أمنا رضي الله عنها من أعلم الصحابة وأفقههم
كانت رضي الله عنها من أعلم الصحابة..
قال أبو موسى رضي الله عنه:
ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديثٌ قط فسألنا عائشة إلا وجدنا
عندها منه علما وكانت مُوقرةً من الصحابة..يعرفون لها قدرها وعلمها ومنـزلتها بين الناس:
نال رجل من عائشة عندعمار بن ياسر فقال له عمار: أغرب مقبوحاً أتؤذي حبيبة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟ وقال عمار:" إنها لزوجة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة"
نشهد بالله إنها لزوجته.
وكان مسروق رحمه الله إذا حدث عن عائشة قال:
حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله المبرأة من فوق سبع سماوات.
وقال معاوية رضي الله عنه: والله ما سمعت قط أبلغ من عائشة غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت رضي الله عنها وعن أبيها من أحسن الناس رأياً في العامة قال الزهري رحمه الله:
لوجمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل
وقال مصعب بن سعد:
فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف..عشرة آلاف، وزاد عائشة ألفين،
وقال: إنها حبيبةرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فما بال أقوام عميت أعينهم.. وطمست قلوبهم أن يعرفوا لها قدرها فهل مثلها تخفى شمائله
وطيب خصاله؟
وهل من شهد له هؤلاء النفرالأخيار بالعلم والتقى تبقى في قلوبنا ريبة نحوه ولا نستشعر حبه؟!
أما إنه لاينكر فضلها وزنة عقلها وطهارة قلبها وأنها حطت في الجنة رحلها لا ينكر ذلك إلامنافق مطموس القلب.. يمشي كالبهيمة العجماء..
" أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون. إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا"
وحين نتكلم عن ورع أم المؤمنبن عائشةرضي الله عنها وزهدها وخوفها من خالقها تتلاشى
عند ذلك الكلمات وتهرب حينئذٍ المعاني خجـلاً أن تدرك بلوغ الثناء الذي يليق بها..
لقد كانت رضي الله عنهارمـزاً في الكرم وغايةً في العظمة وسخاء النفس كيف لا وقد تعلمتها
ممن كان أصل الكرم والوفاء ومعلم البشرية كلها أخلاق الخير؟
بعث معاوية رضي الله عنه وعن أبيه إليها مرة بمائة ألف درهم فما أمست حتى فرقتها
فقالت لها خادمتها: لو اشتريت لنامنها بدرهم لحماً؟ فقالت: ألا قلتِ لي.
وقال عطاء: إن معاوية بعث لها بقلادةبمائة ألف ، فقسمتها بين أمهات المؤمنين
وقال عروة ابن أختها :إن عائشة تصدقت بسبعين ألفاً،وإنها
لترقع جانب درعها رضي الله عنها...
(شعرت جود بالنفس إن ضن البخيل بها
والجود بالنفس أغلى غاية الجود)
"وبعث إليها ابن الزبير رضي الله عنه بمال بلغ مائة ألف، فدعت بطبق فجعلت تقسم في الناس،
فلما أمست قالت: هاتي ياجارية فطوري،فقالت: يا أم المؤمنين أَما استطعت أن تشتري لنا لحماً بدرهم؟ قالت: لاتعنفيني، لو أذكرتيني لفعلت"
وكانت قمة التواضع فلا ترى نفسها شيئاً وهيَ منهيَ؟
وكانت تخاف ثناء الناس عليها فلا تودّ سماعه مخافة الفتنة..
"جاء ابن عباس رضي الله عنهما يستأذن على عائشة، وهي في المـوت، وعند رأسها ابن أخيها
عبد الله بن عبد الرحمن فقيل لها: هذا ابن عباس يستأذن،قالت: دعني من ابن عباس لا حاجة
لي به ولا بتزكيته،فقال عبد الله: يا أمّه..إن ابن عباس من صالحي بنيك يودِّعك ويسلم عليك.
قالت: فأْذن له إن شئت ؛قال: فجاء ابن عباس، فلما قعد قال: أبشري فوالله ما بينك
وبين أن تفارقي كل نصب، وتلقي محمداً صلى الله عليه وسلم والأحبةإلا أنتفارق روحُك جسدك
كنت أحـبَّ نســاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن يحب إلا طيباً،
سقطت قلادتك ليلة الأبواء ،وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلقطها فأصبح الناس
ليس معهم ماء ، فأنزل الله :" فتيمموا صعيداً طيباً" فكان ذلك من سببك وما أنزل الله بهذه الأمة
من الرخصة ثم أنزل الله تعالى براءتك من فوق سبع سماوات، فأصبح ليس مسجدٌ يذكرُ فيه
اسم الله إلا براءتك تتلى فيه آناء الليل والنهار؛قالت: دعني يا ابن عباس فوالله وددت أني كنت
نسياً منسياً"
وقال ابنأبي مُليكة: إن ابن عباس استأذن على عائشة وهي مغلوبة فقالت: أخشى أن يُثني عليًّ،فقيل: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا له فقال: كيف تجدينك ؟
فقالت: بخير إن اتَّقيتُ، قال: فأنت بخير إن شاء الله،زوجةُ رسول الله ولم يتزوج بكراً غيرك
ونزل عذرك من السماء فلما جاء ابن الزبير قالت: جاء ابن عباس وأثنى عليًّ وودت أني كنت نسياً منسياً رضي الله عنها قمــة التواضــع ومنتهى الذلة لله وهي تعلم أنها من أهل الجنة المحبوبة لخالقها سبحانه.
شعرأمـاه عـذراً إذا ما الشعــر قـام على
سـوق الكســاد ينـادي مـني واسيني
مـالـي أراه إذا مـا جئـت أكتبـــه
نـــاح القصيـدُ ونـوح الشعر يشجيني
حــاولـت أكتـب بيتـاً في محبتكـم
يا قمـــة الطهـر يا مـن حبكـم ديني
فأطـرق الشـعـر نـحوي رأسه خجلاً
وأسبـل الـدمـع مـن عينيـه في حينِ
وقـال عــذرا فإنّـي مسـني خورٌ
شـحّ القصيـدُ وقـام البيـتُ يـرثيـني
كانت السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) عالمة مفسرة ومحدثة تعلم نساء المؤمنين،
ويسألها كثير من الصحابة في أمورالدين،فقد هيأ لها الله سبحانه كل الأسباب التي جعلت منها
أحد أعلام التفسيروالحديث وإذا تطرقنا إلى دورها العظيم في التفسير فإننا نجد أن كونها ابنة
أبو بكرالصديق هو أحد الأسباب التي مكنتها من احتلال هذه المكانة في عالم التفسير،
حيث أنها منذ نعومة أظافرها وهي تسمع القرآن من فم والدها الصديق كما أن ذكائها
وقوة ذاكرتها سبب آخر ونلاحظ ذلك من قولها
لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب
(بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده))
ومن أهم الأسباب إنها كانت تشهد نزول الوحي على رسول الله وكانت (رضي الله عنها)
تسأل الرسول عن معاني القرآن الكريم وإلى ما تشير إليه بعض الآيات فجمعت بذلك شـرف تلقـي
القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم فور نزوله وتلقي معانيه أيضا من رسول الله وقد جمعت
(رضي الله عنها) إلى جانب ذلك كل ما يحتاجه المفسر كقوتها في اللغة العربية وفصاحة لسانها
و علو بيانها.
كانت السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) تحرص على تفسيرالقرآن الكريم بما يتناسب
وأصول الدين وعقائده ويتضح ذلك في ما قاله عروة يسأل عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها)
عن قوله تعالى(( حتى إذا استيأس الرسل و ظنوا أنهم قد كُذِبُوا جاء هم نصرنا…))
قلت: أكُذِبُوا أم كُذِّبُوا ؟ قالت عائشة: كُذِّبُوا قلت: قد استيقنوا أن قومهم كذّبوهم فما هو بالظن،
قالت: أجل لعمري قد استيقنوا بذلك فقلتلها:وظنَّوا أنهم قد كُذِبُوا؟ قالت: معاذ الله لم تكن الرسل
تظن ذلك بربها قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم فطال
عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم
وظنت الرسل أن اتباعهم قد كذَّبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك)
وفي
موقف آخر يتضح لنا أن السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) كانت تحرص على إظهار ارتباط آيات القرآن بعضها ببعض بحيث كانت تفسرالقرآن بالقرآن وبذلك فإن السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) تكون قد مهدت لكل من أتى بعدها أمثل الطرق لفهم القرآن الكريم أما من حيث إنها كانت من كبار حفاظ السنة من الصحابة، فقد احتلت (رضي الله عنها) المرتبة الخامسة في حفظ الحديث وروايته، حيث إنها أتت بعد أبي هريرة ، وابن عمر وأنس بن مالك وابن عباس (رضي الله عنهم)
ولكنها امتازت عنهم بأن معظم الأحاديث التي روتها قد تلقتها مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم
كما أن معظم الأحاديث التي روتها كانت تتضمن على السنن الفعلية ذلك أن الحجرة المباركة أصبحت مدرسة الحديث الأول يقصدها أهل العلم لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وتلقي السنة من السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) التي كانت أقرب الناس إلى رسول الله، فكانت لا تبخل بعلمها على أحدٍ منهم، ولذلك كان عدد الرواة عنها كبير.
كانت (رضي الله عنها) أذاً ترى وجوب المحافظة على ألفاظ الحديث كما هي وقد لاحظنا ذلك
ومن هذا كله يتبين لنا دور السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) وفضلها في نقل السنة
النبوية ونشرها بين الناس، ولولا أن الله تعالى أهلها لذلك لضاع قسم كبير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية في بيته عليه الصلاة و السلام .
السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) الفقيهة :
تعد السيدة عائشة(رضي الله عنها) من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد كانت من كبار علماء الصحابة المجتهدين، وكما ذكرنا سابقاًبأن أصحـاب الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يستفتونها فتفتيهم، وقد ذكر القاسم بن محمد أن عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) قد اشتغلت بالفتوى من خلافة أبي بكر إلى أن توفيت ولم تكتفِ (رضي الله عنها) بماعرفت من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما اجتهدت في استنباط الأحكام للوقائع التي لم تجد لها حكماً في الكتاب أو السنة،
فكانت إذا سئلت عن حكم مسألة ما بحثت في الكتاب والسنة، فإن لم تجد اجتهدت لاستنباط الحكم، حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقولة عنها فهاهي (رضي الله عنها) تؤكد على تحريم زواج المتعة مستدلة بقول الله تعالى( والذين هم لفروجهم حافظون.إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون))
الخلاصة :
توفيت السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) وهي في السادسة و الستين من عمرها،
بعد أن تركت أعمق الأثر في الحياة الفقهية والاجتماعية والسياسية للمسلمين
وحفظت لهم بضعة آلاف من صحيح الحديث عن رسول صلى الله عليه وسلم
لقد عاشت السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لتصحيح رأي الناس في المرأة العربية فقد جمعت (رضي الله عنها) بين جميع جوانب العلوم الإسلامية ، فهي السيدة المفسرةالعالمة المحدثةالفقيهة وكما ذكرنا سابقاً فهي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، فكأنها فضلت على النساء
كما أن عروة بن الزبير قال فيها(ما رأيت أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة) وأيضا قال فيها أبو عمر بن عبدالبر( إن عائشة كانت وحيدة بعصرها في ثلاثة علوم علم الفقه وعلم الطب وعلم الشعر)
وهكذا فإننا نلمس عظيم الأثر للسيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) التي اعتبرت نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه للسيدة عائشة أم المؤمنين التي كانت أقرب الناس لمعلم الأمة وأحبهـم والتي أخذت منه الكثير وأفادت به المجتمع الإسلامي فهي بذلك أعتبرت امتدادا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم
( ادعو لنا بظهر الغيب )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول
|