أنصار السنة - كيف يتوجه قوله تعالى (ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ) ليكون دليلا على عذاب القبر ؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه..
ثم أما بعد
يقول الله تعالى فى سورة القمر في معرض ذكره لقصة نبى الله لوط : :(: [COLOR="Green"]وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ[/COLOR] (37) [COLOR="Blue"]وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ[/COLOR] (38) [COLOR="Green"]فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ [/COLOR](39) :):
والسؤال الذى يتبادر إلى الأذهان : ما الحكمة أن الله جل وعلا قد وصف عذاب قوم لوط بأنه عذاب مستقر :(: [COLOR="Blue"]وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ[/COLOR] (38) :): ؟!
ولماذا لم يصفه بأنه شديد أو عظيم، أو أليم .. ما وصف به أصنافًا اخرى من العذابات قد وصفت فى القرءان الكريم فى مواضع أخرى؟!
( عذاب شديد ) كقوله تعالى:
:(: ... [COLOR="Green"]إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ [/COLOR]:): [آل عمران:4] علازوة على عشرة مواضع أخرى.
وفى موضعين بالتعريف :(: العذاب الشديد :):
كقوله تعالى : :(:[COLOR="Green"] الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ [/COLOR]:): [ق:26]

(عذاب أليم ) كقوله :
:(: [COLOR="Green"]فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ[/COLOR] :): [البقرة:10] إضافة إلى خمسة وأربعين موضعًا آخر.
وبالتعريف ( العذاب الأليم ) كما فى قوله تعالى :(: [COLOR="Green"]وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [/COLOR]:): [الذاريات:37] علاوة على خمسة مواضع أخرى.

(عذاب عظيم ) كقوله تعالى :
:(: [COLOR="Green"]لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[/COLOR] :): [الأنفال:68] وثلاثة عشرة موضع آخر

أما فى هذا الموضع الذى نحن بصدده الآن ، موضع سورة القمر، وقصة نبى الله لوط، فقد وصفه رب العزة سبحانه وتعالى بأنه :(: عذاب مستقر :):
فهذا وصف جديد وفريد من أوصاف العذاب اختص به رب العزة سبحانه وتعالى قوم لوط، ودلالة هذا - عندى والله تعالى أعلم وأعلم - أنه إشارة ودليل على عذاب القبر، فـ :(: مستقر :): من القرار فى المكان كقوله تعالى : :(: وقرن فى بيوتكن :): أى امكثن فيها فلا تخرجوا منها إلا لضرورة.
فـ :(: مستقر :): هنا تتعلق بالزمان وبالمكان معًا.. فمعنى أنه مستقر أى مستمر دائم لا يغادر المكان الذى وقع فيه.
وهذا هو بعينه العذاب فى القبر للكافرين والعصاة.

وقد يقول قائل : ولكن الله وصف عذاب قوم عاد بأنه مستمر فى قوله تعالى فى نفس السورة - سورة القمر - حيث قال : :(: [COLOR="Green"]إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ[/COLOR] (19) :): فلماذا لم يصف ربنا سبحانه وتعالى عذاب قوم عاد بأنه أيضًا عذاب مستقر بينما وصفه اليوم بأنه :(: يوم نحس مستمر :):؟!

فنرج على هؤلاء بأن :(: مستمر :): ورغم أنها وصف لليوم ذاته ، وهو ظرف الزمان، وليس وصفًا مباشرًا للعذاب، ورغم هذا فلها عدة تفسيرات منها أن :(: مستمر :): من المرارة وقد ورد ذل كفى كتب التفاسير، وهو توجيه جميل واقرب إلى ما أذهب إليه وأنسب لوصف قوم عاد، الذين أهلكهم الله بريح الدبور - كما أخبر بذلك النبي :ص: حين قال : ( أهلكت عاد بالدبور ) والدبور هى الريح التى تدخل من الدبر وتخرج من الفم محملة بالغائط والأوساخ وقاذورات البطن، فيشعر الفم حينها بالمرارة، والعياذ بالله.

[B]أما إذا كان :(: مستمر :): تفيد الاستمرار فى العذاب فإن هذا يستوجب الاستمرار فى الزمان، وهذا دليل آخر على عذاب القبر، الذى ينكره كثير من منكري السنة.
[/B]والله تعالى أعلى وأعلم..