(وأنزلنا إليك الذكر) رسالة نصح من أخ عزيز
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،،،
وصلتنى رسالة عزيزة من أخ فاضل كريم ، ألا وهو الدكتور أمير عبد الله من منتدى حراس العقيدة.<O:p</O:p
وهذه الرسالة إن وصفتها بأنها رسالة خطير جداً فلا أكون قد تجاوزت الحد فى الوصف. ولهذا فسوف أعرض على حضراتكم هذه1 الرسالة ثم أشرع فى الرد عليها بإذن الله ، علماً بأننى آثرت أن أرسل ردى على أخى الفاضل دكتور أمير ، هكذا على العام وليس على الخاص.<O:p</O:p
والرسالة تحتوى جزئين الأول جزء مقتبس من مقالة كتبتها ضمن سلسلة : الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية ( وأنزلنا إليك الذكر).
<O:p</O:p
والجزء المقتبس من كلامى هو الآتى :<O:p</O:p
<O:p</O:p
اقتباس:
(( ومن تلك الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية قول الله تعالى فى سورة النحل : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزّل إليهم ) وأهل السنة والجماعة يذهبون إلى أن ( الذكر ) الوارد فى الآية الكريمة هو السنة النبوية ، وأن ( ما نُزّل إليهم ) تشير إلى القرآن الكريم. وبهذا الفهم ، وبناءً على هذا التفسير ، فإن هذه الآية هى نصٌ صريح على حجية السنة النبوية فى التشريع)).
|
<O:p</O:p
<O:p</O:p
أما الجزء الثانى من الرسالة فهو تعليق سيادته فقد كتب بكل أدب جم ما نصه :<O:p</O:p
<O:p</O:p
اقتباس:
(( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته<O:p</O:p
<O:p</O:p
الأخ الكريم / أبو جهاد الأنصاري <O:p</O:p
<O:p</O:p
في أحد الحوارات لكم على هذا المنتدى المُبارك وعلى منتدى التوحيد, وجدثُك تُدافِع وتؤكِّدُ على أن الذِّكْر هو السُّنة , ولم يقُل بِذلِك أحدٌ مِن أئِمة السلف وإجماعُ الأمة على أن الذِّكْر هو القرآن الكريم ,ولكِنِّي وجدتُك قد صرّت أن هذا عليه إجماع أهل السنة والجماعة و فمن أين لكم جزاكم الله خيراً هذا الإطلاق وهذا الفهم لهذه الآية؟!!.... ومعلوم أن إجماع الأمة وإجماع المفسرين على أن الذكر في هذه الآية هو القرآن الكريم .... <O:p</O:p
<O:p</O:p
ومن قال أن الذِّكْر هو السُّنة هو ابن حزْمٍ وحدهُ رحِمهُ الله , ولم يقُلها عن هذه الآية , ولم صراحة إلا أنه رأيه هو بما أن السُّنة وحي و الذِكْر وحي فالسُّنة إذاً ذِكْر ...<O:p</O:p
<O:p</O:p
وأجمع مُفسِّروا القُرآن الكريم في أكثر من 33 تفسير على أن الذِكْر في قوْلِ اللهِ تعالى " ونزّلنا عليْكَ الذَِكْر لِتُبيِّنَ للناسِ ما نُزِّلَ إليهم " .. على أن الذِّكْر هو القرآن الكريم في هذه الآية .... أما السّنة فالمُراد بِها في نفس هذه الآية هو قوله تعالى " لِتُبيِّن لهم" لأن البيان ليس إلا السُّنة فجائت السُّنة مُبيِّنةٌ للوحي ... هذا كلام السلف والخلف ... بارك اللهُ فيكم وحفِظكُم.<O:p</O:p
<O:p</O:p
ولم أجد احد قال بهذه المقالة الا في زماننا هذا , ورُبما بناءا على مقالة الشيخ الفوزان حفظه الله .. أما الدليل عليه فلم اقف لكم على دليل ... فأين دليلكم على ذلك ... بارك الله فيكم ... سواءاً على الإطلاق باجماع اهل السنة والجماعة , أهو السهو او الخطأ في تأويلها ... أم احالة مِنْكُم الى الفوزان ؟!<O:p</O:p
<O:p</O:p
وما جعلني أتوجّه لكم بهذه الرسالة هو أني وجدتُ أحد الإخوة الافاضِل قام على إخوانِهِ في المسجد وكاد أن يُكفّرهم حين قالوا أن الذِكر هو القرآن , وحين اراد الاستشهاد لم نجده استند الا على مقالتك وقد أحالنا إليها .... وقد أردت إما التوضيح أو النُصح لأخي لي في الله , سدد الله رميه وهداه.<O:p</O:p
<O:p</O:p
<O:p</O:p
انتظر توضيحكم , واعانكم الله على جهادكم ودعواكم.<O:p</O:p
د.أمير عبدالله - حراس العقيدة. ))<O:p</O:p
|
<O:p</O:p
إلى هنا انتهت رسالة أخى الدكتور أمير عبدالله .
<O:p</O:p
وبداية أقول : جزاه الله عنى خيراً لما أسداه لى من نصيحة غالية ، وصدق من قال : رحم الله من أهدى لى عيوبى ، وصديقك من صَدَقك لا من صدّقك.
<O:p</O:p
وثانياً : فالحمد لله الذى جعلنا من هذه الأمة المباركة المرحومة ،أمة الإسلام التى جعل الله الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ركناً من أركانها وأصلاً من أصولها. فما إن يخطئ عالم أو طالب علم ، حتى يكون هناك من ينصحه ويرده إلى سواء السبيل بإذن الله تعالى.<O:p</O:p
<O:p</O:p
وثالثاً : فإننى أحمد الله رب العالمين أنه لم يجعلنى من أولئك الذين تأخذهم العزة بالإثم فما إن يسدى أحد لهم النصيحة حتى ينبروا ويشموا عن سواعدهم من أجل أن يحشدوا الأدلة الباطلة قبل الحقة من أجل تأييد رأيهم حتى ولو لم يكن له مسوغ من الشرع أو العقل.
<O:p</O:p
<O:p</O:p
ولم لا أقول وأنا أعلم جيداً قول الله تعالى : ( قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ).
<O:p</O:p
<O:p</O:p
ورابعاً : فليعلم أخى دكتور أمير وكل أخوانى أننى أبعد الناس عن تكفير المسلمين. فإطلاق لفظ الإيمان والكفر حكم من أحكام الدين بل لعله – إن لم يجانبنى الصواب فى هذا – هو أهم أحكام هذا الدين على الإطلاق ، إذ يتوقف عليه الكثير والكثير من الأمور فى الدنيا والآخرة ، والأهم من هذا أن هذا الحكم لا يكون إلا لله رب العالمين ، قال تعالى : ( إن الحكم إلا لله ) فمن كفّر مسلماً بغير بينة فهو ينازع الله ما اختص به نفسه سبحانه وتعالى.<O:p</O:p
<O:p</O:p
بل إنى أعجب كل العجب كيف يمكن أن يُكفر مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، بناءً على اجتهاد أو قياس أو رأى أو نظر !! وكيف يحكم على أحد بكفر بناءً على اختلاف أقوال بعض المفسرين.<O:p</O:p
<O:p</O:p
ولعلى أعود إلى هذه القضية مرة أخرى ، ولكن وحتى لا ينسى الحديث بعضه بعضاً ، وحتى لا نقول على الله بغير علم - يجب أن أذكر أننى قد رجعت إلى بعض التفاسير بخصوص قوله تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر ) فوجدت أن كل التفاسير التى رجعت إليها قد ذكرت أن ( الذكر ) الوارد فى الآية هو القرآن الكريم ، بل إنى أجد فى نفسى الشجاعة الكافية لأذكر أن الإمام ابن القيم قد ذكر ، فى زاد المسير ، أن الذكر هنا هو القرآن ( بإجماع المفسرين ) .<O:p</O:p
<O:p</O:p
وأصدقكم القول بأننى لم آخذ القول بأن الذكر هنا هو السنة عن فضيلة الشيخ الفوزان حفظه الله ، وهو عالم جليل القدر ويتبع ، ولكننى أخذته عن فضيلة الشيخ الألبانى رحمه الله من أحد أشرطته ، لعله شريط : ( السنة والبدعة ) ، ولا أخفى أننى فى ذلك الوقت قد انبهرت بقول الشيخ رحمه الله عند تعرضه لهذه الآية ، ومن هو الشيخ الألبانى ؟ لا أظننى فى حاجة إلى التعريف به فهو أعرف من أن يُعرّف. وهو ممن يتبع وذو أهلية كبيرة فى الدين فى هذا الزمان.<O:p</O:p
<O:p</O:p
وهنا نحن أمام قضية أصولية ألا وهى : هل ينتقض إجماع متقدم بإجماع متأخر؟<O:p</O:p
