ثانيا هل السلفيين ضد فقه الواقع !!؟
من خلال ما ذكرته في المشاركة الاولي فقد وضح ان تسمية فقه الواقع لم تكن عند السلف
فهي تمسية حادثة اولا وللحكم عليها لا بد من تحديد معناه وتعريفها
(ففقه الواقع اما ان يكون من صميم دين الله تعالي او لا يكون !!
فان كان فالمعرفة بالكتاب والسنة كفيلة بان توصلنا اليه وتحثنا عليه
وعلماءنا وائئمتنا هم اهله وخاصته
وان لم يكن فنحن في غني عنه بكتاب ربنا وسنبة نبينا صلي الله عليه وسلم
بفهم السلف الصالح اللذين فيهما الشفاء الكفاية )
ويقول العلامة الالباني رحمه الله
(.....ما اصطلح ( البعض ) على تسميته ب ( فقه الواقع )
وأنا لا أخالف في صورة هذا العلم الذي ابتدعوا له هذا الاسمألا وهو ( فقه الواقع )
لأن كثيرا من العلماء قد نصوا على أنه ينبغي على من يتولون توجيه الأمة
ووضع الأجوبة لحل مشاكلهم
أن يكونوا عالمين وعارفين بواقعهم لذلك كان من مشهور كلماتهم :
(الحكم على الشيء فرع عن تصوره)
ولا يتحقق ذلك إلا بمعرفة ( الواقع ) المحيط بالمسألة المراد بحثها
وهذا من قواعد الفتيا بخاصة وأصول العلم بعامة
ففقه الواقع إذا هو الوقوف على ما يهم المسلمين مما يتعلق بشؤونهم
أو كيد أعدائهم لتحذيرهم والنهوض بهم واقعيا
لا كلاما نظريا [ أما الكلام ( النظري) الذي ليس له من (يتبناه) عملا ويخرجه
إلى حيز ( الواقع ) فعلا ]أو انشغالا بأخبار الكفار وأنبائهم . . . أ
و إغراقا بتحليلاتهم وأفكارهم ....)
ويقول ايضا رحمه الله
(ولكننا سمعنا ولاحظنا أنه قد وقع كثير من الشباب المسلم في حيص بيص
نحو هذا النوع من العلم الذي سبقت الإشارة
إلى تسميتهم له ب ( فقه الواقع ) فانقسموا قسمين وصاروا للأسف فريقين
حيث إنه قد غلا البعض بهذا الأمر وقصر البعض الآخر فيه
إذ إنك ترى وتسمع ممن يفخمون شأن ( فقه الواقع )
ويضعونه في مرتبة علية فوق مرتبته العلمية الصحيحة
أنهم يريدون من كل عالم بالشرع أن يكون عالما بما سموه ( فقه الواقع )
كما أن العكس أيضا حاصل فيهم فقد أوهموا السامعين لهم والملتفين حولهم أن كل من كان عارفا بواقع العالم الإسلامي هو فقيه في الكتاب والسنة
وعلى منهج السلف الصالح وهذا ليس بلازم كما هو ظاهر )
اذا فنسال هؤلاء سؤالا ( فهل المراد بفقه الواقع تتبع الصحف والمجلات والقنوات والإذاعات المبنية على التخرصات والظنون والتي لا يُعلم صدقها من كذبها ؟ ، لأنها ما بين نقل أو تحليل ، فالنقل لا يؤمن من الكذب لأنه ما بين خبر كافر أو فاسق ، والله يقول ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) والتحليل لا يؤمن من الخطأ وأهله فيه مختلفون كل منهم يخطئ الآخر، فهو مبني على تخرص وظنون وقد قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث " متفق عليه ، فإن كان هذا المراد بفقه الواقع فعلماؤنا عنه بمعزل ، وأحسن الله عزاء أهله في أعمارهم وطاقاتهم المهدرة فيما لا ينفع ، وما أحسن دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع
وإن كان المراد بفقه الواقع أن العلماء لا يفتون في واقعة إلا بعد تصورها إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، وذلك يكون بدراسة ما له أثر في الفتوى وبمشاورة أهل التخصص فنشهد بالله أن علماءنا قد قاموا بهذا ، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء .)