديدة كقوله تعالى
((َمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ))
و قوله تعالى ((َأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ))

[COLOR="red"][SIZE="5"]و جواب ذلك: [/SIZE][/COLOR]

أن هذه الأيات التى نفاها القرآن إنما هى الآيات التى اقترحها المشركون و طلبوها عناداً و تمطعاً و استهزاءً،
و القرآن بين أمثلة ذلك فى مواضع عديدة كقوله عز و جل
((َقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً))

و قوله سبحانه ((وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً*أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً*أو يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً))

فأنظر كيف تمطعوا فطلبوا أن يفجر لهم رسول الله ينبوعاً من الأرض
ثم انتقلوا استهزاءً لطلب أخر و هو أن يسقط عليهم كسف العذاب
ثم بلغو غاية الكفر بطلبهم أن يأتيهم رسول الله برب العزة جل فى علاه و الملائكة أيضاً
ثم انتقلو إلى طلب أن يكون لرسول الله بيتاً من الزخرف
ثم انتقلوا الى طلب ان يرقى فى السماء
ثم انتقلوا الى ان الرقى لا يكفيهم بل يجب معه أن يأتيهم بكتاب من السماء يقرئوه!!

فتأمل كفرهم و عنادهم و استهزاءهم، فهذه الأيات المقترحة تمطعاً منهم هى التى نفاها القرأن
و إلا فكتاب الله نفسه يشهد على أيات لرسول الله كمعجزة شق القمر و الاختفاء عن أعين المشركين فى الغار و هم أمام رسول الله و معجزة الإسراء و معجزة رمى الحصى فى أعين الكافرين فأعمتهم جميعاً و إخبارات غيبية و معجزة القرأن نفسه إلى غير ذلك مما سنفصله بإذن الله تعالى

و قد نص القرأن على إثبات الأيات كما فى قوله سبحانه ((وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ)) و قوله تعالى ((وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ))

- و الحقيقة ان الامتناع عن إعطاء الأيات التى يطلبها الكافرون تمطعاً و عناداً موجود حتى فى الإنجيل
ففى انجيل متى 8: 11
((11 فخرج الفريسيون وابتدأوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكي يجربوه. 12 فتنهد بروحه وقال لماذا يطلب هذا الجيل آية.الحق اقول لكم لن يعطى هذا الجيل آية))

فانظر كيف طلب الفريسيون من يسوع أية مجرد أية واحدة
فما أظهرها لهم ولا أحال فى هذا الموقف إلى أية أو معجزة فيمابعد...!!!
و إنما قالها صريحة ((لن يعطى هذا الجيل أية) فكلمة أية نكرة فى سياق النفى تفيد العموم أى نفى اعطاء كل أية و اى أية لكل الجيل كما نص صراحة!!

- و ليس فى هذا الموقف فقط، و لنقرأ سوياً انجيل لوقا 23: 8
((8 واما هيرودس فلما رأى يسوع فرح جدا لانه كان يريد من زمان طويل ان يراه لسماعه عنه اشياء كثيرة وترجى ان يرى آية تصنع منه. 10 ووقف رؤساء الكهنة والكتبة يشتكون عليه باشتداد. 11 فاحتقره هيرودس مع عسكره واستهزأ به والبسه لباسا لامعا ورده الى بيلاطس.))

فامتنع يسوع هنا عن اعطاء أية لرجل كان يتمنى أن يرى منه و لو أية واحدة ، فلم يفعل و أضله و تسبب فى ان ازداد كفراً به!!

- و هذا له أمثلة اخرى كما فى انجيل متى 27: 39
((39 وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم 40 قائلين يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة ايام خلّص نفسك.ان كنت ابن الله فانزل عن الصليب. 41 وكذلك رؤساء الكهنة ايضا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا42 خلّص آخرين واما نفسه فما يقدر ان يخلّصها.ان كان هو ملك اسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به. ))

فصرحو أنهم ان رأو منه الأية رأى العين فسيؤمنون و مع ذلك لم يقدم يسوع شيئاً!!

- و فى انجيل متى 4: 30
((3 فتقدم اليه المجرب وقال له ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا. 4 فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله. 5 ثم اخذه ابليس الى المدينة المقدسة واوقفه على جناح الهيكل. 6 وقال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك الى اسفل.لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك.فعلى اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. 7 قال له يسوع مكتوب ايضا لا تجرب الرب الهك.))

فطلب من المسيح هنا أيتين و لم يعط أى منهما بحجة أنه لا يجب أن يختبر أحد الرب!!


- و فى انجيل متى 12: 38
((38. حينئذ اجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين يا معلّم نريد ان نرى منك آية. 39 فاجاب وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية الا آية يونان النبي. 40 لانه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة ايام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الانسان في قلب الارض ثلاثة ايام وثلاث ليال))

فنفى المسيح مرة أخرى اعطاء أى أية لهذا الجيل مع ملاحظة نقاط حاسمة فى أية يونان المزعومة:-

[COLOR="Blue"]أ‌[/COLOR]- أن أية يونان النبى لا شبه بينها و بين أية قيامة المسيح المزعومة، فأية يونان كان البقاء حياً فى موقف الممات و أية يسوع بزعمهم كانت القيامة بعد الممات، فتأمل!

[COLOR="Blue"]ب‌-[/COLOR] أنه و بعد ان تبين أن لا مشابهة بين الايتين فان حتى المدة الزمنية صارت محل لغط فيسوع لم يستمر فى القبر ثلاثة ايام و ثلاثة ليال، إذ كان على الصليب فى الساعة التاسعة و طلب يوسف جسده و كفنه و غسله و دفنه كما فى انجيل مرقص فيكون الدفع ليلة السبت يقيناً، و كان القبر خالياً قبل طلوع شمس يوم الاحد كما فى يوحناً، فالمدة على اقصى تقدير يوماً و ليلتين!!

و نحن لسنا بصدد مناقشة النصارى فى هذه الحسبة التى لا يضل عنها تلميذ الابتدائى، و انما سؤالنا كم امضى يسوع فى القبر و كم امضى يونس و هل يونس ايضاً امضى ثلاثة ايام مجازية!!

[COLOR="blue"]جـ[/COLOR]- و أخيراً فإن الطامة الكبرى هى أن المسيح وعد ( الجيل الشرير الفاسق) أن يعطو الأية، و الكارثة أن أحداً من الاشرار الفاسقين الذين كفروا المسيح لم ير قيامته!!
نعم فهو لم يظهر الا لاتباعه أصلاً

فأين الأية؟ أين رؤية المسيح حياً بعد القيامة ؟
الا يمكن ان تكون الجثة قد سرقت؟ الا يمكن ان يكون اتفاقاً أبرم بين حرس القبر و التلاميذ او غيرهم؟ ألا يمكن أنلا يكون يسوع قد دفن أصلاً لأن الاخبار تفيد ان الذى استلمه و تولاه و دفنه فى ارضه هو يوسف اليهودى وحده و لم يضع حرساً على القبر الا فى اليوم التالى بطلب من اليهود ،
الاحتمالات كثيرة و الخبر مضطرب و الظن عقيدة عند القوم
فتركوا كل الاحتمالات المنطقية و تمسكو بأوهامهم بل و يريدون الزام البشر بها!

و هكذا نكون قد أجبنا الشبهة الواهية التى إرتكز عليها النصارى و لله الحمد و المنة

عارف الشمري 2011-04-02 08:42 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]بعض معجزات رسول الله الحسية :[/SIZE][/COLOR]


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]نبوع الماء بين أصابعه الشريفة:[/SIZE][/COLOR]

((عن جابر رضي الله عنه قال :عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة فتوضأ منها ثم أقبل الناس نحوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لكم قالوا يا رسول الله ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك قال فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون قال فشربنا وتوضأنا فقلت لجابر كم كنتم يومئذ قال لو كنا مائة ألف لكفانا كنا خمس عشرة مائة)) متفق عليه

وتكرر ذلك ذلك بالزوراء - وهو مكان قرب السوق في المدينة –
(عن أنس بن قالك رضى الله عنه قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناءٍ وهو بالزوراء، فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم، قال قتادة : قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة، أو زهاء ثلاثمائة ) متفق عليه،



[SIZE="5"][COLOR="navy"]سماع تسبيح الطعام بين يدى رسول الله صلى الله عليه و سلم:[/COLOR][/SIZE]

(( عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا نعد الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فقل الماء، فقال: اطلبوا فضلة من ماء، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حي على الطهور المبارك، والبركة من الله، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه مسلم .

سماع الصحابة بكاء جذع النخلة و صراخها لما فارقها رسول الله إلى المنبر

((عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار- أو رجل- يا رسول الله، ألا نجعل لك منبراً؟ قال: إن شئتم.فجعلوا له منبراً فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه و سلم فضمه إليه، يئن أنين الصبي الذي يسكن قال: "كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها)) رواه البخاري.

[SIZE="6"][COLOR="navy"]الشجر ينقاد لأمر النبى صلى الله عليه و سلم :[/COLOR][/SIZE]‏
((عن جابر ابن عبدالله فى الحديث الطويل:.... سرنا مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حتى نزلنا واديا ‏ ‏أفيح ‏ ‏فذهب رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقضي حاجته فاتبعته ‏ ‏بإداوة ‏ ‏من ماء فنظر رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلم ير شيئا يستتر به فإذا شجرتان بشاطئ الوادي فانطلق رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كالبعير ‏ ‏المخشوش ‏ ‏الذي ‏ ‏يصانع قائده ‏ ‏حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كذلك حتى إذا كان ‏ ‏بالمنصف ‏ ‏مما بينهما لأم بينهما ‏ ‏يعني جمعهما فقال ‏ ‏التئما ‏ ‏علي بإذن الله فالتأمتا قال ‏ ‏جابر ‏ ‏فخرجت ‏ ‏أحضر ‏ ‏مخافة أن يحس رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بقربي فيبتعد وقال ‏ ‏محمد بن عباد ‏ ‏فيتبعد فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتة فإذا أنا برسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏مقبلا وإذا الشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق فرأيت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وقف وقفة فقال برأسه هكذا وأشار ‏ ‏أبو إسمعيل ‏ ‏برأسه يمينا وشمالا ,,, الحديث)) رواه مسلم


[COLOR="navy"][SIZE="6"]نخلة ينزل عذقها ماشياً إلى النبي صلى الله عليه وسلم:[/SIZE][/COLOR]

((عن ابن عباس قال/ جاء إعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بما أعرف أنك رسول الله؟ قال: أرأيت إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة أتشهد أني رسول الله؟ قال: نعم.قال: فدعا العذق فجعل العذق ينزل من النخلة حتى سقط في الأرض، فجعل ينقز حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له: ارجع، فرجع حتى عاد إلى مكانه.فقال: أشهد أنك رسول الله، وآمن )) رواه أحمد و البيهقي في الدلائل، والحاكم في المستدرك بسند صحيح

[COLOR="navy"][SIZE="6"]شجرة تشهد للنبى الكريم بالرسالة :[/SIZE][/COLOR]

((عن ابن عمر قال كنا مع رسول الله A في سفر فأقبل أعرابي فلما دنا منه قال له رسول الله أين تريد قال إلى أهلي قال هل لك إلى خير قال ما هو قال تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله قال هل من شاهد على ما تقول قال هذه الشجرة فدعاها رسول الله A وهي على شاطئ الوادي فأقبلت تخد الأرض خدا فقامت بين يديه فاستشهد ثلاثا فشهدت أنه كما قال ثم إنها رجعت إلى منبتها ورجع الأعرابي إلى قومه فقال إن يتبعوني أتيتك بهم وإلا رجعت إليك وكنت معك )) رواه الحاكم و البهقى و قال ابن كثير إسناده جيد

[SIZE="6"][COLOR="navy"]شفاء الأعمى بإذن الله :[/COLOR][/SIZE]

(( عن عثمان بن حنيف: أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني، فقال: "إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك"، فقال: فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا رسول الله يا محمد، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم فشفعه في"، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه النسائي عن عثمان بن حنيف ولفظه: أن رجلا أعمى قال: يا رسول الله، ادع الله أن يكشف لي عن بصري، قال: "فانطلِق فتوضأ، ثم صلِّ ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي أن يكشف عن بصري اللهم فشفعه في"، قال: فرجع وقد كشف الله عن بصره".)) رواه البخارى فى التاريخ الكبير، و الطبرانى فى المعجم، أحمد و الترمذى و ابن ماجة و غيرهم، و صححه الذهبى

[COLOR="Red"]ملحوظة: [/COLOR]لا يجوز الاستشفاع بالنبى صلى الله عليه و سلم بعد وفاته، و غنما كان التوسل هنا بدعاءه صلى الله عليه و سلم، و معلوم أنه فى عام الرمادة لم يتوسل عمر و الصحابة برسول الله و ناما توسلو بدعاء العباس و قال عمر ((اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا , وإنا نتوسل اليك بعمِّ نبيك فاسقنا , فيقوول أنس الراوي فسُقُوا)) رواه البخارى

[SIZE="6"][COLOR="Navy"]يبرىء عين قتادة بعد أن أقتلعت :[/COLOR][/SIZE]

عن . جابر بن عبد الله ، قال ((أصيبت عين رجل منا يوم أحد وهو ، قتادة بن النعمان - حتى وقعت على وجنته فأتينا به رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم ، فقال إن لي امرأة أحبها وأخشى إن رأتني أن ، تقذرني - فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم - بيده ، وردها إلى موضعها وقال اللهم اكسبه جمالا، أحسن عينيه ))

رواه الحاكم في المستدرك،و مالك فى الموطأ وابن سعد في الطبقات، والطبراني وأبو يعلى، وقد ذكر ابن هبة الله في تاريخ دمشق عدة روايات لها، وكذلك ابن كثير في البداية من طرق كثيرة


[COLOR="navy"][SIZE="6"]شفاء عين علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الرمد :[/SIZE][/COLOR]

‏((عن سهل بن سعد ‏ ‏رضي الله عنه ‏: أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال يوم ‏ ‏خيبر ‏ ‏لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين ‏ ‏علي بن أبي طالب ‏ ‏فقيل هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال ‏ ‏فأرسلوا إليه ‏ ‏فأتي به فبصق رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع)) رواه الشيخان
و فى رواية أحمد قال أمير المؤمنين على: ((ما رمدت ولا صدعت منذ تفل رسول الله في عيني يوم خيبر))

[SIZE="6"][COLOR="navy"]شفاء قدم سلمة إبن الأكوع من ضربة فى غزوة خيبر :[/COLOR][/SIZE]

‏((عن ‏يزيد بن أبي عبيد ‏ ‏قال ‏: رأيت أثر ضربة في ساق ‏ ‏سلمة ‏ ‏فقلت يا ‏ ‏أبا مسلم ‏ ‏ما هذه الضربة فقال هذه ضربة أصابتني يوم ‏ ‏خيبر ‏ ‏فقال الناس أصيب ‏ ‏سلمة ‏ ‏فأتيت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة)) رواه البخارى

[COLOR="navy"][SIZE="6"]شفاء قدم مكسورة :[/SIZE][/COLOR]

((عن البراء بن عازب رضي الله عنه : أن عبد الله بن عتيك لما قتل أبا رافع ونزل من درجة بيته سقط إلى الأرض فانكسرت ساقه ، قال : فحدثت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ابسط رجلك فبسطها فمسحها فكأنما لم أشكها قط" )) رواه البخارى


[COLOR="navy"][SIZE="6"]تكثير الطعام يوم الخندق حتى أطعم جيشاً :[/SIZE][/COLOR]

‏(( عن ‏جابر بن عبد الله ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال :‏ لما حفر ‏ ‏الخندق ‏ ‏رأيت بالنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏خمصا ‏ ‏شديدا ‏ ‏فانكفأت ‏ ‏إلى ‏ ‏امرأتي ‏ ‏فقلت هل عندك شيء فإني رأيت برسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏خمصا ‏ ‏شديدا فأخرجت إلي جرابا فيه ‏ ‏صاع ‏ ‏من شعير ولنا ‏ ‏بهيمة داجن فذبحتها وطحنت الشعير ففرغت إلى فراغي وقطعتها في ‏ ‏برمتها ‏ ‏ثم وليت إلى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقالت لا تفضحني برسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وبمن معه فجئته فساررته فقلت يا رسول الله ذبحنا ‏ ‏بهيمة لنا وطحنا ‏ ‏صاعا ‏ ‏من شعير كان عندنا فتعال أنت ‏ ‏ونفر ‏ ‏معك فصاح النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال ‏ ‏يا أهل ‏ ‏الخندق ‏ ‏إن ‏ ‏جابرا ‏ ‏قد صنع ‏ ‏سورا ‏ ‏فحي ‏ ‏هلا بهلكم فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لا تنزلن ‏ ‏برمتكم ‏ ‏ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء فجئت وجاء رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقدم الناس حتى جئت ‏ ‏امرأتي ‏ ‏فقالت بك وبك فقلت قد فعلت الذي قلت فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك ثم عمد إلى ‏ ‏برمتنا ‏ ‏فبصق وبارك ثم قال ادع خابزة فلتخبز معي واقدحي من ‏ ‏برمتكم ‏ ‏ولا تنزلوها وهم ألف فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن ‏ ‏برمتنا ‏ ‏لتغط ‏ ‏كما هي وإن عجيننا ليخبز كما هو)) رواه البخارى


[COLOR="navy"][SIZE="6"]تكثير الطعام و الدخول فى الإسلام :[/SIZE][/COLOR]

((عن عمران بن حصين ‏أنهم كانوا مع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في مسير ‏ ‏..... وقد عطشنا عطشا شديدا فبينما نحن نسير إذا نحن بامرأة ‏ ‏سادلة ‏ ‏رجليها بين ‏ ‏مزادتين ‏ ‏فقلنا لها أين الماء فقالت إنه لا ماء فقلنا كم بين أهلك وبين الماء قالت يوم وليلة فقلنا انطلقي إلى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قالت وما رسول الله فلم نملكها من أمرها حتى استقبلنا بها النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فحدثته بمثل الذي حدثتنا غير أنها حدثته أنها ‏ ‏مؤتمة ‏ ‏فأمر ‏ ‏بمزادتيها ‏ ‏فمسح في ‏ ‏العزلاوين ‏ ‏فشربنا عطاشا أربعين رجلا حتى روينا فملأنا كل قربة معنا وإداوة غير أنه لم نسق بعيرا وهي تكاد ‏ ‏تنض ‏ ‏من الملء ثم قال هاتوا ما عندكم فجمع لها من الكسر والتمر حتى أتت أهلها قالت لقيت أسحر الناس أو هو نبي كما زعموا فهدى الله ذاك ‏ ‏الصرم ‏ ‏بتلك المرأة فأسلمت وأسلموا)) رواه البخارى

- ((و عن ‏ ‏جابر ‏ أن رجلا أتى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يستطعمه فأطعمه ‏ ‏شطر ‏ ‏وسق ‏ ‏شعير ‏ ‏فما زال الرجل يأكل منه وامرأته وضيفهما حتى كاله فأتى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم
إمتلاء بئر الحديبية الجاف)) رواه مسلم


[SIZE="6"][COLOR="navy"]
إمتلاء بئر الحديبية الجاف :[/COLOR][/SIZE]

‏((عن ‏ ‏البراء ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال: ‏ كنا يوم ‏ ‏الحديبية ‏ ‏أربع عشرة مائة ‏ ‏والحديبية ‏ ‏بئر فنزحناها حتى لم نترك فيها قطرة فجلس النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏على ‏ ‏شفير البئر ‏ ‏فدعا بماء فمضمض ومج في البئر فمكثنا غير بعيد ثم استقينا حتى روينا وروت أو صدرت ركائبنا)) رواه البخارى


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إمتلاء بئر تبوك و فيضانه :[/SIZE][/COLOR]

‏(( عن معاذ بن جبل ‏ ‏أخبره قال : خرجنا مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏عام ‏ ‏غزوة ‏ ‏تبوك ‏ ‏فكان يجمع الصلاة فصلى الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا حتى إذا كان يوما أخر الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعا ثم قال إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين ‏ ‏تبوك ‏ ‏وإنكم لن تأتوها حتى ‏ ‏يضحي ‏ ‏النهار فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان والعين مثل ‏ ‏الشراك ‏ ‏تبض ‏ ‏بشيء من ماء قال فسألهما رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏هل ‏ ‏ مسستما من مائها شيئا قالا نعم فسبهما النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وقال لهما ما شاء الله أن يقول قال ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلا قليلا حتى اجتمع في شيء قال وغسل رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فيه يديه ووجهه ثم أعاده فيها ‏ ‏فجرت العين بماء منهمر ‏ ‏أو قال غزير شك ‏ ‏أبو علي ‏ ‏أيهما قال ‏ ‏حتى استقى الناس ثم قال يوشك يا ‏ ‏معاذ ‏ ‏إن طالت بك حياة أن ‏ ‏ترى ما هاهنا قد ملئ ‏ ‏جنانا)) رواه مسلم



[COLOR="navy"][SIZE="6"]مباركة و تكثير اللبن :[/SIZE][/COLOR]

((عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: كان ‏ ‏يقول ‏ ‏أالله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه فمر ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني فمر ولم يفعل ثم مر بي ‏ ‏عمر ‏ ‏فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني فمر فلم يفعل ثم مر بي ‏ ‏أبو القاسم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي ثم قال يا ‏ ‏أبا هر ‏ ‏قلت لبيك يا رسول الله قال الحق ومضى فتبعته فدخل فاستأذن فأذن لي فدخل فوجد لبنا في قدح فقال من أين هذا اللبن قالوا أهداه لك فلان أو فلانة قال ‏ ‏أبا هر ‏ ‏قلت لبيك يا رسول الله قال الحق إلى ‏ ‏أهل الصفة ‏ ‏فادعهم لي قال ‏ ‏وأهل الصفة ‏ ‏أضياف الإسلام لا يأوون إلى أهل ولا مال ولا على أحد إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في ‏ ‏أهل الصفة ‏ ‏كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بد فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت قال يا ‏ ‏أبا هر ‏ ‏قلت لبيك يا رسول الله قال ‏ ‏خذ فأعطهم قال فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وقد روي القوم كلهم فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم فقال ‏ ‏أبا هر ‏ ‏قلت لبيك يا رسول الله قال بقيت أنا وأنت قلت صدقت يا رسول الله قال اقعد فاشرب فقعدت فشربت فقال اشرب فشربت فما زال يقول اشرب حتى قلت لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا قال فأرني فأعطيته القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة)) رواه البخارى



[COLOR="navy"][SIZE="6"]نزول اللبن من ضرع شاة لا تنزل لبناً :[/SIZE][/COLOR]

(( عن ابن مسعود قال: كنت أرعى غنماً لعقبة بن أبي معيط فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر فقال: [يا غلام هل من لبن؟] قال: قلت: نعم، ولكني مؤتمن. قال: [فهل من شاة لم ينز عليها الفحل؟] فأتيته بشاة فمسح ضروعها، فنزل لبن فحلبه في إناء، فشرب وسقى أبا بكر ثم قال للضرع: [اقلص]، فقلص. قال: ثم أتيته بعد هذا فقلت: يا رسول الله علمني من هذا القول. قال: فمسح رأسي وقال: يرحمك الله فإنك غليم مُعَلَّم)) رواه أحمد و حسنه الأرناؤوط


[COLOR="navy"][SIZE="6"]عرق رسول الله أطيب من ريح العطر :[/SIZE][/COLOR]
((عن أنس بن مالك‏.‏ قال‏:‏ دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندنا‏.‏ فعرق‏.‏ وجاءت أمي بقارورة‏.‏ فجعلت تسلت العرق فيها‏.‏ فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏يا أم سليم‏!‏ ما هذا الذي تصنعين‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب‏.‏ )) رواه مسلم

(( و عن أني قال : لا شممتُ مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم )) رواه مسلم



[COLOR="navy"][SIZE="6"]يشير بعصاة فتسقط الأصنام :[/SIZE][/COLOR]

((عن عبد الله ابن عمرقال: لما دخل الرسول صلى الله عليه و سلم مكة عند فتحها، وكان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنمًا، فأشار إلى كل صنع بعصا، وقال: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) فكان كل صنم يسقط دون أن يلمسه الرسول بالعصا)). [متفق عليه]


[COLOR="navy"][SIZE="6"]جمل بطىء يسرع :[/SIZE][/COLOR]

((عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأبطأ بي جملي وأعيا فأتى علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال جابر فقلت نعم قال : ما شأنك قلت أبطأ علي جملي وأعيا فتخلفت فنزل يحجنه بمحجنه ثم قال اركب فركبت فلقد رأيته أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)) متفق عليه



[SIZE="6"][COLOR="navy"]الجمل يسجد للحبيب صلى الله عليه و سلم :[/COLOR][/SIZE]


(( عن أنس بن مالك قال: كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه (أي يسقون عليه)وأنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنه كان لنا جمل نسني عليه وأنه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:" قوموا" فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه فقالت الأنصار: يا رسول الله إنه قد صار مثل الكلب الكلب، وإنا نخاف عليك صولته فقال: ليس على منه بأس، فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كانت قط، حتى أدخله في العمل فقال له أصحابه: يا رسول الله هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك ونحن أحق أن نسجد لك، فقال:"لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها...)). رواه الإمام أحمد بإسناد جيد و صححه الألبانى

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تغير طباع الهر الجبلية توقيراً لرسول الله :[/SIZE][/COLOR]

(( عن عائشة رضي الله عنها: كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش فإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعب واشتد وأقبل وأدبر، فإذا أحس برسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل ربض فلم يترمرم(أي سكن ولم يتحرك) ما دام رسول اله صلى الله عليه وسلم في البيت كراهية أن يؤذيه)) أخرجه أحمد بسند صحيح، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد.

[COLOR="navy"][SIZE="6"]يحطم كدية أعيت الجمع وحده :[/SIZE][/COLOR]

((جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله هذه كدية عرضت في الخندق فقال أنا نازل فقام صلى الله عليه وسلم وبطنه معصوب بحجر يعني من الجوع ولبثنا ثلاث ليالي لا نذوق ذواقا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب في الكدية فعادت كثيباً أهيل)) رواه البخارى

[COLOR="navy"][SIZE="6"]النبى له قوة أربعين رجلاً :[/SIZE][/COLOR]

((عن أنس ن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة قال : قلت لأنس بن مالك : أو كان يطيقه ؟ قال : كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين )) رواه البخارى

الله يرسل صاعقة على رجل رفض الاستجابة لرسوله

{وعن أنس قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من أصحابه إلى رجل من عظماء الجاهلية يدعوه إلى الله تبارك وتعالى فقال‏:‏ أيش ربك الذي تدعوني من حديد هو‏؟‏ من نحاس هو‏؟‏ من فضة هو‏؟‏ من ذهب هو‏؟‏ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأعاده النبي صلى الله عليه وسلم الثانية فقال مثل ذلك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأرسل إليه الثالثة فقال مثل ذلك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله تبارك وتعالى قد أنزل على صاحبك صاعقة فأحرقته‏"‏‏.‏ فنزلت هذه الآية‏:‏ ‏{ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال‏} رواه البزار بسند صحيح


[COLOR="navy"][SIZE="6"]الأرض تلفظ من أراد خداع رسول الله صلى الله عليه و سلم‏‏.‏ [/SIZE][/COLOR]:

((عن أنس قال: كان رجلاً نصرانياً فأسلم ، وقرأ البقرة وآل عمران ، فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فعاد نصرانياً ، فكان يقول : ما يدري محمد إلا ما كتبت له ، فأماته الله ، فدفنوه ، فأصبح وقد لفظته الأرض ، فقالوا : هذا فعل محمد وأصحابه ، نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم ، فألقوه خارج القبر ، فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا ، فأصبح قد لفظته الأرض ، فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه)) رواه الشيخان

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تنزل النقمات على من خالف أمر رسول الله :[/SIZE][/COLOR]

((عن سعيد بن المسيب بن حزن عن أبيه أن أباه حزنا { جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما اسمك ؟ قال حزن قال أنت سهل قال : لا أغير اسما سمانيه أبي . قال ابن المسيب : فما زالت الحزونة فينا بعد}) رواه البخارى

(( و عن سلمة بن الأكوع : أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: كل بيمينك فقال: لا أستطيع قال: لا استطعت، ما منعه إلا الكبر قال فما رفعها إلى فيه)) رواه مسلم

[COLOR="navy"][SIZE="6"]احمل فإنما أنت سفينة :[/SIZE][/COLOR]

((عن سفينة مولى رسول الله قال : ثقل علي القوم متاعهم ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " أبسط كساءك" ، فجعلوا فيه متاعهم، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " أحمل فإنما أنت سفينة، قال : فلو حملت من يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو ثلاثة، حتي بلغ سبعة ما ثقل علي)) رواه الحاكم و صححه و وافقه الذهبى


[COLOR="navy"][SIZE="6"]معجزة شق القمر :[/SIZE][/COLOR]

((عَنْ أَنَس بْن مَالِك أَنَّ أَهْل مَكَّة سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَة فَأَرَاهُمْ الْقَمَر شِقَّيْنِ حَتَّى رَأَوْا حِرَاء بَيْنهمَا )) رواه البخارى و مسلم

((عَنْ مُحَمَّد بْن جُبَيْر بْن مُطْعِم عَنْ أَبِيهِ قَالَ : اِنْشَقَّ الْقَمَر عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَة عَلَى هَذَا الْجَبَل وَفِرْقَة عَلَى هَذَا الْجَبَل فَقَالُوا سَحَرَنَا مُحَمَّد فَقَالُوا إِنْ كَانَ سَحَرَنَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَسْحَر النَّاس كُلّهمْ )) رواه أحمد

((عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : اِنْشَقَّ الْقَمَر فِي زَمَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .)) وَرَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم

((عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر فِي قَوْله تَعَالَى " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر " قَالَ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْشَقَّ فِلْقَتَيْنِ فِلْقَة مِنْ دُون الْجَبَل وَفِلْقَة مِنْ خَلْف الْجَبَل فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اللَّهُمَّ اِشْهَدْ )) رواخ مسلم و الترمذى و غيرهما

و الروايات فى ذلك متواترة كثير و هى مصداق قوله تعالى عن هذه الأية ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ *وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ))



[COLOR="navy"][SIZE="6"]المعجزات فى عصمته صلى الله عليه و سلم [/SIZE][/COLOR]:

1) من ذلك ما وقع لأبى جهل حين أقبل يختال ذات يوم في جنبات مكة فقال: هل يعفِّر محمدٌ وجهَه بين أظهرِكم [يعني بالسجود والصلاة]؟ فقيل: نعم.
فقال: واللاتِ والعزى، لئن رأيتُه يفعلُ ذلك لأطأنَّ على رقَبَتِه، أو لأعفِّرنَّ وجهَه في التراب.
فأتى رسولَ الله  وهو يصلي، زعمَ ليطأَ على رقَبَتِه، قال: فما فجِئهم منه إلا وهو ينكُص على عقبيه، ويتقي [أي يحتمي] بيديه.
فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نارٍ وهوْلاً وأجنحة، فقال رسول الله r: ((لو دنا مني لاختطفته الملائكةُ عُضواً عضواً)).
(رواه مسلم)

2) و من ذلك أن قريشاً اجتمعت في الحِجر، فتعاقدوا باللاتِ والعزى ومناة الثالثةِ الأخرى ، لو قد رأينا محمداً ، قمنا إليه قيام رجل واحد، فلم نفارقْه حتى نقتلَه.
فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها تبكي، حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك، لو قد رأوك لقد قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل إلا قد عَرف نصيبه من دمك.
فقال: ((يا بنية، أريني وَضوءاً)) فتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا: ها هو ذا. وخفضوا أبصارهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم، وعقِروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه بصراً، ولم يقم إليه منهم رجل.
فأقبل رسول الله r حتى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من التراب، فقال: ((شاهت الوجوه)) ثم حصَبهم بها، يقول ابن عباس: فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصى حصاةً إلا قُتل يوم بدر كافراً.
رواه أحمد في المسند ح (2757) والحاكم في مستدركه (3/170)، وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد (8/228).


3) (( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ - أي يسجد ويلصق وجهه بالعفر وهو التراب- قيل: نعم ، فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب ، فأتى رسول الله رضي الله عنه وهو يصلي زعم ليطأ على رقبته قال فما فجئهم (أي بغتهم) منه إلا وهو ينكص على عقبيه (أي رجع يمشي إلى ورائه) ويتقي بيديه قال فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقًا من نار وهولاً وأجنحة ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا ))رواه البخاري و مسلم

4) و عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: ((غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينًا فولى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي أتوه من كل جانب) نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب الأرض ثم استقبل به وجوههم فقال: شاهت الوجوه (أي قبحت) فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله عز وجل وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين )) رواه مسلم

5) ((وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رجالاً من قريش اجتمعوا في الحجر، ثم تعاقدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ونائلة وإساف أن لو قد رأوا محمدًا لقد قمنا إليه مقام رجل واحد فقتلناه قبل أن نفارقه، فأقبلت ابنته فاطمة تبكي حتى دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: هؤلاء الملأ من قومك لقد تعاهدوا لو قد رأوك قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل واحد إلا قد عرف نصيبه من دمك. فقال: "يا بنية آتيني بوضوء"، فتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا: هاهو ذا، وخفضوا أبصارهمن وسقطت أذقانهم في صدورهم، فلم يرفعوا إليه بصرًا، ولم يقم منهم إليه رجل، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم، وأخذ قبضة من التراب ثم قال: "شاهت الوجوه"، ثم حصبهم بها فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصا حصاةٌ إلى قتل يوم بدر كافرًا.)) رواه أحمد و البيهقى بسند حسن

6) و لما اتفق المشركون على اهدار دمه بين القبائل بجلب فارس من كل قبيلة يشارك فى قتله عليه السلام ، فلما وقفوا على داره ليلة الهجرة كان النبى صلى الله عليه و سلم قد أمر عليًا رضي الله عنه أن يبيت في مضجعه تلك الليلة ، و أعمى الله أعينهم و أصابتهم الغفلة فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من بينهم و نثر التراب على رؤوسهم، وهم لا يرونه وهو يتلو {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ}

ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلاً، وجاء رجل ورأى القوم ببابه، فقال: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدًا ، قال: خبتم وخسرتم، قال: والله مر بكم وذرّ على رءوسكم التراب، قالوا: والله ما أبصرنا..... وقاموا ينفضون التراب عن رءوسهم، وهم: أبو جهل والحكم بن العاص وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وأمية بن خلف وزمعة بن الأسود وطعيمة بن عدي وأبو لهب وأبي بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج))

أخرجه ابن سعد وابن هشام وأحمد و ابن القيم فى زاد المعاد، وقد حسنه ابن كثير وابن حجر في الفتح

7) و لما أراد النبى (صلى الله عليه و سلم) الهجرة تبعه سراقة ابن مالك فقال النبى : اللهم أكفنا سراقة، فأخذت الأرض قوائم فرسه إلى إبطها ، فاستغاث برسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يطلقه إلا بعدما أخذ عليه الميثاق ألا يتعرض له ولا يعين عليه

و فى البخارى عن سراقة قال : {أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى ‏ ‏دنوت ‏ ‏منهم ‏ ‏فعثرت ‏ ‏بي فرسي ‏ ‏فخررت ‏ ‏عنها فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها ‏ ‏الأزلام ‏‏ فاستقسمت بها أضرهم أم لا فخرج الذي أكره فركبت فرسي وعصيت ‏ ‏الأزلام ‏ ‏تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وهو لا يلتفت ‏ ‏وأبو بكر ‏ ‏يكثر ‏ ‏الالتفات ‏ ‏ساخت ‏ ‏يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين ‏ ‏فخررت ‏ ‏عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها ‏ ‏عثان ‏ ‏ساطع في السماء مثل الدخان ‏‏ فاستقسمت ‏ ‏بالأزلام ‏ ‏فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم} (رواه البخارى – كتاب المناقب – باب هجرة النبى صلى الله عليه و سلم)


8) ((و عن جابر بن عبد الله ‏ ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏أخبر ‏ أنه غزا مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قبل ‏ ‏نجد ‏ ‏فلما ‏ ‏قفل ‏ ‏رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قفل ‏ ‏معه فأدركتهم ‏ ‏القائلة ‏ ‏في واد كثير ‏ ‏العضاه ‏ ‏فنزل رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وتفرق الناس يستظلون بالشجر فنزل رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏تحت ‏ ‏سمرة ‏ ‏وعلق بها سيفه ونمنا نومة فإذا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يدعونا وإذا عنده أعرابي فقال ‏ ‏إن هذا ‏ ‏اخترط ‏ ‏علي سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده ‏ ‏صلتا ‏ ‏فقال من يمنعك مني فقلت الله ثلاثا ولم يعاقبه وجلس)) رواه البخارى

9) و لما خرج النبى مع أبو بكر للهجرة تبعه المشركون ليقتلوه فلجأوا لغار ثور فلما وصل المشركون كان النبى و الصديق امام أعينهم و لكن لم يروهم بفضل الله و قال الصديق لونظر أحدهم لموضع قدميه لأبصنا فقال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) { يا أبابكر مابالك باثنين الله ثالثهما} (أخرجه الشيخان)

فأنزل الله تعالى {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}

10) و قد تنزلت الملائكة لحماية رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم أُحد، حين أطبق عليه المشركون، وتفرق عنه أصحابه منهزمين،
ففي الصحيحين يقول سعدُ بن أبي وقاص : (رأيت عن يمين رسول الله r وعن شماله يوم أُحدٍ رجُلَين، عليهما ثيابٌ يَيَاض، ما رأيتهما قبلُ ولا بعد). يعني جبريلَ وميكائيلَ عليهما السلام.

قال النووي: "فيه بيان كرامةِ النبي r على الله تعالى، وإكرامِه إياه بإنزال الملائكة تقاتل معه، وبيانُ أن الملائكة تقاتِل، وأن قتالَهم لم يَختصَّ بيوم بدر".
شرح صحيح مسلم (15/66).

11) ومن ذلك أنه لما نزل قوله تعالى: {تبت يدا أبى لهبٍ وتب} (المسد: 1)،
جاءت أم جميلٍ ، امرأةُ عمه أبي لهب إلى النبي r ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، إنها امرأة بذيئة، وأخاف أن تؤذيَك، فلو قُمت، قال: ((إنها لن تراني)).
فجاءت أم جميل، فقالت لأبي بكر: إن صاحبك هجاني! قال: لا، وما يقول الشعر، قالت: أنت عندي مُصَدق، وانصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لم ترَك؟! قال: ((لا، لم يزل ملك يسترني عنها بجناحه)).
رواه أبو يعلى في مسنده ح (2358)، والبزار ح (2294)، وصححه ابن حبان ح (6511).

12) و من ذلك قصة الشاة المسمومة التى أهدتها إليه صلى الله عليه و سلم يهودية يوم خيبر فلما التقم منها لقمة قال لأصحابه أمسكوا فإن هذه الذراع تحدثنى أنها مسمومة و كان بشر بن البراء قد أكل منها فمات ، وقال لها ما حملك على ما صنعت قالت أردت أن أعلم إن كنت نبيا فسيطلعك الله عليه وإن كنت كاذبا أريج الناس منك قال فما عرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ثم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم توفى بعد ذلك بأربعة سنوات ولا يزال يجد من أثرها و فى هذا الخبر مناقب عظيمة لسيد البشر منها و يؤكد عصمته و بيان ذلك من وجوه :

أ- أن عصمة رسول الله قد تمت كما وعده ربه عز و جل لأن هذه العصمة هدفها تمكينه من تبليغ الرسالة و هى مقترنة بها كما قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ))

و ذلك قد حدث بنعمة الله و حفظه الله حتى أتم مهمته و لم يمت رغم السم إلا بعد أربع سنوات تقريباً ، كانت هذه السنوات من أهم مراحل الدعوة النبوية ففيها استقبلَ الوفود، وسيَّرَ الجيوش و فتحت مكة و دخل الناس فى دين الله أفواجا و حج النبى (صلى الله عليه و سلم) حجة الوداع و إكتملت الشريعة غير منقوصة.حتى أنزل الله تعالى قوله (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ))
. بينما مات بشر بن البراء من أكلته فى حينها و كان قد التقم كما التقم رسول الله!!

ب- أنه معلوم كون الموت مصير كل مخلوق حتى رسول الله كما قال تعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}

و قال سبحانه {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}

و قال عز و جل {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ}

فمادام الموت مصيرا محتوما ، و العصمة وعداً مفعولا: فلتحيى يا رسول الله معصوماً حتى تتم رسالتك، و لتنتقل يا رسول الله إلى ربك مكرماً على فراشك و شهيداً فى الوقت ذاته حين تحل ساعتك، و لله الحمد و المنة

جـ- أن النبى عليه الصلاة و السلام قد أخبر قطعا و جزماً أن هذه الشاة مسمومة مما يؤكد صدقه عليه السلام كنبى موحى اليه من الله إذ جاء الصحابة باليهودية و اعترفت أنها سمت الشاة كما أخبرت الذراع النبى عليه السلام

* و يضيف الأخ عبدالرحيم فى تحليل هذه المعجزة قائلاً:
فقد توفي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعد تلك الحادثة بأكثر من ثلاث سنوات ، رغمَ العوامل التالية:
أ- نوع السم: فالسم المستخدم كان أشد أنواع السموم. [ إذ جاء في المواهب اللدنية للقسطلاني 1/534 أن المرأة اليهودية عمدت إلى سُمٍّ لا يبطئ ـ يعني لا يلبث أن يقتل من ساعته ـ، وقد شاورت يهودَ في سموم، اجتمعوا لها على هذا السم بعينه، فسمَّت الشاة، وأكثرت في الذراعين والكتفين

ب- كمية السم: فالسم الموجود في كتف الشاة المصلية ـ التي يُفضِّل رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلها ـ، أكثر.

جـ - المعدة الفارغة: فقد تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشاة وهو مقبلٌ على الطعام، مما يعني أن معدته فارغة من الطعام. وتأثير السم في المعدة الفارغة أشد وأسرع؛ لسرعة امتصاصه.
د- .كِبَر سن رسول الله صلى الله عليه وسلم (60 عاماً): فالسم يؤثر في كبار السن أسرع من الشباب؛ لقلة الأنزيمات.
فجمَعَ الله صلى الله عليه وسلم له بين مقام النبوة، ومقام الشهادة الذي تمناه حين قال عليه السلام "لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ..". رواه البخاري

هـ - وفي الحديث الشريف " مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ ". إعجاز علمي: فقد بيَّن العلم الحديث أن للسم تأثيراً شديداً على الشريان الأبهر، وتركيزه في شريان الأبهر معلوم (الإعجاز العلمي في حديث الأبهر، أ.د. مجاهد أبو المجد، قُدِّم للمؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، بتاريخ 22-24 آذار 2004م، دبي، ص5)

ولماذا لم يسأل المخالفون أنفسهم: ما الذي دعا محمداً صلى الله عليه وسلم لصرفِ الحراس عنه فى أخطر مراحلة الدعوة و كثرة الأعداء و المنافقين و المترصبين قائلاً " ياأيها الناس اذهبوا عنا فقد عصمنا الله"

إن الإنسان يستطيع الكذب على كل الناس، أما أن يكذب على نفسه فلا.
قال المستشرق هيلر: " لما وعد الله رسوله بالحفظ بقوله: "وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ"، صرف النبي حراسه، والمرء لا يكذب على نفسه؛ فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء، لأبقى محمد على حراسته "

وهكذا يتبين ما في الآية الكريمة من وجوه الإعجاز المختلفة، فشكلت ألواناً متعددة، لإعجاز بديع، لا يمكن أن يكون كلام بشر



[COLOR="navy"][SIZE="6"]معجزة الإسراء :[/SIZE][/COLOR]

إن رحلة الإسراء و المعراج لمن أعظم الأيات التى رأها رسول الله صلى رالله عليه و سلم و فيه من العجائب ما تطيش له العقول
و لنعلم أن فترة الليل التى استغرقتها رحلة النبى هى الفترة التى احتاجها صلى الله عليه و سلم ليذهب بالبراق الى بيت المقدس و يصلى بالأنبياء ثم يعود الى مكة المكرمة
أما المعراج فقد خرج به النبى الى ما وراء الزمان فلا يحسب له ميقات ، و مطالع القصة يجد فيها من الأيات العجيبة و الرموز الحكيمة كرمز الخمر و اللبن و تجسد الدنيا فى صورة امرأة منادية و التنصير فى صورة رجل منادى بلا التفات من رسول الله و طبقات الجنة و النار و كذا اللقاءات ذات المغزى مع الأنبياء فى درجات كل منها له علة، و تردده بين موسى و ربه لأن موسى أكثر الأنبياء شبهاً برسولنا إلى أن بلغ سدرة المنتهى و راى الأيات الكبرى ما تشرأب له الأعناق و يؤكد ربانية الواقعة و روحانيتها ،

[COLOR="Blue"]شبهة و رد:[/COLOR]
زعم البعض أن رحلة الإسراء هى رؤيا منامية لرسول الله صلى الله عليه و سلم و ليست رحلة خاضها بروحه و جسده عليه السلام

[COLOR="DarkRed"]الجواب:[/COLOR]

أولا: أن الرؤى المنامية ليست مدعاة للتشكيك فالإنسان قد يرى فى منامه انه يطير و يجوب البلاد و يرى الخوارق ولا ينكر عليه أحد و لا ا تعد هذه أية
بينما ذكر القرأن أحداث الإسراء و المعراج كأيات بينات
فقال تعالى ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ))
فبدأت الأية بالتسبيح و هو تنزيه الله عن النقائص اشارة لقجرته على الفعل حقيقة
ثم وضحت أنه تعالى جعل نبيه يرى أياته الباهرة

و قال عز و جل متحدياً الكافرين ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)))

فبدأ تعالى بالٌسام على هذه الأية، و التأكيد على صدق رسول الله ، و تبكيتهم على ما ممارتهم ، و أنه رأى رؤيا بصرية لا ويغ فيها، و أنه رأى من أيات الله الكبرى

ثانياً: أن المشركين علموا و فهموا من رسول الله أن يتكلم عن إسراء حقيقى فاعترضوا على ذلك حتى جاءوا إلى أبي بكر وقالوا له: إن صاحبك يزعم أنه ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة واحدة، والناس يذهبون في شهر، ويرجعون في شهر، فقال أبو بكر: إن قال ذلك فقد صدق

و لو كان الكلام على رؤيا منامية لما كان هناك داعى للإعتراض و التشكيك كما أسلفنا

ثالثاً: أن النبى صلى الله عليه و سلم ألجمهم الحجة و دلل على صدقه بأمور و أيات منها:

1) بين لهم عليه السلما أنه لم يسرى من نفسه كما يذهبون هم بأنفسهم بل أُسرى به فالفاعل هو الله و رسول الله هو المفعول به ههنا

كما فى حديث مالك ابن أصمعة فى البخارى (بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان - وذكر : يعني رجلا بين الرجلين - فأتيت بطست من ذهب ، ملئ حكمة وإيمانا ، فشق من النحر إلى مراق البطن ، ثم غسل البطن بماء زمزم ، ثم ملئ حكمة وإيمانا ، وأتيت بدابة أبيض ، دون البغل وفوق الحمار : البراق )

و فى رواية لمسلم (فركبته حتى أتيت بيت المقدس )

2) أخبرهم النبى صلى الله عليه و سلم عن أمر قافلة لهم كانت فى الطريق بين مكة و بيت المقدس و افاصيل ما كان فيها و ما جرى لها من أحداث فى تلك الليلة و عن كل رجل فيها و متاعه و بعيره...الخ

كما فى رواية أبى سعيد الخدرى التى رواها البيهقى فى الدلائل بسند جيد

(ثم أصبح بمكة يخبرهم بالعجائب : أني أتيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء ، ورأيت كذا ورأيت كذا ، فقال أبو جهل بن هشام : ألا تعجبون مما يقول محمد ! يزعم أنه أتى البارحة بيت المقدس ، ثم أصبح فينا ، وأحدنا يضرب مطيته مصعدة شهرا ومنقلبة شهرا ، فهذا مسيرة شهرين في ليلة واحدة . قال : فأخبرهم بعير لقريش لما كان في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا وأنها نفرت ، فلما رجعت رأيتها عند العقبة ، وأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا ومتاعه كذا وكذا ..))

3) تحداه المشركون أن يصف لهم بيت المقدس فرفعه الله تعالى له بأية و رأه أى العين و وصفه لهم تفصيلا بمنتهى الدقة و الصواب

كما نجده أيضاُ فى رواية البيهقى ( فقال رجل من المشركين : أنا أعلم الناس ببيت المقدس وكيف بناؤه وكيف هيأته وكيف قربه من الجبل ، فإن يكون محمد صادقا فسأخبركم ، وإن يكن كاذبا فسأخبركم ، فجاءه ذلك المشرك فقال : يا محمد أنا أعلم الناس ببيت المقدس فأخبرني كيف بناؤه وكيف هيأته وكيف قربه من الجبل ؟ قال : فرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المقدس من مقعده فنظر إليه كنظر أحدنا إلى بيته : بناؤه كذا وكذا ، وهيأته كذا وكذا ، وقربه من الجبل كذا وكذا ، فقال الآخر : صدقت . فرجع إلى الصحابة فقال : صدق محمد فيما قال..)

و فى رواية للبخارى (لما كذبتني قريش حين أسري بى إلى بيت المقدس قمت في الحجر ، فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته ، و أنا أنظر إليه)

رابعاً: أنه لم يصح اختلاف الصحابة أو ما نُسب للسيدة عائشة من أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد رأى ذلك مناماً ، بل كان الخلاف فقط هل رأى ربه يوم أعرج به أم لا
و السيدة عائشة نفسها رضى الله عنها أكدت ان النبى صلى الله عليه و سلم قد رأى جبريل فى هذه الرحلة بصورته التى هى صورته الحقيقة


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]الخوارق المصاحبة لنزول الوحى :[/SIZE][/COLOR]

إن كنا نقول أن ما أوحى لرسول الله صلى الله عليه و سلم معجزة فإن الخوارق المصاحبة لهذا الوحى هى أيضاً أية بينة على صدقه صلى الله عليه و سلم
فإن الله تعالى يقول عن كيفية الوحى ((وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ))
و الثلاثة طرق تحقق مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
* فقد كلمه ربه بلا ترجمان عند سدرة المنتهى كما فى حديث الإسراء و قد سبق الكلام عنه و بيان الحجة الإعجازية فيه
* و أرسل الله تعالى رسوله الملك جبريل إلى رسول الله و قد رأه الصحاية فى صورة رجل شديد سواد الشعر شديد بياض الوجه شديد بياض الثياب لا يعرفونه ولا تظهر عليه أثار السفر فدخل على رسول الله فحدثه فى حديث طويل عن الإسلام و الإيمان و الإحسان ، فلما انقضى أمرهم رسول الله أن يردوه فخرجوا فلم يجداو له أثر فأخبرهم رسول الله أن هذا جبريل جاء يعلمهم دينهم (رواه البخارى و مسلم)
* كذلك فى تنزل الوحى على رسول الله كانت تحدث الظواهر الأتية:
1) فهو يأتى على رسول الله بقوة اطناب كقوة صلصلة الجرس لقوله عليه السلام (أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال) رواه البخارى
و من حيث الإيقاع يشبه دوى النحل و كان الصحابة يسمعون هذا الصوت العجيب لحديث عمر (كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي نسمع عند وجهه كدوي النحل) النسائى فى السنن الكبرى/ صححه الألبانى فى أحكام القران لإبن العربى 3/311
و هى خارقة ظاهرة
2) كان يتصبب عرقاً و يثقل جسده حتى نكاد الناقة التى يركبها تبرك ، و إذا جاءت فخذه على فخذ بشر تكاد تحطمها ، كما فى حديث زيد بن ثابت ((فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفخذه على فخذي ، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي)) رواه البخارى
و هى خارقة ظاهرة تخالف قوانين الطبيعة
3) ثم إذا سرى عن رسول الله يتلو على الأسماع أبلغ الكلام و أفصح البيان أيات الله البينات من القرأن

عارف الشمري 2011-04-02 09:04 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]إخباره بأمور غيبية صلى الله عليه و سلم :[/SIZE][/COLOR]


فمن معجزات رسول الله صلى الله عليه و سلم إخباره عن غيبيات زمانية و مكانية وقعت كما أخبر عليه السلام، مما يؤكد أن هذا وحى عالم الغيب و الشهادة، و قد استفاض اهل العلم فى تبيانها فى كتب السنة و الدلائل و الشمائل ، ككتب دلائل النبوة للدكتور منقذ السقار و من قبله الجواب الصحيح و دلائل البيهقى و اظهار الحق ، و من ذلك:-


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]إخباره عن كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة :[/SIZE][/COLOR]

و هو الكتاب الذي أرسله إلى قريش مع امرأة، يخبرهم فيه بعزم النبي على غزو مكة.
فلما كشف الله ذلك لنبيه؛ بعث علياً والزبيرَ والمقدادَ بنَ الأسود، وقال صلى الله عليه و سلم: ((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة، ومعها كتاب، فخذوه منها))، يقول علي: فانطلقنا حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب. فاخرجته ))
رواه البخاري ح (3007)، ومسلم ح (2494)

[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن إستشهاد ثلاثة من كبار الصحابة يوم مؤتة:[/SIZE][/COLOR]

و من الإخبار المعجِز نعْيُه لقادة مؤتة الثلاثة - وقد استشهدوا في الشام - وهو في المدينة ، يقول أنس: ((نعى النبي صلى الله عليه و سام زيداً وجعفراً وابنَ رواحة للناس قبل أن يأتيَهم خبرُهم ، فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان؛ حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم)).
رواه البخاري ح (3929).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره أبا هريرة بالشيطان المتمثل و ما سيفعله :[/SIZE][/COLOR]

ومن ذلك تعريفه صلى الله عليه و سلم أبا هريرة بحقيقة الشيطان المتمثل في صورة رجل، ، وتنبؤه بأنه سيأتي مرة بعد مرة، فقد جاءه شيطان، يسرق من طعام الزكاة، فأمسك به أبو هريرة، ثم خلّى عنه لما شكى الفقر والعَيْلة.
يقول أبو هريرة: [فخليتُ عنه، فأصبحتُ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟)) فقلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعِيالاً، فرحمته، فخليتُ سبيله، قال: ((أما إنه قد كذَبك, وسيعود))، قال أبو هريرة: فعرَفتُ أنه سيعود لقول رسول الله: ((إنه سيعود)) ...
وعاد الرجل كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم، وأطلقه أبو هريرة ثانية, فأخبره النبي بمقدَمِه ثالثة، فكان كما أخبر.
فلما غدا إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال له: (( تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة؟)) قال: لا، قال: ((ذاك شيطان)).]
ذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم في كتاب الوكالة، باب "إذا وكل رجلاً فترك الوكيل شيئاً فأجازه".


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن مشاركة أم حرام فى أول غزو للبحر و وفاتها قبل غزو مدينة قيصر :[/SIZE][/COLOR]

ففى خبر أم حرام بنت ملحان ، سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: ((أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا)).
قالت أم حرام: قلتُ: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: ((أنتِ فيهم)).
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم)).
فقلتُ: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: ((لا)).
رواه البخاري ح (2924).

وفي حديث يرويه الشيخان {فركبت أمُّ حرامٍ بنتِ مِلحانٍ البحرَ في زمن معاوية رضي الله عنه ، فصُرعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فهلكت.}
رواه البخاري ح (2789)، ومسلم ح (1912).


[SIZE="6"][COLOR="navy"]إخباره عن مجىء أويس القرنى من اليمن :[/COLOR][/SIZE]

فقد أخبر عليه السلام بقدومُ أُويس القَرَني من اليمن، و ذكر لأصحابه بعضَ صفته وأحواله ، فقال: ((إن رجلاً يأتيكم من اليمن، يقال له: أُويس، لا يدع باليمن غيرَ أمٍ له، قد كان به بياض، فدعا الله فأذهبه عنه؛ إلا موضعَ الدينار أو الدرهم، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم)).
رواه مسلم ح (2542).

وقد كان كما أخبر صلى الله عليه و سلم، فقد أقبل أهل اليمن زمن عمر؛ فجعل يستقري الرفاق، فيقول: هل فيكم أحد من قَرَن؟ حتى أتى على قرن، فقال: من أنتم؟ قالوا: قَرَن.
قال: فوقع زِمان عمر أو زِمام أويس، فناوله أحدهما الآخر، فعرفه.
فقال عمر: ما اسمك؟ قال: أنا أويس.
فقال: هل لك والدة؟ قال: نعم.
قال: فهل كان بك من البياض شيء؟ قال: نعم، فدعوتُ اللهَ عز وجل فأذهبَه عني إلا موضعَ الدِرهم من سُرَّتي لأذكر به ربي.
فقال له عمر : استغفر لي. قال: أنتَ أحقُّ أن تستغفر لي، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فقال عمر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ((إن خير التابعين رجل يقال له أويس، ولهُ والدة، وكان به بياض، فدعا الله عز وجل، فأذهبَه عنه إلا موضعَ الدِرهم في سُرَّتِه)) فاستغفَر له أويس، ثم دخل في غِمار الناس، فلم يُدر أين وقع [أي ذهب].
رواه أحمد ح (268)، والمرفوع إلى النبي رواه مسلم ح (2542)


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن خروج نار بالحجاز يراها اهل بصرى :[/SIZE][/COLOR]

فقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم عن بركان يثور في الحجاز ينعكس ضوؤه بالشفق، فيلحظه أهل بصرى بالشام، فتحقق تنبؤه عام 654هـ، ليكون دليلاً آخر على نبوته ورسالته الشريفة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، تضيء أعناقَ الإبل ببصرى)).
رواه البخاري ح (7118)، ومسلم ح (2902)

قال النووي: "وقد خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت ناراً عظيمة جداً، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، تواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة".
شرح صحيح مسلم (18/29).
و قد نقل ابن كثير و العلامة شهاب الدين أبو شامة و غيرهم تفاصيل هذه الواقعة و تواتر المؤرخين و الهامة على وقوعها.


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن مسيلمة الكذاب و مقتله و كذا الأسود العنزى :[/SIZE][/COLOR]

فقد رأى النبي صلى الله عليه و سلم في رؤياه أن في يديه سِوارين من ذهب، قال: ((فأهمني شأنُهما، فأُوحي إليَّ في المنام أن انفُخْهما، فنفختُهما، فطارا، فأوَّلْتُهما كذابَيْن يخرجان بعدي)).

وقد تحققت رؤياه، فكان مسيلمة أول الكذابَين، فقد قدم المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبِعتُه، فأقبل إليه رسول الله وفي يده قطعة جريد فقال: ((لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتُكَها، ولن تعدوَ أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقِرَنك الله، وإني لأراك الذي أُريتُ فيك ما رأيت)).

قال أبو هريرة: (فكان أحدهما العنسي، والآخر مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة).
رواه البخاري ح (3351)، ومسلم ح (4218).

قال النووي: "قوله: ((ولئن أدبرت ليعقرِنك الله )) أي إن أدبرت عن طاعتي ليقتلنك الله .. وقتله الله تعالى يوم اليمامة، وهذا من معجزات النبوة ".
ومثله رد الله كيد أخيه في الضلالة ، الأسودِ العنسي ثانيَ الكذابَيْن فقتل و تحقق فيه ما رآه النبي صلى الله عليه و سلم في رؤياه


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن ظهور أول القرأنيين منكرى السنة :[/SIZE][/COLOR]

وقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم عن ضلالة هذا الدعي حيث قال: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحِلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرِّموه)).
رواه أبو داود ح (4604)، وابن ماجه ح (12)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (163).

قال المباركفوري: "وهذا الحديث دليلٌ من دلائل النبوة وعلامةٌ من علاماتها، فقد وقع ما أخبر به، فإن رجلاً قد خرج في البنجاب من إقليم الهند، وسمى نفسه بأهل القرآن، وشتان بينه وبين أهل القرآن، بل هو من أهل الإلحاد .. فأطال لسانه في رد الأحاديث النبوية بأسرها, وقال: هذه كلها مكذوبةٌ ومفترياتٌ على الله تعالى، وإنما يجب العمل على القرآن العظيم فقط، دون أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم, وإن كانت صحيحةً متواترةً". تحفة الأحوذي (7/354)


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن إقتراب أجله فى العام الذى مات فيه عليه السلام :[/SIZE][/COLOR]

و الأخبار فى ذلك كثيرة منها :-

*حديث ابن عباس قال: (( كان رسوا الله (صلى الله عليه و سلم) أجود الناس و كان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل و كان يلقاه فى كل ليلة من ليالى رمضان فيدارسه القرأن فكان جبريل يقرأ و النبى يسمع حينا و النبى يقرأ و جبريل يسمع حينا حتى كان العام الذى توفى فيه الرسول فعارضه جبريل بالقرأن مرتين لذا قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) " ما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلى))
(رواه البخارى)
و قد شهد العرضة الأخيرة أحد مشاهير كتاب الوحى و هو زيد بن ثابت الأنصارى.

* و منها قول النبى علي السلام فى حجة الوادع {أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا . أيها الناس : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم ، كحرمة يومكم هذا ، وكحرمة شهركم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت...الحديث} (رواه الطبرانى 24/308 ، و ابن عربى فى أحكام القرأن و صححه الألبانى 2/503)

* و منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال : ( إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء ، وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) . فبكى أبو بكر وقال : فديناك بآبائنا وأمهاتنا . فعجبنا له ، وقال الناس : انظروا إلى هذا الشيخ ، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده ، وهو يقول : فديناك بآبائنا وأمهاتنا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر هو أعلمنا به ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لتخذت أبا بكر ، إلا خلة الإسلام ، لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر)
( رواه البخارى)

* وتقبل فاطمة الزهراء تمشي ، فيقول لها أبوها صلى الله عليه و سلم: ((مرحباً بابنتي))، تقول أم المؤمنين عائشة: ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسرَّ إليهاً حديثاً، فبكت، ثم أسرَّ إليها حديثاً فضحكتْ.
فقلت لها: ما رأيتُ كاليوم فرحاً أقرب من حزن، فسألتُها عما قال؟ فقالت: ما كنت لأُفشي سِرَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فلما قُبِض النبيُّ صلى الله عليه و سلم سألتُها، فقالت: أسرَّ إلي: ((إن جبريل كان يعارضني القرآن كلَ سنة مرة ، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أولُ أهلِ بيتي لحاقاً بي، فبكيتُ، فقال صلى الله عليه و سلم: أما ترضَينَ أن تكوني سيدةَ نساء أهل الجنة أو نساءِ المؤمنين))، فضحكتُ لذلك.
رواه البخاري ح (3624)، ومسلم ح (2450).

وفي رواية أخرى أنها قالت: (فأخبرني أنه يُقبض في وجعه الذي توفي فيه؛ فبكيت، ثم سارَّني، فأخبرني أني أولُ أهلِ بيته أتبعُه؛ فضحكت).
رواه البخاري ح (3626)، ومسلم ح (2450).

وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه و سلم بثلاث غيوب،
أولُها: اقترابُ أجله، وقد مات عليه الصلاة والسلام في تلك السنة.
وثانيها: إخبارُه ببقاء فاطمة بعده، وأنها أولُ أهل بيته وفاة. وقد توفيت بعده صلى الله عليه و سلم بستة أشهر فقط، فكانت أولَ أهل بيته وفاة.
وثالثها: أنها سيدةُ نساء أهل الجنة، رضي الله عنها.


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخبارُه عن إستشهاد عمرَ رضي الله عنه :[/SIZE][/COLOR]

فقد بشّر النبي صلى الله عليه و سلم عمر بالشهادة مرة أخرى حين رآه يلبس ثوباً أبيضَ فقال له: ((أجديدٌ ثُوبُك أم غسيل؟)) قال: لا، بل غسيلٌ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اِلبس جديداً، وعِش حميداً، ومُت شهيداً)).
رواه أحمد ح (5363)، وابن ماجه ح (3558)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2863).

وكان كما قال عليه الصلاة والسلام، فقد قتله أبو لؤلؤة المجوسي وهو قائم يصلي الصبح إماماً بالمسلمين في مسجد النبي صلى الله عليه و سلم

[SIZE="6"][COLOR="navy"]إخباره عن إستشهاد عثمان رضي الله عنه :[/COLOR][/SIZE]

فقد بشر النبى عليه السلام أمير المؤمنين المظلوم عثمان بن عفان بشهادته، وأنبأه أنها ستكون في فتنة طلب منه أن يصبر عليها، وذلك لما جلس أبو موسى الأشعري مع النبي صلى الله عليه و سلم على بئر أريس في حائط من حيطان المدينة .
يقول أبو موسى: فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمانُ بن عفان. فقلتُ: على رِسْلك، فجئتُ إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته، فقال: ((ائذن له ، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه)).
يقول أبو موسى: فجئتُه، فقلت له: ادخل، وبشّرك رسول الله صلى الله عليه و سلم بالجنة على بلوى تصيبُك.
رواه البخاري ح (3674).

[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن إستشهاد على بن أبي طالب رضي الله عنه [/SIZE][/COLOR]:

وذات يوم مرِض علي رضى الله عنه مرضاً شديداً ، فزاره أبو سنان الدؤلي، فقال له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه.
فقال له علي: لكني والله ما تخوفتُ على نفسي منه، لأني سمعتُ رسولَ الله r الصادقَ المصدوقَ يقول: ((إنك ستُضرب ضربةً ها هنا، وضربةً ها هنا - وأشار إلى صُدغَيه - فيسيل دمها حتى تختضب لحيتُك، ويكونَ صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود)).
رواه الحاكم (3/122)، والطبراني في الكبير ح (173). قال الهيثمي: إسناده حسن. مجمع الزوائد (9/188).

[COLOR="navy"][SIZE="6"]خبر جامع عن شهادة عمر وعثمانَ وعلي وطلحة والزبير :[/SIZE][/COLOR]

و كذا أخبر رسول الله عمرَ وعثمانَ وعلي وطلحة والزبير عليهم رضوان الله أن موتهم سيكون شهادة، وأنهم لن يموتوا على فُرُشِهم أو سواه مما يموت به الناس.
وقد صعد رسول الله صلى الله عليه و سلم على حراء، هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُ وطلحةُ والزبيرُ، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( إهدأ أحد فما عليك إلا نبيٌ أو صديقٌ أو شهيد)).
رواه مسلم ح (2417)

فشهد صلى الله عليه و سلم لنفسه بالنبوة، ولأبي بكر بالصديقية، ولعثمانَ وعليَ وطلحةَ بالشهادة.
قال النووي: " وفي هذا الحديث معجزاتٌ لرسول اللّه صلى الله عليه و سلم: منها إخبارُه أنّ هؤلاء شهداء, وماتوا كلٌّهم غيرَ النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر شهداء ; فإنّ عمرَ وعثمان وعليّاً وطلحة والزّبير رضي اللّه عنهم قُتلوا ظلماً شهداء ; فقتلُ الثلاثةِ [أي عمر وعثمان وعلي] مشهور, وقُتلَ الزّبير بوادي السّباع بقرب البصرة منصرفاً تاركاً للقتال, وكذلك طلحة، اعتزل النّاس تاركاَ للقتال, فأصابه سهم، فقتله, وقد ثبت أنّ من قُتل ظلماً فهو شهيدٌ".
شرح النووي على صحيح مسلم (15/190).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن إستشهاد أم ورقةَ بنتَ عبد الله بن الحارث رضي الله عنها :[/SIZE][/COLOR]

فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزورها كل جمعة، وكان يسميها الشهيدة فيقول: ((انطلقوا نزور الشهيدة)).
وذلك أنها قالت: ((يا نبي الله، أتأذنُ فأخرجُ معك، أمرّضُ مرضاكم، وأداوي جرحاكم، لعل الله يُهدي لي شهادة؟ قال: ((قَرِّي، فإن الله عز وجل يُهدي لك شهادة)).
وقد أدركتها الشهادة زمن عمر ، وكانت أعتقت جارية لها وغلاماً عن دُبرُ منها [أي يُعتقان بعد وفاتها] فطال عليهما، فغمّاها [أي خنقاها] في القطيفة حتى ماتت. فكانت وفاتُها شهادة كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم
(رواه أحمد ح (26538)، وأبو داود ح (571)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ح (552).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن فتح القدس و طاعون عمواس و الفتنة و ثراء الدولة الإسلامية :[/SIZE][/COLOR]

و ذلك فى الحديث الذى رواه البخارى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لعوف بن مالك: ((اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتحُ بيت المقدس، ثم مُوتانٌ يأخذُ فيكم كقُعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنةٌ لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدِرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غايةٍ اثنا عشر ألفاً)).

وفي هذا الحديث يذكر النبي صلى الله عليه و سلم أحداثاً ستة يرتبها،
أولها: موتُه صلى الله عليه و سلم،
ثانيها: فتحُ بيت المقدس، وقد كان ذلك في العام الخامس عشرَ من الهجرة
ثالثها: ثم موت عظيم يصيب الصحابة، وتحقق ذلك في طاعون عِمواس في السنة الثامنةِ عشرة للهجرة وبلغ عدد من مات فيه خمسة وعشرين ألفاً من المسلمين
رابعها: ثم استفاضةُ المال حين كثرت الأموال زمن الفتوح في عهد عثمان
خامسها: ثم الفتنةُ التي تصيب العرب، وقد وقعت زمن فتنة قتل عثمان رضى الله عنه التي كانت بوابة للفتن التي ما تركت بيتاً إلا ودخلته.
سادسها: العلامة الأخيرة، وهي الهدنة ثم الحرب مع بني الأصفر- وهم الروم - فقد اتفق العلماء على أنها لم تقع، وأن ذلك يكون في فتن وملاحم آخر الزمان.


[SIZE="6"][COLOR="navy"]إخباره عن أول أزواجه لحوقاً به :[/COLOR][/SIZE]

فعن أم المؤمنين عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (أسرعكن لحاقا بي ، أطولكن يدا . قالت : فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا . قالت : فكانت أطولنا يدا زينب . لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق)
(رواه البخارى و مسلم و اللفظ لمسلم)

و قد شرح النبى صلى الله عليه و سلم ذلك فى موقف أخر، كما فى حديث أبى بزرة : ( كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة فقال يوما خيركن أطولكن يدا فقامت كل واحدة تضع يدها على الجدار فقال لست أعني هذا ولكن أصنعكن يدين) ( أخرجه هيثمى فى مجمع الفوائد و حسنه الألبانى)

و بالفعل كانت زينب بنت جحش أكثر نساء النبى صدقة و عطاً و عملاً بيدها ، و كانت أوَّل أزواج النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وفاة. توفيت سنة عشرين، وصلَّى عليها عمر بن الخطَّاب وهي أول من صنع لها النعش ودفنت بالبقيع

[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن وحدة أبى ذر فى حياته و مماته و بعثته :[/SIZE][/COLOR]

حدث لما غدا النبى صلى الله عليه و سلم إلى تبوك، أن تأخر أبو ذر لبطئ بعيره، فتركه، وحمل متاعه على ظهره، ليلحق بالنبي صلى الله عليه و سلم في تبوك.
وبينما المسلمون يتفقدون من تخلَّف عنهم، لاح في الأفق سوادُ رجلٍ يمشي، قالوا: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((كن أبا ذر))، فلما تأمله الصحابة، قالوا: يا رسول الله، هو واللهِ أبو ذر.
فقال صلى الله عليه و سلم: ((رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده)).

*لقد عرَف النبي صلى الله عليه و سلم شخصَ أبي ذر قبل وصوله إليهم بما أعلمه الله،
وتمضي الأيام لتُحقق النبوءة ، فتدرك الوفاةُ أبا ذر في الربذة، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامَه: إذا مِت فاغسلاني وكفّناني، ثم احملاني، فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر.
فلما مات فعلوا به كذلك ، فاطلع ركب من أهل الكوفة، وفيهم ابن مسعود، فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره [أي من إسراعهم إليه].
فاستهل ابن مسعود رضي الله عنه يبكي، ويقول: صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم ((يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث وحده)).
فنزل ابن مسعود فولِيَ دفْنه. رضي الله عنهما.
رواه الحاكم في المستدرك (3/52)، وحسّن إسناده ابن كثير في البداية والنهاية (5/9).

[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره سعداً أنه سيخلف فينتفع به أقوام و يضر أخرون :[/SIZE][/COLOR]

كما فى حديث سعد بن أبى وقاص إذ مرض بمكة، وكان يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، واشتد مرضه حتى أشفى (أي أشرف على الموت) فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، ولك يكن لسعد إلا بنت، فقال: ( يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: لا، إلى أن قال: فالشطر، قال: لا، فقلت: الثلث، قال: الثلث والثلث كثير، ثم قال له صلى الله عليه وسلم: لعلك تخلف –أي تعيش- حتى ينتفع بك أقوام ويستضر بك آخرون) (رواه البخارى و مسلم)

فشفاه الله من ذلك المرض، وفتح الله العراق على يديه، وهدى الله به ناسًا من الكفار جاهدهم وقتل منهم وسبى، وكانت المدة التي عاش فيها بعد ذلك المرض نحو خمسين سنة


[SIZE="6"][COLOR="navy"]إخباره عن موت النجاشى يوم وفاته :[/COLOR][/SIZE]


فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم عن موت النجاشي في أرض الحبشة في يوم وفاته، وهذا خبر تحمله الركبان يومذاك في شهر ، يقول أبو هريرة: (نعى رسول الله صلى الله عليه و سلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً).
رواه البخاري ح (1254).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن مصارع مشركى بدر :[/SIZE][/COLOR]

ففي اليوم السابق ليوم بدر، تفقد رسول الله أرض المعركة المرتقبة، وجعل يشير إلى مواضع مقتل المشركين فيها، ويقول: ((هذا مصرع فلان)).
قال أنس: ويضع يده على الأرض هاهنا هاهنا. فما ماطَ أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه و سلم.
رواه مسلم ح (1779).


[SIZE="6"][COLOR="navy"]إخباره بقتل المسلمين لأمية بن خلف :[/COLOR][/SIZE]

وتفصيل ذلك أن سعد بن معاذ كان صديقاً لأمية، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مرَّ بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة؛ انطلق سعد معتمراً، فنزل على أمية بمكة ...
فقال سعد: يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله عليه الصلاة و السلام يقول: ((إنهم قاتلوك)).
فقال أمية: بمكة؟ قال سعد: لا أدري. ففزع لذلك أمية فزعاً شديداً.
فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمداً أخبرهم أنهم قاتلي، فقلتُ له: بمكة؟ قال: لا أدري. فقال أمية: والله لا أخرج من مكة.
فلما كان يومُ بدر؛ استنفر أبو جهلٍ الناسَ، قال: أدركوا عِيرَكم، فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان، إنك متى ما يراك الناس قد تخلفْتَ وأنت سيد أهل الوادي؛ تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل، حتى قال: أما إذ غلبتني، فوالله لأشترين أجود بعير بمكة.
ثم قال أمية: يا أم صفوان، جهزيني. فقالت له: يا أبا صفوان، وقد نسيتَ ما قال لك أخوك اليثربي!؟ قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريباً.
فلما خرج أميةُ أخذ لا ينزل منزلاً إلا عَقَل بعيرَه، فلم يزل بذلك، حتى قتله الله عز وجل ببدر".
رواه البخاري ح (3950).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره بمصرع كسرى يوم مصرعه :[/SIZE][/COLOR]

ذكر إبن كثير فى البداية و النهاية (ج/ص‏:‏ 4/ 309‏) حديث دحية بن خليفة الكلبي أنه لما رجع من عند قيصر، وجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رسل كسرى، وذلك أن كسرى بعث يتوعد صاحب صنعاء ويقول له‏:‏ إلا تكفيني أمر رجل قد ظهر بأرضك يدعوني إلى دينه، لتكفينه أو لأفعلن بك‏.‏ فبعث إليه فلما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم كتاب صاحبهم تركهم خمس عشرة ليلة ثم قال لهم‏:‏ ‏(‏‏(‏اذهبوا إلى صاحبكم أخبروه أن ربي قد قتل ربه الليلة‏)‏‏)‏ فوجدوه كما قال‏.
(رواه البيهقى و صححه الألبانى فى الصحيح الجامع 862)

و كان ذلك سبباً فى إسلام باذام صاحب صنعاء رضى الله عنه لما وصله خبر موت كسرى بعد ذلك بمدة عن ذات الليلة التى اخبر بها رسول الله صلى الله عليه و سلم.


[SIZE="6"][COLOR="navy"]إخباره عن سوء خاتمة رجل قاتل مع المسلمين :[/COLOR][/SIZE]

* وروى الشيخان من حديث سهل بن سعد الساعدي : قصة رجل يدعى قزمان، حيث ذكرا أن المسلمين اقتتلوا مع المشركون , وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قزمان لا يدع لهم شاذّة ولا فاذّة إلا اتّبَعها يضربها بسيفه, فقيل: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان [أي قزمان]. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((أما إنه من أهل النار))، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه.
قال سهل: فخرج معه، كلما وقف وقف معه, وإذا أسرع أسرع معه.
قال: فجُرح الرجل جرحاً شديداً، فاستعجل الموتَ، فوضع سيفَه بالأرض، وذُبابَه بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه.
فخرج الرجل الذي يتابعه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: أشهد أنك رسول الله، فقال صلى الله عليه و سلم: ((وما ذاك؟)) فأخبره بخبر الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم عند ذلك: ((إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة - فيما يبدو للناس - وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار - فيما يبدو للناس - وهو من أهل الجنة)).
رواه البخاري ح (2742), ومسلم ح (112).


إخ[COLOR="navy"][SIZE="6"]باره بموت منافق بالمدينة بينما هو فى سفر عليه السلام :[/SIZE][/COLOR]

بينما النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه قادمون من سفر؛ إذ هاجت ريحٌ شديدة، تكاد أن تدفن الراكب، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((بُعِثَت هذه الريح لموت منافق))، فلما قدم المدينة، فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات.
رواه مسلم ح (2782).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عثمان عن توليه الخلافة و الخروج عليه: [/SIZE][/COLOR]

إذ قال صلى الله عليه و سلم لعثمان: ((يا عثمانُ، إنه لعل الله يقمّصُك قميصاً، فإن أرادوك على خلعه، فلا تخلعه لهم )).
رواه الترمذي ح (3705)، وأحمد في المسند ح (24639)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (29233).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن الفتنة بين الصحابة :[/SIZE][/COLOR]

إذ قال عليه السلام: ((لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان، دعواهما واحدة)).
رواه البخاري ح (6936)

قال ابن كثير: "وهاتان الفئتان هما أصحاب الجمل وأصحاب صفين، فإنهما جميعاً يدعون إلى الإسلام، وإنما يتنازعون في شيء من أمور المُلك ومراعاة المصالح العائد نفعها على الأمة والرعايا، وكان ترك القتال أوْلى من فعله، كما هو مذهب جمهور الصحابة".
البداية والنهاية (6/214).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن ظهور الخوارج وقت الفتنة و صفة من يقاتلهم :[/SIZE][/COLOR]

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين، يقتلها أولى الطائفتين بالحق)).
رواه مسلم ح (1065).
فكان ذلك شهادة بالغة بأن الحق مع عليٍّ وأصحابه، لقتالهم لمارقي الخوارج في وقعة النهروان.

* وكان صلى الله عليه و سلم قد تنبأ بظهور الخوارج، وحدد صفاتهم وسماتهم، لما جاءه ذو الخويصرة متهماً النبيَّ صلى الله عليه و سلم بالظلم في قسمة الغنائم قال: ((إن له أصحاباً، يحقِر أحدُكم صلاتَه مع صلاتهم، وصيامَه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ... آيَتُهُم رجلٌ أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثلُ البضعة تدردر، ويخرجون على خير فرقةٍ من الناس)).

قال أبو سعيد الخدري: (أشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه و سلم, وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل، فالتُمِس، فأتي به حين نظرت إليه على نعت النبي صلى الله عليه و سلم الذي نعته).
رواه البخاري ح (3610)، ومسلم ح (1064).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن إستشهاد عمار على يد الفرقة الباغية :[/SIZE][/COLOR]

فقد رأى النبي صلى الله عليه و سلم عمار بن ياسر عند بناء مسجده الشريف يحمل لبِنَتين لبنتين، فيما كان الصحابة يحملون لبِنة لبِنة، فجعل صلى الله عليه و سلم ينفض التراب عنه، ويقول: ((ويح عمار، تقتلُه الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار))، قال أبو سعيد: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.
رواه البخاري ح (428)، ومسلم ح (5192)

وقد قتِل عمارُ في جيش عليٍّ سنة سبع وثلاثين للهجرة النبوية، فكان دليلاً آخر على صحة موقف أبي الحسن علي.


[SIZE="6"][COLOR="navy"]إخباره بخروج زوجته فى الفتنة على جمل أدبب و نبيح كلاب الحوأب عليها :[/COLOR][/SIZE]

فقد أخبر صلى الله عليه و سلم عن خروج إحدى أزواجه على جمل، وأنه يقتل حولها كثير من المسلمين، فعن ابن عباس رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((أيتُكنَّ صاحبة الجمل الأدبب [أي كثير وبر الوجه]، يقتل حولها قتلى كثيرة، تنجو بعدما كادت)).
رواه ابن أبي شيبة في المصنف ح (37785)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: "رواه البزار ورجاله ثقات" (7/474).

وقد تحققت نبوءته صلى الله عليه و سلم حين سارت عائشة رضي الله عنها جهة البصرة قبيل وقعة الجمل
فلما بلغت مياه بني عامر نبحت الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا أني راجعة، فقال لها الزبير: بل تقدمين، فيراك المسلمون، فيصلح الله عز وجل بينهم، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لي ذات يوم: ((كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب)).
رواه أحمد ح (23733)، والحاكم (3/129)، وصححه، ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير في البداية والنهاية: "هذا إسناد على شرط الصحيحين ولم يخرجوه" (6/212).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره بإعتزال محمد بن مسلمة الفتنة :[/SIZE][/COLOR]

يقول حذيفة بن اليمان: ((ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه؛ إلا محمد بن مسلمة، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: لا تضرك الفتنة)).
رواه أبو داود ح (4663)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (6233).

ولما أطلَّت الفتنة برأسها حقق محمد بن مسلمة نبوءة النبي صلى الله عليه و سلم عنه، فاعتزلها، وكسر سيفه، واتخذ سيفاً من خشب.
انظر العبر، الذهبي (1/9).


إخباره عن إصلاح الحسن بين المسلمين :[COLOR="navy"][SIZE="6"][/SIZE][/COLOR]

يقول أبو بكرة: بينا النبي صلى الله عليه و سلم يخطب؛ جاء الحسن، فقال عليه الصلاة والسلام: ((ابني هذا سيد, ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين)).
رواه البخاري ح (7109)

وقد كان كما أخبر صلى الله عليه و سلم ، فقد تنازل الحسن لمعاوية عن الملك عام أربعينَ من الهجرة، فسُمِّيَ عامَ الجماعة لاجتماع المسلمين فيه على خليفة واحد بعد طول فرقة واختلاف.


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن فتح خيبر على يد على بن أبي طالب رضي الله عنه فى اليوم التالى :[/SIZE][/COLOR]

بعد أن حاصر رسول الله صلى الله عليه و سلم خيبرذات الحصون العتيدة فترة طويلة بشر بفتحها ليلة فتحها على يد الإمام على إبن أبى طالب فقال عليه السلام ((لأعطين الراية - أو ليأخذن الراية - غدا رجلا يحبه الله ورسوله ، أو قال : يحب الله ورسوله ، يفتح الله عليه)) رواه البخارى

فكان هذا الرجل على ابن أبى طالب، و بالفعل أخذ الراية و فتح الحصن و زاد الأمر إعجازاً رأنه كان يعانى من الرمد فبصق النبى فى عينه فبرأت حتى يتمكن من القيام بالمهمة كما سبق و أوردنا


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره بفتوح اليمن والشام والعراق واستيطان المسلمين بهذه البلاد :[/SIZE][/COLOR]


حيث قال صلى الله عليه و سلم: (( تُفتَح اليمن فيأتي قوم يُبِسُّون فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتُفتح الشام فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتُفتح العراق فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)).
رواه مسلم ح (1875).

قال النووي: "قال العلماء: في هذا الحديث معجزاتٌ لرسول الله صلى الله عليه و سلم، لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم، وأن الناس يتحملون بأهليهم إليها ويتركون المدينة، وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب [اليمن ثم الشام ثم العراق]، ووجِد جميعُ ذلك كذلك بحمد الله وفضله". شرح النووي على صحيح مسلم (9/159).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره بفتح فارس :[/SIZE][/COLOR]

وأما فتح فارس، فقد بشر به رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه، فقال: ((لتفتحن عصابة من المسلمين كنز آل كسرى الذي في الأبيض)).
رواه مسلم ح (2919).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره بفتح مصر :[/SIZE][/COLOR]

وكذا أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بفتح مصر؛ فقال صلى الله عليه و سلم: ((إنكم ستفتحون مصر .. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذِمة ورحِماً))،
في رواية لابن حبان: (( فاستوصوا بهم خيرًا، فإنهم قوة لكم، وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله)).
والتفت النبي صلى الله عليه و سلم إلى أبي ذر فقال: ((فإذا رأيتَ رجلين يختصمان فيها في موضع لَبِنة فاخرج منها)).

وتحقق ذلك زمنَ خلفائه الراشدين، فكان أبو ذر ممن فتح مصر وسكنها، يقول: فرأيت عبدَ الرحمنِ بنَ شرحبيلَ بنِ حسنة وأخاه ربيعة يختصمان في موضع لَبِنة، فخرجت منها.
رواه مسلم ح (2543)، ورواية ابن حبان رواها في صحيحه ، الموارد ح (2315).


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن فتح القسطنطينية :[/SIZE][/COLOR]

القسطنطينية عاصمة دولة الروم الحصينة، قال صلى الله عليه و سلم: ((لتُفتحن القسطنطينية فلنِعمَ الأميرُ أميرُها، ولنعم الجيشُ ذلك الجيش))
رواه أحمد ح (18478)، وحسّن إسناده ابن عبد البر في الاستيعاب (1/250)، ورواه الحاكم في المستدرك (4/468)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي


[COLOR="navy"][SIZE="6"]معجزة إخباره عن الفتوحات فى أشد أوقات الضيق و قلة الحيلة :[/SIZE][/COLOR]
إن العجيب المدهش الذي يلوي الأعناق أن بعض أخبار الفتوح كانت في وقت ضيق المسلمين، وعلى خلاف ما توحي به الأحداث بما لا يمكن لأحد أن يحلُم به ولو في رؤياه.

* ومنه أنه صلى الله عليه و سلم خرج على أصحابه وهم يعذبون بالنار والحديد في بطحاء مكة، وفيهم خباب بن الأرَتّ، الذي تقدم إليه شاكياً فقال: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فقال صلى الله عليه و سلم: ((كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض، فيُجعل فيه، فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه فيُشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشَّط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه)).
ثم بشره النبي صلى الله عليه و سلم ببشارة عظيمة مذهلة فقال: ((والله ليَتِمَّنَّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)).
رواه البخاري ح (3612).

* وفي موقف آخر من المواقف الصعبة التي عانى منها الصحابة أتى عدي بن حاتم النبي صلى الله عليه و سلم، وبينما هو عنده؛ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل.
فالتفت النبي صلى الله عليه و سلم إلى عَدي، وقال: ((فلعلك إنما يمنعك عن الإسلام أنك ترى من حولي خصاصة، أنك ترى الناس علينا إلْباً)).
ثم ألقى النبي صلى الله عليه و سلم نبوءة مفاجئة أذهلت عَدياً، فقد قال له: ((يا عدي، هل رأيت الحيرة؟)) فأجابه: لم أرها، وقد أُنبئت عنها.
فقال صلى الله عليه و سلم: ((فإن طالت بك حياة لترين الظعينة [أي المرأة] ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحداً إلا الله)).
يقول عدي، وهو يتشكك من وقوع هذا الخبر: قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعَّار [لصوص] طيءٍ الذين سعروا البلاد؟
وقبل أن يفيق عدي من ذهوله وحديثه مع نفسه أسمعه النبي صلى الله عليه و سلم نبوءة أعظمَ وأبعد، فقال: ((ولئن طالت بك حياة لتُفتحنَّ كنوزُ كسرى)).
ولم يصدق عديٌ مسمعه، فسأل النبيَّ صلى الله عليه و سلم مستوثقاً: كسرى بنِ هُرمز؟
فأجابه النبي صلى الله عليه و سلم بلسان الواثق من ربه - رغم ضعف حاله وفاقة أصحابه -: ((كسرى بنِ هرمز، ولئن طالت بك حياة لتريَنَّ الرجل يُخرج ملء كفه من ذهب أو فضة، يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبلُه)).
يقول عدي: فرأيتُ الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوفَ بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنتُ فيمن افتتح كنوز كسرى بنِ هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه و سلم [عن الرجل] يخرج ملء كفه.
رواه البخاري ح (3595)، فيما عدا قوله: ((فلعلك إنما يمنعك عن الإسلام أنك ترى من حولي خصاصة، أنك ترى الناس علينا إلباً))، فإنها من رواية الحاكم (4/564).

وصدق عدي ، فقد تحققت الثالثة زمن الخليفةِ الراشدِ عمرَ بنِ عبد العزيز.
ثلاث نبوءات لا يمكن لغير مؤمنٍ أن يُصدق بوقوعها في ذلك الزمان وفي مثلِ تلك الظروف، لكنها دلائل النبوة وأخبار الوحي الذي لا يكذب.

ومثله قوله صلى الله عليه و سلم: ((لا تقوم الساعة حتى يسير الراكب بين العراق ومكة؛ لا يخاف إلا ضلال الطريق)).
رواه أحمد ح (8615)، قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح" مجمع الزوائد (7/639).

*ولما جاء الأحزاب إلى المدينة، يرومون استئصال المسلمين؛ أمر النبي صلى الله عليه و سلم بحفر الخندق ، وبينما هم يحفرون عرضت لهم صخرة شديدة، فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخذ المعول، ووضع رداءه ناحية الخندق، وقال: {وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم} فندر ثُلث الحجر، وسلمان الفارسي قائم ينظر، فبرق مع ضربةِ رسول الله صلى الله عليه و سلم برْقة. ثم ضرب الثانية والثالثة .. فكان مثله.
فتقدم إليه سلمان فقال: يا رسول الله رأيتُك حين ضربتَ، ما تضرب ضربة إلا كانت معها برقة! فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((يا سلمان رأيتَ ذلك؟)) فقال: إي والذي بعثك بالحق يا رسول الله.
قال: ((فإني حين ضربت الضربة الأولى رُفعت لي مدائنُ كسرى وما حولها ومدائنٌ كثيرة حتى رأيتُها بعينيّ)).
فقال له من حضره من أصحابه: يا رسول الله، ادع الله أن يفتحها علينا .. فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك.
((ثم ضربتُ الضربة الثانية، فرُفعت لي مدائن قيصر وما حولها حتى رأيتها بعينيّ)). قالوا: يا رسول الله ادع الله أن يفتحها علينا .. فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك.
((ثم ضربت الثالثة فرفعت لي مدائن الحبشة وما حولها من القرى حتى رأيتها بعيني)).
وقبل أن يطلب الصحابة منه الدعاء لهم بفتحها؛ بادرهم النبي صلى الله عليه و سلم بالقول: ((دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم)).
رواه النسائي ح (3176)، وأبو داود ح (4302)، وحسنه الألباني في صحيح النسائي ح (2976).
و الحديث أصله فى البخارى

وقد أطلع الله نبيه على ما يكون من أخبار الحبشة والترك، وما تحدثه حروبهم من النكال بالمسلمين، فكره قتالهم ، وأوصى باجتنابهم.
وقد كان إذ الترك منهم التتار الذين استباحوا بغداد لم، وقتلوا فيها ما يربو على مليونين من المسلمين عام 658هـ.و نكلوا ببلاد الاسلام فى اسيا كل ذلك بشؤم استفزازهم خلافاً لأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن قتال الترك :[/SIZE][/COLOR]

عن‏ عمرو بن تغلب ‏ ‏قال: ( ‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏بين يدي الساعة تقاتلون قوماً ينتعلون الشعر وتقاتلون قوما كأن وجوههم ‏‏ المجان المطرقة ) (صحيح البخاري‏3325)
و فى رواية للبخارى (‏صغار الأعين حمر الوجوه ‏‏ذلف ‏الأنوف)
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ التُّرْكَ قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ, يَلْبَسُونَ الشَّعْرَ , وَيَمْشُونَ فِي الشَّعْر) صحيح مسلم

فاشتمل هذا الخبر الباهر على معجزتين:
أولها: الإخبار عن وقوع معركة بين المسلمين و الترك (التتار و المغول)
ثانيها: وصف ملامحهم و ملابسهم يومئذ بدقة متناهية، و معلوم ان التتار كانو بالفعل مميزين فى ثيابهم يلبسون الشعر و الفرو، و ينتعلونه
و وجوههم شديدة الحمار عند الخدود ،و اعينهم صغيرة و أنوفهم قصيرة
و بالمجمل كأنها المجان المطرقة (أى كأنها ترس مطرقة لتدويرها و كثرة لحمها مع استواءها) و هذا هو وصف التتار تماماً حين غزو بلد المسلمين و قاتلوهم!


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره أن قريش لا تغزو المدينة بعد يوم الخندق :[/SIZE][/COLOR]

ولما انقضت غزوة الأحزاب، ولت جموعهم الأدبار، وقبل أن ينقشع غبارُ إدبارهم أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بنبوءة ما كان له أن يطلع عليها لولا إخبار الله له، فقال: ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم)).
رواه البخاري ح (4110).

و قد كان كما أخبر صلى الله عليه و سلم إلى أن فتحت مكة بفضل الله


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره أن الخلافة بعده ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً :[/SIZE][/COLOR]

عن سفينة أبي عبد الرحمن مولى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : (الخلافة ثلاثون سنة ، ثم تكون بعد ذلك ملكا)
و فى لفظ: (خلافة النبوة ثلاثون سنة ، ثم يؤتي الله الملك ، أو ملكه ، من يشاء)
(سنن الترمذي 4/436 ، سنن أبي داوود 5/36، ، مسند احمد ج 5 ص 221 ، ،السنن الكبرى ج 5 ص، و صححه الألبانى فى السلسلة الصحيحة 459)

و هذا الحديث معجزة باهرة ، إذ كانت الخلافة الراشدة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثون عاماً بالضبط انتهت بتنازل الحسن عن الخلافة لأمير المؤمنين معاوية مؤسس الدولة الأموية التى صارت الإمارة فيها وراثية أى على نظام الملك


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن ظهور استحلال المعازف و الزنا و الخمر و الحرير :[/SIZE][/COLOR]

وبيانُه فيما أخرجه البخاري عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: ((ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف)).
(ذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم في باب: "ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه)

وقد كان هذا - وللأسف - عند بعض جهال المسلمين، غفلة منهم وجهلاً:
- فتعاطوا الخمر، لما رأوها سميت بالمنشطات أو المخدِّرات أو المشروبات الروحية، والحق أنها جميعاً خمر حرمها الله ولعن شاربها وبائعها وصانعها لأن كل مسكر خمر ،فالحشيش و الابر و البوردة المخدرة بجانب السوائل المخمرة كل هذا خمر و لكن كثير يجهلون ذلك،
و هذا مصداف نبوءة رسول الله صلى الله عليه و سلم (( يشرب ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها))، وزارد في رواية الدارمي: ((فيستحلونها))
رواه النسائي ح (5658)، وأبو داود ح (3688)، وأحمد ح (17607)، والدارمي ح (2100)، وصححه الألباني في صحيح الجامع ح (9584).

- و استحلو لبس الحرير و الذهب كما نرى فى حال كثير من شباب و رجال الأمة و يعتبرون ذلك من باب الأناقة و التغيير الخ

- و استحل الزنا سواء بالنظر او البطش او السعى او ابتكار اصناف زواج ما انزل الله بها من سلطان ، بل صار الفجر يدخل البيوت عن طريق الوسائل التقنية الحديثة و ترى الرجل مع المراة لا تحل له فى فراش يتبادلون القبلات و الاحضان ثم يقولون هذا عمل فنى درامى لا حرمة فيه!!
بل وعمدت بعض الدول إلى تقنين الزنا، وأجازتها قوانينها وتشريعاتها، بل جعلها بعضهم ضرباً من ضروب التجارة والكسب.


[SIZE="6"][COLOR="navy"]إخباره عن تقارب الزمان و شيوع الجهل و كثرة الهرج و قلة الرجال :[/COLOR][/SIZE]

إذ قال صلى الله عليه و سلم ((إن بين يدي الساعة أياما ، يرفع فيها العلم ، وينزل فيها الجهل ، ويكثر الهرج . والهرج القتل)) رواه البخارى
و فو رواية أخرى للبخارى ((يتقارب الزمان ، وينقص العمل ، ويلقى الشح ، ويكثر الهرج . قالوا : وما الهرج ؟ قال : القتل القتل))
و فى رواية له (( وتكثر النساء، ويقِلَّ الرجال))

و وقع كل هذا كما أخبر عليه السلام
- فلا يخفى هذا على عاقل يرى ما رُزئنا به اليوم من موت العلماء، وتصدر الأدعياء و فوضى الفتيا و الكلام فى امور الدين من الروبيضات فى وساءئل الاعلام المقروءة و المسموعة و المرئية
و ظهر الجهل وقل العلم الشرعي بين الناس و عطلت الشريعة و فصل دين الناس عن دنياهم و لم تعد علوم حتى تدرس فى عامة مدارس المسلمين

- كذلك كثر الهرج الذي هو القتل، وقد أبانه النبي صلى الله عليه و سلم فقال: ((والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قَتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قُتِل)).
رواه مسلم ح (2908).

ونجد مصداق هذه النبوءة النبوية في كثرة الحروب والفتن التي يقتل فيها الأبرياء، فلا يدري القاتل من يقتُل، ولا لماذا يقتُل، ومثلُه المقتول. أجارنا الله من الفتن.

- وهذا يفسر لنا الأخرى، الواردة في قوله عليه السلام: ((وتكثرَ النساء ويقلَ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد))، فإن الرجال هم وقود الحروب والفتن دون غيرهم.
وإلى صدق هذه النبوءة وقرب تحققها تشير الإحصاءات العالمية، حيث وصلت نسبة الذكور حسب إحصاءات الأمم المتحدة عام 2002م إلى 48%، وتتوقع دائرة الإحصاءات الأمريكية أن تصل نسبة الذكور عام 2100م إلى 38% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يؤكد أن ما أخبر به صلى الله عليه و سلم في طريقه إلى التحقق.

-وأما علامة تقارب الزمان، فقد قال صلى الله عليه و سلم: ((يتقاربُ الزمان، ويَنقصُ العمل، ويُلقى الشح)).
رواه البخاري ح (6037)، ومسلم ح (157).

فلا شك أنه مشاهد بيننا قصرُ الأعمار و ذَهابُ بركتها حتى تنقضي السنة، والواحد منا يظنها شهراً، وينقضي الشهر، ولا نحسبه إلا أسبوعاً.
أو تقاربُ الزمان حقيقة.و صارت كذلك المسافات التى كانت تقطع فى اشهر و سنين تقطع فى ساعات بوسائل التكنولوجيا الحديثة !!


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن عودة أرض العرب مروجاً و أنهاراً :[/SIZE][/COLOR]

وروى الإمام مسلم ، و الهيثمى فى مجمع الزوائد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ((تعودَ أرض العرب مروجاً وأنهاراً)).

فتضمنت البشارة النبوية خبرين:
أولُهما: أن أرضَ العرب - أي جزيرة العرب - كانت مروجاً وأنهاراً، أي كانت خضراءَ كثيرةَ المياه،
والثاني: أنها ستعود كذلك قبل قيام الساعة.

ومن المعلوم أن جزيرة العرب تنعدم الأنهار فيها اليوم، وتقل المساحات الخضراء في ربوعها، بينما يخبر الحديث أنها كانت وسترجع إلى غير هذه الحال.
وهذا الخبر نجد مصداقه عند علماء الجولوجيا والآثار- أمثال الدكتور هال ماكلور البروفسور الفريد كرونر - حيث يؤكدون أن جزيرة العرب كانت قبل عشرين ألف سنة رقعة خضراء كثيرة المياه والأنهار، وفيها الكثير من أنواع الحيوانات التي تتواجد عادة في المراعي والغابات، كما شهد بذلك ما بقي من آثارهم
وأضاف البروفسور الفريد كرونر في مؤتمر علمي أقيم في جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية بأن عود جزيرة العرب إلى تلك الحال مسألة معروفة عند العلماء، وأنها حقيقة من الحقائق العلمية، التي يوشك أن تكون، وقال: هذه حقيقة لا مفر منها.


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره بشيوع المال الحرام دون انتباه الناس :[/SIZE][/COLOR]


فقد تنبأ النبي صلى الله عليه و سلم بهذا فى قوله: ((يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام)).
رواه البخاري ح (2059).

و معلوم أن المسلمين أبتلوا اليوم بانتشار الربا ودخول معاملاته في شتى صور الحياة الاقتصادية، و أضحت البنوك الربوية ملاذاً يحفظ الناس فيه من الضياع أموالهم، بل ينالون منها رواتبهم وحقوقهم، وعن طريقها يدفعون أثمان بضائعهم وغيره حتى إنه يصيب بقتامه حتى أولئك الذين ينأون عنه،
ليصدق فينا قول النبي صلى الله عليه و سلم: ((يأتي على الناس زمان يأكلون الربا، فمن لم يأكله أصابه من غباره)).
رواه النسائي ح (4379)، وأبو داود ح (2893) ، وابن ماجه ح (2278).

زد على هذا أشكال التعاملات الاقتصادية و البيوع المحرمة او المخالفة بعد ضياع العلم بأحكام المعاملات الإسلامية


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن زخرفة المساجد للمباهاة :[/SIZE][/COLOR]

قال صلى الله عليه و سلم: ((من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد)).
رواه النسائي ح (689)، و أبو داود ح (449)، وابن ماجه ح (739)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ح (432).
قال أنس: (يتباهون بها، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً).

ولاشك ان هذا ظاهر فى زماننا إذ تزخرف مساجد و ترفع كالقلاع ثم لا تجد فى هذه العينة بالذات إلا قليل على هدى السلف و العبادة بحقها !


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن الحفاة رعاء الشاة يتطاولون فى البنيان :[/SIZE][/COLOR]

ففي صحيح مسلم أن جبريل سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن أمارات الساعة، فقال صلى الله عليه و سلم: ((أن تلد الأَمَة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالةَ رِعاء الشاء يتطاولون في البنيان)).
قال النووي : "معناه أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة تبسط لهم الدنيا حتى يتباهون في البنيان".

وقد تحقق هذا في زماننا فى جزيرة العرب إذ لا بحث علمى عندهم ولا نهضة صناعية بل كانو إلى يومنا قبائل بدوية ترعى الشاة و تحيا حياة بسيطة فبسط الله لهم رزقاً من تحت الأرض فكثر المال وارتفع - بفضل الله - البنيان، ووصل الأمر بالناس إلى التفاخر فيه، وأغدق الله من فضله وجوده على بلاد كانت تشكو الفقر، فأضحت - بفضل الله - أغنى بلاد الدنيا، فتطاول أهلها مع غيرهم في البنيان!!


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن استغناء الناس عن ركوب الدواب و ظهور الكاسيات العاريات :[/SIZE][/COLOR]

و هو ما وقع فى عصرنا إذ استبدلوها بما أنتجته التقنية الحديثة من السيارات والطائرات وغيرها من وسائل الانتقال، وهو أمر حديث أشار إليه القرآن بقوله: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون}
فإذا ما خلق الله هذه الوسائل الجديدة تحققت نبوءة رسول الله صلى الله عليه و سلم :
((ولتُتركن القِلاص فلا يُسعى عليها)). رواه مسلم ح (255).

وذكر النبي عليه السلام في حديث آخر بعض صفات المركوبات التي سيستحدثها الناس وبعض ما سيرافقها من المنكرات فقال: ((سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال، ينزلون على أبواب المسجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهم كأسنمة البخت العجاف )). (رواه أحمد ح (7043). و صححه الألبانى)

فتضمنت هذه الأخبار عدة معجزات غيبية:
أولها:إخباره عن ترك إستعمال القلاص و هى الإبل فى الحركة، علماً انها لا غنى عنها يومئذ لاسيبما فى البئات الصحراوية
ثانيها:إخباره عن اتخاذ المياثر أو السروج العظيمة - و هى مقاعد السيارات الفخمة فى يومنا هذا- حتى ينزل الراكب على باب المسجد، و تالله كم نشاهد هذا فيذهب المرء الى المسجد الذى يبعد عنه دقايق معدودة بالسيارة حتى يركنها على بابه!
ثالثها: أخبر عن نساء كاسيات عاريات رؤوسهم كأسنمة البخت، و هذا وقع تمامً فى عصرنا فانتشرى العرى و الملابس التى تشف و تصف و تعرى اكثر مما تغطى حتى صارت المرأة ترتدى مما يظهر مفاتنها ما يتعفف الرجال أن يرتدو مثله بيد أنه جسدها هو العورة و الفتنة الواجب سترها!!


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره عن الغزو الثقافى و تتبع الأمة لسنن السابقين :[/SIZE][/COLOR]

قال النبى صلى الله عليه و سلم: ((لتتبعن سَنن من كان قبلكم شبراَ شبراَ، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضب تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمَن؟)).
رواه البخاري ح (7320)، ومسلم ح (2669)

والناظر في أحوال الكثيرين من شباب وفتيات المسلمين يسوؤه ما يراه من تقليد للآخرين في طريقتهم و سلوكياتهم و أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم و زيهم وشاراتهم بل وقصات شعورهم


[SIZE="6"][COLOR="navy"]إخباره عن تكالب الأعداء على المسلمين رغم كثرتهم يومئذ :[/COLOR][/SIZE]

إذ قال النبي صلى الله عليه و سلم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)) فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت)).
رواه أبو داود ح (3745)، وأحمد ح (21363)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (5369).

و نحن نرى ذلك رأى العين فى يومنا وتعاني أمة الإسلام حالة غريبة من التشرذم والضعف، وأصبحت بلادها كلأً مستباحاً للقاصي والداني، من الشيشان إلى الصومال و من الهند إلى البوسنة تكالب عليها اليهود و النصارى و الهندوس و الروافض و العلمانيون و الشيوعييون الخ
ولم يشفع لها أنها جاوزت المليار والربع من المسلمين، فهم غثاء كغثاء السيل، بعدو عن دينهم و صار شعارهم حتى فى الاعلانات التجارية (حب الدنيا)!!


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إخباره بشأن عجب الذنب :[/SIZE][/COLOR]

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (( وإن في الإنسان عظماً لا تأكله الأرض أبداً فيه يركب يوم القيامة قالوا أي عظم يا رسول الله ؟ قال عجب الذنب ))
رواه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجة واحمد في المسند وأخرجه مالك .

و فى رواية : ((كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب ))
رواه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد في المسند ومالك في الموطأ

و فى هذا الحديث الحقائق التالية :
1- أن عجب الذنب مكون أساس خلق منه الجنين في مراحله الأولية .
2- عجب الذنب لا يبلى.
3- فيه يركب الخلق يوم القيامة.

فهذه الأحاديث النبوية الشريفة تحتوي على حقيقة علمية لم تتوصل العلوم المكتسبة إلى معرفتها إلا منذ سنوات قليلة، حين أثبت المتخصصون في علم الأجنة أن جسد الإنسان ينشأ من شريط دقيق للغاية يسمى باسم "الشريط الأولي" Primitive Streak و الذي يتخلق بقدرة الخالق سبحانه في اليوم الخامس عشر من تلقيح البويضة وانغراسها في جدار الرحم، وإثر ظهوره يتشكل الجنين بكل طبقاته وخاصة الجهاز العصبي وبدايات تكون كل من العمود الفقري، وبقية أعضاء الجسم؛ لأن هذا الشريط الدقيق قد أعطاه الله تعالى القدرة على تحفيز الخلايا على الانقسام، والتخصص، والتمايز والتجمع في أنسجة متخصصة، وأعضاء متكاملة في تعاونها على القيام بكافة وظائف الجسد.

وثبت أن هذا الشريط الأولي يندثر فيما عدا جزء يسير منه، يبقى في نهاية العمود الفقري (العصعص)، وهو المقصود بعجب الذنب في أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وإذا مات الإنسان، يبلى جسده كله إلا عجب الذنب الذي تذكر أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أن الإنسان يعاد خلقه منه بنزول مطر خاص من السماء، ينزله ربنا (تبارك وتعالى) وقت أن يشاء فينبت كل مخلوق من عجب ذنبه، كما تنبت النبت من بذرتها.

وقد أثبت مجموعة من علماء الصين في عدد من التجارب المختبرية استحالة إفناء عجب الذنب (نهاية العصعص) كيميائيا بالإذابة في أقوى الأحماض، أو فيزيائيا بالحرق، أو بالسحق، أو بالتعريض للأشعة المختلفة، وهو ما يؤكد صدق حديث المصطفى (صلى الله عليه وسلم)


يتبع إن شاء الله

عارف الشمري 2011-04-02 09:11 PM

[SIZE="6"][COLOR="Red"]استجابة الله دعاءه صلى الله عليه و سلم :[/COLOR][/SIZE]


يقول الدكتور منقذ السقار حفظه الله تعالى:
[ومن باهر ما يدل على النبوة إستجابة الله لنبيه حين يرفع يديه متضرعاً داعياً ربه ومولاه ، وتكرارُ ذلك وديمومتُه ، لأن الله لا يؤيد كاذباً ولادعياً فأولئك من أظلم الناس وأبعدِهِم عن الله و إنما يهلِكُهم ويفضَحُهم ] فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون [ (يونس: 17).
لكن النبي صلى الله عليه و سلم ما خاب ولا خسر، بل هُدي وأفلح في كل صعيد، فدينُه أعظمُ الأديان في الأرض وأكثرُها - بحمد الله - انتشاراً.]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ومعلوم أن من عوّده الله إجابة دعائه، لا يكون إلا مع صلاحه ودينه، ومن ادّعى النبوة، لا يكون إلا من أبرّ الناس إن كان صادقاً، أو من أفجرهم إن كان كاذباً، وإذا عوّده الله إجابة دعائه، لم يكن فاجراً، بل برّاً، وإذا لم يكن مع دعوى النبوة إلا برّاً، تعيّن أن يكون نبياً صادقاً، فإن هذا يمتنع أن يتعمّد الكذب، ويمتنع أن يكون ضالاً يظن أنه نبي]
الجواب الصحيح (6/297)

و من أمثلة ذلك:


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]نزول المطر و انقطاعه بدعاء النبى صلى الله عليه و سلم :[/SIZE][/COLOR]

عن أنس ابن مالك رضى الله عنه قال: ((أصابت الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليهه وسلم ، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم جمعة ، قام أعرابي فقال : يا رسول ، هلك المال وجاع العيال ، فادع الله لنا . فرفع يديه ، وما نرى في السماء قزعة ، فوالذي نفسي بيده ، ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال ، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم ، فمطرنا يومنا ذلك ، ومن الغد وبعد الغد ، والذي يليه ، حتى الجمعة الأخرى . وقام ذلك الأعرابي ، أو قال غيره ، فقال : يا رسول الله ، تهدم البناء وغرق المال ، فادع الله لنا . فرفع يديه فقال : اللهم حوالينا ولا علينا . فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت ، وصارت المدينة مثل الجوبة ، وسال الوادي قناة شهرا ، ولم يجىء أحد من ناحية إلا حدث بالجود))
رواه البخاري ح (1013)، ومسلم ح (897)


[COLOR="navy"][SIZE="6"]كثرة مال و ولد أنس خادم رسول الله ببركة دعاءه :[/SIZE][/COLOR]

و يقول أنس رضى الله عنه: ((جاءت بي أمي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، وقد أزّرتني بنصف خمارها، وردّتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله، هذا أُنيس ابني، أتيتك به يخدمك، فادع الله له.فقال: [اللهم أكثِر مالَه وولده]، قال أنس: فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي ووَلَدَ وَلَدي ليتَعادُّون على نحو المائة اليوم)).
رواه البخاري ح (6344)، ومسلم ح (2481) واللفظ له.

وقد أجاب الله دعوة نبينا، يقول أنس: (فإني لمن أكثر الأنصار مالاً، وحدثتني ابنتي أمينة أنه دُفن لصُلبي مَقْدَم حجاج البصرةَ بضعٌ وعشرون ومائة).

كرامة ثابتة

عن ثابت البنانى قال: جاء قَيّم أرض أنس فقال: عطشت أرضوك، فتردى أنس حتى خرج إلى البرية ، ثم صلى و دعا، فثاربت سحابة و غشيت أرضه و مطرت حتى ملأت صهريجه، و ذلك فى الصيف ، فأرسل بعض أهله فقال: أنظر أين بلغت؟ فإذا هى لم تعد أرضه إلا يسيراً!!
قال الإمام الذهبى رحمه الله : (هذه كرامة ثابتة بينة ثبتت بإسنادين)



[COLOR="navy"][SIZE="6"]بركة دعاءه صلى الله عليه و سلم لعروة البارقى :[/SIZE][/COLOR]

فقد دعا صلى الله عليه و سلم بالبركة لعروةَ البارقي في ماله، لما أعطاه النبي ديناراً يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه. رواه البخاري ح (3443).

وفي رواية قال عليه السلام: ((اللهم بارك له في صفْقة يمينه)). يقول عروة: فلقد رأيتُني أقف بكُناسة الكوفة، فأربحُ أربعينُ ألفاً قبل أن أصِل إلى أهلي". رواه أحمد في مسنده ح (18877).



[SIZE="6"][COLOR="navy"]بركة دعاءه عليه السلام لأبى هريرة راوية الإسلام بالحفظ :[/COLOR][/SIZE]

و لنعلم أن سر الحافظة التي أوتيها راوية الإسلام أبو هريرة، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم يشكو كثرة نسيانه للحديث، فيقول: يا رسول الله، إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساهُ، فقال له عليه الصلاة والسلام: [ابسط رداءك]، فبسطتُه، قال: فغرفَ بيديه، ثم قال: [ضُمّه)]، فضممتُه، فما نسيتُ شيئاً بعده.
رواه البخاري ح (119)



[COLOR="navy"][SIZE="6"]إسلام أم أبى هريرة ببركة دعاء رسول الله :[/SIZE][/COLOR]

فقد كان أبة هريرة يدعو أمه إلى الإسلام، وهي مشركة تأبى الإسلام وتصده عنه، يقول أبو هريرة: ((فدعوتُها يوماً، فأسمَعَتني في رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أكره، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه و سلم وأنا أبكي، قلتُ: يا رسول الله، إني كنتُ أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبى عليّ، فدعوتُها اليومَ، فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهديَ أمَّ أبي هريرة.فقال عليه السلام: [اللهم اهدِ أمَّ أبي هريرة]، يقول: فلما جئتُ، فصِرت إلى الباب، فإذا هو مجاف، فسمعتْ أمي خَشْفَ قدميّ - أي صوت مشيي- فقالت: مكانكَ يا أبا هريرة، وسمعتُ خضْخضَة الماء، فإذا هي تغتسل للإسلام، وتشهد بشهادة التوحيد.قال: فرجعتُ إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأتيتُه وأنا أبكي من الفرح، فقلت: يا رسول الله أبشر، قد استجاب اللهُ دعوتك، وهدى أمَّ أبي هريرة.))
رواه مسلم ح (2491).



[COLOR="navy"][SIZE="6"]ابن عباس حبر الأمة و ترجمان القرأن ببركة دعاء رسول الله:[/SIZE][/COLOR]


فإن ما أوتيَه عبدالله ابن عباس من العلم والحكمة كان بفضل الله الذي استجاب دعاء النبي صلى الله عليه و سلم له، وذلك أنه لما كان غلاماً جهز وَضُوءَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي شاكراً صنيعه: ((اللهم فقهه في الدين)).
رواه البخاري ح (143)، ومسلم ح (2477) واللفظ للبخاري

وفي مرة أخرى وضع رسول الله صلى الله عليه و سلم يده على كتِف ابن عباس وقال: ((اللهم فقهه في الدين، وعلِّمه التأويل)).
رواه أحمد ح (2393).

و ببركة هذا الدعاء كان عمر يُجلِس ابن عباس مع أكابر الصحابة يستشيره ويأخذ برأيه، على حداثة سنه إذ فاق أقرانه، بما آتاه الله من الفقه في الدين وما علمه من محاسن التأويل، حتى صح عن ابن مسعودٍ فقيهِ الصحابة أنه قال فيه: " لو أدرك ابنُ عباس أسنانَنا؛ ما عاشره منا رجل" أي لنبوغه وفقهه، وكان يقول: " نِعم تَرْجُمَانُ القرآنِ ابنُ عباس ". رواه عبد الرزاق في المصنف ح (32219).



[COLOR="navy"][SIZE="6"]استجابة دعاءه على صناديد قريش بأعيانهم [/SIZE][/COLOR]:

و ذلك حين سجد صلى الله عليه و سلم ذات مرة، فوضع المشركون سَلَا الجزور وقذرَها على ظهره الشريف، وأخذوا يتضاحكون حتى مال بعضهم على بعض من الضحك، فدعا عليهم عليه الصلاة والسلام وقال: ((اللهم عليك بقريش)) ثلاث مرّات.
يقول ابن مسعود: فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته.
ثم قال: ((اللهم عليك بأبي جهلِ بن هشام، وعتبةَ بنِ ربيعةَ، وشيبةَ بنِ ربيعةَ، والوليدِ بن عتبةَ، وأميةَ بنِ خلفٍ، وعقبةَ بنِ أبي مُعَيط)).
يقول ابن مسعود: وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعث محمداً صلى الله عليه و سلم بالحق، لقد رأيتُ الذين سمّى صرعى يوم بدر، ثم سُحبوا إلى القليب، قليبِ بدر.
رواه البخاري ح (240)، ومسلم ح (1794) واللفظ له



[COLOR="navy"][SIZE="6"]استجابة دعاءه على قريش بنزول الجدب و كشفه :[/SIZE][/COLOR]

ولما هاجر صلى الله عليه و سلم إلى المدينة ورأى إدبار قريش وإعراضهم وصدهم عن الإسلام، قال: ((اللهم سبعٌ كسبع يوسف)).
قال ابن مسعود: فأخذتهم سَنةٌ حصّت كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدهم إلى السماء، فيرى الدخان من الجوع. فأتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادعُ الله لهم.
وفي رواية لأحمد في مسنده أن أبا سفيان قال: أي محمد، إن قومك قد هلكوا، فادع الله عز وجل أن يكشف عنهم، قال: فدعا. ثم قال: ((اللهم إن يعودوا فعُدْ )).
ثم قرأ صلى الله عليه و سلم: {فٱرتقب يوم تأتي ٱلسَّماء بِدخانٍ مُّبين} إلى قوله: {إنكم عائدون * يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} قال: فالبطشةُ يومُ بدر.
رواه البخاري ح (1007)، ومسلم ح (2798)، وأحمد ح (4149).

سبحان الله حتى كفار قريش علموأ أن رسولَ الله مجابُ الدعوة عندَ الله ، فجاؤوا يطلبون السقيا بدعائه لأنهم يعلمون فى كنانة أنفسهم صدقه و لكن يستكبرون مصداقاً لقوله تعالى{فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون }



افتراس السباع عتبة ابن أبى لهب بدعاء رسول الله :[SIZE="6"][COLOR="navy"][/COLOR][/SIZE]

واستهزأ عتيبة بن أبي لهب بالقرآن ، فكُتب مع أبويه في سجل الهالكين؛ فقد دعا عليه النبي صلى الله عليه و سلم أن يموت بين أنياب السبُع، فقال: ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك))، فكانت دعوة نبي أجابها الله، حين خرج عتيبة في قافلة يريد الشام، فنزل منزلاً، فقال: إني أخاف دعوةَ محمد (صلى الله عليه و سبم).
فحطوا متاعهم حوله، وقعدوا يحرسونه، فجاء الأسد فانتزعه، فذهب به.
رواه الحاكم (2/588)، وصححه، ووافقه الذهبي، وحسنه ابن حجر في الفتح (4/39).



[COLOR="navy"][SIZE="6"]شلت يد الرجل بدعاء النبى عليه لما خالف أمره :[/SIZE][/COLOR]

فقد قعد بُسر الأشجعي بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم، وجلس يأكل بشماله، فلما ذكّره رسول الله صلى الله عليه و سلم بالأكل باليمين استكبر عن قبول الحق فقال: لا أستطيع، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((لا استطعت)) ، ما منعه إلا الكبر، فما رفعها إلى فيه
رواه مسلم ح (2021).



[COLOR="navy"][SIZE="6"]بركة دعاءه لسائب بن يزيد :[/SIZE][/COLOR]

فعن الجعيد قال: ((رأيت لسائب بن يزيد ، ابن أربع وتسعين ، جلدا معتدلا ، فقال : قد علمت : ما متعت به سمعت وبصري إلا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن خالتي ذهبت بي إليه ، فقالت : يا رسول الله ، إن ابن أختي شاك ، فادع الله له ، قال : فدعا لى))
(رواه البخارى 3540)

و عن عطاء مولى سائب بن يزيد قال: ((رأيت مولاي السائب بن يزيد لحيته بيضاء ورأسه أسود فقلت يا مولاي ما لرأسك لا يبيض قال لا يبيض رأسي أبدا وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مضى وأنا غلام ألعب مع الغلمان فسلم وأنا فيهم فرددت عليه السلام من بين الغلمان فدعاني فقال لي ما اسمك فقلت السائب بن يزيد ابن أخت النمر فوضع يده على رأسي وقال بارك الله فيك فلا يبيض موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً))
(رواه الهيثمي بسند صحيح فى مجمع الزوائد9/412)

[COLOR="navy"][SIZE="6"]استجابة دعاء سعد ببركة دعاء النبى عليه السلام :[/SIZE][/COLOR]

لقد امتن الله على سعد ابن أبى وقاص فجعله مستجاب الدعوة مشهور بذلك كما هو معلوم، و ذلك ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم له لما قال: ((اللهم استجب لسعد إذا دعاك))
( رواه الحاكم و صححه و وافقه الذهبى)

و عن جابر ابم سمرة رضى الله عنه قال: (( شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر رضي الله عنه ، فعزله واستعمل عليهم عمارا ، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي ، فأرسل اليه فقال : يا أبا إسحق إن هؤلاء يزعمون انك لا تحسن تصلي ؟ قال أبو إسحق : أما أنا ، والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرم عنها ، أصلي صلاة العشاء ، فأركد في الاولين ، وأخف في الأخريين . قال : ذاك الظن بك يا أبا إسحق . فأرسل معه رجلا ، أو رجالا ، إلى الكوفة ، فسأل عنه أهل الكوفه ، ولم يدع مسجدا إلا سأل عنه ، ويثنون معروفا ، حتى دخل مسجدا لبني عبس ، فقام رجل منهم ، يقال له أسامة بن قتادة ، يكنى أبا سعدة ، قال : أما إذ نشدتنا ، فإن سعدا كان لا يسير بالسرية ، ولا يقسم بالسوية ، ولا يعدل في القضية . قال سعد : أما والله لأدعون بثلاث : اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا ، قام رياء وسمعة ، فأطل عمره ، واطل فقره ، وعرضه بالفتن . وكان بعد إذا سئل يقول : شيخ كبير مفتون ، أصابتني دعوة سعد . قال عبد الملك : فأنا رأيته بعد ، قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن))
(رواه البخارى و مسلم)



[COLOR="navy"][SIZE="6"]جرير يثبت على الخيل ببركة دعاء النبى صلى الله عليه و سلم :[/SIZE][/COLOR]

عن جرير بن عبدالله قال: ((قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا تريحني من ذي الخلصة) وكان بيتا في خثعم ، يسمى الكعبة اليمانية ، فانطلقت في خسمين ومائة فارس من أحمس ، وكانوا أصحاب خيل ، وكنت لا أثبت على الخيل ، فضرب صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري وقال : ( اللهم ثبته ، واجعله هاديا مهديا ) فانطلق إليها فكسرها وحرقها ، ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول جرير : والذي بعثك بالحق ، ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب ، قال : فبارك في خيل أحمس ورجالها خمس مرات)) (رواه البخارى)



[SIZE="6"][COLOR="navy"]البرد يذهب عن حذيفة بدعاء النبى صلى الله عليه و سلم :[/COLOR][/SIZE]

و فى غزوة الأحزاب أراد النبى صلى الله عليه و سلم أن يبعث واحداً من أصحابه ليدخل معسكر العدو ليأتيه بخبرهم... و كان البرد قد بلغ مبلغاً عظيماً

يقول حذيفة رضى الله عنه: (( لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود وأبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا وقريظة اليهود أسفل منا نخافهم على ذرارينا وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة ولا أشد ريحا في أصوات ريحها أمثال الصواعق وهي ظلمة ما يرى أحد منا أصبعه فجعل المنافقون يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم و يقولون { إن بيوتنا عورة وما هي بعورة } فما يستأذن أحد منهم إلا أذن له فينسلون ونحن ثلثمئة أو نحو ذلك إذ استقبلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا رجلا حتى مر علي وما علي جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي فأتاني وأنا جاث على ركبتي فقال من هذا فقلت حذيفة قال حذيفة فتقاصرت إلى الأرض فقلت بلى يا رسول الله كراهية أن أقوم قال قم فقمت فقال إنه كان في القوم خبر فأتني بخبر القوم قال وأنا من أشد القوم فزعا وأشدهم قرا فخرجت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته قال فوالله ما خلق الله فزعا ولا قرا في جوفي إلا خرج من جوفي فما أجد منه شيئا فلما وليت قال يا حذيفة لا تحدثن في القوم شيئا حتى تأتيني فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضوء نار لهم توقد وإذا رجل أدهم ضخم يقول بيده على النار ويمسخ خاصرته ويقول الرحيل الرحيل ثم دخلت العسكر فإذا أدنى الناس مني بنو عامر يقولون يا آل عامر الرحيل الرحيل لا مقام لكم وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز شبرا فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم الريح تضربهم ثم خرجت نحو النبي صلى الله عليه وسلم فلما انتصفت بي الطريق أو نحو ذلك إذا أنا بنحو من عشرين فارسا معتمين فقالوا أخبر صاحبك أن الله كفاه القوم فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته وهو مشتمل في شملة يصلي وكان إذا حزبه أمر صلى فأخبرته خبر القوم أني تركتهم يترحلون وأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود } الآية))
( أخرجه مسلم و الحاكم و البيهقى و اللفظ لهما)



[COLOR="navy"][SIZE="6"]تأمينه على قول أعرابى يأس من رحمة الله به فهلك :[/SIZE][/COLOR]

دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أعرابى يَعُوده في مرضه، فقال عليه السلام مواسياً: ((لا بأسَ، طهور إن شاء الله))، فأجاب الأعرابي بجواب ملؤه القنوط وسوء الظن بالله: قلتَ: طهور؟ كلاّ، بل هي حُمّى تفُور - أو تثور - على شيخ كبير، تُزيرُه القبور، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((فنَعَمْ إذاً)).
رواه البخاري ح (5656)

قال ابن حجر: "في بعض طرقه زيادة تقتضي إيراده في علامات النبوة، أخرجه الطبراني وغيره ... وفي آخره: فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((أما إذا أبيتَ فهي كما تقول، قضاءُ الله كائن )) فما أمسى من الغد إلا ميتاً".
فتح الباري (6/722).

[SIZE="6"][COLOR="navy"]إستجابة دعاءه بتمزيق ملك كسرى :[/COLOR][/SIZE]

روى الإمام البخاري في صحيحه بسنده عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنه : ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ))

و قد كان فتحطم ملك كسرى و مزق و زالت امبراطورية الفرس العريقة إلى الأبد

يتبع إن شاء الله

عارف الشمري 2011-04-02 09:27 PM

[COLOR="Red"][SIZE="7"]معجزة القرأن :[/SIZE][/COLOR]



كم يصعب على المرء ان يكون عبداً بسيطاً حقير الشأن قليل العلم ثم يتصدى للنقل من العلما و لإنتقاء شىء من الدرر التى تعج بها كتبهم و مؤلفاتهم من بيان أوجه الإعجاز المختلفة فى كتاب الله و التفصيل فيها مع التمثيل و التحقيق
و إنا لمهمة شاقة إذ نحاول عدم الخروج بها البحث عن إطاره المحدد من نقاط معنونة و فى شرحها موجزة، و الله ولى التوفيق

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم متحدثاً عن معجزة القرأن : ((ما من نبي بعثه الله قبلي إلا أوتي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة )) رواه البخارى

و هذا حديث عظيم يتضمن الإشارة إلى معجزة القرأن ، و إلى أنها معزة خالدة تمتاز عن غيرها من معجزات الأنبياء بالإستمرارية و التجدد على مر العصو و تعاقب الأجيال، لذا رجا عليه السلام أن يكون أكثر الأنبياء تابعاً لما تستلزمه العقول السوية من التصديق و الإتباع مع وجود المعجزة بكراً طريةً بين أيدجى الناس إلى أن يرث الله الأرض و من عليها
و قال عليه السلام فى القرأن: (( كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تختلف به الآراء ، ولا تلتبس به الألسن ، ولا يخلق-يبلى- عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يشبع منه العلماء ، من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أجر ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)) (رواه ابن تيمية فى درء التعارض5/286 - و قال الألبانى له طرق و رجح البعض كونه موقوفاً على أمير المؤمنين على و هو كلام حسن صحيح)

فهذا الأثر الطيب جمع بين ثناياه الكثير من أوجه التحدى و الإعجاز التى يحويها القرأن البلاغية و التشريعية النفسية و الغيبية و الأخلاقية و العلمية
و لنتناول بإذت الرحمن بعض أوجه الإعجاز فى كتاب الله و منها:

[SIZE="6"][COLOR="Sienna"]الإعجاز الغيبى[/COLOR][/SIZE]

[COLOR="Navy"][SIZE="6"]إخبار القرأن بموت أبى لهب على الكفر :[/SIZE][/COLOR]

قال تعالى ((َبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ))

و سبب نزول هذه السورة العظيمة كما فى الحديث الذى رواه البخارى من حديث اِبْن عَبَّاس: (( أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْبَطْحَاء فَصَعِدَ الْجَبَل فَنَادَى " يَا صَبَاحَاهُ " فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْش فَقَالَ " أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي ؟ - قَالُوا نَعَمْ قَالَ - فَإِنِّي نَذِير لَكُمْ بَيْن يَدَيْ عَذَاب شَدِيد فَقَالَ أَبُو لَهَب أَلِهَذَا جَمَعْتنَا ؟ تَبًّا لَك فَأَنْزَلَ اللَّه " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ " إِلَى آخِرهَا))

فنزلت هذه السورة فى بداية الدعوة الجهرية تذم أبا لهب و زوجه و تقرر مصيرهما و هما حيان يرزقان، و كان من اليسير أن يكيد أبو لهب للقرأن بادعاء الإسلام فيبطل اعجازها و يرد خبرها، لكن سبحان من أعمى قلبه عن ذلك بما كسبت يداه حتى هلك بعد ذلك بسنين طوال على الكفر هو و زوجه!


[SIZE="6"][COLOR="navy"]النبوءات فى أيات سورة الروم :[/COLOR][/SIZE]
قال تعالى ((غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون * بنصر الله...)) (الروم: 2-5).
و فى هذه الأيات المباركات أخبر رب العالمين بثلاثة غيبيات باهرة و هى:-

[COLOR="Blue"]أولا:[/COLOR] "إنتصار الروم على الفرس فى بضع سنين"
بيد أن الأيات نزلت في وقت كادت دولة الفرس أن تزيل الإمبرطورية الرومانية من خارطة الدنيا، فقد وصلت جيوش كسرى أبرويز الثاني إلى وادي النيل، ودانت له أجزاء عظيمة من مملكة الرومان.
وأمام هذا الطوفان الفارسي أراد هرقل أن يهرب من عاصمة ملكه القسطنطينية، لولا أن كبير أساقفة الروم أقنعه بالصمود وطلب الصلح الذليل من الفرس.
ووسط هذه الأحداث - وخلافاً لكل التوقعات - أعلن القرأن فى أيات نزلت في أجواء مكة المتربصة أن الروم سينتصرون على الفرس في بضع سنين، أي فيما لا يزيد عن تسع سنين، علماً ان المدة تبدأ من وقت نزل الأيات اى بعد وصول الخبرو تفاعل الناس معه
يقول المؤرخ إدوار جِبن في كتابه "تاريخ سقوط وانحدار الإمبراطورية الرومانية": "في ذلك الوقت، حين تنبأ القرآن بهذه النبوءة، لم تكن أية نبوءةٍ أبعدَ منها وقوعاً، لأن السنين العشر الأولى من حكومة هرقل كانت تؤذن بانتهاء الإمبرطورية الرومانية".

قال ابن عباس: (كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، لأنهم وإياهم أهلُ أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهلُ كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: أما إنهم سيَغلبون. فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا ، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهر الروم
فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال: ألا جعلته إلى دون العشر والله قد وعد بظفر الروم في بضع سنين.....قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: ((غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين )).
رواه الترمذي ح (3193)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (2551).

و تحققت نيوءة القرأن فإن هزيمة الروم من الفرس وقعت عام 614م، ثم في عام 623م شن ثلاث حملات ناجحة أخرجت الفرس من بلاد الرومان.
وفي عام 626م واصل الرومان زحفهم حتى وصلوا إلى ضفاف دجلة داخل حدود الدولة الفارسية، واضطر الفرس لطلب الصلح مع الرومان بعد هزيمتهم في معركة نينوى، وأعادوا لهم الصليب المقدس - عندهم - وكان قد وقع بأيديهم.
و هاكم روابط تبين هذه الفترة التاريخية

[URL="http://www.roman-emperors.org/heraclis.htm"]http://www.roman-emperors.org/heraclis.htm[/URL]


[URL="http://www.roman-empire.net/articles/article-012.html"]http://www.roman-empire.net/articles/article-012.html[/URL]





[COLOR="blue"]ثانيا[/COLOR]:"أخبر القرأن أن يوم تحقق انتصار الروم سيفرح المؤمنون بنصر الله "
و قد كان فقد تحقق الانتصار فى غزوة بدر الكبرى ما بين عام 623 و عام 624، على خلاف بين أهل التأريخ، و فى أى من التاريخين تتحقق النبوءة، فعام 623 هو العام الذى بدأت فيه انتصارات الروم على الفرس، و كذلك عام 624 هو العام الذى كللت فيه هذه الانتصارات بطرد الفرس تماماً من الامبراطورية الرومانية زد على ذلك مراعاة وقت وصول الخبر للمؤمنين، و عليه فإن الفرح بوصول الخبر كان متزامناً تماماً مع فرحة المؤمنين بيوم بدر


[COLOR="Blue"]ثالثاً: [/COLOR]"أشار القران إلى أن مكان معرة الفرس و الروم هو أدنى الأرض"
و كان المفسرون يجتهدون فى تفسيرها بأنها أقرب أرض من جزية العرب أو أقرب أرض تفصل بين الامبراطوريتين الى غير ذلك
و هو قول جيد لا نرده لكنه لا يعجز القرأن الذى قال عنه نبينا "لا تنقضى عجابه" و الذى يحوى جوامع الكلام،
إذ من معانى الدنو: الخفض و السفلية، و جاء من معانيه فى لسان العرب و القاموس المحيط (والأَدْنى : السَّفِلُ )
و العرب تعبر بالخفض على التذلل و التنازل و التواضع كما قال تعالى ((وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ )) و قال عز و جل ((َاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ))
و قال عمر يوم صلح الحديبية ((علامَ نُعْطِي الدَّنِيَّة في دِينِنا)) أى لما نخفض لهم و ندنو عنهم و نجعلهم اعلى منا
و علي ذلك المعنى نفاجأ بأن قوله تعالى (أدنى الأرض) تضمن حقيقة علمية كشف عنها العلم الحديث، وهي أن البقعة التي انتصر فيها الفرس على الروم في منطقة الأغوار قريباً من البحر الميت هي أدنى الأرض، أي أخفض مكان في الأرض كما تؤكده الموسوعة البريطانية وغيرها
فمن ذا الذي أخبر محمداً صلى الله عليه و سلم بهذه النبوءة العظيمة؟ إنه وحي الله، وهو دليل رسالته ونبوته عليه الصلاة والسلام.


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]إخباره بشأن الملك فى زمن يوسف :[/SIZE][/COLOR]
أشار القران كتاب الله الحكيم إلى أن الحاكم فى مصر فى زمن يوسف عليه السلام كان يسمى (الملك) ((وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ)) و لم يقل أنه كان فرعوناً كهذا الذى كان فى زمن موسى

بينما نقرأ فى سفر (التكوين 39 ) أن حاكم مصر فى زمن يوسف فيها كان فرعوناً ، و هنا يتجلى إعجاز القرأن الغيبى و الخطأ الذى اشتملته التوراة المحرفة فى النقاط الأتية:
[COLOR="Blue"]أ-[/COLOR] أن الفترة ما بين داود و المسح عليه السلام و ما تخللها من حكم سليمان ثم انقسام المملكة من بعده ثم تتابع الملوك و النزاعات مروراً بالسبى مرتين ثم العودة ثم الاحتلال الرومانى ثم ميلاد المسيح تبلغ ألف سنة و هو ما تقرر تاريخياً و كذا عند أهل الكتاب
[COLOR="blue"]ب[/COLOR]- أن الفترة ما بين يوشع بن نون و ما تلاه من حكم القضاة ثم بعثة صموئيل نبياً و قيام الملك لبنى إسرائيل على يد شاول ثم ملك داود من بعده تقدر ب 400سنة و هو ما تقرر تاريخياً و عند أهل الكتاب
[COLOR="blue"]ج[/COLOR]- أن الفترة ما بين دخول بنى إسرائيل مصر إلى حكم يوشع بن نون تقدر بقرابة 290 سنة منها 250 فى مصر و 40 سنة فى التيه و هو ما تقرر تاريخياً و عند أهل الكتاب

فيكون دخول يوسف مصر بموجب هذه الفترات فى سنة 1700 قبل الميلاد تقريباً ، و هذه الفترة لا يمكن أن يكون الحاكم بها فرعوناً من الفراعنة لأنها كانت فترة إحتلال الهكسوس لمصر التى امتدت على حد تقدير خبراء و علماء التاريخ ما بين 1725ق.م إلى 1575 ق.م
[URL="http://www.mmc.gov.eg/History/gg1.htm"]http://www.mmc.gov.eg/History/gg1.htm[/URL]


[SIZE="6"][COLOR="Navy"]إخباره عن قود عاد :[/COLOR][/SIZE]


لقد أخبر القرآن الكريم عن وجود عاد قوم نبى الله هود و لخص صفاتهم فى الأتى:
[COLOR="Blue"]1)[/COLOR] بين أنهم بنوا مدينة اسمها ( إرم ) و أنها كانت مدينة عظيمة مشهورة بالقصور المترفة و بالأعمدة الشاهقة الإرتفاع لا نظير لها :
((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ{6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ {7} الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ {8}))

[COLOR="blue"]2)[/COLOR] و بين أنها تقع بالأحقاف - وهي الأرض الرملية و حددها المؤرخون بين اليمن وعمان- فأرسل الله إليهم نبيه الكريم هوداً فدعاهم ((وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ))

[COLOR="blue"]3[/COLOR]) و بين أنه كان لقوم عاد بساتين وأنعام وينابيع: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ {132} أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ {133}وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ )

[COLOR="blue"]4[/COLOR]) و بين أنهم كذبو رسولهم هوداً فعاقبهم القوى العزيز بأن أرسل عليهم ريحاً عاصفة محملة بالغبار والأتربة فأهكلتهم جميعا: (وَأَمَّا عَاد فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ)


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]الاكتشافات الأثرية لمدينة "إرم" :[/SIZE][/COLOR]

فى بداية عام 1990 تم اكتشاف المدينة التاريخية على يد نيكولاس كلاب, عالم الآثارالتى استرشد فى بحثه بما جاء فى كتاب"أرابيا فيليكس" لمؤلفه "بيرترام توماس" الباحث الإنجليزي الذي ألفه عام 1932 ,
و "أرابيا فيليكس" هو الاسم الروماني للجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية و التي تضم اليمن والجزء الأكبر من عمان. و أطلق اليونان و من بعدهم علماء العرب فى العصور الوسطى على تلك المنطقة اسم "العرب السعيد" و "اليمن السعيدة", وسبب تلك التسميات أن السكان القدامى لتلك المنطقة كانوا أكثر من فى عصرهم حظاً بحكم موقعهم الاستراتيجي و ثرواتهم الطبيعية (كمال الصليبى , تاريخ العرب , كتب القبائل,1980)
وفى إحدى رحلاته إلى تلك المنطقة, أراه سكان المنطقة من البدو آثاراً شديدة القدم و قالوا إن تلك الآثار تؤدى إلى مدينة "عُبار" القديمة و لكنه توُفِى قبل أن يتمكن من إكمال بحثه. ( برترام توماس: "أرابيا فيليكس"/ (عبر الربع الخالى بشبه الجزيرة العربية) / نيويورك / شريبرز سانز 1932/ص:161)
و استأنف "كلاب" بحث سلفه و سلك طريقتين لإثبات وجود مدينة "عُبار":
[COLOR="Sienna"]أولاً:[/COLOR] إستعان بوكالة ناسا الفضائية ليتمكن من الحصول على صور لتلك المنطقة بالقمر الصناعي ( تشارلز جراب / " اللبا ن" / اكتشاف / يناير 1993)
[COLOR="sienna"]ثانياً[/COLOR]: قام " بدراسة المخطوطات و الخرائط القديمة بمكتبة"هانتينجتون" بولاية كاليفورنيا بهدف الحصول على خريطة للمنطقة و وجد واحدة رسمها "بطلمى" عام 200 ميلادية , و هو عالم جغرافي يوناني مصري. وتوضح الخريطة مكان مدينة قديمة اكتُشفت بالمنطقة و الطرق التي تؤدى إلى تلك المدينة
و بمقارنة صور الأقمار بالخريطة القديمة تبين له التطابق بينهما، و أخيراً تم اكتشاف مكان المدينة العريقة و بدأت عمليات الحفر, و بدأت الرمال تكشف عن آثار المدينة القديمة, ولذلك وُصفت بأنها ( أسطورة الرمال "عبار" ).
قال د. زارينز قائد عملية الحفر
[إنه بما أن الأعمدة الضخمة تُعد من العلامات المميزة لمدينة "عُبار", وحيث أن مدينة "إرَم" وُصفت في القرآن بأنها ذات العماد أي الأعمدة الضخمة, فإن ذلك يعد خير دليل على أن المدينة التي اكتُشفت هي مدينة "إرَم" التى ذكرت في القرآن الكريم
والتي أنشأت لِكي تَكُونَ فريدةَ جداً حيث تبدو مستديرة ويمر بها رواق معمّد دائري، بينما كُلّ المواقع الأخرى في اليمن حتى الآن كَانتْ التي اكتشفت كانت أبنيتها ذات أعمدة مربعة يُقالُ بأن سكان مدينة أرم بَنوا العديد مِنْ الأعمدةِ التي غطيت بالذهبِ أَو صَنعتْ من الفضةِ وكانت هذه الأعمدةِ رائعة المنظر ]

و رغم أن جزيرة العرب صحراء شاسعة إلا أن القرآن الكريم يقص فى تلك الأيات العطرة حقيقية غيبية أخرى ألا و هى أن هذه الصحارى كانت يوماً من الأيام جنات ويعيون.
فقال حاكياً عن هود عليه السلام (( أتبنون بكل ريع ٍ آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فأتقوا الله واطيعون. واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم))
وقد كشفت السجلات التاريخية أن هذه الأراضى تعرضت إلى تغيرات مناخية حولتها إلى صحارى، و كَانتْ قبل ذلك خصبة مُنْتِجةَ مغطاة بالخضرة كما أُخبر القرآنِ، قبل ألف أربعمائة سنة .
وكَشفَت صور الأقمار الصناعية عن نظامَ واسع مِنْ القنواتِ والسدودِ القديمةِ التي استعملت في الرَيِّ في منطقة قوم عاد يقدر أنها كانت قادرة على توفير المياه إلى 200.000 شخصَ (Joachim Chwaszcza, Yemen, 4PA Press, 1992)
كما تم تصوير مجرى لنهرين جافين قرب مساكن قوم عاد حتى قال أحد الباحثين الذي أجرى أبحاثه في تلك المنطقة " لقد كانت المناطق التي حول مدنية مأرب خصبة جداً ويعتقد أن المناطق الممتدة بين مأرب وحضرموت كانت كلها مزروعة ."

كما وَصفَ الكاتبُ القديم اليونانيُ Plinyهذه المنطقةِ أنْها كانت ذات أراضي خصبة جداً وكانت جبالها تكسوها الغابات الخضراء وكانت الأنهار تجري من تحتها.
ولقد وجدت بعض النقوشِ في بَعْض المعابدِ القديمةِ قريباً من حضرموت، تصور بعض الحيوانات مثل الأسود التي لا تعيش في المناطق الصحراوية وهذا يدل دلالة قاطعة على أن المنطقة كانت جنات كما أخبر القرأن المجيد
أما سبب اندثار حضارة عاد فقط فسرته مجلة A m'interesseالفرنسية التي ذكرت أن مدينة إرم أو"عُبار" قد تعرضت إلى عاصفةرملية عنيفة أدت إلى غمر المدينةبطبقاتمن الرمال وصلت سماكتها إلى حوالي 12 متر ( M’Interesse, January 1993)
هذا نقل للبحث القيم بتصرف و يمكن مراجعته تفصيلاً فى هذا الرابط


[URL="http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show...p;select_page=1"]http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show...p;select_page=1[/URL]


[SIZE="6"][COLOR="Navy"]قراطيس أهل الكتاب :[/COLOR][/SIZE]


من الإعجاز الغيبى فى كتاب الله إخباره عن أشكال التحريف التى نالت كتب أهل الكتاب المختلفة من تبديل و زيادة و نقصان و إخفاء و كتمان و تأليف
و لكن نركزههنا مع أية عظيمة فى هذا الشأن و هى قوله تعالى ((...قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ))
فالله عز و جل يخبر أهل الكتاب ههنا أنهم أبدو شيئاً مما أوحاه الله و أخفو الكثير منها على شكل قراطيس أو وثائق مطوية و ملفوفة
و كان المستشرقون يشهرون بالقرأن و يتحدونه فى هذا كما قال صاحب كتاب"المسيحيون فى مكة" فى القرن التساع عشر: [ يزعم القرأن أن أهل الكتاب يخفون بعض ما أوحى إليهم على شكل لفائف و قراطيس و نحن نتحداهم أن يخبرونا أين ذلك فى العالم ]

و قد هلك هو و من شاكلته و بقى كتاب الله غضاً طرياً بحر لا يدرك غوره ، فشاء العليم الحكيم أن تكتشف فى وادى قمران عند البحر الميت فى احدى عشر كهفاً مخطوطات للكتاب المقدس تعود للقرن الثانى و الأول قبل الميلاد و تضم أكثر من 850 مخطوطة كثير من أسفارها ما كان يعلم الخلف من أهل الكتاب عنها شىء ، و كلها على شكل لفائف"قراطيس" حتى أطلق عليها علماء الأثار dead sea scrollsفانظر إلى دقة تعبير القرأن تنزيل عالم الغيب و الشهادة!

و الأعجب أن هذه المخطوطات بالتحديد تضمنت الكثير من البشارات المخفية برسول الله و أمته المؤمنة
و من ذلك فقط على سبيل المثال ما أورده الباحث هشام طلبة حفظه الله من موافقة حرفية لما ورد فى وصف المسلمين فى الانجيل فى خاتمة سورة الفتح و ما ورد على لسان المسيح عن أمة الملكوت فيما يعرف برسالة جيمس السرية" The Apocryphon Of James
(حيث يشبه المؤلف مملكة السماء-و هي دولة المسيح المنتظر, يشبهها بنخلة خرج منها برعم (شطأ-فراخ) ثم تدلي من هذا البرعم ثمار حوله, وأخرجت هذه الثمار ورقاً.و حين شبت استغلظت هذه الثمار تسببت في جفاف منبعها. و أصبحت هذه الثمار (الخارجة من البرعم) مع تلك الخارجة من الشجرة الأصلية.
“[COLOR="DarkRed"]Do not allow the kingdom of heaven to wither; for it is like a palm shoot whose fruit has dropped down around it . they (I.E, the fallen fruits) put forth leaves, and after they had sprouted , they caused their womb to dry up. So it is also with the fruit which had grown from this single root[/COLOR]


[URL="http://www.gnosis.org/naghamm/jam.html"]http://www.gnosis.org/naghamm/jam.html[/URL]


و هذا هو بالضبط قوله تعالى ((وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ ))
ملحوظة: ان هذه الاكتشافات الباهرة لا تعنى التسليم بكل ما فى هذه الأسفار المخفية ، فكل كتب أهل الكتاب طالتها التحريف و لكن شاء الله أن يبقى فى جميعها أثر للنور و البشارات الصريحة و البراهين الساطعة على صدق الوحى المحمدى سواء فى الكتاب المقدسة لدى القوم أو المكتشفة فى أغوار الكهوف!


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]اخباره بأجله عليه السلام فى سورة النصر :[/SIZE][/COLOR]


كذلك من الغيبيات التى اشتمل عليها القرأن أن نعى للنبى صلى الله عليه و سلم نفسه بعد فتح مكة و دخول الناس فى دين الله بينما هو فى حجة الوداع و بالفعل مات بعدها رسول الله صلى الله عليه و سلم فى نفس العام، فقال تعالى
((إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (3)))

فأخبره تعالى أن النصر و الفتح قد تحققا و دخل الناس فى الدين أفواجاً فاستعد يا رسول الله للقاء ربك بكثرة التسبيح و الاستغفار، لذا لم ينفك رسول الله منذ نزلت هذه السورة يقول فى ركوعه و سجوده (سبحانك اللهم ربنا و بحمدك اللهم اغفر لى)

و عن ابن عباس قال : (( كَانَ عُمَر يُدْخِلنِي مَعَ أَشْيَاخ بَدْر فَكَأَنَّ بَعْضهمْ وَجَدَ فِي نَفْسه فَقَالَ لِمَ يَدْخُل هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاء مِثْله ؟ فَقَالَ عُمَر إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ فَدَعَاهُمْ ذَات يَوْم فَأَدْخَلَنِي مَعَهُمْ فَمَا رَأَيْت أَنَّهُ دَعَانِي فِيهِمْ يَوْمئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه وَالْفَتْح " ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَد اللَّه وَنَسْتَغْفِرهُ إِذَا نَصَرَنَا وَفَتَحَ عَلَيْنَا وَسَكَتَ بَعْضهمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَقَالَ لِي أَكَذَلِكَ تَقُول يَا اِبْن عَبَّاس ؟ فَقُلْت لَا فَقَالَ مَا تَقُول ؟ فَقُلْت هُوَ أَجَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ قَالَ " إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه وَالْفَتْح " فَذَلِكَ عَلَامَة أَجَلك قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب لَا أَعْلَم مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُول)) رواه البخارى

و روى الحافظان أبو بكر البزار و البيهقى عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : ((أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَة " إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه وَالْفَتْح " عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْسَط أَيَّام التَّشْرِيق فَعَرَفَ أَنَّهُ الْوَدَاع فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاء فَرُحِّلَتْ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاس فَذَكَرَ خُطْبَته الْمَشْهُورَة))


[COLOR="navy"][SIZE="6"]سيقول السفهاء :[/SIZE][/COLOR]


لما نسخ الله تعالى اتخاذ بيت المقدس قبلة و أمر باستقبال المسجد الحرام ، اعترض بعض السفهاء على مشيئة الله و تصرفه فى ملكه و شنعوا بذلك فأنزل تعالى قوله ((سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))
و فى الأية اشارة الى أن القول لن يتوقف و انما سيستمر مستقبلاً فقال تعالى (( سيقول))

قال القرطبى: (أَعْلَمَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُمْ سَيَقُولُونَ فِي تَحْوِيل الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الشَّام إِلَى الْكَعْبَة , مَا وَلَّاهُمْ . و " سَيَقُولُ " بِمَعْنَى قَالَ , جَعَلَ الْمُسْتَقْبَل مَوْضِع الْمَاضِي , دَلَالَة عَلَى اِسْتِدَامَة ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ يَسْتَمِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْل)

و بالفعل نحن نرى الى يومنا هذا تشنيع أعداء الإسلام على النسخ فى الأحكام بيد أن النسخ علم يشتمل على حكم باهرة و اعجازات تشريعية فريدة ليس هذا محل بحثها
لكن الشاهد كما قلنا أن القرأن أخبر بأن الاعتراض على تحويل القبلة سيظل يقال ، سبحان الله لو أراد أحد هؤلاء العمى أن يبطل إعجاز الأية لأحجم عن الكلام فى النسخ و الإعتراض على تحويل القبلة لكننا نراهم بأعيننا و نسمعهم بأذاننا فى يومنا هذا يرددون نفس الاعتراض الذى أجابه الله ببساطه بأنه مالك الملك و المالك يتحكم فى ملكه كيف يشاء فله المشرق و المغرب و أينما نولى وجوهنا فثم وجه الله لكنها عبودية الطاعة و الملك لله تعالى


[COLOR="navy"][SIZE="6"]الإخبار عن إنتصار الدين و ظهوره :[/SIZE][/COLOR]


أخبر رب العزة فى غير ما موضع من كتابه عن التمكين لدينه و إتمام نوره ، و كانت تتنزل هذه الأيات فى أشد مراحل الدعوة شقاءً و استضعافاً، و من ذلك قوله تعالى:
((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ* هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))

و قال تعالى ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))

و بالفعل أتم الله نوره و أكمل دينه و حفظ رسالته كما قال عز و جل ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً))

و بلغت الرسالة المحمدية أقطار الدنيا و دانت بها الأمة العريقة و انتصر الصحابة الفقراء المستضعفون و صنع الله المجد بأيديهم فحكموا العالم و ساسوه باذنه مصداقاً لقوله جل و علا ((وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ))
و قوله سبحانه ((و َنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ))


[COLOR="navy"][SIZE="6"]النبوءة بنصر بدر العظيم :[/SIZE][/COLOR]


وذلك في وقت كان المسلمون يعانون في مكة صنوف الاضطهاد ويُسامون سوء النكال؛ وفي وسط هذا البلاء نزل على النبي  قوله تعالى: (( أكفاركم خيرٌ من أولئكم أم لكم براءةٌ في الزبر * أم يقولون نحن جميعٌ منتصرٌ * سيهزم الجمع ويولون الدبر* بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ )) (القمر: 43-46).

فقال عمر بن الخطاب أي جمع يهزم؟ أي جمع يُغلَب؟ فلما كان يوم بدر رأيتُ رسول الله صلى الله عليه و سلم يثِب في الدرع، وهو يقول: ((سيهزم الجمع ويولون الدبر)) فعرفتُ تأويلها يومئذ. جامع البيان (22/602).

فهذه الآية نزلت قبل الهجرة بسنوات؛ تتحدث عن غزوة بدر واندحار المشركين فيها، وتتنبأ بهزيمتهم وفلول جمعهم.
وقبيل معركة بدر أدرك النبي صلى الله عليه و سلم اقتراب تحقق الوعد القديم الذي وعده الله، فقام إلى العريش يدعو ربه ويناجيه: ((اللهم إني أنشِدُك عهدَك ووعدَك، اللهم إن شئت لم تُعبَد بعدَ اليوم)) ثم خرج عليه السلام من عريشه، وهو يقول: (( سيهزم الجمع ويولون الدبر * بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر )). رواه البخاري ح (2915).


[SIZE="6"][COLOR="navy"]البشارة بفتح مكة و تحقق رؤيا رسول الله :[/COLOR][/SIZE]


لما أخرج المشركون رسول الله مهاجراً إلى ربه و الحزن يملأ قلبه على فراق وطنه مكة أنزل العليم الحكيم بشارة عظيمة على قلب رسوله وهو قريب من الجُحفة فقال له مواسياً فى ختام سور القصص: (( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ))

قال القرطبي: "ختم السورة ببشارة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم بردِّه إلى مكة قاهراً لأعدائه .. وهو قول جابر بن عبد الله وابن عباس و مجاهد وغيرهم". الجامع لأحكام القرآن (13/248).

- و فى سنة ست من الهجرة رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم فى رؤياه أنه يأتى المسجد الحرام و يطوف به فأخبر أصحابه، فسُروا بذلك، و لكن ظنوا أن ذلك يكون في عامهم، فتجهزوا مع النبي صلى الله عليه و سلم آمّين البيت الحرام معظمين لحرْمَته، فصدتهم قريش عن البيت، وانتهى الأمر بإبرام صلح الحديبية الذي ألزم المسلمين بالعودة إلى المدينة، وأن يعتمروا من عامهم القابل.
وشعر الصحابة بغبن الشروط التي تضمنها الصلح، فجاء عمر الفاروق يستفسر من رسول الله و يراجعه فقال عليه السلام: ((يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبداً)) ... فنزلت سورة الفتح -إنا فتحنا لك فتحا مبيناً -فقرأها رسول الله صلى الله عليه و سلم على عمر إلى آخرها.فقال عمر: يا رسول الله أوَفتح هو؟ قال: ((نعم)). وأنزل الله في إثرها آياتٍ من سورة الفتح
رواه البخاري ح (4484)، ومسلم ح (1785).

فسبحان العليم الخبير اللذى سمى صلح الحديبية الذى ظاهره التنازل فتحاً، وقد كان
قال [الزهري]: [لم يكن في الإسلام فتحٌ قبلَ فتح الحديبية أعظمَ منه, وإنما كان الكفر حيث القتال, فلما أمن الناس كلهم؛ كلم بعضُهم بعضاً، وتفاوضوا في الحديث والمنازعة، ولم يكن أحد في الإسلام يعقِل شيئاً إلا بادر إلى الدخول فيه , فلقد دخل في تلك السنتين مثلُ من كان دخل في الإسلام قبل ذلك أو أكثر] .
قال ابن هشام: [ويدل عليه؛ أنه صلى الله عليه و سلم خرج في الحديبية في ألف وأربعِمائة، ثم خرج بعد سنتين إلى فتح مكة في عشرةِ آلاف] . فتح الباري (7/506)، وانظر سيرة ابن هشام (2/321).

و لما هم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالعودة إلى المدينة عام الحديبية أتاه عمر فقال: أوليس كنتَ تحدثُنا أنا سنأتي البيت فنطوفَ به؟ قال: ((بلى، فأخبرتُكَ أنّا نأتيه العام؟)) فقال عمر: لا. فقال صلى الله عليه و سلم: ((فإنك آتيه ومطَوِّفٌ به)). رواه البخاري ح (2734).

ونزلت آيات القرآن تؤكد صدقَ ما رآه النبي صلى الله عليه و سلم في رؤياه وتنبأ بحتميةَ تحققِ ما أوحى الله إليه في رؤياه: (( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون ))
وقد تحقق ذلك في عمرة القضاء في العام الذي يليه فطاف رسول الله و اعتمر هو و أصحابه أمنين محلقين و مقصرين، و الحمد لله رب العالمين


[COLOR="navy"][SIZE="6"]البشارة بفتحٍ خيبر و مغانمها :[/SIZE][/COLOR]


أثاب الله الصحابة على صدق بيعتهم لرسول الله صلى الله عليه و سلم عند شجرة الرضوان بفتح قريب ومغانم وفيرة، أثابهم بفتح خيبر، فقال واعداً إياهم: (( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً * ومغانم كثيرةً يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيماً *وعدكم الله مغانم كثيرةً تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آيةً للمؤمنين ويهديكم صراطاً مستقيماً ))

قال الطبري: [ وأثاب الله هؤلاء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم تحت الشجرة - مع ما أكرمهم به من رضاهُ عنهم وإنزالِه السكينة عليهم وإثابتِه إياهم – فتحاً قريباً ، معه مغانمُ كثيرةٌ يأخذونها من أموال يهود خيبر، فإن الله جعل ذلك خاصة لأهل بيعة الرضوان دون غيرهم] جامع البيان (11/347).

والتنبؤ بفتح خيبر لم يكن تنبؤاً بأمر ميسور قريب النوال، بل هو أمر دونه خرط القتاد؛ فإن خيبر حصون منيعة ، وفيها عشرة آلاف من المقاتلين الشجعان ، أي ما يساوي سبع مرات عدد المسلمين القادمين لفتحها ، لكنه موعود الله.
وما إن لاحت بالأفق حصونها حتى قال صلى الله عليه و سلم: ((خرِبت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ، قال أنس: فهزمهم الله)). رواه مسلم ح (3361).


[SIZE="6"][COLOR="navy"]إخبار القرأن عن قتال بنى حنيفة :[/COLOR][/SIZE]


إذ أُنزل فى القرأن وعد للأعراب الذين لم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه و سلم إلى عمرة الحديبية، فقال لهم الله مختبراً صدقهم وإيمانهم: ((قل للمخلفين من الأعراب ستُدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً ))

قال رافعٍ بنِ خَديج رضى الله عنه: ((والله لقد كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى (ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) فلا نعلم من هم، حتى دعانا أبو بكرٍ إلى قتال بني حنيفة، فعلمنا أنهم هم)). الجامع لأحكام القرآن (16/231).
فكان هذا الوعد غيباً آخرَ أطلع الله عليه نبيه، حين بشره بالنصر والظفر على قوم أولي بأس شديد، يُدعى هؤلاء الأعراب إلى قتالهم، وكان ذلك في حروب المرتدين أتباعِ مسيلمةَ الكذاب و التى كانت من أشرس المعارك بل أشرسها فى جزيرة العرب و إنتهت بانتصار المؤمنين و قتل الكذاب و إسلام قومه و لله الحمد و المنة

يتبع إن شاء الله.....

عارف الشمري 2011-04-02 09:37 PM

[COLOR="Red"][SIZE="7"]من أيات الأعجاز العلمى :[/SIZE][/COLOR]



هذا بحث تجميعى منقول بإختصار و تصرف من مواقع و أبحاث الإعجاز العلمى و التى صارت تضم نخبة رائعة من علماء المسلمين فى كافة المجالات العربى منهم و الأعجمى المسلم أصلاً و المهتدى حديثاً امثال دكتور موريس بوكاى و دكتور كيث مور و دكتور زغلول النجار و دودح و غيرهم


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]الإعجاز فى مراحل خلق الجنين :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى : ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مّن طِينٍ، ثُمّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مّكِينٍ، ثُمّ خَلَقْنَا النّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ))
تضمنت هذه الأية المعجزة تبيان مراحل تكون الجنين بدقة متناهية:-

مرحلة النطفة : و هى الجرثومة المنوية التى تلقح البويضة فتشكل نطفة امشاج كما فقال تعالى ((إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً))
فهذا وصف دقيق لأن الانسان لا يخلق فقط من نطفة الرجل و انما من تلقيح نطفة الرجل لبويضة المرأة

مرحلة العلقة: و كلمة علقة معجزة بكل المقاييس إذ أنها تأتى فى لغة العرب بثلاثة معانى و هى: الدودة العالقة او الدم المتجمد او الالتصاق والتعلق بشيء ما.و العجيب أن كل هذه المعانى تنطبق على مرحلة العلقة
- فلو اخذنا معناها بأنها مثل (دودة عالقة ) فإننا نجد أن الجنين يفقد شكله المستدير ويستطيل حتى يأخذ شكل الدودة ثم يبدأ في التغذي من دماء الأم، مثلما تفعل الدودة العالقة؛ إذ تتغذى من دماء الكائنات الأخرى، ويحاط الجنين بمائع مخاطي تماما، مثلما تحاط الدودة بالماء.
- و لو أخذنا معنى (الالتصاق والتعلق بشيء ما )، فهذا بالضبط ما يحدث حين تتعلق الجرثومة المنوية بظهارة بطانة الرحم في المراحل الأولى للغرس أو الحرث.
- و لو أخذنا معنى ( دم جامد أو غليظ ) نجد أن المظهر الخارجي للجنين وأكياسه يتشابه مع الدم المتخثر الجامد الغليظ، لأن القلب الأولي وكيس المشيمة ومجموعة الأوعية الدموية القلبية تظهر في هذه المرحلة. وتكون الدماء محبوسة في الأوعية الدموية - حتى وإن كان سائلا - ولا يبدأ الدم في الدوران حتى نهاية الأسبوع الثالث، وبهذا يأخذ الجنين مظهر الدم الجامد أو الغليظ مع كونه دماً رطباً
فسبحان من أوحى إلى نبيه جوامع الكلم!

مرحلة المضغة: و المضغة تعنى شئ لاكته الأسنان، و بالفعل الجنين فى المرحلة التالية لمرحلة العلقة يشبه قطعة اللحم الممضوغ لظهور تغضنات عليه في بداية التمايز الجنيني إذ وجد أنه بعد تخلق الجنين والمشيمة في هذه المرحلة يتلقى الجنين غذاءه وطاقته، وتتزايد عملية النمو بسرعة، ويبدأ ظهور الكتل البدنية المسماة فلقات التي تتكون منها العظام والعضلات. ونظراً للعديد من الفلقات التي تتكون فإن الجنين يبدو وكأنه مادة ممضوغة عليها طبعات أسنان واضحة فهو مضغة

ثم مرحلة تخلق العظام قبل اللحم: و قد ظل المختصون في علم الأجنة و هو العلم الذي يدرس تطور الجنين في رحم الأم حتى فترة قريبة يفترضون أن العظام و العضلات تتكون في وقت واحد و لكن الأبحاث المكروسكوبية المتطورة التي أمكن إجراؤها بفضل التطور التقني كشفت أن الوحي القرآني صحيح تماماً .
هذه الأبحاث الميكروسكوبية أثبتت أن تطور الجنين داخل رحم الأم يتم كما وصفته آيات القرآن، فأولاً تتكون الأنسجة الغضروفية التي تتحول إلى عظام الجنين ، ثم تكون بعدها خلايا العضلات ثم تتجمع مع بعضها و تتكون لتلتف حول العظام .


[COLOR="navy"][SIZE="6"]ناصية كاذبة :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى ((كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ* نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ))
كان المفسرون قديماً يظنون أن اتهام الناصية بالكذب يراد بها الانسان نفسه و ليس ذات الناصية و لكن العلم الحديث أثبت إعجاز هذه الأية العلمى إذ إن الإنسان إذا أراد أن يكذب فإن القرار يتخذ في الفص الجبهي للمخ الذي هو جبهة الإنسان وناصيته ، وإذا أراد الخطيئة فإن القرار كذلك يتخذ في الناصية .
- و أكد البرفسور كيث إل مور أن الناصية هي المسئولة عن المقايسات العليا وتوجيه سلوك الإنسان، وما الجوارح إلا جنود تنفذ هذه القرارات التي تتخذ في الناصية؛ لذلك فالقانون في بعض الولايات الأمريكية يجعل عقوبة كبار المجرمين الذي يرهقون أجهزة الشرطة هي استئصال الجزء الأمامي من المخ الناصية، لأنه مركز القيادة والتوجيه ليصبح المجرم بعد ذلك كطفلٍ وديع يستقبل الأوامر من أي شخص
• ولقد كانت بداية معرفة الناس بوظيفة الفص الأمامي الجبهي في عام 1842م ، حين أصيب أحد عمال السكك الحديد في أمريكا بقضيب اخترق جبهته، فأثر ذلك في سلوكه ولم يضر بقية وظائف الجسم، فبدأت معرفة الأطباء بوظيفة الفص الجبهي للمخ، وعلاقته بسلوك الإنسان.
• وكان الأطباء يعتقدون قبل ذلك أن هذا الجزء من المخ الإنساني منطقة صامته لا وظيفة لها. فمن أعلم محمد صلى الله عليه و سلم بأن هذا الجزء من المخ الناصية هو مركز القيادة للإنسان والدواب وأنه مصدر الكذب والخطيئة .


[COLOR="navy"][SIZE="6"]أعصاب الشعور تحت الجلد :[/SIZE][/COLOR]


أثبت العلم الحديث بالتشريح الدقيق للجلد وجود شبكة من الألياف العصبية، توجد بها نهايات عصبية حرة، في طبقات الجلد، وتقوم هذه النهايات باستقبال جميع المؤثرات الواقعة على الجلد من البيئة الخارجية و بالتالى فإن موت هذه الأعصاب يفقد به الإنسان القدرة على الشعور بالمؤثرات الخارجية على لحمه
و هنا يتجلى الإعجاز القرأنى حين أخبر الله بتديل جلود الكافرين كلما نضجت حتى يستشعرو العذاب فقال عز و جل ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا))


[COLOR="navy"][SIZE="6"]بصمة الإصبع :[/SIZE][/COLOR]


من الإكتشافات العلمية الحديثة ما يعرف بالبصمة حيث لا يمكن لبصمة الإبهام أن تتشابه أو تتماثل في شخصين في العالم حتى التوائم المتماثلة التي أصلها من بويضة واحدة
و مثل هذه المعلومة ما كان يعرفها أحد من البشر قديماً و لكن القرأن أشار إليها ببراعة فى سياق الرد على من يستبعد أن يستطيع الله جمع عظامه بعد الموت، فرد عليه سبحانه بأنه قادر على فعل ما هو أقوى من ذلك و هو أن يسوى بنانه و هو الاصبع الأكبر ، أى يتم خلقه كما كان فلما اكتشفت البشرية أمر البصمة تجلى التحدى القرأنى بأن الله قادر على أن يجمع عظامك أيها الإنسان بل و على أن يعيد رسم ابهامك و صفته كما كان أول مرة رغم أنه لا تماثل بينه و بين إبهام اى إنسان من بلايين البشر الذين خلقهم الله كما خلقك، و هذا فى قوله تعالى
( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ)


[SIZE="6"][COLOR="Navy"]الليل هو الأصل :[/COLOR][/SIZE]


قال تعالى ((وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ))
صور تعالى النهار كالجلد الذي يُسلخ وأما الليل فهو الأصل وهو الكل، فشبّه الليل بالذبيحة، والنهار جلدها، فجعل النهار غلافاً والليل هو الأصل.
و هذه حقيقة باهرة أثبتها العلم الحديث كما هو معلوم


[COLOR="navy"][SIZE="6"]مرج البحرين يلتقيان :[/SIZE][/COLOR]

أُكتشف حديثاً وجود برازخ حقيقية بين البحارو الأنهار بل و داخل البحر الواحد يقسم الى بحار يفصلها برازخ مائية فتختلف عن بعضها فى الملوحة والكثافة والحرارة والأحياء المائية وقابلية ذوبان الأكسجين في الماء ولا تطغى خصائص بحر عن أخر و هذا مصداق قوله تعالى ((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ *َيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ))


[COLOR="navy"][SIZE="6"]إنزال الحديد :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى: ((وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس))
لم يكن أحد يتصور أن الحديد الذى يتمد فى باطن الارض حتى يصل الى مركزها كله أنزل بالفعل من السماء و لم يخلق فى الأرض ابتداءً حتى أثبت العلم الحديث بالأدلة و البراهين القاطعة أن معدن الحديد المتوفر على سطح الأرض هو نتاج انفجار نجم كبير وصلت شظاياه إلى أرضنا على شكل نيازك استقرت على سطح الأرض وبعضها أستقر في مركزه

[SIZE="6"][COLOR="navy"]دوران الارض حول نفسها :[/COLOR][/SIZE]


قال تعالى ((وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونمَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ))
فهذه الأية تشير يشكل صريح إلى دوران الأرض حول نفسها و لننظر لدفة التشبيه القرأنى حين قال وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ لأن الجبال لا تتحرك وحدها و انما تتحرك بتحرك الأرض كلها كما أن السحاب لا يمر وحده و انما يمر بتحرك الريح الذى يحمله

[COLOR="Red"]شبهة[/COLOR]: قال المعترض لكن السياق يتكلم عن وقوع ذلك فى يوم القيامة و ليس فى الدنيا
[COLOR="red"]الجواب[/COLOR]: أننا بمراجعة سياق الأيات نجد أن الأيات تسير على ذكر أية من أيات الدنيا ثم ذكر مشهد من مشاهد الأخرة فقال تعالى
((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ (85)))
ففى هذه الأيات يذكر سبحانه مشهد من مشاهد يوم القيامة ثم قال فى الأية التالية
(( أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86)))
فذكر ههنا أية من أيات الخلق التى نراها فى دنيانا ثم انتقل مرة أخرى إلى مشهد من مشاهد يوم القيامة فقال تعالى
(( وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87)))
ثم عاد عز و جل و ذكر أية من أيات الدنيا فقال
(( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون ))
و هكذا تسير الأيات لا على ذكر أيات الدنيا فقط ولا عن سرد مشاهد الأخرة فقط و إنما تصور مشهد الأخرة الغيبى و تقوى الإيمان به بذكر أيات الله المشاهدة فى دنيانا
و من جهة اخرى فالأية كما نرى تصور حركة الجبال بأنها تمر بينما يجسبها الرائى جامدة و ليس هذا ما سيقع يوم القيامة بل سيقع يومئذ خسف لهذه الجبال و نسف ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً* فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً))
و كذلك تسير هذه الجبال حتى تصير سراباً ((وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً))
و تبرز الأرض تماماً فلا ترى فيها عوجاً ولا امتاً ((وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))
فهذا النسف و الإبادة للجبال يوم القيامة ليس مما يراه الإنسان و يحسبها جامدة به!!
و أخيراً فإن الله بعد ذكر أية مرور الجبال فى ختام سورة النمل بعد ذلك بأيتين
((وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ))
فهذه إشارة إلى رؤية أيات الله الكونية التى أخبر بها ليعلم الإنسان انه ما أنزل هذا الكتاب إلا رب السماوات و الأرض بصائر
((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ))


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]كروية الأرض :[/SIZE][/COLOR]

أشار القرأن إلى كروية الأرض فى غير ما أية
فقال تعالى : ((وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا)) و هذا المعنى لا يتحقق إلا إن كانت الأرض كروية متسعة الجرم لأن الإنسان وقتئذ سيراها ممتدة لا يدرك نهايتها كما أخبر ربه أينما سار و حيثما سار
و كذا قال تعالى ((ُيكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ))
و معلوم أن الليل و النهار ليسا بكتلتين ماديتين يتكور بعضهما على بعض و إنما يشاهد هذا بانعكاسهما على الجسم المتأثر بهما و هى الأرض الكروية، و لذا لو نظرنا إلى الكرة الأرضية لوجدنا نصفها المقابل للشمس مضىء و النص المقابل مظلم ثم يزحف الضوء بدوران الأرض ليغطى الجزء المظلم من الكرة و يزحف الليل على الجزء المنير بدورانه بعيداً على الشمس فهى عملية تكوير لليل على النهار بكل ما تحمل الكلمة من معنى فسبحان الملك
و قد فهم سلفنا الصالح هذه المعانى الطيبة حتى نقلو الإجماع على كروية الأرض و ممن قال بهذا
شيخ الإسلام ابن تيمية فى مجموع الفتاوى 6 / 587 ،
و العلامة إبن القيم فى ابن القيم في "الصواعق المرسلة" (4/1308) و ابن حزم فى الفِصَل بين الملل والنِّحَل" ( 2 / 243)
و ابن الجوزى وابن كثير و الفخر الرازى و غيرهم


[COLOR="navy"][SIZE="6"]الليل قديماً يطلب النهار حثيثا [/SIZE][/COLOR]:


قال تعالى ((إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ))
هناك أيات كثيرة تكلمت عن إغشاء الليل للنهار و لكن لم يذكر أن ذلك يقع حثيثاً إلا فى هذه الأية المباركة و سر ذلك أن السياق هنا يتكلم عن حال الإغشاء فى بداية الخلق بعد أن خلق الله السماوات و الأرض و ليس فى يومنا فأخبر سبحانه فى هذه الأية الباهرة أنه لما خلق السماوات و الأرض جعل تعاقب الليل و النهار سريعاً ((يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً))
و العلم الحديث أثبت أن الأرض فى بداية الأمركان دورانها أسرع و كان اليوم فيها قصيراً جداً حتى أن الليل و النهار كانا يمران فى سويعات قد لا تتجاوز الأربع ساعات و كلما طال الزمن طالت المدة حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الأن



[COLOR="navy"][SIZE="6"]الجبال أوتاد و رواسى :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى : ( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا*وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) . تشير الآية إلى أن الجبال أوتاد للأرض ، والوتد يكون منه جزء ظاهر على سطح الأرض ، ومعظمه غائر فيها ، ووظيفته التثبيت لغيره .
ويقول د. زغلول النجار: إن جميع التعريفات الحالية للجبال تنحصر في الشكل الخارجي لهذه التضاريس، دون أدنى إشارة لامتداداتها تحت السطح، والتي ثبت أخيراً أنها تزيد على الارتفاع الظاهر بعدة مرات .... ولم تكتشف هذه الحقيقة إلا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر

وقال تعالى ( وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ) وقال أيضاً( وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
والجبال أوتاد بالنسبة لسطح الأرض، فكما يختفي معظم الوتد في الأرض للتثبيت، كذلك يختفي معظم الجبل في الأرض لتثبيت قشرة الأرض . وكما تثبت السفن بمراسيها التي تغوص في ماء سائل ، فكذلك تثبت قشرة الأرض بمراسيها الجبلية التي تمتد جذورها في طبقةٍ لزجةٍ نصف سائلة تطفو عليها القشرة الأرضية، و لولا هذه الجبال لكثرت الزلازل و التحركات الصخرية بما تستحيل معه الحياة
ولقد تنبه المفسرون رحمهم الله إلى هذه المعاني فأوردوها في تفسيرهم لقوله تعالى: ( وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ) ، واليك أمثلة من ذلك :
1- قال ابن الجوزي : ( وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ) للأرض لئلا تميد
2- وقال الزمخشري ( وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ): أي أرسيناها بالجبال كما يرس البيت بالأوتاد.
3- وقال القرطبي وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ) أي لتسكن ولا تتكفأ بأهلها
4- وقال أبو حيان وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ) أي ثبتنا الأرض بالجبال كما يثبت البيت بالأوتاد
5- وقال الشوكاني وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ) الأوتاد جمع وتد أي جعلنا الجبال أوتاداً للأرض لتسكن ولا تتحرك كما يرس البيت بالأوتاد


[COLOR="navy"][SIZE="6"]السماء سقف للحفظ و الحماية :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ)
نجد هنا خاصية قد أثبتتها الأبحاث العلمية التي أجريت في القرن العشرين .
فالغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض يؤدي وظائف ضرورية لاستمرارية الحياة ، فهو حين يدمر الكثير من النيازك الكبيرة و الصغيرة فإنه يمنعها من السقوط على سطح الأرض و إيذاء الكائنات الحية
بالإضافة إلى ذلك فإن الغلاف الجوي يصفي شعاع الضوء الآتي من الفضاء المؤذي للكائنات الحية . و الملفت أن الغلاف الجوي لا يسمح إلا للإشعاعات غير الضارة مثل الضوء المرئي و الأشعة فوق البنفسجية و موجات الراديوا بالمرور . و كل هذه الإشعاعات أساسية للحياة
و ليس الغلاف الجوي فقط هو الذي يحمي الأرض من التأثيرات الضارة ، فبالإضافة إلى الغلاف الجوي فإن ما يعرف بحزام فان ألن وهو طبقة نتجت عن حقول الأرض المغناطيسية ، تشكل درعاً واقياً من الإشعاعات الضارة التي تهدد كوكبنا . هذه الإشعاعات ( التي تصدر عن الشمس و غيرها من النجوم باستمرار ) مميتة للكائنات الحية . و لولا وجود حزام فان ألن ، لكانت الانفجاريات العظيمة للطاقة المسماة التموجات أو الانفجارات الشمسية ( التي تحدث بشكل دائم في الشمس ) قد دمرت الأرض


[SIZE="6"]النهار يجلى الشمس و ليس العكس :[/SIZE]


قال تعالى ((والشمس وضحاها‏*‏ والقمر إذا تلاها‏*‏ والنهار إذا جلاها‏*‏ والليل إذا يغشاها‏))
كان الناس قديماً يظنون أن الشمس هى التى تجلى النهار و ليس العكس

و فى هذا الزمان منذ أربعة عشر قرناً أنزل تعالى أيات تنافى هذا المعتقد فقال سبحانه عن الشمس (والنهار إذا جلاها)
و الضمير هنا يعود على الشمس ، و هذه معجزة عليمة إذ ثبت أن الذي يجلي الشمس لعين الإنسان هو كثرة انعكاس الضوء الصادر منها إلي الأرض وتشتته على الجسيمات الصلبة والسائلة والغازية الموجودة بتركيز معين في نطاق الجزء الأسفل من الغلاف الغازي للأرض‏(‏ إلي ارتفاع مائتي كيلو متر تقريبا فوق مستوي سطح البحر‏)‏
وباقي المسافة بيننا وبين الشمس‏(‏ والمقدرة بحوالي‏150‏ مليون كيلو متر في المتوسط‏)‏ بل باقي الجزء المدرك لنا من الكون يغرق في ظلام دامس بالنسبة لعين الإنسان التي تري الشمس خارج نطاق طبقة نور النهار قرصا أزرقا في صفحة سوداء‏.‏
وهذه الطبقة الرقيقة من نور النهار تدور مع دوران الأرض حول محورها أمام الشمس وعندما يدخل ضوء الشمس إلي الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض فإنه يتعرض للعديد من عمليات الانعكاس والتشتت‏,‏ فيعطي لكل من السحاب والشمس والسماء والبحر لونه الخاص به‏,‏ وهذا معناه ان النهار هو الذي يجلي لنا الشمس أي يجعلها شديدة الإنارة واضحة جلية لأحاسيس المشاهدين لها من أهل الأرض‏,‏ وليست الشمس هي التي تجلي لنا النهار كما كان يعتقد كل الناس عبر التاريخ حتي بدء رحلات الفضاء في منتصف الستينيات من القرن العشرين‏



[COLOR="navy"][SIZE="6"]البحر المسجور و الأرض ذات الصدع :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى : (وَالطُّورِ {1} وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ {2} فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ {3} وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ {4} وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ {5} وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ {6})
نلاحظ ههنا أن الأيات تتكلم عن أشياء قائمة بالفعل فى يومنا أقسم بها ربنا لا عن أشياء ستخلق يوم القيامة فالكلام عن واقع ، فالبحر الذى نراه يخبرنا ربنا أنه مسجور
و فى اللغة "سجر التنور": أي أوقد عليه حتى أحماه
و العقل البشرى وقت تنزل القرآن ولقرون متطاولة من بعد ذلك لم يستطع أن يستوعب هذه الحقيقة، كيف يكون البحر مسجوراً والماء والحرارة من الأضداد .
حتى أكتشف حديثاً أن الأرض التي نحيا عليها لها غلاف صخري خارجي هذا الغلاف ممزق بشبكة هائلة هائلة من الصدوع تمتد لمئات من الكيلومترات طولاً وعرضاً بعمق يتراوح ما بين 65 و 150 كيلومتر طولاً و عرضاً و من الغريب أن هذه الصدوع مرتبطة ببعضها البعض ارتباطاً يجعلها كأنها صدع واحد – لذا يقسم الله سبحانه وتعالى في آية اخرى قائلاً أخرى ( و الأرض ذات الصدع) و في هذه الآية إعجاز واضح فالله يقسم بصدع واحد الذي هو عبارة عن اتصال مجموع الصدوع، و الذى يشبهه علماء الجيولوجيا باللحام على كرة التنس- و قد جعلت هذه الصدوع في قيعان المحيطات وهذه الصدوع يندفع منها الصهارة الصخرية ذات الدرجات العالية التي تسجر البحر فلا الماء على كثرته يستطيع أن يطفىء جذوة هذه الحرارة الملتهبة و لا هذه الصهارة على ارتفاع درجة حرارتها ( أكثر من ألف درجة مئوية ) قادرة أن تبخر هذا الماء، وهذه الظاهرة من أكثر ظواهر الأرض إبهاراً للعلماء


[COLOR="navy"][SIZE="6"]ظلمات البحر اللجى:[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)
ظلمات البحار هي مكان كان يستحيل لأي إنسان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصل إليه البتة، لأن الإنسان لا يحتمل جسمه أن يغوص في الماء سوى إلى 30 متر ناهيك أن رسول الله لم يرى البحر فضلاً عن ركوبه و إدراك أسراره!
و لكن الأية تشير إلى حقيقة علمية باهرة و هى وجود طبقات من الظلمات من حواجز الأمواج الداخلية والخارجية والسحاب وكلها حواجز تمنع مرور الإشعاع الضوئي إلى الأسفل .
أما السحاب: فمن المعروف أنه إذا وجد سحاب وجد له ظل أي وجد له ظلمة.
الموج السطحي: كما هو معروف مائل فعندما يسقط الإشعاع الضوئي فإنه ينعكس
أماالموج الداخلي :فإن العلم الحديث يصنّف التيارات البحرية إلى تيارات سطحية وهي ما نسميه بأمواج البحر، وتيارات عميقة تحت سطح البحر، وهي ما سماه القرآن بالموج
زد على ذلك فالآية تصف الظلام بلفظة (ظلمات) فالجمع هنا جمع قلة من ثلاثة إلى عشرة،
و بالفعل بجانب ظلمات السحاب و التيار السحطى و التيار العميق ، نعلم أن الشعاع الضوئي يتكون من سبع ألوان والألوان عندما تخترق الماء لا تخترقه بقوة واحدة بحسب اختلاف طول الموجة ولذلك يمتص اللون الأحمر على مسافة العشرين متر الأولى، فلو أن غواصاً يغوص وجرح وخرج منه دم وأراد أن يرى الدم لا يراه باللون الأحمر بل يراه باللون الأسود، لماذا؟..... لأن اللون الأحمر انعدم فأصبحت هناك ظلمة اللون الأحمر. و كما غاص مسافة فقد لوناً من ألوان الطيف و هكذا إلى آخر لون يمتص و هو الأزرق لذلك نرى البحر أزرقاً لأنه آخر شعاع يمتص / فهذه ظلمات بعضها فوق بعض سبعة للألوان وثلاثة للحواجز

.. و تمتص جميع الألوان و يصير الظلام شديداً عند عمق 200 متر ، و قد عبر القرأن عن هذه المرحلة العميقة بقوله(إذا أخرج يده لم يكد يراها) و كاد من أفعال المقاربة ونفيها يعني نفي وقوع الفعل البتة أو مقاربة النفي، والمفسرون قالوا: هذا له معنيين.. قالوا: (لم يكد يراها) أي يراها بصعوبة وآخرون قالوا: بل اللفظ على ظاهرة و المراد أنه لا يراها البتة،
و القرأن يحوى جوامع الكلم فاستعمل هذا التعبير الذي يدل على المعنيين،
و بالفعل في الطبقات التي مازال فيها شيء من ضوء لا ترى يدك إلا بصعوبة
لكن إذا وصلت لعمق مئتى متر لا تراها أبداً و لا ترى أى شىء حتى أن الأسماء التى تحيا فى هذه المنطقة خلق لها بديع السماوات و الأرض كشافات طبيعية تحت عينيها لترى بها فى هذا الظلام الدامس،،،،،سبحان الله


[COLOR="navy"][SIZE="6"]ثلاث معجزات فى أية :[/SIZE][/COLOR]

قال تعالى ((تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً))
* أما وصفه السماء بأن فيها بروج: فقد كان المفسرون يرون أنها هي مجموعات النجوم التي صنفها الأقدمون ضمن مجموعات ليهتدوا بها في سفرهم في البر والبحر، مثل برج الثور وبرج الجدي ....الخ
ولكن بالرجوع إلى اللغة التي نزل بها القرآن وهي العربية نجد أن البرج هو البناء الضخم المحكم
و بالفعل فى زمن التقدم العلمى الذى نحياه اكتشف علماء الغرب أن المجرات الغزيرة التي تعدّ بآلاف الملايين وتملأ الكون ليست متوزعة بشكل عشوائي، إنما هنالك أبنية محكمة وضخمة من المجرات يبلغ طولها مئات الملايين من السنوات الضوئية!
لذا بدئوا يطلقون عليها مصطلحات مثل الجزر الكونية والنسيج الكوني والبنى الكونية ، و هذا مصداق قوله تعالى قبل أربعة عشر قرناً ((الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاءً..))

*و أما وصفه سبحانه الشمس بالسراج: فهذه تسمية دقيقة جداً من الناحية العلمية. إذ نجد فى المعاجم أن السراج هو الوعاء الذي يوضع فيه الوقود ليحترق ويعطي الحرارة والضوء.
و الأبحاث العلمية حول آلية عمل الشمس والتفاعلات النووية الحاصلة في داخلها. تثبت أن تركيب الشمس ونظام عملها هو عبارة عن وعاء مليء بالهيدروجين الذي يحترق باستمرار بطريقة الاندماج ويبث الحرارة والضوء، فهى إذاً فرن نووي ضخم وقوده الهيدروجين الذي يتفاعل باستمرار تفاعلاً اندماجياً وينتج عنصر الهيليوم الأثقل منه مما يؤدي لإطلاق كميات كبيرة من الحرارة والنور.

*و وصفه القمر بأنه منير: ففي كلمة (منيراً) تتجلى معجزتان علميتان أولاهما أن القرآن بين أن القمر ليس جسماً متوهجاً مثل الشمس، والتي سماها القرآن بالسراج. ففرق بين السراج والقمر المنير، وأعطى لكل منهما الصفة الحقيقية التي تناسبه. وهذه الحقيقة العلمية لم تنكشف للعلماء إلا في العصر الحديث.
أما المعجزة الثانية فمن خلال التحليل الدقيق لتربة القمر فقد تبين أن الوصف القرآني للقمر بأنه جسم منير هو وصف دقيق من الناحية العلمية. بسبب وجود عنصر السيليكون في ترابه ,,,,, سبحان الله



[COLOR="navy"][SIZE="6"]السماء كانت دخاناً :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى عن مراحل خلق السماء و الأرض ((ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ))

اكتشف العلماء أن الكون في مراحله الأولى امتلأ بالغاز gas، وخصوصاً غاز الهيدروجين وغاز الهيليوم ولكنهم اكتشفوا بعد ذلك غباراً كونياً cosmic dustينتشر بين النجوم، ويقولون إنه من مخلفات الإنفجارات النجمية. ولكن الغاز يختلف عن الغبار ويختلف طبعاً عن الدخان.
إلى أن صرح أحد علماء الغرب أن ما تم اكتشافه من غبار كوني لا يمتُّ بصلة للغبار الذي نعرفه ولا يشبهه أبداً، وأن هذا الغبار أشبه ما يكون بدخان السيجارة!!!
فهذا هو الدكتور دوغلاس بيرس يقول:
Unlike household dust, cosmic 'dust' actually consists of tiny solid grains (mostly carbon and silicates) floating around in interstellar space, with similar sizes to the particles in cigarette smoke.

[URL="http://www.chl.chalmers.se/~numa/astrophys.../molecules.html"]http://www.chl.chalmers.se/~numa/astrophys.../molecules.html[/URL]



"الغبار الكوني- والذي لايشبه الغبار المنزلي- في الحقيقة يتألف من حبيبات صلبة دقيقة (وغالباً من الكربون والسيليكون) تسبح في الفضاء بين النجوم، وحجمها مشابه لحجم دخان السيجارة".
ولذلك فإن العلماء يسمون هذا الغبار بالدخان الكوني، بعد أن وجدوا أنه لا يشبه الغبار،
وهذه إحدى المقالات العلمية الحديثة يصرح كاتبها قائلا:
The dust particles that are mixed with the gas are tiny, only a fraction of a micrometer in size, and could therefore better be described as ``smoke´´


[URL="http://saturn.jpl.nasa.gov/spacecraft/inst...cda-details.cfm"]http://saturn.jpl.nasa.gov/spacecraft/inst...cda-details.cfm[/URL]
[ذرات الغبار الممزوج بالغاز دقيقة، وحجمها يساوي جزء من الميكرون فقط، ولذلك فإن أفضل وصف لها "دخان]


[COLOR="navy"][SIZE="6"]السماء تتسع :[/SIZE][/COLOR]


هذه الأية العظيمة توافق ما عليه علماء الفلك اليوم من الاعتقاد فى نظرية البج بانج او الانفجار العظيم و التى تقول بأن هذه الكواكب و النجوم كانت جرماً واحداً و انفجر و هذا ما قاله القرأن بدقة متناهية فى قوله تعالى ((َأولَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ))
و لذلك يشاهد أن هذه الاجرام التى فى الجزء المدرك من السماء فى حالة تباعد مستمر و لا تزال السماء تتسع من أثر هذا الانفجار السحيق ، و المدهش أن القرأن حين تكلم عن السماء عبر عن اتساعها بفعل المضارع فقال ( و إنا لموسعون) أى الاتساع لا يزال يقع لم ينتهى ...سبحان الله


[COLOR="navy"][SIZE="6"]النجم الخانس الكانس :[/SIZE][/COLOR]


من أهم الكشوفات الكونية الحديثة ما يسمى بالثقوب السوداء والتي هي عبارة عن نجوم ثقيلة جداً. فالنجوم هي كائنات تمر بمرحلة الولادة ثم تكبر وتتطور ثم تأتي مرحلة الانهيار والموت، والثقب الأسود يمثل المرحلة الأخيرة. فعندما يكبر حجم النجم لدرجة هائلة تزداد الجاذبية لحدود عظيمة جداً، فيجذب إليه كل شيء حتى الضوء لا يستطيع الإفلات من حقل جاذبيته الفائقة.
لذلك نحن لا نتمكن من رؤية هذه الأجسام أبداً، لأنها خانسة شديدة الاختفاء. وهذا سبب تسميتها بالثقوب السوداء. وقد أخبرنا العلماء بأن هذه المخلوقات تسير وتجري في الكون بسرعات عالية، وتجذب إليها كل جسم يقترب منها فتكنس من صفحة السماء كل ما تقابله ..
و لننظر الأن إلى بلاغة و دقة و إيجاز اللفظ القرأنى الذى عبر عن حال هذه النجوم أفضل ما عبرت عنها التعريفات العلمية الحديثة فقال تعالى : (فلا أُقسم بالخُنّس * الجوارِ الكُنّس)
فـ (الخُنّس): من الفعل (خَنَسَ) أى اختفى و هى بالفعل الأشياء التي لا تُرى أبداً.
و(الجوارِ): أي التي تجري وتسير، وهذه من كلمة (يجري) بحركة محددة.
و(الكُنّس): من فعل (كَنَسَ) أي جَذَبَ إليه أي شيء قريب منه وضمَّه إليه بشدة، وهذا عين ما يحدث في (الثقب الأسود),,,, سبحان الله


[COLOR="navy"][SIZE="6"]عسل النحل وصية قرأنية :[/SIZE][/COLOR]


تحدث القرأن عن النحل و العسل الذى يفرزه فى سورة عظيمة سماها بالنحل لاحتواءها أية كريمة تتجلى فى تدبرها أيات الله فى خلقه فقال عز و جل ((وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ* ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))
أولا: ثبت علمياً أن التقسيم القرأنى للعسل يوافق ما أثبته العلم من خصائص و امتيازات للعسل تختلف درجاتها فالعسل الجبلى هو انقى و أقيم و انفع أنواع العسل ثم يأتى عسل النحل الذى يتخذ من الشجر بيوتاً ثم عسل نحل المناحل
ثانياً: أنه بفضل الله يستعمل العسل الرائع فعلياً في علاج فقر الدم و شفاء الجروح و علاج لجهاز التنفسى و كثير من أمراض الرئة و أمراض القلب و و أمراض المعدة و الأمعاء و أمراض الكبد و و أمراض الجهاز العصبي و أمراض الجلد و الأرتيكاريا ( الحكة ) ولأمراض العين و اضطرابات طرح البول و الأرق و كثير من الأمراض النسائية بجانب كونه غذاءً ممتازاً للأطفال و الناشئين
فسبحان الخلاق العظيم الذى أخرج من هذه الحشرات البسيطة ذلك الخير و تلك النعمة


[COLOR="navy"][SIZE="6"]تكون السحاب و البرد :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى : ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ))
لقد تحدث القرآن عن البرَد في آية من آياته العظيمة، في هذه الآية جمع الله كل الحقائق العلمية بمنتهى الدقة والإيجاز، وبنفس التسلسل العلمي.
* لقد بدأت الآية بقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا) . و العلم يثبت أن عملية تشكل البرد تبدأ بدفع التيارات الهوائية للغيوم وتجميعها والتآلف بينها، وكلمة (يُزْجِي) تعني في اللغة "يسوق ويدفع". وهذا ما نراه في أول مرحلة من مراحل تشكل البرد.
* ثم تأتي المرحلة الثانية بعد ذلك في قوله تعالى: (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ)، أي يجمع بين السحُب، وهذه المرحلة نراها حين تبدأ الغيوم بالتجمع.
* ثم تأتي المرحلة الأخيرة لتشكل الغيوم وهي الغيوم الركامية وهذه نجدها في قوله تعالى: (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا). وكلمة "رَكَمَ" في اللغة تعني "ألقى الأشياء بعضها فوق بعض"، وهذا ما يحدث تماماً في الغيوم الركامية حيت تدفعها التيارات الهوائية باتجاه الأعلى وتجمّعها باتجاه عالٍ يشبه الأبراج ذات القاعدة العريضة وتضيق كلما ارتفعنا للأعلى وتكوّن شكلاً يشبه "الجبل". وتأمل معي كيف يستخدم القرآن كلمة (ركاماً) وهي نفس الكلمة التي يستخدمها العلماء اليوم "الغيوم الركامية".
* وفي المرحلة التالية يبدأ تشكل المطر ونزوله وهذا ما تخبرنا عنه الآية بعد ذلك في قوله تعالى: (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ) وقد ثبُت أن المطر الغزير وهو (الودْق) يخرج من جميع أجزاء الغيمة وهذا ما أشارت إليه الآية في عبارة (مِنْ خِلَالِهِ).
* ثم و بعدما تشكلت قطيرات المطر أصبحت إمكانية تشكل البرد ممكنة، وذلك من خلال اجتماع ملايين القطيرات من الماء شديد البرودة لتشكيل حبات البرد والتي تتجمع في مناطق محددة في أعلى وأوسط الغيمة ويبدأ نزول البرد من مناطق محددة أيضاً، وهذا ما تحدثنا عنه الآية بعد ذلك: (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ)!!
- وهنا نلاحظ أن القرآن يستخدم كلمة (جبال) والعلماء يستخدمون كلمة "أبراج" من الغيوم، لأنهم وجدوا أن شكل الغيوم التي تحوي البرَد يشبه البرج. فتأمل التقارب الشديد بين الكلمة القرآنية والكلمة العلمية. ونلاحظ أيضاً كيف يراعي القرآن تسلسل المراحل.
ويقول العلماء أيضاً إن البرد لا يوجد في جميع أجزاء الغيمة بل في مناطق محددة فيها، وينزل من مناطق محددة أيضاً وليس من الغيمة كلها، ولذلك لم يقل تعالى: وينزل البرَد، بل قال: (مِنْ بَرَدٍ) أي أن جبال الغيوم الركامية تحوي شيئاً من البرَد.
ولكن العلماء وجدوا أن قسماً كبيراً من البرد المتشكل يذوب قبل وصوله إلى الأرض، وقسماً آخر يذوب داخل الغيمة. وهذا ما عبَّر عنه القرآن بقوله تعالى: (فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ). إذن الله تعالى يصيب بهذا البرد من يشاء فتجد أن حبات البرد تبقى متجمدة حتى تصل إلى الأرض، ويصرف الله تعالى هذا البرد عمن يشاء من خلال ذوبان الجزء الأكبر من حبات البرد وعدم وصولها إلى الأرض.
- ولكن بقي شيء مهم يحدثنا عنه العلماء كما رأينا وهو موضوع البرق وارتباطه بالبرد. فالبيئة المناسبة لتشكل البرد هي ذاتها المناسبة لحدوث ومضة البرق، وهذا أيضاً حدثنا عنه القرآن في نفس الآية في قوله تعالى: (يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ)، فتأمل أخي القارئ هذا التسلسل العجيب!!
هذا مختصر البحث الرائع الباهر و التفصيل لمراحل تكون السحب و نزول المطر و البرد فى هذا الرابط


[URL="http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show...;select_page=10"]http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show...;select_page=10[/URL]


[COLOR="navy"][SIZE="6"]بعوضة فما فوقها! :[/SIZE][/COLOR]

قال تعالى ((إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ))
ضرب الله مثلاً بهذه البعوضة الحقيرة فى عين الناس، و لكن يتجلى إعجاز هذا المثل الدقيق بالمعلومات الأتية التى تقررت عن البعوضة؟-

1)هي ‏أنثى كما بينت الأية القرأنية، فأنثى البعوض تمتص الدم لتغذى جنينها
2) بعد ساعة او اثنين من وضع بيضها يتغير لونه للأسود كى لا تعرفه الحشرات الاخرة فتلتهمه، و الأدهى انه يمكن أن يتغير للون البيئة التى وضع فيها!
3) ‏لها ‏مائة ‏عين ‏في ‏رأسها
4) ‏لها ‏في ‏فمها 48 سن
5) ‏لها ‏ثلاث ‏قلوب ‏في ‏جوفها ‏بكل ‏أقسامها
6) لها ‏ستة ‏سكاكين ‏في ‏خرطومها ‏ولكل ‏واحدة ‏وظيفتها
7) لها ‏ثلاث ‏أجنحة ‏في ‏كل ‏طرف
8) ‏مزودة ‏بجهاز ‏حراري ‏يعمل ‏مثل ‏نظام ‏الأشعة ‏تحت ‏الحمراء ‏وظيفته :
‏يعكس لها ‏لون ‏الجلد ‏البشري ‏في ‏الظلمة ‏إلى ‏لون ‏بنفسجي ‏حتى ‏تراه .
9) ‏مزودة ‏بجهاز ‏تخدير ‏موضعي ‏يساعدها ‏على ‏غرز ‏إبرتها ‏دون أن ‏يحس الإنسان ‏وما ‏يحس ‏به ‏كالقرصة ‏هو ‏نتيجة ‏مص ‏الدم.
10) ‏مزودة ‏بجهاز ‏تحليل ‏دم ‏فهي ‏لا ‏تستسيغ ‏كل ‏الدماء.
11) مزودة ‏بجهاز ‏لتمييع ‏الدم ‏حتى ‏يسري ‏في ‏خرطومها ‏الدقيق جدا .
12) ‏‏ و الأغرب من هذا قوله تعالى (فما فوقها) فكلمة فوقها تفيد العلو ، فلو إعتبرنا أن المقصود هنا المخلوقات التى هى أعلى فى الحجم و القيمة من البعوضة ، فلماذا ينكر سبحانه الحياء من التمثيل بذلك و هو أمر لا ينكره أحد أصلاً؟
بل و أمر لا سقف له يتضمن كل المخلوقات التى تفوق خلق البعوضة حتى تشمل السماوات !
لذا لجأ ذهب الكثير من العلما إلى التأويل لمعنى أخر و ترجيحه و هو كما نقله الرازى
{أراد بما فوقها في الصغر أي بما هو أصغر منها والمحققون مالوا إلى هذا القول لوجوه:
أحدها: أن المقصد من هذا التمثيل تحقير الأوثان، وكلما كان المشبه به أشد حقارة كان المقصود في هذا الباب أكمل حصولاً.
وثانيها: أن الغرض ههنا بيان أن الله تعالى لا يمتنع من التمثيل بالشيء الحقير، وفي مثل هذا الموضع يجب أن يكون المذكور ثانياً أشد حقارة من الأول يقال إن فلاناً يتحمل الذل في اكتساب الدينار، وفي اكتساب ما فوقه، يعني في القلة لأن تحمل الذل في اكتساب أقل من الدينار أشد من تحمله في اكتساب الدينار.
وثالثها: أن الشيء كلما كان أصغر كان الاطلاع على أسراره أصعب، فإذا كان في نهاية الصغر لم يحط به إلا علم الله تعالى، فكان التمثيل به أقوى في الدلالة على كمال الحكمة من التمثيل بالشيء الكبير}
و هذا كلام مسدد جداً ، و لكن يظل السؤال لما لم يقل الله تعالى (فما دونها) بدلاً من هذا المعنى الغامض الذى يحتاج لتبيين ( فما فوقها) أى فوقها فى الصغر؟
الجواب: أن الله تعالى قصد بـ (فوقها) فوقية المكان!
فقد أثبت العلم الحديث أن فوق ظهر البعوضة تعيش حشرة صغيرة جداً لا تُرى الا بالعين المجهرية !
فتبارك الله أحسن الخالقين


[COLOR="navy"][SIZE="6"]ضيق الصدر بالصعود فى السماء:[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى ((فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ))
و ووجه آخر للإعجاز العلمي في الآية الكريمة وهو لفظ يصَّعَّد (وأصله: يتصَعَّد) وهو من التفعُّل، أي كلما زاد الفعل، زاد أثره.. فكلما زاد الصعود، زاد الضيق (الحرج)
و فى قراءة سبعية متواترة اخرى و هى قراءة ابن كثير (يصعَد) بإسكان الصاد و تخفيف العين ، و هى تؤكد أن الصعود مقصود حقيقة
أما سر ضيق الصدر فيعود لسببين رئيسيين هما :

1ـ انخفاض نسبة الأوكسجين في الارتفاعات العالية ، فهي تعادل21% تقريباً من الهواء فوق سطح الأرض ، و تنعدم نهائياَ في علو 67ميلاً ،.

2 ـ انخفاض الضغط الجوي : إن أول من اكتشف الضغط الجوي ، هو العالم تورشيلي و ينخفض هذا الضغط كلما ارتفعنا عن سطح الأرض مما يؤدي لنقص معدل مرور غازات المعدة و الأمعاء ، التي تدفع
الحجاب الحاجز للأعلى فيضغط على الرئتين و يعيق تمددها ، و كل ذلك يؤدي لصعوبة في التنفس ،و ضيق يزداد حرجاً كلما صعد الإنسان عالياً حتى أنه تحصل نزوف من الأنف أو الفم تؤدي أيضاً للوفاة .

و لقد أدى الجهل بهذه الحقيقة العلمية الهامة التي شار إليها القرآن ،إلى حدوث ضحايا كثيرة خلال تجارب الصعود إلى الجو سواء بالبالونات أو الطائرات البدائية ، أما الطائرات الحديثة فأصبحت تجهز بأجهزة لضبط
الضغط الجوي و الأوكسجين .
(( مع الطب في القرآن الكريم ..تأليف الدكتور عبد الحميد دياب / الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن – دمشق))

و بخصوص لفظة يصعّد يقول دكتور عبدالرحيم الشريف:- عن معناها في كتب اللغة:
ـ " صعد السطح، وصعد إلى السطح، وصعد في السلم وفي السماء، وتصَّعَّد وتصاعد، وصَّعَّد في الجبل، وطال في الأرض تصويبي وتصعيدي. وأصَّعَّدَ في الأرض: ذهب مستقبل أرض أرفع من الأخرى " أساس البلاغة، الزمخشري، 2/92 ص ع د
ـ " وصعَّدَ في الجبل وعليه وعلى الدرجة: رقي " المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده، 1/285أبواب العين مع الصاد .
ـ " صَعَّد في الجَبَلِ وصَعَّد عليه تَصْعيداً، كاصَّعَّدَ اصِّعَّاداً، بالتشديد فيهما.. أَصْعَد في الجَبَل، وصَعَّد في الأَرض: رَقِيَ مُشْرِفاً " تاج العروس، الفيروزآبادي 2/397 صعد.
ـ " صعد: إذا ارتقى، واصَّعَّد يَصَّعَّدُ إصّعّاداً فهو مصَّعَّد: إذا صار مستقبل حدور أو نهر أو وادٍ أو أرض أرفع من الأخرى. وصعّد في الوادي إذا انحدر.. والاصِّعَّاد عندي مثل الصُعُود؛ قال الله تعالى: " كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ". [الأنعام: 125] يقال: صَعَدَ واصَّعَّدَ واصَّاعَدَ بمعنى واحد ". انظر: لسان العرب، ابن منظور، 3/253 صعد، وانظر معنى صَعَّدَ: المعجم الوسيط، د. إبراهيم أنيس، ص514والتفسير العلمي لسبب ذلك هو: زيادة الضغط الجوي، وقلة الأكسجين.. فالمعنيان يكملان بعضهما
ومن هنا يتبين أن العرب استعاروا معنى الصعود ليدل على المشقة (لازمُ الصعودِ). وهذا من الأساليب المعهودة في العربية وهي استعارة لازم الصفة للدلالة على معانٍ تشبهها]
فالمشقة لازمة لصعود الجبال ، فأحدهما مسبَّب عن الآخر، والثاني أصل له.
فالأصل: الصعود، ولازمه: المشقة.



يتبع إن شاء الله.....

عارف الشمري 2011-04-02 09:42 PM

[SIZE="6"][COLOR="Red"]الإعجاز النظمى و البيانى :[/COLOR][/SIZE]


أنزل الله تعالى القرأن الكريم بلسان عربى مبين على قلب رسوله الأمين فى زمن ما أتقنت فيه العرب أمراً إتقانها الكلمة الفصيحة حتى ترنمت ببلاغتها و تسابقت فى صياغتها فعقدت لها الأسواق و صنف أهلها على طبقات و تبارى فيها الشعراء و الأدباء ، فكم رفعت أقواماً و سُببت رزقاً يقتات عليه كثير من الفصحاء، و ظهرت جبال الأدب القديم أمثال النابِغَة الذُبياني و علَقَمَةِ الفَحل و عمرو بنِ كُلثوم و عَنتَرَة بن شَدّاد و الأعشى وامرؤ القَيس و طَرَفَة بن العَبد و لبيد بن ربيعة العامريو الحارث بن حلزة و زهير بن أبي سُلمى و ثابت بن جابر و حاتَم الطائي و عَبيد بن الأبرَص

و القائمة تطول حتى قد تطال كل بيت رجالاً و نساءً، فى عصر كان العرب الأقحاح يحسنون الشعر و التنسيق بالسجية حتى كانوا يرتجلونه بمهارة و يسر كما يرتجل أحدنا مجرد الكلام ، ، و من شاء فليراجع حديث أم زرع و حديث عمرو ابن سالم ، و ليقرأ ديوان على أبى طالب ليعرف لسان القوم

و رغم ذلك فإن الله إختار من بين هؤلاء الأفذاذ محمداً صلى الله عليه و سلم لينزل عليه النبأ العظيم و القول الثقيل الذى صار دائماً و أبداً دستور االفصاحة و أعجوبة البيان فكان مجيئه بالكتاب الذى أعجز لسانهم و القول الذى اشرأبت له أعناقهم بعد أربعين سنة قضاها بينهم ذلك النبى الأمى ما نطق فيها الشعر و ما عرفت عنه هذه الملكة التى تظهر فى الإنسان مبكراً إعجاز على إعجاز لقوم يعقلون ((قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ))

و قد نزل القرأن يتحداهم ليل نهار بل و يتدرج فى التحدى مبالغة فى الإبهار

* فتحداهم أولاً أن يأتوا بسورة مثله فقال تعالى ((َأمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ))
* ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور فقط مثله ((أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ))
* ثم بلغ ذروة التحدى فى أن يأتوا و لو بسورة من مثله ، و أنهم ما لا يفعلون ولن يفعلواَ أبداً ((وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ*فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ))
فما استطاعو أن ينجزو التحدى الذى أعجزهم
((قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً))
فلما أيقنت العرب -كما يوقن حالياً كل من يتبحر فى علوم اللغة و الأدب - أنهم أبعد ما يكون عن محاكاة بلاغة القرأن إنصرفوا إلى الصد عنه و إلصاق التهم برسول الله:

- فتارة يقولون عن القران أنه سحر((وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ))
- و تارة يتهمون رسول الله بالجنون ((وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ))
فرد الله قولهم بتذكيرهم أن محمداً صلى الله عليه و سلم ليس غريباً تجهلونه بل هو (صاحبكم) الذى تعرفونه و تعلمون رجاحة عقله ورفعة خلقه و سلامة فهمه ((قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ))
- و تارة يتهمونه بأن القران أضغاث أحلام أو افتراء من عنده او شعر من الأشعار
و قد عبر القرأن عن هذا التخبط الفكرى والَإضطراب الجدلى و الإهتزاز العقدى و التسرع الأعمى أبلغ تعبير و صوره أبدع تصوير بقوله تعالى ((بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ))
فأجابهم ربهم أن رسول الله ما كان ليفترى أو يضل عقله السديد و هو صاحبهم الذى يعلمون ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى))
و رد عليهم بأنه ما تعلم الشعر فى حياته و ما ينبغى أن يقوله و ما يشبه القرأن أشعارهم التى يعهدون ((وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ))
- حتى وصل بهم التخبط أن اتهمو رسول الله بأنه يتعلم القرأن من غلام رومى يعمل حداداً فى مكة
فرد عليهم تعالى بقوله ((وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ))
فها جاء ذلك الأعجمى الذى لا يكاد للعربية يبين بهذا اللسان العربى الرزين الفصيح؟!

و من خوفهم كانوا يتعمدون اللغو و التشويش على رسول الله حين يقرأ القرأن على الناس و يلزمونه كلما اتجه ليقابل حاجاً أو وافداً يشوهون صورته و يحذرون و يتوعدون و يحولون بين القرأن و بين الأذان ((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ))

فانشغلوا بكل هذا المحاولات وزادوا عليها الإرهاب و التغريب والقتل و التهديد، و حباكة المؤامرات و المقاطعة الاقتصادية و اعلان الحرب العسكرية ليصدو الناس عن القرأن الذى عجزوا عن الإتيان و لو بسورة من مثله و هو يتحداهم صباحاً و مساءً و لو فعلوا لكفوا أنفسهم ما حاق بهم من الجهد و الخسران

و لكن و لله الحمد فرغم حربهم الضروس ما استطاعو أن يطفئوا نور الله تعالى فقد دخل القرأن إلى الأسماع فاستقر منها فى القلوب و صارت تلاوته تتردد على ألسن الملايين العربى منهم و الأعجمى يبكى العيون ، و سيظل كذلك حتى يرفعه إليه الحى القيوم

و لم يقف الأمر بالعرب عند العجز عن محاكاة القرأن بل ما ملكت أنفسهم إلا أن تقر بإعجازه و روعته سراً و جهاراً جميعاً و أشتاتاً بلسان الحال و المقال

و هذا عتبة ابن الربيعة لما اختارته قريش ليفاوض رسول الله فظل يرغبه و يعرض العروض فلما انتهى تلا عليه رسول الله أيات سورة فصلت فظل يستمع كأن على رأسه الطين معتمداً على يديه فلما فرغ رسول الله عاد ليقول لقومه فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به . فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال ورائي أني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة (سيرة ابن هشام 2/130، البداية و النهاية البداية والنهاية 3/60 )

و فى حديث الزهرى: ( أن أبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا . فجمعهم الطريق فتلاوموا ، وقال بعضهم لبعض لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ، ثم انصرفوا ، حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا ..) (سيرة ابن هشام 2/157)


و هذا الوليد بن المغيرة ينطق بالحق لما سمع شيئاً من القرأن فقال: ((إن لكلامه لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمورق، وإن أسلفه لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، والله ما هو بالشعر ولا بالنثر)) (صححه الألبانى على شرط الشيخين)
فالعرب كانت تقسم الأدب إلى شعر له وزن و قافية و بحور، و نثر ليس له وزن و لا قافية فى الأغلب و كذا ليس له بحور
فإذا بالقرأن يأتى بلون جديد لا يندرج تحت هذا ولا ذاك بل يفوق بلاغة الصنفين و يتسع نمطه عنهما !
فصار العرب يقسمون الأدب نثراً و شعراً و أسلوب قرأنى


* لذا نجد من المضحك محاولات بعض أنصاف الأميين الجهال الأعاجم محاكاة القرأن فى هذه الخاصية ، و كلهم فى الواقع عيال عليه مقتدين به معترفين بإمامته فى التقليد و الإقتباس دون ان يدروا !
و رغم ذلك فحتى مجرد التقليد و الإقتباس فشلوا فيه و ظهر العجز و البون بين مشوهات المقدلين و أيات الذكر الحكيم، و ما جرأهم على ذلك إلا جهلهم بالأدب فجعلوا أنفسهم أضحوكة العالمين و ذلك جزاء من يهرف بما لا يعرف

و كان الأولى بهم كما جاء القرأن بالجديد فى فن حباكة البلاغة فى بديع النظم الذى ابتكره، أن يأتو بكلام أياً كان منهاجه و نمطه من مواهبهم بحيث إذا قيس بمقياس الفضيلة البيانية مع القرأن حاذاه أو قاربه
يقول الدكتور محمد دراز : ((فإن المتنافسين فى حلبة البيان يعمد كل منهم إلى التعبير عن غرضة بالطريقة التى يرضاها و على الوجه الذى يستمليه من نفسه ثم يقع بينهم التماثل أو التفاضل على قدرما يتحقق فى كلامهم من حاجات البيان ، أو ينقص منها و إن اختلفت المذاهب التى إنتحاها كل منهم.......هب أن المدعويين لمعارضة القرأن فيهم الأكفاء للنبى فى الفطرة و السليقة ، أو من هم أكمل فيها، أو هبهم جميعاً دونه فى تلك المنزلة ، فأما الأعلون فسيجيئون على وفق سليقتهم بقول أحسن من قوله و أما الأنداد فسيجيئون بقول مثله ، و أما الأخرون فلن يكبر عليهم أن يقاربوا أو يجيئو بشىئ من مثله ، و لو تحقق شىء من المراتب الثلاثة لكان كافياً فى رد الحجة ، و إبطال التحدى )) النبأ العظيم صــ95

[SIZE="6"][COLOR="Navy"]و من أوجه الإعجاز فى نظم القرأن كما أوردها الباقلانى و الرافعى و دراز و غيرهم :-[/COLOR][/SIZE]

[COLOR="Blue"]أولا:[/COLOR] أن نظم القرآن وقع موقعاً في البلاغة يخرج عن عادة كلام الإنس والجن، و ليس للعرب كلام مشتمل على هذه الفصاحة والغرابة، والتصرف البديع، والمعاني اللطيفة، والفوائد الغزيرة، والحكم الكثيرة، والتناسب في البلاغة، والتشابه في البراعة، على هذا الطول وعلى هذا القدر، وإنما تنسب إلى حكيمهم كلمات معدود، وألفاظ قليلة، وإلى شاعرهم قصائد محصورة، يقع فيها ما نبينه بعد هذا من الاختلال، ويعترضها ما نكشفه من الاختلاف، ويقع فيها ما نبديه من التعمل والتكلف والتجوز والتعسف.

[COLOR="blue"]ثانياً:[/COLOR] القرآن على طوله و كثرته متناسباً في الفصاحة على ما وصفه الله تعالى به، فقال عز وجل: " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابَاً مُتَشَابِهاً، مَّثَانِيَ، تَقْشَعِرُّ مِنْهُ قُلُوبُ الَّذِينَ يَخْشَونَ رَبَّهُم، ثُمَّ تَلِينُ، جُلُودُهُم وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِْكْرِ اللّهِ"،
" وَلَوْ كَانَ مَنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً". فأخبر أن كلام الآدمي إن امتد وقع فيه التفاوت، وبان عليه الاختلال، وهذا المعنى هو غير المعنى الأول الذي بدأنا بذكره فتأمله تعرف الفضل.

[COLOR="blue"]ثالثاً[/COLOR]: نظم القرآن لا يتفاوت ولا يتباين ، على ما يتصرف إليه من الوجوه التي يتصرف فيها، من ذكر قصص ومواعظ واحتجاج وحكم وأحكام وإعذار وإنذار ووعد ووعيد وتبشير وتخويف وأوصاف، وتعليم أخلاق كريمة وشيم رفيعة، وسير مأثورة وغير ذلك من الوجوه التي يشتمل عليها.
** ببنما كلام الفصحاء يتفاوت تفاوتاً بيناً في الفصل والوصل، والعلو والنزول، والتقريب والتبعيد، وغير ذلك مما ينقسم إليه الخطاب عند النظم، ويتصرف فيه القول عند الضم والجمع، و يختلف على حسب اختلاف الأمور، فمن الشعراء من يجود في المدح دون الهجو، ومنهم من يبرز في الهجو دون المدح، ومنهم من يسبق في التقريظ دون التأبين......ولذلك ضرب المثل بامرئ القيس إذا ركب والنابغة إذا رهب وبزهير إذا رغب، ومثل ذلك يختلف في الخطب والرسائل وسائر أجناس الكلام.، و الشعراء يتفاوتون في نظمهم فنجد فيهم من يجود في الرجز ولا يمكنه نظم القصيد أصلاً، ومنهم من ينظم القصيد ولكن يقصر فيه مهما تكلفه أو عمله. ومن الناس من يجود في الكلام المرسل فإذا أتى بالموزون قصر ونقص نقصاناً عجيباً، ومنهم من يوجد بضد ذلك.
لذلك فرغم تنوع أطروحات القرأن و تنوع طول الأيات و السور أو قصرها بحسب الطرح أعقدى أو تشريعى أم قصصى، فإن التحدى القرأنى للبشر يسير على الكل،فالتحدى بالفواصل كما أنه بالطوال و بالمئين كما انه بالقصار ، كل لا يقدر على المجىء بمثله بشر

[COLOR="blue"]رابعاً[/COLOR]: تأليفه و بنائه الصوتى:فالصوت هو مظهر الانفعال النفسى كما يقول الرافعى، فيصنع ذلك الإنفعال مداته و غناته و شدته و لينه و بسطه و قبضه إلى أخره،و مادة هذا الصوت الحروف، ثم الجمل المكونة من كلمات، فكل هذا بأوصافه و تتابعه و تدخله و إثارة بعضه بعضاً هو المكون لهذه الصورة الصوتية، و لم يكن يقع هذا على الوجه النافذ إلى أعماق الحس إلا فى القليل النادر من كلام أبلغ بلغائهم، و قد جاء كل هذا فى القرأن على أبلغ ما يكون فى فطرة اللغات كلها، و صار ملازماً لحسن التلاوة و دقة الأداء ، و كلما ضبط المرتل أحكام التجويد العربية ظهر هذا الوجه فى صورته الجامعة فحرك كل نفس تسمعه،سواءً فهمت القرأن أم لم تفهمه، و كأنه صار لغة عالمية يتلقاها الطبع الإنسانى، حتى أن القاسية قلوبهم تهتز عند سماعه ..أهــ

يقول الدكتور محمد دراز ما مخلصه: إننا بسماع القرأن مرتلاً مجوداً مسترعياً حق كل حرب و الغنات و المدات نجد أنفسنا بإزاء لحن عجيب غريب لا نجده فى كلام أخر لو جرد هذا التجريد، و جُود هذا التجويد،و فيه من الإئتلاف و الإتساق ما لا يوجد فى الشعر ولا الموسيقى،فالقصائد تتحد فيها الأوزان بيتاً بيتاً و شطراً شطراً، كذلك الموسيقى تتقارب أصداؤهاو تتشاله فلا يلبث السامع أن يملها إذا أعيدت عليه و كررت بتوقيع واحد

و يشير إلى معنى أخر رحمه الله فى الجمال الصوتى،ذلك أن غرابة هذا الجمال الصوتى من أوجه الإعجاز، إذ أجمع العرب على استحستانه ، و شأن الناس إذا استحسنوا شيئاً اتبعوه،و تنافسوا فى محاكاته، و رغم ذلك ما جرأ الفصحاء منهم على ذلك، لما فيه من منعة أدركها البلغاء منهم تتمثل فى غيب تأليف بنيته، ما اتخذه فى رصفحروفه و كلماته و جمله و أياته، من نظام له سمت وحده،خرج به عن هيئة كل نظم تعاطاه الناس... و أية ذلك أن أحداً لو حاول أن يدخل عله شيئاً من كلام الناس لأفسد بذلك مزاجه فى فم كل قارىء و لجعل نظامه يضطرب فى أذن كل سامع و لنفاه القران عن نفسه كما ينفى الكير خبث الحديد

[COLOR="blue"]خامساً:[/COLOR] من عجائب كتاب الله أثره فى القلوب ، و قد تناولنا قبلاً الكلام عن أثر تقسيمه الإيقاعى ، فزد عليه أن الحروف و الكلمات و الجمل التى تشكل هذا النص بذلك الإيقاع الفريد تحمل فى ذاتها من القوة و الحكمة و البلاغة و الشفافية و الإقناع و الإمتاع ما بلغت به الغاية، حتى أن مشاعر الرغبة والرهبة والرقة و التفاعل لتعمر الحى إذ يستمع إلى القرأن و ما فيه من النداء و الخطاب، و العقائد و التشريع، و أيات الخلق ، و قصص الحق، و المواعظ والحكم، والمغازي والعبر، فتقشعر منه الجلود و تخشع به القلوب
((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ))
((قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدا* وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً *ًوَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً))

قال الخطابى: (وقلت في إعجاز القرآن وجها آخر ذهب عنه الناس، فلا يكاد يعرفه إلا الشاذ في آحادهم وهو صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلاما غير القرآن منظوما ولا منثورا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال ومن الروعة والمهابة في حال أخرى ما يخلص منه إليه, قال الله تعالى ((لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله))...أهـ
و لهذا أسلم قساوسة الحبشة لما استمعوا لكلام الله و أحدث أثره فى قولبهم ((وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ))

[COLOR="blue"]سادسا:[/COLOR] من أبرزخصائص التعبير القرأنى كما أوردها الدكتور دراز:-
[COLOR="blue"]أ‌-[/COLOR] القصد فى اللفظ ، و الوفاء فى المعنى: و هاتان نهايتان من نهايات الفضيلة البيانية ،غير أن كل من حاول الجمع بينهما يفشل، فالذى يعمد إلى إيجاز اللفظ لا مناص أن يحيف على المعنى قليلاً أو كثيراً.. و الذى يعمد إلى الوفاء بحق المعنى و إبراز دقائقه فلن يجد بداً من أن يمد فى نفسه مداً لأنه لا يجد فى القليل من اللفظ ما يؤدى عن نفسه رسالتها كاملة
أما القرأن الكريم فهاتين الغايتين على أتمهما فيه فحيثما نظرنا وجدنا بياناً قد قدر على حاجة النفس أحسن تقدير فلا نحس فيه بتخمة الإسراف ولا بمخمصة التقتير، يؤدى لنا من كل معنى صورة نقية لايشوبها شىء مما هو غريب عنها،وافية لايشذ عنها شىء من عناصرها الأصلية، كل ذلك فى أوجز لفظ و أنقاه، ففى كل جملة جهاز من أجهزة المعنى،و فى كل لكمة عضو من أعضائه، و فى كل حرف جزء بقدره، و فى أوضاع كلماته من جملة، و أوضاع جملة من أياته،سر الحياة الذى ينتظم المعنى بأدائه

[COLOR="blue"]ب‌[/COLOR]- خطاب العامة و خطاب الخاصة: لو أننا خاطبنا الأذكياء بالواضح المكشوف الذى نخاطب به الأغبياء، لنزلنا بهم إلى مستوى لا يرضونه لأنفسهم،و لو أننا خاطبنا العامة باللمحة الدالة و الإشارة المعبرة،لجئناهم من ذلك بما لا تطيقه عقولهم،بل لابد أن نعطى كلا الطائفتين حقه كاملاً و أن نخاطب كل واحد منهما بغير ما نخاطب به الأخرى،أما فى القرأن الكريم،فإن جملة واحدة منه تلقى على العلماء و الجهلاء و إلى الأذكياء و الأغبياء ، و إلى السوقة و الملوك،فيراها كل منهم مقدرة على مقياس عقله، و على وفق حاجته،هذا شىء لا يوجد على أتمه إلا فى القرأن الكريم،و هاتان غايتان لا تلتقيان إلا فيه

[COLOR="blue"]جـ[/COLOR]- البيان و الأجمال: إذا عمد الناس إلى تحديد أغراضهم لم تتسع للتأويل،و إذا أجملوها ذهبوا إلى الإبهام و الإلباس،فلا يكاد يجتمع لهم هاذان الطرفان فى كلام واحد
أما بالنسبة للقرأن الكريم فإننا نجد فى أسلوبه من الملاسة و الشفوف و الخلو من كل غريب، ما يجعل ألفاظه تسابق معانيها إلى النفس،دون كد خاطر أو استعادة حديث، كأننا قد أحطنا بكل ما تضمنه من معان،
و لككنا إذا أعدنا الكرة، و نظرنا من جديد رأينا أنفسنا إزاء معنى جديد غير الذى سبق إلى فهمنا أول مرة،
مثال ذلك قوله تعالى (( و الله يرزق من يشاء بغير حساب))
فكلمة حساب على كل ما بها من وضوح فى المعنى إلا أن بها من المرونة، ما يبيح أن نذهب فى معناها مذاهب متعددة:
* فتحتمل أنه سبحانه يرزق من يشاء بغير محاسب يحاسبه أو سائل يسأله فلما بسطت الروزق لهؤلاء و قدرته على هؤالاء؟ و يكون ذلك تقرير لأن الرزق مقدور من الله يجرى بمشيئته لا بعلم العبد و عمله، و فى ذلك تسلية لنفوس الفقراء المسلمين، و استصغار لنفوس المغرورين من المترفين
* و تحتمل أنه يرزق بغير تقتير أو محاسبه لنفسه ، و يكون هذا تنبيه على سعة خزائنه ، و بسطه يده جل شأنه
* و تحتمل أنه يرزق من يشاء من حيث لا ينتظر ولا يحتسب، و يكون هذا تلويح للمؤمنين بما سيفتح الله عليهم من أبواب النصر و الظفر، فيبدل عسرهم يسراً و فقرهم غنىً من حيث لا يظنون
* و تحتمل أنه يرزق من يشار بغير محاسبة او معاتبة لخ على عمله
* و تحتمل أنه يرزق رزقاً كثيراً لا يدخل تحت حصر ولا حساب
فكل هذا يدخل فى معانى التعبير البليغ (بغير حساب)

[COLOR="blue"]د[/COLOR] - إقناع العقل و إمتاع العاطفة: إن قوة التفكير فى الإنسان تبحث عن الحق لمعرفته ، و عن الخير للعمل به،أما قوة الوجدان فإنها تسجل إحساسها بما فى الأشياء من لذة و ألم.
و البيان التام هو الذى يوفى بهاتين الحاجتين، و يمنح النفس حظها من الفائدة العقلية و المتعة الوجدانية معاً، و لم يرد هذا هلى اتمه إلا فى القرأن الكريم، فالحكماء يؤدون إلينا ثمار عقولهم غذاءً لعقولنا و لا تتوجه نفوسهم إلى استهوائنا و اختلاب عواطفنا، أما الشعراء فيسعون لاستثار وجداننا و تحريك مشاعرنا و لا يبالون إن كان ما صوروه غياً أو رشداً حقيقة أم تخيلاً
و لا يوجد إنسان – كما يجمع علماء النفس- تتعادل فيه قوة التفكير و قوة الوجدان و سائر القوى النفسية،و لو مالت هذه القوى إلى شىء من التعادل عند قليل من الناس، فإنها لا تعمل إلا مناوبة فى حال بعد حال، و كلما تسلطت واحدة اضمحلت الأخرى و كاد ينمحى أثرها.
أما القرأن فيجمع بين هذين الطرفين معاً فيجيى من الحقيقة البرهانية الصارمة بما يرضى حتى أولئك المتفلسفين المتعمقين، و من المتعة الوجدانية بما يرضى هؤلاء الشعراء المرحين

و لنضرب مثالاً على ذلك من أيات الأحكام:فإن الأحكام فى القرأن لم تأتِ جافة خالية من الغذاء الروحى كما نجدها فى كتب القوانين و كذلك فى كتب السابقين
ففى حكم القصاص على - سبيل المثال- يقول تعالى ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ))
و لننظر إلى الإستدراج إلى الطاعة بقوله (يا أيا الذين أمنوا)
و ترقيق العاطفى فى قوله (أخيه) و قوله (بالمعروف) و قوله (إحسان)
و الإمتنان فى قوله ( تخفيف من ربكم و رحمة)
و التهديد فى ختام الأية العجيبة!
ثم لننظر عن أى شىء يتكلم، فريضة مفصلة فى مسألة دموية!
و سوف ياتى المزيد فى الكلام عن الإعجاز النفسى فى القرأن بإذن الله تعالى




يتبع إن شاء الله...

عارف الشمري 2011-04-02 09:47 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]الأدب القرأنى و أثره النفسى الباهر:- [/SIZE][/COLOR]

إن أسلوب القرأن الأدبى له أثر عظيم فى النفوس، كما أن القرأن إمتاز بالمعالجة النفسية لكل ما يطرحه من قضايا ،إذ بلغ القمة فى التصوير الفنى، و الإفحام فى قوة و أدب الحجاج، و الإبهار فى تناول الطباع النفسية الأصيلة و المتباينة فى النماذج البشرية، و الذروة فى نظم قصصه و عرض تشريعاته و إحكام ألفاظه و فواصله...الخ
و لنعرض ذلك مستعينين بالله متوكلين عليه سبحانه

[COLOR="Navy"]الإبداع التصويرى و التمثيلى : [/COLOR]

يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله فى كتابه القيم (التصوير الفنى فى القرأن) ما إختصاره:
[التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن إذ يبدع التعبير بالصورة التي يرسمها فيمنحها الحياة الشاخصة , أو الحركة المتجددة . فإذا المعنى الذهني هيئة أو حركة ؛ وإذا الحالة النفسية لوحة أو مشهد ؛ وإذا النموذج الإنساني شاخص حي , وإذا الطبيعة البشرية مجسمة مرئية
فأما الحوادث والمشاهد والقصص والمناظر يردها شاخصة حاضرة ؛ فيها الحياة ..... فما يكاد يبدأ العرض حتى يحيل المستمعين إلى مسرح الحوادث , الذي وقعت فيه أو ستقع ؛ حيث تتوالى المناظر , وتتجدد الحركات ؛ وينسى المستمع أن هذا كلام يتلى , ومثل يضرب ؛ ويتخيل أنه منظر يعرض , وحادث يقع ..... إنها الحياة هنا , وليست حكاية الحياة ]


[COLOR="navy"][SIZE="6"]من روائع إخراج المعانى الذهنية في صورة حسية :[/SIZE][/COLOR]

* تأمل قوله تعالى ((مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ))
يصور القرأن العظيم عمل الإنسان الكافر بالرماد و هو ما يبقى من المواد بعد احتراقها، و لو وقف عند هذا الحد لكان كافياً فى بيان الخسران فكل ما يفعله الإنسان الكافر من الصالحات بغير إبتغاء وجه الله لن يراه إلا مشوهاً محروقاً أسوداً دميماً كريهاً لا قيمة له، و مع ذلك إنتقل لمرحلة أخرى إذ جاءت هذا الرماد ريح، و أقل ريح قادرة على أن تنثره و تضيعه أكثر، و مع ذلك وصف هذه الريح بأنها شديدة توكيداً للضياع ، و لم يقف عند هذا بل وصف اليوم الذى جاء فيه هذا الريح الشديد باليوم عاصف، فتأمل روعة التصوير و أثره البيانى لحال الخسران و الندم و الضياع

* و تدبر قوله سبحانه ((لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ))
يريد تعالى أن يبرز حقيقة أنه وحده يستجيب لمن يدعوه , وينيله ما يرجوه ؛ وأن الآلهة التي يدعونها مع الله لا تملك لهم شيئا , ولا تنيلهم خيرا , ولو كان الخير قريبا ؛ فيصور لهذا المعنى هذه الصورة العجيبة وهي صورة تلح على الحس والوجدان , وتجتذب إليها الالتفات , فلا يستطيع أن يتحول عنها إلا بجهد ومشقة ؛ وهي من أعجب الصور التي تستطيع أن ترسمها الألفاظ : شخص حي شاخص , باسط كفيه إلى الماء , والماء منه قريب , يريد أن يُبلغه فاه , ولكنه لا يستطيع , ولو مدّ مدّة فربما استطاع ! .

* و تأمل قوله تعالى (( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ))
يشير سبحانه بهذا التصوير إلى حقيقة المشرك، إذ لا مَنبت له ولا جذور , ولا بقاء له ولا استقرار ,، فيمثل لهذا المعنى بصورة سريعة الخطوات , عنيفة الحركات :
هكذا في ومضة . يخر من السماء من حيث لا يدري أحد , فلا يستقر على الأرض لحظة . إن الطير لتخطفه . أو إن الريح لتهوي به .. وتهوي به في مكان سحيق ! حيث لا يدري أحد كذلك ! وذلك هو المقصود .

*و تأمل قوله تعالى ((قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ))
يحكى سبحانه دعوة المؤمنين أن يرزقهم الصبر و الثبات، و صور الصبر و كأنه ماء بارد يفرغ عليهم أى يصب برفق و تأنى ـ كما أن في الدعاء إستجلاب أقصى ما تحتاجه النفس البشرية من الصبر

*و تأمل فى المقابل قوله تعالى ((فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ)) يتكلم سبحانه ههنا عن الكافرين و عقابهم، و إعتبر العقاب مادة تصب أيضاً لكنه ما قال فأفرغ عليهم، و إنما قال فصب عليهم، لأن العذاب كان يتنزل بشدة و سرعة بلا رأفة أو تأنى فكان يصب صباً،و لهذا وصف العذاب بأنه (سوط عذاب) لأن ضربة السوط تمتاز بالإندفاع فى الحركة و الشدة فى الوقع .


[COLOR="Navy"]من روائع تصوير الحوادث الماضية :[/COLOR]

تأمل قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً . إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا. هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً. وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً. وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً ))
يصور سبحانه حال يوم الأحزب، فهؤلاء هم الأعداء تكالبوا على المؤمنين من كل مكان عدواناً و خيانةً .
و هؤلاء هم المؤمنون إذ الأبصار زائغة و القلوب خافقة حتى يُرى نبضها فى الأعناق . و الوساوس تسرى فى النفوس، هنالك كان البلاء العظيم و الزلزال الشديد .
وهؤلاء هم المنافقون ينبعثون بالفتنة والتخذيل يقولون ( ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ) ويقولون لأهل المدينة ( لا بقاء لكم هنا ، ارجعوا إلى بيوتكم فهي في خطر ).
وهؤلاء هم جماعة من ضعاف القلوب يقولون إن بيوتنا مكشوفة , وليست في حقيقتها مكشوفة (إن يريدون إلا فرارا )
وهكذا لا تفلت في الموقف حركة ولا سمة , إلا وهي مسجلة ظاهرة , كأنها شاخصة حاضرة .. فصور بديع السموات و الأرض مشهداً كاملاً لا يُفلت حركة ولا سمة , إلا وهي مسجلة ظاهرة، فتبرز فيه أحوال الظواهر و البواطن, وتلتقي فيه الصورة الحسية بالصورة النفسية ...دون أن يغفل منه قليل أو كثير .

*و تأمل قوله تعالى (( وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ . إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا .... ))
فصور المجاهدين و هم يحسون الكفار أى يقتلونهم تقتيلاً،إلى أن فشلوا فى الطاعة و تنازعوا فى تنفيذ أمر الرسول ، فعصوه بعدما رأوا ما يحبون من فرار المشركين و تناثر الغنائم ، و ذلك تصوير حى للمشهد الحسى.
ثم إنتقل الى كشف النوايا و إظهار البواطن (منكم من يريد الدنيا و منكم من يريد الاخرة) حتى قال إبن مسعود و الله ما علمت أن فينا من يريد الدنيا قبل هذه الأية!
ثم إنتقل لبيان حكمة تقدير التنازع و المعصية و هى الإبتلاء بالخيرات و الشرور ( ثم صرفكم عنهم ليبتليكم).
ثم عاد يفصل المشهد الحسى ببراعة، (إذ تصعدون) تهربون فى كل مكان ( ولا تلوون على أحد) لا تلتفتون من سرعة الإندفاع ( و الرسول يدعوكم فى أخراكم) و هذا رسول الله يدعو المؤمنين للثبات و قد صار خلفهم بسبب سرعة إدبارهم و ثباته هو فى أرض المعركة .
ثم إنتقل لوصف حالتهم النفسية( فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ) ثم انزل من بعد الغم ( أمنه نعاساً) فصور النوم كأنه هبة مادية نزلت عليهم من السماء
ثم عاد ليكشف نفسية بعض المتذبذبين(وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ)
ثم يحكى الحديث الخفى بينهم (يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) فيبادرهم بالإجابة (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ)
ثم يحكى قولاً أخر مما أخفوه (يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا) فيأتى الرد سريعاً من الله تعالى أمراً رسوله (قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ)
فرسخ فى الجواب عقيد سليمة فى قدر الله القدير خيره و شره، لذا ختمها مبيناً حكمة ما وقع ( وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)

فما هذا التصوير المبهر الذى يصف المعركة بأوجز ألفاظ كأننا فى ساحتها ،و يصف النيات و يصف النفوس و تقلباتها، و يصف الحديث الخفى بين البعض و حديث أنفسهم، بل و يجيب عليه و يجلى حكمته ؟


[SIZE="6"][COLOR="navy"]من روائع تصوير مشاهد القيامة :[/COLOR][/SIZE]

*تأمل قوله تعالى (( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ. خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ. مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ))
فهذا مشهد من مشاهد الحشر , مختصر سريع ؛ ولكنه شاخص متحرك . مكتمل السمات والحركات .
هذه جموع خارجة من الأجداث في لحظة واحدة , كأنها جراد منتشر ( ومشهد الجراد المعهود حيث يطير كثيفاً سريعاً مزغللاً للعين يجسد صورة هذا المنظر العجيب )
وهذه الجموع تسرع في سيرها نحو الداعي , دون أن تعرف لمَ يدعوها فهى فى صدمة و موقف غريب منكر بل بالغ النكارة لهم فهو (نُكر) لا تدريه .
( خشعا أبصارهم ) وهذا يكمل الصورة ؛ ويمنحها السمة الأخيرة .
وفي أثناء هذا التجمع والإسراع والخشوع ( يقول الكافرون هذا يوم عسر ) فماذا بقي من المشهد لم يشخص بعد هذه الفقرات القصار ؟ وإن السامعين ليتخيلون اليوم النكر . فإذا هو حشد من الصور .

* و تأمل قوله (( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازََ .....)) والآية (( وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ .... ))
فلفظة الزحزحة ذاتها تخيل حركتها المعهودة وهذه الحركة تخيل الموقف على شفا النار , ماثلا للخيال والأبصار !


و تدبر قوله تعالى (( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ. مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ))
مشهد آخر من مشاهد الإسراع والخشوع , أشد في النفس هولاً وأكمد في التصوير لونا ، يصور أربعة مشاهد لرواية واحدة , يتلو بعضها بعضا في الاستعراض , فتتم بها صورة شاخصة في الخيال , وهي صورة فريدة للفزع والخجل والرهبة والاستسلام , يجللها ظل كئيب ساهم , يكمد الأنفاس !

و تأمل قوله تعالى (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ))
إنها صورة الهول العظمى , التي لا تغني الألفاظ عنها , فلننقلها لتعبر عن نفسها : مشهد حافل بكل مرضعة ذاهلة عما أرضعت , تنظر ولا ترى , وتتحرك ولا تعي , وبكل حامل تسقط حملها , للهول المروع ينتابها ؛ وبالناس سكارى وما هم بسكارى يتبدى السكر في نظراتهم الذاهلة , وفي خطواتهم المترنحة . مشهد مزدحم بذلك الحشد المتماوج , تكاد العين تبصره بينما الخيال يتملاه , والهول الشاخص يذهله , فلا يكاد يبلغ أقصاه ..أهـ
حتى فى إختيار أصناف الناس لوصف المشهد ، تمعن يا رعاك الله فى حكمة البارى أن تصدر الموقف بحال الأم المرضعة، إذ لا علاقة إنسانية أقوى من علاقة الأم برضيعها و لو واجهت الموت و رأته رأى العين لبذلت نفسها فى سبيل إنقاذ رضيعها، و مع ذلك تتركه يوم النشور و تذهل عنه و تنشغل بنفسها فمصائب الدنيا كافة لا تقارن ساعة من أهوال البعث و القيامة

* و تأمل قوله تعالى (( هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ * هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لَا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ * قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لَا مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ * قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ * وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ * إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ))
فها نحن أولاء أمام مشهد لجماعة كانت في الدنيا متوادة متحابة , وهي يوم الحشر متناكرة متدابرة , كان بعضهم يملي لبعض في الضلال ؛ وكان بعضهم يتعالى على المؤمنين , ويهزأ من دعواهم في نعيم الآخرة .
هاهم أولاء يقتحمون النار فوجا بعد فوج , هذا هو الفوج الأول يُنقل إليه نبأ اقتحام الفوج الثاني ( هذا فوج مقتحم معكم " فماذا يكون الجواب ؟ يكون ( لامرحبا بهم , إنهم صالوا النار )! فهل يسكت المشتومون ؟ كلا ! فها هم أولاء يردون ( قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم . أنتم قدمتموه لنا , فبئس القرار )! وإذا دعوة جامعة حزينة ( قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار ) ! ثم ماذا ؟ ثم ها هم أولاء يفتقدون المؤمنين , الذين كانوا يتعالون عليهم في الدنيا وظنون بهم شرا , فلا يرونهم معهم مقتحمين، فيتسائلون فى صدمة، أكنا نسخر من اهل الحق، أم زاغت أعيننا فى الجحيم عنهم فننظر يميناً و يساراً بفزع فلا نجدهم (وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ . أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ . إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)
إننا لنشهد اليوم هذا التخاصم كما لو كان حاضرا في العيان ! وإن كل نفس آدمية لتحس في حناياها وقع هذا المشهد وتتقيه , وتحاذر – لو ينفع الحذر – أن تقع فيه !

فما أعظم تصوير هول الساعة ، يوم فرار المرء من أخيه وأمه وأبيه , وفصيلته التي تؤويه . حيث يكون ((لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )) فهذا تصوير يقاس بأثره في النفس الإنسانية لا بالمقاييس الأخرى الوصفية .

*وآلام العذاب الشديد في الآخرة , تبدو من خلال صرخات إنسانية , تلقي ظلها من خلال التعبير (( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ )) (( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا))

* ووخزات الخزي في هذا اليوم , لا توصف بالألفاظ , ولكن تبرز من وسط آدمي حي (( وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ))


* يوم الحساب لقد تناكر الأصفياء . وتنابز الأولياء , وتخلى المتبوعون عن التابعين حينما شاهدوا الهول يوم الدين . و عبرت أيات الفرقان عن هذا كله، بإستعراض مذهل مفعم بالحياة : ((وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ . وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
ففي هذا الاستعراض يتجسم للخيال مشهد من ثلاث فرق :
الضعفاء . الذين كانوا ذيولا للأقوياء وهم ما يزالون في ضعفهم , وقصر عقولهم , وخور نفوسهم . يلجأون إلى الذين استكبروا في الدنيا , يسألونهم الخلاص من هذا الموقف , ويعتبون عليهم إغواءهم في الحياة ؛ متمشين في هذا مع طبيعتهم الهزيلة وضعفهم المعروف .
والذين استكبروا . وقد ذلت كبرياؤهم , وواجهوا مصيرهم . وهم ضيقو الصدور بهؤلاء الضعفاء , الذين لا يكفيهم ما يرونهم فيه من ذلة وعذاب , فيسألونهم الخلاص , وهم لا يملكون لذات أنفسهم خلاصا , أو يذكرونهم بجريمة إغوائهم لهم حيث لا تنفع الذكرى . فما يزيدون على أن يقولوا لهم في سأم وضيق : " لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ " .
والشيطان . بكل ما في شخصيته من مراوغة ومغالطة , واستهتار وتبجح . ومكر " وشيطنة " . يقف وسط الجحيم يخطب فى أتباعه ،فإذا به بعترف – الآن فقط – بأن الله وعدهم وعد الحق , وأنه هو وعدهم فأخلفهم . ثم يمضهم ويؤلمهم , وهو ينفض يديه من تبعاتهم : " وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم " .
لا بل يزيد في تبجحه , فيقول : " إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ " . حقا . إنه لشيطان !
وإن هذا لإبداع في تصوير الموقف الفريد , الذي يتخلى فيه التابع عن المتبوع , ويتنكر المتبوع للتابع . حيث لا يجدي أحدا منهم أن يتخلى أو يستمسك ؛ ولكنها طبيعة كل فريق , تبرز عارية أمام الهول العظيم .



[COLOR="navy"][SIZE="6"]من روائع تصوير الجمادات كأنها حية [/SIZE][/COLOR]:

إنه لون من ألوان " التخييل " يتمثل في خلع الحياة على المواد الجامدة , والظواهر الطبيعية , والانفعالات الوجدانية . وتجعل الإنسان يحس الحياة في كل شيء تقع عليه العين , أو يتلبس به الحس , فيأنس بهذا الوجود أو يرهبه , في توفز وحساسية وإرهاف .

*فهاهو الصبح يتنفس (( والصبح إذا تنفس ))
فيخيل إليك بهذا التعبير الحياة الوديعة التي تنفرج عنها ثناياه , وهو يتنفس , فتتنفس معه الحياة , ويدب النشاط في الأحياء , على وجه الأرض والسماء .

*و هاهو الليل يسرى ((والليل إذا يسر )) فتشعر بسريانه في هذا الكون العريض , وتأنس بهذا الساري على هينة واتئاد !

*و هاهى الرياح لواقح ((وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ)) إذ تحمل ماء المطر أو طلع النخيل متنقلة من ذكورها إلى إناثها، فأكسبها هذا التعبير حياة حيوانبة تلقح و تنتج

- و لما ذكرها سبحانه فى سياق العذاب وصفها بالعقم ((وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)) إذ لا تحمل خيراً فى ذاتها ولا لغيرها، بل تدمر الحياة و تقطع دابر من أصابتهم و تبترهم

*و هاهو الجدار له إرادة ((َوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ)) فصور الجدار و هو متصدع يكاد يهوى كأنه كائن حى له إرادة و إرداته أن يسقط على الأرض....
بل و من العلما من استدل بذلك على اثبات ارادة خاصة بالجمادات، كما أن السماوات و الأرض خاطبتا ربهما و اختارتا الإتيان طوعاً

*وهذا هو الغضب , أو هذا هو الروع , أو هذه هي البشرى , تهيج وتسكن , وتوحي وتسكت ؛ وتجيء وتذهب (( وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ .... )) . (( فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ))

*و هذه الجبال يوم القيامة حية ترجف كالأدميين(( يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً ))

*و ها هى السماء المنفطرة بجوارها الأطفال الشيب ... ((فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً . السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ ... ))

* وهذه جهنم . جهنم النهمة المتغيظة التي لا يفلت منها أحد , ولا تشبع بأحد ! (( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ))
جهنم التي ترى المجرمين من بعيد فتتغيظ وتفور ((إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ . تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ .... )) .
جهنم التي تدعو من كانوا يُدعون إلى الهدى ويدبرون وهم لدعوتها على الرغم منهم يجيبون (( كَلَّا إِنَّهَا لَظَى . نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى . تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى . وَجَمَعَ فَأَوْعَى))

*وهذا هو الظل الذي يلجأ إليه المجرمون (( وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ . لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ))
ففي نفسه كزازة وضيق , لا يحسن استقبالهم , ولا يهش لهم هشاشة الكريم , فهو ليس " لا بارد " فقط , ولكن كذلك " ولا كريم " !



[SIZE="6"][COLOR="navy"]من روائع تجسيم معانى عقلية ومعنوية :[/COLOR][/SIZE]

الذي نعنيه هنا بالتجسيم , ليس هو التشبيه بمحسوس . فهذا كثير معتاد , إنما نعني لونا جديدا هو تجسيم المعنويات , لا على وجه التشبيه والتمثيل , بل على وجه التصيير والتحويل .
* تأمل قوله (( وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ))
يتناول حالة التضايق والضجر والحرج التى هى نفسية معنوية فيجسمها كحركة جثمانية ، فالأرض تضيق عليهم , ونفوسهم تضيق بهم كما تضيق الأرض ؛ فيستحيل الضيق المعنوي ضيقا حسيا أوضح وأوقع ؛ فمن ضاقت به نفسه أين يذهب منها؟ لا سبيل إلا باللجوء إلى خالقها ذاته، فأيقنوا ألا ملجأ ومنجى من الله إلا إليه، فلا راحة و إنشراح إلا برحمة الفتاح

*و تدبر قوله (( وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً)) و (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )) و ((إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ))
فانظر كيف يصف سبحانه حالة عقلية أو معنوية ؛ وهي حالة من لم يستفد بما سمعه من الهدى .. فيجعل كأنما هناك حواجز مادية تفصل بينه وبينه فتغطى العين و السمع و تغلق القلب!

*و تدبر قوله (( كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً))
. فهذا السواد الذي أصاب وجوههم ليس لونا ولا صبغة , وإنما هو قطعة من الليل المظلم ، و كأن رب العزة أحال سواد الليل قطعاً قطعاً تغشى وجوه الكافرين مادياً كل له قطعته !

*و تدبر قوله (( ومن ورائهم عذاب غليظ ))
- و قوله (( ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ))
فينتقل العذاب من معنى مجرد إلى شيء ذي غلظ وسمك ؛ وينتقل اليوم من زمن لا يمسك إلى شيء ذو كثافة ووزن !


*وقوله (( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثا)). لبيان العبث في نقض العهد بعد المعاهدة .

* ومثل (( وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً )). لتفظيع الغيبة , حتى لكأنما يأكل الأخ لحم أخيه الميت !

* و تدبر قوله تعالى (( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ))
أنظر كيف جعل الحق و الباطل كأنهما جسدان حيان يعقلان و يتصارعان، فانقض الحق على الباطل بإذن الله حتى أصابه فى دماغه بالضربة بالقاضية، فاندحر الباطل يقعقع و زهقت روحه!!

- و شبيه هذا قوله(( وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ)) و (( وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )) و قوله ((ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ )) و قوله ((وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ))
فكأنما الرعب قذيفة سريعة تنفذ في القلوب لفورها . وكأنما العداوة والبغضاء مادة ثقيلة , تلقى بينهم , فتبقى إلى يوم القيامة . وكأنما السكينة مادة مثبتة تنزل على رسول الله وعلى المؤمنين . وكأنما للذل جناح يخفض من الرحمة بالوالدين .
وفي كل مثال من هذه يجتمع التجسيم مع التخييل بحركة هذا الجسم المفروضة .

* و تدبر قوله (( بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته )) و ( ألا في الفتنة سقطوا ))
فبعد أن تصبح الخطيئة شيئا ماديا , تتحرك حركة الإحاطة , وبعد أن تصبح الفتنة لجة , يتحركون هم بالسقوط فيها .

* و تدبر قوله تعالى (( ولا تلبسوا الحق بالباطل)) . و(( فاصدع بما تؤمر ))
. ففي المثال الأول يصبح الحق والباطل مادتين تستر إحداهما بالأخرى . وفي المثال الثاني يصبح ما أمر به مادة يشق بها ويصدع , دلالة على القوة والنفاذ .


* و تدبر قوله تعالى (( وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ )) فإن كلمتي [تتبعوا , وخطوات] تخيلان حركة خاصة , هي حركة الشيطان يخطو والناس وراءه يتبعون خطواته . وهي صورة حين تجسم هكذا تبدو عجيبة من الآدميين , وبينهم وبين الشيطان الذي يسيرون وراءه , ما أخرج أباهم من الجنة !
و فيها حكمة تحذيرية أن الشيطان يستدرك الناس خطوة خطوة حتى يصل بهم إلى فعل ما لم يظنوأ أنهم يفعلوه يوماً!

* و تأمل قوله تعالى ((وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ))
فحركة الاشتعال هنا تخيل للشيب في الرأس حركة كحركة اشتعال النار في الهشيم , فيها حياة وجمال لما من شأنه السكون!

و فضل " اشتعل " لما استعير للشيب لأنه يفيد الشمول بجانب لمعان الشيب في الرأس, وأنه قد شاع فيه وأخذه من نواحيه حتى لم يبق من السواد شيء , أو لم يبق منه إلا ما لا يعتد به.
إن الجمال في [ اشتعل الرأس شيبا ]. [ وفجرنا الأرض عيونا ] يقع فى النظم ، و كذلك فى الحركة التخييلية السريعة , التي يصورها التعبير ، حركة الاشتعال التي تتناول الرأس في لحظة , وحركة التفجير التي تفور بها الأرض في ومضة



[COLOR="navy"][SIZE="6"]و من روائع تصويرالقصص [/SIZE][/COLOR]:

تدبر ما يقصه تعالى من خبر أصحاب الجنة:
(إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ . وَلا يَسْتَثْنُونَ )
ها نحن أمام أصحاب جنة أرضية و كان للفقراء حظ من ثمر هذه الجنة , ولكن الورثة لا يشاءون ، فأقسموا ليصرمنها أى يقطعوا ثمرها عند الصباح الباكر , دون أن يستثنوا منه شيئا للمساكين ،
ولكن فلننظر ماذا وقع في بهمة الليل حيث يختفون هم؟ هناك مفاجأة تتم خلسة , وحركة خفية كحركة الأشباح في الظلام ! ( فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون , فأصبحت كالصريم وهم لا يشعرون )
والآن ها هم أولاء يتصايحون مبكرين ! وهم لا يدرون ماذا أصاب جنتهم في الظلام ( فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ. أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ، فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ. أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ )
ولا يزال أصحاب الجنة على جهلهم بما وقع ، و هاهم يتنادون متخافتين لينفذوا المؤامرة , خشية أن يدخلها عليهم مسكين !
(وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ )
يحسبون إنهم قادرون على (حرد) أى المنع والحرمان، و لكن لنرى من المحروم الحقيقى!
ثم وصلو الجنة فتافجئو و صعقوا و لم يصدقو حتى قالوا( إنا لضالون ) لقد تهنا عن مكان الجنة، ما هذه جنتنا الموقرة بالثمار ! .. فلتتأكدوا !
(بل نحن محرومون ) حتى استوعبوا الصدمة فاعترفوا أنهم هم المحرومون جزاءً من الله لظلمهم.
والآن قد سقط في أيديهم ( قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون )! ألم أقل لكم اتقوا الله و اقدرو قدره لأنه يراقب ظلمكم؟ ( قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين ) الآن وبعد فوات الأوان ! .
وكما يتنصل كل شريك من التبعة عندما تسوء العاقبة , ويتوجه باللوم إلى الآخرين , ها هم أولاء يصنعون ( فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون )
ثم ها هم أولاء يتركون التلاوم ليعترفوا جميعا بالخطيئة , عسى أن يفيدهم الاعتراف الغفران , ويعوضهم من الجنة الضائعة جنة أخرى ( قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين . عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها , إنا إلى ربنا راغبون )


* و تأمل قوله تعالى ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ))
يعرض سبحانه مشهدا من قصة إبراهيم , وهو يبني الكعبة مع ابنه إسماعيل ...و إنها لحركة عجيبة في الانتقال من الخبر إلى الدعاء , هي التي أحيت المشهد وردته حاضرا كأننا نشاهده .
فالخبر ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ) كان هو اللمحة التى أظهرت المشهد كاملاً [ البيت , وإبراهيم وإسماعيل , يدعوان هذا الدعاء الطويل ]
وكم في الانتقال هنا من الحكاية إلى الدعاء من إعجاز فني بارز , يزيد وضوحا لو فرضت استمرار الحكاية , ورأيت كم كانت الصورة تنقص لو قيل (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل يقولان : ربنا ... إلخ ) إنها في هذه الصورة حكاية , وفي الصورة القرآنية حياة . وهذا هو الفارق الكبير . إن الحياة في النص لتثب متحركة حاضرة . وسر الحركة كله في حذف لفظة واحدة .. وذلك هو الإعجاز .

* ولنتدبر مشهداً من قصة الطوفان (( وهي تجري بهم في موج كالجبال )) وفي هذه اللحظة الرهيبة , تتنبه في نوح عاطفة الأبوة , فإن هناك إبنا له لم يؤمن , وإنه ليعلم أنه مُغرق مع المغرقين . ولكن ها هو ذا الموج يطغى , ويروح في لهفة وضراعة ينادي إبنه جاهرا (( ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا , ولا تكن مع الكافرين )) ولكن البنوة العاقة لا تحفل هذه الضراعة ؛ والفتوة العاتية لا ترى الخلاص إلا في فتوتها (( قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء )) ثم ها هي ذي الأبوة الملهوفة ترسل النداء الأخير (( قال لاعاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم )) وفي لحظة تتغير صفحة الموقف , فها هي ذي الموجة العاتية تبتلع كل شيئ ((وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ))
إن السامع ليمسك أنفاسه في هذه اللحظات القصار و هى يشاهد هول الطوفان ؛ " وهي تجري بهم في موج كالجبال " وصورة والد و ودله ، الوالد الملهوف على فلذة كبده يبعث بالنداء تلو النداء ؛ و الإبن الضال , يأبى إجابة الدعاء ، ينظر مدبراً إلى جبل يستميت ليدركه، فإذا بالموجة القوية العاتية تخلق حاجزاً بين الأب و إبنه فتبتلع الإبن العاق و تحسم الموقف في لحظة سريعة خاطفة .
صورة كما يقاس بمداه في الطبيعة – حيث يطغى الموج على الذرى والوديان . وإنهما لمتكافئان , في الطبيعة الصامتة , وفي نفس الإنسان .
و سوف يأتى الكلام عن روائع قصص القرأن فى فصل مستقل بإذن الله تعالى...

يتبع إن شاء الله...

عارف الشمري 2011-04-02 09:49 PM

* و من الإبداع النفسى فى القرأن تناوله النفس الإنسانية بأعماقها السحيقة و أقسامها العديدة
فها هو يقسمها تقسيم بديع إلى (نفس أمارة بالسوء) و هذا أصلها دون ترويض الوحى
و (نفس لوامة) و هى نفس فى صراع بين الهوى الذى يغريها و الوحى الذى يهديها
و (نفس مطمئنة) و هى النفس التى تزكت و تعطرت، و من الهوى تحررت

و بموجب هذا نجد النص القرأنى عندما يعبر عن البشرى بلفظ (الإنسان) يقصد به الأدمى على أصل طباعه غير المزكاة بالوحى
(َولَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ) ( إنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ).. (َخلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ) ...(وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً) (َكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً)...(وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)(إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ)...(فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ)... (إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ)...(بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ)... (إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)و الأيات فى ذلك كثيرة، فهذا هو أصل إبن أدم أما إن تزكى بالوحى فلا يلقب فى القرأن بالإنسان و إنما بالمؤمن ، و هذا من لطائف التلميح لتركيب البشر ، و حاجتهم إلى الوحى ، و لهذا يقول تعالى
((لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ))
* و صور القرآن أيضاً ألواناً من النماذج الإنسانية و الخوالج النفسانية والعواطف البشرية كالحب والكره الخوف و الرجاء و الرحمة و القسوة و الحقد والغيرة والحسد والوسوسة و الشك و اليقين و التواضع و المكابرة و البصيرة و الغفلة...إلخ
و لم يكتفى القرأن ببيان هذه الأمور بل أبرزها فى صورة حية متحركة دقيقة الملامح والقسمات صادقة الدلالة قوية الإيحاء، و قد أبدع فى الكلام عنها الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى فى (التصوير الفنى)


[COLOR="navy"][SIZE="6"]من أمثله تصوير الحالات النفسية :[/SIZE][/COLOR]

تأمل قوله تعالى (( قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا .... ))
يصور تعالى حال المشرك بعد التوحيد الممزق نفسياً بين الهدى والضلال ، فيصوره إنساناً تعيساً إستهوته الشياطين فى الأرض، و تأمل تعبير (استهوته الشياطين فى الأرض) و ما فيه من معانى الضلال و الفجور و الركون إلى الدنيا
و رغم ذلك فإن هذا الاستهواء لا يرتاح به و يسكن، و و إنما يتعذب ضميره بنداء الهادين " ائتنا ".
وهو بين هذا الاستهواء وهذا الدعاء " حيران " موزع القلب ، فهو قائم هناك شاخص متلفت معذب فعيشته ضنك رغم أنه أراد السعادة باتياع شياطين الهوى !
و تأمل كذلك قوله ( نرد على أعقابنا) فصور حال الإنسان المرتد بإنسان يسير إلى الخلف يتعثر و هو يرد على عقبه !

تدبر قوله تعالى ((أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ* َيكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))
يضرب القرآن مثلا للمنافقين بأسلوب أخَّاذ يعرض مشهدا حيّاً يرمز به إلى الحالة النفسية،،، و هذا المشهد بما يشيع فيه من حركات و تقلبات يصور واقعهم النفسي وتقلُّبهم بين الكفر والإيمان، ويبرز التناقض بين ما تقول ألسنتهم وما تضمر قلوبهم والاضطراب في حركاتهم متمثلا في التجائهم إلى النور ثم رجوعهم إلى الكفر ويا ليتهم يثبتون في منطقة ضوء الإيمان إذن لسعدوا بحلاوة اليقين، ولكن هذا التقلب المؤسف بين ظلمات الكفر وأنوار الإيمان هو الذي قادهم إلى مصيرهم الفاجع الأليم.
دقق البصر في قوله سبحانه: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} أليس هذا الوصف تعبيرا عن الأطماع التي تحركهم؟ فهم يمشون كلما برقت لهم آمال مصالحهم، ويسيرون كلما لاحت أمامهم فرصة، فإذا انقطع المطمع وأظلمت الآفاق في وجوههم جلسوا متربصين

* و تدبر قوله تعالى (( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ . وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ))
يصور سبحانه حال من هيأ له العلم و المعرفة بالله , ففر من هذا نور العلم كأن لم يتهيأ له أبداً
و تأمل قوله (فانسلخ) إذ صور العلم الذى يحمى الإنسان و يحيط به، بالجلد و الوبر الذى يحمى الشاة من الأذى و الألم و السقيع و هو من لوازمها الجسدية و الحياتية، إذا انسلخت منه قبحت و اضطربت حياتها
فلما انسلخ من أيات الله و صار بهذا الضعف و الإضطراب أتبعه الشيطان فغواه،و لو شاء الله لرفعه بالعلم و الإيمان، و لكنه اختار الدنو عن العلو فأخلد إلى الحياة الدنيا حيث تسوقه نفسه و وأهواؤه ,و تعبير (أخلد) يعكس قسوة القلب و طول الأمد الذى اغتر به ذلك الإنسان،
فمثله كمثل الكلب يلهث على كل أحواله ، كذلك حال هذا الإنسان فلا هو إستراح و قنع بالغفلة , ولا هو استراح و رقى بالمعرفة فما أبأسه من مثل و ما أروعه من تصوير!

و تدبر قوله تعالى (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ .... ))
يوضح ههنا حالة الإنسان متزعزع العقيدة , فلا يحتمل ما يصادفه من الشدائد بقلب راسخ !
و لننظر فى لفظ " حرف " و الحرف حافة الهاوية، فيصور لين العقيدة كإنسان واقف يصلى على طرف جبل لو تحرك طرف واحد سقط و هلك، فيتخيل الذهن الاضطراب الحسي في وقفته , وهو يتأرجح بين الثبات والانقلاب فى الهاوية،
القرأن العظيم يصور هذا التزعزع و الترنح بأبلغ صورة, لأنها تنطبع في الحس , وتتصل منه بالنفس .

* و تأمل قوله تعالى(( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ... ))
فالله تعالى يجرى هنا مقابلة بين عمل المؤمنين و عمل الكفار و المنافقين، فكلاهما يبنى،
و لكن المؤمن يبنى فى الدنيا و قلبه محب خائف راجى لربه فيكون عمله فيها إبتغاء مرضات الله و وقاية من غضبه و يعمرها بما ينفعه فى أخرته،
أما الكافر و المنافق فلا يبتغى بعمله وجه الله بل يصد عن سبيله، فمثله فى غفلته كشخص يبنى بناية على (شفا جرف هار) أى حافة رفيعة لبئر لم يبن بالحجارة فهو متصدع !
فانظر أرشدك الله كيف صور ضلال الكفر و عمى البصيرة
فالكافر فى غفلة إذ باع أخرته بعرض من الدنيا و طال به الأمل فى حياة زائلة قصيرة - و إن ظنها طويلة- بحيث لا يتخطى أمدها (شفا) يزل عنه الإنسان فى لحظة و مع ذلك لا يدرك هذه الحقيقة!
والكافر فى غفلة إذ يبنى و يجد و هو لا يدرك حقارة و تصدعات الأرض التى إعتمد عليها و اطمئن إليها (جرف هار)
ثم أكمل الحركة الأخيرة بقوله " فانهار به في نار جهنم " وبذلك طوى الحياة الدنيا كلها , و عبر ب (ف) بدلاً من (ثم)
و كذلك إستعمل كلمة (إنهار) تعبيراً عن سرعة إنطواء الحياة و إنقضائها، و تصويراً لحال الكافر الذى لم يقدم لأخرته فيكون موته إنهيار لأمله وظنونه و كيانه فى العذاب السحيق!
كما أن الإنهيار لو وقع فى حفرة عادية لكان عذاباً و ألماً فكيف و هى نار متأججة

و تدبر قوله تعالى ((فما لهم عن التذكرة معرضون* كأنهم حمر مستنفرة * فرت من قسورة ))
يصور سبحانه حالة الكافر الذى يضيق صدراً بالدعوة ولا يطيق أن يستمع للعظة أو التذكرة،و من روائع هذه الأيات:
[COLOR="Blue"]أ[/COLOR]- بلوغ الغاية فى جمال التصوير ،فما يتخيل العقل نفوراً أشد من نفور الحمر الوحشية تشرد فى الطبيعة بحياتهما من أمام هجوم الأسد الكاسر
[COLOR="blue"]ب[/COLOR]- كشف نفسية الكافر الذى يحسب الدعوة خطراً على إستقرار حياته، و يحسبها شراً شئوماً مهلكاً فهى مشوهة فى عقله
[COLOR="blue"]جـ[/COLOR]- بيان جهل الكافر بالدعوة التى يخشاها، و هذا نلمسه فى لفظ (قسورة) إذ هو من أسماء الأسود لكنه إسم غريب قليل الإستعمال و ان استعمل يستعمل معرفاً لا منكراً،فمجيئه منكراً غريب ليوحى بغربة الدعوة بين القلوب المظلمة
[COLOR="blue"]د[/COLOR]- و كل ما سبق ساقه سبحانه فى سياق تتجلى منه السخرية من هؤلاء الذين يفرون كما تفر حمر الوحش من الأسد لا لشيء إلا لأنهم يدعون إلى الإيمان فالتعبير هنا يحرك مشاعر القارئ وتنفعل نفسه مع الصورة التي نُقلت إليه وفي ثناياها الاستهزاء بالمعرضين



[SIZE="6"][COLOR="Navy"]و من أمثلة تصويرالنماذج الإنسانية:[/COLOR][/SIZE]

تدبر قوله تعالى (( وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ ))
يبين ههنا حال الإنسان الذى لا يعرف ربه إلا في ساعة الضيق , حتى إذا جاءه الفرج نسي ربه المجيب ،و قد إجتمعت لهذا النموذج السريع كل عناصر الصدق النفسي , والتناسق الفني .
فالإنسان حين يمسه الضر , وتتعطل فيه دفعة الحياة , يقف مستبصراً , ويتذكر الخالق , ويلجأ عندئذ إليه ؛ فإذا انكشف الضر وزالت عوائق الحياة تزينت الدنيا فى عينيه فلبّى دعاءها المستجاب , و" مر " كأن لم يكن بالأمس شئ ! إن فتنة الحياة قوة دافعة إلى الأمام , لا تقف أبداً للتفكر , إلا حين يعوقها حاجز عن الجريان .
وأما التناسق الفني فيها فهو في تلك الإطالة في صور الدعوة عند الضر ( دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً) ثم في ذلكك الإسراع عند كشف الضر ( مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ "). إن هاتين الصورتين تمثلان بالضبط وقوف التيار عن الجريان أمام الحاجز القوي , فقد يطول هذا الوقوف ويطول ؛ فإذا فتح الحاجز تدفق التيار في سرعة , و" مر " كأن لم يقف قبل أصلا .
يُطرح هذا النموذج مرات كثيرة في القرآن , ولكنه يحاك من جوانب مختلفة، و تنوع فى التصوير البديع ،

و لنقرأ مثلاً قوله تعالى(( هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ . فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ... ))

أخذ لذلك الطبع البشرى صورة قوم ركبوا البحر، و تأمل كيف إنتقل من المخاطب (يسيركم) إلى الغائب فى قوله ( و جرين بهم) لأنهم عندما ركبوا في البحر وجرت بهم الفلك أصبحوا غائبين وليسوا مخاطبين، و هكذا يتسلل التعبير إلى نفس المستمع فيحيا المشهد و كأنه يراه و يتفاعل معه
ثم يكمل الصورة فتجرى سفينتهم بهم و جاءت ريح طيبة هادئة ففرحوا و قروا، لكن فجأة إذا بريح عاصف تهجم عليها، و الموج ينقض عليهم فيعلوهم يميناً و يساراً أمامهم و خلفهم، فتهتز السفينة به هزاً، و لاحظ سرعة تغير الموقف و عنصر المفاجأة فى قوله (وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ) و لم يقل ( ثم جائتها) فلما ظنوا انهم أحيط بهم أخلصت دعوتهم و تذللت قلوبهم لبارئها خوفاً و رجاءً ، فلما أنجاهم منها بنعمته إذا هم يبغون فى الأرض، و لفظة(إذا) تعكس أيضاً سرعة نسيان المحنة و الفضل، و إكتساء القلوب رداء القسوة و النكران
وهكذا تحيا الصورة وتتحرك , وتموج وتضطرب . وترتفع الأنفاس مع تماوج السفينة وتنخفض ؛ ثم تؤدي في النهاية ذلك المعنى المراد , أبلغ أداء وأوفاه
و سيأتى المزيد فى الكلام عن الإعجاز النفسى فى القرأن إن شاء الله تعالى

تدبر قوله تعالى (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ))
أبرز هنا نموذجاً لأناس ظاهرهم يُغري , وباطنهم يُؤذي . فلما صورهم إستعاض من الوصف الحركة والتصرف , وأبرز المفارقة بين الظاهر والباطن , في نسق من الصور المتحركة في النفس والخيال

و لقد صور القرآن عشرات من " النماذج الإنسانية " في سهولة ويسر واختصار , فما هي إلا جملة أو جملتان حتى يرتسم " النموذج الإنساني " شاخصاً من خلال اللمسات . وينتفض مخلوقا حيا خالد السمات !
و هى نماذج خالدة ,لا يخطئها الإنسان في كل مجتمع , وفي كل جيل .

فتدبر قوله تعالى ((وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ))
صور هنا صنف المنافقين الذين قد يغتر بهم العوام إذ يحاولون التأثير عليهم بتحرى فخامة المظهر الخارجى و انتحال الألقاب فهذا عميد الأدب وذاك المثقف الكبير....الخ
و يستعملون الكلام المزخرف ليستخفوا العقول، فيفضحهم القرأن و يحذر من الإغترار بهم، و يسخر منهم سخرية لاذعة

ونموذج أخر للنفاق و هو المنافق الضعيف , الذي لا يقوى على احتمال تبعة الرأي , ولا يسلم بالحق , وكل همه ألا يواجه البرهان (( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون )) وإنك لتكاد تراهم الآن , وهم ينصرفون متخافتين !

و تنبه للجناس المطرب بين قوله تعالى (انصرفوا) و (صرف الله)
و هذا من أرقى المحسنات اللفظية و سيأتى الكلام عنها فى بحث لاحق بإذن الله

ونموذج المكابرة العجيبة فى قوله ((وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ{14} لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ))

و نموذج النفسية اليهودية و ما شابهها، المميزة بالعنصرية التى لا تقبل الحق إلا عندها، فإن جاء من غيرها تنكرت له و هى تعلم
(( وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ ...))

و هى نفسية دأبت على خيانة العهد و خلف الوعد
((أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ))

و نموذج النصارى الضالين و من شابههم فى الضلال ،فهم فى خيال ينافحون عنه و ينتصرون له ظانين أنهم مهتدون
((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً))
فهم أخسر الناس لأنهم عملوا و كدوا فى طريق لا يؤدى إلا لجهنم.

و شبيه هذا قوله تعالى
((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً ))
فهذه أخوف أية فى كتاب الله و كان عمر إبن الخطاب يتأولها على رهبان النصارى و يبكى حين قرائتها، فما أبأس أن يعمل الإنسان حتى ينصب و يترك ملذات الدنيا حلالها قبل حرامها إبتغاء مرضات السراب!
لذا يقول تعالى فى أية أخرى واصفاً حالهم
((وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ.))
أنظر أرشدك الله روعة تصوير ربنا لكافر ضال و هو بعمله و زهده الذى أنصبه و أرهقه، كمن يعانى التعب و شدة الظمأ فى صحراء حارة ، و يحسب نفسه يرى الماء الجارى(الذى هو جزاء عمله) ، و لكنه مجرد سراب خداع عكسه شعاع الشمس الحارقة ، و إذا به بعد الكد و السعى للوصول إليه يصدم بالحقيقة المرة ، صدمة بدنية ببقاء الألم،و صدمة نفسية لضياع الأمل و إكتشاف الحقيقة المذهلة بعد ما إنقطعت سبل النجاة فى قلب الصحراء، ولا تقف الصدمات عند هذا الحد، بل يجد مكان السراب الذى كان يرجوه يجد الله خالقه الذى ما كان يرجوه فيزداد ذلاً و حسرة و ذهولاً و هو موقوف يحاسب على كفره و شقاوته فى ذات المكان الذى ظن فيه سعادته

ولا يفوت القرأن فضح نفاق كثير من هؤلاء الضالين حتى فى كفره،فتجد الفجر و المجون فى زى الزهد و الرهبنة ((وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ))


و تدبر قوله تعالى (( لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ وَلَـكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ))
يصور سبحانه ههنا حال ضعيف الهمة ،قصير العزيمة فينعكس ذلك فى سلوكه فيتخلف عن نصرة الحق وقت الشدة، و فى أخلاقه فيكذب ولا يتورع عن القسم على كذبه، فما أهلكه؟!

و تدبر كيف يصف سبحانه حال المؤمنين
((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ))
صورة تكشف ظاهر المؤمن و باطنه فقلبه متعلق بالله حباً و خوفاً و رجاءً ، ثم أن العلاقة بين جنبه الذى يلتقى عليه و بين سريره تبدو علاقة عاقلة حية ، فلا يرتاح جنبه إلا بحدوث الجفاء و القطيعة بينه و بين المضجع فلا يطمئن له ولا يهنأ بطول التصاقه به فيهب للقيام بين يدى الله و الدعاء

و تأمل قوله عن المهاجرين (( لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً))

و قوله عن الأنصار ((وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))

إنها صورة بديعة تصف أحوال جيل المهاجرين و الأنصار، فهؤلاء الذى أخرجوا من ديارهم و أموالهم فى سبيل الله و رغم فقرهم و غربتهم أعزة متعففين حتى ليحسبهم من لا يعرفهم أغنياء القوم!
و هؤلاء هم الأنصار أهل النصرة و الكرم و الإيثار الذين فاقوا تصور العقل فى هذا الباب!

المؤمنون الذين توجل قلوبهم بذكر الله العظيم، و كلما تنزل القرأن كلما ازداد يقينهم و إيمانهم (( إنما الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ))

يثقون فى وعد الله ولا ينقضون الميثاق
(( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))
زادهم إيماناً! ما أطيب نفس المؤن الحق، يرى البلاء رأى العين فيتوكل على ربه و يصبر ، و هذا ما وقع يوم الأحزاب رأى المؤمنون الأحزاب جيوش جرارة فما كانت رؤيتهم إلا سبباً فى إزدياد الإيمان فى وعد الله و صدق
((وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً))
اما المنافقون فكلما ردو فى الفتنة أركسوا فيها و يظنون بالله ظن السوء
((وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً))

و هذا ليس حال المؤمنين وقت النزال فقط بل هو حالهم بعد النزال أيضاً و لو كانت الدائرة عليهم!
((الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ))

متواضعون لربهم، أعزاء بدينهم، معرضون عن السفهاء الغارقين فى جهلهم
(( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ))

و تأمل وصفه تعالى لهم فى قوله(( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ و الله يحب المحسنين ))
إنه ليس وصف لثمرة إيمانية تجلت فى حسن الخلق فحسب، بل هو تربية و ترويض للنفس بترتيب عجيب و سياق وجيز....
فلو أذاك أحد تذكرت قوله تعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) لملكت نفسك و حققت الصبر
و لكنك قد تكظم غيظك ولا تعفو عن حقك المشروع فأتبعها تعالى بقوله (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)و هى مرتبة أعلى و أكرم
و مع ذلك إنتقل لمرتبة أعلى من العفو و هى الإحسان لمن أساء إليك، و رفع الهمة للقيام بهذا الأمر العظيم ببيان جزاء الإحسان و هو أعظم جزاء ....حب الله لك!
(و الله يحب المحسنين)

عارف الشمري 2011-04-02 09:58 PM

[SIZE="6"][COLOR="Red"]إعجاز الحجاج القرأنى :[/COLOR][/SIZE]

قال الزركشي: [اعلم أن القرآن العظيم قد اشتمل على جميع أنواع البراهين والأدلة، وما من برهان ودلالة وتقسيم وتحديد شيء من كليات المعلومات العقلية والسمعية إلا وكتاب الله تعالى قد نطق به، لكن أورده تعالى على عادة العرب دون دقائق طرق المتكلمين لسببين:-
أحدهما: مصداقاً لقوله تعالى {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم}
والثاني: أن المائل إلى دقيق المحاجة هو العاجز عن إقامة الحجة بالجليل من الكلام، فإن من استطاع أن يفهم بالأوضح الذي يفهمه الأكثرون لم يتخط إلى الأغمض الذي لا يعرفه
إلا الأقلون ولم يكن ملغزاً، فأخرج تعالى مخاطباته في محاجة خلقه من أجل صورة تشتمل على أدق دقيق، لتفهم العامة من جليلها ما يقنعهم ويلزمهم الحجة، وتفهم الخواص من أثنائها ما يوفي على ما أدركه فهم الخطباء .
و هذا الذى قاله الزركشى هو ما قصده العلما بقولهم (خطاب العامة و خطاب الخاصة) فالقرأن المعجز ميسر للذكر للعالمين

** و تنبه وفقك الله أن من الأمور المميزة للأسلوب القرآني طريقة استدلاله بأشياء وأحداث مثيرة صغيرة في ظاهرها وهي ذات حقيقة ضخمة تتناسب والموضوع الضخم الذي يستدل بها عليه . تامل في قوله تعالى : (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ *أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ * أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ {* أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ *لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ *أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)

و قوله ((قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (* أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (* أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ *قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ *بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ))
و قوله ((إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ))

و لما كانت أيات الله متجددة فى كل ما تقع عليه عين الإنسان فى السماء و الأرض... و إختلاف الليل و النهار... و خلق الإنسان و الحيوان و النبات ، ناسب أن يكون شكر النعمة فى كل وقت و على كل حال قياماً و قعوداً و نياماً ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ *الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))

إن طريقة القرآن الكريم في مخاطبة الفطرة البشرية تدل بذاتها على مصدره ...نفس المصدر الذي خلق الكون، فطريقة بنائه هي طريق بناء الكون من أبسط المواد الكونية تنشأ أعقد الأشكال وأضخم الخلائق....كذلك القرآن يتخذ من أبسط المشاهدات المألوفة للبشر مادة لبناء أضخم عقيدة دينية وأوسع تصور كوني، المشاهدات التي تدخل في تجارب كل إنسان : النسل، الزرع، الماء، النار، الموت.

فما الأسلوب إلا صورة فكرية عن صاحبه.....والحذّاق من الكتّاب عندما يقرأون قطعة نثرية أو قصيدة شعرية لكاتب ما يدركون بملكتهم الأدبيّة وحسّهم المرهف الحالة النفسية التي كان عليها الكاتب عند الكتابة بل يذهبون إلى أكثر من هذا، إلى ما وراء السطور فيستنبطون كثيراً من أوصافه النفسية والخلقية فيحكمون عليه أنه عاطفي المزاج أو قوي النفس أو صاحب عقل ودراية أو حقود أو منافق أو غير ذلك من الأمور الخاصة..... و إن انفراد الأسلوب القرآني بالمميزات السالف بيانها لهو دليل مصدره الإلهي


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]و قد إمتاز منهج القران فى الحجاج بعدة خصائص منها:-[/SIZE][/COLOR]

[COLOR="Blue"]1[/COLOR]- الانضباط بالقواعد المنطقية في النقاش... فإذا أُلتزمت فإنَّ الحوار يبنى على أسس العلم والبرهان العقل والمنطق
((قل هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إن كنتم صادقين))
((وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ))
((إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إلاّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ))

[COLOR="blue"]2-[/COLOR] دعوة الخصم إلى التجرد و التحرر الفكرى الكامل ، كى لا يتصدى للدعوة حمية للتقاليد أو الأهواء أو الأعراض الدنيوية الرخيصة
((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَ نَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا ولا يَهْتَدُونَ ))
((وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إلاّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَ نَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ، قُلَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءكم قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ))

[COLOR="blue"]3[/COLOR]- إنصاف الخصم و التسليم الجدلي بإمكانية صوابه لدفعه للنقاش بمنهجية، و التعهد باتباع الحق أياً كان
((وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ))
((قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ))

[COLOR="blue"]2[/COLOR]- ، إلتزام الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن..
((ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..))
((وَلاتَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ))
حتى أن الله أمر باللين فى الدعوة مع أفجر أهل الأرض فرعون الطاغية الذى إدعى الألوهية و الربوبية معاً و قتل الأبرياء و ذبح الأطفال و شاق الله و رسله ....مع ذلك لما أرسل الله إليه موسى قال له ((اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ، اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ، فقولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى))

و لكن لما كان القرأن كتاباً واقعياً يراعى إختلاف النفوس و درجات صلاحها و خبثها قيد هذا الإحسان فى الدعوة فجعله الأصل الأصيل و إستثنى منه الظالمين
((وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ))
و ما أكثر الظالمين من أهل الكتاب الذين يسبون الله و رسوله و يلبسون الحق بالباطل و يكفرون و هم يعلمون
كحال اليهود لما سبو الله تعالى فقالوا (َقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ)
فجاء الجواب الإلهى الشديد ( غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً..)
فهى شدة تناسب بغيهم الغير معذور.. و هى صدمة جوابية تستفز الحياة فى البقايا الباقية من فطرتهم بعدما غلفت قلوبهم و إنتكسوا... و ستأتى أمثلة أخرى إن شاء الله..


