الشبهة(11): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أكثر الصحابة جهادًا
ومما قالوه أيضاً: كان علي رضي الله عنه أكثر الصحابة جهاداً وطعناً في الكفار وخبيراً في الجهاد. والجهاد أفضل الأعمال فكان علي أفضل.
وجوابه :
الأول: قلت: هذا خطأ؛ لأن الجهاد ينقسم إلى ثلاثة أقسام.
الأول: الدعاء إلى الله عز وجل باللسان.
الثاني: الجهاد بالتدبير والرأي.
الثالث : الجهاد باليد والسنان.
فالقسم الأول: الجهاد بالدعوة فإنه لا يلحق أحد فيه أبا بكر الصديق رضي الله عنه؛ فإنه أسلم على يديه أكابر الصحابة وليس لعلي من هذا كثير حظ.
وأما عمر رضي الله عنه فمن يوم أسلم أعز الله به الإسلام وعبد الله تعالى جهاراً وهذا من أعظم الجهاد، وهذان الرجلان رضي الله عنهما خُصا بهذا القسم لا يشاركهما في ذلك أحد وانفردا بذلك .
وأما القسم الثاني: فقد جعل الله تعالى خاصًّا لأبي بكر رضي الله عنه ثم لعمر رضي الله عنه.
وأما القسم الثالث: وهو الجهاد بالضرب والطعن والمبارزة فوجدناه أقل مراتب للجهاد المذكورة ببرهان ضروري وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشك مسلم في أنه المخصوص بكل فضيلة، ووجدنا جهاده إنما كان في أكثر أعماله وأحواله القسمين الأوليْن من الدعاء إلى الله عز وجل والتدبير والرأي للمصالح، وكان أقل عمله صلى الله عليه وسلم الطعن والمبارزة لا عن جبن ؛ بل كان صلى الله عليه وسلم أشجع أهل الأرض قاطبة، وهو مما لا يتردد فيه ذو دين وعقل ولكنه صلى الله عليه وسلم كان مؤثراً الأفضل فالأفضل فيقدمه ويشغل به ووجدناه صلى الله عليه وسلم يوم بدر كان أبو بكر رضي الله عنه معه لا يفارقه إيثاراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم له بذلك استظهاراً برأيه في الحرب وأُنساً بمكانه، ثم كان عمر رضي الله عنه ربما شُورك في ذلك.
وقال الإمام محي الدين النووي في شرح مسلم: إن قوله رضي الله عنه "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة"، أجمع أهل السنة على أن أبا بكر رضي الله عنه أفضل أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقدمهم في الشجاعة والعلم رضي الله عنه .
( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 257 – 258بتصرف يسير ) .
*************
الشبهة(12): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أقرأ الصحابة للقرآن
ومما قالوا أيضاً: كان علي رضي الله عنه أقرأ الصحابة للقرآن فكان أفضل. قلنا هذا فرية بلا مرية لوجوه أحدها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن استووا في القراءة، فأفقههم فإن استووا، فأقدمهم هجرة" ثم رأيناه صلى الله عليه وسلم قد قدم أبا بكر رضي الله عنه في الصلاة أيام مرضه فصح أنه رضي الله عنه أقرأهم وأفقههم وأقدمهم هجرة.
وقد يكون من لم يحفظ القرآن كله عن ظهر قلبه أقرأ وأعلم بالقراءة ممن حفظه كله جمعه فيكون أفصح لفظاً وأحسن ترتيلاً وأعرف بمواقف الآي ومبادئها على أن أبا بكر وعمر وعليًّا رضي الله عنهم لم يستكمل واحد منهم سواد القرآن فعلمنا يقيناً أنه كان أقرأ من علي لتقديمه صلى الله عليه وسلم إياه في الصلاة مع حضور علي وغيره، وما كان صلى الله عليه وسلم ليقدم الأقل علماً بالقراءة على الأقرأ ولا الأقل فقهاً على الأفقه فبطل ما ادعوه. والله أعلم.
قال جامعه : ومن هذا الشأن نشأ لبعض الزائغين من الرافضة في عصرنا سؤال باستفهام إنكار وهو: هل كان أبو بكر يحفظ القرآن يريد بذلك تنقيصه عند من لا يعلم؟ فأجبته. إن قصد بذلك استنقاصه فهو كافر، وليس حفظ جميع القرآن شرطاً في كمال الإيمان ولا في صحته قال الله تعالى: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) وأيضاً علي رضي الله عنه لم يكن يحفظ القرآن، ولا عمر ولا أكثر الصحابة المشهور المخرج في الصحيحين وغيرهما. إن الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أنفار فقط.أعني كما حفظوه بكماله وجمعوا بين طرفيه وهم معاذ بن جبل، أبي بن كعب، زيد بن ثابت وأبو زيد رضي الله عنهم وليس عليّ منهم .
بل نقول: كان أبو بكر رضي الله عنه أقرأ الصحابة وأفقههم؛ فلهذا قدمه صلى الله عليه وسلم في الصلاة عليهم وكان رضي الله عنه أكثر رواية للحديث من علي بالنسبة إلى بقائه بعد النبي صلى الله عليه وسلم ومكث علي بعد أبي بكر وعمر نحو من ثمانية عشر سنة، وإنما قلَّت روايته للحديث مع قدم صحبته وكثرة ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر من غيره من الصحابة. قرب عهده بالوفاة من النبي صلى الله عليه وسلم ، واشتغاله في قتال أهل الردة ، ولم تكن الأحاديث انتشرت حينئذٍ ولا اعتنى التابعون بتحصيلها وحفظها.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما فضلكم أبو بكر بكثرة صلاة ولا بكثرة صيام" وفي رواية "ولا فتوى لكن بشيء وقر في صدره وفي رواية وقر في القلب" أي سكن فيه وثبت. رواه الغزالي في الإحياء وابن الأثير في النهاية والترمذي الحكيم في نوادر الأصول عن بكر بن عبد الله المزني.
وروى البيهقي في الشعب عن عمر رضي الله عنه: "لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان العالمين لرجح" وفي رواية "بإيمان أهل الأرض" ورواه أيضاً ابن عدي عن ابن عمر قال الإمام أبو القاسم البغوي في فتاويه: ولا يشك عاقل في أن إيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان أرسخ من إيمان أحاد الناس؛ ولهذا قال ليلة الإسراء ما قال وقال يوم الحديبية ما قال حين كاد غيره يتحير في ذلك.
( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 258 – 267 ) .
*****************
الشبهة(13): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أزهد الصحابة
ومما قاله ابن المطهر وأتباعه من الرافضة أن عليًّا رضي الله عنه كان أزهد الصحابة فكان أفضل.
قلنا : هذا بهتان : يبين هذا أن الزهد غروب النفس عن حب الصور وعن المال واللذات وعن الميل إلى الأولاد والحواشي.
أما غروب النفس عن المال فقد عُلم أن أبا بكر رضي الله عنه أسلم وله مال كثير. وجاهر بقلة الحياء من أنكر ذلك وقال كان فقيراً محتاجاً وكان أبوه أجيراً لابن جدعان على مد يقتات به! بل كان رضي الله عنه ذا مال جزيل ينيف على أربعين ألف فأنفقها كلها في الله عز وجل وأعتق المستضعفين من العبيد المؤمنين المعذبين في ذات الله عز وجل ولم يعتق عبيداً ذا معونة، بل كل معذب ومعذبة في الله إلى أن أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة وما كان بقي لأبي بكر من المال غير ستة آلاف درهم حملها كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق لأهله منها درهماً ثم أنفقها في سبيل الله حتى لم يبق له شيء ما ، وصارت له عباءة إذا نزل فرشها وإذا ركب لبسها، وأما غيره من الصحابة رضي الله عنهم فقد تمولوا واقتنوا الضياع والرباع من حلها وطيبها إلا من آثر بذلك في سبيل الله أزهد ، ثم ولي الخلافة فما اتخذ جارية ولا توسع في المال وعد عند موته ما أنفق على نفسه وولده من مال الله عز وجل الذي لم يستوفِ منه إلا بعض حقّه ثم أمر بصرفه إلى بيت المال من صلب ماله الذي حصل له من سهامه في المغازي والمغانم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا هو الزهد في الذات والمال الذي لا يدانيه أحد من الصحابة رضي الله عنهم إلا أن يكون أبا ذر وأبا عبيدة من المهاجرين الأولين فإنهما جريا على هذه الطريقة التي فارقهما عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوسع من سواهم في المباح الذي أحله الله تعالى لهم إلا من آثر على نفسه أفضل. ولقد تبع أبا بكر عمرُ رضي الله عنهما في هذا الزهد.
