عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 2013-03-14, 07:12 PM
صاحب الحجه صاحب الحجه غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-24
المشاركات: 499
افتراضي

ـ عبدالله، حدثني أبي، ثنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس، قال: «لمّا مرض رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال: ادعوا لي علياً.
قالت عائشة: ندعو لك أبابكر؟ قال: ادعوه.
قالت حفصة: يا رسول الله، ندعو لك عمر؟ قال: ادعوه.
قالت أُمّ الفضل: يا رسول الله، ندعو لك العباس ؟ قال: ادعوه.
فلما اجتمعوا رفع رأسه فلم يرعلياً فسكت. فقال عمر: قوموا عن رسول الله. فجاء بلال يؤذنه بالصلاة....(2).

عبدالله، حدثني أبي، ثنا يزيد، أنا سفيان ـ يعني ابن حسين ـ، عن الزهري، عن أنس، قال: «لما مرض رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم مرضه الذي توفي فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة، فقال بعد مرتين: يا بلال، قد بلغت، فمن شاء فليصل ومن شاء فليدع

لقد أجمعت المصادر على قضية سرية أسامة بن زيد، وأجمعت على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أمرمشايخ القوم: أبابكر وعمرو... بالخروج معه... وهذا أمرثابت محقق... وبه اعترف ابن حجر العسقلاني في (شرح البخاري) وأكده بشرح «باب بعث النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أسامة بن زيد رضي الله عنهما في مرضه الذي توفي فيه «فقال: «كان تجهيز أسامة يوم السبت قبل موت النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم بيومين... فبدأ برسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وجعه في اليوم الثالث، فعقد لأسامة لواء بيده، فأخذه أسامة فدفعه إلى بريدة وعسكر بالجرب، وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين والأنصار منهم أبوبكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم، فتكلم في ذلك قوم... ثم اشتد برسول الله وجعه فقال: أنفذوا بعث أسامة.
وقد روي ذلك عن الواقدي وابن سعد وابن إسحاق وابن الجوزي وابن عساكر
فالنبي صلى الله عليه واله وسلم أمر بخروج أبي بكر مع أسامة، وقال في آخر لحظة من حياته: «أنفذوا بعث أسامة» بل في بعض المصادر «لعن الله من تخلّف عن بعث أسامة»(1).
هذا أولاً:
وثانياً:
لقد جاء في صريح بعض الروايات كون أبي بكر غائباً عن المدينة. ففي (سنن أبي داود) عن ابن زمعة: «وكان أبو بكر غائباً، فقلت: يا عمر، قم فصل بالناس».
وثالثاً:
في كثير من ألفاظ الحديث «فارسلنا إلى أبي بكر» ونحو ذلك، مما هو ظاهر في كونه غائباً.
وعلى كل حال فالنبي الذي بعث أسامة، وأكد على بعثه، بل لعن من تخلّف عنه... لا يعود فيامر بعض من معه بالصلاة بالناس، وقد عرفت أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا غاب أو لم يمكنه الحضور للصلاة استخلف واحداً من المسلمين وإن كان ابن أم مكتوم الأعمى
ـ استدعاؤه علياً عليه السلام
فابو بكر وغيره كانوا بالجرف... الموضع الذي عسكر فيه أسامة خارج
المدينة...
وهو صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بالمسلمين... وعلي عنده... إذ لم يذكرأحد أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمره بالخروج مع أسامة...
حتى اشتد به الوجع... ولم يمكنه الخروج... فقال بلال: «يارسول الله، بابي وأمي من يصلي بالناس ؟»(1)... هنالك دعا علياً عليه السلام... قائلاً: «أدعو لي علياً» قالت عائشة: «ندعو لك أبابكر؟» وقالت حفصة: «ندعوا لك عمر؟»... فما دعي علي ولكن القوم حضروا أو أحضروا!! «فاجتمعوا عنده جميعاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: انصرفوا. فان تك لي حاجة أبعث إليكم، فانصرفوا» (2).
إنه كان يريد علياً عليه السلام ولا يريد أحداً من القوم، وكيف يريدهم وقد أمرهم بالخروج مع أسامة، ولم يعدل عن أمره ؟!
4 ـ أمره بان يصلي بالمسلمين أحدهم
فإذ لم يحضر عليّ، ولم يتمكن من الحضور للصلاة بنفسه، والمفروض خروج المشايخ وغيرهم إلى جيش أسامة، أمر بان يصلي بالناس أحدهم... وذاك ما أخرجه أبو داود عن ابن زمعة فقال:
«لما استعزّ برسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم وأنا عنده في نفرمن المسلمين دعاه بلال إلى الصلاة. فقال: مروا من يصلي بالناس».