[SIZE="6"][COLOR="Navy"]نماذج من روائع الحجاج القرأنى :[/COLOR][/SIZE]

[COLOR="navy"][SIZE="6"]فى حجاج الملاحدة :[/SIZE][/COLOR]


تدبر قوله تعالى ((أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ))
عمد سبحانه فى هذه الأيات إلى تقرير الخصم بطريق الإستفهام عن الأمور التي يسلم بها وتسلم بها العقول حتى يعترف بما ينكره.....و بيان ذلك:-

**( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)
إمتازت هذه الأية بالحصر و الإيجاز معاً,,,,,، فلا يخرج الموجود عن إحتمالين... إما أن يكون ليس له سبب، وإما أن يكون له سبب.
- أما الإحتمال الأول (خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) فمحال لا يشك فى إستحالته عاقل ، و أنّى للعدم أن يخلق الإنسان العاقل و يصوره، أو يشق سمعه و بصره و ينطقه، أو يفطرخوالج نفسه و مشاعره، أو يرتب لكل عضو محله و يوظفه ، أو يجعله ذكراً و أنثى فيزوجه؟!
-أما الإحتمال الثانى (هم الخالقون) فمحال أيضاً لا يشك فى إستحالته عاقل، و أنى للمخلوق أن يكون خالقاً، و لنفسه قبل أن يوجَد واجداً ، و لجسده الذى يجهل منه أكثر مما يعلم بارئاً، و هو الضعيف الذى لا يذكر حياته بعد ميلاده أول سنين فكيف فطر نفسه فى القرار المكين؟
فانظر إلى حجاج القرآن كيف يجعلك تختار العقل أو الجنون!
لا ينجيك من الشناعة و السخرية إلا أن تختار ما لم تذكره الآية أصلاً,,, فكان الحذف كمالاً و هذا قمة البلاغة
إذ حذف ذكر الإحتمال المتبقى لفظياً ليخرجه من جوف الخصم نفسه منطقياً ،،،،،دون إملاء،،، إنه الخالق

**( أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ)
و قبل أن يفيق الملحد من الصواعق المرسلة إذا بصاعقة أكبر تدمغ إلحاده فتقضى عليه ((لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ))
إنتقل بالسؤال من خلق الإنسان إلى ما هو أعظم من خلقه ليعرف حجمه و يلزم حده و يرتد إليه خاسئاً بصره، فما خلقت أبها الإنسان هذه السماء و أبراجها و ولا شموسها و أقمارها و لاسحبها و نجومها ولا ليلها و نهارها،،،، و ما خلقت أيها الإنسان هذه الأرض و أحيائها و لاأنهارها و بحارها و ، و لا أشجارها و ثمارها المختلف ألوانها!
فلا يملك الملحد بعد كل ما سبق إلا أن يقر حقيقة وجود، و يعترف بالخالق الحكيم
و لكن من هو هذا الخالق.....هذا موضوع أخر
أو لنقل إنه نفسه السائل هنا.....إنه نفسه الذى دعاك و ألجمك الحجة ....
عفواً ،،إنه قبل أن يحدثك بالأيات السابقة أو قل الصواعق المرسلة أرهص لكلامه فقال ...(( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ*فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ))
فلتأت بحديث مثله إن كنت فى شك من مصدرية القرأن و ربانيته، و إلا ،،هذا كلام الخالق و رحمته

ولهذا أسلم جبير بن مطعم لما سمع قراءة النبي – صلى الله عليه وسلم- للطور حتى انتهى إلى قوله ((أم خلقو من غير شىء)) قال: كاد قلبي يطير فأسلم


[COLOR="navy"][SIZE="6"]فى إفحام المشركين بالتوحيد:[/SIZE][/COLOR]

جاء القرآن لينشئ عقيدة ضخمة – عقيدة التوحيد – بين قوم يشركون بالله آلهة أخرى , فوصف حالتهم النفسية و تحركهم و تشاورهم و هم يردون بالتعجب و الإتهام و التشنيع بنبيهم فقط لأنه قال: إن الله واحد.....
((وَعَجِبُوا أَنْ جَاء هُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ . أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ . وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ . مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ))

لننظر كيف حاجهم في هذه القضية الخطيرة ....لقد تناولها ببساطة ويسر , وخاطب البداهة والبصيرة , بلا تعقيد كلامي ولا جدل ذهني:
** طلب منهم ببساطة إبداء الدليل العلمى على ما هم عليه من شرك..
((قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأرض أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ))
و من رحمة الله بالبشر أن ما أشرك به أحد و هو يملك الحجة أو البينة و لو سألت أشهر مشركى العالم فى عصرنا و هم النصارى أين قال المسيح أنا الخالق أنا المعبود حتى و لو فى كتبكم المحرفة ... لبهتوا

** فلما عجز المشركون عن إقامة الدليل العلمى ، إذ مستندهم التقليد وإتباع الظن ألجمهم سبحانه أيضاً بالدليل العقلى.... كذلك فى سهولة و يسر
(( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ))
يقول الأستاذ سيد قطب: [هكذا في بساطة البداهة .... هذه الصورة التي يخيلها – لو كان هناك آلهة – ( إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ ) وإنها لصورة مضحكة , أن ينحاز كل فريق من المخلوقات إلى إله , وأن يأخذ كل إله مخلوقاته ويذهب . إلى أين ؟ لا ندري ؛ ولكننا نتخيل هذه الصورة فنضحك من فكرة تعدد الآلهة ..!]
إنها ألهة كل له خلقه، بعضهم فوق بعض يتنافسون فى الخلق....سبحان الله الإله الحق عن هذا العبث!

** ولما ناقش الأدلة العلمية و العقلية على أتم وجه،،،، زادهم بأدلة حسية واقعية تحسم بطلان ألوهية ما يشركون
((أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ، وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ ، وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ ، إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ...))
((وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعـًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًـًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً ))
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابـًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئـًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ))

و هكذا أقيم عليهم الدليل العلمي والعقلى و الحسى على بطلان دعواهم بأبسط ألفاظ و أظهر حجج بديهية .



[COLOR="navy"][SIZE="6"]فى إفحام المشركين بنبوة رسول الله:-[/SIZE][/COLOR]


كان المشركون قد سارعوا بحكم التعصب لدين الأباء و العادات و الأهواء و المصالح الشخصية إلى معاداة دعوة الحق و التصدى لها ...
فإستدرجهم القرأن إستدراجاً بديعاً بقوله تعالى ((قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ))

**هذه الأيات تبدأ بـ (قل) و تختم بـ (عذاب شديد)
و هذا تبيه لعقولهم إلى حقيقة أن محمداً – صلى الله عليه و سلم- عبد مأمور و رسول لا يملك إلا طاعة الرب،،، الرب القدير عليكم إن كفرتموه أن يعذبكم (عذاباّ شديداً)
تنبهوا ،،،فالقول جد فصل ما فيه هزل

** ثم قال (إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ)
بعد البداية الحازمة،،،، تظهر شخصية رسول الله الدعوية كما أدبه عليها رب العالمين ،،،رحمة مهداة ،،، (يعظكم) و العظة تحمل معنى اللين و النصح،،،و هو تعبير يحملهم على ترك الأجواء الإنفعالية و التعصبية لأن مطلب العظة هو التفكر و التدبر و لن يتحقق ذلك لمن كان تحركه حميته و يقوده غضبه و تعصبه.....
و يشجعهم على الإستجابة ببيان أنه عظة (واحدة) ما أيسر الطلب فلا تردوه،،،طرح واحد تناولوه متجردين عن أهواءكم فإن فيه شفاء النفوس..

** ثم قال (أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مثنى و فرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا )
المطلوب أن تقوموا لوجه لله.. مخلصين لله..متجردين لله ، ولا يكون قيامكم إنتصاراً لتقليد أو هوى أو غيره حتى لا تفسد النتيجة... فإن حققتم الإخلاص و تحررتم من المؤثرات،،،فتفكروا، أعملوا عقولكم بشتى الطرق وحداناً و مجتمعين... ليقم أحدكم منفرداً بالنظر، مستوفياً حظه من التدبر ليستبين رأيه المجرد، و أيضاً فليستشير فى هذا الرأى من قام مخلصاً متجرداً لله مثله ،،،فإن تقابل الأذهان قد يظهر لبعضها ما خفي عنها ، و هذه الأذهان المخلصة إن أجتمعت على رأى تعضده و تقطع دابر معاندته،،،
و فى ذلك المطلب تتجلى ثقة طالبه،،ثقة تؤتى ثمرها فى قلب المتلقى اللبيب...

** ثم قال (مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ) هذه هى النكتة ،،،،
أحكموا بإنصاف على صاحبكم،، إن الله لم يرسل إليكم رجلاً غريباً عنكم، بل هو صاحبكم الذى تعرفون صدقه و أمانته، صاحبكم الذى تعرفون رجاحة عقله و سعة حكمته، صاحبكم الذى تعرفون مخرجه و معيشته،،،، تعلمون يقيناً أنه ليس بكاذب ولا مجنون،،، فأين تذهبون؟!

** ثم قال (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)
الأن بعدما سحقت الشبهة حول شخص رسول الله ،،بإعتراف كل متجرد متدبر منصف فيكم.... جاء التقرير الذى يضعهم فى مواجهة الواقع ،،، ماذا يكون لو أنه ليس بكاذب ولا مجنون... بل صادق أمين عاقل حكيم كما تعلمون؟.... إنها الرسالة الإلهية،،، إنه رسول الله إليكم بين يدى عذاب شديد..

- و لهذا دون القرأن قولهم الذى يعكس تيقن أنفسهم بصدق رسول الله فقال تعالى ((وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)) فاشتملت الأية على إعتراف و سبب و جواب:-
- إما الإعتراف: فقد أقروا أن الذى يرفضون إتباعه هو (الهدى)
- وأما السبب: فقد أقروا أن علة رفضهم الهدى الخوف على دنياهم و إستقرار أرضهم...
و لعمر الله إن بشاعة الكفر لتبرز فى سرعة إختيار الدنيا الزائلة على الأخرة الخالدة و هم يعلمون!
- و أما الجواب: بسؤال تذكيرى،،، من الذى جعل أرضكم المفتوحة حرماً أمناً و الناس تتخطف من حوله فى كل مكان؟ من الذى جمع ثمرات كل شىء فى واد ليس فيه من الزرع شىء؟
إنها أرض الله لا أرضكم كما تزعمون.... الذى أمّنها أول مرة و به كان أمنكم... فأنّى لكم أن تتحرو الأمن فى حربه؟!


[COLOR="navy"][SIZE="6"]فى حجاج اليهود :[/SIZE][/COLOR]


((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ))
و هذا بحث الرائع للأخ الفاضل أبى عبدالمعز،،،،و هو إختصار لبحث الدكتور محمد دراز فى كتابه (النبأ العظيم) حول نفس الأية:-

((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ))
للتعبير بصيغة البناء للمجهول- "قيل"- مقصدية بلاغية حجاجية باهرة،فمن المعروف أن الخصم المجادل بالباطل لا يفتأ يبحث عن منافذ للمناورة، وافتعال قضايا هامشية لتناسي موضوع المناظرة..فيجب على المناظر هنا سد جميع الثغرات وتقليل العبارات ما أمكن لتقليل فرص المراوغة...
والدرس في الآية بليغ من هذه الجهة: ذكر القرآن القول، وطوى صفة القائل...ليقيد اليهود –المحجوجين-بفحوى القول وحده ويفوت عليهم فرصة نقل المناظرة من الفكرة إلى الشخص...
فلو قيل" قال فلان كذا..."(وسمي باسمه) فلربما طعنوا في أخلاق القائل، أو نقلوا عنه من موضع آخر ما يخالف قوله الحالي..فيضطر المناظر إلى تعليق الكلام على مضمون الفكرة، لفتح مواضيع في الجرح والتعديل، أو تحقيق النصوص..وقد يتشجر الكلام فلا يعودون إلى الموضوع الأصلي أبدا...((آمنوا بما أنزل الله))...هذا ما ينبغي قبوله أو رفضه،لا غير.

((آمنوا بما أنزل الله))
الآية جمعت الدعوى والدليل معا،لتحقيق مقصد الإيجاز ولقطع فرصة المناورة على اليهود كأن يلجؤوا إلى التهرب من الجواب عن السؤال بسؤال آخر..
فلو قيل "آمنوا بالقرآن" مثلا-وهو المقصود أساسا-لقالوا:"ولم نؤمن بالقرآن؟
فتقول:"لأن الله أنزله.".وتكون قد ضيعت وقتا ثمينا في الفصل بين الدعوى ودليلها..
وقد يثيرون تشكيكات تتعلق بمصدر القرآن...فتضل المناظرة.
لكن صيغة القرآن: "آمنوا بما أنزل الله" لا يمكن أن يقابلها اليهود بسؤال:
"ولم نؤمن بما أنزل الله "لأن في هذا شهادة على أنفسهم بالكفر.. فتأمل!
ولأسلوب التعميم في عبارة "ما أنزل الله"نكت حجاجية أخرى:
-فمشكلة اليهود ليست في قبول القرآن أو رفضه بل مشكلتهم في التعالي على ربهم ورفض كل كتبه..فقد كفروا بالإنجيل قبل القرآن..وكفروا بالتوراة قبل الإنجيل أو على الأقل كفروا ببعضها ...
وهكذا فرضت الآية على اليهود مناقشة "مذهبهم في الوحي" وليس" موقفهم من القرآن"..
فضلا عن الإشارة إلى تكرر سلوكهم عبر التاريخ كلما نزل كتاب من ربهم...فتكون جريمة اليهود موصوفة بالعمد والإصرار وسبق الترصد.... انظر على هذا العطاء المتجدد لعبارة "ما أنزل الله"!!

(( قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا))
آية مذهلة حقا في كشف نفسية اليهودي!
قيل لهم "ما أنزل الله" وقالوا "ما أنزل"فغيبوا اسم الجلالة وأحضروا أنفسهم "علينا"!!
فهذا اليهودي المستكبر لا يعنيه مصدر الكتاب المنزل بقدر ما يعنيه متلقي الكتاب..
فليس الشأن أن تكون التوراة من عند الله بل الشأن كل الشأن أن تكون "شيئا"قوميا يهوديا...فتقديس التوراة عندهم بالنظر إلى المستقبل لا المرسل..فما يكون إقبالهم على التوراة واحتفاؤهم بها وتقديسهم لها إلا إقبالا واحتفاء وتقديسا لأنفسهم!!
العبادة للذات القومية لا لرب العالمين!!
دليل ذلك أن رب العالمين أنزل كتبا أخرى فما كان منهم إلا الإعراض والاستهزاء..

((وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ))
قيدت الآية الاسم الموصول بحالين: (أ)وهو الحق (ب) مصدقا لما معهم
وفائدة القيد الأول بيان فساد القلب
أما فائدة القيد الثاني فبيان فساد العقل
(هو الحق)...كفر اليهود بالقرآن فرع عن قاعدة متأصلة في نحيزتهم:هي كره الحق نفسه...
هذا خلل في القلب ...له جذور في خبث الطبع والتكبر الأجوف..فليس إنكارهم للقرآن إلا لصلته بالحق وليس لصفات أخرى ..ودليل ذلك أنهم كرهوا الإنجيل أيضا وقد نزل في ظروف غير ظروف نزول القرآن زمانا ومكانا وقوما...فما القاسم المشترك بينهما إلا الحق ونزولهما بالحق من الحق!
(مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ)...هذا القيد يكشف فساد العقل والمنطق عند اليهود...هم يؤمنون بالتوراة-على حد زعمهم-ويكفرون بالقرآن...مع أن القرآن يقول إن التوراة حق..
فإن كذبوا بالقرآن...فمعناه أن قول القرآن عن التوراة بأنها حق باطل في نظر اليهود...فيؤول الأمر إلى أن يبطلوا التوراة نفسها ..لأنهم طعنوا في الشاهد الذي شهد بصحته... هو باختصار زوال للعقل بعد زوال للإيمان!

(( قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ))
هذا أوان الإجهاز عليهم...فقتلهم الأنبياء دليل إضافي على أن عدواتهم هي لله وحده
فقد كفروا بالكتب...وقتلوا مبلغي الكتب.... فالهدف واضح هو قطع كل الصلات بالله تعالى
والتعبير بأنبياء الله بدل رسل الله فيه نكتة بلاغية حجاجية بديعة:
فبناء على الفرق بين النبوة والرسالة في كون النبوة هي تلقي الوحي والرسالة هي تبليغه.. يكون قتلهم للأنبياء اعتبارا لجهة تلقي الوحي فقط.. فقتل الرسول قد يتوهم فيه سبب التشديد عليهم أوتكليفهم بالشرائع الثقيلة...أما قتل النبي فلأنه جاءه من الله النبأ فقط..فيتمحض عداؤهم لله أصلا ولمن لهم صلة به تبعا..

و للدكتور محمد دراز ملاحظات باهرة حول هذه الفقرة الأخيرة الأخيرة (( قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ))قال:-
[COLOR="Blue"]أ[/COLOR]- تأمل كيف أن هذا الإنتقال كانت النفس قد إستعدت له فى أخر المرحلة السابقة، إذ يفهم السامع من تكذيبهم بما يصدق كتابهم أنهم صاروا مكذبين بكتابهم نفسه،و هل الذى يكذب من يصدقك يبقى مصدقاً لك؟!
غير أن هذا المعنى أُخذ إستنباطاً من أقوالهم، و إلزاماً لهم بمأل مذهبهم، و لم يؤخذ من واقع أحوالهم، فكانت هذه هى مهمة الرد الجدسد.
و هكذا كانت كلمة (مصدقاً لما معهم) مغلاقاً لما قبلها مفتاحاً لما بعدها....فما أوثق هذا الإلتحام بين أجزاء الكلام!
[COLOR="blue"]ب[/COLOR]- و أنظر كيف عدل الإسناد عن وضعه و أعرض عن ذكر الكاسب الحقيقى لتلك الجرائم، فلم يقل (فلم قتل أباؤكم أنبياء الله، و اتخذوا العجل ، و قالو سمعنا و عصينا) إذ كان القول على هذا الوضع حجة داحضة فى بادىء الرأى ، مثلها مثل محاجة الذئب لحمل فى الأسطوؤة المشهورة، فكان يحق لهم أن يقولوا ( و مالنا و أبائنا؟!) تلك أمة قد خلت، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
و لو زاد ( و أنتم مثلهم، تشابهت قلوبكم) لجاء هذا التدارك بعد فوات الأوان، و لتراخى حبل الكلام و فترت قوته،،فكان إختصار الكلام- بوقفهم بادىء ذى بدء فى موقف الإتهام- إسراعاً بتسديد سهم الحجية إلى هدفها، و تنبيهاً فى الوقت نفسه على أنهم ذرية بعضها من بعض، و أنهم سواسية فى الجرم..لإذ لا بنفكون عن الإستنان بسنة أسلافهم، أو الرضى عن أفاعليهم، أو الإنطواء على مثل مقاصدهم
[COLOR="blue"]جـ[/COLOR]-و أنظر كيف زاد هذا المعنى ترشيحاً بإخراج الجريمة الأولى و هى جريمة القتل فى صيغة الفعل المضارع تصويراً لها بصورة الأمر الواقع، كأنه بذلك يعرض علينا هؤلاء القوم أنفسهم و أيديهم ملونة بتلك الدماء الزكية و يكشف حقيقة نفوسهم التى لازالت مستعدة لقتل الأنبياء فى أى زمان
[COLOR="blue"]د[/COLOR]- و لقد كان التعبير بهذه الصيغة مع ذكر الأنبياء بلفظ عام مما يفتح باباً عن الإيحاش لقلب النبى الكريم ،و باباً من الأطماع لأعدائه فى مجح تدابيرهم و محاولاتهم لقتله فانظر كيف أسعفنا بالإحتراس عن ذلك كله بقوله ( من قبل) فقطع بهذه الكلمة أطماعهم و ثبت بها قلب حبيبه صلى الله عليه و سلم...أهـ


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]فى حجاج النصارى :[/SIZE][/COLOR]


وردت فى كتاب الله مناظرات للنصارى تناولت مختلف عقائدهم فى غير ما موضع بغاية الروعة و الإتقان و من ذلك:
* إفحام الخصم وإلزامه ببيان أن مدعاه يلزمه القول بما لا يعترف به أحد- كقوله تعالى ((بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم))
فنفي التولد عنه لأن الأصل إمتناع التولد من شيء واحد، وأن التولد إنما يكون من اثنين، وهو سبحانه (لا صاحبة له)... و لكن الحجة الأبهر ههنا أنه أظهر نقيصة إمتلاك الولد و التى لا يدركها النصارى بحكم إنكتاسهم و نشأتهم عليها يقرنها بنقيصة أخرى تدخل فى ذات الباب أو قريبة منه... و هى إتخاذ الصاحبة الذى لا يختلفون فى إعتباره نقيصة و سخف!
فإن كنتم ترون إتخاذ الصاحبة نقيصة و فظاظة لا تليق بالله...فكيف تقبلون أن الله ولد إبناً؟!
و أيضاً فإنه (خلق كل شيء)، وخلقه لكل شيء يناقض أن يتولد عنه شيء....
(وهو بكل شيء عليم) و هذه الأية فيها نكات عدة :
- فإن الولادة لا تخرج عن كونها أمر من إثنين إمام ولادة شعورية إختيارية و إما ولادة لا إختيارية .....و كماله و علمه سبحانه بكل شيء يستلزم أن يكون فاعلاً بإرادته، فإن الشعور فارق بين الفاعل بالإرادة والفاعل بالطبع، فيمتنع مع كونه عالماً أن يكون كالأمور الطبيعية التي يتولد عنها الأشياء بلا شعور- كالحار والبارد، فلا يجوز إضافة الولد إليه
- و أما إن كانت بعلمه و إختياريه فهذا يعنى سبق وجود الله الأب على إبنه الذى ولده و إتخاذه له إختياراً...و هنا تبهت الحجة فأنَى للإله أن يوجد بعد عدم؟ فإن من أوجده إختياراً يكون خالقاً له بالبداهة...لاسيما مع إيمان النصارى بتمايز الأقانيم و أن كل منها إله كامل!
و هذا أورده سبحانه ببراعة فى قوله (لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)
لأن الله لما اختار ان يتخذ الابن و هو إله لا أول له ولا أخر ولا تجد له صفات ما كانت قائمة ولا تنقضى عنه صفة قائمة..لم يتبق إلا أن (يتخذ) ولداً من (مخلوقاته) و هذا يفند معتقد النصارى...(سبحانه) منزه عن إككم ..(هو الله الواحد) ليس بثالوث...(القهار) قهار لكل ما دونه ولا يكون شىء بغي علمه و خلقه و تقديره... و فيها إشارة إلى غناه سبحانه بذاته العظيمة عن غيره ـ فالأب يحتاج لإبنه ليعينه و يكمل مسيرته أما الإله فكماله سبحانه فى وحدانيته و إفتقار الخلائق إليه

- و تدبر الرد المزلزل الذى يحدث ثورة نفسية فى قلوب من ينسب الولد لله إن كان فيها بقية من حياة فتستبصر.... ((وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً))
انظر كيف تتجلى عظمة الإله و هو يحذر عباده الضالين أن قولهم الكاذب لا عقيدة حق بل مسبة و إنتقاص.... حتى أن كون كله يتفاعل مع بشاعة ما نُسب إلى الله، فها هى السماوات تكاد تتفطر، و ها هى الأرض تكاد تنشق، و هاهى الجبال الشواهق تكاد تخر هداً من شناعة قولهم....اتخذ الرحمن ولدا

- كذلك فى قوله تعالى ((مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ))
** جاءت هذه الأية فى سياق رد القرأن على نسبةالنصارى الألوهية للمسيح، فقال تعالى (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ) هكذا حصر لحقيقة المسيح... و نلاحظ ان الله لم يقل ما المسيح إلا بشر و إنما قال ما المسيح ابن مريم إلا رسول و لذلك فوائد منها:
1- أن ذلك قمة العدل مع المسيح بوضعه فى مكانته فلا يؤله كما فعل النصارى ولا تكذب مكانته و رسالته كما فعل اليهود فقال أنه ( رسول)،،،وفوصفه بالرسول أثبت مكانته الكريمة و أيضاً تضمن بيان بشريته لأن الرسل كلهم بشر و لهذا قال تعالى (قد خلت من قبله الرسل)
2- أن كون المسيح رسول قد خلت من قبله الرسل فهذا عين الرد على ما فتن النصارى فيه.. فهم قالوا بألوهيته بسبب ميلاده المعجز و معجزاته الكبرى... فلما أخبر أنه رسول فسر بيسر سبب معجزاته ... إنها أيات من الله، و ذكرهم أنه ليس بدعاً من الرسل بل سبقه رسل قد خلت منهم موسى و إبراهيم و نوح و غيرهم ممن جاءو بأيات أكبر من أيات المسيح... و من هؤلاء الأنبياء أدم الذى كان خلقه أعظم من خلق المسيح

** ثم قال ( و أمه صديقة) و ذكر أمه هنا له فوائد منها:
1-لتبرئتها و بيان مكانتها فى الإسلام فيؤلف قلوب النصارى و يرد كيد اليهود
2- للتذكير بواقع المسيح، إذ من تعبدون هذه أمه الأمة الفقيرة إلى الله... و الأم أصل الشىء فأنى لخالق السماوات و الأرض أن يكون طفلا ضعيفاً جنيناً يقتات من رحم فتاة ضعيفة ثم يولد منها و يرضع و يُحمل ...الخ؟!
** ثم قال (كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ) و فيها نكات و فوائد جلية:
1- تذكير بحقيقة أخرى، فإن من يأكل الطعام يفتقر إلى ذلك الفضل و الله لا يفتقر لشىء ولا يُطعم ولا يُرزق بل هو الرزاق صو القوة المتين..
2- ثم أن من يأكل الطعام يأتى بلازم ذلك من التغوط و التبول و الإسهال ...الخ
فهل هذا الذى يتخفى فى الخلاء يقضى حاجته على ذلك الحال هو رب السماوات و الأرض؟!
أنظر كم من الأيات يراها القوم لا و يبصرنها يسمعونها ولا يعقلونها (انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)


[COLOR="navy"][SIZE="6"]فى حجاج المنافقين فى بخلهم :[/SIZE][/COLOR]


** تدبر قوله تعالى ((وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ الله وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السماوات والارض ))
يقول الأخ أبو عبد المعز حفظه الله:
تأمل كيف جاءت كلمة "ميراث"في الآية حاملة طاقة حجاجية خارقة مؤشره على إعجاز القرآن!!
(وَلِلَّهِ ملك السماوات والارض..)عبارة لها وظيفة حجاجية لا تنكر ولكنها تقصر كثيرا عن الحجاج الباهر في(..وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السماوات والارض)
التعبيران معا وردا في بداية سورة الحديد لكن وضع كل واحد في مقامه المعلوم!
تأتي قوة كلمة "ميراث"من كونها دالة على معنى حيازة الملكية مع معنيين آخرين :
أ-مالك سابق للمال.
ب-هلاك هذا المالك.
ج-انتقال المال إلى مالك جديد.
وحجاج الآية يستثمر بقوة معنى الهلاك ومعنى الانتقال..بحيث يصبح سلوك المنافقين في الامتناع عن الإنفاق سلوكا باهتا إن لم يكن متناقضا..
البخيل حين يمتنع عن الإنفاق ..يعلن أنه لا يريد الإنفصال عن ماله..وحجته في الغالب الأعم خشية الفقر، لذا تراه دوما يمسك ويستزيد.إنه يتوقع الإنفصال دائما لكن من جهة ماله..فهو يخشى "ذهاب المال وبقاءه هو"...
وجاء الحجاج في الآية ليصفع البخيل بتذكيره باحتمال آخروهو "أن يذهب هو ويبقى ماله لغيره"
وهذه أشد من الأولى من جهتين:
-أنها حتمية والأولى ظنية..فالفقر محتمل فقط لكن الموت يقيني..
-أنها تطعن البخيل في الصميم ..فالمال الذي يغار عليه من الناس سوف يبتذلونه ويتداولونه رغم أنفه...فظهرت المفارقة في أبشع صورة بين:
-من تكلف مشقة الجمع بدون استمتاع...
-ومن استمتع بدون تكلف مشقة الجمع...
فانظروا إلى القوة الحجاجية لكلمة ميراث-رحمكم الله-

لكن لكلمة "ميراث" عطاء ثانيا باعتبار معنى انتقال الملكية بعد هلاك صاحبها، واعتبار معنى "فِى سَبِيلِ الله"المقيد للإنفاق...فالتنديد ليس بالممتنعين عن الإنفاق بإطلاق، بل بالممتنعين عن الإنفاق في سبيل الله.. فهذا المنافق يأبى أن يتنازل عن بعض ماله لربه...
فجاء التسفيه :مالك سيرثه الله رغم أنفك..فيضيع مقصودك الأول باستبقاء المال وعدم وصوله لله..وتبوء مع ذلك بسخطه وعقوبته...
كل ملكية هي لله خلقا أولا ،و تخويلا وسطا ، وميراثا آخراً....فما أحمق من لا ينفق في سبيل الله؟!
إذ لا يكون الإنسان إلا رادا الملكية لصاحبها..فأي حرج في ذلك.. وحتى لو أبيت ردها طوعا فستردها كرها...رد وخزي معا...
فأي عاقل يختار لنفسه هذا المسلك وأي راشد يختار لنفسه ذاك المصير!!


[COLOR="Red"][SIZE="6"]و هناك نماذج أخرى كثيرة لبدائع الحجاج القرأنى كما قال الزركشى منها:-[/SIZE][/COLOR]

[COLOR="Navy"]أ-[/COLOR] الاستدلال البديع بالمبدأ على المعاد. كقوله تعالى {أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد} وقوله {أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى} وقوله {فلينظر الإنسان مم خلق؟ خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب، إنه على رجعه لقادر}
وكذلك النسج البديع لمشهد إهتزاز الأرض و ربوها و بث الحياة و الخضرة و الزرع المختلف ألوانه فيها بعد جفافهاو سكونها للإستدلال به على الحياة بعد الموت للحساب {ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى}
[COLOR="navy"]ب[/COLOR]- السبر والتقسيم بحصر الأوصاف، وإبطال أن يكون واحد منها علة للحكم، كقوله تعالى {ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أمَّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثين أمَّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}
[COLOR="navy"]جـ[/COLOR]- و أنواع أخرى من الجدل كثيرة، كمناظرة الأنبياء مع أممهم، أو فريق المؤمنين مع المنافقين، وما شابه ذلك... و كلها تعج بالفوائد اباهرات لكن لو تقصيناها لطال المقام جداً!

يتبع إن شاء الله

عارف الشمري 2011-04-02 10:09 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]الفاصلة القرأنية :[/SIZE][/COLOR]

أغلب مفردات هذا البحث منقولة بتصرف من كتابات دكتور فاضل السامرائى حفظه الله

من روائع التعبير القرأنى التناسق التام و الدقيق لفواصل الأيات بجانب جمال إيقاعها، فالفاصلة القرأنية تحوى الجمال الأدبى والغذاء المعنوى و المناسبة للأية التى وردت فيها، و هى لو توضع لتحقيق مجرد السجع كما يزعم بعض الجهال.... بدليل أن الفاصلة تخالف أحياناً سيرها داخل السورة لأن العبرة بتحقيق المعنى و من أمثلة ذلك:
قوله تعالى ((فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ )) هذه الفاصلة مغايرة للفاصلة القرآنية في باقي آيات السورة (تزكى، يخشى، هدى) لأن المقصود الأول هو المعنى. وكذلك في سورة الأنبياء الآية ((قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ)) مغايرة لباقي آيات السورة (يشهدون، ينطقون، تعقلون) وليس لها ارتباط بما قبلها وبعدها.
و لكن العجب أن الفاصلة حتى إن خالفت أخواتها فى سياق فلا تستنكر هذا الإختلاف الأسماع بل تظل الأيات تتدفق بإيقاعها الباهر فى الأذان و تنساب منها إلى القلوب!

[COLOR="Navy"][SIZE="6"]و لننظر الأن فى نماذج للفاصلة القرأنية ليتبين لنا روعة كلام البارى سبحانه:-[/SIZE][/COLOR]
** تدبر قوله تعالى ((وأضل فرعون قومه وما هدى)).
ظن البعض أنها جاءت مراعاة للفاصلة، و كان من الممكن قول (وما هداهم)... و لكن لو نظرنا لوجدنا أن قوله تعالى ( و ما هدى) أبلغ و أوسع من (و ما هداهم) إذ الأخيرة تنفى تحقيقه الهدى لقومه و لا تنفيه عن غيرهم ....أما (ما هدى) ففيه إطلاق نفي الهداية بمعنى أنه لم يهدي قومه ولا غيرهم ولم يكن أبداً سبباً في هداية أحد...فتأمل

[COLOR="Red"]**[/COLOR] تدبر قوله تعالى (((ما ودّعك ربك وما قلى))
نفى تعالى في هذه الآية شيئين: نفي التوديع وهو لا يكون إلا بين الأحباب والأصحاب
ونفى القلى الذي لا يكون إلا للمتباغضين.
فلما تكلم في الأمر المحبوب نفى الله تعالى بقوله (ما ودعك) باستخدام ضمير المخاطب إذ فيه تكريم لرسول الله صلى الله عليه و سلم بذكر حرف المخاطب
أما في قوله (وما قلى) فلا يصح استخدام (قلى) بين المحبين فلم يقل (وما قلاك) حتى لا يكون الخطاب مباشرة للرسول عليه السلام من ربه الذي يحبه ولا يقليه ....
[COLOR="red"]
**[/COLOR] تدبر قوله تعالى ((قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ *قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ))
أيات تحكى مناظرة إبراهيم عليه السلام لقومه فى عبادتهم للأصنام التى لا تملك الضر ولا النفع
ظن البعض أن إطلاقه للفظ فى قوله (يضرون) فقط ليناسب الفاصلة و أن المراد (يضرونكم)
ولا شك أن الإنسان يعبد معبوده لإعتقاده أن يملك الضر و النفع له و لغيره... و لكنه إن فكر فى النفع فيرجوه لنفسه قبل أن يرجوه لغيره، و إن فكر فى الضر فيرجوه لعدوه قبل أن يخشاه على نفسه
و هذا كما قال قوم هود لنبيهم (إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ)
و قد أشار القرأن لهذا المعنى فى مواضع كما قال تعالى (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً) و قال فى العجل (أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً)
و اللام في "لكم" دالة على الغنم ومقابلها "على" الدالة على الغرم..
كما قال تعالى (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) و قال (فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا)
فكان إطلاق اللفظ ههنا بيلغ حكيم ، لأنه إشتمل على نفى الضر الذى يخشاه المشركون على أنفسهم من هذه الأصنام و أيضاً نفى إمتلاك هذه الألهة القدرة على نصرتهم و الإضرار بعدوهم..


[COLOR="red"]**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى ((يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا))
جاءت كلمة السبيلا بالألف، و قد يظن البعض أن وضع الألف ههنا لتناسب الفاصلة فحسب، و لكن إن تأملنا الكلام في هذه الآيات سنجده نقلاً لمشهد صريخ أهل النار فى عذابهم ....و المصطرخون يمدون أصواتهم...فجاء المد في الرسولا و السبيلا إذ هو صوت الباكي... و هذا من نفائس التصوير الفنى فى القرأن
و أظهر دليل على أن المد يقصد إلى المعنى لا إلى غيره أننا نقرأ فى نفس السورة فى مطلعها قوله تعالى ((وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً * مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً))
فوردت كلمة (السبيل) ههنا على حالها بلا مد رغم مخالفتها للفاصلة قبلها و بعدها ، إذ ليس هناك صراخ ولا تصوير لألم متألم

[COLOR="red"]**[/COLOR] كذلك فى قوله تعالى ((إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا وتظنون بالله الظنونا))
يسمى علم النحو الألف فى كلمة (ظنونا) ألف الإطلاق ، و إذا انتهت بساكن يسمى مقيّد.
و الحكمة من إيرادها على هذا النحو، أنه سبحانه يصف موقف فيه من الرهبة و الترقب ما زاغت به الأبصار و تشعبت به الظنون، سواء بين المؤمنين بإختلاف درجاتهم الإيمانية، أو بين المنافقين و ما تكنه صدروهم، أو بين صفوف المشركين المعتدين، أو بين اليهود الخائنين
اختلفوا وتشابكوا فاختلفت الظنون و كثرت و تشعبت، ولذا جاءت بالإطلاق (الظنونا) وجب استخدام الألف لإطلاق الظنون.

[COLOR="red"]**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ) ....( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ)..( هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ)
من الناحية اللغوية يجوز فى ياء المتكلم الفتح والسكون (كتابي وكتابيه)
و الحكمة من إنتقاء الفاصلة على هذا النحو (ماليه، حسابيه، كتابيه، سلطانيه)
أن هذا الكلام يقال في يوم الحشر وهو يوم ثقيل ،يوم عسير ،يوم عبوس قمطرير ، يبقى فيه الناس خمسين ألف سنة في هذه الشدة حتى يفزعون إلى الأنبياء...و ييبدأ حسابهم و يلقون مصيرهم،،فلكأنها مأخوذة من الأه
فعكست الهاء نهاة المتعبين ، و خفقان قلوب المترقبين....

[COLOR="red"]**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ))
فلما ذكر الله مواجهة الأنبياء و أتباعهم للمجرمين ، ناسب أن يذكر أسباب التمكين و هو الهدى فإن من إهتدى و إتبع الحق ينصره الله فجاء النصر تبعاً للهدى مشروطاً به
كذلك رسخت الأية عقيدة فى القدر، فالله هو الله قدر وجود المجرمين بفسقهم ليبتلى المؤمنين بهم، و هو سبحانه الذى يملك هداية المؤمنين و تثبيتهم و من ثم نصرهم ليتم نوره..

[COLOR="red"]**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ))
الأية تتكلم عن أيات الله الكونية فى البحر و مخلوقاته و جريان الفلك فيه بنعمة الله و رحمته بعباده، و هى أيات للمؤمنين ، و الإيمان شطره صبر و شطره شكر كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له} رواه مسلم
فإستعاض عن ذكر المؤمن بذكر صفاته، لاسيما أن جريان الفلك فى البحر أية تستوجب الصبر و الشكر معاً
الصبر على مشقة السفر و مخاطره و ما قد يقع فى البحر من أحداث مؤلمة
و الشكر على نعمة الله و أياته الجلية في البحر و تسخير الفلك لتحمل بنى أدم فيه لمنافعهم الملائمة

[COLOR="red"]**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى ((َإِذَا جَاء أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ))
و قوله عز و جل ((وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ))
ختم الأية الأولى بقوله (المبطلون) و ختم الثانية بقوله (الكافرون) ، و ذلك لمناسبة كل كلمة منهما لسياقها
قال الكرمانى فى البرهان: [ الأولى متصل بقوله {قضى بالحق} نقيض الحق الباطل ..
و الثانى متصل بإيمان غير مجد و نقيض الإيمان الكفر {َلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ}]

[COLOR="red"]** [/COLOR]و تدبر قوله تعالى ((أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ))
فختم الأية الاولى بقوله (يسمعون) و ختم الثانية بقوله (يبصرون)
و ذلك لأن الأية الأولى الموعظة فيها سمعية خبرية إذ يقص ما حدث للأمم الماضية و هو مما يسمع لذلك قال { أولم يهدلهم}.....
اما الأية الأخرى فموعظتها مرئية لأن سوق الماء إلى الأرض الجرز مرئى فى كل وقت لذا قال فى صدرها ( أولم يروا)
- و مثله قوله تعالى ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ))
لأن الأية الأولى تتكلم عن الليل و هو يصلح للسمع دون البصر، أما الثانية تتكلم عن النهار الذى يصلح للإبصار
قال الكرامى: [إقتضت البلاغة أن {أفلا تسمعون} لمناسبة ما بين السماع و الظرف الليلى الذى يصلح للإستماع ولا يصلح للإبصار]

[COLOR="red"]**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى ((وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))
و قوله تعالى ((ِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ))
فقال فى ختام الأولى ( سميع عليم) و فى ختام الثانية (سميع بصير)
لأن الإستعاذة فى الأية الأولى من شيطان الجن الذى نعلمه ولا نراه
أما فى الأية الثانية فالإستعاذة من شيطان الإنس الذى نسمعه و نراه

[COLOR="red"]** [/COLOR]و تدبر قوله تعالى ((لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ)) الأنعام
و قوله تبارك إسمه ((لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ)) هود
فختمت الأية فى سورة النحل بـ (الخاسرون) بينما ختمت فى سورة هود بـ (الأخسرون)
و ذلك لأن أية سورة هود فيمن صُدوا عن سبيل الله و صدوا غيرهم فضوعف له العذاب { الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ....لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ }
أما أية سورة النحل فيمن صُدوا هم و لم يصدوا غيرهم { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ..... لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ }
فكان الأولون أخسر من الأخرين فجىء لهم باسم التفضيل

[COLOR="red"]**[/COLOR] وتدبر قوله تعالى ((وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ))
و قوله جل و علا ((وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ))
فختم الأيات فى سورة الرعد بقوله (عقاب) بينما ختمها فى سورة الحج بقوله (نكير)
و ذلك أن أية الرعد تذكر المستهزئين و أية الحج تذكر المكذبين..و المستهزئون أعظم جرماً من المكذبين إذ جمعو التكذب مع الإستهزاء
فناسب أن أن يستعمل فى حق المستهزئين كلمة (عقاب) إذ هى أشد موقعاً من كلمة (نكير) التى إستعملها مع المكذبين...لأن الإنكار لغة يحتمل ما فيه العقاب بالفعل و ما لا عقاب فيه، أما العقاب فغالباً يراد به الأخذ يعذاب مناسب لحال المجرم

[COLOR="red"]**[/COLOR] و مثله قوله تعالى ((فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً))
و قوله جل ثناؤه ((فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً))
فوصف خرق السفينة بأنه شىء إمر،و وصف قتل الغلام بأنه شىء نكر... والنكر أشد من الإمر
ذلك أن خرق السفينة شروع فى قتل أصحابها – على الظاهر- أما قتل الغلام فتلبس بالقتل عينه

[COLOR="red"]**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى ((وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ))
و قوله سبحانه ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين))
فختم الأولى بقوله (الخاشعين) و ختم الثانية بقوله (الصابرين)
و ذلك لأن الكلام فى الأية الأولى من أوله كان عن الصلاة و هى مرتبطة بالخشوع { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين}
أما الكلام فى الأية الثانية فكان فى سياق الحث على الصبر على البلاء فناسب ذلك أن يختمها بمدح الصبر {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}
[COLOR="red"]
**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى ((إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً))
و قوله عز و جل ((إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً))
فختم الأية الأولى بقوله (فقد إفترى إثما عظيماً) و ختم الثانية بقوله ( فقد ضل ضلالاَ بعيداً)
و ذلك كما قال صاحب [من بلاغة القرأن]
أن الأية الأولى وردت فى سياق الحديث عن يهود الذين افتروا على الله الكذب و حرفوا و هم يعلمون، فقال قبل هذه الأية {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}، و قال بعدها {انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً}
اما الأية الثانية فقد وردت فى حديث عن المشركين ، و هم مع شركهم لا يفترون إذ لا كتاب لهم أصلاً ليبدلوه، و لكنهم ضالون ضلالاَ بعيداً

[COLOR="red"]**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى ((ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ)) الأنعام
و قوله عز و جل ((وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)) هود
فختم الأية فى سورة الأنعام بقوله ( و أهلها غافلون) و ختم الأية فى سورة هود بقوله ( و أهلها مصلحون)
ذلك أن سياق الكلام فى سورة الأنعام كان عن الرسل و التبليغ و الإنذار.. فقال فى الأية التى قبلها {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ}
فلما كان الكلام عن تبليغ الرسالة بين سبحانه أنه لا يهلك قوماً غافلين دون إنذار و هذا كقوله تعالى (لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ)
أما الأية فى سورة هود فجاءت فى كلام عن الإصلاح و النهى عن الفساد فى الأرض، فقال فى الأية التى قبلها {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } فناسب ذلك أن يختمها بمدح المصلحين...

[COLOR="red"]** [/COLOR]و تدبر قوله تعالى فى قصة صالح مع قومه ((وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) الأعراف
و قوله سبحانه ((وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ)) هود
و قوله عز و جل ((َلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ)) الشعراء
فختمت الأية الأولى بقوله (عذاب أليم) و ختمت الثانية بقوله (عذاب قريب) و ختمت الثالثة بقوله (عذاب يوم عظيم) و كل فاصلة منهم ناسبت ما جرت عليه فاصلة السورة التى بها ...و مع ذلك جاءت مقصودة مناسبة للمعنى المبرز فى السياق
- أما أية سورة الأعراف ، فكما قال الكرمانى [بالغ صالح فى الوعظ فبالغ فى الوعيد فقال: عذاب أليم] و زد على ذلك أن الله سبحانه ذكر فى الأعراف تحدى قوم صالح و سخريتهم و عتوهم و لم يذكر ذلك فى أيات سورتى هود و الشعراء ،فناسب ذلك تعظيم العذاب المحذور ((قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)) الأعراف 76
- أما فى سورة هود قال الكرمانى [ لما اتصل بقوله (تمتعوا فى داركم ثلاثة أيام) ناسب ذلك أن يصف العذاب بالقرب فقال: (عذاب قريب)]
- و أما فى سورة الشعراء فقد ذكر تقسيم الماء بذكر الأيام فقال (قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ) فوعظهم أن يتموا قسمة الأيام قبل أن يأتى اليوم العظيم حيث الحساب فختم الأية بقوله (عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ)

[COLOR="red"]**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى ((وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)) إبراهيم
و قوله عز و جل ((وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)) النحل
فختم أية سورة إبراهيم بقوله (إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) و ختم أية سورة النحل بقوله (إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)
و ذلك أن السياق فى سورة إبراهيم كان يتكلم عن الإنسان أما فى سورة النحل فكان يتكلم عن الخالق سبحانه....
فأية سورة إبراهيم تذكر طلب الإنسان لنعم الله و تصرفه تجاهها فقال تعالى {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}
أما أية سورة النحل فتتكلم عن ذات الله تعالى و بيان أنه الخالق لا يخلق غيره {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17) وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}

[COLOR="red"]**[/COLOR] و تدبر قوله تعالى عن لسان إبراهيم ((َمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))
و قوله تبارك إسمه عن لسان المسيح ((إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ))
فختم الأية الأولى بقوله (فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) و ختم الثانية بقوله (فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
و ذلك لأن كلام إبراهيم إنما كان عن قوم عصوه لكنهم لم تنقطع بهم بعد سبل النجاة إذ لازالو فى الدار الدنيا..فناسب ذلك أن يدعوا إبراهيم بحلمه الله أن يغفر لهم ذلك و يرحمهم بأن يهديهم إليه
أما قول المسيح فى سورة المائدة فهو نقل لمشهد عظيم سيقع يوم القيامة، حين يقف المسيح بين يدى الله فيسأله عن الذين عبدوه فيتبرأ منهم ثم يفوض أمرهم إلى الله..فقال ختاماً (فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) لأنه يوم الحساب فلا سلطان إلا للعزيز سبحانه و هو بعزته يحكم فى خلقه، والحكيم هو الذى يضع الشىء فى موضعه، و المسيح رسول عظيم يعلم أن من مات على الكفر فلا يستحق الرحمة فلو قال ههنا ( أنت الغفور الرحيم) فلكأنه يطلب ضمناً الرحمة لهم و لكأن الله بعدم إجابته يكون قد ظلمهم، و حاشا لله

- و مثل هذا قول نوح لربه بعد أن غرق إبنه مع قومه ((وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ)) فلم يقل و أنت أرحم الراحمين.. لما سبق و بيناه
- و مثله قوله تعالى فى تقرير حد السرقة ((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) و قد تلاها أحد السلف فأخطأ و قال فى أخرها ( و الله غفور رحيم) فرده أعرابى قح دون أن يقرأها، فلما راجعها وجد أن الأعرابى محق ..وأخبره أنها تنتهى بقوله (عزيز حكيم) ثم سأله كيف عرفت أن الفاصلة الأولى خطأ؟ فأجاب: إن هذا حد حازم و موضع عزة و حكم لا موضع مغفرة و رحمة...


[COLOR="red"]****[/COLOR] و من روائع الفاصلة القرأنية وقوع التغير فيها و فى وتيرة الأيات بتغير الموضوع مما يحدث أثراً تفاعلياً فى نفس المستمع مع كلام لله تعالى و ما يعظه به..

- فمثلاً فى سورة مريم قص علينا فيها سبحانه من خبر زكريا و يحيى و عيسى إبن مريم و كانت الأيات دوماً تنتهى بالألأف ...خَفِيّاً ، شَقِيّاً ،وَلِيّاً ،،،، إلى أن تصل إلى قوله تعالى {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً}
هنا تتغير القافية بالإنتقال من بسط الأحداث إلى التعليق عليها من الله بدءاً من قوله تعالى {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ } و تسير القافية على هذا فَيَكُونُ ، مُّسْتَقِيمٌ ،عَظِيمٍ ، مُّبِينٍ ،يُؤْمِنُونَ ،،، إلى أن تصل لقوله تعالى { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }
يقول الأستاذ سيد قطب: [وهكذا يتغير نظام الفاصلة فتطول , ويتغير نظام القافية فتصبح بحرف النون أو بحرف الميم وقبلهما مد طويل . وكأنما هو في هذه الآيات الأخيرة يصدر حكما بعد نهاية القصة , مستمدا منها , ولهجة الحكم تقتضي أسلوبا موسيقيا غير أسلوب الاستعراض . وتقتضي إيقاعا قويا رصينا , بدل إيقاع القصة الرضي المسترسل ...أهـ ]
و بعدها يعود القرأن إلى القصص فيقص خبر إبراهيم و موسى و يذكر الأنبياء منتهياً بالقافية الأولى { نَّبِيّاً ، شَيْئاً ،سَوِيّاً ، عَصِيّاً ، وَلِيّاً ، مَلِيّاً ، حَفِيّاً ، شَقِيّاً}....إلخ

- مثال أخر فى سورة النبأ تبدأ الأيات بالسؤال و التقرير ((عَمَّ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ))
ثم يبدأ فى الجدل و المحاجة فتتغير القافية ((أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً * وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً * إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً))

- و فى سورة النازعات تبدأ السورة بقسم الملك سبحانه بمخلوقاته، فتشعر بقوة و سرعة فى تمرير الأيات على العقل و كلها ينتهى بقافية الألف ((وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً))
ثم تهدأ وتيرة الأيات بالإنتقال إلى التقرير و النذير و تتغير معها القافية ((يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ * يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ))
ثم تتغير القافية مرة ثالثة بالإنتقال إلى سرد قصة موسى عليه السلام ((هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى * فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى))

- كذلك فى سورة أل عمران سارت السورة على القافية الغالبة حتى قرب النهاية , فلما بدأ دعاء من طائفة من المؤمنين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم , تغيرت الفاصلة هكذا { ... رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ... إلخ}
إنه تغير فى القافية ينقل النفس إلى مقام التضرع مشاركة مع المؤمنين الذى يدعون ربهم كما قص علينا ربنا


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]الإبداع فى التقديم و التأخير :[/SIZE][/COLOR]


أغلب مفردات هذا البحث منقولة بتصرف من كتابات دكتور فاضل السامرائى حفظه الله

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تقديم هارون على موسى و موسى على هارون[/SIZE][/COLOR]

قال تعالى فى سورة طه ((فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى))
يثور السؤال لما قدم سبحانه هارون على موسى فى شورة طه، بينما الأصل تقديم موسى على هارون كما فى قوله تعالى فى سورة الشعراء ((َأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ))
الجواب : أن ذلك لم يأت فقط لموافقة الفاصلة فى سورة طه، و إنما تكرر ذكر هارون كثيراً في سورة طه (أربع مرات)
{ وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}
{ َأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى}
{ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي}
{ قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}
- كما أن الخطاب وجه إلى موسى وهارون دائماً فبنيت القصة في سورة طه على الثنائية
{ اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} { اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى } { فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} { قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى} { قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} { فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} { إنّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى } {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى } {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى}
-كذلك في سورة طه ذكر ضعف موسى البشرى (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى) بينما لم يذكر الخيفة لهارون....

أما في سورة الشعراء فقد ورد ذكر هارون مرتين فقط والخطاب في السورة كان موجهاً إلى موسى وحده في كل السورة فهي مبنية على الوحدة في الغالب وقد أورد تعالى في سورة الشعراء عناصر القوة في موسى .... ولهذا السبب اختلف السياق واقتضى التقديم والتأخير كما جاء في آيات كل من السورتين...

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تقديم و تأخير العلم و الحكمة :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى فى سورة يوسف ((َكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ))
وقال عز و جل غى سورة الأنعام((وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ))
فقدم العلم على الحكمة فى الأولى و قدم الحكمة على العلم فى الثانية
قال الكرمانى فى البرهان: [ و أما تقديم الحكيم على العليم فى سورة الأنعام فلأنه مقام تشريع الأحكام فقدم الحكم، اما فى سورة يوسف فقدم العلم على الحكمة لقوله فى أخرها و علمتنى من تأويل الأحاديث]
– و لاحظ أنه كلما إجتمع الإسمان العليم و الحكيم فى سورة الأنعام قدم الحكيم على العليم....و حيث إجتمعا فى سورة يوسف قدم العليم على الحكيم
ذلك أن مواطن يوسف كلها مواظن العلم أولاً، و مواطن الأنعام كلما مواطن الحكمة او الحكم أولاً


[COLOR="navy"][SIZE="6"]تقديم و تأخير تقسيم الرزق فى سورتى الأنعام و الإسراء :[/SIZE][/COLOR]

قال تعالى فى سورة الأنعام ((وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ))
و قال جل و علا فى سورة الإسراء ((َوَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم))
جاءت الأيتان فى سياق النهى عن عن قتل الولد و تبيان أن الرزق من الله ، و لكن قدم الأباء فى الرزق فى سورة الأنعام،و قدم الذرية فى الرزق فى سورة الإسراء
و سر ذلك أن الأية الاولى تخاطب الفقراء الذين يرفضون الإنجاب بسبب فقرهم فبدأ الله تعالى بطمأنتهم أولاً و تقديمهم،
أما الأية الثانية فتخاطب أغنياء يخشون أن يفتقروا إن عالوا ذرية، و لهذا قدم ذكر الذرية فى الرزق لطمأنتهم

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تقديم و تأخير المغفرة و الرحمة :[/SIZE][/COLOR]

دائماً تأتى المغفرة مقدمة على الرحمة فى القرأن فنقرأ كثيراً أنه تعالى (غفور الرحيم) و ذلك لان درأ المفدسة مقدم على جلب المصلحة، فالعبد يرجو أن يتجاوز الله عن ما أفسد و أذنب ، ثم يرجو أن يتنعم بخير الدنيا و الأخرة برحمة الله إذ لا يدخل أحد جنة الله إلا برحمته
و لكن قال تعالى إستثناءً من هذا الأصل ، إلا أية فى سورة سبأ قال تعالى فيها ((يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ)) فقدم الرحمة على المغفرة..
و سر ذلك أن الأية كانت تتكلم عن علم الله تعالى و العلم قرين الرحمة فى القرأن فناسب ذلك تقديم الرحمة
كما قال تعالى { كتاب فصلناه على علم هدى و رحمة} وقال عز و جل { فوجدا عبداً من عبادنا أتيناه رحمة و اتيناه من لدنا علما} و قال تبارك إسمه { ربنا وسعت كل شىء رحمة و علما}
إذ أن العلم إن كان شرعياً فهو رحمة من الله لعباده و منة ، و كذلك إن كان دنيوياً فإن لم يقرن بالرحمة كان أداة فساد و تشويه، كما نرى فى يومنا لما علم الغرب الكافر ظاهراً من الحياة الدنيا إستعمل علمه فى صناعة أصلحة الدمار و سرطنة الطعام و ما لوث الهواء و السمع و البصر و الحياة...

- أيضاً لو قرأنا الآية في سورة سبأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ) لم يتقدّم الآية ما يخصّ المكلَّفين أبداً والمغفرة لا تأتي إلا للمكلَّفين والمذنبين الذين يغفر الله تعالى لهم، وإنما جاء ذكرهم بعد الآيتين الأولى والثانية لذا اقتضى تأخير الغفور لتأخر المغفور لهم في سياق الآية. أما في باقي سور القرآن الكريم فقد وردت الغفور الرحيم لأنه تقدّم ذكر المكلَّفين فيذنبون فيغفر الله تعالى لهم فتطلّب تقديم المغفرة على الرحمة.

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تقديم و تأخير المال و النفس[/SIZE][/COLOR] :

قال تعالى فى يسورة أل عمران ((لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ)) و قال عز و جل فى سورة النساء ((َفضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً))
أما فى سورة التوبة فقال تعالى ((إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ)) فقدم ههنا النفس على المال
و سبب ذلك أن الأيات السابقة كانت تتحدث عن البذل و البلاء و الجهاد ، فناسب تقديم ذكر المال لأنه وسيلة التقوى بالعدة و تجهيز الجيوش لتحقيق القوة و من ثم الجهاد بالنفس ، ثم أن الإنسان يفدى نفسه بماله فلو خير بن حياته و بين ماله لقدم بذل ماله...
و لكن لما كان الحديث عن الاخرة و الجنة كما فى سورة التوبة فناسب ذلك تقديم النفس لأنها الموعودة بالجنة و لأنها الأغلى من المال فناسبت غلاء الجنة ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة....


[COLOR="navy"][SIZE="6"]تقديم وتأخير اللهو على اللعب في آية سورة العنكبوت :[/SIZE][/COLOR]

كل الآيات في القرآن جاء اللعب مقدّماً على اللهو إلا فى أية من سورة العنكبوت (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).
و سر ذلك أن الأية التى سبقت هذه الأية مباشرة قال تعالى فيها (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) والرزق ليس من مدعاة اللعب وإنما اللهو كما في قوله تعالى في سورة المنافقون (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تقديم وتأخير كلمة (شهيداً) في آية سورة العنكبوت وآية سورة الإسراء :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى في سورة العنكبوت (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ‏)
وقال في سورة الإسراء (قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً)
في آية سورة الإسراء ختم تعالى الآية بذكر صفاته (خبيراً بصيرا) لذا اقتضى أن يُقدّم صفته (شهيداً) على (بيني وبينكم)، أما في آية سورة العنكبوت فقد ختمت الآية بصفات البشر (أولئك هم الخاسرون) لذا اقتضى تقديم ما يتعلّق بالبشر (بيني وبينكم) على (شهيدا).

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تقديم وتأخير الأرض والسماء في سورتى يونس و سبأ :[/SIZE][/COLOR]


قال تعالى فى سورة يونس (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)
وقال عز و جل فى سورة سبأ (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)
الكلام في سورة يونس عن أهل الأرض و عملهم فيها، فناسب أن يقدم الأرض على السماء في قوله تعالى (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء) أما في سورة سبأ فالكلام عن الساعة والساعة يأتي أمرها من السماء وتبدأ بأهل السماء (فصعق من في السموات والأرض) و(ففزع من في السموات ومن في الأرض) ولذلك قدّم السماء على الأرض في قوله تعالى (لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض).
واستخدمت السماء في سورة يونس لأن السياق في الإستغراق فجاء بأوسع حالة وهي السماء لأنها أوسع بكثير من السموات في بعض الأحيان. فالسماء واحدة وهي تعني السموات أو كل ما علا وفي سورة سبأ استخدم السموات حسب ما يقتضيه السياق.

[SIZE="6"][COLOR="navy"]تقديم وتأخير الصابئين في آيتي سورة البقرة والمائدة :[/COLOR][/SIZE]

قال تعالى في سورة البقرة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)
وقال في سورة المائدة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)
الآيتان فيهما تشابه واختلاف وزيادة في إحداها عن الأخرى.
في سورة البقرة قدّم النصارى على الصابئين (النصب جاء مع العطف لتوكيد العطف)، وفي آية سورة المائدة قدّم الصابئون على النصارى ورفعها بدل النصب.
فمن حيث التقديم والتأخير ننظر في سياق السورتين الذي يعين على فهم التشابه والإختلاف، ففي آية سورة المائدة جاءت الآيات بعدها تتناول عقيدة النصارى والتثليث وعقيدتهم بالمسيح وكأن النصارى لم يؤمنوا بالتوحيد فيما تذكر الآيات في السورة (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ...) ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ...) ثم جاء التهديد (وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ...) هذا السياق لم يذكر هذا الأمر في سورة البقرة وهكذا اقتضى تقديم الصابئين على النصارى في آية سورة المائدة. فلما كان الكلام في ذم معتقدات النصارى اقتضى تأخيرهم عن الصابئين لبيان حقيقة مكانة دينهم.

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تقديم وتأخير اللهو على التجارة في آية سورة الجمعة :[/SIZE][/COLOR]
قال تعالى (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ‏)
نزلت هذه الأية بينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخطب بعد صلاة الجمعة فجاءت العير بتجارة وكانت سنة شديدة فانفضّ الناس بسبب التجارة وليس بسبب اللهو ، فعندما نودي أن القافلة وصلت انفضّ الناس عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولهذا قدّم التجارة في أول الآية (وإذا رأوا تجارة).
ثم في نهاية الآية قدّم تعالى اللهو على التجارة لأن الذين ينشغلون باللهو عن الصلاة أكثر من الذين ينشغلون بالتجارة تحديداً عنها، إذ أبواب اللهو كثيرة و اهل اللهو أشد بعداً عن الله و طلب الأخرة ، فناسب تقديهم فى الذكر و التذكير بأن ما عند الله تعالى خيرٌ من اللهو ومن التجارة ...
وهناك أمر آخر وهو تكرار (من) في قوله تعالى (من اللهو ومن التجارة) لأنه لو قال (من اللهو والتجارة) لأفاد أن الخيرية لا تكون إلا باجتماعهما أي اللهو والتجارة أما قوله تعالى (من اللهو ومن التجارة) فهي تفيد أن الخيرية من اللهو على جهة الإستقلال ومن التجارة على جهة الإستقلال أيضاً فإن اجتمعا زاد الأمر سوءاً.

[SIZE="6"][COLOR="navy"]تقديم (ما تسبق من أمة أجلها) على (ما يستأخرون) في آية سورة الحجر والمؤمنون [/COLOR][/SIZE]:

قال تعالى في سورة الحجر (مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ) وقال في سورة المؤمنون (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ) بتقديم (ما تسبق) على (ما يستأخرون)
أما في سورة الأعراف فقد جاءت الآية بقوله (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) بتقديم (لا يستأخرون) على (لا يستقدمون).
وإذا لاحظنا الآيات في القرآن نجد أن تقديم (ما تسبق من أمة أجلها) على (وما يستأخرون) لم تأت إلا في مقام الإهلاك والعقوبة.

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تقديم وتأخير كلمة ( تخفوا ) في آية سورة البقرة وسورة آل عمران :[/SIZE][/COLOR]

قال تعالى في سورة البقرة (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
وقال في آل عمران (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
المحاسبة في سورة البقرة هي على ما يُبدي الإنسان وليس ما يُخفي ففي سياق المحاسبة قدّم الإبداء أما في سورة آل عمران فالآية في سياق العلم لذا قدّم الإخفاء لأنه سبحانه يعلم السر وأخفى.

[SIZE="6"][COLOR="navy"]تقديم الشتاء على الصيف والجوع على الخوف في سورة قريش :[/COLOR][/SIZE]

قال تعالى في سورة قريش (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1} إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ {2} فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ {4}‏ ) والمعروف أن حاجة الإنسان للطعام في الشتاء أكثر من الصيف، والخوف في الصيف أكثر لأنه فيه يكثر قطّاع الطرق والزواحف، لذا لما قدّم تعالى الشتاء قدم ذكرالجوع فى الأية التالية، و لما أخر ذكر الصيف أخر ذكر الخوف، وقال أيضاً أطعمهم ولم يقل أشبعهم لأن الإطعام أفضل من الإشباع. ولقد جاءت سورة قريش بعد سورة الفيل للتركيز على الأمن في البيت الحرام بعد عام الفيل...و هذا كله يدخل أيضاً فى التناسق الموضوعى الذى سنعقد له فصلاً مستقلاً بمشيئة الله

[SIZE="6"][COLOR="navy"]تقدّيم البصر على السمع في آية سورة الكهف وآية سورة السجدة [/COLOR][/SIZE]:


قال تعالى في سورة الكهف (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً)
وقال في سورة السجدة (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ)
والمعلوم أن الأكثر في القرآن تقديم السمع على البصر لأن السمع أهم من البصر في التكليف والتبليغ ،ففاقد البصر الذي يسمع يمكن تبليغه أما فاقد السمع فيصعب تبليغه ، بالإضافة إلى أن السمع ينشأ في الإنسان قبل البصر في التكوين.
أما لماذا قدّم البصر على السمع في الآيتين المذكورتين فالسبب يعود إلى أنه في آية سورة الكهف الكلام عن أصحاب الكهف الذين فروا من قومهم لئلا يراهم أحد ولجأوا إلى ظلمة الكهف لكيلا يراهم أحد لكن الله تعالى يراهم في تقلبهم في ظلمة الكهف وكذلك طلبوا من صاحبهم أن يتلطف حتى لا يراه القوم إذن مسألة البصر هنا أهم من السمع فاقتضى تقديم البصر على السمع في الآية.
وكذلك في آية سورة السجدة، الكلام عن المجرمون الذين كانوا في الدنيا يسمعون عن القيامة وأحوالها ولا يبصرون لكن ما يسمعوه كان يدخل في مجال الشك والظنّ ولو تيقنوا لآمنوا أما في الآخرة فقد أبصروا ما كانوا يسمعون عنه لأنهم أصبحوا في مجال اليقين وهو ميدان البصر (عين اليقين) والآخرة ميدان الرؤية وليس ميدان السمع وكما يقال ليس الخبر كالمعاينة. فعندما رأوا في الآخرة ما كانوا يسمعونه ويشكون فيه تغير الحال ولذا اقتضى تقديم البصر على السمع.

[SIZE="6"][COLOR="navy"]تقديم وتأخير الجن والإنس في آيتي الإسراء والرحمن :[/COLOR][/SIZE]


قال تعالى: ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) الإسراء
وقال عز وجل : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ) الرحمن
قدم في الأولى الإنس وقدم في الثانية الجن لأن مضمون الآية هو التحدي بالإتيان بمثل القرآن ، ولا شك أن مدار التحدي على لغة القرآن ونظمه وبلاغته وحسن بيانه وفصاحته.
والإنس في هذا المجال هم المقدمون ، وهم أصحاب البلاغة وأعمدة الفصاحة وأساطين البيان ، فإتيان ذلك من قبلهم أولى ، ولذلك كان تقديمهم أولى ليناسب ما يتلاءم مع طبيعتهم.
أما الآية الثانية فإن الحديث فيها عن النفاذ من أقطار السموات والأرض ، ولا شك أن هذا هو ميدان الجن لتنقلهم وسرعة حركتهم الطيفية وبلوغهم أن يتخذوا مقاعد في في السماء للاستماع ، كما قال تعالى على لسانهم : " وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع " الجن 9
فقدم الجن على الإنس لأن النفاذ مما يناسب خواصهم وماهية أجسامهم أكثر من الإنس

[SIZE="6"][COLOR="navy"]تقديم وتأخير (يؤمنون بالله) في آيات سورة آل عمران:[/COLOR][/SIZE]


قال الله تعالى في سورة آل عمران ((لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ))
وقال تعالى في في نفس السورة ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ))
فقدم الإيمان على الأمر بالمعروف فى الأية الأولى، و قدم الأمر بالمعروف على الإيمان فى الثانية، وذلك أن الخطاب في الأخيرة للمسلمين، ونحن آخر الأمم من حيث الترتيب الزمني. فجاء الإيمان بالله آخراً لأن هناك من سبقونا بالايمان من أهل الكتاب من اليهود والنصارى، كما أن هذه الأمة إشتهرت بالأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، و فتحت البلاد لدعوتهم لذلك
أما في الآية الأولى فالخطاب لأهل الكتاب الذين أسلموا قبل بعثة الرسول وفي زمن أنبيائهم موسى وعيسى عليهما السلام لذا جاء قوله تعالى يؤمنون بالله أولاً في الترتيب ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و لأن الناهين عن المنكر فيهم قليل ، فاليهود لا يدعون غيرهم إلى دينهم، و النصارى من تعاليمهم (لا تقاوموا الشر) كما أن دين المسيح الحقيقى لم تتسن الدعو له كما وقع بعد تحريفه!
و لهذا ذكر الله السمة العامة لأهل الكتاب إلا من رحم الله منهم فقال
((لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ* كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ))

عارف الشمري 2011-04-02 10:29 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]التناسق الموضوعى :[/SIZE][/COLOR]

من أوجه إعجاز القران الحكيم أنه و رغم نزوله مفرقاً منجماً على مدار ثلاثة و عشرين سنة،و رغم تداخل موضوعاته و تعدد أطروحاته ، فإننا بالنظر فيه نجده وحدة واحدة متناسقة، و مواضيعه متناغمة متناسبة فيما بينها، و مقاصدة متممة على أكمل وجه، فقصصه متناهية البلاغة و التصوير، و محققة للعبرة بأفضل تعبير، و كذا الوعيد و الوعيد، و التذكرة و العظات، و الأحكام و التشريعات، و العقائد و الأخلاق، ما فُرط فى الكتاب من شىء فتبارك الله رب العالمسن
و بالنظرر فى بعض أوجه التناسب الموضوعى نجد فيه:-
[COLOR="Blue"]*[/COLOR] التناسب بين صدر السور و ختامها
[COLOR="blue"]*[/COLOR] التناسب بين كل سورة و السورة التى تليها
[COLOR="blue"]*[/COLOR] التناسب بين الأية و الأية التى تليها فى السورة
[COLOR="blue"]*[/COLOR] التناسب بين أجزاء السورة الواحدة جملة
[COLOR="blue"]*[/COLOR] التناسب بين بداية القرأن كله و ختامه
و لنضرب أمثلة على كل مما سبق لنعاين عظمة القرأن كلمة الله الخالدة:

[COLOR="Navy"]التناسب بين بداية القرأن كله و ختامه :[/COLOR]
تدور رسالة القرأن كله على التوحيد، و أن الله سبحانه متفرد (بالألوهية) فهو المعبود المطاع (الربوبية) فهو الخالق الرازق المحيى المييت (الملك) فهو المتصرف فى أمر ملكه و العبيد عبيده يحكم فيهم فى الدنيا بشرعه و فى الأخره بقهره سبحانه
و هذه المعانى الثلاث هى التى يرددها المسلم فى تلبية فى الحج الأكبر:
فيقر الألوهية بقوله: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد..
و يقر الربوبية بقوله: و النعمة لك، أى هو الخالق الرازق المنعم
و تقرير الملك بقوله: و الملك لا شريك لك

و هذا هو المعنى الذى نجده فى قوله تعالى فى أول الفاتحة:
( الحمد لله) فهذا هو توحيد الألوهية أننا نتوجه لله بالحمد و حمده بعبادته و دعاءه و الثناء عليه، كما أن لفظ الجلالة (الله) مشتق من الإله بمعنى الإشتراك فى اللفظ و المعنى
(رب العالمين) و هذا تقرير الربوبية
(مالك يوم الدين) و فى قراءة (ملك يوم الدين) و هذا تقرير الملك

و و هذه المعانى الثلاث فى أول سورة فى القرأن هى ذاتها المتقررة فى أخر سورة فى القرأن سورة الناس
(قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس)
فتأمل....

[COLOR="navy"][SIZE="6"]من امثلة التناسب بين صدر السورة و ختامها[/SIZE][/COLOR] :

[COLOR="RoyalBlue"]سورة أل عمران[/COLOR]
أفتتحت بذكر إنزال القرأن و كذلك التوراة و الإنجيل من قبل ليهدى الناس للإيمان ((نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ..))
و ختمها بقوله تعالى (( و َإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ..))
و أفتتحت بدعاء المؤمنين اللعالمين و منه قولهم((إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ))
و أختتمت بدعاء المؤمنين اللبيبين و منه قولهم ((إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ))

[COLOR="royalblue"]سورة النساء[/COLOR]
أفتتحت بذكر بدء الخلق و الولادة ((أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء))
و ختمت بأحكام الوفاة و البتر ((إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ))

و فتحت بذكر الرجل و النساء ((وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء))
و ختمت كذلك ((وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء))

و فتحت بأيات المواريث و الكلالة ((ِّللرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ..))
((وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ..))

و ختمت كذلك ((يسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ..))