وأما علي رضي الله عنه فتوسع في هذا الباب من حله ومات عن أربع زوجات وتسع عشر أم ولد سوى الخدام والعبيد، وتوفي عن أربعة وعشرين ولداً من ذكر وأنثى وقيل عن بضع وثلاثين وقيل عن أربعين ولداً إلا واحداً، أما هي ذكر أو أنثى هذا ما ذكره المزي والذهبي وهو الأصح. وترك لهم من العقار والضياع ما كانوا به أغنياء قومهم ومن جملة عقاره ينبع التي تصدق بها كانت تغل ألف وسق تمراً سوى زرعها. فأين هذا من ذاك ؟
وأما حب الولد والميل إليهم وإلى الحاشية فالأمر فيه بين ، وقد كان لأبي بكر رضي الله عنه من ذوي القرابة مثل طلحة بن عبيد الله من المهاجرين الأولين ومثل ابنه عبد الرحمن ابن أبي بكر وله مع النبي صلى الله عليه وسلم محبة قديمة وفضل ظاهر. ما استعمل أحداً منهم على شيء من الجهات ، ولو استعملهم لكانوا أهلاً لذلك ؛ لكن خشي وتوقع أن يميله إليهم معنى من الهوى وجرى عمر رضي الله عنه مجراه في ذلك لم يستعمل من بني عدي أحداً على سعة البلاد ، وقد فتح الشام ومصر وممالك الفرس وخراسان إلا النعمان بن عدي على ميسان ثم أسرع في عزله ولم يستخلف ابنه عبد الله بن عمر وهو من أفاضل الصحابة وقد رضي الناس به.
وأما علي رضي الله عنه فلما ولي استعمل أقاربه عبد الله بن عباس على البصرة، وعبيد الله بن عباس على اليمن، وقثم ومعبد ابني عباس على مكة والمدينة، وجعدة بن هبيرة وهو ابن أخت أم هاني بنت أبي طالب على الطائف، وأمر ببيعة الناس للحسن ابنه للخلافة بعده.
ولا يشك مسلم في استحقاق الحسن للخلافة ولا لاستحقاق ابن عباس الخلافة فكيف إمارة البصرة؟! لكنا نقول: من زهد في الخلافة لولد مثل عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما، وفي تأمير مثل طلحة وسعيد بن زيد فإنه أتم زهداً ممن أخذ منها ما أبيح له أخذه ؛ فصح بالبرهان الضروري أن أبا بكر رضي الله عنه أزهد الصحابة رضي الله عنهم كافة ثم عمر بعده.
( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 267 – 275 ) .
****************
الشبهة(14): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أكثر الصحابة صدقة
ومما قالوه: أن عليًّا رضي الله عنه كان أكثر الصحابة صدقة.
قلنا: هذه قحة وقلة حياء ومجاهرة بالباطل؛ لأنه لا يعرف لعلي مشاركة ظاهرة في المال، وأمر أبي بكر رضي الله عنه في إنفاق جميع ماله أشهر من أن يخفى ، ولعثمان رضي الله عنه من تجهيز جيش العسرة ما ليس لغيره ؛ فصح أن أبا بكر أعظم صدقة وأكثر مشاركة في الإسلام من علي رضي الله عنهما.
( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 275 – 276 ) .
****************
الشبهة(15): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أسوس الصحابة
ومما قالوه: كان علي رضي الله عنه أسوس الصحابة فكان أحق بالإمامة.
قلنا: هذا بهتان لا يخفى كذبه على من له أدنى معرفة بالسير والتواريخ ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي وارتدت العرب الممتنعون عن أداء الزكاة واختل نظام الإسلام وركب كل رأسه واختلفت آراء الصحابة في قتالهم ولم يتزلزل أبو بكر رضي الله عنه وصمم على قتالهم وقال: "والله لو منعوني عقالاً لقاتلتهم عليه حتى ينفذ الله أمره" ولم يزل على ذلك حتى ردهم إلى الإسلام حتى حكم على رقاب الأكاسرة وملوك الفرس على سرير ملكهم، فأخضعهم وأذلهم وفتح الله تعالى عليه ما فتح من الأمصار والمدن الكبار وهو مقيم بالمدينة لم يبرح منها ، ثم من بعده عمر رضي الله عنه حذا حذوه وقفا أثره وسار سيره وساس ساسته مقتدياً بأثاره ومهتدياً بأنواره، إلى أن فتح الممالك وآمن المسالك واتصل الإسلام من مبتدئ مصر والشام إلى أقصى بلاد الهند وملكوا بلاد العجم من أذربيجان وخراسان وفارس وكرمان ، ثم عثمان كذلك.
ولما صارت الخلافة لعلي رضي الله عنه كان في أيامه ما كان وحصل للمسلمين من الاضطراب في كل قطر ومكان ، ووقعت الفتن ونصب القتال حتى قتل بين الصحابة والتابعين ما ينيف على مائة ألف أو يزيدون وشغلهم ذلك عن فتح مدينة بل ولا قرية ، وربما وصل الحال إلى أن استولى الكفار ؛ فأيهما أولى بالسياسة ؟!
( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 276 – 277 بتصرف) .
********************
الشبهة(16): زعمهم أن عليًا رضي الله عنه أتقى الصحابة
ومما قالوه أيضاً كان علي رضي الله عنه أتقى الصحابة فيكون أفضل.
قلنا : بطلان هذا ظاهر لمن له أدنى معرفة بالصحابة ، ورد لقول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في جميع الكتب الصحاح ، ولقد كان علي رضي الله عنه تقيًّا نقيًّا، إلا أن الفضائل يتفاضل أهلها ،وما كان أتقاهم إلا أبا بكر ؛ وبرهانه أنه رضي الله عنه ما خالف إرادته في شيء قط ، ولا تردد عن الائتمار لأمره يوم الحديبية إذ تردد من تردد، وقد تكلم النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر إذ أراد نكاح ابنة أبي جهل بما عُرف وما وجدنا قط لأبي بكر موقفاً عن شيء أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذ قد صح أنه أعلمهم فقد وجب أنه أخشاهم لله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء). والتقوى هي الخشية لله سبحانه وتعالى.
( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 277 – 279 ) .
******************
الشبهة(17): قولهم: لو كانت إمارة أبي بكر حقًّا لما تأخر علي عن بيعته إلى ستة أشهر
قلنا : إن عليًّا رضي الله عنه بايع أولاً ؛ وهذه البيعة التي بعد ستة أشهر بيعة ثانية ، وعن علي رضي الله عنه : كنت أول من بايع من بني عبد المطلب، وسلمنا تأخره عنها ؛ فيحتمل أنه لما ظهر له الحق رجع إليه وتاب واعترف بالخطأ .
وبيانه : أنه لو تأخر كما قالوا: لا يخلو ضرورة من أحد وجهين:
إما أن يكون مصيباً في تأخره فقد أخطأ إذ بايع ، وإما أن يكون مصيباً في بيعته فقد أخطأ إذ تأخر عنها !
وأما الممتنعون من بيعة علي رضي الله عنه فهم جمهور الصحابة رضي الله عنهم ؛ فلم يعترفوا بالخطأ بل منهم من كان عليه ومنهم من لا له ولا عليه وما بايعه أحد منهم إلا الأقل ومن امتنع من بيعته أزيد من مائتي ألف مسلم بالشام ومصر والعراق والحجاز إذ قد بطل كل ما ادعاه الرافضة الضلال المردة الجهال.
فصح أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو الذي فاز بالسبق والحظ في العلم والقرآن والجهاد والزهد والتقوى والخشية والصدقة والعتق والطاعة والسياسة، وهذه وجوه الفضل كلها ؛ فهو بلا شك أفضل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ؛ ولم نحتج بالأحاديث؛ لأنهم لا يصدقون أحاديثنا وإن كانت مما يجب تصديقه لكونه كالمتواتر ؛ فإن صحيحي البخاري ومسلم قد تلقتهما الأمة بالقبول والأمة معصومة عن الإجماع على ضلال وباطل؛ وأما نحن فلا نصدق حديثهم أيضاً التي انفردوا بها؛ لأن بطلانها وفريتها ثابت عندنا بشهادة من طعن فيها من الأئمة الثقات، والأئمة الأثبات ؛ كالإمام الشافعي، والإمام أحمد، والإمام أبي عبد الله البخاري وأضرابهم، بل قد اقتصرنا في الرد عليهم على البراهين الضرورية بنقل الكواف عن الكواف ؛ فإن كانت الإمامة تستحق بالتقدم في الفضل فأبو بكر أحق الناس بها فكيف والنص على خلافه صحيح .
وإذ قد صحت إمامة أبي بكر رضي الله عنه، فطاعته فرض في استخلافه عمر رضي الله عنه بما ذكرناه وبإجماع المسلمين عليها ثم أجمعت الأمة بلا خلاف على صحة إمامة عثمان رضي الله عنه.
وأما خلافة علي رضي الله عنه فحق لا شك فيه ولا ريب، لكن لا بنص ولا إجماع بل ببرهان آخر وهو أنه إذا مات الإمام ولم يعهد إلى أحد فبادر رجل مستحق ودعا إلى نفسه ولا معارض له، فاتباعه والانقياد لبيعته فرض التزام إمامته وطاعته، وهكذا فعل علي رضي الله عنه فوجب اتباعه.
وكذلك فعل عبد الله بن الزبير، وقد فعل مثلها خالد بن الوليد إذ قتل الأمراء زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة وأخذ خالد اللواء من غير إمرة وصوّب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 279 – 285 ) .
*****************
|