[5]؛ صحيح. وتقول- رضي الله تعالى عنها-: "ما رأيتُ صانعةَ طعامٍ مثل صفيَّة، أهدَتْ إلى النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- إناءً فيه طعام، فما ملَكْتُ نفسي أن كسرتُهُ .
فقلتُ: يا رسول الله، ما كفَّارته؟ قال: ((إناءٌ كإناء، وطعامٌ كطعام))؛ إسناده حسَن. فسبحان الله، ما أسرع أن تتوب إلى رَبِّها، وتعيد الأمور إلى سابق صفائها ونقائها! ولا تزال أُمُّ المؤمنين عائشة تَذْكر بالفضل نساءَ النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- فتقول: "قسَم رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- سبايا بني المُصْطلق، فوقعت جُوَيرية بنت الحارث لثابت بن قَيْس بن شماس، أو لاِبْن عم له، كاتَبَتْه على نفسها، وكانت امرأةً حُلوةً مُلاَحَة، فأتتْ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-
وقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، سيِّد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يَخْفَ عليك، وجئتُك أستعينك على كتابتي، فقال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((هل لَكِ في خير من ذلك؟))، قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: ((أقْضِي كتابَتَك وأتزوَّجك))، قالت: نعم يا رسول الله، قال: ((قد فعلت))، قالت: وخرَج الخبر إلى الناس أنَّ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- تزوَّج جُويرية بنت الحارث، فأرْسَلوا ما بأيديهم، قالت: فقد عتقَ بتزوُّجِه إيَّاها مائة أهل بيت من بني المصطلق، وما أعلم امرأةً كانت أعظم بركة على قومها منها". بل وهناك روايتان يتبيَّن لنا منهما، كيف كان عِلْم أُمِّ المؤمنين عائشة وعقلها ودينها وعدلها:أُولاهما: قال القاسم بن سلام في
كتاب "الأموال": حدثنا أحمد بن يونس، عن أبي خيثمة، حدثنا أبو إسحاق، عن مصعب بن سعد أن عمر أول ما فرض الأعطية فرض لأهل بدر من المهاجرين والأنصار ستة آلاف، ستة آلاف، وفرض لنساء النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- ففَضَّل عليهن عائشة، وفرض لها اثني عشر ألفًا، ولسائرهن عشرة آلاف، عشرة آلاف، غير جويرية وصفية، فرض لهما ستَّة آلاف، ستة آلاف، وفرض للمهاجرات الأُوَل: أسماء بنت عميس، وأسماء بنت أبي بكر، وأُمِّ عبدٍ أُمِّ عبدالله بن مسعود ألْفًا، ألفًا. والثانية:
عن ناشرة بن سميٍّ اليزَني قال: "سَمِعتُ عمر- رضي الله عنه- يقول يوم الجابية وهو يخطب:
إنَّ الله جعلني خازِنَ هذا المال وقاسِمَه، ثم قال: بل الله قَسَمه، وأنا بادِئٌ بأهل النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- ثم أشرفهم، فقَسَم لأزواج النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- عشرة آلاف، إلا جويرية وصفية وميمونة ومارية .
فقالت عائشة: إن رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- كان بيننا، فعَدَل عُمَر بينهنَّ، ثم فرض لأصحاب بدر المهاجرين خمسة آلاف، ولمن شَهِدها من غير المهاجرين أربعة آلاف، ولمن شهد أُحُدًا ثلاثة آلاف، وقال: من أبطأ في الهجرة أبطأ عنه العطاء، فلا يَلُومنَّ رجلٌ إلاَّ مناخ راحلته"
|