وفي حديث أخرجه ابن سعد عنه قال: «عدت رسول الله في مرضه الذي توفي فيه، فجاءه بلال يؤذنه بالصلاة فقال لي رسول الله: مر الناس فليصلوا.
قال عبدالله: فخرجت فلقيت ناساً لا أكلمهم، فلما لقيت عمر بن الخطّاب
لم أبغ من وراءه، وكان أبوبكر غائباً، فقلت له: صل بالناس يا عمر. فقام عمر في المقام... فقال عمر: ما كنت أظن حين أمرتني إلآ أن رسول الله أمرك بذلك، ولو لا ذلك ما صلّيت بالناس.
«فقال عبدالله: لمّا لم أر أبابكر رأيتك أحق من غيره بالصلاة»(1).
وفى خبرعن سالم بن عبيد الأشجعي قال: «إن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم لمّا اشتدّ مرضه أغمي عليه، فكان كلما أفاق قال: مروا بلالا فليؤذن، ومروا بلالاً فليصل بالناس»(2).
وقد كان من قبل قد استخلف ابن أم مكتوم ـ وهو مؤذنه ـ في الصلاة بالناس كما عرفت.
5 ـ قوله: إنكنّ لصويحبات يوسف
وجاء في الأحاديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعائشة وحفصة: «إنكن لصويحبات يوسف!» وهو يدل على أنه قد وقع من المرأتين ـ مع الإلحاح الشديد والحرص الأكيد ـ ما لا يرضاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم... فما كان ذلك ؟ ومتى كان ؟
ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما عجزعن الحضور للصلاة بنفسه، وطلب علياً فلم يدع له ـ بل وجد الإلحاح والإصرارمن المرأتين على استدعاء أبي بكر وعمرـ ثمّ أمر من يصلي بالناس ـ والمفروض كون المشايخ في جيش أسامة ـ أغمي عليه ـ كما في الحديث ـ وما أفاق إلأ والناس في المسجد وأبوبكر يصلي بهم
____________
(1) الطبقات الكبرى 2|220.
(2) بغية الطلب في تاريخ حلب، مخطوط. الورقة 194، لكمال الدين ابن العديم الحنفي، المتوفى سنة 660 هـ.
ترجم له الذهبي واليافعي وابن العماد في تواريخهم وأثنوا عليه. وقال ابن شاكر الكتبي: «كان محدّثاً فاضلاً حافظاً مورخاً صادقاً فقيهاً مفتياً منشئاً بليغاً كاتباً محموداً» فوات الوفيات 2|220.
________________________________________ الصفحة 56 ________________________________________
... فعلم أن المرأتين قامتا بماكانتا ملحّتين عليه... فقال: «إنكن لصويحبات يوسف» ثم بادرإلى الخروج معجّلاً معتمداً على رجلين، ورجلاه تخطّان في الأرض... كما سياتي.
فمن تشبيه حالهنّ بحال صويحبات يوسف يعلم ما كان في ضميرهن، ويستفاد عدم رضاه صلى الله عليه وآله وسلّم بفعلهن مضافاً إلى خروجه...
فلو كان هو الذي أمر أبابكر بالصلاة لما رجع باللوم عليهنّ، ولا بادر إلى الخروج وهوعلى تلك الحال...
ولكن شرّاح الحديث ـ الذين لا يريدون الاعتراف بهذه الحقيقة ـ اضطربوا في شرح الكلمة ومناسبتها للمقام:
قال ابن حجر: «إن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها كونه لا يسمع المامومين القراءة لبكائه، ومرادها زيادة على ذلك هو أن لا يتشاءم الناس به، وقد صرحت هي فيما بعد بذلك. بهذا التقرير يندفع إشكال من قال: إن صواحب يوسف لم يقع منهن إظهار يخالف ما في الباطن»(1).
قلت: لكنه كلام بارد، وتأويل فاسد.
أمّا أوّلاً:
ففيه اعتراف بأنّ قول عائشة: «إن أبابكر رجل أسيف فمرعمر أن يصلي بالناس» مخالفة للنبي صلى الله عليه واله وسلم، وردّ عليه منها، بحيث لم يتحمله النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال هذا الكلام.
وأما ثانياً:
فلأنه لا يتناسب مع فصاحة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وحكمته، إذ لم يكن صلى الله عليه وآله وسلم يشبه الشيء بخلافه ويمثله بضدّه، وإنما كان يضع المثل في موضعه... ولا ريب أن صويحبات يوسف إنما عصين الله بان أرادت كل واحدة منهن من يوسف ما أرادته الأخرى وفتنت به كما فتنت به صاحبتها، فلو كانت عاثشة قد دفعت النبي عن أبيها ولم ترد شرف ذلك المقام
____________
(1) فتح الباري 2|120.
________________________________________ الصفحة 57 ________________________________________
الجليل له، ولم تفتتن بمحبّة الرئاسة وعلوّ المقام، لكان النبي في تشبيهها بصويحبات يوسف قد وضع المثل في غير موضعه، وهوأجل من ذلك، فانه نقص ... وحينئذ يثبت أن ما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إنما كان لمخالفة المرأة وتقديمها بالأمرـ بغير إذن منه صلى الله عليه وآله وسلم ـ لأبيها، لأنها مفتونة بمحبة الاستطاعة والرغبة في تحصيل الفضيلة واختصاصها وأهلها بالمناقب كما قدّمناه في بيان طرف من أحوالها.
رد مع اقتباس