عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2012-07-20, 07:05 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 302
افتراضي صّفة القـــدم ,صفة البقــاء, صفة القيام بالنّفس



صّفة القـــدم+البقــاء+القيام بالنّفس
صّفة القـــدم

هي أول الصفات السّلبية ومعنى كلّ واحدة منها: نفي أمر لا يليق به تعالي،وهي منسوبة إلى السلب أي النفي،و القدم بمعنى الأزلية واجب لله عقلا، لا بمعنى تقادم العهد والزمن لأنّ لفظ القديم والأزلي إذا أطلقا على الله كان المعنى أنّه لا بداية لوجوده، فيقال الله أزلي: الله قديم وإذا أطلق على المخلوق كان بمعنى تقادم العهد والزمن من ذلك قوله تعالى : حتى عاد كالعرجون القديم(يس39)
ودليل ثبوت هذه الصّفة له سبحانه نقلا قول الله عزّ وجلّ:"هو الأول والآخر والظّاهر والباطن"(الحديد3).فلو كان مسبوقا بالعدم لكان لابد من مؤثر في وجوده ومحال أن يكون مع ذلك إلها وعندئذ يكون الإله هو السابق عليه والموجد له فيكون هو القديم أو أن يكون ذلك السابق أيضا مسبوقا بعدم وأن موجودا قد أثّر فيه فأوجده وهذا يستلزم فرض التسلسل والتسلسل باطل بالبرهان العقلي كما سبق. فلابد إذا من أن تكون الموجودات كلّها مستندة في وجودها إلى ذات واجبة الوجود ولا تكون هذه الذّات واجبة الوجود إلا إذا كانت مؤثرة في غيرها غير متأثرة بسواها وذلك يستلزم أن تكون متّصفة بالقدم.
ولكن العقل بعد ذلك قد يعجز عن تصور هذا القدم من أجل ذلك يحوك في نفوس بعض المرتابين هذا التساؤل :من خلق الله؟ ومصدر هذا التساؤل أن خيال السائل لا يدرك صورة القدم لأنّه متطلع إلى تصوّر ولمس كلّ حقيقة تعرض عليه. والإشكال يزول بمعرفة أنّ جميع مدارك الإنسان إنّما هي وليدة تصوّراته والتّصورات تتجمع في الذهن عن طريق نوافذ الحواس الخمس وهذا يؤدي أنّ الإنسان لا يعقل المجرّدات إلاّ ما كان له مقياس ونماذج حسيّة في ذهنه فما لم يسبق له في ذهنه أي نموذج أو مقياس فإنّ من المحال بالنّسبة له أنّ يتصوره ويدركه، فأنت تفهم صفة الرّحمة في ذات الله تعالى لأنّك تحتفظ في ذهنك بتصور لمعانيها وأثارها.
وكذلك من السّهل عليك أن تتصور صفته بأنّه شديد العقاب لأنّها تعود إلى معاني توجد في
ذهنك صور لها . وإن كانت هذه الصفات مختلفة في ذاته عن صفات المخلوقين فإن قيل لك إنّه سبحانه وتعالى قديم لا أول له فأنت تذهب إلى صورة لتتخيل صورة عدم الأزلية فلا تستطيع أن تتخيل أو أنّ تتصور وإن أدركت ذلك واجب عقلا فالعقل لا يستوعب جميع حقائق الوجود وفي ذلك قال العلماء :"عدم الوجدان للشيء لا يستلزم عدم وجوده في الواقع".