طبعاً أنا لا أدعى أن هناك إجماع على أن الذكر فى الآية يعنى السنة ، ولكن أنبه إلى أن هناك عالمين كبيرين من علماء أهل السنة ذهبوا إلى أن الذكر فى الآية يعنى السنة ، ونحن نعلم جيداً أن الإجماع لا يأتى بين يوم وليلة ، وأنا على درجة كبيرة من الثقة لو أن علماءنا الأجلاء أمثال ابن جرير الطبرى والقرطبى وابن كثير وغيرهم ممن فسر الذكر فى الآية بالقرآن ، أقول لو أنهم عاشوا عصرنا ورأوا أن منكرى السنة قد كشروا عن أنيابهم لإنكار كل دليل من أدلة حجية السنة فى التشريع ، أقول : لو أنهم عاصرونا لما ترددوا عن تفسير الذكر بالسنة.<O:p</O:p
<O:p</O:p
يؤيد هذا أن كلمة ( الذكر ) قد وردت فى اثنين وخمسين موضعاً فى القرآن الكريم ، وقد جاءت على معانى متعددة فمنها ما يقصد به القرآن كقوله تعالى : ( وقالوا يأيها الذى نزل عليه الذكر إنك لمجنون ) [ الحجر : 6 ] ، وقوله تعالى : ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز ) [ فصلت : 41 ] ، وجاءت على معنى العلم ، كقوله تعالى : ( واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) [ النحل : 43 ] ، وجاءت على معنى التذكرة ، كقوله تعالى : ( إن هو إلا ذكر للعالمين ) [ يوسف : 104 ] ، وجاءت بمعنى العبادة ، كقوله تعالى : ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) [ الرعد : 28 ] وهكذا ..<O:p</O:p
<O:p></O:p>
فالمعنى اللغوى للكلمة يتسع على النحو الذى ذكره ابن حزم كما تفضل أخى الدكتور أمير وذكره فى رسالته ، وكذلك على النحو الذى جاء فى القرآن من تعدد مفهوم كلمة الذكر.<O:p</O:p
<O:p</O:p
أعود فأتحدث عن السؤال الذى سبق أن ذكرته : هل ينتقض إجماع متقدم بإجماع متأخر؟
<O:p</O:p
يعنى لو افترضنا أن علماء عصرنا أجمعوا على أن الذكر هنا يقصد به السنة فهل هذا ينقض الإجماع السابق بأن الذكر فى الآية يعنى القرآن؟
<O:p</O:p
هنا يجيبنا علم أصول الفقه فيقول : لو أن الإجماع السابق مبنى على نص لا يمكن نقضه بإجماع متأخر عليه ، إما إن كان الإجماع المتقدم مبنى على رأى فيمكن أن ينقضه إجماع لاحق.<O:p</O:p
<O:p</O:p
وأؤكد على أننى لا أسوق هذا الكلام لأنتصر لرأيي الذى سبق أن ذهبت إليه من أن الذكر فى الآية يعنى السنة ، ولكننى أشهد الله جل وعلا إلى أن هذا القول الذى قلت به قد جاء بعد فترة طويلة جداً من البحث والتدبر والتأمل فى القرآن الكريم حتى وصلت لمرحلة من اليقين فى هذا ، ولعل القصور حدث فى أننى لم أستكمل كتابة مقالتى السابقة ، ذلك أن المولى سبحانه قد وفقنى – أظن هذا – فى هذه المسألة بعدا تضافرت عندى الأدلة على هذا.<O:p</O:p
<O:p</O:p
أنا لا أنكر أن الذى دفعنى إلى الاهتمام بتفسير الآية على هذا النحو هو أن أحدى منكرى السنة حاول فى إحدى المناظرات أن يعري الآية عن دلالتها فى حجية السنة النبوية المطهرة فى التشريع. حيث قال أن الذكر هنا هو القرآن وأن ( ما نزل إليهم ) فى الآية هو الكتب السماوية السابقة ، واحتج بأن السياق قد جاء فى سياق الحديث عن الأمم السابقة. <O:p</O:p
<O:p</O:p
هذا ما حدث فعلاً ولهذا فقد عكفت على دراسة المسألة من عدة جوانب والذى تستريح إليه نفسى حقاً هو أن علماءنا الأجلاء رحمة الله عليهم أجمعين قد فسروا الآية على خلفية إيمانهم بحجية السنة وهذا ما اشار إليه أخى الدكتور أمير عبد الله بنفسه حين قال :
اقتباس:
(.... أما السّنة فالمُراد بِها في نفس هذه الآية هو قوله تعالى " لِتُبيِّن لهم" لأن البيان ليس إلا السُّنة فجاءت السُّنة مُبيِّنةٌ للوحي)
|
إذن فإن كان المفسرون أجمعوا على أن الذكر هنا هو القرآن فإنهم قد أجمعوا كذلك – ومذاهبهم طبعاً معروفة – على حجية السنة فى التشريع وأن هذه الآية بعينها نص فى هذا.
<O:p</O:p<O:p</O:p
إذن من يقول بأن الذكر هو السنة كابن حزم من المتقدمين أو الشيخ الألبانى والشيخ الفوزان من المعاصرين لا يكون قد أبعد النجعة ولا نستطيع أن نصفه بالخطأ خاصة لو وضعنا فى الاعتبار كون أن اللفظ يتسع ن حيث اللغة ومن حيث دلالة القرآن عليه ومن حيث الإيمان بحجية السنة ومن حيث أن الآية نص فى حجية السنة.
<O:p</O:p<O:p</O:p
وأعود فأنبه إلى أننى لم أذكر من قريب أو من بعيد أن إجماع أهل السنة والجماعة قد انعقد على أن الذكر المقصود فى الآية هو القرآن ، حيث قلت : (وأهل السنة والجماعة يذهبون إلى أن ( الذكر ) الوارد فى الآية الكريمة هو السنة النبوية) ولعلى قصدت - حينها - أن أهل السنة والجماعة يعتبرون هذه الآية نصاً فى حجية السنة كما هو معلوم طبعاً ، أو على أقل تقدير أكون قصدت أن المعاصرين من أهل السنة ينحو هذا النحو على الأقل.
<O:p</O:p<O:p</O:p
أما إن كان يُفهم من كلامى أننى بهذا أنقل إجماع أهل السنة على أن الذكر المقصود هو السنة فهذا ليس بصحيح ، وإن كان ثمة خطأ فمن نفسى والشيطان وأنا منه برئ وعنه راجع وإلى ربى تائب.
<O:p</O:p<O:p</O:p
هذا هو موقفى أعلنه على الملأ بلا خوف ولا تردد ولا خجل ، وإنى لأنصح لأخى الذى تعجل واحتد مع إخوانه فى المسجد أن يجادل الناس بالتى هى أحسن ،وأن يخاطب الناس على قدر عقولهم ، وأن يأمر بالمعروف بالمعروف ،وأن ينهى عن المنكر بلا منكر.
<O:p</O:p<O:p</O:p
وأشكر لأخى دكتور أمير عبد الله نصحه فجزاه الله عنى خيراً ، وأسأل الله لى التوفيق لأكتب عن الأدلة الكثيرة التى رجحت عندى أن الذكر فى قوله تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) هو السنة النبوية المطهرة ، فأسأل الله التيسير.
<O:p</O:p<O:p</O:p
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.<O:p</O:p
__________________
قـلــت : [LIST][*] من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*] ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*] ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*] ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|