بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللهم اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين والمؤمنات يوم يقوم الحساب
شكرا اخى الكريم المقال القصد منه مجابهة السؤال الشيطانى والرد فى نفس الوقت على الملحدين اما اعمال العقل بالنسبة للوجود الالهى فلا حاجة له لان الوجود الالهى من مغروسات الفطرة الانسانية .
ولقد اشار القرآن الكريم الى بداهة وجود الله وذلك فى قوله تعالى : (أفى الله شك ) اى : انه لا يتاتى الشك فى وجود الله عند العقول والفطر السليمة .
والمعنى :ايشك فى الله حتى يطلب دليلا على وجوده ؟ واى دليل اصح واظهر من هذا الدليل .
ثم نبه بعد ذلك القرآن الكريم على الدليل لمن يحتاج اليه لضعف عقله أو انطماس فطرته فى قوله : (فاطر السموات والارض ).
فوجود الله اذن اوضح من إن يبرهن عليه واظهر من إن يحتاج الى دليل خارجى , ولذلك لان الشعور الدينى والايمان بخالق الكون ومدبره امر فطرى فى الإنسان .
والى ذلك يشير القرآن الكريم فى قوله تعالى : (فأقم وجهك للدين القيم فطرة الله التى فطر الناس عليها )
ويقول النبى صلى الله عليه وسلم : (كل مولود يولد على الفطرة , فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) . (العقيدة فى ضوء الكتاب والسنة – الدكتور صلاح عبد العليم ص23 )
ويقول الامام ابن القيم : ومعلوم إن وجود الرب تعالى اظهر للعقول السليمه والفطر من وجود النهار ومن لم ير ذلك فى عقله وفطرته فليتهمهما ) . (مدارج السالكين 1/23 طبع المنار )
ويستطرد فيقول :
"تأمل حال العالم كله علويه وسفليه بجميع أجزائه تجده شاهدا بإثبات صانعه وفاطره ومليكه فإنكار صانعه وجحده في العقول والفطر بمنزلة إنكار العلم وجحده لا فرق بينهما بل دلالة الخالق على المخلوق والفعال على الفعل والصانع على أحوال المصنوع عند العقول الزكية المشرقة العلوية والفطر الصحيحة أظهر من العكس
فالعارفون أرباب البصائر يستدلون بالله على أفعاله وصنعه إذا استدل الناس بصنعه وأفعاله عليه ولا ريب أنهما طريقان صحيحان كل منهما حق والقرآن مشتمل عليهما" . (المرجع السابق ج1 ص32 )
والواقع انه حين بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم , الجهر بدعوته , بعد نحو ثلاث سنوات من الاسرار بها : فأنه صلى الله عليه وسلم , لم يبدأ بأثبات وجود الله , وانما بدأ بالبرهنة على صدقه هو , وتحدى العرب بصدقه , ومن قبل ذلك حين فاجأه الملك ونزل الوحى لم يبدأ الملكاو لم يبدأ الوحى بأثبات وجود الله , وانما بدأ الامر بأ، يقرأ الرسول صلوات الله وسلانه عليه بأسم ربه : (اقرأ باسم ربك الذى خلق ).
ومضى القرن الاول كله ولم يحاول انسان قط : إن يتحدث حديثا عابرا أو مستفيضا عن اثبات وجود الله تعالى .
ومضى اكثر القرن الثانى والمسألة فيما يتعلق بوجود الله لا توضع موضع البحث .
وذلك لان وجود الله انما هو امر بديهى لا ينبغى إن يتحدث فيه المؤمنون نفيا أو اثباتا ولا سلبا أو ايجابا .
إن وجود الله من القضايا المسلمة التى لا توضع فى الاوساط الدينية موضع البحث : لانها فطرية .
ويقول الشيخ الشعراوى فى كتابه "عقيدة المسلم" عن هذه القضية : وجود الحق سبحانه وتعالى قضية وجدانية اولا نشهد بها الفطرة , وثانيا عقلية ينتهى اليها الفكر , وثالثا مشهدية يشهد لها المشهد والحس .
والانسان له وسائل ادراك بالعلم الخارجى كالسمع والبصر والمس والذوق ليعبر له العالم الخارجى عن نفسه وفيه ملكات يطل منها على ذات نفسه ووجدانه فله منافذ على الخارج ومنافذ على الداخل .
فالمنافذ التى الى الداخل نعرفها حسيا والمنافذ التى الى الداخل نسميها وجدانية .
فمثلا فى المشاهد الحسية يرى الإنسان الاشكال ويرى الالوان ويسمع الاصوات ويلمس الاشياء .....
ومع ذلك فالانسان له ادركات اخرى ليست عن طريق هذه الوسائل , فمثلا يشعر الإنسان باه جوعان , فباى شىء يشعر الإنسان انه جوعان ؟ ابعينه ام بانفه ام بلمسه ؟ لا بشىء من ذلك الا انه يدرك الجوع .
اذن فهناك وسائل ادراك داخل النفس غير وسائل الادراك خارجها .
وانت تدرك انك تحب فلان . وتبغض فلان فباى شىء ادركت هذا الحب ؟ وباى شىء ادركت ذلك البغض ؟ .
اذن فوجود الادركات يدل على إن لها وسائل الا انها لا تقع فى اطار الحواس الظاهرة .
اذن ما دامت هناك هذه الوسائل الادراكية فالفطرة تشهد بذاتها بوجود الله .. وليس بهذه الدقه ((الله)) بل بوجود قوة وراء هذا الكون .
اما كون هذه القوة ((الله)) فهذه لا يدركها العقل ولا تاتى الا بالسمع ولابد إن احدا قال لنا : إن هذه القوة اسمها ((الله)) لان الاسماء لا تدرك بالعقل . (عقيدة المسلم - الشيخ الشعراوى ص 34 , 35 , 36 )
ويقول الشيخ سيد سابق فى كتابه (العقائد الاسلامية ص43) تحت عنوان الفطرة دليل على وجود الله : "والكون وما فيه من نظام واحكام وجمال وكمال وتناسق وابداع ليس هو وحده الشاهد الوحيد على وجود قيوم السموات والارض , انما هناك شاهد اخر , وهو الشعور المغروس فى النفس الانسانية بوجوده سبحانه , وهو شعور فطرى فطر الله الناس عليه وهو المعبر عنه بالغريزة الدينية , وهو المميز للانسان عن الحيوان , وقد يغفوا هذا الشعور بسبب ما من الاسباب فلا يستيقظ الا بمثير يبعث على يقظته من الم ينزل , أو ضر يحيط به والى هذا تشير الاية الكريمة : (واذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه )الاية 12 من سورة يونس
واذا دلت الفطرة على وجود الله فأنها ايضا سوف تدل على توحيده وتنزيهه حتى نحصل فى النهاية على عقيدة فطرية خالصة نقية من الشوائب والتشوهات والشطحات والنطحات .
ولا سبيل لذلك الا بالاستعانة بالله ثم التوافق مع الثوابت للاخذ بالاسباب .
ومن غير المعقول ان يرفض العقل او الفطرة ديانة وضعية او عقيدة مشوهة لسبب ويقبل ديانة اخرى او عقيدة لنفس السبب فيكون ذلك بدوره سبب للضلال المقنع والمقنن وانعدام الموضوعية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://noman.0-up.com
|