البقــاء
والبقاء فسّره الشّيخ علي النوري الصفاقسي "أي لا آخرية لذاته و صفاته" أي لا انقطاع و لا انتهاء لهما فكلّ ما ثبت قدمه استحال عدمه لأنّ العدم لا يطرأ إلاّ على من كان مسبوقا بالعدم أمّا القديم فهو مستحيل العدم.
ومعنى القدم نفي العدم السابق ومعنى البقاء نفي العدم اللاحق ومعنى وجوب الوجود نفي العدم مطلقا سابقا ولاحقا قال عزّ من قائل:"هوّ الأول والآخر والظاهر والباطن" فهو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية وهو الظّاهر الذي لا يشك فيه وهو الباطن الذي ليس له شبيه. وبرهان صفة البقاء له سبحانه وتعالى أنّه لو لم يجب له البقاء لكان قابلا للبقاء والعدم كالحوادث وكل من يقبل الوجود والعدم فهو محتاج إلى من يرجح وجوده على عدمه وكلّ محتاج حادث.
وإن قيل: قد ورد أنّ الجنّة والنّار والروح واللّوح والعرش والكرسي وعجب الذّنب على قول أنها باقية وقد قام البرهان على أنّ لا باقي إلاّ الله؟ فالجواب أنّ بقاء هذه المخلوقات جائز عقلا لا واجب إذ لا يمتنع في العقل عدمها فهي جائز مقطوع ببقائه لإرادة الله ذلك وبقاؤها من غيرها لا من ذواتها. أمّا بقاء الله سبحانه وتعالى فمن ذاته لا من غيره فهو واجب لا يمكن عدمه.
صفة المخالفة للحوادث
معنى مخالفته للحوادث: عدم مماثلته لها في الذّات والصّفات والأفعال ويلزم من ذلك عدم مماثلة الحوادث له تعالى فيما ذكر.
فلا مماثلة بين الله تعالى وبين الحوادث ولو في وجه من الوجوه. قال الله جلّ وعلا :" ليس كمثله شيء " (الشورى /11) وقال تعالى :" ولم يكن له كفؤا أحد " (الإخلاص4) أي لم يكن أحد مكافئا أي مماثلا لله. لذلك أكّد الشيخ رحمه الله هذا المعنى، فنبّه بقوله :" فإذا وجدت في كلام الله أو كلام رسوله r ما يوهم المماثلة، فلا تعتقد ظاهره لإجماع العلماء على تأويله أي صرفه عن ظاهره" وهو ما نبّه إليه أيضا الحافظ بن كثير رحمه الله قي تفسيره إذ قال:" والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإنّ الله لا يشبهه شيء من خلقه " (تفسير ابن كثير، الجزء 6 .ص.319) .
وأما برهان وجوب مخالفته تعالى للحوادث فلأنّه لو ماثل شيئا منها بأن كان سبحانه جِرْمًا أو عَرَضًا او في جهة للجِرْم أو متقيدا بمكان أو زمان أو نحو ذلك لكان حادثا مثلها حيث أن جميع ما ثبت لأحد المثلين يثبت للآخر.
القيام بالنّفس

معنى قيامه بنفسه هو استغناؤه عن كلّ ما سواه فلا يحتاج سبحانه إلى مخصّص له بالوجود لأنّ الاحتياج إلى الغير ينافي قدمه وقد ثبت وجوب قدمه وبقائه، فالله سبحانه وتعالى مستغن عن كلّ ما سواه فلا يحتاج إلى أحد من خلقه إذ الاحتياج نقص وعجز وهو منزّه سبحانه عن ذلك فالله لا ينتفع بطاعة الطّائعين و لا ينضرّ بعصيان العصاة وكلّ شيء سوى الله محتاج إلى الله لا يستغني عن الله طرفة عين.
والدليل على ثبوت هذه الصّفة لله تعالى بالإضافة إلى دليل العقل الواضح قوله تعالى:"الله الصّمد" أي الذي لا يحتاج إلى شيء و يحتاج إليه كلّ شيء ونقل القرطبي أنّ أبا هريرة رضي الله عنه قال في معنى الصّمد :" إنّه المستغني عن كلّ أحد والمحتاج إليه كلّ احد". وقد ضرب المولى عزّ وجلّ مثلا في كتابه بيّن فيه أنّ الإله من صفاته الاستغناء عن كلّ شيء وأنّ المحتاج مفتقر و المفتقر لا يكون إلها. قال سبحانه وتعالى :"ما المسيح ابن مريم إلاّ رسول قد خلت من قبله الرّسل وأمّه صدّيقة كانا يأكلان الطّعام .أنظر كيف نبيّن لهم الآيات ثمّ أنظر أنّى يؤفكون"(المائدة.74) فالطّعام دليل الافتقار والافتقار دليل الحدوث والإله غنيّ عن ما سواه ومن أكل الطّعام في الدّنيا بدليل المشاهدة يحتاج إلى إخراج فضلاته وهذا دليل ثان عن الافتقار. فصفة الإله الوجوبيّة هي الغنى والقيام بالنّفس. وفي الحديث القدسي عن أبي ذر أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم فيما روى عن ربّه تبارك وتعالى أنّه قال:" ...يا عبادي إنّكم لن تبلغوا ضرّي فتضرّوني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. ٍ يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئا..."
رد مع اقتباس