[COLOR="royalblue"]سورة المائدة [/COLOR]
بدأت ببيان مسائل أحكام حتى قال تعالى ((إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ))1
و ختمت ببيان أن الله مالك الملك و الملك يحكم فى ملكه ما يريد
((لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))120

و بدأت بتحريم الصيد ( فى الإحرام) و الشهر الحرام و الهدى و القلائد
((أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ.* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ..))1

و ختمت بذلك أيضاً
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ..))95
((جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ))97

و فى أولها إحلال بهيمة الأنعام ((أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ))1
و فى أخرها الوعيد لمن حرم منها ما لم يحرمه الله ((مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ))103

و فى أولها ((َلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً..))12
و فى أخرها ((لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً..))70

و فى أولها ((لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ..))17
و فى أخرها كذلك ((َّلقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)) 72

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]سورة الأنعام[/COLOR][/SIZE]
فى أولها ((ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ))1
و فى أخرها ((وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ))150

و فى أولها ((أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ)) إلى قوله (( وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ)) 6
و فى أخرها ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ))165

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]سورة الأعراف[/SIZE][/COLOR]
فى أولها ((وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ))2
و فى أخرها ((تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ))201

و فى أولها ((اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ))3
و فى أخرها ((قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي)) 203

و فى أولها ذكر الشيطان و تكبره عن السجود ((قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ))11
و فى أخرها ذكر الملائكة الركع السجود ((إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ))206

و فى أولها ((ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً)) 55
و فى أخرها ((وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً))205

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]سورة الأنفال[/COLOR][/SIZE]
أفتتحت بقوله عن المؤمنين ((أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ))4
و أختتمت بقوله ((أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)) 74

سورة التوبة
[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]أفتتحت بقوله [/COLOR][/SIZE]((وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ))3
و أختتمت بقوله ((فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)) 129

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]سورة يونس [/SIZE][/COLOR]
أفتتحت بقوله ((أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ))2
و أختمت بقوله ((وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ))109

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]سورة يوسف[/SIZE][/COLOR]
أفتتحت بقوله ((نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ))3
و أختتمت بقوله ((لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى))111

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]سورة الروم[/COLOR][/SIZE]
بدأت بقوله تعالى ((الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ))
و كان أخرها تأكيد تحقيق وعد الله
((فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ))

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]سورة الإسراء[/SIZE][/COLOR]
أفتتحت بالتسبيح ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ))
و أختتمت بالتحميد ((وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ))

و فى أولها يسبح سبحانه نفسه ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ))
و فى أخرها يسبحه المؤمنون ((وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا))108

و فى أولها ذكر موسى ((وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً)) 2
و فى أخرها ذكر موسى ((وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ))101
[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]
سورة المؤمنون[/SIZE][/COLOR]
فى أولها ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ))1
و فى أخرها ((إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ))117

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]سورة القصص[/SIZE][/COLOR]
بدأت بقوله ((تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ))2
و ختمت بقوله ((وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ))86

و فى أولها ((فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ))17
و فى أخرها ((َلَا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِّلْكَافِرِينَ))86

و فى أولها هجرة موسى من وطنه و العودة إليه، و فى أخرها النبوءة للنبى بالعودة إلى مكة

و فى أولها ((وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ))5
و فى أخرها ((تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) 83
و كذا البشارة للنبى و المؤمنين الذين استضعفوا فى الأرض بالإمامة و أن يرثوا الأرض و يفتحوا مكة ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ))85

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]سورة العنكبوت[/SIZE][/COLOR]
بدأت بقوله تعالى ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ))
فبينت أن المؤمنين لابد أن يبتلوا و يصبروا و يجاهدو حتى يدللو على صدق إيمانهم
و ختمت ببيان الجزاء الحسن لمن صبر و جاهد فى سبيل الله و صمد امام فتن الدنيا ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ))

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]سورة الأحزاب [/SIZE][/COLOR]
جاء فى أولها أمر الله تحذير الله لنبيه من المنافقين و الكافرين و
((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً))1
و ختمت بالوعيد للكافرين و المنافقين ((لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ ..))73

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]سورة ص[/COLOR][/SIZE]
بدأت بقوله ((وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ))1
و أختتمت بقوله ((إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ))87

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]سورة الممتحنة[/COLOR][/SIZE]
بدأت بقوله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء))1
و ختمت بقوله ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ))13

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]سورة الحشر [/SIZE][/COLOR]
بدأت بقوله ((سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ))1
و ختمت بقوله ((يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ))24


[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]سورة التحريم[/COLOR][/SIZE]
بدأت بذكر أزواج النبى صلى الله عليه و سلم، و ختمت بذكر إمرأتين من نساء الجنة
و بدأت بالتحذير من التظاهر علي رسول الله ، و ختمت بذكر زوجتى نوح و لوط لما خانتاهما فلم يعنيا عنهما شيئا أ تحذيراً لأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم و تخويفا

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]سورة القلم[/SIZE][/COLOR]
بدأت بقوله تعالى ((مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ))2
و ختمت بقوله ((َإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ))51

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]سورة عبس[/COLOR][/SIZE]
بدأت بذكر العبوس و هو من صفة الوجه ((عَبَسَ وَتَوَلَّى))
و ختمت بوصف الوجوه أيضاً
((جُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ))

و هكذا يسير الحال مع كل السور القرأنية فلا بد أن تجد تناسباً بين ما يطرحه أولها و ما يرد فى أخرها و لولا خشية الإطالة لأوردنا ذلك مفصلاً لكن من أردا التوسع فعليه بكتاب (مراصد المطالع ) للإمام السيوطى رحمه الله بتحقيق د. محمد يوسف الشربجى



[COLOR="Navy"]من أمثلة التناسب بين السورة و السورة التى تليها :[/COLOR]

[COLOR="RoyalBlue"]المثال الأول[/COLOR]
ختمت سورة البقرة بقوله ((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ))
و جاءت بداية أل عمران مصدقة لهذا بقوله تعالى ((نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ))

و جاء فى أخر سورة البقرة قوله ((وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ ))
و جاء فى بداية سورة أل عمران قوله ((قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ))

و جاء فى أخر سورة البقرة تقرير الربوبية ((لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ))
فجاء فى أول سورة أل عمران تقرير الألوهية ((اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))

و أختتمت البقرة بدعاء المؤمنين ((رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ))
و أفتتحت سورة أل عمران بدعاء المؤمنين ((رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ))


[COLOR="RoyalBlue"]المثال الثانى[/COLOR]
أختتمت سورة أل عمران بالأمر بالتقوى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))
و أفتتحت سورة النساء بالأمر بالتقوى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ))

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]المثال الثالث[/SIZE][/COLOR]
سورة النساء أختتمت بذكر حكم من الأحكام ((يسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ))
و أفتتحت سورة المائدة بالأمر بالوفاء بالعقود و منها اتباع احكام الشرع الحنيف ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ))
كما أنها تناولت أيضاً جملة من الأحكام ((أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ))

[COLOR="RoyalBlue"][SIZE="6"]المثال الرابع[/SIZE][/COLOR]
سورة المائدة ختمت بتعظيم الله و تقرير الربوبية ((لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))
و بدأت سورة الأنعام بتعظيم الله و تقرير الربوبية ((الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ))

سورة المائدة ختمت بسؤال الله للمسيح عن الذين عبدوه من دونه ((وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ))
و بدأت سورة الأنعام بتكفير الذين يعدلون بالله أحداً كمن قالوا إن الله له ابن او انه المسيح ابن مريم ((ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ))

و فى ختام سورة المائدة قوله سبحانه على لسان المسيح ((ِإن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ))
و فى بداية سورة الأنعام قوله تعالى فى تقرير تفرده بالألوهية و علم الغيب ((وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ))

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]المثال الخامس[/COLOR][/SIZE]
فى ختام سورة الأنعام إمتن سبحانه على المؤمنين أن جعلهم خلائف لمن أهلكهم قبلهم ((َهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ))
و فى بداية سورة الأعراف ذكر خبر من أهلكهم سبحانه من قبل ((وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ))

و جاء فى ختام سورة الأنعام قوله تعالى ((وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)) (155)
و فى بداية سورة الأعراف قوله ((اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ))3

و جاء فى ختام الأنعام أمره تعالى لنبيه ((قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) (162)
و فى بداية سورة الأعراف أمره لنبيه أن يؤدى رسالته خالصاُ لله غير مبال بغيره (( كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ))


[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]المثال السادس[/COLOR][/SIZE]
فى ختام سورة الأعراف الأمر بذكر الله خوفاً و إنابة ((وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ)) (205)
و فى بداية سورة الأنفال وصف المؤمنين بخشية الله و وجل القلوب لذكره ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ))(2)

و فى ختام سورة الأعراف بيان حال المؤمنين فى التعامل مع نزغ الشيطان و فتنته ((إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ))201
و فى أول سورة الأنفال ضرب مثلا على ذلك بالذين سألوا عن الأنفال- غنائم يوم بدر- فأمرهم سبحانه أن يردوا حكمها لله و الرسول، و امرهم بالتقوى و الإصلاح و ترك النزاع بينهم
((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ))1

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]المثال السابع [/COLOR][/SIZE]
فى ختام سورة النحل يواسى سبحانه نبيه الكريم، فأمره الله بالصبر و عدم الحزن او الضيق مما يلقاه من الأذى، خاتماً بأن الله تعالى ولى المتقين المحسنين
((وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ)) (128)
و فى بداية سورة الإسراء ذكر حادثة الإسراء التى كانت أعظم تخفيف و تسلية لرسول الله و أعظم ما رأى من الأيات الكبرى، و كانت بعد أن مر بكربات متلاحقة من موت خديجة و عمه و رفض الناس دعوته و تعديهم على شخصه الكريم حتى رشقوه بالحجارة!
((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ))1

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]المثال الثامن[/SIZE][/COLOR]
سورة الإسراء أختتمت بحمد لله و نفى الولد عنه ((وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً))
و سورة الكهف بدأت بحمد لله و الوعيد لمن نسب له الولد ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا )) إلى قوله ((وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ))

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]المثال التاسع[/COLOR][/SIZE]
فى ختام سورة هود قوله تعالى ((وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ))120
و فى بداية سورة يوسف قوله عز و جل ((َنحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ))3

[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]المثال العاشر[/SIZE][/COLOR]
فى ختام سورة المؤمنين قوله تعالى ((وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ))
فكانت الإستجابة بقوله تعالى ((سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ))
لأن القرأن بكل ما فيه من العقائد و الأحكام و القصص هو رحمة الرحمن الرحيم ((وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))
فتتجلى الرحمة بالتصريح بالسورة فى بداية سورة النور و أنه سبحانه أنزلها تعظيماً لقدرها، و أنزل فيها أيات جعلها مبينة لتهدى الناس للحق بلا ريب رحمة من لدنه
فكل القرأن رحمة حتى ما يشتمله من حدود و جزاءات ، لأنها رحمة بالمجتمع ككل و تأديب و كفارة من رب العالمين

كما أن بداية سورة المؤمنين فيها بيان أن الزنا معصية ((وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ))

ففصل فى صدر سورة النور العقوبة المقررة على هذا التعدى ((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ))

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]المثال الحادى عشر[/COLOR][/SIZE]
ختمت سورة السجدة بقوله تعالى ((فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ))
و أفتتحت سورة الأحزاب بقوله ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ..))

[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]المثال الثانى عشر[/COLOR][/SIZE]
جاء فى ختام سورة الأحزاب قوله تعالى ((لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ))
و ‏أفتتحت سورة سبأ بقوله ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ))
فكان هذا الوصف فى أول سبأ لائقاً بذلك الحكم فى أخر الأحزاب ،فإن الملك العام والقدرة التامة يقتضيان ذلك
كما أنه ختم الأية بقوله ( و هو الحكيم الخبير) فالحكيم الذى يضع الأمور فى موضعها فيعذب من يستحق و يرحم من يستحق، كما أن الخبير هو الذى يعلم سبحانه أمور عباده و قلوبهم فيعلم المنافقات و المنافقات و إن أظهروا الإيمان!

و جاءت خاتمة سورة الأحزاب‏:‏ ‏{‏وكانَ اللَهُ غَفوراً رَحيماً‏ }‏ وفاصلة الآية الثانية من مطلع سبأ‏:‏ ‏{ وهوَ الرحيم الغفور}‏


[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]المثال الثالث عشر[/SIZE][/COLOR]
سورة الواقعة متآخية مع سورة الرحمن في أن كلا منهما في وصف القيامة والجنة والنار
وانظر إلى اتصال قوله فى الواقعة ((إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ )) بقوله فى سورة الرحمن ((فإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء))‏ ولهذا اقتصر في الرحمن على ذكر انشقاق السماء وفي الواقعة على ذكر رج الأرض فكأن السورتين لتلازمهما واتحادهما سورة واحدة ولهذا عكس في الترتيب فذكر في أول هذه السورة ما ذكره في آخر تلك وفي آخر هذه ما في أول الأخرى
فافتتح الرحمن بذكر القرآن ثم ذكر الشمس والقمر ثم ذكر النبات ثم خلق الإنسان والجان من مارج من نار ثم صفة القيامة ثم صفة النار ثم صفة الجنة
وابتدأ الواقعة هذه بذكر القيامة ثم صفة الجنة ثم صفة النار ثم خلق الإنسان ثم النبات ثم الماء ثم النار ثم النجوم ولم يذكرها في الرحمن كما لم يذكر فى الواقعة الشمس والقمر ثم ذكر القرآن فكانت هذه السورة كالمقابلة لتلك وكردّ العجز على الصدر


[COLOR="royalblue"][SIZE="6"]المثال الرابع عشر[/SIZE][/COLOR]
سورة نوح جاءت متأخية مع سورة الجن
* ذلك أن سورة نوح أفتتحت بذكر أول رسول أرسل للبشر و أن دعوته خاصة بقومه و هو نوح عليه السلام
((إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ))
و سورة الجن أفتتحت بذكر أخر رسول أوحى إليه و بيان أن دعوته عامة للإنس و الجن صلى الله عليه و سلم
((قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً))

* و كان قوم نوح قد عبدوا الأصنام بعدما كان التوحيد فى الأرض
كذلك قوم رسول الله عبدوا الأصنام بعدما كان التوحيد فى الأرض

* و كانت عبادة قوم نوح للأصنام بسبب تزيين الشيطان ،كما جاء فى الحديث القدسى((خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن فطرتهم))
حتى عاتبهم نوح لكذبهم على الله ((مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً))
و هذا ما تبرأ منه الجن الذين أسلموا
((وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً))

*و فى سورة نوح الوعد برزق السماء لمن أمن
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً*يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً))
و كذلك فى سورة الجن
((وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً))

* و فى سورة نوح الوعد بالبعث بعد الموت
((وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً* ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً))
و فى سورة الجن إعلامهم بالبعث بعد الموت
((وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً))

* و فى سورة نوح قوله عن خسران العصاة
((قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً)) حتى قوله ((مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً))
و فى سورة الجن قوله عن خسران العصاة
((وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً))


[SIZE="6"][COLOR="royalblue"]المثال الخامس عشر[/COLOR][/SIZE]
*سورة الهمزة متأخية مع سورة الفيل، إذ لما ذكر سبحانه فى الهمزة ، الذى جمع مالا و تقوى به و تجبر ، عقب بذكر قصة أصحاب الفيل الذين كانو شديدى القوة و اكثر مالاً و عتواً، و قد جعل الله كيدهم فى تضليل و اهلكهم بأصغر الطير و أضعفه
فمن كان قصارى تعزيه بالمال و همز اللسان كان أقرب للهلاك و أدنى للذلة

*كما أن سورة الفيل تناسب سورة قريش بعدها
إذ واقعة الفيل حدثت لقريش ، و نجاهم الله من عدوهم و أمنهم من الخوف تكريماً للبيت الحرام، فناسب ذلك أن يأمرهم فى سورة قريش بأن يعبدو رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع و أمنهم من خوف



[SIZE="6"][COLOR="Navy"]أمثلة على تناسب كل أية مع الأية التى تليها :[/COLOR][/SIZE]


[COLOR="Green"]المثال الأول[/COLOR]
تدبر قوله تعالى فى سور أل عمران حاكيا عن الجهاد و نصر الله ((وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) ....إلى قوله تعالى ((وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ))
ثم قال فى الأية التالية (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))

و مناسبة ذكر الربا فى سياق أيات الجهاد، و بالتحديد بعد ذكر نصر بعد الذى جاء فى وقت الذل و الإستضعاف، هو التنبيه إلى أن الربا من أسباب الهزيمة و الذل بعد العزة ، لأنه من أخبث الخبائث إذ أن المرابى لا يحارب عدوه البشرى فقط بل يحارب ربه ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ))
و من يخذله الله فلا ناصر له و من يذله فلا معز له
و لهذا بين رسول الله أن الربا (العينة) من أهم أسباب نزول الذل و الهزيمة فقال صلى الله عليه و سلم:
[إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ] صحيح بمجموع طرقه، رواه أبوداود وأحمد.

[SIZE="6"][COLOR="green"]المثال الثانى[/COLOR][/SIZE]
تدبر قوله تعالى فى سورة النساء ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ))
ثم قوله فى الأية التالية (( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ))

و التناسب بين الأيتين أنه سبحانه لما أشار في الأولى إلى نزول القرأن من لدنه و وصفه بأنه (نور مبين) ، قسم الناس إلى نوعين ، الأول هم {الذين آمنوا بالله }و{ واعتصموا به } أي تمسكوا بحكمه و شرعه و جعلوه عصاماً لهم { فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }
و تلك الرحمة و ذلك الهدى فى الدنيا و الأخرة، و رحمة الدنيا بالتوفيق لإتباع شرعه و الوقوف على حدوده و تعظيم محارمه..

أما النوع الثانى فهم الكافرون و المنافقون الذين { إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ } صدوا عن رسول الله صدوداً و ابتغو حكم الجاهلية عن حكم الله، و قد تم ذكرهم من قبل قريباً فى ذات السورة ، فأعرض عن ذكرهم لمعرفة العقل بهم بداهة و أنهم نقيض النوع الأول فى الصفات و فى المأل ، فكان هذا من بلاغة الإيجاز فى القرأن
ووضع موضعهم حكماً من أحكام الفرائض المفتتح بها السورة التي هي من أعظم مقاصدها من غير حرف عطف، بل بكمال الاتصال، فقال { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } إشارة إلى عظيم مكانة الشرع، و أن الله هو المشرع الأوحد و أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مبلغ عن ربه، حتى وصل إلى قوله فى أخر الأية { يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ }
فكان هذا تفسير قوله عن القرأن (نوراً مبياً) يهتدى به الناس فى ظلمات الدنيا ، و تفسير لقوله (وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً) فهذه الفرائض هى من جملة هداية الله كى لا يضل الناس...فتأمل.

[COLOR="green"][SIZE="6"]المثال الثالث[/SIZE][/COLOR]
قال تعالى فى سورة إبراهيم (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ * قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ * اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ * وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ))

ثم قال فى الأيات التالية ((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـاذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ))

و التناسب بين الأيات الأولى و الأيات التى تقص خبر إبراهيم بعدها عظيم
- فالأيات الأولى تبكت مشركى قريش الذى بدلوا نعمة الله بالتوحيد و البيت الحرام كفراً و جعلو لله أندادا ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ))
فذكرهم سبحانه بأبيهم إبراهيم إمام الموحدين الذى لم يك من المشركين ، و الذى بنى لهم البيت لتتم نعمة الله عليهم و دعا الله أن يجنبه و بنيه أن يعبدو الأصنام التى صاروا يعبدونها من بعده و بدلوا بذلك نعمة الله
((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـاذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ))

- كذلك فى الأيات الأولى وجه الله أمره للمؤمنين أن يقيموا الصلاة (( قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ))
و من ثم عدد نعمه على عبيده حتى بلغ قوله تعالى ((وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ))
لأن إقامة الصلوات و فعل الخيرات سبب فى تنزل الرحمات و تعدد المعطيات
فناسب ذلك تذكيرهم بأن أرضهم هذه كانت واد مقفر لا زرع فيه ولا حياة و إنما أعطاهم الله الماء و الحياة و جمع له خيرات الأرض بدعاء إبراهيم الموحد لما سكنها ، و إبراهيم ما سكنها إلا لتقام الصلاة فتأمل
((رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ))

[SIZE="6"][COLOR="green"]المثال الرابع[/COLOR][/SIZE]
تدبر قوله تعالى فى سورة الإسراء ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))
و قواه فى الأية التالية ((وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً))

و مناسبة ذكر موسى بعد ذكر حادثة الإسراء عظيمة
أن يوم الإسراء التقى رسول الله صلى الله عليه و سلم بموسى فصلى به و بسائر النبيين إماما فى المسجد الأقصى ،فكأنه يشير إلى تبعية موسى لرسول الله صلى الله عليه و سلم الذى جعله الله إمام النبيين و إمام المسجدين ..
لذلك أمر سبحانه بنى إسرائيل فى أخر الأيات قائلا (ألا تتخذو من دونى وكيلا) فحذرهم من معصيته ، و ذكرهم بعهده باتباع النبى الذى يجدونه فى الكتاب الذى أتاه الله موسى هدى لهم

،- كذلك إلتقى رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك اليوم بموسى فى السماء الخامسة
و كان موسى هو الذى يراجع رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى يراجع ربه فى أعظم فريضة فرضت فى الإسلام بعد شهادة الحق و هى الصلاة، و كان له فضل علينا فى تخفيف هذه الصلاة ، و تفرد موسى بذلك للتشابه الكبير بينه و بين رسول الله صلى الله عليه و سلم

[COLOR="green"][SIZE="6"]المثال الخامس[/SIZE][/COLOR]
فى سورة النمل قال سبحانه ((حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ ))
ثم قال فى الأية التالية (( أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ))
و التناسب بين الأيتين ، أن الله تعالى لما أخبر بأمر غيبى و هو أمر القيامة و أحداثها ، ذكر أياته المشاهدة لتكون دلالة على الخالق و على صدق الوعد بالبعث و الحساب، و هذا كثير فى القرأن أن يوثق اليقين فى الغيبيات بسرد الأيات المشاهدات

[SIZE="6"][COLOR="green"]المثال السادس[/COLOR][/SIZE]
تدبر سبب ورود قصة قارون فى سورة القصص فى موضعها، و بيان ذلك على النحو التالى:
1- سورة القصص بنيت على قصة نبى الله موسى ، فناسب ذكر قارون فيها لأنه من قوم موسى ((إنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى))

2- أن سورة القصص دارت حول معنى مدح المؤمنين المستضعفين و الوعد لهم، و ذم الكافرين المستكبرين و الوعيد لهم
ففى أولها قوله تعالى ((وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ))
و فى أخرها قوله تعالى ((تلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))

فناسب ذلك ذكر فرعون (عدو موسى) الذى تكبر فى الأرض و ادعى الألوهية
((إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ))
((وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي))
((وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ))
ولما جعل الله المؤمنين أئمة الفلاح كما قال فى صدر السورة، جعل جزاء فرعون و قومه أنهم أئمة الخسران ((وجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ)) فأنظر إلى التناسب العجيب بين الأيات و الكلمات و المضمون!

وناسب ذلك أيضاً أن يذكر قارون الذى كان شيمته التكبر و الغرور حتى نسى فضل ربه فقال عن ماله ((قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي))
فكان جزاءه قريبا من جزاء فرعون ، فهذا أجرى الله الأنهار من فوقه بعد أن قال ( و هذه الأنهار تجرى من تحتى) و ذاك خسف به الأرض و جعلها فوقه

3- لما ذكرت الأيات فى صدرالقصص خبر نبى الله موسى ،أتبعها سبحانه بذكر موقف قوم رسول لله صلى الله عليه و سلم منه ، حين إستكبروا عن القرأن و قالوا عنه و عنه التوراة ((قالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ))
فعقب بتذكيرهم أنه سبحانه يهلك القرى التى بطرت معيشتها و فسدت عقائدها ((وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ))
فناسب ذلك أن يضرب مثلاً بقارون لأنه من قوم موسى فبغى عليه كما كانت قريش قوم رسول الله فبغوا عليه!
لذلك قال فى سياق قصة قارون ((أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ))

4- أن ذكر قارون فيه تسلية لرسول الله لأن الله أخبره فى سورة القصص أنه لا يهدى من يحب و لو كان أقرب الأقربين و إنما الهدى هدى الله ((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ))
فذكر قارون الذى كان من قوم موسى بل و من المقربين حتى اغتر بنفسه و نسى ربه،فيطمئن قلب رسول الله أن هذه سنة جارية و أن الفضل بالتقوى

5- أخيراً فإن الأيات عن قارون سبقها مباشرة بيان عجز البشر و ضعفهم فى الدنيا و أن الله المتصرف فيهم كيفما يشاء
((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ))
كما تضمنت بيان عجز البشر و ضعفهم فى الأخرة و أن الله هو المتصرف فيهم كيفما يشاء
(( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ))
فلما قدم ببيان حقيقة الإنسان و ضعف قوته و قلة حيلته و إفتقاره إلى مولاه فى الدنيا و الأخرة سبحانه، ذكر قصة قارون لتكون عبرة و تذكرة ملائمة لهذا المعنى،فلا يغتر إنسان بقوة أو مال و يعلم أن الله جبار عليه و فوقه قهار

[COLOR="green"][SIZE="6"]المثال السابع[/SIZE][/COLOR]
فى سورة سبأ قال تعالى ((أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ))
ثم قال تعالى ((وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ))
و التناسب بين الأيتين بديع:
ففى الأية الأولى يوقف سبحانه الكافرين على مكانتهم الحقيقة، فهم لا حول لهم ولا قوة ، ولا قيمة لهم عند ربهم إن كفروا، فلا أرض تقلهم ولا سماء تظلهم من الله ، بل تكون الأض و السماء نقمة عليهم و عذاب
و ختم الأية سبحانه ببيان أن فى ذلك عبرة لكل (عَبْدٍ مُّنِيبٍ)
(فالعبد) الذى أتم أركان العبودية و قام فى مقامها لله (المنيب) الذى يتوب و يعود إلى ربه متضرعاً ،ذاك من يستفيد قلبه بالذكر و يتعظ به فيرفع الله قدره
فناسب ذلك أن يذكر سبحانه نبى عظيم من أنبياءه و هو داود عليه السلام الذى شهد له القرأن بتحقيق مقام العبودية و الإنابة كما قال تعالى فى سورة ص
((اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ))
و أيضاً لأن من الأيات التى إختص الله بها داود أن سخر الله له الجبال و الطير تنيب معه و ألان له الحديد و لإبنه سليمان سخر له الريح و الطير و الجن
فكانت الأيات أشبه بمقارنة حية بين الكافرين الصاغرين الممقوتين عند ربهم و عند مخلوقاته فى الأرض و السماء
و بين المؤمنين المكرمين عند ربهم و عند مخلوقاته فى الأرض و السماء

[SIZE="6"][COLOR="green"]المثال الثامن[/COLOR][/SIZE]
تدبر قوله تعالى فى سورة لقمان ((وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ))
ثم قوله فى الأية التالية (( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ *وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون))
و العلاقة بين الأية الأولى و الثانية، أن الله تعالى بعدما وصى الوالد بولده بالنصح له كما فعل لقمان، ، ناسب أن يوصي الولد بوالده. فالإسلام يراعي التوازن والوسطية والعدل في الحقوق والواجبات لجميع أصناف الناس.
كما أن النهي عن الشرك، لا يعني عدم جواز طاعة الوالدين، بحجة خشية الوقوع في الشرك، فناسب ذلك التنبيه على بر الوالدين و الأحسان لهما بعد التحذير من الشرك
ولا يستبعد أن تكون التوصية بالوالدين جزءاً من موعظة لقمان لابنه، ونسَبَها إلى الله تعالى (ووصينا) بإسناد فعل التوصية إلى الله تعالى؛ إشارة إلى أنه لولا شريعة الله تعالى لما فطنتم لمثل هذا، فمصدر الهداية هو الله تعالى،أو يكون المراد: وصينا بمثل ما وصَّى به، وأسند الفعل إليه ـ سبحانه وتعالى ـ؛ لبيان أهمية طاعة الوالدين

[COLOR="green"][SIZE="6"]المثال التاسع [/SIZE][/COLOR]

تدبر قوله تعالى فى سورة الحديد ((أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ))
ثم قوله فى الأية التالية ((اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ))

و العلاقة بين الثانية و الأولى، أنه سبحانه يشبه القلوب بالأرض فكام أنها تكون ميتة فينزل الله سبحانه الماء فيحييها و يثمرها، كذلك القلوب ميتة بدون ذكر الله و معرفته، فأحياها الله بنزول أيات القران و لهذا أمر المؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله و ما نزل من الحق

[SIZE="6"][COLOR="green"]المثال العاشر[/COLOR][/SIZE]
بدأ الله تعالى سورة المنافقين بفضح أحوالهم و سرد الكلام عنهم و بكيتهم حتى بلغ قوله جل و علا
((وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ))
و قال بعد ذلك مباشرة مخاطباً المؤمنين
(( ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـائِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ))

و التناسب بين الأيات محكم، إذ لما حكى سبحانه حال المنافقين و عجائب نفوسهم المريضة نبه على أن علة ذلك طمس البصيرة، و علة طمس البصيرة الإقبال بجميع القلب على الدنيا و زينتها و الإعراض عن الله و الإنفاق فى سبيله، كما قال تعالى فى سورة التوبة
((وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِين َ* فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ*فأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ))
و هذا يظهر جلياً فى قولهم هنا ((هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ))
فناسب ذلك أن تتبع هذه الأيات تحذير الله للمؤمنين من الإقبال على الدنيا وأن تلههم أموالهم و اولادهم عن ذكر ، و من ثم حثهم على الإقبال على الأخرة و النفقة فى سبيل الله
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ..))
و أيضاً فإن هذا التعلق بالمال و الدنيا و عدم اليقين فى أن الله مالك الملك و رازق الرزق هو عين ما حذر الله منه المؤمنين فى ختام سورة الجمعة التى تسبق سورة المنافقين فقال
((وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ))
فتنبه إلى التلاحم بين الأيات و السور أرشدك الله


[COLOR="green"][SIZE="6"]المثال الحاشر عشر[/SIZE][/COLOR]
تناولت سورة الطلاق جملة من أحكام للنساء فى أمور الطلاق و السكن و النفقة و الرضاع ، ولما كانت أمور النساء في المعاشرة والمفارقة من المعاسرة والمياسرة في غاية المشقة، فلا يحمل على العدل فيها والعفة إلا خوف الله، كررسبحانه الحث على التقوى إشارة إلى ذلك وترغيباً في لزوم ما حده سبحانه، فقال عز و جل
((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ))
((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً))
((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً ))
حتى قال عز و جل ((لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ))

ثم قال بعد هذه الأيات مباشرة
((وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُواْ اللَّهَ ياأُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُواْ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً ))

و هذه الأيات متكاملة تماماً مع سابقتها إذ لما كان الأمر قد بلغ النهاية في الأحكام والمواعظ والترغيب لمن أطاع، فلم يبق إلا التهديد لمن عصى بما شوهد من المثلات وبالغ العقوبات، و هكذت تكامل الوعد مع الوعيد

ولما تمت الأحكام ودلائلها، وأحكمت الآيات وفواصلها، والتهديدات وغوائلها، كانت ثمرة سياقها وموعظتها الأمر بالتقوى فقال تعالى : { فَاتَّقُواْ اللَّهَ ياأُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُواْ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً }
فمن كانوا لهم سمع و بصيرة و عقول منيرة فليتعظو بالموعظة و يتقوا الله بإمتثال أمره و إجتناب نهيه الذى تضمنه ذكره المنزل على قلب نبيه

[COLOR="green"][SIZE="6"]المثال الثانى عشر[/SIZE][/COLOR]
كذلك فى سورة قريش لما قال تعالى ((لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ))
قال بعدها سبحانه ((الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ))
فقدم ذكر نعمة الرزق و الإطعام لأنه قدم ذكر التجارة و رحلة الشتاء و الصيف
و ذكر بعد ذلك نعمة الأمن من الخوف لأنها كانت بسبب وجود البيت الحرام فى أرضهم و هو المتأخر ذكره فى الأيات الأولى



[SIZE="6"][COLOR="green"][COLOR="Navy"]أمثلة على التناسب بين أجزاء السورة الواحدة جميعاً :[/COLOR][/COLOR][/SIZE]

[COLOR="Indigo"]المثال الأول[/COLOR]
سورة الضحى (( وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى . مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى . وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى . وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى . أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى . وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى . وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى . فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ . وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ . وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ))
يظهر التناسق الفنى و الموضوعى فى هذه السورة من خلال تدبر الإيقاع رتيب الحركات، وئيد الخطوات , رقيق الأصداء ، و التمعن فى اللفظ المختار الذى أطلق جواً من الحنان اللطيف , والرحمة الوديعة , والرضاء الشامل , والشجى الشفيف ..... فلما أراد إطاراً لهذه الأجواء جعل الإطار من الضحى الرائق , ومن الليل الساجي . أصفى آنين من آونة الليل والنهار , وأشف آنين تسري فيهما التأملات . وساقهما في اللفظ المناسب ..
فالليل هو ( الليل إذا سجى ) لا الليل على إطلاقه بوحشته وظلامه , الليل الساجي الذي يرق ويصفو , وتغشاه سحابة رقيقة من الشجى الشفيف , كجو اليتم والعيلة ، ثم ينكشف ويجلي , ويعقبه الضحى الرائق , مع ( ما ودعك ربك وما قلى , وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى ) فتلتئم ألوان الصورة مع ألوان الإطار , ويتم التناسق والإتساق .
و لاحظ التناسب بين قوله تعالى ((أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى))
ثم قوله فى الأيات التالية ((فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ))
نجد تلاحماً بين الموهوبات و التكليفات
- فلما قال (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى) ناسب أن يطالب رسوله بالرفق باليتامى (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)
- و لما قال ( وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى) ناسب أن يأمر نبيه بالإحسان إلى السائلين (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) لأن المسئول ليس فقط المال و إنما يشمل كل الخيرات و على رأسها العلم الذى هو الأمر الوحيد الذى سأل رسول الله ربه الإستزادة منه ((وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً))
- و لما قال (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى) ناسب ذلك أن يأمر نبيه بإظهار نعمة ربه عليه (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
[COLOR="indigo"][SIZE="6"]
المثال الثانى [/SIZE][/COLOR]
و الأن تدبر سورة الليل
(( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى* وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى* وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى* إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى*فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى*وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى* إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى* وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى* فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى* لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى* الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى* وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى* الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى* وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى* إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى* وَلَسَوْفَ يَرْضَى ))
أنظر إلى روعة بناء السورة الواحدة على الثنائية ، فى إطار المقابلة بين الأبيض و الأسود !
- فتقرأ فيها: (الليل إذا يغشى) ،وتقرأ بعدها (النهار إذا تجلى) , المقابل تماما لليل إذا يغشى .
وتقرأ فيها : (الذكر والأنثى) المتقابلان في النوع والخلقة .
- و تقرأ فيها: (من أعطى و اتقى و صدق بالحسنى)، و تقرأ مقابله (من بخل و استغنى و كذب بالحسنى)
- و تقرأ فيها: للمتقى (فسنيسره لليسرى) و تقرأ للمسىء (فسنيسره للعسرى) المقابل تماما!
- و تقرأ فيها: ( الأخرة و الأولى) ، و هما متقابلتان
- و تقرأ فيها عن النار ( لا يصلها إلى الأشقى) و تقرأ فى المقابل ( و سيجنبها الأتقى)
و تقرأ فيها ( الذى كذب و تولى) و مقابله تماما ( الذى يؤتى ماله يتزكى....إبتغاء وجه ربه)
فذلك إطار مناسب للصورة التي يضمها .

أما الإيقاع المصاحب , فهي أخشن وأعلى من نظيره فى " الضحى " لذلك كان التعبير بـ (الليل إذا يغشى) لا بـ (الليل إذا سجى) الذى هو تعبير أرق فى سياقه، ولكن يظل أيضاً التعبير هنا ليس عنيفاً ولا قاسياً , لأن الجو للسرد والبيان , أكثر مما هو للهول والتحذير، فتأمل!

[SIZE="6"][COLOR="indigo"]المثال الثالث[/COLOR][/SIZE]
والآن استمع إلى إيقاع مختلف , وانظر إلى إطار آخر , لصورة تقابل هذه الصورة
((وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً* فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً* فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً* فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً* فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً* إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ* وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ* وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ* وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ* إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ ))
تجد الإيقاع هنا شبيه بنظيره فى " النازعات " بل هو أشد وأعنف , فيه خشونة ودمدمة وفرقعة ، تناسب الجو الصاخب المعفر الذي تنشئه القبور المبعثرة , والصدور المحصل ما فيها بقوة . وجو الجحود وشدة الأثرة .. فلما أراد لهذا كله إطارا مناسبا , اختاره من الجو الصاخب المعفر كذلك , تثيره الخيل الضابحة بأصواتها , القادحة بحوافرها , المغيرة مع الصباح , المثيرة للغبار ؛ فكان الإطار من الصورة , والصورة من الإطار , لدقة التنسيق وجمال الاختيار .

[COLOR="indigo"][SIZE="6"]المثال الرابع[/SIZE][/COLOR]- و تدبر سورة من قصار السور و هى خذ سورة " الفلق " .
ثم انظر ما الجو المراد إطلاقه فيها ؟ إنه جو التعويذة , بما فيه من خفاء وهيمنة وغموض . وإبهام . فاسمع
(( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ . مِن شَرِّ مَا خَلَقَ . وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ . وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ . وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ))
فما الفلق الذي يستعيذ بربه ؟ نختار من معانيه الكثيرة معنى الفجر , لأنه أنسب في الاستعاذة به من ظلام ما سيأتي : مما خلق , ومن الغاسق , والنفاثات , والحسد . ولأن فيه إبهاما خاصا سنعلم حكمته بعد قليل .
يعوذ برب الفجر " من شر ما خلق " هكذا بالتنكير وبما الموصولة الشاملة . وفي هذا التنكير والشمول يتحقق الغموض والظلام المعنوي في العموم . " ومن شر غاسق إذا وقب " الليل حين يدخل ظلامه إلى كل شئ , ويمسي مرهوبا مخوفا . " ومن شر النفاثات في العقد " وجو النفث في العقد من الساحرات والكواهن كله رهبة وخفاء وظلام , بل هن لا ينفثن غالبا إلا في الظلام . " ومن شر حاسد إذا حسد " والحسد انفعال باطني مطمور في ظلام النفس , غامض كذلك مرهوب .
الجو كله ظلام ورهبة , وخفاء وغموض . وهو يستعيذ من هذا الظلام بالله , والله رب كل شئ . فخصصه هنا " برب الفلق " لينسجم مع جو الصورة كلها , ويشترك فيه . ولقد كان المتبادر إلى الذهن أن يعوذ من الظلام برب النور , ولكن الذهن هنا ليس المحكم , إنما المحكم هو حاسة التصوير الدقيقة . فالنور يكشف الغموض المرهوب , ولا يتسق مع جو الغسق والنفث في العقد , ولا مع جو الحسد . و" الفلق " يؤدي معنى النور من الوجهة الذهنية ثم يتسق مع الجو العام من الوجهة التصويرية , وهو مرحلة قبل سطوع النور , تجمع بين النور والظلمة , ولها جوها الغامض المسحور .
ثم ما هي أجزاء الصورة هنا أو محتويات المشهد ؟
هي من ناحية : " الفلق " و" الغاسق " مشهدان من مشاهد الطبيعة .
ومن ناحية : " النفاثات في العقد " و" حاسد إذا حسد " مخلوقان آدميان .
وهي من ناحية : " الفلق " و " الغاسق " مشهدان متقابلان في الزمان .
ومن ناحية : " النفاثات " و" الحاسد : جنسان متقابلان في الإنسان .

[COLOR="Blue"]**[/COLOR] و نوع آخر من تصوير الألفاظ بجرسها يبدو في سورة الناس
(( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ . مَلِكِ النَّاسِ . إِلَهِ النَّاسِ . مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ . الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ . مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ ))
اقرأها متوالية تجد صوتك يحدث " وسوسة " كاملة تناسب جو السورة . جو وسوسة " الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس " .
[منقول بتصرف من التصوير الفنى فى القرأن]

[COLOR="blue"][SIZE="6"]المثال الخامس[/SIZE][/COLOR]
سورة المجادلة، هى سورة تتبدى فيها روائع التنسيق، و عجائب التصريف، و هى التى تكرر ذكر لفظ الجلالة (الله) فى كل أياتها!

* لما ختمت الحديد ببيان عجز الخلق و التفرد بعظيم الفضل لله
سبحانه
((وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ))
كان سماع أصوات جميع الخلائق من غير أن يشغل صوت عن صوت وكلام عن كلام من الفضل العظيم،
وكان علمه سبحانه بشكوى المؤمنة المسكينة من ظهار زوجها وإزالة ضررها بحكم عام لها ولغيرها معلماً بأنه ذو الفضل العظيم
(( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيا إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ))

* و لما انتهى سبحانه من بيان كفارة الظهار و أتم نعمته على المؤمنين ختم الحكم بقوله
((وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
و هذا تحذير منه سبحانه لمن يتجاوز حدوده و يعرض عن حكمه ،
فناسب ذلك أن يبدأ الأية التالية بتفصيل عذاب الكافرين الذى يتجاوزون حدود الله (يحادونه)
(( إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ))

* و لما كانت السورة منذ بدايتها تتناول قدرة الله العظيمة و أنه مع عباده بسمعه و بصره و علمه، لا يخفى عنه منهم خافية أتبع هذه الأيات بالحديث عن علمه الواسع سبحانه بسرهم و جهرهم و بيان هذه المعية، ثم تكلم عن النجوى و هى الحديث سراً ، فذم من بتناجى بالإثم و معصية الرسول، و مدح من يتناجى بالبر و التقوى....
((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىا ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىا مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ))
((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُواْ عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ))
((ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى..))

و ختم ذلك ببيان أن النجوى بالإثم هى من فعل الشيطان ليحزن المؤمنين
((إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ..))

*ولما ذكر ما يحزن من السر لكونه إختصاصاً عن الجليس بالمقال ، أتبعه بالنهى عن الإختصاص بالمقام ،وهو مباعدة الأجسام مما يرتب ذات الظن المذموم، معلماً لهم بكمال رحمته مراعاة حسن الأدب بينهم.
((ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُواْ يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ..))

*ولما كانت التوسعة يكفي فيها التزحزح مع دوام الجلوس تارة وأخرى تدعو الحاجة فيها إلى القيام للتحول من مكان إلى آخر أمرهم الله قائلا
((وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا ..))
و حتى يؤلف قلوبهم على طاعة الأمر أتبع ذلك ببيان جزاء الإستجابة
((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ))

*ولما نهى عما يحزن من المقال والمقام، بينما كانت مناجاة رسول الله
صلى الله عليه و سلم لا حرج فيها، أكثر البعض من ذلك بقصد الترفع حتى شق عليه صلى الله عليه وسلم،فأُمر من أراد أن يناجيه بالتصدق ليكون ذلك أمارة على صدق الحاجة و الإيمان ، و لما تحقق المراد و هو التنبيه إلى الرفق برسول الله و عدم إكثار المناجاة خفف عنهم ليتم نعمته سبحانه
َ(( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))
((أأشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ...))
ثم أمرهم ان يشكروا نعمته بالتخفيف عنهم بإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة
((فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ))

*ولما أخبر فى اخر الأية السابقة بإحاطة عمله (( و الله خبير بما تعملون)) أتبع ذلك بفضح المنافقين الذين يبطنون الكفر و يظهرون الإيمان و توعدهم
((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ *أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)) حتى قوله تعالى ((أُوْلَـائِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ ))


* و لما كانت السورة بدأت الوعيد لمن يحادون الله ( يتجاوزون حدوده) ناسب أن تختم بذلك
((إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـائِكَ فِي الأَذَلِّينَ))

* و لما أتم سبحانه نعمته على المؤمنين الملتزمين حدوده و الوعيد للكافرين المتعدين حدوده و بيان أنهم حزب الشيطان و أنهم الخاسرون
ختم السورة بأمره للمؤمنين أن يتبرئو مما حاد الله و رسوله و لو كانو أقرب الأقربين و ختم بييان أن هؤلاء هم حزب الله و أنهم الفائزون

((لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوااْ آبَآءَهُمْ ......... أُوْلَـائِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))


[COLOR="blue"][SIZE="6"]المثال السادس[/SIZE][/COLOR]
سورة الأحزاب ، و هى سورة عظيمة يتجلى فيها ما يعرف بـ "التجانس" و "التميز"
هذه الثنائية تقوم على ادعائين:
- دعوى أن القرآن كله متجانس في أسلوبه متشابه فى نسجه.
-دعوى أن كل سورة في القرآن تتميز عن أخواتها أسلوبا ونسجا.
فيكون الوجه الإعجازي جليا:اقتراب متزامن من نهايتين متضادتين:تميز الأفراد بحيث يتجانس المجموع.....!!ويتشابه المجموع في حين ينزع كل فرد إلى التفرد...!!
و قد تميزت سورة الأحزاب المباركة- مثلاً- عن أخواتها بظاهرة أسلوبية يسهل التقاطها بمجرد قراءة السورة وقد لا تتكرر في أية سورة أخرى بالوتيرة ذاتها....و هى ظاهرة "التعدد والتعداد" أو الاسترسال في العطف.
ومن الطريف أن نلاحظ بدءا أن اسم السورة –الأحزاب-مؤشر قوي على معنىالتعدد والتعداد..
كما أن مطلع السورة الندائي الذي يقرع الأذن يدخل القاريء إلى فضاء سيستأنس فيه بتكرار النداءات وتعددها على نحو لا يجده في سورة أخرى.لقد أحصيت 13 نداء :

-يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّه.
-يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.
-يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ.
. يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ
-يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء.
-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيرا.
-يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيرا.
-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ.
-يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَك.
-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ.
-يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ-
-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى.
-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً.

تعدد المنادى : النبي خمس مرات، المؤمنون ست مرات, ونساء النبي مرتين.
ومابين نداء ونداء يمر التالي بسلسلة من "التعدادات" حتى يتيقن أن التعداد هي ميزة السورة بلا ريب........

أليس في سورة الأحزاب:
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}
تعداد مبارك لأهل البر ذكورا وإناثا بلغ عشرين – أوعشرة أزواج-

أليس في سورة الأحزاب:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}
تعداد لما أحل الله لرسوله .-سبع أصناف-

وهذا تعداد في سياق آخر:
{لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً}
-سبع أصناف –

وهذه آيتان هما أجمع لصفات النبي صلى الله عليه وسلم وهما من "الأحزاب"طبعا:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً}
-سبع صفات أيضا:النبوة والرسالة والشهادة والبشارة والنذارة والدعوة إلى الله والهدى-

وهذه سلسلة من أدب المؤمنين مع نبيهم ونسائه معدودة في كل الأحوال:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً}

وهذا تعداد لأولي العزم من الرسل وهم خمسة من صفوة خلق الله:
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً}

ثم تمضي السورة المباركة في تعداد أنواع المشركين والمنافقين وتعداد ما أفاء الله على المؤمنين في غزوتهم......إلى ان تصل إلى التعداد الختامي:

{ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً.}
كتبه الشيخ أبى عبدالمعز


[COLOR="blue"][SIZE="6"]المثال السابع[/SIZE][/COLOR]
سورة البقرة

[COLOR="sienna"]أولاً:[/COLOR]
إشتملت هذه السورة العظيمة على الدين كله:-
* إشتملت على أركان الإسلام الخمس ، ففيها ذكر التوحيد و الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج
* و إشتملت كذلك على أركان الإيمان
((كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ))
* تألف نظمها العجيب من مقدمة و أربعة مقاصد و خاتمة كما رتبها الدكتور دراز رحمه الله:
1)المقدمة : تعريف بالقران الكريم و بيان أنه يؤمن به المتقين و يعرض عنه من لا قلب له أو كان فى قلبه مرض
2)المقصد الأول: دعوة الناس عامة إلى إعتناق الإسلام
3)المقصد الثانى: دعوة أهل الكتاب خاصة إلى إعتناق الإسلام
4)المقصد الثالث: عرض شرائع هذا الدين تفصيلا
5)المقصد الرابع:ذكر الوازع الدينى الذى يدفع لإلتزام تلك الشرائع
6)الخاتمة:فى التعريف بالذين إستجابوا لدعوة الله المشتملة على تلك المقاصد و بيان ما ينتظرهم فى عاجلهم و أجلهم

[COLOR="Sienna"]ثانياً:[/COLOR]
* يتناسب أول السورة مع أخرسورة الفاتحة، إذ ختمت سورة الفاتحة بتصنيف الناس إلى (المنعم عليهم، و المغضوب عليهم، و الضالين)
كذلك بدأت سورة البقرة بتصنيف الناس إلى (متقين، و كافرين، و منافقين) و هى أصناف تشملها الأصناف المذكورة فى أخر الفاتحة
* و يتناسب أول السورة مع اخرها إذ بدأت بذكر المؤمنين و اختتمت بذكر المؤمنين
((ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ..))
((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ..))
* كذلك يتناسب اخر سورة البقرة مع أول سورة أل عمران ، إذ أختتمت بذكر المؤمنين و إيمانهم بالله و كتبه
((أمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ))
و بدأ أل عمران بتفصيل الكتب التى أنزلها سبحانه
((َنزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ))

[COLOR="sienna"]ثالثاً:[/COLOR]
* لما كانت أول سورة فى القرأن بعد الفاتحة راعت الأولية فى كل شىء:-
- فبدأت بثلاثة أحرف مقطعة عجيبة ، تدعو الناس لليقين أن علمهم قاصر أمام علم ربهم، و أنهم عجزهم ظاهر أمام قرأن يتحداهم بيد أنه يتألف من أحرف لغتهم التى يتقنون!
- ثم كان أول ما تكلمت عنه هو حقيقة القرأن نفسه
فذُكر موصوفاً بثلاثة صفات، أنه الكتاب (فلا كتاب مثله)، و أنه لا ريب فيه ، و أنه هدى ...
و هكذا كان موقع هذه الجمل الثلاث بعد تلك الأحرف الثلاثة موقع التنويه بالمقصود بعد التنبيه إليه!
- ثم انتقلت لتصنيف من أنزل إليهم هذا الكتاب ، و هم البشر جميعاً فصنفتهم أيضاًً ثلاثة أصناف:
1- المؤمنين ((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ))
2- الكافرين ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ))
3- المنافقين ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ))
و لاحظ بلاغة الإنتتقال لهذا التصنيف، إذ مزج الحديثين مزجاً يدع أقدر الناس تصريفاً للقول لا يفطن لما حدث بينهما من إنتقال، و ذلك بقوله (هدى للمتقين) فكان حرف اللام فقط هو المعبر السرى الذى إنزلق منه الكلام لتصنيف البشر تفصيلاً!

* ثم إنتقال سبحانه لأول نداء و أول أمر فى القرأن كله ، و لما كان أول النداءات، كان أعمها فوجهه إلى كل الناس، و كان أعظمها إذ دعاهم إلى شهادة لا إله إلا الله!
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ))
- و تأمل الإنتقال من تصنيف الناس و الكلام عنهم بصيغة الغائب إلى نداءهم بصيغة المتكلم، ذلك أنهم بعد أن كانوا غيباً فى أول الحديث أصبحوا بعد وصف القرأن الشافى و ضرب الأمثال الوافى حاضرين فى الخيال كأنهم رأى عين!
- كما أن نداءهم مباشرة فيه شعور برحمة المربى سبحانه و هو ينادى عباده للنجاة نداءً تكاد تسمعه بمجرد قراءته، لاسيما بعدما تبين خطورة ما هم عليه من العمى بالأمثال المضروبة

* و بعد دعوة البشر إلى لا إله إلا الله ثنى بإثبات الركن الأخر فى الشهادة ... محمد رسول الله
فمن شك فى نبوته صلى الله عليه و سلم فليأتى و لو بسورة من مثل القرأن فإن لم تفعلوا و لن تفعلوا فاتقوا النار التى أعدت للكافرين، و مقابلها البشارة بالجنة التى أعدت للمؤمنين
فاشتملت هذه الأيات على على الإيمان بالله و الإيمان برسوله و الإيمان بكتابه و الإيمان باليوم الأخر

* ثم أتبع ذلك بضرب أول مثل فى القرأن و لما كان أول مثل ضربه بأحقر مخلوق فى عين الناس و هى البعوضة فما فوقها إمعاناً فى إعجاز الناس أمام ألاءه صغيرها و كبيرها !

*ثم انتقل سبحانه إلى أول قصة فى القرأن و لما كانت أول قصة ناسب أن تكون لأول إنسان، أبينا أدم عليه السلام...
فانظر كيف راعت السورة الأسبقية و الأولية فى كل شىء!

[COLOR="sienna"]رابعاً:[/COLOR]بين العلما أن كل سورة من سور القرأن لها مفتاح خاص بها و معنى تدور حوله، و مفتاح سورة البقرة هو
(الإستخلاف و الإبدال)
((سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ))
و لهذا سميت بهذا الإسم "البقرة"، إشارة إلى إستخلاف المؤمنين فى هذه الأمة بمن سبقهم من اهل الكتاب الذين تكبروا عن أمر الله و تنطعوا، و لننظر فى بيان ذلك:-
1- كانت أول قصة فى القرأن قصة نبى الله أدم و بين سبحانه أنه إختاره (خليفة) فى الأرض
و ظهر فى هذه القصة الفرق بين المسلم لأمر الله (نبى الله ادم) و المتكبر عن أمر الله( عدو الله إبليس)،
و هذا أساس الإستخلاف و الإبدال، و هو نفسه المغزى من مثل البعوضة من قبل!
2- ثم توجه سبحانه بالخطاب إلى بنى إسرائيل لأنها أشبه الأمم بأمة الاسلام من حيث امتلاكها كتاب و شريعة حكمها نبيها بها.... و هى الأمة التى سيتبدلها الله تعالى بأمة الإسلام و يستخلف المسلمين بهم!
- لذا اخذت تذكر نعم الله و مننه عليهم، و مقابلتهم المن بالجحود و القسوة و التكبر...
- حتى وصلت إلى قصة البقرة، و العظة الأعظم فيها التعريف بضرورة التسليم لأمر الله ، و هو ما لم يتوفر فى اليهود قساة القلوب

- ولاحظ كيف إختتمت قصة البقرة بقوله (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك..) فلم يحدد مدى زمنى لهذه القسوة ، إشارة إلى إستمرار تلك القسوة و ذلك الجحود إلى زمن الرسول صلى الله عليه و سلم فما بعده إلى يوم القيامة!

- لذلك أتبع هذه الأية ببيان حالهم فى زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقسمهم إلى فريقين، علماء مضلون يحرفون كلام الله و يكتمون الحق، و عوام جهال مضللون هم أسارى الامانى و الأوهام ، فمن يطمع فى إيمان من كان هذا حالهم؟!
و استطرد فى الكلام عنهم و تفنيد حججهم و فضح احوالهم و تتميم دعوتهم حتى ختمت الأيات فى الكلام عنهم بنفس ما بدأت به ...
فبدأت بقوله تعالى ((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ)) 47
و ختمت بقوله تعالى ((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ))122

3- لما كانت تدور السورة حول معنى الإستخلاف و الإبدال ، و بالخصوص إبدال بنى إسرائيل بأمة الإسلام، جاءت الإرهاصات تحديداً لواحدة من أعظم التشريعات فى السورة و هو "تحويل القبلة" الذى يعتبر تجسيداً مادياً للإبدال و الإستخلاف و بيان ذلك:-
- قوله تعالى بعدما قص خبر اليهود أمراً المؤمنين أن يعتبروا بهم ولا يفعلوا فعلهم و ليحذروا حقدهم
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ))
و لما ذكر الله الفضل العظيم قال بعده مباشرة ((مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))
لأن من الخير الذى اصطفى الله به المؤمنين و من الفضل العظيم الذى قدره الله لهم جعل قبلة الدين هى المسجد الحرام بعدما كان المسجد الأقصى ، فكان الكلام هنا إرهاصاً و تعريضاً بما هو أت، لذا قال بعدها سبحانه
((وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ..)) 109 إلى قوله ((وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) 115
فتأمل سياق الأيات!

- بعدما ذكر خبر أدم و تفضيله على إبليس لما استكبر، و خبر بنى إسرائيل و غضب الله عليهم بعدما استكبروا ، عقب بذكر إبراهيم لمناسبة ذلك فى الرد على بنى إسرائيل الذين ينتسبون اليه ، و بيان أنه كان مسلماً لا يهوديأ ولا نصرانياً
((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ))
- و تناول فى قصة إبراهيم ههنا بالخصوص بناء المسجد الحرام
((وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ))
و ما ذاك إلا إشارة إلى قدسية المسجد الحرام، و إرهاصاً لتحويل القبلة إليه، و تبياناً لكونه قبلة قديمة تعود لأبى الأنبياء إبراهيم بل من لدن نوح، لأن البيت كان موجوداً قبل إبراهيم و عمله كان رفع القواعد منه!
((و َإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))

و هكذا يتبين لك أن كل ما سبق كان إرهاصاً للنبأ العظيم ، تحويل القبلة و تبديل الأمة!
((قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ))

- و بذلك استقر معنى إستبدال أمة الإسلام و نبيها العربى ببنى إسرائيل و أساس هذا الإستبدال ليس العرق ولا الجنس و إنما التقوى و التسليم
فانظر إلى روعة التنسيق يا رعاك الله!


[COLOR="sienna"]خامساً:[/COLOR]لنتأمل بعض أمثلة التناسب البديع بين الأيات ، إذ يصعب جداً أن نسهب فى تناول هذه السورة العظيمة تفصيلاً، و هو أمر كم نتمناه لما فيها من العجب العجاب، لكن أنّى لنا أن نخرج فى هذا المقام كل درر سورة قال عنها رسول الله أنها "فسطاط القرأن"!

[COLOR="DarkOrange"][SIZE="5"]المثال الأول[/SIZE][/COLOR]
تدبر قوله تعالى فى سورة البقرة ((َشهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ...الأية))
ثم قوله عز و جل ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ))
ثم عودته للكلام عن الصيان بقوله ((أحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ...الأية))
- فإن مناسبة وضع أية ( و إذت سألك عبادى عنى..) بين الأيات التى تتناول الصيام، هو أن الصيام عبادة جليلة يتقرب بها العبد إلى ربه أيما قربة، و من أسباب إستجابة الدعاء التضرع حال الصيام، كذلك للصائم عند فطره دعوة لا ترد، فناسب ذلك أن يبين الله قربه لعباده و استجابته دعاءهم فى سياق أيات تشريع الصيام

[COLOR="DarkOrange"][SIZE="5"]المثال الثانى[/SIZE][/COLOR]
قال سبحانه ((إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ))
ثم قال تعالى (( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ))
ثم قال عز و جل (( وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ))
و الأيات هنا فى غاية التناسب:
- فالأية الأولى إستكملت ما يخص بيت الله الحرام من شعائر ، و منها شعيرة السعى بين الصفا و المروة التى نسبها إلى نفسه سبحانه، و أثبتها فى الحج و العمرة،فكان ذلك توكيداً إضافيا لاستحقاق البيت لأن يكون قبلة ، و كان أيضاً مكملاً لقصة إبراهيم و إسماعيل السابق ذكرها إذ تعود هذه الشعيرة إلى فعل هاجر أم إسماعيل عليه السلام
- و أما الأية الثانية فجاءت بعد أية الصفا ، لأن علام الغيوب علم أن اهل الكتاب الحاقدين سيطعنون فى هذه الشعائر من إستقبال الكعبة ، و السعى بين الصفا و المروة ، فبادرهم بالتهديد و الوعيد أمراً إياهم ان يذعنوا للحق و لا يكتموه!
((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)) إلى قوله ((خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ))
- و أما الأية الثالثة ((وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ))
فسر ورودها هنا تفنيد الشبهات حول شعائر البيت الحرام ، و بيان أن المؤمنين لا يعبدون الصفا ولا المروة ولا الكعبة و إنما يفعلون ذلك تعبداً لله الإله الأوحد ، و ما هذه الشعائر إلا رحمة يرحمنا به الرحمن الرحيم
و لما ختم الأية بذكر بقوله (الرحمن الرحيم) أتبع ذلك بذكر أيات رحمته التى تحيط بنا فى البر و البحر و السماء و الأرض ، و الليل و النهار!
((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)) فتأمل

[COLOR="darkorange"][SIZE="5"]المثال الثالث[/SIZE][/COLOR]
قال تعالى ((وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ))
ثم قال عز و جل ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ))
و الأيات هنا فى غاية التناسب، إذ السياق فى أيات الحج، فبين سبحانه أن هذه العبادة التى قد يتمها بعد الناس رياءً و سمعة، لا تقبل إلا إن تحقق الأخلاص (لمن اتقى) و عقب بتكرار الأمر بالتقوى و التذكير بالموت و الحشر (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)
فناسب ذلك الوعيد أن يتبعه بذكر المنافق الذى هو أحق الناس بالاتعاظ هنا، المنافق المرائى الذى يظهر الخير و يبطن الشر و الفساد!
و مثل ذلك لما ذكر الله ضد ذلك المنافق و هو المؤمن الذى ينفق فى سبيل الله (مِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) اتبع ذلك بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً)
فكان النداء للمؤمن الذى هو أخر مذكور قبل النداء ليكون هذا النداء واقعاً في أذن هذا الواعي كما كان المنافق مصدوعاً بما سبقه من التقوى والحشر

[COLOR="darkorange"][SIZE="5"]المثال الرابع[/SIZE][/COLOR]
قال تعالى ((وإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ))
ثم قال سبحانه (( حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ))
ثم عاد للكلام عن الطلاق و العدة(( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ))
و سر ذلك ثلاثة أمور:
1- لما طال تعاقب الآيات المبينة تشريعات تغلب فيها الحظوظ الدنيوية للمكلفين ، ضمن تلك التشريعات بتشريع تغلب فيه الحظوظ الأخروية ، لكي لا يشتغل الناس بدراسة أحد الصنفين من التشريع عن دراسة الصنف الآخر ، قال البيضاوي { أمر بالمحافظة عليها في تضاعيف أحكام الأولاد والأزواج ، لئلا يلهيهم الاشتغال بشأنهم عنها}
و هذا مصداق قوله تعالى (( ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ))
يإختصار: لما ذكر حقوق الناس دلهم على المحافظة على حقوق الله
2- لأن الصلاة هى خير ما يستعين به الإنسان لإصلاح أحواله و رفع الكربات و المشاكل التى يواجهها، و السياق هنا كان فى أمور الشقاق و الطلاق و الترمل و غيرها من مشكلات الدنيا،
فليستعن العبد بالصلاة لتحقيق الصبر على البلاء ، و لبسط الرزق و تنزل النعماء
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))
3- ما قال الأستاذ سيد قطب ، و هو تبيان أن الزواج و الطلاق و العدة و خيرها من الأحكام هى فى الحقيقة عبادة لله نتعبد له بالإلتزام بها ، ولما كانت عبودية الصلاة واضحة جدا عند كل الناس والعبوديات الأخرى قد يخفى التعبد فيها بحكم تلبسها بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ، ضمن سبحانه ذكرالصلاة في قلب سياق المعاملات إشارة إلى أن هذه من جنس تلك ،وتلك من جنس هذه...فتتفق وحدة العبادة

[COLOR="darkorange"][SIZE="5"]المثال الخامس[/SIZE][/COLOR]
قال تعالى ((َألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ))
ثم قال سبحانه((وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ))
ثم قال جل ثناؤه ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ))
و الأيات فى قمة التناغم ، إذ الأية الأولى تقص علينا نبأ الذى خرجوا بالألاف حذر الموت ، فإذا بأمر الله يلاقيهم و يموتوا ثم يعجزهم أكثر بقدرته فأحياهم!
- فلما تقرر هذا الخبر الذى هو بيان عظيم لقدرة الله على عبيده ، أتبعه بأمر المؤمنين أن يقاتلوا فى سبيل الله ولا يفروا حذر الموت الذى يدركهم بأمر الله أينما كانوا!
- و لما كان من أعظم العبادات التى تعين على الجهاد النفقة فى سبيل الله و إعداد العدة ثنى الله تعالى بها و حث المؤمنين عليها موعداً إياهم بالجزاء الجزيل، و ختم الأيات بتقرير أنه سبحانه الذى يملك أن يوسع على عباده و أن يقدر عليهم رزقهم ، و أنهم جميعاً سيموتون و يرجعون إليه سبحانه
- و لما جاء بالأمر بالجهاد، و الصحابة الكرام كانوا كثيراً ما يتمنون أن يؤذن لهم فيه، حذرهم الذى يعلم السر و أخفى من أن تكون عزائم البعض منهم ضعيفة، فإذا ما فرض الجهاد تخاذلوا، أو أن يعصوا أمر قائدهم رسول الله أبداً فى ساحة القتال، فجعل ذلك الإنذار متمثلاً فى خبر ما سبق من تخاذل بنى إسرائيل!
ملحوظة: هذا كله من دلالات الإبدال و الإستخلاف الذى تدور عليه السورة
*فبنى إسرائيل لما فُرض عليهم القتال تخلفوا و عصوا
فأمر الله المؤمنين أن يطيعو و يجاهدوا و ينفقوا متعظين بمصير من قبلهم

* و فى أول القرأن تقرأ ((ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ))
فالمتقين يؤمنون بالقرأن ولا ريب فيه عندهم
- مقابلهم أهل الكتاب و من تبعهم على الكفر فى ريب من كتاب الله
((وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ..))

* المؤمنبن يطيعو أمر الله و يؤمنون بالكتاب كله
((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ))
أما أهل الكتاب فيؤمنون ببعض الكتاب و يكفرون ببعض
((وإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ ))

* أهل الكتاب قالوا سمعنا و عصينا
((وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا))
أما المؤمنين فيقولون سمعنا و أطعنا
((وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ))

* و لما أمر بنى إسرائيل أن يتقوا يوماً لا خلة فيه ولا شفاعة
((وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ))
فكرر سبحانه نفس الأمر للمؤمنين لأنها سنته الجارية
((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ))

* ولما أمر سبحانه بنى إسرائيل أن يشكروا نعمة و يصبروا مستعينين بالصلاة فأبوا
((وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ))
وجه سبحانه نفس الأمر للمسلمين بعدما أظهر نعمته عليهم ببعثة النبى و إنزال القرأن و إصطفاء القبلة فيهم، ليعتبروا ببنى إسرائيل و يطيعوا، فيظهر التناسب بين العبرة و المعتبر ، و بين البديل و المبدل
((كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))

[COLOR="darkorange"][SIZE="5"]المثال السادس[/SIZE][/COLOR]
قال تعالى ((تلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ))
ثن قال عز و جل (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ))
و التناسب بين الأيتين أن الأية الأولى أشارت إلى وقوع الشقاق بين أتباع الأنبياء و الإقتتال بعدما عرفوا الحق، فوجب للمؤمنين أن يستعدو لجهاد اليهود و النصارى و غيرهم من أهل الملل الذين تفروقا و رفضو التوحد على الحق بحجة إتباع أنبياءهم الذين هم منهم براء، و لما كان عماد الجهاد النفقة فى سبيل الله أتبع سبحانه بالحث عليها و التكذير بالأخرة

[COLOR="darkorange"][SIZE="5"]المثال السابع[/SIZE][/COLOR]
قال تعالى (( اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ))
ثم قال سبحانه ((لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ))
ثم قال عز و جل (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))

و هذه الأيات كلها فى غاية التناسب، أما أية الكرسى العظيمة فقد جاءت بعد الأمر بالجهاد و و النفقة فى سبيل الله ، فناسب ذلك أن يحدث الله المؤمنين عن تفرده بالألوهية سبحانه و عن أسماءه و صفاته العظيمة، فيعلموا أنه الإله الأوحد الحى القيوم الذى يدبر الأمر ،ولا يغفل عن عباده ولا ينام ، و أنه مالك الملك ، فتتشوف النفوس للجهاد مطمئنة بمعية و تأييد رب العالمين طامعة فى ثوابه راضية بقدره، و ناسب أن يذكر أمر الشفاعة الدالة على أن الملك لله فى الأخرة كما أنه له فى الدنيا، و ليكمل معنى الأية السابقة فى حث المؤمنين على النفقة قبل مجىء يوم لا شفاعة فيه
- و لما أتم سبحانه فرائضة و أظهر حجته ، و عرف البشر بنفسه و عظمته، وفند كل الشبهات و أقام البراهين الباهرات، حتى اتضحت الدلائل لكل عالم وجاهل صار الدين إلى حد لا يحتاج فيه منصف لنفسه إلى إكراه فيه فقال (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) فتأمل
- أما الأية الأخيرة و التى فيها حجاج إبراهيم الملك، قال البقاعى: لما ذكر ما له سبحانه وتعالى من الإحاطة والعظمة وأتبعه أمر الإيمان وتوليه حزبه وأمر الكفران وخذلانه أهله، أخذ يدل على ذلك بقصة المحاج للخليل والمار على القرية مذكراً بقصة الذين قال لهم موتوا ثم أحياهم في سياق التعجيب من تلك الجرأة!
نلاحظ:
أولاً: وردت ههنا ثلاثة قصص كلها تتكلم عن إحياء الله للمخلوقات:
- قصة إبراهيم مع النمرود ((إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ))
و قصة صاحب القرية (( أو كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ))
و طلب إبراهيم من الله ((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى))
و ورود القصص الثلاثة بعد أية الكرسى العظيمى التى بدأت بقوله تعالى ((اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)) دلالة على قدرة الله و على هاذين الإسمين العظيمين، فالله تعالى هو الحى الحياة الكاملة الذى تستمد المخلوقات حياتها منه فهو محييها، و هو القيوم القائم بذاته المقيم لغيره من المخلوقات!
ثانياً: ناسب ذكر هذه الأخبار فى الإحياء فى أخر سورة البقرة ما ورد فى أولها من ذكر أخبار فيها إحياء أيضاً
((كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ))
((وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون))
((وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ))


فتأمل

عارف الشمري 2011-04-02 10:53 PM

[COLOR="Red"]البلاغة فى كلمة ، و فى أية ، و فى سورة :[/COLOR]


[COLOR="Navy"][SIZE="5"]البلاغة فى كلمة :[/SIZE][/COLOR]
إعلم أن كتاب الله العزيز هو أبلغ الكتب و أنزهها ، فلا تجد حرفاً ولا كلمةً إلا تناسب بيانياً سياقها الذى وردت فيه و هذا منتهى الفصاحة، و لنضرب أمثلة على ذلك:-

[SIZE="5"][COLOR="Sienna"]المثال الأول[/COLOR][/SIZE]
[COLOR="RoyalBlue"]أ-[/COLOR] تدبر قوله تعالى ((وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ..))
و قوله جل و علا ((وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ))
فزاد حرف الواو فى الأية الثانية فقط فى قوله ( جاؤوها و فتحت) ، و ذلك أن جهنم هي كالسجن أبوابها مقفلة لا تفتح إلا لداخل أو خارج ، و في هذا الوصف تهويل ومفاجأة للكفار الذي يساقون ثم فجأة وهم لا يدرون أين يذهبون تفتح أبوب النار فيفاجأوا ويصابوا بالهلع. أما في حال المؤمنين فالجنة أبوابها مفتوحة على الدوام كما في قوله (جنّات عدن مفتّحة لهم الأبواب) وأهلها يتنقلون فيها من مكان إلى آخر في يسر وسرور وهم في طريقهم إليها يرونها من بعيد فيسعدون ويسرّون بالجزاء والنعيم الذي ينتظرهم...
- ومن جهة أخرى فإن الكافر يقاد للجحيم و هو مرعوب خائف من مصيره يتمنى ألا يبلغه لذلك يشعر أنه سيق إليها فى ثوانى فناسب هذا الإختصار فى الوقت حذف حرف الواو ( حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها)
اما المؤمن فإنه يستعجل النعيم و دخول الجنة فيستكثر الوقت الذى يقطعه لبلوغها رغم أنه قليل فناسب هذا الإستكثار أن يضع سبحانه حرف الواو للتعبير عنه ( حتى إذا جاؤوها و فتحت أبوابها)..
- و من وجه ثالث فإن جواب الشرط في حال جهنم (إذا جاؤوها) مذكور وهو(فتحت أبوابها)، أما في حال الجنة فلا يوجد جواب للشرط لأنه يضيق ذكر النعمة التي سيجدها المؤمنون في الجنة فكل ما يقال في اللغة يضيق بما في الجنة والجواب يكون في الجنة نفسها. فسبحانه جلّ جلاله.

[COLOR="royalblue"]ب[/COLOR]- و في سورة الكهف قال تعالى ((سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ))
فزاد الواو فى قوله (( سبعة و ثامنهم كلبهم)) فى حين لا وجود لها فى قول من قالو ((ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ)) (( خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ))
و ذلك لأن العدد الصحيح هو سبعة و ثامنهم كلبهم، و هو مذهب العلما و على رأسهم حبر القرأن إبن عباس، لذا فرق سبحانه بين من قالوا بهذا و بين من قالوا بغيره، فعقب على من قالوا أعداداً أخرى بوصفهم أنهم يرجمون بالغيب ثم ذكر من قالوا الرقم الصحيح فتنبه..
و بما أنه الرقم الصحيح فقد أشار لذلك بتأخيره ، و دعمه بالواو لتفيد التوكيد والتحقيق بأن هذا القول صائب

[COLOR="royalblue"]جـ[/COLOR]- كذلك فى سور الغاشية بدأت بالكلام عن (الغاشية) التى تغشى الناس بأهوالها فناسب أن يقرن ذلك الإسم المخيف بذكر فئة المجرمين ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً))
ثم لما انتقل لذكر فئة المؤمنين قال ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ))
و لم يعطف هذا الجزء على الجزء الأول فلم يقل (( و وجوه يومئذ ناعمة)) بين أن العطف ظاهرياً مطلوب لأنه عطف قسم على قسمه الأخر!
و حكمة ذلك إبراز تغاير الفريقين تغايراً تاماً، و لو عطف الثانى على الأول لتوهم متوهم إشتراكها فى أى شىء ،و ليبتعد معنوياً بالمؤمنين عن وصلهم بذلك الإسم المخيف (الغاشية)
فانظر رحمك الله كيف كان وضع الحرف الواحد أو حذفه مقصود بدقة و روعة ليناسب المعنى و يضبط المراد البيانى [ للإستزادة راجع كتاب خصائص التعبير القرأنى]

[COLOR="Sienna"][SIZE="6"]المثال الثانى [/SIZE][/COLOR]
قد ترى حرف الجر الزائد و هو فى الواقع يحقق غاية، و هى توكيد المعنى المراد و تقويته من ذلك :-
[COLOR="DeepSkyBlue"]أ[/COLOR]- قوله تعالى ((وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً)) أى يكفي الله شهيداً ، فجاءت الباء الزائدة فأفادت تقوية المعنى، فكأنما تكررت الجملة كلها لتوكيد إثباته وإيجابه
- و كذا قوله سبحانه ((وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ)) ((وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ)) فكانت الباء الزائدة مبالغة فى نفى الجنون عن رسول الله، و فى نفى أى إحتمال لمفارقة الفجار للجحيم
[COLOR="deepskyblue"]ب[/COLOR]- و قوله عز و جل ((وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا)) فزيدت (من) لتؤكد أنه ليس من دابة صغير ولا كبيرة، حقيرة أو عظيمة إلا على الله رزقها وإلا يعلم مستقرها ومستودعها.
[COLOR="deepskyblue"]جـ[/COLOR]- و قوله جل و علا ((وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا)) استخدم (من) ليؤكد عظم علم الله تعالى، فلا تسقط أدنى ورقة ولا أى ورقة إلا و ربنا بها عليم

[COLOR="Sienna"]المثال الثالث[/COLOR]
تتجلى دقة القرأن فى إستعمال الحروف ، كالمجىء بـ (فى) بدلاً من (مع) (إلى) (على) لتحقيق المعنى بعمق ، أو لإبراز نكات لطيفة ، و من ذلك:
[COLOR="RoyalBlue"]أ[/COLOR]- قوله تعالى ((وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ)) قال (في تسع آيات) ولم يقل (مع تسع آيات) لأن معجزة خروج يد موسى عليه السلام بيضاء من غير سوء واحدة من التسع ، فإن جعلت (مع) بدلاً من (في) كانت الآيات عشر.
[COLOR="royalblue"]ب[/COLOR]- و قوله سبحانه ((قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا )) فالتعبير بـ (فيها) أبلغ من التعبير بـ(إليها) لأن (فيها) توحي بأن المهاجر في سبيل الله تكون الأرض غطاء له تحيط به فلا يراه احد من الظالمين, فاللفظ (فيها) أعطى هذا الإيحاء الجميل.
[COLOR="royalblue"]جـ[/COLOR]- و قوله عز و جل ((وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ)) التعبير بـ (فى) أبلغ من (على) إذ أبرز صورة السفينة فى قلب الماء ، يغمرها من فوقها و يرجها من تحتها حتى كان الموج كالجبال الشواهق ، و هى تجرى وسط هذه الأمواج المتلاطمة المرتفعة ولكن الله تعالى بقدرته نجّا أهلها المؤمنين..

[COLOR="Sienna"]المثال الرابع[/COLOR]
تدبر قوله تعالى ((يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)) لقمان
و قوله عز و جل ((وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ... إلى قوله ...وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)) الشورى
فالأيات فى مدح الصبر و لكن الأولى قال تعالى فيها ((وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)) و الثانية قال تعالى فيها ((وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ))
فتجد التوكيد باللام و زيادة المغفرة فى الثانية دون الأولى، و ذلك لأن الصبر نوعان:
صبر على أذى مقدر لا خصم فيه ، كالصبر على الفقر و المرض و الكوارث القدرية، أو على أذى فيه خصم غير مقدور عليه
فمثل هذا الصبر أهون لأن الإنسان لا يملك سوى أن يصبر و يحتسب، و هذا هو المقصود بقول لقمان لابنه ((وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)) فلم يؤكد باللام و لم يذكر المغفرة.
و صبر يحتاج إلى جلد و قوة إرادة، و ذلك الذى فيه غريم اعتدى بالقول و الفعل معاً و هو مع ذلك مقدور على الإنتقام منه، أو الصفح عنه و هذا هو الذى قصده سبحانه بقوله ((وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)) فذكر المغفرة و أكد باللام تناسباً مع ما يحتاجه هذا الصبر من عزيمة.

[SIZE="6"][COLOR="sienna"]المثال الخامس[/COLOR][/SIZE]
تدبر قوله تعالى حكاية عن قول الخضر لموسى ((قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً )) الكهف 72،
و قال بعدها ((قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً )) الكهف 75
فزاد كلمة (لك) فى الأية الثانية دون الأولى، و ذلك أن موسى كان قد وعد الخضر ألا يسأله عن شىء حتى يخبره هو، فلم يحتمل لما رأه يخرق السفينه فسأله فأجابه الخضر بتذكيره قائلا ((أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)) فاعتذر موسى بشدة، فلما رأه يقتل الغلام لم يتمالك نفسه و هرع يسأله ثانية ، فأراد الخضر أن يبالغ فى تذكير الموسى بمخالفته لوعده فوكد ذلك بكلمة (لك) ((قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً)) فتأمل ..

[COLOR="sienna"][SIZE="6"]المثال السادس[/SIZE][/COLOR]
قد ترد بعض الكلمات فى كتاب الله فتشكل على من لا يعرفون لغة العرب، و هى من الجهة النحوية لها توجيهات كثيرة وضحها أهل العلم، و لكن ما نزيده هنا هو بيان أن إستعمال هذه الكلمات بالتحديد هو من صميم إعجاز القرأن البلاغى من ذلك:-
[COLOR="Blue"]أ[/COLOR]- تأمل قوله تعالى ((يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ))
فلمَ يقل أحق أن يرضوهما، و سر ذلك أن إرضاء الله تعالى وإرضاء رسوله عليه الصلاة والسلام أمر واحد وليسا أمرين مختلفين، فمن أرضى الله تعالى فقد أرضى رسوله، ومن أرضى الرسول فقد أرضى الله عز وجل ، لذا قال تعالى((مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)) النساء
لذلك وحد الضمير العائد عليهما للتأكيد على أن إرضاءهما واحد وسيلةً وغاية، و هذا أبلغ و أبين للقصد.
[COLOR="blue"]ب[/COLOR]- تدبر قوله تعالى (( إنَّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ))
فجاء الفعل مضارعاً { فيكون } مع أن الحَدَثَ قد حصل وانتهى، و ذلك لأن الله تعالى أراد التمثيل لا الحصر، فجاء التعبير بالمضارع ليفيد الإستمرارية و التجدد
فدل بهذا التصريف على أن الله تعالى فعل ذلك فى أدم من قبل ، و فعله بعد ذلك فى المسيح ، و يفعله سبحانه فى أى خلق يشاء وقتما شاء!
[COLOR="blue"]جـ-[/COLOR] و تدبر قوله تعالى (( إنَّ رحمت الله قريب من المحسنين ))
فجاءت الصفة { قريب } مخالفة للموصوف{ رحمت } ، و ذلك لأن كلمة قريب تعود على أقرب مذكور فى الحقيقة و هو لفظ الجلالة {الله}
وذلك أبلغ و أظهر لنعمة الله، فيكون المعنى ، إن الله قريب من المحسنين و ينزل عليهم رحمته أيضاً، فدل على قرب الرب منهم و معيته لهم بعلمه و سمعه و بصره و رحمته معاً
[COLOR="blue"]د-[/COLOR] تدبر قوله تعالى ((وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا))
فجاء الفعل بصيغة الجمع {اقتتلوا} مع أنه ثنى الفاعل {طائفتان}، و ذلك لأن القرأن يصور للذهت المشهد بدقة، فكا طائفة تمثل فريق و كل فريق مؤلف من جماعة من الناس، فلما تكلم عنهما فطائفين أو قبيلتين ثنى لأنهما متمايزتان، أما لما جمع فقال {اقتتلوا} لأن الاقتتال تلتحم فيه الحشود و يضيع التمايز فتأمل
- و مثله قوله تعالى (( هذان خصمان اختصموا في ربهم ))
فجاء الفعل { اختصموا } بصيغة الجمع، مع أن الفاعل { خصمان } ، و ذلك لأن خصم فريق، وكل فريق مؤلَّف من عدد من الخصماء، فناسب أن يقول{ اختصموا } لأن كل فريق من الذين كفروا والذين آمنوا كبير.

[COLOR="Sienna"]المثال السابع[/COLOR]
قال تعالى على لسان الخضر ثلاثة مقالات
((فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا.. )) (( فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ..)) (( فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا ..))
فتجد التنوع بإستخدام (فأردت) (فأردنا) (فأراد ربك)
و ذلك أنك لا تجد ربنا تبارك و تعالى ينسب السوء إلى نفسه فى القرأن، أما الخير والنِعم فكلها منسوبة إليه تعالى كما في قوله ((وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسّه الشر كان يؤوسا)) وقوله على لسان إبراهيم ((وإذا مرضت فهو يشفين)) ولم يقل يمرضني تأدباً مع الله تعالى، و قوله عن الجن ((وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا)) فتنبه...و بتقرير ذلك نفهم سر التنوع فى الأيات:-
- أما الأية الأولى (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)
في هذه الآية الله تعالى لا ينسب العيب إلى نفسه أبداً فكان الخضر هو الذي عاب السفينة فجاء الفعل مفرداً.
- أما الأية الثانية(فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً )
في هذه الآية فيها اشتراك في العمل قتل الغلام والإبدال بخير منه حسن فجاء بالضمير الدالّ على الإشتراك، في الآية إذن جانب قتل وجانب إبدال فجاء جانب القتل من الخضر وجاء الإبدال من الله تعالى لذا جاء الفعل مثنّى.
-أما الأية الثالثة (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً)
ففى قصة الجدار فالأمر كله خير فتحت الجدار كنز وأبو الغلامين كان صالحاً والأمر كله خير ليس فيه جانب سوء فأسند الفعل إلى الله تعالى فقال (أراد ربك).
وجاء بكلمة رب في الآيات بدلاً من لفظ الجلالة (الله) للدلالة على أن الرب هو المربي والمعلِّم والراعي والرازق والآيات كلها في معنى الرعاية والتعهد والتربية لذا ناسب بين الأمر المطلوب واسمه الكريم سبحانه.

الم[COLOR="sienna"][SIZE="6"]ثال الثامن[/SIZE][/COLOR]
أنظر روعة إستخدام القرأن للإستعارة و الكناية لأحياء التعبير و تزيينه و تبيينه على أتم وجه و من ذلك:-
[COLOR="DeepSkyBlue"]أ-[/COLOR] تدبر قوله تعالى (( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ))
فلما إستعمل كلمة حرث ههنا؟
يقول الأستاذ سيد قطب: [في هذا التعبير ألوان من التناسق الظاهر والمضمر , ومن لطف الكناية عن ملابسات دقيقة . وأدق ما فيه هو ذلك التشابه بين صلة الزارع بحرثه وصلة الزوج بزوجه في هذا المجال الخاص . وبين ذلك النبت الذي يخرجه الحرث , وذلك النبت الذي تخرجه الزوج ؛ وما في كليهما من تكثير وعمران وفلاح ...]
[COLOR="deepskyblue"]ب[/COLOR]- تدبر قول تعالى (( و آية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ))
انظر كيف استعير في الآية الكريمة " السلخ " و هو كشط الجلد عن الشاة و نحوها لإزالة ضوء النهار عن الكون قليلاً قليلاً ، بجامع ما يترتب على كل منهما من ظهور شيء كان خافياً ، فبكشط الجلد يظهر لحم الشاة ، و بغروب الشمس تظهر الظلمة التي هي الأصل و النور طاريء عليها ....
[COLOR="deepskyblue"]جـ[/COLOR]_ تدبر قوله تعالى (( إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية ))
استعير في الآية الكريمة " الطغيان " ، و هى استعارة فريدة لا توجد في غير القرآن تصور الماء إذا كثر و فار و اضطرب بالطاغية الذي جاوز حده ، و أفرط في استعلائه فما أعجب من هذا التصوير الذي يخلع على الماء صفات الإنسان الآدمي !
[COLOR="deepskyblue"]د[/COLOR]- تدبر قوله تعالى (( و تركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض و نفخ في الصور فجمعناهم جمعاً ))
استعير في الآية الكريمة الموج " حركة الماء" للدفع الشديد بجامع سرعة الاضطراب و تتابعه في الكثرة ثم اشتق من الموج بمعنى الدفع الشديد" يموج " بمعنى يدفع بشدة .
إن هذه الاستعارة القرآنية الرائعة تصور للخيال هذا الجمع الحاشد من الناس احتشاداً لا تدرك العين مداه حتى صار هذا الحشد الزاخر كبحر ترى العين منه ما تراه من البحر الزاخر من حركة و تموج و اضطراب ...
[COLOR="deepskyblue"]هـ[/COLOR]- تدبر قوله تعالى (( و لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ، و لا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا ))
كنى هذه الآية بغل اليد إلى العنق عن البخل ، و ببسطها كل البسط عن الإسراف . تأمل الكنايتين تجد فيهما من روائع البيان ما لا يحيط به فكر إنسان فيهما جمال في التعبير ، و روعة في التصوير ، و إيجاز و تأثير ، و تنفير .
فهذه اليد التي غلت إلى العنق لا تستطيع أن تمتد ، و هو بذلك يرسم صورة البخيل الذي لا تستطيع يده أن بإنفاق و لا عطية . و التعبير ببسطها يصور هذا المبذر لا يبقى من ماله على شيء كهذا الذي يبسط يده فلا يبقى بها شيء....

[COLOR="Sienna"]المثال التاسع[/COLOR]
قد ترد الكلمة فى كتاب الله فتحمل فى طياتها تصويراً دقيقاً للمعنى الذى تقصده، و تستشعره النفس بمجرد مرور هذه الكلمة على السمع و من ذلك:-
[COLOR="MediumTurquoise"]أ[/COLOR]- قال تعالى ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ))
تدبر كلمة"كاااااافة" و ما فيها من إبراز لعالمية الرسالة المحمدية،و هى كلمة تمد لزوماً ست حركات،فلكأنك أثناء المد تمسك بقلم تخط به خطاً يطوق الكرة الأرضية،منذراً الناس فى المشارق و المغارب أن هذا رسول الله إليكم جميعا فاستجيبوا له،صلى الله عليه و سلم
[COLOR="mediumturquoise"]ب-[/COLOR] قال تعالى ((مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ....)) أل عمران
فتأمل جرس كلمة " صرّ " و ما يحويه من تصوير لمدلولها , وكأنما هو قذائف صغيرة تنطلق على الحرث فتهلكه ....
[COLOR="mediumturquoise"]جـ[/COLOR]- قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ )) التوبة
تسمع الأذن كلمة " اثاقلتم " فيتصور الخيال ذلك الجسم المثاقل , يرفعه الرافعون في جهد , فيسقط من أيديهم في ثِقل . إن في هذه الكلمة " طناً " على الأقل من الأثقال ! ولو أنك قلت : تثاقلتم , لخف الجرس , ولضاع الأثر المنشود , ولتوارت الصورة المطلوبة التي رسمها هذا اللفظ , واستقل برسمها .
- كذلك تقرأ (( وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ )) فترتسم صورة التبطئة في جرس العبارة كلها – وفي جرس " ليبطئن " خاصة . وإن اللسان ليكاد يتعثر , وهو يتخبط فيها , حتى يصل ببطء إلى نهايتها ! .
[COLOR="mediumturquoise"]د[/COLOR]- قال تعالى على لسان هود ((أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ))
فتحس أن كلمة " أنلزمكموها " تصور جو الإكراه بإدماج كل هذه الضمائر في النطق , وشد بعضها إلى بعض , كما يدمج الكارهون مع ما يكرهون , ويشدون إليه وهم منه نافرون ! وهكذا يبدو لون من التناسق أعلى من البلاغة الظاهرية , وأرفع من الفصاحة اللفظية , اللتين يحسبهما بعض الباحثين في القرآن – قديما وحديثا – أعظم مزايا القرآن ! .
[COLOR="mediumturquoise"]هـ[/COLOR]- وتسمع كلمة : " يصطرخون " في الآية ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ . وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ )) فاطر
فيخيل إليك جرسها الغليظ , غلظ الصراخ المختلط المتجاوب من كل مكان , المنبعث من حناجر مكتظة بالأصوات الخشنة ؛ كما تلقي إليك ظل الإهمال لهذا الاصطراخ الذي لا يجد من يهتم به أو يلبيه . وتلمح من وراء ذلك كله صورة ذلك العذاب الغليظ الذي هم فيه يصطرخون .
[COLOR="mediumturquoise"]و-[/COLOR] فإذا سمعت قوله (( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ))الشعراء
" فكلمة " كبكبوا " يحدث جرسها صوت الحركة التي تتم بها .
[COLOR="mediumturquoise"]ز[/COLOR]- و تدبر قوله تعالى ((ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)) الحج
فلم يقل "و ليطوفوا" و إنما قال "و ليطّوّفوا" فالكلمة مشددة مثقلة بما يتناسب مع عمق الطواف الذى لا يكون مرة ولا مرتان ولا ثلاثة بل يتكرر سبع مرات متتالية!
[COLOR="mediumturquoise"]حـ[/COLOR]- و اسمع وقع كلمة ( اجْتُثَّتْ )في قوله:
((وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ))
تجد أن المقاطع الثلاثة للكلمة تصور المراحل الصوتية الثلاث لسقوط الشجرة المقتلعة:
أزيزانفصال الخشب عن الخشب مصور بمقطع"أججج"
احتكاك الاغصان والأوراق بالهواء وهي ساقطة مصور بمقطع :تثثث.
وارتطام الشجرة بالأرض الصلبة مصور بـ"ثت"


[COLOR="Sienna"][SIZE="6"]المثال العاشر[/SIZE][/COLOR]
[COLOR="Red"][SIZE="6"]و من بلاغة القرأن أنه قد يستعمل المفردة أحياناً مبدلة نحو (مكة) (بكة) ، (اللاتى) (اللائى) ، (سارعوا) (سابقوا) و كل هذا مقصود فى كتاب الله، و من نماذج ذلك:-[/SIZE][/COLOR]

[COLOR="Navy"][SIZE="6"]بكّة و مكّة[/SIZE][/COLOR]
فقد قال تعالى ((إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) آل عمران
وقال عز و جل ((وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا )) الفتح
فقال في آية آل عمران (بكّة) وقال في الفتح (مكّة) وسبب إيرادها بالباء في آل عمران أن الآية في سياق الحج (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) فجاء بالاسم (بكّة) من لفظ (البكّ) الدّال على الزحام لأنه في الحج يبكُّ الناس بعضهم بعضاً أي يزحم بعضهم بعضاً، وسُميت (بكّة) لأنهم يزدحمون فيها ..انظر "مفردات الراغب 57".
وليس السياق كذلك في آية الفتح بالاسم المشهور لها –(مكة)– فوضع كل لفظ في السياق الذي يقتضيه والله أعلم ...

[COLOR="navy"][SIZE="6"]اللائى و اللاتى[/SIZE][/COLOR]
قال تعالى
((َمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ))
((الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ))
((وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ))
فى حين قال قال عز و جل
((وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ))
((َورَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ))
((وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ))
((قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ))
فلما استعمل فى الأيات الأولى كلمة (اللائى) و إستعمل فى سائر القرأن كلمة (اللاتى)
الجواب: أن ذلك مقصود، فكلمة اللائى لم تستعمل إلا فى حالة الفراق بطلاق أو ظهار، و كأن ذلك لثقل الهمزة فاستعملت للحالات الثقيلة النادرة كالطلاق و الظهار
و من الطريف أن بناء (اللائى) و جرسها يوجى بذلك فكأنها مشتقة من اللأى و هو الإبطاء و الإحتباس و الجهد و المشقة
و المظاهر أو المطلق محتبس عن زوجته و فى ذلك ما فيه من المشقة للطرفين،فانظر حسن مناسبة اللفظ و المعنى و دقة الإستعمال

[COLOR="navy"][SIZE="6"]سارعوا و سابقوا [/SIZE][/COLOR]

قال تعالى ((وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)) آل عمران
و قال عز و جل ((سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)) الحديد
[COLOR="Lime"]1[/COLOR]- في الآية الأولى يقول الله تعالى : (وَسَارِعُوا) و في الآية الثانية يقول : (سَابِقُوا).
[COLOR="lime"]2[/COLOR]- و في الآية الأولى قال : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ) و في الأية الثانية قال: ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ).
[COLOR="lime"]3[/COLOR]-و في الأية الأولى قال : ( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) و في الأية الثانية قال : (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ).
[COLOR="Navy"]فما الفرق بين المسارعة و المسابقة ؟ و لماذا أدخل الله تعالى كاف التشبيه و إفراد السماء في الآية الثانية؟ و ما الفرق بين المتقين و المؤمنين ؟[/COLOR]
الجواب:
- الكلام فى الأية الأولى عن المتقين، و فى الثانية عن المؤمنين، و المتقون فئة أضيق و أخص من المؤمنين
- فناسب أن يذكر فى الكلام عن المتقين (السماوات) ، و فى الكلام عن المؤمنين (السماء) لأن السماء أوسع من السماوات فلا تطلق كلمة كلمة سماوات إلا على السماوات السبع الطباق ، أما كلمة السماء فجاءت فى كتاب الله بمعانى أوسع كالعلو أو السحاب أو المطر أو الفضاء أو السقف أو السماوات المعروفة
فلما ضيق بذكر فئة المتقين ضيق بذكر (السماوات) و لما وسع بذكر المؤمنين عموماً وسع بذكر (السماء)
- لذلك أيضاً لما إستعمل (السموات) قال ( جنة عرضها السموات)، ولكن لما إستعمل (السماء) اتسعت اتساعا هائلا فجاء بأداة التشبيه (جنة عرضها كعرض السماء) لأن المشبه به عادة أبلغ من المشبه...
- كذلك قال (سارعوا) لما قال (عرضها السموات والأرض)، و قال (سابقوا) لما قال (كعرض السماء والأرض)
إذ أن كثرة الخلق المتجهين لمكان واحد تقتضي المسابقة فإن قلوا اقتضى ذلك المسارعة فقط وليس المسابقة
- ولما إتسع المكان اتسع الخلق ، فذكر السماء التي تشمل السموات وزيادة ، وذكر الذين آمنوا بالله ورسله ووهي تشمل المتقين وزيادة ، ثم زاد وقال (ذلك فضل الله ) لأن الفضل أوسع مما جاء في آل عمران بل الفضل واضح إذ جاءت عامة..

[COLOR="Blue"][SIZE="6"]ريح و رياح[/SIZE][/COLOR]
قد يتوهم متوهم أن كلمتى ريح و رياح لا فرق بينهما ظاهرياً ، إلأ أن القرأن العظيم لما إستعمل كل منهما جعل إستعماله مختلفاً
- فكلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر
(( كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ )) أل عمران
((فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )) فصلت
((إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِر)) القمر
(( و من يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ))الحج
((أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم)) الإسراء
- أما كلمة رياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير
((... وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )) البقرة
((وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ )) الأعراف
((وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ)) الحجر
((أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) النمل
واستعملت كلمة ريح مع سليمان عليه السلام ، لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو لقهر عدوه لأن الله سخّرها له جنداً من جنده يتصرف بها كيف يشاء
فتأمل دقة توظيف المفردات فى كتاب الله ..

[SIZE="6"][COLOR="blue"]إذا و إن[/COLOR][/SIZE]
تختص (إذا) بدخولها على المتيقن والكثير المتكرر بخلاف (إن) فإنها تدخل على المشكوك فيه والنادر، فكان إستعمال القرأن لكل منهما دقيق من ذلك:-
1- قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ))
فأتى بـ (إذا) في الوضوء لتكراره وكثرة أسبابه كالوضوء لصلاة الفرض, لصلاة السنة, ولقراءة القرآن, وللبث في المسجد, وللتبرك به, ولذكر الله, ولمس المصحف, وغيرها من الأسباب... فى حين أتى بـ (إن) في الجنابة لقلة وقوعها بالنسبة للحدث الأصغر
- و كذا فى أية التيمم ((وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً)) إستعمل (إن) لأن لجوء الإنسان للتيمم لا يكون إلا فى النادر القليل
2- قال تعالى ((وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ)) أتى في جانب الحسنة (إذا) لأن نعم الله على عباده كثيرة و مقطوع بها: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا), وأتى بـ (إن) في جانب السيئة – أي المصيبة والبلوى – لأنها قليلة الوقوع ومشكوك فيها إذا ما قورنت بنعم الله.
3- قال تعالى ((فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ))
فقد جاءت الآية في جانب الحسنة بـ (إذا) الدالة على الكثرة والتحقيق تفيد كثرة تتابع الخيرات وتواردها على هؤلاء القوم (بني إسرائيل) وفي هذا تجسيد لما هم عليه من غفلة وجحود.. أما في جانب السيئة فلقد جاءت أداة الشرط (إن) الدالة على الشك والقلة.
4- قال تعالى ((إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ* وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ* وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ* وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ* وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ* وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ* وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ* وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ* وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ* وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ* وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ* وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ))
فكرر إستخدام كلمة (إذا) التي تفيد التحقق والتوقع واليقين لأن كل ما ذكر كائن لا محالة وحق لا ريب في وقوعه وحدوثه.
- بينما قال تعالى ((فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى)) فعبر بـ (إن) لأنها تفيد الشك والتقليل لأن الذكرى قل من ينتفع بها
كذا قوله ((وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)) استخدم (إن) التي تفيد الشك والقلة أي ما ينبغي على المؤمنين أن يقتتلوا وإن حدث ذلك فهو قليل إستثنائى, و ليس الأصل
و كذا قوله ((اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)) استعمل (إن) هنا لتفيد الشك في صدقهم أي أنهم كاذبون وغير صادقين

[COLOR="Navy"][SIZE="6"]مطر و غيث[/SIZE][/COLOR]
الكلمتان ظاهريا مترادفتان، و لكن إن دقننا النظر وجدنا كلمة غيث تعنى المطر المفيد لأنها من الغوث و هو الإنقاذ و النصرة ، فتفرد كتاب ربنا البليغ بهذه الكلمة للتعبير عن المطر الخير المفيد فقال تعالى
((وهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ))
((إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ))
((ُثمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ))
- أما لو إستعمل سبحانه كلمة مطر فقط فجعل ذلك مقترناً بالأذى أو السوء
((وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ))
((وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ))
((َلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ))
((وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى))

[COLOR="navy"][SIZE="6"]سجرت و فجرت[/SIZE][/COLOR]
قال عز و جل ((وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ )) [التكوير : 6]
و قال سبحانه ((وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ)) [الإنفطار : 3]
فما سر التنوع فى اللفظ بيد أننا لا نكاد نعثر على إختلاف جوهرى بين دلالة الفعلين؟
يقول الدكتور عمر عتيق :جعل الله كل من اللفظين ملائماً للجو العام للسياق الذى ورد فيه على نحو بديع
*أما كلمة سجرت فبالعودة لدلالة مادة "سجر" نجد الأتى:
[COLOR="DeepSkyBlue"]أ-[/COLOR] تدل مادة "سجر على النار و الحرارة، و هذا يتلائم مع قوله تعالى ((و إذا الجحيم سعرت))، كذلك لا تخفى حرارة الشمس فى قوله (( و إذا الشمس كورت)) ، و الحرارة المنبعثة من انكدار النجوم بسقوطها ((و إذا النجوم إنكدرت))
[COLOR="deepskyblue"]ب[/COLOR]- كذلك يقال سجرت الناقة: مدت حنينها، وانسجرت الإبل: أى تتابعت فى السير، و السجر:ضرب من سير الإبل، فلا يخفى ما فى ذلك اللفظ من تلائم مع قوله تعالى ((و إذا العشار عطلت)) فالعشار هى الإبل
[COLOR="deepskyblue"]جـ[/COLOR]-كذلك يقال ساجور السبع أى الخشبة التى تجعل فى عنقه ، و يقال سجره: أى شده به، و هذا يناسب قوله تعالى (( و إذا الوحوش حشرت))
[COLOR="deepskyblue"]د[/COLOR]- كذلك تدل مادة سجر على إئتلاف الطباع، فيقال سجير الرجل: أى خليله و صفيه،و هو ما يتفاعل مع قوله تعالى (( و إذا النفوس زوجت)) حيث يقترن الرجل الصالح بالصالحين فى الجنة، و الرجل الخبيث بالخبثاء فى الجحيم

*أما كلمة فجرت فجاءت فى سورة الإنفطار فى سياق التفرق ، إذ ناسب إنفجار البحار مع إنفطار السماء و إنشقاقها و بعثرة القبور و إنتثار النجوم
((إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ))
و بذلك ناسب ( سجرت) سياق التجميع، و ناسب (فجرت) سياق التفريق
* و لاحظ أيضاً إستعمل كلمة(إنكدرت) مع النجوم، و كلمة ( إنتثرت) مع الكواكب مع أن كلاهما يعنى السقوط، و ذلك لأن الإنكدار :التساقط مع ذهاب الضوء و النجوم مضيئة ، أما الكواكب فغير مضيئة فاستعمل معها الإنتثار فقط
و هكذا يصبح النص القرأنى خلية من الألفاظ تتجاذب و تتفاعل لتبنى جسدأ دلالياً منظماً و متكاملاً...


[COLOR="Sienna"][SIZE="6"]المثال الحادى عشر[/SIZE][/COLOR]
وقد يحذف فى التعبير القرأنى من الكلمة فترد كاملة أو مقتطعة عل نحو (تتنزل) (تنزل) ، (تتوفاهم) (توفاهم)
و هذا لا يقع أبداً إعتباطاً و إنما لأغراض بلاغية، ومن هذه الأغراض أن يحذف من الفعل للدلالة على أن الحدث أقل مما لم يحذف منه، أو أن زمنه أقصر و نحو ذلك، فيقتطع من الفعل للدلالة على الإقتطاع فى الحدث أو يحذف منه فى مقام الإيجاز و الإختصار بخلاف مقام الإطالة و التفصيل، و لنرى عدة نماذج من ذلك لنوقن أن ذلك ليس مصادفة بل قصداً تكرر مراراً فى كتاب الله البليغ:

[SIZE="6"][COLOR="Navy"]اسطاعوا و استطاعوا[/COLOR][/SIZE]
قال تعالى (( فَمَااسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا))
و الكلام هنا عن جدار يأجوج و مأجوج، فلما تكلم عن محاولتهم أن يظهروه أى يتسلقوه إستعمل "ما اسطاعو" و لما تكلم عن محاولتهم أن ينقبوه أو ينقضوه بالحفر إستعمل كلمة "ما استطاعوا"
و ذلك لأن التسلق أيسر من إحداث النقب، كما أنه يحتاج إلى خفة و رشاقة فجاء اللفظ مخففاً ملائماً لحال المتسلق بالحذف
أما " مَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا " أثبت التاء لأن ثقب الجدار فعل شاق و طويل و يحتاج معدات ثقيلة ..إلخ،فلم يحذف من الفعل بل أعطاه أطول صيغة

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تنزّل و تتنزّل[/SIZE][/COLOR]
قال تعالى ((تنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ)) القدر
و قال عز و جل ((ِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)) فصلت
الكلام هنا عن نزول الملائكة على المؤمنين فقال فى الأولى "تنزّل" و فى الثانية "تتنزل"
و ذلك لأن نزول الملائكة المذكور فى سورة القدر إنما هو فى ليلة واحدة فى العام و هى ليلة القدر، فاقتطع من الفعل بقدر الإقتطاع فى الحدث
أما النزول فى أية فصلت، فهو يحدث على مدار العام فى كل وقت، ففى كل لحظة يموت مؤمن مستقيم فتتنزل الملائكة تبشره بالجنة،فأعطى الفعل كل صيغته و لم يحذف منه شيئاً

[SIZE="6"][COLOR="navy"]توفاهم و تتوفاهم[/COLOR][/SIZE]
قال تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ)) النساء
و قال عز و جل ((الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) النحل
فما فى الأولى"توفاهم" و فى الثانية"تتوفاهم"
و ذلك أن المتوفين فى سورة النساء هم جزء من الذين هم فى سورة النحل، فالذين فى سورة النحل هم الذين ظلموا أنفسهم من الكافرين على وجه العموم، أما الذين فى النساء فهم الضعفاء الذين اتبعوهم لضعف الإيمان فى قلوبهم إن وجد، فلما كان هؤلاء أقل إقتطع من الفعل إشارة إلى الإقتطاع من الحدث

[SIZE="6"][COLOR="navy"]تبدّل و تتبدلوا[/COLOR][/SIZE]
قال تعالى ((َوآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ))النساء
و قال عز و جل ((لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ)) الأحزاب
فقال فى الأية الأولى"تتبدلوا" و فى الثانية "تبدل"
و ذلك لأن أية الأحزاب حكمها مقصور على رسول الله صلى الله عليه و سلم ،أما أية النساء فهو حكم عام للمسلمين فى كل زمان و مكان،فجاء بالصيغة القصيرة للحدث القصير المقصور، و جاء بالصيغة الطويلة للحدث الطويل المعمم

[COLOR="navy"][SIZE="6"]تولوا و تتولوا[/SIZE][/COLOR]
قال تعالى ((َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ)) الأنفال
و قال عز و جل ((وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ))هود
فقال فى الأولى"تولوا" و فى الثانية "تتولوا"
- و ذلك أن أية الأنفال خطاب للمؤمنين، و أية هود خطاب للكافرين،و معلوم أن تولى المؤمنين أقل من تولى الكافرين، فالأصل فى المؤمن الطاعة لا التولى، فلما كان وقوع التولى من المؤمنين أقل حذف من الفعل للدلالة على ذلك
- كذلك جاء الفعل تام فى قوله تعالى ((قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً))
و ذلك أن الكلام هنا عن الأعراب الذين تخلفوا نفاقاً، و الأعراب فيهم الجفاء و التمرد و عدم تمكن الإيمان من قلوبهم لذا قال تعالى فيهم:
((َجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))
((الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ))
((َومِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ))
((قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ))
فناسب ذلك أن يتم الفعل فى حقهم لكثرة وقوعه منهم
- كذلك أتم الفعل فى قوله تعالى ((َإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ)) إلى قوله ((وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ))
و ذلك أن التولى المقصود هنا هو التولى عن الإيمان و التقوى، فجاء بالتولى التام و لم يحذف من الفعل فتنبه...

[SIZE="6"][COLOR="navy"]تسطع و تستطع[/COLOR][/SIZE]
قال تعالى ((هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا))
و قال عز و جل ((ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا))
العبارتان حكاية عن كلام الخضر لموسى فقال فى الأية الأولى "تستطع" وفى الثانية"تسطع"
و ذلك أن المقام فى الأية الأولى مقام شرح و إيضاح و تبيين، و كذلك مراعاة الحالة النفسية لموسى عليه السلام من ثقل ما رأه فسبب له الهم و الحيرة، فناسب الشرح و التبين و ثقل الهم أن ياتى بالفعل تاماً ثقيلا "تستطع"
أما المقام فى الأية الثانية فكان موسى قد قد خُفف عنه بمعرفة حكمة أفعال خضر، كما أنه كان مقام مفارقة فلم يتكلم الخضر بعدها و لو بكلمة، فناسب ذلك المقام الحذف و التخفيف

[SIZE="6"][COLOR="navy"]أخرتنى و أخرتن[/COLOR][/SIZE]
قال تعالى على لسان المتوفى ((رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ))
و قال سبحانه على لسان إبليس ((لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً))
فقال فى الأولى "أخرتنى" و فى الثانية"أخرتن"
و ذلك لأن طلب إبليس لا يريده لنفسه ولا يعود عليه بنفع ولا يدفع عنه ضر و إنما يريده ليضل ذرية أدم، بعكس حال المتوفى فإن طلبه يريده لنفسه و لتحقيق مصلحته و دفع الضر عن ذاته
فلما كان طلب المتوفى طلباً حقيقياً و يرجوا منه أكبر نفع لنفسه أظهر الضمير، ولما كان طلب إبليس أشبه بشرط دخل عليه القسم ولا يحقق به مصلحة لنفسه حذف منه الضمير

[SIZE="6"][COLOR="navy"]إتبعنى و إتبعن[/COLOR][/SIZE]
قال تعالى((فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ))
و قال عز و جل ((قلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي))
فقال فى الأولى"إتبعن" و قال فى الثانية"إتبعنى"
و ذلك أن الأية الأولى فقط فى الدخول فى الإسلام و هو عمل يعود بالنفع على فاعله فقط، أما الأية الثانية ففى الدعوة إلى الله و هى خصوصية زائدة بعد الإسلام و عمل يعود بالنفع على فاعله و على غيره، و يتطلب علماً و بصيرة...

[SIZE="6"][COLOR="navy"]تسئلنى و تسئلن[/COLOR][/SIZE]
قال تعالى ((قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ))
و قال عز و جل ((قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً))
فقال فى الأية الأولى"تسألن" و قال فى الثانية"تسألنى"
و ذلك أن الأية الاولى فى سؤال نوح لربه قائلا ((َقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ))
فكان سؤالاً واحداً لم يسأل نوح غيره، و سأله على خوف و إستحياء، و متأولاً وعد ربه، و مع ذلك حظر عليه سبحانه أن يسأل ،فناسب ذلك أن يحذف الياء إشارة إلى ندرة الحدث، و الحزم فى النهى عن أصل السؤال
أما فى أية الكهف،فإن الخضر كان يتوقع السؤال من موسى، و تعددت الأسئلة من موسى عليه السلام،و لم يحظر عليه الخضر معرفة حكمة الفعل و إنما نهاه عن المبادرة بالسؤال إلى أن يفسر له، فناسب ذلك أن يتم الضمير ولا يحذفه دلالة على توقع السؤال و توقع تكراره ليتنبه موسى عليه السلام
أغلب مفردات هذا البحث نقلاً عن كتابات دكتور فاضل السامرائى حفظه الله، و الأستاذ سيد قطب رحمه الله





[COLOR="Red"][SIZE="6"]البلاغة فى أية :[/SIZE][/COLOR]


بعد أن تناولنا أمثلة على بلاغة القران فى إستعمال الكلمة بل و الحرف، فلننظر فى أمثلة على بلاغة الجملة أو الأية من أيات الكتاب الكريم

[COLOR="Magenta"][SIZE="6"]المثال الأول[/SIZE][/COLOR]
تدبر قوله تعالى ((َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ))
هذه أية واحدة فى كتاب الله إحتوت على:- نداء و خطاب و وصف و أمر و تحليل و إستثنائين و و تقييد و تفويض
نداء و خطاب: َيا أَيُّهَا
وصف: الَّذِينَ آمَنُواْ
أمر: أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ
تحليل: أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ
إستثناء أول: إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ
إستثناء ثان: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ
تقييد: وَأَنتُمْ حُرُمٌ
تفويض: إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ
و تأمل قوله تعالى ( أوفوا بالعقود) تجده من جوامع الكلم، إذ تضمن كل العقود ما كان منها مع الله من العهود و أمانة الدين، و ما كان مع الناس من عقود معاملات أو عهود أخلاقية و أمانات... سبحان الله

[COLOR="magenta"][SIZE="6"]المثال الثانى[/SIZE][/COLOR]
تدبر قوله تعالى ((وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ))
فهذه أية واحدة فى كتاب الله إختصر سبحانه فيها قصة موسى عليه السلام ، و على قصرها قسمت على نحو بديع إلى أمرين و نهيين و بشارتين!
الأمران: أرضعيه، ألقيه فى اليم
النهيان: لا تخافى، لا تحزنى
البشارتان: إنا رادوه إليك، جاعلوه من المرسلين

[COLOR="magenta"][SIZE="6"]المثال الثالث[/SIZE][/COLOR]
تدبر قوله تعالى ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ))
أية دارت حول معنين تبرزهما شعيرة الحج:
ترك المنكرات(فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ)
و فعل الخيرات(وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ)
و بقيتها دار حول كلمتين " الزاد و التقوى" و كل منهما ورد كمصدر و ورد كفعل ( الزاد،تزودوا/التقوى، اتقون)
و ركب بعضهم على بعض تركيباً عجيباً فخرج المعنى تاماً جميلاً جمع به بين زاد الأبدان، و زاد القلوب بما تضمنه من إستعارة بليغة

[COLOR="magenta"][SIZE="6"]المثال الرابع[/SIZE][/COLOR]
تدبر قوله تعالى ((وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ..))
هذه الأية أعجزت أبلغ ما كانت العرب تقوله لتحقيق معناها، فكانت مقولة العرب الشهيرة(القتل أنفى للقتل)
فجاء هذه الأية المعجزة لتظهر الفرق بين كلام الخالق و كلام المخلوق و هذا من وجوه عدة منها:-
1- مقولة العرب ورد فيها القتل تصريحاً بينما الأية لم تقل ( و لكم فى القتل حياة)
لأن كلمة القصاص أشمل و أعم فاحترز بها من القتل والجرح معا لشمول القصاص لهما ، فالحياة أيضا في قصاص الأعضاء بخلاف قول العرب
2- الطباع أميل إلى لفظ القصاص، من لفظ القتل، لإشعار الأول بالمساواة و العدالة، دون الثاني.
3- اطّراد الآية، و عدم اطّراد مقولتهم، إذ القصاص مطلقا سبب للحياة، بخلاف القتل، فإنه قد يكون أنفى للقتل، كالذي على وجه القصاص، و قد يكون أدعى له، كالذي على وجه الظلم.
4- الأية صرحت بالهدف من تشريع القصاص و هو حفظ ( الحياة) أما العبارة لم تصرح و لكن تضمنت، و التصريح أقوى من التلميح، كما أن نفي القتل لا يستلزم الحياة ، والآية تنص على ثبوتها فهي الغرض المطلوب منه
5- إن تنكير " حياة " يفيد تعظيما ، فيدل على أن في القصاص حياة متطاولة ، وأيضاً لأنهم كانوا يقتلون بالواحد الجماعة، و بالمقتول غير قاتله، فتقع فتنة عظيمة، فكان في حكم القصاص حياة أيُّ حياة
6- (القتل أنفى للقتل) فيها تكرار و لكن (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) لا تكرار فيها و هذا أبلغ
7- في الآية طباق ، لأن القصاص مشعر بضد الحياة بخلاف المثل .
8- إشتملت الآية على فن بديع حيث جعل أحد الضدين وهو الموت والفناء محلاً ومكانا للضد الآخر وهو للحياة ، وذلك بإدخال كلمة " في " .
9- إستغناء الآية عن تقدير محذوف بخلاف قولهم ففيه حذف التقدير : القتل أنفى للقتل من تركه
10- سلامة الآية من لفظ القتل المشعر بالوحشة ، بخلاف لفظ الحياة ؛ فإن الطباع أقبل له من لفظ القتل .
11- الآية مبنية على الإثبات ، والمثل على النفي والإثبات أشرف .
12- إن المثل يفهم بعد فهم أن القصاص هو الحياة ، بينما الآية مفهومة من أول وهلة .
13- سلامة الآية من تكرار قلقلة القاف الموجب للضغط والشدة ، وبعدها عن غنة النون، كما أن في النطق بالصاد والحاء والتاء حسن الصوت ، بخلاف مثل العرب، كما أن فى المثل بناء أفعل التفضيل من فعل متعد ، والآية سالمة منه .

[COLOR="magenta"][SIZE="6"]المثال الخامس[/SIZE][/COLOR]
تدبر قوله تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ))
فهذه الأية العظيمة فيها أوجه من بدائع البيان:-
- إشتلمت على وصفين و نهيين و بشارتين
الوصفان: قالوا ربنا الله، إستقاموا
فجمع بهاتين الصفتين بين الإخلاص و الإتباع، و هذا هو الدين كله، صلاح القلب بالتوحيد، و صلاح العمل بالإستقامة على شرع الله الحنيف يإمتثال أوامره و إجتناب نواهيه
النهيان: لا تخافوا، لا تحزنوا
ففند بهما كل ما يؤذى المؤمن ، إذا الحزن يكون على ما فات، و الخوف يكون مما هو أت...
البشارتان: تتنزل عليهم الملائكة، أبشرو بالجنة
فبشر المؤمن بتنزل ملائكة الرحمة وقت مغادرة الدار الدنيا، و بدخول جنة الخلد حين الإنتقال للدار الاخرة..فيفرح وقت إدباره، و يفرح وقت إقباله
فانظر إلى كم المعانى المستوفاة بأوجز لفظ!

[COLOR="magenta"][SIZE="6"]المثال السادس[/SIZE][/COLOR]
تدبر قوله تعالى ((َو قِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))
هذه الأية البليغة تصور لنا فى إبجاز نهاية طوفان نوح عليه السلام، و قد إشتملت على الألوان البديعية الأتية:-
*تتكون هذه الأية من ثلاثة أخبار و ثلاثة أوامر
الثلاثة أخبار: غيض الماء/قضى الأمر/إستودت على الجودى
الثلاثة اوامر: ابلعى ماءك/أقلعى/ بعداً للقوم الظالمين

[COLOR="DeepSkyBlue"]*[/COLOR]و قد عدد فيها العلامة اللغوى إبن أبى الاصبع عدة أصناف من البديع:-
[COLOR="RoyalBlue"]1[/COLOR]- المناسبة اللفظية التامة : بين (أقلعى) و (ابلعى)، فقد جمع بين اللفظين و هما هنا موزونان ممقفيان بزنة و قافية واحدة
[COLOR="royalblue"]2[/COLOR]- المطابقة: بين (السماء) و (الأرض) فى قوله (( يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي ))
[COLOR="royalblue"]3[/COLOR]- المجاز المرسل: فى قوله (يا سماء) و الحقيقة: يا مطر السماء و العلاقة المجاورة
[COLOR="royalblue"]4[/COLOR]- الإشارة: و هى أن يدل اللفظ القليل على المعنى الكثير بحيث يكون اللفظ لمحة دالة، و ذلك فى قوله ( و غيض الماء) لأن الماء لا يغيض حتى يقلع مطر السماء و تبلع الأرض ما يخرج منها،فدل هذا التركيب القليل(و غيض الماء) تحقق الأوامر السابقة كلها
[COLOR="royalblue"]5[/COLOR]- الإرداف: و هو أن يريد المتكلم معنى فلا يعبر عنه بلفظه الموضوع له، ولا بلفظ الإشارة الدال على المعانى الكثيرة، و إنما بلفظ ردف المعنى الخاص و تابعه قريب من لفظ المعنى الخاص قرب الردف من الرديف
و هذا فى قوله (و قضى الأمر) و حقيقة ذلك: و هلك من قضى الله بهلاكه، و نجا من قضى بنجاته
[COLOR="royalblue"]6[/COLOR]- التمثيل: و هو بإختصار إيثار لفظ مكان أخر ليس أحدهما مجازاً
و هذا فى قوله (و استودت على الجودى) فإن حقيقة ذلك: و جلست على هذا المكان، فعدل عما فيه زيغ إلى ما لا زيغ فيه ولا حركة ولا إضطراب، فاستعمل (استوت) أى جلست جلوساً مستقراً تسكن به قلوب أهل السفينة و تأمن،ولا يحصل هذا بقولنا (جلست)
[COLOR="royalblue"]7[/COLOR]- التعليل: لأن (غيض الماء) علة الإستواء
[COLOR="royalblue"]8[/COLOR]- صحة التقسيم: حيث استوعب سبحانه حال الماء حين نقصه
[COLOR="royalblue"]9-[/COLOR] الإحتراس: حيث إحترس من توهم متوهم أن الماء قد عم من لا يستحق الهلاك، و تحقق ذلك بقوله ((وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))
[COLOR="royalblue"]10-[/COLOR] حسن النسق: فى عطف القضايا بعضها على بعض حسبما وقعت الأول فالأول
[COLOR="royalblue"]11-[/COLOR] إئتلاف اللفظ مع المعنى: لكون كل لفظة لا يصلح غيرها مكانها
[COLOR="royalblue"]12[/COLOR]- التسهيم: لأن من أول الأية إلى قوله (أقلعى) يقتضى أخرها، و التسهيم أن يكون فى أول الكلام ما يدل على أخره لأنها تقتضيه
[COLOR="royalblue"]13[/COLOR]- التهذيب: لأن مفردات الألفاظ موصوفة بصفات الحسن ، كل لفظة سهلة مخارج الحروف و عليها رونق الفصاحة
[COLOR="royalblue"]14[/COLOR]- حسن البيان: لأن السامع لا يتوقف فى فهم معنى هذا الكلام لوضوحه و صفاؤه
[COLOR="royalblue"]15[/COLOR]- التمكين: لأن الفاصلة مستقرة فى قرارها،مطمئنة فى مكانها غير قلقة ولا مستكرهة
[COLOR="royalblue"]16-[/COLOR] الإنسجام: و هو تحدر الكلام بسهولة و عذوبة سبك
[COLOR="royalblue"]17[/COLOR]- الإيجاز: لأن الله اقتص قصة السفينة بلفظها مستوعبة فى أخصر عبارة بألفظ غير مطولة
ففيه إيجاز الحذف... انظر كيف بنى الفعل للمجهول فى عدة مواضع (قيل يا أرض) (غيض) (قضى الأمر) (قيل بعداً)، كما طول ذكر السفينة و أضمر فاعل الفعل فى قوله (استوت) ،و حذف معمول (أقلعى)
و فيه إيجاز القصر... لأن بعض ألفاظها حوى الكثير من المعانى كقوله (غيض الماء) (قضى الأمر)

[COLOR="Magenta"][SIZE="6"]المثال السابع[/SIZE][/COLOR]* تدبر قوله تعالى ((قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ))
جاءت هذه الأية بعد قوله تعالى ((وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ)) و قبل قوله عز و جل ((قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ))
فهى أية تتجلى فيها روعة إئتلاف اللفظ مع المعنى ،و المعانى التى تعكسها الألفاظ هنا هى معانى الحزن و الوحشة و الغربة التى كان يعيشها يعقوب حتى و هو وسط بنيه بعد فقدان أعزهم إلى قلبه يوسف عليه السلام، و فقدان الثقة بهم بعدما ضيعوه، و فقدان من كان يسليه و يشعر بلوعة قلبه و هو إبنه الأخر بنيامين، و فقدان البصر و العيش فى وحشة و ظلام العمى بسبب الحزن، و فقدان الإتصال مع أبناءه بعدما أعرض عنهم و مضى يخلو بربه شاكياً بثه و حزنه إليه وحده سبحانه و تعالى
فهى إذا غربة بعدها غربة بعدها غربة، فأتى سبحانه بأغرب الألفاظ تباعاً لتعكس تلك الغربات المتطابقة!
- فأتى سبحانه بأغرب ألفاظ القسم (تالله) إذ المشهور القسم بالباء و الواو و هما أكثر دوراناً على الألسنة
- و لما أتى بها أتى بأغرب صيغ الأفعال التى ترفع الأسماء و تنصب الأخبار (تفتأ)، لأن كان و بقية أخوتها أعرف عند الكافة من (تفتأ) و أكثر إستعمالاً
- و أتى بـ(حرضاً) التى هى أغرب الألفاظ الدالة على المرض الشديد
* و من جهة أخرى أنظر إلى روعة إستعمال كلمة تفتأ دون غيرها، إذ تأتى لغة بثلاثة معانى: بمعنى سكّن وبمعنى نسي وبمعنى أطفأ النار، فدلت على نار الحرقة لا تنطفيء في قلب يعقوب ، و على عدم نسيانه ابنه أبداً رغم مرور الزمن ، و على أنه لا يسكن ولا يكف عن ذكره ،تلك فجمع بهذه الكلمة تلك المعاني الثلاثة التى تظهر حالة يعقوب أيما إظهار، وإضافة إلى ذلك حذف حرف النفي الذي لا يدل على التوكيد فالكلام في الآية غير متيقن.
* و كذا تدبر قوله تعالى: (أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى)
لفظ (ضيزى) من مستوحش الكلم و غريبه ، فكانت غرابة اللفظ أشد الأشياء ملاءمة لغرابة هذه القسمة التي أنكرها، وكانت الجملة كلها كأنها تصور في هيئة النطق بها، الإنكار في الأولى والتهكم في الأخرى، وكان هذا التصوير أبلغ ما في البلاغة وخاصة في اللفظة الغريبة الذي تمكنت في موضعها من الفصل
و للإستزادة راجع إعجاز القرأن للرافعى رحمه الله


[COLOR="magenta"][SIZE="6"]المثال الثامن[/SIZE][/COLOR]
تدبر قوله تعالى ((وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ))
هذه الجملة جزء من آية، وهى من عجائب القرآن لما جمعته من معانى و عواطف و حركات و خواطر بأوفى صفة، و بيان ذلك:-
[COLOR="RoyalBlue"]أ-[/COLOR] ( استبقا ) الإستباق إفتعال من السبق، والإفتعال يوحي بالتكلف والتحمل ... فكأن الفاعلين يتسابقان بكل ما أوتيا من طاقة ...و ما هذا التكلف إلا تعبير جسدي عن الكامن النفسي :
فالمرأة واقعة تحت صارخ الشهوة.يدفعها بأقصى ما تستطيع.
والرجل واقع تحت إمرة التقوى يدفعه كذلك بأقصى ما يطيق.
فانظر إلى هذه التاء - وهي مجرد حرف- كيف أفصحت عن المكنونات.!
[COLOR="royalblue"]ب[/COLOR]- ( استبقا الباب) حذف حرف الجر"إلى" يكشف عن محتوى نفسي عميق.يمكن رصده بمقارنة التعبيرين:
[COLOR="Plum"]1[/COLOR]/ استبقا إلى الباب.
[COLOR="plum"]2[/COLOR]/ استبقا الباب.
فكلمة "إلى" فى الجملة الأولى حملت معلومة عن المسافة والإتجاه، ويكون معها (الباب) نهاية المسافة التي يراد قطعها.
لكن بحذف هذه المعلومة يصبح الباب هو الهدف، فيكون إيقاع الفعل عليه هو نفسه لا إيقاعه في مسافة تفضي إليه!
بعبارة أخرى نقول :بأي شيء كان وعي الفاعلين مشغولا؟ بالباب أم بالمسافة الفاصلة؟
لا ريب أن الباب هو المقصود، والاهتمام أثناء السباق منصرف إلى الفتح أو الاغلاق وليس إلى وقع الخطوات وامتداد المسافة....فلتحذف (إلى ) إذن ، ليبرز التعبير ما يوافق المقام: حركة الجسم وهي نحو السباق وحركة الذهن وهي نحو الباب.
لله در هذا القرآن.
[COLOR="RoyalBlue"]جـ-[/COLOR] (استبقا الباب ) ألف الإثنين مثبتة لفظاً لا نطقاً ، بسبب إلتقاء الساكنين،فيقرأ الفعل كأنه مفرد.
هذا الحذف له إيحاء دلالي يكشف عن سرعة الحدث:فلا وقت للمد في التعبير كما لا وقت للإبطاء في المعبر عنه.
[COLOR="royalblue"]د-[/COLOR] ( استبقا الباب) فعل مشترك بين الفاعلين، ولكن شتان بين القصدين.، فاللفظ يصف المشهد خارجيا جسمين مندفعين في الفضاء في اتجاه واحد، لكن داخليا نلمس حركتين متعاكستين:.النزوع نحو الخروج والنزوع إلى المنع من الخروج.
[COLOR="royalblue"]هـ-[/COLOR] (سيدها لدى الباب ) تكررت كلمة( الباب) مرتين مع أن الآية مبنية على الإيجاز.....وما ذاك إلا لأهمية" الباب "في المشهد وتعدد وظائفه بحسب الشخصيات.....
فالباب في سياق الاستباق ملحوظ باعتباره مخرجا.
أما الباب في سياق ذكر السيد فملحوظ باعتباره مدخلا.
فكان العبارة نبهت على أن الباب كما يستعمل للخروج يستعمل أيضا للدخول .لكن يبدو أن هذا المعنى الثاني كان غائبا عن الوعي حتى وقعت المفاجأة!
[COLOR="royalblue"]و[/COLOR]- (سيدها) لم يقل "سيدهما" لأن قوة المشهد ليس في اعتبار العزيز مالكا ، ولكن في اعتباره زوجاً وبعلاً لإظهار خيانة المرأة و تأزيم الوضع برسم معالم الفضيحة....فلم يناسب إلا "سيدها" فتأمل.
[COLOR="royalblue"]ز[/COLOR]- (وقدت قميصه من دبر) وصف لحركة خارجية واحدة....لكن كم تختزل من معان وأحداث.
-الرجل أقوى وأسرع من المرأة.
-المرأة تريد أن تستبقي الرجل فتمسك بكل ما تستطيع.
-المشهد يكاد يرى بالبصر:المرأة تمسك بأعلى القميص،يقع تعاكس لقوتين،القوة المندفعة والقوة الجاذبة فينتج عنه شق القميص ويمتد الشق من أعلى إلى أسفل.
-القميص المقدود سيكون مصدر استدلال فيما بعد. فتأمل
[نقلاً عن الشيخ أبى عبدالمعز حفظه الله]


[COLOR="Magenta"]المثال التاسع[/COLOR]
تدبر قوله تعالى (( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ))
*تبين الآية حالة عجيبة جداً مبنية على تعاقب ثلاث حركات:
{تفرون/ ملاقيكم/ تردون}
[COLOR="DarkOrchid"]أ-[/COLOR] وللنفس أن تتمثل قوة التعبير البياني الذي يهز المهجة في قوله "ملاقيكم "
إذ كانت هذه الكلمة أبلغ من لو قال : إن الموت الذي تفرون منه فإنه مدرككم.
لأن الفارين من الموت لا يتصورون الموت إلا خلفهم ويتوقعون في أي لحظة أن يدركهم... ومن ثم
لا يبقى مجال لعنصر المباغتة......
فليس أبلغ من هذه المفارقة: الفرار من الموت يؤول إلى الفرار إليه!!!
[COLOR="darkorchid"]ب[/COLOR]- الكفار حاولوا تغييب الموت ونبذه بعيداً عن دائرة الوعي....لذا أبرزته الآية مؤكدا بالنوعين من التوكيد المعروفين في لغة العرب:
التوكيد المعنوى /.التوكيد اللفظي.
فمن الأول التوكيد بـ"إن" ( إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ)
ومن الثاني إعادة التوكيد بتكرار "إن" ( فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ)
مع ملحظ توكيد الموت صريحا( إِنَّ الْمَوْت)َ ومضمراً (فَإِنَّهُ )
[COLOR="darkorchid"]جـ[/COLOR]- "تفرون / ملاقيكم"
الفرار من الموت جاء على صيغة فعل المضارع ليوحي بديمومة الحدث وتجدده............وعورض هذا بمجيء لقاء الموت على صيغة الاسم لأن اللقاء يقع مرة واحدة ولا يتجدد شيئا بعد شيء كحال الفرار..وثبوت الوصفية للموت يوحي بكون ملاقاة الكفار هي ماهيته أو جزء منها.
[كتبه الشيخ أبو عبدالمعز]

[COLOR="Magenta"]
المثال العاشر[/COLOR]
تدبر قوله تعالى ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ))
هي آية واحدة، لكننا لو تدبرنا معناها لوجدنا أنفسنا سائحين في ملكوت الله، طائفين على مختلف العلوم. و بيان ذلك:-

[COLOR="Teal"](1)[/COLOR] الدلالة على رب العالمين:
[COLOR="DarkSlateBlue"]أ-[/COLOR] دلت الآية الكريمة على رب العالمين بالدليلين المعروفين
"دليل الاختراع/ ودليل العناية" كما سماهما ابن رشد...
(فخلق الأرض وجعلها) من الدليل الأول،(وتسخيرها للإنسان وتوفير ما يلائم طبعه من رزق وأكل )من الدليل الثاني.
[COLOR="darkslateblue"]ب[/COLOR]- نبهت الآية في ابتدائها وفي انتهائها على اسمين جليلين للرحمن:الأول والآخر.
فكل شيء ابتداؤه من الله( جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولا)
وكل شيء منتهاه إلى الله (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
[COLOR="darkslateblue"]جـ [/COLOR]- جمعت الآية بين فعلي الربوبية:الخلق والأمر (( أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ))
الخلق: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا)
الأمر: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ)

[COLOR="Gray"](2)[/COLOR] الدلالة على العلم الطبيعي:
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً)
[COLOR="Magenta"]أ-[/COLOR] قال العلماء إن الأرض في مراحلها التكوينية الأولى لم تكن صالحة للحياة ثم تشكل الغلاف الجوي بعد ذلك واستقرت القارات وظهرت النباتات فأصبحت صالحة مسكنا للبشر....
وقد جاء في الآية فعل "جعل"الذي يفيد التحول والتصيير والنقل من حالة إلى أخرى..... فجعل الأرض ذلولاً مفهومه أنها كانت من قبل في وضعية مغايرة.
[COLOR="Pink"]ب[/COLOR]- أما وصف الأرض ب "ذلول" فيشهد على إعجاز القرأن، إذ كلمة ذلول تستعمل فى الدواب التى يمتطيها الإنسان ((وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ))
و المتأمل في حال الأرض سيجد هذا التماثل البليغ بين الأرض والمطية: فالأرض هي مطيتنا الكونية ونحن مستقرون على ظهرها بينما هي تقطع ملايين الأميال في الفضاء بسرعة مهولة.....فلا تشعرنا بالحركة فضلا عن أن تلقينا بعيدا عنها!

[COLOR="pink"](3[/COLOR]) الدلالة على علم العمران:
(فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا)
أمر عام لبني آدم جاء بعد جعل الأرض ذلولاً، فالمشي في مناكبها هو الحكمة من جعلها على ذلك الوصف...
ويتضح من الآية الوضع البشري في التقدير الرباني: فهو مخلوق للسعي والحركة والسفر والرحلة والبحث والتنقيب.....
((هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا))

[COLOR="pink"](4)[/COLOR] الدلالة على علم الأخلاق والسلوك:
(وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
جاور البيان المعجز بين الأكل والتذكير:كل من رزق الله، ولكن لا تنس الموت والبعث والحساب!!
فكأن عبارة (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) جاءت لكبح الإسترسال في الأكل والانغماس في الشهوات ... فيستعين الإنسان بهذه الشهوات نفسها للتقوى للعمل ليوم النشور

[COLOR="pink"](5)[/COLOR] الدلالة على علم التاريخ:
لخصت الآية تاريخ الإنسان في الوجود:
-فذكرت النشأة الأولى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا)
والنشأة الثانية (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
وذكرت مرحلة المعاش (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِه)
ومرحلة المعاد (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
وذكرت التكليف والحساب.
ثم ذكرت إجمالا الأحوال الثلاث للإنسان مع الأرض:
-يكون فوقها: مستفاد من قوله (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا)
-يدفن فيها: (مستفاد من دلالة الاقتضاء )
-يبعث منها:مستفاد من قوله (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
فما أعظمها من عجائب
[كتبه الشيخ أبو عبدالمعز]

[COLOR="Magenta"]المثال الحادى عشر[/COLOR]
آية الكرسي هي سيّدة آي القرآن الكريم، و هى أية عقائدية لا أمر فيها ولا نهى، و فيها نكات بيانية منها:-
أولاً:لما كانت تتكلم عن الله سبحانه تجلت فيها الطريقة الربانية فى ترسيخ الإعتقاد، بالنفى و الإثبات، فلا تنفى شىء إلا و تثبت أخر، فأنظر كم مرت تكررت فيها أدوات النفى و الإستثناء ، تجدها فى الأية من أولها إلى أخرها، و كلما نفت شىء تثبت غيره أو تستثنيه، فهذا هو المنهج الربانى فى التعريف به تبارك و تعالى
((اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ))
ثانياً: قامت الأية على الثنائية، فتجدها تذكر من كل الأشياء اثنين اثنين، بدأها بصفتين من صفات الله تعالى (الحي القيوم) ، وذكر اثنين من النوم(سنة ونوم) ، وكرّر (لا) مرتين (لا تأخذه سنة ولا نوم)، وذكر اثنين في الملكية(السموات والأرض)، وكرر (ما) مرتين ، وذكر اثنين من علمه في (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم)، وذكر اثنين مما وسعه الكرسي (وسع كرسيه السموات والأرض) ، وختم الآية باثنين من صفاته (العليّ العظيم).
وقد ورد إسمين من أسماء الله الحسنى مرتين في القرآن: في سورة البقرة (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) ومرة في سورة (آل عمران) في الأية الثانية (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) (لاحظ الرقم 2). والعلي العظيم وردت في القرآن مرتين في القرآن أيضاً مرة في سورة البقرة ومرة (له ما في السموات وما في الأرض وهو العلي العظيم) في سورة الشورى في الآية الرابعة (أربع أسماء في الآية الرابعة)
ثالثاً: تمتعت الأية بحسن التقسيم والإستعمال اللغوى الدقيق و البليغ و بيان ذلك:-
- أول ما بدأت به لفظ الجلالة (الله) فيالها من بداية، ونلاحظ أن كل جملة في هذه الآية تصح أن تكون خبراً للمبتدأ (الله) لآن كل جملة فيها ضمير يعود إلى الله سبحانه وتعالى
- ثانى ما فيها الركن الأعظم شهادة الحق ( إلا إله إلا هو) فنفت الأولوهية عن كل ما دون الله و أثبتتها لله سبحانه وحده، فهذا توحيد الألوهية
- (الحى القيوم) كلاهما معرف بالألف و اللام دلالة على الكمال والقصر
الحى: فحياته سبحانه كاملة وكل ما عداه حياته قاصرة بل لا حيّ سواه على الحقيقة لآن من سواه يجوز عليه الموت و يستمد حياته من الحى سبحانه
القيّوم: هي صيغة المبالغة من القيام أى القائم بذاته المقيم لغيره ، فيدبر أمر خلقه في إنشائهم ورزقهم و حياتهم و موتهم، فلا قيّوم سواه حصراً، فكان فى هذه الأية توحيد الربوبية
- (لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ) كما علمنا فإن الأية تقوم على النفى و الأثبات ، فلما نفت الألوهية عن غير الله أثبتتها لله ، و لما أثبتت لله تمام الحياة و القيومية نفت عنه سبحانه السنة و النوم
والسنة هي النعاس الذي يتقدم النوم ولهذا جاءت في ترتيب الآية قبل النوم وهذا ما يعرف بتقديم السبق، فنفت النوم و نفت حتى مقدماته
ولم يقل سبحانه لا (تأخذه سنة ونوم) أو (سنة أو نوم) ، لأن في قوله "سنة ولا نوم" ينفيهما سواءً اجتمعا أو افترقا لكن لو قال سبحانه "سنة ونوم" فإنه ينفي الجمع ولا ينفي الإفراد فقد تأخذه سنة دون النوم أو يأخذه النوم دون السنة.
- (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) (ما) أشمل من (من) لأن الأولى تجمع العاقل وغير العاقل و الثانية تخص العقلاء
و قدّم الجار والمجرور على المبتدأ (له ما في السموات) إفادة القصر أن ذلك له حصراً لا شريك له في الملك فكانت هذه الجملة تقرير لواحدانية المِلك لله
وجاء ترتيب (له ما في السموات وما في الأرض) بعد (الحيّ القيّوم) ليدلّ على أنه قيوم على مِلكه الذي لا يشاركه فيه أحد غيره وهناك فرق بين من يقوم على ملكه ومن يقوم على ملك غيره فهذا الأخير قد يغفل عن ملك غيره أما الذي يقوم على ملكه لا يغفل ولا ينام ولا تأخذه سنة ولا نوم سبحانه
- (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) جاءت بعد إثبات المِلكية فأثبتت المُلك بجانب المِلك لله ، فله كل الملكوت و الكبرياء سبحانه ، ولا يتكلم أحد ولا يتقدم عنده إلا بإذنه
وكذا دلت على ملكه وحكمه في الدنيا والآخرة معاً ، لأنه لمّا قال (له ما في السموات وما في الأرض) يشمل ما في الدنيا وفي قوله (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) هذا في الآخرة فدلّ هذا على ملكوته في الدنيا والآخرة
و هكذا تقرر توحيد الملك بعد تقرير توحيد الألوهية و توحيد الربوبية ، فالله تعالى هو رب الناس و ملك الناس و إله الناس
و قوله (من ذا) أخرجه مخرج الإستفهام الإنكاري لأنه أقوى من النفي ، و قد إكتسب معنيين: قوة الإستفهام والإشارة، ولا يوجد تعبير آخر أقوى من (من ذا) لكسب المعنيين قوة الإستفهام والإشارة معاً بمعنى (من الذي يشفع ومن هذا الذي يشفع).
- (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ) إنتقل للكلام عن علم الله تعالى و عن كرسيه العظيم الذى هو موضع قدميه جل و علا ، فكان ذلك من توحيد الأسماء و الصفات بعد توحيد الألوهية و توحيد الربوبية و توحيد الملك
و الجملة أثبتت تمام العلم لله تعالى بأمورهم الماضية والمستقبلية، الظاهرة و الخفية، و من ذلك علمه بأحوال الشافع و هل يستحق أن يَشفع و المشفوع له وهل يستحق يُشفع فيه ، فناسب موضعها بعد ذكر الشفاعة
- (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء) على نفس منهج النفى و الإثبات، لما أثبت سبحانه لنفسه الإحاطة بالناس علماً نفى عن غيره أن يحيط بشىء من علمه سبحانه إلا ما شاء
و إستعمل (ما) و هي تحتمل معنيين في اللغة هنا تحتمل أن تكون مصدرية بمعنى (لا يحيطون بشيء من علمه إلا بمشيئته) وتحتمل أن تكون اسماًً موصولاً بمعنى (إلا بالذي شاء) وهنا جمع المعنيين أي لا يحيطون بعلمه إلا بمشيئته وبالذي يشاؤه أي بالعلم الذي يريد وبالمقدار الذي يريد. المقدار الذي يشاؤه نوعاً وقدراً. فمن سواه لا يعلم شيئاً إلا إذا ما أراده الله بمشيئته وبما أراده وبالقدر الذي يشاؤه
- (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ) قال "وسع" و لم يقل "يسع" لأن صيغة الماضي تدلّ على أنه وسعهما فعلاً فلو قال يسع لكان فقط إخبار عن مقدار السعة ، فالكرسى ملكه سبحانه و وسع السماوات و الأرض الذين سبق و قال أنهما و ما فيهما ملكه، فهم يملك الشىء و يملك ما فيه فله كل الملك تبارك اسمه
- (وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا) أي لا يجهده وجاء بـ (لا) للدلالة على الإطلاق (لا يمكن أن يحصل) .
- (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) عرّفهما بأل التعريف لأنه لا عليّ ولا عظيم على الحقيقة سواه فهو العليّ العظيم حصراً.
و بالجملة فالحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم والذي له ما في السموات والأرض والذي لا يشفع عنده إلا باذنه والذي يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم والذي لا يحاط بعلمه إلا بما شاء هو العليّ العظيم، فكل جملة في آية الكرسي المباركة تدلّ على أنه الحيّ القيّوم والعلي العظيم...نقلاً عن دكتور فاضل السامرائى

[COLOR="magenta"]المثال الثانى عشر[/COLOR]
تدبر قوله تعالى ((أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ))

[COLOR="Red"][SIZE="6"]
كلمات شديدة الوقع بليغة المعنى،تضافرت فيها العناصر اللغوية والخطابية لحبك هذه المعانى و من ذلك:-[/SIZE][/COLOR]


1) تشعر بقرائتك لهذه الكلمات أنها أمسكت بطرفي الحياة وجمعتهما في ومضة خاطفة ، ولكنه في الوقت ذاته يخيل هيئة الطول فيما بين الطرفين!
فهذه الصورة : من جانب تصور قصر الحياة فما كادت تبدأ بالتكاثر , حتى انتهت بالمقابر – وذلك أقصر ما نصور به فترة الحياة , في اللفظ والخيال – ولكنها من طرف خفي , قد عرضت امتداد اللهو طول الحياة من مبدئها إلى منتهاها , وساعدت كلمة " حتى " على بروز الامتداد ؛ فخيلت للنفس أن هؤلاء القوم لجوا في اللهو أمدا طويلا . وذلك من عجائب التخييل , فغرض قصر الحياة , وغرض طول اللهو فيها , كلاهما مقصود من التعبير , وكلاهما تحقق في هذا النص القصير
[نقلاً عن التصوير الفنى]
2) و من الجمال التعبيرى فى هاتين الأيتين إختيار المواجهة بضمير المخاطب (أَلْهَاكُمُ/ زُرْتُمُ) لتحقيق الدلالات التي يوحي بها أسلوب الخطاب من قبيل الإدانة والاتهام والتقريع والتوبيخ....
ف" ألهاهم التكاثر" ،الواردة في النص المصطنع ، لا تمنح شيئا من هذه المعاني إذ أن عطاءها سينحصر حينذاك في التقرير والإخبار.
3) و من مظاهر دقة و روعة اللفظ القرأنى ، تأملنا فى كل كلمة أستعملت فى هاتين الأيتين القصيرتين:
(ألهاكم)
لو أدرت لسان العرب لم تجد ما يقوم مقام"ألهاكم"..فلا الشغل ولا الاشتغال ولا الانهماك ولا اللعب ولا غيرها تفي بالمقصود..
"ألهاكم"..وحدها دلت على الإفراط والتفريط معا..فالمتلبس باللهو حاصل منه دائما شيئان:
-إضاعة الوقت والجهد في ما هو باطل أو قليل العائدة.
-الغفلة عن واجب أو أمر أكثر فائدة..
فيكون اللاهي مسؤولا عن أمرين:الوقت المهدور والواجب المتروك..
(التكاثر)
"التكاثر" كلمة بليغة كافية لتلخيص تاريخ البشرية كله!
فمن صيغة (تفاعل) إنبثقت كل المعاني المتعلقة بالتنافس والتحاسد والتصارع والتسابق وإشعال فتائل الحروب!
ولو ألقينا نظرة في تاريخ البشر لوجدناه يتلخص في هذه الكلمة،فما الحروب وما الصراعات إلا تعبيرا عن هذه الرغبة الكامنة في النفوس ، فكل أمة تريد أن تكثر سوادها و تنصر جنسها و فكرها!
-وهكذا نرى كيف حددت هذه الكلمة لوحدها طبائع الناس الداخلية وعلاقاتهم الخارجية في آن واحد
(حتى)
لو أدرت لسان العرب لم تجد ما يقوم مقام "حتى"
فهذا الحرف أنشأ توسعا دلاليا مذهلا:
أ- توسعا في زمن التكاثر.
ب- توسعا في المتكاثر به.
فعلى الأول يكون المعنى أن المخاطبين قد ألهاهم التكاثر طيلة حياتهم ولزمهم حتى ماتوا وزاروا القبور.
وعلى الثاني يكون المعنى أن المخاطبين وسعوا دائرة ما تكاثروا به حتى ذهبوا إلى المقابر لإحصاء الأموات منهم ..:
* فتكون "حتى" أنشأت تنديدا بوصفين قبيحين عند هؤلاء:
-الغفلة بمقتضى المعنى الأول
-والسفاهة بمقتضى المعنى الثاني
(زُرْتُمُ)
لو أدرت لسان العرب لم تجد ما يقوم مقام" زُرْتُمُ"
إمتازت بالدقة التعبيرية إذ الزائر منصرف لا مقيم فى المكان الذى يزوره، فجمعت بين التذكرة بالموت و التذكرة بالبعث!
(المقابر)
لو أدرت لسان العرب لم تجد ما يقوم مقام "المقابر"
فالمقابر جمع مقبرة ،والمقبرة مجتمع القبور..فتكون المقبرة جمعا لمجاميع..
وهذا التوسيع يراد له أن يكون مقابلا للتكاثر الذي إمتد في الزمان والمكان!
هذه خمس كلمات فقط..فمن يستطيع أن يأتي بمثلها..
إنه الإعجاز في صورته الباهرة!!
[كتبه الشيخ أبى عبدالمعز]

[COLOR="Magenta"]المثال الثالث عشر[/COLOR]
من البلاغة فى أيات الذكر الحكيم تميزها بالإيجاز البديع ،و لو تدبرنا الآيات لعرفنا مدى بلاغة الإيحاء والاخـتصار، وتأثيره على النفس وأسـره للفكر،و دلالته على المعانى تامة الجامعة بأقصر عبارات دونما خلل أو تقصير ، ولنورد قبسات من أيات الله تدلل على ذلك:
1) تدبر قوله تعالى ((خـذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ))
ثلاثة أوامر كل منها يصلح مادة مؤلف كبير، جُمعت فى كلمات يسيرة و جمعت معها مكـارم الأخلاق ، لأن في أخذ العفو الترفع والتسامح واللين والرفق في الدعوة، وفي الأمر بالمعروف نشر الخيرات و الصفات الكريمات و كف الأذى و حفظ الأعراض و مكافحة المحرمات، وفي الإعراض الصبر والحلم والتؤدة و السمو

2) و تدبر قوله تعالى ((فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً))
لن تجد أبلغ و لاو أوجز من هذه الكلمات أبداً، إذ شرحت ببراعة ما وقع بين يوسف و أخوته حين أخذ بينيامين، فبذلو الجهد ليعدلوه عن رأيه و طلبوا منها و ترجوه و إنتظروا ثم اعادو الكرة أملاً فى أن يلين حتى استيأسوا منه و فقدوا الأمل، فأذخو يتناجون فيما بينهم و يتشاورون و يتباحثون ، كل هذه المعانى جمعتها هذه الكلمات القليلة الفصيحة، و هكذا يسمو الإيجاز إلى مرتبة الاعجاز.

3) و تدبر قوله تعالى ((وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء))
كلمات يسيرة شرحت واقعة و قعدت قاعدة، إذ كان بين المسلمبن و المشركين هدنة، ثم شعر المسلمون أن الكفار بدئو الإعداد للخيانة ، حينها شُرع لنا الحق وقف العقد شريطة أن نتلمس منهم الغدر، وأن ننذرهم علناً و بمدة كافية لنا و لهم على سواء بعدها نتحلل من الهدنة، فانظر كيف شرح كل هذه المعانى فى هذه الكلمات!

4) و تدبر قوله تعالى (( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف))
- أية جمعت كل ما يجب للنساء على الرجال من حسن المعاشرة وصيانتهن وإزاحة عللهن وكل ما يؤدي إلى مصالحهن، كما يشـمل ما يجب للرجال على النساء من طاعة الأزواج وحسن المشـاركة في السراء والضراء والسعي إلى مرضاته وحفظ غيبتهم وصيانتهم عن خيانتهم
- و قد رسخت الأية البليغة قاعدتان كليتان:-
القاعدة الأولى: "وجوب تساوي الحقوق والواجبات".......هذا مبدأ العدل وغاية استقرار المجتمعات.
القاعدة الثانية: "أسبقية الواجبات على الحقوق{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ }.
[ نقلاً عن الشيخ أبى عبدالمعز]

5) و انظر فى قوله تعالى (( والله يرزق من يشاء بغير حساب))
فانظر لكلمة (حساب) و التى تعد من جوامع الكلم العظيمة إذ إحتملت المعانى الأتية:
أ- حساب بمعنى العطاء الجزيل، فعطاء الله لا يدخل تحت عد أو حصر،فهو بغير حساب أي لا يتناهى ،كما في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ} فتكون الآية مشيرة إلى سعة ملك الله.
ب- حساب بمعنى لا يحسب ما يعطي لأنه لا يخاف نفادها عنده، فيحتاج إلى حساب ما يخرج منه، لأن المعطي إنما يحاسب ليعلم مقدار ما يعطي وما يبقي، فلا يتجاوز في عطاياه إلى ما يجحف به، والله لا يحتاج إلى الحساب، لأنه عالم غني لا نهاية لمقدوراته، فتكون الآية مشيرة على الغنى المطلق.
جـ- أن يكون معنى (بغير حساب) أى بعضها ثواب وبعضها تفضيل محض، فهو بغير حساب، تكون الآية مشيرة إلى كرم الله :يعطي مقابل الشيء عدلا ويزيد ما لا مقابل له تفضلا .
د- بغير حساب أي:يرزق من يشاء ولا يحاسب نفسه على كثرة ما أعطى لأنه كريم.
أو:لا يحاسبه أحد على فعله ولا يوجد من يحاسبه لأنه هو العلي الأعلى {{لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـئَلُونَ}
فتكون الآية مشيرة إلى الربوبية المطلقة.
هـ- بغير حساب بمعني أنه يعطي في الدنيا من يشاء من غير أن يكون ذلك منبئاً عن كون المعطي محقاً أو مبطلاً أو محسناً أو مسيئاً
فتكون الآية تقريرا لقاعدة الأرزاق في الدنيا وأن نظامها لا يجري على حسب ما عند المرزوق من استحقاق بعلمه أو عمله، بل تجري وفقا لمشيئته وحكمته سبحانه في الابتلاء وفي ذلك ما فيه من التسلية لفقراء المؤمنين ومن الهضم لنفوس المغرورين من المترفين
و- بغير حساب يراد بها طائفة من الموحدين الذين يدخلهم الله الجنة بدون حساب وهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب كما في الحديث الصحيح و هم (الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون(
ز- بغير حساب أي: من حيث لا يحتسب كما يقول الرجل إذا جاءه ما لم يكن في تقديره: لم يكن هذا في حسابـي
و معانٍ اخرى يمكن ان تستخرجها من هذه الجملة الجامعة!...
[نقلاً عن الشيخ أبى عبدالمعز]

6) و تدبر قوله تعالى ((فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى ))
أية بليغة تعكس روعة الإيجاز فى القرأن، و بيان ذلك:-
أ- إعلم أن الكلمة قد تحمل نوعين من الدلالة : أ- الدلالة الحرفية ، ب- الدلالة الإيحائية .
مثلا كلمة رزق لا مرادف لها فى أي لغة من لغات الناس لأن الكلمة العربية لها من الظلال الروحية ومن المعاني الحدسية ما لا يمكن أن يوجد في ثقافة أخرى.
كذلك فعل "تولى" في الآية هنا، لا مرادف له يفي بكل الدلالات الإيحائية.....
فهو دال على الحركة في إتجاه معين مع الدلالة على موقف فكري ونفسي، بعكس لو إستعملنا كلمة إنصرف إن حملت المعنى الأول لم تحمل المعنى الثاني.
ب- (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى)
الظاهر أن الآية إخبار عن فرعون، وترتيب للأفعال الصادرة عنه( التولي والجمع والمجيء)
لكن التأمل الدقيق للفعلين (تولى، و أتى) يكشف أن الآية حملت إخباراً عن موسى عليه السلام أيضا فنقرأ في المشهد الواحد مشهدين في الحقيقة....وهذا من إيجاز القرآن المعجز!
"تولى" فعل يدل على حركة متجهة في الفضاء، ويدل أيضا على وجود شخص (أو شيء) في الخلف....
"أتى" فعل يدل على حركة متجهة في الفضاء ، لكنها حركة مقابلة للتولي، فالنقطة المرجعية هنا توجد أمام وليس خلف...
فالتولي إنفصال وذهاب بعيدا عن المتولى عنه...والإتيان عكسه .
و عليه فإن الآية تشعرنا أن موسى عليه السلام لم يغادر مكانه، حتى أن المتكلم قبل هذه الآية هو موسى عليه السلام ((قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ))
والمتكلم بعد الآية هو موسى عليه السلام أيضا ((قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى))
فموسى إستقر ساكناً مطمئناً بينما فرعون جاب أقطارها يجمع كيده، و ذلك لأن صاحب الحق واثق من نفسه مؤيد من ربه ينعم بمعيته و رعايته، فلا يفتقر للعباد ولا يحتاج إلى مناورة ولا إلى ذهاب ومجيء !
و هذا كقول نوح لقومه ((إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ))
جـ- ( فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى)
الأفعال المتلاحقة تشعر بالسرعة لكنها مع ذلك بينت البرنامج الفرعوني كله......فانظر مثلا إلى قوة الجملة الوسطى "جمع كيده"
- فعل "جمع" يختزل أوقاتا وأحداثا: إعلانات،وسفراء،ومبعوثين ،وحركة في طول البلاد وعرضها، وعروضا وإغراءات ووعودا، باختصار حالة إستنفار قصوى.
- و المفعول به "كيد" يختزل من جهته الأفعال السحرية والرغبة في إزالة الحق بالباطل فضلا عن الإشارة إلى غموض عالم السحر والسحرة، فلا يقال الكيد إلا لما فيه خفاء
- فانظر إلى هذه الكلمة" كيد "كيف دلت على فكر وأهله كما دلت على نوايا وأصحابها ودلت على خطط وتراتيبها.
- ثم انظر إلى الرابطين لترى أسلوب القرآن المعجز:
* " جمع كيده" جملة معطوفة على سابقتها بالفاء...والفاء تدل على الترتيب مع الفورية كما هو معلوم..... ففهمنا من ذلك أن فرعون مستعجل في أمره فقضية موسى لا تحتمل التأخير، وفهمنا من فورية الجمع إستبداد فرعون وقيام الناس على خدمته واستجابة رغباته بأقصى ما يستطيعون.....فالأمر عند الفرعون يفيد الوجوب مع الفورية.
* "ثم أتى" استعمل هنا ثم التي تفيد التراخي....لأن المقام يقتضي ذلك:
فنفهم أنه بين جمع الكيد و الذهاب إلى الموعد إنصرمت مدة نبهت إليها" ثم" إنها مدة وضع المخططات والإتفاق على االوسائل وترتيب الأولويات وإختبار الحيل ....
ونستفيد أيضا قوة الحق الثابت عند موسى عليه السلام، ففرعون وسحرته لم يرتجلوا شيئا بل دبروا أمرهم واخذوا الوقت الكافي لبناء كيدهم.......ثم بعد أتوا صفا....فانهزموا.
فتعجب من أسلوب القرآن كيف جمع بين:
-سرعة تلاحق الأفعال في السرد والحكي.
-وتعدد الفصول والمشاهد والأحداث في المسرود والمحكي...نقلاً عن الشيخ أبى عبدالمعز

[SIZE="6"][COLOR="Navy"]7) و من روائع الإيجاز أن يأتى بالكلام مبنياً على أن له جواب، فيحذف الجواب لعلم المخاطب به و من ذلك:[/COLOR][/SIZE]أ- قوله تعالى ((وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً))
المراد : لو كان قرأناً تقع به هذه الأمور لكان هذا القرأن
ب- و قوله تعالى ((وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ))
المراد: و لولا فضل الله عليكم و رحمته لعذبكم
جـ- و قوله سبحانه ((أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً))
و لم يذكر ضد هذا لأن فى قوله ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) دليل على ما أراد
د- و قوله عز و جل ((لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ))
فذكر أمة واحدة و لم يذكر الأخرى التى هى ضدها لدلالة السياق عليها، و "سواء" تأتى للمعادلة بين فريقين
* و بالجملة فإن الإيجاز سمة بلاغية ظاهرة فى كتاب الله و أمثاله كثيرة كقوله تعالى (وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) أى أشربوا حبه، (لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ) الصلوات لا تهدم و إنما بيوت الصلوات،( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) أى اسأل أهل القرية، (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا) أى أمرناهم بالعدل و الإحسان ففسقوا عن أمرنا فيها، (َأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم) و المعنى فقيل لهم أكفرتم...
و بذلك الإيجاز مع الإستيفاء حوى القرأن العظيم جوامع الكلم، حتى صارت تعبيراته حِكم متداولة كقوله تعالى:
(ولا يحيق المكر السىء إلا بأهله) (لكل نبأ مستقر) ( تحسبهم جميعاً و قلوبهم شتى) (كل حزب بما لديهم فرحون)



[COLOR="Magenta"]المثال الرابع عشر[/COLOR]
و من بلاغة الجملة فى القرأن دقة النظم، و روعة تنسيق الحروف و الكلمات فى العبارة و من ذلك :
أ- تامل قوله تعالى ((قيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ))
فهذه أية لو قرأتها مجودة لتكرر حرف الميم معك ثمانى مرات متتالية، فمن يطيق تنسيق ذلك؟!

ب- تدبر قوله تعالى ((كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا))
- فبدأت السورة بخمسة أحرف مقطعة
ثم ركب عليها جملة من من خمسة أسماء ظاهرة بدون عطف وبدون فعل!
بل هي سبعة أسماء بالنظر إلى المضمر منها: الكاف والها
بل هي ثمانية أسماء بالنظر إلى المقدر منها:ذكر خبر مرفوع بمبتدأ محذوف تقديره :هذا ذكر رحمة ربك
فما أبدعه من تركيب!...كتبه الشيخ أبى عبدالمعز

ب- و تدبر قوله تعالى ((َفأرسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ))
فى هذه الأية نجد خمسة أسماء مسرودة سرداً إجمالياً، و الشأن فى مثلها ألا تكون موضعاً للجمال، و رغم ذلك تجد فيها نوعاً فريداً من الجمال التأليفى بنى على قاعدة فنية!
فهذه الأسماء الجوامد تتفاوت فيما بينهما خفة و ثقلاً، و أخفها على اللسان (الطوفان و الجراد و الدم) و أثقلها (القمّل و الضفادع)، فقدم الطوفان لخفته و لمكان المدّين فيه،ثم الجراد لأنها تلى الطوفان فى الخفة و فيها مد كذلك، فهما بمثابة ترويض للسان متدرجة فى النطق، و بعدها جاء بالإسمين الثقيلين (القمّل و الضفادع) بادئاً بالقمل لأنه الأخف و لمكان الغنة فيه،ثم جاء بالإسم الخامس (الدم) و هو أقلها حروفاً و أكثرها خفة ليسرع اللسان بها بعد هذا الجهد الطويل
و بذلك خرج القرأن بهذا السرد من باب العطف المجرد إلى تقعيد قاعدة جميلة بنيت على هيئة الكلم نفسه و أحواله من حيث الخفة و الثقل...أنظر كتاب خصائص التعبير القرانى

[COLOR="magenta"]المثال الخامس عشر[/COLOR]
فى هذا المثال ننظر فى أيات الأحكام، فقد يظن البعض أن أيات الأحكام يغلب عليها النمط التشريعى الجامد، و لكن الحقيقة أن الأيات التشريعية فى كتاب الله تجمع بين عنصرين أساسيين
(الأول) إقناع العقل و إمتاع العاطفة (الثاني) القدرة الكبيرة على نظم الأحكام بأبلغ أسلوب و من ذلك:

النموذج الأول
- تدبر قوله تعالى ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً))
فهذه الأية الكريمة ، تنظم المحرمات من النساء، و هى فى ذلك راعت أمرين هما
الأول:- الإستيعاب و الحصر الشامل بأوجز لفظ و أروع بيان
الثانى:ترتيب المحرمات فى نظام منطقى
* أما الإستيعاب و الحصر الشامل بأوجز لفظ و أروع بيان
- فانظر كيف بنى الفعل للمجهول فى قوله (حُرمت عليكم) إذ المحرم هو الله فلم يسم الفاعل للعلم به إختصاراً..
- و انظر كيف أضاف التحريم إلى الأعيان لا الأفعال فى قوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ) و ليس المراد تحريم الذوات لأن الحرمة تتعلق بالأفعال لكنها بلاغة حذف مضاف بدلالة العقل، والمراد تحريم نكاحهن لأنه معظم ما يقصد منهن ولأنه المتبادر إلى الفهم ولأن ما قبله وما بعده في النكاح
- و انظر كيف اقتصر فى الخطاب على الرجال ،إذ الطلب و الخطبة تقع من جانب الرجال و المرأة هى المطلوبة، و الحكم اتصل بذكر الرجال لارتباطه الوثيق بالمرأة
- و انظر إلى الشمولية فى قوله (أمهاتكم ) (بناتكم ) إذ شملت الأم و الجدة و لو علت، و شملت الإبنة و الحفيدة و لو نزلت ، و استقر المعنى باللفظ الواحد دون حاجة إلى تبيان
- و انظر إلى نكتة توجيه الخطاب إلى الجمع مع تعليق الحرمة بالجمع كالأمهات والبنات " إلخ " , إذ تفيد الاستغراق في التوزيع, أي حرمت على كل رجل منكم أمه وابنته..إلخ
- و أنظر إلى التخفيف فى قوله و بنات الأخ و بنات الأخت، و لم يقل و بنات أخواتكم، لأن الختم بالجمع له غنة جميلة لكن مع كثرة الطرح قد تمله الأذن و تستثقله، فكان الإفراد ههنا بمثابة إستراحة خفيفة يستأنف بها السياق بنغمته دونما ملل ولا خلل
- و حسبك لتدرك جمال هذه الأية أن تنظر فى نظيرها فى كتاب النصارى مثلا ستجد النص على النحو:
((6 لا يقترب انسان الى قريب جسده ليكشف العورة انا الرب 7 عورة ابيك و عورة امك لا تكشف انها امك لا تكشف عورتها 8 عورة امراة ابيك لا تكشف انها عورة ابيك 9 عورة اختك بنت ابيك او بنت امك المولودة في البيت او المولودة خارجا لا تكشف عورتها 10 عورة ابنة ابنك او ابنة بنتك لا تكشف عورتها انها عورتك 11 عورة بنت امراة ابيك المولودة من ابيك لا تكشف عورتها انها اختك 12 عورة اخت ابيك لا تكشف انها قريبة ابيك 13 عورة اخت امك لا تكشف انها قريبة امك 14 عورة اخي ابيك لا تكشف الى امراته لا تقترب انها عمتك 15 عورة كنتك لا تكشف انها امراة ابنك لا تكشف عورتها 16 عورة امراة اخيك لا تكشف انها عورة اخيك 17 عورة امراة و بنتها لا تكشف و لا تاخذ ابنة ابنها او ابنة بنتها لتكشف عورتها انهما قريبتاها انه رذيلة 18 و لا تاخذ امراة على اختها للضر لتكشف عورتها معها في حياتها )) لاويين 18: 6-18
لاحظ أرشدك الله كيف إحتاج ما جمعه الرحمن فى أية بليغة موزونة موجزة محكمة إلى ثلاثة عشر فقرة فى كتاب القوم ببسط مطول و إسترسال غير مبرر و تكرار ، و مع ذلك لم تحط بكل المحرمات!
نعم فإنك إن تأملت لا تجد فى هذه الفقرات التى استغرقت الكثير من الكلمات للتعبير أى ذكر لتحريم الرجل على إبنة أخته، أو ابنة أخيه، و لا وجود لنص واحد يحرم هذا فى كل كتابهم!!
* و أما ترتيب المحرمات فى نظام منطقى:
فإن الأمر لم يقف على سرد المحرمات دونما تنظيم كما نجد فى كتب النصارى، و إنما راعى الترتيب بحسب شدة الحرمة فنظمها على النحو التالى:
1- حرمة ذاتية : و فيها الأم- البنت- الأخت- العمة- الخالة- بنت الأخ- بنت الأخت
و راعى فيها (أ) أهمية الحرمة(ب) علاقة الذكورة
و لهذا ذكرت الأم أولاً لعظم حرمتها،و لأن المخاطب جزؤها،ثم البنت لأنها تلى الأم فى عظم الحرمة، و لأنها جزء المخاطب، ثم الأخت لاتحادهما فى أصل الولادة، ثم العمة لأنها أقرب النساء للمخاطب بعد المذكورات، ثم الخالة كذلك..
و قدمت العمة على اخالة لتفضيل علاقة الذكورة على الأنوثة إذ العمة من جهة الأب و الخالة من جهة الأم، كذكلك قدمت بنت الأخ على بنت الأخت ، و أخرتا عن العمة و الخالة لأن القرابة فى العمة و الخالة من جهة الأصول و القرابة فى بنت الأخ و بنت الأخت من جهة الفروع
2- حرمة عارضة: و تحتها ست حالات و فيما بينها نوعان (أ) ما اكنت العلة فيها الرضاعة (ب) ما كانت العلة فيه الزواج، و قدم سبب الرضاع على سبب الزواج لأسبقية الأول وجوداً
فذكر الأم من الرضاعة قبل الأخت من الرضاعة تشبيهاً لها من حيث الحرمة بالأم الحقيقة،مع مراعاة الترتيب النزولى فى كل الحالات
ثم ذكر أم الزوجة و بنت الزوجة، و حلائل الأبناء و الجمع بين الأختين، و كذلك قدمت الأم هنا كما قدمت فى القسمين السابقين،ثم بنت الزوجة المدخول بها تشبيهاً لها بالإبنة، ثم حلائل الأبناء و أخيراً الجمع بين أختين

النموذج الثانى
[أحكام الطلاق] إذ لم تأتى أحكام الطلاق جامدة جافة كما نقرأ فى كتاب النصارى
((1. اذا اخذ رجل امرأة وتزوج بها فان لم تجد نعمة في عينيه لانه وجد فيها عيب شيء وكتب لها كتاب طلاق ودفعه الى يدها واطلقها من بيته 2 ومتى خرجت من بيته ذهبت وصارت لرجل آخر 3 فان ابغضها الرجل الاخير وكتب لها كتاب طلاق ودفعه الى يدها واطلقها من بيته او اذا مات الرجل الاخير الذي اتخذها له زوجة 4 لا يقدر زوجها الاول الذي طلقها ان يعود ياخذها لتصير له زوجة بعد ان تنجست)) التثنية 24: 1-4
أما فى القرأن الكريم فلما تعرض سبحانه لأمر الطلاق صاغ من الكلمات و التعبيرات ما حقق الغرض التشريعى و التربوى مراعياً الحالة النفسية للمتفارقين ، إذ يخاطب من يغلب على حالهم التحامل و التنازع و نمو العداوة ، فمزج الأحكام بالوعظ و التذكرة حتى يرقق المشاعر و يحمل على الرحمة و الإنصاف ، لذلك إقترنت كل أيات الطلاق فى كتاب الله بذكر التقوى أو المعروف أو الترهيب بحدود الله
فقال تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ))
و قال تعالى ((الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ))
و قال تعالى ((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ))
و قال تعالى ((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ))
و قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً))
و قال تعالى ((لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ))
و قال تعالى ((وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ))

- و نلاحظ أنه تعالى يعبر عن الإمتناع عن الطلاق بلفظة (إمساك) لأن الإنسان لا يمسك إلا ما فى منفعة
- و يعبر عن الطلاق بلفظة (تسريح) لأن التسريح فى الأصل إرسال للمرعى ففيه إيحاء للأزواج العازمين على الطلاق أن يحسنوا معاملتهن ولا يسيئوا إليهن ، و لم يقف عند هذا الحد بل وصف هذا التسريح أنه (تسريح بإحسان) أو (سراحاً جميلاً)

- و لما تكلم عن نفقة المتعة بعد الطلاق قال (مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ) لأن الكلام هنا كان عن طلاق و لم يكن هناك مهر فُرض أصلاً، فالملابسة ضعيفة ، لذا استعمل تعبير الإحسان الذى فيه معنى الكرم و يثير عند الازواج مشاعر المروءة و النخوة و يستل من النفوس السخائم فتبذل ما وجب عليها فى رضاً و حنان

- و لما تكلم عن الحقوق المادية للمطلقة قبل الدخول، المفروض لها مهر، و لما كان التخالص المادى مظنة تضخم الجفاء بعد الطلاق، أخبر تعالى أن نفقة الزوجة حق من الله مفروض محسوم (فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) ليغلق الطريق على الجور و العناد فيه، ثم انتقل باعطاءها و وليها الحرية فى التنازل عن هذا الحق(إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)، ثم انتقل إلى التشجيع على ذلك و ربطه بالتقوى (وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) لأنها أبقى للمودة و الذكرى الطيبة و لهذا أتبع هذا بقوله (وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)
فجمعت هذه الألفاظ و التعبيرات المقسمة بين حظ العقل و حظ النفس معاً

- و لكن القرأن تعامل مع من أراد أن يطلق زوجته بعد الدخول بها معاملة خاصة:
** بدأت هذه المعاملة بالإغراء فقال تعالى ((وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ))، فإستعمل سبحانه أسلوب إغراء الزوج أن يمسك زوجته إن كرهها أملاً فى خير غزير يجزيه الله به لذلك...

و دعى لوأد الشقاق بالإستعانة بالأهل الطيبين الذين يعينون على الجمع لا الفراق و يريدون الإصلاح ((وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ))، ولا شك أن هذا له أثر عظيم فى النفس فالمصلح يعمل على تهدئة الزوج فى غضبه، و تقريب وجهات النظر، و التذكير بالمحاسن، و الإتيان بواحد من طرف الزوج و أخر من طرف زوجته يظهر

- لما تكلم عن حالة من عزم مصراً على تطليق زوجته ليتزوج بأخرى ،فلاشك أن الطلاق فى هذه الحالة أقسى و أشد، لذا لم يعتمد سبحانه نفس درجة اللين....و إنما إشتد فى الخطاب عليه ليعلم أن ما لها فهو حقوق فقد إستقر مستوفياً أسبابه الشرعية و العرفية و الأخلاقية ، و ليبرز إنتصار الشرع لمشاعر هذه المرأة و موقفها فقال تعالى
((((وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً ))
فانظر كيف بين سبحانه أن ما فرض لها هو حق خالص و لو كان قنطاراً ، فلا يحق للزوج أن يأخذ منه شىء أى شىء، بل و حكم على من يفعل هذا بأنه ارتكب البهت العظيم و الإثم المبين!
ثم يوجه سبحانه سؤال استنكارى كيف تأخذ من زوجتك حقها، و تجحد ما كان بينكم من السكينة و العشرة فى بيت واحد، و انظر الى تعبير (وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ) أى اطلع كل منكم على أسر أسرار الأخر و كان كل منكم لباساً وسكناً و ستراً و عوناً للأخر!
ثم ختم الأية ببيان أن العقد الذى كان فإنما هو ميثاق قام على الأمانة و على كلمة الله، و وصفه لعظمة شأنه بأنه غليظ ... و هكذا يتبين لك مقصود العلما بالإقناع العقلى و الإمتاع العاطفى

عارف الشمري 2011-04-02 10:58 PM

[COLOR="Red"][SIZE="6"]البلاغة فى سورة:[/SIZE][/COLOR]


لننظر أمثلة على البلاغة القرأنية فى السورة الواحدة، ولنحمد الله الذى أنزل كتاباً أعجز الجن و الإنس على الإتيان و لو بسورة من مثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيراَ!

س[COLOR="Navy"]ــــورة الفاتحـــــــــــــة[/COLOR]
نبدأ بأم الكتاب ، السبع المثانى ، القرأن العظيم ، سورة الفاتحة، التى افترض الله على عباده إقامة الصلاة بها و قسم بها الصلاة بينه جل و علا و بينهم يثنون عليه فيذكرهم، يسألونه فيجيبهم!

** (الحمد لله ب العالمين)
بدأ القرأن بحمد الله لأن أمة الإسلام هم أمة الحمد فالمسلم أول ما يتعلم فى دعاء ربه يقول (الحمد لله رب العالمين) ، و هو يحمد ربه على كل حال كما علمه نبيه الكريم ، و أخردعواه حين دخول الجنة هى حمد لله كذلك (وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

- كذلك (الحمد لله) أبلغ من ( الشكر لله) لأن الشكر يكون على الفعل و ليس موجهاً للذات، أما الحمد فيشتمل على شكر النعمة إضافة إلى الثناء على الذات
- كذلك ( الحمد لله) فالحمد أبلغ من المدح لأن الحمد لا يوجه إلا على حى منعم، اما المديح فقد يوجه لعاقل أو غير عاقل حى أو ميت منعم أو غير منعم
- كذلك ( الحمد لله) أبلغ من نحمد الله ، لأن التعبير الأخير يعنى أن الحمد يقع على الله من فعلنا ولا يقع قبل أن نفعل ، أما التعبير الأول فيفيد أن الله له الحمد دائماً و أبداً
- كذلك (الحمد لله) فيها توحيد الألوهية: لأن اسم الله مشتق من الإله، و لأن الإله هو الذى يتوجه له العبد بالدعاء و الثناء والشكرو العبادة و التعظيم
و(رب العالمين) فيها توحيد الربوبية: لأن الرب هو المربى لعباده الخالق الرازق المدبر لأمرهم المحيى المميت لهم

**(الرحمن الرحيم)
- جاءت (الرحمن الرحيم ) بعد (رب العالمين) لأن الرب هو المربى و لما كانت التربية الحسنة تتطلب الرحمة و الرفق أتبعها سبحانه ببيان أنه الرحمن الرحيم
- اذ "الرحمن" لكونه بمعنى الرزاق يلائم جلب المنافع؛ و"الرحيم" لكونه بمعنى الغفار يناسب دفع المضار وهما الاساسان للتربية.

**(مالك يوم الدين)
جاءت هذه الأية ملائمة تماماً للذى قبلها و ذلك من وجوه:
- (الرحمن الرحيم) فيها الدعاء بالأسماء
(مالك يوم الدين) فيها الدعاء بالصفات العلى
- (الرحمن الرحيم) فيها معانى الترغيب
(مالك يوم الدين) فيها معانى الترهيب
- بوصولنا إلى هذه الأية فى أول سور القرأن نجد أن قد إجتمع فيها الإقرار لله بالألوهية ، و الربوبية ، و الملك
و لو ذهبنا إلى أخر سورة فى القرأن لوجدناها أيضاً تقر لله وحده بالألوهية و بالربوبية و الملك
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ)
لأن القرأن واحد و أنزله واحد و يدور حول معنى واحد و هو التوحيد التام لله تعالى
^ و لذلك قال صلى الله عليه و سلم (خير ما قلت أنا و النبيين من قبلى لا إله إلا الله واحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شىء قدير)
فاشتمل هذا الحديث أيضاً على توحيد الألوهية لله و نفيها عن غيره
و اشتمل على الإقرار لله بالملك
و اشتمل على توحيد الربوبية بقوله (و هو على كل شىء قدير) أى أنه الخالق الرازق المحيى المميت المدبر
^ بل و لذلك كان فى نداء التلبية فى الحج ( إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك)
الحمد لك : إقرار الألوهية
النعمة لك: إقرار الربوبية و أنه تعالى الخالق الرازق ولى النعم
و الملك لا شريك لك: إقرار تمام الملك و كماله لله

** (إياك نعبد و إياك نستعين)
- إياك نعبد: فيها توحيد الألوهية و البراءة من الشرك
إياك نستعين: فيها توحيد الربوبية و البراءة من الكبر
و ما وقع الكفر بالله إلا لشرك أو كبر
- كما أن قرن العبادة بالإستعانة لأان العبد لا سبيل له أن يعبد الله إلا بعون الله و حوله و توفيقه
- و الإنتقال فى السياق من الغائب فى بداية الأيات إلى المتكلم فى هذه الأية هو أسلوب بلاغى يسمى " الإلتفات " و له فائدتان:
و فائدة فى العموم: إذ يؤدى إلى تطرية نشاط السامع وتحريك الذهن للإصغاء والانتباه.
و فائدة فى المضمون: تتجلى هذه الفائدة بالنظر إلى السياق الذى ورد فيه، فالأيات السابقة كانت تتكلم عن الله بصيغة الغائب ( الحمد لله رب العالمين*الرحمن الرحيم* مالك يوم) لأن الله تعالى رب محمود رحمن رحيم ملك للملك دائماً و أبداً بصرف النظر عن وجود أحاد العباد
أما التعبير بصيغة المتكلم فى (إياك نعبد و إياك نستعين) لأن الفعل هنا منا نحن فنحن الذين نعبد و نحن الذين نستعين بربنا ، و لما كان قريب مجيب سميع بصير لم يلق أن ندعوه بصيغة الغائب بل بصيغة المتكلم الذى يسمع دعائنا و يبصر حالنا و يعلم سرنا
- كما أن تكرار لفظة ( إياك) من غاية البلاغة إذ فيه من القوة والتوكيد ما يؤصل إخلاص توحيد الألوهية و توحيد الربوبية مع إعطاء كل منهما اهتمامها المستقل، و كذا التكرار يفيد التنصيص على حصر المعبود
- كذلك تقديم المفعول به في " إياك نعبد وإياك نستعين " و عدم تقديمه في " اهدنا الصراط المستقيم "
له حكمة بلاغية، لأن التقديم يفيد الاختصاص، فالعبادة لا تكون إلا لله ومن عبد غير الله واستعان بغيره فقد كفر..ومن هنا تظهر حكمة التقديم لغرض إيماني من خلال هذا الأسلوب البلاغي.
أما عدم تقديمه في " اهدنا الصراط المستقيم " لأن طلب الاختصاص في الهداية لا يصح فالله يهدي من يشاء
فتأمل...

**( إهدنا الصراط المستقيم)
- هنا وقع الدعاء، فالرب يربينا و يعلمنا أدب دعاءه و أن نبدأ بتوحيده و تمجيده، و دعاءه بأسمائه و صفاته رغباً و رهباً قبل أن نتقدم بالطلب و السؤال ،و كل هذا تقرر فيما سبق من الأيات الباهرات كما رأينا
فأتبعنا ذلك الإبتهال بطلب ما نرجو من الرب جل و علا
- كذلك قوله (إهدنا الصراط المستقيم) الدعوة هنا جامعة كاملة معجزة ، لأن طلب الهدى هو غاية المطالب
فهناك الهدى العام: الذى يهدى الله تعالى به عباده الى رزقهم و سكنهم و عملهم و زوجاتهم وسائر أحداث حياتهم و هذا مصداق قوله تعالى ( الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى)
و هناك هدى الإرشاد: أن يوفقنا الله إلى من يرشدنا إلى سبيله و يعلمنا دينه الصحيح و يبلغنا دعوته، و سيد هؤلاء إمام الدعاة رسول الله صلى الله عليه و سلم ( و إنك لتهدى إلى صراط مستقيم)
و هناك هدى التوفيق: أن يوفقنا الله لفهم ما دعانا إليه رسوله و تقبله ، و تعلم دينه و تفقهه ، و العمل بما تعملنا و الثبات عليه، و أن يهدى قلوبنا فترق ولا تقسو و نفوسنا فتعزم ولا تفتر، و كلما ترقى الإنسان فى مراتب العبادة و الإخلاص و العلم و الصبر على ذلك كلما إزداد هدى على هدى و نور على نور (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ)
و هناك الهدى بعد الموت : و هو أن يقودنا ربنا إلى جنات النعيم (َالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ*سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ*وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)
فبهذه الدعوة الجليلة الموجزة يطلب الإنسان من ربه أن يهديه لكل ما هو مستقيم فى سائر أمور من لحظة ميلاده إلى لحظة دخوله الجنة

** (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و الضالين)
- صنفت هذه الأية الناس بين مؤمن و كافر، و صنفت أمم الكفر صنفين:
المغضوب عليهم : و هم الذين عرفوا الحق و تكبروا عنه و على رأسهم اليهود
الضالين: الذين ضلوا عن الحق و اتبعو الباطل و هم يحسبون انهم يحسنون صنعاً و على رأسهم النصارى
فها هى أصناف البشر أجمعين مرتبة مقسمة أروع تقسيم
- و لما كانت النعمة من الله هنا خير خاص يطال المؤمنين ، فقد نسبت الى المنعم و هو الله لطيبها من جهة و تكريماً للمنعم عليهم باتصالهم المباشر بربهم من جهة ( أنعمت عليهم)
و لما كانت أمتا الغضب و الضلال فى نقمة، فقد بنى الفعل للمجهول تحقيرا لهم و إنكاراً من جهة، و تأدباً مع الله من جهة أخرى بعدم نسبه المكروهات إليه ( غير المغضوب عليهم)
و هذا متكرر فى القرأن التأدب مع الله بنسبة الخير إليه شكراً و تعظيماً، و عدم نسبة الشر إليه أدباً و تواضعاً ، و قد سبق و ضربنا أمثلة على ذلك فتراجع.
فبنى الفعل للمجهول فى الكلام عن إرادة الشر ، و نسبو الفعل للرب فى الكلام عن إرادة الرشد
هذا كله الذى ذكرنا غيض من فيض و إلا فالكلام عن الإبداع اللغوى و التعبيرى و النحوى و التقسيمى فى سورة الفاتحة يطول جداً جدا


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]ســـــورة العصـــــــــــــر[/SIZE][/COLOR]
تدبر سورة العصر، تلك السورة قليلة الكلم كثيرة العلم، حتى قال عنها الإمام الشافعى (لو ما أنزل الله محجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم)، و تتجلى عظمة هذه السورة من وجوه:
أولاً:
- هذه السورة وقعت بين خُسرين الخسر الأول (الذين ألهاهم التكاثر) فى سورة التكاثر قبلها ، والخُسر الآخر (الذي جمع مالاً وعدده) في سورة الهمزة بعدها
- و الخُسر الأول رؤية الجحيم (لترون الجحيم) والخُسر الآخر النبذ في الحطمة (كلا لينبذن في الحطمة) و لاحظ أن هذا هو الترتيب الطبيعي بحسب السبق يعني رؤية الجحيم قبل النبذ فيه
- والأطرف أن سورة التكاثر التي رأُى فيها الجحيم سُبقت بسورة القارعة (التي يكون فيها الناس كالفراش المبثوث) فهذا قبل رؤية الجحيم، وقعت سورة العصر بين خسرين الخسر المذكور وخسر قبلها وخسر بعدها وهذا تناسب غريب

ثانياً:- بالنظر لمتن السورة العجيب نجد الأتى
**(و العصر)
- بدأها سبحانه مقسماً بالعصر، أى الزمن و الدهر، و الله يقسم بمخلوقاته لبيان عظمة شأنها ، و العصر شاهد على الناس أو شاهد لهم، فكم من أعمار إنقضت، و أمم مضت، و أجيال تعاقبت، و الإنسان غافل عن الدهر رأس ماله الحقيقى ، إذ يسير إلى ربه من لحظة مولده، فإن ضاع عمره سدىً ضاع الإنسان معه أبداً و كان الزمن شاهداً عليه ، و إن إستثمره فى مرضاة الله كانت له الحياة الأبدية و كان الزمن شاهداً له !!
- و القسم بالعصر دون أى وقت أخر فيه لطيفة بديعة، إذ أنه أنسب مرحلة للإستشهاد، فالفجر ليس مرحلة للإستشهاد إذ الناس ما زالوا في أول اليوم كناية عن أول الزمن حيث لا شاهد هنالك ، كذلك المغرب، وقت غروب الشمس إشارة إلى غروب الحياة وزوال الدنيا فلا ينفع الإستشهاد، أما العصر يعني مرّ فترة طويلة ، وقيل أنها وقت صلاة العصر و كلاهما صحيح مراد، إذ من معانيها الدهر ومن معانيها وقت صلاة العصر ، فتتصور الحياة كلها كأن إنساناً تأمل أحوال البشر من الصباح إلى المساء ، وقت كافى كما أنه كافي لتعرف حقيقته الناس من أول الدهر إلى زماننا
و قد عبر رسول الله عن الحياة الدنيا من لدن أدم إلى قيام الساعة بأنها يوم بُعث فى زمن العصر منه صلى الله عليه و سلم، ففات منه الكثير بما فيه من الأيات و العبر، و بقى منه القليل ليستعد السامع و يعتبر

**(إن الإنسان لفى خسر)
- هنا بيان خطير لأن الأصل فى الإنسان الهلاك لا النجاة، و جاء الخبر جازماً مؤكداً بإن و اللام معاً ، فليس العجب ممن هلك كيف هلك إنما العجب ممن نجا كيف نجا
- و لاحظ أن النص القرأنى عندما يعبر عن إبن أدم بلفظ (الإنسان) يقصد به الأدمى على أصل طباعه غير المزكاة بالشرع و الإيمان
فقال تعالى (َولَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ) ( إنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(َخلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ)(وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً)(َكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً)(وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)(إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ)(فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ)(إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ)(بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ)(إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)
و الأيات فى ذلك كثيرة، فهذا هو أصل الإنسان فتنبه لدقة القرأن فى إستعمال الألفاظ!
- كما أنه عبر بالمصدر فلم يقل إن الإنسان خاسر، بل قال إن الإنسان لفي خسر، يعني ساقط في الخسر، الخُسر يستعمل لمطلق الخسارة لأن الكلام هنا عن خسارة الحياة تفريطاً فى جنب الله!

** (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
- هنا يأتى الإستثناء، فالإنسان مع تزكية الوحى يفوز، فالمؤمن فقط الذين يكون له النجاة و هذا مصداق قوله تعالى (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً*إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً* إِلَّا الْمُصَلِّينَ)
- و ذكر هنا أمرين: تكميل النفس (الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، وتكميل الغير (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)
و فيها عمل الفرد و عمل الجماعة، و قدم عمل الفرد لأن الإنسان مكلف بنفسه قبل غيره، ولا يمكنه البناء و هو ذاته مهدوم، كما أنه يستعين بالدعوة و التواصى مع الأخرين لتحقيق الثبات لنفسه ..فتأمل
- و الجملة الأولى (الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) إشتملت على عمل القلب و عمل الجوارح، فلا نجاة إلا بالإيمان بالقلب و عمل الصالحات بالجوارح، ولا يقبل عمل إلا بشرطين : الإخلاص لله و متابعة رسول الله ، لذا تقرر فى عقيدة أهل السنة ان الإيمان قول و عمل فتنبه
أما الجملة الثانية( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) فإنتقلت بالمؤمن من إصلاح نفسه إلى إصلاح غيره فيكون صالحاً مصلحاً فينشأ المجتمع الإسلامى المتماسك بهذا
- و قال (تواصوا) و لم يقل (وصوا) لأن التواصى فيه معنى المشاركة فالمؤمنين كلهم ناصح و منصوح ، و لأن الأمر متجدد متكرر فيما بينهم مادامت بهم حياة، كما أنه كرر كلمة تواصوا و لم يقل (تواصوا بالحق و الصبر) لأهمية كا واحد منهما وهذه أعلى الاهتمامات
- ولاحظ مجىء (تواصوا بالصبر) بعد (تواصوا بالحق) لأن التواصي بالحق مر فيحاتج للصبر عليه و على نتائجه، فيصبر المؤمن على الطاعة التى قد تفتر عنها نفسه ، و يصبر عن المعاصى التى تميل لها نفسه، و يصبر على البلاء الذى يُختبر به إيمانه، و على أذى الغير له بسبب تمسكه بدينه
لذلك أطلق الصبر و لم يقل صبر على كذا أو كذا، لتشمل كل أنواع الصبر
فشملت سورة العصر البليغة منهج بناء الأمة بداية من الفرد وصولاً إلى المجتمع، بالعلم و العمل و الدعوة و الصبر فتأمل!


[SIZE="6"][COLOR="navy"]ســـورة الإخــــــــلاص[/COLOR][/SIZE]
هذه السورة العظيمة التى تعدل ثلث القرأن،و من اوجه إعجازها:
* مهما تكررت على الألسن و المسامع لا تمل ولا تكل من تردادها ، و هذا من أبرز عجائبها
*هى سورة تتناول العقيدة فلا امر فيها ولا نهى ولا تشريع، و كما أسلفنا فإن القرأن يعلمنا منهج العقيدة فى الله ما بين النفى و الإثبات ، فلا ننفى عن الله شيئاً إلا أثبتنا أخر
و لذلك نجد تقسيمها البديع إذ كانتا أول أيتين فى الإثبات، و أخر أيتين فى النفى!
* و من لطائفها و حسن تقسيمها:
أولا:
- تكرر لفظ الجلالة (الله) مرتين (الله أحد، الله الصمد)
- تكررت كلمة ( أحد) مرتين (الله أحد، كفواً أحد)
- أورد من مشتقات الولادة إثنين (يلد، يولد)
- المقابلة بين (يلد و يولد)
- المقابلة بين( أحد) فى أول السورة و (أحد) فى أخرها
فهو لفظ واحد و مع ذلك لا يقصد فى أول السورة إلا الله، و يقصد فى أخرها أى شىء إلا الله!
ثانياً:
- إشتملت على توحيد الألوهية بقوله (قل هو الله أحد) أى الله سبحانه متفرد بالألوهية سبحانه، إذ لفظ الجلالة (الله) يعنى أيضاُ الإله و هو مشتق منه لفظأ و معنى، فيكون المعنى الله إلهنا الأحد لاشريك له
- و إشتملت توحيد الربوبية بقوله (الله الصمد) أى السيد الذى تصمد إليه الخلائق فهو خالقها و رازقها و مدبر أمرها
- و إشتملت توحيد الأسماء و الصفات بقوله ( لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد) فالله موصوف بالأولية و بالنزاهة عن الوالد و الولد و أنه سبحانه ليس كمثله شىء
ثالثاً:
* و قوله ( الله أحد) أي الواحد الوِتر، الذي لا شبيه له، ولا نظير ، فكانت هذه الأية قاعدة، و كل ما بعدها تفصيل لها، فقوله (الله الصمد) وصف بأنه ليس إلاّ محتاجاً إليه، وإذا لم يكن إلاّ محتاجاً إليه فهو غني، و بكونه غنياً فهو غنى عن الولد و الوالد ( لم يلد و لم يولد) ، و مادامت هذه صفاته فلا يضاهيه أحد ولا يعدله سبحانه ( و لم يكن له كفواً احد)
- و لاحظ النكتة البلاغية فى تقديم (لم يلد) على (لم يولد) مع أن الأصل ان يولد الشىء ثم يلد، فخالف الترتيب سبحانه، لأنه ليس كأى شىء فحتى فى حالة النفى لا يخضع لقوانين المخلوقات..فتأمل


[COLOR="navy"][SIZE="6"]ســـــورة الكوثـــــــــــــــر[/SIZE][/COLOR]
((إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) ))
هى أقصر سور القرأن و تتكون من ثلاث أيات فى سطر واحد، و مع ذلك حوت الكثير من البدائع منها:
* إحتوت هذه السورة العظيمة رغم قصرها على أمرين و بشارتين
- الأمران: ( صل لربك، انحر)
- البشارتان: (إنا أعطيناك الكوثر، إن شانئك هو الأبتر)
فكانتا البشارتان جملتين خبريتين إسميتين، و كانا الأمران جملتين إنشائيتين فعليتين
فانظر أرشدك الله كيف أن التقسيم البديع من خصائص كتاب الله

* و للشيخ أبى عبدالمعز بحثاً قيماً فى إعجاز هذه السورة نلخصه فيما يأتى:
[COLOR="DarkRed"]أولا:[/COLOR] يظهر العجب بالنظر إلى تريب حروفها عددياً:
1) الآية الأولى مبنية من عشر حروف بدون اعتبار المكرر
ا-ن-ع-ط-ي-ك-ل-و-ث-ر.
2) الآية الثانية مبنية من عشر حروف بدون اعتبار المكرر
ف-ص-ل-ر-ب-ك-و-ا-ن-ح.
3) الآية الأخيرة مبنية من عشر حروف بدون اعتبار المكرر
ا-ن-ش-ك-ه-و-ل-ب-ت-ر.
4) و عدد الحروف التي لم تستعمل إلا مرة واحدة عشرة أيضا
ع-ط-ي-ث-ف-ص-ح-ش-ه-ت.

[COLOR="darkred"]ثانياً:[/COLOR] تتعاقب الجمل في الكلام العربي وفق نظام الوصل والفصل الذى إعتبره علماء المعاني أم البلاغة وقلبها....ويعنينا هنا أن سورة الكوثر قادرة على إعطاء مثالين للمفهومين:
فجملة"انحر" معطوفة بالواو على جارتها" فَصَلِّ لِرَبِّكَ."وهذا الوصل.
وهي منقطعة عن الجملة اللاحقة إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.وهذا الفصل.

[COLOR="darkred"]ثالثاً: [/COLOR]إستوعبت سورة الكوثر كل أنواع الضمير في اللغة العربية دون أن تغفل الأحوال الإعرابية المختلفة وهذا من العجب العجاب لأننا نضع نصب أعيننا دائما أن عدد مفرداتها لا تتجاوز عدد أصابع الإنسان،وتفصيله:
أ- الضمائر بارزة ومستترة:
فمن بارز الضمائر في السورة ما ظهر في فعل "أعطيناك".
ومن مستتره ما كمن في فعل "صل "أو" انحر".
ب-الضمائر متصلة ومنفصلة:
ولك في جملة "أعطيناك" مثال على المتصل من الضمائر.
ولك في جملة هو الأبتر مثال آخر على الضمير المنفصل.
جـ- ضمائر المتكلم والمخاطب والغائب :
- فضمير المتكلم حاضر في" أعطينا"
- وضمير المخاطب في" أعطيناك" و" ربك" و"شانئك" صريحا،و في"صل" و"انحر"مقدرا.
- وضمير الغائب في "هو" صريحا وفي شانيء مقدرا، فتأمل هذه التناسبات اللطيفة.
د- باعتبار مقولة العدد :
جاء في السورة ضمير المفرد وضمير الجماعة.وقد اجتمعا في كلمة "أعطيناك"
هـ- الضمائر باعتبار محلها من الإعراب:
جاءت الضمائر في السورة متنوعة بحسب المحل الإعرابي:
- ضمير فى محل رفع: (أعطيناك) الضمير الأول فيها فاعل مرفوع.
- ضمير في محل نصب: (أعطيناك) الضمير الثاني فيها مفعول به منصوب.
- ضمير في محل جر: (ربك) الكاف فيها مضاف إليه مجرور.
[COLOR="darkred"]
رابعاً:[/COLOR] ومن لطائف السورة في هذا السياق أن الكلمات الدالة على الرب عز وجل ثلاث هي:
إسم إنّ / فاعل أعطى / رب.
وجاءت على التوالي: منصوب/مرفوع / مجرور.
- وعلى نفس الترتيب الإعرابي جاءت الكلمات التي تدل على الرسول صلى الله عليه وسلم
(كاف) أعطيناك منصوبة/ (صل)الضمير المستتر مرفوع/ (كاف) ربك مجرور.

[COLOR="darkred"]خامساً:[/COLOR] الأفعال في السورة:
لم يأت في السورة من الأفعال إلا ثلاثة: "أعطى"-"صلى"-"نحر".
لكنها على قلتها مثلت من المقولات الصرفية والتركيبية عدداً كبيراً:
أ- الفعل الصحيح:نحر
ب- الفعل المعتل:أعطى.
جـ- الفعل المضعف:صلّى.
د- الفعل المجرد:نحر.
هـ- الفعل المزيد: أعطى.
و- الفعل اللازم:صلّى.
ز- الفعل المتعدي إلى مفعول واحد: نحر.
حـ- الفعل المتعدي إلى أكثر من مفعول: أعطى.

[COLOR="darkred"]سادساً: [/COLOR]بيان التماثل والتقابل:
(1) {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}
* تماثل المطلعان وتقابل المقطعان:
أ- التماثل في أسلوب التوكيد: إِنَّا/ إِنَّ
التقابل الحاد بين موضوعي التوكيد: الكوثر زيادة وفضل/ الأبتر نقص وخسارة.
ب- تماثلت الآيتان - بالنظر إلى كاف الخطاب- في أنهما تحملان بشرى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم....
وتقابلتا في نوع البشارة:فالأولى ثبوتية والثانية عدمية.....بمعنى أن الأولى تكفلت بإيصال النفع والثانية تكفلت بإزالة الضرر.
(2){فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}
* هنا أمر بعبادتين متماثلتين من وجه ومتقابلتين من وجه:
- التماثل في الأفضلية:
فالصلاة هي أفضل العبادات / والنحر يكون للإبل وهي أفضل أموالهم.....
فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم مأمورا بالتقرب إلى ربه بالأفضل.
- أما التقابل فظاهر في نوع العبادة:
فالصلاة عبادة بدنية / والنحر عبادة مالية.
(3) {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}
* جاء التوكيد في الآية الأولى من أكثر من جهة:
-من جهة الحرف (إن)
-من جهة الصيغة فوعل (كوثر)
-من جهة ضمير التعظيم (نحن)
-من جهة زمن الفعل الماضي(أعطى) : الماضي يفيد التحقق والانتهاء ، فالعطاء قد ثبت وتحقق...
هذا التوكيد - ماثله في الآية الثانية معنيا الأفضلية والتنويع-
- وهنا لا بد من ملاحظة:
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} نصت على الجزاء.
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} نصت على العبادة.
لكن الجزاء جاء بأسلوب الخبر يفيد الوقوع والتحقق في ما مضى
أما العبادة فجاءت بأسلوب الإنشاء أي يطلب تحقيقها في ما هو آت.
بعبارة أخرى جاء الجزاء قبل العمل على غير العادة.....
فيكون أكرم الأكرمين قد رفع مقام عبودية النبي صلى الله عليه وسلم إلى أعلى المقامات وهو مقام الشكر .
فأية مواساة هذه
فلله درها من سورة

* و كذا للدكتور السامرائى فى تعليقه على هذه السورة العظيمة روائع منها:-
[COLOR="darkred"]أولا[/COLOR]: يظهر التناسق الموضوعى بين هذه السورة و سورة الماعون التى تسبقها
أ- بدأ سورة الماعون بقوله (أرأيت الذي يكذب بيوم الدين) أى لا يصدق بيوم الدين و الجزاء
و بدأ سورة الكوثر بقوله (إنا أعطيناك الكوثر ) و الكوثر نهر في الجنة وهذا تصديق بيوم الدين والجزاء
ب- قال فى سورة الماعون (فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين) أى لا ينفق ولا يتصدق فى سبيل الله
و قال فى سورة الكوثر (فصل لربك وانحر) و النحر نفقة فى سبيل الله ، و للفقراء و المساكين فيها نصيب
جـ- قال فى سورة الماعون (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) فهذا وعيد لمن يسهو عن الصلاة
و قال فى سورة الكوثر ( فصل لربك) فهذا أمر بالحفاظ على الصلاة
د- قال فى سورة الماعون (الذين هم يرآؤون ) وعيد لمن لا يخلص لله فى الصلاة
و قال فى سورة الكوثر (فصل لربك) اللام في (لربك) تفيد الاختصاص ، فهو أمر بالإخلاص لله فى الصلاة
هـ- كل الصفات في سورة الماعون تدل على الأبتر لأنه انقطع الخير عنه فهو الأبتر حقيقة (يكذب بيوم الدين, لا يدع اليتيم، لا يحض على طعام المسكين،)
و قال فى خاتمة الكوثر (إن شانئك هو الأبتر )

[COLOR="darkred"]ثانياً[/COLOR]: تكثر فى سورة الكوثر اللطائف البيانية و منها:-
(إنا أعطيناك الكوثر)
- بدأ سبحانه بجمع ضمير المتكلم "إنا" للتعظيم، إشارة إلى أن العطية كبيرة من معط عظيم و كبير سبحانه
- و التعبير بالماضى ( أعطيناك) أبلغ ذ فيه دلالة على تحقق وقوع الوعد من الملك القدير
- كذلك أكد بـ "إن" ، و قدم الضمير"إنا" على الفعل "أعطيناك" ، فكان التوكيد مشدداً بالتقديم و بإن ، و ذلك يفيد تعظيم العطية ، و يفيد الإختصاص و الإهتمام ، الإختصاص:لأن الله تعالى أعطى نبيه الكوثر اختصاصاً له وليس لأحد سواه، و الإهتمام: لأن الله العظيم إذا أعطى حصراً فلا يمكن لأحد أن ينزع عطية الله !
- و إستعمل كلمة (الكوثر) من صيغ المبالغة (فوعل وفيعل) فدلت على المبالغة المفرطة في العطية،و هو أبلغ من (الكثير) من وجهين، الأول: أن الكوثر قد تكون صفة وقد تكون ذاتاً، أما الكثير فهي صفة فقط، الثانى: الكوثر صفة تدل على الكثرة فى الخير خصوصاً ، أما "كثير" تعنى كثرة قد تكون في الخير وغيره.
- و حدف الموصوف بوقوفه على كلمة (الكوثر) فلم يقل الكوثر فى الماء أو الكوثر فى المال ...، ليشمل كل الخيرات التى أوتيها رسول الله ، سواء كانت حوض الكوثر فى الأخرة، أو رفعة الذكر، أو كثرة الأتباع، أو كثرة النعم عامة، فأطلق الخير كله بهذا الحذف البديع
- وعندما عرف "الكوثر" بأل التعريف دخل في معناها النهر ولو قال "كوثر" لما دخل النهر فيه.

(فصل لربك و انحر)
- جاء سبحانه بفاء السببية بعد أن بشر رسوله صلى الله عليه و سلم بإعطائه الكوثر ليعلمه شكر النعمة ، إذ ينبغي تلقي النعم بالشكر
- و لم يقل له ( فاشكر) لأن الشكر قد يكون قليلاً أو كثيراً فلو قال الحمد لله فقط لكان شاكراً لكن هذا الأمر الكبير والعطاء الكبير يستوجب الحمد الكثير ولذا طلب تعالى من رسوله صلى الله عليه وسلم شيئين، الأول يتعلق بالله تعالى وهو الصلاة أعظم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادة ، والثاني يتعلق بالعباد وهو النحر وفيه إعطاء خلق الله والشفقة بخلق الله.
- وقدم الله تعالى الصلاة على النحر لأن الصلاة أهم من النحر وهي ركن من أركان الإسلام، ولا تسقط لأى سبب، أما النحر فيكون مع التمكن المادي فقط
- و قوله (فصل لربك) بعدما قال ( إنا أعطيناك) أسلوب بلاغى جميل، و هو الإلتفات من الحضور إلى الغيبة..
- كذلك قوله ( فصل لربك) و لم يقل فصل لنا أو صلى لله، إذ الرب هو الذى يرزق و يمنح و يخفض و يرفع ، فإرتبط العطاء في القرآن كله بلفظ الربكما قال تعالى
(ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) (ولسوف يعطيك ربك فترضى) (كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محذورا) (جزاء من ربك عطاء حسابا)
كما أنه إستخدم ضمير التعظيم بقوله تعالى (إنا أعطيناك) فلو قال فصل لنا لربما وهم متوهم أن فيه شرك ، أو انه يمكن استخدام ضمير التعظيم للجمع ، لذلك من لطائف كتاب الله أنه لا يوجد موضع ذكر فيه ضمير التعظيم إلا سبقه أو تبعه إفراد بما يفيد وحدانية الله تعالى كما قال:
(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ...إنا لله وإنا إليه راجعون) (كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله) (ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك....وإلى ربك فارغب)
- و إستعمل كلمة (و انحر) و لم يقل (و اذبح) لأن النحر لغة يتعلق بالإبل التى هى من خيار أموال العرب ، فى حين الذبح قد يستعمل فيما هو أدنى كالبقر والطيور والشاة ،وبما أن الله تعالى أعطى رسوله صلى الله عليه وسلم الخير الكثير والكوثر فلا يناسب هذا العطاء الكبير أن يكون الشكر عليه قليلاً لذا اختار الصلاة والنحر وهما أعظم أنواع الشكر.
- كذلك قال (و انحر) و لم يقل (وتصدق) لأن الصدقة تشمل القليل والكثير فلو تصدق احدهم بدرهم أو بطير لكفى المعنى ولكن الله تعالى أراد التصدق بخير الأموال ليتناسب مع العطاء الكثير.
- كذلك ذكر النحر و قرنه بالصلاة هنا جمع بين العبادات البدنية و المالية معاً، و تعريض بالمشركين الذين كانو يعبدون غير الله و ينحرون لغير الله، فجمع بذلك توحيد الألوهية بجانب توحيد الربوبية فى قوله (لربك)
- و من بلاغة الإيجاز فى الأية أنه لم يقل (و انحر لربك) إذ المتعلق الأول لربك كأنما يغني عن المتعلق الثاني وهو ما يسمى بظهور المراد أي يفهم من الآية فصل لربك وانحر لربك .
- و إشتملت كذلك على ترتيب تشريعى إذ تتضمن الأية أفعال يوم عيد الأضحى فتكون الصلاة ثم تكون الأضحية

(إن شانئك هو الأبتر)
- أكد الخبر بـ"إن" و بتعريف كلمة "أبتر" ، كما أن فى ذلك حصر البتر بالشانئ تخصيصاً
- و قوله (شانئك) و لم يقل (عدوك) لأن مجرد الشنئان أى البغض للرسول صلى الله عليه وسلم يوجب الخشارة ولو لم يعلن عداوته علناً
- و لم يذكر إسم شانىء الرسول فى الأية لتناسب ذلك مع قطعه و بتره حتى من مجرد ذكر إسمه، كذلك لتخلد هذه الجملة فى حقه و حق غيره فتكون قاعدة عامة فى كل شانىء لرسول الله صلى الله عليه و سلم
- و قال (الأبتر) و لم يقل (المبتور) إذ الأبتر صفة مشبهة على وزن أفعل تفيد الثبوت مثل الأحمر والأعرج والأسمر والأصلع، أما المبتور صيغة فعول تدل على الحدوث فترة مثل مهموم ومحزون ومسرور ولا تدل على الثبوت بل تتحول.
- كلمة (الأبتر) من جوامع الكلم ، تشمل كل أمر انقطع من الخير أثره ، و ليس فقط من حُرم الذرية الذكور، فالخاسر على وجه العموم هو الأبتر
- وقد ارتبط آخر السورة بأولها ، ففى أولها أعطى سبحانه الكثير من الخير لرسوله الكريم، وفي أخرها بتر سبحانه الخير عن كل شانىء لرسوله الكريم صلى الله عليه و سلم


[COLOR="Navy"][SIZE="6"]ســـــــورة العلــــــــــــــق[/SIZE][/COLOR]* من روائع هذه السورة نسقها الثلاثي في الخطاب:
1- توجيه الخطاب ثلاث مرات:
-اقرأ.....اقرأ/أرأيت.....أرأيت.......أرأيت /لا تطعه.
2- الزجر ثلاث مرات:
-كَلاإِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى/ كَلا لئن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ/ كَلالَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ.
3- النماذج الثلاثة:
- أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذَا صَلَّى/ أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى/ أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى.
4-التهديد ثلاث مرات:
- إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى/ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ/. سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ.
5- العبادات الثلاث المطلوبة من النبي صلى الله عليه وسلم:
- لَا تُطِعْهُ /وَاسْجُدْ /وَاقْتَرِبْ
6-التركيب المرآتي:الاستئناف بتكرار العنصر السابق:
الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ /عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ/ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ* نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ.

*إلى جانب ما سبق يلحظ القاري النسق الثلاثي من جهة تكرار العناصر اللغوية المفردة منها:
1-ربك:
-رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ /وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ./ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى.
2-الإنسان:
-خَلَقَ الْإِنسَانَ /عَلَّمَ الْإِنسَانَ / إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى.
3-الذي:
- الَّذِي خَلَقَ/الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ/الَّذِي يَنْهَى.
4- لم:
-مَا لَمْ يَعْلَمْ/ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى/ لَّمْ يَنتَهِ.
5- اللام+المضارع :
- لَيَطْغَى/ لَنَسْفَعا ً/ فَلْيَدْعُ.
6- إن الشديدة:
- إِنَّ الْإِنسَانَ/ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ/ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى.
7- إن الخفيفة المباشرة للفعل:
- أَن رَّآهُ/إِن كَانَ/ إِن كَذَّبَ.
[كتبه الشيخ أبى عبدالمعز]

*و من اللمسات البيانية فى هذه السورة:
- لما بدأت سورة العلق بأول أمر (إقرأ) ناسب أن يرتبط الأمر بالعلم و التبصر بذكر (الرب) لأن الرب هو المربى ، و الله تعالى بدأ ههنا بتربيه نبيه و تعليمه!
- و ثنى بذكر الخلق (ربك الذى خلق) ، لأن الخلق هو أول أفعال الربوبية فناسب أن يذكّر به الإنسان فى أول أيات الرسالة الإلهية
- وبدأ من الخلق بمرحلة أولية صغيرة (خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ)، منشأ صغير حقير ليعرف الإنسان قدره و يدرك فضل ربه و كرمه
- ثم أن الرب الخالق كريم رفع هذا العلق إلى إنسان كامل، يعلم فيتعلم(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) فليقبل الإنسان هذا العلم من الله، و يقبل رسالته التى بدأ لتوه يعلمها نبيه صلى الله عليه و سلم
- (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) ولقد كان المتوقع أن يعرف الإنسان هذا الفضل العظيم، وأن يشعر بتلك النقلة البعيدة فى خلقه، ولكن برزت طبيعته الطاغية نسي منشأه وأبطره الغنى!
- فناسب هذا أن يتبعه سبحانه بتعقيب تهديدي سريع ليرد الأمر إلى نصابه و يذكر من تنفعه الذكرى(إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى)
انظر أرشدك الله كيف جمع سبحانه فى كلمات حياة الإنسان من لحظة الخلق إلى لحظة الموت و البعث ليعرف حقيقة هذه الدنيا التى يغتبر بها و يتكبر على ربه!
- فلما حقق المراد مضى مبيناً الطغيان الإنساني الذى يتجاوز به الإنسان نفسه ليؤذى به غيره!
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى) و إنها لتبدو أكبر إذا كان هذا العبد على الهدى آمرًا بالتقوى (أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى)
- (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) فالتهديد إذن يأتي في إبانه (كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِيَةِ( هكذا (لَنَسْفَعَ) بذلك اللفظ الشديد المصور بجرسه لمعناه.. وأنه لأوقع من مرادفه: لنأخذنه بشدة.
-و( لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِيَةِ) صورة حسية للأخذ الشديد السريع، ومن أعلى مكان يرفعه الطاغية المتكبر، من مقدم الرأس المتشامخ، إنها ناصية تستحق السفع
- (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) و قد سبق معرفتنا ما فيها من الإعجاز العلمى..
- وإنها للحظة سفع وصرع فقد يخطر له أن يدعو من يعتز بهم من أهله وصحبه (فَلْيَدْعُ نَادِيَه) ، أما ربه فيدعو زبانية جهنم(سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ)
وهنا يخيل السياق للسامع صورة معركة بين المدعوين: بين الزبانية وأهل ناديه، وهي معركة تخييلية تشغل الحس والخيال، ولكنها على هذا النحو معروفة المصير، فلتُترك لمصيرها المعروف!
- وليمض صاحب الرسالة في رسالته، غير متأثر بطغيان الطاغي وتكذيبه، (كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)
فانظر إلى التقابل العجيب بين من يطغى و من يسجد
و أنظر إلى التناسب بين ذكر السجود و الإقتراب، لأن العبد أقرب ما يكون إلى ربه و هو ساجد!
[منقول بتصرف عن كتاب التصوير الفنى فى القرأن]



تم النقل ولله الحمد

أبو جهاد الأنصاري 2015-08-10 12:00 AM

الحمد لله على نعمة الإسلام وجزاك الله خيرا


الساعة الآن »06:08 AM.

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2025 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة